You are on page 1of 182

‫خطب يمن اإليمان والحكمة (‪)2‬‬

‫عشر خطب جمعة‬


‫الجزء الثاني‬

‫إعداد اللجنة الثقافية‪ #‬بالمجلس الزيدي اإلسالمي‪ ‬‬


‫‪‬‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪1438‬هـ ‪2017 /‬م‬
‫‪33‬‬
‫‪m‬‬ ‫المقــدمة‬

‫المقدمة‬

‫الحمدهلل‪ ،‬وسالم على عباده الذين اصطفى‪ ،‬وبعد‪:‬‬


‫ب اإليم‪#‬ان والحكم‪#‬ة‪ ،‬وافى‬ ‫ه‪#‬ذا هو الج‪#‬زء الث‪#‬اني من سلس‪#‬ل ِة ُخ َ‬
‫ط ِ‬
‫ومساعدا للخطيب في أهم الموضوعات‬ ‫ِ‬ ‫ملبِّياً لبعض الحاجة الثقافية‪،‬‬
‫المرحلي‪##‬ة‪ ،‬والحقيقة أن القب‪##‬ول ال‪##‬ذي حظي به الج‪##‬زء األول من ه‪#‬ذه‬
‫السلس‪###‬لة من مختلف محافظ‪###‬ات اليمن ‪ -‬ش‪###‬جَّع اللجنة على المضي‬
‫سريعا في إنجاز الجزء الثاني‪.‬‬
‫تعي اللجنة أن هذه المرحلة التي تمر بها األمة اليوم من أصعب‬
‫المراح‪##‬ل‪ ،‬وأن الع‪##‬دوان الس‪##‬عودي األم‪##‬ريكي اإلم‪##‬اراتي وقد ُمنِ َي‬
‫ق‬
‫‪#‬ير مس‪##‬بو ٍ‬‫فشل قاتلة‪ ،‬سيندفع بوتيرة أعلى إلى تص‪##‬عي ٍد غ‪ِ #‬‬
‫ت ٍ‬ ‫بخيبا ِ‬
‫على جميع األص‪#####‬عدة العس‪#####‬كرية والسياس‪#####‬ية واالقتص‪#####‬ادية‬
‫واالجتماعية والفكرية والثقافي‪###‬ة‪ ،‬وستش‪ِّ ###‬كل ه‪###‬ذه المرحلة منعطفا‬
‫حاسما في الصراع‪ ،‬فإما انتصر الش‪#‬عب اليم‪#‬ني انتص‪##‬ارا حاس‪#‬ما‪،‬‬
‫إعالن فش‪#‬لهم‪ ،‬ومن ثَ َّم ه‪##‬زيمتهم‪ ،‬وإما حقَّق‬
‫ِ‬ ‫وأج‪#‬بر المعت‪#‬دين على‬
‫المعت‪###‬دون خرْ قا‪ #‬هنا أو هن‪###‬اك يُ ْغ ِ‬
‫‪###‬ري ِهم بالتق‪ُّ ###‬دم واالس‪###‬تمرار في‬
‫المقــدمة‬
‫‪66‬‬
‫العدوان ال سمح هللا؛ األمر ال‪##‬ذي س‪##‬يؤدي إلى مزيد من غ‪##‬رقهم في‬
‫وحل هذا العدوان المؤرِّق لهم ضمن جولة صراع آخر‪.‬‬
‫سيصاحبُ هذا التصعي َد حربٌ نفسية شديدة‪ ،‬وض‪##‬غطٌ اقتص‪##‬ادي‬
‫‪#‬كل‬
‫‪#‬دوان ن‪##‬اع ٌم يعم‪ُ #‬ل بش‪ٍ #‬‬ ‫ٌ‬
‫‪#‬حيات بش‪##‬رية ش‪##‬ريفة‪ ،‬وع‪ٌ #‬‬
‫ُمجْ ِحف‪ ،‬وتض‪#‬‬
‫مواز للعدوان الصلب‪ ،‬وكل ذلك ي‪##‬را ُد منه كس‪ُ #‬ر الص‪##‬مو ِد الش‪##‬عبي‬
‫ٍ‬
‫األسطوري‪ ،‬وهزيمته وإذالله‪.‬‬
‫ب آخر تق‪###‬ول التض‪###‬حيات العظيمة واتس‪###‬اع دائ‪###‬رة‬
‫من ج‪###‬ان ٍ‬
‫المجتمع‪##‬ات الثورية الجهادي‪##‬ة‪ :‬إن معركة التنكيل بالع‪##‬دوان ب‪##‬اتت‬
‫‪#‬اض في تص‪#‬ديه‬
‫‪#‬عب م‪ٍ #‬‬‫الخي‪##‬ار الوحيد في ه‪#‬ذه المواجه‪##‬ة‪ ،‬وأن الش‪َ #‬‬
‫لهذا العدوان مهما كلَّف ذلك من تضحيات؛ وهذا االتساع الم‪##‬واكب‬
‫لالنتصارات والتضحيات يعود إلى انتشار الثقافة الجهادية القرآنية‬
‫التي أثبتت جدارتها ولياقتها لمواجهة هذا العدوان العالمي المتس ‪#‬لِّح‬
‫بأحدث األسلحة وأفتكها‪.‬‬
‫إن ازديا َد رصي ِد الوعي الشعبي بالصمود اليماني األس‪##‬طوري‪،‬‬
‫بالمقوم‪###‬ات الديني‪###‬ة‪ ،‬والروحي‪###‬ة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫من خالل مزي‪ٍ ###‬د من الت‪###‬ذكير‬
‫والجهادي‪##‬ة‪ ،‬واالجتماعي‪##‬ة‪ ،‬والثقافي‪##‬ة‪ ،‬وخط‪##‬ورة التفريط لهو من‬
‫المقــدمة‬
‫‪33‬‬
‫أولوي‪##‬ات خطب‪##‬اء اليمن وعلمائه ومفكريه ودعات‪##‬ه؛ وه‪##‬ذا يتطلَّب‬
‫منهم جُهدا أكبر‪ ،‬جُهدا بقدر الخطورة‪ #‬ال اإلمكانات‪.‬‬
‫من األهمية بمك‪####‬ان تنمية مش‪####‬اعر الثقة باهلل‪ ،‬واليقين بنص‪####‬ره‪،‬‬
‫وفضيلة الصمود‪ ،‬وآثار النصر على المعتدين‪ ،‬وما ستحققه األمة من‬
‫وراء ذلك من مكاسب مرحلية واس‪###‬تراتيجية‪ ،‬والترك‪###‬يز على فضح‬
‫س‪#‬وغوا ه‪#‬ذه‬
‫العدوان وأدوات‪#‬ه‪ ،‬وش‪#‬يوخ الض‪#‬الل المف‪#‬تين ب‪#‬ه‪ ،‬ال‪#‬ذين ّ‬
‫الجرائم العدوانية باسم هللا ال‪##‬رحيم ضد عب‪##‬اد هللا األبري‪##‬اء‪ ،‬واتهم‪##‬وهم‬
‫صراحة بالمجوسية والكفر‪.‬‬
‫موضوعات هذا الجزء تهدف بوضوح إلى مواكبة تلك القض‪##‬ايا‬
‫والتوقع‪###‬ات‪ ،‬مع النظر إلى اس‪###‬تراتيجية النفس الطويل للمعرك‪###‬ة‪،‬‬
‫والتحرك الفاعل في ابتغاء القوم؛ ول‪##‬ذلك ك‪##‬ان لزاما على الخطب‪##‬اء‬
‫والمرشدين تعمي ُ‬
‫ق الوعي بأع‪##‬داء اليمن وبطبيعة ه‪##‬ذه المعركة بين‬
‫الخير والشر‪ ،‬بين أهل الق‪##‬رآن وقرن‪##‬اء الش‪##‬يطان‪ ،‬ك‪##‬ان لزاما علينا‬
‫جميعا التثقيف بنص‪##‬وص الق‪##‬رآن والس‪##‬نة الص‪##‬حيحة ال‪##‬تي تح‪##‬دثت‬
‫بوض‪##‬وح عن ه‪##‬ذه المعركة الفاص‪##‬لة‪ ،‬حيث ال بد أن يع‪##‬رف ش‪##‬عبُنا‬
‫ع‪##‬د َّوه ق‪##‬رْ نَ الش‪##‬يطان بش‪ٍ #‬‬
‫‪#‬كل منهجي وق‪##‬وي وفاع‪##‬ل‪ ،‬وأنه ال بد أن‬
‫المقــدمة‬
‫‪66‬‬
‫َّ‬
‫تتج‪###‬ذر أواص‪ُ ###‬ر اإليم‪###‬ان اليم‪###‬اني بالروحية الجهادية في وعي‬
‫المجتمع كل المجتمع‪.‬‬
‫وثم‪###‬ةَ أهمية قص‪###‬وى لالنقط‪###‬اع واللج‪###‬وء إلى هللا والمعية له‬
‫س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى‪ ،‬وتنمية حالة التق‪##‬وى باعتبارها حالة‪ #‬يقظة ووعي‬
‫وشعور بالمسؤولية أمام هللا تعالى‪ ،‬تدعو إلى التح‪#‬رك الفاع‪#‬ل‪ ،‬وال‬
‫بد من (الصبر) الذي هو طاقة الجهاد المتجددة‪ ،‬وك‪##‬ان لزاما تق‪##‬ديم‬
‫نموذج المجا ِهد العالِم‪ ،‬والعالِم المجا ِه‪##‬د‪ ،‬لش‪##‬عبنا البط‪##‬ل‪ ،‬من خالل‬
‫‪#‬ز لبعض الغ‪##‬افلين عن خط‪##‬ورة‪ #‬الوض‪##‬ع‪،‬‬
‫اإلم‪##‬ام زيد وغ‪##‬يره‪ ،‬كنك‪ٍ #‬‬
‫المترس ‪#‬بة من الماض‪##‬ي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫‪#‬رفَ ْتهم بعضُ اإلش‪##‬كاالت‬
‫وال‪##‬ذين ربما ص‪َ #‬‬
‫والض‪##‬عف الملح‪##‬وظ في م‪##‬ادة ال‪##‬وعي الت‪##‬اريخي والسياس‪##‬ي‪ ،‬عن‬
‫إدراك حقيقة الصراع وطبيعة المعركة‪.‬‬
‫والعظة والع‪######‬برة ت َّم معالجة‪ #‬بعض‬
‫وعمال بمنهجية الت‪######‬ذكير ِ‬
‫نوع من‬
‫القضايا الماسة كالحصار االقتصادي‪ ،‬وصوال إلى إطالق ٍ‬
‫‪#‬رك الع‪##‬دوان في ص‪##‬ورته الناعم‪##‬ة‪ ،‬والح ‪َ #‬ذ ِر من‬
‫التح‪##‬ذير إزاء تح‪ِ #‬‬
‫بع‪##‬رض ن‪##‬واميس هللا وس‪##‬ننه في نصر‬
‫ِ‬ ‫الح‪##‬رب النفس‪##‬ية‪ ،‬وانته‪##‬ا ًء‬
‫صراع وج‪##‬ودي‬
‫ٍ‬ ‫ت‬
‫أصحاب القضايا العادلة والمحقة‪ #‬في ختام جوال ِ‬
‫كهذا‪.‬‬
‫المقــدمة‬
‫‪33‬‬
‫ه‪####‬ذه ال ُخطب منها ما اض‪####‬طلعت اللجنة بإنش‪####‬ائها‪ ،‬ومنها ما‬
‫اس‪##‬تكتبت فيها خطب‪##‬اء ومرش‪##‬دين‪ ،‬ومنها ما استنس‪##‬خَ ْته من ُخطَب‬
‫مس‪###‬جَّلة لبعض العلم‪###‬اء المجاه‪###‬دين‪ ،‬مع ش‪###‬ي ٍء من اإلض‪###‬افة‪،‬‬
‫واالختص‪###‬ار‪ ،‬والتع‪###‬ديل‪ ،‬والته‪###‬ذيب‪ ،‬والتنقيح‪ ،‬ثم انتخ‪###‬اب عشر‬
‫متنوعة من‬
‫أجرته اللجنة مع عينة ِّ‬
‫اس‪#########‬تبيان َ‬
‫ٍ‬ ‫خطب منها بحسب‬
‫المرشدين والمفكرين‪.‬‬
‫ورغم س‪##‬عينا ألن تك‪##‬ون ص‪##‬ياغة الخطب واض‪##‬حة وأس‪##‬اليبُها‬
‫مناس‪######‬بة‪ ،‬لكن مع ذلك ينبغي على الخطيب أن يتعامل مع ه‪######‬ذه‬
‫الخطب كم‪###‬ادة ُمل ِهمة و َمرْ جعية فق‪###‬ط‪ ،‬وله أن يأخذ أه َّم األفك‪###‬ار‬
‫المناس‪##‬بة‪ ،‬كما له‬
‫ِ‬ ‫المحت‪##‬اج إليه‪##‬ا‪ ،‬ويعيد طرحها‪ #‬بطريقته الخطابية‬
‫ِ‬
‫يناسبُ وقتَه وزمانَه وموضوعَه‪ ،‬ومقا َمه‪.‬‬
‫أن يأخذ منها ما ِ‬
‫تؤ ِّكد اللجنة على أهمية قراءة الخطيب للخطبة قبل إلقائه‪##‬ا‪ ،‬وأن‬
‫ال يكتفي الخطيب بق‪####‬راءة العن‪####‬وان‪ ،‬كما تَ ْستَحْ ِس‪####‬ن أن ي‪####‬راعي‬
‫التسلس‪###‬ل المنطقي واالعتب‪###‬ار َّ‬
‫ي ال‪###‬ذي ب‪###‬نيت عليه ه‪###‬ذه‬ ‫َ‬ ‫الخطيب‬
‫ِّ‬
‫ويؤخر‪.‬‬ ‫الخطب‪ ،‬مجرد استحسان‪ ،‬وللخطيب أن يقدِّم ما شاء‬
‫الش‪##‬كر والعرف‪##‬ان لمن َّ‬
‫خط َ‬
‫ط أو خطب‪ ،‬وأنشأ أو كتَب‪ ،‬وراجع أو‬
‫انتخب‪ ،‬ولكل من ش‪##‬ارك ب‪##‬أي ن‪##‬وع من المش‪##‬اركة‪ ،‬والش‪##‬كر أيضا‬
‫المقــدمة‬
‫‪66‬‬
‫موص‪###‬ول لهيئة رئاسة المجلس الزي‪###‬دي اإلس‪###‬المي على تعاو ِنها مع‬
‫اللجنة بشكل مبا ِد ٍر وفاعل‪.‬‬
‫أج‪###‬ور جميع المجاه‪###‬دين‪ ،‬في مختلف‬
‫َ‬ ‫أس‪###‬أل هللا العظيم أن يكتُ َ‬
‫ب‬
‫الجبهات‪ ،‬وأن ينصر هذا الشعب المظلوم على المعتدين الب‪##‬اغين؛ إنه‬
‫على ما يش‪#‬اء ق‪#‬دير‪ ،‬وباإلجابة ج‪#‬دير‪ ،‬وص‪#‬لِّ اللهم وس‪ِّ #‬لم على س‪#‬ي ِدنا‬
‫محم ٍد وعلى آله الطاهرين‪.‬‬

‫لجنة الثقافة بالمجلس الزيدي‬


‫اإلسالمي‬
‫صنعاء – ‪ 13‬جمادى األولى ‪1438‬هـ‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫‪ -1‬من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫الحمدهلل الذي أمر تخييرا‪ ،‬وكلف يسيرا‪ ،‬ونهى تح‪##‬ذيرا‪ ،‬وأش‪##‬هد‬


‫ب والش‪##‬هادة‪ ،‬وأش‪##‬هد أن س‪##‬يدنا محم‪##‬دا‬
‫أن ال إله إال هللاُ ع‪##‬ال ُم الغي ِ‬
‫الفضل والسيادة‪ ،‬اللهم فصلِّ وسلِّم عليه وعلى‬
‫ِ‬ ‫عب ُدهللا ورسولُه أه ُل‬
‫آله أعالم الهداية‪ ،‬وارض عن أصحابه أهل الريادة ‪..‬‬
‫بعض ‪#‬نا ويق‪##‬ول‪ :‬لقد‬
‫ُ‬ ‫ثم أما بعد أيها اإلخوة المؤمنون ‪ ..‬يتساءل‬
‫‪#‬رن من‬
‫ارتكب نظام آل سعود جرائ َم بش‪##‬عة منذ ظهر قبل ح‪##‬والي ق‪ٍ #‬‬
‫ِّس هذا الكي‪##‬ان جنبا‬
‫الزمان‪ ،‬يو َم د َع َمت المخابرات البريطانية مؤس َ‬
‫إلى جنب مع تأسيس‪##‬ها للكي‪##‬ان الص‪##‬هيوني في نفس الف‪##‬ترة‪ ،‬ثم فتك‬
‫ه‪###‬ذان الكيان‪###‬ان فتكا ذريعا بالمس‪###‬لمين‪ ،‬قتال‪ ،‬وتخريب‪###‬ا‪ ،‬وفتن‪###‬ة‪،‬‬
‫وش‪###‬قاقا‪ ،‬وخالف‪###‬ا‪ ،‬يتس‪###‬اءل بعض‪##‬نا‪ :‬هل من المعق‪###‬ول أن يك‪###‬ون‬
‫التخريب والتدمير به‪##‬ذا الحجم من ه‪##‬ذا الكي‪##‬ان المص‪##‬نوع بريطانيا‬
‫والم‪##‬رعي أمريكيا وال يتح‪##‬دث اإلس‪##‬ال ُم عن ه‪##‬ذه القض‪##‬ية؟ هل من‬
‫ُ‬
‫القرآن العظيم وال الرسول الكريم عن هؤالء‬ ‫المعقول أن ال يح ِّذ َرنا‬
‫العمالء المخرِّ بين؟‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫أقول لك أيها األخ الس‪##‬ائل‪ :‬بلى لقد تح‪َّ #‬دث اإلس‪##‬ال ُم عن ه‪##‬ؤالء‪،‬‬
‫‪#‬اع‬ ‫‪#‬اليم الرس‪##‬ول ح‪ٌ #‬‬
‫‪#‬ديث طوي ‪ٌ #‬ل عن المن‪##‬افقين وأتب‪ِ #‬‬ ‫القرآن وتع‪ِ #‬‬
‫ِ‬ ‫وفي‬
‫الش‪##‬يطان‪ ،‬وتح‪##‬ذي ٌر كب‪##‬ي ٌر من فتنتهم وش‪##‬رهم وفس‪##‬ادهم وزالزلهم‪،‬‬
‫ولكن أيها األخ الس‪##‬ائل‪ :‬عليك أن ال تنتظر من الش‪##‬ياطين واألبالِسة‬
‫ألن يأتوا فيقولوا لك أو لغيرك‪ :‬إنهم هم األبالسة والشياطين!!‪.‬‬
‫أما اإلس‪###‬الم فقد تح‪ّ ###‬دث ح‪###‬ديثا واس‪###‬عا عن الش‪###‬يطان وعن‬
‫المنافقين‪ ،‬تح‪َّ #‬دث الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم عن خط‪##‬وا ِ‬
‫ت الش‪##‬يطان‪ ،‬وأولي‪##‬اء‬
‫الشيطان‪ ،‬وكيد الشيطان‪ ،‬ووعد الشيطان‪ ،‬وتح َّدث عن الرجس من‬
‫عمل الش‪##‬يطان‪ ،‬وت‪##‬زيين الش‪##‬يطان‪ ،‬ووسوسة الش‪##‬يطان‪ ،‬ون‪##‬زغ‬
‫ورجز الشيطان‪ ،‬وعداوة الشيطان‪ ،‬وغ‪##‬رور الش‪##‬يطان‪،‬‬
‫الشيطان‪ِ ،‬‬
‫وعب‪##‬ادة الش‪##‬يطان‪ ،‬وفتنة الش‪##‬يطان‪ ،‬وقرن‪##‬اء الش‪##‬يطان‪ ،‬واس‪##‬تحواذ‬
‫الش‪##‬يطان وح‪##‬زب الش‪##‬يطان‪ ،‬وش‪##‬ياطين الجن واإلنس‪ ،‬وهم‪##‬زات‬
‫الش‪##‬ياطين‪ ،‬وإخ‪##‬وان الش‪##‬ياطين‪ ،‬ورؤوس الش‪##‬ياطين‪ .‬كما تح‪##‬دث‬
‫الرس‪##‬ول ص‪###‬لى هللا عليه وآله وس‪###‬لم عن الش‪##‬يطان‪ ،‬وعن (ق‪###‬رن‬
‫َّ‬
‫وحذر منه‪.‬‬ ‫الشيطان) أيضا‬
‫أيها اإلخوة المصلون ‪ ..‬هناك أح‪##‬اديث كث‪##‬يرة في كتب الح‪##‬ديث‬
‫مروية عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬تتحدث عن (نجد)‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫بأنها قرن الشيطان‪ ،‬ونج ٌد ‪ -‬كما نعرف ‪ -‬هي منشأ الدعوة الوهابية‬
‫التكفيرية‪ ،‬التي هي س‪##‬بب كل ه‪##‬ذه الفتن والمآسي والح‪##‬روب ال‪##‬تي‬
‫تعصف بالعالم اإلسالمي‪.‬‬
‫ورد في البخاري في كت‪##‬اب الفتن أن الن‪##‬بي ص‪##‬لى هللا عليه وآله‬
‫‪#‬ار ْك لنا في‬
‫‪#‬ار ْك لنا في يمنن‪##‬ا‪ ،‬اللهم ب‪ِ #‬‬
‫وس‪##‬لم ق‪##‬ال م‪##‬رتين‪« :‬اللهم ب‪ِ #‬‬
‫ش‪##‬ا ِمنا»‪ .‬ق‪##‬الوا‪ :‬وفي نج ‪ِ #‬دنا؟ ق‪##‬ال‪« :‬هن‪##‬اك ال‪##‬زالزل والفتن‪ ،‬وبها‬
‫يطلع ق‪##‬رن الش‪##‬يطان»‪ .‬وق‪##‬ال ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم‪« :‬أال إن‬
‫الفتنة هاهنا ‪ -‬يشير إلى المشرق ‪ -‬من حيث يطلع قرن الش‪##‬يطان»‪،‬‬
‫وفي البخاري ومسلم أيضا عن النبي صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم أنه‬
‫‪#‬اني‪،‬‬
‫ق‪##‬ال‪« :‬رأس الكفر نحو المش‪##‬رق»‪ ،‬وفي رواية‪« :‬اإليم‪##‬ان يم‪ٌّ #‬‬
‫والفتنة من هاهنا حيث يطلع ق‪###‬رن الش‪###‬يطان»‪ ،‬وعن ابن مس‪###‬عود‬
‫األنص‪###‬اري‪ ،‬ق‪###‬ال‪ :‬ق‪###‬ال رس‪###‬ول هللا ص‪###‬لى هللا عليه وآله وس‪###‬لم‪:‬‬
‫إن القس‪##‬وةَ وغلَ‪##‬ظَ القل‪##‬وب في الف‪ّ ##‬دادين عند‬
‫يم‪##‬ان‪ ،‬أال َّ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫«اإليم‪##‬ان‬
‫ض ‪#‬ر»‪.‬‬
‫أصول أذناب اإلبل حيث يطلع قرنا الش‪##‬يطان في ربيعة و ُم َ‬
‫إلى آخر تلك األحاديث الكث‪##‬يرة ال‪##‬تي طالما‪ #‬أش‪##‬ادت ب‪##‬اليمن‪ ،‬وذ َّمت‬
‫وعابت نجدا؛ ذلك بأن منها قرن الشيطان‪.‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫أما ال‪##‬زالزل الم‪##‬ذكورة في الح‪##‬ديث النب‪##‬وي الش‪##‬ريف ‪ ..‬فهي‬
‫للس‪#‬لم واألمن والطمأنين‪##‬ة‪ ،‬كما‬ ‫الحوادث المخيفة واألمور ال ُم ْ‬
‫زَل ِزلة ِّ‬
‫ورد في الق‪###‬رآن الك‪###‬ريم حيث يق‪###‬ول‪ُ ﴿ :‬هنَالِـــكَ ا ْبتُلِ َي ا ْل ُم ْؤ ِمنُـــونَ‬
‫سـ ْبتُ ْم أَن تَـد ُْخلُو ْا ا ْل َجنَّةَ َولَ َّما يَــأْتِ ُكم‬
‫شـ ِديداً﴾‪﴿ ،‬أَ ْم َح ِ‬
‫َو ُز ْل ِزلُوا ِز ْلــزَاالً َ‬
‫ض َّرا ُء َو ُز ْل ِزلُــو ْا َحتَّى‬ ‫س ْت ُه ُم ا ْلبَأْ َ‬
‫سا ُء َوال َّ‬ ‫َّمثَ ُل الَّ ِذينَ َخلَ ْو ْا ِمن قَ ْبلِ ُكم َّم َّ‬
‫صـ ُر هّللا ﴾‪ ..‬وأما الف‪َّ #‬دادون‬
‫سـو ُل َوالَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا َم َعـهُ َمتَى نَ ْ‬
‫يَقُو َل ال َّر ُ‬
‫فهم الذين تعلو أصواتُهم في حروثِهم ومواشيهم‪ ،‬ومفر ُدها‪ :‬ف َّداد‪.‬‬
‫أيها اإلخ‪##‬وة المؤمن‪##‬ون ‪ ..‬تحت ض‪##‬غط ه‪##‬ذه األح‪##‬اديث الكث‪##‬يرة‬
‫المح ِّذرة من (قرن الش‪##‬يطان) ‪ -‬زعم بعضُ النج‪##‬ديين أن المقص‪##‬ود‬
‫بنجد في الح‪##‬ديث‪ ،‬هو الع‪##‬راق‪ ،‬وهي محاولة ش‪##‬يطانية من (ق‪##‬رن‬
‫إلضالل الناس وإغوائهم حتى ال يتعرَّف‪##‬وا على ع‪##‬دوهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الشيطان)‬
‫فيتخذوه عدوا لهم كما أمر هللا‪ ،‬وحتى ال ينق‪#‬ادوا لله‪##‬دي النب‪#‬وي في‬
‫تحريف واض‪##‬ح‪ ،‬وته‪##‬رُّ بٌ فاض‪##‬ح‪ ،‬ت‪##‬ر ُّده األدلة‬
‫ٌ‬ ‫هذه القضية‪ ،‬وذلك‬
‫الكثيرة‪ ،‬وتفضحه البراهين الغزيرة‪:‬‬
‫منها أوال‪ :‬أن (نجد اليمامة) بل‪ٌ ##‬د مش‪##‬هو ٌر بمص‪##‬طلح (نجد) في‬
‫الجاهلية واإلس‪##‬الم‪ ،‬وإذا أُ ْ‬
‫طلِقت لفظة (نج‪##‬د) فال ي‪##‬ذهبُ ال‪ُ #‬‬
‫‪#‬ذهن إال‬
‫إلى نجد اليمامة‪ ،‬وقد ورد في األحاديث والس‪##‬يرة النبوية وفي كالم‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫‪#‬ادرها القديمة والحديثة م‪##‬رادا به تلك المنطقة بش‪##‬كل‬


‫ب ومص‪ِ #‬‬
‫الع‪##‬ر ِ‬
‫ضروري ال يقبل التشكيك والتحريف‪ .‬وتؤكده األحاديث التي ك‪##‬ان‬
‫يشير فيها رس‪##‬ول هللا ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم إلى نجد باعتب‪##‬اره‬
‫ق المدينة المن‪##‬ورة‪ ،‬بإش‪##‬ارة حس‪##‬ية واض‪##‬حة ال‬
‫نجدا وباعتباره ش‪##‬ر َ‬
‫لَبس فيها‪.‬‬
‫ثاني ـا ً‪ :‬أن رس‪##‬ول هللا وقَّت ألهل نج ‪ٍ #‬د ميق‪##‬ات (ق‪##‬رن المن‪##‬ازل)‪،‬‬
‫بينما وقّت ألهل الع‪##‬راق (ذات ع‪##‬رق)‪ ،‬ودل ه‪##‬ذا على أن الم‪##‬راد‬
‫بنجد هو نجد اليمام‪####‬ة؛ ق‪####‬ال ابن تيمية وهو ال‪####‬زعيم ال‪####‬روحي‬
‫ورأس‬
‫َ‬ ‫للوهابيين النجديين‪" :‬قد تواتر عن الن‪##‬بي إخب‪##‬ارُه ب‪##‬أن الفتنة‬
‫مش‪####‬رق مدينته كنجد وما ي ُْش‪ِ ####‬رق‬
‫ِ‬ ‫الكفر من المش‪####‬رق ال‪####‬ذي هو‬
‫عنها‪."..‬‬
‫ثالثــــا ً‪ :‬أرض الع‪####‬راق في مجملها أرضٌ منبس‪####‬طة‪ ،‬وم‪####‬دنها‬
‫الرئيسة كالكوفة والبصرة وبغداد قريبة من مستوى س‪##‬طح البح‪##‬ر‪،‬‬
‫وما كان هذا شأنه فليس بنجد‪ ،‬بل هو س‪##‬هل‪ ،‬والنجد ي ْ‬
‫ُطلَق في اللغة‬
‫على ما ارتفع من األرض‪ ،‬ونجد اليمامة في الس‪##########‬عودية يصل‬
‫ارتفاعه إلى أكثر من ‪ 600‬م‪#‬تر‪ ،‬وه‪#‬ذا هو النجد في اللغ‪#‬ة‪ ،‬عكس‬
‫الغور‪ ،‬ومن ينظر الخريطة الجغرافية يتبين له أن نجد اليمامة التي‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫منها الرياض والدرعية يقع ش‪##‬رق المدينة المن‪##‬ورة‪ ،‬وبالت‪##‬الي فنجد‬
‫ق‪####‬رن الش‪####‬يطان هي تلك المنطقة ال‪####‬تي ظه‪####‬رت منها الوهابية‬
‫التكفيرية‪.‬‬
‫ومع هذا ولإلنصاف أيها اإلخوة المصلون ‪ ..‬ليس كل َمن س‪##‬كن‬
‫‪#‬رن الش‪##‬يطان‪ ،‬ولكن يع‪##‬ني أن ثم‪#‬ةَ منهجا ش‪##‬يطانيا‬
‫نج‪##‬دا فإنه من ق‪ِ #‬‬
‫سماه اإلسالم (قرن الشيطان) يخرج من تلك األرض‪ ،‬وينبِعث من‬
‫تلك الجه‪##‬ة‪ ،‬وهو فك ‪#‬رٌ‪ ،‬وعقي‪##‬دةٌ‪ ،‬وأتب‪##‬ا ٌ‬
‫ع يمض‪##‬ون على نهج الفتنة‬
‫وبغلظ القلوب وجفائها‪ ،‬فأص‪##‬بحت (نجد) حينئ ‪ٍ #‬ذ‬
‫وبوسائل الشيطان ِ‬
‫ج يس‪#####‬ت ِم ُّد حركتَه من تع‪#####‬اليم الش‪#####‬يطان في‬
‫عالمة مكانية لمنهَ ٍ‬
‫اإلضالل واإلغواء والتدمير والوحشية‪.‬‬
‫أليس ذلك أيها اإلخ‪##‬وة هو ما تب‪##‬دو عليه مملكة ق‪##‬رن الش‪##‬يطان‬
‫ومنتجاتها التدميرية في العالم اإلسالمي اليوم؟ بلى وهللا‪.‬‬
‫أيها المؤمن‪###‬ون ‪ ..‬إن الس‪###‬ؤال األهم اآلن هو‪ :‬ما مع‪###‬نى ق‪###‬رن‬
‫الش‪####‬يطان؟ ه‪####‬ذه الكلمة ال‪####‬تي ِب ْتنا نر ِّد ُدها يوميا عند كل جريمة‬
‫يرتكبها هؤالء المجرمون؟‪#‬‬
‫ان َوقَرْ نَاهُ أُ َّمتُ ‪#‬هُ ‪..‬‬ ‫يقول صاحب ْالقَا ُم ِ‬
‫وس المحيط‪« :‬قَرْ ُن ال َّش ْيطَ ِ‬
‫ابن حجر‬ ‫َو ْال ُمتَّبِعُ‪##‬ونَ لِ َر ْأيِ‪ِ ##‬ه ‪َ ..‬وا ْنتِ َش‪##‬ا ُرهُ ‪َ ..‬وت َْس‪##‬لِيطُهُ»‪ .‬وي‪##‬رجِّ ح ُ‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫العسقالني في كتابه فتح الباري أن معنى ق‪##‬رن الش‪##‬يطان هو «قُ ‪َّ #‬وة‬
‫قول الخط‪##‬ابي أن‬ ‫ويورد َ‬
‫ِ‬ ‫ال َّش ْيطَان َو َما يَ ْست َِعين ِب ِه َعلَى اإْل ِ ضْ اَل ل»‪،‬‬
‫آخَرينَ ‪َ ،‬وقَرْ ن ْال َحيَّة‬ ‫ُ‬ ‫‪ْ :‬‬
‫«القَرْ ن هم اأْل َّمة ِم ْن النَّاس يَحْ ُدثُونَ َب ْع َد فِنَاء ِ‬
‫ُض‪َ ###‬رب به ْال َمثَل فِي َما اَل يُحْ َمد ِم ْن اأْل ُ ُم‪###‬ور‪ ،» ..‬على أن الش‪###‬ائع‬
‫ي ْ‬
‫اليوم في تعريف قرن الشيطان أنه المئة العام من الزم‪#‬ان‪ ،‬ال س‪#‬يما‬
‫وقد كاد هذا الكيان الس‪##‬عودي التكف‪##‬يري منذ نش‪##‬أته أن يس‪##‬توفي مئة‬
‫عام من اإلفساد في األرض‪.‬‬
‫أيها اإلخــوة المؤمنــون ه‪##‬اهي مملكة ق‪##‬رن الش‪##‬يطان بجرائمها‬
‫اليوم تصدِّق كلُّ تلك المعاني التي أوردها علماء اللغة‪.‬‬
‫بوضوح أنهم قرناء الشيطان‪ ،‬وهم ينس‪##‬اقون لخطواته‬
‫ٍ‬ ‫أال يظهر‬
‫المق‪##‬ترنون ب‪##‬ه؟ أال يظهر أنهم أمته المتبِع‪##‬ون‬
‫ِ‬ ‫وتض‪##‬ليالته‪ ،‬وأنهم‬
‫ألم‪##‬ره؟‪ #‬وأنهم جيله ال‪##‬ذين يك‪##‬ون لهم أثر س‪##‬لبي واضح خالل المئة‬
‫العام من الزمان؟‪ #‬أال يظهر أنهم هم الناشرون لرأيه والمس‪##‬تخدمون‬
‫لطرقه وأساليبه؟‬
‫ومقترنة به؟‬
‫ِ‬ ‫مالزمة للشيطان‬
‫ِ‬ ‫أال يظهر أن (نجدا) بما طلع منها‬
‫وفيها جيل‪##‬ه‪ ،‬وانتش‪##‬اره‪ ،‬وتس‪##‬ليطه‪ ،‬وقوت‪##‬ه؟ أال يظهر أنها ب‪##‬ؤرة‬
‫والموحش‪####‬ة؟ وهل هن‪####‬اك أك‪####‬ثر من‬
‫ِ‬ ‫الح‪####‬وادث ال ُم ِخيفة وال ُم ْقلِقة‪#‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫ص شخص‪##‬ية الش‪##‬يطان وتنفي‪َ ##‬ذ‬
‫الوهابية الس‪##‬عودية اس‪##‬تطاعت تق ُّم َ‬
‫ت‬
‫وإض‪###‬الل الن‪###‬اس دوال ومؤسس‪###‬ا ٍ‬
‫َ‬ ‫والس‪###‬ير في خطوات‪###‬ه؟‬
‫َ‬ ‫مآربه‬
‫وأشخاصا‪ #‬بأموالهم وأصواتهم وصُراخهم؟‬
‫على أنه ورد ذك‪##‬رُ الق‪##‬رْ ن والق‪##‬رون في الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم في م‪##‬ورد‬
‫اإلهالك والذم‪ .‬وما أصد َق بشارة القرآن الكريم في أنهم ق‪##‬وم ه‪##‬الكون‬
‫بإذنه تعالى!!‬
‫أيها المصلون‪ . .‬لقد تح َّدث القرآن الكريم عن خطوات الشيطان‬
‫التي َّ‬
‫حذ َرنا من الوقوع فيها‪ ،‬ومنها االس‪##‬تزالل (أي طلب الزلة من‬
‫الن‪#####‬اس)‪ ،‬واإلزالل (أي إيق‪#####‬اعهم في الزلة)‪ ،‬والمس الط‪#####‬ائف‬
‫بص‪####‬الحي‪ #‬المؤم‪####‬نين‪ ،‬وال‪###‬نزغ لهم‪ ،‬والتخويف ب‪####‬الفقر‪ ،‬واألمر‬
‫بالفحشاء‪ ،‬وإضالل الناس ضالال بعي‪##‬دا‪ ،‬واإلغ‪##‬واء لهم‪ ،‬وال‪##‬تزيين‬
‫لس‪##‬يء أعم‪##‬الهم‪ ،‬واالس‪##‬تحواذ عليهم‪ ،‬وإيق‪##‬اع الع‪##‬داوة والبغض‪##‬اء‪،‬‬
‫والصد عن ذكر هللا‪ ،‬والصد عن س‪####‬بيله‪ ،‬والوسوسة في ص‪####‬دور‬
‫المؤمنين‪ ،‬ونزع لباس التقوى من قلوبهم‪ ،‬وكشف ع‪##‬وراتهم‪ ،‬وتتبع‬
‫أخط‪####‬ائهم‪ ،‬وف ْتنُهم عن دينهم وم‪####‬واقفهم‪ ،‬واس‪####‬تثمار انح‪####‬راف‬
‫‪##‬رف منهم للوص‪##‬ول به إلى مرحلة‪ #‬الغواي‪##‬ة‪ ،‬وتعلي ُمهم الكي‪َ ##‬د‬
‫المنح ِ‬
‫َ‬
‫المنح ِرفة للوص‪##‬ول بأهلها إلى مرحلة‪#‬‬
‫َ‬ ‫‪#‬ال‬ ‫لبعض‪##‬هم‪ ،‬وت‪ُ #‬‬
‫‪#‬زيين األعم‪ِ #‬‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫ت‪###‬ولي الش‪###‬يطان‪ ،‬والتب‪###‬ذير‪ ،‬واس‪###‬تخدام وس‪###‬ائل مختلفة وم‪###‬ؤثِّرة‬


‫الستنهاض‪##‬هم إلى المعص‪##‬ية‪ ،‬والوع‪##‬ود الكاذبة واألم‪##‬اني الواهمة‬
‫لهم‪ ،‬والتغرير عليهم ثم البراءة منهم‪ ،‬والتح‪##‬رك الكف‪##‬ري من خالل‬
‫أذنابه وأتباعه‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وإذا قارنا ما يفعله الش‪##‬يطان وما ترتكبه مملكة ق‪##‬رن الش‪##‬يطان‬
‫نجد أنهم يتحركون جميعا في اتجاه‪ #‬واحد وألهداف متحدة‪ ،‬وعندئذ‬
‫ال يسعنا إال القول‪ :‬ص َد ْقتَ يااااااااااا رسول هللا!!‪.‬‬
‫ق‪##‬رنَ (نجد)‬
‫وإذا ك‪##‬ان الرس‪##‬ول ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم قد َ‬
‫بالفتنة‪ ،‬وبقساة القلوب وغالظ األفئدة وجعلِهم قرنَ الش‪##‬يطان ال‪##‬ذي‬
‫ت‪##‬أثير‬
‫َ‬ ‫بها يطلع‪ ،‬فإن القرآن الكريم فسَّر هذا تفسيرا عجيبا وبيّن أن‬
‫الشيطان ال يكون إال على من كان في قلوبهم قسوة ومرض‪ ،‬يق‪##‬ول‬
‫الشـــ ْي َ‬
‫طانُ َما َكـــانُو ْا‬ ‫ســـتْ قُلُـــوبُ ُه ْم َوزَ يَّنَ لَ ُه ُم َّ‬ ‫تع‪###‬الى‪َ ﴿ :‬ولَــــ ِكن قَ َ‬
‫ش ْيطَانُ فِ ْتنَةً لِّلَّ ِذينَ فِي قُلُوبِ ِهم‬
‫يَ ْع َملُونَ )‪ ،‬ويقول‪﴿ :‬لِيَ ْج َع َل َما يُ ْلقِي ال َّ‬
‫اســـيَ ِة قُلُـــوبُ ُه ْم َوإِنَّ الظَّالِ ِمينَ لَفِي ِ‬
‫شـــقَ ٍ‬
‫اق بَ ِعيـــ ٍد﴾‪ ،‬فهنا‬ ‫ض َوا ْلقَ ِ‬
‫َّم َر ٌ‬
‫يت‪##‬بين أن هن‪##‬اك عالقة قوية بين الفتن وقس‪##‬اة القل‪##‬وب وال‪##‬ذين في‬
‫قلوبهم م‪##‬رض مع أداء الش‪##‬يطان وتأثيراته والوص‪##‬ول إلى الش‪##‬قاق‬
‫البعيد‪.‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫ت‪ ،‬وبعضُ ه‪##‬ذه‬
‫‪#‬يطان خط‪##‬وا ٍ‬
‫ِ‬ ‫أيها اإلخــوة المصــلون ‪ ..‬إن للش‪#‬‬
‫‪#‬ل بهم‬ ‫الخطوات يتح َّر ُ‬
‫ك فيها إلض‪##‬الل الن‪##‬اس وإغ‪##‬وائهم ح‪##‬تى يص‪َ #‬‬
‫إلى مرحلة‪ #‬االنتكاس فيأمرُهم بالفحشاء والمنكر‪ ،‬يق‪##‬ول تع‪##‬الى‪﴿ :‬يَا‬
‫ت‬
‫ـوا ِ‬‫ان َو َمن يَتَّبِـ ْع ُخطُـ َ‬
‫الشـ ْيطَ ِ‬
‫ت َّ‬ ‫أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُــوا اَل تَتَّبِ ُعــوا ُخطُـ َ‬
‫ـوا ِ‬
‫ان فَإِنَّهُ يَـــأْ ُم ُر بِا ْلفَ ْح َ‬
‫شـــاء َوا ْل ُمن َكـــ ِر﴾‪ .‬وه‪###‬ذه المرحلة هي‬ ‫الشـــ ْيطَ ِ‬
‫َّ‬
‫وأتباعه في اليمن‬
‫ِ‬ ‫المرحلة التي تجلت فيها ضاللة (قرن الش‪##‬يطان)‬
‫بقصفهم لألبرياء من األطفال والنساء وت‪##‬دميرهم للمنش‪##‬آت الحيوية‬
‫والب‪###‬نى التحتي‪###‬ة‪ ،‬ثم ي‪###‬أتي وع‪###‬اظ (ق‪###‬رن الش‪###‬يطان) في اليمن‬
‫والس‪######‬عودية لي‪######‬أمروهم بالمزيد والمزيد من القتل والت‪######‬دمير‬
‫ويشكروهم على ذلك‪ ،‬ويعتبرونه جه‪##‬ادا مقدسا وقربة يتقرب‪##‬ون بها‬
‫إلى هللا‪ ،‬تعالى وتق َّدس عن سوء فعالهم وش‪##‬نيع أعم‪##‬الهم‪ .‬أليس ه‪##‬ذا‬
‫هو األمر بالفحشاء والمنكر وانتكاس الفطرة؟ بلى وهللا‪.‬‬
‫إن ق‪##‬رن الش‪##‬يطان ومملكته وعلم‪##‬ا َءه هم من تُ ْ‬
‫ظ ِه‪##‬رُهم الص‪##‬و ُر‬
‫والقن‪###‬وات بالب‪###‬ذخ والتب‪###‬ذير واإلس‪###‬راف في نفق‪###‬اتهم وش‪###‬هواتهم‬
‫وتضليالتهم‪ ،‬بل حتى في تكديس أنواع األس‪##‬لحة ال‪##‬تي يس‪##‬تخدمونها‬
‫ضد المسلمين المؤمنين األبرياء فقط‪ ،‬بينما هناك الماليين من البشر‬
‫والمس‪##‬لمين يتض‪َّ ##‬ورون جوعا وعطش‪##‬ا‪ ،‬إنهم بتب‪##‬ذيرهم وإس‪##‬رافهم‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫ين‬
‫اط ِ‬ ‫يصيرون (إخوان الشياطين)‪ِ ﴿ ،‬إنَّ ا ْل ُمبَ ِّذ ِرينَ َكانُو ْا إِ ْخ َوانَ َّ‬
‫الشـيَ ِ‬
‫طانُ لِ َربِّ ِه َكفُوراً﴾‪ ،‬لكنهم أيضا بض‪##‬اللهم وإغ‪##‬وائهم لألمم‬ ‫ش ْي َ‬
‫َو َكانَ ال َّ‬
‫ونشر الفتن وزلزلة َس‪#‬كينة الش‪#‬عوب وتص‪#‬وير ذلك الفس‪##‬اد على أنه‬
‫اإلسالم واإلحسان يكونون قد قارنوا الش‪##‬يطان وص‪##‬اروا من قُرنائه‬
‫ومالز ِميه‪ ،‬فصاروا (قرْ نَ الشيطان) بحق وحقيقة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وجيلِه‬
‫ق َعلَ ْي ِه ُم‬‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ﴿فَ ِريقا ً َهدَى َوفَ ِريق ـا ً َحـ َّ‬
‫س ـبُونَ‬ ‫اطينَ أَ ْولِيَــاء ِمن د ِ‬
‫ُون هّللا ِ َويَ ْح َ‬ ‫الض ـالَلَةُ ِإنَّ ُه ُم اتَّ َخـ ُذوا َّ‬
‫الش ـيَ ِ‬ ‫َّ‬
‫أَنَّ ُهم ُّم ْهتَدُونَ ﴾‪.‬‬
‫ُ‬
‫قلت ما س‪###‬متعم‪ ،‬وأس‪###‬تغفر هللا العظيم لي ولكم‪ ،‬إنه هو الغف‪###‬ور‬
‫الرحيم‪.‬‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪24‬‬
‫‪24‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫وبص ‪َ #‬رنا طريق ‪#‬ةَ‬


‫َّ‬ ‫الحمدهلل الذي هدانا لمعرفة الصالح والفس‪##‬اد‪،‬‬
‫أهل الش‪##‬قاق والعن‪##‬اد‪ ،‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا اله‪##‬ادي إلى الرش‪##‬اد‪،‬‬
‫ِ‬
‫وأشهد أن‪ ‬سيدَنا محمدا عب ُده ورسوله سي ُد أهل الجهاد‪ ،‬اللهم فص‪##‬لِّ‬
‫وسلِّم عليه‪ ‬وعلى آله سادة األغوار واألنجاد‪ ،‬وارض عن أص‪##‬حابه‬
‫أهلِ االتِّباع ِ‬
‫والوداد‪ ،‬ثم‪ ‬أما بعد‪:‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون ‪ ..‬إن ما سبق يجعل منطقة (نجد) ‪ -‬ال‪##‬تي‬
‫هي الري‪##‬اض والدرعية وال‪##‬تي ظه‪##‬رت منها ال‪##‬دعوة الوهابية ‪ -‬في‬
‫دائ‪##‬رة (ق‪##‬رن الش‪##‬يطان)‪ ،‬حيث (الفتنة)‪ ،‬و(فيها ال‪##‬زالزل والفتن)‪،‬‬
‫وت‪###‬برْ ِهن أن أهلها الف‪ّ ###‬دادين فيهم (القس‪###‬وة وغلظ القل‪###‬وب)‪ .‬على‬
‫خالف اليمن والش‪###‬ام؛ ألن جملة من اآلي‪###‬ات واألح‪###‬اديث الكث‪###‬يرة‬
‫ووصفَ ِ‬
‫ت الشا َم باألرض المباركة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جاءت في فضل اليمن وأهلها‪،‬‬
‫وأرض الشام‬
‫َ‬ ‫هذه الدالئل اإلسالمية تضع يمن اإليمان والحكمة‬
‫ق‪#‬رن الش‪#‬يطان‪ ،‬وإذا ك‪#‬ان الع‪#‬الم‬
‫ِ‬ ‫موضوعي لنَجْ‪ٍ #‬د‬
‫ٍّ‬ ‫كمقابل‬
‫ٍ‬ ‫المباركة‬
‫َ‬
‫ت طلَ َع ْ‬
‫ت من نج‪##‬د‪،‬‬ ‫فتن وض‪##‬الال ٍ‬
‫‪#‬ار ٍ‬
‫اإلس‪##‬المي الي‪##‬وم يص‪##‬طلي بن‪ِ #‬‬
‫‪#‬أثير ش‪##‬يطانِها الط‪##‬الِع‪ ،‬ف‪##‬إن اليمن والش‪##‬ام (وال‪##‬تي منها س‪##‬وريا‬
‫وت‪ِ #‬‬
‫‪23‬‬
‫‪23‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫اص‪#‬طُلِ َي بن‪ِ #‬‬


‫‪#‬ار ه‪##‬ذه الفتن الش‪##‬يطانية‬ ‫وفلسطين) اليوم هي أك‪##‬ث ُر من ْ‬
‫النجدية‪.‬‬
‫هل تدرون أيها اإلخوة المص‪##‬لون ‪ ..‬لم‪##‬اذا جمع الرس‪##‬ول ص‪##‬لى‬
‫ث القائل‪« :‬اللهم‬
‫هللا عليه وآله وس‪###‬لم بين اليمن والش‪###‬ام في الح‪###‬دي ِ‬
‫ب‪###‬ارك لنا في ش‪###‬امنا وفي يمنن‪###‬ا»‪ ،‬ولِ َم رفض فيه أيضا ال‪###‬دعا َء‬
‫بالبركة لنج‪##‬د؟ ذل‪##‬ك؛ ألن منها يطلع ق‪##‬رن الش‪##‬يطان وبها الفس‪##‬اد‬
‫والزالزل والفتن‪.‬‬
‫بعد هذا فهل أدركتُم لِ َم جعل الرسول ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم‬
‫مقابل شيطانية نجد‬
‫َ‬ ‫اليمنَ في خيريته وإيمانه وحكمته وأخالق أهله‬
‫وفتنها وزالزلها وقس‪##‬وتها‪ ،‬وغلظ قل‪##‬وب أهله‪##‬ا‪ ،‬وظهورها ك‪##‬رأس‬
‫كفر‪ ،‬باعتبارها رأس حربة النفاق؟‪#‬‬
‫رأس الحربة وكونها ق‪######‬رنَ‬
‫َ‬ ‫وهل ع‪######‬رفتم العالقة بين كونِها‬
‫ُ‬
‫القرن في الرأس؟‪#‬‬ ‫الشيطان‪ ،‬أوليس‬
‫إن ه‪##‬ذه األح‪ُ #‬‬
‫‪#‬داث ال‪##‬تي تعصف به‪##‬ذين البل‪##‬دين العظيمين الش‪##‬ام‬
‫ش‪#‬يطاني م‪#‬د ّمر‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫واليمن والتي ك‪##‬ان لنجد فيها س‪#‬بب مباش‪#‬ر‪ ،‬وأث‪ٌ #‬ر‬
‫تفسِّر لنا حديث رس‪##‬ول هللا ذاك‪ ،‬وكيف أنه جمع البل‪##‬دان الثالثة في‬
‫ث واحد وضمن معادلة واحدة‪.‬‬
‫حدي ٍ‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪24‬‬
‫‪24‬‬
‫أيها المصــلون الكــرام ‪ ..‬لو أن هناك من ح‪##‬اول التأمل في ه‪##‬ذه‬
‫القضية قبل عقو ٍد من الزمن لما اهت‪##‬دى إلى معرفتها بالش‪##‬كل ال‪##‬ذي‬
‫هي عليه الي‪###‬وم؛ ألنه لم تكن نجد ه‪###‬ذه قبل تفجُّ ر النفط فيها ش‪###‬يئا‬
‫فس‪#‬رت لنا الح‪##‬ديث أك‪#‬ثر‪ ،‬واس‪#‬تطَعْنا‬ ‫لكن األح‪#‬داث ه‪#‬ذه َّ‬ ‫م‪#‬ذكورا‪َّ ،‬‬
‫س ِه ْم َحتَّى‬‫اق َوفِي أَنفُ ِ‬‫سنُ ِري ِه ْم آيَاتِنَا فِي اآْل فَ ِ‬
‫ف ْه َمه بطريقة أوضح‪َ ﴿ ،‬‬
‫ش ِهي ٌد﴾‪.‬‬‫ف بِ َربِّكَ أَنَّهُ َعلَى ُك ِّل ش َْي ٍء َ‬
‫ق أَ َولَ ْم يَ ْك ِ‬
‫يَتَبَيَّنَ لَ ُه ْم أَنَّهُ ا ْل َح ُّ‬
‫الحقيقة أيها المســــــلمون ‪ ..‬أن ما ابتُلِيَ ْ‬
‫ت به األمة الي‪#####‬وم هو‬
‫ال‪##‬دعوة الوهابية ال‪##‬تي طلعت قرونُها الش‪##‬يطانية من نج‪##‬د‪ ،‬وال‪##‬تي‬
‫جاءت مصداقا لحديث «وبها يطلع قرن الش‪##‬يطان»‪ ،‬حيث ظه‪##‬رت‬
‫الحركة الوهابية بظه‪##‬ور محمد بن عب‪##‬دالوهاب التميمي في الق‪##‬رن‬
‫الثاني عشر الهجري‪ ،‬والذي بذر بذور المدرسة الش‪##‬يطانية برعاية‬
‫بريطانية اس‪###‬تعمارية‪ ،‬ثم لما ت‪###‬دفَّق النفط في عهد عب‪###‬دالعزيز آل‬
‫س‪##‬عود بداية الق‪##‬رن الس‪##‬ابق‪ ،‬جنّ‪##‬دت بريطانيا كث‪##‬يرا من إمكاناتها‬
‫المادية لدعم الوهابية‪ ،‬ثم لما اس‪##‬تلم األمريكي‪##‬ون مس‪##‬ؤولية الرعاية‬
‫والحماية لهذه السلطة الوهابية عملوا سويا في التخريب واإلفس‪##‬اد‪،‬‬
‫ُ‬
‫الشيطان األكبر اللعين‪ ،‬وهذه الس‪##‬عودية قرنه الغ‪##‬وي‬ ‫فهذه أمريكان‬
‫المبين؛ األمر ال‪##‬ذي أنتج تلك الحرك‪##‬ات‪ #‬التدميرية ال‪##‬تي تنتشر على‬
‫ط‪###‬ول الع‪###‬الم اإلس‪###‬المي و َعرْ ض‪###‬ه‪ ،‬وال‪###‬تي من أهم خصائص‪###‬ها‬
‫التصالح مع الصهيونية العالمية واالنسجام مع الطغيان األم‪##‬ريكي‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫‪23‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫لكنها تتسم بالعدائية الم ْف ِرطة‪ #‬ضد كل ما هو إسالمي‪ ،‬فظه‪##‬رت في‬


‫‪#‬كال متوحِّ شة وهمجية في أفغانس‪##‬تان وباكس‪##‬تان واليمن والش‪##‬ام‬
‫أش‪ٍ #‬‬
‫ومصر والصومال والعراق وليبيا‪ ،‬ونيجيريا‪ ،‬والجزائر‪.‬‬
‫إن نجدًا التي َّ‬
‫حذر منها الرسول الك‪##‬ريم‬ ‫أيها اإلخوة المصلون ‪َّ ..‬‬
‫شيطاني‪ ،‬وقرْ ُن الشيطان‬
‫ٌّ‬ ‫هي عالمة مكانية واتجاهٌ‪ #‬عقائديٌّ وسلو ٌ‬
‫ك‬
‫يشم ُل ك‪َّ #‬ل من ي‪##‬ؤمن بأفك‪##‬ار ه‪##‬ذه المدرسة ال‪##‬تي تم‪ِ #‬‬
‫‪#‬ارس التض‪##‬ليل‬
‫واإلغواء والقتل والوحشية وال َّز ْلزَلة والفَ ْتن لآلخَ رين‪.‬‬
‫قد يتمثَّل قرن الشيطان في شخصيات أو جمعي‪##‬ات أو مؤسس‪##‬ات‬
‫أو‪ ‬جماع‪####‬ات أو أح‪####‬زاب أو دول‪ ،‬جميعهم لهم ارتب‪####‬اط روحي‬
‫وفك‪##‬ري ووج‪##‬داني به‪##‬ذه المدرسة الش‪##‬يطانية‪ ،‬ح‪##‬تى وإن ظه‪##‬روا‬
‫كيمنيين أو سوريين أو مصريين أو مغارب‪#‬ة‪ ،‬ف‪#‬ربَّ يم‪##‬ني الجنس‪#‬ية‬
‫لكنه معدود في هذه المدرسة الشيطانية النجدي‪##‬ة‪ ،‬ألنه ينتمي روحيا‬
‫وفكريا ووج‪##‬دانيا وس‪##‬لوكيا إليه‪##‬ا‪ ،‬وربَّ نج‪##‬ديٍّ ال ي‪##‬ؤ ِمن بأفكارها‬
‫فيصير من أهل اإليمان‪.‬‬
‫وقد كشف ه‪##‬ذا الع‪ُ #‬‬
‫‪#‬دوان كال على حقيقت‪##‬ه‪ ،‬ف‪##‬التحق أتب‪##‬اع ق‪##‬رن‬
‫اليمن اإليم‪##‬اني‬
‫ِ‬ ‫الشيطان في اليمن بأرب‪##‬ابهم في نج‪##‬د‪ ، ،‬وثبت أه ‪ُ #‬ل‬
‫على يمانيتهم اإليمانية في اليمن‪.‬‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬ ‫‪24‬‬
‫‪24‬‬
‫علينا أيها اإلخوة المؤمنون ‪ ..‬أن نح‪##‬ذر ك ‪َّ #‬ل من ينتمي إلى ه‪##‬ذه‬
‫المدرسة الش‪###‬يطانية ح‪###‬تى وإن ظه‪###‬روا بش‪###‬كل المص‪###‬لحين‪ ،‬أو‬
‫ق لهم‪ ،‬وال وث‪####‬وق بهم‪ ،‬ويجب أن ال‬ ‫المحس‪####‬نين‪ ،‬فهم ممن ال خال َ‬
‫يغت َّر أح ‪ٌ #‬د بما يقدِّمونه مما ظ‪##‬اهرُه اإلحس‪##‬ان‪ ،‬فهو ليس س‪##‬وى طُع ِْم‬
‫‪#‬اص فرائس‪##‬ه‪ ،‬ح‪##‬تى إذا أس‪##‬فر الص‪##‬بح ل‪##‬ذي عي‪##‬نين‬
‫الش‪##‬يطان القتن‪ِ #‬‬
‫س‬
‫‪#‬كل ق‪##‬ا ٍ‬
‫بعض ‪#‬هم بش‪ٍ #‬‬
‫َ‬ ‫ك ّشروا عن أني‪##‬ابهم البش‪##‬عة‪ ،‬بل إنهم ليقتل‪##‬ون‬
‫وغليظ وبدون شفقة وال رحمة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫إنه حيثما حلت الوهابية حل الش‪##‬يطان‪ ،‬وطلعت قرون‪##‬ه‪ ،‬وب‪##‬زغ‬
‫طاعونه‪ ،‬وأقبل الخ‪##‬راب وال‪#‬دمار‪ ،‬وس‪##‬الت أنه‪##‬ار ال‪##‬دماء البريئ‪##‬ة‪،‬‬
‫ت األعراض‪ ‬المصونة‪.‬‬ ‫وانتُ ِه َك ْ‬
‫أيها اليمــــنيون إنه لش‪####‬رف عظيم أن يقف أح‪####‬دنا في مواجهة‬
‫كسر قرْ نِه اللعين‪ ،‬وفضح ضالله‬
‫ِ‬ ‫يشاركَ في فضيلة‬
‫ِ‬ ‫الشيطان‪ ،‬وأن‬
‫الم‪##‬بين‪ ،‬وكشف أتباعه المج‪##‬رمين‪ ،‬وس‪##‬الم هللا على كل مجاه‪##‬د‪،‬‬
‫وعلى كل ش‪###‬هيد‪ ،‬وعلى كل ج‪###‬ريح‪ ،‬وعلى كل أس‪###‬رة‪ ،‬وعلى كل‬
‫مدينة‪ ،‬وقبيلة ساهموا في هذا الفضل‪ ،‬وشاركوا في هذه المحْ َمد ِة‪.‬‬
‫هذا وصلوا وسلموا على من أم‪##‬ركم هللا بالص‪##‬الة والس‪##‬الم عليه‬
‫ص ـلُّونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا‬
‫فق‪##‬ال عز من قائل عليما‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَ ـهُ يُ َ‬
‫سلِي ًما﴾‪.‬‬ ‫سلِّ ُموا تَ ْ‬ ‫أَ ُّي َها الَّ ِذينَ آَ َمنُوا َ‬
‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫‪23‬‬
‫‪23‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‬

‫َ‪##‬وا ِم َي بَ َر َكاتِ‪##‬كَ َعلَى ُم َح َّم ٍد‬ ‫ص‪##‬لَ َواتِكَ ‪َ ،‬ون َ‬ ‫اللهم اجْ َع‪##‬لْ َش‪َ ##‬رائِفَ َ‬
‫ق‬‫ح لِ َما ا ْن َغلَقَ‪َ ،‬و ْال ُم ْعلِ ِن ْال َح‪َّ #‬‬
‫َع ْب ِدكَ َو َرسُولِكَ ‪ْ ،‬الخَاتِ ِم لِ َما َسبَقَ‪َ ،‬و ْالفَاتِ ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫ض‪#‬الِ ِ‬‫ت اأْل َ َ‬‫ص‪#‬وْ اَل ِ‬ ‫ي‪#‬ل‪َ ،‬وال‪َّ #‬دا ِم ِغ َ‬ ‫ت اأْل َبَ ِ‬
‫اط ِ‬ ‫ِب ْ‬
‫‪#‬ال َحقِّ‪َ ،‬وال‪َّ #‬دافِ ِع َجي َْش‪#‬ا ِ‬
‫وصل اللهم على بقية الخمسة أهل الكس‪######‬اء‪ ،‬علي المرتض‪######‬ى‪،‬‬
‫وفاطمة الزهراء‪ ،‬والحسن المجتبى‪ ،‬والحسين س‪##‬يد الش‪##‬هداء‪ ،‬اللهم‬
‫وعلى جميع أهل بيت نبيك األك‪##‬رمين‪ ،‬وارض اللهم عن ص‪##‬حابته‬
‫األخيار المنتج‪##‬بين‪ ،‬ومن يس‪##‬تحق الرض‪##‬وان من المخل‪##‬وقين‪ ،‬وعنا‬
‫معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين‪..‬‬
‫ربنا أف‪###‬رغ علينا ص‪###‬براً وثبت أق‪###‬دامنا وانص‪###‬رنا على الق‪###‬وم‬
‫الكافرين‪..‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا ال ت‪##‬زغ قلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫أنت‪ ‬الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫عباد هللا ‪ِ ﴿ ..‬إنَّ هّللا َ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫اإل ْح َ‬
‫َن ا ْلفَ ْحشَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪32‬‬
‫‪32‬‬

‫‪ -2‬قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ظلُ َمـــا ِ‬
‫ت‬ ‫ت َواألَ ْر َ‬
‫ض َو َج َعــ َل ال ُّ‬ ‫اوا ِ‬ ‫الســـ َم َ‬
‫ق َّ‬ ‫﴿ا ْل َح ْمــ ُد هّلِل ِ الَّ ِذي َخلَـــ َ‬
‫ق ا ْل َم ْ‬
‫ـــوتَ‬ ‫ور ثُ َّم الَّ ِذينَ َكفَـــ ُرو ْا بِ َ‬
‫ـــربِّ ِهم يَ ْعـــ ِدلُونَ ﴾‪﴿ ،‬الَّ ِذي َخلَـــ َ‬ ‫َوالنُّ َ‬
‫ـو ا ْل َع ِزي ـ ُز ا ْل َغفُــو ُر﴾‪ ،‬أحمده‬ ‫ـو ُك ْم أَيُّ ُك ْم أَ ْح َ‬
‫س ـنُ َع َمالً َو ُهـ َ‬ ‫َوا ْل َحيَــاةَ لِيَ ْبلُـ َ‬
‫استسالما لعزته‪ ،‬واستعص‪##‬اما من معص‪##‬يته‪ ،‬وافتق‪##‬ارا إلى كفايت‪##‬ه‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن س‪##‬يدنا محم‪##‬دا‬
‫عب ُدهللا ورسولُه‪ ،‬ت‪##‬رك أمتَه على المحجة‪ #‬البيض‪##‬اء‪ ،‬ليلُها كنهاره‪##‬ا‪،‬‬
‫‪#‬رم ل‪##‬ديك‬
‫ال يزيغ عنها إال هالك‪ ،‬اللهم فأجزه‪ #‬عنا خير الجزاء‪ ،‬وأك‪ِ #‬‬
‫نُ ُزل‪##‬ه‪ ،‬وأعل منزلت‪##‬ه‪ ،‬وصل وس‪##‬لم عليه وعلى آله حلف‪##‬اء الق‪##‬رآن‪،‬‬
‫وسادة الض‪##‬رب والطع‪##‬ان‪ ،‬وارض عن أص‪##‬حابه الراش‪##‬دين أع‪##‬داء‬
‫الهوى والشيطان‪..‬‬
‫‪31‬‬
‫‪31‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫ثم أما بعد عبــاد هللا ‪ ..‬إنه لمن المهم ج‪##‬دا التع‪##‬رُّ ُ‬
‫ف على أع‪##‬دائنا‬
‫المعتدين علينا بصورة عميقة‪ ،‬لكي نح‪َ #‬ذ َر كي ‪#‬دَهم وإض‪##‬اللَهم‪ ،‬وإذا‬
‫عرفنا عدونا اتخذناه عدوا كما أمر هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ق‪###‬رن الش‪###‬يطان من نج‪###‬د‪ ،‬لم تتوقَّف مس‪###‬يرة‬
‫ُ‬ ‫أال وإنه منذ طلَع‬
‫الفساد واإلفساد في هذا الدين‪ ،‬ومنذ أن ت‪##‬ولَّت بريطانيا ِك ْب‪َ #‬‬
‫‪#‬ر إنش‪##‬اء‬
‫يقتصر الدو ُر على الفس‪##‬اد‬
‫ِ‬ ‫هذا الكيان الشيطاني ثم تلقَّفتها أمريكا لم‬
‫بالقتل والتشريد ونهب ثروات المسلمين وتم‪##‬اهيهم مع أع‪##‬داء األمة‬
‫اإلس‪##‬المية من اليه‪##‬ود واألمريك‪##‬ان‪ ،‬بل ك‪##‬ان الخط‪ُ ##‬ر األك‪##‬بر هو‬
‫اإلفس‪####‬اد في عقائد المس‪####‬لمين ونشر العقائد الباطلة ال‪####‬تي هي أ ُّم‬
‫المصائب وأعظم األسباب لما سواها من أنواع الفس‪##‬اد‪ ،‬وهي وراء‬
‫وانحراف‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫طغيان‬
‫ٍ‬ ‫ما تعانيه األمة اليوم من‬
‫بتلقين أولي‪##‬ائهم من دول االس‪##‬تعمار واالس‪##‬تكبار‬
‫ِ‬ ‫أحيا الوهابيون‬
‫من العقائد الفاسدة والتص‪##‬رفات والس‪##‬لوكات المخطئة ما ي‪##‬دل داللة‬
‫غرضهم من ذلك إنما هو تشويهُ اإلسالم والمسلمين‪،‬‬
‫َ‬ ‫أكيدة على أن‬
‫والتنفير عن دين القرآن‪ ،‬وإس‪##‬الم الن‪##‬بي محمد ص‪##‬لى هللا عليه وآله‬
‫وس‪##‬لم‪ ،‬وبث الفتنة بين المس‪##‬لمين‪ ،‬وص‪##‬رف عقالء ه‪##‬ذا الع‪##‬الم عن‬
‫االتجاه إلى اإلسالم‪.‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪32‬‬
‫‪32‬‬
‫فمن ذلك أيها اإلخ‪##‬وة ‪ ..‬أن األمة اإلس‪#‬المية أجمعت على أن هللا‬
‫س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى ال يج‪##‬و ُز أن ي َُش‪##‬بَّه بالمخلوق‪##‬ات‪ ،‬وال يج‪##‬وز أن‬
‫يوصف بصفاتها؛ ألن المس‪##‬لمين يعتق‪##‬دون أن ه‪##‬ذا الع‪##‬ال َم مخل‪##‬و ٌ‬
‫ق؛‬ ‫َ‬
‫باعتب‪##‬اره أجس‪##‬اما (م‪##‬ادة) وأعراضا (طاقة)‪ ،‬وقد دلَّت األدلة على‬
‫أنها مخلوقة ولها بداي‪##‬ة‪ ،‬ونهاي‪##‬ة‪ ،‬وأن هللا ال يش ‪#‬بِهُها؛ إذ لو أش‪##‬بهها‬
‫لكان مثلها مخلوقا وله بداية‪ ،‬ج َّل هللا عن ذلك‪ ،‬ف‪#‬آ َمنَ المس‪#‬لمون أنه‬
‫تع‪###‬الى ليس من جنس المخلوق‪###‬ات‪ ،‬وال من جنس المادي‪###‬ات‪ ،‬وال‬
‫يوصف بص‪####‬فاتها فال يوصف باألعض‪####‬اء‪ ،‬وال األبع‪####‬اض‪ ،‬وال‬
‫بالص‪####‬عود‪ ،‬وال الهب‪####‬وط‪ ،‬وال الحل‪####‬ول في األم‪####‬اكن وال الرؤية‬
‫باألبص‪####‬ار‪ ،‬ألنه (ليس كمثله ش‪####‬يء)‪ ،‬وهو أعظم وأعلى من كل‬
‫شيء‪.‬‬
‫نف‪###‬وس َم ْن عرف‪###‬وه‪ ،‬عظَّم‪###‬وا ك‪َّ ###‬ل أوام‪###‬ره‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ولما عظُم هللا في‬
‫وخشعت جوارحهم لتعاليمه‪ ،‬وانطلقوا ال يلوون على ش‪##‬يء منفِّذين‬
‫إلرشاداته‪ ،‬وتلك هي معرفة هللا تفعل فِ ْعلَها في أوليائه العارفين به‪،‬‬
‫والممتلئة قلوبهم بخشيته وعظمته‪.‬‬
‫لكن أتباع مملكة قرن الشيطان في كتبهم ومساجدهم وجامع‪#‬اتهم‬
‫‪#‬أقفر ْ‬
‫ت‬ ‫يشبِّهون هللا بالمخلوقات‪ ،‬ويُثبِتون له ص‪##‬فات المخلوق‪##‬ات‪ ،‬ف‪َ #‬‬
‫‪31‬‬
‫‪31‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫قلوبُهم من معرفة هللا‪ ،‬فامتألت وحش‪##‬ية وع‪##‬دوانا وحق‪##‬دا‪ ،‬وفي ذلك‬


