You are on page 1of 20

‫المخـــــطـط‬

‫الجزء األول‪ :‬قيام جرائم البورصة‬

‫الفقرة ‪ :1‬الجرائم المتعلقة بالمعلومة‬


‫الفقرة ‪ :2‬الجرائم المتعلقة بالمعاملة‬

‫الجزء الثاني‪ :‬زجر جرائم البورصة‬

‫الفقرة ‪ :1‬خصوصية التتبــــع‬


‫الفقرة ‪ :2‬النظام العقابــــــــي‬

‫‪1‬‬
‫المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــة‬
‫شهدت المجتمعات اإلنسانية خالل فترات مختلفة تط ورات اقتص ادية ومالي ة هام ة‪ ،‬أدت الى تط وير‬
‫أشكال المعامالت التجارية وخلق أنواع معامالت جديدة ساعدت على النمو االقتصادي واالجتم اعي‪،‬‬
‫ونتيجة لهذا التطور ظهرت المؤسس ات والهيئ ات المالي ة ال تي ته دف إلى اس تثمار األم وال وتحقي ق‬
‫األرباح‪ ،‬والتي من أهمها البورصة أو ب األحرى س وق األوراق المالي ة "ال تي ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ مج اال‬
‫ﺧﺼﺒﺎ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺗﻮﻇﻴﻒ المال‪ ،‬مما ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ‪ ،‬ومما ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﺗﺄﺳﻴﺲ المشاريع الكبيرة التي ﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻷﻣﺮ إلى ﺃﻥ ﺗﺘظﺎﻓﺮ الجهود؛ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﻫﺬﻩ المشاريع‪ ،‬ﻭﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺔ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﻫﺎﺋﻼﹰ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ األخيرة‪ ،‬ﻭﺃﺿﺤﺖ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻗﻮﻳﺔ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ الحكومات ﻭﻭﺿﻌﺖ لها ﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ‬
‫والقوانين ال تي تحكم س يرها ‪.‬ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻟﻠﺒﻮﺭﺻﺎﺕ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻋﻤﻠﻬﺎ وﻇﻬﺮﺕ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﻟﻠﺠﺮﺍﺋﻢ المالية التي ﺍﺳﺘﻐﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻼﺕ المالية ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻪ‬
‫‪1‬‬
‫ﺣﻖ"‪.‬‬

‫وقب ل الخ وض في دراس ة ج رائم البورص ة‪ ،‬يجب أوال التع رض لك ل مص طلح على ح دة‪ :‬فمفه وم‬
‫الجرائم لغة هو جمع جريمة‪ ،‬ج َّر َم يجرِّ م‪ ،‬تجري ًما‪ ،‬فهو ُمجرِّ م‪ ،‬والمفعول ُمجرَّم وهي كل فع ل يع اقب‬
‫علي ه الق انون‪ .2‬أم ا قانون ا‪ ،‬فق د عرّفه ا البعض بأنّه ا عم ل أو امتن اع عن عم ل ش يء ينصُّ القانـــــون‬
‫‪3‬‬
‫عليــــــه‪ ،‬ويُجــــازي فاعلــــــه بعقوبــــــ ٍة جنائيّـــــــة‪.‬‬
‫أم ا المشرع التونس ي فلم يح دد مع نى دقي ق للجريم ة ولكن ه وضع في الفص ل ‪ 122‬م ا ج معي ارا‬
‫لتقسيمها حسب عقوبة الفعل‪ ،‬فنجد المخالفة (وعقوبته ا من ي وم واح د س جن إلى ‪ 15‬يوم ا) والجنح ة‬
‫(وعقوبتها من ‪ 16‬يوم سجن إلى ‪ 5‬سنوات) والجناية (والتي تك ون عقوبته ا من ‪ 5‬س نوات س جن إلى‬
‫السجن مدى الحياة أو اإلعدام)‪.‬‬

‫‪1‬أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش‪ ،‬دراسة حول التدابير ﺍﻟﻮﺍﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺎﺕ في ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ اإلسالمي‪:‬‬
‫دراسة مقارنة‪.‬‬
‫‪2‬موقع المعاني‪ ،‬تعريف و معنى الجرائم في معجم المعاني الجامع ‪ -‬معجم عربي عربي‪ .‬األنترنت‬
‫‪3‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد جبر األلفي (‪" ،)2016-10-20‬ماهية الجريمة الجنائية"‪ ،‬األلوكة‪ّ ،‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ ‪.2017-4-27‬‬
‫‪2‬‬
‫أما البورصة فيقص د به ا لغة‪" :‬ﻓﺘﻖ في ﺍﻟﻐﻴﻢ ﻳﺮﻯ ﻣﻨﻪ أديم ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻭﺑﻘﻌﺔ في ﺍﻟﺮﻣﻞ ﻻ ﺗﻨﺒﺖ ش يئا"‪،‬‬
‫فق؛ ﻭﻫﻲ ﺳﻮﻕ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻔﻘﺎﺕ القطن واألوراق‬ ‫ني‪ :‬المص‬ ‫وفي ﻋﻠﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ تع‬
‫المالي ة‪ 4".‬وأيضا عرفه ا بعض علم اء االقتص اد بأنه ا الن ادي ال ذي يجتم ع في ه لس اعات مح ددة تج ار‬
‫المدينة والسماسرة للتعامل‪ ،‬وهي أيضا االجتم اع ال ذي يعق د للقي ام ب بيع وش راء البضائع واألوراق‬
‫المالية وعقد مختلف الصفقات التجارية‪ 5.‬أما إصطالحا‪ ،‬فهي اجتماع يُعقد في مواعيد دوري ة ـ يوميًّا‬
‫في الغالب ـ ألجل القيام بعمليات شراء البضائع واألوراق المالية وبيعه ا‪ ،‬وق د ي ْ‬
‫ُطلَ ق ه ذا اللف ظ على‬
‫مك ان االجتم اع أو زمان ه أو مجم وع الص فقات ال تي تعق د‪ 6.‬ويع ني أيضا "إط ار منظم يضم األدوات‬
‫‪7‬‬
‫المالية التي يمكن أن تباع وتشترى‪".‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع التونسي‪ ،‬فلم يتطرق إلى مفهوم البورصة في القانون الحالي الذي ينظمه ا (ق انون‬
‫‪ 1994‬المتعل ق بتنظيم البورص ة) ولكن ه عرفها في القــانون الملغى عــدد ‪ 49‬لســنة ‪ 1989‬كم ا يلي‪:‬‬
‫"بورص ة األوراق المالي ة هي مؤسس ة عمومي ة ذات ص بغة تجاري ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة‬
‫واالستقالل المالي ومقرها بتونس العاصمة"‪ .‬وفي المقابل نجد تعريفها في موقع بورصة ت ونس ال ذي‬
‫عرفها كما يلي‪" :‬البورصة هي سوق يلتقي فيه المستثمرون لشراء وبيع سندات رأس المال أو سندات‬
‫ال ّدين المص درة من قب ل الشركات وال ّدول ة والجماع ات المحلي ة‪ .‬وبالت الي تضمن البورص ة س يولة‬
‫الس ندات للمس تثمرين وتس مح للمؤسس ات بالحص ول على التم ويالت الالزم ة لتنمي ة أنشطتها ع بر‬
‫اللج وء إلي االكتت اب الع ام‪ .‬وعلى ه ذا األس اس تمث ل البورص ة إح دى الرّواف د األساس ية لتموي ل‬
‫االقتصاد‪".‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن مصطلح البورصة ه و في األص ل مشتق من اس م عائل ة " ‪"Van der byrssa‬‬
‫وهي عائلة بارزة جدا في مدين ة «‪ » Bruges ‬البلجيكية في الق رن الث الث عشر إلى الخ امس عشر‬
‫وكانت تمتلك فندقا يمارس فيه التجار عملي اتهم التجاري ة واالقتص ادية وق د ش غل العدي د من أفراده ا‬
‫مناصب في ذل ك المج ال (مستشارين م اليين ووس طاء)‪ ،‬ومن اس مها اش تقت كلم ة "س وق األوراق‬
‫‪8‬‬
‫المالية" كمكان تجاري منظم‪.‬‬

