Professional Documents
Culture Documents
Almajales Arramadaniah2 PDF
Almajales Arramadaniah2 PDF
ا جا س ا ر ضا ة
تأليف
وليد بن إدريس املنيسي
حقوق الطبع حمفوظة لكل مسلم يرغب يف طباعتها للتوزيع اجملاني
الناشر
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل.
أما بعد:
فهذه ورقات ضمنتها ما يحتاج المسلمون إلى التذكير به
استعدا ًدا لشهر رمضان الكريم المبارك ،من فضائل شهر رمضان
وحكمة الصوم وأحكامه ،وما يتعلق بذلك من الحديث عن ليلة
القدر ،وسنة االعتكاف ،وأحكام يوم العيد ،والحث على دوام
االستقامة بعد رمضان.
وأسأل اهلل تعالى أن يجعل فيها الربكة ويكتب لها القبول
وكتب
وليد بن إدريس المنيسي
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
77 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 6
ات َف َل ْم ُي ْغ َف ْر َل ُه
ان َف َم ََق َالَ :يا ُم َح َّمدُ َم ْن َأ ْد َر َك َش ْه َر َر َم َض َ
ين. َف ُأد ِخ َل النَّار َف َأبعدَ ه اهلل ُق ْل ِآمينَ ،ف ُق ْل ُ ِ
ت :آم َ َ َ َْ ُ ُ ْ الفصل الأول
ات َفدَ َخ َل الن ََّار ك َف َم َ َق َالَ :و َم ْن ُذكِ ْر َت ِعنْدَ ُه َف َل ْم ُي َص ِّل َع َل ْي َ فضائل شهر رمضان
ين» رواه ابن حبان والطبراين وهو يف صحيح
َف َأبعدَ ه اهللُ ،ق ْل ِآمينَ ،ف ُق ْل ُ ِ
ت :آم َ َ َْ ُ ُ
الجامع (.)75 عظيما من مواسم
ً موسما
ً شهر رمضان جعله اهلل تعالى
فما ظنكم بدعوة دعاها الروح األمين وأ َّمن عليها سيد الطاعات ،من وفقه اهلل تعالى فيه لطاعته فقد فاز ،ومن خذل فيه
المرسلين ؟! فقد هلك.
لقد كان السلف الصالح يدعون اهلل ستة أشهر أن يبلغهم شهر قال اهلل تعالى فيه :ﱹﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
رمضان ،ثم يدعون اهلل ستة أشهر أن يتقبله منهم ،وما ذلك إال ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ
لما علموه من الفضائل العظيمة لهذا الشهر المبارك. ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﱸ[البقرة.]185:
وكان النبي يبشر أصحابه بدخول شهر رمضان ،فيقول عن جابر بن سمرة قالَ :ق َالَ :ص ِعدَ النَّبِ ُّي ا ْل ِمنْ َب َر،
ان،لهم كما جاء يف حديث أبي هريرة َ « :قدْ َجا َءك ُْم َر َم َض ُ ول اهَّللِ ،إِن ََّك ِحي َن َص ِعدْ َت ين» ،قِ َيلَ :يا َر ُس َ «آمين ِآم ِ
ين آم َ َ َ
َف َق َالِ :
أي :تعال يا من تريد الخير« ،ويا باغي الشر أقصر» أي :ابتعد َان َأ َّو ُل َل ْي َل ٍة ِم ْن َش ْهرِ َر َم َض َ
ان عن أبي هريرة قال « :إِ َذا ك َ
اب الن ِ ينَ ،و َم َر َد ُة ِت َّ ِ ص ِّفدَ ِ
َّارَ ،ف َل ْم ُي ْفت َْح ت َأ ْب َو ُ الج ِّنَ ،و ُغ ِّل َق ْ الش َياط ُ ُ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
11
11 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 10
يف حصول المغفرة لما سبق من الذنوب ،فكيف باجتماعها؟! وأمسك عن الشر يا من تريد الشر.
وكلها بفضل اهلل يف هذا الشهر الكريم المبارك. ويعتق اهلل تعالى كل ليلة عد ًدا من خلقه فيحرم عليهم
«الص َيا ُم
ِّ عن عبد اهلل بن عمرو عن النبي قال: دخول النار ،ويكتب لهم الجنة ،نسأل اهلل تعالى أن يعتقنا من
ي الص َيا ُمَ :أ ْ
ول ِّ ان لِ ْل َع ْب ِد َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِةَ ،ي ُق ُ
آن ي ْش َف َع ِ
َوا ْل ُق ْر ُ َ النار.
ارَ ،ف َش ِّف ْعنِي فِ ِيه، ات بِالن ََّه ِ الشهو ِ
َر ِّبَ ،منَ ْع ُت ُه ال َّط َعا َم َو َّ َ َ شهر رمضان سبب لتكفير السيئات ومغفرة الذنوب:
آنَ :منَ ْع ُت ُه الن َّْو َم بِال َّل ْي ِلَ ،ف َش ِّف ْعنِي فِ ِيه»َ .ق َال: ول ا ْل ُق ْر ُ َو َي ُق ُ
ات ا ْلخَ ْم ُس، «الص َل َو ُفعن أبي هريرة أن النبي قالَّ :
« َف ُي َش َّف َع ِ
ان» رواه أحمد وهو يف صحيح الجامع (.)3882 انُ ،م َك ِّف َر ٌ
ات َما َب ْين َُه َّن ان إِ َلى َر َم َض َ َوا ْل ُج ْم َع ُة إِ َلى ا ْل ُج ْم َع ِةَ ،و َر َم َض ُ
وقالاهللتعالى:ﱹﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﱸ َب ا ْل َك َبائِ َر» رواه مسلم. اج َتن َ إِ َذا ْ
[الحاقة.]24: احتِ َسا ًبا ان إِ َ
يمانًا َو ْ «م ْن َصا َم َر َم َض َ أيضا قال َ : وعنه ً
قال كثير من السلف« :هذه اآلية نزلت يف الصائمين ،يقال احتِ َسا ًبا ،غ ُِف َر يمانًا َو ْ ان إِ َ
وم ْن َقا َم َر َم َض َ ِ ِ
غُف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم م ْن َذ ْنبِهَ ،
ِ
لهم ذلك يوم القيامة». احتِ َسا ًبا غ ُِف َر َل ُه َما ِ ِ
َل ُه َما َت َقدَّ َم م ْن َذ ْنبِهَ ،و َم ْن َقا َم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َ
يمانًا َو ْ
وعن أبي هريرة عن النبي قال« :ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه» رواه البخاري.
ف ،ا ْلحسنَ ُة ع ْشر َأم َثالِها إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ
ف». ْ َ ْ ُي َضا َع ُ َ َ َ ُ ْ َ «إيمانًا» أي :بفرضية الصوم وسن ّية القيام.
الص َيا َمَ ،فإِ َّن ُه لِي
« َق َال اهللُ َع َّز َو َج َّل :ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم َل ُه إِ اَّل ِّ «واحتسا ًبا» أي :طل ًبا لألجر والثواب من اهلل سبحانه.
َان َي ْو ُم َص ْو ِم َأ َح ِدك ُْمَ ،ف اَل الص َيا ُم ُجنَّةٌَ ،فإِ َذا ك َ ِ
َو َأنَا َأ ْج ِزي بِهَ ،و ِّ ٍ
كاف -بإذن اهلل- فهذه ثالثة أسباب كل واحد منها
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
13
13 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 12
بَ ،فإِ ْن َسا َّب ُه َأ َحدٌ َأ ْو َقا َت َل ُهَ ،ف ْل َي ُق ْل :إِنِّي ٍِ َي ْر ُف ْ
ث َي ْو َمئذ َو اَل َي ْسخَ ْ
الفصل الثاني ْام ُرؤٌ َصائِ ٌم».
الحكمة من الصيام ب ِعنْدَ اهللِ، ِ
الصائ ِم َأ ْط َي ُ وف َف ِم َّ «وا َّل ِذي َن ْف ُس ُم َح َّم ٍد بِ َي ِد ِهَ ،لخُ ُل ُ َ
ك». يوم ا ْل ِقيام ِةِ ،من ِريحِ ا ْل ِمس ِ
ْ ْ َْ َ َ َ
إن اهلل سبحانه هو الحكيم ،ال يشرع لعباده تشريعًا إال وفيه َان َي ْف َر ُح ُه َما :إِ َذا َأ ْف َط َر َفرِ َح بِ ِف ْطرِ ِهَ ،وإِ َذا َل ِق َي لصائِ ِم َف ْر َحت ِ ِ
«ول َّ َ
حكم بالغة تعود عليهم بالسعادة يف الدنيا واآلخرة ،علمها من
ٌ َر َّب ُه َفرِ َح بِ َص ْو ِم ِه» رواه البخاري ومسلم.
