You are on page 1of 8

‫‪ ‬‬

‫إن أهمية دراسة موضوع إصالح القضاء بالمغرب تعود العتباره أهم ضمانة الحترام حقوق االنسان وحماية مصالح األفراد‬
‫والجماعات عن طريق السلطة القضائية المخولة له والتي تعتبر اآللية المعهود إليها بضمان سيادة القانون ومساوة الجميع أمام‬
‫‪. ‬مقتضياته‬
‫‪: ‬وبالعودة إلى الصكوك الدولية المختلفة يتبين لنا عدة أمور من بينها‬
‫أوال‪ :‬إن الغاية من احترام فكرة إصالح القضاء هي حماية الشرعية الديموقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬حيث أن معايير القضاء الحديث‬
‫ووجوب االلتزام بها قد وردت في الصكوك الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان‪ ،‬أولها اإلعالن العالمي لحقوق االنسان ‪1948‬م‪ ،‬والعهد‬
‫الدولي الخاص بحقوق االنسان المدنية والسياسية ‪1966‬م‪ ،‬يفضي االلتزام بقواعد العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية‬
‫‪ . ‬واالجتماعية والثقافية‪ ،‬إلى وجوب احترام تلك المعايير في الممارسة العملية لكفالة حقوق اإلنسان‬
‫‪ ‬حيث أن هذه الصكوك أتت ببعض المعايير من بينها إدخال االبتكارات العلمية والتكنولوجية‬
‫‪ . ‬في عمل القضاء إجماال‪ ،‬واستعمال تقنيات مبتكرة للكشف عن الجرائم والتحقيق والمقاضاة وإصدار األحكام‬
‫‪،‬والتدريب والتقييم المستمرين للعاملين في القضاء‪ ،‬وأخرى فصلت بعض المعايير الرئيسية‬
‫كالوثيقة الخاصة بمبادئ استقالل السلطة القضائية‪ ،‬التي اعتبرت معيار استقالل السلطة القضائية ليس واحدا من معايير القضاء‬
‫الحديث‪ ،‬وإنما يشكل ضمانا لبقية المعايير وإعمالها ومنها أن يوفر لكل فرد الحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام هيئة من قضاة‬
‫مؤهلين ومستقلين وغير منحازين‪ ،‬وال يكفي إن توضع مبادئ استقالل القضاء في إطار التشريعات الوطنية فقط بل يجب احترامها‬
‫‪ . ‬في الممارسة العملية‬
‫ثانيا‪ :‬إن معايير القضاء الحديث متطورة ومتجددة بتطور وتجدد حقوق اإلنسان وتزايد نمو التصنيع والتكنولوجيا والتقدم العلمي‬
‫ثالثا‪ :‬إن غاية إصالح القضاء ومقاصد احترام فكرته تتمثل في إيجاد السبل القانونية واإلدارية والتقنية التي تجعل القضاء قادرا على‬
‫‪. ‬حماية حقوق اإلنسان كافة‪ ،‬كغاية نهائية إلصالح القضاء واحترام فكرته‬
‫وكون فكرة أن اإلصالح القضائي ال يمكن أن تتم إال في إطار عملية اإلصالح الشامل‪ ،‬فان احترام فكرة القضاء ال تقوم اال بقيام‬
‫‪. ‬الدولة الحديثة ذات البنية الديمقراطية وفي ظل توافر شروط احترام الشرعية وحماية حقوق اإلنسان‬
‫وقد ترتب عن إهمال الدولة إلصالح القضاء أن تعرض الختالالت عميقة وممارسات أثرت سلبا على تحقيق العدالة والمساواة بين‬
‫المواطنين أمام القضاء‪ ،‬وعلى تدفق االستثمارات الخارجية ببالدنا‪ ،‬وأساءت لصورة المغرب داخليا وخارجيا‪ ،‬وأصبح ورود اسم‬
‫‪.‬المغرب في تقارير المنظمات الحقوقية شبه دائم‬
‫من هنا توالت دعوات إصالح القضاء في المغرب التي أشارت إليها الخطب الملكية عن القضاء وضرورة إصالحه‪ ،‬حيث أكد سموه‬
‫على ضرورة إصالح شمولي للقضاء وتعزيز استقالله من أجل ترسيخ العدالة وتوفير االمن القضائي‪ ،‬وضمان المساواة بين‬
‫المواطنين‪ ،‬إلى جانب أهميته في التنمية االقتصادية والتشجيع على االستثمار ‪.‬كما انه تحدث عن اهمية العنصر البشري في هذا‬
‫‪. ‬القطاع الذي يضمن حرمة القضاء واستقالله وضرورة توفرالنزاهة واالستقامة في دواليبه‬
‫‪، ‬إن المتأمل في اإلصالحات التي أدخلت على قطاع العدالة ببالدنا في السنوات األخيرة‬
‫‪ ‬وذلك شانه شان عدة مرافق وقطاعات أخرى‪ ،‬في إطار منظور إصالحي شامل لدواليب‬
‫‪ ‬الدولة وتلبية لتقرير البنك الدولي‪ ،‬ال يمكنه إال أن يتساءل ‪:‬أي إصالح لنظامنا القضائي ؟‬
‫هل هناك تطور في هذا الصدد‪,‬وما مدى مساهمة تحديث مرفق القضاء ان يساهم في هذا اإلصالح أم هناك عراقيل اعترضت هذا‬
‫‪ ‬المشروع‪ ،‬وما هي هذه العراقيل ؟ ثم ماذا أنجز ضمن هذا المشروع اإلصالحي ؟‬

‫‪: ‬مقدمة‬
‫يعتبر القضاء إحدى الركائز األساسية التي يقوم عليها بناء الدولة فالعدل أساس الملك‪ ،‬وال يمكن تصور حياة منضبطة داخل‬
‫الجماعة البشرية إال إذا كان هناك جهاز مستقل وفعال يقوم بتصريف العدالة بين األفراد بخصوص ما ينشأ بينهم من نزاعات‪ ،‬وبقدر‬
‫ما تتشعب العالقات بين األفراد وتشتد التحديات التي تفرزها التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية واإليدولوجية الناتجة عن التطور‬
