You are on page 1of 5

‫‪:‬ب ‪ :‬جرائم االعتداء على اموال الفرد‬

‫يعد التشريع الجزائي مجموعةالقواعد القانونية التي تضبط بصورة واضحة السلوك االنساني الذي يحيد عن‬
‫طريق الصواب و تنشأ عنه أفعال تكون محل تتبع من طرف النيابة العمومية و عندئذ تصدر المحاكم‬
‫الجزائية بثبوت االدانة عقوبات ‪.‬منصوص عليها صلب المجلة الجزائية‬
‫وبذلك تعرض المشرع التونسي داخل المجلة الجزائية الى الجرائم المسلطة على اموال االفراد ؛ سواء‬
‫كان ماال عاما اي تعود ملكيته الى كامل المجتمع كاختالس االموال العمومية من طرف موظفين‬
‫عموميين او مؤتمنون عموميون او محاسبون عموميون ‪ ،‬سواء كان ماال خاصا اي تعود الملكية لفرد مي‬
‫المجتمع اي وقع االعتداء على حقه مثل السرقة و التحيل و غيرها‪ ...‬حيث تعد هاته الجرائم من اخطر‬
‫‪ .‬جرائم االعتداء على االموال و أكثرها تعقيدا‬

‫السرقة‬
‫و لعل السرقة تعد من اهم مظاهر االعتداءعلى اموال الغير فعلى المستوى اللغوي نجد تعريف السرقة‬
‫‪1‬‬
‫في لسان العرب و هو "وإسترق السمع اي إسترق مستخفيا و يقال هو يسارق‬
‫‪.‬النظر إليه اذا إهتبل غفلته لينظر إليه و َس ِرق الشيء َس َرقًا َخ ِف َي" فالسرقة هي اخذ الشيء خفية‬
‫‪2‬‬
‫كما عرفها المشرع التونسي بالفصل ‪ 258‬من المجلة بالجزائية على انه"من يختلس شيئا ليس له‬
‫يصير مرتكبا للسرقة" معنى ذلك ان السرقة تتمثل في اخذ ممتلكات شخص دون إذنه او موافقته قصد‬
‫حرمانه منه و االنتفاع به‪ .‬كما وقع اعتماد نفس التعريف في القوانين المقارنة مثال في المجلة الجزائية‬
‫الفرنسية "كل من اختلس شيئا عير مملوك له فهو سارق" و كذلك اعتبر المشرع السوري في الفصل‬
‫‪ 621".‬من قانون العقوبات ان السرقة هي " اخذ مال الغير المنقول دون رضاه‬
‫‪.‬فالسرقة في القانون التونسي و السوري و الفرنسي تتمثل في اخذ او اختالس المنقول المملوك للغير‬
‫‪3‬‬
‫فحسب القرار العقيبي الجزائي عدد ‪ 9295‬المؤرخ في ‪ 9‬ماي‪ 1973‬اعتبرت المحكمة ان اختالس‬
‫قطعة ذهب او بضاعة من دكان تاجر تتكون منها جريمة السرقة الن الدكان حرز للبضاعة الموجودة به‬
‫‪..‬مهما كان نوعها‬

‫‪1‬‬ ‫معجم لسان العرب‬

‫‪2‬‬ ‫المجلة الجزائية التونسية‬


‫مجلة القضاء و التشريع‬
‫‪3‬‬
‫ان السرقة هي اخذ المال على‬
‫كما عرف الفقهاء الحنفيون و المالكيون و الشافعيون و الحنابلة على ّ‬
‫‪ .‬وجه الخفية و االستتار حيث يتفقون حول هذا التعريف و ما يتعلق بها من اختالس و نهب و خيانة‬

‫فالى جانب تعريف المشرع للسرقة في المجلة الجزائية قام كذلك بتحديد االركان المكونة لهذا الفعل‬
‫المجرم و ذلك بالفصل ‪ 258‬م‪.‬ج الذي جاء فيه "ن يختلس شيئا ليس له يصير مرتكبا للسرقة‪ .‬و يلحق‬
‫"‪.‬بالسرقة اختالس االنتفاع بما هو ممنوح للغير من الماء او الغاز او الكهرباء‬
‫و يؤخذ من هذا التعريف المقتضب ان جريمة السرقة بنوعيها سواء كانت مجردة او موصوفة تفترض‬
‫‪.‬ثالث عناصر و هي المحل و السلوك المتمثل في االختالس و القصد االجرامي‬