علمها وجهلها من جهلها. الجن َِّة َبا ًبا ِ
وعن سهل بن سعد أن النبي قال« :إِ َّن في َ
ِ الق َي َام ِة ،الَ َيدْ ُخ ُل ِمنْ ُه ون يوم ِ ِ ِ
لعباده صو َم شهر رمضان لحكم عظيمة وقد شرع سبحانه الصائ ُم َ َ ْ َ انَ ،يدْ ُخ ُل منْ ُه َّ ُي َق ُال َل ُه َّ
الر َّي ُ
منها: ون الَ َيدْ ُخ ُل ِمنْ ُه َأ َحدٌ وم َ ون؟ َف َي ُق ُ الصائِ ُم َ َأ َحدٌ َغ ْي ُر ُه ْمُ ،ي َق ُالَ :أ ْي َن َّ
-1الصوم تزكية للنفس وعالج لها من البطر واألشر: َغ ْي ُر ُه ْمَ ،فإِ َذا َد َخ ُلوا ُأغ ِْل َق َف َل ْم َيدْ ُخ ْل ِم ْن ُه َأ َحدٌ » .
ان ،الَ
الر َّي َ ويف لفظ« :فِي الجن َِّة َثمانِي ُة َأبو ٍ ِ
وذلك أن النفس البشرية بطبيعتها يصيبها فخر وخيالء اب ُي َس َّمى َّ
اب ،ف َيها َب ٌ َ َ َ َْ
وطغيان ،إذا كانت كلما اشتهت شيئًا حصلت عليه ،والصوم ون» رواه البخاري ومسلم. الصائِ ُم َ
َيدْ ُخ ُل ُه إِ اَّل َّ
يكسر النفس ويشعرها بضعفها وعجزها وحاجتها إلى خالقها
ورازقها الذي يطعمها ويسقيها ،وإذا مرضت فهو يشفيها،
وبذلك يجاهد المسلم نفسه وينهاها عن الهوى ،قال تعالى:
ﱹﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
15
15 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 14
-3الصوم تخلية للقلب من الشواغل الدنيوية وإعانة له على ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﱸ
التذكر والتفكر :وكانت العرب تقول« :إذا امتألت المعدة [النازعات.]41-37 :
خمدت الفكرة». فبالصيام يملك المسلم زمام نفسه ،ويقودها إلى ما فيه
وعن المقدام بن معد يكرب قال َ « :ما َملأَ َ ا ْب ُن آ َد َم ِو َعا ًء خيرها وسعادهتا ،ويتعود على أال يطلق لنفسه العنان فتقوده هي
َان لاَ َم َحا َلةَ، ب ا ْب ِن آ َد َم ُأكُلاَ ٌت ُي ِق ْم َن ُص ْل َب ُهَ ،فإِ ْن ك َ ِ
َش ًّرا م ْن َب ْط ٍنَ ،ح ْس ُ إلى ما فيه هالكه.
اب ،و ُث ُل ٌ ِ ِ ِ
ث لنَ ْفسه» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه َف ُث ُل ُث َط َعامٍَ ،و ُث ُل ُث َش َر ٍ َ -2الصوم ُيض ّيق مجاري الشيطان التي يجري بها داخل نفس
وصححه األلباين صحيح الجامع .5674 اإلنسان :فعن أنس وصفية أن النبي قال« :إِ َّن َّ
الش ْي َط َ
ان
-4الصوم عبادة يتقرب فيها العبد إلى ربه :وذلك برتك َي ْجرِي ِم َن ا ْب ِن آ َد َم َم ْج َرى الدَّ مِ» [رواه البخاري ومسلم].
محبوباته من طعام وشراب ونكاح ،فيظهر بذلك صدق إيمانه وساوس الشيطان وتنكسر حدة الشهوة
َ فيسكن الصيا ُم
وكمال عبوديته هلل وقوة محبته هلل سبحانه ،ورجاؤه ما عنده ،فإن والغضب ،فال يجد الشيطان مدخالً يدخل منه إلى قلب
العبد ال يرتك محبوبًا له إال لما هو أعظم عنده منه؛ ولما علم المؤمن ،باإلضافة إلى تصفيد الشياطين بالسالسل يف
المؤمن أن ِرضا اهلل يف الصيام برتك العبد شهواته المجبول على جرب المسلم حالوة الصلة بالرحمن،
رمضان ،فإذا ّ
حبها قدم رضى مواله على شهوات نفسه. والبعد عن تزيين الشيطان فإنه سيحرص بإذن اهلل
-5الصوم سبب للتقوى :وهي فعل األوامر وترك النواهي، بعد رمضان على أن يكون من عباد اهلل المخلصين الذين ليس
فالعبد كما هو مأمور بالصوم عن الطعام والشراب فهو مأمور للشيطان عليهم سلطان ،قال تعالى :ﱹﰖ ﰗ ﰘ
كذلك بالصوم عن جميع المعاصي يف رمضان هتيئة لرتكها كذلك ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﱸ [ص.]83-82:
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
17
17 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 16
السر كالعالنية. بعد رمضان ،قال تعالى :ﱹﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ريبـة فـي بظلمة خلوت وإذا ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﱸ
العصيان إلى داعية والنفس [البقرة.]183:
فاستحي من نظر اإلله وقل لها وكما بدأ سبحانه آيات الصيام بالتقوى ختمها بالتقوى فقال:
ﱹﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﱸ [البقرة.]187:
يراين الظالم خلق الذي إن
«م ْن َل ْم َيدَ ْع َق ْو َل الز ِ
ُّور َوال َع َم َل وعن أبي هريرة قال َ :
-7الصوم تدريب على الحلم وكظم الغيظ وكف األذى:
اج ٌة فِي َأ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َش َرا َب ُه» رواه البخاري. ِ ِ ِ
بِهَ ،ف َل ْي َس ل َّله َح َ
الص َيا ُم ُجنَّةٌ، «و ِّ ففي حديث أبي هريرة عن النبي قالَ :
بَ ،فإِ ْن َسا َّب ُه َأ َحدٌ َان َي ْو ُم َص ْو ِم َأ َح ِدك ُْم َفالَ َي ْر ُف ْ
ث َوالَ َي ْصخَ ْ َوإِ َذا ك َ هم بمعصية تذكر أنه صائم فامتنع منها.
ولهذا فالصائم كلما ّ
َأ ْو َقا َت َل ُهَ ،ف ْل َي ُق ْل إِنِّي ْام ُرؤٌ َصائِ ٌم » [رواه البخاري ومسلم]. -6الصوم تدريب عظيم على اإلخالص هلل تعالى :ألن
-8الصوم مظهر لوحدة المسلمين واجتماع كلمتهم : الصائم يكون يف بيته وأمامه الطعام الشهي والشراب البارد وهو
الناس المسلمين
ُ ألنه شعيرة ظاهرة من شعائر اإلسالم ،فيرى يف شدة الجوع والظمأ ،وال أحد يطلع عليه إال اهلل سبحانه ،ومع
وقد أمسكوا عن المفطرات يف وقت واحد وأفطروا يف وقت ذلك فالصائم يرتك الطعام والشراب ،ويتحمل الجوع والعطش
واحد. خوفًا من اهلل تعالى ومراقبة له وحده ،فإذا تدبر المسلم هذا
المعنى فإنه سيفعل ذلك يف جميع المعاصي ،إذا خال هبا تذكر
-9رمضان شهر شكر هلل سبحانه :ألن الصائم يحس بقدر
أن اهلل تعالى يراه ،وقال لنفسه :كما امتنعت من المعصية يف
النعم التي حرم منها يف وقت الصيام ،واإلنسان عادة ال يشعر
رمضان خوفًا من اهلل وحده ،فكذلك يف غير رمضان سأجعل
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
19
19 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 18
ِ ِ ال ُقرآنَ ،ف َلرس ُ ِ بقيمة النعمة إال إذا فقدها أو خالط من فقدها فيؤدي هذا إلى
الم ْر َس َلة» رواه
ُ ول اهَّلل َ أ ْج َو ُد بِالخَ ْيرِ م َن ِّ
الريحِ ْ َ َ ُ
البخاري. حمد اهلل تعالى وشكره.
ومن مظاهر الجود التي دعينا إليها يف رمضان تفطير -10وهو كذلك شهر الصبر :ألنه صرب على طاعة اهلل وصرب
«م ْنالصائمين ،ففي حديث زيد بن خالد أن النبي قالَ : عن معصيته وصرب على المصائب وهي ألم الجوع والعطش،
الصائِ ِم ِ ِ ِ
ب َل ُه م ْث ُل َأ ْجرِه ،إِ اَّل َأ َّن ُه اَل َينْ ُق ُص م ْن َأ ْجرِ َّ
ِ ِ
َف َّط َر َصائ ًما ،كُت َ وهذه أنواع الصرب الثالثة تجتمع كلها يف شهر رمضان.
