Professional Documents
Culture Documents
Seminaire 2
Seminaire 2
1
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــة
شهدت المجتمعات اإلنسانية خالل فترات مختلفة تط ورات اقتص ادية ومالي ة هام ة ،أدت الى تط وير
أشكال المعامالت التجارية وخلق أنواع معامالت جديدة ساعدت على النمو االقتصادي واالجتم اعي،
ونتيجة لهذا التطور ظهرت المؤسس ات والهيئ ات المالي ة ال تي ته دف إلى اس تثمار األم وال وتحقي ق
األرباح ،والتي من أهمها البورصة أو ب األحرى س وق األوراق المالي ة "ال تي ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ مج اال
ﺧﺼﺒﺎ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺗﻮﻇﻴﻒ المال ،مما ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ
ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ،ومما ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﺗﺄﺳﻴﺲ المشاريع الكبيرة التي ﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ
ﻭﺍﺣﺪ ،ﺑﻞ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻷﻣﺮ إلى ﺃﻥ ﺗﺘظﺎﻓﺮ الجهود؛ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﻫﺬﻩ المشاريع ،ﻭﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺔ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﻫﺎﺋﻼﹰ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ األخيرة ،ﻭﺃﺿﺤﺖ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ الحكومات ﻭﻭﺿﻌﺖ لها ﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ
والقوانين ال تي تحكم س يرها .ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻟﻠﺒﻮﺭﺻﺎﺕ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻋﻤﻠﻬﺎ وﻇﻬﺮﺕ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ
ﻟﻠﺠﺮﺍﺋﻢ المالية التي ﺍﺳﺘﻐﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻼﺕ المالية ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻪ
1
ﺣﻖ".
وقب ل الخ وض في دراس ة ج رائم البورص ة ،يجب أوال التع رض لك ل مص طلح على ح دة :فمفه وم
الجرائم لغة هو جمع جريمة ،ج َّر َم يجرِّ م ،تجري ًما ،فهو ُمجرِّ م ،والمفعول ُمجرَّم وهي كل فع ل يع اقب
علي ه الق انون .2أم ا قانون ا ،فق د عرّفه ا البعض بأنّه ا عم ل أو امتن اع عن عم ل ش يء ينصُّ القانـــــون
3
عليــــــه ،ويُجــــازي فاعلــــــه بعقوبــــــ ٍة جنائيّـــــــة.
أم ا المشرع التونس ي فلم يح دد مع نى دقي ق للجريم ة ولكن ه وضع في الفص ل 122م ا ج معي ارا
لتقسيمها حسب عقوبة الفعل ،فنجد المخالفة (وعقوبته ا من ي وم واح د س جن إلى 15يوم ا) والجنح ة
(وعقوبتها من 16يوم سجن إلى 5سنوات) والجناية (والتي تك ون عقوبته ا من 5س نوات س جن إلى
السجن مدى الحياة أو اإلعدام).
1أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش ،دراسة حول التدابير ﺍﻟﻮﺍﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺎﺕ في ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ اإلسالمي:
دراسة مقارنة.
2موقع المعاني ،تعريف و معنى الجرائم في معجم المعاني الجامع -معجم عربي عربي .األنترنت
3أ .د .محمد جبر األلفي (" ،)2016-10-20ماهية الجريمة الجنائية" ،األلوكةّ ،
اطلع عليه بتاريخ .2017-4-27
2
أما البورصة فيقص د به ا لغة" :ﻓﺘﻖ في ﺍﻟﻐﻴﻢ ﻳﺮﻯ ﻣﻨﻪ أديم ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﺑﻘﻌﺔ في ﺍﻟﺮﻣﻞ ﻻ ﺗﻨﺒﺖ ش يئا"،
فق؛ ﻭﻫﻲ ﺳﻮﻕ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻔﻘﺎﺕ القطن واألوراق ني :المص وفي ﻋﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ تع
المالي ة 4".وأيضا عرفه ا بعض علم اء االقتص اد بأنه ا الن ادي ال ذي يجتم ع في ه لس اعات مح ددة تج ار
المدينة والسماسرة للتعامل ،وهي أيضا االجتم اع ال ذي يعق د للقي ام ب بيع وش راء البضائع واألوراق
المالية وعقد مختلف الصفقات التجارية 5.أما إصطالحا ،فهي اجتماع يُعقد في مواعيد دوري ة ـ يوميًّا
في الغالب ـ ألجل القيام بعمليات شراء البضائع واألوراق المالية وبيعه ا ،وق د ي ْ
ُطلَ ق ه ذا اللف ظ على
مك ان االجتم اع أو زمان ه أو مجم وع الص فقات ال تي تعق د 6.ويع ني أيضا "إط ار منظم يضم األدوات
7
المالية التي يمكن أن تباع وتشترى".
أما بالنسبة للمشرع التونسي ،فلم يتطرق إلى مفهوم البورصة في القانون الحالي الذي ينظمه ا (ق انون
1994المتعل ق بتنظيم البورص ة) ولكن ه عرفها في القــانون الملغى عــدد 49لســنة 1989كم ا يلي:
"بورص ة األوراق المالي ة هي مؤسس ة عمومي ة ذات ص بغة تجاري ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة
واالستقالل المالي ومقرها بتونس العاصمة" .وفي المقابل نجد تعريفها في موقع بورصة ت ونس ال ذي
عرفها كما يلي" :البورصة هي سوق يلتقي فيه المستثمرون لشراء وبيع سندات رأس المال أو سندات
ال ّدين المص درة من قب ل الشركات وال ّدول ة والجماع ات المحلي ة .وبالت الي تضمن البورص ة س يولة
الس ندات للمس تثمرين وتس مح للمؤسس ات بالحص ول على التم ويالت الالزم ة لتنمي ة أنشطتها ع بر
اللج وء إلي االكتت اب الع ام .وعلى ه ذا األس اس تمث ل البورص ة إح دى الرّواف د األساس ية لتموي ل
االقتصاد".