‫المستمر لألوضاع في سياق عملية التغيير اآلمتناهية التي تطبع حركة المجتمعات‪ ،‬بقدر ما يكون لزاما على القضاء إستيعاب هذه‬
‫‪. ‬التحوالت ومواكبتها على نحو يسهم في عدم إعاقة التطور واإلنخراط في المسار التنموي إلى أبعد حدوده الممكنة‬
‫‪: ‬وفي هذا السياق‪ ،‬فقد عرف المغرب عدة تطورات في بناء نظامه القضائي حيث نميز بين ثالثة مراحل‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬مرحلة ما قبل الحماية‪ ،‬حيث عرف ما يسمى بقضاء الشرع‬
‫‪"Chraâ" ‬‬
‫فالقاضي المغربي كان يمارس الوظيفة القضائية بتعيين سلطاني‪ ،‬كما ظل يتمتع في ظله بالوالية العامة فيما يعرض عليه من قضايا‬
‫‪، ‬مدنية‪ ،‬تجارية‬
‫جنائية‪ ،‬إدارية وأحوال شخصية‪ .‬أما بخصوص الطعون المقدمة ضد األحكام فكانت من إختصاص كبار العلماء بالقصر السلطاني ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أن هذه المرحلة تميزت كذلك بمنح إمتيازات قضائية لألجانب المقيمين بالمغرب فنشأ ما يسمى بالقضاء القنصلي‪ ،‬حيث‬
‫ال يتم اإلعتماد على األنظمة القانونية المغربية‪ ،‬إلى جانب هذا القضاء وجد "القضاء العبري" أي محاكم تختص بالنظر في‬
‫المنازعات بين اليهود المغاربة كـ"أهل ذمة" فيما يخص األحوال الشخصية والميراث كما يظهر كذلك القضاء المخزني الذي إعتبر‬
‫مظهرا للقضاء الكنسي‪ ،‬ونظرا لمعاناة األوربيين من تعسف الكنيسة لم يقبلوه لحل منازعاتهم‪ ،‬ويعود القضاء المخزني إلى النصف‬
‫الثاني من القرن ‪ 18‬تنفيذا للمعاهدات واإلتفاقيات المبرمة بين المغرب والدول األجنبية خاصة فرنسا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬إسبانيا‪،‬‬
‫إيطاليا فيما يخص امتيازات جمركية وتجارية بالسواحل المغربية‪ ،‬ومعاهدة الصداقة بين المملكة المغربية والفرنسية سنة ‪1767‬‬
‫‪. ‬من بين األسباب المرجعية لنشوء المحاكم المخزنية‬
‫وقد تميزت هذه المحاكم بتبسيط في مسطرة والسرعة في إصدار وتنفيذ األحكام بواسطة أعوان السلطة من مخزني وشيخ ومقدم‪.‬‬
‫وبمجيء "الحماية" التي عملت على تطوير القضاء المخزني بهدف إضعاف قضاء "الشرع" لم تستطع وضع نظام قضائي على‬
‫‪. ‬طراز على ما هو معمول به في فرنسا‬
‫ثانيا‪ :‬أما بالنسبة لمرحلة الحماية‪ ‬فبالرغم من إستئثار اإلدارة‪-‬المخزن بالقضاء كما هو الشأن بالنسبة للبرلمانات المحاكم بفرنسا في‬
‫القرن ‪ 18‬فإنها لم تستطع سلطة الحماية إدخال اإلصالحات اإلدارية والقضائية‪ ...‬التي نصت عليها المادة ‪ 1‬من معاهدة الحماية‬
‫‪. ‬لسنة ‪1912‬‬
‫كما وجدت إلى جانب ذلك عائلة القضاء العرفي البربري حيث جاء في الفصل األول من ظهير ‪ 11‬شتنبر ‪ 1914‬أن القبائل ذات‬
‫‪. ‬العرف البربري ستبقى منظمة ومدارة حسب قوانينها وأعرافها الخاصة بها‪ ،‬وذلك تحت مراقبة السلطات‬
‫أما في منطقة الحكم اإلسباني‪ ،‬فقد نصت مقتضيات المادة ‪ 24‬من اإلتفاقية اإلسبانية الفرنسية بتاريخ ‪ 27‬نونبر ‪ 1912‬على أن‬
‫الحكومة الفرنسية والحكومة اإلسبانية تحتفظان بالحق في أن تقيم كل منهما في منطقتهما منظمات قضائية مقتبسة من تشريعها‬
‫‪. ‬الخاص‬
‫وفي منطقة طنجة وجد القضاء المختلط بحكم الوضع الدولي لها بمقتضى إتفاقية ‪ 18‬ديسمبر ‪ ،1923‬حيث تم إنشاء محكمة مختلطة‬
‫سنة ‪ 1924‬تتألف من ‪ 14‬قاضيا ممثل فيها كل من فرنسا‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬المغرب‪ ،‬هولندا‪ ،‬إنجلترا‪ ،‬أمريكا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬السويد‪ ،‬إيطاليا‪ .‬وقد‬
‫ثار النقاش حول الوحدة والثنائية والتعددية في النظام القضائي والنظام القانوني بالمغرب حيث نظرية الوحدة تقول بوحدة القضاء‬
‫‪. ‬ووحدة القانون‪ ،‬أما الثاني فتقول بوحدة القضاء وثنائية القانون بالمغرب‬
‫وبالنظر إلى الهيكل والبناية ‪-‬وهنا يكمن الخطأ‪ -‬حيث إعتبر رواد النظرية الوحدوية كون القضاء واحد أي الجانب الشكلي منه‪ ،‬إال‬
‫أنه بالمعنى الوظيفي يمكن القول أنه كان هناك فعال قضاء في المجال اإلداري وقضاء مدني والذي عرف الثنائية الفعلية مع المجلس‬
‫‪ . ‬األعلى سنة ‪ 1957‬ليتم فصل البناية والهيكل مع صدور قانون ‪ 41/90‬والمحاكم اإلدارية السبعة‬
‫وإذا كان هذا هو وضع النظام القضائي والقانوني في مرحلة ما قبل وإبان الحماية‪ ،‬حيث عاش المغرب وضعا إستثنائيا وخاصا في‬
‫‪ ‬صيرورته التاريخية‪ ،‬فكيف هو الحال مع مجيء اإلستقالل؟‬
