You are on page 1of 3

‫مقدمة بحث حق الطفل في الرعاية األسرية‬

‫يعتبر الطفولة زينة الحياة وعماد المستقبل فالطقل اليوم هم رجال وأمهات الغد وهم ثروة هذه األمة واألمل المنشود‬
‫الذي نطلع إليه في تحقيقه مانصب إليه من األهداف العظيمة في المستقبل ويكفي أن المولى عز وجل قد أقسم بهم في‬
‫فوله تعالى ( َ ال أ ُ ْقسِ ُم ِب َٰ َه َذا َ۬اَ ْل َبلَ ِد (‪َ )1‬وأَنتَ حِل ِب َٰ َه َذا َ۬اَ ْل َبلَ ِد (‪َ )2‬و َوالِد َو َما َولَ َد (‪.1) )3‬‬
‫وتعد الطفولة أول مراحل مراحل الحياة وأولى خطاها نحوى التكامل والتسامح وهي مرحلة أساسية ومهمة في التكوين‬
‫والتقويم حين يتم قبلها إعداد الطفل وتأهيله ليستقبل مراحل عمره المقبلة بإدراك قومه وبعقله أنضج وبمعلومات‬
‫أوضح‪.‬‬
‫ومن الثابت أن حالة األطفال تختلف عن حالة شرائح المجتمع األخرى‪ ،‬فاألطفال ليشكلون خطراً فكريا أو أمنيا على‬
‫الدولة وليهددون كيانها وليست لهم أصواث يؤثرون به على اإلتجاهات السياسية و القتصادية و الجتماعية في الدول‬
‫فهم أكثر الدول الشرائح الحاجة إلى الهتمام والرعاية‪.‬‬
‫وإزاء األهمية الكبرى للطفولة فإن رعايتها وإحاطتها بالضمنات ليس واجبا وطنيا فحسب وإنما هو مبدأ أخالقي‬
‫وإنساني على طريقة تحرير اإلنسان الذي هو غاية الحياة ومنطلقها‪.‬‬
‫وإيمانا منها على أهمية هذه البنة المستقبلية للمجتمع‪ ،‬فقد عنت النظم الجتماعية والقانونية على مر التاريخ باإلهتمام‬
‫بالطفولة ورعايتها وذلك طوال رحلة العطاء اإلنساني الذي إمتدى فيها بكل الفضائل األخالقية وبالعقائد واألديان‬
‫السماوية الذي تعاقب على التواجد اإلنساني‪.‬‬
‫فتميزت الحضارات القديمة في الحقب التاريخية بغياب الضمير في العالقات الجتماعية واإلنسانية فكانت تنشر كل أنواع‬
‫الفشل والضلم واإلستبداد والعبودية ونزعة التملك لكل شيئ تطال حتى األطفال والنساء لتجعل منهم عبيدا وخدماء‬
‫إضافة إلى ذلك فقد كانت مجموعة من القبائل قبل مجيئ اإلسالم تعمل على حرمان األطفال من الرعاية وإنتهاك حقوقهم‬
‫حيث كانت المرأة إذا طلقت أو مات عنها زوجها تطرد وينزع ومنها إبنها حتى يبلغ أشده فيختار عندها إن كان يريد‬
‫معرفة أمه‪ 2‬إستمر هذا الوضع إلى أن جاء اإلسالم والذي إهتم بالطفل إهتماما كبيراً وجاء بدستور كامل يعتريه الحقوق‬
‫و الحريات األساسية للطفل سواء قبل أو بعد الميالد فحدد حقوق الطفل على أسرته ومجتمعه‪ ،‬كما نجد الشريعة‬
‫اإلسالمية قد أفرزت للطفل مجموعة من الحقوق كحقه في الحياة والنسب والحق في اإلسم والرضاعة الطبيعية‬
‫والحضانة واإلرث وغير ذلك من الحقوق التي لتسع أن نذكرها‪.‬‬
‫أما من ناحية الدولة فإن حقوق الطفل قد عرفت نشأة تدريجية ولم تحظى الطفولة باإلهتمام ‪ ...‬إجتماعية مستقلة إل من‬
‫خالل بداية القرن ‪ 19‬حيث كان الهتمام واضحا كالمواثيق الدولية والتي صادقت عليها مجموعة من الدول من بينها‬
‫المغرب‪.‬‬
‫وبدلت المملكة المغربية جهوداً كبيرة لتكريس حق الطفل في الرعاية من خالل منظومة تشريعية ومؤسسات خاصة‬
‫باألطفال‪ ،‬وتتجلى من خالل النص على الرعاية بصفة علمة التي تشمل بند كافة حقوق في مدونة األسرة والدستور‬
‫الذي يعتبر أسمى قانون‪.‬‬
‫وما يهمنا في هذه الدراسة معرفة وتوضيح مدى تمتع الطفل بالرعاية والحفاظ له على هذا الحق‪.‬‬
‫وليتحقق ذلك بالدراسة من الجانب النظري فقط‪ ،‬بل لبد من الدراسة من الجانب الميداني حتى نتمكن من معلومات‬
‫دقيقة‪ .‬ومن أسباب إختيار الموضوع تزايد عدد األطفال في وضعية صعبة والذين يحتاجون إلى رعاية لذلك فهناك كل‬
‫المبررات إلجراء المزيد من الدراسات واألبحاث في هذا الموضوع خصوصا تلك التي تحاول إكتشاف ووضع األسس‬
‫والقواعد التي يجب مراعاتها في الرعاية البديلة للطفولة والمستوحاة من روح الشريعة اإلسالمية ومن جهة أخرى فقد‬
‫‪ ...‬إهتمامي الكثير من المظاهر السلبية القائمة في أساليب الرعاية المؤسسية لألطفال الذين حرمو من رعاية أبويهم‬
‫كما أن النقض الهائل في الكتابات العربية التي تتناول مجال الرعاية البديلة للطفولة‪ ،‬وكذلك إثارة إنتباه األباء واألمهات‬