َش ْي ٌء» [أحمد والترمذي وصححه األلباين ،صحيح الجامع .]6415 -11وهو كذلك شهر النصر والجهاد :ففيه وقعت غزوة
وأجر الصائم عظيم قال تعالى يف الحديث القدسي« :كل بدر ،وفيه فتح مكة ،وجرت سنة اهلل تعالى يف عباده باقرتان شهر
[رواه البخاري عمل ابن آدم له إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» رمضان المبارك بالفتوحات الكربى واالنتصارات العظيمة،
ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا]. وفيه فتح المسلمون بيت المقدس واسرتدوه من الصليبيين .
فإذا علمت أنك تحوز أجر الصائم باإلضافة إلى أجرك، -12رمضان شهر الجود والكرم :ألن الصائم الغني يحس
حرصت على المشاركة يف هذا الباب العظيم من أبواب األجر. حينئذ بحاجة إخوانه الفقراء الذين يبيتون جائعين ال يجدون ما
يطعمون وال ما يطعمون به أطفالهم الذين يتضاغون من الجوع،
-13رمضان شهر القرآن :وهو فرصة عظيمة يقبل فيها
وهؤالء كثيرون يف أنحاء العالم اإلسالمي الذي تشهد كثير من
المسلمون على كتاب رهبم الذي هجروه طيلة العام فيتلونه
بالده حروبًا طاحنة ومجاعات ،ويف حديث ابن عباس قال:
ويتدبرونه.
انُون فِي َر َم َض َ َان َأ ْج َو ُد َما َيك ُ ول اهَّلل ِ َ أ ْج َو َد الن ِ
َّاسَ ،وك َ َان َر ُس ُ «ك َ
-14ويف رمضان يتضاعف أجر العمرة :فقد قال :
َان َي ْل َقا ُه فِي ك ُِّل َل ْي َل ٍة ِم ْن َر َم َض َ
ان َف ُيدَ ِار ُس ُه ين َي ْل َقا ُه ِج ْبرِ ُ
يلَ ،وك َ ِ
ح َ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
21
21 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 20
ِ ِ ِ
ان َت ْعد ُل َح َّ
ج ًة َمعي» [رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس « ُع ْم َر ٌة في َر َم َض َ
الفصل الثالث وغيره].
آداب الصيام -15ويف الصيام فوائد صحية وإراحة لجهاز الهضم
وتخليص للجسم من رطوبات وفضالت ضارة ،وقد ُروي:
إن للصيام آدابًا على المسلم مراعاتها منها: «صوموا تصحوا».
-1المحافظة على السحور وتأخيره: فإذا تأمل المسلم هذه الحكم العظيمة علم أن شريعة
فعن أنس أن النبي قال« :تسحروا فإن يف السحور اإلسالم هي الشريعة الكاملة التي فيها سعادة الدنيا واآلخرة،
بركة» [رواه البخاري ومسلم]. نسأل اهلل تعالى أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا فيه على الصيام
والقيام وصالح األعمال ،اللهم آمين.
ومن بركة السحور أنه يقوي على الصيام ويعين عليه،
وأنه فرصة لالستيقاظ يف وقت السحر لالستغفار أو
صالة ما تيسر ،قال تعالى:ﱹﭡ ﭢ ﱸ
[آل عمران.]17:
والسحور كذلك مخالفة لهدي المشركين واقتداء هبدي
األنبياء ،فعن أبي الدرداء قال « : ثالث من أخالق النبوة:
تعجيل اإلفطار ،وتأخير السحور ،ووضع اليمين على الشمال يف
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
23
23 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 22
حسنه األلباين يف اإلرواء .]920 الصالة» [الطبراين وصححه األلباين صحيح الجامع .]3038
-5أن يحافظ الصائم على جميع الواجبات وأن يكثر من -2تعجيل اإلفطار:
النوافل وأن يجتنب جميع المحرمات وأن يحذر الغيبة والنميمة للحديث السابق ولما رواه أحمد عن أبي ذر قال :
وأن يشغل وقته بالخير. «ال تزال أمتي بخير ما عجلوا اإلفطار» [صحيح الجامع .]7284
-3اإلكثار من الدعاء أثناء الصيام:
فإن دعوة الصائم مستجابة ،عن أبي هريرة قال :
«ثالث دعوات مستجابات :دعوة الصائم ،ودعوة المظلوم،
ودعوة المسافر» [رواه البيهقي وغيره وصححه األلباين ،صحيح الجامع .]3030
-4أن يفطر على رطبات:
حسا حسوات من ماء ،فإن
فإن لم تكن فتمرات ،فإن لم تكن َ
[رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أنس وحسنه النبي كان يفعل ذلك.
األلباين إرواء .]922
فإن لم يجد أفطر على ما تيسر من الطعام أو الشراب الحالل،
فإن لم يجد نوى اإلفطار بقلبه ،وأن يقول عند الفطر« :ذهب
الظمأ وابتلت العروق وثبت األجر إن شاء اهلل» [رواه أبو داود والنسائي
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
25
25 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 24
على المسلمين الصيام ،وإذا لم ير الهالل أحد من المسلمين
العدول فإنه يجب إكمال عدة شعبان ثالثين يو ًما حتى لو كان الفصل الرابع
الهالل موجو ًدا ولم نره؛ ألن الشرع علق الصيام برؤية الهالل كيفية دخول رمضان
ال بوجوده.
ولهذا فقد أجمع الصحابة والتابعون واألئمة األربعة أبو ب ّين لنا النبي أنه ليس ثمة وسيلة إلثبات دخول شهر
حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وجميع الفقهاء يف القرون رمضان سوى رؤية هالل رمضان أو إكمال شعبان ثالثين يو ًما
الثالثة المفضلة على أنه ال ُيعمل بالحساب الفلكي يف إثبات إذا لم نر هالل رمضان ،جاء ذلك يف حديث رواه عن النبي
دخول شهر رمضان أو غيره ،وال يف نفي شهادة الشهود الذين تسعة من أصحابه بألفاظ متقاربة هم عبد اهلل بن ُع َمر وأبو
رأوا الهالل. هريرة وابن عباس وحذيفة وجابر وعائشة وطلق بن علي وأبو
بل قال شيخ اإلسالم ابن تيمية عمن يعمل بالحساب الفلكي بكرة والرباء بن عازب أن النبي قال« :إذا رأيتم الهالل
يف إثبات دخول شهر رمضان« :إنه ضال يف الشريعة مبتدع يف فصوموا ،وإذا رأيتموه فأفطروا ،فإن غم عليكم فأكملوا العدة
الدين مخالف للعقل» مجموع الفتاوى (.)132/25 ثالثين» رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والواجب على المسلم عند حدوث االختالف أن يرجع إلى وقال « : إنا أمة أمية ال نكتب وال نحسب ،صوموا لرؤيته،
سنة النبي وخلفائه الراشدين ،فإذا رجعنا إلى السنة وجدناها وأفطروا لرؤيته ،فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثالثين» رواه البخاري
عليه.
فم ْن أمسك عن المفطرات ولكنه لم يكن ناويًا بذلك َ
اإلمساك الصيام فإنه ال يكون بذلك صائمًا ،ويجب تبييت النية وقال اهلل تعالى :ﱹﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
من الليل إلى ما قبل طلوع الفجر ولو بلحظة لقوله « :من لم ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﱸ [البقرة.]183:
جمع الصيام قبل الفجر فال صيام له» رواه أحمد وأصحاب السنن عن
ي ِ وقال تعالى :ﱹﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﱸ [البقرة.]185:
ُ ْ
حفصة رضي اهلل عنها. و َتعمد ِ
الفطر يف رمضان لغير ُعذر جريمة عظيمة وكبيرة َ ُّ
ومعنى ُي ْج ِمع الصيام :أي :يعزم على الصيام. من أكرب الكبائر ،وعلى من أفطر عامد ًا يف رمضان أن يتوب
وهذا الحديث يف صيام الفرض ،وأما صيام التطوع فال إلى اهلل تعالى وأن يقضي بعدد األيام التي أفطرها ،وإذا كان
ُيشرتَط له تبييت النية قبل الفجر بل يجوز إيقاع نية الصيام يف أي فطره بالجماع فعليه مع ذلك كفارة عتق رقبة ،أو صيام شهرين
وقت من النهار مادام ُممسكًا عن المفطرات. متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا لمن عجز عن صيام شهرين
متتابعين.
