Professional Documents
Culture Documents
1
الوصف في اللغة هو:وصف الشيء له وعليه وصفا ً وصفة":ج الّها"
2
وفي تعريف معجم الوسيط نجد أ ان معنى وصف شيء وصفا ً أوصفة:نعته بما فيه.
والوصف 4جزء من منطق اإلنسان ألن النفس محتاجة إلى ما يكشف لها من الموجودات
ويكشف الموجودات منها ،وال يكون ذلك إال بتمثيل الحقيقة ،وتأديتها إلى التصور في الطريق
3
السمع و البصر والفوائد.
وفي تعريف أحمد الهاشمي للوصف يقول "الوصف عبارة عن بيان األمر باستيعاب أحواله
وضروب نعوته الممثلة له وأصوله الثالثة هي:
األول :أن يكون الوصف حقيقيا ً بالموصوف مفرزاً له عما سواه .
4
الثالث :أن ال يخرج فيه إلى حدود المبالغة واإلسهاب ،ويكتفي بما كان مناسبا ً للحال .
أما في االصطالح أهل العربية على معان منها النعت ومنها :النعت وهو تابع يدل على معنى
في متبوعا مطلقاً ،والوصف 4المشتق ،مقابل االسم ،نحو ضارب ومضروب ،الصفة المعنوية
وهي ما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى غير مقصود.
فرق ابن رشيق في كتابه "العمدة" بين الوصف والتشبيه اذ قال في تعريفه للوصف4:
1
"....وهو 4مناسب للتشبيه ،مشتمل عليه ،ليس به ،وأن ذلك مجاز وتمثيل".
أما الخليل بن احمد فقد روى ابن فارس عنه :إن النعت ال يكون إال في محمود ،وإن الوصف
قد يكون فيه وفي غيره ،أما ابن فارس فلم يفرق بين النعت والوصف حيث قال" :إن النعت هو
2
الوصف".
وإذ كان ما نقله ابن فارس عن الخليل صحيحاً ،لم يكن الوصف مرادفا ً للنعت الن الواصف
يصور ما وصف بتعداد امارته ،فيمدح ما فيه من سمات المدح ،ويقدح ما فيه من شيات القدح،
3
والناعت يضيف إلى صفات المنعوت تجميال ً يحسنه في الخيال من يتصوره.
أجود الوصف:
لم يقتصر النقاد جهودهم على التفريق بين التشبيه أو النعت ،والوصف ،بل كان هناك
مقياس لجودة الوصف4.
فأجود الوصف عن ابي هالل العسكري هو" :ما يستوعب أكثر معاني الموصوف ،حتى
4
كأنه يصور الموصوف 4لك فتراه ُنصب عينيك".
وأحسن الوصف عند الرافعي هو ما خرج من علم ،وصرفته روعة العجب ،ليخرج في
أكمل صورة وأروعها ،يقول" :إن أحسن ما يكون الوصف الصادق اذا خرج من علم،
5
وصرفته روعة العجب يكسبها صورة البالغة الشعرية.
وتعليقا على هذا األمر يقول ابن رشيق":ويتفاضل الناس في األوصاف،كما يتفاضلون في
سائر األصناف،فمنهم من يجيد وصف الشيء وال يجيد وصف آخر،منهم من يجيد األوصاف
1
كالها وإن غلبت عليه اإلجادة في بعضها".
ومن أهم الشعراء الالذين اشتهروا،في وصف أشياء معينة،مع إجادتهم في وصف كافة
األغراض،امرؤ القيس الذي اشتهر بوصف الخيل،وطرفة بن العبد الذي كان افضل في
وصف الناقة في معلقته،أما الحمير الوحشية فكان الشماخ أوصف الناس لها،وكان االعشى و
2
األخطل وأبي نواس وابن المعتز أوصف الناس للخمرة،وذو ال ارمة أوصفهم للرمل ...
وإذا برع األوائل بوصف الصحراء وما ضمت ،فإن للمتأخرين براعة في وصف الطبيعة
الحضارية كالقصور والبرك وهم البحتري وسلمى بن الوليد ،وابن المعتز ،والصنوبري وقد
3
ازداد أمر الوصف مع ازدياد الحضارة واكتشاف المعالم.
