Professional Documents
Culture Documents
Zakat 8
Zakat 8
يل ب َو ْالغ ِ
َار ِمينَ َوفِي َسبِ ِ ين َو ْال َعا ِملِينَ َعلَ ْيهَا َو ْال ُمؤَلَّفَ ِة قُلُوبُهُ ْم َوفِي الرِّ قَا ِ
ات لِ ْلفُقَ َرا ِء َو ْال َم َسا ِك ِ
ص َدقَ ُقال تعالى« :إِنَّ َما ال َّ
ضة ِمنَ ِ َو ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم» (سورة التوبةآية .)60 هَّللا هَّللا ً يل فَ ِري َهَّللا ِ َواب ِْن ال َّسبِ ِ
1-سهم الفقراء موجه إلى فئة معدمة ذات ميل كبير لالستهالك ال تتوفر لها احتياجاتها األساسية ،فتوجه حصيلة
الزكاة لالستهالك مما يعني إيجاد طلب على سلع االستهالك ،فيزيد تبعا ً لذلك العرض ،مما يستدعي عمالة إضافية
فيتولد طلب آخر ،وهكذا تزدهر حركة النشاط االقتصادي وتدور عجلة االقتصاد بيسر وسهولة وتخرج العالم من
التضخم والكساد والبطالة ،هذا الثالثي المدمر الذي أصبح هاجس االقتصادين المعاصرين ستتم محاربته إذا آمنا
وتيقنا ووضعنا نظاما ضرائبيا مستقى من قواعد الزكاة.
2-وسهم المساكين باعتبار المسكين هو من يجد ولكن ال يجد ما يكفيه ،فنحن نساعده للوصول jإلى حد الكفاية،
وذلك بمساعدته في إيجاد عمل بتملك آلة أو دابة أو تدريب على حرفة ،وبالتالي فهو سهم موجه إلى فئة من
المجتمع لينقلها من طبقة اآلخذين إلى طبقة المزكين ،باإلضافة إلى أن الطلب المكون من هذا اإلنفاق متجه إلى
نوعية أخرى من السلع هي ليست سلعا استهالكية وإنما سلع إنتاجية ،وذلك باإلضافة إلى أثر هذه السلع في
اإلنتاج فإنه يخلق طلبا عليها يؤدي إلى ثبات أسعارها أو رواجها مما يشجع على التوسع في إنتاجها.
3-وسهم العاملين عليها فيه حكمة عظيمة ،سواء في الترتيب أو النسبة ،ففي الترتيب يرينا أن نفقة الموظفين
ليست مقدمة على نفقة المستفيدين أنفسهم ،فقدم أصحاب الحاجة من فقراء ومساكين على العاملين ،ولو أخذنا بهذا
المبدأ فق ّد منا أصحاب الحاجة من الفقراء في الضمان االجتماعي على عدد من الموظفين والجهاز اإلداري لوجهنا
الموارد المتاحة وجهة صحيحة ،ولو أخذنا نسبة % 12.5كسقف ال يجوز أن تتجاوزه نفقة الجهاز اإلداري في
أي نشاط لكان أمامنا معيار تنموي ممتاز ولما توسعت حكوماتنا في نفقات إدارية غير إنتاجية استهلكت معظم
ميزانية الدول في العصر الحديث.
4-أما سهما الغارمين وابن السبيل وهم فقراء في اللحظة التي سينطبق عليهم وصف الغارم وابن السبيل حتى
وإن كانوا أغنياء في أوطانهم أو لحظات أخرى ،فلماذا تخير الشارع الحكيم هذين الصنفين من الفقراء وجعل لكل
منهما سهما ولم يتخير مثال المريض الفقير أو األرملة الفقيرة أو غيرهما من حاالت الفقر؟
أ -أقول ،وهللا أعلم ،ألن هذين النوعين من المحتاجين في نظري يتم توجيه سهميهما بما يؤدي إلى إدارة العجلة
االقتصادية بطريقة ال تتوفر في غيرهما.