وتجدر اإلشارة أن مصطلح البورصة ه و في األص ل مشتق من اس م عائل ة " "Van der byrssa
وهي عائلة بارزة جدا في مدين ة « » Bruges البلجيكية في الق رن الث الث عشر إلى الخ امس عشر
وكانت تمتلك فندقا يمارس فيه التجار عملي اتهم التجاري ة واالقتص ادية وق د ش غل العدي د من أفراده ا
مناصب في ذل ك المج ال (مستشارين م اليين ووس طاء) ،ومن اس مها اش تقت كلم ة "س وق األوراق
8
المالية" كمكان تجاري منظم.
4ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺃﻧﻴﺲ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،المعجم الوسيط ،،القاهرة ،مكتبة الشروق الدولية ،ط ،4ﻫ ،2004/ 1425ص .49
5شعبان محمد اسالم البوراوي ،بورصة األوراق المالية من منظور إسالمي (دراسة تحليلية نقدية) الطبعة األولى ،دمشق ،دار الفكر ،2001 ،ص .25
تعريف و معنى البورصة في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصرة ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط .قاموس عربي عربي. 6
7
Peter Howells & Keith Bain, Financial Markets and Institutions, (England: Prentice Education Limited, 5thEdition, 2007),
17.
8موقع ويكيبيديا.
3
ونظرا لمدى تأثير سوق األوراق المالي ة في اقتص اد الدول ة ،وس عيا إلى تنظيم ه ذا المج ال في البالد
التونسية لتجنب التحيل والسرقات لخطورته ا الك برى ،أص در المشرع ع دة ق وانين ب دءا من أفري ل
1945إلى نوفم بر :1994ففي 23أفري ل 1945ص در األم ر العلي المتعل ق باإلتج ار في القيم
المنقولة ،ثم في فيفري 1969تم إحداث بورصة األوراق المالية ،ثم صدر كذلك في 8م ارس 1989
القانون عدد 49المتعلق بالسوق المالية ال ذي ح اول في ه المشرع تنظيم عملي ات األوراق المالي ة من
خالل تحديد الجرائم المتعلقة بها وزجرها .ثم أخيرا تم إصدار القانون عدد 114لسنة 1994الم ؤرخ
في 14نوفمبر 1994والمتعلق بإعادة تنظيم السوق المالي ة فق د ح اول من خالل ه المشرع النه وض
بالقطاع االقتصادي والتشجيع على االستثمار.
ولكن حماي ة له ذا المج ال المهم القتص اد البالد ،أضاف المشرع ج رائم جدي دة حماي ة لمع امالت
البورصة ،كذلك أحدث هيئة الس وق المالي ة ال تي "تكل ف بالس هر على حماي ة االدخ ار المس تثمر في
األوراق المالية واألدوات المالية القابلة للتداول بالبورص ة وفي كل توظي ف لألم وال يتم عن طري ق
المساهمة العامة .كما تكلف بتنظيم أسواق األوراق المالية واألدوات المالية القابل ة للت داول بالبورص ة
9
وبالسهر على حسن سيرها".
فهدف المشرع الحمائي باألساس يعكس أهمية الجرائم المتعلقة بالبورصة وكثرتها ،فمج ال البورص ة
مجال يجب أن يتميز بالشفافية والمساواة واألمان وهو من أهم األنشطة االقتصادية نظرا لم ا يق وم ب ه
من أدوار متنوعة إلرساء محيط اقتصادي واجتماعي مالئم ،ومن هنا نستشف أهمية الجانب الزجري
لألفعال التي يمكن أن تمس من القطاع المالي وأن تفرز العديد من السلوكات الضارة التي تعيق عم ل
البورصة وبالتالي ت ؤثر س لبا على فك رة ترس يخ االدخ ار بالبورص ة في ع ادات الم دخرين وإرس اء
التمويل عن طريق البورصة في ثقافة تسيير الشركات التونسية.
فبقدر ما تمثله البورصة إذا من أهمية لبناء اقتصاد حر وقوي وفعال كما ذكرنا ،بق در م ا ق د تتضمن
العديد من المخاطر ،لذلك وجب تنظيمها وحمايتها بقواعد صارمة ،خاصة أن المدخر المس تثمر ع ادة
ما يكون جاهال لقواعد التعامل بالبوصة.
وتم تجس يد ه ذه الحماي ة من خالل تج ريم كل التص رفات ال تي تمس بالمتع املين وتنظيم البورص ة
وتطويرها بما يكفل تحقيق العدالة والكفاءة والشفافية.
9الفصل 23من قانون عدد 117لسنة 1994المؤرخ في 14نوفمبر1994يتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية.
4
إضافة إلى ذلك ،فإن دراسة جرائم البورصة تمكننا من الت دقيق في سياس ة المشرع التونس ي وفهمه ا
والتطرق إلى النقائص التي تشوبها واقتراح بدائل لها.
ولإلجابة عن هذه اإلشكالية ،سنتطرق إلى قيام جرائم البورصة (جزء )1وإلى زجرها (جزء.)2
5
عند التمعن في الجرائم المتعددة التي وضعها المشرع حماية لميدان سوق األوراق المالية ،نجد أنها
تنقسم إلى جرائم متعلقة بالمعلومة (فقرة أولى) وجرائم متعلقة بالمعاملة (فقرة ثانية).
فبالنسبة للجريمة األولى وهي استغالل المعلوم\\ات الداخلي\\ة ،فقد نص عليه\\ا الفصل 81من قانون
" 1994يعاقب بخطي\\ة ت\\تراوح من 100إلى 10 000دين\\ارا األش\\خاص الذين يحصلون بمناس\\بة
ممارس\\ة مهنهم أو بمناس\\بة القي\\ام بمه\\امهم على معلوم\\ات داخلي\\ة تتعل\\ق بوضعية مصدر لألوراق
المالي\\ة بالمس\\اهمة العام\\ة أو بآفاقه أو تتعل\\ق بأف\\اق تط\\ور ورقة أو أداة مالي\\ة موظفة عن طري\\ق
المساهمة العامة والذين يتوصلون بصفة مباش\\رة أو بواس\\طة الغ\\ير إلى إتم\ام عملي\\ة أو أك\\ثر داخل
السوق قبل ان تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم بالصبغ التي تشترطها القوانين والتراتيب ".وعلى
هذا األساس تقوم هذه الجريمة عندما يقوم الشخص بالتحدث بالمعلومات إلى شخص اخر يتوصلون
لها سواء بأنفسهم أو بواسطة الغير إلى إتمام عملية أو أكثر داخل السوق قبل أن تبلغ تلك المعلوم\\ات
إلى علم العموم.