‫وتنفير العقالء عنه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ما فيه من تشويه لعقيدة اإلسالم‬
‫أيها المصــلون ‪ ..‬لقد ش‪##‬جَّع أع‪##‬دا ُء األمة ه‪##‬ؤالء الوهابية على‬
‫نشر عقي‪##‬دتهم في أوس‪##‬اط المجتمع‪##‬ات األخ‪##‬رى‪ ،‬وا َّدع‪##‬وا أنها تمثِّل‬
‫ِ‬
‫اإلس‪##‬الم؛ ش‪##‬جَّعوهم ألنهم يعرف‪##‬ون أنها عقي‪##‬دة تنفِّر عن اإلس‪##‬الم‪،‬‬
‫وتشوهه‪ ،‬وال عقل يقبلها‪ ،‬وال فكر يستسيغها‪ ،‬وهذا ما أرادوه‪.‬‬
‫إن آية ف‪##‬راغ قل‪##‬وبهم من اإليم‪##‬ان الحقيقي باهلل الواحد األحد ال‪##‬ذي‬
‫ليس كمثله شيء هو هذا العدوان الغاشم‪ ،‬وهذه القسوة العارمة؛ ألنهم‬
‫لو ّ‬
‫عظموا هللا حق تعظيمه‪ ،‬ولو عرفوه حق معرفت‪#‬ه‪ ،‬لع ُّفوا عن دم‪#‬اء‬
‫المؤمنين المع ِّ‬
‫ظمين هلل‪ ،‬ولت‪##‬دارك ْتهُم عناية هللا من الول‪##‬وغ المف‪ِ #‬‬
‫‪#‬رط في‬
‫هذا المستنقع اآلثم‪.‬‬
‫إض‪##‬افة إلى ذلك ف‪##‬إن من عقائ‪##‬دهم الباطلة ما يش‪##‬جِّع المج‪##‬رمين‬
‫المج‪#‬ازر‬
‫َ‬ ‫والظالمين على المزيد من إجرامهم‪ ،‬ولهذا يرتكبون ه‪#‬ذه‬
‫الوحشية في اليمن وغيرها‪ ،‬وهم يعتقدون أن هللا سيتجاو ُز عنهم ما‬
‫دام‪###‬وا يلفِظ‪###‬ون بالش‪###‬هادتين‪ ،‬ولو ارتكب‪###‬وا أس‪###‬وأ الج‪###‬رائم‪ ،‬كما‬
‫يزعمون‪ ،‬مستدلِّين بأح‪َ #‬‬
‫‪#‬اديث مكذوبة ت‪َّ #‬دعي أن الرس‪##‬ول ص‪##‬لى هللا‬
‫عليه وآله وس‪###‬لم سيش‪###‬فع ألهل الكب‪###‬ائر‪ ،‬ويعتق‪###‬دون أن أص‪###‬حاب‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪32‬‬
‫‪32‬‬
‫المعاصي الكب‪##‬يرة إذا دخل‪##‬وا الن‪##‬ار ف‪##‬إنهم س‪##‬يخرُجون منها به‪##‬ذه‬
‫الش‪##‬فاعة المزعوم‪##‬ة‪ ،‬فالقتلة ألبن‪##‬اء الش‪##‬عب اليم‪##‬ني والمجرم‪##‬ون‬
‫والزناة والمسرفون لن يدخلوا النار‪ ،‬وإذا دخلوها فإنهم س‪##‬رعان ما‬
‫يخرج‪##‬ون منه‪##‬ا‪ ،‬وهم ب‪##‬ذلك إنما ي‪ْ ##‬د ُعون إلى ارتك‪##‬ا ِ‬
‫ب المزيد من‬
‫شأن ما يرتكبونه‪.‬‬
‫الضحايا‪ ،‬وإلى التهوين من ِ‬
‫وفي هــذا أيها اإلخــوة ‪ ..‬من التنف‪#‬ير عن اإلس‪#‬الم ما في‪#‬ه‪ ،‬وفيه ما‬
‫يمأل قلوب مش ِّغليهم من دول االس‪#‬تكبار بهجة وس‪#‬رورا‪ ،‬لكنه يخ‪#‬الف‬
‫‪#‬زاء ما فعل‪##‬ه‪،‬‬
‫‪#‬رم بج‪ِ #‬‬ ‫النص‪##‬وص القرآنية الكث‪##‬يرة ال‪##‬تي تتو ّعد ك‪##‬لَّ مج‪ٍ #‬‬
‫سوءاً يُ ْجـ زَ ِبـ ِه َو َال َي ِجـ ْد َلـهُ ِمن د ِ‬
‫ُون‬ ‫صغيرا كان أم كبيرا‪َ ﴿ ،‬من َي ْع َم ْل ُ‬
‫هّللا ِ َو ِل ّياً َو َال َن ِ‬
‫صيراً﴾‪.‬‬
‫كما أنهم ي ُِش ْيعُون أفكارا مغلوطة عن اإلس‪##‬الم وعن نبيه الك‪##‬ريم‬
‫‪#‬وم مس‪##‬يئة‬
‫صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم؛ وما نش‪##‬ره الغربي‪##‬ون من رس‪ٍ #‬‬
‫للرس‪###‬ول ص‪###‬لى هللا عليه وآله وس‪###‬لم فيتح َّم ُل دع‪###‬اةُ مملكة ق‪###‬رن‬
‫الوهابي ع ْب‪َ #‬‬
‫‪#‬ر‬ ‫ُّ‬ ‫عرض اإلعال ُم‬ ‫الشيطان جزءا من مسؤوليتها‪ ،‬حيث َ‬
‫‪#‬و المنفِّر‪ ،‬ال س‪##‬يما‬
‫كتبهم ومنشوراتهم اإلس‪##‬ال َم بش‪##‬يء من ذلك النح‪ِ #‬‬
‫وهم يظهرون في ما عدا هذه القش‪##‬ور بعي‪##‬دين ك‪َّ #‬ل البعد عن تع‪##‬اليم‬
‫تغيبُ عنهم قي ُم التع‪####‬اون على ال‪####‬بر والتس‪####‬امح‬
‫اإلس‪####‬الم‪ ،‬حيث ِ‬
‫‪31‬‬
‫‪31‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫وتحض‪####‬ر فيهم أخال ُ‬


‫ق المس‪####‬رفين وأهل الش‪####‬هوات‬ ‫ُ‬ ‫واإلنف‪####‬اق‪،‬‬
‫والفج‪###‬ور‪ ،‬وقد عجّت عواص‪ُ ###‬م الفج‪###‬ور في الغ‪###‬رب من ب‪َ ###‬ذ ِخهم‬
‫وإسرافهم ولياليهم الحمراء الساخنة مع الماجنات والراقصات‪.‬‬
‫إنه قد يحا ِف‪ُ ##‬‬
‫ظ أح‪ُ ##‬دهم على نافلة ال‪##‬تراويح في رمض‪##‬ان‪ ،‬ولكن قد‬
‫مروعة بحق عشرات األسر اليمنية‪ ،‬ويص‪ِّ ##‬فق‬
‫يذهب ليرتكب مجزرة ِّ‬
‫أس‪#‬فل من‬
‫َ‬ ‫ب إلى‬
‫لها كثيرٌ من دعاتهم الذين قد يتحرَّجون من إطالة ث‪#‬و ٍ‬
‫منتصف الساق‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪#‬ف طفل‬ ‫فواعجبًا يتحرَّجون من إطالة ث‪##‬وب‪ ،‬ويس‪َ #‬ع ُدون لقت‪ِ #‬‬
‫‪#‬ل أل‪ِ #‬‬
‫وامرأة‪ ،‬إنهم بهذا ق ّدموا صورة ِّ‬
‫مشوهة لإلس‪##‬الم في الغ‪##‬رب ول‪##‬دى‬
‫األجيال الناشئة ؟! وحققوا ما أرادته دو ُل االستكبار من التنفير عن‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون ‪ ..‬إن أخطر ما فعله علماء قرن الشيطان‬
‫‪#‬ار يس‪##‬عون إلى إيج‪##‬اد الفتنة المذهبية والطائفية بكل‬
‫ليل نه‪َ #‬‬
‫هو أنهم َ‬
‫مال وإعالم‪ ،‬ويشجِّ عون حكومتهم على الس‪##‬الم مع‬
‫ما أوتوا من قو ِة ٍ‬
‫إسرائيل والعدوان على المسلمين‪ ،‬وآخ ‪#‬رُهم ع‪##‬ايض الق‪##‬رني ال‪##‬ذي‬
‫تغنّى ش‪###‬عرا بج‪###‬رائم عاص‪###‬فة الح‪###‬زم في اليمن‪ ،‬وادعى فيها أن‬
‫اليمن‪##‬يين مج‪##‬وس‪ ،‬يعب‪##‬دون الن‪##‬ار من دون هللا‪ ،‬قاتله هللا ما أخ‪##‬زاه‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪32‬‬
‫‪32‬‬
‫وأكذب‪##‬ه‪ ،‬لكنه حين اقتحم الص‪##‬هاينة المس‪##‬ج َد األقصى كتب مغ‪##‬رِّ دا‪:‬‬
‫إنه ليس له إال الدعاء بالنصر ألهل فلسطين‪.‬‬
‫إنهم يا عب‪##‬اد هللا ما دخل‪##‬وا قرية إال أفس‪##‬دوها‪ ،‬وبعث‪##‬وا الفتنة بين‬
‫طوائف اإلسالم فيه‪##‬ا‪ ،‬وه‪##‬ذا ما جعل كث‪##‬يرا من ش‪##‬باب مملكة ق‪##‬رن‬
‫يعزفون عن الحضور إلى المس‪##‬اجد‪ ،‬ويش ‪ُّ #‬كون في تع‪##‬اليم‬
‫الشيطان ِ‬
‫اإلسالم وينفرون من بعضها‪.‬‬
‫‪#‬روط ص‪##‬عبة قد ال تتحقق‬
‫ومع أن اإلسالم قد أحاط‪ #‬العقوبات بش‪ٍ #‬‬
‫وقط‪####‬ع‬
‫ٍ‬ ‫إال ن‪####‬ادرا‪ ،‬إال أن ما تفعله داعش والس‪####‬عودية من جل‪ٍ ####‬د‬
‫لل‪#‬رؤوس بالس‪##‬يوف أم‪#‬ام الع‪#‬الم وألتف‪ِ #‬ه األس‪#‬باب‪ ،‬وك‪#‬ذلك ما تفعله‬
‫كجوار يُستَباح نكاحُها‪ ،‬وما تمارسه‬
‫ٍ‬ ‫وبيعهن‬
‫ْر النساء ِ‬
‫داعش من أس ِ‬
‫وبأنواع مختلِفة مق‪ِّ #‬‬
‫‪#‬ززة‪ ،‬وما ترتكبه الس‪##‬عودية‬ ‫ٍ‬ ‫بشعة‪،‬‬
‫ت ِ‬‫من إعداما ٍ‬
‫برعاي‪ٍ ##‬ة أمريكية في ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان من ج‪##‬رائ َم ق‪َّ ##‬ل نظيرُها وع‪ِ ##‬د َم‬
‫مثيلُها‪ ،‬كل ذلك إنما أو ُل أهدافِه هو تش‪##‬ويهُ اإلس‪##‬الم والتنف‪##‬ير من‪##‬ه‪،‬‬
‫وعلى الجملة فهم كما وص‪###‬فهم الن‪###‬بي ص‪###‬لى هللا عليه وآله وس‪###‬لم‬
‫(قرن الشيطان)‪ ،‬وهم الداء العضال في هذه األمة والس‪##‬بب العميق‬
‫ق وتخلف‪.‬‬ ‫لما تعانيه من ُّ‬
‫تمز ٍ‬
‫‪31‬‬
‫‪31‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫أو َل جريم‪ٍ #‬ة ارتكبها‬


‫أيها اإلخــوة المؤمنــون ‪ ..‬ليس ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان َّ‬
‫‪#‬ر َفهم اليم‪##‬نيون‬
‫هؤالء بحق شعبنا المؤمن ‪ ..‬بل شاء السعوديون أن يع‪ِ #‬‬
‫مروعة‬
‫‪#‬وم ب‪##‬أنهم مجرم‪##‬ون وقتل‪##‬ة‪ ،‬وذلك من خالل جريمة ِّ‬
‫من أول ي‪ٍ #‬‬
‫ذهب ضحيتَها ثالثة آالف من الحُجاج اليمنيين في مجزرة تنومة ع‪##‬ام‬
‫‪1922‬م‪ ،‬في منطقة عسير بين بالد بن َلسْمر وبن َلحْ مر‪ ،‬حينما ك‪##‬انوا‬
‫ترص ‪َ #‬د ْتهم مجموع‪ٌ #‬‬
‫‪#‬ات تكفيرية من‬ ‫ّ‬ ‫يجت‪##‬ازون وادي تنومة وك‪##‬انت قد‬
‫رؤوس الجب‪##‬ال المطلة‬
‫ِ‬ ‫جيش ابن سعود بقي‪##‬ادة ابن بج‪##‬اد التميمي‪ ،‬في‬
‫على الوادي‪ ،‬فانقضُّوا عليهم بوحشية منقطعة النظير‪ ،‬وهم ْ‬
‫ع‪##‬زلٌ من‬
‫السالح‪ ،‬فتقرب‪#‬وا إلى هللا ب‪#‬زعمهم بقتل ه‪#‬ؤالء الحج‪#‬اج؛ ألنهم بحسب‬
‫عقيدتهم كفار مباحو الدماء واألعراض‪.‬‬
‫البعض اآلخر‬
‫َ‬ ‫بعض‪#‬هم‬
‫ُ‬ ‫وبلغ بأولئك الحال أيها اإلخ‪##‬وة ‪ ..‬أن هنَّأ‬
‫بقص‪##‬ر في‬
‫ٍ‬ ‫بكثرة َم ْن قتل من الحجاج‪ ،‬فمن قتل حا ًّجا‪ #‬واحدا ب َّشروه‬
‫الجنة‪ ،‬ومن قتل اثنين بشروه بقصرين‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وبعد ذلك سطوا على دوابِّهم وقافلتهم التي كانت تحمل الحب‪##‬وب‬
‫والدقيق والسمن واحتياج‪##‬اتهم التموينية ال‪##‬تي ك‪##‬انت أيضا س‪##‬ببا في‬
‫ب أولئك التكف‪##‬يريين الغ‪##‬ادرين‪ .‬وك‪##‬انت ه‪##‬ذه المج‪##‬زرة‬
‫س‪##‬يالن لع‪##‬ا ِ‬
‫كافية لنا في أن نُ ِعد الع‪##‬دة له‪##‬ذا الع‪##‬دو الب‪##‬اغي الم‪##‬تربِّص‪ ،‬ل‪##‬وال أن‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪32‬‬
‫‪32‬‬
‫عمالءه حاولوا تجهيل ه‪#‬ذا الش‪##‬عب بع‪##‬دوه‪ ،‬وتكتم‪#‬وا على األجي‪##‬ال‬
‫بما صنعوه بآبائهم‪.‬‬
‫مجازرهم ومآسيهم في الح‪##‬رمين‬
‫ِ‬ ‫لقد عجّت الجزيرة‪ #‬العربية من‬
‫الشريفين والطائف وعسير والعراق والشام‪ ،‬وبلغ األم ُر ذروتَه في‬
‫هذا العدوان على بلدنا وشعبنا‪ ،‬وال يزال حبل مملكة قرن الشيطان‬
‫ب مزي‪ٍ #‬د من األش‪##‬الء وال‪#‬دماء في‬
‫على ج‪#‬رّار‪ #‬المج‪##‬ازر‪ ،‬في احتق‪##‬ا ِ‬
‫اليمن‪ ،‬وبلغت مئ‪##‬ات المج‪##‬ازر‪ #‬ولم تخل منها محافظ‪##‬ة‪ ،‬ومن ال‪##‬بيِّن‬
‫أنهم ينفِّذون ج‪##‬رائمهم البش‪##‬عة من الجو والبح‪##‬ر‪ ،‬بينما قد أوكل‪##‬وا‬
‫لتالم‪###‬ذتهم ال‪###‬دواعش أن ينفِّذوا ج‪###‬رائمهم من ال‪###‬بر‪ ،‬بالس‪###‬يارات‬
‫المفخخة‪ #،‬والعبوات الناس‪##‬فة‪ ،‬واالغتي‪##‬االت للشخص‪##‬يات والك‪##‬وادر‬
‫المؤثرة‪.‬‬
‫س َرائِي َل أَنَّهُ َمن قَتَــ َل‬ ‫يقول تعالى‪ِ ﴿ :‬منْ أَ ْج ِل َذلِكَ َكتَ ْبنَا َعلَى بَنِي إِ ْ‬
‫اس َج ِميعا ً َو َمنْ‬ ‫ض فَ َكأَنَّ َما قَتَ َل النَّ َ‬
‫سا ٍد فِي األَ ْر ِ‬ ‫س أَ ْو فَ َ‬
‫نَ ْفسا ً بِ َغ ْي ِر نَ ْف ٍ‬
‫ت ثُ َّم‬ ‫س ـلُنَا بِالبَيِّنَــا ِ‬ ‫أَ ْحيَاهَا فَ َكأَنَّ َما أَ ْحيَا النَّ َ‬
‫اس َج ِميعا ً َولَقَ ْد َجـ اء ْت ُه ْم ُر ُ‬
‫س ِرفُونَ ﴾‪.‬‬ ‫إِنَّ َكثِيراً ِّم ْن ُهم بَ ْع َد َذلِكَ فِي األَ ْر ِ‬
‫ض لَ ُم ْ‬
‫ُ‬
‫قلت ما سمعتم‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪39‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫الحمدهلل أحم‪###‬ده وأس‪###‬تعينه‪ ،‬وأس‪###‬تهديه اله‪###‬دى‪ ،‬وأع‪###‬وذ به من‬


‫الض‪##‬اللة وال‪##‬ردى‪ ،‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪،‬‬
‫وأش‪#‬هد أن محم‪#‬دا عب‪#‬ده ورس‪#‬وله‪ ،‬ص‪#‬لى هللا وس‪#‬لم عليه وعلى آله‬
‫الطيبين الطاهرين‪.‬‬
‫ُ‬
‫يت‪###‬بين أن ق‪###‬رن‬ ‫ثم أما بع‪###‬د‪ ..‬أيها اإلخ‪###‬وة المؤمن‪###‬ون ‪ ..‬هك‪###‬ذا‬
‫دائم‬ ‫الشيطان إنما هم مش‪##‬رو ُ‬
‫ع ش‪##‬رٍّ ‪ ،‬وج‪##‬ا ُر س‪##‬و ٍء‪ ،‬ومص‪##‬د ُر تهدي‪ٍ #‬د ٍ‬
‫‪#‬ؤمن‬
‫ليمن اإليمان والحكم‪##‬ة؛ األمر ال‪##‬ذي ي‪##‬وجب على كل يم‪##‬ني م‪ٍ #‬‬
‫حُرٍّ غي‪##‬ور أن يهُبَّ مس‪ِ #‬‬
‫‪#‬ارعا‪ #‬إلى مقاومة ه‪##‬ذا الشر وإطف‪##‬اء جذوته‬
‫الخبيث‪##‬ة‪ ،‬باعتب‪##‬ار ذلك واجبا ش‪##‬رعيا ودينيا ووطنيا وض‪##‬روريا ال‬
‫بديل عنه إال مشاريع الموت الداعشية الغادرة‪.‬‬
‫وإذا نظ‪##‬رتم إلى القن‪##‬وات والمواقع والص‪##‬حف والمجالت فإنها‬
‫‪#‬ار إس‪##‬رافِهم وتب‪##‬ذيرهم ب‪##‬أموال المس‪##‬لمين وص‪##‬رفِها على‬
‫تعجُّ بأخب‪ِ #‬‬
‫شهواتهم الحرام‪ ،‬وقد وصف هللا المب ِّذرين بأنهم إخوان الش‪##‬ياطين‪،‬‬
‫فإذا كان ه‪##‬ؤالء المب ‪ِّ #‬ذرون ينتم‪##‬ون إلى مدرسة ق‪##‬رن الش‪##‬يطان فقد‬
‫ازدادوا رجسا إلى رجسهم‪ ،‬وإثما إلى إثمهم‪.‬‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪40‬‬
‫‪40‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون في يمن اإليمــان ‪ ..‬حين نع‪##‬رف كل ه‪##‬ذا‬
‫‪#‬ايش مع ه‪##‬ذا الخطَر المح ‪ِ #‬دق‬
‫فهل ننتظر من بعضنا السكوتَ والتع‪َ #‬‬
‫والشرِّ المتحقِّق؟‬
‫لتعاليم اإلسالم من اآليات واألح‪##‬اديث وهي‬
‫ِ‬ ‫هل يكفي أن نست ِم َع‬
‫تح ِّذرُنا من الشيطان وخ ْيلِه َ‬
‫ورجْ لِه وقرْ نِه وأوليائه وإخوانه ثم نظل‬
‫نبحث عن السكون والتعايش معهم؟ أم يجب أن نتص ّدى لهم؟‬
‫والس‪##‬لوك‬
‫ِ‬ ‫الفك‪##‬ر‬
‫ِ‬ ‫إنه يجب علينا عب‪##‬اد هللا ‪ ..‬أن نتص‪َّ ##‬دى له‪##‬ذا‬
‫‪#‬ر الثقافة القرآنية المض‪##‬ا َّدة للثقافة‬
‫خالل نش‪ِ #‬‬
‫ِ‬ ‫الشيطاني التدميري من‬
‫الشيطانية‪ ،‬وأول ما يجب من ذلك هو التعرف على ق‪##‬رن الش‪##‬يطان‬
‫بشكل منهجي قرآني‪ ،‬باعتباره عدوا مبينا‪ ،‬وخص‪#‬ما متغطرس‪#‬ا‪ ،‬ثم‬
‫‪#‬رامج تنفيذي‪##‬ة‪ ،‬لكي يتم‬
‫َ‬ ‫‪#‬لوك واقعي‪ ،‬وب‪#‬‬
‫‪#‬ول ه‪##‬ذه المعرفة إلى س‪ٍ #‬‬
‫نح‪ِّ #‬‬
‫‪#‬أثر بهم‪ ،‬وقد أس‪##‬فر الص‪##‬بح لكل ذي عي‪##‬نين‪،‬‬
‫اجتن‪##‬ابُهم وتف‪##‬ادي الت‪ِ #‬‬
‫وتبين لكل يمني مسلم عدوانية وشيطانية هؤالء وأذنابِهم‪ ،‬حيث أن‬
‫الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم س‪##‬لَّط األض‪##‬واء على أعم‪##‬ال الش‪##‬يطان وإغراءاته‬
‫ٌ‬
‫لطف بنا لكي ال‬ ‫وخطواته‪ ،‬كما فضح أولياءه وإخوانه‪ ،‬وما ذلك إال‬
‫يصعب اتخا ُذ ما ينبغي إزاءه من القرار‪.#‬‬
‫َ‬ ‫يعس َُر علينا االختبار‪ ،‬وال‬
‫‪39‬‬
‫‪39‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫وهن‪###‬اك من أولي‪###‬اء الش‪###‬يطان َم ْن يعتقِد أنهم على الص‪###‬واب‪،‬‬


‫وهؤالء يجب فضح ضالالتهم‪ ،‬وتبيين ع‪##‬وارهم‪ ،‬يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى‪:‬‬
‫اطينَ أَ ْولِيَــا َء ِمن‬ ‫الضـالَلَةُ إِنَّ ُه ُم اتَّ َخـ ُذوا َّ‬
‫الشـيَ ِ‬ ‫﴿ َوفَ ِريقـا ً َحـ َّ‬
‫ق َعلَ ْي ِه ُم َّ‬
‫سبُونَ أَنَّ ُهم ُّم ْهتَدُونَ ﴾‪.‬‬
‫ُون هّللا ِ َويَ ْح َ‬
‫د ِ‬
‫لقد أمرنا القرآن الكريم أن نتَّ ِخ َذ الشيطانَ ع‪##‬د ًوا‪ ،‬كنتيجة طبيعية‬
‫ش ْيطَانَ لَ ُك ْم َعد ٌُّو فَاتَّ ِخ ُذوهُ َعـ ُد ّواً‬
‫لعداوته المبدئية الظالمة‪ #‬لنا‪ِ ﴿ ،‬إنَّ ال َّ‬
‫س ِعي ِر﴾‪.‬‬
‫ب ال َّ‬ ‫ِإنَّ َما يَ ْدعُو ِح ْزبَهُ لِيَ ُكونُوا ِمنْ أَ ْ‬
‫ص َحا ِ‬
‫أنفس‪#‬نا من الشر وأدواته‬
‫نحص‪#‬ن َ‬
‫ِّ‬ ‫إننا حينما نتخ‪#‬ذهم أع‪#‬دا ًء فإنما‬
‫وخطوات‪###‬ه‪ ،‬إنما نُ ْغلِق على مجتمعنا قن‪###‬وات الت‪###‬أثير الش‪###‬يطانية‬
‫ونكسر منظومتها اإلغوائية عن التأثير في المجتمع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫التضليلية‪،‬‬
‫التص‪###‬دي الجه‪###‬اد َّ‬
‫ي للش‪###‬يطان وحزبِه في س‪###‬احات‬ ‫َ‬ ‫وال شك أن‬
‫ال‪###‬وغى هو أمضى األس‪###‬لحة فتكا وأكثرُها ت‪###‬أثيرا‪ ،‬حيث ت‪##‬بين أن‬
‫ٌ‬
‫ضعيف في ساحات المواجهة‪ ،‬وس‪##‬رعان ما ينه‪##‬ار‬ ‫كيدهم ومكرهم‬
‫ك الجهادي للمجاه‪##‬دين المؤم‪##‬نين‪ ،‬يق‪##‬ول تع‪##‬الى‪﴿ :‬الَّ ِذينَ‬ ‫أمام التحرُّ ِ‬
‫يل‬
‫ســبِ ِ‬ ‫يل هّللا ِ َوالَّ ِذينَ َكفَــ ُرو ْا يُقَــاتِلُونَ فِي َ‬ ‫آ َمنُــو ْا يُقَــاتِلُونَ فِي َ‬
‫ســبِ ِ‬
‫ش ْيطَا ِن َكانَ َ‬
‫ض ِعيفا ً﴾‪.‬‬ ‫ت فَقَاتِلُو ْا أَ ْولِيَا َء ال َّ‬
‫ش ْيطَ ِ‬
‫ان ِإنَّ َك ْي َد ال َّ‬ ‫الطَّا ُغو ِ‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪40‬‬
‫‪40‬‬
‫إذا طبّقنا أيها اإلخــوة اليمــانيون ‪ ..‬تع‪##‬الي َم الق‪##‬رآن في التص‪#‬دِّي‬
‫للشيطان ومنظوماته المختلفة فإننا نستطي ُع التحرُّ كَ ب‪##‬المجتمع على‬
‫طريق الهداية والجه‪####‬اد‪ ،‬متخفِّفين من ثقَل الض‪####‬الين المض‪####‬لين‪،‬‬
‫مبتع ِدين عن شرورهم ومكائ‪##‬دهم وأض‪##‬رارهم وت‪##‬دميرهم‪ ،‬ونك‪##‬ون‬
‫حينئ ٍذ قد نجونا بأنفس‪#‬نا وأمتنا من أولئك ال‪#‬ذين دجّن‪#‬وا األمة للطغ‪#‬اة‬
‫والمس‪###‬تبدين‪ ،‬ودان‪###‬وا ب‪###‬الوالء للص‪###‬هيونية واألمريك‪###‬ان؛ فعاشت‬
‫ك حقوقُها‪.‬‬ ‫الشعوب عند ذاك مهانةً ذليلةً تغت َ‬
‫َصبُ حريتُها وتُ ْنتَهَ ُ‬
‫ب‬
‫‪#‬ل ه‪##‬ذه الح‪##‬ر ِ‬
‫ولو ك‪##‬ان هن‪##‬اك وعي لك‪##‬ان يمكن أن نتف‪##‬ادى مث‪َ #‬‬
‫العدوانية على اليمن من مملكة ق‪###‬رن الش‪###‬يطان‪ ،‬وحلي ِفها الش‪###‬يطان‬
‫األكبر (أمريكا)‪.‬‬
‫س‬ ‫‪#‬روف كث‪##‬يرةٌ أبلغت الع‪َ #‬‬
‫‪#‬ذر لكل ملب‪##‬و ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫أما اليوم فقد َّ‬
‫تيس‪#‬رت ظ‪#‬‬
‫عليه أن ينخلِع تماما من منهج ق‪###‬رن الش‪###‬يطان‪ ،‬حيث فضح ه‪###‬ذا‬
‫‪#‬كل ال‬
‫ت مدرس ِة قرن الشيطان بش‪ٍ #‬‬ ‫العدوان ف ْك َر وممارسا ِ‬
‫ت وسلوكا ِ‬ ‫ُ‬
‫يقبل الج‪##‬دل‪ ،‬وبيّن أن المت‪##‬ابعين له‪##‬ذا الفكر اس‪##‬تق َّر بهم الح‪##‬ال في‬
‫المشروع الشيطاني التدميري‪ ،‬واإلضاللي اإلغوائي‪.‬‬
‫ق‪##‬رن الش‪##‬يطان هم ال‪##‬دعاة ال‪##‬ذين‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫ت وأدوا ِ‬
‫أخط‪##‬ر قن‪##‬وا ِ‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫ِّ‬
‫يبش‪#‬رون به‪##‬ذا المنهج وي‪##‬دعون إلي‪##‬ه‪ ،‬ومن توفيق هللا أننا وج‪##‬دناهم‬
‫‪39‬‬
‫‪39‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫جميعا يصطفُّون اصطفافا‪ #‬واسعا وجا ًّدا مع قرن الش‪##‬يطان ض ‪َّ #‬د بلد‬
‫‪#‬ل إنس‪##‬انِه ص‪##‬غيرا أو كب‪##‬يرا‪ ،‬رجال أو‬
‫الفقه واإليمان‪ ،‬لتدميره‪ ،‬وقت‪ِ #‬‬
‫‪#‬وب أن يح‪َ #‬ذ َر‬ ‫ام‪##‬رأة‪ ،‬بعي‪##‬دا أو قريب‪##‬ا‪ ،‬إن ه‪##‬ذا يؤ ِّكد لكل عاق‪ٍ #‬‬
‫‪#‬ل وج‪َ #‬‬
‫هؤالء ال‪##‬دعاةَ‪ ،‬وأن يجتنب ط‪##‬ريقتهم البائس‪##‬ة‪ ،‬وتلفيق‪##‬اتهم الخبيث‪##‬ة‪،‬‬
‫وادع‪##‬اءاتهم المفض‪##‬وحة‪ ،‬حيث رأينا عيانا بيانا كيف تج ‪#‬رَّأوا على‬
‫هللا‪ ،‬وأفت‪##‬وا به‪##‬دم بي‪##‬وت اليمن‪##‬يين على رؤوس أطف‪##‬الهم ونس‪##‬ائهم‪،‬‬
‫واعتبروا ذلك عمال جهاديا مق َّدسا‪ ،‬وأمرا إلهيا محبَّبا‪.‬‬

‫ليت شعري أيها اإلخوة المصلون ‪ ..‬يا ك َّل عاق‪ٍ #‬‬


‫‪#‬ل في ه‪##‬ذه ال‪##‬دنيا‬
‫إلهي‬
‫ٍّ‬ ‫أم‪#‬ر‬
‫متى رأيتم األمريكان والص‪##‬هاينة وعمالءهم يس‪##‬عون في ٍ‬
‫‪#‬ني‪ ،‬كما يتف ‪ّ #‬وه ه‪##‬ؤالء المفتض‪##‬حون؟ منذ‬ ‫شرعي‪ ،‬وجها ٍد مق َّد ٍ‬
‫س دي‪ٍّ #‬‬
‫متى كان أوباما وكلينتون وبوش وترامب يرفعون ل‪##‬واء الش‪##‬ريعة؟‬
‫ومنذ متى كان آل سعود صادقين مع اإلسالم والمسلمين؟ فهل يقبل‬
‫عاقل فتاوى كهذه الفتاوى من هؤالء الضالين المضلين؟‬
‫ولم يكفهم ذلك حتى كذبوا عَيانا بَيانا أن اليمنيين مجوسٌ يعبدون‬
‫النار‪ ،‬مع أنهم يعلمون عل َم اليقين أنهم مؤمنون‪ ،‬وأه ُل فق ‪ٍ #‬ه وحكم ‪ٍ #‬ة‬
‫وإيمان‪ ،‬كما ش‪ِ #‬هد هللا لهم ب‪##‬ذلك ورس‪##‬ولُه والمؤمن‪##‬ون‪ ،‬إن س‪##‬لو َكهم‬
‫ٍ‬
‫ب طريقتهم‪ ،‬وأن ال نأ ُخ َذ دينَنا عنهم‪ ،‬وأن ال‬
‫هذا يحتِّم علينا أن نجتنِ َ‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪40‬‬
‫‪40‬‬
‫نأ َمنَهم على ش‪##‬ي ٍء من أم‪##‬وره؛ ألنهم إذا ك‪##‬انوا قد ك‪َ #‬ذبوا علينا ك‪ِ #‬ذبًا‬
‫األعراض والدماء‪ ،‬فال ي‪##‬ؤ َمن أن يك ‪ِ #‬ذبوا على هللا‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫استحلوا به‬ ‫قبيحا‬
‫وعلى اإلسالم‪.‬‬
‫فيا خيبة َم ْن ائتَ َمنَهم بعد اليوم على فتوى أو ِدين؟!‬
‫المباشرة بعد أن ت‪##‬بيَّن لك‪##‬لِّ‬
‫ِ‬ ‫ثم ال خيار لنا بعد ذلك عن المواجهة‬
‫عاقل أن قرن الشيطان م‪##‬د ِم ٌن على الجريم‪##‬ة‪ ،‬ومتفنِّ ٌن في الت‪##‬دمير‪،‬‬
‫ومتقِ ٌن لإلفساد والتقتي‪##‬ل‪ ،‬وخب‪##‬ير بالتض‪##‬ليل‪ ،‬وأنه ال ي ُك‪ُّ #‬‬
‫‪#‬ف أذاه عن‬
‫جيرانه‪ ،‬وال يبالي بسخط هللا ونيرانه‪.‬‬
‫مجاز َر ارتكبها بحق المؤم‪##‬نين في اليمن والجزي‪##‬رة العربية‬
‫ِ‬ ‫فكم‬
‫في الماضي والحاضر‪ ،‬وكم يتبيَّن ك َّل يوم أنه ي ٌد أمريكية إسرائيلية‬
‫طعنت وتطعن أمة اإلس‪###‬الم من الخل‪###‬ف‪ ،‬وأنها قد وض‪###‬عت فوهة‬
‫بن‪##‬دقيتها تج‪##‬اه المس‪##‬لمين‪ ،‬بينما ن‪##‬ادت بالص‪##‬لح والتن‪##‬ازل لليه‪##‬ود‬
‫المحتلين‪.‬‬
‫ال خي‪###‬ار عن المواجهة أيها اليم‪###‬نيون يا من أهَّلكم هللا وأع‪ّ ###‬دكم‬
‫رأس حرب‪ِ ###‬ة‬
‫َ‬ ‫ل‪###‬دور عظيم تؤ ُّدونه نيابة عن ه‪###‬ذه األمة جميعا ضد‬
‫‪#‬دمار‪ ،‬وعليه ف‪##‬إن من يقف‬ ‫عدو ال ترى منها األمةُ إال الخ‪َ #‬‬
‫‪#‬راب وال‪َ #‬‬ ‫ٍّ‬
‫‪39‬‬
‫‪39‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬

‫في وجه هذه المنظومة الشيطانية قد ارتقى المحل األعلى‪ ،‬والمكان‬


‫المعلّى‪ ،‬في الدنيا واألخرى‪.‬‬
‫آن األوان أن تُقَلَّم أظف‪##‬ار‪ #‬ه‪##‬ذا المعت‪##‬دي الغاش‪##‬م‪ ،‬وآن األوان أن‬
‫يرتاح المس‪##‬لمون من ش‪##‬رِّ ق‪##‬رن الش‪##‬يطان وتض‪##‬ليله وت‪##‬دميره‪ْ ،‬‬
‫وأن‬
‫مي‪##‬ادين‬
‫ِ‬ ‫يقِف الجمي‪ُ ##‬ع في ه‪##‬ذه المرحلة‪ #‬على حافة‪ #‬المواجه‪##‬ة‪ ،‬وفي‬
‫ت وص‪##‬الب ٍة‬
‫الش‪#‬رف والع‪#‬زة والكرامة والجه‪##‬اد في س‪#‬بيل هللا‪ ،‬بثب‪#‬ا ٍ‬
‫ويقين بالنص‪###‬ر‪ ،‬بعد أن طفَح الكي‪ُ ###‬ل ببغيهم وع‪###‬دوانهم‬
‫ٍ‬ ‫وش‪###‬موخ‬
‫ٍ‬
‫وج‪##‬رائمهم على ش‪##‬عبنا المس‪##‬لم‪ ،‬وعلى ش‪##‬عوب الع‪##‬الم اإلس‪##‬المي‬
‫جمعاء‪.‬‬
‫ال مك‪###‬ان في ه‪###‬ذه المعركة أيها اإلخ‪###‬وة ‪ ..‬للمحاي‪###‬دين بين هللا‬
‫والش‪###‬يطان‪ ،‬بين اإلحس‪###‬ان والع‪###‬دوان‪ ،‬بين الشر والخ‪###‬ير‪ ،‬وليهنأ‬
‫أولئك األبط‪##‬ال ال‪##‬ذين مرَّغ‪##‬وا أن‪##‬وف أولي‪##‬اء الش‪##‬يطان‪َ ﴿ ،‬ف ِم ْن ُهم َّمن‬
‫قَ َ‬
‫ضى نَ ْحبَهُ َو ِم ْن ُهم َّمن يَنت َِظ ُر َو َما بَ َّدلُوا تَ ْب ِديالً﴾‪.‬‬
‫هذا وصلوا وسلموا على من أم‪##‬ركم هللا بالص‪##‬الة والس‪##‬الم عليه‬
‫صلُّونَ َعلَى‬
‫وعلى آله‪ ،‬فقال عز من قائل عليما‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَهُ يُ َ‬
‫ســـلِّ ُموا ت ْ‬
‫َســلِيما ً﴾‪ ،‬اللهم‬ ‫النَّبِ ِّي يَا أَ ُّي َها الَّ ِذينَ آ َمنُــوا َ‬
‫صـــلُّوا َعلَ ْيــ ِه َو َ‬
‫فاجعل ش‪##‬رائف ص‪##‬لواتك‪ ،‬وأزكى تحيات‪##‬ك‪ ،‬وأنمى بركات‪##‬ك‪ ،‬على‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‬ ‫‪40‬‬
‫‪40‬‬
‫أبي الطيب والطاهر والقاس‪##‬م‪ ،‬محمد بن عبدهللا بن عب‪##‬دالمطلب بن‬
‫وأع‪##‬ل‬
‫ِ‬ ‫أع‪##‬ل على بن‪##‬ا ِء الب‪##‬انين بن‪##‬اءه‪ ،‬وارفع ق‪##‬دره‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هاش‪##‬م‪ ،‬اللهم‬
‫منزلتَه‪ ،‬وشفَّعه فينا يا أرحم ال‪##‬راحمين‪ .‬اللهم وعلى أخيه ووص‪##‬يه‪،‬‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‪ .‬اللهم وعلى سكنه الحوراء‪ ،‬فلذة‬
‫قلب المص‪###‬طفى‪ ،‬فاطمة البت‪###‬ول الزه‪###‬راء‪ .‬اللهم وعلى ول‪###‬ديهما‬
‫الحس‪##‬ن‪ ،‬وأبي عبدهللا‬
‫ِ‬ ‫اإلم‪##‬امين الس‪##‬عيدين الش‪##‬هيدين‪ ،‬أبي محم‪ٍ ##‬د‬
‫الحس‪##‬ين‪ ،‬اللهم وعلى آل رس‪##‬ول هللا أجمعين‪ ،‬وعلى جميع المالئكة‬
‫والمرس‪##‬لين‪ ،‬وارض اللهم عن ص‪##‬حابة نبيك الراش‪##‬دين‪ ،‬ومن تبع‬
‫هديه إلى يوم الدين‪ ،‬وعنا معهم يا أكرم المسؤولين‪.‬‬
‫ربنا أف‪###‬رغ علينا ص‪###‬براً وثبت أق‪###‬دامنا وانص‪###‬رنا على الق‪###‬وم‬
‫الكافرين‪ ..‬ربنا افتح بيننا وبين قومنا ب‪#‬الحق وأنت خ‪#‬ير الف‪#‬اتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على‬
‫القوم الكافرين‪ ..‬ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك‬
‫رحمة إنك أنت الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫عباد هللا ‪﴿ ..‬إِنَّ هّللا َ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫اإل ْح َ‬
‫َن ا ْلفَ ْحشَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬

‫‪ -3‬معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى)‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫وكي‪###‬ل المت‪###‬و ِّكلين‪ ،‬وه‪###‬ادي‬


‫ِ‬ ‫ولي عب‪###‬اده الص‪###‬الحين‪،‬‬
‫الحمد هلل ِّ‬
‫وناصر أوليائه المستَضْ َعفين‪ ،‬ومذلِّ أعدائه المستكبِرين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المهتدين‪،‬‬
‫وأشه ُد أن ال إلهَ إال هللاُ وحده ال شريكَ ل‪##‬ه‪ ،‬وأش ‪#‬هَ ُد أن مح َّمداً عب ‪ُ #‬ده‬
‫ورسولُه‪ ،‬أرسله هللا رحمة للعالمين‪ ،‬وبشيراً للمجاهدين المؤم‪##‬نين‪،‬‬
‫ونذيراً للمتخاذلين والمتربِّصين‪ ،‬اللهم فص‪##‬لِّ وس ‪#‬لِّم على المبع‪##‬و ِ‬
‫ث‬
‫والجهَا َم‪##‬ة‪ ،‬محم‪ٍ ##‬د عب‪##‬دك‬
‫َ‬ ‫الس‪##‬وْ أَ ِة‬
‫رحم‪##‬ةً وكرام‪##‬ة‪ ،‬الم‪##‬برَّأ عن َّ‬
‫ورسولك‪ ،‬وخيرتك من خلقك‪ ،‬وعلى آله الغر المي‪##‬امين‪ ،‬واألخي‪##‬ار‬
‫المنتجبين ‪ ..‬ثم أما بعد‪:‬‬
‫عباد هللا ‪ ..‬نرى ونسمع اليوم االصطفافات‪ #‬السياسية والتكتالت‬
‫العسكرية‪ ،‬والتجمعات الحزبية‪ ،‬والتعص‪##‬بات القبلي‪##‬ة‪ ،‬والمناطقي‪##‬ة‪،‬‬
‫نسم ُع قائالً يقول‪ :‬أنا مع فالن‪ ،‬وآخر يقول‪ :‬ونحن مع فالن‪ ،‬وثالث‬
‫ويص‪ُ ##‬ل األم‪ُ ##‬ر إلى‬
‫ِ‬ ‫فالن آخَ‪##‬ر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫يع‪##‬ارضُ ه‪##‬ذا وذاك‪ ،‬ويبحث عن‬
‫ِ‬
‫درج ٍة عالية من الغليان‪ ،‬والتنازع والهيجان‪ ،‬ح ‪َّ #‬د االنض‪##‬وا ِء تحت‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫راي‪###‬ات المج‪###‬رمين‪ ،‬والقتل والقت‪###‬ال معهم وفي س‪###‬بيل ش‪###‬هواتهم‬
‫وتحقيق أهدافهم‪.‬‬

‫هك‪##‬ذا لألسف ‪ ..‬ولو عقَ ْلتَ أم‪َ #‬‬


‫‪#‬رك أيها المس‪##‬ل ُم وانتبهتَ لنفس‪##‬ك‪،‬‬
‫ْ‬
‫وأوصلتَها إلى راحتها ونعيمها‪.‬‬ ‫وألز ْمتَها سدادَها‪ ،‬لبلَّ ْغتَها ُمرادَها‪،‬‬
‫لو ْ‬
‫عقلتَ أم‪###‬رك لخ‪###‬رجت من ض‪###‬يق ال‪###‬والءات الخاس‪###‬رة‪،‬‬
‫والتحزب‪###‬ات الف‪###‬اجرة‪ ،‬إلى األفق األرحب‪ ،‬والفض‪###‬اء األوس‪###‬ع‪،‬‬
‫‪#‬طفاف أطهَ‪##‬ر‪ ،‬إلى‬
‫ٍ‬ ‫والتفاف أق‪##‬دس‪ ،‬واص‪#‬‬
‫ٍ‬ ‫لخرجت إلى وال ٍء أعظم‪،‬‬
‫خ‪##‬الق ه‪##‬ؤالء جميعا ومميتِهم‪،‬‬
‫ِ‪#‬‬ ‫خ‪##‬الق الس‪##‬ماوات واألرض‪،‬‬
‫ِ‪#‬‬ ‫وال ِء‬
‫و َم ْن هم بحاج ٍة إليه في كلِّ ساعاتهم ولحظ‪##‬اتهم‪ ،‬في أبسط األش‪##‬ياء‬
‫وأكبرها‪.‬‬
‫‪#‬ؤول‬
‫ت مع المس‪ِ #‬‬ ‫العاقل يا عبا َد هللا ‪ ..‬إذا أم َكنه أن يُقي َم عالق‪##‬ا ٍ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫ت مع‬
‫يلجأ إلى إقامة عالق‪#######‬ا ٍ‬ ‫األرفَع ‪ -‬وليكن مثالً وزي‪#######‬راً ‪ -‬ال َ‬
‫المس‪######‬ؤول األدنى ‪ -‬وليكن م‪######‬دير إدارة مثالً‪ ،-‬ونحن يجب أن‬
‫ِ‬
‫واألق‪###‬در‬
‫ِ‬ ‫واألك‪###‬بر واألج‪###‬لِّ‬
‫ِ‬ ‫واألعظم‬
‫ِ‬ ‫نتح‪###‬الف مع هللا األق‪###‬وى‬
‫قياس؛ إذ ال مقاربةَ وال مفاضلة‪.‬‬
‫َ‬ ‫واألغنى‪ ،‬بل ال‬
‫أال ما أق‪##‬وى ذلك العب‪َ ##‬د الض‪##‬عيفَ الخ‪َّ ##‬وار‪ ،‬حين يك‪##‬ون مع هللا‬
‫القويِّ المقت ِد ِر القهار!‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬
‫ولتس‪##‬معوا عب‪##‬اد هللا مثالً ل‪##‬رجلين‪ :‬رجل أض‪##‬اع عم‪##‬ره في عقد‬
‫عم‪##‬ره في عق‪ِ ##‬د ال‪##‬والء‬
‫َ‬ ‫ال‪##‬والءات الدنيوية الض‪##‬يقة‪ ،‬ورج‪ٌ ##‬ل أنفق‬
‫فخس‪##‬ر قليالً من الزائل الف‪##‬اني‪،‬‬
‫األعظم‪ ،‬واالص‪##‬طفاف‪ #‬األس‪##‬مى‪ِ ،‬‬
‫وربح الكثير من الدائم الباقي‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إن بعض األولي‪####‬اء الص‪####‬الحين رأى رجالً يتبخ‪####‬تر على‬
‫فرس‪##‬ه‪ ،‬فس‪##‬أله عن ذلك فق‪##‬ال‪ :‬أال تعرف‪##‬ني ‪ ..‬أنا غالم الس‪##‬لطان!!‬
‫ص‪ْ #‬‬
‫ف‬ ‫يعرفني ويقرِّ بُني!! ‪ ..‬فقال ال‪##‬ولي الص‪##‬الح‪ِ :‬‬
‫والمختص به!! ِ‬
‫لي قُرْ بَك من الس‪##‬لطان؟ فق‪##‬ال ه‪##‬ذا الموظف‪ :‬أنا ق‪##‬ريبٌ ج‪##‬دا منه ‪..‬‬
‫وأطع ُمه إذا ج‪##‬اع ‪..‬‬
‫ِ‬ ‫أوانِ ُس‪##‬ه إذا جلس وح‪##‬ده ‪ ..‬وأحرُسه إذا ن‪##‬ام ‪..‬‬
‫َ‬
‫ثالث نظرات‪ .‬فقال ال‪##‬ولي‬ ‫عطش ‪ ..‬وينظر إل ّي كل يوم‬ ‫وأسقيه إذا ِ‬
‫الص‪###‬الح‪ :‬وما يص‪###‬ن ُع بك إذا ْ‬
‫غفلتَ ؟ ق‪###‬ال‪ :‬يض‪###‬ربني‪ .‬ق‪###‬ال‪ :‬وإذا‬
‫أذنبْتَ ؟ قال‪ :‬يعاقبُني‪ .‬فقال الولي الصالح‪ :‬أنا أولى باالفتخار من‪##‬ك؛‬
‫يطع ُمني ويس‪##‬قيني ‪ ..‬ويؤنِس‪##‬ني في الوح‪##‬دة ‪..‬‬
‫ألن موالي هو الذي ِ‬
‫ْت ي ْغفِ ‪ُ #‬ر لي‪ ،‬وإن ك‪##‬ان م‪##‬والك ينظر‬
‫ُس ‪#‬ني‪ ،‬وإذا أذنب ُ‬ ‫وإذا نِ ْم ُ‬
‫ت يحر ُ‬
‫‪#‬والي ينظُر إل َّ‬
‫ي في الي‪##‬وم‬ ‫َ‬ ‫نظ‪##‬رات‪ ،‬ف‪##‬إن م‪#‬‬ ‫ثالث ْ‬
‫َ‬ ‫إليك في كل ي‪##‬وم‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ثالث مئة وس‪##‬تين نظ‪##‬رة ‪ ..‬ف‪##‬وقعت ه‪##‬ذه الكلم‪##‬ات في قل ِ‬ ‫الواحد‬
‫ف الس‪###‬لطان‪ ،‬وع‪###‬رف أنه ك‪###‬ان على خط‪###‬أٍ من أم‪###‬ره حين‬‫موظَّ ِ‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫استغرق نفسه في ُز ْخ ُرف‪ِ #‬‬
‫الع َّزة المزيَّف‪##‬ة‪ ،‬ونش‪##‬وة النعيم المحرَّف‪##‬ة‪#،‬‬
‫والنعيم الس‪##‬رمدي‪ ،‬والج‪##‬اه‬
‫ِ‬ ‫وأنه يجب أن ينتقل إلى الع‪ِّ #‬‬
‫‪#‬ز األب‪##‬دي‪،‬‬
‫األخروي‪ ،‬فقال‪ :‬صد ْقتَ ‪ ..‬إني من اآلن عائ‪ٌ #‬د إلى خدمة م‪##‬والك ‪..‬‬
‫فترجّل عن ف‪##‬رس الس‪##‬لطنة‪ ،‬وخلع ما عليه من المالبس الحس‪##‬ان‪،‬‬
‫وترك خدمة السلطان‪ ،‬وانطلق مع الواحد المنان‪.‬‬
‫ث ال‪##‬تي‬
‫أيها المســلم أيتها المســلمة‪ ..‬في خض‪ِّ ##‬م ه‪##‬ذه األح‪##‬دا ِ‬
‫نعيش‪##‬ها الي‪##‬وم‪ ،‬وفي ظل ه‪##‬ذا االص‪##‬طفاف‪ #‬األعمى مع األع‪##‬داء‪،‬‬
‫والخصومة الف‪##‬اجرة‪ #‬مع الفرق‪##‬اء ‪ ..‬ما أح‪##‬راكم أن تنطلق‪##‬وا مع هللا‪،‬‬
‫‪#‬حِّحوا وض‪##‬عياتكم‬
‫وتقيم‪##‬وا عالقة المعية معه ومعه فق‪##‬ط‪ ،‬وأن تص‪َ #‬‬
‫المجافية للص‪##‬واب فتكون‪##‬وا مع هللا‪ ،‬ومع ما يرضي هللا‪ ،‬وتبحث‪##‬وا‬
‫عن مرض‪###‬اة هللا‪ ،‬وتنف‪###‬ذوا أوامر هللا‪ ،‬ما أح‪###‬راكم أن تكون‪###‬وا في‬
‫المك‪##‬ان ال‪##‬ذي يرضى هللا عنكم في‪##‬ه‪ ،‬وأن تف‪##‬روا من المك‪##‬ان ال‪##‬ذي‬
‫يسخط هللا عليكم فيه ‪..‬‬
‫ق إلى هللا في‬
‫ما أح‪###‬راي وأح‪###‬راك أيها األخ المس‪###‬لم أن ننطلِ‪َ ###‬‬
‫مي‪##‬ادين مرض‪##‬اته‪ ،‬وس‪##‬احات‪ #‬عزته وكرامات‪##‬ه‪ ،‬وأن نجعل هللا لنا‬
‫وكيالً‪ ،‬وأن نتخذه وليا ً ونصيراً‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬
‫ش‪##‬أن تريد االس‪##‬تعانة بأح‪ٍ ##‬د فيه فاس‪##‬تعن باهلل أوالً‬
‫ٌ‬ ‫إذا ك‪##‬ان لك‬
‫وأخيرا‪ ،‬ولتكن استعانتك باهلل استعانةً حقيقي‪##‬ةً؛ ألنك تتوجه إليه في‬
‫كل ص‪##‬الة وتخصه باالس‪##‬تعانة وح‪##‬ده‪ ،‬كما تخصه بالعب‪##‬ادة وح‪##‬ده‪،‬‬
‫الص َراطَ ال ُمستَقِي َم﴾‪.‬‬
‫ست َِعينُ ‪ .‬اه ِدنَــــا ِّ‬
‫﴿ ِإيَّاكَ نَ ْعبُ ُد و ِإيَّاكَ نَ ْ‬
‫ْ‬
‫فلن‪##‬ترك ك‪َّ ##‬ل عالقة ال يرض‪##‬اها هللا عز‬ ‫إن كنا مس‪##‬لمين بح‪ٍّ ##‬‬
‫ق‬
‫وج‪##‬ل‪ ،‬ولنتو ّج‪ْ #‬ه في عالقاتنا كلها إلى هللا عز وج‪##‬ل‪ ،‬ذاك‪##‬رين ل‪##‬ه‪،‬‬
‫ْرض‪##‬ين عن َمن س‪##‬واه من الغ‪##‬افلين عن‪##‬ه‪ ،‬المتَّبِعين‬ ‫داعين إي‪##‬اه‪ُ ،‬مع ِ‬
‫اصبِ ْر نَ ْف َ‬
‫سكَ َم َع الَّ ِذينَ يَ ْدعُونَ‬ ‫أمر دينِهم‪َ ﴿ ،‬و ْ‬
‫لهواهم‪ ،‬المفرِّ طين في ِ‬
‫ش ِّي يُ ِريـدُونَ َو ْج َهـهُ َواَل تَ ْعـ ُد َع ْينَــاكَ َع ْن ُه ْم تُ ِريـ ُد‬ ‫َربَّ ُهم بِا ْل َغدَا ِة َوا ْل َع ِ‬
‫ِزينَةَ ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َواَل ت ُِط ْع َمنْ أَ ْغفَ ْلنَا قَ ْلبَـهُ عَن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَـ َع َهـ َ‬
‫ـواهُ‬
‫َو َكانَ أَ ْم ُرهُ فُ ُرطا ً﴾‪.‬‬
‫س‬
‫ق‪##‬ال رس‪##‬ول هللا ص‪##‬لى هللا عليه وعلى آله وس‪##‬لم البن عب‪###‬ا ٍ‬
‫احفظ هللاَ تج ْده أما َمك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫يحفظك‪،‬‬ ‫رضي هللا عنه‪« :‬يا غالم احفظ هللاَ‬
‫ْر ْفك في الش‪##‬دة‪ ،‬واعلم أن ما أص‪##‬ابك‬ ‫تعر ْ‬
‫َّف إلى هللا في الرخ‪##‬اء‪ ،‬يَع ِ‬
‫لم ي ُكن لي ُْخ ِطئَك‪ ،‬وما أخطأك لم يكن ليصيبَك‪ ،‬واعلم أن الخالئق لو‬
‫ُ‪##‬ر ِد هللاُ أن يُعطيَك لم ي ْق‪ِ ##‬دروا‬
‫اجتمع‪##‬وا على أن يعط‪##‬وك ش‪##‬يئا ً لم ي ِ‬
‫علي‪##‬ه‪ ،‬أو يص‪##‬رفوا عنك ش‪##‬يئا ً أراد هللاُ أن يص‪##‬يبَك لم ي ْق‪ِ #‬دروا على‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫‪#‬أل هللا‪ ،‬وإذا اس‪##‬تع ْنتَ فاس‪ِ #‬‬
‫‪#‬تع ْن باهلل‪ ،‬واعلم أن‬ ‫ذلك‪ ،‬ف‪##‬إذا س‪ْ #‬‬
‫‪#‬ألتَ فاس‪ِ #‬‬
‫ْر يسراً»‪.‬‬
‫الفرج مع الكرب‪ ،‬وأن مع ال ُعس ِ‬ ‫َ‪#‬‬ ‫النصر مع الصبر‪ ،‬وأن‬
‫َ‬
‫يا عبد هللا ‪ ..‬ال يمكن أن تك‪####‬ون مع هللا وأنت ت‪####‬دين ب‪####‬الوالء‬
‫للطاغين‪ ،‬والمجرمين‪ ،‬وأولياء اليهود والنصارى‬
‫واه ٌم من ُّ‬
‫يظن أنه في معية هللا‪ ،‬بينما هو يس‪#####‬عى في رك‪#####‬اب‬
‫الفاسقين‪ ،‬وأوليائهم من اليهود والنصارى المعتدين ‪..‬‬
‫منذ متى كانت أمريكا مع هللا؟ ومنذ متى ك‪##‬انت إس‪##‬رائيل تس‪##‬عى‬
‫في مرض‪##‬اة هللا؟ فهل يُ ْعقَل أن يك‪##‬ون خاد ُمها المطيع الس‪##‬عودي مع‬
‫المرتزقة والمنافقين‬
‫ِ‬ ‫هللا؟ وهل يُ ْعقَل أن يكون خ ّدام خ ّدام أمريكا من‬
‫مع هللا؟ ث َّم بعد هذا كلِّه هل يمكن أن يكون السائر تحت راية هؤالء‬
‫في معيةَ هللا ورعايتِه ورضوانه؟ ‪ ..‬قطعا ال يمكن ذلك‪.‬‬
‫ت الع‪##‬دوان وج‪##‬رائم‬
‫أما أولئك المحايِ‪##‬دون ال‪##‬ذين ي‪##‬رون منك‪##‬را ِ‬
‫ف لهم رمش‪ ،‬وال ت ْ‬
‫َط ِرف لهم‬ ‫ير ُّ‬
‫البغي بحق اليمن شعبا وإنسانا فال ِ‬
‫‪#‬تحقون معية هللا وينالونه‪##‬ا؟‬
‫عين‪ ،‬فهل بخذالنهم لشعبهم ولدينهم يس‪ِ #‬‬
‫وهم ال يأمرون بمعروف وال ينهون عن منكر؟‬
‫إن هللا لم يكن يوما مع المتخ‪###‬اذلين‪ ،‬وال مع المتربِّص‪###‬ين‪ ،‬ولقد‬
‫وصف هؤالء بالمعتدين والعصاة‪ ،‬فقال ع ‪َّ #‬ز من قائ‪##‬ل‪﴿ :‬لُ ِعنَ الَّ ِذينَ‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬
‫ـريَ َم َذلِــكَ‬
‫يسـى ا ْب ِن َمـ ْ‬
‫ان دَا ُوو َد َو ِع َ‬ ‫س ِ‬ ‫س َرائِي َل َعلَى لِ َ‬‫َكفَ ُرو ْا ِمن بَنِي إِ ْ‬
‫َصوا َّو َكــانُو ْا يَ ْعتَـدُونَ ‪َ .‬كــانُو ْا الَ يَتَنَــاه َْونَ عَن ُّمن َكـ ٍر فَ َعلُــوهُ‬
‫بِ َما ع َ‬
‫ْس َما َكانُو ْا يَ ْف َعلُونَ ﴾‪.‬‬
‫لَبِئ َ‬
‫لس‪##‬تَ معه ‪ ..‬كيف‬
‫أيها المحايِد ‪ ..‬هل تظن أن هللا مع‪##‬ك‪ ،‬وأنتَ ْ‬
‫يك‪###‬ون هللا معك وأنت ال تس‪###‬عى في المع‪###‬روف األك‪###‬بر‪ ،‬وال تكب ُح‬
‫ماح البغي والعدوان والمنكر‪.‬‬
‫ِج َ‬
‫أيها المســـلم الحر ‪ ..‬أنت يا أيها ال‪##‬ذي انطل ْقتَ مع هللا‪ ،‬وفُ ْ‬
‫‪##‬زتَ‬
‫بالمعية اإللهية ‪ ..‬إذا أردْتَ أن يكون هللاُ معك ف ُك ْن معه‪.‬‬
‫ُك ْن مع هللا بأن تكون صابراً‪َ ﴿ ،‬و ْ‬
‫اصبِ ُرو ْا إِنَّ هّللا َ َم َع ال َّ‬
‫صابِ ِرينَ ﴾‪.‬‬
‫ُكن مع هللا بأن تكون متقيا ً خائف‪#‬ا ً خاش‪#‬عاً‪َ ﴿ ،‬واتَّقُــو ْا هّللا َ َوا ْعلَ ُمــو ْا‬
‫أَنَّ هّللا َ َم َع ا ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬
‫كن مع هللا ب‪##‬أن تك‪##‬ون مس‪#ْ #‬لما ً ملتزم‪#‬اً‪ ،‬تعمل الطاع‪#‬ات‪ ،‬وت‪#‬ترك‬
‫المعص‪##‬يات‪ ،‬محس‪##‬ناً‪ ،‬وأفعالُك حس‪##‬نة‪ ،‬وأقوالُك حس‪##‬نة‪ ،‬وتوجهاتُك‬
‫حسنة‪ِ ﴿ ،‬إنَّ هّللا َ َم َع الَّ ِذينَ اتَّقَو ْا َّوالَّ ِذينَ هُم ُّم ْح ِ‬
‫سنُونَ ﴾‪.‬‬
‫تص‪##‬لي ما ف‪##‬رض علي‪##‬ك‪﴿ ،‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا‬ ‫َ‬ ‫كن مع هللا ب‪##‬أن‬
‫صالَ ِة إِنَّ هّللا َ َم َع ال َّ‬
‫صابِ ِرينَ ﴾‪.‬‬ ‫ست َِعينُو ْا بِال َّ‬
‫ص ْب ِر َوال َّ‬ ‫ا ْ‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫سأَلَكَ ِعبَــا ِدي‬ ‫ُّ‬
‫والتلذذ بذكره‪َ ﴿ ،‬وإِ َذا َ‬ ‫كن مع هللا بمناجاته ودعائه‪،‬‬
‫ســت َِجيبُو ْا لِي‬ ‫َّاع إِ َذا َدع ِ‬
‫َــان َف ْليَ ْ‬ ‫ْــوةَ الــد ِ‬ ‫يب أُ ِج ُ‬
‫يب َدع َ‬ ‫َعنِّي فَــإِنِّي قَــ ِر ٌ‬
‫َو ْليُ ْؤ ِمنُو ْا بِي لَ َعلَّ ُه ْم يَ ْر ُ‬
‫شدُونَ ﴾‪.‬‬
‫كن مع هللا يُجْ ِل كرْ بَك‪ ،‬وي ُْذ ِهبْ غ َّمك‪ ،‬فعن رسول هللا ص‪##‬لى هللا‬
‫ْ‬
‫‪#‬اب أح‪##‬دا قط ه ٌّم وال ُح‪ْ #‬‬
‫‪#‬ز ٌن‪ ،‬فق‪##‬ال‪:‬‬ ‫عليه وعلى آله وس‪##‬لم‪« :‬ما أص‪َ #‬‬
‫ي حك ُمك‪ ،‬عد ٌل ف ّي‬‫ماض ف َّ‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫وابن أمتِك‪،‬‬ ‫وابن عب ِدك‬‫ُ‬ ‫اللهم إني عب ُدك‬
‫نفس‪#‬ك‪ ،‬أو ْ‬
‫أنزلتَه في‬ ‫قضا ُؤك‪ ،‬أسألُك بك‪##‬لِّ اس‪#ٍ #‬م هو ل‪##‬ك‪ ،‬س‪##‬ميْتَ به َ‬
‫كتاب‪##‬ك‪ ،‬أو علَّ ْمتَه أح‪##‬دا من خلق‪##‬ك‪ ،‬أو اس‪##‬تأثرْ تَ به في علم الغيب‬
‫‪#‬ور بص‪##‬ري‪ ،‬وجال َء‬ ‫تجعل القرآنَ العظي َم ربي َع قلبي‪ ،‬ون‪َ #‬‬
‫َ‬ ‫عندك‪ ،‬أن‬
‫ْ‬
‫وحزنَ‪###‬ه‪ ،‬وأبدله مكانه‬ ‫وذه‪###‬اب همي‪ ،‬إال أذهب هللا ه َّمه‬
‫َ‬ ‫حُ‪###‬زني‪،‬‬
‫فرجاً»‪.‬‬
‫‪#‬رك إلي‪##‬ه‪َ ﴿ ،‬و َمن يَت ََو َّك ْل‬
‫ض أم‪َ #‬‬ ‫كن مع هللا بأن تتو َّك َل عليه‪ ،‬وتف‪ِّ #‬‬
‫‪#‬و َ‬ ‫ْ‬
‫َعلَى هَّللا ِ فَ ُه َو َح ْ‬
‫سبُهُ﴾‪.‬‬
‫كن مع هللا بأن تعلم أنه لن يض ‪#‬رَّك أح ‪ٌ #‬د إال بش‪##‬يء قد أ ِذن هللا به‬
‫من البالء‪ ،‬ولن ينف َعك أح ٌد إال بشيء قد رض‪##‬يه هللا ل‪##‬ك‪﴿ ،‬أَلَ ْي َ‬
‫س هَّللا ُ‬
‫اف َع ْب َدهُ َويُ َخ ِّوفُونَكَ بِالَّ ِذينَ ِمن دُونِ ِه﴾‪.‬‬
‫بِ َك ٍ‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬
‫ال يجو ُز لنا أن نخاف أحداً من دون هللا؛ ألن هللا هو الح‪##‬امي‪ #‬لك‬
‫‪#‬رك إلى هللا‪،‬‬ ‫والمحامي عن‪##‬ك‪ ،‬والك‪##‬افي‪ ،‬وال‪##‬دافع‪ ،‬والمنتقم‪ِ ،‬ك‪##‬لْ أم‪َ #‬‬
‫َّك في ما يجب عليك من الجه‪##‬اد‪ ،‬وتو َّكل علي‪##‬ه‪َ ﴿ ،‬وهّللا ُ أَ ْعلَ ُم‬ ‫وتح‪##‬ر ْ‬
‫بِأ َ ْعدَائِ ُك ْم َو َكفَى بِاهّلل ِ َولِيّا ً َو َكفَى بِاهّلل ِ نَ ِ‬
‫صيراً﴾‪.‬‬
‫أيها اإلخوة األكرمون ‪ ..‬ثمةَ من يموت هَلَعا ك ‪َّ #‬ل ي‪##‬وم‪ ،‬كلَّما نفخ‬
‫‪#‬ره خالل ال‪##‬ديار يبث‪##‬ون‬
‫إعال ُم العدوان في فقاعات‪##‬ه‪ ،‬وح ‪#‬رّك عناص‪َ #‬‬
‫ُ‬
‫ض‪###‬عيف‬ ‫األراجي‪###‬ف‪ ،‬وينش‪###‬رون األك‪###‬اذيب‪ ،‬فيس‪###‬قط في َو َحلِهم‬
‫يتحص‪ْ ###‬ن بمعية هللا تع‪###‬الى‪ ،‬لكن الص‪###‬ادقين‬
‫ّ‬ ‫اإليم‪###‬ان‪ ،‬وال‪###‬ذي لم‬
‫بص‪##‬دق ني‪##‬ة‪ ،‬عظُم هللاُ في أعينهم‬
‫المؤم‪##‬نين ال‪##‬ذين انطلق‪##‬وا مع هللا ِ‬
‫فص ُغر ما دونه لديهم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬لما استعمل زيا ُد ُ‬
‫ابن أبيه ِعمرانَ بن الحصين الخ‪##‬زاعي‪،‬‬
‫ب‪#‬أمر فيه‬
‫ٍ‬ ‫وكان صحابيا جليال‪ ،‬على بعض الثغور ‪ -‬كتب إليه زي‪#‬ا ٌد‬
‫ق في‬‫بعضُ ما ال يرضي هللا‪ ،‬فر ّد عليه ِعم‪##‬ران‪« :‬ال طاعة لمخل‪##‬و ٍ‬
‫معصية الخالق»‪ ،‬فكتب إليه زيا ٌد مه‪##‬دداً بقتله ق‪##‬ائال‪« :‬خ‪#ْ #‬ذ ِح‪ْ #‬ذ َرك‬
‫ت لك يميني»‪ ،‬وكان زياد ظلوما غشوما ‪ ..‬فق‪##‬ال عم‪##‬ران‪:‬‬ ‫ْ‬
‫بسط ُ‬ ‫فقد‬
‫«ال حول وال قوة إال باهلل»‪ ،‬ثم كتب إليه‪« :‬بلغني كتابُك ووعي‪ُ ##‬دك‪،‬‬
‫وأي ُم هللا لو ك‪##‬انت الس‪##‬ما ُء رتق‪##‬ا ً على عب‪ٍ ##‬د مت‪ٍ ##‬‬
‫ق لجعل هللا له منها‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫يمين زي‪##‬ا ٍد‬
‫ِ‬ ‫فامض لما تريد»‪ ،‬قالوا‪ :‬فسلَّط هللا على‬
‫ِ‬ ‫وفرجاً‪،‬‬
‫مخرجاً‪َ #‬‬
‫قُرحة ك‪###‬انت منها منيَّتُه وميتتُ‪###‬ه‪ ،‬وش‪###‬غله هللا بها عن ِعم‪###‬ران بن‬
‫الحصين‪.‬‬
‫سـلِ ِه ْم لَنُ ْخ ِر َجنَّــ ُكم‬ ‫وصدق هللا حيث يقول‪َ ﴿ :‬وقَا َل الَّ ِذينَ َكفَ ُرو ْا لِ ُر ُ‬
‫ضـــــنَا أَ ْو لَتَ ُعـــــودُنَّ فِي ِملَّتِنَا فَـــــأ َ ْو َحى ِإلَ ْي ِه ْم َربُّ ُه ْم لَنُ ْهلِ َكنَّ‬
‫ِّمنْ أَ ْر ِ‬
‫ض ِمن بَ ْعـ ِد ِه ْم َذلِــكَ لِ َمنْ َخـ افَ َمقَــا ِمي‬ ‫س ِكنَنَّــ ُك ُم األَ ْر َ‬
‫الظَّالِ ِمينَ ‪َ ،‬ولَنُ ْ‬
‫َو َخـــ افَ َو ِعيـــ ِد﴾‪ ،‬وص‪###‬دق هللاُ إذ يق‪###‬ول‪﴿ :‬أَلَ ْي َ‬
‫س هَّللا ُ بِ َك ٍ‬
‫ـــاف َع ْبـــ َدهُ‬
‫َويُ َخ ِّوفُونَكَ بِالَّ ِذينَ ِمن دُونِ ِه َو َمن يُ ْ‬
‫ضلِ ِل هَّللا ُ فَ َما لَهُ ِمنْ هَا ٍد﴾‪.‬‬
‫ديارن‪##‬ا؟ كم ه‪َّ ##‬ددوا‬
‫بإخراجنا‪ #‬من ِ‬
‫ِ‬ ‫أع‪##‬وام‬
‫ٍ‬ ‫كم خ َّوفونا على م‪##‬دار‬
‫همم أبطالن‪##‬ا؟‪ #‬وكم‬
‫‪#‬ل ِ‬‫بمحو وجودنا؟ كم تو ّع‪##‬دوا بإطف‪##‬اء ثورتنا وقت‪ِ #‬‬
‫حاولوا ويحاولون قتلنا وأطفالنا جوعا وعطشا لكي يهزمونا ‪ ..‬لكن‬
‫‪#‬ني ال‪##‬ذي كلما أطلق‪##‬وا‬ ‫ي الم‪##‬ؤمنَ هو ذلك الش‪##‬عبُ اليم‪ُّ #‬‬ ‫‪#‬عب األب َّ‬
‫الش‪َ #‬‬
‫اف َع ْب َدهُ َويُ َخ ِّوفُونَكَ بِالَّ ِذينَ‬
‫س هَّللا ُ بِ َك ٍ‬
‫بالونات وعيدهم قال لهم‪﴿ :‬ألَ ْي َ‬
‫ِمن دُونِ ِه﴾‪.‬‬
‫آل فرع‪##‬ون‪ ،‬فبعد أن دع‪##‬اهم إلى هللا‬
‫أال ترون عباد هللا ‪ ..‬مؤمنَ ِ‬
‫عز وجل وأرشدهم إلى ترك الكفر‪ ،‬ه ّددوه بالقتل والنكال‪ ،‬فف‪َّ ##‬وض‬
‫أمره إلى هللا عز وجل‪ ،‬فر َّد هللا كيدَهم في نحورهم‪ ،‬ق‪##‬ال هللا تع‪##‬الى‬
‫‪51‬‬
‫‪51‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬
‫سـت َْذ ُك ُرونَ‬
‫ي االلط‪##‬اف‪﴿ ،‬فَ َ‬ ‫حاكيا ً عنه وعنهم خاتم‪#‬ةَ المط‪##‬اف‪ ،‬وخف َّ‬
‫ض أَ ْمـ ِري ِإلَى هَّللا ِ إِنَّ هَّللا َ بَ ِ‬
‫صـي ٌر بِا ْل ِعبَـا ِد ‪ .‬فَ َوقَـاهُ‬ ‫َما أَقُو ُل لَ ُك ْم َوأُفَ ِّ‬
‫ـو ُ‬
‫سو ُء ا ْل َع َذا ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫آل فِ ْرع َْونَ ُ‬ ‫ت َما َم َك ُروا َو َحا َ‬
‫ق بِ ِ‬ ‫هَّللا ُ َ‬
‫سيِّئَا ِ‬
‫وهنا السؤال الذي يجب أن نس‪##‬أله‪َ :‬من هو الخاس‪##‬ر؟ هل هو َم ْن‬
‫بظالل‬
‫ِ‬ ‫ت ض‪##‬يِّقة‪ ،‬وض‪##‬عيفة؟ أم َم ْن اس‪##‬تظل‬
‫نفس‪##‬ه في والءا ٍ‬
‫حشر َ‬
‫المعية هلل رب العالمين‪ ،‬وانض‪##‬وى تحت ل‪##‬واء خ‪##‬الق اإلنس والجن‬
‫أجمعين؟‬