‫سورة البلد‪ ،‬األية ‪3‬‬ ‫‪1‬‬

‫ميالد سني حماية الدولة لحقوق الطفل مذكرة لنيل شهادة ماجستير تخصص قانون عام جامعة محمد خيضر بسكرة ‪ 2015 2014‬ص ‪.3‬‬ ‫‪2‬‬
‫الذين قد تفيدهم المعلومات في تجنب المشاكل العائلية والمحافظة على تماسك األسرة حرصا على عدم حرمان األطفال‬
‫وتقديم حماية لهم‪.‬‬
‫وتتمتل صعوبات في قلة المراجع المتخصصة في الموضوع وصعوبة الولوج إلى المكتابات وحصول على نسب دقيقة‬
‫لألطفال المحرومين من هذه الرعاية في هذه الظرفية التي توازي هذا الوباء‪ ،‬أما المنهج المتبع مركب بين إستقرائي‬
‫وتحليلي حيث يهدف األول إلى إحصاء مجمل النصوص التي تناولت هذا الموضوع وبينما يهدف األول إلى إحصاء‬
‫مجمل النصوص التي تناولت هذا الموضوع وبينما يهدف األول إلى إحصاء مجمل النصوص التي تناولت هذا الموضوع‬
‫وبينما يهدف الثاني إلى تحليل النصوص القانونية‪.‬‬
‫ومن خالل هذا التقديم سنطرح التساؤل التالي ‪ :‬مامدى تمتع الطفل بحق الرعاية األسرية والرعاية البديلة بين التشريع‬
‫الدولي والتشريع الوطني؟‬
‫يتطلب حل هذه اإلشكالية الرئيسية للموضوع تحديد موقف المنظومة القانونية الوطنية من حق الطفل في الرعاية في‬
‫الدستور المغربي ومدونة األسرة ودراسة مدى مالئمة القانون المغربي لإلتفاقيات الدولية‪ .‬وعلى طول مراحل البحث‬
‫سوف نحاول اإلطالة على واقع حقوق الطفل من خالل تحليل نتائج البحث الميداني‪.‬‬
‫سوف نقسم هذا البحث إلى قسمين ‪:‬‬
‫ندرس في الفصل األول حق الطفل في الرعاية األسرية بين التشريع الوطني والتفاقيات الدولية‪ ،‬واإلطالة من حيث‬
‫ألخر على واقع الطفل من خالل نتائج البحث الميداني الذي قمنا به في القسم الثاني‪ .‬وقبل البدأ في تحليل هذا الموضوع‬
‫الهام نقوم بتحديد المقصود ببعض المصطالحات األساسية الواردة في نصه تحديداً دقيقا من أصل أن يكون التحليل‬
‫دقيقا ومن أهم المصطلحات ‪ :‬الطفل‪ ،‬حق الطفل‪ ،‬مفهوم الرعاية‪ ،‬تعريف األسرة‪.‬‬