كما يعاقب القانون الفرنسي على هذه الجريم\\ة وذلك ضمن قانون 27ديس\\مبر ،1970ويس\\تعمل
مصطلح "استغالل المعلوم\ات" 10.ولعل م\ا نستش\فه من خالل ذلك ه\و أن غاي\ة المش\رع من تجريم
هذا الفعل هو تسليط عقاب على المطلعين ح\\تى يل\\تزموا بالمحافظ\\ة األس\\رار والمعلوم\\ات الداخلي\\ة
الخاصة بالشركة حيث أن هذه الجريمة يعاقب عليها حتى وإن لم يقع اس\\تغالل المعلوم\\ات ،فبمجرد
اإلفصاح عنها يعتبر جريم\\ة بغض النظ\\ر عن اس\\تغاللها أو عن النتيجة المترتب\\ة عنه\\ا ،إذ أن ه\\ذه
األخيرة تتأسس باإلعتماد على عنصرين :عنصر مادي و معنوي ،وهذا األخير يعني "القصد" الذي
يعتبر ركنا أساسيا في بعض الجرائم .فبالنسبة لهذه الجريم\\ة تعد المعلوم\\ات أساس\\ا له\\ا ف\\إن امت\\داد
6
المعلومات الداخلية للغير قب\ل نش\رها وذلك للتمت\ع بم\يزة عن اآلخرين فه\ذا ي\ؤدي حتم\ا إلى ع\دم
تحقيق المساواة في السوق المالية.
إن ما يجب اإلشارة إليه هو أن المشرع لم ينص على هذا العنصر في الفصل 81من قانون 1994
مع غياب لكل الصيغ التي تشير إليه ،ونتيجة لهذا تعت\\بر جريم\\ة اس\\تغالل معلوم\\ات داخلي\\ة جريم\\ة
ترتكز على العنصر الم\\ادى الذي يتمث\\ل في اإلفصاح بأس\\رار الش\\ركة وذلك من خالل العب\\ارات
11
المستعملة "قبل أن تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم".
إضافة إلى ذلك فإن استغالل المعلومات الداخلي\\ة يمكن أن يك\\ون ك\\ذلك من ط\\رف المطل\\ع أو العالم
بأسرار الشركة والذي تعرض له الفصل 81في فقرته األولى :األشخاص الذين يحصلون بمناس\\بة
ممارس\\ة مهنهم أو بمناس\\بة القي\\ام بمه\\امهم على معلوم\\ات داخلي\\ة تتعل\\ق بوضعية مصدر األوراق
المالي\\ة بالمس\\اهمة العام\\ة أو بآفاقه أو تتعل\\ق بآف\\اق تط\\ور ورقة أو أداة مالي\\ة موظفة عن طري\\ق
المساهمة العامة والذين يتوصلون بصفة مباش\\رة أو بواس\\طة الغ\\ير إلى إتم\ام عملي\\ة أو أك\\ثر داخل
السوق قبل أن تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم بالصيغ التي تش\\ترطها القوانين والتراتيب ،حيث
أن هذا الفصل يشير إلى تنوع المطلعين على أسرار الشركة وهم أش\\خاص يتوصلون الى معلوم\\ات
غير معلنة للعموم أو في السوق وتكون متعلقة بحياة وسير الشركة.
كما يمكن أن نضيف جريم\\ة أخرى تتعل\\ق باس\\تغالل معلوم\\ة ممت\\ازة ،ه\\ذه الجريم\\ة ت\\دخل ضمن
الجرائم المنصوص عليها بقائم\\ة الفصل 81من قانون 1994والذي أش\\رنا له س\\ابقا ،ولعل م\\ا
يستوقفنا في هذا الفصل أن كلمة ممت\\ازة في النس\خة الفرنس\ية للنص قد ذك\رت وغ\\ابت في النس\خة
العربي\\ة ولم يعرفه\\ا المش\\رع حيث جاءت العب\\ارة مطلقة بش\\أن بقي\\ة الجرائم .والجدير بالذكر أن
المتأمل في هذه الجريمة والسابقة يالحظ تماهي نسبي بينهما إذ هناك تداخل بين الجريمتين ولعل من
األفضل كان على المشرع تجريم الفعلين في نص واحد لتجتب ظاهرة تفاقم التجريم ،اذ عملت عدي\\د
التش\\ريعات إلى التصدي لجريم\\ة اس\\تعمال المعلوم\\ة المتوصل إليه\\ا بحكم الوظيفة أو اس\\تغاللها
للحساب الخاص أو لحساب الغير قبل عرضها على جمهور المستثمرين .12فه\ذه الجريم\ة تتم\يز عن
األخرى التي تم ذكرها س\ابقا في كونه\ا تحصل عن\د اس\تغالل ه\ذه المعلوم\ات الممت\ازة المتحصل
عليه\\ا ألخذ مب\\ادرة س\\واء ب\\البيع أو بالش\\راء قب\\ل أن تصل المعلوم\\ة إلى علم بقي\\ة الم\\دخرين أو
القانون المتعلق بتنظيم السوق المالية لسنة 1994الفصل .81 11
12
منير بوريشة ،المسؤولية الجنائية للوسطاء الماليين في عمليات البورصة ،دار الجامعة الجديدة.2007 ،
7
المستثمرين وهذا ما من شأنه تحقيق أرباح بطريقة غير شرعية وأن يك\\ون قد حصل عليه\\ا بس\\بب
وظيفت\\ه أي أن\\ه لم يح\\ترم واجب التكتم أي ال يكفي الحصول على المعلوم\\ة الداخلي\\ة ب\\ل اس\\تغاللها
للقيام بعمليات بيع وش\\راء س\واء بصفة مباش\\رة أو عن طري\ق الغ\\ير م\ع العلم أن ه\ذا الصنف من
الجرائم لم يشترط فيها المشرع القصد الجزائي فمجرد استغالل هذه المعلومات كاف لقيام الجريمة.