ب -ولو تصورنا وجود صندوق للغارمين يُدفَع منه لكل من تح ّمل دينا شرعيا لمصلحته أو لمصلحة عامة ،ولم
يتمكن من سداده لظروف خارجة عن إرادته فإن المنتجين في ذلك المجتمع والصانعين سيقبلون على البيع باألجل
لمن تتوفر لديه إمكانات التسديد وهم مطمئنون أنه لو تعثر في السداد ألسباب خارجة عن إرادته فإن صندوق
الغارمين سيدفع عنه.
ج -والتوسع في االتجار لبيع المنتجات يخلق طلبا يؤدي إلى زيادة في العمالة لمواجهة الزيادة في الفرص
المطلوبة ،وذلك سينتج عنه تقليل للبطالة وأجور تدفع للعمالة تخلق طلبا جديدا.
د -وبذلك تدور العجلة بين زيادة في الطلب وزيادة في العرض تؤدي لزيادة في فرص العمل ،وفي ذلك أيضا ً
اطمئنان للصناعة الوطنية لو باعت لخارج الوطن ،ومن مثل هذا الصندوق أو على غراره أنشئت صناديق
لتشجيع الصادرات.
5-ومثله سهم ابن السبيل ،فلو تخيلنا مدينتين تشابهت ظروفهما في كل شيء وكان بإحداهما صندوق البن السبيل
وأراد سائح أو طالب علم أو استشفاء أن يسافر وعلم بوجود الصندوق أال يفضل الذهاب إلى تلك المدينة كتأمين
له في حالة االنقطاع أو السرقة؟ وذلك سيؤدي إلى زيادة الزائرين للمدينة ،فيزيد الطلب على سلعها وتتكرر نفس
الدورة السابقة.
وهكذا نجد أن هذين السهمين مع سهمي الفقراء والمساكين موجهة لذوي حاجة صحيح ،ولكن ذلك يخلق طلبا على
سلع وخدمات مختلفة تؤدي إلى زيادة حجم الطلب الكلي ،وبالتالي يزيد العرض فتزيد فرص العمل فتمنح أجور
وهكذا تدور عجلة االقتصاد دون توقف ،بإذن ربها ،ألن التوازن الذي جعل بين المصارف الثمانية توازن رباني
وليس تفكير بشر خاضعا للتبدل والتحول.
6-وسهم المؤلفة قلوبهم سيؤدي إلى األمان االجتماعي باستقطاب من يُخشى ضررهم أو يُرجى نفعهم لمجتمع
المسلمين فيتفرغ المجتمع بسالم للتنمية.
ولنا أن نتخيل لو وجه ثُمن دخل الزكاة إلى اإلعالم المعادي وإلى رجال الكونجرس أو أمثالهم في محاولة لجلب
نفعهم ودرء ضررهم فكيف يكون حال مجتمعنا.
- 7وفى الرقاب ،هل تظن أن هللا فرضها ثمانية مصارف وأنها ستصبح خمسة أو ستة؟ ستظل ثمانية إلى أن
يرث هللا األرض ومن عليها ،ولكن علينا أن نمعن النظر ونجهد الفكر ،أين هي الرقاب ...؟
كذلك الشعوب المسلمة المأسورة بديونها ألمم أخرى ،لماذا ال نحاول فك أسرها عن طريق هذا المصرف؟
إن اقتصار مفهوم الرقاب على عتق العبيد والجواري ،مفهوم خاطئ لغة وشرعا ،فالعرب حين يقع أحدهم في
مشكلة عويصة يتوجه إلى القادر على حلها سائال إياه ..اعتق رقبتي أو (فك رقبتي) أي خلصني من هذه
المصيبة.
– 8أما سهم في سبيل هللا فهو أوسع من أن نحصره في مفهوم الحرب أو الجهاد ،فالسبيل هو الطريق وكل طريق
يوصل إلى رضاء هللا فهو في سبيله.
إعمار األرض يأتي التزاما بأمر هللا وإلرضائه إذن فهو سبيله.
وبهذا يكون مصرفا في سبيل هللا شامال لجميع وجوه وطرق الخير الموصلة إلى طريق البر ،وذلك يشمل أشياء
عديدة تختلف من زمن آلخر ومن قطر آلخر ،ويكون سبيل هللا هو كل ما يحفظ لألمة اإلسالمية مكانتها المادية
والروحية ،ويشمل الدعوة بمعناها العريض.