ويرى بعض ال انقاد ،واألدباء أن الوصف 4في كل شيء نوعان :خيالي وح اسي،
فالوصف الخيالي يعتمد التشبيه واالستعارة ،ويحاول أن يستحضر الموصوف من الذاكرة،أما
الوصف الح اسي فه تصوير للموصوف 4،وال ريب أن الوصف الح اسي أبلغ ،وأجود،
وأندر،وأكثر صعوبة من الوصف الخيالي ،وبما أ ان الوصف هو أهم أسلوب من أساليب
التعبير القديمة عند الشعراء القدماء ،جاءت أوصافهم حسية ماد اية بعيدة كل البعد عن
4
التجريد والخيال وهيبالتالي نسخة مطابقة للواقع.
مراحل فن الوصف:
أـ الوصف النقلي:
1ابن رشيق القيرواني، 4العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده،ص.295:
2المرجع نفسه،ص .296:
3محمد التونجي،المعجم 4المفصل في األدب،ص.884
4عمر فروخ،تاريخ األدب العربي،ط،24دار العلم للملّيين،بيروت،لبنان1969،م،ج،1ص.81:
يكتشف البدائي العالم بالمقابلة والتشابه ،لذا فإن الوصف ال انقلي هو المرحلة األولى من
مراحل الوصف ،حيث يقتصرهم الشاعر فيه على اكتشاف التشابه التي تشخص بين مشهدين
مختلفين ،حيث يتنازع الشاعر مع الظاهرة ليقبض عليها حيز األلفاظ والصور،إنه نسخة
مطابقة لنسخة الكون ،فامرؤ القيس يؤلف األوصاف والتشابيه ليبدع باأللفاظ ،وص اور فرسا
يشبه فرسه تماماً،فطرفا الصورة 4هنا ماديان ،وفضيلة الشاعر تقوم على التشبيه الحسي
1
والمساواة بينهما.
2
وإرخا ُء َسرْ حان ،و َتقريبُ َت ْ
ت فلُ. َ َل ُه أ ْي َط َل َّ
الظبيْ ،و َساقا َن َعامه
وقد يبدو هذا الوصف بال انسبة لبعضنا ساذجاً ،أما بالنسبة للبدائي فكان شديد
التعقيد،يقتضيه كثير من التحسر والجهد ،نظراً لبطأ ذهنه وعجزه عن فض الغز األشياء
وتحديدها ،فالوصف هو أهم أسلوب من أساليب التعبير لدى الجاهلي ،ألن عجزه عن تداول
المعاني جعله يرسمها رسماً ،والتعبير عن الفرس باألفكار والمعاني ،يصعب بل يستحيل
عليه ،ذلك قابل بين هذه الساق وساق أخرى تشبهها ،راسما ً المعنى الذي في نفسه بصورة
3
رآها في بصره.
ب ـالوصف المادي:ـ
يضطر الشاعر أحيانا ً إلى وصف فكر ،أوحالة نفسية يمر بها ،أو عاطفة تجتاحه ،ف ّل يستقيم
معه أسلوب المقارنة ،والمقابلة الذي اعتمده في وصف الفرس ،وتأتي هنا المرحلة الثانية من
مراحل الوصف وهي الوصف المادي ،ويختلف عن الوصف ال انقلي في أن المقارنة هنا بين
4
فكرة أو حالة نفسية من جهة أو مشهد ح اسي ،أو صورة مادية من جهةأخرى.