‫‪ 4‬ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‪ ،‬ﺃﻧﻴﺲ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط ‪ ،4‬ﻫ‪ ،2004/ 1425‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 5‬شعبان محمد اسالم البوراوي‪ ،‬بورصة األوراق المالية من منظور إسالمي (دراسة تحليلية نقدية) الطبعة األولى‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار الفكر‪ ،2001 ،‬ص ‪.25‬‬
‫تعريف و معنى البورصة في قاموس المعجم الوسيط ‪،‬اللغة العربية المعاصرة ‪،‬الرائد ‪،‬لسان العرب ‪،‬القاموس المحيط‪ .‬قاموس عربي عربي‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Peter Howells & Keith Bain, Financial Markets and Institutions, (England: Prentice Education Limited, 5thEdition, 2007),‬‬
‫‪17.‬‬
‫‪ 8‬موقع ويكيبيديا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ونظرا لمدى تأثير سوق األوراق المالي ة في اقتص اد الدول ة‪ ،‬وس عيا إلى تنظيم ه ذا المج ال في البالد‬
‫التونسية لتجنب التحيل والسرقات لخطورته ا الك برى‪ ،‬أص در المشرع ع دة ق وانين ب دءا من أفري ل‬
‫‪ 1945‬إلى نوفم بر ‪ :1994‬ففي ‪ 23‬أفري ل ‪ 1945‬ص در األم ر العلي المتعل ق باإلتج ار في القيم‬
‫المنقولة‪ ،‬ثم في فيفري ‪ 1969‬تم إحداث بورصة األوراق المالية‪ ،‬ثم صدر كذلك في ‪ 8‬م ارس ‪1989‬‬
‫القانون عدد ‪ 49‬المتعلق بالسوق المالية ال ذي ح اول في ه المشرع تنظيم عملي ات األوراق المالي ة من‬
‫خالل تحديد الجرائم المتعلقة بها وزجرها‪ .‬ثم أخيرا تم إصدار القانون عدد ‪ 114‬لسنة ‪ 1994‬الم ؤرخ‬
‫في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1994‬والمتعلق بإعادة تنظيم السوق المالي ة فق د ح اول من خالل ه المشرع النه وض‬
‫بالقطاع االقتصادي والتشجيع على االستثمار‪.‬‬

‫ولكن حماي ة له ذا المج ال المهم القتص اد البالد‪ ،‬أضاف المشرع ج رائم جدي دة حماي ة لمع امالت‬
‫البورصة‪ ،‬كذلك أحدث هيئة الس وق المالي ة ال تي "تكل ف بالس هر على حماي ة االدخ ار المس تثمر في‬
‫األوراق المالية واألدوات المالية القابلة للتداول بالبورص ة وفي كل توظي ف لألم وال يتم عن طري ق‬
‫المساهمة العامة‪ .‬كما تكلف بتنظيم أسواق األوراق المالية واألدوات المالية القابل ة للت داول بالبورص ة‬
‫‪9‬‬
‫وبالسهر على حسن سيرها‪".‬‬

‫فهدف المشرع الحمائي باألساس يعكس أهمية الجرائم المتعلقة بالبورصة وكثرتها‪ ،‬فمج ال البورص ة‬
‫مجال يجب أن يتميز بالشفافية والمساواة واألمان وهو من أهم األنشطة االقتصادية نظرا لم ا يق وم ب ه‬
‫من أدوار متنوعة إلرساء محيط اقتصادي واجتماعي مالئم‪ ،‬ومن هنا نستشف أهمية الجانب الزجري‬
‫لألفعال التي يمكن أن تمس من القطاع المالي وأن تفرز العديد من السلوكات الضارة التي تعيق عم ل‬
‫البورصة وبالتالي ت ؤثر س لبا على فك رة ترس يخ االدخ ار بالبورص ة في ع ادات الم دخرين وإرس اء‬
‫التمويل عن طريق البورصة في ثقافة تسيير الشركات التونسية‪.‬‬

‫فبقدر ما تمثله البورصة إذا من أهمية لبناء اقتصاد حر وقوي وفعال كما ذكرنا‪ ،‬بق در م ا ق د تتضمن‬
‫العديد من المخاطر‪ ،‬لذلك وجب تنظيمها وحمايتها بقواعد صارمة‪ ،‬خاصة أن المدخر المس تثمر ع ادة‬
‫ما يكون جاهال لقواعد التعامل بالبوصة‪.‬‬

‫وتم تجس يد ه ذه الحماي ة من خالل تج ريم كل التص رفات ال تي تمس بالمتع املين وتنظيم البورص ة‬
‫وتطويرها بما يكفل تحقيق العدالة والكفاءة والشفافية‪.‬‬
‫‪ 9‬الفصل ‪ 23‬من قانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المؤرخ في ‪14‬نوفمبر‪1994‬يتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن دراسة جرائم البورصة تمكننا من الت دقيق في سياس ة المشرع التونس ي وفهمه ا‬
‫والتطرق إلى النقائص التي تشوبها واقتراح بدائل لها‪.‬‬

‫ومن هنا يجدر بنا طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫كيــــف نظـــــــم المشـــــــرع التونــــــــسي جرائـــــم البورصـــــة؟‬

‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية‪ ،‬سنتطرق إلى قيام جرائم البورصة (جزء‪ )1‬وإلى زجرها (جزء‪.)2‬‬

‫الجزء األول‪ :‬قيام جرائم البورصة‬

‫‪5‬‬
‫عند التمعن في الجرائم المتعددة التي وضعها المشرع حماية لميدان سوق األوراق المالية‪ ،‬نجد أنها‬
‫تنقسم إلى جرائم متعلقة بالمعلومة (فقرة أولى) وجرائم متعلقة بالمعاملة (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪. :‬الجرائم المتعلقة بالمعلومة‪:‬‬


‫لقد سعى المشرع إلى ضمان حسن سير البورصة وتنظيمها‪ ،‬فقام بتجريم العدي\\د من األفعال خاصة‬
‫المتعلقة بالمعلومة‪ ،‬ومن هذه الجرائم التي أسس\\ها المش\\رع من خالل قانون ‪ 1994‬المتعل\\ق بإع\\ادة‬
‫تنظيم الس\\وق المالي\\ة هي جريم\\ة اس\\تغالل المعلوم\\ات الداخلي\\ة‪ ،‬جريم\\ة اس\\تغالل معلوم\\ة ممت\\ازة‬
‫وجريمة ترويج معلومات زائفة أو مظلة‪.‬‬