‫‪: ‬ثالثا‪ :‬مرحلة اإلستقالل والتي نميز فيها بين أربع مراحل‬
‫مرحلة البدايات في القضاء العصري المغربي والتي تؤرخ بظهير ‪ 4‬أبريل ‪ 1956‬المنظم للقضاء‪ ،‬وظهير ‪ 27‬شتنبر ‪1- 1957‬‬
‫المحدث للمجلس األعلى‪ ،‬وعلى قاعدة هذه التشريعات تشكلت األجهزة القضائية المغربية آنذاك على الشكل التالي‪ :‬محاكم السدد‪،‬‬
‫‪. ‬المحاكم اإلبتدائية‪ ،‬المحاكم اإلقليمية‪ ،‬ومحاكم اإلستئناف‬
‫مرحلة النضج ويؤرخ لها بصدور قانون التوحيد والمغربة في يناير ‪ 1965‬وتميزت هذه المرحلة أنها أدمجت محاكم الصلح في ‪2-‬‬
‫‪. ‬محاكم السدد والمحاكم اإلقليمية في المحاكم اإلبتدائية فأصبح الجهاز يتكون من محاكم إبتدائية وإستئنافية والمجلس األعلى‬
‫مرحلة اإلصالح والتي دشنها قانون يوليوز ‪ 1974‬وقد تاله عدة تعديالت تمثلت في إحداثه العديد من المحاكم المختصة (إدارية‪3- ،‬‬
‫‪. ‬تجارية‪ ،‬مالية‪ ،‬مجلس الحسابات)‪ ،‬إضافة إلى القضاء اإلستثنائي‬
‫هكذا‪ ،‬فقد عمل المغرب منذ اإلستقالل على تأسيس لدولة الحق والقانون على أساس فصل السلط وسواسية الجميع أمام القانون‪ ،‬مع‬
‫‪. ‬السعي إلى تشييد بيئة قضائية تشكل قطيعة مع النظام الذي كان سائدا وإبان الحماية‬
‫غير أنه‪ ،‬وبعد نصف قرن من الممارسة‪ ،‬يبدو أن القضاء الذي بقي شديد اإلرتباط بالسلطة السياسية وخاضعا لضغوط مختلفة‪ ،‬ظل‬
‫يعاني من السلبيات المؤسساتية‪ ،‬لندخل مرحلة رابعة والتي يمكن أن نسميها بثورة اإلصالح العميق والتي دشنها الخطاب الملكي‬
‫المؤسس إلصالح القضاء بتاريخ ‪ 20‬غشت ‪ 2009‬حيث جاء فيه‪":‬قررنا إعطاء دفعة جديدة وقوية إلصالحه‪ ،‬وذلك وفق خارطة‬
‫طريق واضحة في مرجعياتها‪ ،‬طموحة في أهدافها‪ ،‬محددة في أسبقياتها‪ ،‬ومضبوطة في تفعيلها"‪ .‬كما حدد جاللته ستة محاور‬
‫رئيسية لهذا اإلصالح‪ ،‬تبدأ من ضمانات إستقاللية القضاء إلى تخليقه مرورا بتحديث المنظومة القانونية وتأهيل الهياكل القضائية‬
‫‪. ‬واإلدارية‪ ،‬باإلضافة إلى تأهيل الموارد البشرية والرفع من النجاعة القضائية‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬فإن جميع مكونات المجتمع المغربي أصبحت تطالب بضرورة إصالح القضاء وتحديثه من أجل بناء ديمقراطية‬
‫‪: ‬تواكب عصر التحوالت العميقة‪ ،‬وفي هذا السياق تطرح اإلشكالية التي نرمو إلى معالجتها والمتمثلة في‬
‫‪ ‬إلى أي حد يمكن لتحديث اإلدارة القضائية أن يسهم في إصالح القضاء في المغرب؟‬
‫‪: ‬ويتفرع عن هذه اإلشكالية المركزية عدة تساؤالت فرعية تتمحور حول‬
‫‪ ‬ما هي الحدود والمعوقات التي تقف عائقا أمام إصالح القضاء؟ ‪‬‬
‫‪ ‬ما هي اإلكراهات التي تواجه اإلدارة القضائية؟ ‪‬‬
‫‪ ‬ما هي التوصيات والمجهودات المبذولة إلصالح هذا المرفق؟ ‪‬‬
‫‪ ‬ما هي اآلليات وآفاق إصالح القضاء في المغرب؟ ‪‬‬

‫‪: ‬أهمية الموضوع‬
‫على المستوى السياسي‪ :‬أصبح الحديث عن موضوع التحديث‪ ،‬اإلصالح القضائي‪ ،‬من بين المواضيع المهيمنة على الخطب ‪-‬‬
‫السياسية‪ ،‬والنقاش العام الداخلي والخارجي‪ ،‬كما أن الخطاب الملكي األخير حول اإلصالح القضائي يعكس الرغبة الحقيقية في‬
‫التغيير المتوخى في بالدنا مند مدة طويلة‪ ،‬لكن ماذا إستجد في هذا النطاق؟ فإشكالية الدعوة إلصالح القضاء قضية قديمة‪ ،‬على‬
‫إمتداد سنوات خلت‪ ،‬حيث ظلت الجهات الموالية للسياسية الرسمية أو الجهات المعارضة‪ ،‬على حد السواء تقر بضرورة إصالح‬
‫القضاء إال أننا لم نعاين األثر الفعلي الملموس لهذا اإلصالح على أرض الواقع‪ .‬أما اليوم فهناك إرادة سياسية تدعوا إلى ضرورة‬
‫إطالق إصالح شامل وعميق للقضاء‪ ،‬أي إصالح جوهري يتجاوز قطاع القضاء إلى منظومة عدالتنا‪ ،‬واإلعتناء بمفهوم اإلصالح‬
‫‪. ‬المؤسساتي عوض اإلقتصار على اإلصالح اإلداري‬
‫على المستوى العملي‪ :‬أنه فكرة تطوير اإلدارة القضائية على مستوى المحكمة بإعتبارها وحدة اإلنتاج في النظام القضائي‪ ،‬تهتم ‪-‬‬
‫بقضايا مباشرة وذات طابع ميداني تتصل بالممارسة القضائية اليومية من خالل جملة من اإلشكاليات التي تثيرها هذه الممارسة‪،‬‬
‫والمتعلقة أساسا بالتصور لمستوى األداء المطلوب عن محكمة نموذجية ‪ ،‬بدءا بالبنية األساسية لهذه المحكمة التي ينبغي أن تعكس‬
‫سمو ورفعة مقام العدل والعدالة‪ ،‬مرورا باإلستقبال الجيد المبني على التواصل واإلنصات‪ ،‬وصوال إلى اإلدارة الجيدة للخصومة‬