‫اذ حتى تتكون جريمة السرقة يتوجب ان يكون محل السرقة شيء غير مملوك للجاني فهي جريمة تقع‬
‫تقوم بالمال على ان يكون الشيء و خدماته ليس للجاني بل للغير فال‬
‫فقط على االشياءو خدماتهم التي ّ‬
‫يعقل سرقة شيء سيؤول للجاني او من تركته‪ ،‬و يجب ان يكون للشيء مالك‪،‬و الشيء الضائع يجب‬
‫‪.‬رده‬
‫‪4‬‬
‫ويجب توفر ركن االختالس الذي يعد المقياس المكون للفعل المجرم اذ نجد جدل فقهي حول مفهوم‬
‫االختالس بين النظرية التقليدية التي تعتبر انه ال تحدث عملية االختالس اال بحركة مادية صادرة عن‬
‫الجاني لالعتداء على ملك الغير و انتزاعه و اخذه بنية تملكه دون رضاء صاحبه و ذهبت في هذا االتجاه‬
‫المحكمة الفرنسية و ذلك في قرار تعقيبي صادر في ‪ 18‬نوفوبر ‪ ، 1937‬و النظرية الحديثة و من اهم‬
‫روادها "اميل ڨارسون" الذي اعتبر االختالس يتمثل في " االستيالء على حيازة الشيء بدون علم و‬
‫رضى صاحبه او حائزه السابق" و الحيازة تتكون من عنصرين االول مادي اي استعمال الشيء و التصرف‬
‫‪.‬فيه بالرهن او البيع او الكراء ‪ ،‬و الثاني معنوي اي إعتقاد الحائز انه يحوز الشيء بصفته مالكا له‬
‫ففقه القضاء الفرنسي اعتمدالنظرية الحديثة لمفهوم االختالس و لكنه لم يقع التخلي كليا عن النظرية‬
‫التقليدية على عكس المشرع التونسي الذي لم يحدد موقفه في هذه المسألة و ال يوجد اي حكم او قرار‬
‫‪.‬يتناول هذا الركن و ال اي تعريف له لتحديد النظرية المعتمدة من طرف المحاكم التونسية‬
‫‪5‬‬
‫فالى جانب توفر الركن المادي للسرقة و المتمثل في الحيازة و التملك نجد الركن المعنوي اي القصد‬
‫الجنائي و يتوفر ذلك بتوفر عنصري االرادة و العلم ‪ ،‬إذ نجد قصد عام و هو العلم بملكية الشيء المختلس‬
‫للغير و قصد خاص و هو نية االمتالك‪ .‬فالثبات القصد الجنائي يجب اقامة الدليل و الحجة على ان‬
‫الجاني عمد الى حيازة المال المنقول و ان يكون على علم ان الحق الذي استولى عليه ليس ملكا‬

‫‪4‬‬ ‫دراسات قانونية في مختلف فروع القانون الجزائي الخاص لمنجي االخضرص‪20‬‬
‫‪5‬‬ ‫دراسات قانونية في مختلف فروع القانون الجزائي الخاص لمنجي االخضرص‪36‬‬
‫له ‪ ،‬و نظرا العتبار السرقة جريمة فورية يتوجب ان يكون القصد الجنائي متزامن مع ارتكاب الفعل‬
‫كون الجريمة‪ .‬فيجب على النيابة العمومية اثبات معاصرة القصد االجرامي لالختالس‬
‫المجرم الذي ّ‬
‫مثال" من يستولي على شيء معتقدا انه ملكه ثم يرفض تسليمه الى مالكه بعد اتضاح الخطأ ال يعتبر‬
‫سارقا ‪ ،‬بينما مثال من قاد سيارة غيره بنية استعمالها و ردها اليه ثم تغيرت نيته و استولى عليها يعد‬
‫"سارقا‬