‫فبالنسبة للجريمة األولى وهي استغالل المعلوم\\ات الداخلي\\ة‪ ،‬فقد نص عليه\\ا الفصل ‪ 81‬من قانون‬
‫‪ " 1994‬يعاقب بخطي\\ة ت\\تراوح من ‪ 100‬إلى ‪ 10 000‬دين\\ارا األش\\خاص الذين يحصلون بمناس\\بة‬
‫ممارس\\ة مهنهم أو بمناس\\بة القي\\ام بمه\\امهم على معلوم\\ات داخلي\\ة تتعل\\ق بوضعية مصدر لألوراق‬
‫المالي\\ة بالمس\\اهمة العام\\ة أو بآفاقه أو تتعل\\ق بأف\\اق تط\\ور ورقة أو أداة مالي\\ة موظفة عن طري\\ق‬
‫المساهمة العامة والذين يتوصلون بصفة مباش\\رة أو بواس\\طة الغ\\ير إلى إتم\ام عملي\\ة أو أك\\ثر داخل‬
‫السوق قبل ان تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم بالصبغ التي تشترطها القوانين والتراتيب‪ ".‬وعلى‬
‫هذا األساس تقوم هذه الجريمة عندما يقوم الشخص بالتحدث بالمعلومات إلى شخص اخر يتوصلون‬
‫لها سواء بأنفسهم أو بواسطة الغير إلى إتمام عملية أو أكثر داخل السوق قبل أن تبلغ تلك المعلوم\\ات‬
‫إلى علم العموم‪.‬‬

‫كما يعاقب القانون الفرنسي على هذه الجريم\\ة وذلك ضمن قانون ‪ 27‬ديس\\مبر ‪ ،1970‬ويس\\تعمل‬
‫مصطلح "استغالل المعلوم\ات"‪ 10.‬ولعل م\ا نستش\فه من خالل ذلك ه\و أن غاي\ة المش\رع من تجريم‬
‫هذا الفعل هو تسليط عقاب على المطلعين ح\\تى يل\\تزموا بالمحافظ\\ة األس\\رار والمعلوم\\ات الداخلي\\ة‬
‫الخاصة بالشركة حيث أن هذه الجريمة يعاقب عليها حتى وإن لم يقع اس\\تغالل المعلوم\\ات‪ ،‬فبمجرد‬
‫اإلفصاح عنها يعتبر جريم\\ة بغض النظ\\ر عن اس\\تغاللها أو عن النتيجة المترتب\\ة عنه\\ا‪ ،‬إذ أن ه\\ذه‬
‫األخيرة تتأسس باإلعتماد على عنصرين‪ :‬عنصر مادي و معنوي‪ ،‬وهذا األخير يعني "القصد" الذي‬
‫يعتبر ركنا أساسيا في بعض الجرائم‪ .‬فبالنسبة لهذه الجريم\\ة تعد المعلوم\\ات أساس\\ا له\\ا ف\\إن امت\\داد‬

‫القانون عدد ‪ 1203-70‬المؤرخ في ‪ 27‬ديسمبر ‪.1970‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪6‬‬
‫المعلومات الداخلية للغير قب\ل نش\رها وذلك للتمت\ع بم\يزة عن اآلخرين فه\ذا ي\ؤدي حتم\ا إلى ع\دم‬
‫تحقيق المساواة في السوق المالية‪.‬‬

‫إن ما يجب اإلشارة إليه هو أن المشرع لم ينص على هذا العنصر في الفصل ‪ 81‬من قانون ‪1994‬‬
‫مع غياب لكل الصيغ التي تشير إليه‪ ،‬ونتيجة لهذا تعت\\بر جريم\\ة اس\\تغالل معلوم\\ات داخلي\\ة جريم\\ة‬
‫ترتكز على العنصر الم\\ادى الذي يتمث\\ل في اإلفصاح بأس\\رار الش\\ركة وذلك من خالل العب\\ارات‬
‫‪11‬‬
‫المستعملة "قبل أن تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم"‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإن استغالل المعلومات الداخلي\\ة يمكن أن يك\\ون ك\\ذلك من ط\\رف المطل\\ع أو العالم‬
‫بأسرار الشركة والذي تعرض له الفصل ‪ 81‬في فقرته األولى‪ :‬األشخاص الذين يحصلون بمناس\\بة‬
‫ممارس\\ة مهنهم أو بمناس\\بة القي\\ام بمه\\امهم على معلوم\\ات داخلي\\ة تتعل\\ق بوضعية مصدر األوراق‬
‫المالي\\ة بالمس\\اهمة العام\\ة أو بآفاقه أو تتعل\\ق بآف\\اق تط\\ور ورقة أو أداة مالي\\ة موظفة عن طري\\ق‬
‫المساهمة العامة والذين يتوصلون بصفة مباش\\رة أو بواس\\طة الغ\\ير إلى إتم\ام عملي\\ة أو أك\\ثر داخل‬
‫السوق قبل أن تبلغ تلك المعلومات إلى علم العموم بالصيغ التي تش\\ترطها القوانين والتراتيب‪ ،‬حيث‬
‫أن هذا الفصل يشير إلى تنوع المطلعين على أسرار الشركة وهم أش\\خاص يتوصلون الى معلوم\\ات‬
‫غير معلنة للعموم أو في السوق وتكون متعلقة بحياة وسير الشركة‪.‬‬

‫كما يمكن أن نضيف جريم\\ة أخرى تتعل\\ق باس\\تغالل معلوم\\ة ممت\\ازة‪ ،‬ه\\ذه الجريم\\ة ت\\دخل ضمن‬
‫الجرائم المنصوص عليها بقائم\\ة الفصل ‪ 81‬من قانون ‪ 1994‬والذي أش\\رنا له س\\ابقا‪ ،‬ولعل م\\ا‬
‫يستوقفنا في هذا الفصل أن كلمة ممت\\ازة في النس\خة الفرنس\ية للنص قد ذك\رت وغ\\ابت في النس\خة‬
‫العربي\\ة ولم يعرفه\\ا المش\\رع حيث جاءت العب\\ارة مطلقة بش\\أن بقي\\ة الجرائم‪ .‬والجدير بالذكر أن‬
‫المتأمل في هذه الجريمة والسابقة يالحظ تماهي نسبي بينهما إذ هناك تداخل بين الجريمتين ولعل من‬
‫األفضل كان على المشرع تجريم الفعلين في نص واحد لتجتب ظاهرة تفاقم التجريم‪ ،‬اذ عملت عدي\\د‬
‫التش\\ريعات إلى التصدي لجريم\\ة اس\\تعمال المعلوم\\ة المتوصل إليه\\ا بحكم الوظيفة أو اس\\تغاللها‬
‫للحساب الخاص أو لحساب الغير قبل عرضها على جمهور المستثمرين‪ .12‬فه\ذه الجريم\ة تتم\يز عن‬
‫األخرى التي تم ذكرها س\ابقا في كونه\ا تحصل عن\د اس\تغالل ه\ذه المعلوم\ات الممت\ازة المتحصل‬
‫عليه\\ا ألخذ مب\\ادرة س\\واء ب\\البيع أو بالش\\راء قب\\ل أن تصل المعلوم\\ة إلى علم بقي\\ة الم\\دخرين أو‬
‫القانون المتعلق بتنظيم السوق المالية لسنة ‪ 1994‬الفصل ‪.81‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪12‬‬
‫منير بوريشة‪ ،‬المسؤولية الجنائية للوسطاء الماليين في عمليات البورصة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪.2007 ،‬‬