‫القضائية بما تتطلبه من إدارة اإلجراءات بما يتيح للمتقاضين فرصة بسط جوانب الخالف وأوجه دفاعهم ودفوعهم في سياق‬
‫متطلبات المحاكمة العادلة مع تحكم في الزمن اإلجرائي لتجاوز إشكالية البطء في تصريف القضايا‪ ،‬وإنتهاء بحكم يستجيب‬
‫لمواصفات جودة الحكم أو القرار الصادر عن دراسة متأنية ومتعمقة لجوانب الخصومة في مداوالت تحترم تقاليد وأعراف المهنة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى جانب التأهيل والتحديث من خالل إعادة النظر في مؤسسات ومناهج التكوين‪ ،‬وتشجيع البحث العلمي بتبني اإلدارة‬
‫‪. ‬المعلوماتية والتكنولوجية الرقمية‬
‫على المستوى األكاديمي‪ :‬فإن أهمية الموضوع تتجلى في كونه مفتوح للنقاش العام بين جميع الفاعلين السياسيين والمجتمع ‪-‬‬
‫المدني والمهتمين بهذا المجال‪ -‬لذا فإن تراكم كل الجهود للمساهمة في هذا المسار اإلصالحي والنهوض بعدالتنا مسؤولية الجميع‬
‫‪. ‬والجامعة في مقدمتهم‬
‫‪ : ‬المنهج المستعمل ‪-‬‬
‫أنه من الضروري أن تكون المناهج والتقنيات والمفاهيم والنظريات التي توظفها المقاربات السوسيولوجية متطابقة ومالئمة للواقع‪.‬‬
‫ولبلوغ هذا الهدف يجب على الباحث في هذا الحقل أن يقيم حوارا مع ذاته وتراثه من جهة‪ ،‬وحوارا مع الثقافات والنتاجات المعرفية‬
‫من جهة أخرى‪ .‬فليست السوسيولوجيا خطابا تأمليا مجردا‪ ،‬بل هي تحليل للبنيات االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية‪.‬‬
‫لإلجابة عن هذه األسئلة المطروحة ومعالجة إشكالية ثحديث اإلدارة القضائية تفرض علينا الضرورة المنهجية والعلمية إعتماد‬
‫مقاربة منهجية لذلك تساعدنا على اإلحاطة بكل الجوانب التي يطرحها موضوع البحث‪ ،‬وفي هذا اإلطار يبدو لنا أن المنهج النسقي‬
‫المنهج األنسب لتحليل الظاهرة إدارة القضاء ؛ فهذه األخيرة تشكل منظومة ونسقا متكاملين من العناصر البشرية والقانونية‬
‫والمادية واألخالقية‪ ،‬التي تتفاعل فيما بينها لتؤثر في سيرورة عمل هذا النسق اإلداري وتؤدي وظيفة معينة ضمنه‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالمنهج النسقي سيساعدنا في تحليل العالقة الموجودة بين هذه العناصر وبين عملية اإلصالح‪ ،‬وإبراز تفاعل تحديث اإلدارة‬
‫القضائية ‪ ،‬كعنصر نسقي أساسي‪ ،‬ضمن النسق اإلداري وتكييفه مع العناصر األخرى‪ ،‬وآثاره على إصالح القضاء ‪ .‬وبإعتبار أن‬
‫التحديث عملية تعتمد على بعض المدخالت‪ ،‬فإن توظيف هذا المنهج يمكن من معرفة طبيعة المدخالت‪ ،‬ونوعية التفاعل وكذلك نتائج‬
‫‪. ‬المخرجات‪ ،‬فهذه العملية تقوم على تفاعل عناصر النسق اإلصالحي فيما بينها ضمن حركية لهذا العمل‬
‫‪ : ‬الدوافع الموضوعية والذاتية‪_ ‬‬
‫الدوافع الموضوعية‪ :‬إلختيارنا هذا الموضوع‪ ،‬تتجلى بإعتبار إصالح القضاء موضوع قديم‪ ،‬وجديد في نفس الوقت‪ ،‬وموضوعا ‪-‬‬
‫مازال لم يكتمل في معالمه وفي إشكاالته‪ ،‬لذا فإن دراسة موضوع إصالح القضاء من الناحية اإلدارية يولي اإلهتمام على دراسة‬
‫الجانب اإلداري لمرفق القضاء والذي يوضح بجالء مدى مساهمة إدارة القضاء في اإلصالح الشامل والعميق والذي يدعوا له كافة‬
‫‪. ‬الفاعلين سواء الرسميين أو غير الرسميين‬
‫الدوافع الذاتية‪ :‬هو المساهمة في هذا الورش الكبير في إطار دراسة أكاديمية‪ ،‬ال ترتبط باإلصالح القضائي من الجانب السياسي أو ‪-‬‬
‫القانوني‪ ،‬وإنما إيالء اإلهتمام أكثر بالجانب اإلداري‪ ،‬وهذا اإلهتمام نابع من طبيعة تخصصنا في وحدة تدبير اإلدارة المحلية ‪ ،‬حيث‬
‫‪. ‬بدأت الفكرة صغيرة لتتطور وتصبح فيما بعد هاجسا ورغبة حقيقية للبحث المستمر في هذا الموضوع‬
‫‪ : ‬الصعوبات ‪-‬‬
‫أما جانب الصعوبات التي إعترضت البحث فإنها كغيرها من الصعوبات التي تعترض أي باحث أو راغب في الحصول على قيمة‬
‫حقيقية لبحثه منها قلة المراجع في هذا المجال‪ ،‬بإستثناء بعض الكتابات المنشورة في العديد من المجالت ‪،‬على إعتبار أنه موضوع‬
‫‪ . ‬مازال مفتوحا للنقاش العمومي‬
‫‪ : ‬التصميم المقترح ‪-‬‬
‫‪: ‬ولدراسة هذا اإلشكال المطروح سنقسم موضوعنا هذا إلى فصلين كاألتي‬
‫الفصل األول‪ :‬سنتناول فيه أهم المعيقات التي تعيق عملية اإلصالح الشامل والعميق والتي تحول دون تدبير جيد وفعال إلدارة‬
‫القضاء‪ ،‬أما الفصل الثاني فسنتطرق فيه إلى متطلبات تحديث اإلدارة القضائية حيث سنعالج في نقطة أولى المرجعيات المؤطرة‬
‫‪. ‬إلصالح القضاء في المغرب‪ ،‬ثم سنتناول في نقطة ثانية اآلليات إصالح القضاء بين المنجز والمأمول‬