‫‪6‬‬
‫‪ 264‬من‬
‫فالى جانب االركان نظم المشرع العقوبات المسلطة على هذا الفعل المجرم حيث جاء بالفصل‬
‫م‪.‬ج بانه نعاقب مرتكب السرقة المجردة بالسجن ‪ 5‬سنوات و خطية قدرها ‪ 120‬دينار فهنا لم يحدد‬
‫المشرع التونسي الحد االدنى للعقوبات بل حدد اقصاها و ترك الحرية للقاضي لتسليط العقوبة حسب‬
‫مالبسات و اسباب الحادث و هو نفس االتجاه الذي اعتمده المشرع الفرنسي الذي اعطى الرية للقاضي‬
‫السناد العقوبتين او احداهما و ذلك حسب ‪ 381‬م‪.‬ج فرنسية‪ ،‬على عكس المشرع المغربي الذي حدد‬
‫الحد االدنى للعقوبة و المتمثلة في سنة سجن‪ .‬كما خص المشرع نوع معين من السرقات باحكام‬
‫خاصة و ذلك صلب قانون ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1896‬المتعلق بحفظ االراضي الزراعية ‪،‬حيث ترتبط هذه السرقة‬
‫بالمنتوجات التي تنتجها االراضي الفالحية فوضع المشرع قانون لحماية اصحاب هذه من كل عملية‬
‫نهب او سرقة او اعتداء فحسب الفصل ‪ 263‬مكرر الذي اضيف بموجب القانون عدد ‪ 7‬لسنة ‪2018‬‬
‫فانه يعاقب بالسجن ‪ 10‬سنوات من قام بسرقة الحيونات و المعدات الفالحية و الصابات و غيرها من‬
‫‪..‬ميتوج االرض‬
‫و لكن يقع التشديد في العقوبة اذا تعلقت بسرقة موصوفة كارتكاب السرقة باستعمال العنف او التهديد‬
‫او استغالل حالة الضحية و ظروفها او ارتكابها بسالح سواء كان ظاهرا او مخفيا او ارتكاب سرقة اثناء‬
‫حريق او زلزال او اي اضطرابات او ارتكاب السرقة على االشياء المعدة لتامين سالمة اي وسيلة نقل‬
‫فالعقوبة في كل هذه الحاالت هي السجن المؤبد و ذلك حسب ما جاء بالفصل‪ 260‬و ما بعده من‬
‫‪.‬المجلة الجزائية‬

‫التحيّل‬
‫‪7‬‬
‫فالى جانب جريمة السرقة نجد كذلك جريمة ثانية تتعلق باالعتداء على االموال و هي جريمة التحيل‬
‫حيث تعرض لها الشرع التونسي في الفصل ‪ 291‬م‪.‬ج الذي نص على معاقبة" كل من استعمل اسما‬