وجمهور الفقهاء يقولون« :البد من تبييت النية كل ليلة لليوم
التالي». وللصوم ركنان هما:
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
31
31 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 30
فأباح اهلل تعالى هذه األمور الثالثة: وأما اإلمام مالك فيقول« :يكفي نية واحدة يف أول ليلة
-1مباشرة النساء وابتغاء ما كتب اهلل وهو الولد عن طريق شرع التلفظ هبا».
من رمضان للشهر كله ،والنية محلها القلب وال ُي َ
الجماع. فالخالصة؛ أن المطلوب من المسلم يف كل ليلة من ليالي
-2األكل. رمضان أن يكون ناويًا بقلبه أن يصوم اليوم التالي ،وهذا بحمد
جمع عليها. وأما الركن الثاين من أركان الصوم فهو :اإلمساك عن
إلى أن يطلع الفجر ،وهذه المفطرات الثالثة ُم َ
المفطرات.
ومن المفطرات أيضًا:
والمفطرات :هي مفسدات الصيام ،وهي األمور التي يجب
-4ما يلحق بالجماع؛ وهو َت َع ُّمد إنزال المني باختيار اإلنسان
على الصائم االمتناع عنها ليكون صومه صحيحًا ،وإذا لم
باستمناء ،أو تقبيل ،أو مالمسةونحو ذلك؛ ألن هذا من الشهوة
ُيمسك عنها فسد صومه.
التي على المسلم اجتناهبا يف الصيام.
والمفطرات المنصوص عليها يف كتاب اهلل ثالثة وهي:
قال اهلل تعالى يف الحديث القدسي« :إال الصوم فإنه لي يدع
األكل ،والشرب ،والجماع.
طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» رواه البخاري.
قال اهلل تعالى :ﱹﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ
فأما التقبيل واللمس بال إنزال فال ُيفطر لحديث عائشة
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﱸ
أن النبي ﷺ «كان ُي َق ِّبل وهو صائمُ ،
ويباشر وهو صائم -أي
[البقرة.]187:
تمس بشرته بشرتي -ولكنه كان أملككم إلربه» رواه البخاري ومسلم.
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
33
33 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 32
روى أحمد وأبو داود والرتمذي وابن ماجه أن النبي ﷺ قال: وقولها « :كان أملككم إلربه» دليل على أن هذه األمور
ِ
فليقض». «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمد ًا ُتباح إذا كان اإلنسان يعلم من نفسه أهنا ال تؤدي به إلى اإلنزال
وإذا كان اإلنسان مريضًا واحتاج إلى َت َع ُّمد االستقاءة وال تؤدي به إلى حصول الجماع.
إلخراج ما يؤذيه ويؤلمه فال حرج عليه ،ويكون بذلك ُمفطر ًا وأما نزول المني بغير اختيار اإلنسان كاالحتالم فال ُيفطِر،
ويقضي يومًا مكانه. وكذلك إذا كان بسبب تفكير بدون عمل.
فهذه هي المفطرات. -5ا ْل ُمفطِر الخامس :ما كان بمعنى األكل والشرب وهو
وال يفطر الصائم بالحجامة عند جمهور العلماء لحديث حقن الدم واإلبر المغذية ألهنا تغني عن الطعام والشراب؛ وهذا
«ر َّخ َص رسول اهلل للصائم يف
أبي سعيد الخدري قالَ : المفطر ُمختَلف فيه بين العلماء ،واالحتياط للصائم اجتنابه إال
الحجامة» رواه الدارقطني. ل ُعذر ،وإذا احتاج الصائم إلى حقن دم أو جلوكوز فإنه يقضي
وقد كانت الحجامة منهيًا عنها للصائم ألهنا ُتضعفه ،ثم هذا اليوم احتياطًا حتى لو لم يتناول شيئًا آخر ًا من ا ْل ُمفطِرات،
َر َّخص فيها ،ومثلها التربع بالدم ولكنه ُيكره للصائم ألنه وإن كانت العادة أن َمن احتاج لحقن دم أو إبر مغذية يكون
ُيضعف بدنه وقد يحوجه إلى الفطر. مريضًا ،والمريض ُيباح له أن ُيفطر ويقضي يومًا مكانه.
وكذلك ليس من المفطرات اإلبر العالجية غير المغذية. -6التقيؤ عمد ًا :بوضع شيء يف حلقه ليستقيء ،أو بالنظر
إلى ما يجلب القيء ،أو بشم ما يجلب القيء ونحو ذلك.
وليس من المفطرات وصول شيء إلى الجوف عن طريق
أي منفذ غير الفم واألنف ألن النبي هنى الصائم عن المبالغة وأما إذا استقاء بدون َت َع ُّمد ولكن غلب عليه القيء فال يفطر
بذلك.
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
35
35 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 34
-2البلوغ هو الشرط الثاين؛ فال يجب الصوم على الصغار يف االستنشاق؛ فوضع قطرة أو كحل يف العين أو قطرة يف األذن
ولكن على الولي أن يأمرهم به و ُي َع ِّو َدهم عليه حتى إذا بلغوا ال ُيفطر حتى لو شعر بطعمها.
كانوا معتادين عليه فيسهل عليهم ،وإذا بلغ الصبي يف أثناء اليوم وكذلك استعمال السواك ال ُيفطِر.
أمسك بقيته وال قضاء عليه. وكذلك التربد بالماء.
-3العقل شرط لوجوب الصوم؛ فال يجب الصوم على واالغتسال والمضمضة واالستنشاق بدون مبالغة.
المجنون ،وال على الهرم الذي ذهبت ذاكرته وصار يهذي ،وال
وال ُيفطر َم ْن أتى شيئًا من المفطرات إال إذا كان عالم َا
إطعام عنه ألنه غير ُم َك َّلف ،وإذا ُعويف مجنون أثناء اليوم أمسك
كرهًا لم ُيفطِر والذاكر ًا ُمختار ًا ،فإذا كان جاهالً أو ناسيًا أو ُم َ
وال قضاء عليه.
قضاء عليه.
-4ال ُقدرة شرط لوجوب الصيام؛ فال يجب الصوم على
وشروط وجوب صيام رمضان ستة وهي :اإلسالم ،والبلوغ،
رجى شفاؤه
العاجز عن الصيام كالمريض ،فإذا كان المريض ُي َ والعقل ،وال ُقدرة ،واإلقامة ،والسالمة من الحيض والنفاس.
أفطر وانتظر حتى ُيشفى ثم يقضي األيام التي أفطرها ،وإذا كان
-1فالكافر ال يجب عليه صوم رمضان وال يصح منه.
رجى شفاؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينًا نصف
المرض ال ُي َ
وإذا أسلم الكافر فال يجب عليه قضاء ما فات من رمضانات،
صاع من طعام من تمر أو أرز أو نحوه مما ُيكال و ُيدَّ َخر أو ُيط َبخ
وال قضاء األيام التي فاتته من نفس الشهر إذا أسلم أثناء رمضان،
طعامًا و ُيوزعه على مساكين بعدد األيام التي أفطرها.
وإذا أسلم يف أثناء يوم من رمضان لزمه أن يمسك بقية اليوم وال
ويف ُحكم المريض (الحامل والمرضع) إذا كان الصوم
يقضي هذا اليوم الذي أسلم فيه.
ضرر عليها أو على الطفل ،وعليهما القضاء إذا أفطرتا عند
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
37
37 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 36
األئمة األربعة ،وذهب ابن عباس وابن عمر إلى أن الحامل
الفصل السادس والمرضع إذا أفطرتا عليهما الفدية وهي إطعام مسكين عن كل
رمضان شهر القرآن يوم.
وإذا ُشفي المريض أثناء اليوم فال يجب عليه اإلمساك
إن شهر رمضان هو شهر القرآن ،قال تعالى:ﱹﮘ ﮙ ويقضي يومًا مكانه.
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ -5اإلقامة من شروط وجوب الصيام؛ ف ُيباح للمسافر الفطر
ﮣ ﱸ [البقرة.]185: ويقضي يومًا مكانه ،وإذا وصل المسافر إلى بلده يف أثناء اليوم
أنزل اهلل فيه القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة لم يجب عليه اإلمساك ويقضي يومًا مكانه.
من السماء الدنيا ،وهو بيت هلل حيال الكعبة ،وكان هذا اإلنزال -6السالمة من الحيض والنفاس شرط لوجوب الصيام
جملة واحدة يف ليلة القدر من رمضان ،ثم أنزل اهلل القرآن ولصحته؛ فال يجوز للحائض أو النفساء الصيام وال يصح
فر ًقا يف ثالث وعشرين سنة ،يستمع الروح األمين الكريم ُم ّ منهما ،وعليهما القضاء.
جربيل إلى اآليات من رب العزة سبحانه ،ثم ينزل هبا على
وإذا طهرت يف أثناء اليوم لم يلزمها اإلمساك ،وعليها القضاء.