‫‪: ‬وهكذا وضع تصميم تفصيلي لهذه الرسالة كما األتي‬
‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬مظاهر قصور تدبير إدارة القضاء‬
‫‪ ‬المبحث األول ‪ :‬اإلكراهات الكبرى للقضاء في المغرب‬
‫‪ ‬المبحث الثاني ‪ :‬معيقات تدبير إدارة القضاء‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪:‬متطلبات تحديث اإلدارة القضائية‬
‫‪ ‬المبحث األول ‪ :‬المرجعيات المؤطرة إلصالح القضاء‬
‫‪ ‬المبحث الثاني ‪ :‬آليات إصالح القضاء بين المنجز والمأمول‬

‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬إكراهات تحديث اإلدارة القضائية في المغرب‬


‫يعرف العالم تطور سريع وتحول جذري في جميع الميادين يفرض على العدالة أن تواكب هذا التطور خصوصا وأن العدالة تعتبر هي‬
‫الضامن الحقيقي لنجاح أي عمل استثماري أو اقتصادي‪ ،‬وبالتالي فإن العدالة المغربية ال يمكنها إن أرادت أن تكون في مستوى‬
‫‪. ‬التحديات إال أن تساير هذا التحول الخارجي والداخلي‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن المغرب عمل منذ االستقالل على بناء صرح القضاء المغربي‪ ،‬وتأسيس البنيان التنظيمي والتنصيص على‬
‫ترسانة قانونية مهمة خضعت لمجموعة من التعديالت والمراجعات التي تفرضها تحوالت المجتمع‪ ،‬فإن المالحظ أن النظام القضائي‬
‫الزالت تعتريه مجموعة من االختالالت جعلته محل انتقاد من طرف جميع مكونات المجتمع‪ ،‬وحيث تراكمت مجموعة من السلبيات‬
‫لتفرز في المحصلة ظواهر اجتماعية أخطرها فقدان الثقة لدى المواطن اتجاه المنظومة القضائية‪ ،‬العائق الذي سيرهن إصالح‬
‫القضاء على المدى الطويل على اعتبار أن خلخلة رواسب المجتمع تحتاج إلى ممارسة قضائية نزيهة تمحي الصورة السيئة التي‬
‫‪. ‬كونها المجتمع حول القضاء‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن تناول تحديث اإلدارة القضائية في المغرب لن يستوي بدون تشخيص واقعي لالختالالت واإلكراهات التي‬
‫‪. ‬تواجه القضاء المغربي وفي صلبها تؤثر على أية محاولة إصالحية كيفما كانت نوعيتها‬
‫ومن ثم‪ ،‬سنعمل على معالجة اإلكراهات الكبرى للقضاء في المغرب من خالل رصد إشكالية استقالل القضاء (المبحث األول)‪،‬‬
‫باعتبارها فلسفة أية عدالة ممكنة في المجتمع‪ ،‬فضال عن معيقات تدبير إدارة القضاء (المبحث الثاني) من منطلق أنه كيفما كانت‬
‫‪. ‬إيجابية النص القانوني لن يكون له تأثير ما لم يطبق بشكل سليم‪ ،‬وبتدبير إداري حديث‬
‫‪: ‬خاتمة الفصل االول‬
‫أهم المعيقات التي تعيق عملية اإلصالح الشامل والعميق والتي تحول دون تدبير جيد وفعال إلدارة القضاء وخصوصا في ظل ما‬
‫يعرفه العالم من تطور سريع وتحول جذري في جميع الميادين حيث يفرض على العدالة أن تواكب هذا التطور باعتبارها الضامن‬
‫‪، ‬الحقيقي لنجاح أي عمل استثماري أو اقتصادي‬
‫باعتبار ان تناول تحديث اإلدارة القضائية في المغرب لن يستوي بدون تشخيص واقعي لالختالالت واإلكراهات التي تواجه القضاء‬
‫‪. ‬المغربي وفي صلبها تؤثر على أية محاولة إصالحية كيفما كانت نوعيتها‬
‫وباعتبار أن اإلدارة القضائية تعاني من مجموعة من اإلختالالت سواء على المستوى القانوني أو التدبيري‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫اإلصالحات التي تبناها المغرب منذ االستقالل تصطدم بواقع تتجذر فيه ظواهر اجتماعية عميقة في المجتمع‪ ،‬كالفساد بجميع أشكاله‪،‬‬
‫‪. ‬جعل المجتمع يفقد الثقة في سلطة القضاء نتيجة تراكم مسلكيات ال ديمقراطية وأحكام غير عادلة‬
‫كما أن إشكالية القضاء تتداخل فيها عدة عوامل سياسية من خالل ضعف استقاللية القضاء كمرتكز لبناء دولة ديمقراطية قوية‬
‫وصعوبات قانونية وتنظيمية تنتهي بتعقيد المساطر وسوء توزيع الخريطة القضائية مما يضرب مبدأ تقريب اإلدارة من المواطن‪،‬‬
‫‪. ‬فضال عن العوائق المهنية المتمثلة في النقص التحفيز والتكوين وكثلة األجور‬
‫من خالل هذا الفصل يبدو أن اإلدارة القضائية تعاني من مجموعة من اإلختالالت سواء على المستوى القانوني أو التدبيري‪ ،‬األمر‬
‫الذي جعل اإلصالحات التي تبناها المغرب منذ االستقالل تصطدم بواقع تتجذر فيه ظواهر اجتماعية عميقة في المجتمع‪ ،‬كالفساد‬
‫‪. ‬بجميع أشكاله‪ ،‬جعل المجتمع يفقد الثقة في سلطة القضاء نتيجة تراكم مسلكيات ال ديموقراطية وأحكام غير عادلة‬
‫وبما أن إشكالية القضاء تتداخل فيها عدة عوامل سياسية من خالل ضعف استقاللية القضاء كمرتكز لبناء دولة ديموقراطية قوية‬