‫من هو الخاسر ‪ ..‬هل هو من استظ َّل ِ‬


‫بظالل أمريكا والص‪##‬هاينة‬
‫والمعت‪#####‬دين؟ أم من توكل على هللا ووثق به واتخ‪#####‬ذه وليا ووكيال‬
‫ونصيرا؟‬

‫فلنف‪####‬وضْ ‪ ..‬يا عب‪####‬اد هللا َ‬


‫أمرنا إلى هللاِ م‪####‬دب ِِّر الس‪####‬ماوات‬ ‫ِّ‬ ‫أال‬
‫واألرض‪ ،‬وال‪###‬ذي إذا أراد ش‪###‬يئا ك‪###‬ان‪ ،‬ولنثِق في هللا وفي معيته‬
‫ونص‪###‬ره لعب‪###‬اده المؤم‪##‬نين الص‪##‬ابرين‪ .‬وكفى باهلل وليا وكفى باهلل‬
‫ِ‬
‫نصيرا‪.‬‬
‫يم ‪.‬‬
‫من ال ـ َّر ِح ِ‬
‫س ـ ِم هللاِ ال ـ َّر ْح ِ‬
‫أع‪##‬وذ باهلل من الش‪##‬يطان ال‪##‬رجيم‪﴿ ،‬بِ ْ‬
‫ســـ ٍر ‪ِ ،‬إاَّل الَّ ِذينَ آ َمنُـــوا َو َع ِملُـــوا‬
‫نســـانَ لَفِي ُخ ْ‬ ‫َوا ْل َع ْ‬
‫صـــ ِر‪ ،‬إِنَّ اإْل ِ َ‬
‫ص ْب ِر﴾‪.‬‬
‫اص ْوا بِال َّ‬ ‫اص ْوا بِا ْل َح ِّ‬
‫ق َوت ََو َ‬ ‫ت َوت ََو َ‬ ‫صالِ َحا ِ‬‫ال َّ‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة األولى)‬ ‫‪50‬‬
‫‪50‬‬
‫قلت ما سمعتم‪ ،‬وأس‪##‬تغفر هللا لي ولكم‪ ،‬فاس‪##‬تغفروه يغف‪##‬رْ لكم إنه‬
‫هو الغفور الرحيم‪..‬‬
‫‪55‬‬
‫‪55‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستنص‪##‬ره‬


‫ونتوكل علي‪#‬ه‪ ،‬وأش‪#‬هد أن ال إله إال هللا وح‪#‬ده ال ش‪#‬ريك ل‪#‬ه‪ ،‬الق‪#‬وي‬
‫القهار‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المجاهد الكرار‪ ،‬ص‪##‬لى هللا‬
‫وسلم عليه وعلى آله األكرمين األخيار‪ ،‬ثم أما بعد‪:‬‬
‫عباد هللا ‪ ..‬إن معيةَ هللا هي حصنُكم الحص‪##‬ين‪ ،‬ال‪##‬ذي ال يخ‪ُ #‬‬
‫‪#‬اف‬
‫‪#‬وركم وأنفُ َس ‪#‬كم إلي‪##‬ه‪،‬‬
‫من دخل‪##‬ه‪ ،‬ف ‪#‬ادخلوا في حصن هللا‪ ،‬و ِكل‪##‬وا أم‪َ #‬‬
‫فكفى به ولي‪##‬ا ً وكفى به نص‪##‬يراً‪ ،‬وكفى به حس‪##‬يباً‪ ،‬وكفى به وكيالً‪،‬‬
‫وكفى بربك هادي‪#‬ا ً ونص‪#‬يراً‪ ،‬وكفى باهلل ش‪#‬هيدا‪ ،‬وكفى باهلل ناص‪##‬را‬
‫نصـ ْر ُك ْم َويُثَبِّتْ أَ ْقـدَا َم ُك ْم﴾‪﴿ ،‬إِن يَ ُ‬
‫نصـ ْر ُك ُم‬ ‫َنصـ ُروا هَّللا َ يَ ُ‬
‫ومعينا‪﴿ ،‬إِن ت ُ‬
‫ب لَ ُك ْم َوإِن يَ ْخـــ ُذ ْل ُك ْم فَ َمن َذا الَّ ِذي يَ ُ‬
‫نصـــ ُر ُكم ِّمن بَ ْعـــ ِد ِه‬ ‫هّللا ُ فَالَ َغـــالِ َ‬
‫َو َعلَى هّللا ِ فَ ْليَت ََو ِّك ِل ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ ﴾‪.‬‬
‫علينا عب‪##‬اد هللا ـ أن نطلب معية هللا‪ ،‬ب‪##‬أن نب‪##‬ا ِدر إلى رض‪##‬وانه‪،‬‬
‫وأن نسعى في اإلحسان وباإلحسان‪ ،‬ولإلحسان‪ ،‬وأن ال ننتصر إال‬
‫باهلل‪ ،‬وأن ال نخاف إال منه‪.‬‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪56‬‬
‫‪56‬‬
‫أما من يس‪##‬عى في ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان ضد ه‪##‬ذا الش‪##‬عب المظل‪##‬وم‪ ،‬فقد‬
‫ـرى َكثِــيراً ِّم ْن ُه ْم‬ ‫جاهر هللا بالمعصية‪ ،‬وناقض معيته الكريم‪##‬ة‪َ ﴿ ،‬وتَـ َ‬
‫ْس َما َكـــانُو ْا‬ ‫ان َوأَ ْكلِ ِه ُم ُّ‬
‫الســـ ْحتَ لَبِئ َ‬ ‫اإل ْث ِم َوا ْل ُعـــد َْو ِ‬
‫ســـا ِرعُونَ فِي ِ‬
‫يُ َ‬
‫ُ‬
‫يخ‪##‬اف أمريكا وإس‪##‬رائيل وآل س‪##‬عود فليس له من‬ ‫يَ ْع َملُــونَ ﴾‪ ،‬ومن‬
‫معية هللا نق‪##‬ير وال قطم‪##‬ير‪ ،‬وكث‪##‬ير من الن‪##‬اس يخشى دائ‪##‬رة الفقر‬
‫والج‪###‬وع‪ ،‬يق‪###‬ول هللا تع‪###‬الى‪َ ﴿ :‬فت َ‬
‫َـــرى الَّ ِذينَ فِي قُلُـــوبِ ِهم َّم َر ٌ‬
‫ض‬
‫سـى هّللا ُ أَن‬ ‫ـرةٌ فَ َع َ‬ ‫شـى أَن ت ِ‬
‫ُصـيبَنَا دَآئِـ َ‬ ‫سـا ِرعُونَ فِي ِه ْم يَقُولُــونَ نَ ْخ َ‬ ‫يُ َ‬
‫س ُّرو ْا فِي أَ ْنفُ ِ‬
‫س ـ ِه ْم‬ ‫صبِ ُحو ْا َعلَى َما أَ َ‬ ‫يَأْتِ َي بِا ْلفَ ْت ِ‬
‫ح أَ ْو أَ ْم ٍر ِّمنْ ِعن ِد ِه فَيُ ْ‬
‫نَا ِد ِمينَ ﴾‪.‬‬
‫وآخ‪##‬رون يطلب‪##‬ون دني‪##‬اهم فال حص‪##‬لت لهم دني‪##‬ا‪ ،‬وال نج‪##‬وا من‬
‫عذاب األخرى‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إن رجلين أعم‪##‬يين فق‪##‬يرين‪ ،‬أح ‪ُ #‬دهما ك‪##‬ان قد وثِق باهلل عز‬
‫وجل‪ ،‬وترك ك َّل ما سواه‪ ،‬لعلمه أن هللا هو الذي يسهِّل كل عس‪##‬ير‪،‬‬
‫وأما اآلخَر فكان قد وثَّق صلته بامرأة تاجرة مشهورة ب‪##‬الكرم يق‪##‬ال‬
‫لها‪ ،‬أم جعفر‪ ،‬فكان األول ين‪##‬اجي رب‪##‬ه‪ ،‬ويق‪##‬ول‪ :‬اللهم ارزق‪##‬ني من‬
‫فض‪##‬ل أ ِّم جعف‪##‬ر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فض‪##‬لك‪ ،‬وك‪##‬ان اآلخر يق‪##‬ول‪ :‬اللهم ارزق‪##‬ني من‬
‫‪#‬ل هللا درهمين‪،‬‬ ‫وكانت تعلَم منهما ذلك‪ ،‬فك‪##‬انت تُرْ ِس‪#‬ل لط‪##‬ال ِ‬
‫ب فض‪ِ #‬‬
‫‪55‬‬
‫‪55‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬
‫ولط‪##‬الب فض‪##‬لها دجاجة مش‪##‬وية‪ ،‬في جوفها عش‪##‬رةُ دن‪##‬انير ‪َّ ..‬‬
‫لكن‬
‫راجي فض‪##‬لها ك‪##‬ان ي‪##‬بي ُع دجاجتَه المحش‪##‬وةَ بال‪##‬دنانير من‬
‫َ‬ ‫األعمى‬
‫‪#‬ل هللا ‪ ..‬ب‪##‬درهمين اث‪##‬نين فق‪##‬ط‪ ،‬وأق‪##‬ام على ذلك‬
‫األعمى راجي فض‪ِ #‬‬
‫ب فض‪##‬لها‪ ،‬فق‪##‬الت له‬ ‫ع ْش َرةَ أي‪##‬ام‪ ،‬فس‪##‬ئمت أ ُّم جعفر‪ #‬من إلح‪ِ #‬‬
‫‪#‬اح‪ #‬ط‪##‬ال ِ‬
‫يوما‪ :‬أما أغناك فضلُنا‪ ،‬قال‪ :‬وما هو؟ قالت‪ :‬مائة دين‪##‬ار‪ ،‬ق‪##‬ال‪ :‬ال‪،‬‬
‫بل دجاجة!! أبيعها لصاحبي األعمى بدرهمين‪ ،‬فقالت‪ :‬س‪##‬بحان هللاِ‬
‫جلَّت قدرتُه‪ ،‬وعظُمت حكمتُه ‪ ..‬ه‪##‬ذا طلَ َ‬
‫ب من فض‪##‬لنا‪ ،‬فمنعه هللا!!‬
‫وهذا طلَ َ‬
‫ب من فضل هللا فأعطاه‪ #‬هللا!!‪.‬‬
‫أيها األخ المســلم ‪ ..‬إذا ابتغيتَ بأعمالك وج‪#‬هَ هللا ‪ ..‬وك‪#‬ان ه ُّمك‬
‫والمك‪###‬ره ‪ ..‬وت‪###‬وجهْتَ إلى هللا وح‪###‬ده‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫المنش‪###‬ط‬ ‫رض‪###‬وانَ هللا في‬
‫‪#####‬رى العالقة معه ‪ ..‬وقطعْتَ كل عالقة مع غ‪#####‬يره ولو‬‫ووث ْقتَ ُع َ‬
‫أغض‪###‬بْتَ الع‪###‬المين ‪ ..‬ك ْنتَ في ه‪###‬ذا الح‪###‬ال في معية هللا ورعايته‬
‫وكرامته حتى ولو نال منك االختبا ُر والبالء‪ ،‬فإن عاقبة ذلك الف‪##‬و ُز‬
‫والنص ‪#‬رُ؛ يق‪##‬ول الرس‪##‬ول الك‪##‬ريم ص‪##‬لى هللا عليه وعلى آله وس‪##‬لم‪:‬‬
‫«من التمس رضا َء هللا ب َسخَط الن‪##‬اس كف‪##‬اه هللا مؤون‪#‬ةَ الن‪##‬اس‪ ،‬ومن‬
‫التمس رضا َء الناس بسخط هللا و َكلَه هللا إلى الناس»‪.‬‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪56‬‬
‫‪56‬‬
‫‪#‬اس‪ ،‬وال يه ُّمه إال إرض‪##‬اؤهم‪ ،‬بل ال‬
‫ومن ك‪##‬ان ال ي‪##‬راقِبُ إال الن‪َ #‬‬
‫يخطُ‪ُ ##‬ر بباله هل يرضي هللاَ أم ال يرض‪##‬يه‪ ،‬ف‪##‬إن هللاَ عز وجل ي ِكلُه‬
‫ت‬‫يص‪##‬ارع إرادا ِ‬
‫ِ‬ ‫عم‪##‬ره كلَّه‪ ،‬وهو‬
‫َ‬ ‫إلى نفسه وما اخت‪##‬ار‪ ،‬وس‪##‬يدف ُع‬
‫‪#‬اس المختلف ‪#‬ةَ‪ ،‬ثم ال يج‪##‬ني من وراء ذلك إال الض‪##‬يا َع والس‪##‬خطَ‬
‫الن‪ِ #‬‬
‫والعياذ باهلل‪.‬‬
‫إن المعية هلل تقتضي أن تكون شخص‪##‬يتك أيها المس‪##‬لم شخص‪##‬ية‬
‫سوية‪ ،‬تعم ُل بطاعة ربها في جميع الميادين‪ ،‬وفي ش‪##‬تى الم‪##‬واطن‪،‬‬
‫وال يج‪##‬وز لك أن تك‪##‬ون ازدواجي ‪#‬ا ً في أعمال‪##‬ك‪ ،‬فمن ت‪##‬راه يص‪##‬لي‬
‫ولكن ال يت‪##‬ورَّع عن حق‪##‬وق اآلخ‪##‬رين ‪ ..‬ومن ت‪##‬راه أمين‪##‬ا ً وهو ال‬
‫يصلي ‪ ..‬ومن ت‪##‬راه يُ‪##‬زَ ِّكي ويتص‪َّ #‬دق ولكن يغشُّ اآلخ‪##‬رين ‪ ..‬ومن‬
‫تراه يُؤ ِمن بآيات العلم ويَ ْقفِز على آي‪##‬ات الجه‪##‬اد ‪ ..‬ومن ت‪##‬راه يك‪##‬ره‬
‫أعمال وسلوكات ‪ ..‬كلُّ ه‪##‬ؤالء‬
‫ٍ‬ ‫يترجم كراهته تلك إلى‬
‫ِ‬ ‫العدوانَ وال‬
‫يُع‪##‬انون نقص‪##‬ا ً واض‪##‬طرابا ً في فهمهم وفي تص‪##‬ورهم لتكا ُمل ه‪##‬ذا‬
‫ال‪##‬دين‪ ،‬ال‪##‬ذي يق‪##‬ود المس‪##‬ل َم في أعماله كلِّها إلى حقيقة ك‪##‬برى‪ ،‬وهي‬
‫مرضاة هللا عز وجل‪.‬‬
‫‪#‬ز ُن أعمالَه به‪##‬واه ورض‪##‬اه‪ ،‬ف‪##‬إن أعجبه‬
‫هذا الصنف من الناس ي‪ِ #‬‬
‫ع ِمل به‪ ،‬وإن كرهه تركه‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫‪55‬‬ ‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬
‫أخط‪###‬ر ما ابتُلينا به في‬
‫ِ‬ ‫إن االزدوا ُج في الس‪###‬لوك اإليم‪###‬اني من‬
‫‪#‬ور في الوج‪##‬دان‪،‬‬
‫‪#‬راف في الفهم‪ ،‬ونف‪ٍ #‬‬
‫عصرنا هذا‪ ،‬ويش‪##‬ير إلى انح‪ٍ #‬‬
‫ه‪##‬دي هللا‬
‫َ‬ ‫وتم‪##‬رُّ ٍد في الج‪##‬وارح‪ ،‬وله‪##‬ذا ال مندوحة لنا في أن نُ َح ِّكم‬
‫‪#‬تز َم به وعيا ووج‪##‬دانا وس‪##‬لوكا إذا أردنا المعية هلل رب‬ ‫فين‪##‬ا‪ ،‬وأن نل‪ِ #‬‬
‫شــ َج َر بَ ْينَ ُه ْم ثُ َّم‬
‫العالمين‪﴿ ،‬فَالَ َو َربِّكَ الَ يُ ْؤ ِمنُونَ َحتَّ َى يُ َح ِّك ُموكَ فِي َما َ‬
‫سلِّ ُمو ْا تَ ْ‬
‫سلِيما ً﴾‪.‬‬ ‫ضيْتَ َويُ َ‬ ‫الَ يَ ِجدُو ْا فِي أَنفُ ِ‬
‫س ِه ْم َح َرجا ً ِّم َّما قَ َ‬
‫أال فسارعوا ‪ ..‬عب‪##‬اد هللا ‪ ..‬إلى ما يرضي ربكم عنكم‪ ،‬واجتنب‪##‬وا‬
‫ُّ‬
‫وصلوا وس ِّلموا على‬ ‫طه عليكم‪ ،‬واشكروه على نع ِمه يزدكم‪،‬‬ ‫ما يُس ِْخ ُ‬
‫‪#‬ل عليما‪ِ ﴿ :‬إنَّ‬ ‫النبي األعظم‪ ،‬والحبيب األكرم‪ ،‬حيث قال ع ‪َّ #‬ز من قائ‪ٍ #‬‬
‫صــ ُّلونَ َع َلى النَّ ِب ِّي يَا أَ ُّي َها الَّ ِذينَ آَ َمنُــوا َ‬
‫ص ـ ُّلوا َع َل ْيــ ِه‬ ‫هَّللا َ َو َماَل ئِ َك َت ـهُ يُ َ‬
‫ص‪#‬لَ َوا ِتكَ‪َ ،‬ون َ‬
‫َ‪#‬وا ِم َي َب َر َكا ِت‪#‬كَ‬ ‫َسـ ِلي ًما﴾‪ .‬اللهم اجْ َع‪#‬لْ َش‪َ #‬را ِئفَ َ‬ ‫سلِّ ُموا ت ْ‬ ‫َو َ‬
‫َعلَى ُم َح َّم ٍد َع ْب‪ِ #‬دكَ َو َر ُس ‪#‬و ِلكَ‪ْ ،‬الخَ‪##‬ا ِت ِم ِل َما َس ‪َ #‬بقَ‪َ ،‬و ْالفَ‪##‬ا ِت ِ‬
‫ح ِل َما ا ْن َغلَ ‪#‬قَ‪،‬‬
‫ص‪#‬وْ اَل ِ‬
‫ت‬ ‫‪#‬ل‪َ ،‬وال‪َّ #‬دا ِم ِغ َ‬ ‫ت اأْل َبَ ِ‬
‫اطي‪ِ #‬‬ ‫ق ِب ْال َحقِّ‪َ ،‬وال َّدافِ ِع َجي َْش‪#‬ا ِ‬‫َو ْال ُمعْ لِ ِن ْال َح َّ‬
‫يل‪ ،‬وصل اللهم على بقية الخمسة أهل الكس‪#######‬اء‪ ،‬علي‬ ‫ض‪#######‬الِ ِ‬ ‫اأْل َ َ‬
‫المرتض‪##‬ى‪ ،‬وفاطمة الزه‪##‬راء‪ ،‬والحسن المجت‪##‬بى‪ ،‬والحس‪##‬ين س‪##‬يد‬
‫الش‪##‬هداء‪ ،‬اللهم وعلى جميع أهل بيت نبيك األك‪##‬رمين‪ ،‬وارض اللهم‬
‫معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪56‬‬
‫‪56‬‬
‫عن صحابته األخي‪##‬ار المنتج‪##‬بين‪ ،‬وعن من يس‪##‬تحق الرض‪##‬وان من‬
‫المخلوقين‪ ،‬وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين‪..‬‬
‫ربنا أف‪###‬رغ علينا ص‪###‬براً وثبت أق‪###‬دامنا وانص‪###‬رنا على الق‪###‬وم‬
‫الكافرين‪ ..‬ربنا افتح بيننا وبين قومنا ب‪#‬الحق وأنت خ‪#‬ير الف‪#‬اتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على‬
‫القوم الكافرين‪ ..‬ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك‬
‫رحمة إنك أنت الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫عباد هللا ‪﴿ ..‬إِنَّ هّللا َ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫اإل ْح َ‬
‫َن ا ْلفَ ْحشَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫‪ -4‬بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫بسم هللا ال‪###‬رحمن ال‪###‬رحيم‪ ،‬الحمد هلل القائل‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب الَّ ِذينَ‬
‫وص﴾‪ ،‬نحم‪##‬ده حم‪##‬دا‬ ‫صـ ٌ‬ ‫صـفّا ً َكــأَنَّ ُهم بُنيَــانٌ َّم ْر ُ‬ ‫يُقَاتِلُونَ فِي َ‬
‫سـبِيلِ ِه َ‬
‫كث‪##‬يرا‪ ،‬ونش‪##‬كره ش‪##‬كرا ج‪##‬زيال ع‪##‬د َد خلقِ‪##‬ه‪ ،‬ورض‪##‬اء نفس‪##‬ه‪ ،‬وزنة‬
‫عرشه‪ ،‬ومداد كلماته‪ .‬وأش‪#‬هد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال ش‪#‬ريك ل‪#‬ه‪،‬‬
‫ق س‪##‬واه‪ .‬وأش‪##‬هد أن س‪##‬يدنا وأس‪##‬وتنا محم‪##‬دا عب ‪ُ #‬دهُ‬ ‫وال معب‪##‬ود بح ‪ٍّ #‬‬
‫ورسوله القائل صلى هللا عليه وعلى آله وس‪##‬لم‪َ « :‬مثَ‪ُ #‬ل ْال ُم َجا ِه‪ِ #‬د فِي‬
‫الص ‪#‬ائِ ِم ْالقَ‪##‬ائِ ِم‬ ‫يل هَّللا ِ‪َ ،‬وهَّللا ُ أَ ْعلَ ُم ِب َم ْن ي َُجا ِه ‪ُ #‬د فِي َس ‪#‬بِيلِ ِه‪َ ،‬ك َمثَ‪ِ #‬‬
‫‪#‬ل َّ‬ ‫َس ‪#‬بِ ِ‬
‫اج ِد»‪ ،‬ص‪##‬لى هللا وس‪##‬لَّم عليه وعلى آله الطي‪##‬بين‬ ‫الس‪ِ #‬‬ ‫خَاش ِع الرَّا ِك ِع َّ‬ ‫ْال ِ‬
‫الطاهرين‪ ،‬قرناء القرآن الك‪##‬ريم‪ ،‬وس‪##‬فن النج‪##‬اة للع‪##‬المين‪ ،‬ورضي‬
‫هللا عن صحبه األخيار‪ ،‬من المهاجرين واألنصار‪.‬‬
‫أما بعد أيها المؤمنون‪:‬‬
‫‪#‬ن ال ُخل‪##‬ق؛ فهما س‪##‬ببان‬ ‫ونفسي بتقوى هللا س‪##‬بحانه وحس‪ِ #‬‬
‫َ‬ ‫أوصيكم‬
‫وس‪##‬لَّم‪:‬‬
‫ص‪##‬لَّى هللا َعلَيْه َوآله َ‬
‫ل‪##‬دخول الجن‪##‬ة‪ ،‬فقد س‪##‬ئل رس‪##‬و ُل هللا َ‬
‫أكثر ما يُ ْد ِخل الجنَّة؟ قال‪ :‬تقوى هللا وحسن الخلق»‪.‬‬
‫«مــــــــا َ‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫الجنة هي دار المتقين اس‪##‬تحقوها وف‪##‬ازوا به‪##‬ا؛ ألنهم اس‪##‬تقاموا‬
‫على التق‪##‬وى‪ ،‬وال‪##‬تزموا بها وجعلوها خ‪##‬ير زاد في حي‪##‬اتهم‪ ،‬ق‪##‬ال‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬وقِي َل لِلَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا َما َذا أَ ْنزَ َل َربُّ ُك ْم قَالُوا َخ ْي ًرا لِلَّ ِذينَ أَ ْح َ‬
‫سنُوا‬
‫سنَةٌ َولَدَا ُر اآْل ِخ َر ِة َخ ْيـ ٌر َولَنِ ْع َم دَا ُر ا ْل ُمتَّقِينَ ‪َ .‬جنَّاتُ‬
‫فِي َه ِذ ِه ال ُّد ْنيَا َح َ‬
‫ْن يَــد ُْخلُونَ َها ت َْجــ ِري ِمنْ ت َْحتِ َها اأْل َ ْن َهــا ُر لَ ُه ْم فِي َها َما يَ َ‬
‫شــا ُءونَ‬ ‫عَــ د ٍ‬
‫َك َذلِكَ يَ ْج ِزي هَّللا ُ ا ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬
‫عبــــاد هللا ‪ ..‬يجب أن نقف مع أنفس‪####‬نا وقفة ص‪####‬ادقة وج‪####‬ا َّدة‬
‫ومسؤولة؛ يقول الحبيب المصطفى محمد صلى هللا عليه وعلى آله‬
‫ب نَ ْف َس‪#‬هُ أَ َش‪ُّ #‬د ِم ْن ُم َح َ‬
‫اس‪#‬بَ ِة‬ ‫ون ْال َع ْب ُد ُم ْؤ ِمنا ً َحتَّى يَ َح ِ‬
‫اس‪َ #‬‬ ‫وسلم‪« :‬ال يَ ُك ُ‬
‫يك لِ َش ِري ِك ِه َو ْال َّسيِّ ِد لِ َع ْب ِد ِه‪َ ،‬ويَ ْعلَ ُم َما َم ْ‬
‫ط َع ُم‪ #‬هُ‪َ ،‬و َما َم ْش ‪َ #‬ربُهُ‪َ ،‬و َما‬ ‫ال َّش ِر ِ‬
‫الل َذلِكَ ‪ ،‬أَم ِم ْن َح َر ٍام»‪ .‬ومحاس‪##‬بة النفس دلي ‪ٌ #‬ل على‬ ‫َم ْلبَ ُسهُ‪ ،‬أَ ِم ْن َح ٍ‬
‫ٌ‬
‫وبرهان على يقينه باليوم اآلخر‪.‬‬ ‫رقابة المؤمن لربه‪ ،‬وخوفِه منه‪،‬‬
‫والجنة سلعة هللا الغالي‪##‬ة‪ ،‬وج‪##‬زاؤه الع‪##‬ادل ألوليائه المتقين‪ ،‬وقد‬
‫وع‪##‬دهم بها ج‪##‬زا ًء على تق‪##‬واهم‪ ،‬ومثَّلها لهم وق ‪#‬ر َ‬
‫َّب ص‪##‬ورتها إلى‬
‫أفهامهم‪ ،‬ور َّغب في نعيمها إلى أنفسهم حتى تك‪##‬ونَ نص‪َ #‬‬
‫‪#‬ب أعينِهم‪،‬‬
‫وحاضرة في عق‪##‬ولهم؛ ليكون‪##‬وا من الراغ‪##‬بين فيه‪##‬ا‪ ،‬والس‪##‬اعين لها‬
‫ببعض ما فيها من النعيم المقيم ح‪##‬تى‬
‫ِ‬ ‫حق سعيها‪ ،‬وأخبر هللا المتقين‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫يسارع المؤمن‪##‬ون إلى مغف‪##‬ر ِ‪#‬ة ربِّهم‪ ،‬ويس‪##‬ابقوا في طلب مرض‪##‬اته؛‬


‫ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬مثَــ ُل ا ْل َجنَّ ِة الَّتِي ُو ِعــ َد ا ْل ُمتَّقُــونَ ت َْجــ ِري ِمنْ ت َْحتِ َها‬
‫اأْل َ ْن َها ُر أُ ُكلُ َها دَائِ ٌم َو ِظلُّ َها تِ ْلــكَ ُع ْقبَى الَّ ِذينَ اتَّقَـ ْ‬
‫ـوا َو ُع ْقبَى ا ْل َكــافِ ِرينَ‬
‫النَّا ُر﴾‪ .‬وقال أيضا ً‪َ ﴿ :‬مثَ ُل ا ْل َجنَّ ِة الَّتِي ُو ِع َد ا ْل ُمتَّقُــونَ ِفي َها أَ ْن َهــا ٌر ِمنْ‬
‫ط ْع ُمهُ َوأَ ْن َها ٌر ِمنْ َخ ْم ٍر لَـ َّـذ ٍة‬
‫آس ٍن َوأَ ْن َها ٌر ِمنْ لَبَ ٍن لَ ْم يَتَ َغيَّ ْر َ‬
‫َما ٍء َغ ْي ِر ِ‬
‫ت‬ ‫ـرا ِ‬ ‫ص ـفًّى َولَ ُه ْم فِي َها ِمنْ ُكـ ِّل الثَّ َمـ َ‬ ‫َس ـ ٍل ُم َ‬ ‫لش ـا ِربِينَ َوأَ ْن َهــا ٌر ِمنْ ع َ‬
‫لِ َّ‬
‫سقُوا َمــا ًء َح ِمي ًما فَقَطَّ َع‬
‫َو َم ْغفِ َرةٌ ِمنْ َربِّ ِه ْم َك َمنْ ه َُو َخالِ ٌد ِفي النَّا ِر َو ُ‬
‫أَ ْم َعا َء ُه ْـم﴾‪.‬‬
‫‪#‬ل‬‫إذا طلب منك أح ُدهم عمال‪ ،‬وطلب منك أن ت‪##‬ترُك أم‪##‬ورا مقاب‪َ #‬‬
‫أم‪##‬اكن‬
‫ِ‬ ‫أحسن‬
‫ِ‬ ‫ْطيَك قصرا‪ ،‬تتوفَّ ُر فيه كلُّ ُمتَطلَّبات الراحة‪ #‬في‬
‫أن يُع ِ‬
‫االرض أليس هذا عرضا س‪##‬خيا؟ مع أنك إن ف‪##‬زت به لن تس‪##‬لم من‬
‫المرض‪ ،‬لن تس‪##‬لم من ال ِكبَ‪##‬ر‪ ،‬لن تس ‪#‬لَم من الهم والغم‪ ،‬س‪##‬تفارقه ال‬
‫محالة ألنك ستموت في النهاية؟‬
‫ُ‬
‫‪#‬ماوات‬
‫عرض ‪#‬ها الس‪#‬‬
‫ُ‬ ‫ض هللا الذي ُخ ِل ْقنا ألجله‪ ،‬جنةٌ‬
‫فلننظر إلى عرْ ِ‬
‫عين رأت‪ ،‬وال ٌ‬
‫أذن س‪##‬معت‪ ،‬وال خطر على قلب‬ ‫واألرض‪ ،‬فيها ماال ٌ‬
‫بشر‪.‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫إخواني ‪ ..‬أقلُّ أهل الجنة نصيبا يكون له مثل ال‪##‬دنيا‪ ،‬والقص‪##‬و ُر‬
‫فيها لبِن‪###‬ةٌ من فض‪###‬ة‪ ،‬ولبِن‪###‬ةٌ من ذهب‪ ،‬طال ُؤها ال ِمس‪ُ ###‬‬
‫ك‪ ،‬ترابُها‬
‫يوجد مث‪ُ #‬ل ه‪##‬ذا النعيم؟ هل نتخيل ه‪##‬ذا النعيم؟ ومع‬
‫الزعف‪##‬ران‪ ،‬هل َ‬
‫مرض وال ه َّم وال غم‪ ،‬أما كم ستعيش في ذلك النعيم؟ فليس‬
‫َ‬ ‫ذلك ال‬
‫ستين سنة وال ألف سنة وال مليون سنة وال مليار سنة وال ملي‪#‬ارات‬
‫السنين‪ ،‬إنه الخلود األبدي الذي ال نستطيع قياسه وال تخيُّلَه‪.‬‬
‫فهل نتخلَّى عن ذلك النعيم األبدي مقابل حط‪##‬ام من حط‪##‬ام ال‪##‬دنيا‬
‫أيام قالئل؟ لقد خسرنا وهللا إذن خسرانا‬
‫التي سنفارقها‪ #‬ال محالة‪ #‬بعد ٍ‬
‫كبيرا‪.‬‬
‫عب‪##‬اد هللا ليست المش‪##‬كلة فحسب أنها س‪##‬تفوتنا الجن‪##‬ة‪ ،‬بل إذا لم‬
‫نُ ِط ِع هللاَ‪ ،‬إذا عصينا هللا ولم نتُبْ ‪ ،‬س‪##‬يكون مص‪##‬يرُنا هو الخل‪##‬و َد في‬
‫الع‪##‬ذاب األليم‪ ،‬في ن‪##‬ار جهنم‪ ،‬ع‪##‬ذاب ال يحيط به الوص‪##‬ف؛ ﴿ َو َمنْ‬
‫سولَهُ َويَتَ َع َّد ُحدُو َدهُ يُد ِْخ ْلهُ نَا ًرا َخالِدًا فِي َها َولَهُ َعـ َذ ٌ‬
‫اب‬ ‫ص هَّللا َ َو َر ُ‬
‫يَ ْع ِ‬
‫ش َو َكـ َذلِكَ نَ ْجـ ِزي‬ ‫ـوا ٍ‬ ‫ـوقِ ِه ْم َغـ َ‬ ‫ُم ِهينٌ ﴾‪﴿ ،‬لَ ُه ْم ِمنْ َج َهنَّ َم ِم َهــا ٌد َو ِمنْ فَـ ْ‬
‫اب ُكـ ُّل َجبَّا ٍر َعنِيـ ٍد ‪ِ .‬منْ َو َرائِـ ِه َج َهنَّ ُم‬ ‫ستَ ْفت َُحوا َو َخـ َ‬ ‫الظَّالِ ِمينَ ﴾‪َ ﴿ ،‬وا ْ‬
‫ـوتُ‬ ‫سـي ُغهُ َويَأْتِيـ ِه ا ْل َمـ ْ‬‫ص ِدي ٍد ‪ .‬يَت ََج َّر ُعـ هُ َواَل يَ َكــا ُد يُ ِ‬ ‫سقَى ِمنْ َما ٍء َ‬ ‫َويُ ْ‬
‫ت َو ِمنْ َو َرائِ ِه َع َذ ٌ‬
‫اب َغلِيظٌ﴾‪ ،‬يس‪#‬تمر على‬ ‫ِمنْ ُك ِّل َم َك ٍ‬
‫ان َو َما ه َُو بِ َميِّ ٍ‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫‪#‬ار ع‪##‬ام‪ ،‬وانما‬


‫هذه الحالة‪ #‬من العذاب ك‪##‬ذلك ليس مئة ع‪##‬ام‪ ،‬وال ملي‪َ #‬‬
‫س‬‫خالدا مخلدا‪ ،‬ال ينفعُه شفي ٌع وال قريبٌ ‪ ،‬فال تغ ‪#‬رَّنك ُم األم‪##‬اني‪﴿ ،‬لَ ْي َ‬
‫سو ًءا يُ ْجزَ بِ ِه َواَل يَ ِج ْد لَ ـهُ‬ ‫بِأ َ َمانِيِّ ُك ْم َواَل أَ َمانِ ِّي أَه ِْل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب َمنْ يَ ْع َم ْل ُ‬
‫ُون هَّللا ِ َولِيًّا َواَل نَ ِ‬
‫صي ًرا﴾‪.‬‬ ‫ِمنْ د ِ‬
‫لن ينفعك أيها اإلنس‪####‬ان العاصي أن هللا غف‪####‬ور رحيم‪ ،‬وال أننا‬
‫سـنَا النَّا ُر ِإاَّل أَيَّا ًما َم ْعـ دُو َدةًـ‬ ‫سنُ َّ‬
‫عذب قليال ثم سنخرج‪َ ﴿ ،‬وقَالُوا لَنْ تَ َم َّ‬
‫قُ ْل أَتَّ َخ ْذتُ ْم ِع ْن َد هَّللا ِ َع ْهدًا فَلَنْ يُ ْخلِفَ هَّللا ُ َع ْهـ َدهُ أَ ْم تَقُولُــونَ َعلَى هَّللا ِ‬
‫سـيِّئَةً َوأَ َحـ اطَتْ بِـ ِه َخ ِطيئَتُـهُ فَأُولَئِــكَ‬‫ب َ‬ ‫س َ‬‫َما اَل تَ ْعلَ ُمونَ ‪ .‬بَلَى َمنْ َك َ‬
‫اب النَّا ِر ُه ْم فِي َها َخالِدُونَ ﴾‪.‬‬ ‫أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬
‫أخي المــؤمن الحــريص على نفسك ‪ ..‬لن ينفعك إال تق‪##‬وى هللا في‬
‫السر والعلن‪ ،‬والتقوى الحقيقية هي التي تجعلُ ص‪#‬اح َبها قريبا من هللا‪،‬‬
‫ال يُ ْق‪ِ ##‬دم على أيِّ معص‪##‬ية هلل‪ ،‬وال يف‪##‬رِّط في أيِّ واجب‪ ،‬واثقا في كل‬
‫حاالته باهلل‪ ،‬متو ِّكال عليه‪ ،‬مخ ِلصا له‪ ،‬ال يخاف إال من‪##‬ه‪ ،‬وال يس‪##‬تقوي‬
‫النصر إال من عنده‬
‫َ‬ ‫يلتجئ إال إليه عند ال ُمل َّمات‪ ،‬وال يطلبُ‬
‫إال به‪ ،‬وال ِ‬
‫عند تكالُ ِ‬
‫ب األعداء والطغاة‪.‬‬
‫يحبُّ‬‫فبتقوى هللا تعالى يستحق الناسُ محبةَ هللا؛ ألن هللا تع‪##‬الى ِ‬
‫عب‪##‬ادَه األتقي‪##‬اء؛ ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪﴿ :‬بَلَى َمنْ أَ ْوفَى بِ َع ْهـ ِد ِه َواتَّقَى َفـإِنَّ هَّللا َ‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫يُ ِح ُّب ا ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪ ،‬وإذا أحبهم هللا نص‪##‬رهم‪ ،‬وأي‪##‬دهم‪ ،‬والتق‪##‬وى ال‪##‬تي‬
‫تورث العبد محبة هللا تع‪##‬الى‪ ،‬وتمنحُه لطفَه وكر َمه ومعيتَه وعنايتَه‬
‫وحفظَه هي ال‪##‬تي عرَّفها اإلم‪##‬ام علي بن أبي ط‪##‬الب عليه الس‪##‬الم‬
‫بقوله‪« :‬هي الخوف من الجليل‪ ،‬والعمل بالتنزيل‪ ،‬والرضا بالقليل‪،‬‬
‫واالستعداد ليوم الرحيل»‪.‬‬
‫هي التقوى كما استخلص‪##‬ها الس‪##‬يد حس‪##‬ين رض‪##‬وان هللا عليه من‬
‫الق‪####‬رآن‪ ،‬وأنها "حالة نفس‪####‬يه يخلقُها اإليم‪####‬ان ال‪####‬واعي في نفس‬
‫اإلنس‪###‬ان‪ ،‬ويخلقها‪ #‬التص‪###‬ديق العملي في واقع المي‪###‬دان‪ .‬هي حالة‬
‫تسيطر على مشاعرنا‪ ،‬فنك‪##‬ون على ح‪َ #‬ذ ٍر ش‪##‬دي ٍد من أن ِّ‬
‫نقص‪#‬ر‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫نُه ِمل‪ ،‬أو نبتع‪َ #‬د عن من أرش‪#‬دَنا هللاُ تع‪##‬الى إلي‪##‬ه‪ ،‬تع‪##‬ني انطالقة في‬
‫التحلي بالفض‪###‬ائل‪ ،‬وانطالقة في كل العب‪###‬ادات ال‪###‬تي ش‪###‬رعها هللا‬
‫واع‪ ،‬ونفهم مقاصد هللا سبحانه‬
‫بشكل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫سبحانه وتعالى لنؤديَها كاملة‬
‫وتعالى ومقاصد كتابه في تشريعها‪.‬‬
‫إنها حالة من اليقظ‪###‬ة‪ ،‬وحالة من الش‪###‬عور بالمس‪###‬ؤولية‪ ،‬ومعناها‬
‫‪#‬ل منا‬
‫‪#‬دائم من جانبه فيما إذا حص‪َ #‬‬ ‫الحذر منه‪ ،‬أن نعيش حال َة الح‪ِ #‬‬
‫‪#‬ذر ال‪ِ #‬‬
‫يرش ‪ُ #‬دنا إلي‪##‬ه‪ ،‬وفيما يأمرُنا به وينهانا‬
‫تقص‪##‬ير فيما يوجِّ هُنا إلي‪##‬ه‪ ،‬وفيما ِ‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬
‫والتقي هو َم ْن نفسُه ي ِق َ‬
‫ظة مليئة بالخوف من هللا س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى‬ ‫ُّ‬ ‫عنه‪،‬‬
‫وبالخشية هلل سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫والمتَّقون هم أصحابُ حرك ٍة دائمة ونف‪##‬و ٍ‬


‫س يقِظة دائم‪##‬ا‪ ،‬هم َم ْن‬
‫يرون أن من واجبهم أن يجاهدوا في سبيل هللا‪ ،‬ويرون أنه ال بد أن‬
‫يكونوا مجاهدين في س‪##‬بيل هللا‪ ،‬يك‪##‬افِحون أع‪##‬دا َء هللا‪ ،‬ويزيح‪##‬ونهم‪،‬‬
‫ويعملون على إظهار دين هللا في األرض كلها‪.‬‬

‫وتأتي عبارات ﴿اتَّقُو ْا هّللا َ﴾ في القرآن الكريم في مقام‪##‬ا ٍ‬


‫ت كث‪##‬يرة‬
‫لتوحي للناس بأن المس‪##‬ألة هامة ل‪##‬دى هللا‬
‫َ‬ ‫في مقدِّم ِة كلِّ قضية ها َّمة‬
‫تع‪##‬الى‪ ،‬لينطَلِق‪##‬وا من منطلَق الح‪َ ##‬ذر من هللا ب‪##‬أن ِّ‬
‫يقص‪##‬روا في تلك‬
‫سيضربُهم إذا قصَّروا‪ ،‬وس‪##‬يكون عقابُه‬
‫ِ‬ ‫القضية؛ ألنه هو تعالى َم ْن‬
‫شديدا عليهم؛ ألنه ال يكون لهم أي وقاية من سخطه وعقابه‪.‬‬
‫وعندما تتقي هللا أيها األخ المسلم س‪##‬يبيِّن هللاُ لك ما يش ‪ِّ #‬كل وقاي ‪#‬ةً‬
‫نفس ‪#‬ك‪ ،‬وس‪##‬تد ُخل‬
‫لك من أولئك األع‪##‬داء‪ ،‬أما إذا نس‪##‬يتَ هللا ستنسى َ‬
‫في مواق‪##‬فَ ال تش‪ِّ #‬كل لك فيها وقاي‪##‬ة‪ ،‬ال من هللا وال من الع‪##‬دو‪ ،‬لكن‬
‫التق‪##‬وى تش‪ِّ ##‬كل لك مناعة من أش‪##‬يا َء كث‪##‬يرة‪ ،‬من أش‪##‬ياء طالما أراد‬
‫األعداء أن يوقعوك فيها‪.‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫وعلينا أن نوقن أنه إذا فقد الناسُ التقوى في نفوسهم في أعمالهم‬
‫فلن يكونوا جديرين أبدا بنصر هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وسيكون هللا هو‬
‫أول من يواجههم"‪.‬‬
‫َ‬
‫س وخ‪##‬ي ُر زا ٍد‪ ،‬كما ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪:‬‬ ‫التقوى أيها المؤمن‪##‬ون خ‪##‬ي ُر لب‪##‬ا ٍ‬
‫ى َذلِــكَ َخ ْيـ ٌر﴾‪ ،‬وق‪##‬ال س‪##‬بحانه‪َ ﴿ :‬وتَــزَ َّودُو ْا فَـإِنَّ َخ ْيـ َ‬
‫ـر‬ ‫اس التَّ ْق َو َ‬
‫﴿ َولِبَ ُ‬
‫ال َّزا ِد التَّ ْق َوى﴾‪ ،‬تدفَ ُع المؤم‪##‬نين إلى الخ‪##‬وف من هللا وح‪##‬ده‪ ،‬وتجع‪ُ #‬ل‬
‫المسلمين ال يخشون أحدا سواه‪ ،‬وكذلك تجع ُل المس‪##‬ل َم ب‪##‬اذال لمال‪##‬ه‪،‬‬
‫ســا ِرعُوا إِلَى‬ ‫منفِقا‪ #‬له في الس‪##‬رَّاء والض‪##‬رَّاء‪ ،‬كما ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬و َ‬
‫ض أُ ِعدَّتْ لِ ْل ُمتَّقِينَ‬
‫اواتُ َواأْل َ ْر ُ‬
‫س َم َ‬ ‫َم ْغفِ َر ٍة ِمنْ َربِّ ُك ْم َو َجنَّ ٍة ع َْر ُ‬
‫ض َها ال َّ‬
‫ـاظ ِمينَ ا ْل َغ ْيـظَ َوا ْل َعــافِينَ‬
‫الضـ َّرا ِء َوا ْل َكـ ِ‬
‫س َّرا ِء َو َّ‬ ‫‪ .‬الَّ ِذينَ يُ ْنفِقُونَ فِي ال َّ‬
‫س َوهَّللا ُ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْح ِ‬
‫سنِينَ ﴾‪.‬‬ ‫َن النَّا ِ‬
‫ع ِ‬
‫فالمسارعة إلى اإلنفاق دلي‪ٌ #‬ل عملي على التق‪##‬وى‪ ،‬ومظهَ‪ٌ #‬ر يعبِّر‬
‫أحوجنا في هذه األيام إلى البذل والسخاء واإلنفاق‬‫َ‬ ‫عن تحقُّقِها‪ #،‬وما‬
‫أعظم‬
‫ِ‬ ‫في سبيل هللا تعالى‪ ،‬وتقديم القوافل تِ ْل َو القوافل؛ ف‪##‬إن ذلك من‬
‫‪#‬رب عند هللا‪ ،‬ولها دو ٌر كب‪##‬ير وأث ‪ٌ #‬ر ملم‪##‬وس في رفد الجبه‪##‬ات‪،‬‬ ‫القُ‪َ #‬‬
‫ورفع المعنوي‪##‬ات‪ ،‬وتقوية الع‪##‬زائم والنفس‪##‬يات ل‪##‬دى المجاه‪##‬دين في‬
‫الجبهات‪ ،‬ولها األثر األكبر كذلك على نفسيات األعداء‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫‪#‬ل والتع‪##‬اوُنَ واس‪##‬تمراريةَ تح‪##‬رُّ ِ‬