وباإلضافة إلى هذين الجريمتين ،نجد جريمة ترويج معلومات زائفة أو مظلة وباالعتبار ان المعلومة
لها دور كبير في التأثير س\لبا أو إيجاب\ا على المعامالت المتعلقة بس\وق األوراق المالي\ة لذلك قرر
المشرع إضفاء الحماية الجنائية للمعلومة وذلك من خالل التنصيص عليه\\ا في الفصل 81فقرة 3
التي تنص على أنه "يكون عرضة للعقوبات المنصوص عليها بالفقرة األولى كل شخص يتولى عمدا
ترويج معلومات زائفة أو مظل\\ة بين العم\\وم بأي\\ة طريقة أو وس\\يلة ك\\انت من ش\\أنها أن ت\\ؤثر على
األسعار وتكون متعلقة بآفاق تطور ورقة أو أداة مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة ".حيث أن
هذه الحماية الجنائية تكون بمراقبة المعلومات الخاطئة أو المظلة 13.وفي ه\ذا اإلط\ار يجب أن نعرج
على مفهوم المعلومة الزائفة ،وهي كل معلومة كاذبة ال أساس لها من الصحة ،من شأنها التأثير على
األسعار وبالت\\الي الس\\ير الط\\بيعي للس\\وق المالي\\ة .حيث أن اإلش\\اعة أو المعلوم\\ة الخاطئة يمكن أن
يكون بها تأثير كبير على األسعار خاصة إذا تعلق بحياة الش\\ركة االقتصادية ونجاحه\\ا أو تقدمها أو
كانت تتعلق باإلطار االقتصادي كإشاعة هناك تغي\ير في النظ\ام أو فيم\ا يتعل\ق بفرض رس\وم ،14كم\ا
تعت\بر المعلوم\ات إح\دى العناصر الهام\ة التي تقوم عليه\ا البورصة واألس\اس الذي يعتم\د علي\ه
المستثمر عند اتخاذ قراره اإلستثماري في األوراق المالية ،لذلك فقد حرص المشرع على ابراز كافة
المعلومات عن الشركات المصدرة لألوراق المالية وجرم نشر التصريحات واإلستش\\ارات واألقوال
الشفاهية الكاذبة بهدف الحفاظ على مصداقية المعلوم\\ات ودقته\\ا ،وهن\\ا تجدر اإلش\\ارة أن\\ه ال يمكن
حماية اإلستثمار وضمان حسن س\ير الس\وق المالي\ة من دون ت\أمين المعلوم\ات المتعلقة باالس\تثمار
والحيلولة دون نشرها بشكل مخالف لما هي عليه في الواقع ،كأن تعمد ش\ركة م\ا ت\داول أس\همها في
البورصة أو تزعم جعلها كذلك ،لنشر معلومات خاطئة تتعل\\ق بحالته\\ا االقتصادية ،الب\\د من معاقب\\ة
الجاني في هذه الحالة .وبالتالي كي تقوم ه\\ذه الجريم\\ة يجب ت\\وفر ركنيه\\ا الم\\ادي والمعن\\وي حيث
يتمثل الركن المادي في إصدار معلومة كاذبة أو مغالطة ،أما الركن المعن\\وي فه\\و ت\\وفر القصد أي
13خالد على صالح حنفي ،الحماية الجنائية الخاصة بسوق األوراق المالية الخاصة ،الطبعة األولى ،اإلسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،2007،ص .7
14بهية هواتف ،النظام القانوني لتداول القيم المنقولة (في البورصة) مذكرة لنيل درجة ماجستير في الحقوق ،فرع قانون أعمال ،جامعة الجزائر ،2008 ،ص
.116
8
العمد عند القيام بترويج أو نشر أو تسريبب المعلومة غير الصحيحة .وبالتالي يتمثل هذا العنصر في
نشر المعلومات مع العلم بأنها خاطئة ،وبهذا إذا كانت هذه الجنحة تقوم على وجود معلوم\\ات زائفة
فيجب أن تنط\\وي ه\\ذه األخيرة على ح\\د أدنى من الدقة ،لكن في التط\\بيق إن اإلش\\اعات أو مجرد
اآلراء ال يمكن أن تعت\\\بر معلوم\\\ات زائفة م\\\ع العلم أن مجرد اإلش\\\اعات يمكن أن تتس\\\بب في
اضطرابات لذلك يجب أن تكون معاقب عليها ،وبالتالي تتأسس هذه الجنحة باالس\\تماع إلى معلوم\\ات
زائفة تجعل الشخص يقع في الخطأ إما بتحقيق أرباح أو تخفيض في األسعار أو الترفيع فيها.
تعم ل األس واق المالي ة على تلبي ة حاج ة المس تثمرين فيه ا من خالل العم ل على انتق ال األم وال من
وحدات فائض (من يملكون األموال) إلى وحدات العج ز (من يري دون تموي ل األم وال) مقاب ل أوراق
مالية معينة ويشترك في هذه السوق مجموعة من األفراد والمؤسس ات ضمن إج راءات خاص ة تنظم
عملهم ،ونظرا ألهمية مجال البورصة وقيمته فإنه لم يسلم من االعتداءات مم ا أدى إلى ب روز ج رائم
تتعلق بتنظيم السوق المالية في إطار المعاملة ،ومن أهمها جريمة المناورة وجرائم العرقلة على معنى
الفص لين 84و 85من ق انون 1994المتعلق ة بإع ادة تنظيم الس وق المالي ة .وباإلضافة إلى جريم ة
اإلخالل بموجبات االصدار على مع نى الفص ل 82من ق انون 1995فبالنس بة للجريم ة األولى يمكن
القول بأن تجريمها يعود إلى سنة 1989بالقانون عدد 89-49المؤرخ في 8مارس 1989والمتعل ق
بالسوق المالية ،كما أن قانون 111-94المؤرخ في 1994والمتعلق بإعادة تنظيم السوق المالي ة كان
فرصة إعادة صياغة تجريم هذا الفصل .حيث اقتضى الفصل 81في فقرته الرابع ة "ويك ون عرضة
للعقوبات المنصوص عليها بالفقرة األولى أعاله كل ش خص يت وى عم دا بص فة مباش رة أو بواس طة
الغير القيام بمناورة في سوق ورقة مالية أو أداة مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة وته دف إلى
اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إلى إيقاع الغير في الخطأ" ،ما يمكن ما يمكن التأكيد عليه أن ه كث يرا
ما يقع الخطأ بين المناورة وبعض المفاهيم األخرى كاإلحتكار والمضاربة 15وهي من المف اهيم المألوف ة
في ميدان البورصة الذي يعد المجال األمثل لنشاط المضاربة.