‫وصعوبات قانونية وتنظيمية تنتهي بتعقيد المساطر وسوء توزيع الخريطة القضائية مما يضرب مبدأ تقريب اإلدارة من المواطن‪،‬‬
‫‪. ‬فضال عن العوائق المهنية المتمثلة في النقص التحفيز والتكوين وكثلة األجور‬
‫كل هذه العوامل المتذاخلة والمركبة جعلت من ورش إصالح القضاء رهانا مجتمعيا يفرض على الجميع المشاركة في إغنائه بغية‬
‫الوصول إلى تصور جماعي حول إصالح القضاء يكون رافعة نحو بناء دولة ديموقراطية حديثة‪ ،‬وهذه الرؤية والمقاربة التشاركية‬
‫هي التي نادى بها الملك في خطابه التأسيسي إلصالح القضاء‪ ،‬وهو ما سنحاول معالجته في الفصل الموالي‪ ،‬إلى جانب آليات التدبير‬
‫‪. ‬الجديدة إلصالح القضاء‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬متطلبات تحديث اإلدارة القضائية‬
‫لقد حاولنا في الفصل األول تبيان العوامل السلبة المؤثرة في اإلدارة القضائية‪ ،‬والتي جعلت مختلف مكونات المجتمع المغربي تطالب‬
‫بضرورية إصالح القضاء كمدخل من مداخل اإلصالح الديموقراطي الشامل‪ ،‬وبما أن اإلصالح ليس مسألة إجرائية وآليات تقنية‪،‬‬
‫وإنما مشروع مجتمعي‪ ،‬فإن الخطاب الملكي التأسيسي بتاريخ ‪ 20‬غشت ‪ 2009‬نادى بمنهجية جديدة في التعاطي مع هذا الورش‬
‫‪. ‬المصيري والمرتبطة بالنهج التشاركي بين كل الفاعلين السياسيين والمدنيين من أجل بلورة رؤية إصالحية للقضاء‬
‫‪ : ‬ومن هذا المنطلق كان لزاما علينا أن نتناول مسألتين أساسيتين إلصالح القضاء‬
‫‪. ‬أوال ‪ :‬مواقف مكونات المجتمع السياسي والمدني من إصالح القضاء‪ ،‬وذلك لتكوين رؤية حول اإلصالح المطلوب من قبل الفاعلين‬
‫ثانيا ‪ :‬آليات إصالح القضاء بين المنجز والمأمول من خالل رصد بعض المستجدات التي أدخلت على المنظومة القضائية‪ ،‬وطرح‬
‫‪. ‬بعض الضرورات األساسية لتدبير هذه اإلدارة القضائية‬
‫ان جميع العوامل المتداخلة والمركبة جعلت من ورش إصالح القضاء رهانا مجتمعيا يفرض على الجميع المشاركة في إغنائه بغية‬
‫الوصول إلى تصور جماعي حول إصالح القضاء يكون رافعة نحو بناء دولة ديمقراطية حديثة‪ ،‬وهذه الرؤية والمقاربة التشاركية‬
‫هي التي نادى بها الملك في خطابه التأسيسي إلصالح القضاء‪ ،‬وهو ما حاولنا معالجته في هذا الفصل ‪ ،‬إلى جانب آليات التدبير‬
‫‪. ‬الجديدة إلصالح القضاء‬
‫حيث ان الخطاب الملكي التأسيسي بتاريخ ‪ 20‬غشت ‪ 2009‬نادى بمنهجية جديدة في التعاطي مع هذا الورش المصيري والمرتبطة‬
‫‪. ‬بالنهج التشاركي بين كل الفاعلين السياسيين والمدنيين من أجل بلورة رؤية إصالحية للقضاء‬
‫‪ : ‬ومنه فقد تناولنا مسألتين أساسيتين إلصالح القضاء‬
‫‪. ‬أوال ‪ :‬مواقف مكونات المجتمع السياسي والمدني من إصالح القضاء‪ ،‬وذلك لتكوين رؤية حول اإلصالح المطلوب من قبل الفاعلين‬
‫ثانيا ‪ :‬آليات إصالح القضاء بين المنجز والمأمول من خالل رصد بعض المستجدات التي أدخلت على المنظومة القضائية‪ ،‬وطرح‬
‫‪. ‬بعض الضرورات األساسية لتدبير هذه اإلدارة القضائية‬
‫حيث إن اإلصالح الذي نادى به الملك ومكونات المجتمع السياسية والمدنية قد ارتكز على تصور مؤسساتي شامل سعيا وراء‬
‫ضمانات استقاللية القضاء وتخويل المجلس األعلى للقضاء الشروط الالزمة قصد ترقيته إلى سلطة قائمة الذات‪ ،‬وتحديث الترسانة‬
‫القانونية‪ ،‬وتأهيل الهياكل القضائية واإلدارية والبحث عن الفعالية والنجاعة القضائيتين وترشيد الموارد البشرية وتخليق منظومة‬
‫‪. ‬عدالتنا ومحيطها‬
‫وذلك قصد ما يستدعيه اإلصالح الشمولي الذي يستوجب مراجعة القانون المنظم لمهنة القضاء والمهن الحرة المرتبطة به‪ ،‬باعتبار‬
‫‪. ‬أن هذه األخيرة في حاجة إلى الرقي أيضا‪ ،‬لمسايرة مختلف التطورات ولتكون في مستوى عدالة القرن الواحد والعشرين‬
‫‪: ‬خاتمة الفصل الثاني‬
‫إن معالم خطة الطريق الملكية تهدف إلى إعادة النظر في مهام وتشكيل المجلس األعلى للقضاء ونهج عمله‪ ،‬وفي القانون األساسي‬
‫للقضاة‪ ،‬وفي دور اإلدارة المركزية ومنهجية عملها وتخليص المسؤولين القضائيين بالمحاكم من العمليات التي تنال من استقالليتهم‬
‫وتفعيل التفتيش والعناية بالتأهيل والتكوين والوضع المادي للقضاة وكتاب الضبط‪ ،‬والحرص على الجودة في األحكام والخدمات‬
‫‪. ‬وتسهيل اللجوء إلى القضاء والقطع مع الفساد وتشجيع كل ما يساعد على تفعيل اإلصالح المتوخى‬
‫وإذا كان يتم في السابق التركيز على تصور إداري محض في تناول إشكالية إصالح القضاء‪ ،‬فإن اإلصالح الذي نادى به الملك‬