‫‪6‬‬ ‫"المجلة الجزائية التونسية القسم الثاني "في السرقات و غيرها مما هو مشبه بها‬
‫‪7‬‬ ‫"المجلة الجزائية التونسية القسم الرابع "في التحيل و غيره من أنواع الخداع‬
‫مدلسآ او صفاتا غير صحيحة او التجا الى الحيل و الخزعبالت التي من شانها اقناع الغير بوجود‬
‫"‪...‬مشاريع ال اصل لها في الحقيقة‬
‫و بذلك يمكن تعريف التحيل بانه استعمال طرق احتيالية عن سوء نية لتسلم شيء من مالكه لالضرار‬
‫‪.‬به او بالغير‬
‫و التحيّل جريمة خاصة لها مميزات فهي عبارة عن استيالء على ملك الغير باستعمال خزعبالت و‬
‫عادة ما يتسلم المتحيل اموال الغير برضاه لكن هذا الرضاء معيب النه يوهم المتضرر باشياء غير حقيقية‬
‫‪.‬فيغالطه و يتسلم منه اشياء اخرى‬
‫و هذا ما يميز التحيل عن السرقة اذ ان في الجريمة االولى يسلم المتضرر الشيء المسروق الى السارق‬
‫بيدان في الجريمة الثانية يقوم باختالس الشيء منه دون علمه و رضاه‪ .‬كما ان التحيل يختلف عن‬
‫جريمةخيانة المؤتمن النه في التحيل يقع التسليم نتيجة للمغالطة في حين في جريمة خيانة المؤتمن‬
‫يتم التسليم بصفة ارادية و بمقتضى عقد مبرم بين الجاني و المتضرر ‪ ،‬على ان هذه الجرائم الثالثة تمثل‬
‫‪.‬اعتداء على ملك الغير و هذا هو العنصر المشترك بينها‬
‫و من جانب اخر لتتحقق جريمة التحيل يستوجب توفر اربعة اركان اولها استعمال طرق احتيالية و ذلك‬
‫باستعمال اسم‬
‫غير صحيح و مزيف او صفة غيرصحيحة او استعمال حيل و خزعبالت و المشرع التونسي لم‬
‫يعرف مصطلح الخزعبالت بينما يرى االستاذ "برادال" انها بمثابة كذب مدعم بفعل مادي خارجي بينما‬
‫يرى الفقيه "ڨارسون" ان الخزعبالت هي " افعال خارجية و اعمال مادية‪ ،‬و انها اخراج مسرحي‬
‫"لتدعيم الكذب‬
‫و اعتبر كل الشراح ان الخزعبالت تتمثل في افعال ايجابية مادية ايان يقوم المتحيل باعمال مادية‬
‫‪.‬وخارجية حتى يدعم كذبه‬
‫‪8‬‬
‫كما استقر فقه القضاء التونسي على هذا االتجاه في قرار تعقيبي مؤرخ في ‪ 10‬مارس‪ 1965‬حيث ورد‬
‫فيه"تتوفر الخزعبالت اذا اصطحبت اكاذيب الجاني باعمال مادية او مظاهر خارجية‪ "...‬و اكد فقه‬
‫‪.‬القضاء الفرنسي هذا االتجاو في القرار التعقيبي المؤرخ في ‪ 9‬مارس ‪1992‬‬
‫و ثانيها نية تحقيق غرض من االغراض التي ضبطها المشرع حيث انه ال يكفي ان يستعمل الجاني‬
‫الطرق االحتيالية حتى يؤاخذ من اجل التحيل بل يجب ان تكون نيته تتجه نحو تحقيق غاية من‬
‫الغايات التي اوردها المشرع و يمكن حصرها في ثالث اغراض ؛ االقناع بوجود مشاريع ال اصل لها في‬

‫‪8‬‬ ‫مجلة القضاء و التشريع‬


‫الحقيقة و االقناع بوجود نفوذ وهمي و بعث امل في نجاح غرض من االغراض او الخوف من اقصائه او‬
‫‪.‬وقوع اصابة او اي حادث خيالي‬
‫و يتمثل الركن الثالث في الشيء موضوع التحيل اي يقع تحديد طبيعة الشيء موضوع التحيل و هي‬
‫االموال و المنقوالت او االوراق المالية و مبدئيا فان القائمة حصريةال تشمل اال المنقوالت المادية و يجب‬
‫ان تكون لها قيمة مالية و ذل خالفا للسرقة التي يمكن ان تتعلق باشياء ليست لها قيمة مالية‪ .‬كما‬
‫…توسع فقه القضاء في مفهوم االشياء موضوع التحيل لتشمل الشيكات و االذون بالتحويل‬
‫وكذلك يجب تسليم الشيء فهذا الركن ضروري بالنسبة للتحيل اذ ان المتحيل يتسلم او يحاول ان يتسلم‬
‫من المتضرر اموال اال انه ليس من الضروري ان يتم التسليم مباشرة‪ .‬و اخيرا لتحقق جريمة التحيل‬
‫يجب توفر ركن القصد الجنائي و تحققه ‪ ،‬و يتمثل ركنها المعنوي في ادراك الجاني لعواقب فعله و علمه‬
‫بانه يستعمل وسائل غير شرعية ليغالط المتضرر و يتسلم منه اشياء بدون رضاه حيث يرى االستاذ‬
‫‪".‬روبارفيفين" ان الركن المعنوي للجريمة يتعلق باالضرار الناتجة عن التسليم‬
‫فكما وضع المشرع اركان جريمة التحيل فقد ارفقه كذلك بالعقاب المسلط على هذا الفعل المجرم فاوال‬
‫التحيل هو جنحة يعاقب مرتكبها بخمسة اعوام مع خطية و المحاولة موجبة للعقاب‪ ،‬وال يمكن ان‬
‫تصبح هذه الجنحة جنايةاذ ال وجود لظروف تشديد خالفا لجريمتي السرقة و الخيانة‪ ،‬و ثانيا تسقط‬
‫‪.‬الدعوى العمومية بمرور ثالث سنوات بداية من تاريخ تسليم الشيء باعتبار جريمة التحيل فورية‬

You might also like