كذلك كثيرا ما يقع الخلط بين جريمة المن اورة على مع نى ق انون 1994وجريم ة التحي ل على مع نى
الفصل 291من المجلة الجزائية الذي جاء "يعاقب بالسجن م دة خمس ة أع وام وبخطي ة ق درها ألف ان
15
Vauplane (H) et simort (O). op. cit. p 158.
9
وأربعمائة دينار كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبالت التي
من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع ال أص ل له ا في الحقيق ة أو نف وذ أو اعتم اد وهمي أو ال تي من
شأنها بعث األم ل في نج اح غ رض من األغ راض أو الخ وف من اإلخف اق في ه أو وق وع إص ابة أو
غيره ا من الح وادث الخيالي ة ويك ون ق د تس لّم أو ح اول أن يتس لّم أم واال أو منق والت أو رقاع ا أو
ممتلكات أو أوراقا مالية أو وعودا أو وصوالت أو إبراءات واختلس بإحدى هذه الوسائل أو ح اول أن
يختلس الكل أو البعض من مال الغير" ،فهي جريمة يصعب عمليا التمييز بينها وبين جريمة المن اورة
ففي كلتا الحالتين نحن أمام مناورات وحيل تهدف إلى التحصل على مال غير مشروع.
كما توجد مقارنة أيضا بين جريمة المناورة وجريمة الفصل 139من المجلة الجزائي ة ال ذي ج اء في ه
"يعاقب بالسجن من شهرين إلى عامين وبخطية من أربعمائة وثمانين دينارا إلى أربعة وعشرين أل ف
دينارا كل من يحدث أو يحاول أن يحدث مباشرة أو بواسطة ترفيع ا أو تخفيضا مص طنعا في أس عار
المواد الغذائية أو البضائع أو األش ياء العام ة أو الخاص ة "...وق د تعم د المشرع هن ا تحدي د الوس ائل
المجرمة للتأثير على األسعار من خالل تعمد ترويج أخبار غ ير ص حيحة أو تق ديم ع روض بالس وق
بهدف ادخال اضطراب على االشعار.
ما يلفت االنتباه هو تعدد صور المناورة حيث ال يمكن حصرها وال تعدادها وهي ص ورة تعكس م دى
خطورة األفعال على حقوق ومصالح المدخرين من جهة وعلى س المة وش فافية المع امالت من جه ة
أخرى ،وجريمة المناورة هي من قبيل الج رائم الشكلية حيث يشترط أن يق وم المن اور بتل ك األفع ال
بهدف "اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إيقاع الغير في خطأ" أي أن هذه األفع ال من ش أنها اإلخالل
بالسوق أو إيقاع الغير في خطأ إذا لم يشترط أن تقع هذه األفعال نتاج معينة أو أن تحقق حتما المناور
أرباحا مادية فيساءل جزائي ا ح تى ولم تتحق ق األه داف حيث تق در ش روط تك وين الجريم ة من قب ل
القضاة األصل وذل ك ب النظر لمضمونها بغض النظر عن أي نتيج ة مترتب ة عنه ا ودون البحث عن
العالقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة المحققة ،أي ال يشترط المشرع حدوث نتيجة إجرامية يمكن
تتبع شخص ومعاقبته من أجل قيامه بمناورة به دف اإلخالل بس ير الس وق المالي ة ول و لم يط رأ على
السير العادي للسوق أي خلل وحتى إن كانت جريمة المناورة ش كلية فالمشرع يع اقب على المحاول ة
كما جاء بصريح العبارة في الفصل 81من قانون " 1994القيام أو محاولة القي ام بمن اورة" وه ذا م ا
10
يبين نزعة التشدد والصرامة في األخذ بمسؤولية المناور الجزائية ،16وقد حدد المشرع في الفص ل 81
مقدار الخطية "ويكون عرضة للعقوبات المنص وص عليه ا ب الفقرة األولى أعاله كل ش خص يت ولى
عمدا بصفة مباشرة أو بواسطة الغير القي ام أو محاول ة القي ام بمن اورة في س وق ورق ة مالي ة أو أداة
مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة وتهدف إلى اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إيقاع الغير في
الخطأ" الخطية تتراوح بين 1000و 10000د.
وفي المقابل ،يعاقب القانون الفرنسي جريمة المناورة بسنتين سجن وخطية 15000000أورو ويمكن
أترفع الخطية إلى 10أضعاف األرباح المحققة دون أن يخفض مقدارها إلى أقل من مبلغ األرباح.
أما فيما يتعلق بجرائم العرقلة ،فيمكن القول أن ركنها الشرعي يتمثل أساسا في الفص لين 84و 85من
قانون 117لسنة 1994إضافة إلى قانون 64المؤرخ في 12أوت 2009المتعلق بمس دي الخ دمات
لغير المقيمين أما فيما يخص ركنها المادي فيتمثل في وجود عرقلة ألح د أع وان هيئ ة الس وق المالي ة
المحلفين عند أداء مهامهم المتعلقة بالبحث والتحقيق للكشف عن ج رائم الس وق المالي ة عم دا بم ا أن
جرائم هذين الفصلين هم جرائم قصدية ،كذلك يكون عرضة للعقوبات من يعرقل ون عم دا تنفي ذ اإلذن
الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائي ة ،والج دير بال ذكر أن األع وان المكلفين ب البحث ج اءت مطلق ة
دون تمييز بين أعوان هيئة السوق المالية أو أعوان البنك المركزي أو أعوان الضابطة العدلية ،كذلك
عبارة عرقلة لم يتم تعريفها من ط رف المشرع إذ وردت مطلق ة مم ا يوس ع نطاقه ا ،وه و م ا يؤكد
مجددا ما يتميز به ه ذا الص نف من الج رائم باتس اع وتضخم في التج ريم ،كم ا أن المشرع اش ترط
القصد دون نتيجة أي القيام ب أي تص رف يفي د العرقل ة ول و لم يثن أع وان الهيئ ة عن تأدي ة واجبهم،
ويمكن أن تتم العرقلة عن طريق اخفاء بعض المعطيات والوثائق المتعلقة بس ير الشركة ونشاطها أو
مدهم بحسابات مغلوطة أو موازنات قديمة ،أما فيما يخص جريمة اإلخالل بموجبات اإلص دار فيمكن
القول بأنها وردت في الفصل 82من قانون 1994المذكور والذي جاء به " يعاقب بخطي ة من 500
إلى 2000دينارا الرؤس اء الم ديرون الع امون والم ديرون الع امون وأعضاء مجلس اإلدارة وكذلك
الوسطاء الذين يتولون عم دا إص دار أوراق مالي ة لشركات مس اهمة عام ة ،أو تق ديمها لالكتت اب أو
عرضها للبيع دون مراعاة اإلجراء الوارد بالفصل الثاني من هذا القانون.