اط ْال َخي ِْل تُرْ ِهبُونَ بِ ِه َع ُد َّو هَّللا ِ َو َع ُد َّو ُك ْم»
إن في سبيل هللا مقرونة باآلية « َوأَ ِع ُّدوا لَهُ ْم َما ا ْستَطَ ْعتُ ْم ِم ْن قُ َّو ٍة َو ِم ْن ِربَ ِ
باإلضافة إلى ما يفهم منها تقليديا فإن تعبير القوة تعبير متسع شامل يستوعب القوة التقنية واألبحاث والتطوير
وإعداد القيادات وتحسين مخرجات التعليم.
تساؤالت jحول اآلثار االقتصادية واالجتماعية للزكاة-:
1-إذا كان المقصود من آية الصدقات هو توزيع الزكاة على المصارف الثمانية جميعها ،فهل توزع الزكاة عليها
بالتساوي أم يمكن أن تختلف نسبتها؟
-وإذا كان من الجائز اختالف نسبتها ،فما هو معيار ذلك االختالف ،وعلى أي أساس يمكن تمييز مصرف على
آخر؟
-ومن الذي من صالحياته أن يقرر ذلك التمييز ،أهو من استحقت عليه الزكاة ،أم الحاكم؟
2-هل يوجد معيار واضح وثابت للتفرقة بين الفقراء والمساكين الذين يخص كل منهما سهم من ثمانية أسهم من
أموال الزكاة؟ ذلك أن بعض الفقهاء يجمعون بين الفقراء والمساكين من حيث الحاجة والفاقة ومن حيث استحقاقهم
الزكاة ..فإن المساكين -وهم قسم من الفقراء -لهم وصف خاص بهم ،وهذا كاف للمغايرة.
كذلك فإن فقهاء آخرين يقولون «إن الفقراء ،وهم الذين ال يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم بكسب وال غيره.
والمساكين وهم الذين يجدون ذلك وال يجدون تمام الكفاية» ويضيفون« jفأما الفقراء والمساكين فهما صنفان
وكالهما يأخذ لمؤونة نفسه ،والفقراء أشد حاجة ،ألن هللا سبحانه بدأ بهم ،والعرب إنما تبدأ باألهم فاألهم ،وألن هللا
سبحانه قال« :أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر» ،فأخبر أن لهم سفينة يعملون بها ،وألن النبي ،صلى
هللا عليه وسلم ،استعاذ من الفقر وقال فيما رواه الترمذي( :اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة
المساكين) فدل على أن الفقراء أشد .فالفقير من ليس له ما يقع موقعا من كفاية من كسب وال غيره ،والمسكين
الذي له ذلك ،فيعطى كل واحد منهما ما تتم به كفايته».
وعلى ذلك فهناك فرق واضح بين الفئتين ،غير أنه ليس من اليسير أن يستدل مؤتي الزكاة على كل منهما.
أال يوجد سبيل لهذا االستدالل بحيث ال يحدث اللبس بين الفئتين؟
3-هل يمكن تطبيق سهم المؤلفة قلوبهم -في وقتنا الحاضر -على رجال اإلعالم ورجال الفكر واألدب واألجانب
وغيرهم من ذوي النفوذ لنجعلهم حياديين تجاه اإلسالم ،فال يهاجمونه أو يتهجمون عليه؟
4-في عصر بطل فيه السفر مشيا أو على ظهر مطيّة ،أال يمكن االجتهاد في وضع تعريف البن السبيل؟
-وهل يمكن اعتبار المسافر للحج وفقد أمواله ،ممن ينطبق عليه سهم ابن السبيل؟
-وهل يمكن النظر إلى السائح وكأنه ابن السبيل؟
-وهل يمكن تحويل مصرف «ابن السبيل» إلى وزارة المواصالت لتمهد الطرق وترشد المسافرين؟
هذه بعض تساؤالتي حول الزكاة .وفي العدد القادم ،إن شاء هللا ،أواصل الحديث عن الزكاة وأطرح بعض
التساؤالت.
أضف تعليقا ً