‫‪7‬‬
‫المستثمرين وهذا ما من شأنه تحقيق أرباح بطريقة غير شرعية وأن يك\\ون قد حصل عليه\\ا بس\\بب‬
‫وظيفت\\ه أي أن\\ه لم يح\\ترم واجب التكتم أي ال يكفي الحصول على المعلوم\\ة الداخلي\\ة ب\\ل اس\\تغاللها‬
‫للقيام بعمليات بيع وش\\راء س\واء بصفة مباش\\رة أو عن طري\ق الغ\\ير م\ع العلم أن ه\ذا الصنف من‬
‫الجرائم لم يشترط فيها المشرع القصد الجزائي فمجرد استغالل هذه المعلومات كاف لقيام الجريمة‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى هذين الجريمتين‪ ،‬نجد جريمة ترويج معلومات زائفة أو مظلة وباالعتبار ان المعلومة‬
‫لها دور كبير في التأثير س\لبا أو إيجاب\ا على المعامالت المتعلقة بس\وق األوراق المالي\ة لذلك قرر‬
‫المشرع إضفاء الحماية الجنائية للمعلومة وذلك من خالل التنصيص عليه\\ا في الفصل ‪ 81‬فقرة ‪3‬‬
‫التي تنص على أنه "يكون عرضة للعقوبات المنصوص عليها بالفقرة األولى كل شخص يتولى عمدا‬
‫ترويج معلومات زائفة أو مظل\\ة بين العم\\وم بأي\\ة طريقة أو وس\\يلة ك\\انت من ش\\أنها أن ت\\ؤثر على‬
‫األسعار وتكون متعلقة بآفاق تطور ورقة أو أداة مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة‪ ".‬حيث أن‬
‫هذه الحماية الجنائية تكون بمراقبة المعلومات الخاطئة أو المظلة‪ 13.‬وفي ه\ذا اإلط\ار يجب أن نعرج‬
‫على مفهوم المعلومة الزائفة‪ ،‬وهي كل معلومة كاذبة ال أساس لها من الصحة‪ ،‬من شأنها التأثير على‬
‫األسعار وبالت\\الي الس\\ير الط\\بيعي للس\\وق المالي\\ة‪ .‬حيث أن اإلش\\اعة أو المعلوم\\ة الخاطئة يمكن أن‬
‫يكون بها تأثير كبير على األسعار خاصة إذا تعلق بحياة الش\\ركة االقتصادية ونجاحه\\ا أو تقدمها أو‬
‫كانت تتعلق باإلطار االقتصادي كإشاعة هناك تغي\ير في النظ\ام أو فيم\ا يتعل\ق بفرض رس\وم‪ ،14‬كم\ا‬
‫تعت\بر المعلوم\ات إح\دى العناصر الهام\ة التي تقوم عليه\ا البورصة واألس\اس الذي يعتم\د علي\ه‬
‫المستثمر عند اتخاذ قراره اإلستثماري في األوراق المالية‪ ،‬لذلك فقد حرص المشرع على ابراز كافة‬
‫المعلومات عن الشركات المصدرة لألوراق المالية وجرم نشر التصريحات واإلستش\\ارات واألقوال‬
‫الشفاهية الكاذبة بهدف الحفاظ على مصداقية المعلوم\\ات ودقته\\ا‪ ،‬وهن\\ا تجدر اإلش\\ارة أن\\ه ال يمكن‬
‫حماية اإلستثمار وضمان حسن س\ير الس\وق المالي\ة من دون ت\أمين المعلوم\ات المتعلقة باالس\تثمار‬
‫والحيلولة دون نشرها بشكل مخالف لما هي عليه في الواقع‪ ،‬كأن تعمد ش\ركة م\ا ت\داول أس\همها في‬
‫البورصة أو تزعم جعلها كذلك‪ ،‬لنشر معلومات خاطئة تتعل\\ق بحالته\\ا االقتصادية‪ ،‬الب\\د من معاقب\\ة‬
‫الجاني في هذه الحالة‪ .‬وبالتالي كي تقوم ه\\ذه الجريم\\ة يجب ت\\وفر ركنيه\\ا الم\\ادي والمعن\\وي حيث‬
‫يتمثل الركن المادي في إصدار معلومة كاذبة أو مغالطة‪ ،‬أما الركن المعن\\وي فه\\و ت\\وفر القصد أي‬

‫‪ 13‬خالد على صالح حنفي‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة بسوق األوراق المالية الخاصة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،2007،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 14‬بهية هواتف‪ ،‬النظام القانوني لتداول القيم المنقولة (في البورصة) مذكرة لنيل درجة ماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع قانون أعمال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.116‬‬

‫‪8‬‬
‫العمد عند القيام بترويج أو نشر أو تسريبب المعلومة غير الصحيحة‪ .‬وبالتالي يتمثل هذا العنصر في‬
‫نشر المعلومات مع العلم بأنها خاطئة‪ ،‬وبهذا إذا كانت هذه الجنحة تقوم على وجود معلوم\\ات زائفة‬
‫فيجب أن تنط\\وي ه\\ذه األخيرة على ح\\د أدنى من الدقة‪ ،‬لكن في التط\\بيق إن اإلش\\اعات أو مجرد‬
‫اآلراء ال يمكن أن تعت\\\بر معلوم\\\ات زائفة م\\\ع العلم أن مجرد اإلش\\\اعات يمكن أن تتس\\\بب في‬
‫اضطرابات لذلك يجب أن تكون معاقب عليها‪ ،‬وبالتالي تتأسس هذه الجنحة باالس\\تماع إلى معلوم\\ات‬
‫زائفة تجعل الشخص يقع في الخطأ إما بتحقيق أرباح أو تخفيض في األسعار أو الترفيع فيها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الجرائم المتعلقة بالمعاملة‪:‬‬

‫تعم ل األس واق المالي ة على تلبي ة حاج ة المس تثمرين فيه ا من خالل العم ل على انتق ال األم وال من‬
‫وحدات فائض (من يملكون األموال) إلى وحدات العج ز (من يري دون تموي ل األم وال) مقاب ل أوراق‬
‫مالية معينة ويشترك في هذه السوق مجموعة من األفراد والمؤسس ات ضمن إج راءات خاص ة تنظم‬
‫عملهم‪ ،‬ونظرا ألهمية مجال البورصة وقيمته فإنه لم يسلم من االعتداءات مم ا أدى إلى ب روز ج رائم‬
‫تتعلق بتنظيم السوق المالية في إطار المعاملة‪ ،‬ومن أهمها جريمة المناورة وجرائم العرقلة على معنى‬
‫الفص لين ‪ 84‬و‪ 85‬من ق انون ‪ 1994‬المتعلق ة بإع ادة تنظيم الس وق المالي ة‪ .‬وباإلضافة إلى جريم ة‬
‫اإلخالل بموجبات االصدار على مع نى الفص ل ‪ 82‬من ق انون ‪ 1995‬فبالنس بة للجريم ة األولى يمكن‬
‫القول بأن تجريمها يعود إلى سنة ‪ 1989‬بالقانون عدد ‪ 89-49‬المؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪ 1989‬والمتعل ق‬
‫بالسوق المالية‪ ،‬كما أن قانون ‪ 111-94‬المؤرخ في ‪ 1994‬والمتعلق بإعادة تنظيم السوق المالي ة كان‬
‫فرصة إعادة صياغة تجريم هذا الفصل‪ .‬حيث اقتضى الفصل ‪ 81‬في فقرته الرابع ة "ويك ون عرضة‬
‫للعقوبات المنصوص عليها بالفقرة األولى أعاله كل ش خص يت وى عم دا بص فة مباش رة أو بواس طة‬
‫الغير القيام بمناورة في سوق ورقة مالية أو أداة مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة وته دف إلى‬
‫اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إلى إيقاع الغير في الخطأ"‪ ،‬ما يمكن ما يمكن التأكيد عليه أن ه كث يرا‬
‫ما يقع الخطأ بين المناورة وبعض المفاهيم األخرى كاإلحتكار والمضاربة‪ 15‬وهي من المف اهيم المألوف ة‬
‫في ميدان البورصة الذي يعد المجال األمثل لنشاط المضاربة‪.‬‬