فمث ًّل زهير بن أبي سلمى حيث أراد أن يمثل الموت ،وهو فكرة مج اردة تفهم فهماً ،وال
ينظر إليها بالبصر ،ألن ذهن الشاعر يعيها متج اردة عن شكلها ال امادي ،فإنه عمد إلى
1
ُتم ْته ومن َت ْخطيء ُي َع َّم ُر َف َيه َْرم. ْت ْال َمنا َيا َخب َ
ْط َع ْش َواء َمنْ َتصبُ َرأي ُ
فوجه الشبه بين الوصف ال انقلي والوصف ال امادي ،هو اتفاقهما في الشبه به ،أو الطرف
الثاني من الصورة 4،وهو دائما ً ماد اي ،أما االختلّف فيكون في الطرف األول الذي يكون
حسيا َ في الوصف النقلي ومعنويا ً ذهني اً في الوصف المادي أي أن الوصف في هدين
النوعين هو وصف علمي يقوم على الص احة وال ادقة والصدق في الوصف4.
ج ـالوصف الوجداني:ـ
تعتبر هذه المرحلة أرقى المراحل في الوصف 4،ففيها يتخطى الشاعر حدود الظاهرة
الحسية ،فينتقل إلى نفسه ،أو ضميره ،أو شعوره ،فيتخذ منها موضوعا َ جديداً ،أرقى من
2
الوصف ال انقلي والمادي على السواء.
وهذا النوع من الوصف يتأثر تأثيراً قويا ً بجهاز اإلنسان العصبي ،أو القلق الذي يعتبره
أمام ظواهر الطبيعة ،وحدود الكون ،فاذا به يتساءل عما وراء األشياء ،فيكون الواقع المرئي
وسيلة للتساؤل عما وراءه في الكون والحياة ،فإذا بالشاعر يغوص في قرارة ذاته مناجيا ً
3
ومشتكيا ً حيناً ،وضاحكا باكيا ً حينا ً آخر ،وكأنه يصف ذاته من خلّل األشياء التي يذكرها.
فالبحتري ال يرى الربيع كما هو في حقيقته ،بل يراه ضاحكا ً مختاالً ينقل أنفاس الحبيبإلى
حبيبه وهذا ما نراه في قصيدة له يصف فيها الربيع يقول:ـ
4
َأوائ َل َورْ ٍد ُكنَّ باألمس َنو اما َ . َو َقد نبه النيرو ُز في َغ َسق الدجى
فالشاعر من خلّل هذا الوصف الوجداني ،لم يصف المشهد الجديد ،له واقع الطبيعة ،وملّمح
اإلنسان ،إ انه واقع مادي نفسيٌ.
باإلضافة إلى عنصر الشعور ،فهناك عنصر آخر ال يقبل أهمية في خلق الصورة الشعرية
التي تأخذ من الواقع ال امادي منطلقا ً لها ،وهذا العنصر هو عنصر الخيال ،فالخيال ترجم
1
للشعور والتجسيد له.
واآلن يبدو الفرق جلبا ً واضحا ً بين الوصف ال انقلي ،وبين الوصف الوجداني ،فبينما ترى
الشاعر خلّل ال انوع األول يراقب األشياء وينقل ما يراه بطريقة صادقة ،فإنه في الوجداني
ينصرف إلى تأويل بعد أن تتواله نفسه وتتحدد به.
إن فضيلة الوصف النقلي هي في دقته وصحة تشبيبها ،تبدو فضيلة الوصف الوجداني في
نزعته الداخلية وتوغله في ذات الشاعر وذات األشياء.
وبينما أن الوصف هو فطرة الالغة العربية ،واصل طبيعتها التي ركبت عليه ،فقد واكب
هذا الغرض اإلبداع الشعري منذ الجاهلية ،وال يزال غرضا ً مطروقا ً حتى اليوم ،إما مثقلّ ،أو
ممتزجا ً مع غيره من الموضوعات.
مدى ارتباط الوصف بالشعر الجاهلي:ـ
يلّزم الوصف طبيعة النفس البشرية خاصة في طور البداوة حيث تستبد نزعة التقليد
،والميل إلى نقل ك ال ما تراه العين ،حتى غدت األشعار لوحات منقولة بدقة وبراعة عن
2
البيئة التي يعيشها.
والوصف عن الجاهلي كان ع ادته في تصوير وتقريب ما حوله ،فكانت حدقته المبصرة
تجول فيما حوله من طبيعة مفتوحة األرجاء ،من أرض وسماء ،وبادية مفاوز مترامية كل
ذلك يحاول تصويره ونقله كما يراه ويحسه.