‫الطفل ‪ :‬تستعمل العديد من المصطلحات للدللة على الطفل مثل ‪ :‬الولد‪ ،‬الصغير‪ ،‬المراهق‪ ،‬القاصر‪ ،‬الغير البالغ‪،‬‬
‫الحدث وعيرها من الكلمات التي يمكن إعتبارها إلى حد ما مرادفة لكلمة الطفل‪ ،‬ولكن التعمق في الموضوع يعرف بأن‬
‫لكل منها معنى محدداً‪ .‬وفي بحثنا هذا سوف نتجاوزها ونستعملها كمرادفات‪.‬‬
‫يصعب تعريف الطفل وإعطائه تعريفا يكون مقبول من طرف كل المهتمين بشؤونه‪ ،‬وكل المحاولت إلعطاء كلمة‬
‫"الطفل" تعريف موحداً تؤدي إلى إهمال مجموعة من الحقائق الجتماعية والثقافية إذ يختلف المقصود بالطفل وتعريفه‬
‫في ميدان العلوم الطبية عنه في علم النفس وفي علم الجتماع‪ .‬لذلك سوف نقتصر على تعريف الطفل في القانون حيث‬
‫ينطبق مصطلح الطفل في القانون على كل شخص يكون بسب سنه محميا بالقانون‪ ،‬ويؤسس نظاما من التمثيل الشرعي‬
‫له‪ .‬والمشكل هو غياب سن موحد للبلوغ في مختلف التشريعات الوطنية‪.‬‬
‫أما عن تعريف الطفل في القانون الدولي فإننا نالحظ بأن معظم الوثائق الدولية لم تحدد على أوجه الدقة المقصود‬
‫بالطفولة والطفل ولم تحدد هذه كذلك الحد األقصى نفس الطفل أو نهاية مرحلة الطفولة‪ .‬واإلستثناء جاء ‪ :‬في إتفاقية‬
‫األمم المتحدة لحقوق الطفل لعام ‪ 1989‬في مادتها األولى بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر سالم يبلغ سن الرشد‬
‫قبل ذلك بموجب القانون المنبق عليه‪ .‬ويذهب البعض إلى إعتبار هذا التعريف متسما بالغموض والتردد‪ ،3‬خاصة في‬
‫األحوال التي يحدد فيها التشريع الوطني سن أقل لمن يعتبر في نظره طفال دون أن يعتبر من تجاوزها بالغا سن الرشد‬
‫ويقترحون لتجاوز هذا الخلل الشرعي فهم النص على أن الطفل موكل إنسان حتى ‪ 18‬سنة إل إذا حدد القانون بلده سنا‬
‫أقل ودون ربط ذلك ببلوغ سن الرشد‪.4‬‬

‫حق الطفل ‪ :‬تعتبر حاليا مسألة حماية حقوق الطفل على المستوى العالمي إحدى اإلنشغالت المتصلة بحقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬إذ تم اإلعالن منذ عام ‪ 1984‬في إطار عصبة األمم المتحدة عن عدة مبادئ مخصصة لحماية حقوق الطفل‪.‬‬
‫تلها جهود األمم المتحدة التي نتج عنها إنشاء صندوق دولي لتقديم العون للطفل ‪ ،‬ثم صادقة الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة عن إعالن حقوق الطفل يوم ‪ 1959/11/20‬الذي يعتبر بمثابة مدونة لألمم حقوق الطفل‪.‬‬

‫نجوى علي عتيق‪ ،‬حقوق الطفل في القانون الدولي‪ ،‬دار المستقبل العربي ‪ 1995‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫محمد سعيد الدقاق‪ ،‬بحث الحماية القانونية للطفل في إطار مشروع إتفاقية األمم المتحدة لحقوق الطفل‪ ،‬المجلد الثاني ص ‪334‬‬ ‫‪4‬‬
‫تغيرت النظرة إتجاه الطفل مع مرور الزمن فاألمر لم يعد يتعلق بوصف بعض القواعد القانونية على األطفال‪ ،‬ولكن‬
‫بحقوق يتمتع بها الطفل بوصفه طفال إذا أصبح لألطفال حقوق يجب على الكبار إحترامها‪ ،‬وهي تختلف عن حقوق‬
‫الكبار‪.5‬‬

‫رعاية الطفل ‪ :‬لغة ‪ :‬الحفظ والصيانة‪ ،‬وإصطالحا ‪ :‬هي تربية الطفل واإلعتناء به والقيام بكل شؤونه على الوجه‬
‫األفضل واألكمل وصيانته من كل مايلحق به األذى وتوجيهه إلى الخير وإبعاده عن الشر بما يحقق نمو شخصيته بشكل‬
‫متوازن وفق منع اإلسالم‪.‬‬
‫وقد أسند هللا الرعاية لألطفال إلى والديه حيث أن توافر حقوق وقداسته مسؤولية رعايتهم نابغة من قداسة المؤسسة‬
‫األسرية المبنية على الميثاق الغليظ بالمعاشرة الحسنة قال رسول هللا صلى عليه وسلم " إن هللا سائل كل راع عما‬
‫إسترعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجال عن أهل بيته"‪6‬‬

‫األسرة ‪ :‬تعريف األسرة على أنها هي الخلية األساسية في المجتمع وأهم جماعته األولية‪ ،‬وهي عبارة عن رابطة‬
‫إجتماعية تتكون من أب وأم وأبناء‪ .‬أو تقوم األسرة بوظيفة بيولوجية تقتصر على إنجاب األطفال وتحديد أو تنظيم‬
‫النسل‪ .‬وتقوم كذلك بوظيفة نفسية والتي تعد من أهم وظائف األسرة إتجاه أبنائها فهي التي تبث في أفراد األسرة الراحة‬
‫النفسية واإلحساس باألمان واإلستقرار الجتماعي كما تساعدهم في حل مشاكلهم الخاصة والعامة‪ ،‬وتعمل األسرة على‬
‫جعل األبناء ذوي شخصيات مترتبة من خالل إعطاء لألطفال اإلحترام والتقدير وتنمية الثقة بالنفس في داخلهم كما‬
‫تمنحهم الحب واإلحتواء حق يكونوا ناضجين عاطفييا‪ .‬الوظيفة اإلجتماعية ‪ :‬يبقى على األسرة تعليم األبناء تقافة‬
‫التعامل مع األخرين والسلوك والمبادئ‪ ،‬فمثال لبد من تعليم األطفال كيفية إحترام األخرين وإحترام حقوقهم الشخصية‬
‫ومساعدة األخرين‪7‬‬

‫رسالة الدكتوراه‪ ،‬مالئمة التشريع المغربي لإلتفاقات الدولية‪ ،‬نعيمة البالي‬ ‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫‪https://drbaharat.com/?I0=9‬‬

You might also like