‫كذلك كثيرا ما يقع الخلط بين جريمة المن اورة على مع نى ق انون ‪ 1994‬وجريم ة التحي ل على مع نى‬
‫الفصل ‪ 291‬من المجلة الجزائية الذي جاء "يعاقب بالسجن م دة خمس ة أع وام وبخطي ة ق درها ألف ان‬
‫‪15‬‬
‫‪Vauplane (H) et simort (O). op. cit. p 158.‬‬

‫‪9‬‬
‫وأربعمائة دينار كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبالت التي‬
‫من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع ال أص ل له ا في الحقيق ة أو نف وذ أو اعتم اد وهمي أو ال تي من‬
‫شأنها بعث األم ل في نج اح غ رض من األغ راض أو الخ وف من اإلخف اق في ه أو وق وع إص ابة أو‬
‫غيره ا من الح وادث الخيالي ة ويك ون ق د تس لّم أو ح اول أن يتس لّم أم واال أو منق والت أو رقاع ا أو‬
‫ممتلكات أو أوراقا مالية أو وعودا أو وصوالت أو إبراءات واختلس بإحدى هذه الوسائل أو ح اول أن‬
‫يختلس الكل أو البعض من مال الغير"‪ ،‬فهي جريمة يصعب عمليا التمييز بينها وبين جريمة المن اورة‬
‫ففي كلتا الحالتين نحن أمام مناورات وحيل تهدف إلى التحصل على مال غير مشروع‪.‬‬

‫كما توجد مقارنة أيضا بين جريمة المناورة وجريمة الفصل ‪ 139‬من المجلة الجزائي ة ال ذي ج اء في ه‬
‫"يعاقب بالسجن من شهرين إلى عامين وبخطية من أربعمائة وثمانين دينارا إلى أربعة وعشرين أل ف‬
‫دينارا كل من يحدث أو يحاول أن يحدث مباشرة أو بواسطة ترفيع ا أو تخفيضا مص طنعا في أس عار‬
‫المواد الغذائية أو البضائع أو األش ياء العام ة أو الخاص ة‪ "...‬وق د تعم د المشرع هن ا تحدي د الوس ائل‬
‫المجرمة للتأثير على األسعار من خالل تعمد ترويج أخبار غ ير ص حيحة أو تق ديم ع روض بالس وق‬
‫بهدف ادخال اضطراب على االشعار‪.‬‬

‫ما يلفت االنتباه هو تعدد صور المناورة حيث ال يمكن حصرها وال تعدادها وهي ص ورة تعكس م دى‬
‫خطورة األفعال على حقوق ومصالح المدخرين من جهة وعلى س المة وش فافية المع امالت من جه ة‬
‫أخرى‪ ،‬وجريمة المناورة هي من قبيل الج رائم الشكلية حيث يشترط أن يق وم المن اور بتل ك األفع ال‬
‫بهدف "اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إيقاع الغير في خطأ" أي أن هذه األفع ال من ش أنها اإلخالل‬
‫بالسوق أو إيقاع الغير في خطأ إذا لم يشترط أن تقع هذه األفعال نتاج معينة أو أن تحقق حتما المناور‬
‫أرباحا مادية فيساءل جزائي ا ح تى ولم تتحق ق األه داف حيث تق در ش روط تك وين الجريم ة من قب ل‬
‫القضاة األصل وذل ك ب النظر لمضمونها بغض النظر عن أي نتيج ة مترتب ة عنه ا ودون البحث عن‬
‫العالقة السببية بين الفعل المجرم والنتيجة المحققة‪ ،‬أي ال يشترط المشرع حدوث نتيجة إجرامية يمكن‬
‫تتبع شخص ومعاقبته من أجل قيامه بمناورة به دف اإلخالل بس ير الس وق المالي ة ول و لم يط رأ على‬
‫السير العادي للسوق أي خلل وحتى إن كانت جريمة المناورة ش كلية فالمشرع يع اقب على المحاول ة‬
‫كما جاء بصريح العبارة في الفصل ‪ 81‬من قانون ‪" 1994‬القيام أو محاولة القي ام بمن اورة" وه ذا م ا‬

‫‪10‬‬
‫يبين نزعة التشدد والصرامة في األخذ بمسؤولية المناور الجزائية‪ ،16‬وقد حدد المشرع في الفص ل ‪81‬‬
‫مقدار الخطية "ويكون عرضة للعقوبات المنص وص عليه ا ب الفقرة األولى أعاله كل ش خص يت ولى‬
‫عمدا بصفة مباشرة أو بواسطة الغير القي ام أو محاول ة القي ام بمن اورة في س وق ورق ة مالي ة أو أداة‬
‫مالية موظفة عن طريق المساهمة العامة وتهدف إلى اإلخالل بالسير العادي للسوق أو إيقاع الغير في‬
‫الخطأ" الخطية تتراوح بين ‪ 1000‬و ‪10000‬د‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬يعاقب القانون الفرنسي جريمة المناورة بسنتين سجن وخطية ‪ 15000000‬أورو ويمكن‬
‫أترفع الخطية إلى ‪ 10‬أضعاف األرباح المحققة دون أن يخفض مقدارها إلى أقل من مبلغ األرباح‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بجرائم العرقلة‪ ،‬فيمكن القول أن ركنها الشرعي يتمثل أساسا في الفص لين ‪ 84‬و‪ 85‬من‬
‫قانون ‪ 117‬لسنة ‪ 1994‬إضافة إلى قانون ‪ 64‬المؤرخ في ‪ 12‬أوت ‪ 2009‬المتعلق بمس دي الخ دمات‬
‫لغير المقيمين أما فيما يخص ركنها المادي فيتمثل في وجود عرقلة ألح د أع وان هيئ ة الس وق المالي ة‬
‫المحلفين عند أداء مهامهم المتعلقة بالبحث والتحقيق للكشف عن ج رائم الس وق المالي ة عم دا بم ا أن‬
‫جرائم هذين الفصلين هم جرائم قصدية‪ ،‬كذلك يكون عرضة للعقوبات من يعرقل ون عم دا تنفي ذ اإلذن‬
‫الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائي ة‪ ،‬والج دير بال ذكر أن األع وان المكلفين ب البحث ج اءت مطلق ة‬
‫دون تمييز بين أعوان هيئة السوق المالية أو أعوان البنك المركزي أو أعوان الضابطة العدلية‪ ،‬كذلك‬
‫عبارة عرقلة لم يتم تعريفها من ط رف المشرع إذ وردت مطلق ة مم ا يوس ع نطاقه ا‪ ،‬وه و م ا يؤكد‬
‫مجددا ما يتميز به ه ذا الص نف من الج رائم باتس اع وتضخم في التج ريم ‪ ،‬كم ا أن المشرع اش ترط‬
‫القصد دون نتيجة أي القيام ب أي تص رف يفي د العرقل ة ول و لم يثن أع وان الهيئ ة عن تأدي ة واجبهم‪،‬‬
‫ويمكن أن تتم العرقلة عن طريق اخفاء بعض المعطيات والوثائق المتعلقة بس ير الشركة ونشاطها أو‬
‫مدهم بحسابات مغلوطة أو موازنات قديمة‪ ،‬أما فيما يخص جريمة اإلخالل بموجبات اإلص دار فيمكن‬
‫القول بأنها وردت في الفصل ‪ 82‬من قانون ‪ 1994‬المذكور والذي جاء به " يعاقب بخطي ة من ‪500‬‬
‫إلى ‪ 2000‬دينارا الرؤس اء الم ديرون الع امون والم ديرون الع امون وأعضاء مجلس اإلدارة وكذلك‬
‫الوسطاء الذين يتولون عم دا إص دار أوراق مالي ة لشركات مس اهمة عام ة‪ ،‬أو تق ديمها لالكتت اب أو‬
‫عرضها للبيع دون مراعاة اإلجراء الوارد بالفصل الثاني من هذا القانون‪.‬‬