والدارس للشعر الجاهلي يجد فيه وصفا ً للذاتيات ،كما يجد فيه وصفا ً للموضوعات على
اختلّف أجناسها ،وأنواعها ،وتباين أشكالها وهيئاتها ،ويجد فيه وصفا للمعنويات والمدركات
2
العقلية والخيالية ،كما يجد فيه وصفا ً للماديات والمدركات ،البصرية والحسية.
وكذلك نرى الوصف التجريدي ،ذلك في كثرة كاثرة من الحكم التي تعج بها أشعارهم،
وتغص بها قصائدهم ،ومنها قول زهير بن أبي سلمى :
3
ُــو َّطأُ ب َمــ ْن َسم
يُضْ َربُ بأنياب وي َ صــان ُع في األمُـــور َكثيرة
ومن ال ُي َ
الشعر الجاهلي هو سجل تظهر فيه معالم الحياة الجاهلية على حقيقتها ،فهو وجها ً لوجه
أمام معالمها ،كأننا نعيش في قلبها وال نتخيلها تخي ًّل.
وقد كان الطلل أكثر ما تناوله الشاعر الجاهلي شعره ،به يبدأ كل وصف وكل وصف
4
خارجي ال يعبر عن الوجدان بما فيه من مضاعفات شعورية.
وأشهر من ن اظم في وصف الطلل امرؤ القيس ،حيث وقف واستوقف ،وبكى واستبكى
بكلمتين ومعظم ال انقاد يتمثلون بهذا المطلع كنموذج على الوصف التقليدي للطلل ،5يقول:ـ
فمطلع معلقته يتشابه وكل مطالع قصائد شعراء الجاهلية ،إذ إن وحدة الموضوع أدت إلى
وحدة المعاني والصور ،بسبب ضعف الخيال ،وضيق األفق ،فكما بكى امرؤ القيس بكى
2
آخرون ،وكما أوقف مطيته أو قوا مطاياهم.
ووقف الشعراء طوالً،يصورون ح ابهم للمرأة ،وما يذرفون من دموع على فراقها وما
تضع بهم ذكرى المحبوبة على شاكلة بشر بن أبي خازم:ـ
3 فؤادك ْ
مث َل فعْ ل األ ْي َهم. َطرْ َفا َُ ف َظ ْل َ
ت من َفرط ال اص َبا َبة َوال َه َوى
وقد وصف الشاعر الجاهلي بيئة الصحراء التي ما انفك يتجول فيها طالبا ً رزقه متنازعا ً
بقاده ،وكان ارتيادها وجها ً من وجوه البطولة والفروسية ،فاذاً هي جرداء قاحلة ليس فيها
نبات ،يتراقص فيها اآلل ويلتمع ،وتتمزق فيها نفسه وهذه أبيات لسويد بن أبي كاهل اليشكري
يصور فيها الصحراء يقول:ـ
وصف الشاعر الجاهلي المطر ،البرق وال ارعد والسحاب ،ووصف الحيوان رفيقه في
اسفاره ،وشريكه في كفاحه ضد نفسه ،ولعل الفرس والناقة كانتا من أهم الحيوانات التي
وصفها الشاعر الجاهلي ،اللتصاقهما بواقعه الجغرافي ،ولحاجته اليها في جميع أموره
ووصفه للحيوان الذي يجتاز به الصحراء ،جعله يصف ما يصادفه في طريقه ،كالبقرة
الوحشية التي تمتاز بسرعة عدوها ،وضراوتها في ال ادفاع عن نفسها.