‫ومكونات المجتمع السياسية والمدنية قد إرتكز على تصور مؤسساتي شامل سعيا وراء ضمانات استقاللية القضاء وتخويل المجلس‬
‫األعلى للقضاء الشروط الالزمة قصد ترقيته إلى سلطة قائمة الذات‪ ،‬وتحديث الترسانة القانونية‪ ،‬وتأهيل الهياكل القضائية واإلدارية‬
‫والبحث عن الفعالية والنجاعة القضائيتين وترشيد الموارد البشرية وتخليق منظومة عدالتنا ومحيطها‪ .‬وذلك قصد ما يستدعيه‬
‫اإلصالح الشمولي الذي يستوجب مراجعة القانون المنظم لمهنة القضاء والمهن الحرة المرتبطة به‪ ،‬بإعتبار أن هذه األخيرة في‬
‫‪. ‬حاجة إلى الرقي أيضا‪ ،‬لمسايرة مختلف التطورات ولتكون في مستوى عدالة القرن الواحد والعشرين‬
‫‪ ‬خالصات‬
‫يعد إصالح القضاء من األوراش الكبرى المفتوحة في الزمن السياسي المغربي الراهن‪ ،‬حيث أجمعت جل مكونات المجتمع على‬
‫ضرورة إصالح جوهري وعميق يكون لبنة من لبنات بناء الدولة الديمقراطية على اعتبار أن هناك عالقة جدلية بين إصالح القضاء‬
‫‪ ‬والممارسة الديمقراطية‬
‫فالديمقراطية تظل بحاجة ماسة إلى قضاء مستقل قادر على مقاربة مختلف القضايا بنوع من الجرأة والنزاهة والموضوعية‪ ،‬ويظل‬
‫القضاء من جانبه بحاجة إلى شروط موضوعية وبيئية سليمة مبنية على الممارسة الديمقراطية تعزز مكانته وتسمح له بتحقيق‬
‫‪. ‬العدالة المنشودة بين جميع المواطنين‬
‫كما أن إصالح القضاء يعد رافدا من روافد خلق تنمية مجتمعية في كافة المجاالت‪ ،‬وخاصة زرع الثقة لدى االستثمار األجنبي •‬
‫والداخلي للحفاظ على حقوق األجانب والمواطنين وتثبيت األمن واالستقرار؛ إذ أن المحاكمة العادلة تعتبر مطلبا حقوقيا وسياسيا‬
‫‪. ‬بامتياز‬
‫وبما أن العدالة القضائية ترتبط بشكل وثيق بالديمقراطية والمجتمع والتنمية‪ ،‬فإن إصالحه يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية قوية •‬
‫‪ ‬لمواجهة اإلكراهات واإلختالالت الناجمة عن تراكمات الماضي إلعادة الثقة للمواطن في المنظومة القضائية‬
‫وانطالقا من كون إصالح القضاء شأن وطني ال يمكن النهوض به إال بتكاثف وتكامل جهود جميع أعضاء أسرة العدالة وفي •‬
‫مقدمتهم القضاة والمحامون‪ ،‬تؤطرهم فلسفة وثقافة التشارك والمواطنة‪ ،‬وأن أي إصالح حقيقي يجب أن تساهم فيه جميع الفئات‪،‬‬
‫‪ ‬بدءا بالمتقاضي نفسه إلى مختلف مساعدي العدالة‬
‫‪ ‬المقترحات‬
‫تدعيم استقالل القضاء بما يستجيب لمقاصد التوجهات الملكية في هذا الشأن خاصة من خالل توضيح مهام المجلس األعلى للقضاء‬
‫‪ ‬باعتباره الضامن الستقالل السلطة القضائية‬
‫‪ ‬وضع معايير موضوعية وشفافة مبنية على الكفاءة والنزاهة لالختيارات والتعيينات واالنتقاالت واإلعفاءات القضائية‬
‫تدعيم استقالل جهاز النيابة العامة عن وزير العدل ‪،‬موازنة السلطات الواسعة للنيابة العامة باستقالل اقوى لقضاة التحقيق‬
‫‪ ‬وضمانات اقوى لحقوق الدفاع‬
‫‪ . ‬ضمان نظام تأديبي قضائي يتوخى استقاللية العدالة وضرورة المساءلة‬
‫‪: ‬تعزيز النزاهة في االدارة القضائية من خالل‬
‫‪ ‬توفير قواعد الزامية لتجنب تضارب المصالح بين القضاة والمتقاضين‬
‫‪ ‬التحيين المستمر لمقتضيات مدونة اخالقيات القضاة‬
‫‪ . ‬وضع اليات خاصة بتخليق المهن المساعدة للقضاء‬
‫‪ : ‬تدعيم شفافية العمل القضائي بالعمل على النشر المنتظم‬
‫‪ ‬تقارير سنوية لتقييم اداء القضاة‬
‫‪ ‬تقارير سنوية ألداء وزارة العدل‬
‫‪ ‬االحكام النهائية الصادرة‬
‫‪ ‬تمكين المتقاضين من الحصول على المعلومات المتعلقة بالقوانين والمساطر القضائية واألحكام‬
‫‪ ‬اشهار العقوبات التأديبية المقررة في حق القضاة ومساعدين القضائيين‬
‫‪ . ‬بلورة االجتهادات القضائية في مجال محاربة الرشوة وترجمتها الى قواعد قانونية‬
‫‪ ‬الرفع من كفاءة الجهاز القضائي بالعمل على إعطاء مكانة خاصة لتأهيل الكفاءات البشرية في هذا القطاع‬
‫مراجعة نظام المعهد العالي للقضاء في افق ضمان استقالليه وتفتحه على مواكبة التطورات‬
‫‪ ‬االستغالل االمثل إلمكانيات تكنولوجيا االعالم واالتصال لتحديث التسيير واليات العمل لدى القضاة‬
‫‪ : ‬ضمان فعالية الجهاز القضائي من خالل‬
‫‪ ‬وضع اليات ومعايير لمراقبة االحكام وتقييم جودتها‬
‫‪ : ‬تحسين اداء الجهاز القضائي عبر _‬
‫اعتماد سقف زمني معقول للبت في القضايا المعروضة امام المحاكم مع مراعاة ضمان حسن سير العدالة وجودة االحكام والتحكم _‬
‫‪ ‬في التكاليف‬