‫‪ 16‬علي شلبي‪ ،‬بورصة األوراق المالية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،1962 ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪11‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬زجر جرائم البورصة‬
‫تبرز خصوصية زجر جرائم البورصة على مستويين‪ :‬على مستوى خصوصية التتب ع من ناحية‬
‫(فقرة أولى) وعلى مستوى النظام العقابي من أخرى‪(.‬فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خصوصية التتبع‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫إن تطور سياسة التجريم والعقاب التي ش هدتها المع امالت داخ ل س وق رأس الم ال تعكس أهمي ة‬
‫األسواق المالية على اقتصاد البالد التونسية‪ .‬و قد جاءت معظم النصوص المنظم ة للس وق المالي ة‬
‫والمحددة لحقوق وواجبات المتدخلين و المتعاملين في هذه السوق في شكل هرمي بدءا بالنصوص‬
‫القانونية ثم األوامر و القرارات التي استوعبت كل الجوانب المتعلقة بالتعامل في السوق المالية ‪.17‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أن السوق المالية يمكن أن تتخللها ج رائم البورص ة‪ .‬و البورص ة هي المك ان‬
‫الذي يتم فيه تبادل االوراق المالية التي تصدرها الشركات خفية االسم و تتوزع هذه الشركات إلى‬
‫نوعين " الشركات التي تلجا إلى االكتتاب الع ام أو ش ركات المس اهمة العام ة والشركات ال تي ال‬
‫تلجا إلى االكتتاب أو شركات المساهمة الخصوصية "‬

‫و نظرا لخصوصية مجال التعامل في األوراق المالية فانه يص عب على أعضاء النياب ة العمومي ة‬
‫الغير المختصين في هذا المجال البحث عن جرائم البورصة و لذلك أوكل ه ذه المهم ة إضافة إلى‬
‫النيابة العمومية هياكل أخرى مختصة لها الحرفية الالزمة للتعامل في ميدان األوراق المالية الذي‬
‫يتميز بالطابع الفني الدقيق و تتمثل هذه الهياكل المكلفة بالقي ام ب إجراءات التتب ع في هيئ ة الس وق‬
‫المالية و البنك المركزي‪.‬‬

‫و قد أحدثت هذه الهيئة بمقتضى القانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المتعلق بإعادة تنظيم الس وق المالي ة‬
‫حيث تتمتع بالشخصية المدنية و االستقالل الم الي‪ . 18‬و في نفس ه ذا اإلط ار ينص الفص ل ‪ 23‬من‬
‫القانون سالف الذكر على انه "أحدثت هيئ ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة و االس تقالل الم الي مقره ا‬
‫تونس العاصمة و تسمى هيئة السوق المالية‪.19‬‬

‫و يجدر المالحظة ان لهذه الهيئة مجلس له صالحيات واسعة في القيام بالبحث في جرائم البورصة‬
‫حسب الفصل ‪48‬من نفس القانون‪" .‬المجلس هو السلطة المؤهلة للقيام بأعمال هيئة الس وق المالي ة‬
‫وهو الذي يتولى القيام بتلك األعمال أو يرخص في القيام بها و بالعمليات المرتبطة بمهامه ‪ .20‬وق د‬
‫نص الفصل ‪25‬من القانون سابق الذكر تركيبة ه ذا المجلس و ال ذي يتك ون من رئيس و أعضاء‬
‫يتم تعينهم بمقتضى أم ر ف ردي ص ادر عن رئيس الجمهوري ة و ه ؤالء األعضاء يشملون‬

‫‪ 17‬منير بوريشة المسؤولية الجنائية للوسطاء المالين في عمليات البورصة الصفحة ‪.40‬‬
‫‪ 18‬القانون عدد ‪117‬لسنة ‪1994‬المؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪1994‬‬
‫‪ 19‬الفصل ‪23‬من نفس القانون‬
‫‪ 20‬الفصل ‪48‬من نفس القانون‬

‫‪13‬‬
‫بالضرورة على قاضي من الرتبة الثالثة و مستشار ل دى المحكم ة اإلداري ة و أخ رى ل دى دائرة‬
‫المحاسبات أما األعضاء الستة المتبقون فهم يتكونون من ممثلين احدهم عن البنك المركزي و أخر‬
‫عن وزارة المالية و ث الث ممث ل عن وس طاء البورص ة أم ا الثالث ة المتبق ون فيتم اختي ارهم تبع ا‬
‫لكفاءتهم في ميدان المساهمة العامة ‪.21‬‬

‫و قد عرض لنا هذا القانون مهام و صالحيات هيئة السوق المالية كس لطة بحث و تتب ع في ج رائم‬
‫البورصة إن حسب الفص ل ‪34‬من ه ذا الق انون تحتمي ه ذه األخ يرة بتلقى الع رائض و الشكاوي‬
‫وتتخذ في شانها القرارات الالزمة التي تتمثل في مجملها في إحالة كل من تسبب في مضرة غ يره‬
‫واخل بالسير العادي للسوق المالية على المحكمة المختصة و نص الفصل ‪32‬من هذا الق انون على‬
‫أن الهيئة يمكن لها القيام بتحقيقات لدى كل شخص طبيعي أو معنوي كلم ا كان ذل ك الزم ا للقي ام‬
‫بمهامها عن طريق أعوان محلفين و يمكن لهم عند‬

‫القيام باألبحاث الدخول إلى المحالت المهنية أثناء ساعات العمل و حجز السندات و الوث ائق ال تي‬
‫تبدو مزورة و غير مطابقة للقانون و الترتيب الجاري بها العمل‪ .‬كما يمكن لهم اس تدعاء و س ماع‬
‫كل األشخاص القادرين على إفادتهم بمعلومات‬

‫لها صلة بمه امهم و يتم إثب ات التحقيق ات بمحضر يتم تحري ره و إمضاءه من قب ل كوني التحقي ق‬
‫الت ابعين لهيئ ة الس وق المالي ة أو البن ك المركزي حس ب الحالة‪ .22‬و ت دخل ضمن ص الحيات هيئ ة‬
‫الس وق المالي ة الس هر على حماي ة االدخ ار المس تثمر في األوراق المالي ة و هي تعم ل على تنظيم‬
‫األسواق و تسهر على حسن سيرها تتمكن من التصدي للتالعب و هي مس ؤولية أيضا على مراقب ة‬
‫نشر المعلومات المالية و معاقبة المخالفين أو أي تجاوز لإلطار التشريعي الجاري به العم ل‪ .‬وتق وم‬
‫هيئة السوق المالية بحماية االدخار المس تثمر في األوراق المالي ة عن طري ق منح تأش يره للعملي ات‬
‫المالي ة ذات المس اهمة العام ة إضافة إلى مراقب ة العملي ات بالبورص ة كم ا تت ولى مراقب ة وس طاء‬
‫البورصة‪ ‬ومؤسسات التوظيف الجبائي و تعمل أيضا على مراقبة المعلومات المالية كما تس هر على‬
‫احترام و تطبيق اإلطار التشريعي‪.‬‬