قلب رسول اهلل .
أيضا يف شهر رمضان يف ليلة القدر
وكانت بداية هذا النزول ً
لما نزل جربيل على رسول اهلل باآليات األولى من
ّ
سورة العلق :ﱹﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
39
39 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 38
السلف يقول عن شهر رمضان« :إنما هو لقراءة القرآن وإطعام ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﱸ
الطعام». [العلق.]5-1:
إن القرآن الكريم هو الكتاب المنير ،وهو الذكر الحكيم، قال تعالى :ﱹﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
وهو الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه ،وصفه ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﱸ
الذي تكلم به وأنزله إلينا بأنه الكتاب المنير؛ ألنه ينير لإلنسان [الشعراء.]195-192:
طريقه ،وينقذه من الظلمات ،وينير للمسلم قلبه ،فيمتلئ سعادة وألجل اختصاص شهر رمضان بالقرآن الكريم فقد كان
ورضا وطمأنينة ،وسماه اهلل تعالى الفرقان؛ ألنه يفرق بين الحق
ً النبي يخصه باإلكثار من تالوة القرآن وتدارسه ،فكان يختم
والباطل ،قال تعالى :ﱹﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ القرآن يف كل رمضان مرة أو مرتين ،قراءة على جربيل سوى
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﱸ قراءته لنفسه ،وكان يأتيه جربيل يف كل ليلة من ليالي
[آل عمران.]4 ،3: رمضان ،فيتدارسان القرآن كما ثبت يف صحيح البخاري من
قال تعالى :ﱹﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ حديث ابن عباس .
ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﱸ[الرعد.]28: واقتدى الصحابة وسلف األمة برسولنا الكريم ،فكانوا
وقال تعالى :ﱹﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ يختمون القرآن يف رمضان مرات عديدة يف الصالة وخارج
ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﱸ الصالة.
[األنفال.]2: وكان اإلمام مالك إذا دخل شهر رمضان يفر من إقراء
إن هذا القرآن الكريم هو الهدى والشفاء والرحمة ،فقد سماه الحديث ويتفرغ لقراءة القرآن من المصحف ،وكان بعض
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
41
41 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 40
شهدت به األعداء. ربنا سبحانه هدى وشفا ًء ورحمة فقال تعالى :ﱹ ﯢ ﯣ ﯤ
وقد تحدى اهلل اإلنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، ﯥﯦﯧﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ
وبين سبحانه أهنم لم يفعلوا ولن يفعلوا ،فقال سبحانه :ﱹﯢ ﯰ ﯱ ﱸ [فصلت.]44:
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ وقال سبحانه :ﱹﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﱸ [اإلسراء.]82:
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﱸ إن القرآن الكريم هو الذي يحيي قلب المسلم إذا مات،
[البقرة.]24 ،23: وينبهه إذا غفل ،فعن أبي موسى األشعري قال :قال :
وقال سبحانه :ﱹﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ «مثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكر ربه مثل الحي والميت» رواه
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﱸ البخاري.
[اإلسراء .]88:ال يأتون بمثله يف صدق أخباره ،وال يف عدل شرائعه، والقرآن الكريم هو الذي يمأل قلب المسلم رجا ًء إذا أصابه
وال يف جمال ألفاظه ،وال يف جالل معانيه. حذرا وخو ًفا إذا أصابه أمن
يأس أو قنوط ،وهو الذي يمأل قلبه ً
لقد ر َّغب رسول اهلل يف تالوة كتاب اهلل أعظم ترغيب من مكر اهلل و ُع ْجب وغرور.
رواه سره أن يحب اهلل ورسوله فليقرأ يف المصحف»
فقال« :من ّ لقد وصف الوليد بن المغيرة -قبحه اهلل -وهو عدو لدود
البيهقي يف الشعب عن ابن مسعود وحسنه األلباين صحيح الجامع (.)6289 لرسول اهلل ،وصف هذا الكتاب لما سمعه فقال« :ما هو
أيضا قال « : من قرأ حر ًفا من كتاب اهلل
وعن ابن مسعود ً بكالم اإلنس ،وما هو بكالم الجن ،وإن فيه لحالوة ،وإن عليه
تعالى فله به حسنة ،والحسنة بعشر أمثالها ،ال أقول ﱹﭑﱸ حرف، لطالوة ،وإن أعاله لمثمر ،وإن أسفله لمغدق» .والفضل ما
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
43
43 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 42
يتدبر القرآن على قلبه أقفال تحول دون وصول الهدى والنور، ولكن ألف حرف ،والم حرف ،وميم حرف» رواه الترمذي وصححه.
فقال سبحانه :ﱹﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﱸ وروى البخاري ومسلم عن عائشة عن النبي :
[محمد.]24: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ،والذي
وعلينا أن نعمل بأحكام القرآن ،فإن اهلل تعالى ما أنزله إال يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه ّ
شاق له أجران».
حكما
ً لتطاع أوامره وتجتنب نواهيه ،وعلينا أن نجعل القرآن وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي « :ما جلس قوم
على بيوتنا وعلى مجتمعاتنا ،وعلينا أن نربي به أنفسنا وأوالدنا، يف بيت من بيوت اهلل يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه بينهم إال نزلت
فإن القرآن شفاء لألبدان كما هو شفاء لألرواح والقلوب. عليهم السكينة ،وغشيتهم الرحمة ،وحفتهم المالئكة ،وذكرهم
و علينا أن نسعى إلى حفظ القرآن الكريم والعمل به ،حتى اهلل فيمن عنده».
نكون من أهل اهلل ،فإن أهل القرآن هم أهل اهلل تعالى ،عن أنس حذرنا اهلل تعالى من هجر القرآن ،وب ّين سبحانه أن الرسول
قال « : إن هلل تعالى أهلين من الناس ،وأهل القرآن هم سيشكو إلى ربه يوم القيامة مِ ْن هجر قومه القرآن ،قال
أهل اهلل تعالى وخاصته» رواه ابن ماجه وأحمد والنسائي وهو يف صحيح الجامع تعالى :ﱹﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ
(.)2165 [الفرقان.]30:
اللهم اجعلنا من أهل القرآن ،وارزقنا تالوته آناء الليل وهجر القرآن أنواع :منها هجر تالوته ،وهجر العمل به ،وهجر
وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. تدبره ،وهجر التحاكم إليه ،وهجر االستشفاء به.
فعلينا أن نتلو القرآن وأن نتدبره ،فإن اهلل تعالى ب ّين أن الذي ال
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
45
45 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 44
يزداد االجتهاد يف العبادة يف العشر األواخر فعن أم المؤمنين
عائشة قالت« :كان النبي إذا دخل العشر األواخر شد الفصل السابع
مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» رواه مسلم. العشر الأواخر
وشد المئزر :كناية عن االجتهاد يف العبادة ،وكناية أيضًا عن
ترك مباشرة النساء انشغا ً
ال باالعتكاف والصالة. قال « :إنما األعمال بالخواتيم».
قصرنا يف العشرين األوائل فعلينا أن نك ِّفر عن هذا التقصير
فإذا َّ ك َق ْب َل َه َر ِم َ
ك، وقال « :ا ْغتَن ِ ْم َخ ْم ًسا َق ْب َل َخ ْم ٍ
سَ :ش َبا َب َ
باالجتهاد يف العشر األواخر -التي هي خير ليالي السنة -لعلنا ك،َك َق ْب َل ُشغ ِْل َ كَ ،و ِغن َ
َاك َق ْب َل َف ْقرِ َكَ ،و َف َراغ َ َك َق ْب َل َس َق ِم َ َو ِص َّحت َ
نتدارك األمر ونصلح ما أفسدناه ،وألن عمر اإلنسان ينقضي وال ك». َك َق ْب َل َم ْوتِ ََو َح َيات َ
يدري أحدنا هل سيدرك رمضان المقبل أم ال؟ وإذا أدركه هل فأحسنوا ختام الشهر الكريم ،فإنه ُيالحظ على كثير من
سيكون يف قوته وصحته وفراغه حتى يستطيع االجتهاد يف العبادة المسلمين أنه كلما اقرتبت هناية رمضان كلما َفتُرت عزيمتهم
أم ستعوقه العوائق؛ فاغتنموا حياتكم قبل موتكم وصحتكم قبل وض ُع َفت همتهم؛ فرتى كثير ًا من الناس يبدؤون شهر رمضان
َ
سقمكم ،وشبابكم قبل هرمكم ،وغناكم قبل فقركم ،وفراغكم بحماس عظيم وإقبال على تالوة القرآن وعلى صالة الرتاويح
قبل شغلكم .وال ُت َف ِّو ُتوا هذه الفرصة العظيمة ،واعلموا أن َم ْن رواد المساجد شيئًا فشيئًا
وعلى فضائل األعمال ،ثم يقل عدد ّ
قام مع اإلمام حتى ينصرف كُتِب له قيام ليلة كاملة كأنه قامها إلى كلما اقرتبت هناية الشهر.