16علي شلبي ،بورصة األوراق المالية ،مكتبة النهضة المصرية ،1962 ،ص .115
11
الجزء الثاني :زجر جرائم البورصة
تبرز خصوصية زجر جرائم البورصة على مستويين :على مستوى خصوصية التتب ع من ناحية
(فقرة أولى) وعلى مستوى النظام العقابي من أخرى(.فقرة ثانية).
12
إن تطور سياسة التجريم والعقاب التي ش هدتها المع امالت داخ ل س وق رأس الم ال تعكس أهمي ة
األسواق المالية على اقتصاد البالد التونسية .و قد جاءت معظم النصوص المنظم ة للس وق المالي ة
والمحددة لحقوق وواجبات المتدخلين و المتعاملين في هذه السوق في شكل هرمي بدءا بالنصوص
القانونية ثم األوامر و القرارات التي استوعبت كل الجوانب المتعلقة بالتعامل في السوق المالية .17
و تجدر اإلشارة إلى أن السوق المالية يمكن أن تتخللها ج رائم البورص ة .و البورص ة هي المك ان
الذي يتم فيه تبادل االوراق المالية التي تصدرها الشركات خفية االسم و تتوزع هذه الشركات إلى
نوعين " الشركات التي تلجا إلى االكتتاب الع ام أو ش ركات المس اهمة العام ة والشركات ال تي ال
تلجا إلى االكتتاب أو شركات المساهمة الخصوصية "
و نظرا لخصوصية مجال التعامل في األوراق المالية فانه يص عب على أعضاء النياب ة العمومي ة
الغير المختصين في هذا المجال البحث عن جرائم البورصة و لذلك أوكل ه ذه المهم ة إضافة إلى
النيابة العمومية هياكل أخرى مختصة لها الحرفية الالزمة للتعامل في ميدان األوراق المالية الذي
يتميز بالطابع الفني الدقيق و تتمثل هذه الهياكل المكلفة بالقي ام ب إجراءات التتب ع في هيئ ة الس وق
المالية و البنك المركزي.
و قد أحدثت هذه الهيئة بمقتضى القانون عدد 117لسنة 1994المتعلق بإعادة تنظيم الس وق المالي ة
حيث تتمتع بالشخصية المدنية و االستقالل الم الي . 18و في نفس ه ذا اإلط ار ينص الفص ل 23من
القانون سالف الذكر على انه "أحدثت هيئ ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة و االس تقالل الم الي مقره ا
تونس العاصمة و تسمى هيئة السوق المالية.19
و يجدر المالحظة ان لهذه الهيئة مجلس له صالحيات واسعة في القيام بالبحث في جرائم البورصة
حسب الفصل 48من نفس القانون" .المجلس هو السلطة المؤهلة للقيام بأعمال هيئة الس وق المالي ة
وهو الذي يتولى القيام بتلك األعمال أو يرخص في القيام بها و بالعمليات المرتبطة بمهامه .20وق د
نص الفصل 25من القانون سابق الذكر تركيبة ه ذا المجلس و ال ذي يتك ون من رئيس و أعضاء
يتم تعينهم بمقتضى أم ر ف ردي ص ادر عن رئيس الجمهوري ة و ه ؤالء األعضاء يشملون
17منير بوريشة المسؤولية الجنائية للوسطاء المالين في عمليات البورصة الصفحة .40
18القانون عدد 117لسنة 1994المؤرخ في 14نوفمبر 1994
19الفصل 23من نفس القانون
20الفصل 48من نفس القانون
13
بالضرورة على قاضي من الرتبة الثالثة و مستشار ل دى المحكم ة اإلداري ة و أخ رى ل دى دائرة
المحاسبات أما األعضاء الستة المتبقون فهم يتكونون من ممثلين احدهم عن البنك المركزي و أخر
عن وزارة المالية و ث الث ممث ل عن وس طاء البورص ة أم ا الثالث ة المتبق ون فيتم اختي ارهم تبع ا
لكفاءتهم في ميدان المساهمة العامة .21
و قد عرض لنا هذا القانون مهام و صالحيات هيئة السوق المالية كس لطة بحث و تتب ع في ج رائم
البورصة إن حسب الفص ل 34من ه ذا الق انون تحتمي ه ذه األخ يرة بتلقى الع رائض و الشكاوي
وتتخذ في شانها القرارات الالزمة التي تتمثل في مجملها في إحالة كل من تسبب في مضرة غ يره
واخل بالسير العادي للسوق المالية على المحكمة المختصة و نص الفصل 32من هذا الق انون على
أن الهيئة يمكن لها القيام بتحقيقات لدى كل شخص طبيعي أو معنوي كلم ا كان ذل ك الزم ا للقي ام
بمهامها عن طريق أعوان محلفين و يمكن لهم عند
القيام باألبحاث الدخول إلى المحالت المهنية أثناء ساعات العمل و حجز السندات و الوث ائق ال تي
تبدو مزورة و غير مطابقة للقانون و الترتيب الجاري بها العمل .كما يمكن لهم اس تدعاء و س ماع
كل األشخاص القادرين على إفادتهم بمعلومات
لها صلة بمه امهم و يتم إثب ات التحقيق ات بمحضر يتم تحري ره و إمضاءه من قب ل كوني التحقي ق
الت ابعين لهيئ ة الس وق المالي ة أو البن ك المركزي حس ب الحالة .22و ت دخل ضمن ص الحيات هيئ ة
الس وق المالي ة الس هر على حماي ة االدخ ار المس تثمر في األوراق المالي ة و هي تعم ل على تنظيم
األسواق و تسهر على حسن سيرها تتمكن من التصدي للتالعب و هي مس ؤولية أيضا على مراقب ة
نشر المعلومات المالية و معاقبة المخالفين أو أي تجاوز لإلطار التشريعي الجاري به العم ل .وتق وم
هيئة السوق المالية بحماية االدخار المس تثمر في األوراق المالي ة عن طري ق منح تأش يره للعملي ات
المالي ة ذات المس اهمة العام ة إضافة إلى مراقب ة العملي ات بالبورص ة كم ا تت ولى مراقب ة وس طاء
البورصة ومؤسسات التوظيف الجبائي و تعمل أيضا على مراقبة المعلومات المالية كما تس هر على
احترام و تطبيق اإلطار التشريعي.
14
وتقوم هيئة السوق المالي ة بتلقي الشكايات من ط رف المس تثمرين و الم دخرين و إع داد الملف ات
الخاصة بهم وأخيرا وليس آخرا تس عى إلى اتخ اذ العقوب ات المنص وص عليه ا ضمن النص وص
القانونية في حالة تجاوز اإلطار التشريعي الجاري به العمل.
استنادا إلى ما س بقت اإلش ارة إلي ه تلعب هيئ ة الس وق المالي ة إضافة إلى مجلس ها دورا هام ا في
التصدي لجرائم البورصة و زجر كل المخالفين لإلط ار التشريعي ال ذي ينظم الس وق .لكن و إن
كانت هاتين السلطتين تتمتعان بسلطة بحث و متابعة كذلك ال يمكن الجزم إن هيئة السوق المالية و
مجلسها يشكالن نياب ة عمومي ة خاص ة و أن المشرع نص 39من ق انون ع دد 117على إن ه ذه
األخيرة تحيل
المحاضر إلى وكيل الجمهورية لدى المحكم ة االبتدائي ة مص حوبا بالطلب ات و هوم ا يؤكد لن ا أن
الهيئة في حد ذاتها و مجلسها ال يخول لها إصدار عقوبات جزائيةحتى و أن كانت تختص ب البحث
و التتبع في مثل هذا النوع من الجرائم.إذ أن سلطة إصدار العقوبات الجزائية هي من الص الحيات
الحصرية للمحاكم التونسية.23
إضافة إلى هيئة السوق المالية فقد أوكل المشرع كذلك سلطة البحث و التتب ع في ج رائم البورص ة
إلى هيكل أخر هو البنك المركزي.و هذا األخير يتمثل في مؤسس ة مالي ة مركزي ة مكلف ة بإص دار
النقد و اإلشراف على القطاع البنكي في تونس كما تقول هذه األخ يرة ب إدارة احتي اطي الدول ة من
النق د األجن بي و إدارة السياس ة النقدية .24كم ا يق وم البن ك أيضا بإص دار تق ارير يقيم فيه ا
الوضع االقتصادي العام يقوم باقتراح اإلجراءات الممكن اتخاذها لتحسينه و تج در المالحظة
في نفس هذا السياق إلى انه قد تم إنشاء البنك المركزي بمقتضى ق انون 19س بتمبر 1958ال ذي
يعرف لنا هذا األخير على انه مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدني ة و باالس تقالل الم الي و
له 12فرع في كل من تونس العاصمة و بنزرت وسوسة صفاقس نابل قابس القصرين الق يروان
المنستير جندوبة و يشرف على البنك محافظ و نائب و له مجلس إدارة يجتمع به شهريا .
و في إط ار الحف اظ على اس تقرار الس وق المالي ة و تحقي ق توازنه ا اق ر الق انون 19س بتمبر
1958مهمة عامة تتمثل في الدفاع عن قيمة النق د و الس هر على اس تقرارهو في ه ذا اإلط ار فه و
15
يتولى مراقبة الت داول النق دي. 25و من ضمن ص الحيات البن ك المركزي و ح تى يس تطيع ان يق وم
بالمهمة الموكولة له على اكم ل وج ه خص ه المشرع بس لطة منح ال ترخيص لممارس ة اي نشاط
صرفي و مالي كما خول له المشرع ان يجري رقابة على مسدي الخدمات المالية لغير المقيمين و
ذل ك وف ق الفص ل 115من المجل ة الخاص ة بمس دي الخ دمات لغير المقيمين .26و ق د نص الفص ل
124من القانون عدد64لسنة 2009على انه يقع تتبع المخالفين لهذه المجلة و نصوصها التطبيقي ة
بمبادرة من محافظ البنك المركزي بالنس بة لمؤسس ات الق رض غ ير المقيم ة في حين تق وم هيئ ة
السوق المالية بالتتبع عندما يتعلق األمر بمسدي خدمات االستثمار لغير المقيمين .27
و استنادا إلى ما سبقت اإلشارة إليه تلعب هيئة السوق المالية إضافة إلى البن ك المركزي كهياكل
بحث و تتبع دورا هاما في المحافظة على توازن الس وق المالي ة و التص دي لج رائم البورص ة و
زج ر المخ الفين لإلط ار التشريعي المنظم له ذه الس وق .و علي ه ف ان خصوص ية زج ر ج رائم
البورصة ال تبرز فقط من خالل النظام التتبع بل كذلك من خالل النظام العقاب.
خول المشرع لهيئة السوق المالي ة العدي د من الص الحيات نظرا لكونه ا الجه از الس اهر على حماي ة
اإلدخار المستثمر في األوراق المالية وكل ما هو قابل للتداول بالبورصة ،ولتحقيق هذا اله دف أرس ى
المشرع عقوبات تأديبية وإدارية باإلضافة إلى العقوبات الجزائية التي تسلطها المح اكم العدلي ة وال تي
قد تتولد مع عقوبات أخرى غير تلك المرصودة لجرائم البورصة الواردة في قانون .1994
25قانون 19سبتمبر 1958المتعلق باحداث البنك المركزي
26الفصل 115من مجلة اسداء الخدمات لغير المقيمين
27الفصل 124من قانون عدد64لسنة 2009
16
وما يجدر التطرق له في جرائم البورص ة ه و كون ه له ا خصوص ية فيم ا يتعل ق بالمؤاخ ذة الجزائي ة
للشخص الط بيعي خاص ة في نظام العقوب ات حيث نج د أن المشرع ق د جم ع بين العقوب ة الجزائي ة
والعقوب ة اإلداري ة من جه ة وتع ويض العقوب ة اإلداري ة بالجزائي ة من جه ة أخ رى .وبالت الي تك ون
المؤاخ ذة الجزائي ة للشخص الط بيعي في ج رائم البورص ة من خالل العقوب ة الجزائي ة والخطي ة
اإلدارية .وقد سبق أن قلنا أن هيئة السوق المالية ومجلس ها إضافة إلى البن ك المركزي تنف رد باتخ اذ
العقوبات المالية السالبة للحرية ،فبالنسة للعقوبات المالي ة فق د ح دد الفص ل 40من ق انون 1994ح د
أدنى وح د أقص ى للخطي ة المالي ة وه و 20000د وف رض أن تك ون الخطي ة متالئم ة مخ خط ورة
التجاوزات المقترفة.
يمكن القول أن المشرع في إطار العقوب ات المالي ة أق ر خطاي ا جزائي ة منه ا الثابت ة ومنه ا المتغيرة،
فبالنسبة للخطية الثابتة يسلطها القاضي الج زائي في ص ورة جريم ة اس تغالل معلوم ة ممت ازة وهي
تتراوح بين 1000و10000د ،كذلك األمر بالنسبة لجرائم ترويج معلومات زائف ة أو مظل ة وجريم ة
المناورة .ويختلف مقدار الخطية بالنسبة لجرائم إفادة الغير بمعلوم ات ممت ازة فق د رف ع المشرع في
مقدار الخطية وجعله ا من 1500إلى 15000د .أم ا الخطي ة المتغيرة هي ال تي تك ون حس ب مق دار
األرباح المخصصة التي عادة ما يقررها اختيار المحكمة على أال تتجاوز 5أضعاف األرباح المحقق ة
كحد أقصى .وبالتالي فإنه بذلك تكون الخطية المتغيرة هب أرفع بكثير من الخطية الواردة بالفصل 81
من قانون 1994مما يعني أن للقاضي في ه ذه الحال ة أن يس هر على رقاب ة التع ويض الحاص ل لكن
شريطة تعليله لحكمه.28
وبالمقابل ،بالنسبة للخطية اإلدراية فيمكن القول أنه ا وس يلة خوله ا المشرع إلى ج انب س لطة اتخ اذ
التراتيب الالزمة تجاه المتدخلين في الس وق المالي ة وذل ك في إط ار حماي ة اإلدخ ار الع ام ،وق د مكن
المشرع هيئة السوق المالية من تسليط عقوبات إداري ة ضد كل من ي دخل خلال في القواع د المنظم ة
للسوق المالية.
إلى جانب هذه العقوبات المالية واإلدارية ،نجد العقوب ات التأديبي ة ال تي نص عليه ا الفص ل 128من
قانون ،2009وهي التوبيخ ،التعليق المؤقت لمهام الشخص المخالف لها ،اإلنذار ،التوقي ف الكلي عن
ممارسة النشاط ،سحب الترخيص الذي يؤدي إلى تصفية المخالف ،س حب المص ادقة .باالضافة على
28عبد الرسول محمد فاروق ،الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية ،دراسة مقارنة ،اإلسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،2007 ،ص .69
17
ذلك نجد العقوبات السالبة للحرية والتي حددها المشرع بوضع الحد األجنى وهو 16يوما وحد أقصى
وهو 3سنوات في بعض الجرائم ولكن ترك للقاضي حرية اإلختيار بينها وبين الخطي ة .حيث أن ه في
أغلب األحيان وخاصة إن كان األمر يتعلق بجرائم مالية تكون العقوبة الخطية أكثر منها سجن.
سبق وذكرنا ألن المشرع ق د اهتم فق ط بالمؤاخ ذة الجزائي ة للشخص الط بيعي في ج رائم البورص ة
وأهمل المؤاخذة الجزائية للشخص المعنوي ،ويقصد باألشخاص المعنويين األشخاص واألم وال ال تي
ترمي إلى تحقيق غرض معين يمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقي ق ه ذا الغرض.
والمالحظ في جرائم البورصة أن الحماية الجزائية التي رصدها المشرع من خالل هذه الجرائم تتعلق
بالمعلومات أو المعامالت لألوراق المالية التي يص درها األش خاص العموم يين كالدول ة والجماع ات
المحلي ة العمومي ة خاص ة طبق ا للفص ل 51من ق انون 1994من ناحي ة ،وت دخل عدي د األش خاص
المعنويين في البورصة كشركات الوساطة في البورصة وشركات أخرى ،هذا إلى جانب تواج د هات ه
الذوات المعنوية كأعضاء التسيير في مج الس اإلدارة أو هيئ ة اإلج ارة الجماعي ة في الشركات خفي ة
اإلسم .وب الرغم من الحضور المكث ف لألش خاص المعن ويين في مي دان البورص ة لم تشمل الحماي ة
الجزائية لإلستثمار التي أقرها المشرع إمكانية مؤاخذتها.
قائمة المراجع
المراجع العامة
18
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻧﻴﺲ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ،المعجم الوسيط.
د .محمد جبر األلفي ،ماهية الجريمة الجنائية.
المراجع الخاصة
المذكرات واألطروحات
بهية هواتف ،النظام القانوني لتداول القيم المنقولة (في البورصة)
الدراسات والمقاالت
عبد الرسول محمد فاروق ،الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية ،دراسة مقارنة.
أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش ،دراسة حول التدابير ﺍﻟﻮﺍﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ
ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺎﺕ في ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ اإلسالمي :دراسة مقارنة.
المجالت والقوانين
قانون عدد 117لسنة 1994مؤرخ في 14نوفمبر 1994يتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية.
قانون عدد 49لسنة 1989مؤرخ في 8مارس 1989يتعلق بالسوق المالية.
قانون 19سبتمبر 1958المتعلق باحداث البنك المركزي.
الفهـــــــرس
19
المخطط 1 ................................................................................................
المقدمة2 ..................................................................................................
قائمة المراجع18.........................................................................................
الفهرس19 ...............................................................................................
20