‫‪ 21‬الفصل ‪25‬من نفس القانون‬


‫‪ 22‬الفصلين ‪32‬و ‪34‬من القانون سابق الذكر‬

‫‪14‬‬
‫وتقوم هيئة السوق المالي ة بتلقي الشكايات من ط رف المس تثمرين و الم دخرين و إع داد الملف ات‬
‫الخاصة بهم وأخيرا وليس آخرا تس عى إلى اتخ اذ العقوب ات المنص وص عليه ا ضمن النص وص‬
‫القانونية في حالة تجاوز اإلطار التشريعي الجاري به العمل‪.‬‬

‫استنادا إلى ما س بقت اإلش ارة إلي ه تلعب هيئ ة الس وق المالي ة إضافة إلى مجلس ها دورا هام ا في‬
‫التصدي لجرائم البورصة و زجر كل المخالفين لإلط ار التشريعي ال ذي ينظم الس وق ‪.‬لكن و إن‬
‫كانت هاتين السلطتين تتمتعان بسلطة بحث و متابعة كذلك ال يمكن الجزم إن هيئة السوق المالية و‬
‫مجلسها يشكالن نياب ة عمومي ة خاص ة و أن المشرع نص ‪39‬من ق انون ع دد‪ 117‬على إن ه ذه‬
‫األخيرة تحيل‬

‫المحاضر إلى وكيل الجمهورية لدى المحكم ة االبتدائي ة مص حوبا بالطلب ات و هوم ا يؤكد لن ا أن‬
‫الهيئة في حد ذاتها و مجلسها ال يخول لها إصدار عقوبات جزائيةحتى و أن كانت تختص ب البحث‬
‫و التتبع في مثل هذا النوع من الجرائم‪.‬إذ أن سلطة إصدار العقوبات الجزائية هي من الص الحيات‬
‫الحصرية للمحاكم التونسية‪.23‬‬

‫إضافة إلى هيئة السوق المالية فقد أوكل المشرع كذلك سلطة البحث و التتب ع في ج رائم البورص ة‬
‫إلى هيكل أخر هو البنك المركزي‪.‬و هذا األخير يتمثل في مؤسس ة مالي ة مركزي ة مكلف ة بإص دار‬
‫النقد و اإلشراف على القطاع البنكي في تونس كما تقول هذه األخ يرة ب إدارة احتي اطي الدول ة من‬
‫النق د األجن بي و إدارة السياس ة النقدية‪ .24‬كم ا يق وم البن ك أيضا بإص دار تق ارير يقيم فيه ا‬
‫الوضع االقتصادي العام يقوم باقتراح اإلجراءات الممكن اتخاذها لتحسينه و تج در المالحظة‬
‫في نفس هذا السياق إلى انه قد تم إنشاء البنك المركزي بمقتضى ق انون ‪19‬س بتمبر ‪1958‬ال ذي‬
‫يعرف لنا هذا األخير على انه مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدني ة و باالس تقالل الم الي و‬
‫له ‪12‬فرع في كل من تونس العاصمة و بنزرت وسوسة صفاقس نابل قابس القصرين الق يروان‬
‫المنستير جندوبة و يشرف على البنك محافظ و نائب و له مجلس إدارة يجتمع به شهريا ‪.‬‬

‫و في إط ار الحف اظ على اس تقرار الس وق المالي ة و تحقي ق توازنه ا اق ر الق انون ‪19‬س بتمبر‬
‫‪1958‬مهمة عامة تتمثل في الدفاع عن قيمة النق د و الس هر على اس تقرارهو في ه ذا اإلط ار فه و‬

‫‪ 23‬الفصل ‪39‬من قانون عدد ‪117‬‬


‫‪24‬‬
‫‪Loi n 1958-0090portant création et organisation de la banque central de Tunisie‬‬

‫‪15‬‬
‫يتولى مراقبة الت داول النق دي‪. 25‬و من ضمن ص الحيات البن ك المركزي و ح تى يس تطيع ان يق وم‬
‫بالمهمة الموكولة له على اكم ل وج ه خص ه المشرع بس لطة منح ال ترخيص لممارس ة اي نشاط‬
‫صرفي و مالي كما خول له المشرع ان يجري رقابة على مسدي الخدمات المالية لغير المقيمين و‬
‫ذل ك وف ق الفص ل ‪115‬من المجل ة الخاص ة بمس دي الخ دمات لغير المقيمين ‪.26‬و ق د نص الفص ل‬
‫‪124‬من القانون عدد‪64‬لسنة ‪2009‬على انه يقع تتبع المخالفين لهذه المجلة و نصوصها التطبيقي ة‬
‫بمبادرة من محافظ البنك المركزي بالنس بة لمؤسس ات الق رض غ ير المقيم ة في حين تق وم هيئ ة‬
‫السوق المالية بالتتبع عندما يتعلق األمر بمسدي خدمات االستثمار لغير المقيمين ‪.27‬‬

‫و استنادا إلى ما سبقت اإلشارة إليه تلعب هيئة السوق المالية إضافة إلى البن ك المركزي كهياكل‬
‫بحث و تتبع دورا هاما في المحافظة على توازن الس وق المالي ة و التص دي لج رائم البورص ة و‬
‫زج ر المخ الفين لإلط ار التشريعي المنظم له ذه الس وق‪ .‬و علي ه ف ان خصوص ية زج ر ج رائم‬
‫البورصة ال تبرز فقط من خالل النظام التتبع بل كذلك من خالل النظام العقاب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬النظام العقابي‪:‬‬

‫خول المشرع لهيئة السوق المالي ة العدي د من الص الحيات نظرا لكونه ا الجه از الس اهر على حماي ة‬
‫اإلدخار المستثمر في األوراق المالية وكل ما هو قابل للتداول بالبورصة‪ ،‬ولتحقيق هذا اله دف أرس ى‬
‫المشرع عقوبات تأديبية وإدارية باإلضافة إلى العقوبات الجزائية التي تسلطها المح اكم العدلي ة وال تي‬
‫قد تتولد مع عقوبات أخرى غير تلك المرصودة لجرائم البورصة الواردة في قانون ‪.1994‬‬
‫‪ 25‬قانون ‪19‬سبتمبر ‪1958‬المتعلق باحداث البنك المركزي‬
‫‪ 26‬الفصل ‪115‬من مجلة اسداء الخدمات لغير المقيمين‬
‫‪ 27‬الفصل ‪124‬من قانون عدد‪64‬لسنة ‪2009‬‬

‫‪16‬‬
‫وما يجدر التطرق له في جرائم البورص ة ه و كون ه له ا خصوص ية فيم ا يتعل ق بالمؤاخ ذة الجزائي ة‬
‫للشخص الط بيعي خاص ة في نظام العقوب ات حيث نج د أن المشرع ق د جم ع بين العقوب ة الجزائي ة‬
‫والعقوب ة اإلداري ة من جه ة وتع ويض العقوب ة اإلداري ة بالجزائي ة من جه ة أخ رى‪ .‬وبالت الي تك ون‬
‫المؤاخ ذة الجزائي ة للشخص الط بيعي في ج رائم البورص ة من خالل العقوب ة الجزائي ة والخطي ة‬
‫اإلدارية‪ .‬وقد سبق أن قلنا أن هيئة السوق المالية ومجلس ها إضافة إلى البن ك المركزي تنف رد باتخ اذ‬
‫العقوبات المالية السالبة للحرية‪ ،‬فبالنسة للعقوبات المالي ة فق د ح دد الفص ل ‪ 40‬من ق انون ‪ 1994‬ح د‬
‫أدنى وح د أقص ى للخطي ة المالي ة وه و ‪20000‬د وف رض أن تك ون الخطي ة متالئم ة مخ خط ورة‬
‫التجاوزات المقترفة‪.‬‬

‫يمكن القول أن المشرع في إطار العقوب ات المالي ة أق ر خطاي ا جزائي ة منه ا الثابت ة ومنه ا المتغيرة‪،‬‬
‫فبالنسبة للخطية الثابتة يسلطها القاضي الج زائي في ص ورة جريم ة اس تغالل معلوم ة ممت ازة وهي‬
‫تتراوح بين ‪ 1000‬و‪10000‬د‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة لجرائم ترويج معلومات زائف ة أو مظل ة وجريم ة‬
‫المناورة‪ .‬ويختلف مقدار الخطية بالنسبة لجرائم إفادة الغير بمعلوم ات ممت ازة فق د رف ع المشرع في‬
‫مقدار الخطية وجعله ا من ‪ 1500‬إلى ‪15000‬د‪ .‬أم ا الخطي ة المتغيرة هي ال تي تك ون حس ب مق دار‬
‫األرباح المخصصة التي عادة ما يقررها اختيار المحكمة على أال تتجاوز ‪ 5‬أضعاف األرباح المحقق ة‬
‫كحد أقصى‪ .‬وبالتالي فإنه بذلك تكون الخطية المتغيرة هب أرفع بكثير من الخطية الواردة بالفصل ‪81‬‬
‫من قانون ‪ 1994‬مما يعني أن للقاضي في ه ذه الحال ة أن يس هر على رقاب ة التع ويض الحاص ل لكن‬
‫شريطة تعليله لحكمه‪.28‬‬

‫وبالمقابل‪ ،‬بالنسبة للخطية اإلدراية فيمكن القول أنه ا وس يلة خوله ا المشرع إلى ج انب س لطة اتخ اذ‬
‫التراتيب الالزمة تجاه المتدخلين في الس وق المالي ة وذل ك في إط ار حماي ة اإلدخ ار الع ام‪ ،‬وق د مكن‬
‫المشرع هيئة السوق المالية من تسليط عقوبات إداري ة ضد كل من ي دخل خلال في القواع د المنظم ة‬
‫للسوق المالية‪.‬‬

‫إلى جانب هذه العقوبات المالية واإلدارية‪ ،‬نجد العقوب ات التأديبي ة ال تي نص عليه ا الفص ل ‪ 128‬من‬
‫قانون ‪ ،2009‬وهي التوبيخ‪ ،‬التعليق المؤقت لمهام الشخص المخالف لها‪ ،‬اإلنذار‪ ،‬التوقي ف الكلي عن‬
‫ممارسة النشاط‪ ،‬سحب الترخيص الذي يؤدي إلى تصفية المخالف‪ ،‬س حب المص ادقة‪ .‬باالضافة على‬

‫‪ 28‬عبد الرسول محمد فاروق‪ ،‬الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،2007 ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪17‬‬
‫ذلك نجد العقوبات السالبة للحرية والتي حددها المشرع بوضع الحد األجنى وهو ‪ 16‬يوما وحد أقصى‬
‫وهو ‪ 3‬سنوات في بعض الجرائم ولكن ترك للقاضي حرية اإلختيار بينها وبين الخطي ة‪ .‬حيث أن ه في‬
‫أغلب األحيان وخاصة إن كان األمر يتعلق بجرائم مالية تكون العقوبة الخطية أكثر منها سجن‪.‬‬

‫سبق وذكرنا ألن المشرع ق د اهتم فق ط بالمؤاخ ذة الجزائي ة للشخص الط بيعي في ج رائم البورص ة‬
‫وأهمل المؤاخذة الجزائية للشخص المعنوي‪ ،‬ويقصد باألشخاص المعنويين األشخاص واألم وال ال تي‬
‫ترمي إلى تحقيق غرض معين يمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقي ق ه ذا الغرض‪.‬‬
‫والمالحظ في جرائم البورصة أن الحماية الجزائية التي رصدها المشرع من خالل هذه الجرائم تتعلق‬
‫بالمعلومات أو المعامالت لألوراق المالية التي يص درها األش خاص العموم يين كالدول ة والجماع ات‬
‫المحلي ة العمومي ة خاص ة طبق ا للفص ل ‪ 51‬من ق انون ‪ 1994‬من ناحي ة‪ ،‬وت دخل عدي د األش خاص‬
‫المعنويين في البورصة كشركات الوساطة في البورصة وشركات أخرى‪ ،‬هذا إلى جانب تواج د هات ه‬
‫الذوات المعنوية كأعضاء التسيير في مج الس اإلدارة أو هيئ ة اإلج ارة الجماعي ة في الشركات خفي ة‬
‫اإلسم‪ .‬وب الرغم من الحضور المكث ف لألش خاص المعن ويين في مي دان البورص ة لم تشمل الحماي ة‬
‫الجزائية لإلستثمار التي أقرها المشرع إمكانية مؤاخذتها‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬

‫المراجع العامة‬

‫‪18‬‬
‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻧﻴﺲ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ‪ ،‬المعجم الوسيط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬محمد جبر األلفي‪ ،‬ماهية الجريمة الجنائية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المراجع الخاصة‬

‫منير بوريشة‪ ،‬المسؤولية الجنائية للوسطاء المالين في عمليات البورصة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫علي شلبي‪ ،‬بورصة األوراق المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ Peter Howells & Keith Bain, Financial Markets and Institutions.‬‬
‫خالد على صالح حنفي‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة بسوق األوراق المالية الخاصة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫شعبان محمد اسالم البوراوي‪ ،‬بورصة األوراق المالية من منظور إسالمي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المذكرات واألطروحات‬

‫بهية هواتف‪ ،‬النظام القانوني لتداول القيم المنقولة (في البورصة)‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات والمقاالت‬

‫عبد الرسول محمد فاروق‪ ،‬الحماية الجنائية لبورصة األوراق المالية‪ ،‬دراسة مقارنة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أحمد بصري إبراهيم ومحمد حسن علي علوش‪ ،‬دراسة حول التدابير ﺍﻟﻮﺍﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ‬ ‫‪‬‬
‫ﺍﻟﺒﻮﺭﺻﺎﺕ في ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ اإلسالمي‪ :‬دراسة مقارنة‪.‬‬

‫المجالت والقوانين‬

‫قانون عدد ‪ 117‬لسنة ‪ 1994‬مؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1994‬يتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قانون عدد ‪ 49‬لسنة ‪ 1989‬مؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪ 1989‬يتعلق بالسوق المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قانون ‪19‬سبتمبر ‪1958‬المتعلق باحداث البنك المركزي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفهـــــــرس‬

‫‪19‬‬
‫المخطط ‪1 ................................................................................................‬‬

‫المقدمة‪2 ..................................................................................................‬‬

‫الجزء األول‪ :‬قيام جرائم البورصة‪6..................................................................‬‬

‫الفقرة ‪ :1‬الجرائم المتعلقة بالمعلومة‪6................................................................‬‬

‫الفقرة ‪ :2‬الجرائم المتعلقة بالمعاملة‪9.................................................................‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬زجر جرائم البورصة‪12..............................................................‬‬

‫الفقرة ‪ :1‬خصوصية التتبــــع‪12......................................................................‬‬

‫الفقرة ‪ :2‬النظام العقابــــــــي‪15......................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪18.........................................................................................‬‬

‫الفهرس‪19 ...............................................................................................‬‬

‫‪20‬‬

You might also like