الفجر.
وهذا عكس ما هو مطلوب من المسلم؛ ألن المطلوب هو
إحسان ختام الشهر ألن األعمال بالخواتيم ،والمطلوب هو أن
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
47
47 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 46
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﱸ [القدر.]5-3: الفصل الثامن
«م ْن ُحرِم خيرها فقد ُحرِم».
وقال فيها النبي ﷺَ :
ليلة القدر
من عالمات تلك الليلة أربع عالمات صحت عن النبي :
-1أهنا ليلة مضيئة يشعر بذلك َم ْن كان يف بادية أو خالء ليس إن العشر األواخر من رمضان تشتمل على ليلة القدر ،وهي
فيه أضواء صناعية. ليلة عظيمة مباركة أخفاها اهلل تعالى يف ليالي العشر األواخر
حتى يجتهد المسلمون يف جميع ليالي العشر األواخر ،وسميت
-2ال حارة وال باردة وهي عالمة نسبية مقارنة بما قبلها
ليلة القدر ألهنا ليلة ذات قدر ،أي :شرف عظيم؛ وألهنا تقدر
وبعدها من الليالي .
فيها مقادير السنة وتنزل من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة يف
-3ال ُيرمى فيها بنجم.
السماء الدنيا .
-4تطلع الشمس صبيحتها ال شعاع لها ،باإلضافة
تلك الليلة التي أنزل اهلل فيها القرآن ،وقال فيها :ﱹﭑﭒﭓ
إلى ما ُيستفاد من قوله تعالى :ﱹﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﱸ
ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﱸ[القدر. ]2-1 :
[القدر ]5:أن المؤمن يشعر فيها بسكينة وراحة بسبب كثرة َتن َُّزل
تلك الليلة التي جعلها اهلل لهذه األمة منحة منه لما تقاصر
المالئكة إلى األرض.
خيرا من ألف
النبي أعمار أمته فأعطاه اهلل ليلة القدر وجعلها ً
فعن واثلة بن األسقع وعبادة بن الصامت قال « :ليلة
ِ شهر ،أي :العبادة فيها خير من عبادة بضع وثمانين سنة ،وقد
رمى فيها بنجم ،ومن
القدر ليلة َبلجة ال حارة وال باردة وال ُي َ
وصف اهلل تعالى هذه الليلة المباركة بقوله:ﱹﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
49
49 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 48
وأرجى الليالي أن تكون هي ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وحسنَه األلباين.
عالمة يومها تطلع الشمس ال شعاع لها» أحمد والطبراينَّ ،
فعن زرين حبيش ،قال :سمعت أبي بن كعب يقول وقيل له: فالتمسوا ليلة القدر يف السبع البواقي ،فقد جاء يف صحيح
السنَة أصاب ليلة القدر)
إن عبد اهلل بن مسعود يقول« :من قام َ مسلم أن النبي ﷺ قال« :التمسوها يف العشر األواخر فإن ضعف
فقال أبي« :واهلل الذي ال إله إال هو إهنا لفي رمضان (يحلف أحدكم أو عجز فال يغلبن على السبع البواقي».
ما يستثني) وواهلل إين ألعلم أي ليلة هي ،هي الليلة التي أمرنا ومن الليالي التي يشتد فيها الرجاء أن تكون هي ليلة
هبا رسول اهلل بقيامها هي ليلة سبع وعشرين ،وأمارهتا أن تطلع س القدر ليلة ثالث وعشرين فقد ُر ِو َي َأ َّن َع ْب ِد اهَّللِ بِن ُأ َن ْي ٍ
الشمس يف صبيحة يومها بيضاء ال شعاع لها» . ول اهَّللِ ؛ إِ َّن لِي إِبِلاً ا ْل ُج َهنِي َأ َتى النَّبِي ؛ َف َق َال َ :يا َر ُس َ
َّ ِّ
ِ ٍ ِ
ب َأ ْن َت ْأ ُم َرني بِ َل ْي َلة َأ ْد ُخ ُل ف َيها ؛ ِ ِ
وقال الحافظ ابن رجب« :ورجحت طائفة أهنا ليلة سبع َو َغنَمًا َوغ ْل َم ًة ؛ َف ُأح ُّ
وعشرين ،وحكاه الثوري عن أهل الكوفة فقال :نحن نقول ول ان ؛ َفدَ َعا ُه َر ُس ُ الصلاَ ِة َو َذل ِ َك فِي َش ْه ِر َر َم َض َ َّ َف َأ ْش َهدُ
هي ليلة سبع وعشرين لما جاءنا عن أبي بن كعب ،وممن قال ث َان َلي َل ُة َثلاَ ٍ ِ
ان ا ْل ُج َهن ُّي إِ َذا ك َ ْ اهَّللِ َ ف َس َّار ُه فِي ُأ ُذنِ ِه ؛ َف َك َ
هبذا أبي بن كعب وكان يحلف عليه ال يستثني ،وزر بن حبيش ج ِد ؛ إِ َذا َص َّلى َو ِع ْش ِري َن َد َخ َل بِإِبِلِ ِه َو َغن َِم ِه َو َأ ْهلِ ِه إِ َلى ا ْلمس ِ
َ ْ
وعبدة بن أبي لبابة وروي عن قتادة بن عبد اهلل النهمي قال سألت ا ْلعصر ؛ ُثم ال ي ْخرج َعنْه إلاّ لِح ٍ
الص ْب َح ؛ اجة ؛ َحتّى ُي َص ِّلي ُّ َ َ ُ َّ َ ُ َ ْ َ
زر ًا عن ليلة القدر فقال :كان عمر وحذيفة وأناس من أصحاب ُث ّم َي ْخ ُر ُج إ َلى َأ ْهلِ ِه ؛ َف ِق َيل َ :ل ْي َل َة ا ْل ُج َهن ِ ّي .
رسول اهلل ال يشكون أهنا ليلة سبع وعشرين» .أخرجه ابن أبي شيبة ول اهَّللِ ،إِ َّن لِي ب ِ
اد َي ًة َوفِي ِر َو َاية ُأ ْخ َرى َ :ق َال ُ :ق ْل ُت َ :يا َر ُس َ
َ
وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية ..اهـ ج ِد َف ُأص ِّلي فِ ِ يهاَ ،فمرنِي بِ َل ْي َل ٍة َأن ِْز ُل َها إِ َلى ا ْلمس ِ ِ
يهَ ،ف َق َال َ َ َ ْ ُأ َص ِّلي ف َ ُ ْ
الث َو ِع ْش ِري َن. ول اهَّللِ : ان ِْز ْل َلي َل َة َث ٍ َر ُس ُ
ْ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
51
51 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 50
واعتكف يف َس ٍنة عشرين يومًا من رمضان ،وذلك أنه
اعتكف أو ً
ال العشر األواسط يحسب أن ليلة القدر فيها فأراه اهلل الفصل التاسع
تعالى أهنا أمامه -أي :يف العشر األواخر -فاعتكفها. الاعتكاف
واالعتكاف مشروع للرجال وللنساء؛ فقد اعتكف أزواج
النبي يف حياته وبعد موته ( يف الصحيحين)ُ ،ك َّن يواظبن من السنن النبوية االعتكاف يف المساجد يف العشر األواخر
على االعتكاف وذلك بشرط أن يكون للنساء خباء أو بناء من رمضان.
يفصلهن عن الرجال. واالعتكاف :هو االنقطاع يف المسجد بِن ِ َّي ِة التقرب إلى اهلل
واالعتكاف يف المسجد له فضائل كثيرة كل فضيلة منها تعالى.
َح َر َّية وحدها بأن يحرص المسلم عليها ،وعلى المعتكف أن وهو مشروع بنص القرآن؛ قال تعالى :ﱹﯭﯮﯯﯰ
يستحضر يف نيته هذه الفضائل حتى يحوز أجرها بإذن اهلل ،فمن ﯱ ﯲ ﯳ ﱸ[البقرة.]125:
فضائل االعتكاف:
وقال تعالى :ﱹﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﱸ
َ -1ت َح ِّري ليلة القدر بحيث يقضي المسلم جميع لحظات [البقرة.]187:
الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر يف عبادة ألن
وقد كان النبي يواظب على اعتكاف العشر األواخر من
االعتكاف عبادة تستوعب جميع أجزاء الليلة.
مسجده منذ أن هاجر إلى المدينةَ ،و َفا َته االعتكاف يف سنة ل ُعذر
-2التأسي بالنبي عمالً بقوله تعالى :ﱹﯯ ﯰ ﯱ ﯲ فقضاه بأن اعتكف عشر ًا من شوال.