وكان وصف عنترة بن شداد لفرسه في المعركة دلي ًّل على رهافة ح اسه ،وقدرته على
تمثيل ما يدور في صدر جواده ،فقد نال الجواد في المعركة أثخن الجراح ،ولو أوتي القدرة
1
ان َلو َعرف َال َكلّم مُكالمي
ولو َك َ
َ ان َي ْدري ما المحاورة ا ْش َتكى
ك ََلو َ
في الشعر الجاهلي صور كثيرة للطيور ،يوحي وضعها بالقوة والسلطان ،ويشيع من
بعضها العطف واإليناس ،ويرتبط بعضهما بالحنين إلى الوطن ،وبعضها بالشؤم والفرقة
فيعب الغراب مؤذن بالفراق عند نابغة الذبياني،يقول:ـ
2
كان َت ْف ُ
ريق االح َبة في َغد إنْ َ ـــدو ال أهْ ًّل بــه
بغ ْ ال َمرْ َح َبا َ
أما الخنساء فقد اعتبرت أ ان طير اسد استقر بقبر أخيها صخر ،تقول في رثائه:ـ
3
برمسه َطيْر السُّعود
و َح ال َ َف َّل َي ْبعُدَ أََُُ4بو َح اسان صخر
ونجد ايضا صورا كثيرة للكروم النابتة في ظلّل النخيل ،وذكر لألعناب ،والثمار ،كالتين
والرمال والتفاح ،وعناية بأزهار الصحراء كالعرعار والشيح والقيصوم ،وتغنيا ً بالبان والسلم
والخزامى ،ولعل األقحوان في العصر الجاهلي كان يوحي إلى الشعراء ما يوحيه الورد
األبيض من معاني اال نقاء وال اصفاء ،وحب العرب لرائحة نبات الريحان جعلهم يسمون كل
4
زهير طيب ،النشر باسمه ،فشاعت الالفطة في الشعر الجاهلي.
وقد اصورالشنفرى 4مجلسا ً أوى إليه ماء ،فخيل إليه أنه تحت مظالة تكترفه من كل
جانب ،نسجتها ريحانة مطولة بحبات المطر ،متفتحة ال ازهر ،فواحة األرج ،فقال:ـ
1
ل َها أرْ ٌج َما حـ اولها غـير مسـنت. ت من َب ْطن حليه ن َ
اور ْ يحانة َ
بر َ
َ
واقترنت صور الطبيعة في الشعر الجاهلي باألزمنة ،فتحدث الشعراء عن الفصول ،وعما
يصاحب كل فصل من مشاهد ،فالخريف زمان اختراف الثمار اليانعة ،أي قاطعها ،والشتاء
زمان البرد واال زمهرير ،والصيف مقرون بالتماع السراب ،وش ادة ال احر ،وفي ال اربيع
تخصب األرض ،وتنتج األنعام ،وتجتاز القوافل الفلوات ،وترسل ك ال قبيلة رائدها يتعرف
2
ويكثف ،رائدها يكشفها ويتعرف ،ف ّل تؤم مرعى مالم يكن واخر الكأل،
وللشاعر الجاهلي القدرة على وصف ال انفس وأحوالها ،خاصة أذا كان مهموماً ،ثقيل ال
انفس ،وإن كان الشاعر رهيف الحس كامرؤ القيس ،خ ايل إليه جمل ضخم،أناخ على الكون
يتمطى ،ويتمادى في الجثوم والرسوخ ،ويضغط على قلب الشاعر ونفسه ،ويجعلها ،أ انه
حافلة باليأس واألسى ،وصرخة من صرخات االسترحام ،فيستدعي الشاعر الفخر وهو يعرف
أ انه لن يكون خيراً من الماء ،لكن الصباح ـعلى ما فيه ـ أحب إليه ،ألنه يغسل عينه من
أوضار األرق الممرض ،وينزع من جفنيه الصور النجوم الثوابت في كبد السماء ،كأنها
ربطت بحبال أعاليها في أعناق النجوم ،وأسلّفها في قمم الجبال يقول:ـ
وقد شغف وصف الجاهليين ،فوصفوا أبسط األشياء حسب عاداتهم الجاهلية ومن ذلك
وصفهم لعادة من عادات األطفال ،وهي رميه عين الشمس قائ ًّل لها أبدلينا منها إذا انخلعت من
فيه، 3يقول طرفة:
4
بُرْ داً أب َ
ْيض َمصــقوُ َل األ َشر. َب َّدلتــ ُه ال اشمْس منْ َم ْن َبتــها