‫‪ ‬اعتماد نظام لتوزيع القضايا مبني على معايير واضحة وموضوعية وعادلة وعلى مراعاة االختصاص _‬
‫‪ ‬وضع اليات قانونية وعملية لتسهيل الولوج الى القضاء _‬
‫‪ : ‬تقوية فعالية مسطرة التنفيذ من خالل‬
‫‪ ‬مراجعة النظام القانوني للتنفيذ الجبري لألحكام _‬
‫‪ ‬العمل على ازالة العقبات القانونية والمادية الحائلة دون تنفيذ خصوصا ضد االدارة _‬
‫‪ ‬التوصيات‬
‫وبالرغم مما يعانيه هذا الحقل الشامل من اختالالت جوهرية سواء في مكوناته أو أجهزته وبنياته التنظيمية‪ ،‬يمكن تقديم مجموعة‬
‫‪ : ‬من التوصيات تهم جميع الفاعلين‬
‫يتعين توضيح مهام المجلس األعلى للقضاء ( بالدستور ثم بالتفصيل في القانون التنظيمي ) باعتباره ممثل دستوري والضامن‬
‫‪: ‬لالستقالل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬ويمكن أن تشمل هذه المهام‬
‫‪ ‬تتبع الحياة المهنية للقضاة منذ تعيينهم إلى تقاعدهم ؛ ‪‬‬
‫‪ ‬تتبع سير المحاكم على مستوى ضوابط توزيع المسؤوليات والقضايا والمهام ‪.3‬القضائية والتدبيرية للمحاكم ؛ ‪‬‬
‫‪ ‬تتبع التكوين ؛ ‪‬‬
‫‪ . ‬السهر على التقيد بأخالقيات المهنة وإقرار جزاءات على اإلخالل بها ‪‬‬
‫تعديل قانون ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1974‬المتعلق بالنظام األساسي لرجال القضاء بواسطة قانون تنظيمي‪ ،‬حيث يجب على المجلس األعلى ‪‬‬
‫‪. ‬للقضاء أن يسهر على تعيين القضاة وتكوينهم ونقلهم وتأديبهم وتقاعدهم‬
‫النص في القانون التنظيمي على مقتضيات تدعم استقالل جهاز النيابة العامة عن وزير العدل‪ .‬وضع معايير موضوعية مبنية ‪‬‬
‫‪ ‬على التجربة والكفاءة والنزاهة كأساس لترقية وتعيين القضاة في مناصب المسؤولية‬
‫‪. ‬الحق في تكوين نقابات أو جمعيات مهنية للدفاع عن مصالحهم وتشجيع تكوينهم المهني وحماية استقالل القضاء ‪‬‬
‫‪. ‬الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع مع مراعاة الحفاظ على كرامة مهنتهم ونزاهة واستقالل القضاء ‪‬‬
‫الرفع من عدد المحاكم االبتدائية واإلستئنافية والتجارية واإلدارية‪ ،‬حتى يمكن التخفيف على المحاكم الحالية‪ ،‬وتعميمها في جل ‪‬‬
‫‪. ‬المناطق المغربية‪ ،‬وما تعانيه من قلة اإلمكانات البشرية والمادية المتاحة‪ ،‬حتى يخفف في القضايا وبطء البث فيها‬
‫‪. ‬إحداث مصلحة لالستقبال واإلرشاد في مدخل كل محكمة تكون مجهزة تساعد على تزويد المتقاضي بالمعلومة ‪‬‬
‫‪. ‬العناية بأرشيف المحاكم وتكوين أرشيف إليكتروني حماية للحقوق ولتراث القضاء ‪‬‬
‫وضع قواعد وآليات تمنع أي تأثير للرئيس األول أو لرئيس المحكمة االبتدائية على أحكام القضاة التابعين لنفوذه بحيث تقتصر ‪‬‬
‫‪. ‬سلطته إزائهم على تدبير الناحية اإلدارية والسهر على حسن سيرها‬
‫مراجعة القانون ‪ 17‬شتنبر ‪ 2003‬المتعلق بالمعهد للقضاء قصد دعم استقالله عن وزير العدل بإشراك الفاعلين األساسيين في ‪‬‬
‫‪. ‬المسلسل القضائي ( المجلس األعلى للقضاء‪ ،‬هيئات المحامين‪ ،‬منظمات حقوق اإلنسان‪). . ،‬‬
‫‪. ‬وضع تكوينات متخصصة بالمعهد العالي للقضاء مكملة للتكوين األساسي العام لجميع مساعدي القضاء ‪‬‬
‫تمكين القضاة من الوسائل المادية والبشرية الضرورية الكفيلة بتسريع صدور األحكام‪ ،‬وضمان فعاليتها‪ ،‬والتدريب على ‪‬‬
‫‪. ‬المعلوميات‬
‫‪. ‬الرفع من عدد المفوضين القضائيين بحسب إحتياجات المحاكم ‪‬‬
‫إخضاع مهنة المفوض القضائي لهيأة تنظيمية تتوفر على سلطة التأطير والتأديب والتأهيل على ضوء مدونة أخالقيات تصاحبه ‪‬‬
‫‪. ‬وتضبط تحسن أدائه‬
‫‪. ‬العمل على إخراج مشروع القانون المتعلق بتنفيذ األحكام القضائية في مواجهة اإلدارة داخل أجل أربعة أشهر ‪‬‬
‫‪. ‬تخليق الحياة اإلدارية والمهنية لمأموري إجراءات التنفيذ سواء كانوا موظفي المحاكم أو المفوضين القضائيين ‪‬‬
‫‪. ‬تحسين األوضاع المادية والمعنوية لموظفي كتابة الضبط ‪‬‬
‫‪. ‬تعزيز دور النقابات ‪,‬وإنشاء مبادرات مشتركة حول مناقشة مشاكل القضاء ‪‬‬
‫‪. ‬الوقاية من الرشوة والمعاقبة عليها عن طريق التوعية والمراقبة والتفتيش ‪‬‬
‫‪. ‬تشجيع تبني مختلف المهن القضائية‪ ،‬لمدونات أخالقية مرفقة بآليات وجزاءات وضمانات مالئمة لتفعيلها ‪‬‬
‫‪. ‬توعية المتقاضين وحثهم على دورهم في اإلصالح‪ ،‬وترسيخ قيم المواطنة والشفافية في مبادئهم ‪‬‬

‫إعداد‪:‬ذة الباحثة أسماء مقاس‬

‫‪Admin‬‬
‫‪Admin‬‬

‫عدد المساهمات‪2482 : ‬‬
‫تاريخ التسجيل‪05/03/2012 : ‬‬

You might also like