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ[األحزاب.]21:
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
53
53 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 52
وقال سبحانه :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ -3ازدياد أجر العبادات عندما ُتؤ َّدى يف المسجد لقوله :
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﱸ[الكهف.]28: «ما جلس قوم يف بيت من بيوت اهلل يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه
-9اإليثار وفيه فضل عظيم يف أمور الطعام والشراب ،وفتح بينهم إال نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة ،وحفتهم
النوافذ واإلضاءة ونحو ذلك؛ فهذا االجتماع فرصة ليؤثر كل المالئكة وذكرهم اهلل فيمن عنده».
معتكف إخوانه على نفسه فيؤجر. -4المحافظة على أداء الصلوات جماعة.
-10االعتكاف فرصة للتعارف والتآلف بين المعتكفين. -5المحافظة على أداء الصلوات يف أول وقتها.
-11فيه هجرة للسوء وأهله وقد قال ﷺ« :المهاجر َم ْن -6المحافظة على إدراك تكبيرة اإلحرام مع اإلمام ،و َم ْن
َه َجر السيئات). أدرك تكبيرة اإلحرام مع اإلمام أربعين يومًا كُتِ َبت له براءتان؛
براءة من النفاق وبراءة من النار.
-7انتظار الصالة بعد الصالة وذلكم الرباط ،وال يزال المرء
يف صالة مادام ينتظر الصالة ،والمالئكة تظل تستغفر للمسلم ما
دام يف ُم َّصالة الذي صلى فيه.
-8التعاون على البِ ِّر والتقوى حيث يعين كل من المعتكفين
إخوانه على طاعة اهلل تعالى ،قال سبحانه:ﱹﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ [المائدة.]2:
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
55
55 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 54
وزكاة الفطر شعيرة ظاهرة من شعائر اإلسالم ،وقد فرض
رسول اهلل زكاة الفطر طعمة للمساكين وطهرة للصيام من الفصل العاشر
اللغو والرفث ،ومقدارها الذي حدده النبي هو صاع من تمر، زكاة الفطر
أو زبيب ،أو قمح ،أو شعير ،أو أقط ،وذهب جمهور العلماء إلى
أنه يلحق هبذه األصناف كل طعام ُيكال و ُيدَّ َخر كاألرز والذرة شرع اهلل تعالى لنا يف ختام الشهر عبادة جليلة هي زكاة الفطر،
والدقيق والعدس والفول واللوبيا. فضائلها كثيرة؛ فهي صدقة من الصدقات الواجبة ،تدخل يف
والصاع مكيال يتسع ألربع غرفات ،كل غرفة ملء كفي عموم أدلة فضل الصدقة واإلنفاق يف سبيل اهلل.
الرجل المعتدل ،ووزن الصاع ال يزيد عن ثالثة كيلو جرامات وشهر رمضان هو شهر الجود والكرم ،ومن مظاهر الجود
ومقدارها من ال ُّبر :كيلوان وأربعون جرامًا من ال ُّبر الجيد . والكرم يف هذا الشهر زكاة الفطر وهي فرض على كل مسلم يجد
ويجب على المسلم أن يخرج صاعًا عن نفسه وصاعًا عن ما يفضل عن النفقة الالزمة له ول ِ َمن يعوله يوم العيد وليلته.
كل فرد مِ َم ْن يعولهم عن الصغير والكبير ،والذكر واألنثى ،وإذا وقد قال اهلل تعالى :ﱹﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﱸ
كانت امرأته حامالً فيستحب له أن يزكي عن الحمل الذي يف [األعلى.]15 - 14:
بطنها ألن عثمان كان يزكي عن الحمل ،ووقت إخراج
ﱹ ﰂ ﱸ أي :أدى زكاة فطره.
الزكاة قبل العيد بيوم أو يومين أو ثالثة ،لحديث أبي هريرة
ﱹﰄ ﰅ ﰆ ﱸ :أي :ك ّبر تكبيرات العيد.
عندما جاء الشيطان ليسرق منه من زكاة الفطر يف ثالثة أيام.
ﱹﰇ ﱸ أي :صالة العيد.
ووقت الفضيلة ينتهي بصالة العيد ويبقى وقت الجواز ممتدا
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
57
57 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 56
إيصالها للفقير ،والمسجد أو الجمعية الخيرية التي تجمع زكاة إلى غروب شمس يوم العيد فال يجوز تأخيرها عن غروب
الفطر رأى بعض الفقهاء المعاصرين أهنا وكيل عن الفقير يف شمس يوم العيد.
أخذها ،ووكيل عن الغني يف إخراجها يف نفس الوقت ،والحمد فإن أخرها عن الغروب أثِم وصارت دينًا يف ذمته وصارت
هلل رب العالمين. قضاء ،وال يجوز عند جمهور الفقهاء إخراجها ما ً
ال إال على
سبيل التوكيل بأن يدفع المال ل ِ َم ْن يشرتي به طعامًا ويوزعه
على الفقراء طعامًا ألهنا عبادة والعبادات توقيفية.
وذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز
والثوري وأبو حنيفة وغيرهم إلى جواز دفع القيمة عن الطعام.
وقال التابعي الجليل أبو إسحاق السبيعي « :أدركتهم وهم
يؤدون يف صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام» ،رواه ابن أبي شيبة يف
المصنف.
والذي أراه جواز األخذ هبذه الرخصة للحاجة يف هذه البالد،
لما يف جمع الزكاة حبو ًبا وتخزينها ونقلها من المشقة الشديدة،
والواجب أن تصل زكاة الفطر يف وقتها إما إلى الفقير وإما إلى
وكيله الذي يوصلها إليه ،فإذا وصلت الزكاة إلى يد الوكيل يف
وقتها المحدد فكأهنا وصلت إلى الفقير حتى لو تأخر الوكيل يف
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
59
59 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 58
خصوصا ويف كل وقت عمو ًما ،فقد قال
ً المسلمين يوم العيد
ب العمل إلى اهلل سرور تدخله على مسلم ،أو تقضي َ :
«أ َح ُّ الفصل الحادي
دينًا ،أو تكشف عنه كُربة أو تطرد عنه جوعًا».
عنه ْ عشر عيد الفطر
ومما يشرع لنا كذلك يف هناية الشهر تكبير اهلل تعالى ،قال اهلل
عز وجل :ﱹﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ لقد قال « :للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره،
ﯦ ﯧ ﱸ [البقرة.]185: وإذا لقي ربه فرح بصومه».
أي :لتذكروا اهلل عند انقضاء عبادتكم ،فكما شرع ذكر اهلل ويوم العيد هو يوم الفرحة األولى ،الفرحة بالفطر ،وسبب
بالتسبيح والتحميد والتكبير عقب الصالة ُ
وشرع عند انقضاء هذه الفرحة أن المسلم يفرح بأن اهلل تعالى َو َّفقه وأعانه على عبادة
مناسك الحج كما قال تعالى :ﱹﮞ ﮟ ﮠ الصيام والقيام بينما ُح ِرم آخرون لذة هذه العبادة ﱹﮑ ﮒ ﮓ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﱸ [البقرة. ]200: ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ [يونس.]58:
شرع كذلك عند انقضاء الصوم ذكر اهلل تعالى بالتكبير، يم َّن علينا بالفرحة الثانية عند
فنسأل اهلل سبحانه وتعالى أن ُ
ويبدأ وقته من رؤية هالل شوال أو غروب شمس آخر ليلة من لقائه عندما ُينا َدى على الصائمين من باب الريان ليدخلوا الجنة.
رمضان ،وينتهي وقته بصالة العيد. ستحب يوم العيد أن يهنئ بعض المسلمين بعضًا،
ومما ُي َ
وصيغة التكبير كما جاء عن ابن مسعود « :اهلل أكرب اهلل وأن يقول بعضنا لبعض( :تقبل اهلل منا ومنكم).
أكرب ال إله إال اهلل ،واهلل أكرب اهلل أكرب وهلل الحمد». ويشرع للمسلم إدخال السرور على أهله وأوالده وعلى
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
61
61 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 60
والح َّيض وذوات الخدور ـ العواتق
يف الفطر واألضحى العواتق ُ ويشرع الجهر بالتكبير عقب الصلوات ،وعند الخروج إلى
الالئي قاربن البلوغ ،وذوات الخدور الشابات األبكار ـ فأما مصلى العيد يف الطريق ،ويف المصلى أثناء انتظار الصالة ،وكلما
الح َّيض فيعتزلن الصالة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين،
ُ تذكر المسلم يشرع له تكبير اهلل تعالى شكرا له على توفيقه لنا
قلت :يا رسول اهلل ،إحدانا ال يكون لها جلباب ،قال« :لتلبسها وإنعامه علينا.