‫ك‬ ‫‪#‬روْ ن التكاف‪َ #‬‬
‫فاألع‪##‬داء عن‪##‬دما ي‪َ #‬‬
‫‪#‬أس واإلحب‪##‬اط‪،‬‬
‫القوافل يزدادون قلقا وخوفا ورُعبا‪ ،‬ويشعُرون بالي‪ِ #‬‬
‫ب هذا الش‪##‬عب؛ ول‪##‬ذا فاإلنف‪##‬اق‬
‫تماسك وتآخي وتقار ِ‬
‫ِ‬ ‫ويُ ْد ِركون مدى‬
‫في س‪##‬بيل هللا وس‪##‬يلة فاعلة من وس‪##‬ائل الجه‪##‬اد‪ ،‬كما ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪:‬‬
‫يل هَّللا ِ‬ ‫﴿ا ْنفِ ـ ُروا ِخفَافًا َوثِقَ ـااًل َو َجا ِهـدُوا بِــأ َ ْم َوالِ ُك ْم َوأَ ْنفُ ِ‬
‫س ـ ُك ْم فِي َ‬
‫س ـب ِ ِ‬
‫َذلِ ُك ْم َخ ْي ٌر لَ ُك ْم إِنْ ُك ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُمــونَ ﴾‪ ،‬ومن ي‪##‬تر َّدد أو يبخ‪##‬لْ فإنه سيضر‬
‫يل هَّللا ِ‬ ‫نفس‪#‬ه‪ ،‬ق‪#‬ال تع‪#‬الى‪﴿ :‬هَا أَ ْنتُ ْم َهـ ُؤاَل ِء تُـ ْدع َْونَ لِتُ ْنفِقُــوا فِي َ‬
‫س ـب ِ ِ‬
‫س ِه َوهَّللا ُ ا ْل َغنِ ُّي َوأَ ْنتُ ُم‬
‫َف ِم ْن ُك ْم َمنْ يَ ْب َخ ُل َو َمنْ يَ ْب َخ ْل َفإِنَّ َما يَ ْب َخ ُل عَنْ نَ ْف ِ‬
‫ستَ ْب ِد ْل قَ ْو ًما َغ ْي َر ُك ْم ثُ َّم اَل يَ ُكونُوا أَ ْمثَالَ ُك ْم﴾‪.‬‬
‫ا ْلفُقَ َرا ُء َوإِنْ تَت ََولَّ ْوا يَ ْ‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫إن للتق‪###‬وى لباسا هو الجه‪###‬اد في س‪###‬بيل هللا تع‪###‬الى‪ ،‬والتح‪###‬رك‬
‫إلعالء كلمت‪##‬ه‪ ،‬ومواجهة أعدائه المتك‪##‬برين‪ ،‬ق‪##‬ال أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين‬
‫علي كرَّم هللاُ وجهَه حاثا ً على الجهاد‪« :‬وهو ‪ -‬أي الجه‪#‬اد ‪ -‬لب‪#‬اسُ‬
‫ع هللا الحص‪##‬ينة‪ ،‬و ُجنَّتُه الوثيق‪##‬ة»‪ ،‬ف‪##‬التقوى الحقيقية‬
‫التق‪##‬وى‪ ،‬و ِدرْ ُ‬
‫هي ال‪##‬تي تجعل المس‪##‬لم مجاه‪##‬دا متحرِّكا متح‪##‬رِّرا من كل القي‪##‬ود‪،‬‬
‫زا ِهدا وقانعا من كل المطا ِمع والشهوات الزائلة‪ ،‬قال تع‪##‬الى‪ُ ﴿ :‬زيِّنَ‬
‫ـاطي ِر ا ْل ُمقَ ْنطَـ َ‬
‫ـر ِة ِمنَ‬ ‫سا ِء َوا ْلبَنِينَ َوا ْلقَنَـ ِ‬
‫ت ِمنَ النِّ َ‬
‫ش َه َوا ِ‬ ‫لِلنَّا ِ‬
‫س ُح ُّب ال َّ‬
‫ث َذلِــكَ َمتَــا ُ‬
‫ع‬ ‫ـام َوا ْل َحـ ْر ِ‬ ‫سـ َّو َم ِة َواأْل َ ْن َعـ ِ‬
‫ـل ا ْل ُم َ‬
‫ضـ ِة َوا ْل َخ ْيـ ِ‬
‫ب َوا ْلفِ َّ‬ ‫ـذ َه ِ‬‫الـ َّ‬
‫ب ‪ .‬قُـ ْل أَ ُؤنَبِّئُ ُك ْم بِ َخ ْيـ ٍر ِمنْ َذلِ ُك ْم‬ ‫سـنُ ا ْل َمــآ ِ‬ ‫ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوهَّللا ُ ِع ْن َدهُ ُح ْ‬
‫لِلَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا ِع ْن َد َربِّ ِه ْم َجنَّاتٌ ت َْج ِري ِمنْ ت َْحتِ َها اأْل َ ْن َها ُر َخالِـ ِدينَ فِي َها‬
‫صي ٌر بالعباد﴾‪.‬‬ ‫اج ُمطَهَّ َرةٌ َو ِر ْ‬
‫ض َوانٌ ِمنَ هَّللا ِ َوهَّللا ُ بَ ِ‬ ‫َوأَ ْز َو ٌ‬
‫إن التقوى النافعة والص‪#‬ادقة والراس‪#‬خة والمتربِّعة على القل‪#‬وب‬
‫هي التي يكون المؤمنون معها أقوياء أمام المؤامرات‪ ،‬وثابتين عند‬
‫ومتنورين أم‪##‬ام أم‪##‬واج الفتن‪ ،‬ت‪##‬دفع ص‪##‬احبَها لل‪َّ #‬‬
‫‪#‬ذبِّ عن‬ ‫ِّ‬ ‫التحديات‪،‬‬
‫ح َُرم المستضعفين‪ ،‬وتجعله على نور من ربه‪ ،‬وبص‪##‬يرة من أم‪##‬ره‬
‫ُ‬
‫‪#‬المؤمن المتقي‬
‫في جه‪##‬اد المعت‪##‬دين‪ ،‬وإن تلبَّس‪##‬وا بلب‪##‬اس اإلس‪##‬الم‪ ،‬ف‪#‬‬
‫‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫تنوره التقوى؛ قال تعالى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُـوا إِنْ تَتَّقُــوا هَّللا َ يَ ْج َعـ ْل‬ ‫ِّ‬
‫ضـــــ ِل‬ ‫ـــــر لَ ُك ْم َوهَّللا ُ ُذو ا ْلفَ ْ‬
‫ســـــيِّئَاتِ ُك ْم َويَ ْغفِ ْ‬‫لَ ُك ْم فُ ْرقَانًا َويُ َكفِّ ْر َع ْن ُك ْم َ‬
‫ا ْل َع ِظ ِ‬
‫يم﴾‪.‬‬
‫التق‪##‬وى هي ال‪##‬تي تجعلك أيها المس‪##‬لم قويا في مواجهة األع‪##‬داء‪،‬‬
‫وهي التي س‪#‬تنفَ ُع ص‪##‬احبَها ي‪#‬وم الوق‪##‬وف بين ي‪#‬دي هللا تع‪##‬الى‪ ،‬ق‪#‬ال‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬ويَ ْو َم ا ْلقِيَا َم ِة ت ََرى الَّ ِذينَ َك َذبُوا َعلَى هَّللا ِ ُو ُجـ و ُه ُه ْم ُم ْ‬
‫سـ َو َّدةٌ‬
‫ــــــــوا‬
‫ْ‬ ‫س فِي َج َهنَّ َم َم ْثــــــــ ًوى لِ ْل ُمتَ َكبِّ ِرينَ ‪َ .‬ويُنَ ِّجي هَّللا ُ الَّ ِذينَ اتَّقَ‬ ‫أَلَ ْي َ‬
‫سو ُء َواَل ُه ْم يَ ْحزَ نُــونَ ﴾‪ ،‬فاألم‪#‬ان ي‪#‬وم الف‪##‬زع‬ ‫س ُه ُم ال ُّ‬ ‫بِ َمفَازَ تِ ِه ْم اَل يَ َم ُّ‬
‫األكبر هو للمتقين‪.‬‬
‫‪#‬اب بيتِه على‬ ‫أيها المؤمنون‪ :‬ليس من التقوى أن يُ ْغلِ َ‬
‫ق المس‪##‬ل ُم ب‪َ #‬‬
‫لتنفيس كرب‪ِ #‬ة‬
‫ِ‬ ‫يشاركَ شعبَه آال َمه وأحزانَ‪##‬ه‪ ،‬وال يتح ‪َّ #‬ركَ‬
‫ِ‬ ‫نفسه‪ ،‬وال‬
‫مك‪####‬روب‪ ،‬أو قض‪####‬اء حاجة‪ #‬محت‪####‬اج‪ ،‬أو رفد الجبهة بالرج‪####‬ال‪#‬‬
‫والسالح‪.‬‬
‫إنها ت‪###‬دفَ ُع المؤم‪###‬نين للجه‪###‬اد وال‪###‬دفاع والنف‪###‬ير ضد الغ‪###‬زاة‬
‫والمن‪##‬افقين‪ ،‬ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها النَّبِ ُّي َجا ِهــ ِد ا ْل ُكفَّ َ‬
‫ار َوا ْل ُمنَــافِقِينَ‬
‫َوا ْغلُــ ْظ َعلَ ْي ِه ْم َو َمــأْ َوا ُه ْم َج َهنَّ ُم َوبِئ َ‬
‫ْس ا ْل َم ِ‬
‫صــي ُر﴾‪ ،‬وق‪##‬ال س‪##‬بحانه‪:‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪66‬‬
‫‪66‬‬
‫شـ ُرونَ ا ْل َحيَـاةَ الـ ُّد ْنيَا بِـاآْل ِخ َر ِة َو َمنْ‬‫يل هَّللا ِ الَّ ِذينَ يَ ْ‬ ‫سـبِ ِ‬ ‫﴿فَ ْليُقَاتِـ ْل فِي َ‬
‫س ْوفَ نُ ْؤتِي ِه أَ ْج ًرا ع َِظي ًما﴾‪.‬‬ ‫يل هَّللا ِ فَيُ ْقتَ ْل أَ ْو يَ ْغلِ ْب فَ َ‬ ‫يُقَاتِ ْل ِفي َ‬
‫سب ِ ِ‬
‫أال ف‪####‬أين المتق‪####‬ون الراغب‪####‬ون في ه‪####‬ذا األجر العظيم؟ أين‬
‫المتنافس‪##‬ون والمتس‪##‬ابقون إلى الجه‪##‬اد ومواجهة األمريك‪##‬ان؟ ال‪##‬ذين‬
‫ُفس‪##‬دوا وي‪##‬د ِّمروا مجتمعن‪##‬ا‪ ،‬وينهب‪##‬وا‬
‫دخل‪##‬وا بل‪##‬دنا‪ ،‬ويري‪##‬دون أن ي ِ‬
‫ويقس‪#‬موه‪ ،‬كما فعل‪##‬وا في الص‪##‬ومال‬ ‫ِّ‬ ‫خيراته‪ ،‬ويُ‪ِ #‬ذ ُّلوا أهلَه ويفرِّق‪##‬وه‬
‫وأفغانستان والعراق‪.‬‬
‫األمريكيون وهؤالء المعتدون‪﴿ :‬إِنْ يَ ْثقَفُو ُك ْم يَ ُكونُــوا لَ ُك ْم أَ ْعـ دَا ًء‬
‫ـو تَ ْكفُ ـ ُرونَ ﴾‪،‬‬ ‫الس ـو ِء َو َودُّوا لَـ ْ‬ ‫س ـطُوا ِإلَ ْي ُك ْم أَ ْي ـ ِديَ ُه ْم َوأَ ْل ِ‬
‫س ـنَتَ ُه ْم بِ ُّ‬ ‫َويَ ْب ُ‬
‫وق‪##‬ال تع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬واَل يَزَالُــونَ يُقَــاتِلُونَ ُك ْم َحتَّى يَ ـ ُردُّو ُك ْم عَنْ ِدينِ ُك ْم ِإ ِن‬
‫ـو َكــافِ ٌر فَأُولَئِــكَ‬
‫اس ـتَطَاعُوا َو َمنْ يَ ْرتَ ـ ِد ْد ِم ْن ُك ْم عَنْ ِدينِ ـ ِه فَيَ ُمتْ َو ُهـ َ‬
‫ْ‬
‫اب النَّا ِر ُه ْم فِي َها‬ ‫ص ـ َح ُ‬ ‫َحبِطَتْ أَ ْع َمالُ ُه ْم فِي ال ُّد ْنيَا َواآْل ِخ َر ِة َوأُولَئِــكَ أَ ْ‬
‫َخالِدُونَ ﴾‪.‬‬
‫قلت ما سمعتُم‪ ،‬وأستغف ُر هللاَ العظي َم لي ولكم‪ ،‬فاستغفروه إنه هو‬
‫ُ‬
‫الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪71‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫يل هَّللا ِ الَّ ِذينَ يُقَـــاتِلُونَ ُك ْم َواَل‬ ‫الحمد هلل القائل ‪َ ﴿ :‬وقَـــاتِلُوا فِي َ‬
‫ســـبِ ِ‬
‫تَ ْعتَدُوا ِإنَّ هَّللا َ اَل يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْعتَ ـ ِدينَ ﴾‪ .‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال‬
‫ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪ ،‬ناص ‪ُ #‬ر المظل‪##‬ومين‪ ،‬و ُم ِع‪ُّ #‬‬
‫‪#‬ز المؤم‪##‬نين‪ ،‬و ُم‪ِ #‬ذل الكف‪##‬ار‬
‫أن س‪##‬يدنا وأس‪##‬وتنا محم‪##‬دا عب‪ُ ##‬د هللا ورس‪##‬ولُه‬ ‫والمن‪##‬افقين‪ .‬وأش‪##‬هد ّ‬
‫القائل‪« :‬من اغبر ْ‬
‫َّت قدماه في سبيل هللا حرَّم هللاُ وجهَه على الن‪##‬ار‪،‬‬
‫بسهم في سبيل هللا فبلَغ أو قصُر ك‪##‬ان‪ ‬كعتق رقب ‪ٍ #‬ة‪ ،‬ومن‬
‫ٍ‬ ‫ومن رمى‬
‫جج‪ ،‬حج ‪#‬ةٌ في إثر‬ ‫‪#‬يف في س‪##‬بيل هللا فكأنه ح َّج عش‪َ #‬‬
‫‪#‬ر ِح ٍ‬ ‫ض‪##‬رب بس‪ٍ #‬‬
‫حج ‪ٍ #‬ة»‪ .#‬ص‪##‬لى هللا وس‪##‬لم عليه وعلى آله األطه‪##‬ار ورضي هللا عن‬
‫صحبه‪ ‬األخيار‪.‬‬
‫وبعد‬
‫يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى لنبيه المص‪##‬طفى ص‪##‬لى هللا عليه وآله‪﴿ :‬فَت ََو َّك ْل‬
‫ب لَ ُك ْم‬ ‫صـــ ْر ُك ُم هَّللا ُ فَاَل َغـــالِ َ‬ ‫َعلَى هَّللا ِ إِنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُمت َ‬
‫َـــو ِّكلِينَ ‪ ،‬إِنْ يَ ْن ُ‬
‫َوإِنْ يَ ْخـــ ُذ ْل ُك ْم فَ َمنْ َذا الَّ ِذي يَ ْن ُ‬
‫صـــ ُر ُك ْم ِمنْ بَ ْعـــ ِد ِه َو َعلَى هَّللا ِ فَ ْليَت ََو َّك ِل‬
‫ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ ﴾‪ ،‬وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َعلَى هَّللا ِ فَ ْليَت ََو َّك ِل ا ْل ُمت ََو ِّكلُــونَ ﴾‪ .‬فوكيلُنا‬
‫ووليُّنا ومعينُنا وناصرُنا ونصيرُنا منذ بداية الع‪##‬دوان إلى الي‪##‬وم هو‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪72‬‬
‫‪72‬‬
‫ق ب‪#‬ه‪ ،‬وال يُ‪ِّ #‬ذل من اع‪#‬ت َّز ب‪#‬ه‪ ،‬وال‬
‫هللاُ تع‪#‬الى ال‪#‬ذي ال يُخَ يِّبُ من وثِ‪َ #‬‬
‫ْض ‪ُ #‬ع َم ِن اس‪##‬تقوى ب‪##‬ه‪ ،‬فمهما ك‪##‬انت التهدي‪##‬دات‬ ‫ض ‪#‬ع ُ‬
‫ُف أو يتضع َ‬ ‫َي ْ‬
‫واإلرجافات واإلش‪#‬اعات‪ ،‬ومهما ك‪#‬ان التحش‪#‬يد والتجميع والتهويل‬
‫ُ‬
‫موق‪##‬ف‬ ‫ت ستسقُطُ اليوم كما سقطت باألمس‪ ،‬وه‪##‬ذا هو‬
‫فكلُّ الرهانا ِ‬
‫المؤمنين وقرارُهم عن‪##‬دما يتك‪##‬الب عليهم األع‪##‬داء ويت‪##‬آمرون‪ ،‬ق‪##‬ال‬
‫شـ ْو ُه ْم‬ ‫اس قَـ ْد َج َم ُعــوا لَ ُك ْم فَ ْ‬
‫اخ َ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬الَّ ِذينَ قَــا َل لَ ُه ُم النَّ ُ‬
‫اس ِإنَّ النَّ َ‬
‫فَزَ ا َد ُه ْم إِي َمانًا َوقَالُوا َح ْ‬
‫سبُنَا هَّللا ُ َونِ ْع َم ا ْل َو ِكي ُل﴾‪.‬‬
‫فيا تُ َرى كيف كانت النتيجة؟ وكيف ك‪##‬انت عاقبة المؤم‪##‬نين؟ هل‬
‫خذلهم هللا أو أهملهم؟ ال وهللا بل كانوا هم األقوى باهلل واألع َّز ب‪##‬ه‪،‬‬
‫س ـو ٌء‬
‫س ـ ُه ْم ُ‬
‫س ْ‬ ‫ق‪##‬ال تع‪##‬الى‪﴿ :‬فَــا ْنقَلَبُوا بِنِ ْع َمـ ٍة ِمنَ هَّللا ِ َوفَ ْ‬
‫ض ـ ٍل لَ ْم يَ ْم َ‬
‫يم﴾‪.‬‬ ‫ض َوانَ هَّللا ِ َوهَّللا ُ ُذو فَ ْ‬
‫ض ٍل ع َِظ ٍ‬ ‫َواتَّبَ ُعوا ِر ْ‬
‫أيها المؤمن‪###‬ون ‪ ..‬ها أنتم ت‪###‬رون وتش‪###‬اهدون ب‪###‬أ ِّم أعينِكم كيف‬
‫المرتزقة إلى إرضاء أمريكا وإسرائيل والس‪##‬عودية وقط‪##‬ر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يسار ُ‬
‫ع‬ ‫ِ‬
‫يسارعون في تنفيذ مخططات الكفر‪ ،‬وهم للك‪##‬افرين أق‪##‬رب‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وكيف‬
‫وهذا هو شأن المنافقين في كل زم‪##‬ان ومك‪##‬ان‪ ،‬يتل َّون‪##‬ون كما تتل‪َّ #‬ون‬
‫الحرباء‪ ،‬وه‪##‬ذا ما أش‪##‬ار إليه تع‪##‬الى بقوله‪َ ﴿ :‬وإِ َذا لَقُــوا الَّ ِذينَ آ َمنُــوا‬
‫اطينِ ِه ْم قَــــالُوا ِإنَّا َم َع ُك ْم ِإنَّ َما نَ ْحنُ‬ ‫قَــــالُوا آ َمنَّا َوإِ َذا َخلَ ْ‬
‫ــــوا ِإلَى َ‬
‫شــــيَ ِ‬
‫‪71‬‬
‫‪71‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫ئ بِ ِه ْم َويَ ُمـ ُّد ُه ْم فِي طُ ْغيَــانِ ِه ْم يَ ْع َم ُهــونَ ‪.‬‬ ‫س ـتَ ْه ِزئُونَ ‪ .‬هَّللا ُ يَ ْ‬
‫س ـتَ ْه ِز ُ‬ ‫ُم ْ‬
‫الضــاَل لَةَ بِا ْل ُهــدَى فَ َما َربِ َحتْ تِ َجــ َ‬
‫ارتُ ُه ْم َو َما‬ ‫اشــت ََر ُوا َّ‬ ‫أُولَئِــكَ الَّ ِذينَ ْ‬
‫َكانُوا ُم ْهتَ ِدينَ ﴾‪.‬‬
‫لقد ركنوا إلى الجب‪##‬ابرة والظ‪##‬المين من آل س‪##‬عود‪ ،‬وتح‪##‬الفوا‪ #‬مع‬
‫أمريكا ويقاتلون في صفها‪ ،‬ال يبالون بش‪##‬عوبهم‪ ،‬وال يت‪##‬ألَّمون آلالم‬
‫‪#‬ع‪ ،‬ومثل ه‪##‬ؤالء ال ش‪##‬رعية‬
‫وطنهم‪ ،‬بل يتعاملون مع الش‪##‬عب كقطي‪ٍ #‬‬
‫لهم‪ ،‬ويجب أن نق‪##‬ول لهم‪ :‬كفى‪ ،‬ليس باللس‪##‬ان‪ ،‬بل بالفعل والحركة‬
‫والنف‪##‬ير‪ ،‬واإلع‪##‬داد والتحش‪##‬يد والت‪##‬دريب وتقوية المعنوي‪##‬ات‪ ،‬ق‪##‬ال‬
‫الس ـ ْل ِم َوأَ ْنتُ ُم اأْل َ ْعلَـ ْ‬
‫ـونَ َوهَّللا ُ َم َع ُك ْم‬ ‫تع‪##‬الى‪﴿ :‬فَاَل تَ ِهنُــوا َوتَ ـ ْدعُوا إِلَى َّ‬
‫َولَنْ يَتِ َر ُك ْم أَ ْع َمالَ ُك ْم﴾‪.‬‬
‫ال خيار لكم يا أبناء اإليم‪##‬ان إال المواجهة ح‪##‬تى يجنح‪##‬وا للس‪##‬لم‪،‬‬
‫ولن يجنح‪####‬وا للس‪####‬لم إال بالتنكيل بهم ومالحقتهم إلى أوك‪####‬ارهم‪،‬‬
‫رجفة ال‪##‬تي‬
‫ت ال ُم ِ‬
‫ت األص‪##‬وا ِ‬
‫والتع‪##‬اون في كشف خالي‪##‬اهم‪ ،‬وإس‪##‬كا ِ‬
‫تس‪####‬عى لخلخلة‪ #‬الجبهة الداخلي‪####‬ة‪ ،‬والتقليل من الجه‪####‬ود الجب‪####‬ارة‬
‫إلنجازات الجيش واللجان الشعبية ولقيادة الثورة المبارك‪##‬ة‪ ،‬القي‪##‬ادة‬
‫لننتص َر على قوى االس‪##‬تكبار‪ ،‬فقد ك‪##‬انت‬
‫ِ‬ ‫التي علينا االلتفاف حولها‬
‫بح‪ٍّ #######‬‬
‫ق عند مس‪#######‬توى المس‪#######‬ئولية في إدارة المعركة الداخلية‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬ ‫‪72‬‬
‫‪72‬‬
‫والخارجية‪ ،‬من جميع جوانبها العسكرية واالقتصادية والسياس‪##‬ية؛‬
‫ق والتن‪###‬از َع عاقبتُه‬
‫وله‪###‬ذا علينا االعتص‪###‬ام واالتب‪###‬اع؛ ألن التف‪###‬رُّ َ‬
‫الفشلُ‪ ،‬والضرر سيطال الجميع‪.‬‬
‫على اليمنيين أن يواجهوا ك َّل األصوات النشاز‪ ،‬والمثيرة للفتنة‪،‬‬
‫ض‪##‬من مخطَّط‪##‬اتهم أنهم يخصِّ ص‪##‬ون‬ ‫وال ُم ْش‪ِ ##‬علة للنع‪##‬رات؛ إذ ِمن ِ‬
‫أشخاصا‪ #‬في الباص‪##‬ات لتش‪#‬ويه المق‪#‬اومين للع‪#‬دوان‪ ،‬إلث‪#‬ارة‪ #‬الن‪#‬اس‬
‫بسبب األوضاع المعيشية التي س‪#‬بَّبها الع‪##‬دوان‪ ،‬فعلى المؤم‪##‬نين أن‬
‫ُصدِّقوهم‪ ،‬وأن يُ ْس ِكتوا ألس‪##‬نتهم‪ ،‬ويواجهوها بق‪##‬وة وح‪##‬زم‪ ،‬على‬
‫ال ي َ‬
‫‪#‬ارنا‪#‬‬
‫األقل بالقول‪ :‬إنهم هم السبب‪ ،‬وهم من استدعى الع‪##‬دوانَ لحص‪ِ #‬‬
‫وقتلِنا‪.‬‬
‫ت أَ ِو‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا ُخ ُذوا ِحـ ْ‬
‫ـذ َر ُك ْم فَــا ْنفِ ُروا ثُبَــا ٍ‬
‫ا ْنفِـ ُروا َج ِمي ًعا﴾‪ .‬وق‪##‬ال تع‪##‬الى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُــوا َهـ ْل أَ ُدلُّ ُك ْم َعلَى‬
‫س ـولِ ِه َوت َُجا ِه ـدُونَ‬ ‫ب أَلِ ٍ‬
‫يم ‪ .‬ت ُْؤ ِمنُونَ بِاهَّلل ِ َو َر ُ‬ ‫ار ٍة تُ ْن ِجي ُك ْم ِمنْ َع َذا ٍ‬
‫تِ َج َ‬
‫سـ ُك ْم َذلِ ُك ْم َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم إِنْ ُك ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُمــونَ ‪.‬‬ ‫يل هَّللا ِ بِــأ َ ْم َوالِ ُك ْم َوأَ ْنفُ ِ‬
‫س ـب ِ ِ‬
‫ِفي َ‬
‫سا ِكنَ‬‫ت ت َْج ِري ِمنْ ت َْحتِ َها اأْل َ ْن َها ُر َو َم َ‬ ‫يَ ْغفِ ْر لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َويُد ِْخ ْل ُك ْم َجنَّا ٍ‬
‫صـ ٌر‬ ‫ـو ُز ا ْل َع ِظي ُم ‪َ .‬وأُ ْخـ َرى ت ُِحبُّونَ َها نَ ْ‬ ‫ْن َذلِــكَ ا ْلفَـ ْ‬‫ت َعـ د ٍ‬ ‫طيِّبَةً فِي َجنَّا ِ‬‫َ‬
‫ش ِر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾‪.‬‬ ‫ِمنَ هَّللا ِ َوفَ ْت ٌح قَ ِر ٌ‬
‫يب َوبَ ِّ‬
‫‪71‬‬
‫‪71‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‬

‫هذا وصلوا وسلموا على سيد األنبياء والمرس‪##‬لين‪ ،‬س‪##‬يدنا محمد‬


‫بن عبد هللا صلى هللا وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين‪.‬‬

‫‪#‬ز ْم اأْل َحْ ‪َ #‬‬


‫زَاب ال‪##‬تي‬ ‫ب‪ ،‬اللَّهُ َّم ا ْه‪ِ #‬‬ ‫ب‪َ ،‬س ِري َع ْال ِح َسا ِ‬
‫اللَّهُ َّم ُم ْن ِز َل ْال ِكتَا ِ‬
‫زَل ِز ْلهُ ْم‪ ،‬واقهرهم‬
‫تح َّزبت وتحالفت‪ #‬لقتل أهل اليمن‪ ،‬اللَّهُ َّم ا ْه ِز ْمهُ ْم َو ْ‬
‫وأخزهم‪ ،‬ون ِّكل بهم على أيدي المجاهدين‪ ،‬واجعل ه‪##‬زيمتهم عاجلة‬
‫ِ‬
‫احفظ المجاهدين‪ ،‬وثب ْ‬
‫ِّت أقدا َمهم‪،‬‬ ‫ِ‪#‬‬ ‫غير آجلة‪ ،‬يا قويُّ يا عزي ُز‪ ،‬اللهم‬
‫‪#‬ف ص‪##‬دورهم بالنصر الق‪##‬ريب والف‪##‬رج‬ ‫‪#‬ط على قل‪##‬وبهم‪ ،‬واش‪ِ #‬‬ ‫واربِ‪ْ #‬‬
‫واشف الجرحى‪ ،‬وفك األسرى‪ ،‬ورد‬
‫ِ‬ ‫العاجل يا رب العالمين‪ ،‬اللهم‬
‫المفقودين سالمين‪.‬‬
‫اللهم أ ِذ َّل كبريا َء أمريكا وآل سعود وأعوانَهم وحلفاءهم‪ ،‬وانزع‬
‫ُم ْل َكهم من بين أي‪###‬ديهم‪ ،‬واط ِمسْ على أم‪###‬والِهم كما طَ َم ْس‪###‬تَ على‬
‫آل فرعونَ يا جبا ُر يا قهارُ‪.‬‬
‫أموال ِ‬
‫ِ‬
‫ان َوإِيتَــا ِء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫عب‪##‬اد هللا‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ يَــأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َواإْل ِ ْح َ‬
‫َن ا ْلفَ ْحشَا ِء َوا ْل ُم ْن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬ ‫‪80‬‬
‫‪80‬‬

‫‪ -5‬الصبر طاقة الجهاد المتجددة‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫فض‪#‬لَه‪ ،‬والباس‪ِ #‬‬


‫‪#‬ط فيهم‬ ‫‪#‬ق ْ‬
‫‪#‬ر في الخل‪ِ #‬‬
‫الحمدهلل ربِّ العالمين‪ ،‬الناش‪ِ #‬‬
‫ج‪###‬وده وبذلَ‪###‬ه‪ ،‬ال‪###‬ذي جعل الص‪###‬بر مدرسة للمؤم‪###‬نين‪ ،‬ومنهجا‬
‫للمهت‪##‬دين‪ ،‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪ ،‬أوسع فينا‬
‫خيراته‪ ،‬وبسط علينا مرضاته‪ ،‬وصلِّ اللهم وسلِّم على سيدنا محم ‪ٍ #‬د‬
‫والص‪##‬ابر الك‪##‬ريم‪ ،‬وعلى آله س‪##‬فن النج‪##‬ا‪ ،‬وأدلة‬
‫ِ‬ ‫الص‪##‬ادق األمين‪،‬‬
‫ِ‬
‫الهدى‪ ،‬وارض اللهم عن أصحابه ذوي الفضل والتقى‪.‬‬
‫ثم أما بعد ‪ ..‬أيها اإلخوة المؤمنون‬
‫يع‪###‬رض هللا فيها نفحاته‬
‫ِ‬ ‫ربط اإلس‪###‬الم أتباعه بمواس‪َ ###‬م عظيمة‬
‫الكريم‪##‬ة‪ ،‬ويع ُّمهم منها برحمته العميم‪##‬ة‪ ،‬مواسم تعت‪##‬بر محط‪##‬ات‬
‫وق‪##‬ود إيمانية ت‪##‬زود اإلنس‪##‬ان بما يس‪##‬مو بروح‪##‬ه‪ ،‬ويعلو بهمته عن‬
‫أوضار الشهوة‪ ،‬وأوحال الهوى‪ ،‬وأقذاء الحياة‪ ،‬وحضيض األم‪##‬ل‪،‬‬
‫ب ما عند هللا من البرك‪##‬ات‪،‬‬
‫والتلهي بالحياة ال‪##‬دنيا‪ ،‬ت‪##‬ربيهم على طل ِ‬
‫والتحلي‪##‬ق في أج‪##‬واء الكرام‪##‬ات‪ ،‬والس‪##‬عي في دروب الكم‪##‬االت‪،‬‬
‫ِ‬
‫‪81‬‬
‫‪81‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬
‫فالصلوات الخمس‪ ،‬والجمع والجماع‪##‬ات‪ ،‬والزك‪##‬اة‪ ،‬وص‪##‬يام ش‪##‬هر‬
‫‪#‬راك‬
‫رمضان‪ ،‬والحج‪ ،‬والجهاد في سبيل هللا‪ ،‬تجعل صاحبها في ح‪ٍ #‬‬
‫دائم مع عقله وقلبه‪ ،‬وتفتح له أبواب الطمأنينة والس‪##‬عادة واإليم‪##‬ان‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وتس‪###‬مو بحاله من االنغم‪###‬اس في ش‪###‬هوات ال‪###‬دنيا وارتباطاتها إلى‬
‫رحابة اآلخرة‪ #‬ونعيمها‪.‬‬
‫أخي المســـلم الكـــريم‪ :‬إن ه‪###‬ذه المواسم بمثابة دورات تدريبية‬
‫وتحاصر أطما ُعه‪ ،‬وتب َّدد غيوم‬
‫َ‬ ‫محسوسة‪ ،‬فيها تُق َمع ِشرّة اإلنسان‪،‬‬
‫جهاالته‪ ،‬ويزكو قلبُه‪ ،‬وتصفو نفسُه‪ ،‬وتحلّق روحُه عاليةً في سماء‬
‫ق الوجود بمقاييس القرآن‪ ،‬فيتحرك‬ ‫ويدر ُ‬
‫ك حقائ َ‬ ‫ِ‬ ‫الفضيلة واإليمان‪،‬‬
‫حركة قرآنية إس‪##‬المية‪ ،‬ي‪##‬رقُبُ ما عند هللا‪ ،‬ويش ‪ُ #‬ع ُر بوج‪##‬وده مع‪##‬ه‪،‬‬
‫‪#‬اف َم ْن‬ ‫وبمعيته الدائمة؛ فتتن ّزل ألط‪ُ #‬‬
‫‪#‬اف َم ْن له الخلق واألم‪##‬ر‪ ،‬ألط‪ُ #‬‬
‫خلق الخلق عالما بما يُصْ لِحهم‪ ،‬فتتعلق بها أني‪##‬اط قل‪##‬وب المؤم‪##‬نين‪،‬‬
‫وت‪##‬رتقي بها أفئ‪##‬دة المستبص‪##‬رين‪ ،‬وتتق‪##‬وى بها قل‪##‬وب الص‪##‬ابرين‬
‫والمجاهدين‪ ،‬لتتمرد على الطب‪##‬اع الكريه‪##‬ة‪ ،‬وتتخلص من الع‪##‬ادات‬
‫الوبيئ‪##‬ة‪ ،‬وتتح‪##‬رر عن ت‪##‬أثير الش‪##‬ياطين والم‪##‬رجفين‪ ،‬وتنتظر بيقين‬
‫وعو َد هللا الح ِّ‬
‫ق المبين‪.‬‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬ ‫‪80‬‬
‫‪80‬‬
‫أيها األخ المســـلم الكـــريم حينما تخضع له‪###‬ذه المواس‪###‬م‪ ،‬فإنك‬
‫م‪###‬تزودا ب‪###‬القوة الهائلة ال‪###‬تي تتص‪###‬اغر عن‪###‬دها كل‬
‫ِّ‬ ‫تتخ‪###‬رّج منها‬
‫الخط‪###‬وب‪ ،‬وبالعزيمة القوية ال‪###‬تي تتكسر أمامها كل المص‪###‬ائب‪،‬‬
‫وته‪##‬ون في س‪##‬احتها كل اآلالم‪ .‬إنها تس‪##‬عى بك إلى إح‪##‬راز‪ #‬التق‪##‬وى‬
‫العاصمة من الزلل‪ ،‬والدافعة إلى العمل‪.‬‬
‫نفس ‪#‬ه من س‪##‬خط هللا‪،‬‬
‫والتق‪##‬وى هي ما يح‪##‬رز به اإلنس‪##‬ان ويقي َ‬
‫ويسوقها إلى رضوانه ومغفرته‪ ،‬إنها الرقابة الذاتية ال‪##‬تي هي غاية‬
‫تفترضُ أن يكونَ‬
‫أو نتيجة للعبادات المفروضة والمواسم الكريمة‪ِ ،‬‬
‫اإلنسان في حال ٍ‪#‬ة هو فيها أق‪##‬ربُ للس‪##‬مو البش‪##‬ري‪ ،‬والخلُق المطمئن‬
‫ُ‬
‫السوي‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون‬
‫حص‪##‬ول منظوم‪ٍ ##‬ة من القيم‬
‫َ‬ ‫إن الحص‪##‬ول على التق‪##‬وى‪ ،‬يع‪##‬ني‬
‫واألخالق والتوجه‪##‬ات ال‪##‬تي بمجموعها تش‪ِّ ##‬كل اإلنس‪##‬انَ الس‪##‬ويَّ‪،‬‬
‫وينكس ‪#‬ر‬
‫ِ‬ ‫‪#‬اإلخالص‪،‬‬
‫َ‬ ‫‪#‬ذب ب‪#‬‬ ‫فيش ‪#‬عُر المتقي بمعية هللا‪ ،‬وبقوت‪##‬ه‪ ،‬ويته‪ّ #‬‬
‫بالت‪####‬ذلُّل والخش‪####‬وع أم‪####‬ام إرادة هللا‪ ،‬ويثبُت كالجبل أم‪####‬ام إرادة‬
‫المنحرفين‪ .‬ويعني االنقي‪##‬اد المطلق لحكم هللا‪ ،‬والثب‪##‬ات الق‪##‬ويم على‬
‫مواقف الح‪###‬ق‪ ،‬والص‪###‬مو َد الكب‪###‬ير في مواجهة الباط‪###‬ل‪ ،‬ويع‪###‬ني‬
‫‪81‬‬
‫‪81‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬
‫‪#‬اس ب‪##‬اآلخرين‪ ،‬والرحمة بالع‪##‬المين‪ ،‬والق‪##‬وة اإليمانية ال‪##‬تي‬
‫اإلحس‪َ #‬‬
‫ترتبط بالقوي الجبار‪ ،‬ويعني الصبر‪ ،‬والظفر‪ ،‬والنص‪#‬ر‪ ،‬إنه يع‪#‬ني‬
‫االنفت‪##‬اح الكامل على هللا‪ ،‬والتحليق أك‪##‬ثر وأك‪##‬ثر في ع‪##‬الَم ال‪##‬روح‪،‬‬
‫بقدر البعد عن عالم البدن والجسد‪.‬‬
‫ِ‬
‫في هذه المواسم يخضع المؤمن‪##‬ون ل‪##‬دورة من الزم‪##‬ان‪ ،‬فتكتسب‬
‫حي‪###‬اتُهم نس‪###‬ي َم الص‪###‬فاء اإليم‪###‬اني الف‪ّ ###‬واح‪ ،‬حيث ال منكر فيها وال‬
‫فتص‪ُ ##‬دق ظ‪##‬واهرُهم‬
‫فحش‪##‬اء‪ ،‬وفيها يمتنع‪##‬ون عن ق‪##‬ول ال‪##‬زور‪ْ ،‬‬
‫وب‪####‬واطنهم‪ ،‬ويق‪####‬تربون من الحقيق‪####‬ة‪ ،‬فيكره‪####‬ون الزيف في كل‬
‫أمورهم‪ ،‬وفيها يتع ّودون على االنض‪##‬باط فيتعلم‪#‬ون مع‪##‬نى االل‪##‬تزام‬
‫وأهمية التوقيت‪ ،‬فال تجد عندهم ُخ ْلفا‪ #‬في وعد‪ ،‬وال نقضا لعهد‪ ،‬وال‬
‫مخالفة‪ #‬لتوجيه‪ ،‬وال تملصا من واجب‪ ،‬وال انهزاما أمام إرجاف‪.‬‬
‫ت‪#‬ورثهم ق‪##‬وة االتص‪##‬ال باهلل‬
‫ِ‬ ‫وفيها الصالةُ والقيا ُم والنواف‪ُ #‬ل ال‪##‬تي‬
‫أنفس‪##‬هم على بارئها فال‬
‫طوال اليوم والليلة‪ ،‬وحينئذ تنفتح ُ‬
‫َ‬ ‫عز وجل‬
‫سلطان عليها غي ُر سلطانه‪.‬‬
‫سلطان العق‪##‬ل؛ لتتع‪ّ #‬زز ق‪##‬وة‬
‫ُ‬ ‫فيقوى‬ ‫وفيها االمتنا ُ‬
‫ع عن الشهوات َ‬
‫الحج‪##‬ة‪ ،‬وس‪ُ #‬‬
‫‪#‬لطان الض‪##‬مير‪ ،‬وق‪##‬وة التحكم في الج‪##‬وارح واألفع‪##‬ال‬
‫واألقوال‪.‬‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬ ‫‪80‬‬
‫‪80‬‬
‫يا عب‪####‬اد هللا ‪ ..‬هل ت‪####‬دركون اآلن أ َّ‬
‫ي مواس‪َ ####‬م ه‪####‬ذه المواسم‬
‫العظيم‪##‬ة؟! وهي الكفيلة بتطه‪##‬ير نفس اإلنس‪##‬ان‪ ،‬وتق‪##‬ويم س‪##‬لوكه‪،‬‬
‫وترقية طباعه‪ ،‬وتنمية إخالصه هلل‪ ،‬وإع‪##‬ادة ص‪##‬ياغته على الش‪##‬كل‬
‫المطل‪###‬وب‪ ،‬وتوثيق ع‪###‬رى ارتباطه باهلل الق‪###‬وي الجب‪###‬ار الناصر‬
‫نفس ‪#‬ه‬
‫روح‪##‬ه‪ ،‬وال تنح ‪ِ #‬د ُر ُ‬
‫َ‬ ‫المعين‪ ،‬ليعود اإلنسان الذي ال يثقل بدنُه‬
‫بعقل‪##‬ه‪ ،‬وله‪##‬ذا ص‪ُ ##‬غ َرت ال‪##‬دنيا في ناظري‪##‬ه‪ ،‬وعظمت اآلخ‪##‬رة‪ #‬في‬
‫بصيرته‪ ،‬فرأيناه أسدا هصورا في ميدان الح‪##‬ق‪ ،‬وعقلية واعية ف‪َّ #‬‬
‫‪#‬ذة‬
‫في مواجهة اإلرج‪##‬اف‪ #،‬وص‪##‬خرةً عاتي ‪#‬ةً أم‪##‬ام تقلُّب‪##‬ات الم‪##‬تردِّدين‪،‬‬
‫وهزائم الضعفاء الهُزَ الء الوانين‪.‬‬
‫أيها المؤمنون ‪ ..‬إن القرآن الك‪##‬ريم يعلمنا التعويل على الص‪##‬بر‬
‫والصالة في االستعانة المطلقة‪ ،‬في كل األم‪##‬ور‪ ،‬وجميع الح‪##‬االت‪،‬‬
‫الص ـالَ ِة َوإِنَّ َها لَ َكبِـ َ‬
‫ـيرةٌ إِالَّ‬ ‫اس ـت َِعينُو ْا بِ َّ‬
‫الص ـ ْب ِر َو َّ‬ ‫يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫اشــ ِعينَ ﴾‪ ،‬ويق‪##‬ول تع‪##‬الى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا ْ‬
‫اســت َِعينُو ْا‬ ‫َعلَى ا ْل َخ ِ‬
‫صالَ ِة ِإنَّ هّللا َ َم َع َّ‬
‫الص ـابِ ِرينَ ﴾‪ ،‬واالس‪##‬تعانة المطلقة ب‪##‬اب‬ ‫ص ْب ِر َوال َّ‬
‫بِال َّ‬
‫واسع يطرقه المؤمن ويجد هللا عنده‪.‬‬
‫ض ‪ِّ #‬م آالمهم‪،‬‬
‫وخ َ‬
‫ج محنتهم‪ِ ،‬‬
‫أجدر اليمنيين الي‪##‬وم وهم في أوْ ِ‬
‫َ‬ ‫وما‬
‫أن يس‪###‬تعينوا بالص‪###‬الة‪ ،‬وأن يس‪###‬تعينوا بالص‪###‬يام‪ ،‬وأن يس‪###‬تعينوا‬
‫‪81‬‬
‫‪81‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬
‫بالصبر؛ ذلك أنه هو الس‪##‬الح األمضى في مع‪##‬ارك اإلرادات‪ ،‬وهو‬
‫األفتك في مراحل االستراتيجيات‪.‬‬
‫ويه‪##‬ون عليه المص‪##‬ائب‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الص‪##‬برُ يض‪##‬بُط اإلنس‪##‬ان عند الش‪##‬دائد‪،‬‬
‫ويدفعه للتحرك إلى األم‪##‬ام في المس‪##‬ارعة إلى الطاع‪##‬ات واالس‪#‬تمرار‬
‫عليها‪ ،‬وكب ِْح جماحه عن المعاص‪##‬ي‪ ،‬والنك‪##‬وص عن م‪##‬واطن الخ‪##‬ير‪،‬‬
‫ت الكرامة‪ ،‬وس‪##‬احات الغ‪##‬يرة‪ .‬والص‪##‬بر ليس إال‬
‫ومكام ِن العز‪ ،‬وجبها ِ‬
‫ِ‬
‫التجلد في مواقف الحق‪ ،‬وليس إال المعاناة في سبيل هللا‪ ،‬وهو الص‪##‬بر‬
‫الذي بشر هللا وراءه بالفرج‪.‬‬
‫"أما إذا لم تصبر في سبيل هللا‪ ،‬فستصبر على قهر أعدائك‪ ،‬وعلى‬
‫ظلمهم ل‪##‬ك‪ ،‬وعلى اس‪##‬تعبادهم ل‪##‬ك‪ ،‬وعلى هتك عرض‪##‬ك‪ ،‬وه‪##‬ذا ليس‬
‫بالصبر‪ ،‬بل هو الذل بعينه‪ ،‬وسيكون ال هلل وال في سبيله‪ ،‬وليس بع‪##‬ده‬
‫فرج أبدا"‪.‬‬
‫إن الصابر هو الذي ال يتأ ّخر حيث يجب التقدم‪ ،‬وال يتق‪##‬دم حيث‬
‫ع للمك‪#‬ار ِ‪#‬ه والن‪##‬وازل‪ ،‬ال تُب ِْط‪##‬ره النِّعم‬
‫يجب الت‪#‬أخر‪ ،‬ومثلما ال يرت‪##‬ا ُ‬
‫والفواضل‪.‬‬
‫وفي خضم ه‪###‬ذه األم‪###‬واج من الح‪###‬روب الظالم‪###‬ة‪ ،‬وظلم‪###‬ات‬
‫أج‪#‬در اإلنس‪#‬انَ الم‪#‬ؤمنَ وهو يخ‪#‬وض معركة‬
‫َ‬ ‫االستبداد القاتم‪#‬ة‪ ،‬ما‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬ ‫‪80‬‬
‫‪80‬‬
‫والع‪ ###‬رض‪ ،‬أن يتس‪###‬لّح به‪###‬ذا‬
‫الفض‪###‬يلة ودر َء الرذيلة عن األرض ِ‬
‫والنش ‪#‬ط والق‪##‬ادر على قلب الم‪##‬وازين المادية رأسا‬
‫ِ‬ ‫الس‪##‬الح الف ّع‪##‬ال‬
‫على عقب‪ ،‬وهو يرى هؤالء األنذال شذا َذ اآلفاق‪ ،‬وقد تداعوا علينا‬
‫من الش‪##‬رق والغ‪##‬رب‪ ،‬بنفس‪##‬ياتهم الحق‪##‬يرة‪ ،‬وس‪##‬وابقهم الخط‪##‬يرة‪،‬‬
‫يكتس‪##‬ب‬
‫ِ‬ ‫أج‪##‬دره أن‬
‫َ‬ ‫وفعالتهم الش‪##‬نعاء‪ ،‬وج‪##‬رائمهم الص‪##‬لعاء‪ ،‬ما‬
‫بالصبر قوة إضافية إلى قوته‪ ،‬وطاقة متنامية إلى طاقته‪ ،‬وس‪##‬يكون‬
‫له النصر والظفَر خاتمة طبيعية في نهاية المطاف‪.‬‬
‫النه‪##‬ر‪ ،‬ورأوا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ط‪##‬الوت وجن‪##‬و ُده‬ ‫أيها المؤمنـــون ‪ ..‬لما ج‪##‬اوزَ‬
‫عدوهم ج‪##‬الوت المادية الهائلة والمتفوق‪##‬ة‪ ،‬تح ‪ّ #‬دث فريق‪##‬ان‬
‫ت ِّ‬‫إمكانا ِ‬
‫من جنود طالوت عن توقعاتهم‪ ،‬فقال المتعجِّ لون ال‪##‬ذين ال يض‪##‬عون‬
‫حسابا للقيم الروحية والعوامل المعنوية‪ ،‬ويقيسون األشياء بمقاييس‬
‫الم‪##‬ادة الغليظ‪##‬ة‪﴿ ،‬قَــالُو ْا الَ طَاقَـةَ لَنَا ا ْليَـ ْ‬
‫ـو َم بِ َجـ الُوتَ َو ُجنــو ِد ِه﴾‪ ،‬لقد‬
‫أس‪##‬رعوا ب‪##‬التعبير عن توقع‪#‬اتهم المتهالك‪##‬ة‪ ،‬ش‪##‬أنُهم ش‪##‬أن الض‪#‬عاف‬
‫يسارعون بإبداء الرأي الس‪##‬ريع‪ ،‬والنظ‪##‬رة المادية المتعجِّل‪##‬ة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الذين‬
‫ُ‬
‫القرآن الكريم بحكاية موقفهم؛ ألنهم هم المتعجِّ لون‪.‬‬ ‫وقد بدأ‬
‫غير أن الفريق اآلخر‪ -‬الذي يعيش حياة اإليم‪##‬ان‪ ،‬ويكتسب قوتَه‬
‫وتفوقِهما‬
‫المادية من قيَ ِمه الروحية‪ ،‬ويؤمن بقضية الصبر وال‪##‬روح ُّ‬
‫‪81‬‬
‫‪81‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬
‫على قضية المادة والعدة‪ ،‬ويُصْ ِدرون أحكا َمهم المتأنِّية نتيجة النظر‬
‫في س‪##‬نن هللا ال‪##‬تي ال تغيب عن الواقع ‪ -‬أعلنوها بص‪##‬راحة اليقين‪:‬‬
‫﴿قَـــا َل الَّ ِذينَ يَظُنُّونَ أَنَّ ُهم ُّمالَقُو هّللا ِ َكم ِّمن ِفئَـــ ٍة قَلِيلَـــ ٍة َغلَبَتْ ِفئَـــةً‬
‫يرةً بِإِ ْذ ِن هّللا ِ َوهّللا ُ َم َع ال َّ‬
‫صابِ ِرينَ ﴾‪.‬‬ ‫َكثِ َ‬
‫إنهم طرقوا أه َّم مس‪##‬أل ٍة يم ِكنُها ْقلبُ الم‪#‬‬
‫‪#‬وازين المادية رأسا على‬
‫ِ‬
‫عقِب‪ ،‬إنها مسألةُ الصبر‪ ،‬التي لن تكون بمستواها الع‪##‬الي (الص‪##‬بر‬
‫الجميل) (ص‪###‬بر أولي الع‪###‬زم) إال في صف المؤم‪###‬نين‪ ،‬ال‪###‬ذين‬
‫ينفتح‪##‬ون بقل‪##‬وبهم وعق‪##‬ولهم على هللا (الناصر) (الوكيل) (القه‪##‬ار‪)#‬‬
‫(الجب‪####‬ار) (الق‪####‬وي) (اللطيف)‪ ،‬ويرتبِط‪####‬ون به ارتباطا وثيق‪####‬ا‪،‬‬
‫ويرتقون في أسبابه؛ لهذا يعلنون أن الصبر بتوفيق هللا وإم‪##‬داده هو‬
‫ما سيغيِّر موازين القوة المادية على األرض‪َ ﴿ ،‬ولَ َّما بَ َر ُزو ْا لِ َجالُوتَ‬
‫ص ْبراً َوثَبِّتْ أَ ْق ـدَا َمنَا َو ُ‬
‫انص ـ ْرنَا َعلَى‬ ‫َو ُجنُو ِد ِه قَالُو ْا َربَّنَا أَ ْف ِر ْغ َعلَ ْينَا َ‬
‫ا ْلقَ ْو ِم ا ْل َكافِ ِرينَ ﴾‪ .‬وكانت النتيجة ﴿فَ َهزَ ُمــوهُم بِـإِ ْذ ِن هّللا ِ َوقَتَـ َل دَا ُوو ُد‬
‫َجالُوتَ ﴾‪.‬‬
‫ومن ذلك معركتُنا الي‪##‬و َم ضد الع‪##‬دوان الس‪##‬عودي األم‪##‬ريكي؛ إذ‬
‫ظهر فيها جليا وواض‪#‬حا أن مجاه‪#‬دي يمن اإليم‪#‬ان‪ ،‬يتف ّوق‪#‬ون على‬
‫عدوان قرن الشيطان‪ ،‬به‪##‬ذا العامل المعن‪##‬وي الق‪##‬وي‪ ،‬به‪##‬ذا الص‪##‬بر‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة األولى)‬ ‫‪80‬‬
‫‪80‬‬
‫جم‪##‬اح آمالِه‬
‫َ‬ ‫اس‪##‬تطاعوا الثب‪##‬ات ه‪##‬ذه الم‪##‬دة الطويل‪##‬ة‪ ،‬وبه كبح‪##‬وا‬
‫العريضة‪ ،‬وظهروا كاألسود الضارية يهاجمون معسكرات الع‪##‬دو‪،‬‬
‫فال يلوي جنو ُدهم على شي ٍء سوى الفرار‪ ،‬ويتص َّدون لجحافل‪ #‬قرن‬
‫الشيطان‪ ،‬كالجبال شموخا وقوة وصمودا‪.‬‬
‫إن مش‪###‬اه َد ك‪###‬رِّ وهج‪###‬وم مجاه‪###‬دينا األبط‪###‬ال ‪ -‬في ظ‪###‬روفِهم‬
‫المتواضعة ضد العدوان في ظروفه وأسلحته‬
‫ِ‬ ‫وأسلحتهم وخياراتهم‬
‫وخياراته المادية العسكرية المرتفعة والمتط‪##‬ورة حيث يف‪##‬رُّ جن‪##‬و ُده‬
‫فرار النعاج من األسود – لَتُ َش‪ِّ #‬ك ُل مث‪##‬اال رائعا وحكاية جميلة تُ ْب‪ِ #‬‬
‫‪#‬رز‬ ‫َ‬
‫ه‪##‬ذا العامل العظيم ال‪##‬ذي س‪##‬يكتب الحي‪##‬اةَ ال ُم ِع‪##‬زةَ ألولي‪##‬اء هللا وإن‬
‫ض ُعفَت إمكاناتهم‪ ،‬وال ُمذلة ألعدائه وإن عظُمت خياراتهم‪.‬‬

‫يق‪###‬ول هللا تع‪###‬الى‪َ ﴿ :‬كت ََب هَّللا ُ أَل َ ْغلِبَنَّ أَنَا َو ُر ُ‬


‫ســـلِي إِنَّ هَّللا َ قَـــ ِو ٌّ‬
‫ي‬
‫َع ِزي ٌز﴾‪.‬‬
‫بارك هللا لي ولكم في القرآن العظيم‪ ،‬ونفعني وإياكم منه باآليات‬
‫ٌ‬
‫رؤوف رحيم‪ ،‬فاس‪##‬تغفروه‬ ‫ك جوا ٌد ب‪##‬رٌّ‬
‫والذكر الحكيم‪ ،‬إنه تعالى ملِ ٌ‬
‫يغفرْ لكم إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫‪89‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫الحمدهلل أحم‪###‬ده وأس‪###‬تعينه‪ ،‬وأس‪###‬تهديه اله‪###‬دى‪ ،‬وأع‪###‬وذ به من‬


‫الض‪##‬اللة وال‪##‬ردى‪ ،‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪،‬‬
‫وأش‪###‬هد أن محم‪###‬دا عبدهللا ورس‪###‬وله‪ ،‬س‪###‬يد الص‪###‬ابرين وإم‪###‬ام‬
‫المجاه‪###‬دين‪ ،‬اللهم فصل وس‪###‬لم عليه وعلى آله نم‪###‬اذج الص‪###‬بر‪،‬‬
‫ومثاقيل الحلم‪.‬‬
‫ثم أما بعد عبادَ هللا ‪..‬‬

‫في مواسم الخ‪###‬ير والجه‪###‬اد ترتفع النفس عن دنس المعص‪###‬ية؛‬


‫الوجهة‪ ،‬ونُبْل المقص‪##‬د‪ ،‬وفيه تس‪##‬مو‬
‫النشغالها بعظيم الهدف وكريم ِ‬
‫النفسُ عن عبودية الهوى التص‪##‬الها ب‪##‬المعبود الحق ال‪##‬ذي ال إله إال‬
‫طور البهيمية التي ارتكست‬
‫ِ‬ ‫ُج من‬
‫المشاع ُر لتخر َ‪#‬‬
‫ِ‬ ‫هو‪ ،‬وفيها تتق ّدس‬
‫وجم‪#‬ال الفك‪#‬رة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫س‪#‬مو ال‪#‬روح‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫فيها عند اإليغ‪#‬ال في الش‪#‬هوات إلى‬
‫المنعم عليه ال‪##‬ذي يجب‬
‫ِ‬ ‫فيها يشعُر المسل ُم أنه م‪##‬أمو ٌر من قبل خالقِه‪#‬‬
‫‪#‬وف من‬
‫‪#‬رب إلى الخ‪ِ #‬‬
‫نفس ‪#‬ه أط‪##‬و َع ألم‪##‬ره‪ ،‬وأق‪َ #‬‬
‫امتثال أمره‪ ،‬فتكون ُ‬
‫نهيه وزجره‪ ،‬فال تثقُل عليه طاعة‪ ،‬وال تتحبّب إليه معصية‪.‬‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬ ‫‪88‬‬
‫‪88‬‬
‫أيها المؤمنون ‪ ..‬وال طاعة اليوم أوجب من طاعة الجهاد‪ ،‬ضد‬
‫الغ‪###‬زاة المعت‪###‬دين وأهل الفس‪###‬اد‪ ،‬وال معص‪###‬ية أقب ُح من معص‪###‬ية‬
‫ينص ‪#‬ر الباطل والش‪##‬يطان‪،‬‬
‫الالموقف‪ ،‬وجريمة الحياد السلبي الذي ُ‬
‫ويخ‪#‬ذل الحق وال‪#‬رحمن‪ ،‬ويميت قض‪#‬ية الص‪#‬بر‪ ،‬ال‪#‬تي هي عن‪#‬وان‬
‫كبير من عناوين مواسم هللا في عباده‪.‬‬
‫سر‪ ،‬وال نضعُفَ ‪ ،‬وال نس‪##‬تكينَ ‪ ،‬أم‪##‬ام‬
‫علينا عباد هللا ‪ ..‬أن ال نن ِك َ‬
‫بطول ُع ْم ِر العدوان يطو ُل ع ْم ُر ثباتنا‪ ،‬ويعلو‬
‫ِ‬ ‫هؤالء المعتدين‪ ،‬فإنه‬
‫بنا ُء صبرنا‪ ،‬وبقدر تحدي العدوان لنا ينمو ويشتد س‪##‬اعد ص‪##‬مودنا‪،‬‬
‫وبقدر تحديات المحنة الكب‪#‬يرة‪ ،‬يؤهِّلنا هللا لل‪##‬دور العظيم فيه‪##‬ا‪ ،‬ف‪##‬إن‬
‫لهم مكانا س‪##‬حيقا في الخ‪##‬زي‪ ،‬ال يبلغونه إال به‪##‬ذا الع‪##‬دوان‪ ،‬وإن لنا‬
‫م‪######‬نزال كريما عند هللا وفي ه‪######‬ذه المرحلة ال نبلغه إال به‪######‬ذه‬
‫التضحيات‪.‬‬
‫والص‪##‬بر عاقبته الظف‪##‬ر‪ ،‬ومن األش‪##‬جار ما تحت‪##‬اج من الناحية‬
‫‪#‬ار المطلوب‪##‬ة‪ ،‬وقد‬
‫لتعطي الثم‪َ #‬‬
‫َ‬ ‫الطبيعية إلى أكثر من عشر س‪##‬نوات‬
‫صدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الس‪##‬الم لما ق‪##‬ال كلِمة‬
‫الظفر وإن طال به الزمان)‪.‬‬
‫َ‬ ‫م ِه َّمة ومل ِهمة‪( :‬ال يعدم الصبو ُر‬
‫ُ‬
‫يه‪#####‬ون‬ ‫ب به‬
‫وك‪#####‬لُّ ص‪#####‬ع ٍ‬ ‫خ‪###‬ير‬
‫ٍ‬ ‫الص‪###‬برُ مفت‪###‬احُ ك‪###‬لِّ‬
‫‪89‬‬
‫‪89‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬
‫ُ‬
‫يك‪#####‬ون‬ ‫ما قيل‪ :‬هيه‪#####‬ات ال‬ ‫باص‪#######‬طبار‬
‫ٍ‬ ‫ني‪#######‬ل‬
‫َ‬ ‫وطالما‬

‫ال يج‪###‬وز أيها المؤمن‪###‬ون أن نك‪###‬ونَ أق‪َّ ###‬ل من الع‪###‬دوان تح ُّمال‬


‫وتج ُّمال‪ ،‬وال يج‪####‬وز أن ن‪####‬تراخَى عن طلب ه‪####‬زيمتهم والتنكيل‬
‫ـو ِم إِن تَ ُكونُـو ْا تَـأْلَ ُمونَ فَـإِنَّ ُه ْم‬
‫بمرتزقتهم‪َ ﴿ ،‬والَ تَ ِهنُو ْا فِي ا ْبتِ َغاء ا ْلقَ ْ‬
‫يَأْلَ ُمونَ َك َما تَأْلَمونَ َوت َْر ُجونَ ِمنَ هّللا ِ َما الَ يَ ْر ُجونَ َو َكانَ هّللا ُ َعلِيمـا ً‬
‫َح ِكيما ً﴾‪.‬‬
‫وإذا كانت عاقبةُ الهزيمة في هذا العدوان هو العبودية واالس‪##‬تذالل‬
‫واالستضعاف لعشرات ومئات السنين‪ ،‬فإنه لخ‪##‬يرٌ من ذلك أن نص‪##‬بر‬
‫‪#‬اء‬
‫لبضع سنوات في مق‪##‬اتلتهم‪ ،‬ومالحقتهم‪ ،‬وابتغ‪ِ #‬‬
‫ِ‬ ‫االستراتيجي‬
‫َّ‬ ‫الصبر‬
‫هزيمتهم‪.‬‬
‫إن المصابرة والمرابطة ن‪##‬و ٌع خ‪##‬اصٌّ من أن‪##‬واع الص‪##‬بر‪ ،‬وله‪##‬ذا‬
‫فإن هللا تع‪##‬الى لما أورد في س‪##‬ورة آل عم‪##‬ران مش‪##‬اهد من الص‪##‬راع‬
‫الدائر بين الحق والباط‪##‬ل‪ ،‬والخ‪##‬ير والش‪##‬ر‪ ،‬ختمها بقوله عز وج‪##‬ل‪:‬‬
‫ص ـا ِب ُرو ْا َو َرا ِب ُ‬
‫طــو ْا َواتَّقُــو ْا هّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫﴿ َيا َأ ُّي َها الَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا ْ‬
‫اص ـ ِب ُرو ْا َو َ‬
‫تُ ْفلِ ُحـ ونَ ﴾‪ ،‬لي‪##‬بين لنا أن أص‪##‬حاب الحق ال يُ ْن َ‬
‫ص‪#‬رون على أص‪##‬حاب‬
‫الباطل إال إذا ص‪##‬بروا‪ ،‬وال يكفي أن يص‪##‬بروا في الص‪##‬راع الطويل‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬ ‫‪88‬‬
‫‪88‬‬
‫بل ال بد من أن يصابروا‪ ،‬وال تكفي المصابرة بل ال بد أن يرابط‪##‬وا‬
‫في ثغ‪####‬ور اإلس‪####‬الم‪ ،‬وح‪####‬دود البالد‪ ،‬وعليهم قبل ذلك وبع‪####‬ده أن‬
‫يستشعروا التقوى في كل حاالتهم لكي يُفلِحوا ويفوزوا وينتصروا‪.‬‬
‫فصب ٌر أيها اإلخوة في منهاج الكرامة والعزة بض َع س‪##‬نين‪ ،‬خ‪##‬ي ٌر‬
‫ت السنين‪.‬‬
‫واستضعاف مئا ِ‬
‫ٍ‬ ‫من حياة في ذل ٍة ومهان ٍة‬
‫وصب ٌر على طاعة هللا في م‪##‬واجهتهم‪ ،‬خ‪##‬ي ٌر من معص‪##‬ية هللا في‬
‫االنكسار‪ ‬أمامهم‪.‬‬
‫وصدق اإلمام علي عليه السالم حين قال‪َ « :‬م ْن لَ ْم يُ ْن ِج ِه َّ‬
‫الص‪ْ ##‬ب ُر‬
‫الخي‪###‬ار تميّز العقالء الث‪###‬ابتون‪ ،‬وف‪###‬از‬ ‫ِ‬ ‫أَ ْهلَ َك‪ ###‬هُ ْال َج‪###‬زَ ُ‬
‫ع»‪ ،‬وب‪###‬ذلك‬
‫الشجعان األكرمون‪ ،‬وخاب األذالء األضعفون‪.‬‬
‫ومع ذلك وتح‪##‬دثا بنعمة هللا ف‪##‬إن مجاه‪##‬دينا األبط‪##‬ال قد ص‪##‬بروا‬
‫جميال على مقاساة األهوال الشديدة‪ ،‬والغربة األكيدة‪ ،‬صبروا على‬
‫الجوع‪ ،‬والعطش‪ ،‬وعلى انع‪##‬دام تك‪##‬افؤ األس‪##‬لحة‪ ،‬وقّلته‪##‬ا‪ ،‬وتح ‪ّ #‬دوا‬
‫أحدث أسلحة الط‪##‬يران‪ ،‬وص‪##‬بروا على أذى المرتزق‪##‬ة‪ ،‬وخيان‪##‬اتهم‬
‫المتكررة‪ ،‬ولم يزعز ْع ثقتَهم إعال ُم المعتدين الكذوب‪ ،‬وال كثرة د ّر‬
‫بقرتهم الحلوب‪ ،‬لقد صبروا على ح‪##‬رب االقتص‪##‬اد‪ ،‬وإرج‪##‬اف أهل‬
‫العن‪###‬اد والفس‪###‬اد‪ ،‬وكيد الكائ‪###‬دين‪ ،‬وت‪###‬ربُّص المتربص‪###‬ين‪ ،‬وعلى‬
‫‪89‬‬
‫‪89‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬
‫ُّ‬
‫وتقطع األوص‪###‬ال‪ ،‬ورؤية‬ ‫مش‪###‬اهدة ال‪###‬دمار‪ ،‬ومقاس‪###‬اة األه‪###‬وال‪،‬‬
‫األص‪##‬دقاء واألق‪##‬ارب وهم يغ‪##‬ادرون الحي‪##‬اة في وحش‪##‬ية ق‪##‬اهرة‪،‬‬
‫وظ‪##‬روف ف‪##‬اجرة‪ ،‬وص‪##‬بروا على التالعب بالمش‪##‬اعر‪ ،‬والكيد في‬
‫ٍ‬
‫المنابر‪.‬‬

‫وإن تعجبْ فمن تلك المرأة اليمنية ال‪##‬تي يتك‪#‬رَّر مش‪##‬ه ُدها بش‪ٍ #‬‬
‫‪#‬كل‬
‫غ‪#‬ردةً مس‪#‬رورةً‪ ،‬ص‪#‬ب ٌر‬ ‫ي‪#‬ومي‪ ،‬وهي تس‪#‬تقبل ش‪#‬هيدَها الوحي‪#‬د‪ ،‬مزَ ِ‬
‫جميل في الف‪##‬راق‪ ،‬وزغ‪##‬ردة عند ال‪##‬وداع‪ ،‬وف‪##‬ر ٌح عند نبأ الص‪##‬دمة‬
‫بشكل لم نش‪#‬هد له في الت‪#‬اريخ م‪#‬ثيال‪ ،‬وهل ذلك إال الص‪#‬بر‬
‫ٍ‬ ‫األولى‪،‬‬
‫الجميل‪ ،‬الذي لم يكن اليوم إال اليمنيون‪ ،‬وما كان اليمنيون إال إياه‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المؤمنون‬
‫إن المجاه‪##‬دين األبط‪##‬ال وك ‪َّ #‬ل فئ‪##‬ات ش‪##‬عبنا الي‪##‬وم هم أح‪##‬و ُج ما‬
‫يكون‪##‬ون إلى الص‪##‬بر ال‪##‬واعي في كل لحظة من لحظ‪##‬ات‪ #‬تح‪##‬ركهم‬
‫ص‪####‬بر يجب عليهم هو‬
‫ٍ‬ ‫الجه‪####‬ادي من بدايته إلى نهايت‪####‬ه‪ ،‬وأعظم‬
‫الصبر على االمتثال لتعاليم الكتاب والسنة الص‪##‬حيحة‪ ،‬ثم االمتث‪##‬ال‬
‫ألوامر الق‪##‬ادة المحنَّكين والمج‪##‬رِّ بين‪ ،‬والح‪##‬رص على االعتص‪##‬ام‬
‫‪#‬ر‪َ ﴿ ،‬وأَ ِطي ُعــو ْا‬
‫‪#‬ورث ذلك كله النصر والظف‪َ #‬‬
‫وتجنب التنازع‪ ،‬حيث يُ‪ِ #‬‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬ ‫‪88‬‬
‫‪88‬‬
‫اصبِ ُرو ْا ِإنَّ هّللا َ‬
‫يح ُك ْم َو ْ‬ ‫شلُو ْا َوت َْذه َ‬
‫َب ِر ُ‬ ‫سولَهُ َوالَ تَنَازَ عُو ْا فَتَ ْف َ‬
‫هّللا َ َو َر ُ‬
‫صابِ ِرينَ ﴾‪.‬‬
‫َم َع ال َّ‬
‫ما أحوج األمة الي‪##‬وم إلى مزيد من ذل‪##‬ك‪ ،‬ليس في مي‪##‬دان المعركة‬
‫المباش‪###‬ر‪ ،‬ولكن في المي‪###‬ادين المختلفة ال‪###‬تي تتعلق بالمعرك‪###‬ة‪ ،‬نحن‬
‫بحاجة إلى الص‪###‬بر ال‪###‬ذي يثبّت األق‪###‬دام في المعرك‪###‬ة‪ ،‬وفي الموقف‬
‫‪#‬او ِز الش‪##‬ائعات‪ ،‬وفي ال‪##‬ترفع‬
‫الحق‪ ،‬وفي الطريقة المرض‪##‬ية‪ ،‬وفي تج‪ُ #‬‬
‫‪#‬ل العط‪##‬اء‪ ،‬وفي التع‪##‬الي على‬
‫على األذى الذي يبخَس المجاهدين وأه‪َ #‬‬
‫إساءات المن‪#‬افقين‪ ،‬وعند تش‪ِّ #‬فيهم من تض‪#‬حيات المجاه‪#‬دين‪ ،‬ك‪#‬لُّ ذلك‬
‫س ـ ُك ْم‬
‫س ْ‬
‫نس‪##‬تطي ُع تج‪##‬اوزَه من خالل الص‪##‬بر‪ ،‬يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى‪ِ ﴿ :‬إن ت َْم َ‬
‫سـ ِّي َئةٌ َي ْف َر ُحـ و ْا ِب َها َو ِإن ت ْ‬
‫َصـ ِب ُرو ْا َو َتتَّقُـو ْا َال‬ ‫ُصـ ْب ُك ْم َ‬
‫َسـ ْؤه ُْم َو ِإن ت ِ‬‫س َنةٌ ت ُ‬ ‫َح َ‬
‫ط﴾‪.‬‬ ‫ش ْيئاً ِإنَّ هّللا َ ِب َما َي ْع َم ُلونَ ُم ِحي ٌ‬
‫ض ُّر ُك ْم َك ْي ُده ُْم َ‬‫َي ُ‬
‫ب أُ ْهبَتَهَا‪َ ،‬وأَ ِع ُّدوا‬
‫ويقول اإلمام علي عليه السالم‪« :‬فَ ُخ ُذوا لِ ْل َحرْ ِ‬
‫لَهَا ُع َّدتَهَا‪ ،‬فَقَ ْد َشبَّ لَظَاهَا‪َ ،‬و َعاَل َسنَاهَا‪َ ،‬وا ْست َْش ‪ِ #‬عرُوا َّ‬
‫الص ‪#‬ب َْر‪ ،‬فَإِنَّهُ‬
‫الصبر س‪##‬ببا للظفر‬ ‫َ‬ ‫أَ ْدعَى إِلَى النَّصْ ِر»‪ .‬وما أجملَها من كلم ٍة تجع ُل‬
‫والنصر‪.‬‬
‫‪#‬ر‬‫‪#‬بر عاقب‪ً #‬ة محم‪##‬ود َة األث‪ِ #‬‬
‫للص‪ِ #‬‬ ‫األي‪##‬ام تجرب‪ً ##‬ة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رأيت وفي‬ ‫إني‬
‫‪#‬بر إال ف‪##‬از‬
‫واستص‪##‬حب الص‪َ #‬‬ ‫‪##‬ر يحاو ُله‬
‫وق‪##‬لَّ من ج‪َّ ##‬د في ْأم ٍ‬
‫ب‪################################‬الظ َف ِر‬
‫‪89‬‬
‫‪89‬‬ ‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬
‫ـوالِ ُك ْم َوأَنفُ ِ‬
‫س ـ ُك ْم َولَت ْ‬
‫َس ـ َم ُعنَّ ِمنَ‬ ‫يقول هللا تع‪##‬الى‪﴿ :‬لَتُ ْبلَ ـ ُونَّ فِي أَ ْمـ َ‬
‫شـ َر ُكو ْا أَ ًذى َكثِـيراً َوإِن‬ ‫ـاب ِمن قَ ْبلِ ُك ْم َو ِمنَ الَّ ِذينَ أَ ْ‬ ‫الَّ ِذينَ أُوتُـو ْا ا ْل ِكتَـ َ‬
‫ـز ِم األُ ُمــو ِر﴾‪ .‬وفعال طالما‪ #‬كان ه‪##‬ذا‬
‫َصبِ ُرو ْا َوتَتَّقُو ْا فَإِنَّ َذلِكَ ِمنْ َعـ ْ‬
‫ت ْ‬
‫سلوكَ المجاهدين الصابرين الماضين على درب اإليم‪##‬ان ال‪##‬ذين ال‬
‫يلتفتون إلى السفاسف‪ ،‬وال يعتبِ‪##‬رون أي أهمية لس‪##‬يول الزخ‪##‬ارف‪،‬‬
‫صــبِ َرنَّ َعلَى َما‬ ‫﴿ َو َما لَنَا أَالَّ نَت ََو َّك َل َعلَى هّللا ِ َوقَــ ْد هَــدَانَا ُ‬
‫ســبُلَنَا َولَنَ ْ‬
‫آ َذ ْيتُ ُمونَا َو َعلَى هّللا ِ فَ ْليَت ََو َّك ِل ا ْل ُمت ََو ِّكلُونَ ﴾‪.‬‬
‫أيها المؤمنون ‪ ..‬بالصبر تستطيع األمة تج‪##‬اوزَ محنتها وآال ِمها‬
‫‪#‬ار على بالئه‪##‬ا‪ ،‬وبالص‪##‬بر يص ‪ُ #‬غر ه‪##‬ذا األذى المتمثل في‬
‫واالنتص‪َ #‬‬
‫يقص‪ُ ##‬د به انته‪##‬ابُ‬
‫اإلعالم اإلبليسي والتض‪##‬ليل اإلعالمي‪ ،‬وال‪##‬ذي َ‬
‫عق‪##‬ول الن‪##‬اس‪ ،‬وبع‪##‬ثرة اطمئنانه‪##‬ا‪ ،‬وص‪##‬ناعة إذعانه‪##‬ا‪ ،‬واإلطاحة‪#‬‬
‫بيقينها عن خاتمة النصر ويقين الظفَ‪####‬ر‪ ،‬وبه تق‪ِ ####‬در على مواجهة‬
‫ب الحياة فتجتاز األهوال بتؤَ دَة وطمأنينة‪ ،‬وال تبالي بش‪##‬ظف‬
‫مصاع ِ‬
‫العيش‪ ،‬وال نتائج الحرب‪.‬‬
‫هذا وصلوا وسلموا على من أمركم هللا بالصالة والس‪##‬الم علي‪##‬ه‪،‬‬
‫صلُّونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا أَ ُّي َها‬
‫في قوله عز من قائل‪ِ ﴿ :‬إنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَهُ يُ َ‬
‫سلِّ ُموا تَ ْ‬
‫سلِيما ً﴾‪.‬‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫الَّ ِذينَ آ َمنُوا َ‬
‫الصبر طاقة الجهاد المتجددة (الخطبة الثانية)‬ ‫‪88‬‬
‫‪88‬‬
‫َ‪##‬وا ِم َي بَ َر َكاتِ‪##‬كَ َعلَى ُم َح َّم ٍد‬ ‫ص‪##‬لَ َواتِكَ ‪َ ،‬ون َ‬ ‫اللهم اجْ َع‪##‬لْ َش‪َ ##‬رائِفَ َ‬
‫ق‬‫ح لِ َما ا ْن َغلَقَ‪َ ،‬و ْال ُم ْعلِ ِن ْال َح‪َّ #‬‬
‫َع ْب ِدكَ َو َرسُولِكَ ‪ْ ،‬الخَاتِ ِم لِ َما َسبَقَ‪َ ،‬و ْالفَاتِ ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫ت اأْل َ َ‬
‫ض‪#‬الِ ِ‬ ‫ص‪#‬وْ اَل ِ‬
‫ي‪#‬ل‪َ ،‬وال‪َّ #‬دا ِم ِغ َ‬
‫اط ِ‬‫ت اأْل َبَ ِ‬ ‫بِ ْ‬
‫‪#‬ال َحقِّ‪َ ،‬وال‪َّ #‬دافِ ِع َجي َْش‪#‬ا ِ‬
‫وصل اللهم على بقية الخمسة أهل الكس‪######‬اء‪ ،‬علي المرتض‪######‬ى‪،‬‬
‫وفاطمة الزهراء‪ ،‬والحسن المجتبى‪ ،‬والحسين س‪##‬يد الش‪##‬هداء‪ ،‬اللهم‬
‫وعلى جميع أهل بيت نبيك األك‪##‬رمين‪ ،‬وارض اللهم عن ص‪##‬حابته‬
‫األخي‪##‬ار المنتج‪##‬بين‪ ،‬وعن من يس‪##‬تحق الرض‪##‬وان من المخل‪##‬وقين‪،‬‬
‫وعنا معهم بفضلك ومنك يا أرحم الراحمين‪..‬‬
‫ربنا أف‪###‬رغ علينا ص‪###‬براً وثبت أق‪###‬دامنا وانص‪###‬رنا على الق‪###‬وم‬
‫الكافرين‪..‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا ال ت‪##‬زغ قلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫أنت الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫عباد هللا ‪﴿ ..‬إِنَّ هّللا َ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫اإل ْح َ‬
‫َن ا ْلفَ ْحشَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫‪97‬‬
‫‪97‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬

‫‪( –6‬ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا)‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫الحمدهلل ناصر عب‪##‬اده المستض‪##‬عفين‪ ،‬وق‪##‬اهر أولي‪##‬اء الش‪##‬يطان‬


‫المس‪###‬تكبرين‪ ،‬الق‪###‬وي القه‪###‬ار‪ ،‬والعزيز الجب‪###‬ار‪ ،‬ال‪###‬ذي َم ْن نازعه‬
‫أكثر في أرضه الفسا َد رج َمه‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬
‫قص َمه‪ ،‬ومن َ‬
‫كبريا َءه َ‬
‫إال هللا ولي المجاهدين‪ ،‬وحبيب الصابرين الثابتين‪ ،‬وأشهد أن س‪##‬يدَنا‬
‫وس‪##‬ندَنا محم‪##‬دا عب ُدهللا ورس‪##‬ولُه‪ ،‬أخرجنا به ُ‬
‫هللا من الظلم‪##‬ات إلى‬
‫النور‪ ،‬وهدانا به إلى حي‪##‬اة الحقيقة والس‪##‬عادة والحب‪##‬ور‪ ،‬اللهم فص‪##‬لِّ‬
‫وارض اللهم عن الراش‪##‬دين‬
‫َ‬ ‫وس ِّل ْم عليه وعلى آله األخيار األنجبين‪،‬‬
‫من صحابته والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين ‪..‬‬
‫ونفسي بتقوى هللا‪ ،‬فإنها الزا ُد القلبي‬
‫َ‬ ‫أما بعد عباد هللا ‪ ..‬أوصيكم‬
‫بط بض‪##‬وابط الش‪##‬رع‪ ،‬إنها‬
‫المنض ‪ِ #‬‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ال‪##‬ذي يعطينا دافعا إلى التح‪##‬رُّ ِ‬
‫والخوف من هللا‪ ،‬وهي الرج‪##‬ا ُء واألم‪ُ #‬ل في‪##‬ه‪ ،‬وهي الجه‪##‬ا ُ‪#‬ز‬
‫ُ‬ ‫الخشيةُ‬
‫الرقابي المحاسبي في المؤمن الذي يسعى به نحو الطاعة وينأى به‬
‫عن المعصية‪ ،‬يس‪##‬عى به نحو العم‪##‬ل‪ ،‬ويحرِّ ُكه إلى المب‪##‬ادرة‪ُ ،‬‬
‫تعين‬
‫‪#‬و ُم َكب َْوتَ‪##‬ه‪ ،‬وتص‪##‬حِّ ُح‬ ‫وتبص ‪#‬رُه بدائ‪##‬ه‪ ،‬وتس ‪ُّ #‬د َ‬
‫نقص ‪#‬ه‪ ،‬وتق‪ِّ #‬‬ ‫ِّ‬ ‫المخط َئ‬
‫ِ‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬ ‫‪98‬‬
‫‪98‬‬
‫ان تَ َذ َّك ُرو ْا فَــإِ َذا‬
‫ش ْيطَ ِ‬ ‫هَ ْف َوتَه‪﴿ ،‬إِنَّ الَّ ِذينَ اتَّقَو ْا ِإ َذا َم َّ‬
‫س ُه ْم َ‬
‫طائِفٌ ِّمنَ ال َّ‬
‫ص ُرونَاا﴾‪.‬‬
‫االخ‬
‫االخ‬ ‫هُم ُّم ْب ِ‬
‫إنها منه‪#‬لٌ طبة‬
‫َـزَودُو ْا‬
‫ي‪#‬تزو ُد منه الم‪#‬ؤمن في كل مواقفه اإليماني‪#‬ة‪َ ﴿ ،‬وت َّ‬ ‫طبة ّ‬
‫ـون َيا أُ ْو ِلي َ‬ ‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬ثر حاج ‪َ #‬ة‬‫ب﴾‪ ،‬وما أك‪َ #‬‬‫األ ْل َبــا ِ‬ ‫ـزا ِد التَّ ْقـ َ‬
‫ـوى َواتَّقُـ ِ‬ ‫َفـإِنَّ َخ ْيـ َ‬
‫ـر الـ َّ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬ارك وحش‪##‬ية‬
‫وهو يغا ِلبُ نواز َع الطغ‪##‬اة األش‪##‬رار ويع‪ِ #‬‬ ‫المؤمن اليوم ‪-‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫كب‪#‬ير من التق‪#‬وى‪ ،‬وما أعظ َم‬
‫ٍ‬ ‫س‪#‬ط‬
‫منا ألن يك‪#‬ونَ على ِق ٍ‬ ‫المعتدين الفجارمنا‪-‬‬
‫ق مسالكه‪ ،‬إنها النجاة من‬ ‫خطبة تكثر معاناتُه وآال ُمه وتضي ُ‬
‫حاجتَه إليها حيث‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وال هلك َة أخطرُ من الوقوع في سخط هللا عند التفريط‬ ‫جميع ال َه َلكات‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ق هَّللا َ‬ ‫األقربو َأ َ‬
‫نج ْي َنا الَّ ِذينَ آ َمنُــوا َو َكــانُوا َيتَّقُــونَ ﴾‪َ ﴿ ،‬و َمن َيتَّ ِ‬ ‫في ما أمر هللا‪﴿ ،‬‬
‫األقربَ‬
‫َي ْج َعل َّل ُه َم ْخ َرجاً﴾‬
‫منا‬
‫منا‪.‬‬
‫أيها اإلخــوة المؤمنــون ‪ ..‬يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى في س‪##‬ورة البق‪##‬رة‪:‬‬
‫س َمن يُ ْع ِجبُكَ قَ ْولُهُ فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َويُ ْ‬
‫شــ ِه ُد هّللا َ َعلَى َما‬ ‫﴿ َو ِمنَ النَّا ِ‬
‫س َعى فِي األَ ْر ِ‬
‫ض لِيُ ْف ِ‬
‫س َد فِيِ َها‬ ‫ص ِام ‪َ .‬وإِ َذا ت ََولَّى َ‬ ‫فِي قَ ْلبِ ِه َوه َُو أَلَ ُّد ا ْل ِخ َ‬
‫سـا َد ‪َ .‬وإِ َذا قِيـ َل لَـهُ اتَّ ِ‬
‫ق هّللا َ‬ ‫س َل َوهّللا ُ الَ يُ ِح ُّب الفَ َ‬‫ث َوالنَّ ْ‬ ‫َويُ ْهلِكَ ا ْل َح ْر َ‬
‫س َمن‬ ‫ْس ا ْل ِم َهــا ُد ‪َ .‬و ِمنَ النَّا ِ‬
‫س ـبُهُ َج َهنَّ ُم َولَبِئ َ‬ ‫أَ َخ َذ ْتهُ ا ْل ِع َّزةُ بِ ِ‬
‫اإل ْث ِم فَ َح ْ‬
‫ت هّللا ِ َوهّللا ُ َر ُؤوفٌ بِا ْل ِعبَا ِد﴾‪.‬‬ ‫ش ِري نَ ْف َ‬
‫سهُ ا ْبتِ َغاء َم ْر َ‬
‫ضا ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪97‬‬
‫‪97‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬
‫هذه اآليات تعرض نموذجين من بني اإلنسان‪ ،‬نموذجين يمثِّالن‬
‫ص‪##‬را َع الخ‪##‬ير والش‪##‬ر‪ ،‬ص‪##‬را َع الفط‪##‬رة واالنح‪##‬راف‪ ،‬نم‪##‬وذجين‬
‫ِّ‬
‫يلخصان هذه الحالة التي يعيشها اليمنيون في هذه األي‪##‬ام‪ ،‬ويقرِّ ب‪##‬ان‬
‫القضية لمن يريد أن يعي ويفهم‪.‬‬
‫ت الخ‪##‬ير‪،‬‬ ‫فالنموذج األول هو نموذج النفاق ال‪##‬ذي يطلِ‪ُ #‬‬
‫ق عب‪##‬ارا ِ‬
‫‪#‬دمير واإلفس‪##‬اد‬
‫‪#‬رام والت‪ِ #‬‬
‫ويتظاه ُر بالصالح‪ ،‬لكنه يخفي سلوكَ اإلج‪ِ #‬‬
‫والتقتيل‪ ،‬والنموذج اآلخر هو نموذ ُج المس‪##‬ارعين إلى رض‪##‬وان هللا‬
‫الذين ب‪##‬اعوا أنفس‪##‬هم فربِح‪##‬وا ال‪##‬بيع‪ ،‬وك‪##‬ان هللا بعب‪##‬اده الب‪##‬ائعين منه‬
‫رؤوفا‪.‬‬
‫في الماضي أيها اإلخوةُ المؤمنــون ‪ ..‬س‪ِ #‬معنا كث‪##‬يرا كالما طيِّبا‬
‫آل س‪##‬عود ووع‪##‬اظهم‪ ،‬س‪##‬معنا ب‪##‬أنهم خ‪##‬دام الح‪##‬رمين‬
‫عن جيراننا ِ‬
‫الشريفين‪ ،‬وسمعنا خطبا َءهم ووعاظَهم ودعاتَهم وهم يقولون كالما‬
‫طيبا‪ ،‬ويُضْ فون على أقوالهم لحنا رخيما‪ ،‬وغنغنة ماكرة‪ ،‬سمعناهم‬
‫كث‪##‬يرا يتح‪##‬دثون عن التق‪##‬وى‪ ،‬ويحث‪##‬ون على الس‪##‬الم‪ ،‬ويوص‪##‬ون‬
‫ِّ‬
‫متخش ‪#‬ع‪ ،‬وظننا أنه‬ ‫بحق‪##‬وق الج‪##‬يران‪ ،‬ويق‪##‬رؤون الق‪##‬رآن بص‪##‬وت‬
‫ب من خشية هللا متصدِّع‪ ،‬كما سمعناهم وهم يح ِّذرون‬
‫صاد ٌر عن قل ٍ‬
‫من الفتنة والقتل‪ ،‬وطالما زعقت منابرهم ب‪##‬أن "ام‪##‬رأة دخلت الن‪##‬ار‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬ ‫‪98‬‬
‫‪98‬‬
‫في ه‪#####‬رة‪ ،‬ال هي أطعمته‪#####‬ا‪ ،‬وال هي تركتها تأكل من خَ ش‪#####‬اش‬
‫فحسبناهم بش‪#‬را فاض‪#‬لين ُ‬
‫ينش‪#‬دون االس‪#‬تقامة‪ ،‬ويبتغ‪#‬ون‬ ‫األرض"‪ ،‬اااالخ‬
‫االخ‬
‫طبة‬
‫طبة‬ ‫الكرامة‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫لكن ‪ ..‬وما أدراك ما بعد لكن ‪ ..‬لكن بين ليلة وض‪###‬حاها تب َّخرت‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ت تلك المع‪##‬اني الس‪##‬كرية‪ ،‬وا ْن‪َ #‬دثَ َر ْ‬
‫ت‬ ‫الوردية‪ ،‬وت ََح ْنظَلَ ْ‬ ‫ُ‬
‫الكلماتاألقرب‬ ‫تلك‬
‫األقرب‬
‫مناقة‪ ،‬وك َذبَت تلك األص‪##‬وات المز َّوق‪##‬ة‪ ،‬ك‪##‬انوا يثن‪##‬ون‬
‫تلك الجم ُل المن َّم‬
‫منا‬
‫خطبة‬
‫خطبةعنا ما قاله الرس‪###‬ول الك‪###‬ريم ص‪###‬لى هللا عليه وآله‬
‫علينا ويقول‪###‬ون‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫يم‪##‬ان‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫اإليم‪##‬ان‬ ‫ُ‬
‫وألين أفئ‪##‬دة‪،‬‬ ‫أه‪ُ ##‬ل اليمن‪ ،‬أر ُّ‬
‫ق قلوبا‬ ‫أت‪##‬اكمهو‬
‫هو‬ ‫وس‪##‬لم‪ ( :‬هللا‬
‫هللا‬
‫ص الحق‪ ،‬وتراءت‬ ‫يمان)‪ ،‬لكنهم ل َّما َحصْ َح َ‬
‫ٍ‬ ‫والحكمةُ يمانية‪،‬‬
‫األقرب‬
‫األقربوالفقهُ‬
‫منا‬
‫منا‬
‫الفئتان نكص‪##‬وا على أعق‪##‬ابهم‪ ،‬وانقلب‪##‬وا على رؤوس‪##‬هم‪ ،‬وأص‪##‬بحوا‬
‫وب‪####‬اتوا يرموننا بتُهَ َم الكفر والم‪####‬روق‪ ،‬ويص‪####‬فوننا بالمجوس‪####‬ية‬
‫والفسوق‪.‬‬
‫أَ ْملَى هللاُ لهم باألموال الكثيرة‪ ،‬فكفروا بالنعم‪##‬ة‪ ،‬ورأين‪##‬اهم ألِ‪ّ #‬داء‬
‫في الخصومة‪ ،‬مب‪##‬الِغين في الع‪##‬داوة‪ ،‬ال يرْ قب‪##‬ون في م‪##‬ؤمن إاّل ً وال‬
‫رطبة‪ ،‬لكن قلوبَهم تكتَنِ ُز ق‪##‬درًا ه‪##‬ائال من‬
‫ذمة‪ ،‬وتبين لنا أن ألسنتَهم ِ‬
‫الوحشية‪ ،‬والفجور والكراهية‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪97‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬
‫وبري‪###‬ق‬
‫ِ‬ ‫ه‪###‬اهم يس‪###‬عون الي‪###‬وم بكل ما أُوْ تُ‪###‬وا من ق‪###‬و ِة الم‪###‬ال‪،‬‬
‫‪#‬ورة‪ ،‬ليُهلِك‪#‬وا الح‪#‬رْ َ‬
‫ث والنس‪##‬ل‪،‬‬ ‫الوجاهة‪ ،‬وهمجي‪ِ #‬ة األس‪##‬لحة المتط‪ِّ #‬‬
‫وليفس‪##‬دوا في األرض‪ ،‬فت‪##‬بيّن لنا أنهم أش ‪ُّ #‬د ما يس‪##‬عون في الفس‪##‬اد‪،‬‬
‫وأبع ‪ُ #‬د ما يكون‪##‬ون عن الص‪##‬واب‪ ،‬وأوق ُح ما يكون‪##‬ون في االدع‪##‬اء‪،‬‬
‫وأكذبُ ما يكونون في االتهام‪ ،‬هاهم يَ ْقتُلون الجمي َع في يمن اإليمان‬
‫وصفَهم‬
‫معشر اليمانيين مجوسٌ ‪ ،‬ونحن الذين َ‬
‫َ‬ ‫والحكمة بدعوى أننا‬
‫الرسو ُل صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم باإليم‪##‬ان والفقه والحكم‪##‬ة‪ ،‬بينما‬
‫هم َم ْن وص ‪#‬فَهم الرس‪##‬ول ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم ب‪##‬أنهم (ق‪##‬رْ ُن‬
‫تنبع ُ‬
‫ث (ال‪####‬زالزل والفتن)‪ .‬وكم وردت‬ ‫الش‪####‬يطان) و ِمن عن‪ِ ####‬دهم ِ‬
‫أح‪##‬اديث كث‪##‬يرة ت‪##‬ذم أهل نج‪##‬د‪ ،‬وكم وردت وهي تث‪##‬ني على أهل‬
‫اليمن‪ ،‬بالفقه والحكمة واإليمان‪.‬‬
‫ث هو األرض التي تست َْث َمر‬
‫ث والنسل‪ ،‬والحرْ ُ‬
‫إنهم يُ ْهلِكون الحرْ َ‬
‫الحبوب والفواك‪##‬هَ‬
‫َ‬ ‫تخرج شيئا طيبا‪ ،‬األرضُ التي تث ِم ُر‬
‫وتن َّمى لكي ِ‬
‫والخضروات تعتَبر حرثا‪ ،‬الم‪##‬رأة ال‪##‬تي تنتِ ُج ول‪##‬دا س‪##‬ماها هللا حرثا‬
‫ث لَّ ُك ْم﴾‪ ،‬والنسل هم األوالد‪ ،‬ونسل الرجل ول ُده‪ ،‬وما‬
‫س ـآ ُؤ ُك ْم َحـ ْر ٌ‬
‫﴿ن ِ َ‬
‫تناسل عنه ‪ ..‬فباهلل عليكم م‪##‬اذا يفع‪ُ #‬ل آل س‪##‬عود ومن ورائهم أمريكا‬
‫وإس‪##‬رائيل الي‪##‬و َم بحرْ ثنا ونس‪##‬لنا في اليمن؟ م‪##‬اذا فعل‪##‬وا ويفعل‪##‬ون‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬ ‫‪98‬‬
‫‪98‬‬
‫بح‪#‬رث ونسل إخواننا في الش‪##‬ام والع‪#‬راق؟‪ #‬م‪#‬اذا يفعل‪##‬ون في ش‪##‬رق‬
‫وغربها؟ أال ي‪##‬د ِّمرون ك‪َّ #‬ل ش‪##‬يء؟ أال يُهلِك‪##‬ون ك‪َّ #‬ل ح‪##‬ر ٍ‬
‫ث‬ ‫األرض اااالخ‬
‫االخ‬
‫وك َّل نسل؟ طبة‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ال َم‪##‬زار ُع ال‪##‬تي ي‪##‬د ِّمرونها تعتَ‪##‬بر من الح‪##‬رث‪ ،‬ومثلها المص‪##‬انع‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫والمشاريع‪ ،‬والنساء الالتي يقتلونهن في األع‪#‬راس وفي‬ ‫والمؤسسات‪،‬‬
‫األقرب‬ ‫األقرب‬
‫أطف‪#‬ال‬
‫ٍ‬ ‫الم‪#‬زارع وعلى اآلب‪##‬ار‪ ،‬تع َت َبر من الح‪##‬رث‪ ،‬فكم‬
‫المساكن وفي منا‬
‫منا‬
‫ص‪#‬بيان ش‪#‬ووا جل‪#‬ودهم‪ ،‬أليس ه‪#‬ذا‬ ‫ٍ‬ ‫خطبة أحرق‪#‬وهم‪ ،‬وكم‬ ‫نسل‬
‫قتلوهم‪ ،‬وكم ٍ‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫الكريم‪##‬ة‪َ ﴿ ،‬ويُ ْه ِلــكَ ا ْل َحــ ْر َث َوالنَّ ْ‬
‫ســ َل﴾؟ ألم يكن ه‪##‬ؤالء‬ ‫مص‪##‬داقا لآلية‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫المستكبرين والطاغين هم من تعنيهم اآلية الكريمة؟ أليس‬ ‫وأمثالُهم مناألقرب‬
‫األقرب‬
‫‪#‬ل اإلنس‪##‬ان والحي‪##‬وان‪ ،‬وت‪##‬دمير الممتلك‪##‬ات‬ ‫ما يقومون به منا‬
‫منا‬
‫الي‪#‬وم من قت‪ِ #‬‬
‫ِ‬
‫وه‪##‬دم‬
‫ِ‬ ‫وت‪##‬دمير المش‪##‬افي على رؤوس مرتاديه‪##‬ا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الخاصة والعام‪##‬ة‪،‬‬
‫‪#‬ق‬ ‫ال‪##‬بيوت على أهلها الن‪##‬ائمين فيه‪##‬ا‪ ،‬وح‪##‬رْ ِ‬
‫ق جل‪##‬و ِد األبري‪##‬اء‪ ،‬وتمزي‪ِ #‬‬
‫أشالء األطفال والنساء – كل ذلك ألم يكن من الفساد في األرض؟ أال‬
‫إهالك الح‪###‬رْ ِ‬
‫ث والنس‪###‬ل؟ أليس الحص‪###‬ار لش‪###‬ع ِبنا من‬ ‫ِ‬ ‫يع‪ُّ ###‬د ذلك من‬
‫المحروقات والغذاء والدواء من اإلفسا ِد في األرض؟‬
‫إنهم النموذج السيء الذي تح‪َّ #‬د َ‬
‫ث عنه الق‪ُ #‬‬
‫‪#‬رآن الك‪##‬ريم‪ ،‬النم‪##‬وذ ُج‬
‫ت جوف‪##‬اء‪ ،‬ح‪##‬تى إذا ج‪##‬اءت المواقف‬ ‫المن‪##‬افِق ال‪##‬ذي يطلِ ‪ُ #‬‬
‫ق عب‪##‬ارا ٍ‬
‫‪97‬‬
‫‪97‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬
‫َ‬
‫وكش ‪#‬فَ عن‬ ‫ب الش‪##‬ر‪ ،‬وأب‪##‬ان عن وج ‪ِ #‬ه القُبْح‪،‬‬
‫الحقيقية ك ّش َر عن نا ِ‬
‫بر والهمجية‪.‬‬
‫مستور النذالة‪ ،‬وأظهر المدى الخطير في مضمار ال ِك ِ‬
‫ِ‬
‫ومع ذلك ي‪##‬أتي ش‪##‬يوخ ه‪##‬ذه المملكة الش‪##‬رِّ يرة ليب‪##‬اركوا أعمالها‬
‫مجازرها‪ #‬الوحش‪##‬ية‪ ،‬ويط‪##‬البوا بالمزيد منه‪##‬ا؛‬
‫َ‬ ‫اإلجرامية‪ ،‬وي‪##‬برِّروا‬
‫ذلك أنهم مألُ فراعنة العصر‪ ,‬ال‪##‬ذين يحرِّ ض‪##‬ونهم على قتل موسى‬
‫اليمن‪ ،‬وموسى اليمن يتمثل في كل طف‪##‬ل‪ ،‬وش‪##‬يخ‪ ،‬وام‪##‬رأة؛ ﴿ َوقَــا َل‬
‫ض‬‫سـدُو ْا فِي األَ ْر ِ‬ ‫وسـى َوقَ ْو َمـ هُ لِيُ ْف ِ‬ ‫ـو ِم ِف ْر َعــونَ أَتَـ َذ ُر ُم َ‬ ‫ا ْل َمألُ ِمن قَـ ْ‬
‫ساء ُه ْم َوإِنَّا فَ ْوقَ ُه ْم‬
‫ست َْحيِـي نِ َ‬ ‫سنُقَتِّ ُل أَ ْبنَاء ُه ْم َونَ ْ‬
‫َويَ َذ َركَ َوآلِ َهتَكَ قَا َل َ‬
‫قَا ِه ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫يتظاهر المبطلون المعت‪##‬دون أن إج‪##‬را َمهم مش‪##‬روع‪ ،‬وأن ل‪##‬ديهم‬
‫من الم‪##‬بررات ما يح‪##‬اولون به التغطية على قُب ِ‬
‫ْح ج‪##‬رائ ِمهم و ُخ ْب ِ‬
‫ث‬
‫دناءاتهم‪ ،‬يخشون الفس‪##‬اد في األرض على حد زعمهم‪ ،‬فيا ت‪#‬رى ما‬
‫هو هذا الفساد الذي خ‪#‬افوه من ق‪#‬ومهم؟ هل هو أن ي‪#‬تركوا فرع‪#‬ون‬
‫وآلهت‪##‬ه؟ هل خ‪##‬افوا أن ينقلب‪##‬وا على ش‪##‬رعيته المزعومة وألوهيته‬
‫فرعون عاصفةَ حق ِده‪ ،‬وكشف عن‬
‫ُ‬ ‫المكذوبة؟ ‪ ..‬نعم ‪ ..‬ولذلك أعلن‬
‫مكنون وحشيته‪ ،‬بتقتيل األبناء‪ ،‬واستحياء النس‪##‬اء‪ ،‬وبسط الس‪##‬يطرة‬
‫ِ‬
‫بالقهر واالستعالء‪.‬‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬ ‫‪98‬‬
‫‪98‬‬
‫وبالمقارنة‪ #‬ما هو الذنب الذي ارتكبه اليمنيون اليوم؟‬
‫االخ‬
‫االخأننا توجّهنا إلى هللا وتركنا آل س‪#####‬عود وآلهتهم من‬
‫ال‪#####‬ذنب ااهو‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫والصهاينة الذين يعبدونهم ويخشونهم وينفِّذون رغب‪##‬اتهم‬ ‫األمريكان‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ويسارعون في مرضاته ‪ ..‬ذنبُنا أننا‬ ‫ِ‬ ‫أكثر مما يخشون هللا‬‫وإرادتَهم َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫الع‪َّ #‬زة ‪ ..‬ذنبُنا أننا أردنا أن‬ ‫ِّ‬
‫األقربمن حي‪##‬اة الذلة إلى حي‪##‬اة ِ‬
‫أردنا الخ‪##‬روج‪#‬‬
‫األقرب‬
‫وحرية ‪ ..‬ذنبُنا أننا رفض‪#######‬نا أن نس‪#######‬تأ ِذن أولئك‬
‫نعيش بكرامة منا‬
‫منا‬ ‫َ‬
‫أرض ‪#‬نا للبحث عن خيراتها‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫خطبة‬
‫خطبة‪#‬دما نمشي في من‪##‬اك ِ‬
‫المس‪##‬تكبِرين عن‪#‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوفيها لنُس‪ِّ #‬‬
‫‪#‬خرها في س‪##‬عادة ش‪##‬عبنا‪ ،‬ورف‪##‬ا ِه أوالدن‪##‬ا‪،‬‬ ‫هللاهللا‬
‫هو‬ ‫ال‪##‬تي أودعها‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقربعلى فقرائنا‪.‬‬
‫وإدخال السرور‬
‫منا‬
‫منا‬
‫لكنهم يري‪#‬دون أن نس‪#‬تمر في حالة العبودية ال‪##‬تي ك‪#‬ان يفرض‪#‬ها‬
‫‪#‬رهم‪ ،‬وأن‬ ‫ُ‬
‫فرعون على بني إسرائيل‪ ،‬يري‪##‬دوننا أن نك‪##‬ونَ ط‪##‬و َع أم‪ِ #‬‬
‫نعيش على فضالت قذاراتهم التي يسمونها مساعدات‪ ،‬يريدوننا أن‬
‫ت‬
‫ت األمريكية الص‪######‬هيونية‪ ،‬وأن نظل أدوا ٍ‬
‫نبقى رهنَ الرغب‪######‬ا ِ‬
‫للمشاريع االستكبارية‪.‬‬
‫ِ‬
‫إنهم يعيش‪##‬ون حالة‪ #‬االس‪##‬تعالء واالس‪##‬تكبار بما في أي‪##‬ديهم مما‬
‫‪#‬وف‬
‫‪#‬ذكير بخ‪ِ #‬‬
‫أعطاهم هللا وابتالهم به‪ ،‬فهم غي ُر مس‪##‬تعدين ح‪##‬تى للت‪ِ #‬‬
‫من بي‪ِ #‬ده مص‪##‬ائرُهم؛ ألنهم يعيش‪##‬ون حي‪##‬اة القس‪##‬اوة‪ ،‬و َ‬
‫طبَع هللا على‬
‫‪97‬‬
‫‪97‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬
‫قلوبهم‪ ،‬وارتكب‪##‬وا الج‪##‬رائم الكث‪##‬يرة في ش‪##‬رق األرض وغربه‪##‬ا‪ ،‬ال‬
‫طفل يص ُر ُخ من تحت األنقاض‪ ،‬وال يعنيهم‬
‫تهتز مشاعرُهم لمشه ِد ٍ‬ ‫ُّ‬
‫أن أبادوا أُ َسرًا كاملة ورحّلوهم إلى الدار األخرى‪.‬‬
‫إن ج‪##‬ريمتهم لعظيم‪##‬ة‪ ،‬وإن معص‪##‬يتهم عند هللا لكب‪##‬يرة وكب‪##‬يرة‪،‬‬
‫فهم يقتلون اإلنسان‪ ،‬والحيوان‪ ،‬ويدمرون ك َّل شيء‪ ،‬وينتهكون ك َّل‬
‫محرّم‪ ،‬ويتجاوزون ك َّل القيود حتى تلك ال‪##‬تي يحترمها الكف‪##‬ار ‪ ..‬ثم‬
‫يشترون ص‪#‬متَ الع‪##‬الم ب‪##‬أموالِهم الطائلة ال‪#‬تي هي في الحقيقة مل‪ُ #‬‬
‫ك‬
‫والملح‪ #‬دين‪ ،‬وبق‪##‬وى‬
‫ِ‬ ‫المسلمين‪ ،‬بل ويستعينون باليهود والنص‪##‬ارى‬
‫االستكبار والظلم واالستبداد‪ ،‬بالصهاينة واألمريكان‪.‬‬
‫وهم أيضا يرتكب‪##‬ون كل ه‪##‬ذه الج‪##‬رائم ض‪َّ ##‬د َمن؟ ض‪َّ ##‬د َمن هم‬
‫ج‪##‬يران لهم‪ ،‬متناس‪##‬ين حق‪##‬وق الج‪##‬يران في الق‪##‬رآن‪ ،‬حيث يق‪##‬ول‬ ‫ٌ‬
‫ب﴾‪،‬‬
‫ـالجن ِ‬
‫ب بِـ َ‬‫اح ِ‬
‫الصـ ِ‬
‫ب َو َّ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬وا ْل َجا ِر ِذي ا ْلقُ ْربَى َوا ْل َجـ ا ِر ا ْل ُجنُ ِ‬
‫ومتغابين عن تع‪##‬اليم رس‪##‬ول اإلحس‪##‬ان ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم‪،‬‬
‫ُ‬
‫ظننت أنه‬ ‫يوص‪##‬يني بالج‪##‬ار ح‪##‬تى‬
‫ِ‬ ‫ال‪##‬ذي ق‪##‬ال‪« :‬ما زال جبري‪ُ ##‬ل‬
‫سيورِّ ثُه»‪.‬‬
‫لكن هللا س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى حكم لنا عليهم‪ ،‬وأب‪##‬ان كرهَه لفع‪##‬الهم‪،‬‬
‫سا َد﴾‪َ ﴿ ،‬وهّللا ُ الَ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْف ِ‬
‫ســ ِدينَ ﴾‪ ،‬وأيُّ‬ ‫حيث قال‪َ ﴿ :‬وهّللا ُ الَ يُ ِح ُّب الفَ َ‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة األولى)‬ ‫‪98‬‬
‫‪98‬‬
‫فس‪###‬اد أعظم من ه‪###‬ذا الفس‪###‬اد ال‪###‬ذي تعيشه اليمن وس‪###‬وريا وليبيا‬
‫االخ‪##‬رب اإلس‪##‬المي مما أنتجته آالت وأدوات وأم‪##‬وال‬
‫والمغ‬
‫والمش‪##‬رق اااالخ‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫الس‪###‬عودية‪ ،‬واألفك‪###‬ار التكفيرية التدميري‪###‬ة‪ ،‬واإلمالءات‬ ‫الفس‪###‬اد‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫والصهيونية؟!‬ ‫األمريكية‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫النموذج السيء الذي حك‪##‬اه الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم وال‪##‬ذي يجب‬‫هذا هو األقرب‬
‫األقرب‬
‫نح‪َ ##‬ذ َر من‪##‬ه‪ ،‬وأن نتش‪َّ ##‬رفَ بمواجهت‪##‬ه‪ ،‬ومقاومت‪##‬ه‪،‬‬
‫نعرفَه وأنمنا‬
‫منا‬ ‫أن ِ‬
‫وإزهاقه في ه‪##‬ذه الحي‪##‬اة ال‪##‬دنيا لنف‪##‬وز في تلك الحي‪##‬اة‬
‫وفض‪##‬حه‪ ،‬خطبة‬
‫خطبة‬
‫األخرى‪ .‬األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫يم ‪.‬‬
‫من ال ـ َّر ِح ِ‬
‫س ـ ِم هللاِ ال ـ َّر ْح ِ‬
‫األقرب الش‪##‬يطان ال‪##‬رجيم‪﴿ ،‬بِ ْ‬ ‫من‬
‫األقرب‬ ‫أع‪##‬وذ باهلل‬
‫ســـ ٍر ‪ِ .‬إاَّل الَّ ِذينَ آ َمنُـــوا َو َع ِملُـــوا‬
‫نســـانَ لَفِي ُخ ْ‬ ‫َوا ْل َع ْ‬
‫صـــ ِر ‪ .‬إِنَّمناا‬
‫مناإْل ِ َ‬
‫ص ْب ِر﴾‪.‬‬
‫اص ْوا بِال َّ‬ ‫اص ْوا بِا ْل َح ِّ‬
‫ق َوت ََو َ‬ ‫ت َوت ََو َ‬
‫صالِ َحا ِ‬
‫ال َّ‬
‫قلت ما سمعتم‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬
‫‪105‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫الحمدهلل رب العالمين‪ ،‬وال عدوان إال على الظالمين‪ ،‬وأشهد أن‬


‫ال إله إال هللا ولي األولياء المتقين‪ ،‬وأشهد أن س‪##‬يدنا محم‪##‬دا رس‪##‬ول‬
‫هللا إم‪##‬ام المجته‪##‬دين المجاه‪##‬دين‪ ،‬اللهم صل وس‪##‬لم عليه وعلى آله‬
‫الكرام الطيبين‪ ،‬ثم أما بعد عباد هللا‪:‬‬
‫يستأسد بأموال‪##‬ه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أعود فأقول لكم‪ :‬ذلكم النموذ ُج الفرعوني الذي‬
‫وسـى َربَّنَا ِإنَّكَ‬ ‫بكبره وعنا ِده‪ ،‬كما قال هللا سبحانه‪َ ﴿ :‬وقَا َل ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ويطغى‬
‫ضـ ُّلو ْا‬ ‫َـونَ َو َمألهُ ِزينَـةً َوأَ ْم َ‬
‫ـواالً ِفي ا ْل َحيَــا ِة الـ ُّد ْنيَا َربَّنَا لِيُ ِ‬ ‫آتَيْتَ فِ ْرع ْ‬
‫اشـــ ُد ْـد َعلَى قُلُـــوبِ ِه ْم فَالَ‬ ‫س َعلَى أَ ْم َ‬
‫ـــوالِ ِه ْم َو ْ‬ ‫ســـبِيلِكَ َربَّنَا ا ْط ِم ْ‬
‫عَن َ‬
‫اب األَلِي َم﴾‪ ،‬إنهم يملؤون األرض فسادا وقتال‬
‫يُ ْؤ ِمنُو ْا َحتَّى يَ َر ُو ْا ا ْل َع َذ َ‬
‫وتدميرا‪ ،‬ولم يكفِهم أنهم فاسدون في أنفسهم‪ ،‬تعرفهم نوادي الع‪##‬ار‪،‬‬
‫‪#‬ير‬
‫أم‪#‬ير حق‪ٍ #‬‬
‫ٍ‬ ‫‪#‬وث ِس‪#‬يَرُهم مع ال ُمو ِمس‪##‬ات ك‪َّ #‬ل األقط‪#‬ار‪ ،‬وكم من‬
‫وتل‪ِّ #‬‬
‫منهم قُبِض عليه في ب‪##‬يروت والق‪##‬اهرة وغيرهما وهو يتأبط أطن‪##‬ان‬
‫المخ‪####‬دِّرات‪ ،‬فه‪####‬ؤالء هم آل س‪####‬عود أرب‪####‬اب المخ‪####‬دِّرات وأهل‬
‫الشهوات‪ ،‬وهذا هو هللا الذي ستر عليهم وستر وس‪##‬تر‪ ،‬ح‪##‬تى ظن‪##‬وا‬
‫أنه قد غفَر‪ ،‬فكشف سوءاتِهم‪ ،‬وجلّى حقائقَهم‪.‬‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬ ‫‪104‬‬
‫‪104‬‬
‫أما النموذج اآلخر‪ ،‬وال‪##‬ذي ذك‪##‬ره هللا في كتابه ود ّل عليه ‪ ..‬فهو‬
‫يجب أن نكونه‪ ،‬هو النموذج الرباني الذي ينطلق في‬
‫الذياالخ‬
‫االخ‬ ‫النموذج اا‬
‫ت هّللا ِ‬
‫ض ـا ِ‬ ‫ش ـ ِري نَ ْف َ‬
‫س ـهُ ا ْبتِ َغــاء َم ْر َ‬ ‫طبةِمنَ النَّا ِ‬
‫س َمن يَ ْ‬ ‫طبة‬‫مرض‪##‬اة هللا‪َ ﴿ ،‬و‬
‫األولى‪:‬‬
‫الس ‪#‬يَر والت‪##‬واريخ‪ :‬لما‬ ‫األولى‪:‬بَا ِد﴾‪ ،‬قال المفسِّرون وأه ‪ُ #‬ل ِّ‬ ‫َوهّللا ُ َر ُؤوفٌ بِا ْل ِع‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫أ ِذن هللا لنبيِّه بالهجرة‪ #‬من مكة إلى المدينة‪ ،‬أمر عليا ك‪##‬رَّم هللا وجهَه‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫‪##‬ره‪ ،‬وب‪##‬ادر إلى مرض‪##‬اته‪،‬‬
‫علي أ ْم َ‬
‫منافراش‪##‬ه‪ ،‬فامتثل ٌّ‬
‫ب‪##‬أن ين‪##‬ا َم علىمنا‬
‫في‬ ‫أرْ خَ ص نفسه‬
‫خطبة مرض‪##‬اة هللا‪ ،‬وف ‪#‬دَى بنفسه س ‪#‬يِّ َد الك‪##‬ونين محم‪##‬دا‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وعلى آله وس‪##‬لم ‪ ..‬ف‪##‬أنزل هللا ه‪#‬ذه اآلي‪##‬ة؛ حيث يريد‬ ‫صلى هللا عليه‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫النموذج في واقعنا‪ ،‬وتنمية هذا االتجاه‬
‫ِ‬ ‫وتعالى إحيا َء هذا‬
‫منا تبارك األقرب‬
‫األقرب‬
‫منافي مواجهة ذلك النم‪##‬وذج الفرع‪##‬وني الس‪##‬ابق ال‪##‬ذي‬‫في مس‪##‬يرتنا ‪..‬منا‬

‫يتكرر في كل عصر وأوان‪.‬‬


‫إنه ج‪ّ ###‬ل في عاله ‪ ..‬يريد أن تتحقّق ُس‪###‬نَّة ال ُمدافَعة من ه‪###‬ؤالء‬
‫الذين يبيعون أنفس‪#‬هم من هللا ض‪َّ #‬د ذلك الص‪#‬نف الب‪#‬اغي المس‪#‬تكبِر‪،‬‬
‫ي‪##‬بيعون أنفس‪##‬هم مل‪##‬بين ن‪##‬دا َء الجه‪##‬اد‪ ،‬ومس‪##‬تجيبين ل‪##‬داعي الرش‪##‬اد‪،‬‬
‫ووع‪##‬دهم هللا عند ذلك خ‪##‬يرا ورض‪##‬وانا‪ ،‬وعد هللا أولئك ومجتم َعهم‬
‫ٌ‬
‫رؤوف بهم‪ ،‬وهللا رؤوف بالعباد‪ ،‬وله‪#‬ذا علينا أن ال نخ‪#‬اف من‬ ‫بأنه‬
‫‪105‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬
‫‪105‬‬
‫الظالم‪ ،‬بل علينا أن نثق في هللا القوي المقتدر‪ ،‬والجبار المنتقم‪ ،‬أنه‬
‫سينصرنا على القوم المعتدين‪.‬‬
‫هللا بهالك أولئك المعت‪#‬دين؛ ألنهم ظلم‪#‬وا‬ ‫أيها المسلمون ‪ ..‬لقد آ َذن ُ‬
‫ظ َل ُمــو ْا َما أُ ْت ِرفُــو ْا‬
‫وتجبَّروا وأكثروا في األرض الفس‪##‬ادَ‪َ ﴿ ،‬واتَّ َبـ َع الَّ ِذينَ َ‬
‫ظ ْل ٍم َو َأ ْهلُ َها‬
‫ـــرى ِب ُ‬
‫ِفيـــ ِه َو َكـــانُو ْا ُم ْجـــ ِر ِمينَ ‪َ ،‬و َما َكـــانَ َر ُّبكَ ِليُ ْه ِلـــكَ ا ْلقُ َ‬
‫ص ِل ُحونَ ﴾‪ ،‬فهاهم اآلن يخسرون حربهم الف‪##‬اجرة ضد بل‪##‬دنا وش‪##‬عبنا‪،‬‬ ‫ُم ْ‬
‫و َي ْغ َرقُون في َو َحلها شيئا فشيئا‪ ،‬خسائرُهم بلغت مليارات ال‪##‬دوالرات‪،‬‬
‫وال زال الحبل على الج‪######‬رَّار‪ ،‬وهو ما أثَّر س‪######‬لبا على حي‪######‬اتهم‬
‫االقتصادية‪ ،‬ومعيشتهم اليومية‪.‬‬
‫ريب المن‪##‬ون‪ ،‬حيث‬‫َ‬ ‫وس ‪ْ #‬م َعتُهم ت‪##‬تربَّصُ بها المنظم‪##‬ات العالمية‬
‫ُ‬
‫ق ج‪###‬رائ َمهم‪ ،‬ح‪###‬تى إذا تقلَّصت إمكان‪###‬اتُهم المادي‪###‬ة‪ ،‬وقطع‪###‬وا‬ ‫توثِّ ُ‬
‫مقرراتِها الش‪##‬هرية والس‪##‬نوية‪ ،‬قلب‪##‬وا لهم ظَه َ‬
‫ْ‪##‬ر ال ِمجن‪ ،‬وش‪##‬حذوا‬
‫‪#‬ور‬
‫عليهم س‪##‬كاكينَ التق‪##‬ارير الحقوقي‪##‬ة‪ ،‬وش ‪#‬هَروا في وج‪##‬وههم ص‪َ #‬‬
‫جرائ ِمهم الوحشية‪.‬‬
‫بــأموالهم أيها اإلخــوة المؤمنــون ‪ ..‬كتم‪##‬وا أص‪##‬واتَ المراص‪ِ #‬د‬
‫الحقوقية‪ ،‬لكن من سيكتم ق‪##‬درة الع‪##‬الم القهّ‪##‬ار‪ ،‬والحليم الجبّ‪##‬ار؟ َمن‬
‫هو لهم ولج‪##‬رائمهم بالمرص‪##‬اد‪ ،‬كما ك‪#‬ان لس‪##‬لفهم من أهل الطغي‪#‬ان‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬ ‫‪104‬‬
‫‪104‬‬
‫والعن‪##‬اد‪﴿ ،‬أَلَ ْم تَـ َ‬
‫ـر َك ْيــفَ فَ َعـ َل َربُّكَ بِ َعــا ٍد ‪ .‬إِ َر َم َذا ِ‬
‫ت ا ْل ِع َمــا ِد ‪ .‬الَّتِي لَ ْم‬
‫ي ا ْلبِاَل ِد ‪َ .‬وثَ ُمـــو َد الَّ ِذينَ َجـــ ابُوا َّ‬
‫الصـــ ْخ َر بِـــا ْل َوا ِد ‪.‬‬ ‫ق ِم ْثلُ َهااا فِ‬
‫االخ‬
‫االخ‬ ‫يُ ْخلَـــ ْ‬
‫سا َد‬‫طبة ْوتَا ِد ‪ .‬الَّ ِذينَ طَ َغ ْوا فِي ا ْلبِاَل ِد ‪ .‬فَأ َ ْكثَ ُروا فِي َها ا ْلفَ َ‬
‫َوفِ ْرع َْونَ ِذي اأْل َ‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫س ْوطَ َع َذا ٍ‬
‫ب ‪ .‬إِنَّ َربَّكَ لَبِا ْل ِم ْر َ‬
‫صا ِد﴾‪ .‬بالمرص‪##‬اد‬ ‫األولى‪:‬بُّكَ َ‬
‫ب َعلَ ْي ِه ْم َر‬
‫ص َّ‬ ‫‪ .‬فَ َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬وردَهم وعمال َءهم المك‪##‬انَ ال‪##‬ذي يس‪##‬تحقونه من‬ ‫ِ‬ ‫‪#‬‬‫ي‬ ‫‪#‬تى‬ ‫‪#‬‬‫يترص ‪ُ #‬دهم ح‬ ‫َّ‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ب اآلخرة‪.‬‬
‫وعذا ِ‬
‫خزي الدنيا منا‬
‫منا‬ ‫ِ‬
‫وطئت‬ ‫ُ‬
‫أض‪###‬عف غ‪###‬زا ٍة ِ‬ ‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫المصـــلون ‪ ..‬إن أولئك المعت‪###‬دين‬ ‫أيها‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األرض الط‪##‬اهرة‪ ،‬وإذا ك‪##‬ان الت‪##‬اري ُخ يتح ‪َّ #‬د ُ‬
‫ث‬ ‫هللاةُهوه‬
‫هو‪##‬ذه‬ ‫النجس‬
‫َ‬ ‫أقدا ُمهم هللا‬
‫األقرب‬
‫الغزاة المعتدين‪ ،‬فإنه بيَّن أنهم ك‪##‬انوا أقوي‪##‬اء ب‪##‬ذاتهم‪،‬‬ ‫عن سلفهم من‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ولم يستعينوا بغيرهم‪ ،‬ك‪##‬انوا ي‪##‬أتون بجن‪##‬و ِدهم من بل‪##‬دانهم فيغ‪##‬زون‬
‫بلدنا‪ ،‬ثم ي‪#‬ذيقُهم آباؤنا األبط‪#‬ال ألي َم العاقبة والوب‪#‬ال‪ ،‬ثم ي ُْخ ِرج‪#‬ونهم‬
‫منكسرين‪ ،‬أما هؤالء فقد ن َكبَنا ب ِهم الزم‪ُ #‬‬
‫‪#‬ان‪ ،‬وابتالنا‬ ‫ِ‬ ‫منها صاغرين‬
‫ب ُج ْبنِهم ِ‬
‫وخ َّستِهم الده ُر واألوان‪.‬‬
‫ق لمحاربتن‪##‬ا؟‬
‫‪#‬ر واألزر َ‬
‫‪#‬فر واألحم‪َ #‬‬
‫ألم يستق ِدموا األس‪##‬و َد واألص‪َ #‬‬
‫ق األرض وغرْ بِها؟‬
‫المرتزقة من كل فجٍّ عميق‪ ،‬في شرْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ألم يجلبوا‬
‫ومن زاوية أخرى يجب أن نتص َّور أيها اإلخوة المؤمن‪##‬ون ‪ ..‬ما‬
‫المرتزقة ش‪###‬ذاذ اآلف‪###‬اق إلى م‪###‬دننا‬
‫ِ‬ ‫ال‪###‬ذي س‪###‬يح ُدث لو دخل أولئك‬
‫‪105‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬
‫‪105‬‬
‫وقرانا‪ ،‬لنتص َّورْ حج َم الكارثة وضخامةَ الخسارة ومبل َغ الخ‪##‬زي لو‬
‫رأينا أولئك وقد مألوا ش‪##‬وارعنا‪ ،‬واقتحم‪##‬وا علينا بيوتن‪##‬ا‪ ،‬وح َكمونا‬
‫في الصغير والكبير‪ ،‬والنقير والقطم‪##‬ير‪ ،‬حينها لن ينف َعنا أن نم‪##‬وتَ‬
‫ق أنفسُنا تأسفا وتحسُّرا‪.‬‬
‫قهرا‪ ،‬وال يغنينا أن تزهَ َ‬
‫طريق الع‪##‬زة ال‪##‬تي فتحها لنا‬
‫ِ‬ ‫سلوك‬
‫ِ‬ ‫لذا يجب علينا أن نستم َّر في‬
‫هللا العزيز القهار‪ .. #‬وحين يطلب أعداؤنا النصرة من ش‪##‬ذاذ اآلف‪##‬اق‬
‫‪ ..‬فيجب أن نطلبها من الق‪#####‬وي الق‪#####‬اهر الخالق‪َ ﴿ ،‬وهَّلِل ِ ا ْل ِعــــــ َّزةُ‬
‫سولِ ِه َولِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َولَ ِكنَّ ا ْل ُمنَافِقِينَ اَل يَ ْعلَ ُمونَ ﴾‪َ ﴿ ،‬من َكــانَ يُ ِري ـ ُد‬ ‫َولِ َر ُ‬
‫صـ َع ُد ا ْل َكلِ ُم الطَّيِّ ُ‬
‫ب َوا ْل َع َمـ ُل َّ‬
‫الصـالِ ُح‬ ‫ا ْل ِع َّزةَ فَلِلَّ ِه ا ْل ِعـ َّزةُ َج ِميعـا ً إِلَ ْيـ ِه يَ ْ‬
‫ش ِدي ٌد َو َم ْك ُر أُ ْولَئِــكَ ُهـ َ‬
‫ـو‬ ‫ت لَ ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب َ‬ ‫يَ ْرفَ ُعهُ َوالَّ ِذينَ يَ ْم ُك ُرونَ ال َّ‬
‫سيِّئَا ِ‬
‫يَبُو ُر﴾‪.‬‬

‫‪#‬اني الح‪##‬ر‪ :‬كن مث‪##‬اال للنم‪##‬وذج ال‪##‬ذي يُرْ ِ‬


‫ض‪#‬ي‬ ‫أق‪##‬ول لك أيها اليم‪ُّ #‬‬
‫رض‪#‬ه‪ ،‬وال تأبَ‪ْ #‬ه لتهوي‪ِ #‬‬
‫‪#‬ل الع‪##‬دوان‪،‬‬ ‫ربه‪ ،‬ويدافِع عن بَلَ‪ِ #‬ده ودينِه ِ‬
‫وع ِ‬
‫‪#‬اج كرامتِ‪##‬ك‪َ ﴿ ،‬والَ يَ ْح ُزنــكَ قَـ ْ‬
‫ـولُ ُه ْم ِإنَّ‬ ‫ق عزتِ‪##‬ك‪ ،‬ومنه‪َ #‬‬ ‫‪#‬غ طري ‪َ #‬‬ ‫وابت‪ِ #‬‬
‫الســـ ِمي ُع ا ْل َعلِيم﴾‪ ،‬ف‪###‬إن ه‪###‬ؤالء المعت‪###‬دين‬ ‫ا ْل ِعـــ َّزةَ هّلِل ِ َج ِميعـــا ً ه َ‬
‫ُـــو َّ‬
‫ومرت‪##‬زقتَهم الف‪##‬اجرين يبتغ‪##‬ون الع‪##‬زةَ من أع‪##‬دا ِء هللا‪ ،‬ويروم‪##‬ون‬
‫النصرة من األمريكان والصهاينة ‪..‬‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬ ‫‪104‬‬
‫‪104‬‬
‫أال ض‪##‬لوا وخ‪##‬اب مس‪##‬عاهم‪ ،‬أولئك ﴿الَّ ِذينَ يَتَّ ِخ ُ‬
‫ــذونَ ا ْل َكــافِ ِرينَ‬
‫ـؤ ِمنِينَ أَيَ ْبتَ ُغــونَ ِعن ـ َد ُه ُم ا ْل ِعـ َّزةَ َف ـإِنَّ ِ‬
‫العـ َّزةَ هّلِل ِ‬ ‫أَ ْولِيَــاء ِمن ادا ِ‬
‫االخ ا ْل ُمـ ْ‬
‫ُون‬
‫االخ‬
‫طبة‬
‫طبة‬ ‫َج ِميعا ً﴾‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وليعلم المقصِّ رون أنه ليس هناك أح ٌد بمنجا ٍة عن اآلثار المترتِّبة‬
‫ِ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫والتفريط في مواجهة هؤالء الهمجيين المتوحِّ ش‪##‬ين لو‬
‫األقرب ِ‬ ‫التهاون‬
‫ِ‬
‫األقرب‬ ‫على‬
‫ي قبل الجبلي‪،‬‬
‫الطفل والم‪##‬رأةَ‪ ،‬وقتل‪##‬وا الته‪##‬ام َّ‬
‫َ‬ ‫تم ّكنوا‪ ،‬فهاهممنا‬
‫يقتلون‬
‫منا‬
‫ي مع‬
‫ي مع الم‪###‬دني‪ ،‬والش‪###‬افع َّ‬ ‫خطبة‬
‫خطبةالش‪###‬مالي‪ ،‬وال‪###‬ريف َّ‬
‫ي قبل‬
‫والجن‪###‬وب َّ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬اني الس‪##‬كنية‪ ،‬والم‪##‬دنَ اآل ِهل‪##‬ة‪ ،‬وال‬
‫هويقص‪##‬فون المب‪َ #‬‬
‫‪#‬اهم‬
‫هو‬ ‫الزي‪##‬دي‪ ،‬ه‪#‬هللا‬
‫هللا‬
‫إلنسان‪ ،‬وال يعنيهم شي ٌء عن هذه األوطان‪.‬‬ ‫يرعون حرمةً‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ثم ماذا ق َّدموا حتى اليوم لتلك المدن التي تل ّوثت بوجودهم فيه‪##‬ا؟‬
‫وماذا كانت النتيجة لدخولهم إليها؟ هل تحقّق لهم شيء يريحهم‪ ،‬أو‬
‫يسع ُدهم؟ فقط س‪##‬لَّموا تلك الم‪##‬دن للقاع‪##‬دة وداعش ولعص‪##‬ابات‬
‫خب ٌر ِ‬
‫اس‪##‬تقرار‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫الس‪##‬لب والنهب ليعبث‪##‬وا بالحي‪##‬اة فيه‪##‬ا‪ ،‬فال أمنَ وال‬
‫كهرب‪####‬اء‪ ،‬وال م‪####‬اء‪ ،‬وال محروق‪####‬ات‪ ،‬وال مرتب‪####‬ات‪ .‬بل ودخل‬
‫خالف مع بعضهم وشقاق‪ ،‬واختالس ونفاق‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مرتزقتُهم في‬
‫فلنعُ‪ْ ###‬د إلى هللا أيها المؤمن‪###‬ون والمؤمن‪###‬ات ع‪###‬ودةً ص‪###‬ادقة‪،‬‬
‫منهج اإلس‪##‬الم يس ‪#‬يِّ ُر‬
‫َ‬ ‫‪#‬تجبْ لتعاليمه اس‪##‬تجابة واعي‪##‬ة‪ ،‬ولن ‪َ #‬د ْع‬
‫ولنس‪ِ #‬‬
‫‪105‬‬ ‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬
‫‪105‬‬
‫شؤونَنا العامة والخاص‪##‬ة‪ ،‬ولنَ ْن ُ‬
‫ص‪#‬رْ ه في أنفس‪##‬نا وفي توجُّ هاتنا وفي‬
‫تصوراتنا وفي عالقاتنا؛ ف‪##‬إن ذلك أدعى لتعجيل النص‪##‬ر‪ ،‬وتق‪##‬ريب‬
‫نصـــــ ْر ُك ْم َويُثَبِّتْ‬ ‫الظفر ﴿يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُـــــوا ِإن ت ُ‬
‫َنصـــــ ُروا هَّللا َ يَ ُ‬
‫أَ ْقدَا َم ُك ْم﴾‪.‬‬
‫عباد هللا أكثروا من ذكر هللا ومن الصالة على رسول هللا ص‪##‬لى‬
‫صلُّونَ‬
‫قائل عليما‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَهُ يُ َ‬ ‫هللا عليه وآله؛ إذ قال ع َّز من ٍ‬
‫سلِي ًما﴾‪.‬‬ ‫سلِّ ُموا تَ ْ‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬‫َعلَى النَّبِ ِّي يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آَ َمنُوا َ‬
‫َ‪##‬وا ِم َي بَ َر َكاتِ‪##‬كَ َعلَى ُم َح َّم ٍد‬ ‫ص‪##‬لَ َواتِكَ ‪َ ،‬ون َ‬ ‫اللهم اجْ َع‪##‬لْ َش‪َ ##‬رائِفَ َ‬
‫ق‬‫ح لِ َما ا ْن َغلَقَ‪َ ،‬و ْال ُم ْعلِ ِن ْال َح‪َّ #‬‬
‫َع ْب ِدكَ َو َرسُولِكَ ‪ْ ،‬الخَاتِ ِم لِ َما َسبَقَ‪َ ،‬و ْالفَاتِ ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫ت اأْل َ َ‬
‫ض‪#‬الِ ِ‬ ‫ص‪#‬وْ اَل ِ‬
‫ي‪#‬ل‪َ ،‬وال‪َّ #‬دا ِم ِغ َ‬
‫اط ِ‬‫ت اأْل َبَ ِ‬ ‫ِب ْ‬
‫‪#‬ال َحقِّ‪َ ،‬وال‪َّ #‬دافِ ِع َجي َْش‪#‬ا ِ‬
‫وصل اللهم على بقية الخمسة أهل الكس‪######‬اء‪ ،‬علي المرتض‪######‬ى‪،‬‬
‫وفاطمة الزهراء‪ ،‬والحسن المجتبى‪ ،‬والحسين س‪##‬يد الش‪##‬هداء‪ ،‬اللهم‬
‫وعلى جميع أهل بيت نبيك األك‪##‬رمين‪ ،‬وارض اللهم عن ص‪##‬حابته‬
‫األخي‪##‬ار المنتج‪##‬بين‪ ،‬وعن من يس‪##‬تحق الرض‪##‬وان من المخل‪##‬وقين‪،‬‬
‫وعنا معهم بفضلك ومنك يا أرحم الراحمين‪..‬‬
‫ربنا أف‪###‬رغ علينا ص‪###‬براً وثبت أق‪###‬دامنا وانص‪###‬رنا على الق‪###‬وم‬
‫الكافرين‪..‬‬
‫ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا (الخطبة الثانية)‬ ‫‪104‬‬
‫‪104‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫االخ‬
‫االخذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫اغفرا لنا‬
‫ا‬ ‫ربنا‬
‫على القوم طبة‬
‫طبة‬
‫الكافرين‪..‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوقلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫ت‪##‬زغ‬
‫هو‬ ‫ربنا ال هللا‬
‫هللا‬
‫أنت الوهاب‪...‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ان َوإِيتَـاء ِذي ا ْلقُ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫اإل ْح َ‬‫عباد هللا ‪ِ ﴿ ..‬إنَّ هّللا َ يَـأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬شَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫َن ا ْلفَ ْح‬
‫األولى‪:‬‬ ‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫‪113‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪113‬‬

‫‪ -7‬مع اإلمام زيد وكمال الدين‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬
‫ب أَع ُ‬
‫ُوذ بِكَ ِمنْ‬ ‫أعوذ باهلل السميع العليم من الشيطان الرجيم‪َّ ﴿ ،‬ر ِّ‬
‫ون﴾‪ ،‬بسم هللا‬‫ضـــ ُر ِ‬ ‫ب أَن يَ ْح ُ‬ ‫ين ‪َ .‬وأَع ُ‬
‫ُـــوذ بِـــكَ َر ِّ‬ ‫اط ِ‬
‫الشـــيَ ِ‬
‫ت َّ‬‫َه َمـــزَ ا ِ‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هللا رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا ال‬
‫نعب ُد إال إي‪##‬اه‪ ،‬وال نس‪##‬تعين إال ب‪##‬ه‪ ،‬وال نتوكل إال علي‪##‬ه‪ ،‬وال نثق إال‬
‫به‪ ،‬بيده الخير ومنه الخير وباذل الخير‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪.‬‬
‫وأشهد أن سيدَنا وسندنا‪ ،‬محمدا عب ُدهللا ورسولُه‪ ،‬حبيبُه وص‪##‬فيُّه‬
‫وخليل‪####‬ه‪ ،‬ص‪####‬لوات هللا وس‪####‬المه عليه وعلى آل بيته الطي‪####‬بين‬
‫الطاهرين‪ ،‬األخيار األنجبين‪ ،‬ورضي هللا عن صحابته الراشدين‪.‬‬
‫أما بعد عباد هللا ‪..‬‬
‫كل إنس‪##‬ان له ق‪##‬دوة في حيات‪##‬ه‪ ،‬يس‪##‬عى للتق‪##‬رُّ ب من‪##‬ه‪ ،‬يت‪##‬أثَّر ب‪##‬ه‪،‬‬
‫‪#‬ر ُح بلقائ‪##‬ه‪ ،‬ي‪##‬أنسُ برفقته وبقرب‪##‬ه‪ ،‬ي‪ُ #‬‬
‫‪#‬أمن‬ ‫نهجه‪ ،‬يف‪َ #‬‬
‫يقتدي به وينتهج َ‬
‫ساحب)؛ كما يقول المثل‬ ‫ُّ‬
‫ويطمئن إليه؛ ولذلك كان (الصاحب ِ‬ ‫معه‪،‬‬
‫اليمني‪ ،‬وقديما قالوا في المثل المشهور‪:‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪112‬‬
‫‪112‬‬
‫إن الق‪##‬رين إلى المق‪##‬ارن ُي ْن َس‪##‬بُ‬ ‫ال تسل عن الش‪##‬خص وسل عن‬
‫قرينه‬
‫االخالصُّ َحب‪ ،‬وأحسن المعي‪##‬ات وأكثرها أهمية ص‪##‬حبة‬
‫أفضل‬
‫االخ‬ ‫وكان اا‬
‫هللا‪ ،‬ومعية هللاطبة‬
‫طبة‬
‫ورفقة هللا‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫إذا كنا نأنس ألصدقائنا‪ ،‬ن‪##‬أمن مع أحبائن‪##‬ا‪ ،‬نطمئن إلى أخالئن‪##‬ا‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫فإن األُ َ‬
‫نس باهلل أعظم‪ ،‬األمن مع هللا أبلغ‪ ،‬االطمئنان إلى هللا أشد‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫مناهللا معناه أن يك‪##‬ون هللاُ معن‪##‬ا‪ ،‬إذا كنا مع هللا أص‪##‬بح‬‫أن نكون مع‬
‫خطبة‬ ‫خطبة‬
‫كلُّ شيء لنا ومعنا بال اس‪#‬تثناء؛ ول‪#‬ذلك وفي أحلك الظ‪##‬روف وأش‪ِّ #‬د‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هو ُْختَبَ ُر إيمان األنبياء وأصحابهم‪ ،‬ه‪##‬اهم ق‪##‬وم موسى‬ ‫هو‬‫حينما ي‬
‫المواقف هللا‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫األقرب﴿إِنَّا لَ ُمـ د َْر ُكونَ ‪ .‬قَــا َل كَاَّل إِنَّ َم ِع َي َربِّي َ‬
‫س ـيَ ْه ِد ِ‬ ‫يقولون لموسى‪:‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫وهك‪##‬ذا ك‪##‬ان رس‪##‬ول هللا ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم وص‪##‬احبه في‬
‫الغار‪ ،‬فإذا بصاحبِه يخاف‪ ،‬فيقول له النبي‪﴿ :‬الَ ت َْحزَ نْ إِنَّ هّللا َ َم َعنَا﴾‬
‫ين﴾ وهك‪##‬ذا ﴿ َوالَ تَ ِهنُــوا َوالَ ت َْحزَ نُــوا َوأَنتُ ُم‬ ‫﴿كَاَّل إِنَّ َم ِع َي َربِّي َ‬
‫سـيَ ْه ِد ِ‬
‫الس ـ ْل ِم َوأَنتُ ُم‬
‫ـونَ إِن ُكنتُم ُّم ْؤ ِمنِينَ ﴾‪﴿ ،‬فَاَل تَ ِهنُــوا َوتَ ـ ْدعُوا ِإلَى َّ‬ ‫األَ ْعلَـ ْ‬
‫اأْل َ ْعلَ ْونَ َوهَّللا ُ َم َع ُك ْم َولَن يَتِ َر ُك ْم أَ ْع َمالَ ُك ْم﴾‪.‬‬
‫والعجيب فعال حينما ننظر في كت‪##‬اب هللا ‪ -‬وهي دع‪##‬وة م‪##‬ني في‬
‫أن ننظر في كتاب هللا‪ ،‬في آيات المعية ال‪#‬تي أراد هللا فيها أن نك‪##‬ون‬
‫وردت في الق‪##‬رآن‬ ‫معه ويكون معنا ‪ -‬لم ت َِر ْد إال في حاال ٍ‬
‫ت صعبة‪َ ،‬‬
‫‪113‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪113‬‬
‫الك‪###‬ريم معية هللا لنا في مق‪###‬ام التح‪###‬ذير من الفش‪###‬ل‪ ،‬التح‪###‬ذير من‬
‫االستسالم‪ ،‬التحذير من التخا ُذل‪ ،‬التحذي ُر من التراجُع‪ ،‬التحذير من‬
‫الخنوع للعدو والخوف منه‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُو ْا ا ْ‬
‫ست َِعينُو ْا بِ َّ‬
‫الص ـ ْب ِر‬
‫الصـالَ ِة﴾ اس‪#‬تعينوا على ح‪#‬ربكم وعلى ص‪#‬مودكم‪ ،‬وعلى الح‪#‬رب‬ ‫َو َّ‬
‫والحصار الذي ح َّل بكم بالصبر والصالة ﴿إِنَّ هّللا َ َم َع ال َّ‬
‫صابِ ِرينَ ﴾‪.‬‬

‫ـو َوالَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا َم َع ـهُ قَــالُو ْا الَ طَاقَ ـةَ لَنَا ا ْليَـ ْ‬
‫ـو َم‬ ‫﴿فَلَ َّما َجـ َ‬
‫اوزَ هُ ُهـ َ‬
‫بِ َجـ الُوتَ َو ُجنــو ِد ِه﴾ ط‪##‬الوت عب ُدهللا ال‪##‬ذي اخت‪##‬اره واص‪##‬طفاه‪ #‬بع‪##‬دما‬
‫اختبر قو َمه ب‪##‬النهر فش‪##‬ربوا منه إال قليال ج‪##‬اوزه‪ #‬هو وال‪##‬ذين آمن‪##‬وا‬
‫‪#‬رآن لهم باإليم‪##‬ان‪ ،‬ومع ذلك ﴿قَــالُو ْا‬
‫وصف الق‪ِ #‬‬ ‫ِ‬ ‫معه‪ ،‬ومع ذلك َرغم‬
‫الَ طَاقَةَ لَنَا ا ْليَ ْو َم بِ َجالُوتَ َو ُجنو ِد ِه﴾‪.‬‬
‫تستش‪###‬عر معية هللا‪ ،‬تثق بص‪###‬حبة هللا‪ ،‬ت‪###‬أنس‬ ‫ِ‬ ‫لكن هنالك فئة قليلة‬
‫ظ ُّنونَ َأ َّن ُهم ُّم َ‬
‫القُو هّللا ِ َكم ِّمن ِف َئ ٍة َق ِلي َل ٍة َغ َل َبتْ ِفئَـ ًة‬ ‫برفقة هللا‪َ ﴿ ،‬قا َل ا َّل ِذينَ َي ُ‬
‫ســو َلهُ َو َال‬ ‫ــير ًة ِبــإِ ْذ ِن هّللا ِ َوهّللا ُ َمــ َع َّ‬
‫الصــا ِب ِرينَ ﴾‪َ ﴿ ،‬و َأ ِطي ُعــو ْا هّللا َ َو َر ُ‬ ‫َك ِث َ‬
‫ُ‬
‫الش‪##‬يطان‬ ‫َّ‬
‫يلعبن بكم‬ ‫شــ ُلو ْا﴾‪ ،‬ال تختلف‪##‬وا‪ ،‬ال تتباع‪##‬دوا‪ ،‬ال‬ ‫َت َنــازَ عُو ْا َف َت ْف َ‬
‫‪#‬آمرون‪ ،‬أطيع‪##‬وا هللا ب‪##‬رصِّ‬
‫والمرتزقة والمت‪ِ #‬‬
‫ِ‬ ‫والمن‪##‬افقون وال ُمرْ ِجف‪##‬ون‬
‫ص‪##‬فوفكم‪ ،‬أطيع‪##‬وا هللا باالس‪##‬تجابة لقي‪##‬ادتكم‪ ،‬أطيع‪##‬وا هللا بالتوجُّه إلى‬
‫اصـ ِب ُرو ْا ِإنَّ هّللا َ َمـ َع‬ ‫شـ ُلو ْا َو َتـ ْـذه ََب ِر ُ‬
‫يح ُك ْم َو ْ‬ ‫جبهاتكم‪َ ﴿ ،‬و َال َت َنــازَ عُو ْا َف َت ْف َ‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪112‬‬
‫‪112‬‬
‫ضـ ْعفاً َفـإِن َي ُكن ِّمن ُكم‬ ‫الصـا ِب ِرينَ ﴾‪﴿ ،‬اآلنَ َخفَّفَ هّللا ُ عَن ُك ْم َو َع ِل َم َأنَّ ِفي ُك ْم َ‬ ‫َّ‬
‫االخـو ْا ِم َئ َت ْي ِن َو ِإن َي ُكن ِّمن ُك ْم َأ ْلــفٌ َي ْغ ِلبُــو ْا َأ ْل َف ْي ِن ِبـإِ ْذ ِن هّللا ِ﴾‪،‬‬ ‫ِّم َئةٌ َ‬
‫صـا ِب َرةٌ َي ْغ ِلبُـ‬
‫االخ‬‫اا‬
‫لكن ﴿ َوهّللا ُ َم َع طبة َّ‬
‫الصا ِب ِرينَ ﴾‪.‬‬
‫طبة‬
‫تأتي بعداألولى‪:‬‬
‫األولى‪ :‬هللا سبحانه وتعالى في األهمية معي ‪#‬ةُ َم ْن أم‪َ #‬‬
‫‪#‬ر هللاُ‬ ‫معية‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬أنس بهم‪ ،‬أن نك‪##‬ون في رك‪##‬ابهم‪،‬‬ ‫أن نكونَ معهم‪ ،‬أن ن‪##‬رافِقَهم‪ ،‬أن ن‪َ #‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫وفي مقدمة هؤالء وعلى رأسهم األنبياء صلوات هللا عليهم‪ ،‬وب‪#‬ذلك‬
‫منا‬
‫س ـو َل فَأ ُ ْولَـ ـئِكَ َمـ َع‬
‫ـع هّللا َ َوال َّر ُ‬ ‫ـ‬
‫ط‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫م‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪#‬ا‪:‬‬
‫‪#‬‬ ‫منابا وحاثًّ‬ ‫ق‪##‬ال هللا لنا مر ِّغ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫الشـــــــــ َهدَاء‬‫الصـــــــــدِّيقِينَ َو ُّ‬ ‫الَّ ِذينَ أَ ْن َع َم هّللا ُ َع‬
‫األولى‪:‬لَ‬
‫األولى‪ْ :‬ي ِهم ِّمنَ النَّبِيِّينَ َو ِّ‬
‫سنَ أُولَـئِكَ َرفِيقا ً﴾‪.‬‬ ‫هللا َحهو‬
‫هو ُ‬ ‫صالِ ِحينَهللاَو‬
‫َوال َّ‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منام‪##‬ول ًى من م‪##‬والي رس‪##‬ول هللا ص‪##‬لى هللا عليه وآله‬
‫ج‪##‬اء ثوب‪##‬ان‪،‬‬
‫منا‬
‫ُ‬
‫ثوبان؟»‬ ‫النبي‪« :‬أتبكي يا‬
‫ُّ‬ ‫وسلم جاء يبكي‪ ،‬إلى رسول هللا فيتعجَّب‬
‫ت َم ْن أرسله هللا رحمة للع‪##‬المين‪ ،‬ق‪##‬ال‪:‬‬‫ما الذي يبكيك؟ وأنت في بي ِ‬
‫ُ‬
‫تذكرت المحشر‪ ،‬ف‪##‬إذا بالن‪##‬اس وف‪##‬و ٌد على ربهم‪ ،‬يميِّز‬ ‫يا رسول هللا‬
‫ُ‬
‫وكنت‬ ‫هللاُ ذلك الي‪##‬وم بين الخ‪##‬بيث والطيب‪ ،‬ف‪##‬إن ذهب‪##‬وا إلى الن‪##‬ار‬
‫معهم ف‪##‬ذلك الح‪##‬زن األب‪##‬دي‪ ،‬ألني ال أراك أب‪##‬دا‪ ،‬وإن ُ‬
‫كنت من أهل‬
‫الجنة فأين مقامي‪ #‬من مقامك؟‬
‫عالم تبكي يا ثوب‪###‬ان؟ أبكي على فراق‪###‬ك‪ ،‬فأنا ال أص‪###‬بر على‬
‫فراقك لحظة يا رسول هللا‪ ،‬فينز ُل ق‪##‬و ُل هللا س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬و َمن‬
‫‪113‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪113‬‬
‫س ـو َل َفأ ُ ْولَـ ـئِكَ َمـ َع الَّ ِذينَ أَ ْن َع َم هّللا ُ َعلَ ْي ِهم﴾‪ ،‬ثم َ‬
‫أمس‪#‬كَ‬ ‫ـع هّللا َ َوال َّر ُ‬
‫يُ ِطـ ِ‬
‫‪#‬دره‪ ،‬وق‪##‬ال‪« :‬يا ثوب‪##‬ان ال تخَ‪ْ #‬‬
‫‪#‬ف‪ ،‬يُحْ َش‪ُ #‬ر‬ ‫النبي بي ِده وربَّت على ص‪ِ #‬‬ ‫ُّ‬
‫المر ُء م َع َم ْن أحبَّ »‪.‬‬
‫ت تجعلُنا‬ ‫وخ ُ‬
‫ط‪##‬وا ٍ‬ ‫أم‪##‬ور ُ‬
‫ٍ‬ ‫دلَّنا حبيبُنا ص‪##‬لى هللا عليه وعلى آله على‬
‫مؤهَّلين ألن نكون معه وبجواره‪ ،‬أمورٌ كث‪##‬يرة‪ ،‬ليس المق‪##‬ام هنا مواتيا‬
‫لذكرها‪ ،‬ومن تلك األمور‪« ،‬أنا وكافل اليتيم كهاتين»‪ -‬ورفع إص‪##‬بعيه‬
‫معًا ‪.-‬‬
‫ثم يأتي بعد مقام النبوة في المعية‪ ،‬مقا ُم أمير المؤمنين علي عليه‬
‫«علي مع الق‪##‬رآن‪ ،‬والق‪ُ #‬‬
‫‪#‬رآن مع‬ ‫ٌّ‬ ‫الس‪##‬الم‪ ،‬وأنت وأنا كلُّنا نعلم بأن‪##‬ه‪:‬‬
‫ق والح‪ُّ ##‬‬
‫ق مع علي»‪ ،‬ومع‪##‬نى أن نك‪##‬ون مع‬ ‫«علي مع الح‪ِّ ##‬‬
‫ٌّ‬ ‫علي»‪،‬‬
‫علي أن نك‪##‬ون مع‬
‫علي أن نكون مع الق‪##‬رآن‪ ،‬ومع‪##‬نى أن نك‪##‬ون مع ٍّ‬
‫الحق‪ ،‬ندور معه حيث دار‪.‬‬
‫ولسائل أن يتساءل‪ :‬وهل في اإلمكان أن نكونَ في ه‪##‬ذا المك‪##‬ان‪،‬‬
‫ٍ‬
‫في هذا اليوم‪ ،‬في هذا الزمان ‪ ..‬مع علي؟ لن أجيبكم أنا‪ .‬بل نس‪##‬ت ِمع‬
‫نفسه وهو يحدِّثنا عن كيفية أن نكون معه‪.‬‬
‫علي عليه السالم ِ‬
‫إلى ٍّ‬
‫يفرح‪#‬ون‪ ،‬ج‪#‬اء إليه‬
‫أظف‪#‬ره هللا في الجم‪#‬ل‪ ،‬وب‪#‬دأ أص‪#‬حابُه َ‬ ‫َ‬ ‫فبعد أن‬
‫ت لو أن أخي ك‪#‬ان‬‫رجل من أصحابه‪ ،‬ق‪#‬ال له يا أم‪#‬ير المؤم‪#‬نين‪ :‬و ِد ْد ُ‬
‫معنا الي‪##‬وم ليش‪##‬هد معنا ه‪##‬ذا النص‪##‬ر‪ .‬فأجابه أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين‪( :‬يا ه‪##‬ذا‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪112‬‬
‫‪112‬‬
‫أهوى أخيكَ معنا؟)‪ .‬أمحبةُ أخيك لنا‪ ،‬أرغبةُ أخيك لن‪##‬ا؟ ق‪##‬ال‪ :‬بلى وهللا‬
‫المؤمنين‪ ،‬قال‪( :‬فب ِّشرْ ه فو هللا لقد شهدَنا أخوك في ِ‬
‫يومنا ه‪##‬ذا)‪.‬‬ ‫االخ‬
‫االخ‬ ‫يا أمير‬
‫اا‬
‫لم يقُ‪##‬لْ ه‪##‬ذا فحس‬
‫طبة‪#‬ب‪ ،‬بل ق‪##‬ال‪( :‬ووهللا لقد ش‪ِ #‬هدَنا في يومنا ه‪##‬ذا ‪ -‬ي‪##‬و َم‬
‫طبة‪#‬‬
‫ف‬ ‫األولى‪:‬زالوا في أرحام أمهاتهم وأصالب آب‪##‬ائهم‪ ،‬س‪##‬ير ُع ُ‬ ‫األولى‪:‬‬
‫الجمل ‪ -‬أناسٌ ما‬
‫هو‬
‫هوى بهم اإليمان)‪.‬‬ ‫هللا‬
‫بهم الزمان‪،‬هللا َ‬
‫ويقو‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ُ‬
‫أردت أن أك‪##‬ون أنا‬ ‫إذن تس‪##‬تطيعون أن تكون‪##‬وا مع علي؛ وله‪##‬ذا‬
‫منا‬
‫منا‬
‫اليوم في يومنا هذا وفي مسجدنا ه‪##‬ذا أن نك‪##‬ون جميعا‬
‫وأنتم في هذاخطبة‬
‫خطبة‬
‫تستفس ‪#‬روا‪ :‬ولما ذا مع اإلم‪##‬ام زي ‪ٍ #‬د‬
‫ِ‬ ‫األولى‪:‬ومن حقكم أن‬
‫مع اإلم‪##‬ام زي‪##‬د‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫بالذات؟!‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫لنرى لماذا ينبغي أن نكون مع اإلمام زيد؟‬
‫تعالوا بنا منا‬
‫منا‬

‫‪##‬ل هللاُ‬ ‫مع اإلم‪##‬ام زي‪##‬د؛ ألن هللا ‪ ‬أرادنا أن نك‪##‬ون مع‪##‬ه‪ ،‬ألم يقُ ِ‬
‫سبحانه وتعالى لنا في القرآن الكريم‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُو ْا اتَّقُو ْا هّللا َ‬
‫‪#‬ل اإلم‪##‬ام زيد بن علي عن نفس‪##‬ه‪:‬‬ ‫الص ـا ِدقِينَ ﴾؛ ألم يقُ‪ِ #‬‬
‫َو ُكونُــو ْا َمـ َع َّ‬
‫ْت كذبة منذ ع‪###‬رفت يمي‪###‬ني من ش‪###‬مالي)‪ .‬فالك‪ِ ###‬ذب‬ ‫(وهللاِ ما ك‪َ ###‬ذب ُ‬
‫زم‪###‬ان وال في أيِّ‬ ‫ٍ‬ ‫والك‪###‬ذاب لم ولن يك‪###‬ون مع اإلم‪###‬ام زيد في أيِّ‬ ‫َّ‬
‫مكان‪.‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم أرادنا أن‬
‫َ‬ ‫مع اإلمام زيد؛ ألن‬
‫نكون معه أيضا‪ .‬أو لسنا مؤمنين؟ أو لسنا ْ‬
‫نط َم ُع في الحق؟ وأن نكون‬
‫‪113‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪113‬‬
‫في رك‪#‬اب الح‪#‬ق؟ يق‪#‬ول ن‪#‬بيكم ص‪#‬لى هللا عليه وآله وس‪#‬لم‪« :‬يُ ْقتَل من‬
‫ُعْرف بال ُك َ‬
‫ناس ‪#‬ة‪ ،‬ي‪##‬دعو إلى الح‪##‬ق‪،‬‬ ‫بموض ٍع ي َ‬
‫ِ‬ ‫ولدي رجلٌ‪ ،‬يقال له زيد‬
‫ويتبعُه كلُّ مؤمن»‪.‬‬
‫مع اإلمام زي‪#‬د؛ ألن اإلم‪##‬ام زي‪#‬دا أيضا أراد أن نك‪#‬ون أيضا مع‪##‬ه؛‬
‫ق من منهج‪##‬ه‪ ،‬واث‪ٌ #‬‬
‫ق من س‪#‬بيله‪ ،‬وهو كج‪#‬دِّه ح‪##‬ريصٌ عليكم؛‬ ‫ألنه واث ٌ‬
‫هللا ال‬
‫ل‪#‬ذلك أرادنا جميعا أن نك‪#‬ون جميعا مع‪#‬ه؛ يق‪#‬ول اإلم‪#‬ام زيد ‪( :‬و ِ‬
‫‪#‬ق األعلى مع محمد وعلي وفاطم ‪َ #‬ة‬
‫ينص‪##‬رُني أح ‪ٌ #‬د إال ك‪##‬ان في الرفي‪ِ #‬‬
‫والحسين‪ ،‬أعينوني على أنباط أهل الشام‪ ،‬فو هللا ال ينصرُني‬
‫ِ‬ ‫والحسن‬
‫ِ‬
‫رجوت أن يجي َء يوم القيامة ِآمنا مطمئ ًّنا‪ ،‬ح‪##‬تى يج‪ِ #‬‬
‫‪#‬اوزَ‬ ‫ُ‬ ‫أح ٌد عليهم إال‬
‫ُ‬
‫ويدخ َل الجنة معي)‪.‬‬ ‫الصرا َ‬
‫ط‪،‬‬
‫اإلمام زيد؛ لنتعل َم منه ونستفي َد منه التعب َد الص‪##‬ادقَ‪ ،‬ال ال‪##‬دينَ‬ ‫ِ‬ ‫مع‬
‫ي الس‪##‬لبي ال‪##‬ذي يُب ِْع‪ُ #‬دنا ويُعجِّ ُزن‪##‬ا‪ ،‬نتعلم‬
‫المش َّوه‪ ،‬وال التعب َد الس‪##‬طح َّ‬
‫الت‪##‬دين المحم‪##‬دي والعب‪##‬ادة العلوية ال الت‪##‬دين األم‪##‬وي‪ ،‬وال العب‪##‬ادة‬
‫السعودية النجدية؛ يقول اإلم‪##‬ام زي‪##‬د‪( :‬يا أبا ُم‪##‬رة ‪ ..‬وال‪##‬ذي يعلم ما‬
‫تحت وري ِد زي ِد بن علي‪ ،‬إن زي ‪َ #‬د بنَ علي لم ينت ِهك هلل ُم َحرّم‪##‬ا‪ #،‬منذ‬
‫عرفَ يمينَه من شماله)‪.‬‬‫َ‬
‫ُ‬
‫القرآن معن‪##‬ا‪ ،‬فقد ك‪##‬ان‬ ‫اإلمام زيد؛ لنكونَ مع القرآن‪ ،‬ويكونَ‬
‫ِ‬ ‫مع‬
‫‪#‬اور الق‪##‬رآنَ ثالثة عشر عاما كما تعلم‪##‬ون‪،‬‬ ‫زي‪ٌ #‬د حلي‪##‬فَ الق‪ِ #‬‬
‫‪#‬رآن‪ ،‬ج‪َ #‬‬
‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪112‬‬
‫‪112‬‬
‫وك‪##‬ان نتيجة ذلك مقولته الش‪##‬هيرة‪ ،‬ال‪##‬تي ينبغي أن نفت ََح لها مس‪##‬ام َع‬
‫االخإليها قلوبُنا‪ ،‬وتترج ُمها‪ #‬أعمالنا‪ ،‬يقول زي ٌد س‪##‬الم هللا‬
‫وتصغي‬
‫َ‬
‫االخ‬ ‫آذاننا‪،‬‬
‫اا‬
‫وقد خولِف كت‪##‬ابُ هللا)‪ ،‬كت‪##‬ابُ هللا ه‪#‬ذا الق‪#‬رآن ال‪##‬ذي‬
‫عليه‪( :‬أأسكتطبة‬
‫طبة‬
‫يمأل البيوت‪ ،‬ح َّول زيدا وجعله فاعال‪.‬‬ ‫يمأل المساجد‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫هللاكت‪#‬‬
‫‪#‬ابُ هللا لم ي‪##‬ترُك له مج‪##‬اال للس‪##‬كوت‪ ،‬فلم‪##‬اذا جعلَنا‬ ‫وإذا ك‪##‬ان‬
‫األقرب‬
‫األقربمن يريدون معية زيد‪ ،‬يا من ينتسبون لزيد؟ لم‪##‬اذا‬ ‫قرآنُنا نسكت‪ ،‬يا‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ولم‪##‬اذا ولم‪##‬اذا لم يُحْ‪ِ #‬دث الق‪ُ #‬‬
‫‪#‬رآن فيكم ش‪#‬يئا؟ أم أن ق‪##‬رآنَ زي‪ٍ #‬د غ‪##‬ي ُر‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫ص‪##‬باح‬
‫َ‬ ‫اإلم‪##‬ام زيد‬
‫ِ‬ ‫نخجل ونحن ن‪َّ ##‬دعي االنتم‪##‬ا َء إلى‬
‫قرآنن‪##‬ا؟ أالاألولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هو‬
‫هوونحن جالسون؟ س‪##‬اكتون س‪##‬لبيون ليس لنا أثر في‬ ‫مسا َء؟ أال هللا‬
‫نخجل‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقربإنهاض أمة؟‬
‫ث تغيير أو‬
‫إحدا ِ‬
‫منا‬
‫منا‬
‫مع اإلمام زيد؛ لنكون س‪##‬باقين كما ك‪##‬ان إما ُمنا س ‪#‬بَّاقا‪ ،‬س ‪#‬بَّاقا في‬
‫العلم والعمل‪ ،‬سباقا في العلم‪ ،‬نبراسا في المعرفة‪ ،‬قويا في الحج‪##‬ة‪،‬‬
‫ت وال ُ‬
‫قمت به‪##‬ذا األمر‬ ‫يا أتب‪##‬اع زيد يق‪##‬ول إم‪##‬امكم‪( :‬وهللاِ ما خ‪##‬رجْ ُ‪#‬‬
‫ح‪###‬تى عل ْم ُ‬
‫ت عل َم أبي علي بن الحس‪###‬ين‪ ،‬وعلم ج‪###‬دي الحس‪###‬ين بن‬
‫علي‪ ،‬وعلم جدي علي بن أبي ط‪##‬الب‪ ،‬وعلم أبي رس‪##‬ول هللا ص‪##‬لى‬
‫هللا عليه وآله وسلم)‪.‬‬
‫يا فقهاءنا يا علماءنا يا مشائخَ نا ‪ ..‬ما خرج‪ #‬إما ُمنا حتى كان إما َم‬
‫زمانه‪ ،‬وشيخَ عص‪##‬ره‪ ،‬زيد بن علي يق‪##‬ول لنا ب‪##‬أن ما أخرجه فعال‪،‬‬
‫‪113‬‬ ‫(الخطبة األولى)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪113‬‬
‫ما جعله يجاه ُد‪ ،‬هي علو ُم آل محمد‪ ،‬هي علو ُم القرآن‪ ،‬والتي أردنا‬
‫أن نجعلَها َسلبية‪ُ ،‬م ْق ِعدة ألمة‪ ،‬ال تنهَضُ بهم وال تحرِّ كهم‪.‬‬
‫علم ال يحرِّ ُكك ‪ ،‬ك‪َّ ##‬ل فق‪ٍ ##‬ه ال ي‪##‬ؤثِّر في‪##‬ك‪ ،‬كل كت‪##‬اب ال‬
‫إن ك‪َّ ##‬ل ٍ‬
‫يجعلك سباقا إلى ميادين الجهاد والعمل‪ ،‬فتأ َّك ْد وثِ ‪ْ #‬ق أنه ليس له إلى‬
‫زيد صلة‪ ،‬وال إلى زيد نسب‪ ،‬لم نعرف في الت‪##‬اريخ أن أح‪##‬دا س‪##‬بق‬
‫ف‬
‫يع‪##‬ر ِ‬
‫ِ‬ ‫تفسير كتاب هللا‪ ،‬وعليكم بتفسير غريب القرآن‪ ،‬لم‬ ‫ِ‬ ‫زيدا في‬
‫‪#‬ول هللا غ‪#‬ير اإلم‪##‬ام زيد‬ ‫الت‪#‬اري ُخ أن أح‪##‬دا س‪#‬بَق إلى َج ْم ِ‬
‫‪#‬ع س‪#‬ن ِة رس‪ِ #‬‬
‫و( ُم ْسنَ ُده) بينكم موجو ٌد ماثال‪.‬‬
‫قلت ما س‪##‬معتم‪ ،‬وأس‪##‬تغفر هللا العظيم لي ولكم ولكافة المؤم‪##‬نين‬
‫والمؤمنات والمسلمين والمسلمات‪.‬‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪811118‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬ ‫طبة‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫رب الع‪##‬المين‪ ،‬والص‪##‬الة والس‪##‬الم على س‪##‬يدنا محمد‬ ‫الحمد هلل‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫وعلى آله الطيبين الطاهرين ‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منااإلخ‪###‬وة معكم‪ ،‬أو ما زلنا جميعا مع اإلم‪###‬ام زي‪###‬د؛‬
‫ت أيهامنا‬ ‫ما ْ‬
‫زل ُ‬
‫لنتعلَّم منه خطبة َ‬
‫كم‪###‬ال ال‪###‬دين‪ ،‬وتم‪###‬ا َم الت‪###‬ديُّن‪ ،‬فمهما تعبَّدنا ففي تعبُّ ِدنا‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫تط َّوعنا ومهما قمن‪##‬ا‪ ،‬ومهما س‪##‬بَّحنا‪ ،‬ومهما ص‪##‬لَّينا‬ ‫نقص‪##‬ان‪ ،‬مهما‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ُ‬
‫اإليمان‪ ،‬إال بش‪##‬يء واحد‬ ‫ُ‬
‫الدين‪ ،‬وال يت ُّم‬ ‫وز َّكينا وع ِم ْلنا ‪ ..‬فال يك ُم ُل‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منانا زي‪ٌ ###‬د ‪ ،‬واح‪ٌ ###‬د فقط لن تعرف‪###‬ه‪ ،‬لن تفهم‪###‬ه‪ ،‬لن‬ ‫َّ‬
‫وض‪###‬حه لنا إمامناُم‬
‫تُ ْد ِر َكه‪ ،‬إال إن كنتَ مع زي ٍد وبرفقة وص‪##‬حبة زيد ‪ ،‬إنه (الحم ‪ُ #‬د هلل‬
‫الذي أكمل لي ديني)‪.‬‬
‫أدركَ أنه قد أكمل دين‪##‬ه‪ ،‬لقد أك‪##‬ثر‬
‫حينما خفقت راي‪##‬ات الجه‪##‬اد َ‬
‫علينا الناس بمقولة‪ :‬من تز َّوج فقد أك َم َل دينَه‪ ،‬من جلَ َ‬
‫س في بيته فقد‬
‫منهج زي‪ٍ ##‬د يختلِ ُ‬
‫‪##‬ف عن تلك المن‪##‬اهج العاطفي‪##‬ة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أك َمل دينَ‪##‬ه‪َّ ،‬‬
‫لكن‬
‫أكم‪###‬ل لي دي‪###‬ني‪ ،‬فو هللا إني‬
‫َ‬ ‫العاطل‪###‬ة‪ ،‬إنه منهج (الحم ُدهلل ال‪###‬ذي‬
‫أر َد عليه ولم آ ُم‪##‬رْ بمع‪##‬روف ولم‬
‫ألستحي من ج‪##‬دي رس‪##‬ول هللا أن ِ‬
‫‪119‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪119‬‬
‫أنهَ عن منكر)‪ ،‬زي ُد بن علي ِ‬
‫خجل من رسول هللا ونحن ال نخج‪##‬ل؟‬
‫زيد بن علي يتقط ُع حياء من رسول هللا ونحن ال نبالي وال نستحي؟‬
‫فقط أقولها فقط‪ ،‬من يستحيون من رس‪##‬ول هللا فق‪##‬ط‪ ،‬من هم على‬
‫‪#‬اج زي‪ِ #‬د بن علي هم أولئك ال‪##‬ذين‬
‫منهج رسول هللا‪ ،‬من هم على منه‪ِ #‬‬
‫هم في الجبه‪####‬ات‪ ،‬في الجه‪####‬اد‪ ،‬هم من ه‪####‬اجروا إلى هللا‪ ،‬هم من‬
‫ي ْدعَمون الجبهات بكلِّ ما أوتوا وبما يملكون‪.‬‬
‫إن الجبهات هي المك‪##‬ان الوحيد ال‪##‬ذي تس‪##‬تطيعون أن تج‪##‬دوا فيه‬
‫اإلمام زيد بن علي‪ ،‬وتعيشوا فيها مع اإلم‪##‬ام الحس‪##‬ين بن علي‪ ،‬هي‬
‫المك‪##‬ان الوحيد ال‪##‬ذي أس‪##‬تطيع أن أُ ْق ِس ‪َ #‬م ص‪##‬ادقا أنكم س‪##‬تالقونَ فيها‬
‫أم‪###‬ير المؤم‪####‬نين عليا عليه الس‪####‬الم؛ ألنها أم‪###‬اكنهم‪ ،‬وبي‪####‬وتهم‪،‬‬
‫َ‬
‫ومواطنهم‪ .‬ولن تجدوهم أبدا أب‪##‬دا أب‪##‬دا بين المتخ‪##‬ا ِذلين ولن يكون‪##‬وا‬
‫ٌ‬
‫ط‪##‬اغوت وطاغي‪##‬ة‪ ،‬وما دام‬ ‫وض‪##‬ع كه‪##‬ذا‪ ،‬ما دام وهنالك‬
‫ٍ‬ ‫بينهم في‬
‫وهنالك أمريكا وسعودية‪.‬‬
‫لن‪#‬دح َر‬
‫َ‬ ‫لنكس‪َ #‬ر ش‪#‬وكة المعت‪#‬دي؛‬
‫لنواج‪َ #‬ه الباط‪#‬ل‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫مع اإلم‪#‬ام زي‪#‬د؛‬
‫الغازي؛ يقول اإلما ُم زي ٌد عليه السالم‪ ،‬لمن يري‪##‬دون أن يكون‪##‬وا مع‪##‬ه‪،‬‬
‫َ‬
‫لمن يتمنَّون مرافقتَه‪( :‬إتق هللا يا هشام)‪ ،‬فيغضب هش‪##‬ام‪ .‬ومن هش‪##‬ام؟‬
‫غربي‬
‫ٍّ‬ ‫عدوان عربي‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫عنوان لكلِّ‬ ‫رمز لكل طاغية أمريكي‪ .‬من هشا ٌم؟‬‫ٌ‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪811118‬‬
‫صهيوني‪ .‬من هشام؟ شعارٌ لكل ظالم س‪##‬عودي نج‪##‬دي‪ .‬يق‪##‬ول‬ ‫ٍّ‬ ‫أمريكي‬
‫ٍّ‬
‫ااالخ‪##‬أمرُ مثلي بتق‪##‬وى هللا يا زي‪##‬د؟ ﴿ َو ِإ َذا ِقي ـ َل َل ـهُ اتَّ ِ‬
‫ق هّللا َ‬ ‫هش‪##‬ام‪ :‬أو مثلُك‬
‫ااالخي‬
‫طبة﴾‪.‬‬
‫طبة‬ ‫َأ َخ َذ ْتهُ ا ْل ِع َّزةُ ِب ِ‬
‫اإل ْث ِم‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫على اإلم‪##‬ام زيد تماما كتهجُّ م الس‪##‬عودية على اليمن‪،‬‬ ‫تهجَّم هشا ٌم‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫سخر العسيري من قدراتنا وقوتن‪##‬ا‪ ،‬طَ‪َ #‬‬
‫‪#‬ر َد‬ ‫سخر هشام من زيد مثلما ِ‬
‫األقرب‬
‫ِ‬
‫األقرب‬
‫منامجلسه تماما كما ح‪#‬اولوا طرْ دَنا من بيوتنا وأماكنِنا‬
‫هش‪#‬ا ٌم زي‪#‬دا من‬
‫منا‬
‫خطبة وأرا ُدوا أن يس ‪#‬لُبُونا حياتَن‪##‬ا‪ ،‬فما هو الموق‪ُ #‬‬
‫‪#‬ف إذن‬ ‫‪#‬ا‪،‬‬
‫وبال ِدنا ومقا ِمن‪#‬‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وكيف العمل؟‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األقرب وسيدلُّكم على الموقف الذي تري‪##‬دون أن تكون‪##‬وه‪،‬‬
‫كونوا مع زي ٍد‬
‫األقرب‬
‫مجلس هش‪####‬ام‪ ،‬وقولوها أنتم الي‪####‬وم؛ ألننا إذا لم نقلها‬
‫قالها زيد في منا‬
‫منا ِ‬
‫زمان لنقولَها بع ‪ُ #‬د‪( ،‬إذن وهللا يا هش‪##‬ام ال تج ‪ُ #‬دني إال‬
‫ٌ‬ ‫يأتي‬
‫اليوم فلن َ‬
‫تك‪###‬رهُ‪ ،‬وهللاِ لو لم أكن إال أنا واب‪###‬ني يح‪###‬يى لخ‪###‬رجْ ُ‪#‬‬
‫ت عليك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حيث‬
‫وجاه ْدتُك)‪.‬‬
‫ك‪##‬ره ق‪##‬و ٌم ُّ‬
‫ق‪##‬ط ح‪َّ ##‬ر‬ ‫اإلم‪##‬ام زي‪##‬د؛ ألنك لن تك‪##‬ون ذليال؛ فما ِ‬
‫ِ‬ ‫مع‬
‫الس‪##‬يوف إال ذلُّوا‪َ ،‬م ْن ك‪##‬ان يريد مرافقة زي‪##‬د‪ ،‬فس‪##‬يقولها كما قالها‬
‫زيد‪ ،‬وسيفعلُها كما فعلها زيد‪ ،‬سيقول‪ :‬لن ِ‬
‫تج‪ #‬دَنا يا نظ‪##‬ا ُم س‪##‬عوديُّ ‪،‬‬
‫‪119‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪119‬‬
‫أرواحنا‬
‫َ‬ ‫لن تج‪####‬دينا يا أمريكا إال حيث تكره‪####‬ون‪ ،‬ولو لم نملِك إال‬
‫وأبنا َءنا ونسا َءنا وفلذات أكبادنا‪ ،‬لجاهدناكم ولقاتلناكم‪.‬‬
‫‪#‬الح‬
‫‪#‬الح وإص‪ِ #‬‬‫لنضحي بكلِّ ش‪##‬يء في س‪##‬بيل ص‪ِ #‬‬
‫َ‬ ‫مع اإلمام زيد؛‬
‫أمة محمد صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬فكما كان ج‪ُّ #‬ده الحس‪##‬ين يقولها‬
‫بط‪##‬را‪ ،‬وإنما خ‪##‬رجْ ُ‪#‬‬
‫ت إلص‪##‬الح أمة‬ ‫أشرًا وال ِ‬
‫ت ِ‬‫مزلزلةً‪( :‬ما خرجْ ُ‪#‬‬
‫ِ‬
‫ج‪##‬دي)‪ ،‬ها هو حفي‪##‬ده اإلم‪##‬ام زيد يق‪##‬ول‪( :‬وهللا ل‪##‬و ِد ُ‬
‫دت أن ي‪##‬دي‬
‫ملصقة بالثريا فأقع منها فأتقط ُع قطعة قطعة‪ ،‬وأن هللا يص‪##‬ل ُح ب‪##‬ذلك‬
‫أمة جدي محمد )‪.‬‬
‫قال سعي ُد بن خثيم أحد أص‪##‬حاب اإلم‪##‬ام زيد‪ :‬كنا في دار ش‪##‬بيب‬
‫بن غرق‪##‬د‪ ،‬نحن واإلم‪##‬ام زيد بن علي‪ ،‬وثلة من المؤم‪##‬نين‪ ،‬فس‪##‬معْنا‬ ‫ِ‬
‫فخفنا‪ ،‬فوهللا‬
‫خيل يوسفَ بن عمر والي الكوفة األموي‪ِ ،‬‬ ‫حوافر ِ‬
‫ِ‬ ‫و ْق َع‬
‫ما واح ٌد منا إال خاف وارتعدت فرائصه‪ ،‬ظنا منا أنها الخيل‪ ،‬وأنهم‬
‫رأيت رجال أربطَ جأش‪##‬ا‪ ،‬وال أش‪َّ #‬د‬
‫ُ‬ ‫سيأخذوننا إلى السجن‪ ،‬ووهللاِ ما‬
‫بأس‪##‬ا‪ ،‬وال أق‪##‬وى نفسا من زيد بن علي‪ ،‬ووهللا ما قطَع حديثَ‪##‬ه‪ ،‬وال‬
‫ت الخي‪ُ ##‬ل وذهبَت‪ ،‬وأتينا‬ ‫تغيَّر وجهُ‪##‬ه‪ ،‬وال ح‪َّ ##‬ل حبوتَ‪##‬ه‪ ،‬فلما َ‬
‫مض‪ِ ##‬‬
‫نفرِّ ُج عن أنفسنا‪ ،‬ونحمد هللا على سالمتنا‪ ،‬أقبل علينا اإلمام زيد بن‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪811118‬‬
‫علي بوجه‪##‬ه‪ ،‬وق‪##‬ال‪( :‬يخ‪##‬اف أح ‪ُ #‬دكم الش‪##‬يء أن يحل ب‪##‬ه‪ ،‬وهللاِ ما‬
‫لجمع المال)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ااالخالدنيا وال‬ ‫خرجْ ُ‬
‫ت لغرض‬
‫ااالخ‬

‫لغ‪##‬رض ال‪##‬دنيا ي‪##‬امن تس‪##‬تهويهم‬ ‫ت‬ ‫طبة‬


‫طبةوهللاِ ما خ‪##‬رجْ ُ‬
‫يق‪##‬ووووول‪:‬‬
‫ِ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬ويهم وتفس‪##‬دهم ال‪##‬دنيا‪ ،‬حتما لس‪#‬تُم‬
‫ِ‬ ‫‪#‬‬‫ْ‬
‫غ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫و‬ ‫األموال‪،‬‬ ‫ُهم‬ ‫المناصب‪ ،‬وتُفتِن‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬د‪ ،‬قطعا لم ولن يك‪##‬ون لكم مع اإلم‪##‬ام زيد نص‪##‬يب‪،‬‬
‫بأتباع لإلمام زي‪#‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫‪#‬رض ال‪##‬دنيا وال‬
‫ِ‬ ‫رفقة‪ ،‬ألنه يقول‪( :‬وهللا ما خرجْ ُ‬
‫ت لغ‪#‬‬ ‫وال معية وال منا‬
‫منا‬
‫ت ابتغا َء وج ِه هللا وتقرُّ بًا إلي‪##‬ه‪ ،‬ومن ك‪##‬ان‬ ‫لجمع المال‪،‬خطبة‬
‫ولكني خرجْ ُ‪#‬‬
‫خطبة‬
‫ِ‬
‫األولى‪:‬‬ ‫األولى‪:‬‬
‫هللا طريقته‪ ،‬فما يخيفه شيء إذا نزل به)‪.‬‬ ‫هللاُ همتَه‪ ،‬ومن‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ي به سالم هللا عليه في الب‪##‬ذل والعط‪##‬اء‪ ،‬في‬
‫زيد؛ لنقت ِد َ‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬ ‫مع اإلمام‬
‫بعض‪#‬نا على‬
‫ُ‬ ‫منالنتكاتَفَ ون‪#‬تراح َم ونتع‪##‬اطفَ ويش‪##‬ف َ‬
‫ق‬ ‫الكرم والسخاء‪،‬‬
‫منا‬
‫بعض‪.‬‬
‫مع اإلمام زيد وهو يكفَ ُل األيتام‪ ،‬ويواسي الفقراء‪ ،‬ويعطف على‬
‫المحتاجين‪ ،‬ألم يقُلْ سالم هللا عليه‪:‬‬
‫الم‪###‬ال من هو‬
‫َ‬ ‫ي‪##‬زكي بماله وكيف ي‪###‬زكي‬‫ِّ‬ ‫يقول‪##‬ون زي‪ٌ ##‬د ال‬
‫باذله‬
‫إذا ح‪####‬ال ح‪####‬ولٌ لم يكن في من المال إال رس‪##‬مه وفض‪##‬ائله‬
‫ديارنا‬
‫‪119‬‬ ‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪119‬‬
‫أن تكون مع زي ٍد فكرا‪ ،‬أن تكون مع زي ٍد علما‪ ،‬أن تكون مع زي ٍد‬
‫ولس ‪#‬تَ على شك‬
‫ى من رب‪##‬ك‪ْ ،‬‬ ‫ونور وهد ً‬
‫ٍ‬ ‫جهادا‪ ،‬فأنت على بصير ٍة‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ه‪##‬ذا وص‪##‬لوا وس‪##‬لموا على من أم‪##‬رتم بالص‪##‬الة والس‪##‬الم علي‪##‬ه‪،‬‬
‫ص ـ ُّلونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا أَ ُّي َها‬
‫عموما بقوله تع‪##‬الى‪ِ ﴿ :‬إنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَ ـهُ يُ َ‬
‫سلِّ ُموا تَ ْ‬
‫سلِيما ً﴾‪.‬‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫الَّ ِذينَ آ َمنُوا َ‬
‫وب‪###‬ارك وت‪###‬رحَّم وتحنَّن على أبي الطيب‬
‫ِ‬ ‫اللهم فص‪###‬لِّ وس‪###‬لِّم‬
‫والط‪###‬اهر والقاس‪###‬م‪ ،‬س‪###‬يدنا محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب بن‬
‫هاشم‪ ،‬وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه‪ ،‬ليث الكتائب‪ ،‬أش‪##‬جع‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي ط‪##‬الب‪ ،‬وعلى‬
‫ِ‬ ‫طاعن وضارب‪ ،‬موالنا‬
‫زوجته الحوراء‪ ،‬فِلذة كبِ ِد المصطفى‪ ،‬سيدة نساء ال‪##‬دنيا واألخ‪##‬رى‪،‬‬
‫فاطمة البتول الزه‪#‬راء‪ ،‬وص‪#‬لِّ وس‪#‬لِّم على آل رس‪#‬ول هللا أجمعين‪،‬‬
‫وعلى جميع األنبياء والمرسلين والمالئكة المطهرين‪ ،‬وعلى شبابنا‬
‫في الجبه‪##‬ات أجمعين‪ ،‬وارض اللهم عن ص‪##‬حابته الراش‪##‬دين وعن‬
‫أزواجه أمهات المؤمنين‪.‬‬
‫وح ْزبَ‪##‬ه‪ ،‬اللهم انصر‬ ‫ق وأهلَ‪##‬ه‪ ،‬واخ‪ُ #‬ذ ِل الباط‪َ #‬‬
‫‪#‬ل ِ‬ ‫انصر الح‪َّ #‬‬
‫ِ‬ ‫اللهم‬
‫مجاه‪##‬دينا في الجبه‪##‬ات نص‪##‬را عزي‪##‬زا‪ ،‬اللهم افتَحْ لهم فتحا مبين‪##‬ا‪،‬‬
‫اللهم اه ِدهم إليك صراطا مستقيما‪.‬‬
‫(الخطبة الثانية)‬ ‫مع اإلمام زيد وكمال الدين‬
‫‪811118‬‬
‫ب الطمأنين‪#‬ةَ من‬ ‫‪#‬ك أع‪##‬دا َءنا وف‪##‬رِّ ْق بين قل‪##‬وبِهم‪ ،‬وأذ ِه ِ‬
‫اللهم وأهلِ‪ْ #‬‬
‫أبطل مك‪####‬رهم‪ ،‬وأذ ِهبْ ُم ْل َكهم‪ ،‬وح ِّ‬
‫ط ْم أرك‪####‬انَهم‪،‬‬ ‫نفوس‪####‬هم‪ ،‬اللهم ِ‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫هم‪ ،‬وانصُرْ نا عليهم نصرا عزيزا يا رب العالمين‪.‬‬ ‫وزلزلْ عرو َ‬
‫شطبة‬
‫طبة‬ ‫ِ‬
‫ان َوإِيتَــا ِء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫األولى‪ :‬هَّللا َ يَــأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َواإْل ِ ْح َ‬
‫األولى‪:‬نَّ‬
‫عبــاد هللا‪﴿ :‬إِ‬
‫هوشَا ِء َوا ْل ُم ْن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬ ‫هو‬ ‫هللا‬
‫هللافَ ْح‬
‫َن ا ْل‬
‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫أن تكون مع اإلمام زيد‪ ،‬فهو أن تَصْ ُرخَ بالشعار ضد أع‪##‬داء هللا‬
‫منا‬
‫منا‬
‫خطبةمجامل‪##‬ة‪ #،‬فاإلم‪##‬ام زيد بن علي عليه الس‪##‬الم ق‪##‬ال‪:‬‬
‫دون مواربة وال‬
‫خطبة‬
‫ني إال حيث تك‪####‬ره)‪ .‬والش‪####‬عار مما تكرهه أمريكا‬ ‫(وهللا ال تج‪ُ ####‬د‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وإسرائيل‪ .‬هللا‬
‫هللا هو‬
‫هو‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫‪127‬‬
‫‪127‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬

‫‪ -8‬االنتصار على الحصار‬

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫‪#‬و ِم‬‫يضلُّ َم ْن ه‪##‬داه‪ ،‬وال ينصر من ع‪##‬اداه‪ ،‬دعا إلى أق‪َ #‬‬ ‫الحمدهلل ال ِ‬
‫الس ـ ِمي ُع‬
‫ـو َّ‬ ‫ش ـ ْي ٌء َو ُهـ َ‬ ‫س َك ِم ْثلِ ـ ِه َ‬ ‫الط‪##‬ريقين‪ ،‬وأه‪##‬دى النج‪##‬دين‪﴿ ،‬لَ ْي َ‬
‫ض َولَ ِكنَّ ا ْل ُمنَــافِقِينَ اَل‬‫ت َواأْل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫صــي ُر﴾‪ ،‬بي‪##‬ده ﴿ َخــ زَائِنُ َّ‬
‫الســ َم َ‬ ‫البَ ِ‬
‫ق لِ َمن‬ ‫س ـطُ الـ ِّ‬
‫ـر ْز َ‬ ‫ض يَ ْب ُ‬‫ت َواأْل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫يَ ْفقَ ُهــونَ ﴾‪ ،‬و﴿لَ ـهُ َمقَالِي ـ ُد َّ‬
‫الس ـ َم َ‬
‫يَشَا ُء َويَ ْق ِد ُر ِإنَّهُ بِ ُك ِّل ش َْي ٍء َعلِي ٌم﴾‪ .‬وأشهد أن ال إله إال هللا وح‪##‬ده ال‬
‫ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪ ،‬ناص‪ُ ##‬ر عب‪##‬ا ِده المستض‪##‬عفين‪ ،‬والمنتقِم من العاص‪##‬ين‬
‫وطبَّ أدوائن‪##‬ا‪،‬‬
‫‪#‬بيب قلوبنا ِ‬
‫المعت‪##‬دين‪ .‬وأش‪##‬هد أن س‪##‬يدَنا وس‪##‬ندَنا وح‪َ #‬‬
‫محمدا عب ُدهللا ورسولُه‪ ،‬أرسله هللا رحمة للعالمين‪ ،‬وبش‪##‬يرا ون‪##‬ذيرا‬
‫لي‪##‬وم ال‪##‬دين‪ ،‬أ َّدى الرس‪##‬الة‪ ،‬وبلّغ األمان‪##‬ة‪ ،‬وأكمل الحج‪##‬ة‪ #،‬وأوضح‬
‫المح ّج‪##‬ة‪ ،‬وت‪##‬رك أمته على الص‪##‬راط المس‪##‬تقيم‪ ،‬والمنهج الق‪##‬ويم‪ ،‬ال‬
‫يزيغ عنه إال م‪####‬تر ٍّد هال‪####‬ك‪ .‬اللهم فص‪####‬لِّ وس‪####‬لِّم عليه وعلى آله‬
‫الطاهرين‪ ،‬األخيار المنتجبين‪.‬‬
‫ثم أما بعد ‪،،‬‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬ ‫‪128‬‬
‫‪128‬‬
‫‪#‬ان والحكمة يتع ‪#‬رّضُ‬
‫عبــاد هللا ‪ ..‬ها أنتم ت‪##‬رون اليمن بلد اإليم‪ِ #‬‬
‫عرفه الت‪###‬اري ُخ‪ ،‬ويطالُه في نفس ال‪###‬وقت‬
‫ع‪###‬دوان َ‬
‫ٍ‬ ‫وأفظ‪###‬ع‬
‫ااالخ‬
‫ِ‬
‫ااالخ‬ ‫ألبش‪###‬ع‬
‫ِ‬
‫طبة ٌم‪ ،‬ب ‪ًّ #‬را وبح‪##‬را وج‪##‬وا‪ ،‬منَع ال‪##‬دوا َء‪ ،‬والغ‪##‬ذا َء‪ ،‬عن‬
‫حصا ٌر جائ ٌر طبة‬
‫ظال‬
‫األطف‪###‬ال‪،‬األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫والمرض‪###‬ى‪ ،‬وف‪###‬اقَم مش‪###‬كلةَ المجاع‪###‬ة‪ ،‬وعلِق بس‪###‬ببه‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫المسافرون في مطارات العالم‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫جديدا أيها اإلخوة على هؤالء المج‪##‬رمين‪ ،‬فقد تع ‪#‬رَّض‬
‫هذا ليس منا‬
‫منا‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫هللا عليه وآله وس‪##‬لم وأص‪##‬حابُه المس‪##‬لمون في ِش‪ْ #‬ع ِ‬
‫ب‬ ‫الرسول صلى‬
‫األولى‪:‬‬ ‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬امل اقتص‪##‬ادي واجتم‪##‬اعي لم‪##‬دة‬
‫‪#‬ار ش‪ٍ #‬‬
‫ب‪##‬ني هاشم في مكة إلى حص‪ٍ #‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ثالث سنوات‪ ،‬ل َّما رفض بنو هاشم وبنو المطلب تس‪##‬لي َمه ص‪##‬لى هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا إلى أس‪##‬الفهم ليقتل‪##‬وه‪ ،‬فظن‪##‬وا أنهم سيص‪##‬لون إلى‬
‫عليه وآله وس‪##‬لم‬
‫منا‬
‫ه‪##‬دفهم بالض‪##‬غط االقتص‪##‬ادي واالجتم‪##‬اعي‪ ،‬ألنهم ال يق‪##‬درون على‬
‫تحقيق هدفِهم عسكريا‪.‬‬
‫حصار في التاريخ ضد المس‪##‬لمين أعلن أبو جهل تحالفا‬‫ٍ‬ ‫أول‬‫في ِ‬
‫قبائل قريش‪ ،‬فطلب‪##‬وا من ب‪##‬ني هاشم أن يس ‪#‬لِّموا‬
‫ِ‬ ‫قرشيا ض َّم مختلفَ‬
‫لهم رسول هللا محمدا صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم ليقتل‪#‬وه؛ ألنه تم‪#‬رَّد‬
‫على آلهتهم الوثنية‪ ،‬وانقلب على "شرعيتهم" المزعوم‪##‬ة‪ ،‬ف‪##‬رفض‬
‫بنو هاشم وبنو المطلب مس‪#####‬ل ُمهم وك‪#####‬افرُهم تس‪#####‬لي َمه إليهم‪ ،‬أما‬
‫‪127‬‬
‫‪127‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬
‫المؤمنون فإليمانهم‪ ،‬وأما الكافرون فلمروءتهم وإنسانيتهم‪ ،‬فأصدر‬
‫التحالف قرارا ضد بني هاشم وبني المطلب‪ ،‬تعاقَدوا فيه‪" :‬أن‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫ال ين‪##‬ا ِكحوهم‪ ،‬وال يب‪##‬ايِعوهم‪ ،‬وال ي ‪#‬دَعوا س‪##‬ببا من أس‪##‬باب ال‪##‬رزق‬
‫يص‪ُ #‬ل إليهم‪ ،‬وال يقبل‪##‬وا منهم ص‪##‬لحا‪ ،‬وال تأخ‪##‬ذهم بهم رأف‪#‬ة‪ ،‬ح‪#‬تى‬
‫ِ‬
‫رسول هللا إليهم ليقتل‪##‬وه"‪ ،‬وكتب‪##‬وا ذلك‬
‫َ‬ ‫يُ ْسلِم بنو هاشم وبنو المطلب‬
‫في وثيقة علَّقوها في جوف الكعبة‪.‬‬
‫وفي المقابل فقد ض َّم أبو طالب ُ‬
‫بن عب‪#‬دالمطلب ابنَ أخيه محم‪##‬دا‬
‫ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم إليه في الش‪##‬عب خوفا عليه من مك‪##‬رهم‪،‬‬
‫وك‪##‬ان يق‪##‬وم الليل لحراس‪##‬ته‪ ،‬وي‪##‬أمر أوالده ب‪##‬أن ين‪##‬اموا في مكان‪##‬ه‪،‬‬
‫ليموه‪##‬وا على الكف‪##‬ار‪ #‬مكانَ‪##‬ه‪ ،‬وأعلن القائد أبو ط‪##‬الب تحديَه له‪##‬ذا‬
‫ِّ‬
‫الحصار‪ ،‬وتمسّك هو ومن معه بموقفهم‪ ،‬وثبتوا على قضيتهم‪ ،‬وقد‬
‫قال في ذلك شعرا‪ ،‬ومنه قوله‪:‬‬
‫وّل ْال ُك ُت ِ‬
‫ب‬ ‫وس‪###‬ى ُخ ّ‬
‫‪###‬ط ِفي َأ ِ‬ ‫َن ِبيّا َك ُم َ‬ ‫َأل ْم تَعْ َل ُم‪#####‬وا َأ ّنا َو َج ْ‬
‫‪#####‬دنَا ُم َح ّم‪ #####‬دًا‬
‫‪###‬و ّد ِة َو ْال ُق‪###‬رْ ِ‬
‫ب‬ ‫اص‪َ ###‬رنَا َبعْ‪َ ###‬د ْال َم َ‬
‫َأ َو ِ‬ ‫‪##‬ر ْال ُو َش‪##‬ا ِة َو َت ْق َ‬
‫طعُ‪##‬وا‬ ‫َواَل َت ْت َبعُ‪##‬وا َأ ْم َ‬
‫َأ َم‪##‬رَّ عَ َلى َم ْن َذا َق‪ُ ##‬ه َج َلبُ ْال َح‪##‬رْ ِ‬
‫ب‬ ‫عَوا ًنا َورُ ب َّما‬
‫َوت َْس‪##########‬تَجْ ِلبُوا َحرْ بًا َ‬
‫عَض ّ‬
‫الز َم‪#‬ان َواَل كَ‪#‬رْ ِ‬
‫ب‬ ‫ِل َع ّزاء َم ْن ِّ‬ ‫ت ُن ْس‪ِ ####‬ل ُم َأ َ‬
‫حْم‪ ####‬دًا‬ ‫َف َل ْس‪####‬نَا َو َربِّ ْال َب ْي ِ‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬ ‫‪128‬‬
‫‪128‬‬
‫َ‬
‫ثالث سنين‪ ،‬واشت َّد عليهم البال ُء‬ ‫المحاصرون في شعبهم‬
‫َ‬ ‫ولبث‬
‫‪#‬ي طعاما يق‪ُ #‬د ُم مكة وال‬
‫‪#‬دوان القرش‪ِّ #‬‬ ‫ُ‬
‫تح‪#‬الف الع‪ِ #‬‬ ‫ي‪#‬ترك‬
‫والجه‪#‬د‪ ،‬ولمااالخ‬
‫ااالخ‬ ‫َ‬
‫طبة‬
‫طبةإليه فاشتروه بأغلى من ثمن‪##‬ه‪ ،‬ليض ‪#‬يِّقوا عليهم في‬
‫بيعا إال بادروهم‬
‫ص‪##‬بُ ح‪##‬تى ك‪##‬انوا ي‪##‬أكلون الخبْ‪##‬طَ‬ ‫الش‪##‬عب‪ ،‬األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫فأص‪##‬ابهم البال ُء والنَّ َ‬ ‫ِّ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫يرجع أح ُدهم إلى أوالده وهم يتضاغون من‬ ‫األقرب وكان ِ‬ ‫ق الشجر‪،‬‬ ‫وأورا َ‬
‫األقرب‬
‫ُ‬
‫أصوات‬ ‫يج ُد ما يعلِّلُهم به‪ ،‬وبلغ بهم الحال أن كان يُ ْس َم ُع‬
‫الجوع فال ِ‬
‫منا‬
‫منا‬
‫يتضاغون من الجوع من وراء الشعب‪.‬‬
‫أطفالِهم خطبة‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬لمون ومن معهم في ِّ‬
‫الش ‪#‬عب ص‪##‬برا كريم‪##‬ا‪ ،‬ولم يقل‬ ‫ص‪##‬بر المس‪#‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ق‪####‬ائلهم‪ :‬ال رحم هللا من ك‪####‬ان الس‪####‬بب؛ ألنهم على يقين من عدالة‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ِّ‬
‫قض‪##‬يتهم‪ ،‬ولم يقل ق‪##‬ائلهم‪ِ :‬ل َم ال يس‪##‬ل ْم أبو ط‪##‬الب محم‪##‬دا ابن أخي‪##‬ه‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫‪#‬ات وهم يس‪##‬معون أطف‪##‬الهم‬ ‫ويتر ْكنا وحا َلن‪##‬ا‪ ،‬ولم يت‪ِ #‬‬
‫‪#‬برّم اآلب‪##‬ا ُء واألمه‪ُ #‬‬
‫يتض‪##‬اغون من الج‪##‬وع‪ ،‬المس‪##‬لمون منهم س‪##‬لَّموا أم‪َ #‬‬
‫‪#‬رهم هلل‪ ،‬وتوكل‪##‬وا‬
‫ت العق‪##‬ل‪،‬‬
‫علي‪##‬ه‪ ،‬ووثق‪##‬وا بنص‪##‬ره‪ ،‬والك‪##‬افرون منهم اس‪##‬تجابوا لص‪##‬و ِ‬
‫وح‪##‬رارة القراب‪##‬ة‪ ،‬ووج‪##‬دان العاطفة اإلنس‪##‬انية‪ ،‬وأ ِنف‪##‬وا أن يستس‪##‬لموا‬
‫ت ال ُمهينة لهم‪ ،‬فصبر الجميع حتى جاء نصر هللا‪.‬‬
‫لإلمالءا ِ‬
‫وبعد سنينَ من الحص‪##‬ار اس‪##‬تيقظت الحمية والنخ‪##‬وة ل‪##‬دى بعض‬
‫ت ض‪#‬ده‪،‬‬
‫ق‪#‬رار المقاطعة والتص‪#‬وي ِ‬
‫ِ‬ ‫تمزي‪#‬ق‬
‫ِ‬ ‫كبارهم‪ ،‬فتواعدوا على‬
‫‪127‬‬
‫‪127‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬
‫وكس‪###‬ر الحص‪###‬ار‪ ،‬فنجحت ُخطّتُهم‪ ،‬وانه‪###‬زم أبو جهل وتحالفُ‪###‬ه‪،‬‬
‫ِ‬
‫وت‪#‬د ّخلت العناية اإللهية ب‪#‬أن أرسل هللا َ‬
‫األرضة على تلك الص‪#‬حيفة‬
‫الظالمة ف‪###‬أكلت ما فيها من قطيعة ال‪###‬رحم‪ ،‬والتظ‪###‬اهر على الظلم‬
‫ق فيها سوى (باسمك اللهم)‪.‬‬
‫والعدوان‪ ،‬ولم يب َ‬
‫في نهاية المط‪##‬اف أيها اإلخ‪##‬وة المؤمن‪##‬ون ‪ ..‬انتصر المس‪##‬لمون‬
‫التح‪##‬الف القرش‪##‬ي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ع‪##‬دوان‬ ‫ومن معهم انتص‪##‬ارا س‪##‬احقا‪ ،‬وانكسر‬
‫ت الق‪##‬درةُ اإللهي‪#‬ةُ لنص‪##‬رة عب‪##‬اده الث‪##‬ابتين الص‪##‬ابرين‪ .‬وه‪##‬ذه‬
‫وتد َّخل ِ‬
‫بعض النقاط التي يجب أن ن ّد ِخ َرها من هذه الحادثة‪ ،‬ونس‪##‬تفيدها من‬
‫هذه القضية‪:‬‬
‫سالح التجويع اس‪#‬تُ ْخ ِدم منذ الق‪##‬دم ل‪##‬تركيع‬
‫َ‬ ‫أوال‪ :‬يجب أن نعلم أن‬
‫الخص‪###‬وم وإذاللهم‪ ،‬وفي الت‪###‬اريخ الح‪###‬ديث اس‪###‬تخ ِدم في الح‪###‬رب‬
‫بس‪###‬الح‬
‫ِ‬ ‫نواجهَه‬
‫ِ‬ ‫العالمية األولى وفي الثاني‪###‬ة‪ ،‬وعليه فإنه يجب أن‬
‫الوعي والثبات‪ ،‬والتحدي والصبر‪ ،‬والتراحم والتعاون‪.‬‬
‫س‪#‬الح التجويع لجميع فئ‪##‬ات الش‪##‬عب‬
‫َ‬ ‫أما الــدرس الثــاني فهو أن‬
‫يعتَبَر عقوبة جماعية دنيئة وحق‪##‬يرة‪ ،‬يع ُّم ض‪##‬ررُها مختل‪##‬فَ فئ‪##‬ات‬
‫الشعب‪ ،‬وال سيما الفقراء‪ ،‬وهي جريمة يرفضها اإلسالم الح‪##‬نيف‪،‬‬
‫وتأباها الطباع اإلنسانية السليمة‪ ،‬ويعتبِرُها الق‪#‬انون ال‪#‬دولي جريمة‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬ ‫‪128‬‬
‫‪128‬‬
‫رفضهم‬
‫َ‬ ‫من جرائم الحرب‪ ،‬وهاهم األحرار‪ #‬من كفار قريش أعلنوا‬
‫ااالخ ع‪##‬ارا عليهم‪ ،‬وهك‪##‬ذا يجب على كل ُح‪##‬رٍّ في ه‪##‬ذا‬
‫واعتبروها‬
‫ااالخ‬ ‫له‪##‬ا‪،‬‬
‫رفعه عن شعبنا اليم‪##‬ني‬ ‫العالم أن يعتبرطبة‬
‫هذا السالح وأن يعمل على ِ‬
‫طبة‬
‫المؤمن‪ .‬األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األقربالثــالث فهو أن المعت‪##‬دين المن‪##‬افقين يتَّ ِخ‪ ##‬ذون من‬
‫وأما الــدرس‬
‫األقرب‬
‫‪#‬ر حق‪##‬اراتهم‪،‬‬
‫منا‪#‬ة‪ ،‬مثل الكعبة المش‪#‬رَّفة عنوانا لتمري‪ِ #‬‬
‫األم‪##‬اكن المقدس‪#‬‬
‫منا‬
‫خطبة‪##‬ريش علّق‪##‬وا ص‪##‬حيفةَ ق‪##‬رار ع‪##‬دوانهم في ج‪##‬وف‬
‫خطبة‬
‫فتح‪##‬الف كف‪##‬ار ق‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬المعتدون وال سيما (مط‪#‬اوعتهم) ين َعق‪##‬ون بص‪##‬راخ‬
‫الكعبة‪ ،‬وهؤالء‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األك‪##‬اذيب من ج‪##‬وار الكعبة المش‪#‬رَّفة‪ ،‬و ِم ْن على من‪##‬ابر الح‪##‬رمين‪،‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ذلك حادثة اإلفك الجدي‪####‬دة ال‪####‬تي زعمت ب‪####‬أن قوتنا‬
‫وليس آخ‪ُ ####‬ر منا‬
‫منا‬
‫الصاروخية استهدفت مكة المكرمة بصاروخ‪ ،‬وال تلك الفتاوى من‬
‫ش‪##‬يوخ ق‪##‬رن الش‪##‬يطان ومف‪##‬تيهم‪ ،‬ال‪##‬تي تكفِّر اليمن‪##‬يين وتض‪##‬لِّلهم‪،‬‬
‫وتستبي ُح دما َءهم‪ ،‬وأموالَهم‪ ،‬ك‪##‬لُّ ذلك ن‪##‬و ٌ‬
‫ع من االس‪##‬تغالل الخ‪##‬بيث‬
‫للمقدس‪##‬ات اإلس‪##‬المية ض ‪َّ #‬د ما هو أك‪##‬ب ُر قدس‪##‬يةً وأعظ ُم حرم‪##‬ة‪ ،‬أال‬
‫وهو دماء المسلمين أطفاال ونساء‪ ،‬وشيوخا وشبانا‪.‬‬
‫وأما الدرس الرابع فهو أن ك َّل حُرٍّ ذي فط‪#‬رة س‪#‬وية يج‪#‬ري في‬
‫َف وي‪##‬رفُضُ أن يس‪##‬لّم قريبَه‬
‫عروقه بقي‪#‬ةُ دم‪##‬ا ٍء عربية وإنس‪##‬انية ي‪##‬أن ُ‬
‫‪127‬‬
‫‪127‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬
‫وأهلَه وبلدَه للمعتدي الخ‪##‬ارجي‪ ،‬فه‪##‬ؤالء مش‪##‬ركو ب‪##‬ني هاشم وب‪##‬ني‬
‫النبي محمد ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم للقتل‬
‫ِّ‬ ‫المطلب رفضوا تسلي َم‬
‫أنفةً وحميَّة‪ ،‬وصبروا على الحصار والجوع والضغط االقتص‪##‬ادي‬
‫واالجتماعي ولمدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وهنا نتساءل عن نوعية الدماء التي‬
‫المرتزقة والمنافقين الذين ص ‪#‬فَّقوا وهلَّل‪##‬وا‬
‫ِ‬ ‫تجري في عروق أولئك‬
‫للعدوان‪ ،‬ولتدمير بلدهم‪ ،‬نتساءل عن الدماء التي تجري في عروق‬
‫أولئك المشايخ المشجِّ عين للعدوان‪َ ،‬م ِن ا َّدعوا أن هذا الع‪##‬دوان أم ‪ٌ #‬ر‬
‫إلهي‪ ،‬وواجبٌ ش‪##‬رعي‪ ،‬بعد أن رأوا عش‪##‬رات اآلالف من األطف‪##‬ال‬
‫ٌّ‬
‫والنساء والمواطنين األبرياء هم ض‪##‬حايا ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان ‪ ..‬أيُّ دم‪##‬ا ٍء‬
‫فكر شيطاني ح َّل في أدمغتهم؟!‬
‫تجري في عروقهم؟! وأيُّ ٍ‬
‫ض‬ ‫ض ـ ُهم ِّمن بَ ْع ٍ‬ ‫وصدق هللا القائ‪##‬ل‪﴿ :‬ا ْل ُمنَــافِقُونَ َوا ْل ُمنَافِقَــاتُ بَ ْع ُ‬
‫ض ـونَ أَ ْيـ ِديَ ُه ْم نَ ُ‬
‫س ـو ْا‬ ‫يَأْ ُم ُرونَ بِا ْل ُمن َك ِر َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬
‫َن ا ْل َم ْعـ ُر ِ‬
‫وف َويَ ْقبِ ُ‬
‫هّللا َ فَنَ ِ‬
‫سيَ ُه ْم إِنَّ ا ْل ُمنَافِقِينَ ُه ُم ا ْلفَ ِ‬
‫اسقُونَ ﴾‪.‬‬
‫للمرتزقة والمنافقين اليوم سلَفا في‬
‫ِ‬ ‫وأما الدرس الخامس فهو أن‬
‫تلك الحادثة‪ ،‬إنه أبو لهب الذي لم ينفعه أنه كان ع َّم الرس‪##‬ول ص‪##‬لى‬
‫هللا عليه وآله وسلم؛ ألن ِح ْقدَه حملَه على أن يد ُخ َل في ذلك التحالف‬
‫التجار بمبال َغ كبيرة حتى‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ليغر َ‬
‫ِ‬ ‫ينزل إلى سوق مكة‬
‫الباغي‪ ،‬فكان ِ‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬ ‫‪128‬‬
‫‪128‬‬
‫يض‪##‬يِّق على إخوته وأطف‪##‬الهم وأق‪##‬اربهم في الحص‪##‬ول على وجبة‬
‫ااالخالسلف (أبو لهب) يسمع ضغاء األطفال‪ ،‬وبك‪##‬اءهم‪،‬‬
‫غذاء‪ ،‬كان هذا‬
‫ااالخ‬
‫فن‪ ،‬ولم ت‪###‬رمش له عين‪ ،‬وهو األمر ال‪###‬ذي يمضي‬‫ولم يه‪###‬ت َّز له ِج‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫والمن‪###‬افقون الي‪###‬وم وهم يح ِمل‪###‬ون مب‪###‬اخر‪ #‬الش‪###‬كر‬ ‫عليه المرتزقة‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫والتعظيم لق‪##‬ادة الع‪##‬دوان من الس‪##‬عوديين واألمريك‪##‬يين‪ ،‬وهم ي‪##‬رون‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا للع‪###‬دوان بحق األطف‪###‬ال والنس‪###‬اء في اليمن‪ ،‬وهم‬
‫الكارثية‬
‫منا‬ ‫النت‪###‬ائج‬
‫خطبة والج‪##‬وعى‪ ،‬والج‪##‬رحى‪ #،‬والن‪##‬ازحين‪ ،‬وقد تقطَّ َع ْ‬
‫ت‬ ‫يرون المرضى‪،‬‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وتناوش‪##‬هم الم‪##‬وت من كل مك‪##‬ان ‪ ..‬لكن الف‪##‬ارق أيها‬ ‫بهم الس‪##‬بل‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو واح‪##‬دا فق‪##‬ط‪ ،‬وه‪##‬ؤالء قد ض‪##‬اقت بهم فس‪##‬يحات‬ ‫هللا‬
‫ك‪##‬ان‬ ‫اإلخ‪##‬وة أنه‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ضـــ ُه ْم أَ ْولِيَـــاء بَ ْع ٍ‬
‫ض َوهَّللا ُ‬ ‫األرض من ك‪##‬ثرتهم‪﴿ ،‬وإِنَّ الظَّالِ ِمينَ بَ ْع ُ‬
‫منا‬
‫منا‬
‫َولِ ُّي ا ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬
‫أما الــدرس الســادس أيها اإلخــوة المصــلون ‪ ..‬فهو أنه س ‪#‬جّل‬
‫‪#‬ر ع‪##‬دوان‬
‫كث‪##‬ي ٌر من أح‪##‬رار‪ #‬كف‪##‬ار ق‪##‬ريش مواق‪##‬فَ حمي‪##‬دة في كس‪ِ #‬‬
‫الحص‪##‬ار‪ ،‬ومن ه‪##‬ؤالء أبو البخ‪##‬تري‪ ،‬وحكيم بن ح‪##‬زام بن خويل‪##‬د‪،‬‬
‫ابن أخي أم المؤمنين خديجة‪ ،‬ففي مرة من المرات كان يح ِمل ق ْمحا‬
‫إلى عمته خديجة وهى مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وس‪##‬لم في‬
‫ال ِّشعب‪ ،‬فاعترضه أبو جهل‪ ،‬وقال‪ :‬أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟‬
‫‪127‬‬
‫‪127‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة الثانية)‬
‫فق‪##‬ال له أبو البخ‪##‬تري‪ :‬طع‪##‬ا ٌم ك‪##‬ان لعمته عن‪##‬ده أفتمنعه أن يأتيَها‬
‫‪#‬بيل الرجل‪ .‬ف‪##‬أبى أبو جه‪##‬ل‪ ،‬فأخذ أبو البخ‪##‬تري‬
‫بطعامها!! خ‪##‬لِّ س‪َ #‬‬
‫بعير فضربه به فشجّه ووطئه وطئا شديدا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لِحْ َي‬
‫وكان هناك هشام بن عمرو من بني عامر بن ل‪##‬ؤي‪ ،‬وك‪##‬ان أح‪ُ #‬د‬
‫‪#‬ل‬‫أجداده أخا هاشم بن عبد مناف من أم‪##‬ه‪ ،‬فك‪##‬ان ال يفتأ يأ ُخ‪ُ #‬ذ الجم‪َ #‬‬
‫مح َّمال بالحبوب‪ ،‬في‪##‬ذهب به إلى فم الش‪##‬عب ليال ويطلقُه إلى الق‪##‬وم‪،‬‬
‫نقض الحص‪##‬ار‪ ،‬بعد‬
‫ِ‬ ‫ولما استم َّر الحصا ُر ق‪##‬ام أولئك النف‪ُ #‬ر ب‪#‬‬
‫‪#‬إعالن‬
‫ِ‬
‫كره عا َّمة القرشيين هذا اإلجراء الالإنساني‪.‬‬
‫أن ِ‬
‫والسؤال‪ :‬أين هم العلماء والمفكرون ال‪##‬ذين يزعم‪##‬ون اقت‪##‬دا َءهم‬
‫بالرس‪##‬ول ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم وس‪##‬نته؟ أين هم الحقوقي‪##‬ون‬
‫واإلنس‪##‬انيون من ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان؟ وأين هو الع‪##‬الم الع‪##‬ربي ؟ والع‪##‬الم‬
‫اإلسالمي؟ والعالم اإلنساني؟ لم ال تتح ‪#‬رَّك فيهم بعضُ إنس‪##‬انية كما‬
‫ـو َعلِ َم هّللا ُ فِي ِه ْم َخ ْيــراً أَّل ْ‬
‫سـ َم َع ُه ْم‬ ‫تحرَّكت في أولئك القرشيين؟! ﴿ َولَـ ْ‬
‫ضونَ ﴾‪.‬‬ ‫َولَ ْو أَ ْ‬
‫س َم َع ُه ْم لَت ََولَّو ْا َّوهُم ُّم ْع ِر ُ‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ﴿تِ ْلكَ الـدَّا ُر اآْل ِخـ َرةُ نَ ْج َعلُ َها لِلَّ ِذينَ‬
‫ساداً َوا ْل َعاقِبَةُ لِ ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬ ‫اَل يُ ِريدُونَ ُعلُ ّواً فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫ض َواَل فَ َ‬
‫قلت ما سمعتم‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬ ‫‪631136‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫أحم‪###‬ده وأس‪###‬تعينه‪ ،‬وأس‪###‬تهديه اله‪###‬دى‪ ،‬وأع‪###‬وذ به من‬
‫الحمدهلل طبة‬
‫طبة‬
‫وال‪###‬ردى‪ ،‬وأش‪###‬هد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محم‪###‬دا عب‪###‬ده‬
‫الض‪###‬اللة األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫صلىهو‬
‫هوهللا وسلم عليه وعلى آله ومن وااله‪.‬‬ ‫ورسوله‪ ،‬هللا‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫مناعباد هللا‪ ..‬فإن الدرس السابع من تلك ال‪##‬دروس هو‬
‫ثم أما بعد يا‬
‫منا‬
‫خطبةالم‪##‬رأةُ اليمني ‪#‬ةُ الي‪##‬وم‪ ،‬وهو أنه ثبتت أ ُّم المؤم‪##‬نين‬
‫تعيَه‬
‫خطبة‬‫يجبُ أن ِ‬
‫ما ِ‬
‫زوجها الن‪###‬بي ص‪###‬لى هللا عليه وآله وس‪###‬لم في ِّ‬
‫الش‪###‬عب‬ ‫خديجة معاألولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬
‫الذي س ّخرته جميعا لمواجهة الحصار‪ ،‬ومثَّ ْ‬ ‫هللا‬
‫لت ج ُْزءا‬ ‫بنفسها ومالها‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫‪#‬ال الم‪##‬ؤن‬
‫ك إنس‪##‬اني رائ‪##‬ع‪ ،‬ك‪##‬ان ه ُّمه األس‪##‬اسُ إدخ‪َ #‬‬
‫من دائر ِة تح‪##‬رُّ ٍ‬
‫منا‬
‫منا‬
‫المحاص ‪#‬رين‬
‫َ‬ ‫والغذاء سرا إلى الشعب‪ ،‬وتوف‪##‬ير لقمة العيش ألولئك‬
‫من األطفال والضعفاء‪ ،‬وب‪##‬ذلت مالها في ذل‪##‬ك‪ ،‬وأنفقت معظ َمه في‬
‫مال خديجة‬
‫ذلك الحصار‪ ،‬حتى جاء في األثر أن (اإلسالم قام على ِ‬
‫وسيف علي) عليهما السالم‪.‬‬
‫وما تفعله بنت اليمن اليوم هو اقتدا ٌء عظيم بهذه السيدة الكريمة‪،‬‬
‫وما أح‪##‬وج اليمن‪##‬يين الي‪##‬وم إلى أم‪##‬وال المتيس‪##‬رين‪ ،‬نس‪##‬اء ورج‪##‬اال‪،‬‬
‫أحوجنا‬
‫َ‬ ‫‪#‬ال الوف‪##‬ا ِء والعط‪##‬ا ِء‪ ،‬وما‬
‫أولئك ال‪##‬ذين ي‪##‬رون في خديجة مث‪َ #‬‬
‫‪135‬‬
‫‪135‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬
‫أيضا إلى سيوف األبطال المجاهدين‪ ،‬وبنادق المق‪##‬اتلين المؤم‪##‬نين‪،‬‬
‫ال‪###‬ذين ي‪###‬رون في اإلم‪###‬ام علي أس‪###‬وة حس‪###‬نة‪ ،‬وق‪###‬دوة عظيم‪###‬ة‪،‬‬
‫ض يَأْ ُم ُرونَ بِــا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫ض ُه ْم أَ ْولِيَا ُء بَ ْع ٍ‬
‫﴿ َوا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنَاتُ بَ ْع ُ‬
‫الصـالَةَ َويُ ْؤتُـونَ ‪ ‬ال َّز َكـاةَ َويُ ِطي ُعــونَ‬
‫َّ‬ ‫َن ا ْل ُمن َك ِر َويُقِي ُمــونَ‬
‫َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬
‫سولَهُ أُ ْولَـئِكَ َ‬
‫سيَ ْر َح ُم ُه ُم هّللا ُ إِنَّ هّللا َ َع ِزي ٌز‪َ  ‬ح ِكي ٌم﴾‪.‬‬ ‫هّللا َ َو َر ُ‬
‫أما الــدرس الثــامن ف‪##‬نرى أن أبا ط‪##‬الب قائ ‪َ #‬د أهل ذلك ِّ‬
‫الش ‪#‬عب‬
‫أعلن إيمانَه باهلل‪ ،‬وبرسوله‪ ،‬وأ َّكد لتحالف ذلك الع‪##‬دوان في خط‪##‬ا ٍ‬
‫ب‬
‫أه‪####‬ل ( ِّ‬
‫الش‪####‬عب) غ‪####‬ي ُر وارد؛ ألن أهله ال‬ ‫ِ‬ ‫ش‪####‬هير له أن تركي‪َ ####‬ع‬
‫يستسلمون‪ ،‬وال يملُّون الحرب حتى تملَّهم‪ ،‬لقد قال‪:‬‬
‫الض‪#‬رْ ِ‬
‫ب‬ ‫‪#‬ان َو ِب ّ‬ ‫وْص‪#‬ى َب ِني‪ِ #‬ه ِب ّ‬
‫الط َع ِ‬ ‫َو َأ َ‬ ‫َاش‪ٌ #######‬م َش‪ّ #######‬د َأ ْز َر ُه‬
‫ْس َأبُونَا ه ِ‬
‫أ َلي َ‬
‫َواَل ن َْش‪َ #‬ت ِكي َما َق ْ‪#‬د َي ُن‪#‬وبُ ِم ْن ال ّن ْك ِ‬
‫ب‬ ‫‪####‬رْب َح ّتى ت ََم ّلنَا‬
‫َ‬ ‫َو َل ْس‪####‬نَا ن ََم‪####‬لُّ ْال َح‬
‫ب‬ ‫رْواحُ ْال ُك َم‪#‬ا ِة ِم ْن ال‪ْ #‬‬
‫‪#‬رّع ِ‬ ‫‪#‬ار َأ َ‬
‫ط‪َ #‬‬‫َإذا َ‬ ‫‪#######‬ظ َوال ّن َهى‬
‫ِ‬ ‫َو َل ِك ّننَا َأ ْه‪#######‬لُ ْال َح َفا ِئ‬

‫وهنا وقد هيَّأ هللا له‪####‬ذه األمة اليمنية العظيمة قي‪####‬ادةً ُش‪####‬جاعة‬
‫ت ه‪##‬ذه‬
‫بموجب توجيها ِ‬
‫َ‬ ‫وحكيمة وصبورة‪ ،‬فال بد أن يتح ّركَ الناسُ‬
‫القيادة‪ ،‬حتى يأذن هللا بنصره لعب‪##‬اده الص‪##‬ابرين الث‪##‬ابتين‪ ،‬وأن ي ْعلَ َم‬
‫الحرب ح‪##‬تى نصر هللا‪ ،‬إنهم‬ ‫َ‬ ‫الطغاة المعتدون أن اليمنيين ال ي َملُّون‬
‫س ْبتُ ْم أَن تَد ُْخلُو ْا ا ْل َجنَّةَ َولَ َّما يَأْتِ ُكم‬
‫يمضون كما قال هللا تعالى‪﴿ :‬أَ ْم َح ِ‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬ ‫‪631136‬‬
‫ض َّراء َو ُز ْل ِزلُــو ْا َحتَّى‬ ‫ساء َوال َّ‬ ‫س ْت ُه ُم ا ْلبَأْ َ‬
‫َّمثَ ُل الَّ ِذينَ َخلَ ْو ْا ِمن قَ ْبلِ ُكم َّم َّ‬
‫ص ـ ُر هّللا ِ أَال إِنَّ نَ ْ‬
‫ص ـ َر هّللا ِ‬ ‫ااالخ َوالَّ ِذينَ آ َمنُــو ْا َم َعـهُ َمتَى نَ ْ‬‫س ـو ُل‬
‫ااالخ‬ ‫يَقُــو َل ال َّر ُ‬
‫طبة‬
‫طبة‬ ‫قَ ِر ٌ‬
‫يب﴾‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وأما الدرس التاسع فهو صدق النية مع هللا‪ ..‬إنه ل َّما علِم هللاُ من‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ق ني‪##‬اتهم‪ ،‬وعظي َم ثب‪##‬اتِهم لم‪##‬دة ثالث‬ ‫األقرب ِّ‬
‫الش‪##‬عب ص‪##‬د َ‬ ‫المس‪##‬لمين في‬
‫األقرب‬
‫مناعنايتُه الكريمة‪ ،‬وحضر لطفُه الخفي‪ ،‬فيسَّر أولئك‬
‫سنوات‪ ،‬تد َّخلت‬
‫منا‬
‫نقض صحيف ِة الحص‪##‬ار‪ ،‬وأرسل هللا جن‪##‬دا‬ ‫الفتية الذين خطبة‬
‫خطبة‬
‫تعاقدوا على‬
‫ِ‬
‫األولى‪:‬‬ ‫األولى‪:‬‬
‫وابتالع ما تعاق‪##‬دوا عليه فيه‪##‬ا‪ ،‬وهك‪#‬ذا ج‪##‬رت‬
‫ِ‬ ‫اللته‪#‬ام‬
‫ِ‬ ‫غير مرئ‪#‬يين‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫الص‪#‬بر والثب‪##‬اتَ واإلحس‪##‬انَ‬
‫َ‬ ‫سنة هللا في نصرة عباده يو َم يعل ُم منهم‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا واللجوء إليه‪.‬‬
‫به‬
‫وقوة االرتباطمنا‬
‫أال فاص‪###‬دقوا في ني‪###‬اتكم أيها اليم‪###‬نيون مع هللا‪ ،‬وأخلِص‪###‬وا له‬
‫الوجه‪##‬ة‪ ،‬وإن هللا معكم وس‪##‬وف تت‪##‬دخل عنايته الكريم‪##‬ة‪ ،‬وتعمكم‬
‫ِ‬
‫سبَقَتْ َكلِ َمتُنَا لِ ِعبَا ِدنَا ا ْل ُم ْر َ‬
‫سلِينَ‬ ‫رحمته العميمة‪ ،‬يقول تعالى‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد َ‬
‫صو ُرونَ ‪َ .‬وإِنَّ ُجن َدنَا لَ ُه ُم ا ْل َغالِبُونَ ﴾‪.‬‬
‫‪ِ .‬إنَّ ُه ْم لَ ُه ُم ا ْل َمن ُ‬
‫وأما الدرس العاشر فهو درس النتيجة كيف كانت؟ والغلبة لمن‬
‫ُكتِبَ ْ‬
‫ت؟ ألم يكن أبو جهل قائ ُد ذلك التحالف متبخ‪#‬ترا متكبِّرا يظن أنه‬
‫أهل ذلك ال ِّشعب؟ ألم يكن يظن أنهم سيأتونه بمحمد‬
‫بعد أيام سيُرْ ِكع َ‬
‫‪135‬‬
‫‪135‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬
‫ب ليقتله؟ لكن ماذا ك‪##‬انت النتيجة‬
‫صلى هللا عليه وآله وسلم عما قري ٍ‬
‫ولمن كان االنتصار في ذلك الحصار؟‬
‫المحاص‪####‬رون‪،‬‬
‫َ‬ ‫إننا س‪####‬نجد أن المنتص‪####‬رين هم المس‪####‬لمون‬
‫والصابرون الثابتون بقيادة النبي محمد ص‪##‬لى هللا عليه وآله وس‪##‬لم‪.‬‬
‫وكذلك ما سيحدث فينا اليوم إن شاء هللا تع‪##‬الى إذا ما ص‪##‬برنا وثبتنا‬
‫على موقفنا‪ ،‬وانطلقنا في جبهات الشرف والدفاع والذود ب‪##‬إخالص‬
‫ســـلَنَا‬ ‫وإيم‪###‬ان وتوكل على هللا‪ ،‬ألم يقل هللا تع‪###‬الى‪﴿ :‬إِنَّا لَنَ ُ‬
‫نصـــ ُر ُر ُ‬
‫ش َها ُد﴾‪.‬‬‫َوالَّ ِذينَ آ َمنُوا فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َويَ ْو َم يَقُو ُم اأْل َ ْ‬
‫وأما الدرس الحادي عشر فهو وضوحُ الح‪#‬ق‪ ،‬وظه‪#‬ورُ الص‪#‬دق‪،‬‬
‫ُ‬
‫وعالم‪###‬ات بطالنهم ظ‪###‬اهرة‪ ،‬ولو ع‪###‬اد‬ ‫ف‪###‬براهين أح ِّقيَّ ِتنا واض‪###‬حة‪،‬‬
‫ُ‬
‫الرس‪##‬ول (ص) إلى أوس‪##‬اطنا فهل يا ت‪##‬رى س‪##‬نجده متخن ‪ِ #‬دقا مع دول‬
‫مرتزقة‬
‫ِ‬ ‫العدوان األمريكي الص‪##‬هيوني؟ هل س‪##‬نراه جنبا إلى جنب مع‬
‫بالك ووتر؟ أو في صفوف الجنجويد؟ وهل سيؤيِّد بيان‪##‬ات الزن‪##‬داني‪،‬‬
‫وهرطقات صعتر بتدمير اليمن وقتل أطفالها ونسائها؟ وهل س‪##‬يبارك‬
‫تفجيرات القاعدة وداعش؟ هل س‪##‬يكون في صف الم‪##‬ترفين آل نهي‪##‬ان‬
‫وآل س‪#‬عود ضد ش‪#‬عب األوس والخ‪#‬زرج أهل الحكمة واإليم‪#‬ان؟ كال‬
‫ت أهلها‪ ،‬وأضلت أتباعها‪َ ﴿ ،‬ذ ِلــكَ ِبــأَنَّ الَّ ِذينَ‬
‫وهللا ‪ ..‬ولكنها األهوا ُء أع َم ْ‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬ ‫‪631136‬‬
‫اطـ َل َو َأنَّ الَّ ِذينَ آ َمنُــوا اتَّ َب ُعــوا ا ْل َحـ َّ‬
‫ق ِمن َّر ِّب ِه ْم َكـ َذ ِلكَ‬ ‫ـروا اتَّ َب ُعــوا ا ْل َب ِ‬ ‫َك َفـ ُ‬
‫ااالخ َأ ْم َثا َل ُه ْم﴾‪.‬‬
‫ض ِر ُب هَّللا ُ ِللنَّاااالخ ِ‬
‫س‬ ‫َي ْ‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫الــــدرس الثــــاني عشر فهو أن هللا جعل الش‪####‬دائد واآلالم‬ ‫وأما‬
‫األولى‪:‬‬ ‫األولى‪:‬‬
‫ص ‪#‬ب َْر المؤم‪##‬نين‪ ،‬وثب‪##‬اتَ الموق‪##‬نين‪،‬‬
‫ت شاقة‪ ،‬يختَبِر بها هللا َ‬
‫اختبارا ٍ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫وت‪###‬رتقي بص‪###‬ائرُهم‪ ،‬فتتطَهَّر من دنس ال‪###‬دنيا‪،‬‬
‫َ‬ ‫نفوس‪###‬هم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ل‪###‬تزكو‬
‫َ‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منافيستفيدون العفة‪ ،‬ويكسبون اإلخالص‪ ،‬ويربح‪##‬ون‬
‫وحقارة‪ #‬متاعها‪،‬‬
‫منا‬
‫وق‪####‬وة االرتب‪####‬اط باهلل‪ ،‬وحينئذ ت‪####‬تربَّى أنفس‪####‬هم على‬
‫التمحيص‪ ،‬خطبة‬
‫خطبة‬
‫‪#‬ذذون بال‪##‬دعاء والمناج‪##‬اة‪ ،‬ح‪##‬تى إذا انفتحت عليهم‬ ‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪َّ:‬‬
‫الطاع‪##‬ات‪ ،‬ويتل‪#‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ال‪##‬دنيا في الس‪##‬راء‪ ،‬نظ‪##‬روا إليها ب‪##‬العين ال‪##‬تي أراهم هللا إياها في‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫أبص‪###‬ارهم بريقُها ِ‬
‫وزب ِْرجُه‪###‬ا‪ ،‬يق‪###‬ول تع‪###‬الى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْش‬
‫مناع ِ‬
‫الض‪###‬راء‪ ،‬ولم يُ‬
‫منا‬
‫ــــو‬ ‫ــــونَّ ُك ْم َحتَّى نَ ْعلَ َم ا ْل ُم َجا ِهــــ ِدينَ ِمن ُك ْم َو َّ‬
‫الصــــابِ ِرينَ َونَ ْبلُ َ‬ ‫﴿ َولَنَ ْبلُ َ‬
‫أَ ْخبَ َ‬
‫ار ُك ْم﴾‪.‬‬
‫وأما الدرس الثالث عشر فهو أن االض‪##‬طهاد ال يقتل األه‪##‬داف‪،‬‬
‫وال يميت األفكار‪ ،‬بل إنما يزيد جذورها عمق‪##‬ا‪ ،‬وفروعها امت‪##‬دادا‪،‬‬
‫يز ْدنا بحمد هللا‬
‫وه‪##‬ذا الع‪##‬دوان والحص‪##‬ار الس‪##‬عودي األم‪##‬ريكي لم ِ‬
‫وقوته وبأسه إال قوة وثباتا ويقين‪##‬ا‪ ،‬وق‪##‬درة على خ‪##‬وض الغم‪##‬رات‪،‬‬
‫اسـت َِعينُوا بِاهّلل ِ‬ ‫ومهارة في تج‪#‬اوز األزم‪#‬ات‪﴿ ،‬قَــا َل ُم َ‬
‫وسـى لِقَ ْو ِمـ ِه ْ‬
‫‪135‬‬
‫‪135‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬
‫شـــا ُء ِمنْ ِعبَـــا ِد ِه َوا ْل َعاقِبَـــةُ‬ ‫اصـــبِ ُرو ْا إِنَّ األَ ْر َ‬
‫ض هّلِل ِ يُو ِرثُ َها َمن يَ َ‬ ‫َو ْ‬
‫لِ ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬
‫إنه هللا ‪ ..‬هو هللا المدبِّر والمعين والقادر والق‪##‬اهر‪ ،‬وكفى به وليا‬
‫وكفى به نصيرا‪.‬‬
‫أيها اإلخــوة المؤمنــون ‪ ..‬علينا أن نعي أنه مع كل عسر يس ‪#‬رٌ‪،‬‬
‫نواجه ه‪##‬ذا‬
‫ِ‬ ‫س ـراً﴾‪ ،‬علينا أن‬ ‫سراً ‪ .‬إِنَّ َم َع ا ْل ُع ْ‬
‫س ـ ِر يُ ْ‬ ‫﴿فَإِنَّ َم َع ا ْل ُع ْ‬
‫س ِر يُ ْ‬
‫وننص‪##‬ر‬
‫َ‬ ‫الحص‪##‬ار ب‪##‬أن نتع‪##‬اون في ما بيننا على ال‪##‬بر والتق‪##‬وى‪،‬‬
‫َ‬
‫الضعيفَ والمظلوم‪ ،‬ونصحِّ َح األخطاء‪.#‬‬
‫ن‪##‬تراحم ب‪##‬العطف على المس‪##‬اكين‪ ،‬وليش‪##‬عُرْ ك‪##‬لٌّ منا‬
‫َ‬ ‫علينا أن‬
‫بمسؤوليته تجاهَ ج‪##‬اره‪ #،‬وأخي‪##‬ه‪ ،‬وحيِّه‪ ،‬ومدينتِ‪##‬ه‪ ،‬وبل ‪ِ #‬ده‪ ،‬وأن نُفَعِّل‬
‫فينا قولَه تعالى‪ُ ﴿ :‬ر َح َما ُء بَ ْينَ ُه ْم﴾‪.‬‬
‫وعلى الدولة ممثلة برجالها أن يعملوا على خلق فُ َرص وموارد‬
‫الم‪###‬وار ِد المالي‪###‬ة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫تحس‪###‬ين‬
‫ِ‬ ‫(االقتص‪###‬اد المق‪###‬اوم)‪ ،‬ويعمل‪###‬وا على‬
‫وتنظيفِها من التخريب والتحايل والسرقات‪.‬‬
‫ت الخيرية مساعدة الفقراء والب‪##‬دء‬
‫وعلى الدولة أيضا والمؤسسا ِ‬
‫باألفقر منهم ثم األقل فق‪##‬را‪ ،‬وليكن للمجتمع في ه‪##‬ذا حظ ونص‪##‬يب‪،‬‬
‫وليحض‪###‬رْ في أوس‪###‬اطنا ج‪###‬و ُد خديجة أم المؤم‪###‬نين‪ ،‬وليحضر في‬
‫ُ‬
‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬ ‫‪631136‬‬
‫علي أمير المؤمنين‪ ،‬ومع ذلك سيكون النصر العظيم‬ ‫ُ‬
‫سيف ٍّ‬ ‫جبهاتنا‬
‫والخير العميم‪.‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫علينا أن طبة‬
‫طبة‬
‫نح‪#####‬يي التكافل االجتم‪#####‬اعي‪ ،‬وأن يعطف غنينا على‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫فقيرن‪##‬ا‪ ،‬وص‪##‬حيحنا على مريض‪##‬نا‪ ،‬وقوينا على ض‪##‬عيفنا‪ ،‬وأن نقيم‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ولن‪###‬ترك الرب‪###‬ا‪ ،‬ال‪###‬ذي تو َّعد هللا بح‪###‬رب‬
‫ِ‬ ‫األقربالخ‪###‬ير‪،‬‬
‫الع‪###‬دل‪ ،‬وننشر‬
‫األقرب‬
‫‪#‬ي ال‪##‬تي تمنع قطر الس‪##‬ماء‪ ،‬وتقطع‬
‫ولن‪##‬ترك المعاص‪َ #‬‬
‫المتعاطين به‪،‬منا‬
‫منا‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫بركات األرض‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫نفوس‪#‬هم‬
‫ُ‬ ‫وعلى الموسرين منا أن ينفق‪##‬وا من أم‪##‬والهم ما به تزكو‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ص ـ َدقة تُط ِّه ُر ُه ْم َوتُــزَ ِّكي ِهم بِ َها﴾‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األقرب﴿ ُخذ ِمنْ أ ْمـ َ‬
‫ـوالِ ِه ْم َ‬ ‫وتكثر بركاتهم‪،‬‬
‫األقرب‬
‫ُ‬
‫ونعلن االنتص‪###‬ار على ه‪###‬ذا‬ ‫س‪###‬يأتي نصر هللا القه‪###‬ار‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬ ‫وحينئ‪ٍ ###‬ذ‬
‫الحصار‪.‬‬
‫هذا وصلوا وسلموا على من أمركم هللا بالصالة والس‪##‬الم علي‪##‬ه‪،‬‬
‫ص ـلُّونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا‬
‫فقال ع َّز من قائل عليم‪##‬ا‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَ ـهُ يُ َ‬
‫سلِي ًما﴾‪..‬‬ ‫سلِّ ُموا تَ ْ‬ ‫أَ ُّي َها الَّ ِذينَ آَ َمنُوا َ‬
‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫شفيع الع‪##‬والِم‪ ،‬أبي‬
‫ِ‬ ‫وبارك وتر ّح ْم وتحنَّ ْن على‬
‫ِ‬ ‫اللهم فصل وسلِّم‬
‫القاس‪#####‬م‪ ،‬محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب بن هاش‪#####‬م‪ ،‬وعلى آله‬
‫الطي‪##‬بين الط‪##‬اهرين‪ ،‬خصوصا موالنا أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين علي بن أبي‬
‫‪135‬‬
‫‪135‬‬ ‫االنتصار على الحصار (الخطبة األولى)‬
‫ط‪###‬الب‪ ،‬وس‪###‬كنه الح‪###‬وراء‪ ،‬فل‪###‬ذة قلب المص‪###‬طفى‪ ،‬وخامسة أهل‬
‫الكساء‪ ،‬وولديهما اإلمامين السعيدين الشهيدين‪ ،‬أبي محمد الحس‪##‬ن‪،‬‬
‫وأبي عبدهللا الحس‪#####‬ين‪ ،‬ورضي هللا عن ص‪#####‬حابته الراش‪#####‬دين‬
‫والت‪##‬ابعين له بإحس‪##‬ان إلى ي‪##‬وم ال‪##‬دين‪ ،‬وعلينا ووال‪##‬دينا برحمتك يا‬
‫أرحم ال‪##‬راحمين‪ ..‬ربنا أف‪##‬رغ علينا ص‪##‬براً وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا ال ت‪##‬زغ قلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫أنت الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي‬ ‫ســ ِ‬ ‫اإل ْح َ‬ ‫أيها المؤمن‪##‬ون ‪﴿ ..‬إِنَّ هّللا َ يَــأْ ُم ُر بِا ْل َع ـد ِْل َو ِ‬
‫شـــــاء َوا ْل ُمن َكـــــ ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َن ا ْلفَ ْح َ‬ ‫ا ْلقُ ْ‬
‫ـــــربَى َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬

‫‪ -9‬العدوان الناعم‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫طبة‬ ‫الخطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوالمعتص‪##‬مين‪ ،‬وحصن الالئ‪##‬ذين‪ ،‬والحمدهلل مش ‪ّ #‬يء‬
‫كلمةهو‬
‫بسم هللا هللا‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرباألرض والس‪###‬ماء‪ ،‬مالك زم‪###‬ام القل‪###‬وب‪ ،‬وع‪###‬الم‬
‫األش‪###‬ياء‪ ،‬ورب‬
‫منا‬ ‫منا‬
‫والغيوب‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال ش‪##‬ريك ل‪##‬ه‪ ،‬وال‬ ‫األسرار‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫عديل‪ ،‬وال مثيل‪ ،‬وأشهد أن سيدَنا وسندَنا محم‪##‬دا عب ُدهللا ورس‪##‬وله‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوللعالمين‪ ،‬وبشيرا ونذيرا لي‪##‬وم ال‪##‬دين‪ ،‬اللهم فص‪##‬لِّ‬‫رحمة‬
‫هو‬ ‫أرسله هللا هللا‬
‫هللا‬
‫نج‪##‬وم االهت‪##‬داء‪ ،‬وأعالم االقت‪##‬داء‪ ،‬وس‪##‬لِّم تس‪##‬ليما‬ ‫عليه وعلى آله‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬ ‫كثيرا‪.‬‬
‫ثم أما بعد أيها اإلخوة المؤمنون‪..‬‬

‫لع‪###‬دوان غاشم‬
‫ٍ‬ ‫فإنه بينما يتع‪###‬رّض اليمن من أدن‪###‬اه إلى أقص‪###‬اه‬
‫ويحاص‪#‬ر أبن‪##‬اؤه من كل ش‪##‬يء‪ ،‬ويتق‪َّ #‬دم األبط‪##‬ال لخ‪##‬وض‬
‫َ‬ ‫ومدمر‪،‬‬
‫الغمرات‪ ،‬ونزف ك َّل يوم شهدا َءنا العظماء إلى روض‪##‬ات الجن‪##‬ات‪،‬‬
‫ويقص ُ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫المجازر اليومية بحق األطفال والنساء‪،‬‬
‫َ‪#‬‬ ‫ُ‬
‫العدوان‬ ‫ويرت ِكب‬
‫‪#‬دارس‪ ،‬وقاع‪##‬ات األع‪##‬راس‪ ،‬وباألس‪##‬لحة‬
‫َ‬ ‫والمشافي‪ ،‬والم‪#‬‬
‫َ‬ ‫األسواقَ‪،‬‬
‫‪145‬‬
‫‪145‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬
‫المحرمة‪ ،‬وتتلهّب قلوبُ اليمن‪##‬يين األح‪##‬رار‪ #‬حماسة وجه‪##‬ادا‪ ،‬إذا بنا‬
‫نجد في مش‪##‬هد غ‪##‬ريب على الط‪##‬رف اآلخَر أن شاش‪##‬ات التلف‪##‬زة قد‬
‫برن‪##‬امج غن‪##‬ائي ق‪ّ ##‬دموا فيه مغنيا كيم‪##‬ني وكبط‪##‬ل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ر ّك‪##‬زت على‬
‫ويطلبون من الجماهير إرسال رسائل التصويت له‪.‬‬
‫طرون أروع المالحم‪ ،‬إذا بنا‬ ‫وبينما الجيش واللج‪##‬ان الش‪##‬عبية يس‪ِّ ##‬‬
‫منظمة مغمورة تتحرك في إح‪#‬دى الم‪#‬ديريات تش‪#‬جِّع فيها النس‪#‬اء‬ ‫نجد َّ‬
‫ت ودي‪##‬ة‪ ،‬وتتكفل ل‪##‬ذلك ب‪##‬دفع‬
‫على فتح أندية رياض‪##‬ية‪ ،‬وعق ‪ِ #‬د مباري‪##‬ا ٍ‬
‫المصاريف والنفقات‪.‬‬
‫وحين أُ ْع ِلن َْت مديرية من م‪#‬ديريات الس‪#‬احل الته‪#‬امي مدينة منكوبة‬
‫بالتجويع والحصار‪ ،‬وسارع الخيِّرون إلس‪##‬عاف أه ِلها ب‪#‬المواد الغذائية‬
‫‪#‬افز إلى تلك المنطقة لتوزيع‬‫والصحية‪ ،‬إذا ببعض ه‪##‬ذه المنظم‪##‬ات تتق‪ُ #‬‬
‫ب م ْن ِع الحمل‪ ،‬وما شاكل ذلك!!‪ .‬ثم ت‪#‬رى هنا أو‬
‫الواقي الذكري وحبو ِ‬
‫ت لكي يش‪##‬رح للفتي‪##‬ان م‪##‬ادة يس‪##‬ميها‬
‫ش والن‪##‬دوا ِ‬
‫‪#‬و َر َ‬
‫هن‪##‬اك من يع ِقد ال‪ُ #‬‬
‫(الثقافة الجنسية)‪.‬‬
‫أما إذا جئنا إلى وس‪##‬ائل اإلعالم والتواصل االجتم‪##‬اعي وما تبثه‬
‫من أكاذيب مما يسمى بح‪##‬رب األعص‪##‬اب أو الح‪##‬رب النفس‪##‬ية‪ ،‬وما‬
‫‪#‬اعم‪،‬‬
‫‪#‬ار ن‪ِ #‬‬
‫تقدِّمه من أفكار قاتلة للشباب والمراهقين والفتيات في إط‪ٍ #‬‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬
‫‪#‬رقَت به‬
‫ووع‪##‬ا ٍء ليِّن‪ ،‬فإنه الش‪##‬يء الكث‪##‬ير والكث‪##‬ير‪ ،‬دع عنك ما أغ‪َ #‬‬
‫اإلعالم الع‪##‬المي من‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ااالخ‪ُ #‬‬
‫‪#‬وات الخليعة والماجنة س‪##‬و َ‬ ‫والقن‬
‫ش‪##‬بكة النت ااالخ‬
‫ص‪##‬ص ت‪##‬دعو لالنحالل‪ ،‬وت‪##‬زيِّن‬
‫ٍ‬ ‫وأخب‪##‬ار وقِ‬
‫ٍ‬ ‫ور‬ ‫طبة‬
‫وص‪ٍ ##‬‬
‫ت ُ‬
‫طبة‬ ‫في‪##‬ديوها ٍ‬
‫ب أخريات‪.‬‬ ‫األولى‪:‬ال‬
‫األولى‪ :‬تأتي عليه هذه الخطبة وال عش ُر خط ٍ‬
‫الفساد‪ ،‬فهذا ما‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬دوان الن‪##‬اعم ال‪##‬ذي تحرِّ ُكه‬
‫األقربالكــرام ‪ ..‬إن هذا هو الع‪ُ #‬‬
‫أيها اإلخــوة‬
‫األقرب‬
‫على بلدنا وشبابنا‪ ،‬يريدون أن يهزمونا به في أخالقِنا‬
‫قوى العدوان منا‬
‫منا‬
‫ت‪###‬دمير مجتمعنا أخالقيا مثلما د َّمروه مش‪###‬اري َع‬
‫َ‬ ‫وقيمن‪###‬ا‪ ،‬خطبة‬
‫خطبة‬
‫يري‪###‬دون‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫يري‪##‬دون ت‪##‬وهينَ ع‪##‬راه‪ ،‬وإض‪##‬عافَ قوت‪##‬ه‪ ،‬وإغراقَه‬ ‫ت‪،‬‬
‫ومؤسس‪##‬ا ٍ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫بالفساد واالنحالل‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫من ‪ 14‬ألف منظمة!! تص‪َّ #‬وروا ‪ 14‬ألف منظم‪#‬ة!!‬
‫هناك أكثر منا‬
‫منا‬
‫مسجَّلة لدى وزارة الشؤون االجتماعي‪##‬ة‪ ،‬منها ما ت ‪ّ #‬دعي أنها معنية‬
‫بحق‪#‬وق اإلنس‪#‬ان‪ ،‬وأخ‪##‬رى بحق‪##‬وق الم‪##‬رأة‪ ،‬وثالثة بحق‪#‬وق الطف‪#‬ل‪،‬‬
‫ورابعة ب‪#####‬أمر المعتقلين‪ ،‬وخامسة عن الن‪#####‬ازحين‪ ،‬وسادسة عن‬
‫السياسيين‪ ،‬والعشرين عن البيئة‪ ،‬والمئة عن الحيوان‪ ،‬واأللف عن‬
‫التربية الموس‪##‬يقية‪ ،‬والعش‪##‬رة األلف للت‪##‬دريب على حل النزاع‪##‬ات‪،‬‬
‫وهكذا دواليك‪ ،‬منظمات وجمعيات ال ح ‪َّ #‬د لها وال حص‪##‬ر‪ ،‬ما أك‪َ #‬‬
‫‪#‬ثر‬
‫عددها‪ ،‬وأقل فوائدَها‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫‪145‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬
‫بعض هذه المنظمات‪ ،‬ولكن يجب‬
‫ِ‬ ‫ال أش ِّك ُك أيها اإلخوة في إيجابية‬
‫ت‬
‫‪#‬داف وممارس‪##‬ا ِ‬
‫الح‪##‬ذر‪ ،‬ودق ن‪##‬اقوس الخط‪##‬ر‪ ،‬والتح‪##‬ري ح‪##‬ول أه‪ِ #‬‬
‫ت كلٍّ منه‪##‬ا‪ ،‬فما وافق عملُها دينَنا وثوابتنا الدينية واألخالقي‪##‬ة‪،‬‬
‫وسلوكا ِ‬
‫ق ِبلنا بها‪ ،‬وما لم تكن كذلك رفضناها‪ ،‬ويجب على الدولة مراقبة ذلك‪،‬‬
‫وإذا َّ‬
‫قص‪######‬ر بعض موظفيها أو خ‪######‬انوا ذم َمهم ودينَهم فيجب على‬
‫ص‪##‬ن حص‪##‬ين من ال‪##‬وعي‪ ،‬وأن ال يقع في‬
‫ٍ‬ ‫المجتمع أن يك‪##‬ون في ِح‬
‫كثير من تلك المنظم‪##‬ات المش‪#‬بوهة‪ .‬على أنه ثبت قطعا أن‬
‫وفخ ٍ‬‫شرك ِّ‬‫َ‬
‫يمولها العدوان وي‪#‬ؤ ِّثر في تقاريرها وتوجهاته‪#‬ا؛‬
‫معظ َم تلك المنظمات ِّ‬
‫وهذا ما يجعلُها َ‬
‫غير مأمونة‪.‬‬
‫ت حق‪##‬وق اإلنس‪##‬ان‪ :‬أين‬
‫أيها اإلخــوة األكــارم ‪ ..‬اس‪##‬ألوا منظم‪##‬ا ِ‬
‫دورُها إزا َء أفظع االنتهاك‪###‬ات الحقوقية لإلنس‪###‬ان اليم‪###‬ني على يد‬
‫ط‪###‬ائرات وص‪###‬واريخ ومرتزقة ه‪###‬ذا الع‪###‬دوان؟ م‪###‬اذا أغنت ه‪##‬ذه‬
‫المنظم‪##‬ات؟ وأين مص‪##‬داقيتها في تقاريرها ال‪##‬تي تخ ‪#‬رُج بين الحين‬
‫واآلخر على اس‪###‬تحياء؟ وأين دور منظم‪###‬ات الم‪###‬رأة وقد ُس‪ِ ###‬حقَت‬
‫المرأة اليمنية قتال وقصفا؟‪ #‬وماذا أغنت منظمات الطفولة لعش‪##‬رات‬
‫اآلالف من األطف‪####‬ال ش‪####‬هداء‪ ،‬وج‪####‬رحى‪ #،‬ومئ‪####‬ات اآلالف من‬
‫النازحين؟‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬
‫وإذا ك‪###‬ان أك‪###‬بر ه‪###‬ذه المنظم‪###‬ات هي منظمة األمم المتح‪###‬دة‪ ،‬قد‬
‫إدراج الس‪##‬عودية في القائمة الس‪##‬وداء ال‪##‬تي تضم قتلة‬ ‫ت‪##‬راجعت عن‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫الدعم المالي‪ ،‬فما بالُكم بص‪##‬غريات ه‪##‬ذه‬
‫ِ‬ ‫بوقف‬
‫ِ‬ ‫التهديد‬
‫األطفال‪ ،‬بسببطبة‬
‫طبة‬
‫أله‪##‬داف حزبية‬
‫ٍ‬ ‫المنظم‪##‬ات؟األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫وال‪##‬تي كث‪##‬ير منها امتهن العمل الم‪##‬دني‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫وسياس‪##‬ية‪ ،‬هللا‬
‫والكث‪##‬ير منها أنش‪##‬أها ض‪##‬عفاء النف‪##‬وس للكسب الشخصي‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫المادي تحت ستار العمل المدني والخيري‪.‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫تعلم‪###‬ون أيها اإلخ‪###‬وة ‪ ..‬أن ح‪###‬والي ‪ %70‬من أم‪###‬وال‬
‫ثم هل خطبة‬
‫خطبة‬
‫ب الق‪##‬ائمين عليه‪##‬ا؟ ثم هل‬
‫المحترمة منها ي‪##‬ذهبُ إلى جي‪##‬و ِ‬ ‫َّ‬
‫المنظم‪##‬ات األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫‪#‬ير منها ين ِّفذ أجن‪##‬دة الع‪##‬دوان الن‪##‬اعم!! وما أدراكم ما‬
‫هو‬
‫هو‬ ‫تعلم‪##‬ون أنهللا‬
‫هللا‬
‫الكث‪#‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫العدوان الناعم؟!!‬
‫منا‬
‫منا‬
‫أخالقي ش‪##‬ديد‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ج‬
‫‪#‬ر ٍ‬
‫في ع‪##‬ام ‪2004‬م بعد أن تعرَّضت أمريكا لح‪َ #‬‬
‫ولتكاليفَ مالية باهظة بسبب حروبها التي أشعلتها في بلدان العالم‪،‬‬
‫وضع جوزيف ناي ‪ -‬رئيس المخابرات الوطنية األمريكية ورئيس‬
‫إحدى جامعاتها ‪ -‬نظريةَ الحرب الناعمة‪ ،‬والتي تعني "القدرة على‬
‫الحص‪###‬ول على ما تريد عن طريق الجاذبية ب‪###‬دالً عن اإلرغ‪###‬ام"‪،‬‬
‫وأصدر كتابا ً بعنوان "القوة الناعمة"‪ ،‬وقال ناي أيض ‪#‬ا ً‪َّ " :‬‬
‫إن الق‪##‬وة‬
‫‪#‬دول أعم‪#‬ال‬
‫‪#‬اط على حس‪##‬اب ج‪ِ #‬‬
‫وكس‪#‬ب النق‪ِ #‬‬
‫َ‬ ‫التالعب‬
‫َ‬ ‫الناعمة تع‪#‬ني‬
‫‪145‬‬
‫‪145‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬
‫ُ‬
‫بص‪###‬مات ه‪###‬ذا التالعب‪ ،‬وفي نفس‬ ‫اآلخ‪###‬رين‪ ،‬من دون أن تظهر‬
‫الوقت منع اآلخَ‪ #‬رين من التعب‪#‬ير عن ج‪ِ #‬‬
‫‪#‬دول أعم‪#‬الِهم وتفض‪##‬يالتهم‬
‫وتصوراتهم الخاصة"‪.‬‬
‫مشروع يخت‪##‬ا ُر الق‪##‬وةَ الناعمة إلى ج‪##‬انب‬
‫ٍ‬ ‫أيها اإلخوة‪ ..‬إننا أما َم‬
‫القوة الصلبة (المادية العسكرية واالقتص‪##‬ادية)‪ ،‬يخطِّطُ ليخرِّ بَنا من‬
‫الفاع‪##‬ل‬
‫َ‬ ‫غ‪##‬ير أن ن‪##‬رى‬
‫ِ‬ ‫داخلِن‪##‬ا‪ ،‬وليس‪##‬قطَنا بأي‪##‬دينا وأدواتن‪##‬ا‪ ،‬من‬
‫المباشر‪.‬‬
‫ِ‬
‫والع‪###‬دوان الن‪###‬اعم؛ وذلك أن‬
‫ِ‬ ‫وثمة ف‪###‬ر ٌ‬
‫ق بين الح‪###‬رب النفس‪###‬ية‬
‫الحرب الناعمة تر ّكز بأساليبها على االس‪##‬تمالة والجاذبية وال‪##‬تزيين‬
‫واإلغواء‪ ،‬بطريقة غير مباشرة وال ْ‬
‫تظهَ ُر للعيان‪ ،‬وبدون أن تتركَ‬
‫ت للع‪##‬دو‪ ،‬وتس‪##‬ته ِدف الجمي‪##‬ع‪ ،‬وتنخر في مفاصل المجت َمع‬
‫بص‪##‬ما ٍ‬
‫المست ْهدَف‪ ،‬ومن موقع الصداقة‪ ،‬وادع‪##‬اء الخيري‪##‬ة‪ ،‬والس‪##‬الم‪ ،‬وفي‬
‫متنوعة ج‪###‬داً‪ ،‬أي أنها وس‪###‬يلة ش‪###‬يطانية‬
‫كل األوق‪###‬ات‪ ،‬وبوس‪###‬ائل ِّ‬
‫متسترة‪.‬‬
‫‪#‬دمير‬
‫‪#‬ام الع‪##‬دو وت‪ِ #‬‬ ‫أما الحرب النفسية والدعائية فتر ِّك ُز على إرغ‪ِ #‬‬
‫بشكل علني‬
‫ٍ‬ ‫إرادته ومعنوياته بصورة شب ِه مباشرة وعلنية‪ ،‬وتُ َو َّجهُ‬
‫والص‪##‬لبة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والمتراص‪##‬ة والمتماس‪##‬كة‬ ‫الكت‪##‬ل المنظَّمة‬
‫ٍ‬ ‫وأساسي نحو‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬
‫مثل‪ :‬الجي‪##‬وش والحكوم‪##‬ات والمنظّم‪##‬ات والجماع‪##‬ات‪ #‬والقي‪##‬ادات‬
‫وهزيمتها نفسيا‪.‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬ ‫لكسرها‬
‫أيها اإلخوةطبة‬
‫طبة‬
‫المصلون ‪ ..‬إن "هللا تعالى قد عرَّفنا على هذه الق‪##‬وة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫الناعمة في كتابه الك‪##‬ريم منذ ب‪##‬دء الخليقة مع إبليس‪ ،‬ال‪##‬ذي رفض‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫الس‪##‬جو َد آلدم عليه الس‪##‬الم‪ ،‬فط‪##‬رده من الجن‪##‬ة‪ ،‬عن‪##‬دها طلب طلب ‪#‬ا ً‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫ـو ِم يُ ْب َعثُــونَ ﴾‪،‬‬ ‫ب فَــأ َ ِ‬
‫نظ ْرنِي إِلَى يَـ ْ‬ ‫واح‪##‬داً من ربمنا‬
‫مناالع‪##‬المين‪﴿ ،‬قَــا َل َر ِّ‬
‫تعالى له بإبقائه حيا ً إلى نهاية الحياة الدنيا‪﴿ ،‬قَــا َل فَإِنَّكَ‬ ‫فاستجاب هللاخطبة‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ـوم﴾‪ ،‬ثم أعلن إبليسُ اتجاهَه‬ ‫ـو ْق ِ‬
‫ت ا ْل َم ْعلُـ ِ‬ ‫ِمنَ ا ْل ُمنظَ ِرينَ * إِلَى يَـ ِ‬
‫ـوم ا ْلـ َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ـو ْيتَنِي ألُزَ يِّنَنَّ لَ ُه ْم‬‫ب بِ َمآ أَ ْغـ َ‬‫األقرب‪##‬ا ِد واإلغ‪##‬واء‪﴿ :‬قَــا َل َر ِّ‬ ‫للوسوس ِة واإلفس‬
‫األقرب‬
‫صينَ ﴾‪.‬‬ ‫ض َوألُمناْغ ِويَنَّ ُه ْم أَ ْج َم ِعينَ * ِإالَّ ِعبَادَكَ ِم ْن ُه ُم ا ْل ُم ْخلَ ِ‬
‫منا‬ ‫ِفي األَ ْر ِ‬
‫إنَّها إرادة هللا تعالى‪ ،‬أن يكون إبليس جزءا من المحنة والبلوى‪،‬‬
‫ورم‪##‬زا للفس‪##‬اد واالنح‪##‬راف‪ ،‬من دون أن يملِ‪##‬كَ الس‪##‬يطرةَ المادِّية‬
‫المباش‪####‬رة على أح‪####‬د‪ ،‬فهو يعمل ب‪####‬اإلغواء والزينة والت‪####‬دليس‬
‫س*‬ ‫س * ِإلَ ـ ِه النَّا ِ‬
‫ـك النَّا ِ‬ ‫ب النَّا ِ‬
‫س * َملِـ ِ‬ ‫ـر ِّ‬ ‫والوسوسة‪﴿ :‬قُ ْل أَ ُعـ ُ‬
‫ـوذ بِـ َ‬
‫‪#‬ل‬
‫‪#‬ل عس‪##‬كري‪ ،‬وال بعم‪ٍ #‬‬ ‫س﴾‪ ،‬فال يقو ُم بعم‪ٍ #‬‬ ‫س ا ْل َخنَّا ِ‬
‫س َوا ِ‬‫ِمن ش َِّر ا ْل َو ْ‬
‫مادِّيٍّ مباشر‪ ،‬وكل أعماله تدور حول التدليس والزينة والوسوس‪##‬ة‪،‬‬
‫ويتحمل اإلنسان بعد ذلك مسؤولية اختياره لهذا الفعل أو ذاك‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫‪145‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬
‫أما َمن هو ال‪##‬ذي س‪##‬يتأث ُر به‪##‬ذه الق‪##‬وة الناعمة اإلبليس‪##‬ية ع‪##‬بر‬
‫التاريخ وفي الحاضر‪ #‬وفي المستقبل‪ ،‬فقد قال هللا تعالى‪﴿ :‬لِيَ ْج َع َل َما‬
‫اسيَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوإِنَّ‬ ‫ش ْيطَانُ فِ ْتنَةً لِّلَّ ِذينَ فِي قُلُوبِ ِهم َّم َر ٌ‬
‫ض َوا ْلقَ ِ‬ ‫يُ ْلقِي ال َّ‬
‫اق بَ ِعي ٍد﴾‪ ،‬إنهم الذين في قلوبهم مرض‪ ،‬والقاس‪##‬ية‬ ‫شق َ ٍ‬ ‫الظَّالِ ِمينَ لَفِي ِ‬
‫قل‪###‬وبهم‪ ،‬أي أولئك ال‪###‬ذين ل‪###‬ديهم قابلية مس‪###‬بقة‪ ،‬وأرض‪###‬ية متهيئة‬
‫لالنح‪#‬راف‪ ،‬فيت‪#‬أثروا به‪#‬ذه اإلغ‪#‬راءات ال‪#‬تي يق‪#‬وم بها إبليس (لعنه‬
‫ق خلُص‬‫هللا)‪ .‬قال أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين علي عليه الس‪##‬الم‪( :‬ولو أن الح ‪َّ #‬‬
‫من لَبس الباطل النقطعت عنه ألس ُُن المعاندين‪ ,‬ولكن ي ُْؤخَ ذ من هذا‬
‫‪#‬غث فيُ ْمزَج‪##‬ان‪ ،‬فهنالك يس‪##‬تولي الش‪ُ #‬‬
‫‪#‬يطان على‬ ‫ضغث ومن هذا ض‪ٌ #‬‬
‫ٌ‬
‫أوليائه‪ ,‬وينجو الذين سبقت لهم من هللا الحسنى)"‪.‬‬
‫وإذا عرفنا أن الشيطان األك‪##‬بر أمريكا والص‪##‬هيونية العالمية مع‬
‫ق‪##‬رن الش‪##‬يطان هم من يتحرَّك‪##‬ون في ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان بش‪##‬قيه الص‪##‬لب‬
‫علم بأننا أمام منظومة ش‪##‬يطانية‪،‬‬
‫والناعم‪ ،‬فإننا يجب أن نكون على ٍ‬
‫تشن عدوانا مختلِف األساليب‪ ،‬وأخطرُه ما ك‪##‬ان على طريقة إبليس‬
‫اللعين‪ ،‬من الوسوسة وال‪##‬تزيين‪ ،‬فلنح‪##‬ذرْ غاية الح‪##‬ذر‪ ،‬ولنكن على‬
‫بيِّنة من األمر‪.‬‬
‫أيها اإلخوة اليمانيون ‪ ..‬لقد ُخطِّط لهذا العدوان من وق ٍ‬
‫ت مبكر‪،‬‬
‫‪#‬ط‬
‫‪#‬رق أوس‪ٍ #‬‬
‫وهو أحد مشاريع األمريكان والص‪##‬هاينة في ص‪#‬ناعة ش‪ِ #‬‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬
‫مش‪##‬حون بالع‪##‬داوات واألحق‪##‬اد‪ ،‬وال س‪##‬يما بين المس‪##‬لمين‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫جدي‪##‬د‪،‬‬
‫مملكة ق‪##‬رن الش‪##‬يطان بغيتَهم وأداتَهم ال‪##‬تي ص‪##‬نعوها‬
‫ووج‪##‬دوا فيااالخ‬
‫ااالخ‬
‫حرب‪ِ ###‬ة اعت‪###‬داءاتهم‪ ،‬وقد اس‪###‬تغفل الش‪###‬يطان بعض‬
‫رأسطبة‬
‫طبة‬ ‫َ‬ ‫لتك‪###‬ونَ‬
‫‪#‬اء فق‪##‬الوا‪ :‬إن س‪##‬بب الع‪##‬دوان هو من‪##‬اورة عس‪##‬كرية‬‫المغفلين والبُلَه‪#‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هو إعادة شرعية ألحد عمالئهم‪ ،‬أو أي شيء آخر‪.‬‬
‫أو‬
‫حدودهم‪،‬هو‬
‫هللا‬
‫هللا‬ ‫على‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫األمر مختلف تمام ‪#‬ا ً ‪ ..‬ففي بداية ع‪##‬ام ‪2014‬م أوصت‬ ‫غ‪##‬ير أن‬
‫منا‬
‫منا‬
‫بج َّدة‪،‬‬
‫رسالة ماجستير مق َّدمة في جامعة‪ #‬األمير نايف للعلوم األمنية ِ‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫بض‪##‬رورة إيج‪##‬اد حكومة ونظ‪##‬ام (موال‪##‬يين للس‪##‬عودية) في اليمن‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ْ‬
‫صت هذه الدراسة إلى أن‬ ‫ُ‬
‫لمواجهة ما يسمونه النفوذ اإليراني‪ ،‬وخل َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬وة ناعمة – وض‪##‬عوا خطا تحت كلمة ق‪##‬وة ناعمة –‬
‫لدول الخليج "ق‪#‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا َّم اكتش‪##‬افُها وتفعيلُها ح‪##‬تى اآلن‪ ،‬ومن الض‪##‬روري‬
‫ق‪##‬وة ناعمة لم يت‬
‫منا‬
‫مساهمة هذه القوة إلى جانب القوة الخشنة ال‪##‬تي تحت‪##‬اج إلى تط‪##‬وير‬
‫وتنويع مست ِمر في الجودة والمصدر"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وهاكم يا من ت‪#‬ردِّدون جملة‪( :‬ال رحم هللا من ك‪#‬ان الس‪#‬بب) بقص‪ٍ #‬د‬
‫سيء‪ ،‬هاكم ما قاله المح ِّلل االستراتيجي العس‪##‬كري والعقيد األم‪##‬ريكي‬
‫في الـ(سي إن إن) ريك فرانكونا حيث ق‪##‬ال‪ :‬إن الح‪##‬رب على اليمن‬
‫َّ‬
‫مخططا له قبل أشهر من وقوعه‪##‬ا‪ ،‬بداللة الحجم الكب‪#‬ير للق‪##‬وات‪،‬‬ ‫كان‬
‫والدول المشاركة فيه‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫‪145‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬
‫‪#‬ريض األمريك‪##‬يين للس‪##‬عوديين ضد اليمن في‬‫َ‬ ‫وانظروا أيضا تح‪#‬‬
‫كت‪##‬اب (انتق‪##‬ام الجغرافيا) ال‪##‬ذي نُ ِش‪#‬ر ع‪##‬ام ‪2012‬م‪ ،‬وألَّفه مستش‪##‬ار‬
‫القوات الخاصة‪ ،‬وسالح الجو‪ ،‬وقوات المش‪##‬اة البحرية األمريكي‪##‬ة‪،‬‬
‫روب‪##‬رت ك‪##‬ابالن‪ ،‬وفيه يتضح لكم أن ه‪##‬ذا كلَّه ك‪##‬ان قد حصل قبل‬
‫مزعوم تلك المناورة‪ ،‬وقبل نجاح ثورة ‪ 21‬سبتمبر ‪2014‬م‪.‬‬
‫أيها اإلخوة المصلون ‪ ..‬إن األداة األساسية للع‪##‬دوان الن‪##‬اعم هو‬
‫‪#‬ثر من ‪،%95‬‬
‫أوال «وسائل اإلعالم»‪ ،‬التي يملِك الع‪##‬دوان منها أك‪َ #‬‬
‫والتي ال تفتأ في إط‪##‬ار الح‪##‬رب النفس‪#‬ية ت‪##‬ردِّد اإلش‪##‬اعات‪ ،‬وتص‪#‬نَ ُع‬
‫القص‪###‬ص‬
‫َ‬ ‫الص‪###‬ور‪ ،‬وتنتِ ُج األفالم‪ ،‬وتختلِق‬
‫َ‬ ‫وتف‪###‬بر ُ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫األك‪###‬اذيب‪،‬‬
‫ت زائف‪##‬ة‪ ،‬يري‪##‬دون تزوير‬
‫أخب‪##‬ار انتص‪##‬ارا ٍ‬
‫َ‬ ‫والحكاي‪##‬ات‪ ،‬وت‪##‬ر ِّد ُد‬
‫قت‪#‬ل‬
‫الحقيقة‪ ،‬وصناعة الوهم‪ ،‬ولهذا يعلن‪#‬ون عش‪#‬رات الم‪#‬رّات عن ِ‬
‫قائ ٍد من القادة‪ ،‬أو احتالل منطقة من المناطق‪.‬‬
‫ه‪##‬ذه الوس‪##‬ائل ببرامجها وأجن‪##‬داتها ال ت ِكل عن تس‪##‬ويق األفك‪##‬ار‬
‫التي تقتل الهمة الجهادية‪ ،‬وتغتال الروحية القرآني‪##‬ة‪ ،‬وتنشر الفس‪##‬ا َد‬
‫جم‪#‬اهير ت‪#‬ؤ ِمن بالخي‪#‬ارات األمريكية المادي‪#‬ة‪،‬‬
‫َ‬ ‫واالنحالل‪ ،‬وتصنع‬
‫وبالنموذج الغربي المنحل‪ ،‬أو بالطريقة الوهابية التكفيرية‪.‬‬
‫أيها اإلخــوة المؤمنــون ‪ ..‬قد تج‪##‬دون ذلك الع‪##‬دوان الن‪##‬اعم في‬
‫صورة ناشطين وناشطات ه ُّمهم إثارةُ القضايا الهامشية‪ ،‬ووضعُها‬
‫العدوان الناعم (الخطبة األولى)‬ ‫‪146‬‬
‫‪146‬‬
‫في بؤرة التركيز المجتمعي‪ ،‬حتى تش‪##‬غل المجتمع عن أهم واجباته‬
‫‪#‬وش على أبنائه في اتخ‪##‬اذ الق‪##‬رار‪#‬‬
‫‪#‬دوان‪ ،‬وح‪##‬تى تش‪ِّ #‬‬‫تج‪##‬اه ه‪##‬ذا الع‪#‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫األهم من القضايا واألحداث‪.‬‬
‫الصائب إزاءطبة‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫أيضا في كثير من الصحفيين والمثقفين واألكاديميين‬ ‫قد تجدونه‬
‫هو‬
‫هوالع‪##‬دوان بدغدغة مش‪##‬اعر المجتمع بإدانة الع‪##‬دوان‬ ‫حهللا‬
‫هللالهم‬ ‫الذين يس‪َ #‬م ُ‬
‫األقرب‬
‫األقربولكنهم مئ‪##‬ات الم‪##‬رات ال ينفك‪##‬ون عن إث‪##‬ارة الفتن‬
‫م‪##‬رة أو م‪##‬رتين‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫المواجهة للع‪###‬دوان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫واس‪###‬تهداف أهم قي‪###‬ادات المجتمع‬
‫ِ‬ ‫الداخلي‪###‬ة‪،‬‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫ظهَ‪##‬رون في‬ ‫وتوجي‪ِ ##‬ه التهم إليهم ب‪##‬دون دليل وال بره‪##‬ان‪ ،‬إنهم ال يَ ْ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوالواضحين‪ ،‬ولكنهم يظهرون في صورة األص‪##‬دقاء‬ ‫األعداءهو‬
‫صورة هللا‬
‫هللا‬
‫‪#‬وهين‬
‫ِ‬ ‫ولكن كلُّ كتاباتِهم تؤدي في نهاية المط‪##‬اف إلى ت‪#‬‬ ‫ْ‬
‫المخلِصين‪،‬األقرب‬
‫األقرب‬
‫وتحويل ف‪#‬رص الق‪#‬وة‬
‫ِ‬ ‫التماسك الشعبي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وإضعاف‬
‫ِ‬ ‫الجبهة الداخلية‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫لدى المجتمع إلى نقاط ضعف‪.‬‬
‫س ـي َما ُه ْم‬ ‫شــا ُء أَل َ َر ْينَــا َك ُه ْم فَلَ َعـ َ‬
‫ـر ْفتَ ُهم بِ ِ‬ ‫ـو نَ َ‬ ‫يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى‪َ ﴿ :‬ولَـ ْ‬
‫َولَتَ ْع ِرفَنَّ ُه ْم ِفي لَ ْح ِن ا ْلقَ ْو ِل َوهَّللا ُ يَ ْعلَ ُم أَ ْع َمالَ ُك ْم﴾‪.‬‬
‫قلت ما سمعتم‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪ ،‬فاستغفروه إنه هو الغفور‬
‫الرحيم‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫‪151‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة الثانية)‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫الحمدهلل‪ ،‬وأش‪##‬هد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محم‪##‬دا عب‪##‬ده ورس‪##‬وله‬


‫الذي اصطفاه‪ #،‬وصلى هللا وسلم عليه وعلى آله ومن وااله‪.‬‬
‫ثم أما بعد عباد هللا‪.‬‬
‫ص ي‪َّ #‬دعون التح‪#‬رُّ ر‬
‫ش‪#‬كل أش‪#‬خا ٍ‬
‫ِ‬ ‫تجدون ه‪#‬ذا الع‪#‬دوان أيضا في‬
‫والليبرالية والعلمانية‪ ،‬وفي واقع األمر يردِّدون تشكيكات مختلف‪##‬ة‪،‬‬
‫ت غير ثابتة‪ ،‬تسته ِدف اإلسال َم‪ ،‬وتناقِض الق‪##‬رآنَ ‪ ،‬وتس‪#‬خَر‬
‫وادعاءا ٍ‬
‫من أبناء العروبة واإلسالم‪ ،‬بينما تمجّد الغربيين‪ ،‬وتحسِّن كل ق‪##‬بيح‬
‫فيهم‪ ،‬ويتحرك هؤالء بنسخ األق‪##‬وال واالدع‪#‬اءات ضد اإلس‪#‬الم من‬
‫مواق‪َ ####‬ع متخصِّ صة في ذل‪####‬ك‪ ،‬ليلص‪####‬قوها بين الع‪####‬وام‪ ،‬وغ‪####‬ير‬
‫المتخصص‪##‬ين‪ ،‬بقل ‪ِ #‬ة حي‪##‬ا ٍء منقطع ‪ِ #‬ة النظ‪##‬ير‪ ،‬وبس ‪#‬فَ ٍه ال ح‪##‬دود له‪.‬‬
‫أفكار الوهابية التكفيرية وممارساتها الشائنة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ويتع ّمدون الخلط بين‬
‫وبين ما عليه جمه‪####‬ور أهل اإلس‪####‬الم ومذاهبه األخ‪####‬رى المعتدلة‬
‫‪#‬كيك المجتمع‬
‫والمتسامحة‪ ،‬يتع ّمدون بذلك تل‪##‬بيس الحق بالباطل لتش‪ِ #‬‬
‫في أهم عناصر قوتِه الروحية‪ ،‬في اإلسالم‪ ،‬وكتابه الكريم القرآن‪.‬‬
‫العدوان الناعم (الخطبة االثانية)‬ ‫‪251152‬‬
‫ق مف‪##‬اهيم ومص‪##‬طلحات ومع‪##‬ادالت‬ ‫الع‪##‬دوان الن‪##‬اعم يح‪##‬اول ْ‬
‫خل‪َ #‬‬
‫تعارض القيم األخالقية والروحي‪##‬ة‪ ،‬وتقتل الحمية‬
‫ِ‬ ‫بالمجتمع‪،‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬ ‫ضارَّة‬
‫طبة‬
‫مفاهيم الشرف والرجولة‪.‬‬ ‫الدينية‪ ،‬وتغتال‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ق مع‪##‬اركَ‬
‫إن منف‪##‬ذي ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان كث‪##‬يرا ما يتع ّم‪##‬دون اختال َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬ر هامش‪##‬ي‪ ،‬في ال‪##‬وقت ال‪##‬ذي يتج‪##‬اهلون فيه ح‪##‬دثا‬ ‫إعالمية على أم‪#‬‬
‫األقرب ٍ‬
‫األقرب‬
‫قحص ‪ٍ #‬ة أق‪##‬اموا لها ال‪##‬دنيا ولم يُ ْق ِع‪ #‬دوها‪ ،‬وكم مج‪ِ #‬‬
‫‪#‬از َر‬ ‫عظيما؛ فرُبَّ منا‬
‫منا‬
‫خطبة‬
‫خطبةك‪##‬برى ابتلع‪##‬وا فيها ألس‪##‬نتهم الطويل‪##‬ة‪ ،‬ودس‪##‬وا فيها‬
‫‪#‬ذابح‬ ‫ُع ْ‬
‫ظمى وم‪َ #‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬في رمال التغافل والتناسي‪.‬‬
‫وجوههم القبيحة‬
‫هو‬‫هللا هو‬
‫هللا‬
‫األقرباألماجد ‪ ..‬تحت دعاوى الحرية والحق‪##‬وق ي‪##‬برِّئون‬
‫أيها اإلخــوة‬
‫األقرب‬
‫ويتهم‪##‬ون الش‪#‬رفاء والمجاه‪#‬دين‪ ،‬ي‪#‬برِّئون الع‪##‬دوان من‬
‫المجرمين‪ ،‬منا‬
‫منا‬
‫ومن‪#‬ع م‪#‬وارد الدول‪#‬ة‪ ،‬ثم ي‪ْ #‬د ُعون إلى‬
‫ِ‬ ‫جريرة الحص‪#‬ار االقتص‪#‬ادي‬
‫التظاهر ضد الحكومة بأنها مس‪##‬ؤولة عن ت‪##‬أخر المرتب‪##‬ات على حد‬
‫زعمهم‪.‬‬
‫أما إذا ظ ِف‪##‬روا بخط ‪#‬أٍ هنا أو ممارس ‪ٍ #‬ة س‪##‬لبي ٍة هن‪##‬اك فإنها س‪##‬تكون‬
‫هديتهم الثمينة‪ ،‬وك‪#‬نزهم ال‪##‬ذهبي في إقامة القيامة على الجمي‪##‬ع‪ ،‬ق‪##‬دحا‬
‫وتشنيعا‪ ،‬ولوما وتقريعا‪ ،‬وال يلبثون إال قليال حتى يع ِّمموا هذه القضية‬
‫‪151‬‬
‫‪151‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة الثانية)‬
‫الفردية فيصوروها قضية عامة‪ ،‬وال يتركون أحدا إال ورم‪##‬وه بها من‬
‫غير دليل وال برهان‪.‬‬

‫وأغبى هؤالء منا َم ْن ال يتعا َمل مباشرة مع منفِّذي ه‪##‬ذا الع‪ِ #‬‬
‫‪#‬دوان‬
‫الن‪##‬اعم‪ ،‬وهو مع‪##‬دو ٌد في ق‪##‬وى المواجه‪##‬ة‪ ،‬ولكن ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان قد‬
‫ِ‬
‫وض‪###‬عه وس‪###‬يطر عليه في إط‪###‬ار مف‪###‬اهيم معين‪###‬ة‪ ،‬وبيئة مح‪َّ ###‬ددة‪،‬‬
‫ت صنعوا لها في قلبه قيمة اإلذعان والتسليم‪ ،‬فال يلبث هذا‬
‫ومعادال ٍ‬
‫الطيِّب أن يقع في الفخ الذي خلقه العدوان الن‪##‬اعم‪ ،‬في أي من َعطَ‪ٍ #‬‬
‫‪#‬ف‬
‫‪#‬عف أم‪##‬ام الوس‪##‬واس الخن‪##‬اس‪ ،‬وإذا به‬
‫من االلتب‪##‬اس‪ ،‬وعند أول ض‪ٍ #‬‬
‫يجد نفسه جن‪##‬ديا مخلصا في معس‪##‬كر الع‪##‬دوان‪ ،‬يتح‪##‬دث بلس‪##‬انهم‪،‬‬
‫ويحقق أهدافهم من غير أن يشعر‪.‬‬
‫يق‪##‬ول روب‪##‬رت رايلي م‪##‬دير إذاعة ص‪##‬وت أمريكا‪" :‬إن الطبيعة‬
‫الحقيقية للص‪##‬راع الي‪##‬وم هو ص‪##‬راع المش‪##‬روعية في عق‪##‬ول وقل‪##‬وب‬
‫‪#‬روب‬
‫الناس وال‪##‬رأي الع‪#‬ام‪ ،‬وليس ص‪#‬راع الق‪##‬وى العس‪#‬كرية‪ ،‬إن الح‪َ #‬‬
‫تخ‪###‬اضُ وي ِت ُّم تحقي‪ُ ###‬‬
‫ق النصر أو الهزيمة فيها في س‪###‬احات العق‪###‬ول‬
‫والقلوب‪ ،‬قبل أن تصل إلى ميادين القتال"‪.‬‬
‫ت‬
‫ومن عالمتهم أيضا أنهم يتحرَّك‪#########‬ون في مجتمع الفئ‪#########‬ا ِ‬
‫عوائ‪####‬ل الش‪####‬هداء‪ ،‬والج‪####‬رحى‪#،‬‬
‫ِ‬ ‫المتض‪####‬ررة من الع‪####‬دوان‪ ،‬من‬
‫العدوان الناعم (الخطبة االثانية)‬ ‫‪251152‬‬
‫واألس‪###‬رى‪ ،‬والن‪###‬ازحين‪ ،‬والمرض‪###‬ى‪ ،‬والمس‪###‬اكين‪ ،‬والفق‪###‬راء‪،‬‬
‫ااالخالضحايا‪ ،‬ليس لمس‪##‬اعدتهم‪ ،‬ولكن لجعل بعض تلك‬
‫ومختلف أنواع‬
‫ااالخ‬
‫المساعدات طبة‬
‫وسيلة إلثارة‪ #‬السخَط فيهم‪ ،‬واستنبات الحنَق والغيظ في‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫ت كاذبة‪ ،‬لت‪##‬أليب ال‪##‬رأي الع‪##‬ام‬ ‫األولى‪ٍ :‬‬
‫ت مغلوطة‪ ،‬وإشاعا ٍ‬ ‫قلوبهم‪ ،‬بمعلوما‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ضد مسيرة الجهاد‪ ،‬وقوة الصمود في البالد‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫أمرنا‬
‫مناالمؤمنون ‪ ..‬إزاء ه‪##‬ذه التحرك‪##‬ات اإلبليس‪##‬ية‪َ ،‬‬
‫أيها اإلخوةمنا‬
‫عدو لنا‪ ،‬ثم أمرنا ثانيا ً أن نتَّ ِخذه‬
‫إبليس ٌّ‬
‫َ‬ ‫خطبةف أوالً بأن‬
‫هللا تعالى أنخطبة‬
‫نعر‬
‫ِ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫متالزم‪##‬ان‪ ،‬وكما ال يُ ْم ِك ُن اتخ‪##‬ا ُذ الموقف‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والموقف‬ ‫عدواً‪ ،‬فالمعرفةُ‪#‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫‪#‬احبْها موق‪ٌ #‬‬
‫‪#‬ف وأداء‪،‬‬ ‫مع الجهل بالواقع‪ ،‬ال تكفي المعرفة إن لم يص‪ِ #‬‬ ‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫‪#‬ول‪ :‬ه‪##‬ذه منظم‪##‬ات مش‪##‬بوهة‪ ،‬ثم نتع‪##‬اطى معه‪##‬ا‪ ،‬أو‬
‫ال يكفي أن نق‪#‬منا‬
‫منا‬
‫‪#‬ار ُ‬
‫ع إلى تص‪##‬ديقهم‪ ،‬أو ه‪##‬ذه قن‪##‬وات‬ ‫هؤالء صحفيون سلبيون ثم نس‪ِ #‬‬
‫تك‪###‬ذب كل م‪###‬رة‪ ،‬ثم نص‪###‬دقها كل م‪###‬رة؛ ألم يقل هللا تع‪###‬الى‪﴿ :‬إِنَّ‬
‫الشـ ْيطَانَ لَ ُك ْم َعـ د ٌُّو فَاتَّ ِخـ ُ‬
‫ـذوهُ َعـ ُد ًّوا ِإنَّ َما يَـ ْدعُو ِح ْزبَـهُ لِيَ ُكونُــوا ِمنْ‬ ‫َّ‬
‫س ِعي ِر﴾‪ ،‬وإذا اتخ‪##‬ذناه ع‪##‬دواً أع‪##‬ددنا الع‪##‬دة الالزمة لعملية‬
‫ب ال َّ‬ ‫أَ ْ‬
‫ص َحا ِ‬
‫المواجهة‪ ،‬واستطعنا أن ننتصر عليه‪.‬‬
‫أيها اإلخــوة الكــرام ‪ ..‬لقد تحقق أن تحرُّ ك الن‪##‬اس بثقافة الق‪##‬رآن‬
‫الك‪###‬ريم بمفاهيمه النقي‪###‬ة‪ ،‬وتعاليمه الص‪###‬افية‪ ،‬وإرش‪###‬اداته القوية‬
‫‪151‬‬
‫‪151‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة الثانية)‬
‫سلوك ه‪##‬ذه‬
‫ِ‬ ‫والفاعلة‪ ،‬هو التحر ُ‬
‫ك الفاعل‪ ،‬ولهذا علينا أن نستم َّر في‬
‫أكثر عمقا‪ ،‬وفهم‪##‬ا‪ ،‬واس‪##‬تيعابا‪ ،‬واس‪##‬تمرارية‪ ،‬ليس‬ ‫بشكل َ‬
‫ٍ‬ ‫الطريق‪،‬‬
‫‪#‬ر يُ‪##‬رْ ت ََجى إال من‪##‬ه‪﴿ ،‬إِنَّ هَـ ـ َذا‬
‫هناك من منجى إال كتاب هللا‪ ،‬وال خ ْي‪َ #‬‬
‫شــ ُر ا ْل ُم ْ‬
‫ــؤ ِمنِينَ الَّ ِذينَ يَ ْع َملُــونَ‬ ‫ــرآنَ يِ ْهــ ِدي لِلَّتِي ِه َي أَ ْق َ‬
‫ــو ُم َويُبَ ِّ‬ ‫ا ْلقُ ْ‬
‫ت أَنَّ لَ ُه ْم أَ ْجراً َكبِيراً﴾‪.‬‬
‫صالِ َحا ِ‬
‫ال َّ‬
‫وما أعظم أن يكون للعلماء المتن‪##‬ورين المهت‪##‬دين به‪##‬دي هللا دو ٌر‬
‫عظيم وقوي وفاعل في مواجهة هذا العدوان الن‪##‬اعم‪ ،‬وقد أس‪##‬اء من‬
‫حاول ْ‬
‫عز َل هذه الفئة من الناس عن التأثير في المجتمع‪ ،‬كما أس‪##‬ا َء‬
‫من رضي لنفسه منهم باالنعزال بعيدا عن قنوات وأساليب التأثير‪.‬‬
‫وليتح َّولْ ك ّل رجل منا إلى منارة‪ #‬تنوير‪ ،‬ومصدر هداية‪ ،‬ومن‪##‬بر‬
‫ق لفضح هذا العدوان‪ ،‬ومواجهة طريقته الناعمة‪ ،‬وهو أم‪ٌ ##‬ر ال‬
‫صد ٍ‬
‫يحتاج لكثير من األشياء سوى الوعي بالمرحلة وخط‪##‬ورة األع‪##‬داء‬
‫الص‪###‬راح‪ ،‬يم‪###‬وت الباطل‬
‫ق ُّ‬‫ومخطط‪###‬اتهم‪ ،‬وحين يتح‪###‬رَّك الح‪ُّ ###‬‬
‫باالفتضاح‪.‬‬
‫يجب مواجهة ه‪##‬ذا الع‪##‬دوان بتأص‪##‬يل ثقافاتنا وأفكارنا من خالل‬
‫الرؤية القرآنية‪ ،‬وما كان عليه المرسلون‪ ،‬وأهل البيت األكرم‪##‬ون‪،‬‬
‫العدوان الناعم (الخطبة االثانية)‬ ‫‪251152‬‬
‫وأن ال نسمح ألنفسنا ولش‪##‬بابنا باالنس‪##‬حاق أم‪##‬ام الثقاف‪##‬ات واألفك‪##‬ار‬
‫المعادية‪ .‬ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫بل مواجهة ه‪##‬ذا الهج‪##‬وم هو حفظ وتقوية البص‪##‬يرة‬ ‫ومن أهم ُس ‪#‬‬
‫األولى‪:‬‬ ‫األولى‪:‬‬
‫المعنوية والتعبويَّة‪ ،‬ورفض الفتنة المذهبي‪####‬ة‪ ،‬نظري‪####‬ا ً‬ ‫وال‪####‬روح‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األهمية بمك‪#‬ان الترك‪#‬يز في ه‪#‬ذه المواجهة على البعد‬ ‫وعملياً‪ ،‬ومن‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫فالتربية للمجتمع على أس‪##‬اس المف‪##‬اهيم القرآنية هو أح ‪ُ #‬د‬
‫ال‪##‬تربوي‪ ،‬منا‬
‫منا‬
‫أه ِّم طرُق خطبة‬
‫خطبة‬
‫المواجهة‪.‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هذا وصلوا وسلموا على من أمركم هللا بالصالة والس‪##‬الم علي‪##‬ه‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ص ـلُّونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا‬
‫قائل عليما‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَ ـهُ يُ َ‬ ‫فقال ع ‪َّ #‬ز من‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫سلِّ ُموا تَ ْ‬
‫سلِي ًما﴾‪..‬‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫أَ ُّي َها الَّ ِذينَ آَ َمنُوا‬
‫منا َ‬
‫منا‬

‫شفيع الع‪##‬والِم‪ ،‬أبي‬


‫ِ‬ ‫وبارك وتر ّح ْم وتحنَّن على‬
‫ِ‬ ‫اللهم فصل وسلِّم‬
‫القاس‪#####‬م‪ ،‬محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب بن هاش‪#####‬م‪ ،‬وعلى آله‬
‫الطي‪##‬بين الط‪##‬اهرين‪ ،‬خصوصا موالنا أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين علي بن أبي‬
‫ط‪###‬الب‪ ،‬وس‪###‬كنه الح‪###‬وراء‪ ،‬فل‪###‬ذة قلب المص‪###‬طفى‪ ،‬وخامسة أهل‬
‫الكساء‪ ،‬وولديهما اإلمامين السعيدين الشهيدين‪ ،‬أبي محمد الحس‪##‬ن‪،‬‬
‫وأبي عبدهللا الحس‪#####‬ين‪ ،‬ورضي هللا عن ص‪#####‬حابته الراش‪#####‬دين‬
‫والت‪##‬ابعين له بإحس‪##‬ان إلى ي‪##‬وم ال‪##‬دين‪ ،‬وعلينا ووال‪##‬دينا برحمتك يا‬
‫‪151‬‬
‫‪151‬‬ ‫العدوان الناعم (الخطبة الثانية)‬
‫أرحم ال‪##‬راحمين‪ ..‬ربنا أف‪##‬رغ علينا ص‪##‬براً وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا ال ت‪##‬زغ قلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫أنت الوهاب‪...‬‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي‬ ‫سـ ِ‬ ‫اإل ْح َ‬ ‫أيها المؤمنــون ‪ِ ﴿ ..‬إنَّ هّللا َ يَــأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫شـــــاء َوا ْل ُمن َكـــــ ِر َوا ْلبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َن ا ْلفَ ْح َ‬ ‫ا ْلقُ ْ‬
‫ـــــربَى َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬ ‫‪160‬‬
‫‪160‬‬

‫‪ -10‬سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟)‬


‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫طبة‬ ‫الخطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوالمعتص‪##‬مين‪ ،‬ومقالة المتح‪##‬رِّ زين‪ ،‬ونع‪##‬وذ باهلل من‬
‫كلمةهو‬
‫بسم هللا هللا‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقربوكيد الحاسدين وبغي الظالمين‪..‬‬
‫جور الجائرين‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫‪#‬وط ِم ْن َرحْ َمتِ‪ِ #‬ه‪َ ،‬واَل‬ ‫‪#‬ر َم ْقنُ‪ٍ #‬‬‫خطبة ال َعال ِمينَ ‪ْ ،‬ال َح ْم‪ُ #‬د هَّلِل ِ َغ ْي‪َ #‬‬
‫ْال َح ْم ُد هَّلِل ِ َربِّ‬
‫خطبة‬
‫ف ع َْن‬ ‫س ِم ْن َم ْغفِ َرتِ‪ِ ###‬ه‪َ ،‬واَل ُم ْس‪###‬تَ ْن َك ٍ‬ ‫األولى‪ِ :‬ه‪َ ،‬واَل َم‪###‬أْيُو ٍ‬ ‫َم ْخلُ ٍّ‬
‫‪###‬و ِم ْن نِ ْع َمتِ‬
‫األولى‪###:‬‬
‫هوب َْر ُح ِم ْنهُ َرحْ َمةٌ‪َ ،‬واَل تُ ْفقَ‪ُ #‬د لَ‪#‬هُ نِ ْع َم‪ #‬ةٌ‪َ .‬وأَ ْش‪#‬هَ ُد أَ ْن اَل‬ ‫ِعبَا َدتِ ِه‪ ،‬الَّ ِذي‬
‫هللااَلهوتَ‬
‫هللا‬
‫األقرب‬
‫إِلَهَ إِاَّل هَّللا ُ َغي َْر َم‬
‫األقربْع ُدو ٍل ِب ِه‪َ ،‬واَل َم ْش ُك ٍ‬
‫‪#‬ور ِدينُ‪#‬هُ‪َ ،‬واَل‬ ‫وك فِي‪ِ #‬ه‪َ ،‬واَل َم ْكفُ‪ٍ #‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ت ِد ْخلَتُ‪#‬هُ‪َ ،‬وخَ لَ َ‬
‫ص‬ ‫ص‪#‬فَ ْ‬ ‫َمجْ حُو ٍد تَ ْك ِوينُهُ‪َ ،‬شهَا َدةَ َم ْن َ‬
‫ص‪َ #‬دقَ ْ‬
‫ت نِيَّتُ‪#‬هُ‪َ ،‬و َ‬
‫ازينُ‪##‬هُ‪َ ،‬وأَ ْش‪##‬هَ ُد أَ َّن ُم َح َّمداً (ص‪##‬لى هللا عليه وآله)‬‫ت َم َو ِ‬ ‫يَقِينُ‪##‬هُ‪َ ،‬وثَقُلَ ْ‬
‫‪#‬ر ِه‪َ ،‬وإِ ْنهَ‪##‬ا ِء ُع‪ْ #‬‬
‫‪#‬ذ ِر ِه‪َ  ،‬وتَ ْق‪ِ #‬د ِيم نُ‪ُ #‬ذ ِر ِه‪.‬‬ ‫َع ْب ُدهُ َو َرسُولُهُ‪ ،‬أَرْ َس‪#‬لَهُ إِل ِ ْنفَ‪##‬ا ِذ أَ ْم‪ِ #‬‬
‫ص‪##########‬لوات ربي وس‪##########‬المه عليه وعلى آله الط‪##########‬اهرين‬
‫وصحابته‪ ‬المنتجبين ‪..‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫‪161‬‬
‫‪161‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬
‫أيها المؤمنــون األكــارم‪ ،‬يق‪##‬ول هللا س‪##‬بحانه وتع‪##‬الى‪ُ ﴿ :‬خلِــ َ‬
‫ق‬
‫ون * َويَقُولُــونَ َمتَى‬ ‫سأ ُ ِري ُك ْم آَيَــاتِي فَاَل ت ْ‬
‫َسـتَ ْع ِجلُ ِ‬ ‫اإْل ِ ْن َ‬
‫سانُ ِمنْ ع ََج ٍل َ‬
‫صــا ِدقِينَ ﴾ هك‪##‬ذا اإلنس‪##‬ان عج‪##‬ول وهل‪##‬وع ال‬ ‫هَــ َذا ا ْل َوعْــ ُد إِنْ ُك ْنتُ ْم َ‬
‫ق اإْل ِ ْن َ‬
‫سـانُ‬ ‫ينتظر‪ ،‬يريد ك َّل ش‪##‬ي ٍء بس‪##‬رعة فائق‪##‬ة‪ُ ﴿ ،‬خلِـ َ‬ ‫يصبِر‪ ،‬وال ِ‬
‫ِمنْ ع ََج ٍل﴾‪ ،‬هكذا اإلنسان ال ينظُر إلى السنة اإللهية التي من عظمة‬
‫ْج‪ ##‬ل؛ ومن س‪##‬نة هللا عز‬
‫هللا ومن ق‪##‬درة هللا‪ ،‬ومن ق‪##‬وة هللا أنه ال يَع َ‬
‫وجل فيما يتعلق بالص‪##‬راع بين الحق والباطل أنه يُ ْم ِهل وال يُ ْه ِم‪##‬ل‪،‬‬
‫وأم ‪#‬رُه هو الغ‪##‬الِب‪ ،‬وإذا م ‪ّ #‬د في الزم‪##‬ان أو في الم‪##‬دة فإنما َي ُم ‪ّ #‬دها‬
‫وليخت‪##‬بر الن‪##‬اس‪ ،‬ويغ‪##‬ربلَهم‪ ،‬أو ألنهم لم يب‪##‬ذلوا من‬
‫َ‬ ‫لحكم‪ٍ ##‬ة إلهي‪ٍ ##‬ة‬
‫الحركة والعمل والس‪##‬عي ما يس‪##‬تحقون به تعجيل النص‪##‬ر‪ ،‬كما ق‪##‬ال‬
‫ض ُك ْم بِبَ ْع ٍ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬ولَ ْو يَشَا ُء هَّللا ُ اَل ْنت َ‬
‫َص َر ِم ْن ُه ْم َولَ ِكنْ لِيَ ْبلُ َو بَ ْع َ‬
‫وقومه ب‪#‬ني‬
‫ِ‬ ‫عباد هللا ‪ ..‬لنتأمل جميعاً في قصة موسى عليه الس‪#‬الم‬
‫إسرائيل الذين وعد هللا تعالى أن َي ُم ّن عليهم بعد االستضعاف ب‪##‬الفرج‪،‬‬
‫َــونَ‬
‫ي ﴿ ِف ْرع ْ‬
‫ُ‪##‬ر َ‬
‫يمن عليهم بالتأيي‪##‬د‪ ،‬أن يمن عليهم بالنص‪##‬ر‪ ،‬وأن ي ِ‬ ‫أن ّ‬
‫َوهَا َمانَ َو ُج ُنو َد ُه َما ِم ْن ُهم َّما َكا ُنوا َي ْحـ َذ ُرونَ ﴾‪ ،‬انظ‪#‬روا إلى ه‪#‬ذه القصة‬
‫البليغة والتي يجب أن نستفيد منها في ظل العدوان الغاشم واآلثم على‬
‫يمن اإليمان والحكمة ونحن مستمرون في الص‪##‬مود واإلب‪##‬اء والجه‪##‬اد‬
‫والمواجهة‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬ ‫‪160‬‬
‫‪160‬‬
‫انظروا إلى قول هللا تعالى في سورة القصص حينما قال تعالى‪:‬‬
‫طائِفَـةً‬
‫َضـ ِعفُ َ‬
‫ست ْ‬ ‫ض َو َج َعـ َل أَ ْهلَ َها ِ‬
‫شـيَ ًعا يَ ْ‬ ‫ااالخ فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫﴿ ِإنَّ فِ ْرع َْونَ َعاَل‬
‫ااالخ‬
‫سـا َء ُه ْم إِنَّهُ َكـانَ ِمنَ ا ْل ُم ْف ِ‬
‫سـ ِدينَ ﴾‪،‬‬ ‫سـت َْحيِي نِ َ‬ ‫ِم ْن ُه ْم يُ َذبِّ ُح أَ ْبنَــا َ‬
‫طبةء‬
‫طبة ُه ْم َويَ ْ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪ :‬سيُولَد في إح‪##‬دى الس‪##‬نوات الفردية غال ٌم من ب‪##‬ني‬
‫قيل لفرعونَ ‪ :‬إنه‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫هللا هو‬
‫إسرائيل سيكون زوا ُل ُم ْل ِكه على يدي هذا الغالم‪.‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫مناأن يس‪##‬تبق األح‪##‬داث فأص‪##‬در ق‪##‬راراً ب‪##‬ذبح كل ول‪ٍ #‬د‬
‫فرعون أراد‬
‫منا‬
‫ظن أنه س‪##‬يغالِب ق‪##‬درة هللا‪ ،‬وأنه س‪##‬ينجو‬ ‫يُولَد لبني إس‪#‬خطبة‬
‫‪#‬رائيل‪ ،‬هك‪##‬ذا َّ‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫سبحانه وتع‪##‬الى‪ ،‬يق‪##‬ول هللا تع‪##‬الى بع‪##‬دها‪َ ﴿ :‬ونُ ِري ـ ُد أَنْ‬ ‫مما أراده هللا‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ض َونَ ْج َعلَ ُه ْم أَئِ َّمةً َونَ ْج َعلَ ُه ُم‬ ‫ُضــــــ ِعفُوا فِي اأْل َ ْر ِ‬‫ست ْ‬ ‫نَ ُمنَّ َعلَى الَّ ِذينَ ا‬
‫األقرب ْ‬
‫األقرب‬
‫َــــونَ َوهَا َمــــانَ‬ ‫ي ِف ْرع ْ‬ ‫منا َم ِّكنَ لَ ُه ْم فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫ض َونُــــ ِر َ‬ ‫ا ْل َ‬
‫ــــوا ِرثِينَ ‪َ .‬ونُ‬
‫منا‬
‫َو ُجنُو َد ُه َماـ ِم ْن ُه ْم َما َكـــانُوا يَ ْحـــ َذ ُرونَ ﴾ ما أراده هللا س‪###‬يكون‪ ،‬وإن‬
‫تطاولت السنون‪ ،‬وإن تطاول الزمان‪.‬‬
‫تبدأ القصة ويب‪##‬دأ الف‪##‬ر ُ‪#‬ج بمولِ‪ِ #‬د ذلك الغالم موسى عليه الس‪##‬الم‪،‬‬
‫ومن حكمة هللا أن ُولِ َد في سنة الذبح‪ ،‬ولم يولَد في الس‪##‬نة ال‪##‬تي ليس‬
‫فيها َذبح‪ ،‬هذا َّ‬
‫ال‪#‬ذ ْب ُح ال‪#‬ذي يُعتَبَر من أس‪#‬اليب الطغ‪#‬اة‪ #‬والمس‪#‬تكبِرين‬
‫‪#‬واع الج‪##‬رائم والمج‪##‬ازر‪ #‬هو األداة‬
‫على مرِّ الزمن‪ ،‬ال‪##‬ذبح وأفظع أن‪ِ #‬‬
‫ال‪##‬تي بها يظن الطغ‪##‬اة َّ‬
‫أن باس‪##‬تطاعتهم أن يقض‪##‬وا على ك‪##‬لِّ ث‪##‬ورة‪،‬‬
‫‪161‬‬
‫‪161‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬
‫ومن فرعونَ جاءت ُسنَّة الذبح‪ ،‬فقد كان يأخ ُذ المولو َد الرض‪##‬ي َع بعد‬
‫والدته ب‪###‬دقائق ويذبحه بالس‪###‬كين أو بالس‪###‬يف‪ ،‬هك‪###‬ذا هم الطغ‪###‬اة‬
‫والمستكبِرون‪.‬‬
‫ولكن اإلرادة اإللهية اقتضت أن تتح‪َّ #‬دى فرع‪##‬ون في عقر داره‪،‬‬
‫قصره‪ ،‬وكأن هللا يريد‬
‫ِ‬ ‫وداخل قصره‪ ،‬فيصل موسى عبر النهر إلى‬
‫أن يقول لهؤالء الطغ‪##‬اة‪ :‬مهما ح‪ِ #‬ذرْ تُم ودبّ‪##‬رْ تم‪ ،‬ف‪##‬إن هللا ق‪##‬ادر على‬
‫ان‪####‬تزاع الملك منكم من أوسع األب‪####‬واب‪ ،‬أخذته ام‪####‬رأة فرع‪####‬ون‬
‫المؤمنة؛ قال تعالى‪َ ﴿ :‬فا ْلتَقَطَهُ آَ ُل فِ ْرع َْونَ لِيَ ُكــونَ لَ ُه ْم َعـ ُد ًّوا َو َحزَ نًا‬
‫ـرأَةُ‬
‫ت ا ْمـ َ‬ ‫اطئِينَ * َوقَــالَ ِ‬ ‫ـان َو ُجنُو َد ُه َماـ َكــانُوا َخـ ِ‬
‫ـونَ َوهَا َمـ َـ‬ ‫إِنَّ فِ ْر َعـ ْ‬
‫سى أَنْ يَ ْنفَ َعنَا أَ ْو نَتَّ ِخ َذهُ َولَ ـدًا‬
‫فِ ْرع َْونَ قُ َّرةُ َع ْي ٍن لِي َولَكَ اَل تَ ْقتُلُوهُ َع َ‬
‫َو ُه ْم اَل يَ ْ‬
‫ش ُع ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫عاش موسى سنين في قصر فرع‪#‬ون إلى أن بلغ أش‪ّ #‬ده‪ ،‬فأص‪#‬بح‬
‫رجالً يافع‪##‬ا ً ش‪##‬ابا ً فتي‪##‬ا ً قوي‪##‬اً‪ ،‬ثم ه‪##‬اجر بعد حادثة قتل القبطي إلى‬
‫ُ‬
‫أحداث القصة‬ ‫مدين‪ ،‬ووجد ابنتي شعيب‪ ،‬وسقى لهما الغنم‪ ،‬ثم تمرُّ‬
‫وإذا به يتز َّو ُج إحدى ابنتي شعيب‪ ،‬مقابل ثمان أو عشر سنوات في‬
‫مدين يرعى الغنم‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬ ‫‪160‬‬
‫‪160‬‬
‫أيها المؤمنون األكارم ‪ ..‬انظ‪##‬روا إلى المراحل الزمني‪##‬ة‪ ،‬س‪##‬نين‬
‫فرع‪##‬ون‪ ،‬واآلن ثم‪##‬ان أو عشر س‪##‬نوات في م‪##‬دين‪ ،‬وهللا‬
‫في قصر ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫ْجل على فرع‪##‬ون؛ وهن‪##‬اك تعجيل عقوبة‬ ‫طبة‬
‫‪#‬ره وال يَع َ‬‫تع‪##‬الى ي‪##‬دبِّر أم‪#‬‬
‫طبة‬
‫يريد هللا أناألولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫يع‪##‬اقب بها أولئك ال‪##‬ذين لم يتحرك‪##‬وا في مي‪##‬دان الحق‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫والمواجهة من ب‪####‬ني إس‪####‬رائيل‪ ،‬حين ارتض‪####‬وا حالة‪ #‬االس‪####‬تعباد‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫واالستذالل‪ .‬منا‬
‫منا‬
‫خطبةإلى مصر وفي الطريق في ج‪##‬انب الط‪##‬ور اس‪##‬تمع‬ ‫خطبة‬
‫ع‪##‬اد موسى‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫اإللهي ب‪####‬النبوة والرس‪####‬الة‪ ،‬وصل إلى فرع‪####‬ون يبلِّغ‬ ‫إلى الن‪####‬داء‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫الرس‪##‬الة‪ ،‬وحينما س‪##‬جد الس‪##‬حرة كلهم أجمع‪##‬ون هلل الواحد القه‪##‬ار‪،‬‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫وانتشرت دعوته ورسالته بين الناس‪ ،‬وكان فرعون‬ ‫آمنوا بموسى‪،‬منا‬
‫منا‬
‫م‪###‬ازال موج‪###‬وداً يس‪###‬ومهم س‪###‬وء الع‪###‬ذاب‪ ،‬وك‪###‬ان بنو إس‪###‬رائيل‬
‫اسـت َِعينُوا بِاهَّلل ِ‬ ‫وسـى لِقَ ْو ِمـ ِه ْ‬‫ْجلون وهذه طبيعة الناس‪﴿ ،‬قَا َل ُم َ‬ ‫يستع ِ‬
‫شـــا ُء ِمنْ ِعبَـــا ِد ِه َوا ْل َعاقِبَـــةُ‬ ‫اصـــبِ ُروا ِإنَّ اأْل َ ْر َ‬
‫ض هَّلِل ِ يُو ِرثُ َها َمنْ يَ َ‬ ‫َو ْ‬
‫لِ ْل ُمتَّقِينَ ﴾‪.‬‬
‫ومن العجيب أنهم بق‪##‬وا م‪##‬دة طويلة في خط الباطل وتحت الذلة‬
‫صابرين‪ ،‬ولما وجدوا مسيرة الحق استعجلوا ولم يصبروا‪ ،‬مع أ ن‬
‫الفرج ال يأتي إال مع الصبر في سبيل هللا‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫‪161‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬
‫ي‪##‬أتي الف‪##‬رج‪ ،‬الب‪َّ ##‬د من التح ُّمل‪ ،‬البد من‬
‫َ‬ ‫البد من الص‪##‬بر ح‪##‬تى‬
‫التوكل على هللا‪ ،‬البد من الثقة باهلل سبحانه وتع‪##‬الى واليقين المطلق‬
‫بنص‪##‬ره‪ ،‬البد أن ينتهي الص‪##‬راع في ص‪##‬الح أهل الح‪##‬ق‪ ،‬ف‪##‬ر َّد عليه‬
‫ــل أَنْ تَأْتِيَنَا َو ِمنْ بَ ْعــ ِد َما‬
‫ْجلون‪﴿ :‬قَــالُوا أُو ِذينَا ِمنْ قَ ْب ِ‬
‫قومه المس‪##‬تع ِ‬
‫ِج ْئتَنَا﴾‪ ،‬وضعنا هو وض‪##‬عنا‪ ،‬حالتنا هي حالتن‪##‬ا‪ ،‬من قبل أن ت‪##‬أتي يا‬
‫ص‪##‬احب اإليم‪##‬ان والرس‪##‬الة‬ ‫َ‬ ‫لكن موسى‬ ‫موسى ومن بعد أن ِج ْئتَ ‪َّ ،‬‬
‫َس ـى َربُّ ُك ْم أَنْ يُ ْهلِــكَ‬
‫صاحب المعرفة الحقيقية باهلل‪﴿ ،‬قَا َل ع َ‬
‫َ‬ ‫والنبوة‪،‬‬
‫ض فَيَ ْنظُ َر َكيْفَ تَ ْع َملُونَ * َولَقَ ـ ْد أَ َخـ ْذنَا‬
‫ست َْخلِفَ ُك ْم فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫َع ُد َّو ُك ْم َويَ ْ‬
‫سنِينَ ﴾ سنين جديدة‪ ،‬انظروا الم‪##‬دة الزمنية بين الوعد‬ ‫آَ َل فِ ْرع َْونَ بِال ِّ‬
‫يعجل أب‪##‬دا‪َ ﴿ ،‬ولَقَـ ْد أَ َخـ ْذنَا آَ َل‬ ‫اإللهي وبين تحقُّقِ‪##‬ه؛ ألن هللا تع‪##‬الى ال َ‬
‫ــــذ َّك ُرونَ ﴾ لعلهم‬ ‫ت لَ َعلَّ ُه ْم يَ َّ‬ ‫ص ِمنَ الثَّ َم َ‬
‫ـــرا ِ‬ ‫الســـنِينَ َونَ ْق ٍ‬
‫َــــونَ بِ ِّ‬
‫ِف ْرع ْ‬
‫يرجع‪###‬ون‪ ،‬لكن ال‪ ،‬أهل الباطل دائم‪###‬ا ً يتكبَّرون‪ ،‬الطغ‪###‬اة دائم‪###‬ا ً ال‬
‫ينظ‪###‬رون إلى ق‪###‬وة هللا تع‪###‬الى وحكمته بل ينظ‪###‬رون إلى ض‪###‬عف‬
‫المؤمنين المادي‪.‬‬
‫لقد ك‪###‬ان ص‪###‬برهم قبل مج‪###‬يئ موسى عليه الس‪###‬الم ذال وعليه‬
‫يعاقَبون‪ ،‬لكنه أصبح بعد مجيئه صبرا وتحمال وبه يثابون‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬ ‫‪160‬‬
‫‪160‬‬
‫ت من الس‪##‬نين ومن الوعد اإللهي ال‪##‬ذي ب‪##‬دأ قبل مولد‬
‫بعد عش‪##‬را ٍ‬
‫السالم‪ ،‬وها هو موسى قد تربَّى وأصبح رجالً‪ ،‬أصبَح‬ ‫موسى عليه ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبة‪##‬والً‪ ،‬ثم س‪##‬نوات في م‪##‬دين‪ ،‬ثم س‪##‬نوات وهو يبلِّغ‬
‫نبي ‪#‬اً‪ ،‬أص‪##‬بح طبة‬
‫رس‬
‫الرسالة إلىاألولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫فرعون وقومه وإلى بني إس‪##‬رائيل أيض ‪#‬اً‪ ،‬بعد كل ذلك‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫وبعد أن صبروا الصبر الص‪##‬حيح‪ ،‬ج‪##‬اءهم الف‪##‬رج‪ ،‬حيث أوحى هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫يسري ببني إس‪##‬رائيل ليالً فعلم فرع‪ُ #‬‬
‫‪#‬ون فن‪##‬ادى قو َمه‬ ‫إلى موسى أنمنا‬
‫منا َ‬
‫ـونُ فِي ا ْل َمـ دَائِ ِن َح ِ‬
‫اش ـ ِرين‪،‬‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬فَأ َ ْر َ‬
‫س َل فِ ْر َعـ ْ‬ ‫خطبة‬
‫خطبة‬ ‫وحشد جي َشه‪،‬‬
‫األولى‪َ :‬مةٌ قَلِيلُــون﴾‪ ،‬بنو إس‪#‬رائيل ش‪#‬رذمة قليل‪##‬ة‪ ،‬البد أن‬ ‫األولى‪:‬ذ‬
‫إِنَّ َهـ ُؤالَء لَ ِ‬
‫شـ ْر ِ‬
‫هللا هو‬ ‫هللا هو‬
‫مثلما يق‪#####‬ول اآلن آل س‪#####‬عود ومعهم األمريكي‪#####‬ون‬ ‫نقضي عليهم‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫واإلس‪##############‬رائيليون‪ :‬إن من يقاتل ويجاهد ويواجه في اليمن هم‬
‫منا‬
‫منا‬
‫مليش‪##‬يات‪ ،‬هم ش‪##‬رذمة قليل‪##‬ون‪ ،‬هم خمس‪##‬ون أل‪##‬ف‪ ،‬لقد خرج‪##‬وا من‬
‫تحت وصايتنا‪ ،‬لقد خرجوا من تحت هيمنتنا وسيطرتنا‪.‬‬
‫يري‪##‬دون أن يس‪##‬يطروا على الش‪##‬عب اليم‪##‬ني‪ ،‬ه‪##‬ذا هو تس‪##‬ويقهم‬
‫يواجهون شعبا بأكمله‪ ،‬ش‪#‬عبا تواقا للحري‪#‬ة‪ ،‬ش‪#‬غوفا‬
‫اإلعالمي مع أنهم ِ‬
‫بالكرامة‪ ،‬ش‪##‬عبا ال يرضى الخن‪##‬وع وال الخض‪##‬وع إال هلل مهما ع‪##‬انى‪،‬‬
‫لكن منطق الطغ‪##‬اة هو ذات المنطق ال يتغيَّر على م‪##‬رِّ ال‪##‬زمن‪ ،‬فم‪##‬اذا‬
‫كانت النتيجة؟‬
‫‪161‬‬
‫‪161‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬
‫خرج فرعون بجيش‪#‬ه‪ ،‬بتحالف‪#‬ه‪ ،‬بأح‪##‬دث الس‪#‬الح في ذلك ال‪##‬زمن‪،‬‬
‫وبنو إس‪##‬رائيل لم يكن يمتلك‪##‬ون س‪##‬الحاً‪ ،‬وص‪##‬لوا إلى ش‪##‬اطئ البح‪##‬ر‪،‬‬
‫وســــى ِإنَّا‬
‫اب ُم َ‬ ‫فرع‪###‬ون من خل ِفهم‪ ،‬والبحر أم‪###‬ا َمهم؛ ﴿ َقــــا َل َأ ْ‬
‫صــــ َح ُ‬
‫َل ُمد َْر ُكون﴾‪ ،‬هذه هي النهاية‪ ،‬انتهى الموضوع‪ ،‬نفسياتهم لم تتهذب بعد‬
‫وتصل إلى درجة الثقة باهلل تع‪##‬الى واإلحس‪##‬اس بمعيته س‪##‬بحانه‪ ،‬مثلما‬
‫يق‪##‬ول البعض منذ بداية الع‪##‬دوان إلى اآلن‪ِ ﴿ :‬إنَّا َل ُمــ د َْر ُكون﴾‪ ،‬ه‪##‬ذا هو‬
‫قوم موسى‪ ،‬ال‪#‬ذين لم يثق‪#‬وا باهلل‪ ،‬المس‪#‬ألة في الم‪#‬يزان الم‪#‬ادي‪،‬‬
‫ق ِ‬ ‫منط ُ‬
‫والنظرة العسكرية انتهت‪ ،‬موسى وقومه س ُي ْقتَلون على ي‪##‬دي فرع‪##‬ون‬
‫وبسيوف جيشه‪ ،‬أو يهربون إلى البحر فيغرقون‪.‬‬
‫يعرف أن النصر ال يأتي إال في أشد‬ ‫غير أن موسى عليه السالم ِ‬
‫سى أَ ِن‬
‫اللحظات وفي أحلك الظروف‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فَأ َ ْو َح ْينَا ِإلَى ُمو َ‬
‫ص ـاكَ ا ْلبَ ْحـ َر﴾‪ ،‬لم يكن أح ‪ٌ #‬د يتوقع طريقة النج‪##‬اة‪ ،‬ح‪##‬تى‬
‫اض ـ ِرب بِّ َع َ‬
‫ْ‬
‫موسى عليه الس‪####‬الم ك‪####‬ان ي‪####‬تيقن النص‪####‬ر‪ ،‬ولكنه لم يكن يعرفه‬
‫بالتحدي‪##‬د‪ ،‬لم يكن يتوقَّع أن الف‪##‬رج اإللهي س‪##‬يكون طريق‪#‬ا ً يبس‪#‬ا ً من‬
‫داخل البح‪###‬ر‪ ،‬يمكن أن يس‪###‬لكوه وأن يخرج‪###‬وا من أم‪###‬ام فرع‪###‬ون‬
‫وجيشه‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬ ‫‪160‬‬
‫‪160‬‬
‫هللا يأتي بالنصر من خارج ما يتوقع الناس‪ ،‬لم يكن بنو إسرائيل‬
‫وال موسى عليه الس‪##‬الم ك‪##‬ان يع‪##‬رف ذلك بالتحدي‪##‬د‪،‬‬ ‫يتوقعون ذلك‪،‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبة‬
‫نوره‪ ،‬وأوفى بوعده‪.‬‬ ‫ومع ذلك أت َّم هللا‬
‫طبة َ‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ْ‪###‬ر الطريق إلى الض‪###‬فة األخ‪###‬رى‪ ،‬ولم‬
‫مشى موسى وقو ُمه عب َ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ً‬
‫ينظر فرع‪##‬ون إلى اآلية اإللهي‪##‬ة‪ ،‬بل ك‪##‬ان ينظر دائم‪##‬ا إلى موسى‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫وغروره أعماه عن حقيقة المعجزة‪ #‬ال‪##‬تي أمد هللا بها‬‫وقو ِمه‪ ،‬وكبرهمنا‬
‫منا‬
‫نبيه عليه خطبة‬
‫خطبة كان يرى أنهم ضعفاء فاستمر في طغيانه‪ ،‬ف‪##‬دخل‬
‫السالم‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬فأغرق هللا فرع‪##‬ون وجيش‪##‬ه‪ ،‬وه‪##‬ذا ما ينطبق على‬
‫في تلك الطريق‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫ق ونحن مظلومون‪ ،‬آل سعود واألمريكيون‬ ‫أصحاب ح ٍ‬ ‫حالنا ونحن‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫والخونة كلهم جميع‪###‬ا ً ينظ‪###‬رون إلينا وال ينظ‪###‬رون إلى‬
‫والمرتزقة منا‬
‫منا‬
‫قدرة هللا‪ ،‬وال إلى عظمة هللا‪ ،‬وال إلى وعد هللا للمؤمنين بالنصر في‬
‫قوله تع‪##‬الى‪﴿ :‬فَا ْنتَقَ ْمنَا ِمنَ الَّ ِذينَ أَ ْج َر ُمـــوا َو َكـــانَ َحقًّا َعلَ ْينَا نَ ْ‬
‫صـــ ُر‬
‫ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾‪.‬‬
‫هللا ال يعجل أيها األحبة المؤمنـــون ‪ ..‬فال تعجل‪###‬وا‪ ،‬ع‪###‬ام أو‬
‫عامان أو أكثر من المواجهة والجهاد ليست مشكلة ما دامت العاقبة‬
‫‪#‬ف وع ‪#‬دَه أب‪##‬داً‪،‬‬
‫للمتقين‪ ،‬وما دام وعد هللا قائم ‪#‬اً‪ ،‬وهللا تع‪##‬الى ال ي ُْخلِ‪ُ #‬‬
‫ولنا في صمودنا وانتصاراتنا إلى اليوم ِعبرةٌ وداللة‪ ،‬بل إنه لنص ٌر‬
‫‪161‬‬
‫‪161‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة األولى)‬
‫عظي ٌم أذهَل العالَم‪ ،‬وفيه ما يدل على أنه في األخير سيحالفُنا نص‪ٌ ##‬ر‬
‫أكبر وأعظم مما نتوقع‪##‬ه‪ ،‬ولكن بش‪##‬رط التح‪##‬رك والمب‪##‬ادرة ونفض‬
‫التقصير‪ ،‬واإلسراع إلى ما يرضي هللا تعالى عنا‪.‬‬
‫أيها المؤمنــون ‪ ..‬قلت ما س‪##‬معتم وأس‪##‬تغفر هللا العظيم لي ولكم‬
‫فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪661166‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبةالع‪##‬المين‪ ،‬وال ع‪##‬دوان إال على الظ‪##‬المين‪َ ،‬وأَ ْش‪#‬هَ ُد‬
‫الحمد هلل رب‬
‫طبة‬
‫أَ ْن اَل إِلَهَ إِاَّل هَّللا ُ‬
‫األولى‪:‬وحده ال شريك له وأن محمدا عب ُده ورسولُه ص‪##‬لى‬
‫األولى‪:‬‬
‫هو‬
‫هووعلى آله الطي‪####‬بين الط‪####‬اهرين‪ ،‬ورضي هللا عن‬ ‫هللا وس‪####‬لم هللا‬
‫هللا‬
‫عليه‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫أصحابه األخيار المنتجبين وبعد‪:‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫المؤمنون‪..‬‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬ ‫أيها‬
‫اإليم‪##‬اناألولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ب‪##‬الغيب ج‪##‬زء أساسي من اإليم‪##‬ان باهلل وب‪##‬اليوم اآلخ‪##‬ر‪،‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫والن‪##‬اس يتف‪##‬اوتون قبل أن يحصل الوعد اإللهي ال‪##‬ذي يع َت َبر حص‪##‬و ُله‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫جزءاً من الغيب‪ ،‬وال ِ‬
‫نعرف متى يأ ِتي‪ ،‬وال كيف سيحصل‪ ،‬إال حينما‬
‫منا‬
‫منا‬
‫ي‪##‬أتي ويحصل ونع‪##‬رف من خالل ذلك الحكمة اإللهي‪##‬ة‪ ،‬وتغيب عن‬
‫أذهان الناس الس‪##‬نة اإللهية ع‪##‬بر الت‪##‬أريخ وع‪##‬بر الماضي منذ أن هبط‬
‫آدم عليه الس‪##‬الم إلى األرض وإلى الي‪##‬وم‪ ،‬س‪##‬نة هللا في ص‪##‬راع الحق‬
‫والباطل‪ ،‬يقول هللا تعالى وهو يشرح لنا سنته التي ال تتبدل وال تتغير‪،‬‬
‫السـ ِّي ُئ ِإ َّال‬ ‫ق ا ْل َم ْكـ ُ‬
‫ـر َّ‬ ‫سنته في الماض‪##‬ين وفي األولين‪ ،‬يق‪##‬ول‪َ ﴿ :‬و َال َي ِحيـ ُ‬
‫األ َّو ِلينَ ﴾‪ ،‬وفرع‪##‬ون من األولين‪ ،‬النم‪##‬رود‬ ‫س َّنتَ َ‬ ‫ظ ُرونَ ِإ َّال ُ‬ ‫ِبأَ ْه ِل ِه َف َه ْل َين ُ‬
‫سـ َّنتَ‬
‫ـرونَ ِإ َّال ُ‬ ‫من األولين‪ ،‬الطغاة عبر التاريخ من األولين‪َ ﴿ ،‬ف َه ْل َين ُ‬
‫ظـ ُ‬
‫هللا ت َْح ِوي ً‬
‫ال﴾‪.‬‬ ‫ت ِ‬ ‫ال َو َلن ت َِج َد ِل ُ‬
‫سنَّ ِ‬ ‫هللا َت ْب ِدي ً‬
‫ت ِ‬ ‫سنَّ ِ‬ ‫َ‬
‫األ َّو ِلينَ َف َلن ت َِج َد ِل ُ‬
‫‪167‬‬
‫‪167‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬
‫‪#‬فل‪،‬‬
‫سنة هللا أن يكون الباط ُل في آخر جوالت الص‪##‬راع هو األس‪َ #‬‬
‫ويك‪######‬ون الحق هو األعلى‪ ،‬س‪######‬نة هللا أن ينتصر هللاُ للمظل‪######‬وم‬
‫المستضْ َعف الذي يدافع عن نفسه‪ ،‬الذي يستجيب لربه‪ ،‬ال‪##‬ذي يقاتل‬
‫نصر هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬ال‪##‬ذي يس‪##‬عى في س‪##‬بيل‬
‫ِ‬ ‫أجل استجدا ِء‬
‫من ِ‬
‫هللا ويصبر على ما أصابه فيه‪.‬‬
‫إن الن‪##‬اس إذا لم ينظ‪##‬روا بالمنظ‪##‬ار الق‪##‬رآني ونظ‪##‬روا ب‪##‬الميزان‬
‫العسكري وب‪##‬النظرة المادية ف‪##‬إنهم س‪##‬يتراجعون‪ ،‬ولن يفهم‪##‬وا م‪##‬اذا‬
‫يع‪##‬ني وع‪ُ ##‬د هللا للمؤم‪##‬نين‪ ،‬ألنه بمج‪##‬رَّد مقارن‪ٍ ##‬ة مادية بيننا وبين‬
‫َث األس‪##‬لحة‬‫س في الع‪##‬الم‪ ،‬يمتلِك‪##‬ون أح ‪#‬د َ‬
‫أعدائنا الذين هم أغ‪##‬نى ن‪##‬ا ٍ‬
‫محاص‪#‬رون منذ بداية الع‪##‬دوان لم ت‪##‬دخل‬
‫َ‬ ‫وأقواها وأخطرها‪ ،‬ونحن‬
‫إلينا وال رصاصة بندقية واحدة‪.‬‬
‫يمتلك‪##‬ون الط‪##‬ائرات الحديث‪##‬ة‪ ،‬واألقم‪##‬ار الص‪##‬ناعية‪ ،‬ول‪##‬ديهم‬
‫التحالف الدولي والعالمي وخبراء الجيوش العالمية‪ ،‬ومع ذلك نحن‬
‫م‪###‬اذا نمتلك! أس‪###‬لحة قديمة بس‪###‬يطة‪ ،‬وعن‪###‬دنا ثلة من المجاه‪###‬دين‬
‫البسطاء الذين يسمونهم الشعث الغ‪##‬بر‪ ،‬ه‪##‬ؤالء البس‪##‬طاء المؤمن‪##‬ون‬
‫هم من نمتلك‪ ،‬ال نمتلك س‪#‬الحا ً كس‪##‬الح األع‪#‬داء‪ ،‬الع‪#‬الَم كلُّه معهم‪،‬‬
‫لكن هللا معن‪#‬ا‪ ،‬ه‪#‬ذه هي المقارن‪##‬ة‪ ،‬الع‪#‬الم كله معهم وهللا معن‪##‬ا؛ ألننا‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪661166‬‬
‫ى علينا‪ ،‬وندافع عن أنفسنا‪ ،‬وإذا ك‪##‬ان هللا معنا فما‬
‫مظلومون و ُمعت َد ً‬
‫قيمة العالَم كله أن يكون معهم‪.‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫طبةالع‪##‬الَم‪ ،‬وال‪##‬ذي بي‪##‬ده كل ش‪##‬يء‪ ،‬وال‪##‬ذي إليه ِ‬
‫يرجع‬ ‫هللا الذي خلق‬
‫طبة‬
‫الصـابِ ِرين﴾ ﴿ َمـ َع ا ْل ُمتَّقِين﴾‬ ‫األم ُر كلُّه معنا‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬وهو القائل‪﴿ :‬إِنَّ هللاَ َم َع َّ‬
‫هللا معنا له ُِزمنا في أول أس‪##‬بوع من الع‪##‬دوان ش‪##‬ديد‬ ‫يكن هو‬
‫هو‬ ‫وإال لو لم هللا‬
‫هللا‬
‫األقرب‬ ‫األقرب‬
‫جي‪#‬وش مس‪#‬تأجرة من أنح‪#‬اء الع‪#‬الم‪ ،‬ومرتزقة من جميع‬ ‫الضراوة‪،‬‬
‫منا‬
‫منا‬
‫أنح‪###‬اء الع‪###‬الم‪ ،‬وجي‪###‬وش عربية وأجنبية و(بالك ووتر)‪ ،‬و(داين‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫ك‪##‬روب)‪ ،‬وجنجوي‪##‬د‪ ،‬ويه‪##‬ود‪ ،‬ونص‪##‬ارى‪ ،‬وتكف‪##‬يريون ودواعش‪،‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫ومرتزقة من ال‪##‬داخل‪ ،‬كلهم تج َّمع‪##‬وا على‬
‫ِ‬ ‫هووعمالء‬
‫وخونة‬
‫هو‬ ‫وعرب‪ ،‬هللا‬
‫هللا‬
‫الكريم‪ ،‬ولكن ألن هللا معن‪##‬ا‪ ،‬وألن وع‪##‬ده س‪##‬يتم‪ ،‬أبى هللا‬
‫هذا الشعباألقرب‬
‫األقرب‬
‫مناإال أن يتم نوره‪.‬‬
‫سبحانه وتعالىمنا‬

‫وإذا كان لديهم أسلحة وعتاد وقوة ف‪##‬إن النصر بيد هللا‪ ،‬ال يب‪##‬اع وال‬
‫يشترى‪ ،‬وال يأتي بكثرة الس‪#‬الح وق‪#‬وة الجي‪##‬وش وال بك‪##‬ثرة األم‪#‬وال‪،‬‬
‫النصر من عند هللا‪ ،‬وطالما النصر من عند هللا ْ‬
‫فلنطلُبْ‪########‬هُ من‪########‬ه‪،‬‬
‫‪#‬ر‪،‬‬‫‪#‬ك النص‪َ #‬‬ ‫ولنثق فيه‪ ،‬ولنتو َّكلْ علي‪##‬ه؛ ألنه هو من يم ِل‪ُ #‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ولنستمسك به‪،‬‬
‫ال َغا ِل َب َل ُك ْم َو ِإن َي ْخــ ُذ ْل ُك ْم َف َمن َذا‬
‫هللا َف َ‬
‫نص ْر ُك ُم ُ‬
‫فهو القائل سبحانه‪ِ ﴿ :‬إن َي ُ‬
‫الَّ ِذي َي ُ‬
‫نص ُر ُكم ِّمن َب ْع ِد ِه﴾‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫‪167‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬
‫‪#‬ف نرضي هللا‬
‫أيها المؤمنــون منذ بداية الع‪##‬دوان ونحن في موقِ‪ٍ #‬‬
‫تع‪###‬الى بالجه‪###‬اد ضد األع‪###‬داء‪ ،‬بالمواجه‪###‬ة‪ ،‬بال‪###‬دفاع عن النفس‪،‬‬
‫والعرض‪ ،‬واألرض‪ ،‬والوطن‪ ،‬والحرية‪ ،‬واالس‪##‬تقالل‪ ،‬والكرام‪##‬ة‪،‬‬
‫ِ‬
‫هذا هو موقف الحق‪ ،‬نحن على الحق وهم على الباطل‪ ،‬تكفي هذه‪،‬‬
‫ق اإلسالم‪،‬‬ ‫نحن من نتحرَّك‪ ،‬ونتح َّمل المسؤولية‪ ،‬نحن أخالقُنا أخال ُ‬
‫‪#‬يرنا ع‪َّ #‬‬
‫‪#‬ذبوه‬ ‫أس ‪#‬رْ نا أس‪َ #‬‬
‫‪#‬يرهم عاملن‪##‬اه كض‪##‬يف‪ ،‬وإذا أس‪##‬روا أس‪َ #‬‬ ‫إذا َ‬
‫وأجاعوه وأهانوه أو قتلوه‪.‬‬
‫هذه مؤ ِّشرات تدلنا بأننا على الح‪##‬ق‪ ،‬ونل‪##‬تزم ب‪##‬أي اتف‪##‬اق‪ ،‬وب‪##‬أي‬
‫هدنة‪ ،‬ال نغ ِدر وال نفجُر‪ ،‬وهم يغ ِدرون وينكثون العهود‪ ،‬ويخرُقون‬
‫ق ص‪####‬هيونية‪ ،‬وممارس‪####‬ات نفاقية‬ ‫كل هدن‪####‬ة؛ ألن أخالقَهم أخال ٌ‬
‫ي‪ ،‬واليه‪###‬ودي‬ ‫وش‪###‬يطانية‪ ،‬هم من تولَّوا األم‪###‬ريك َّ‬
‫ي واإلس‪###‬رائيل َّ‬
‫والنصراني‪ ،‬ضد يمن اإليم‪##‬ان والحكم‪##‬ة‪ ،‬بش‪##‬هادة الن‪##‬بي ص‪##‬لى هللا‬
‫عليه وآله وسلم حينما قال‪« :‬اإليمان يمان والحكمة يمانية»‪ ،‬وق‪##‬ال‬
‫عنهم‪« ،‬ق‪###‬رن الش‪###‬يطان‪ ،‬ومن هنالك ال‪###‬زالزل والفتن»‪ ،‬هم من‬
‫بدأونا بالقتال ونحن ندافع عن أنفسنا‪ ،‬وهللا تع‪##‬الى ق‪##‬ال‪﴿ :‬أُ ِذنَ لِلَّ ِذينَ‬
‫يُقَاتَلُونَ بِأَنَّ ُه ْم ظُلِ ُموا َوإِنَّ هللاَ َعلَى نَ ْ‬
‫ص ِر ِه ْم لَقَ ِدير﴾‪.‬‬
‫هم يتح‪####‬الَفون مع اليه‪####‬ود والنص‪####‬ارى والمن‪####‬افقين والخونة‬
‫والمرتزقة علين‪##‬ا‪ ،‬مع داعش والقاع‪##‬دة واإلخ‪##‬وان‪ ،‬ويس‪##‬تكثِرون أن‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪661166‬‬
‫نتوحَّد ونحن تحت القصف وفي ظل الع‪##‬دوان‪ ،‬وأن نقف في خن‪#‬دق‬
‫صف واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫موقف واحد‪ ،‬وفي جبهة واحدة‪ ،‬وفي‬
‫واحد‪ ،‬وفي ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫‪#‬رق والغ‪##‬رب من أجل إذاللنا ويس‪##‬تكثِرون علينا أن‬‫هم أتوا بالش‪#‬‬
‫طبة‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬نتوحَّد؛ ول‪##‬ذلك ال يج‪##‬وز في أي ح‪##‬ال من األح‪##‬وال‬
‫نكون إخوة وأن‬
‫ت حزبي‪#‬ة‪ ،‬أو سياس‪##‬ية‪ ،‬أو مكاسب شخص‪#‬ية؛ ألن‬ ‫هو‬
‫هو ٍ‬ ‫أن نحسب هللا‬
‫هللا‬
‫حسابا‬ ‫ِ‬
‫األقرب‬ ‫األقرب‬
‫وباط‪###‬ل‪ ،‬وقد أثبت اليم‪###‬نيون أنهم في موقف الح‪###‬ق‪،‬‬ ‫الموقف حق‬
‫منا‬
‫منا‬
‫المرتزقة‬
‫ِ‬ ‫ف‪##‬أذهلوا الع‪##‬ال َم بص‪##‬مو ِدهم وبرجولة مق‪##‬اتليهم‪ ،‬وهزَم‪##‬وا‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫والسعوديين‪ ،‬أتت أمريكا معهم ولكنهم هُ ِزموا‪ ،‬وأتت (بالك ووتر)‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هوالس‪###‬ودانيون فه ُِزم‪###‬وا‪ ،‬واإلم‪###‬اراتيون فه ُِزم‪###‬وا‪،‬‬ ‫وأتىهو‬‫فهزم‪###‬وا‪ ،‬هللا‬
‫هللا‬
‫وكل ما حاولوا سيُهْزَ مون‪ ،‬وسينهارون بإذن باهلل عما‬ ‫األقرب‬
‫األقرب‬ ‫و َسيُهْزَ ُمون‪،‬‬
‫س ـيُ ْهزَ ُم‬ ‫تع‪##‬الى‪﴿ :‬أَ ْم يَقُولُــونَ نَ ْحنُ َج ِمي ـ ٌع ُم ْنت ِ‬
‫َص ـ ٌر * َ‬ ‫ق‪##‬ريب‪ ،‬يق‪##‬ولمنا‬
‫منا‬
‫ا ْل َج ْم ُع َويُ َولُّونَ ال ُّدبُ َر﴾‪.‬‬
‫المرتزقة‬
‫ِ‬ ‫سيقف الع‪##‬دوان رغم‪#‬ا ً عن أن‪##‬وفهم‪ ،‬وعن‪##‬دها س‪##‬يهرُب‬
‫والخونة في ال‪##‬داخل‪ ،‬ه‪##‬اهم لم يس‪##‬تطيعوا أن يتق ‪َّ #‬دموا في جبهة من‬
‫الجبه‪##‬ات‪ ،‬رغم قص‪##‬فهم الك‪##‬ثيف من الس‪##‬ماء‪ ،‬والقاع‪##‬دة وداعش‬
‫واإلخ‪##‬وان يس‪##‬اعدونهم على األرض‪ ،‬لكنهم لم يحقق‪##‬وا ش‪##‬يئاً‪ ،‬باهلل‬
‫عليكم كيف س‪##‬يكون وض‪##‬عهم حينما ينتهي القصف الج‪##‬وي؟ كيف‬
‫س‪###‬يكون وض‪###‬عهم حين يس‪###‬تطيع اليم‪###‬ني أن يص‪###‬طاد ط‪###‬ائراتهم‬
‫بصواريخه؟ أين سيذهبون حين يتبرأ منهم الشيطان الذي أغواهم؟‬
‫‪167‬‬
‫‪167‬‬ ‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬
‫سيهربون وسيتركون ك َّل ش‪#‬يء خلفهم‪ ،‬وكل يريد منهم أن ينجو‬
‫بنفس‪##‬ه‪ ،‬ولن يقبلهم األع‪##‬داء‪ ،‬لن يقبل‪##‬وهم على اإلطالق‪ ،‬كما فعلت‬
‫إس‪##‬رائيل مع مرتزقتها في جن‪##‬وب لبن‪##‬ان‪ .‬وس‪##‬تعود اليمن عزي‪##‬زةً‬
‫حرةً‪ ،‬وتعود مقبرة للغ‪##‬زاة كما ك‪##‬انت ع‪##‬بر الت‪##‬اريخ‪ ،‬س‪##‬تعود اليمن‬
‫موحَّدة مس‪##‬تقِلَّةً‪ ،‬مؤمن‪##‬ةً‪ ،‬وس‪##‬يُهْزَ ُم الع‪##‬دوان‪ ،‬كما ق‪##‬ال هللا تع‪##‬الى‪:‬‬
‫(والعاقبة للمتقين)‬
‫صــلُّونَ َعلَى‬
‫أيها المؤمنون يقول هللا تعالى‪﴿ :‬إِنَّ هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَهُ يُ َ‬
‫سلِي ًما﴾‪..‬‬‫سلِّ ُموا تَ ْ‬ ‫النَّبِ ِّي يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آَ َمنُوا َ‬
‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َ‬
‫اللهم فصل وسلم وبارك وترحّم وتحنّن على شفيع الع‪##‬والم‪ ،‬أبي‬
‫القاس‪#####‬م‪ ،‬محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب بن هاش‪#####‬م‪ ،‬وعلى آله‬
‫الطي‪###‬بين الط‪###‬اهرين‪ ،‬أم‪###‬ير المؤم‪###‬نين علي‪ ،‬وفاطمة الزه‪###‬راء‪،‬‬
‫والحسن والحس‪##‬ين‪ ،‬وعلى جميع اآلل األك‪###‬رمين‪ ،‬ورضي هللا عن‬
‫ص‪##‬حابته الراش‪##‬دين والت‪##‬ابعين له بإحس‪##‬ان إلى ي‪##‬وم ال‪##‬دين‪ ،‬وعلينا‬
‫ووالدينا برحمتك يا ارحم الراحمين‪ ..‬ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت‬
‫أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‪..‬‬
‫ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪..‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإس‪##‬رافنا في أمرنا وثبت أق‪##‬دامنا وانص‪##‬رنا‬
‫على القوم الكافرين‪..‬‬
‫سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟) (الخطبة الثانية)‬ ‫‪661166‬‬
‫ربنا ال ت‪##‬زغ قلوبنا بعد إذ ه‪##‬ديتنا وهب لنا من ل‪##‬دنك رحمة إنك‬
‫أنت الوهاب‪...‬‬
‫ااالخ‬
‫ااالخ‬
‫ان َوإِيتَــاء ِذي ا ْلقُـ ْـربَى‬ ‫سـ ِ‬ ‫طبةنَّ هّللا َ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعـد ِْل َو ِ‬
‫اإل ْح َ‬ ‫عباد هللا ‪ِ ﴿ ..‬إ‬
‫طبة‬
‫األولى‪:‬شَاء َوا ْل ُمن َك ِر َوا ْلبَ ْغي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َن ا ْلفَ ْح‬
‫األولى‪:‬‬ ‫َويَ ْن َهى ع ِ‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫خطبة‬
‫خطبة‬
‫األولى‪:‬‬
‫األولى‪:‬‬
‫هللا هو‬
‫هو‬ ‫هللا‬
‫األقرب‬
‫األقرب‬
‫منا‬
‫منا‬
‫‪k‬‬
‫المقدمة‪3.........................................................................................‬‬
‫‪ -1‬من هو قرن الشيطان ‪ ..‬ولماذا؟‪9.......................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪9..............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪19.............................................................................:‬‬
‫‪ -2‬قرن الشيطان وتشويه اإلسالم‪25.......................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪25............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪33.............................................................................:‬‬
‫‪ -3‬معية هللا (مظهر الشكر هلل تعالى)‪41...................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪41............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪52.............................................................................:‬‬
‫‪ -4‬بالتقوى والجهاد ‪ ..‬محبة هللا والنصر القريب‪57.....................................‬‬

‫الخطبة األولى‪57............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪68.............................................................................:‬‬
‫‪ -5‬الصبر طاقة الجهاد المتجددة‪73.........................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪73............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪82.............................................................................:‬‬
‫‪( –6‬ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا)‪90...................................‬‬
‫الخطبة األولى‪90............................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪99.............................................................................:‬‬
‫‪ -7‬مع اإلمام زيد وكمال الدين‪106..........................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪106..........................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪114...........................................................................:‬‬
‫‪ -8‬االنتصار على الحصار‪120..............................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪120..........................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪129...........................................................................:‬‬
‫‪ -9‬العدوان الناعم‪137........................................................................‬‬

‫الخطبة األولى‪137..........................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪147...........................................................................:‬‬
‫‪ -10‬سنة هللا في نصره لعباده المؤمنين (متى نصر هللا؟)‪153........................‬‬

‫الخطبة األولى‪153..........................................................................:‬‬
‫الخطبة الثانية‪162...........................................................................:‬‬

You might also like