أختها من جلبابها» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن. ويشرع للمسلم يوم العيد أن يلبس أجمل ثيابه؛ لما جاء عن
«والح َّيض يكن خلف الناس يكربن وزاد أبو داود يف روايته: ِ
علي أن النبي كان يلبس ُب ْر َد ح َب َرة يف كل عيد .رواه الشافعي
ُ
مع الناس». والطبراين.
سرا ،وأن تخرج النساء
وفيه مشروعية التكبير للنساء ولكن ًّ وروى ابن خزيمة عن جابر أن النبي كان يلبس برده
لصالة العيد يف جالبيبهن وحجاهبن السابغ. األحمر يف العيدين والجمعة.
وقد ذهب اإلمام أبو حنيفة إلى أن صالة العيد فرض عين، وبرد ِ
الح َب َرة :نوع من الربود يصنع باليمن.
وذهب اإلمام أحمد إلى أهنا فرض كفاية ،وذهب اإلمامان مالك ويستحب االغتسال قبل الخروج لصالة العيد؛ لورود ذلك
والشافعي إلى أهنا سنة. من فعل جماعة من الصحابة رضي اهلل عنهم.
ويستحب أن يذهب إلى صالة العيد ماش ًيا وأن يرجع ماشيا وصالة العيد شعيرة ظاهرة من شعائر اإلسالم ،يشرع أن
إذا استطاع ذلك؛ لما فيه من إظهار شعار اإلسالم يف الطرقات، وكبارا.
ً يخرج إليها المسلمون ،رجاال ونسا ًء وصغارا
ويستحب أن يرجع من غير الطريق الذي ذهب منه فقد كان عن أم عطية قالت :أمرنا رسول اهلل أن نخرجهن
ُيخالف الطريق يوم العيد .كما رواه البخاري.
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
63
63 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 62
لقد قال « :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فاإلمام وعن أنس قال« :كان النبي ال يغدو يوم الفطر حتى
راع ومسؤول عن رعيته ،والرجل راع يف أهله وهو مسؤول عن يأكل تمرات ويأكلهن وترا» رواه البخاري.
رعيته ،والمرأة راعية يف بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، وفيه استحباب أكل تمرات وترا قبل الخروج إلى صالة عيد
والخادم راع يف مال سيده وهو مسؤول عن رعيته ،والرجل راع الفطر.
يف مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته ،فكلكم را ٍع وكلكم مسؤول وعلى المسلم الحرص على التبكير يوم العيد لحضور
عن رعيته» البخاري ومسلم عن ابن عمر. الصالة ،والحرص على االستماع إلى خطبة العيد بعد الصالة.
فعلى المسلم أن يتقي اهلل فيما اسرتعاه اهلل من الرعية؛ ألنكم إن األعياد من شعائر اإلسالم التي يتميز هبا المسلمون عن
ستُسألون عنها بين يدي اهلل أحفظتم أم َض َّيعتم ،وليحرص اآلباء أعياد المشركين ،فال يجوز للمسلم أن يحتفل بأعياد المشركين
واألمهات على تنشئة األوالد تنشئة إسالمية ،وتعليمهم الصالة وال أن يهنئ المشركين هبا بإجماع العلماء ،قال تعالى:
وإلزام البنات بالحجاب وتعويدهم على الخير يف ِ
الص َغر، ﱹﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﱸ[الفرقان ،]72:قال أبو العالية وابن
والمباعدة بينهم وبين أصدقاء السوء. سيرين وطاووس وكثير من السلف« :أي :ال يشهدون أعياد
ولقد َخ َ
ص النبي ﷺ النساء بالموعظة يوم العيد؛ فبعد أن المشركين».
وعظ النبي ﷺ الرجال ذهب إلى مصلى النساء فوعظهن وقال ولما دخل النبي المدينة وجد أهلها يحتفلون بيومين
ﷺ« :يا معشر النساء ت ََّصدَّ ْقن فإين رأيتكن أكثر أهل النار»، من أعياد الجاهلية ،فنهاهم النبي وقال« :إن اهلل أبدلكم بهما
فقالت امرأة :يا رسول اهلل! ل ِ َم؟ قال« :تكثرن الشكاء ،وتكفرن يومين خيرا منهما :يوم الفطر ويوم األضحى».
العشير ،وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
65
65 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 64
والعيد شعيرة لجميع المسلمين بال استثناء؛ فال ُيستثنى من الحازم منكن يحسن أحدنا إليكن طول الدهر حتى إذا بدت منه
شهودها طفل وال امرأة ،وال صغير وال كبير بخالف العبادات إساءة واحدة قلتن :لم َنر منك إحسانًا قط» رواه البخاري عن جابر.
األخرى التي قد يستثنى من بعضها الفقير أو الصغير أو المرأة. فاشتملت موعظته للنساء على أمور:
اعتصموا بحبل اهلل جميعًا وال تفرقوا وكونوا عباد اهلل -1الحث على الصدقة؛ ألن الصدقة ُتطفئ الخطيئة كما
إخوانًا كما أمركم اهلل ،وتوبوا إلى اهلل توب ًة نصوحًا. ُيطفئ الماء النار ،والصدقة ُتطفئ غضب الرب ،وقد قال تعالى:
قال تعالى :ﱹﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﱹﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯥ ﯦ ﯧ ﱸ [البقرة.]185: ﯦ ﱸ[التغابن.]17:
أمرنا سبحانه بعد إكمال عدة صيام أيام رمضان أن نكربه ليلة -2التحذير من كثرة الشكوى؛ فلتحذر المرأة المسلمة
شكرا له على ما هدانا.
العيد ويومه ً من الشكوى من زوجها ،أو من أوالدها ،أو من مرض أو فقر،
وال عيد سنوي للمسلمين سوى الفطر واألضحى مع أيام ولتجعل شكواها إلى اهلل سبحانه ﱹﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
التشريق ،وعيد األسبوع هو الجمعة قال « : إن اهلل أبدلكم ﯽ ﯾ ﱸ[يوسف.]86:
بهما يومين خير ًا منهما». -3التحذير من كُفران العشير وسوء معاشرة الزوج؛ فقد قال
ويشرع يوم العيد إظهار الفرح والسرور لحديث الجاريتين للمرأة عن زوجها« :إنما هو جنتك ونارك» أي :هو طريقك
ِ
وأحسنت عشرته ،وطريقك إلى النار ِ
أطعت أمره إلى الجنة ،إن
وقول أبي بكر« :أبمزمور الشيطان يف بيت رسول اهلل» فقال:
ِ
وأسأت عشرته. ِ
عصيت أمره إن
«دعهما يا أبا بكر» .
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
67
67 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 66
ولحديث لعب الحبشة بالحراب يوم العيد يف مسجده .
الفصل الثاني عشر وعيد الفطر بعد ركن من أركان اإلسالم هو الصوم ،وعيد
ما بعد رمضان األضحى بعد ركن من أركان اإلسالم هو الحج.
وعيد الفطر بعد أفضل عشر ليال وهي العشر األواخر من
رمضان سوق يقوم وينفض ،ربح فيه َم ْن َربحَ ،
وخسر فيه َم ْن رمضان ،وعيد األضحى يف ختام أفضل عشرة أيام وهي عشر
خسر. ذي الحجة ،فالحمد هلل على فضله ونعمته .
من ِحكم رمضان :فطم النفس عن العوائد وهي أكرب عائق
يصد عن الخير فاغتنم الفرصة بعد رمضان واطرق الحديد وهو
ساخن وواصل فطم نفسك عن عوائد السوء التي انفطمت عنها
يف رمضان.
ولقد َّ
حذرنا اهلل تعالى يف كتابه الكريم من أن نكون مثل بلعام
بن باعوراء ،وهو رجل من بني إسرائيل ،ذاق حالوة اإليمان
وآتاه اهلل آياته ،ثم انقلب على عقبيه واشرتى الضاللة بالهدى
والعذاب بالمغفرة ،وانسلخ من آيات اهلل كما تنسلخ الحية من
جلدها ،قال تعالى:ﱹﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ
ْ َ أَ ْ َ َ ُ َّ َ َ َّ
69
69 ال َو يِل ِد ال ِمنِيس
ل يِب خ دِ ٍ الرمضانِية المجال ِس 68
المحرمات ،حتى إذا انقضى الشهر المبارك انسلخ من آيات اهلل، ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ
ونقض غزله من بعد قوة أنكا ًثا. ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ
كثيرا من المسلمين ـ هداهم اهلل ـ يكونون يف رمضان من
إن ً ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﱸ
الذين هم على صالهتم يحافظون ،فإذا انقضى رمضان أضاعوا [األعراف.]176 -175: