Professional Documents
Culture Documents
Rawdah 1
Rawdah 1
روضة الطالبين
محيى الدين النووي
][1
روضة الط البين لالم ام أبي زكريا يح يى بن ش رف الن ووي الدمش قي
المتوفى س نة 676ومعه المنه اج الس وي في ترجمة االم ام الن ووي منتقى
الينب وع فيما زاد على الروضة من الف روع للحافظ جالل ال دين الس يوطي
تحقيق الشيخ ع ادل .أحمد عبد الموج ود الش يخ على محمد مع رض الج زء
االول دار الكتب العلمية بيروت -لبنان
][2
جميع الحقوق محفوظة ال دار الكتب العلمية ب يروت -لبن ان يطلب من :دار
الكتب العلمية بيروت -لبنان ص رب 11 / 9424 :تلكس 41245 :ه ائف:
810073 - 366135
][3
بسم هللا الرحمن الرحيم إن الحمد هللا نحمده ونستعينه ونستغفره ونع وذ باهلل
من ش رور أنفس نا من يهد هللا فال مضل ل ه ،ومن يض لل فال ه ادي ل ه،
وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورس وله.
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا حق تقاته وال تم وتن إال وأنتم مس لمون) * (
( * )1يا أيها ال ذين اتق وا ربكم ال ذي خلقكم من نفس واح دة وخلق منها
زوجه ا ،وبث منهما رج اال كث يرا ونس اء .واتق وا هللا ال ذي تس اءلون به
واالرحام ،أن هللا كان عليكم رقيبا) * (( * .)2يا الذين آمنوا اتق وا هللا ق وال
س ديدا .يص لح لكم أعم الكم ،ويغفر لكم ذن وبكم ،ومن يطع هللا ورس وله فقد
ف از ف وزا علظيم ا) * ( )3أما بع د :فنس تهل تق دمتنا على روضة الط البين
ببيان فضل العلم وأهله وشروط تعلمه فنقول وهللا الحمد والمن ة .اعلم ه دانا
هللا وإياك إلى سبيل والرشاد ورزقنا الحرص على تحصيل مرض اته فال بد
للعبد ح تى يس تقيم مع منهج هللا س بحانه وتع الى من أربعة أش ياء :العلم
والعمل واالخالص والخوف -فمن لم يعلم فهو أعمى ومن لم يعمل بما
][4
علم فهو محجوب ومن لم يخلص العمل فهو مغب ون ومن لم يالزم الخ وف
فهو مغرور كما هو معلوم ومشهور .فأما فض ائل العلم وأهله ف أكثر من أن
تحصى وأعظم من أن تستقصى من اآلي ات واالح اديث النبوية والنت برك
بذكر شئ منها .فأما الكتاب .قال هللا تعالى( * :قل هل يستوي الذين يعلم ون
والذين ال يعلمون) * ( )1وقال تعالى( * :يرفع هللا الذين آمنوا منكم وال ذين
أوت وا العلم درج ات) * ( )2وق ال تع الى( * :ش هد هللا أنه ال إله إال هو
والمالئكة وأولو العلم قائما بالقس ط) * ( )3ب دأ هللا س بحانه وتع الى بنفسه
وثنى بالمالئكة وثلث بالعلماء دون سائر خلقه فيكون من عداهم دونهم وهو
المطل وب .وق ال تع الى( * :وأن زل هللا عليك الكت اب والحكمة وعلمك ما لم
تكن تعلم وك ان فضل هللا عليك عظيم ا) * ( )4وع ادة الع رب في س ياق
االمتنان تأخير االفضل وتقديم المفض ول على االفضل فتك ون موهبته عليه
الس الم من العلم أفضل من موهبته من االن زال المتض من للبن وة والرس الة
وهذا أشرف .وقال تعالى حكاية عن سليمان عليه السالم في أمر الهده د* :
(العذبنه عذابا شديدا) * فلما جاء الهدهد قال( * :أحطت بما لم تحط ب ه) *
( )5اشتدت نفسه واس تعلت بما عليه على س يد أهل الزم ان ورس ول الملك
الديان مع عظم ملكه وهيبة مجلسه وعلم الهدهد بحقارة نفسه .فلوال أن العلم
يرفع من
][5
الثرى إلى الثريا لما علظم الهدهد بعد أن كان نسيا منسيا .فال جرم أب دل له
العقوبة االكرام النفيس وأسبع عليه خلع الرسالة إلى بلقيس .وق ال تع الى* :
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ج زاؤهم عند ربهم
جن ات ع دن تج ري عن تحتها االنه ار خال دين فيها أب دا رضي هللا عنهم
ورض وا عنه ذلك لمن خشي رب ه) * ( )1فنق ول إن خ ير البرية من يخشى
هللا وكل من يخشى هللا تع الى فهو ع الم فخ ير البرية ع الم ف أثبت الخش ية
لخ ير البرية وهو المطل وب .وق ال هللا تع الى( * :إنما يخشى هللا من عب ادة
العلماء) ( .)2أضاف الخشية إلى كل عالم على وجه الحصر فيكون كل من
يخشى هللا تعالى فهو عالم وهو المطلوب .وأما الس نة - :فعن معاوية رضي
هللا عنه قال :رسول صلى هللا عليه وآله من يرد هللا به خيرا يفقهه في الدين
وإنما أنا قاسم وهللا يعطي وال تزال من أمتي أمة قائمة بأمر هللا ال يض رهم
من خذلهم وال من خالفهم حتى يأتي أمر هللا وهم على ذلك ( )3والقاعدة أن
المبت دأ مخص ور في الخ ير والش رط اللغ وي محص ور في مش روطه النه
سبب فيكون المراد :الخير محصور في المتفقة فمن ليس بمتفقه ال خير فيه.
وعن أبي هريرة رضي هللا عنه :من س لك طريقا يلتمس فيه علما س هل هللا
له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في مسجد من مساجد هللا يتلون كتاب
هللا ويتدارسونه بينهم إال نزلت عليهم الس كينة وغش يتهم الرحمة وخفت بهم
المالئكة وذكر هم هللا فيمن عنده ()4
][6
فالريق الذي يسلك به فيها إلى الجنة فمعناه أن هذه الحالة سبب موصل إلى
الجنة .وعن أبي الدرداء -رضي هللا عنه -ق ال :ق ال رس وله هللا ص لى هللا
عليه واله من س لك طريقا يطلب فيه علما س لك هللا به طريقا من ط رق
الجنة وإن المالئكة لتضع أجنحتها رضا جوف الم اء وإن فضل الع الم على
العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة االنبي اء
وإن االنبي اء لم يورث وا دين ارا وال درهما وإنما ورث وا العلم فمن أخ ذه أخذ
بحظ وافر ( )1وأما وضع المالئكة أجنحتها فقيل تكف عن الط يران لتجلس
فتس مع منه وقيل تكف عن الط يران توق يرا له وقيل س تكف عن الط يران
لتبسط أجنحتها له بال دعاء ولو لم تعلم المالئكة أن منزلته عند هللا تس تحق
ذلك له فعلت ه .وأما اس تغفار هم فهو طلب ودع اء له ب المغفرة ظنك ب دعاء
قوم ال يعص ون هللا ما أمر هم ويفعل ون بالب در ففيه أم ور :منه ا :أن الع الم
يكمل بقدر اتباعه للنبي ص لى هللا عليه واله الن الن بي ص لى هللا عليه واله
هو الشمس لقوله تعالى( * :إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعي ان إلى
هللا بإذنه وسراجا من يرا) * ( .)2والس راج الش مس لقوله تع الى( * :وجعلنا
سراجا وهاجا) * ( )3ولما كان القمر يستفيد من الش مس وكلما ك ثر توجهه
إليها كثر ضوءه حتى يصير بدرا
][7
فكذلك العالم كلما كثر توجهه للن بي ص لى هللا عليه واله وإقباله عليه ت وفر
كماله .ومنها :أن العالم إذا أع رض عن فهم الن بي ص لى هللا عليه وآله فسد
حاله كما أن القمر إذا حيل بينه وبين الشمس كسف .ومنه ا :ان الك وكب مع
الب در ك المطموس ال ذي ال أثر له وض وء الب در عظيم المنفعة منتشر
االضواء منبعث االشعة في االقطار برا وبحرا وه ذا هو ش أن الع الم ،وأما
العابد فكالكوب حينئذ ال يتعدى ن وره محله وال يصل نفعه إلى غ يره .وعن
أبي أمامة الباهلي قال :ذكر لرسول هللا صلى هللا عليه وآله رجالن أح دهما
عابد واآلخر ع الم فق ال رس ول هللا ص لى هللا عليه وال ه :إن هللا ومالئكة
وأهل الس موات واالرض ح تى النملة في حجرها وح تى الح وت ليص لون
على معلم الناس الخير ( )1وهذا الحديث أبلغ من الحديث السابق فإن فضله
عليه الس الم على أدنا هم أعظم من فضل القمر على الك واكب أض عافا
مض اعفة .أوال :إن العلم معت بر في االلهية وكفى ب ذلك ش رفا عند كل عاقل
على العبادات وغيرها .ثانيا :إن كل خير مكتسب في العالم بسبب العلم وكل
شريكتسب في الع الم فهو بس بب الجه ل .ثالث ا :إن هللا تع الى لما أراد بي ان
فضل آدم على المالئكة وإقامة الحجة عليهم علمه أس ماء االش ياء كلها ثم
سألهم فلم يعلموا وسأله فعلم فاعترفوا حينئذ بقضيلة وأمرهم بالسجود له في
لعنته وه ذا ح ال العلم بأس ماء االش ياء أو عالمتها على الخالف في من هللا
تعالى بقبيح لعنته وهذا ح ال العلم بأس ماء أو عالمتها على الخالف في ذلك
فكيف العلم بحدود الدين وما يتوصل به إلى رب الع المين .ف إن الع الم ينقل
عن الحق للخلق فيقول :إن هللا تعالى حرم عليكم كذا
][8
وأوجب عليكم ك ذا وأذن لكم في ك ذا فهو الق ائم ب أمر هللا تع الى في خلقه
وموصله إلى مستحقه والدافع عن تحريف المحرفين وتبديل المب دلين وش به
المبطلين .وكفى ب ذلك ش هيدا على فضل العلم والعلم اء .ش روط تعلمه فأما
عن شروط تعلم العلوم وتعليمها فكثيرة :أحد ها :أن يقصد بها ما وضع ذلك
العلم له فال يقصد غ ير ذلك كاكتس اب م ال أوج اه أو مغالبة خصم أو
مكابرة .ثانيا :أن يقصد العلم ال ذي تقبله طباعه إذ ليس كل أحد يص لح لتعلم
العل وم وال كل من يص لح لتعلمها يص لح لجميعها لجميعها بل كل ميسر لما
خلق ل ه .ثالث ا :أن يعلم غاية العلم ليك ون على ثقة من أم ره .رابع ا :أن
يستوعب ذلك العلم من أوله إلى آخره تص ورا وتص ديقا .خامس ا :أن يقصد
فيها الكتب الجيدة المستوعبة لجميع مسائل العلم .سادسا :أن يقرأ على ش يخ
مرشد وأم نى ناصح وال يس تبد بنفسه وذكائ ه .وهللا در القائ ل - :من يأخذ
العلم عن شيخ مش افهة * يكن عن الزيغ والتحريف في ح رم من يكن آخ ذا
للعلم عن ص حت * فعلمه عند أهل العلم كالع دم وق ال آخ ر :أم دعيا علما
وليس بق اري * كتابا على ش يخ به يس هل الح زن أت زعم أن ال ذين يوضح
مشكال * بال مخبر تاهلل قد كذب الذهن وإن ابتغ اء العلم دون معلم * كموقد
مصباح وليس له دهن سابعها :أن يذاكر االقران واالنظ ار طالبا للتحقيق ال
.المغالبة بل للمعاونة على الفائدة بل لالستفادة
][9
ثامنا :أنه إذا علم ذلك العلم ال يض يعه بإهماله وال يمنعه مس تحقه وال يؤتيه
غير مستحقه .تاسعا :أن ال يعتقد في علم أنه حصل مق دارا ال تمكنه الزي ادة
عليه ف ذلك نقص وحرم ان .عاش را :أن يعلم أن لكل علم ح دا فال يتج اوزه
وال ينقص عن ه .وبه ذا يتضح لنا أن العلم حي اة للقل وب وبه يع رف الحالل
والح رام فمن تحلى به فقد س اد .الفقه وتط وره إن المقصد االس نى من علم
الفقه تطبيق االحكام الش رعية على أفع ال الن اس وأق والهم فالفقه هو مرجع
القاضي في قض ائه والمف تي في فت واه ومرجع لكل مكلف لمعرفة الحكم
الشرعي فيما يصدر عنه من أقوال وأفعال وهذه الغاية منه .فيطلن الفقه في
اللغة على الفهم مطلقا سواء كان المفهوم دقيقا أم غيره وس واء ك ان غرضا
لمتكلم أم غ يره ( .)1وفي االص طالح :هو العلم باالحك ام الش رعية العملية
من أدلتها التفصيلية ( .)2وقيل الفقه علم مس تنبط يع رف منه أحك ام ال دين.
وقال النس في :الفقه هو الوق وف على المع نى الخفي ال ذي يحت اج في حكمه
إلى النظر واالستدالل .يق ول ابن خل دون ( )3رحمه هللا .الفقه معرفة أحك ام
هللا تعالى في أفع ال المكلفين ب الوجوب والحظر والن دب والكراهة واالباحة
وهي متلق اة من الكت اب والس نة وما نصه الش ارع لمعرفته من االدلة ف إذا
.استخرجت االحكام من تلك االدلة قيل لها فقه
] [ 10
ومن تتبع تاريخ النظم والش رائع يس تبين أن أي نظ ام في الحي اة منذ ب دأت
وكان لها تاريخ لم يقم طفرة ولم يتك ون جملة على نحو متماسك بل البد أن
يمر بجميع االدوار ال تي يمر بها كل ك ائن ذي حي اة ح تى يصل إلى غايته
من النضج وهكذا ش أن تحت ظل قواعد كلية وأص ول عامة ب وحي من هللا
تعالى وتلك القواعد واالصول قد الحتواها القرآن الكريم وسنة وسوله صلى
هللا عليه وآله التشريعية قوال وعمال و تقريرا .ثم ج اء دور البن اء على تلك
االصول واالسس ثم جاء دور النضج واستكمال مقوماته واالرتف اع به على
يد طائفة من االئفة المجته دين المخلص ين ال ذين ك ان لهم ص دق في الق ول
والفعل فوص لوا به إلى غايت ه .وتنحصر ه ذه االدوار فيما ي أتي - :أوال:
التشريع في عهد النبي الخاتم صلى هللا عليه وآله لقد جاء االس الم إلى كافة
لكنه بدأ بإصالح شأن الع رب ال ذين اخت ارهم .هللا لنص رة دينه ودع اء إليه
وك ان ح ال الع رب آن ذاك قائما على الوثنية في ال دين والفوضى في نظ ان
المجتمع فك ان البد من خالص هم من ه ذه الفوضى واستخالص هم لنص رة
س بحانه وتع الى وي وجهم نحو إخالص العب ادة له تع الى ويمحو من بينهم
العادات المستخبثة ويطبعهم على غرار حسن من االخالق الفاض لة والنوايا
الكريمة ،وبأن يصح لهم نظاما حكما يتناول كل شؤونهم ليسيروا على هدية
في ن واحي الحي اة المختلفة ولقد اتجه االس الم في أول أم ره إلى إص الح
القيده فإنها القاع دة ال تي ب نى عليها ما ع داه ح تى إذا تم له الغ رض االول
أخذ فيما يليه من وضع نظم الحياة فشرع لهم االحكام التي تتن اول ش ؤونهم
وتفصل بحي اة الف رد والجماعة في كل ناحية من نواحيها في العب ادات
والمع امالت والجه اد والجناي ات والم واريث والوص ايا وال زواج والطالق
وااليم ان الن ذور والقض اء ومتعلقاته وكل مس ائل الفقة االس المي .وطريقة
التشريع في هذا العصر كانت سائرة على نهج واحد الن السلطة التش ريعية
كانت للن بي ص لى هللا عليه وآله وح ده دون أن يت دخل فيها أحد س واه وأن
المرجع االساسي له ص لى هللا عليه وآله ك ان ال وحي بقس ميه المتلو وهو
.القرآن وغيره المتلو وغير المتلو وهو السنة
] [ 11
ق ال هللا تع الى * (وما ينطق عن اله وى طن هو إال وحى ي وحى) * .فلم
يكن ثمة خالف الن المصدر االلهي قد أفاض بالنور على االمة البشرية .ثم
يأتي الدور الثاني وهو بعد التقاء النبي ص لى هللا عليه وآله ب الرفيق االعلى
وهو ما يسمى عند البحاحثين بالتشريع في عهد الخلفاء الراشدين فلما ت وفى
الحيبب س يدنا رس ول هللا ص لى هللا عليه وآله تاركا وراءه أص حابه رضي
هللا عنهم ال ذين رأوه وحفظ وا كالمه وش اهدوا أفعاله فلم ي ترك لهم فقها
مدونا إنما ترك لهم جملة من االصول والتش ريعات كت اب هللا تع الى وس نة
رسوله صلى هللا عليه وآله سواء كانت أق وال أو أفع ال أو تقري رات وك ان
ه ذا كفاية لهم في ش ؤونهم آن ذاك ولكن لما اس تعت رقعة االس الم وامتد
سلطانه إلى أمم إلى تنظيم ذلك وتقعيده سواء في هذا أم ور ال دين أو أم ور
الدنيا فبدأ الفقه حينئذ يتطور وأخذ يخطو الصحابة لالحكام في ذلك العصر.
قال :كان أبو بكر رضي هللا عنه إذا ورد عليه الخص وم نظر في كت اب هللا
ف إن وجد فيه ما يقضي به بينهم قضى وإن لم يجد في الكت اب وعلم من
رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم س نة قضى بها ف إن أعي اه خ رج فس أل
المس لمين أت اني ك ذا وك ذا فهل علمتم أن رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم
قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر فيه عن رسول هللا
صلى عليه وسلم فضاء فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول هللا ص لى هللا
عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستش ار هم ف إن أجمع رأيهم على
شئ قضى ب ه .وك ان أص حاب الن بي ص لى هللا عليه وس لم على ذلك فك ان
اعتماد هم في فت اوا هم على الكت اب والس نة واالجم اع والقي اس ( .)1وبعد
عصر الخلفاء الراش دين وكب ار أص حاب س يدنا رس ول هللا ص لى هللا عليه
وسلم إلى أوائل القرن الثاني من هجرة سيد االن ام س يدنا رس ول هللا ص لى
.هللا عليه وسلم
] [ 12
وكان التشريع في هذا الدور يسير على سنن ماكان عليه في ال دور الس ابق
من حيث االعتماد على الكتاب والسنة واالجماع والقياس ويض اف إلى ذلك
فتاوى أصحاب الصدر االولى فالخطة التشريعية في هذا العصر هي بعينها
في العصر االول غير أن مبدأ الشورى لم يعدله من المنزلة وما كان له في
العصر السابق الحتالف المسلمين وتفرقهم بعد مقتل عثم ان رضي هللا عنه
وانقسموا بسبب ذلك إلى خوارج وشيعة وأهل السنة والجماعة وهو جمهور
االمة وانتج هذا الخالف تشعب الخالفات الفقهية وظه ور الم دارس الكث يرة
وانقس ام العلم اء في ذلك العصر إلى أهل ح ديث وأهل رأي ولكل منهما
مدرس ته إلى الخاصة ال تي أنش أها وك ان لها دور كب ير في نش أة الفقه
االسالمي وتطوره ثم بدأ الفقه إلى نمو آخر في أول القرن الثاني من هجرة
سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وينتهي في منتصف الق رن الرابع من
الهجرة وه ذا العصر كما يق ول عنه الب احثون هو العصر ال ذهبي للتش ريع
االسالمي فقد نضج وأثمر ثروة تش ريعية أغنت الدولة االس المية ب القوانين
واالحك ام على س عة أرجائها وإختالف ش ؤونها وتع دد مص الحها واتجه
المس لمون في ه ذا العصر إلى ما لم يتسع له زمن أس الفهم ولم تتهيأ لهم
أسبابه فأفرغوا كثيرا من جهود هم في التدوين والتص نيف وتنظيم المس ائل
وفي تتهيأ لهم أس بابه ف أفرغوا كث يرا من جه ودهم في الت دوين والتص نيف
وتنظيم المس ائل وفي ه ذا العهد نشأ أعالم الهم م واهبهم واس تعداداتهم
وساعدتهم البيئة التي عاشوا فيها على استثمار هذه الم واهب واالس تعدادات
فتكونت الملكات التشريعية لكثير من أفذاذ هم أمثال أبي حنيفة ومالك وبهذا
فقد تضخم الفقه االسالمي ونما وعال وأصبح شامال لما تجدد مع الحض ارة
الحديثة من الوق ائع ومقتض يات العم ران .في ذكر شئ من كتب الم ذهب
وبيان المعتمد منها اعلم أن كتب االمام الشافعي رحمه هللا تعالى صنفها في
صنفها في الفقه أربعة :االم -االمالء -البويطي ومختصر المزيمي .هذا في
الجديد وأما القديم فاالمالي ومجمع الكافي وعيون المس ائل والبجر المحي ط.
فاختصر االربعة االولى المتحدثة بلس ان الجديد من م ذهب االم ام الش افعي
إمام
] [ 13
الح رمين في كتابه النهاية وقيل غ ير ذلك واختصر الغ زالي رحمه هللا
النهاية إلى البس يط ثم اختصر البس يط إلى الوس يط وهو إلى الوج بز ثم
اختصر الوج يز إلى الخالصة واختصر المص نف رحمه هللا المح رر
للرافعي إلى المنهاج ثم اختصر الشيخ زكريا االنصاري المنهاج إلى المنهج
ثم اختصر الج وهري المهنج إلى النهج وش رح ال رافعي الوج يز بش رحين
ص غير لم يس مه وكب ير س ماه العزيز فاختصر المص نف رحمه هللا العزيز
إلى الروضة وهو الكتاب الذي نحن بصدده ثم اختصر ابن مق ري الروضة
إلى الروض وشرحه شيخ االسالم زكريا االنصاري في كت اب س ماه أس نى
المط الب ثم اختصر ابن حجر ال روض في كت اب س ماه النعيم واختصر
الروضة أيضا المزجد في كتاب سماه العباب فشرحه ابن حجر شرحا جمع
فيه ف أوعى س ماه االيع اب واختصر الروضة الحافظ الس يوطي مختص را
سماه الغيثية ونظمها نظما سماه الخالصة واختصر القروي ني العزيز ش رح
الوجيز إلى الح اوي الص غير فنظمنه ابن ال ودري في بهجته فش رحه ش يخ
االسالم بشرحين فأتى ابن المق ري فاختصر الح اوي الص غير إلى االرش اد
فش رحه ابن حجر في ش رحين .ق ال ابن حجر الهيثمي رحمه هللا :في أثن اء
كالم من ذيل تحرير المق ال بعد أن تكلم عن المختص رات ق ال :ثم ج اء
النووي واختصر هذا الش رح يريد العزيز -ونقحه وح رره واس تدرك على
كث ير من كالمه مما وج ده محال لالس تدراك وس مى ه ذا المختصر روضه
الط البين -وهو ال ذين نحن بص دد تحقيقة -ق ال :ثم ج اء المت أخرون بع ده
فاختلفت أغراضهم فمنهم المحشون وهم كثيرون أطالوا النفس في ذلك حتى
بلغت حاشية االمام االذرعي وهي التوسط والفتح بين الروضة والشرح إلى
فوق الثالثين سفرا وكذلك االسنوي حشى في كت اب س ماه المهم ات وك ذلك
ابن العم اد والبلقي ني فجمع الزركشي حواش يهم في كتابه المش هور الخ ادم
وقد م رت االش ارد إلي ه .ق ال العالمة ابن حجر وغ يره من المت أخرين .قد
أجمع المحقق ون على أن الكتب المتقدمة على الش خين ال يعتد بشئ منها إال
بعد كم ال البحث والتحرير ح تى يغلب على الظن أنه راجح في م ذهب
الشافعي ثم قالوا هذا في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحد هما تعرضا له
فال ذي أطبق عليه المحقق ون أن المعتمد ما اتفقا عليه ف إن اختلفا ولم يوجد
لهما مرجح أو وجد ولكن على السواء فالمعتمد ما قاله
] [ 14
الن ووي وإن وجد الح دهما دون اآلخر فالمعتمد ذو ال ترجيح .ق ال الك ردي
رحمه هللا تع الى في المس لك الع دل والفوائد المدني ة :ف إن تح الفت كتب
النووي فالغالب أن المعتمد التحقيق ف المجموع ف التنقيح فالروضة والمنه اج
ونحو فتواه معتمدا لكنه نادر حدا وقد تتبع من ج اء بع دهما كالمهما وبين وا
المتعمدمن عيره بحسب ما ظهر لهم ثم إن لم يكن للش يخ ت رجيح ف إن ك ان
المف تى من أهل ال ترجيح في الم ذهب أف تى بما ظهر له ترجيحه مما اعتمد
أئمة مذهبة وال تجوز له الفتوي بالضعيف عندهم وإن ترجح عنده النه إنما
يسأل عن الراجح في الم ذهب ال عن ال راجح عن ده إال إن نبه على ض عفه
وأنه ال يجوز تقليده للعمل به حيث كان كذلك فال ب أس وإن لم يكن من أهل
الترجيح .المخطوطات التي استعنا بها في كتابة الحاش ية - 1البي ان .ت أليف
االمام أبي الخير يحيى بن سالم بن سعيد بن عبد هللا بن محمد بن موسى به
عمران الشهير ب العمراني اليم ني المول ود س نة - .558نس خة تحت رقم (
- 2 .)1543التاج في زوائد الروضة على المنهاج :تأليف نجم الدين محمد
بن عبد هللا ابن قاضي عجل ون المت وفي س نة .786نس خة تحت رقم (
- 3 .)17017الت دريب :لش يخ االس الم س راج ال دين أبي حفص عم ربن
رس الن بن نص ير بن ص الح الكن اني البلقي ني المول ود الث اني عشر من
رمضان سنة 724المتوفى عاشر ذي القعدة سنة .805نسخة (- 4 .)527
التعقبيات على المهمات :ت أليف العالمة ش هاب ال دين أمحمد بن العم اد ابن
يوسف االفقهيسي المت وفي س نة - .808نس خة تحت رقم (- 5 .)1584
.مختصر الروضة :اختصار العالمة االصفوني من علماء القرن الثامن
] [ 15
نس خة تحت رقم ( - 6 )16790المهم ات في ش رح ال رافعي والروضة -
صاحب جواهر البحرين - .نسخة تحت رقم ( - 7 .)1684فتح العزيز على
كتاب الوجيز :لالمام أبي القاسم عبد الريم ال رافعي القسم المخط وط من ه- .
نس خة تحت رقم ( - 8 )1681ق وت المحت اج ش رح المنه اج :لالذرعي
ص احب التوسط ذك ره - .نس خة ( - 9 .)17825( ،)1723زوائد روضة
الطالبين :جمعها الصدر الكبير شرف ال دين أبي عمر عثم ان بن حم زة بن
عثمان الرومي من علماء القرن السابع - .نسخة تحت رقم (- 10 .)1652
الش امل :ت أليف العالمة أبي نصر عبد الس يد بن محمد بن عبد الواحد بن
أحمد بن جعفر المعروف ب ابن الص باغ المول ود ببغ داد س نة 400المت وفى
يوم الثالثاء ثالث عشر جمادى االولى سنة 477ببغ داد - .نس خة تحت رقم
( - 11 .)1658الحاوي :تأليف االم ام أبي الحسن علي بن محمد بن ح بيب
البص ري المع روف بالم اوري المت وفي ي وم الثالث اء من ش هر ربيع االول
سنة 50 4وعمره ست وثمانون سنة -نسخ رقم (12 .)19303( ،)1600
-ج واهر البح رين في تن اقض الح برين :ت أليف جمال دين أبي محمد عبد
الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إب راهيم االم ولي االس نوي
المولود بإسنا من صعيد مصر في العشر االخ ير من ذي الحجة س نة 704
المتوفي س نة - .772نس خة تحت رقم ( - 13 .)6 159تعليقة الفوائد على
.شرح الرافعي والروضة .تأليف أبي عبد الرحمن بن زهرة الشافعي
] [ 16
نس خة تحت رقم ( - 14 .)6985التوسط والفتح بين الروضة والش رح -
تأليف االمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن حجربن أحمد بن عبد الواحد
بن عبد الغ ني بن محمد بن أحمد بن س الم بن داود بن يوسف بن خالد
االذرعي المول ود بأذرع ات في وسط س نة 807المت وفي في خ امس عشر
جم ادى اآلخ رة س نة - .783نسخ - 15 .)19259( ،)1718( ،1576
ارش اد المخت اج إلى ش رح المنه اج :ت أليف قاضي القض اة ب در ال دين أبي
الفضل محمد بن أبي بكر المع روف بقاضي ش هبة االس دي المت وفي س نة
- .874نسخة دار الكتب المص رية تحت رقم ( - 16 .)1528االعتن اء في
الف رق واالس تثناء ت أليف الش يخ االم ام ب در ال دين محمد بن أبي بكر بن
س ليمان البك ري وهو بتحقيقنا (فمنا بتحقيقه على ثالث نس خ) - 17 .البحر
المحيط في الش رح الوس يط :ت أليف االم ام نجم ال دين أبي العب اس أحمد بن
محمد بن أبي الحرم مكي المخ زومي المش هور ب القمولي المت وفى في س نة
727وهو في الثمانين - .نسخة دار الكتب تقع تحت رقم (- 19 .)19258
المعاياة في العقل البي العباس أحمد بن محمد الجرج اني الش افعي المت وفى
س نة - .482نس خة تحت رقم ( )915فقه ش افعي - 20 .خ ادم ال رافعي
والروضة في الف روع .ق ال ابن حجر عنه ثم جمع الخ ادم طريق المهم ات
فاس تمد من التوسط لالذرعي كث يرا وهي كث يرا وهي تقع في أث ني عشر
.جزءا وهي خزانة دار الكتب المصرية
] [ 17
حاش ية الك بري :وهي نكت على روضة الط البين وهي نس خة 21 -
محفوظة بمكتبة مس جد ب دمياط بمصر ونس خة أخ رى بمكتبة البلدية
باالسكندرية ( .)1المصنف وزوائده قال لفيف من أهل العلم :إن الش ارح إذا
زاد على االصل فالزائد ال يخل وا إما أن يك ون بحثا أو اعتراضا إن ك ان
بص يغة البحث واالع تراض أو تفض يال لما أجمله أو نكميال لما نقصه
وأهمله والتكميل إن ك ان له مأخذ من كالم س ابقة أو ال حقه ف ابراز وإال
ف اعتراض وض يغ االع تراض ويتوجه وما اش تق منه أعم منه من غ يره
ونحو إن قيل له لماال يندفع له يزعم المتع رض ويتوجه وما اش تق منه أعم
منه من غ يره ونحو إن قيل له مع ض عف فيه وقد يق ال ونح وه لما فيه من
ضعف شديد ونحوه لقائل لما فيه ضعف ض غيف وفيه بحث ونح وه لما فيه
ق وة س واء تحقق الج واب أوال وص يغة المجه ول ماض يا أو مض ارعا وال
بيعد .ويمكن كلها ضيغ التمريض تدل على ضعف مدخولها بحث ان ك ان أو
جوابا .وأق ول وقلت لما هو خاصة القائ ل .وإذا قيل حاص له أو محص له أو
تحري ره أو تنقيحه أو نحو ذلك ف ذلك إش ارة إلى قص ور في االصل أو
اشتماله على حشو .وتراهم يقولون في مقام إقامة شئ مق ام آخر م رة ت نزل
منزلة وأخرى أنيب منابه وأخ رى أقيم مقامه ف االول في إقامة االعلى مق ام
االدني والثاني بالعكس والثالث في المساواة وإذا رأيت واحد منها مقام آخر
فهناك نكته .يقول السبكي في طبقاته ( :)2وال يخفي على ذي بص يرة أن هلل
تب ارك وتع الى عناية ب النووي ومص نفاته ويس تدل على ذلك بما يقع في
ض منه من فوائد ح تى ال تخلو ترجمته عن الفوائ د .فنق ول :ربما غ ير لفظا
من ألفاظ الرافعي إذا تأمله المتأمل استدركه عليه وق ال :لم يف باالختص ار
وال جاء بالمراد نجده عند التنقيب قد وافق الصواب ونطق بفصل
] [ 18
الخطاب وما يكون من ذلك عن قصد منه ال يعجب من فإن المختصر ربما
غير كالم من يختصر كالمه لمثل ذلك وإنما العجب من تغي ير يش هد العقل
بأنه لم يقصد إليه ثم وقع فيه على الص واب وله أمثل ه :منها ق ال ال رافعي
رحمه هللا في كت اب الش هادات في فصل التوبة عن المعاصي الفعلية في
التاوب أنه يختبر مدة يغلب على الظن فيها أنه أص لح عمله وس ريرته وأنه
ص ادق في توبت ه .وهل تتق در تلك الم دة ؟ ق ال ق ائلون :ال ،إنما المعت بر
حصول غلبة الظن بصدقه ويختلف االمر فيه باالشخاص وأمارات الص دق
ه ذا ما اخت اره االم ام والعب ادي واليه أش ار ص احب الكت اب بقوله ح تى
يستبرئ مدة فيعلم إلى آخره ،وذهب آخرون إلى يقدير ها وفيه وجهان ق ال
أك ثر هم يس تبرأ س نة ،انتهى بلفظه ف إذا ت أملت قوله ق ال أك ثر هم وج دت
الض مير فيه مس تحق الع ود على اآلخ رين ال ذاهبين إلى تق ديرها ،ال إلى
مطلق االصحاب ،فال يل زم أن يك ون أك ثر االص حاب على التق دير ،فضال
عن التقدير بستة ،فه ذا ما يعطيه لفظ ال رافعي ،في الش رح الكب ير وص رح
النووي في الروضة بأن االكثرين على تقدير المدة بسنة فمن ع ارض بينها
وبين ال رافعي بتأمل قضى بمخالفتها له الن عب ارة الش رح ال تنقضي أن
أكثر االصحاب على التقدير ،وأنه سنة ،بل إن أكثر المقدرين ال ذين هم من
االص حاب على ذل ك ،ثم يتأيد ه ذا القاضي بالمخالفة ب أن عب ارة الش افعي
رضى هللا عنه ليس فيها تق دير بس نة ،وال بس تة أش هر ،وإنما ق ال :أش هر،
وأطلق االش هر رضي هللا عنه إطالق ا ،إال أن ه ذا إذا ع اود كتب الم ذهب
وجد الص واب ما فعله الن ووي ،فقد ع زا التق دير ،وإن مق داره س نة إلى
أصحابنا قاطبة ،فضال عن أكثر هم ،الشيخ أبو حامد االسفراييني في تعليقة
وهذه عبارت ه :ق ال الش افعي :ويخت بر م دة أش هر ينتقل فيها من الس يئة إلى
الحسنة ،ويعف عن المعاصي .وقال أصحابنا :يختبر سنة انتهى .وكذلك قال
القاضي الحس ين في تعليقته ولفظه ق ال الش افعي :م دة من الم دد .ق ال
أصحابنا :سنة انتهى .وكذلك الماوردي ،ولفظه :وصالح عمله معتبر بزمان
اختلف الفقهاء في
] [ 19
حده ،فاعتبر بعص هم بس تة أش هر ،واعت بره أص حابنا بس نة كامل ة) انتهى.
وكذلك الشيخ أبو إسحاق ،فإنه قال في المهذب :وق در أص حابنا الم دة بس نة
وك ذلك البغ وي في (الته ذيب) ،وجماع ات كلهم ع زوا التق دير بالس نة إلى
االصحاب ،فضال عن أكثر هم ،ولم يق ل :بعض االص حاب إال القاضي أبو
الطيب ،وإالمام ،ومن تبعهما ،فإنهم قالوا :ق ال بعض أص حابنا تق در بس نة،
وق ال بعض هم ،زاد االم ام أن المتحققيق على ع دم التق دير .ومن تأمل ما
نقلن اه ،أيقن ب أن االك ثرين على التق دير بس نة ،وبه ص رح ال رافعي في
(المح رر) ول وح إليه تلويحا في الش رح العص ير) ،فظهر حسن ص نع
النووي ،وإن لم يقص د ،عناية من هللا تع الى ب ه .وضف مخطوط ات الكتب
وهي تنقسم إلى قس مين :أوال :النسخ ال تي اعتم دنا عليها في فبط النص.
االولى :وهي النس خة المخفوظة ب دار الكتب المص رية مكتوبة بخط وط
مختلفة بخط جيد واضح وهي كاملة ال نقص فيه وقع آخرها قوله :فرغ من
نسخ هذه المجل دة ي وم الجمعة قبل ال زوال خ امس عش رين جم ادى االولى
سنة إح دى واربعين وس بعمائة بمدينة الس الم بغ داد حماها هللا وص انها مع
س ائر المس لمين اللهم صل على محمد وعلى آله وص حبه وس لم .وقد جعلنا
تلك النس خة أصال للكت اب ورمزنا له ب الرمز (أ) .الثاني ة :وهي النس خة
المحفوظة ب دار الكتب المص رية مكتوبة نسخ غ ير أنها تنتهي إلى نهاية
كت اب الطالق وقد أش رنا إلى ذلك في حاش يتنا على الكت اب ورمزنا لها
بالرمز (ب) .الثالثة :وهي النسخة المطبوعة التي قام المكتب االسالمي فيها
بجهد مش كور ورمزنا لها ب الرمز (ط) .وقد قمنا بمقابلة ه ذه النسخ فأنبتنا
فروقها وب ذلنا جل جه دنا ح تى خ رج النص س ليما خاليا من التص حيف
والتخريف وقد تكلمنا عن طريقة االمام النووي -رضي هللا
] [ 20
عنه -من خالل تق دمتنا على الكت اب ووض عنا في أسف الكت اب حاش ية
اس تعنا فيها بما س بق ذك ره من المخطوط ات فضال عن المطبوع ات
وسميناها (هداية الراغبين بتحقيق روضة الطالبين) وهلل الحمد والمنة .ثاني ا:
النسخ ال تي ألحقنا بالكت اب .االول :المنتقى من الينب وع فيما زاد على
الروضة من الف روع للحافظ الس يوطي وهي نس خة محفوظة ب دار الكتب
المص رية تحت رقم ( )521مج اميع ( )5066ميك روفيلم مكتوبة بحظ جيد
واضح ،وقد ألحقتها بالكتاب تتميما للفائ دة بعد بند نص ها وتحقيقه ا .الثاني ة:
المنهج السوي في ترجمة االمام النووي للحاظ جالل ال دين الس يوطي وهي
النس خة المحفوظة ب دار الكتب المص رية تحت رقم ( )3943ت اريخ (
)35323ميك روفيلم مكتوبة بحظ جيد واضح وقد ألحقتها في بداية الكت اب
تكميال لتقدمتنا على هذا الكت اب .نس أل هللا س بحانه وتع الى أن يك ون عملنا
خالصا لوجهه الك ريم وأن ينفع به المس لمين .والحمد هلل رب الع المين.
وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
] [ 21
صور مخطوطات كتاب الروضة وبعض الكتب االخ رى ال تي اس تفيد منها
في كتاب الحاشية
] [ 23
بداية كتاب روضة الطابين
] [ 24
باب تارك الصالة من الروضة
] [ 25
كتاب الزكاة من الروضة
] [ 26
بداية كتاب الجنايات من الروضة
] [ 27
آخر ربع النكاح من الروضة
] [ 28
التحقيق للنووي
] [ 29
مسائل الخالف للصيمري
] [ 30
طريقة القاضي حسين
] [ 31
أول ورقة من طريقة القاضي حسين
] [ 32
آخر المجلد االول من طريقة القاضي حسين
] [ 33
تعليقة القاضي حسين
] [ 34
أول روقة من التعليقة للقاضي حسين
] [ 35
آخر ورقة من التعليقة
] [ 36
كتاب الفروق للجرجاني
] [ 37
أول ورقة من الفروق
] [ 38
آخر ورقة من الفروق
] [ 39
كتاب الحدود واالحكام الفقهية
] [ 40
أول ورقة من كتاب الحدود واالحكام الفقهية
] [ 41
آخر ورقة من كتاب الحدود واالحكام الفقيهة
] [ 42
منحة الراغبين للبكري
] [ 43
الشرح الكبير للرافعي
] [ 44
التاج في زوائد المنهاج البن قاضي عجلون
] [ 45
خادم الرافعي والروضة
] [ 47
كتاب المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي
] [ 49
صورة الورقة االولي من المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي
] [ 50
صورة الورقة االخيرة من المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي
] [ 51
بسم هللا الرحمن الرحيم المنهاج السوي في ترجمة االم ام الن ووي الحمد هلل
العزيز الحكيم ،الرؤوف ال رحيم ،وال ح ول وال ق وة إال باهلل العلي العظيم..
وأش هد أن ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه ،رب الس موات واالرض وما
بينهما ،ورب العرش الكريم ..وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،المخص وص
باالص طفاء والتك ريم ،ص لى هللا عليه وعلى آله وص حبه أولى الفضل
الجسيم .هذه أوراق ترجمت ( )1فيها الشيخ االمام ،ش يخ ،االس الم ،ولي هللا
تعالى :محيي الدين ،أبا زكريا الن ووي ،رحمه هللا ذك رت فيها بعض مناقبه
الكريمة ،وسميتها :المهن اج الس وي ،في ترجمة االم ام الن ووي ،ف أقول :هو
االمام أبوذكريا محيي ال دين ،يح يى بن ش رف بن م ري بضم الميم ،وكسر
الراء ،كما رأيته مض بوطا بخطه -ان حسن بن حس ين بن محمد بن جمعة
بن حرام -بكسر الحاء المهملة ،وبالزاي المعجمة -الح زامي ،الن ووي ،ثم
.الدمشقي
] [ 52
محرر المذهب ومهذبه ،ومحققه ومرتب ه ،ام ام أهل عص ره علما وعب ارة،
وس يد أوانه ورعا وس يادة ،العلم الف رد ،فدونه واس طة ال در والج وهر،
السراج الوهاج فعنده يخفي الك وكب االزه ر ،عابد العلم اء وع الم العب ادة،
وزاهد المحققين ومحقق الزه اد .لم تس مع بعد الت ابعين بمثله أذن ،ولم ما
يدانيه عين ،وجمع له في العلم والعب ادة محكم الن وعين .راقب هللا في س ره
وجهره ،ولم يبرح طرفة عين عن امتثال أمره ،ولم يضيع من عمره س اعة
في غ ير طاعة م واله ،إلى أن ص ار قطب عص ره ،وح وى من الفضل ما
حواه ،وبلغ مانواه ،فتش رفت به ن واه ،ولم يلف له من ن اواه .وإذا الف تى هللا
أخلص س ره * فعليه منه رداء طيب يظهر وإذا الف تى جعل االله م راده *
فل ذكره ع رف ذكي ينشر أث نى عليه الموافق والمخ الف وقب ل ،الن اني
واآللف ،وشاع ثن اوه الحسن بين الم ذاهب ،ونش رت له راية مجد تخفق في
المشارق والمغارب من سلك منهاجه أيقن بروضة قطوفها داني ة ،ومن تتبع
آثاره فهو مع الصالحين في رياض عيونها جارية ومن لزم اذكاره ومه ذب
أخالفه ،ف الخير فيه مجم وع ،ومن اس تقى من بح ره ظفر ب أروى وأص فى
ينبوع ،فيه ثبت هللا أركان الم ذهب والقواع د ،وبين مهم ات وليس على هللا
بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد وقال فيه الشيخ ت اج ال دين الس بكي في
طبقات ه :أس تاذ المت أخرين ،وحجة هللا على الالحقين ،ما رأت االعين أزهد
منه في يقظة وال منام ،وال عاينت أكثر اتباعا منه لط رق الس الفين من أمة
محمد عليه أفضل الص الة والس الم ،له التص انيف المفي دة ،والمن اقب
المحميدة ،والخصال التي جمعت طاوف كل فضل وتليده ،والورع ال ذي به
خرب دنياه وجعل دينه معمورا ،والزهد الذي كان به يحيا سيدا وحص ورا،
هذا إلى قدر في العلم لو أطل على المجرة لما ارتضى ش ربا في اعطانه ا،
أو جاور الجوزاء لما اس تطاب مقاما في أوطانه ا ،أو حل في دارة الش مس
النف من مجاروة س لطانها ،وطالما ف اه ب الحق ال تأخ ذه لومة الئم ،ون ادى
بحضرة االسود الضراغم ،وصدع بدين هللا تعالى مقال ذي س ريرة ،يخ اف
يوم تبلى السرائر ،ونطلق معتصما بالباطن والظاهر ،غير ملتفت إلى الملك
الظاهر ،وقبض على دينه والجمر
] [ 53
ملتهب ،وصمم على مقاله والص ارم لالرواح منتهب ،لم ي زل -رحمه هللا،
طول عمره على طريق أهل السنة الجماعة ،مواطبا على الخير ال يص رف
ساعة في غير طاعة .وقال ابن فضل هللا في المسالك :ش يخ االس الم ،وعلم
االولياء ،قدوة الزهاد ورجل علم وعم ل ،ونج اح س ؤل وأم ل ،وكامل مثله
في الن اس من كم ل ،وفق للعلم وس هل عي ه ،ويسر له ويسر إلي ه ،من أهل
بيت من نوى من كرام القرى ،وكرامة أهل القرى ،لهم بها بيت مض يف ال
تخمد ناره ،ودار قرى ال يخمل مناره ،طلع من أمم سادات ،وجمع لك رمهم
عادات ،وجمع لهممهم أطراف السعادات ،ونبت فيهم نباتا حسنا ،ونبغ ذكاء
ولس نا ،ونبغ ذك اء ولس نا ،وأتى دمشق متلقيا لالخذ من علمائها متقال من
عيشها ،حتى كاد يعف فال يشرب من مائها ،فنبه ذكره ،ونهب مدى اآلف اق
شكره ،وحال اس مه ،وذكر تص نيفه وعلم ه .فلما توسد الملك الظ اهر امانيه
وحدثته نفسه من الظلم بما ك اد ي أتي قواع ده من مباني ة ،وكتب له من
الفقهاء ،من كتب ،وحمله من الظلم بما كاد ي أتي قواع ده من مباني ه ،وكتب
له ن الفقهاء من كتب ،وحمهله س وء رأيه على بيع آخرته بشئ من ال ذهب
ولم يبق س واه فلما حضر هاب ه ،وألقى إليه الفتي ا ،فألقاها وق ال لقد أفت وك
بالباط ل ،ليس لك أخ ذتم معون ة ،ح تى تنفد أم وال بيت الم ال ،وتعيد أنت
ونساؤك ومماليكك وأمراؤك ما أخذتم زائد عن حقكم ،وت ردوا فواضل بيت
المال إليه .وأغلظ له في الق ول ،فلما خ رج ق ال :فمن أين يأكل ؟ ق الوا مما
يبعث إليه أبوه فقال :وهللا لقد هممت بقتله ،فرأيت ك أن أس دا فتحا ف اه بي ني
وبين ه ،لو عرضت له ال لتقم ني ثم وقرله في ص دره ما وق ر ،ومد له يد
المسالمة يسأله وما افتق ر .ثم ك انت س معة الن واوي ال تي ش رفت وغ ربت،
وبعدت وقربت ،وعظم ش أن تص انيفه ،وب ان البي ان في مط اوي تآليف ه ،ثم
هي اليوم محجة الفتوى ،وعليها العمل ،وما ثم س وى س ببها االق وى .وق ال
تلمي ده الش يخ عالء ال دين بن العط ار في ترجمة ال تي جمعها ل ه :أوحد
عصره ،وفريد دهره .الصوام القوام ،الزاهد في الدنيا ،الراغب في اآلخرة،
ص احب االخالق الرض ية ،والمحاسن النس بة ،الع الم الرب اني المتفق على
علمه
] [ 54
وإمامته وجاللت ه ،وزه ده ،وورعه وعبادت ه ،وص يانته في أقواله وأفعاله
وحاالته له الكرام ات الواض حة ،والم ؤثر نفسه وماله للمس لمين ،والق ائم
بحقوقهم وحقوق والة أمورهم بالنصح وال دعاء في الع المين .ولد في العشر
االوسط من المحرم س نة اح دى وثالثين وس متائة ،بن وى ق ال ابن العط ار:
وذكر لي بعض الص الحين الكب ار ،أنه ولد وكتب من الص ادقين ،ونشأ بها
وقرأ القرآن ،فلما بلغ سبع س نين ،وك انت ليلة الس ابع والعش رين من ش هر
رمضان .قال ولده :وكان نائما إلى جن بى ،فانتبه نحو نصف الليل وإيقظ ني
وقال :يا ابت ،ماه ذا الن ور ال ذي قد مال ال دار ؟ فاس تيقظ أهله جميع ا ،ولم
نرش يئا فع رفت أنها ليلة الق در .ولما بلغ عشر س نين ،وك ان بن وي الش يخ
وياسين ين يوسف المراكشي من أولياء هللا تعالى ،قرأه والص بيان يكرهونه
على اللعب معهم ،وهو يهرب منهم وبيكي الكراههم ،ويقرأ الق رآن في تلك
الح ال ،ق ال :فوقع في قل بي محبته وجعله أب وه في دك ان ،فجعل ال يش غل
بالبيع والشراء عن الق رآن .ق ال الش يخ ياس ين :ف أتيت ال ذي يقرئه الق رآن،
فوص يت ب ه ،وقلت له ه ذا الص بي ي رجى أن يك ون أعلم أهل زمانه
وأزه دهم ،وينتفع الن اس ب ه ،فق ال أمنجم أنت ؟ فق ال ال ،وإنما انطق ني هللا
ب ذلك ف ذكر ذلك الوال ده ،فح رص عليه إلى أن ختم الق رآن وقد ن اهز
االحتالم .قال ابن العطار :قال الشيخ ،فلما كان عمري تسع عشرة سنة ،قدم
بي والدي إلى دمشق سنة تسع وأربعين ،فسكنت المدرسة الرواحية ،وبقيت
نحو س نتين لم أضع جن بي إلى االرض وك ان ق وتي فيها جراية المدرسة
الغير :قال :وحفظت التنبيه في أربعة أشهر ونصف وحفظت ربع المه ذب
في بافي السنة قال .ولما قرأت مدة اغتسل منها بالم اء الب ارد ،ح تى تش قق
ظهري قال :وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا االمام البارد ،حتى ظه ري
قال :وجعلت أشرح وأصحح على شخننا االم ام الع الم ،الزاهد ال ورع ،أبي
إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان ،المغربي الشافعي ،والزمته فأعجب بي
لما رأى من اش تغال ومالزم تي وع دم اختالطي بالن اس ،وأجب ني محبة
.شديدة ،وجعلني أعيد الدرس في حلقته االكثر الجماعة
] [ 55
ق ال :فلما ك انت س نة إح دى وخمس ين ،حججت مع وال دي ،وك انت وفقة
الجمعة ،وكانت رحلتنا من أول رجب ،ف أقمت بمدينة الن بي ص لى هللا عليه
وس لم نحو من ش هر ونص ف .ق ال وال ده :ولما توجهنا للرحيل من ن وى،
أخذته الحمى ،إلى يوم عرفة قال ولم يتأوه قط .فلما ع دنا إلى ن وى ،ون زل
إلى دمشق صب هللا عليه العلم صبا فلم يزل يشتغل بالعلم ،ويقتفي آثار أبي
إبراهيم إسحاق في العبادة ،من الصالة وصيام ال دهر والزهد وال ورع ،فلما
ت وفي ش يخه ازاداد اش تغاله ب العلم والعم ل .وحج م رة أخ رى ،ق ال ابن
العط ار .وق ال لي ش يخنا القاضي أبو المف اخر محمد بن عبد الق ادر
االنص اري ،لو أدرك القش يري ص احب الرس الة ش يخكم وش يخه ،لما ق دم
عليهما في ذك ره لمش ائخها أح دا ،لما جمع فيهما من العلم والعم ل ،والزهد
الورع ،والنطق بالحكمة ،وغير ذلك .ق ال :وذكر لي الش يخ ق ال :كنت أق رأ
كل يوم اثني عشر درسا على المش ايخ ش رحا ،درس ين في الوس يط ودرسا
في المه ذب ،ودرسا في الجمع بين الص حيحين ،ودرسا في ص حيح مس لم،
ودرسا في اللمع البن ج نى ،ودرسا في إص الح المنطلق البن الس كيت في
اللغة ودرسا في التص ريف ،ودرسا في أص ول الفق ه ،ودرسا في أس ماء
الرجال ،ودرسا في أصول الدين .وقال :وكنت اعلق جميع ما يتعلق بها من
شرح مشكل ووضوح ،عبارة ،وض بط لغ ة .ق ال :وب ارك هللا لي في وق تي
واشتغالي وأعانني عليه و ..قال وخطر لي االش تغال بعلم الطب ،فاش تريت
الق انون وع زمت على االش تغال بش ئ ،ففك رت في أم ري ،ومن أين علي
الداخل فألهمني هللا تعالى االشتغال بشئ ،ففكرت في أم ري ،ومن أين دخل
على الداخل فالمهني هللا تع الى أن س ببه اش تغالي ب الطب ،فبعت في الح ال
الكتاب المذكور ،وأخ رجت من بي تي كل ما يتعلق ب الطب ،فاس تنار قل بي،
ورجع إلى ح الي ،وع دت إلى ما كنت عليه أوال .ق ال :وكنت مريضا
بالمدرسة الرواحية ،فبينما ،أنا في بعض اليالي ،في الصفة الشرقية يبمنه ا،
ووال دي واخ وتي وجماعة من أق اربي ن ائمون إلى جن بي ،إذ نش طني هللا
تعالى وعافاني من الحمى ،فاشتافت نفسي ،إلى ال ذكر ،فجعلت أس بح ،فبينا
أنا ك ذلك بين الجهر واالس رار ،إذا ش يخ حسن الص ورة جميل المنظ ر،
يتوضا على حافة
] [ 56
البركة وقت نصف الليل أو قريب منه ،فلما ف رغ من وض وئه أت اني وق ال
لي يا ولدي ،ال تذكر هللا تعالى تشوش على والدك وأخوتك وأهلك ومن في
هذه المدرسة ،فقلت :ياش خ ،من أنت ؟ فق ال ،أنا ناصح ل ك ،ودع ني أك ون
من كنت ،فوقع بالتس بيح ،ف أعرض ع ني ومشى إلى ناحية ب اب المدرس ة،
ف أنبهت وال دي والجماعة على ص وتي فقمت إلى ب اب المدرسة فوجدته
مقفال ،وفتش تها فلم أجد فيها أحد غ ير من ك ان فيه ا ،فق ال لي ول دي :يا
يح يى ،ما خ برك ؟ فأخبرته الخ بر ،فجعل وا يتعجب ون ،وقع دنا كلنا نس بح
ونذكر .قال ابن العطار :نقلت من خط الش يخ -رحمه هللا -أنه ق رأ على* :
القاضي أبي الفتح عمر بن بن دار التفليسي * القاضي أبي الفتح عم ربن
بن دار التفليسي المنتخب لل رازي ،وقطعة من المستص فى وغ ير ذل ك* .
وعلى فخر الم الكي اللمع البن ج ني * .وعلى أبي العب اس أحمد بن س الم
المصري ،النح وي إص الح المنطق في اللغ ة ،بحث ا ،وكتابا في التص ريف
قال :وكان عليه درس ،اما في سيبويه أو غيره -الشك مني * .وعلى االمام
جمال الدين بن مالك ،كتابا من تصانيفه ،وعلق عليه أشياء كث يرة * .وعلى
أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي صحيح مسلم شرحا ،ومعظم البخ ار
،0وقطعة من الجمع بين الص حيحين للحمي دي * .وق رأ على جماعة من
أصحاب ابن الصالح علوم الح ديث ل ه * .وعلى أبي البق اء خال دين يوسف
النابلسي الكمال في أسماء الرج ال للحافظ عبد الغ ني وعلق عليه حواش ي،
وضبط عنه أشياء حسنة * .وأخذ النفقة عن شيخة إس حاق المغ ربي ،وك ان
يت أدى معه كث يرا ،ويمال االبريق ويحمله معه إلى الطه ارة * .أخذ عن
.اكمال سالربن الحسن االربلي
] [ 57
وعن االمام عبد الرحمن بن نوح المقدس * .وأبي حفص عم ربن أس عد *
بن أبي غ الب ال ربعي االربلي * ،وإس ماعيل بن عبد ال دائم * .وخالد
النابلس ي * .وعبد العزيز بن محمد بن عبد الحسن االنص اري * .والض ياء
ابن تم ام الحنفي * .والحافظ أبي الفضل البك ري * .وأبي الفض ائل عبد
الكريم بن عبد الصمد ،خطيب دمشق * .وعبد الرحمن بن سالم االنباري* .
وأبي زكريا يح يى بن أبي الفتح الص يرفي * .إب راهيم بن علي الواس طي:
وغ يرهم .ومن مس موعاته .الكتب الس تة ،والموط أ ،ومس انيد .الش افعي:
وأحمد ،وال دارمي ،وأبي عوان ة ،وأبي يعلى وس نن ال دارفطني ،وال بيهقي،
وش رح الس نة للبغ وي ،وتفس يره ،واالنس اب اللزب يري ،والخطب النباتي ة،
ورسالة القشيري ،وعمل اليوم واليلية البن الس ني ،وأدب الس امع وال راوي
للخطيب ،وغ ير ذل ك .وس مع منه خلق من العلم اء الحف اظ ،والص دور
الروساء ،وتخرج به خلق كثير من الفقهاء ،وس ار علمه وفتاويه في اآلف اق
وانتفع الناس في س ائر البالد االس المية بتص انيفه ،وأكب وا على تحص يلها.
ق ال ابن العط ار :وذكر لي أنه ك ان ال يض يع وقتا ليل وال نه ار إال في
وظيفة من االشتغال بالعلم ،حتى في ذهابه في الطريق ومجيئ ه ،يش تغل في
تكرار ومطالعد ،أنه بقي على التحصيل على ه ذا الوجه نحو س ت ،س نين،
ثم اشتغل بالتصينف واالشتغال واالفادة ،والمناصحة للمسلمين ووالتهم ،مع
ما هو عليه من المجاه دة النفسه والعمل ب دقائق الفقة واالجنه اد على
الخروج من خالف العلماء وإن
] [ 58
كان بعيدا ،والمراقبة العمال القل وب وتص فيها من الش وائب ،يحاسب نفسه
على الخطوة بع الخطوة .وكان محققا في علمه وفنونه مدققا ،حافظا لحديث
رس وله هللا ص لى هللا عليه وس لم ،عارفا بأنواعه كله ا ،وغربي ه ،ومعاني ه،
واس تنباط فقه ه ،حافظ ا ،الش افعي وقواع د ،وأص وله وفروع ه ،وم ذاهب
الص حابة والت ابعين ،واختالف العلم اء ووف اقهم وإجم اعهم ،س الكا طريق
السلف ،قد ص رف أقاته كلها في الخ ير ،فبعض ها للت أليف وبعض ها للتعليم
وبعضها للص الة ،وبعض ها للت دبير وبعض ها لالمر ب المعروف والنهي عن
المنك ر .ق ال الكم ال االذف وي في الب در الس افر ون وزع م رة في النقل عن
الوس يط فق ال :أتن ازعوني وقد طالعته أربعمائة م رة ؟ ق ال :وواقف الملك
الظاهر بي برس لما ورد دمشق في أم ور ،فظن أنه من أص حاب الوظ ائف
يعزله ف ذكر له حاله فق ال :وك ان بعد ذلك يق ول إني أف زع من ه .ق ال ابن
العطار :وذكر أبو عبد هللا بن أبي الفتح البعلي :الحنبلي ،العالمة ،ق ال كنت
ليلة في جامع دمشق الشيخ واقف يص لي إلى س ارية في ظلم ة ،وهو ي ردد
قوله تع الى :وقف وهم انهم مس ؤولون م رارا .بح زن وخش وع ،ح تى حصل
عن دي من ذلك ما هللا به عليم .وك ان إذا ذكر الص الحين ذكر هم يتعظيم
وتوقير واحترام ،وذكر مناقبهم .قال :وأخ برني الش يخ الق درة المس لك ،ولي
الدين أبو الحسن ،المقيم بجامع بيت لهي ا ،ق ال مرضت ب النقرس في رجلي
فعادني الشيخ محيي الدين ،فلما جلس ،عندي ،جعل يتكلم في الص بر ،فكلما
تكلم جعل االلم يدهب قيال ،حتى زال ،فعرفت أنه من بركته .وكان ال يدخل
الحمام ،وال يأكل في اليوم والليلة إال أكله واحدة بعد العشاء ،وال يشرب إال
ش ربة واح دة عند الس حر ،وال يش رب الم برد ،أي الملقى فيه الثلج ولم
.يتروج
] [ 59
قال ابن العطار :وأخبرني العالمة رشيد الدين الحنفي ،قال عذلت الشيخ في
تض ييق عيش ة ،وقلت له أخشى عليك مرضا يعطلك عن أش ياء أفضل مما
تقصده ،فقال :إن فالنا صام وعبد هللا ح تى عظمه ق ال :فع رفت أنه ليس له
غ رض في المق ام في ه ذه ال دار ،وال يلتفت إلى ما نحن في ه .ق ال :ورأيت
رجال من أصحاب قشر خيارة ليطعمه إياه ا ،ف امتنع من أكلها وق ال أخشى
ان ت رطب جس مي وتجلب الن وم ق ال االدف وى في الب در الس افر :حكى لي
قاضي ،الفضاة بدر الدين ابن جماعة ،أنه س ألة عن نومه فق ال ،إذا غلب ني
النوم استندت إلى الكتب لحظة أنتب ه .ق ال :وحكى لي أيضا أنه ك ان إذا أتى
إليه ل يزوره يضع بعض الكتب على بعض ،ليوسع له موض عا يجلس فيه
ق ال :وك ان ال يجمع بين أدمين ،وال يأكل اللحم إال عن دما يتوجه إلى ن وى.
قال :وحكى عنه قاضي القض اة جم ال ال دين ال زرعي :أنه ك ان ي تردد إليه
وهو شاب قال :فجئت إليه في ي وم عب د ،فوجدته يأكل حري رة مدخنة فق ال
سليمان .ك ل ،فلم يطلب ل ه ،فق ام أخ وه وتوجه إلى الس وق واحضر ش ويا،
وحلوى ،وقال له :كل فلم يأكل ،فقال :يا أخي أه ذا ح رام ؟ فق ال :ال ،ولكنه
طعام الجبابرة .قال ابن العطار :وكان ال يأكل فاكهة دمشق ،فسألته عن ذلك
فق ال :دمشق الغبط ة ،والمعاملة فيها على وجه المس اقاة ،وفيها خالف بين
العلم اء ،وفيها خالف بين العلم اء ،ومن جوزها ش رط الغبط ة ،والن اس ال
يفعلونها إال على جزء من ألف جزء من الثمرة للمال ك ،فكيف تطيب نفسي
بأكل ذلك ؟ ق ال :وق ال لي الش يخ الع ارف المحق ق ،أبو عبد ال رحيم محمد
االخميمي :كان الشيخ محيي الدين سالكا منهاج الص حابة وال أعلم أح دا في
عص رنا س الكا منها جهم غ يره .ق ال :وكتب ش يخنا أبو عبد هللا محمد بن
االربلي ،الحنفي ،ش يخ االدب في وقته تص حيح التنبي ه ،ليك ون له عنه
رواية ،فلما فرع من قال لي ما وصل
] [ 60
ابن الصالح إلى ما وصل إليه الشيخ من الفقه والحديث والغة وعذوبة الفظ
والعبارة وقال االس نوي :ك ان يلبس ثوبا قطنا وعمامة س ختيانية ،وك ان في
لحيته ش عرات بيض ،وعليه س كينة ووق ار ،في ح ال البحث وغ يره .ق ال
الشيخ تقي السبكي ،ما اجتمع بعد التابعين المجموع الذي الجتمع في النووي
ورأيت في مجموع بخط الش يخ ش مس ال دين الغ يزري الش افعي ،أو ب واب
الرواحية حكى قال :خرج الشيخ في الليل فتبعته ،ف انفتح له الب اب من غ ير
مفتاح ،فخرج ،مشيت معه خطوات ،ف إذا نحن مك ة ،ف أحرم الش يخ وط اف
وسعى ثم طاف إلى أثناه الليل ،ورجع ،فمشيت خلفه ،ف إذا نحن بالرواحي ة.
قال الذهبي :تولى مشيخة دار الحديث االش رفية بعد م وت أبي ش امة ،س نة
خمس وس تين ،وفي البلد من هو أسن منه وأعلى س ندا ،فلم يأخذ من
معلومها شيئا إلى أن مات .قال ابن العطار :وأقرأ بها بحثا وشرحا .ص حيح
البخاري ،ومسلم ،وقطعة من أبي داود ،ورسالة القشيري وص فوة ،والحجة
على تارك المحجة لنصر المقدس ي ،وغ ير ذل ك .ق ال :وذكر لي تلمي ذه أبو
العباس بن فرج قال :كان الش يخ مح يي ال دين قد ص ار إليه ثالث م راتب،
كل مرتبة منها لو كانت لشخص لشدت إليه آب اط االبل من أقط ار االرض.
المرتبة االولى :العلم والقيام بوظائفه ،الثانية :الزهد في ال دينا .الثالث ة :االمر
ب المعروف والنهي عن المنك ر .ق ال :وأخ برني الش يخ الص دوق أبو القاسم
المزي -وكان من االخبار -أن رأى في النوم بالمزة راي ات كث يرة ،وطبال
يضرب قال فقلت :ما هذا ؟ فقيل لي :الليلة قطب يحيى الن ووي ،فاس تيقظت
من منامي ،ولم أكن أعرف الشيخ وال سمعت به قيل ذلك ،ف دخلت دمش ق،
في حاج ة ،ف ذكرت ذلك لش خص فق ال :هو ش يخ دار الح ديث ،وهو اآلن
جالس فيها ،فدخلتها ،فلما وقع بصره علي نهض إلى جهتي ،الح ديث ،وهو
اآلن جالس فيه ا ،ف دخلتها ،فلما وقع بص ره علي نهض إلى جه تي ،وق ال:
.اكتم ما معك وال تحدث به أحدا ،ثم رجع إلى موضعه
] [ 61
ورأيت في ال دار الكامنة ليشخ االس الم ،حافظ العصر أبي الفض ل ،بن
حجر ،قال الشيخ ،محيي الدين لتلميذه الشيخ الدين بن النقيب .يا شيخ شمس
الدين ،ال بد أن تلي الشامية البرانية ،فما مات ح تى وليه ا .ورأيت فيها عن
بعضهم قال ،توجهت لزيارة الشيخ فرج الص فدي الزاه د ،فرج رت مس ألة
النظر إلى االم رد ،وأن ال رافعي حرمه بش رط الش هورة ،والن ووي يق ول:
يحرم مطلقا ،فقال الشيخ فرج ،رأيت النبي ص لى هللا عليه وس لم في المن ام
فقال لي :الحق في ه ذه المس ألة مع الن ووي .وك ان الش يخ مح يي ال دين إذا
جاءه أمرد ليقرأ عليه ،امتنع ،وبعث به إلى الشيخ أمين الدين الحلبي ،لعلمه
بدينه وص يانته .وق ال الش يخ ت اج ال دين الس بكي ،في الترش يح :وافق الوالد
مرة وهو راكب على بغلته شيخا عاميا ماش يا ،فتحادث ا ،فوقع في كالم ذلك
الش يخ أنه رأى الن ووي ففي الح ال ن زل عن بغلته وقبل يد ذلك الش يخ
الع امي ،وس ألة ال دعاء ،وق ال ل ه :اركب خلفي فال اركب وعين رأت وجه
النووي تمشي بين يدي .قال وكان الوالد سكن دار الحديث االشرفية ،وك ان
يخرج في الليل يتهجد ،ويمرغ خديه على االرض فوق البساط ال ذي يق ال:
إنه من زمن الواقف ،ويقال إن النووي كان ي درس علي ه ،وينش د :وفي دار
الح ديث لطيف مع نى * على بسط لها اص بو وآوي عسى اني أمس بحر
وجهي * مكانا مسه قدم النواوي
] [ 62
والعالمة رشيد الدين الحنفي * .والحمدث أبو العباس االش بيلي .وخالئق *
غيرهم .قال الشيخ الدين -رحمه هللا -لما تأهل للنظر والتحصيل ،رأى من
المس ارعة إلى الخ يرات أن جعل ما يحص له ويقف علي ه ،تص ينفا ينتفع به
النظار فيه ،فجعل تصنيفه تحصيال ،وتحصيله تصنيفا ،وهو غرض صحيح
جميل ،ولوال ذلك لم يتيسر له من التصانيف ما تيسر له .وأما ال رافعي فإنه
س لك الطريقة العالي ة ،فلم يتصد للت أليف إال بعد كم ال انتهائ ة ،وك ذا ابن
الرفع ة ،رحمة هللا عليهم أجمعين ،ونفعنا بهم .وق ال الش يخ جم ال ال دين
االسنوي في اوائل المهمات :اعلم ان الش يخ مح يي ال دين -رحمه هللا -لما
تأهل للنظر والتحص يل ،رأى من المس ارعة إلى الخ يرات أن حعل ما
يحصله ويقف عليه ،تصنيفا ينتفع به الن اظر في ه ،فجعل تص نفيه تحص يال،
وتحصيله تصنيفا ،وهو غرض صحيح ،وقصد جميل ،ول وال ذلك لم يتيسر
له من التص انيف ما تيسر له وأما ال رافعي فإنه س لك الطريقة العالي ة ،فلم
يتصد للت أليف إال بعد كم ال انتهائ ه ،انتهائ ه ،وك ذا ابن الرفع ة ،رحمة هللا
عليهم أجمعين ،ونفعنا بهم ،وقال االذرعي في أول التوسط والفتح بلغني أن
الش يخ مح يي ال دين ك ان يكتب إلى أن يع يى فيضع القلم يس تريح وينش د:
تشوقت ليلى حين فارقت أرضها * فقلت ،وعي ني عند ذلك ت دمع ل ئى ك ان
هذا ال دمع يج ري ص بابة * على غ ير س عدى ،فهو دمع مض يع وذكر ابن
العطار في تأليف له في الشعر :أن الشيخ لم ينظم شعرا قط ،فمن تص انيفه:
الروضة :مختصر الش رح الكب ير لل رافعي ،وهو بخط ه ،في أربع مجل دات
ض خمات ،مائة ك راس ،وتقع غالبا في س تة مجل دات وثمانية ال ورأيت
بخطه فيها أنه ابتداء في تأليفها يوم الخميس ،الخ امس والعش رين من ش هر
رمضان سنة ست وستين وسمتائة ،وختمها يوم االحد خامس والعشرين من
شهر رمضان س نة ست وس تين وس تمائة ،وختمها ي وم االحد خ امس عشر
ريبع االول سنة تسع وستين هي عمدة المذهب اآلن ،وفيها يقول االس نوى،
في المهمات :وكانت أنفس ما تأثر من تصانيفه ببركات أنفاس ه ،وثم رة من
ثمرات غراسه ،غرس فيها أحكام الشرع ولقحه ا ،وضم إليها فروعا ك انت
منتش رة فه ذبها ونقحه ا ،فل ذلك حال ينبرعه ا ،وبس قت فروعه ا ،وط ابت
أص ولها ،ودنت قطوفه ا ،إلى أن ق ال :وتلك منقبة قد أط اب هللا ذكرها
وسناها ،وموهبة قد رفها سمكها وبناها ،ومن أسر سريرة حس نة ،ألبسه هللا
رداه ا .وفي الج واهر :ف إن الروضة لما اش تاب المه ذهب ،وقطت أس باب
غلق
] [ 63
المطلب الش تمالها على أحك ام الش رح واختصاص ها بزي ادات يحجم عنها
الكثير ،وردت من قبول الكافة موردا ال صدر منه لبعض ،وعقدت لوقوفهم
عند حكمها موثقها فلن تبرح االرض ،فل ذلك تمس كوا بفروعها وأعص انها،
وتعلقوا بأص ولها وأقياله ا ،ح تى ص ارت م نزل قاصد هم ،ومنهل واردهم
وقد اس تدرك فيها على االم ام ال رافعي في التص حيح مواضع جم ة ،وزاد
عليه مس ائل وقي ودا وش روطا ،وقد أف رد بعض هم زياداتها في مجل دين
لطيفين .وقد ذكر االذرعي في التوسط أنه هم قبل موته بغس لها ،فقيل له
سارت بها الركبان ،فقال :في نفسي منها أش ياء وقد أك ثر الن اس من الكتابة
عليها ،والكالم على مواضع وتص حيحات فيها ظاهرها التن اقض ،ومواضع
فيها مخالفة لما في الش رح كاالس نوي ،واالذرعي ،والبلقي ني ،والزركش ي،
وغيرهم .وقد ذكر أن سبب ما وقع مخالفا للشرح .أنه اختص رها من نس خة
منه سقيمة ،مع أنه بحمدهللا أجيب عن كثير مما زيف وه وجمع بين غ الب ما
زعم وا تناقض ه .وقد ش رعت في تلخيص أحكامها من غ ير ذكر الخالف،
وضممت إليها زيادات شرح المهذب وبقية تصانيفه من بعده ،كابن الرفع ة،
والسبكي ،واالسنوي ،ووصلت فيه اآلن إلى ...أعان هللا على إتمام ة .ومنها
ش رح ص حيح مس لم ،س ماه -ب المنه اج ق ريب من حجم الروض ة .وش رح
المه ذب ،س ماه ب المجم وع وقد وصل فيه -ق ال ابن العط ار -إلى ب اب
المصراه ،وقال االسنوى :إلى أثناء الربا وهو قدر الروضة مرة ونصف أو
هو أكثر ،وقد ذكر في خطبة :أنه كتب قبل ذلك شرحا مبس وطا ج دا وصل
فيه إلى أثناء الحيض ،في ثالث مجل دات ض خمات ،ثم رأى أن ذلك يك ون
سبب قلة االنتفاع في الخطبد إال هذا الشرح .قال االسنوي :وهذا الشرح من
أجل كتبه وأنفس ها ،وكالمه فيه ي دل على أنه اطلع على أنه يم وت قبل
إتمام ه ،فإنه يجمع النظ ائر في موضع ويق ول فعلنا ذلك فلعلنا ال نصل إلى
محله .وقال ابن العطار .كتب لي ورقة فيها أس ماء الكتب ال تي ك ان يجمعه
،منها
] [ 64
وق ال إذا انتقلت إلى هللا فأتمه من ه ذه الكتب وقد ش رع في تكميله جماعة
ولم ينهوه ،فكتب الش يخ تقي ال دين الس بكي من الموض وع ال ذي انتهى إليه
إلي أثن اء التفليس ،وفي خطبة تكملته يق ول واص فا ه ذا الش رح :وبع د :فقد
رغب إلي بعض االصحاب في أن أكمل شرح المذهب للشيخ االمام العالمة
علم الزهاد ،إلي بعض االصحاب في أن أمكمل شرح المذهب للشيخ االم ام
العالمة علم الزهاد ،وقدوة العباد ،واحد عصره ،وفريد رهره ،محيى عل وم
االولين ،ومه ذب س نن الص الحين ،أبي ركريا الن ووي وط الب رغبة إلى،
وكثر إلحاحه علي ،أنا في ذلك أقدم رجال وأؤخر أخرى ،واستهون الخطب
فرآه ش يئا ام را ،وهو في ذلك ال يقبل ع ذرا وأق ول :قد يك ون في تعرضي
لذلك مع قصوري عن مقام هذا الشارح اساءة إليه ،وجناية مني عليه ،فأنى
لي أن أنهض بها نهض به وقد أس عف بالتأيي د ،وس اعدته المق ادير فق ربت
منه كل بعيد ؟ وال شك أن ذلك يحت اج بعد االهلية إلى ثالثة أش ياء :ف راغ
الب ال ،واتس اع الزم ان ،وقد ك ان -رحمه هللا -قد أوتي من ذلك الحظ
االوف ر ،بحيث لم يكن له ش اغل عن ذلك من نفس وال أه ل .الث اني :جمع
الكتب ال تي اس تعان بها على النظر واالطالع على كالم العلم اء ،وك ان
رحمه هللا قد حصل له من ذلك وافر ،لسهو لة ذلك في بلده في ذلك الوقت.
الثالث :حسن النية ،وكثرة الورع والزهد ،واالعمال الصالحة ال تي أش رقت
أنواره ا ،وك ان قد اكت ان من ذلك بالمكي ال االوفى .فمن يك ون قد اجتمعت
فيه ه ذه الخالل الثالث ،أني يض اهيه ،أو يدانيه من ليس من واح دة منه ا،
فنسأل هللا أن يحسن نياتنا وأن يم دنا بمعونته وعون ه ،وقد نفسي لعل ببركة
صاحبه ونيته يعنينني هللا ،انه يهدي من يشاء إلى صراط مس تقيم ،ف إن من
هللا تع الى بإكمال ه ،فال شك من فضل هللا ببركة ص احبه ونيت ه ،إذ ك ان
مقص وده النفع للن اس ممن ك ان ،انتهى .ومنها المنه اج مختصر المح رر.
مجلد لطي ف .ودقائق ه ،نحو ثالث ك راريس ،ورأيت ،بخطهه أنه ف رع منه
تاسع عشر شهر
] [ 65
رمضان سنة تسع وس تين وهو اآلن عم دة الط البين والمدرس ين والمف تين.
قال ابن العطار :وق ال لي العالمة جم ال ال دين ابن مال ك :وهللا لو اس تقبلت
من أم ري ما اس تدبرت ،لحفظت ه .وأث نى على حسن اختص اره ،وعذوبة
ألفاظه .قال :ووقف عليه في حياته العالمة رشيد الدين الفارقي ،شيخ االدب
فامتدحه بأبيات وقف عليها الشيخ وهي هذه :عتنى بالفضل يحيى ف اغتنى *
عن بسيط بوج يز ن افع وتحلى بتق اه فض له * فتحلى ب الطيف ج امع ناص يا
أعالم علم ،جازما * بمق ال ،رافعا لل رافعي فك أن ابن الص الح حاضر *
وكأن ما غاب عنا الشافعي وقال فيه الشيخ جمال ال دين االس نوي :يا ناهجا
منهاج حبر ناسك * دقت دقائق فكره وحقائقه بادر ل محيى ال دين فيما رمته
* ياحبذا منهاجه ودقائقه وينسب للشيخ تقي الدين السبكي :ما صنف العلماء
كالمنهاج * في ش رعة س لفت ،وال منه اج فاجهد على تحص يله متيقنا * أن
الكفاية فيه للمحتاج ولبعضهم :الشيخ محيي الدين هو القطب ال ذي * طلعت
ش موس العلم من أبراجه ال ي رتقي أحد إلى ش رف العال * إال ف تى يمشي
على منهاجه وقلت أن ا :للن اس س بل في الهداية واله وى * ما بين اص باح
وليل داج فإذا أردت سلوك سبل المص طفي * حق ا ،فال تع دل عن المنه اج
قلت :ومن جاللة ه ذا الكت اب ،أن الش يخ ت اج ال دين الفرك اح ،كتب عليه
تص حيحا ،وهو في مرتب ة ،ش يوخ الش يخ مح يي ال دين ،فإنه لما ج اء إلى
دمشق ،واحضر إليه ليق رأ علي ه ،فبعث به إلى الرواحي ة ،وأيضا فإنه ك ان
بينهما أخ يرا مقاطع ة ،كما ذكر ذلك الص فدي في تذكرت ه ،وأنه لما ت وفي
الشيخ
] [ 66
مح يي ال دين ،لم يحضر الش يخ ت اج ال دين الص الة علي ه .ومن العجب أن
الشيه عالء الدين الباجي شيخ الس بكي اختصر المح رر ،وس ماه :التحري ر،
ومولده سنة مولد محيي الدين .وانظر ما بين المختصرين ش هرة واعتم ادا.
وقد كنت في أول اشتغالي رأيت الشيخ في الن وم ،وك أني حض رت درس ه،
فقلت له في ش أن المنه اج واالعتراض ات ال تي أوردت علي ه ،فأخذ يص لح
العبارة ،إلى أن خرج عن هيئت ه ،فقلت ل ه :يا س يدي ،اجعل ه ذا كتابا على
ح دة غ ير المنه اج النه ش رح وحفظ على تلك الهيئ ة ،ثم إنه ركب حم ارا
عاليا ،ومشيت خلفه مس افة يس يره ،فأعط اني عمامت ه ،وفارقت ه ،ف انتبهت.
ورأيته م رة أخ رى فأنش دني :من ش احح الع الم في كالمه لي ذهبن رونق
انتظامه فاس تيفظت وأنا أحفظ ه :ومنه ا :ته ذيب االس ماء واللغ ات مجل دان
ضخمان ،ويقع غالبا في أربعة قال االس نو :وقد م ات عنه مس ودة ،وبيضه
الحافظ جم ال ال دين ،الم زي .وفي ه ذا ش ئ ،فقد وقفت على المجلد االول
بخطه مبيضا بالخزانة المحمودي ة ،لكن فيه بياض ات يس يرة .وري اض
الص الحين مجل د .واالفك ار مجل د .ونكت التنبي ه ،مجل د ،وتس مى :التعليق ة،
وقال االسنوي :وهي من أوائل ما ص نف ،وال ينبغي االعتم اد على ما فيها
من التص حيحات المخالفة لكتبه المش هورة ،ولعله جمعها من كالم ش يوخه.
وما استفدته منها في قص االظفار ،أنه يسن البداءة بمسبحة اليد اليم نى ،ثم
بالوس طى ،ثم البنص ر ،ثم الخنصر ثم خنصر اليس والء االبه ام ،ثم يختم
بابه ام اليم نى .وفي الرجل يب دأ بخنصر اليم نى ،ويختم بخنصر اليس رى
.والء ،وذكر لذلك حديثا ومعنى لطيفا ذكرته في دقائق مختصر الروضة
] [ 67
واليض اح مناسك الحج ،مجلد الطي ف .وااليج از في ه .والمناسك الث الث
والرابع والخامس .والتبيان في أدب حملة القرآن ،مجلد ومختص ره .وش رح
التنبيه مطول ،سماه تحفة الطالب النبيه ،وصل فيه إلى أثناه الصالة .وشرح
الوسيط ،المس مى ب التنقيح ق ال االس نوي :وصل فيه إلى ش روط الص الة.
ق ال :وهو كت اب جلي ل ،من أواخر ما ص نف ،جعله مش تمال على أن واع
متعلقة به ضرورية ،كافية لمن يريد كثرة المسائل الم أخوذة والم رور على
الفقه كله في زمن قليل ،لتصحيح مسائله ،وتوض يح أدلت ه ،وذكر غ ير ذلك
من االن واع ال تي أك ثر منها ولم يتع رض فيه لف روع الوس يط ،ق ال وهي
طريقة يتيسر معها اقراء الوسيط في كل عام مرة .ونكت على الوس يط ،في
نحو مجل دين .والتحقي ق ،وصل فيه إلى ص الة المس افر ،ذكر فيه غ الب ما
في ش رح المه ذب ما االحك ام والخالف ،على س بيل االختص ار .ومهم ات
االحكام ،قال االسنوي :وهو قريب من التحقيق من ك ثرة االحك ام إال أنه لم
ي ذكر فيه خالف ا ،وقد وصل فيه إلى أثنا طه ارة الث وب والب دن .وش رح
البخاري ،كتب منه مجلدة .والعمدة في تص حيح التنبي ه .والتحرير في لغ ات
التنبي ه .ونكت المه ذب .ومختصر الت ذنيب لل رافعي ،س ماه المنتخب ق ال
االسنوي :وقد أس قط من آخر الفصل الس ادس أوراق ا ،فلم يختص رها ،ومن
هنا تعلم أن قول من قال :إن الشيخ محيي وقف على الن ووي ،نعم ق ول من
الرافعي ذكره في خطبة التذنيب ،وقد وقف عليه النووي :نعم ،من قال يقف
.عليه ممكن .ودقائق الروضة .كتب منها إلى أثناه االذان
] [ 68
وطبقات الشافعية ،مجلد ،قال االسنوي :ومات عنها مسودة ،فبيضها المزي.
وختصر الترم ذي ،مجلد وقفت عليه بخطه مس ودة ،وبيض منه أوراق ا.
وقس مه الغن ائم ،ومختص ره ،ق ال االس نوي :وه ذا الكت اب من أواخر ما
ص نف ،وهو مش تمل على نف ائس .وج زء في القي ام الهل الفض ل .ق ال
االسنوي :وهما من أواخر تص انيفه وأمتعه ا .ومختصر ت أليف ال دارمي في
المحيرة .ومختصر تصنيف أبي شامة في البسملة .ومن اقب الش افعي .وه ذه
الكتب الثالثة أحال عليها هو في شرح المهذب .والتقريب في علوم الحديث.
واالرشاد فيه .والخالصة في الحديث .ومختصر مبهم ات الخطيب .واالمالء
على حديث :إنما االعمال بالنيات ،لم يتمه .وشرح س نن أبي داود ،كتب منه
يسيرا .وبستان العارفين .ورؤوس المسائل ،واالصول والض وابط ،كتب منه
أوراقا .ومختصر التنبيه ،كتب منه روقة واح دة .والمس ائل المنث ورة ،وهي
المعروفة بالفت اوى ،وض عها غ ير مرتبة فرتبها تلمي ذه .ابن العط ار ،وزاد
عليها أشياء سمعها منه .واالربعين ،وش رح ألفاظه ا .ه ذا ما يحض رني من
مص نفاته بعد الفحض .وقد ق ال في ش رح المه ذب في رفع الي دين في
الركوع :أرجو أن أجمع فيه كتابا مستقال ،فال أدري أفعل أوال ؟
] [ 69
قال االس نوي :وينسب له تص نيفان ،ليس اله ،النهاية اختص ار الغاية الث اني:
أغاليط على الوسيط ،مشتملة على خمسين موضعا ،بعضها فقهية ،وبعضها
حديثي ة .وممن نس به له ه ذا ابن الرفعة في المطلب ،فاح ذره ،فإنه لبعض
المح ويين ،وله ذا لم ي ذكره ابن العط ار حين ع دد تص انيفه واس توعبها،
انتهى .وقول ه :إن ابن العط ار :وله ش رح ألف اظ ،ومس ودات كث يرة ،ولقد
أمرني مرة بجمع نحو ألف كراس بخطه ،وأمرني أن أقف على غس لها في
الوراقة ،وخوف ني ان خالفته في ذل ك ،فما أمكن ني إال طاعته وإلى اآلن في
قلبي منها حسرات .ذكر شئ من مكاتباته :ق ال ابن العط ار :كتب ورقة إلى
الملك الظ اهر تتض من الع دل في الرعية وإزالة المك وس ،وكتب معه فيها
جماع ة ،ووض عها في ورقة كتبها إلى االم ير ب در ال دين بيلبك الخزن دار
بإيصال ورقة العلم اء إلى الس لطان ،وص ورتها .بسم هللا ال رحمن ال رحيم،
من عبد هللا يح يى الن ووي ،س الم هللا تع الى ورحمته وبركاته على الم ولى
الحس ن ،ملك االم راء ب در ال دين ،أدام هللا الك ريم له الخ يرات ،وت واله
بالحسنات ،وبلغه من أقصى اآلخرة واالولى كل آماله ،وب ارك له قي جميع
أحوال ه ،آمين .وينهى إلى العل وم الش ريفة أن أهل الش ام في م ذه الس نة في
ض يق عيش ،وض عف ح ال ،بس بب قلة االمط ار ،وغالء االس عار ،وقلة
الغالت والنب ات ،وهالك المواش ي ،وغ ير ذل ك ،وأنتم تعلم ون أنه يجب
الش فقة على الرعي ة ،ونص يحته في مص لحته ومص لحتهم ،ف إن ال دين
النص يحة .وقد كتب خدمة الش رع الناص حون للس لطان ،النحب ون ل ه ،كتابا
يذكره النصيحة .وقد كتب خدمه الشرع الناصخون للس لطان ،المحب ون ل ه،
كتابا يذكره النظر في أحوال الرعية والرفق بهم ،وليس فيه ض رر ،بل هو
نصيحة محضة ،وشفقة ،وذكرى الولي االلباب .المسؤول من االمير -أي ده
هللا تع الى -تقديمه إلى الس لطان أدام هللا له الخ يرات ،ويتكلم عن ده من
االشارة بالرفق بالرعية بما يجده م دخرا له عند هللا تع الى * (ي وم تجد كل
نفس ما عملت من خير محضرا ومات عملت من سوء تود لو أن بينها
] [ 70
وبينه أمدا بعيدا ويحذركم هللا نفسه) * وهذا الكت اب العلم اء أمانة ونص يحة
للسلطان ،أعز هللا أنصاره ،والمسلمين كلهم في الدنيا واآلخ رة فيجب عليكم
إيص اله للس لطان أعز هللا أنص اره ،وأنتم مس ؤولون عن ه ذه االمان ة ،وال
ع ذر لكم في الت أخر عنها وال حجة لكم في التقص ير فيها عند هللا تع الى،
وتسألون عنها يوم ال ينفع م ال وال بن ون ،ي وم يفر الم رء من أخي ه ،وأمه
وأبيه ،وصاحبته وبني ه ،لكل أم رئ منهم يومنذ ش أن يغني ه ،وأنتم بحمد هللا
تحبون الخير وتحرصون عليه ،وتس ارعون إلي ه ،وه ذا من أهم الخ يرات،
وأفضل الطاع ات ،وقد اهلتم له وس اقه هللا إليكم ،وهو فضل من هللا ونحن
خ ائفون أن ي زداد االمر ش دة ،إن لم يحصل النظر في الرفق بهم ،ق ال هللا
تع الى( * :إن ال ذين اتق وا إذا مس هم ط ائف من الش يطان ت ذكروا ف إذا هم
مبص رون) * ،وق ال تع الى( * :وما تفعل وا من خ ير ف إن هللا به عليهم) *.
والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا ،فإذا فعلتموه ف أجركم عند هللا * (إن
هللا مع ال ذين اتق وا وال ذين هم محس نون) * والس الم عليكم ورحمة هللا
وبركاته .فلما وصلت الورقت ان إلي ه ،أوقف عليهما الس لطان ،ف رد جوابهما
ردا عنيفا مؤلفا ،فتنكدت خ واطر الجماعة الك اتبين ،فكتب -رضي هللا عنه
-جوابا ل ذلك الج واب :بسم هللا ال رحمن ال رحيم ،اللهم ص لى على س يدنا
محمد وعلى آل محمد من عبد هللا يح يي الن ووي ،ينهي أن خدمة الش رع
ك انوا كتب وا ما بلغ الس لطان أعز هللا أنص اره ،فج اء الج واب باالنك ار
والتوبيخ والتهديد ،وفهمنا منه أن الجه اد ذكر في الج واب على خالف حكم
الشرع ،وقد أوجب هللا إيضاح االحكام عند الحك ام عند الحاجة إليه ا ،فق ال
تعالى( * :وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للن اس وال تكتمون ه)
* فوجب علينا حينئذ بيانه ،وحرم علينا السكوت وقال تع الى( * :ليس على
الض عفاء وال المرضى وال على ال ذين ال يج دون ما ينفق ون ح رج إذا
نص حوا هلل ورس وله ،ما على المحس نين من س بيل وهللا غف ور رحيم) *.
وذكر في الجواب أن الجه اد ليس مختص ار باالجن اد ،وه ذا أمر لم ندع ه،
ولكن الجهاد فرض كفاية ،فإذا قرر الس لطان له أجن ادا مخصوص ين ،ولهم
اخباز معلومة من بيت المال ،كما هو
] [ 71
الواقع ،تفرغ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان واالجناد وغير هم،
من الزراعة والصنائع وغيرها ،مما يحتاج الناس كلهم إليها ،فجهاد االجناد
مقابل باالخب از المق درة لهم ،وال يحل أن يؤخذ من الرعية شئ م ادام في
بيت الم ال شئ من نقد أو مت اع أو أرض أو ض ياع تب اع ،أو غ ير ذل ك.
وهؤالء علماء المسلمين في بالد السلطان -أعز هللا انصاره -متفق ون على
ه ذا ،وبيت الم ال بحمد هللا تع الى معم ور ،زاده هللا عم ارة وس عة وخ يرا
وبركة في حي اة الس لطان المقرونة بكم ال الس عادة والتوفيق والتس ديد،
والظهور على أع داء ال دين ،وما النصر إال من عند هللا ،وإنما يس تعان في
الجهاد وغيره باالفتقار إلى هللا تع الى ،واتب ارع آث ار الن بي ص لى هللا عليه
وس لم ومالزمة أحك ام الش رع .وجميع ما كتبن اه أوال وثاني ا ،هو النص يحة
التي نعتقدها وندين هللا بها ،ونسألة الدوام عليها ح تى نلق اه ،والس لطان يعلم
أنها نصيحة له وللرعي د ،وليس فيها ما يالم علي ه ،ولم نكتب ه ذا للس لطان
إال لعلمنا أنه يجب الش رع ومتابعة أخالق الن بي ص لى هللا عليه وس لم في
الرفق بالرعية ،والشفقة عليهم ،وإكرامه آلثار الن بي ص لى هللا عليه وس لم.
ول ناصح للس لطان موافق على ه ذا ال ذي كتب اه .وأما ما ذكر في الج واب
من كوننا لم ننكر على الكف ار كيف ك انوا في البالد ،فكيف يق اس مل وك
االسالم وأهل االيمان وأهل االيمان والق رآن بطغ ار ؟ وب أي شئ كنا ن ذكر
طغ اة الكف ارة وهم ال يعتق دون ش يئا من ديننا ؟ وأما تهديد الرعية بس بب
نصيحتنا ،تهديد طائفة العلماء ،فليس هو المرجو من عدل السلطان وحلم ه،
وأي حيلة لضعفار المسلمين الناصحين نصيحة للس لطان ولهم ،وال علم لهم
به ؟ وكيف يؤاخ دون به ولو ك ان فيه ما يالم عليه ؟ وأما أنا في نفسي فال
يضرني التهديد وال أكثر منه ،وال يمنعني ذلك من نص يحة الس لطان ،ف إنى
أعتقد أن هذا واجب علي وعلى غيري ،وما ت رتب على ال واجب فهو خ ير
وزيادة عند هللا تعالى( * ،إنما هذه الدنيا متاع وإن اآلخرة هي دار الق رار)
* وأفوض أمري إلى هللا ،ان هللا بصير بالعباد وقد أمرنا رس ول هللا ص لى
هللا عليه وسلم أن نقول بالحق حيثما كنا ،وأن ال نخ اف في هللا النم ،ونحق
نحب للس طان أكمل االح وال ،وما ينفعه في آخرته ودني اه ،ويك ون س ببا
لدوام الخيرات له ،ويبقى ذكره على ممر االي ام ،ويخلد به في الجن ة ،ويجد
* نفعه * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا)
] [ 72
وأما ما ذكر من تمهد السلطان البالد ،وإدامة الجهاد ،وفتح الحصون ،وقهر
االع داء ،فه ذا بحمد هللا من االم ور الش ائعة ال تي اش ترك في العلم بها
الخاصة والعامة وطارت في أقطار االرض ،فلله الحمد ،وثواب ذلك مدخر
للس طان إلى * (ي وم تجد كل نفس من خ ير محض را) * ،وال حجة لنا عند
هللا تعالى إذا تركنا هذه النص يحد الواجبة علين ا .وعليكم الس الم ورحمة هللا
وبركات ه .وكتب للملك الظ اهر لما احتيط على أمالك دمش ق :بسم هللا
ال رحمن ال رحيم .ق ال هللا تع الى( * :وذكر ف إن ال ذكرى تنفع المؤم نين) *
وق ال تع الى( * :وإذ أخذ هللا ميث اق ال ذين أوت وا الكت اب لتبيننه للن اس وال
تكتمونه) * وقال تع الى( * :وتع اونوا على ال بر والتق وى وال تع اونوا على
االثم والع دوان) * وقد أوجب هللا على المكلفين نص يحد الس لطان -أعز هللا
أنصاره -ونصيحة عامة المس لمين ،ففي الح ديث الص حيح عن رس ول هللا
ص لى هللا عليه وس لم ،أنه ق ال :ال دين النص يحة هلل وكتابه وأئمة ال دين
وعامتهم .ومن نصيحة السلطان -وفقه هللا تع الى لطاعته وت واله بكرامته -
أن ننهي إليه االحك ام ،إذا ج رت على غ ير قواعد االس الم ،وأوجب هللا
تعالى الشفقة على الرعية ،واالهتمام بالضعفة ،إزالة الضرر عنهم .ق ال هللا
تع الى( * :واخفض جناحك للمؤم نين) * .وفي الح ديث الص حيح( .إنما
تنصرون وترزقون بضعفائكم) .وقال صلى هللا عليه وس لم( :من كشف عن
مسلم كربة من كرب الدينا ،كشف هللا عنه كربة من كرب يوم القيامة ،وهللا
في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وقال صلى هللا عليه وسلم( :من
ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم ،فارفق اللهم ب ه ،ومن شق عليهم فاش قق
اللهم علي ه) .وق ال ص لى هللا عليه وس لم( :كلكم راع وكلكم مس ؤول عن
رعيته) .صلى هللا عليه وسلم( :إن المقسطين على منابر من نور ،عن يمين
ال رحمن ،ال ذين يع دلون في حكمهم وأهليهم وما ول وا) .وقد أنعم هللا علينا
وعلى سائر المسلمين بالسطان ،أع زه هللا وأعز أنص اره ،وأذل له االع داء
من جميع الطوائ ف ،وفتح أع داء ال دين ،وس ائر الم اردين ،ومهد له البالد
والعباد ،وقمع بسيقه أهل الزيغ والفساد ،وأم ده باالعانة واللطف والس عادة،
فلله الحمد على هذه النعم الظاهره ،والخيرات المتكاثرة ،ونس أل هللا الك ريم
دوامها له
] [ 73
وللمس لمين ،وزيادتها في خ ير وعافي ة ،آمين .وقد أوجب هللا ش كر نعم ه،
ووعد للش اكرين ،فق ال تع الى( * :لئن ش كر تم الزيد نكم) * .وقد لحق
المس لمين بس بب ه ذه الحوطة على أمالكهم أن واع من الض رر ال يمكن
العتبير عنها ،وطلب منهم إثب ات ال يل زمهم ،فه ذه الحوطة ال تحل عند أحد
من علماء المسلمين بل من في يده شئ فهو ملكه ،ال يحل االعتراض عليه،
وال يكلف بإثب ات .وقد اش تهر من س يرة الس لطان أنه يجب العمل بالش رع
فيوصي نوابه فهو أول من عمل ب ه ،والمس ؤول إطالق الن اس من ه ذه
الحوط ة ،واالف راج عن جميعهم ،ف أطلقهم أطلقك هللا من كل مك روه ،فهم
ضعفه ،وفيهم االيت ام واالرام ل ،والمس اكين والض عفه ،والص الحون ،وبهم
تنصر وتغاث وترزق ،وهم سكان الشام المبارك ،ج يران االنبي اء ص لوات
هللا وس المه عليهم ،وس كان دي ارهم ،فلهم حرم ات من جه ات .ولو رأى
السلطان ما يلحق الن اس من الش دائد الش تد حزنه عليهم وأطلقهم في الح ال
ولم ي ؤخرهم ولكن ال تنهى إليه االم ور على جهته ا .فباهلل أغث المس لمين
يغثك هللا ،وارفق بهم يرفق هللا بك ،وعجل لهم االفراج قبل وق وع االمط ار
وتلف غالتهم ،ف إن أك ثر هم ورث وا ه ذه االمالك من أس الفهم ،وال يمكنهم
تحصيل كتب شراء وقد نهبت كتبهم .وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء
رسوله صلى هللا عليه وسلم لمن رفق بأمته ،ونصره على أعدائ ه ،فقد ق ال
تع الى( * :إن تنص روا هللا ينصر كم) * .ويت وفر له من رعيته ال دعوات،
وتظهر في الحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وس لم ،أنه ق ال( :من سن
س نة حس نة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى ي وم القيام ة ،ومن سن س نة
سيئة فعلية ورزها ووزر من عمل بها إلى يوم ال قيامة) .واسأل هللا الك ريم
أن يوفق السلطان للسنن الحسنة التي يذكر بها إلى يوم القيام ة ،ويحمية من
الس نن الس يئة .فه ذه يص يحتنا الواجبة علينا للس طان ،ونرجو من فضل هللا
تعالى أن يلهمه فيها القبول .والس الم عليكم ورحمه هللا وبركات ه .وكتب إليه
:لما رسم ،بأن الفقيه ال يكون منزال في أكثر من مدرسة واحدة
] [ 74
بسم هللا ال رحمن ال رحيم .خدمة الش رع ينه ون أن هللا أمرنا بالتع اون على
البر والتق وى ،ونص يحة والة االم ور وعامة المس لمين ،وأخذ على العلم اء
العهد بتبليغ أحكام الدين ،ومناصحة المسلمين ،وحيث على تعظيم حرمات ه،
وإعظام شعائر الدين وإكرام العلماء وابت اعهم .وقد بلغ الفقه اء أنه رسم في
حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم ،ويقطعوا عن بعض مدارسهم ،فتنكدت بذلك
أحوالهم ،وتضرروا بهذا التضييق عليهم ،وهم محتاجون ولهم عي ال ،وفيهم
الصالحون والمش تغلون ب العلوم ،وإن ك ان فيهم أف راد ال يلتحق ون بم راتب
غ يرهم ،منتس بون إلى العلم ومش اركون في ه ،وال يخفى م راتب أهل العلم
وفضلهم ،وثناء هللا عليهم وبيانه مرتببهم على غير هم ،وأنهم ورثة االنبي اء
صلوات هللا عليهم ،ف إن المالئكة عليهم الس الم تضع أجنحتها لهم ويس تغفر
لهم كل ش ئ ،ح تى الح وت في الم اء .والالئق بالجن اب الع الي إك رام ه ذه
الطائفة ،واالحسان إليهم ومعاضدتهم ،ورفع المكروه ات عنهم ،والنظر في
في أحوالهم ،بما فيه من الرفق بهم ،فقد ثبت في ص حيح مس لم عن رس ول
هللا صلى هللا عليه وسلم ،أنه قال( :اللهم من ولى أمر أم تي ش يئا فرفق بهم
فارفق به) وروى أبو عيسى التزمذي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي
هللا عنه أنه كان يقول لطلبة العلم :مرحبا بوصية رس ول هللا ص لى هللا عليه
وسلم ،إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال( :إن رج اال يأتونك يتفقه ون،
فاستوصوا بهم خ يرا) والمس ؤول أن ال يغ ير ه ذه الطائفة ش ئ ،وتس تجلب
دعوتهم لهذه الدولة القاهرة .وقد ثبت في صحيح البخاري ،أن رسول صلى
هللا عليه وسلم ق ال( :هل تنص رون وترزف ون إال بض عفائكم) ق ود أح اطت
العلوم بما أج اب به ال وزير نظ ام المل ك ،حين أنكر عليه الس لطان ص رفه
االموال الكثيرة في جهة طلب العلم ،فقال ،أقمت لك بها جندا ال ترد سهامه
باالس حار .فاستص وب فعله وس اعده علي ه .وهللا الك ريم يوفق الجن اب دائما
لمرضاته والمسارعة إلى طاعته ،والحمد هللا رب العالمين ،وصلى هللا على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .ذكر وفاته رحمه هللا .قال ابن العطار :ك ان
الشيخ ال يأخذ من أحد شيئا إال ممن تحقق دينه
] [ 75
ومعرفت ه ،وال له به علقة من اق راء أو انتف اع ب ه .ق ال :وكنت جالسا بين
يديه ،قبل انتقاله بشهرين ،وإذا بفقير قد دخل علي ه ،وق ال :الش يخ فالن من
بالد صرخد يسلم وأم رني بوض عه في بيت حوائج ه ،فتعجبت منه لقبول ه،
فشعر بتعجبي فقال ،أرسل ،إلي بعض الفقراء زرب وال ،وه ذا إبري ق ،فه ذه
آلة السفر .قال الذهبي ،وعزم عليه شخص في رمض ان ليفطر عن ده فق ال:
احضر طعامك هنا نفطر جمل ة .ق ال ابن العط ار :ثم بعد أي ام يس يرة كنت
عنده ،فقال لي :قد أذن لي في السفر ،فقلت :كيف أذن لك ؟ ق ال :أنا ج الس
هاهنا يع ني بيته بالمدرسة الرواحي ة ،وقدامه طاقة مش رفة عليها مس تقبل
القبلة ،إذ مر علي ش خص في اله واء من هن ا ،ومن ك ذا يش ير من غ ربي
المدرسة إلى شرقيها -وق ال :قم ،س افر إلى بيت المق دس .ثم ق ال :قم ح تى
ن ودع أص حابنا وأحبابن ا ،فخ رجت معه إلى القب ور ال تى دفن فيها بعض
ش يوخه ،ف زارهم وبكى ،ثم زار أص حابه االحي اء ،ثم س افر ص بيحة ذلك
اليوم .قال :وجري لي معه وقائع ،ورأيت منه أمورا تحتمل مجل دات .فس ار
إلى نوى ،وزار القدس ،والخليل عليه السالم ثم عاد إلى نوى ،وم رض بها
في بيت ولده ،فبلغني مرضه ،ف ذهبت من دمشق لعيادت ه ،فف رح بي وق ال:
ارجع إلى أهلك ،وودعته وقد أشرف لعى الغافية ،يوم الس بت العش رين من
رجب ،س نة ست وس بعين وس تمائة ،ثم ت وفي ليل ة ،االربع اء ،الراب ع،
والعشرين ،من رجب ،ودفن صبيحتها ،بنوى .قال :فبينا أنا ن ائم تلك الليل ة،
إذ مناد ينادي بجامع دمشق :الصالة على الش يخ ركن ال دين الموق ع ،فس اح
الن اس ل ذلك ،فاس تيقظت ،فبلغنا ليلة الجمعة موت ه ،وص لي عليه بج امع
.دمشق ،وتأسف المسلمون عليه تأسفا بليغا ،الخاص والعام والمادح والذام
] [ 76
ورأيت في تاريخ الذهبي ،أن بعض الكبار قتل الشيخ بالحال الم ر ،ثم ن دم
على ذلك ،وأنه ق ال الوال ده :اتحب أن يم وت عن دكم أو في دمشق ؟ فق ال:
عن دنا .قلت :فهو رضي هللا عنه ش يهد ،جمع بين مرتب تي العلم والش هادة،
نفعا هللا به .قال ابن العطار :وذكر لي جماعة من أقارب ه ،أنهم س ألوه أن ال
ينساهم في عرصات القيامة ،فقال لهم :إن ك ان ثم ج اه وهللا ال دخلت الجنة
وأحد ممن أعرفه عرصات القيامة ،فقال لهم :إن كان ثم ج اه وهللا ال دخلت
الجنة واحد ممن أعرفه ورائي ،وال أدخلها إال بعد هم .ولما دفن أراد أهله
أن يبن وا عليه قب ة ،فج اء في الن وم طلى عمته وق ال له ا :ق ولي الخي أو
للجماعة ،ال يفعلوا هذا الذي عزموا من البينان ،فانهم كلما بنوا ش يئا ينه دم
ف امتنعوا وحوط وا على ق بره بحج ارة .وق ال ابن فضل هللا :حكى لنا أخ وه
الشيخ عبد الرحمن ،أنه لما مرض مرض موته ،اشتهى أكرم ن زلي ،وتقبل
عملي ،وأول ق راي ج اءني الفت اح .وأخ برني بعض الطلبة أن شخصا ج اء
إلى قبره وجعل يقول :أنت الذي تخالف الرفعي وتق ول :قلت ..قلت ،ويش ير
إليه بيده ،فما قام حتى لدغته عقرب .ورأيت في (إنباه الغمر) الشيخ االسالم
ابن حجر في ترجمة الجمال الريمي ش ارح التنبيه أنه ك ان كث ير االزدراء،
بالشيخ مح يي ال دين فلما م ات ج اءت ه رة وهو على المغتس ل ،ف انتزعت
لسانه قال :فكان ذلك عبرة للناس .ذكر شئ مما رثي ب ه :ق ال الش يخ االدب
اكر الحنفي االربلي :عز أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن عمر بن أبي ش
العزاء ،وعم الحادث الجلل * وخاب بالموت في تعميرك االمل واستوحشت
بعدما كنت االنيس بها * وساءها فقدك :االسحار واالصل أس لى قوامك عن
قوم مضوا بدال * وعن قوامك ال مثل وال بدل فمثل فقدك ترتاع العق ول به
* وفقد مثلك جرح ليس يندمل
] [ 77
وكنت تتلو كت اب هللا معت برا * ال يعتريك على تك راره ملل قد كنت لل دين
ن ورا يستض اء به * مس دد منك فيه الق ول والعمل وكنت في س نة المخت ار
مجته دا * وأنت ب المن والتوفيق مش تمل وكنت زينا الهل العلم مفتخ را *
على جديد كس اهم ثوبك الس مل وه ذت في باطل ال دنيا وزخرفها * عزما
وحزم ا ،فمض روب بك المثل أعرضت عنها احتق ارا غ ير محتفل * وأنت
بالسعي في أخراك محتفل عزفت عن شهوات ما لعزم فتى * بها -سواك -
إذا عنت له قبل عزفت عن شهوات ما لعزم ف تى * بها -س واك -عنت له
قبل أس هرت في العلم عينا لم ت ذق س نة * إال وأنت به في الحكم مش تغل
ترى ذرى تربة من غيب وه به * أو نعشه من على أع واده حمل وا يا مح يي
الدين ،كم عادرت من كبد * حرى عليك ،وعين دمعها هطل وكم مقام كحد
السف ،ال جلد * يقوى على صولة فيه وال جدل أمرت فيه بأمر هللا منتضيا
* سيفا من العزم لم يصفع له خلل وكم تواض عف عن فض ل ،وعن ش رف
* وهمة هامة الجوزاء تنتعل فجعت باالمس ليال كنت س اهره * هلل ،والن وم
قد خيطت به المقل رجاك نور نهار كنت صائمة * إذا الهجير بنار الش مس
تش تعل * * * يا الهيا الهيا عن ه ول مص رعه * وض احك السن منه
يض حك االجل ال تخل نفسك من زاد ،فإنك من * حين ال والد مع االنف اس
مرتحل وما مقام يديم اليسر يتبعه * إلى محل تالة سابق عجل وقال أيض ا:
نبأ أصم به واصمى الناعي * فجنى على االبصار واالسماع غدت النف وس
به شعاعاإذ بدت * شمس الضحى حزنا بغير شعاع أودى بها خوف التفرق
قبله * ما أشبه االوجال باالوجاع حل المص اب ب رب كل فض يلة * وبب اب
كل ثنية طالع هاد إلى السنن القويم وسنة ال * ه ادي جميل من اقب ومس اع
يحيى الذي أحيا الفضائل سعيه * وهدى ببارق ذهنه اللماع الق انت ،الق وام،
والصوام ،والس * -اعي بخطو في العلوم وساع
] [ 78
ما زال وأحد عص ره في ده ره * إلى س بيل الحق أفضل داع ح بر جلي ل،
جل في تأبينه * عن رتبة االشعار واالشجاع وقال قاضي القضاة نجم الدين
أحمد بن محمد بن س الم بن الحسن بن صص ري :أعي ني ج ودا بال دموع
الهوامل * وج ودا بها كالس اريات الهواطل على الش يخ مح يي ال دين ذي
والتقي * ورب اله دى والزه د ،ح اوي الفض ائل على ق انت ،ب ر ،طه ور،
موفق على ع الم بالنسك وال دين عامل وس يال دم ا ،فال دمع ليس بن اقع *
غليلي ،وال مطف أوام مفاص لي لق دم ك ان ف ردا في الزم ان مكفال * ع ديم
نظير أو ش بيه مس اجل لقد ك ان عن دين االله مناضال * ف أكرم به من دين
لقد كان فردا في الزمان مكفال * عديم نظير أو ش بيه مس اجل لقد ك ان عن
دين االله مناضال * ف أكرم به من دين دومناضل لقد ك ان فج ال دنيا الدنية
زاهدا * فلم يله منها فظ يوما بطائل لقد كان في االخرى العلية جاهدا فنوله
منها رب أش رف نائل لقد ك ان ب المعروف للن اس آم را * ون اهيهم عن
منكرات وباطل فكم قام في االسالم حق قيامه * وما عاقه عن قص ده ع ذل
عاذل وكم اذوي الجاهات واجه معلنا * بانكاره عند الصحى واالصائل وكم
باله دى والحق ش افه منك را * إذا لم يكن يص غي الق وال قائل ف إو هو عن
رؤياه أصبح عاجزا * يبلغه إنكاره في الرسائل وقال الشيخ أبو الحسن علي
بن المظفر بن إب راهيم الكن دي :لهفي عليه س يدا وحص ورا * س ندا العالم
الهدى ،وظهيرا ومجاهدا ومجاهرا في هللا ال * يخشى مليكا ق اهرا ،وأم يرا
ومش يدا ركن الش ريعة ،ناص حا * ،بالباقي ات الص الحات مش يرا عف من
ال دنيا ،وكم عرضت له * جال فأوالها قلى ونف ورا هجر الك رى والطيب ات
تورعا * ،إذ قام ديجورا ،وص ام هج يرا أح يى ش ريعة أحم د ،وأفاض ها *
فأفادنا نشرا لها ونشروا
] [ 79
يفتي ،فيفتن كل حبر علمه * مع أنه يهدي اله دى والن ورا ما م ات يح يى،
إنما جبل ه وى * قأخ اف ذلك ي ذبال وثب يرا إن الم دارس وحشة لفراقه *
أض حت دوارس ال ت بين ،دث ورا وك ذا المس اجد بالمص ابيح انثنت * تب دي
عليه حرقة وزف يرا تلك الزواي ات والثي ات الخشن قد * ع ادت عليه جنة
وحري را آها على االواه واالواب من * ص دق المق ال لنفس ه ،هج يرا
والطاهر االعراض واالعراض ال * يبدي رياء لالن ام وزورا وزر به عند
الحوادث تتقى * عند الملوك به الورى المحذورا ض من ت وى الج والن من
أخالقه * ن ورا إذا ظن الس حاب غ ديرا وتقدست بقدومه من قدسه فيها
قبورك طاهرا وطهورا وقال أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مصعب ،ق ال
ابن فضل هللا -وك ان ق رأ عليه قطعة من الروض ة :أأكتم ح زني والم دامع
تبديه * لفقد ام رئ كل البرية تبكيه رأى الن اس منه زهد يح يى س ميه *
وتق واه ،فيما ك ان يب دي ويخفيه ولم ي رض بال دنيا ،وال م ال لحظة * إلى
عيشها ،فاهلل ال شك يرضيه تحلى بأوصاف الن بي وص حبه * وأتباعه ه ديا
فمن ذا يدنيه ؟ حديث رسول هللا والفقه دأبه * يصنفه في ذا ،وه ذاك يرويه
يرى الموت يحيى في اماته بدعة * وكم سنة أحيى بحستن مساعيه شكافقده
علم الح ديث وحفظه * وأهل وه ،والكتب الص حاح ،وقاريه والح على وجه
العلوم كآبة * تخبر أن الدين قد مات محييه إذا عدم االسالم أش رف أهله *
فال غ رو أنا في المص اب نعزيه وق ال الفقيه س ليمان بن أبي الح ارث
االنصاري الحنفي :مصاب أصاب القلب للجفن أرقا * وخطب أتى ب الحزن
للصبر فرقا ورزء تغشى المسلمين بأسرهم * وسهم إلى عين الش ريعة فوقا
ولم يعد قبل الش افعية فض له * وإن ك ان قد عم الطوائف مطلقا وض اق
القضاء الرحب ،حتى لقد غدا * كسم حياط ،أو من السم أضقا
] [ 80
بمن كان حليا للزمان وأهله * وعقد نظام العلم والحلم والتقى إذا ما اقتضاه
الش رع من أجل ح ادث * ف رى هامة الخطب الجس يم ،وفرقا فأص بحت
االقطار والكون كله * لفقدك محيي ال دين بي دا س ملقا فأرثيك ال أني طننتك
مينا * وكيف وإحي اء العل وم هو البقا أبا زكريا للم رء ملجا * ي رد ال ردى
عنه ،ولو جر فيلقا أحيى ولو أن الموت يثنيه عن فتى * ثبات جنان ،النثنى
عنه أخرقا وما مد ص رف ال دهر نح وك باعه * وال ضم جنبيك الص فيح
مطبقا وكيف يواري المرء علما غدا به * على سعة -صدر البسيطة ض يقا
فطوبى لقبر ضمه ،فلقد غ دا * يب اهي به دار المقامة والبقا وق ال الفقيه أبو
عبد هللا محمد المنبجي ،أحد فقه اء الناص رية بدمش ق :س بل العل وم تقطعت
أس بابها * وتعطلت من حليها طالبها لمص بية عز الع زاء له ا ،كما * في
الناس قد جلت وجل مصابها يا أيها الحبر الذي من بعده كل الفضائل غلقت
أبوابها أض حى على ال دنيا لفق دك وحشه * ما اعتادها من قبل ذا أربابها
مس ودة أيامه ا ،متغ ير * أحواله ا ،مس توحش محرابها هلل أي بح ار فضل
غيضت * من بعد ما زخرت ،وعب عبابها من للمسائل اعضلت ؟ من للفتا
* وى أشكلت عن أن يرد جوابها ؟ من للتقى ؟ من للحجى * ط ويت -لفقد
أليفها -أثوابها وقال أبو الفضل يوسف بن محمد بن عبد هللا الكاتب ،ق ارئ
دار الح ديث ،من قص يدة ي رثي بها أش ياخه ،بعد ذكر ابن الص الح،
والسخاوي ،وأبي شامة ،وغير هم .وكذاك محيي الدين فاق بزهده * وبفقهه
الفقها مع الزهاد القانت االواب ،والحبر الذي * نصر الش ريعة دائما بجه اد
تبكيه دار للحديث وأهلها * لخلوها من فضله المعتاد لم يبق بعدك للص حيح
مع رف * قد كنت فيه جهبذ النق اد من ذا ي بين مس ندا من مرسل * أو من
حديث عد في االفراد
] [ 81
أو كان مقطوعا ضعيفا معضال * أو كان مضوعا لذي الحساد أو من ي بين
منك را في متنه * أو من يع رف علة االس ناد ؟ من ذا لرفع المنك رات وقد
غدت * بين االنام كثيرة الترداد ؟ ونصرت دين هللا وحدك جاهدا * ودفعت
عنه شبهة المراد وقال العفيف التلمساني :نعم بعد يحيى معهد الفضل دارس
* فما أنصفت إن لم تنحه المدارس فيا صبرمت عندي ،ويا ح زن فلتعش *
فإن النواوي قد حوته الروامس بكته مساعيه التي بذت االلى * س عوا للعلى
في أرض هم وهو ج الس ون احت عليه ورق أوراق ه ،وما * له امن س وى
االقالم قصب ب وائس وأقسم ما نفس بكته نفيسه * إذا لم تس اعدها ال دموع
النفائس تلهب قلب البرق ،والدعد ضارخ * اسى ،ودموع الغاديات ب واجس
وظل وبات اللؤلؤ الرطب حاسدا * مدامع فيه تقول المجالس ومثوى ال ربى
فيه حسد الثرى * فماذا عسى فيه تقول المجالس لقد كان يح يي الليل يح يى
ساهدا * وجفن سمير النجم في االفق ناعس ويط وي على ال داء ال دفين من
الطوى * اض الع ما فيها س وى ال ذكر ه اجس ويرضى جليس الخ ير ممتع
بحثه * فينقاد للحق المماري الممارس فان تضحك االخرى سرورا بمثله *
فوجهك يا دنيا من الفقد عابس وكنت به مثل العروس فأص بحت * لديه من
الحور الحسان عرائس فلله عضن عندما تم زهره * وأ ين ع :أض حى رطبه
وهو ي ابس وب در تم ام ،والب دور م تى تغب * ت راح ،وه ذا منه قل بي آيس
فأقسم ما النعمى بها القلب ناعم * عليه وال البؤسى بها القلب بائس وهبهات
لو اني صديق ومات لم * اعش بعده لما حوته الروامس فيا دهر هل ك انت
مناي اه أكؤسا * ملئت بها س كرا ،فرأسك ن اكس ؟ لقد اجفلت غر المس ائل
بع ده * وعه دي بها من قبل وهي أوانس نط ار منهن الش رود كأنها * مها
ت دريها بالقسي الف وارس ولو أنه فينا لع دن وكنس ال * -ج واري ل دينا ،ال
الظياء الكوانس
] [ 82
له في رس ول هللا واآلل اس وة * وأص حابه ،عنهم تق ول الف رادس أب وا أن
يؤوبوا نحو دنيا دنيه * مالبسه تعرى بها وهو البس وكيف نبكيه ونعلم أنه
* على ما إليه صار كان ينافس خاتمة االولى :روى الحاكم في المس تدرك،
وأبو داود ،وغيرهما ،عن أبي هري رة ،ق ال االم ام أحم د :فك ان على رأس
المائة االولى عمر بن عبد العزي ز ،وعلى رأس الثانية االم ام الش افعي.
قالوا :وعلى رأس الثالثة أبو العباس بن س ريج ،وقي ل :االش عري ،والرابعة
أبو الطيب سهل الصعلوكي ،وقيل الشيخ أبو حامد إمام العراق يين والسادسة
الفخر الرازي ،وقيل :الرافعي ،والس ابعة ابن دقيق العي د .وهك ذا ذك ره ابن
السبكي في الطبقات .قلت :وقد ذكر ش يخ ش يوخنا حافظ العصر زين ال دين
العراقي في ترجمة جمعها للشيخ جمال ال دين االس نوي ،أنه المبع وث على
رأس المائة الثامنة .والش يخ مح يي ال دين أحق ب أن يك ون على رأس المائة
السابعة ،بل هو أقرب إلى القرن من االسنوي ،فإن وفاته -كما تق دم -س نة
،676ووفاة االسنوي س نة 673وفي ظ ني أن الش يخ زين ال دين الع راقي
نقل في ترجمته المذكورة ،أن بعضهم ذكر ذلك في شأن النووي ،وأنه قاس
االس نوي عليه من حيث ت أخر زمنه عن رأس الق رن .وقي ل :إن المبع وث
على رأس المائة الثامنة شيخ االس الم س راج ال دين البلقي ني .وقد نظم فيمن
تقدم أبيات مفرقة ،فقال بعضهم يخاطب ابن سريج .اثنان قد مضيا ،فب ورك
فيهما * عمر الخليف ة ،ثم حلف الس ودد الش افعي ،االلمعي محمد * ارث
النبوة ،وابن عم محمد ابشر أبا العباس ،أنك ثالث * من بعدهم ،س قيا لتربة
أحمد وقال بعضهم مذيال :والرابع المشهور سهل محمد * أضحى إماما عند
كل موحد يأوي إليه المسلمون بأسرهم * في العلم إن جاؤوا لخطب مؤيد
] [ 83
ال زلت فيما بيننا خير الورى * للمذهب المختار خير مجم دد وق ال الش يخ
تاج الدين السبكي م ذيال :ويق ال :إن االش عري الث الث ال * -مبع وث لل دين
الق ويم االيد والحق ليس بمنكر ه ذا ،وال * ه ذا وعلهما أم ران فع دد ه ذا
لنصرة أصل دين محمد * كنظير ذلك في ف روع محمد وض رورة االس الم
داعية إلى * هذا وذاك ليهتدي من يهتدي وقضى أناس أن أحمد اال سفرا *
ييني رابعهم ،وال تستبعد فكال هما فرد الورى المع دود من * ح زب االم ام
الشافعي محمد الخامس الح بر االم ام محمد * هو حجة االس الم دون ت ردد
وابن الخطيب السادس المبعوث إذ * هو للشريعة ك ان أي مؤيد الس ابع ابن
دقيق عيد فاس تمع * ف القوم بين محمد أو أحمد وانظر لسر هللا أن الكل من
* أصحابنا ،فافهم ،وانصف ترشد هذا على أن المصيب أمامنا * أجلى دليل
واضح لمهتدي يا أيها الرجل المريد نجابة * دع ذا التعصب والم راء ،وقلد
هذا ابن عن المصطفى وسميه * والعالم المبعوث ،خير مجدد وضح اله دى
بكالمه وبهديه * يا أيها المس كين لم ال تقت دي ؟ وقلت أنا م ذيال :ويق ال :إن
الس ادس الش يخ االم ام * م ال رافعي ،وليس بالمس تبعد فهو المج دد للف روع
وذلك ال * -محيي حقيقا أصل دين محمد والسابع الشيخ الن واوي ال ذي ،قد
ح رر ال دين الرضى للمقت دي والث امن الش يخ الجم ال االس نو * ي منقح
االحك ام للمسترشد والع الم االس مى س راج ال دين ذو * يلقين ة ،نقل وا ،وال
تستبعد فكالهما شيخ لذلك العصر قد * كانا الهل الدين أفضل مرشد والحق
أن البعث ال * يختص فردا عنده عن مفرد بل كل حبر ك ان موج ودا فه وا
* ما قد أراد به ح ديث المرشد ودليله أن الغم وس لمن ي رى * فمفادها
للجمع أظهر فاهتد
] [ 84
الثانية :في سلسلة الفقه للشيخ ق ال الش يخ في ته ذيب االس ماء واللغ ات :هذ
من المطلوبات المهمات ،والنفائس الجليالت ،ال تي للمتفقة والفقيه معرفته ا،
ويقبح بهما جهالتها ،فإن شيوخه في الع الم آب اء له في ال دين ،ووص له بينه
وبين وبين رب العالمين .وكيف ال يقبح جهله االنس اب والوص لة بينه وبين
ربه الك ريم الوه اب ،مع أه م أمور بال دعاء لهم ،وب رهم ،وذكر م آثر هم،
والثناء عليهم ،وشكر هم فأذكر هم مني إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
وحينئذ يعرف من كان في عصرنا وبع ده طريق ة ،باجتماعها هي وط ريقي
قريب ا .وحينئذ يع رف من ك ان في عص رنا وبع ده طريق ة ،باجتماعها هي
وط ريقي قريب ا .ق ال :فأما أنا فأخ ذت الفقه ق راءة وتص حيحا ،ذ وس ماعا،
وشرحا وتعليقا ،عن جماعات :أولهم :شيخي االم ام أبو إب راهيم إس حاق بن
أحمد المغ ربي :ثم ش يخنا :عبد ال رحمن بن ن وح المقدس ي .ثم ش يحنا :أبو
حفص عمر بن أسعد بن أبي غ الب ال ربعي االربلي :ثم ش يخنا :أبو الحسن
س الر بن الحسن االربلي :وتفقه ش يوخنا الثالثة االول ون على االم ام أبي
عمرو بن الصالح ،وتفقه هو على والده في طريق العراقيين على أبي سعد
بن أبي عصرون ،وأبو سعد على أبي علي الفارقي ،والفار في على الش يخ
أبي إسحاق الشيرازي ،والشيخ على القاضي أبي الطيب الطبري ،والقاضي
على أبي الحس ين الماس رجي ،وهو على أبي إس حاق الم روزي ،وهو على
أبي العباس بن سريج ،وهو على أبي القاسم االنم اطي ،وهو على الم زني،
وهو على الش افعي ،وهو على مالك وهو على ربيعي ة ،ون افع ،وهما على
ابن عمر عن الن بي ص لى هللا عليه وس لم .ق ال :وأما طريق الخراس انيين
فأخ ذتها عن ش يوخنا الم ذكورين عن ابن الص الح ،عن وال ده ،عن أبي
القاسم بن البزري ،عن الكيال ،عن أبي المعالي إم ام الح رمين ،عن وال ده،
عن أبي عبد هللا بن أحمد القفان الصغيره ،عن أبي زيد المروزي ،عن أبي
.إسحاق المروزي ،عن ابن سريج بسنده السابق
] [ 85
ق ال :وتفقه ش يخنا س الر على االم ام أبي بكر الماه اني ،وهو عن ابن
البزري بطريقه السابق .قلت :وأنا أخذت الفقه عن جماعة أجلهم :والده شيخ
االسالم سراج الدين عمربن رسالن البلقي ني ،وهو عن جماعة منهم الش يخ
ش مس ال دين بن عالن ،وهو عن الوجيه عن الوه اب بن حسن البهنس ي،
وهو عن البه اء الجم يري ،وهو عن عبد الوه اب بن حسن البهنس ي ،وهو
عن البهاء الجميزي ،وهو عن ابن أبي عصرون بطريقه الس ابق ،فباعتب ار
طريقنا هذا كان شيخي أخذه عن النووي .الثالثة :في نس بة الش يخ الح زامي
قال ابن العطار :ذكر لي الشيخ -ق دس هللا روحه :-ان بعض أج داده ك ان
يزعم أنها نسبة إلى حكيم بن حزام .ق ال الش يخ :وهو غل ط ،بل إلى ح زام،
جد لنا نزل الجوالن ،بقرية نوى ،على عادة الع رب ،فأق ام به ا ،هللا ذري ة،
إلى أن صار منهم خلق كثير .الرابعة :نوى وفيها يقول بعضهم :لقيت خ يرا
يا ن وى * وكفيت من شر الن وى فلقد نشا بك ع الم * هلل أخلص ما ن وى
وعلى عداه فضله * فضل الحبوب على النوى والنسبة إليها ن ووي ،بح ذف
االلف بين الواوين على االصل ،وقلب االلف االصلية واوا .ويقال :ن واوي،
بتخفيف الياء وااللف بدال عن إحدى ياءي النسب ،كما يق ال :يم ني ويم اني
بتخفيف الياء في الثانية .ورأيت كال االمرين بخطه رحمه هللا تعالى .ورأيت
في تعليقة للقاضي عز الدين ابن جماعة بخطه .قال ابن العط ار :لما ودعت
الش يخ مح يي ال دين الن ووي بن وى حين أردت حين اردت الس فر للحج،
حمل ني الس الم إلى االم ام أبي اليمن عس اكر ،فلما بلغته س المه ،رد علي
وسألني :أين تركته ؟ قلت :ببلدة ن وى ،فأنش دني ب ديها :أمجمعين على ن وى
اشتاقكم * شوقا يجدد لي الصبابة والجوى
] [ 86
فأروم قربكم البي مرتج * يا سادتي ق رب المقيم على ن وى الخامس ة :والد
الشيخ شرف ذكره الصالح الص فدي في تاريخ ه ،وق ال :ت وفي ( .)1إس ناد
حديث الشيخ رحمه هللا تعالى أخبرني ( )1شيخ االس الم علم ال دين البلقي ني
اجازة عن والده ،عن الحافظ أبي الحجاج الم زي ،أخبرنا االم ام أبو زكريا
الن ووي ،أخبرنا االم ام ابن قدامة المقدس ي ،ح دثنا أبو حفص بن ط برزد.
وكتب لي عاليا بدر جتين أبو عبد هللا الحل بي ،عبد الص الح بن أبي عم رو
عن أبي الحسن بن البخاري ،أخبرنا ابن طبرزد ،أخبرنا أبو الفتح الكرخي،
أخبرنا أبو ع امر االزدي ،أخبرنا أبو محمد الج راحي ،أخبرنا أبو العب اس
المحبوبي ،أخبرنا أبو عيسى الترمذي ،أخبرنا عبد هللا بن أبي زي اد ،أخبرنا
س يار ،أخبرنا عبد الواحد بن زي اد ،عن القاسم بن عبد ال رحمن ،عن أبي ه،
عن ابن مسعود قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :لقيت إبراهيم حين
أسري ،بي ،فقال :اقرئ امتك مني السالم ،وأخبر هم أن الجنة طيبة التربة،
عذبة الم اء ،وأنها فيع ان ،وان غراس ها س بحان هللا ،والحمد هللا وال إله إال
هللا ،وهللا أكبر .قال الترمذي :حديث حس ن :ق ال الش يخ في الته ذيب :قد من
هللا علينا ،ان جعل لنا رواية متصلد ،وسببا متعلقا ،بخليله إبراهيم ص لى هللا
عليه وسلم .أخبرني أبو الفضل محمد بن عمر ،أخبرنا أبو إسحاق التنوخي،
أخبرنا الحافظ أبو الفضل محمد بن عم ر ،أخبرنا أبو إس حاق التن وخي،
أخبرنا الحافظ أبو عبد هللا ال ذهبي ،أخبرنا علي بن إب راهيم بن العط ار،
أخبرنا يح يى بن ش رف الفقي ه ،أخبرنا خالد بن يوس ف .وكبت إلى عاليا
بثالث درجات ،أبو عبد هللا الحلبي ،عن ابن الص الح أبي عم رو ،عن أبي
الحسن بن البخاري قاال :أخبرنا أبو اليمن الكندي ،أخبرنا
] [ 87
المبارك بن الحسين ،أخبرنا علي بن أحم د ،أخبرنا محمد بن عبد ال رحمن،
أخبرنا عبد هللا بن شيبان ،حدثنا حماد بن س لمة ،عن ث ابت ،عن أنس ق ال:
ق ال رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم :من طلب الش هادة ص ادقا من قلبه
أعطيها ولو لم تصبه ...أخرجه مسلم .وقد ختمنا بهذا الح ديث كتاب ا ،رج اء
أن يختم هللا لنا بالش هادة ،وأن يجعلنا من ال دين لهم الحس نى وزي ادة .وه ذا
آخ رة وهللا أعلم .وص لى هللا على س يدنا محمد وعلى آله وص حبه أجمعين
.وسلم
] [ 89
االمام السيوطي نس به ( )1هو االم ام المت أخرين ،علم أعالن ال دين ،خاتمة
الحف اظ أبو الفضل عبد ال رحمن بن أبي بك ربن محمد بن س ابق ال دين بن
الفخر عثمان الص الح أي وب بن ناصر ال دين محمد بن الش يخ هم ام ال دين
الهم ام الخض يري االس يوطي ،ولقب رحمه هللا بجالل ال دين .وكنيته أبو
الفضل :وكان سبب كنيته أنه ع رض على العز الكن اني الحنبلي فق ال له ما
كنيت ك .ق ال :كنية لي .أبو الفضل وأما نس به بالخض يري .فقد تح دث عنها
رحمه هللا في ترجمة لنفسه في حسن المخاض رة فق ال :وأما نس بتنا
بالخض يري فال أعلم ما تك ون إليه ه ذه النس بة إال الخض يرية محلة ببغ داد
وقال أيضا .وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه هللا تعالى يذكر أن
ج ده االعلى ك ان أعجميا أو من الش رق فالظ اهر أن النس بة إلى المحلة
الم ذكورة .مول ده ولد رحمه اللهبعد المغ رب ليلة االحد مس تهل رجب س نة
وأربعين وثمانمائة
] [ 90
هجري ة ،فقد ولد رحمه هللا في بيت ع رف ب العلم واالدب وس مو المكانة
وعلو المننزلة ،وال عجب فقد كان أب وه ،علما من االعالم وفقيها من فقه اء
الش افعية المرم وقين ،فقد ولي رحمه هللا في مس تهل حياته منصب القض اء
في أس يوط ثم انتقل إلى مصر حيث أس ند إليه بها منصب االفت اء على
م ذهب االم ام الش افعي .وت وقي ول ده وله من العمر خمس س نوات وس بعة
أشهر وقد وصل من حفظ القرآن إذا ذاك إلى سورة التحريم ولكن هللا تعالى
قد كاله بعنايته وأحاطه برعايته فقيض له العالمة الكمال ابن الهم ام ،فك ان
رحمه هللا يرع اه ويتابعه في تحفيظ الق رآن وذلك من فضل هللا يؤتيه من
يشاء ،وهللا واسع عليم .نشأته نشأ رحمه هللا نشأة علمية منذ نعومة أظف اره،
فقد كان ولده رحمه هللا شديد الحرص على توجيهه الوجهة الصالحة إذ كان
يحفظ القرآن الكريم في صغره ويستصحبه إلى دور العلم ومجالس القض اء
ودروس الفقهاء وسماع الحديث .ويذكر المؤرخون ال ذين ترجم وا له رحمه
هللا أن أب اه قد طلب من الش يخ ش هاب ال دين بن حجر العس قالني ص احب
الفتح أن ي دعو له بالبركة والتوفي ق ،وك ان رحمه هللا ي رى في الحافظ ابن
حجر مثله االعلى وك ان يترسم خط اه ويح ذو ح ذوه فيما بعد ح تى قيل إنه
شرب من ماء زمزم بنية أن يجعله هللا مثل ابن حجر فاستجاب هللا س بحانه
وتعالى له فكان من أكبر الحفاظ .طلبه للعلم كان الس يوطي رحمه هللا ش ديد
الذكاء ،قوي الذاكرة ،حفظ القرآن وهو دون ثماني سنين حفظ عمدة االحكام
وشرحه البن دقيق العيد ثم حفظ منه اج االم ام الن ووي في فقه الش افعية ثم
منه اج البيض اوي في االص ول ثم ألفية ابن مالك في النحو ثم تفس ير
البيض اوي .وع رض ذلك رحمه هللا على طائة من مش ايخ االس الم مثل
البلقيني وعز الدين الحنبلي وشيخ االقصراني فأج ازه ه ؤالء وغ يرهم .ولم
يدع رحمه هللا من فروع المعرفة وال نوعا من أنواع العلم إال وقد أدلى
] [ 91
فيه بدلو وتلفاه عند أهله ،فأخذ الفقه عن شيخ الشيوخ س راج ال دين البلقي ني
وقد الزمه إلى أن توفي فالزم من بعده ول ده علم ال دين .أخذ الف رائض عن
فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي ،والزم الش رف المن اوي أبا
زكريا محمد بن عبد الرؤوف شارح الج امع الص غير .وأخذ العل وم العربية
عن االم ام العالمة تقي ال دين الش بلي الحنفي وكتب له تقريظا على ش رح
ألفية ابن مالك .ولزم العالمة محيي الدين الكافيجي أربع عش رة س نة فأخ ذه
عنه التفس ير واالص ول والعربية والمع اني وأخذ عن جالل ال دين المحلي
وعن المعز الكن اني أحمد بن إب راهيم الحنبلي ،وحضر على الش يخ س يف
الدين الحنفي دروسا عديدة في الكش اف والتوض يح وحاش ية عليه وتلخيص
المفت اح في البالغ ة ،وقد أج يز بت دريس في مس تهل س نة ست وس تين
وثمانمائ ة ،أي في سن الخامسة عش رة وأخذ أيضا عن المجد بن الس باع
وعبد العزيز الوق ائي الميق ات ،وأخذ الطب عن محمد بن إب راهيم ال دواني
ال رومي .والمتتبع لنش أة الس يوطي يجد أنه قد أخذ الكث ير من العل وم عن
الكثير من المشايخ .وقد ذكر بعض أهل العلم ممن ترجعوا له أن شيوخه قد
وصلوا نحو س تمائة وال غرابة في ذلك وال عجب ف إن الس يوطي قد ع اش
حياته يأخذ العلم حيث وج ده وعن كل من يلق اه وأنه أك ثر من الس فر
والترح ال في س بيل تحص يل العلم ورواية الح ديث .وذكر أيضا في بعض
الرواي ات أنهم مائة وخمس ون ش يخا وش يخة وفي بعض ها ق ارب ع دد هم
الستمائة على ما ذكر آنفا .قيامه بالت دريس ك ان االم ام الس يوطي رحمه هللا
خ ير م ؤدبي عص ره وأفضل مدرس يه إذ اش تهر بالبراعة في الش رح
والروعة في االمالء ومن ثم ش دت إليه الرح ال من كل مك ان فك ان رحمه
هللا ي درس العربية في سن مبك رة إذ ك ان عم ره وقت إجازته بالت دريس
خمسه عشر عاما فقط وهي قص يرة من أعم ار العلم اء االعالم ثم ش رع
أيضا في تدريس الفقة وإمالء الحديث سنة اثنتين وس بعين وثمانمائة أي بعد
مباشرته تدريس العربية بنحو
] [ 92
ست سنوات ثم شرع بعد ذلك يزاول التدريس واالمالء ،في مختلف العل وم
وشتى الفن ون فق ال متح دثا عن نفسه متح دثا بنعمة هللا أنه رزق التبحر في
سبعة علوم :التفسير والفقه والحديث والنحو والمع اني والبي ان والب ديع على
طريقة العرب البلغ اء ال على طريقة العجم وأهل الفلس فة .وك ان رحمه هللا
يق ول أيضا إنه بلغ االجته اد إذ ق ال :وقد كملت عن دي اآلن آالت االجته اد
وبحمد هللا تعالى أق ول ذلك متح دثا بنعمة هللا تع الى ال فخ ر ،ولو ش ئت أن
أكتب في كل مس ألة مص نفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياس ية وم داركها
ونقوحها وأجوبتها والموازنة بين اختالف الم ذاهب فيها لق درت على ذلك
من فضل هللا مصنفاته لم يدع السيوطي فناإال وكتب في ه ،وب دأ في الت أليف
في سن مبك رة إذ ذكر الم ترجمون له أنه ش رع في التص نيف س نة ست
وس تين وثمانمائة هجرية وك ان أول شئ ألفه في التفس ير وهو تفس ير
لالستعاذة والبسملة وقد عرضه على شيخ االسالم علم الدين البلقيني فأجازه
وكتب له تقريظا حسنا ،ثم ت والى بعد ذلك تأليف ه .وقد اختلف الب الحثون في
ع دد المص نفات ال تي أث رى بها الحافظ الجالل الس يوطي المكتبة اختلف
الباحثون في عدد المصنفات التي أثرى بها الحافظ الجالل السيوطي المكتبة
االس المية فمنهم من ي رى أنها تبلغ إح دى وس تين وخمس ائة وهو ما ذهب
إليه فلوجل وأما ما ذهب إليه بوركلم ان فقد عدله خمسة عشر وأربعمائة
كت اب .ولقد ح دثنا رجل فاضل أنه ألف كتابا للحافظ الس يوطي تكلم عنه
وترجم له وعد مصنفاته حتى بلغت ستأ وألف كت اب وه ذا إن دل إنما ي دل
على سعة يتحره كما ذكرنا .وهنا أورد بعض مصنفات ه ذا االم ام الجلي ل.
فمن أهم تص انيفة على س بيل المث ال ال الحص ر - 1 :االخب ار المروية في
سبب وضع العربية - 2 .االشباه والنظ ائر في النح و - 3 .االف تراح في علم
.أصول النحو
] [ 93
االلفاظ المعربة - 5 .البهجة المرضية في ش رح االلفي ة - 6 .الفري ده4 - .
وهي ألفية وله ش رح عليه ا - 7 .الت ارج في إع راب ش كل المهن اج- 8 .
المص اعد العلية في القواعد النحوي ة - 9 .النكت على االلفية والش افية
والشذور والنزهة - 10 .المزهر في عل وم اللغ ة - 11 .الس يف الص قيل في
حواشي ابن عقي ل - 12 .الش معة المض يئة ش رح كافية ابن مال ك- 13 .
تعريف االعجم بح روف المعجم - 14 .جمع الجوامع في النح و - 15 .رفع
الس نة في نصب الزن ة - 16 .ش رح جمع الجوام ع - 17 .ش رح القص يدة
الكافية في التعري ف - 18 .ش رح تص ريف الع زى - 19 .ش رح لمعة
االشراف في االشتقاق - 20 .شذا العرف في إثب ات المع نى للح رب- 21 .
شرح شواهد المغني - 22 .شرح أبيات تلخيص المفتاح - 23 .عقود الجمان
في علم المع اني والبي ان - 24 .فجر الثمد في إع راب أكمل الحم د- 25 .
قطر الن دى في ورود الهم زة للن دى - 26 .نكت على التلخيص يس مى
االفصاح - 28 .نكت على شرح الشواهد لليعني - 29 .نظم الب ديع في م دح
.خير شفيع - 30 .الدر المنثور في التفسير بالمأثور
] [ 94
تناسق ال درر في تناسب الس ور - 32 .المع اني الدقيقة في إدراك 31 -
الحقيقة - 33 .إتمام النعمة في اختصاص االسالم به ذه االم ة - 34 .ال ديباح
على صحيح مسلم بن الحجاج - 35 .كشف الغطاء على موطأ مال ك- 36 .
تنوير السافرة عن أمور اآلخرة - 37 .البدور السافرة عن أمور اآلخرة38 .
-نتيجة الفكر في الجهر بال ذكر - 39 .مس الك الحنفا في إس الم وال دي
المصطفى - 40 .نشر العلمين في إحياء االبوين الشريفين - 41 .ذم القضاء.
- 42ذم زي ادة االم راء - 43 .التنفيس عن ت رك االفت اء والت دريس- 44 .
االحاديث الحسان في فضل الطيلس ان - 45 .طي اللس ان عن ذم الطيلس ان.
- 46التضلع في معنى المتقنع - 47 .عين االصابة في ما اس تدركته عائشة
على الصحابة - 48 .االحتفال باالطف ال - 49 .االوج في خ بر ع وج- 50 .
الوديك في ال ديك - 51 .الوث وث في فوائد ال برغوث - 52 .مختصر النهاية
البن االث ير - 53 .الينب وع فيما زاد على الروضة من الف روع- 54 .
مختصر الخ ادم - 55 .ش رح ال روض البن المق رى .وغ ير ذلك مما حوته
.كتب التراجم
] [ 95
ثناء العلماء عليه لم أجد ترجم لهذا االمام إال وقد شهد له بالبراعة والتبحر،
ولقد أثنى عليه شيوخه وأقرانه وتالميذه والعلم اء من بع ده ممن ق رأ كتب ه.
فيق ول أبو الحس نات محمد محمد عبد الحلي اللكن وي في حواش يه على
الموطأ بعد أن ذكر الس يوطي :وتص اننفه كلها مش تملة على فوائد لطيفة
وفرائد شريفة تشهد كلها بتبحره وسعة نظره ودقة فكره وأنه حقيق بأن يعد
من مجددي الملة المحمدية في بدء المائة العاشرة وآخر التعاسعة كما ادع اه
بنفسه وشهد بكونه حفيا به ممن ج اء بع ده كعلي الق ارئ المكي في الم رآة.
انقطاعه عن الت دريس والقض اء واالفت اء انقطع الش يخ رحمه هللا عن
التدريس واالفتاء لما بلغ أربعين سنة من عمره وأخذ في التجرد واالنقط اع
هلل تعالى واالشتغال وواالعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم
وشرع في تحرير مؤلفاته التي سبقت االشارة إليها وألف رسالة يعت ذر فيها
عن التدريس س ماها (التنفيس في االعت ذار عمن ت رك االفت اء والت دريس).
وأقام رحمه الل في روضه المقياس فلم يتح ول منها إلى أن م ات .فيرده ا،
وفي ذات يوم من االيام أرسل له السلطان الغوري خصيا وألف دينار ،فرد
االلف وأخذ الخصي وأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية وق ال لقاص ده
ال تعد تأتينا قط بهدية فإن هللا تع الى أغنانا عن مثل ذل ك ،وقيل له م رة إن
بعض االولي اء ك ان ي تردد أس لم ل دين المس لم .وقد طلبه الس لطان م رارا
يحضر إليه وألف كتابا س ماه (ما رواه االس اطين في ع دم ال تردد إلى
السالطين .).وفاته توفي رضي هللا عنه في س حر ليلة الجمعة تاسع جم ادى
االولى سنة إحدى وعشرة
] [ 96
وتسعمائة في منزله بروضة المقياس عن عمر بلغ اثنين وستين عاما وكان
له مشهد عظيم ،ودفن في حوش قوصون خارج باب القراف ة ،وص لي عليه
بدمشق بالج امع االم وي ي وم الجمع ة ،وقيل أخذ الن اس قميصه وقبعته
فاشترى بعض الناس قميصه من الناس بخمسة دنانير للتبرك به وباع قبعته
بثالثة دنانير لذلك أيضا .وقد رثاه عبد الباسط بن خليل الحنفي بقول ه :م ات
جالل الدين غيث الورى * مجتهد العصر إمام الوجود وحافظ السنة مه دي
اله دى * ومرشد الض ال بنفع يع ود فيا عي ون انهملي بع ده * ويا قل وب
انفطري ب الوقود واظلمي يا دنيا إذ حق ذا * بل حق أن ترعد فيك الرع ود
وحق للضوء بأن ينطفى * وحق للقائم فيك القعود وحق للنور بأن يختفى *
وللي الي ال بيض أن تبقى س ود وحق للن اس ب أن يحزن وا * بل حق أن كل
بنفس يجود وحق لالجيال خسرا وأن * تطوى السماء طيا كيومالوعود وأن
يفور الم اء واالرض ان * تميد وعم المص اب الوج ود مص يبة حلت فحلت
بنا * وأرثت نار اشتعال الوجود ص برنا هللا عليها وأوالده * نعيما حل دار
الخلود وهللا يقول الحق ويهدي السبيل
] [ 97
كتاب متقى الينبوع فيما زاد على الروضة من الف روع ت أليف الحافظ جالل
الدين السيوطي
] [ 99
بسم هللا الرحمن الرحيم فرع :قال في شرح المه ذب :من الب دع المنك رة ما
يفعل في كث ير من البل دن من إيق اد العظيمة الس رف في لي الي معروفة من
السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بس بب ذلك مفاسد كث يرة .منه ا :مض اهاة
جلوس المجوسي في االعتناء بالنار واالكثار منها .ومنها :إضاعة الم ال في
غير وجهه .ومنه ا :ما ي ترتب على ذلك في كث ير من المس اجد من اجتم اع
الصبيان وأهل اليطالة ولعبهم ورفع أص واتهم ولقرب انهم المس اجد وانته اك
حرمتها وحص ول أس اخ فيها وغ ير ذلك من المفاسد ال تي يجب ص يانه
المس جد من أفادها ( .)1انتهى .ق ال ابن العم اد :ومن المفاسد أيضا ما يفعل
في الجوامع من إيق اد الفناديل وتركها إلى أن تطلع الش مس وترتف ع ،وهو
من فعل اليه ود في كنائس هم كما نبه على ذلك الش يخ زين ال دين الكن اني
وأكثر ما يفعل ذلك في يوم العيد وهو حرام .ق ال :ويش به ذلك وق ود الش مع
الكث ير ليلة عرف ة ،وقد ذكر الن ووي في ش رح المه ذب أنه ح رام ش ديد
التحريم .وقال ابن الحاج في الم دخل :ليس لالنس ان في المس جد إال موضع
قيامه
] [ 100
وسجوده وجلوسه وما زاد على ذلك فلس ائر المس لمين ( )1ف إذا بسط لنفسه
ش يئا ليص لي عليه احت اج الجل س عة ثوبه أن يبسط ش يئا كث يرا ليعم ثوبه
على سجادته فيكون في سجادته اتساع فيمسك بس بب ذلك موضع رجلين أو
نحوهما إن سلم من الكبر من أنه ال يضم إلى سجادته أحدا .قال فإن لم يسلم
من ذلك وولى الن اس عنه وتباع دوا منه هيبة لكمه وثوبه وت ركهم وهو لم
ب القرب إليه فيمسك ما هو أك ثر من ذلك فيك ون غاص با ل ذلك الق در من
المس جد فيقع بس بب ذلك في المح رم المتفق عليه المنص وص عن ص احب
الش ريعة ص لى هللا عليه وس لم حيث ق ال( :من غصب ش برا من االرض
طوقه يوم القيامة إلى سبع أرضين) ( )2وذلك الموضع الذي أمس كه بس بب
قماشه وس جادته ليس للمس لمين به حاجة في الغ الب إال وقت الص الة وهو
في وقت الص الة وهو في وقت الص الة غاصب له فيقع في ه ذا الوعيد
بسبب قماشه وسجادته وزيه ،فإن بعث بسجادته إلى المسجد في أول الوقت
أو قبله ففرشت له هناك وقعد هو إلى أن يمثلئ المسجد بالناس ثم يأتي كان
غاص با ل ذلك الموضع ال ذي عملت الس جادة فيه النه ليس له أن يحج ره
وليس الحد فيه إال موضع صالته انتهى .فرع :قال الشيخ عز الدين بن عبد
الس الم في القواعد ( :)3وأما فض يلة المس اجد فليست راجعة إلى أجرامها
وال إلى اع راض ق امت بأجرامها وإنما ترجع فض يلتها إلى مقص ودها من
إقامة الجماعات والجمعات فيها وذلك االعتكاف فيه ا ،ول ذلك منع من ال بيع
والش راء فيه ا ،وإي داع االمك ان واالزم ان له ذه الفض ائل كإي داع االنبي اء
والرسل النبوة والرسالة ليست إال جودا من هللا ول ذلك ق الت الرسل لق ومهم
(إن نحن إال بشر مثلهم ولكن هللا يمن على من يشاء من عباده)
] [ 101
وكذلك سائر االوصاف الشراف لم يض عها ال رب س بحانه في من ش اء من
عب اده لمع نى اقتض اها واس تدعاها بل ذلك من فضل هللا يؤتيه من يش اء،
كذلك من من به من المع ارف واالح وال وحسن االخالق ،ولم يكن ذلك إال
فضال من فضله وجودا من جوده على من يشاء من عباده .وك ذلك االمك ان
واالزمان أودع هللا في بعض ها فضال الجودله في غيرها مع القطع بالتماثل
والمساواة .وكذلك االجسام التي فضلت بأعراض ها كال ذهب والفضة وس ائر
الجواهر النفيسة .فرع :قال ابن العماد :ق ال بعض مش ايخنا :االبخر ومن به
ص نان مس تحكم حكمه حكم من أكل الث وم والبصل ( )1في منع دخ ول
المس جد وأولى ،وفي فت اوى ابن تيمية وبه ص رح المالكية أن من بالج ذام
والبرص وهو من سكان المدارس والرباطات أزعج وأخرج لقوله صلى هللا
عليه وسلم ال يورد عاهة على مصح) ( .)2قال ابن العماد :وعلى هذا فيمنع
من به برض أو جذام أو صنان مستحكم أو
] [ 102
يخر من الجماع ات والجمع ات وال يمنع وح ده خلف الص فوف وال يمنع
الغير من الصالة معه وللغير من الوقوف معه ويمنع المجذوم واالرص من
الشرب من السقايا المسبلة في المساجد وغيرها للح ديث الس ابق ،وحكم من
رائحة ثيابه كريهة كثياب الزياتين والدباغين ونحو هم حكم آكل الث وم (.)1
وقد نقل الخصوصي مس ألة االبخر ومن به ص نان عن ش يخه البلقي ني فهو
الذي أشار به ابن العم اد ق ال :ويس تحب لقاصد المس جد أن يتوضا في بيته
لح ديث :ق ال هللا تع الى إن بي وتي في أرضى المس اجد وإن زواري فيها
عمارها وطوبى لعبد تطهر في بيته زارني في بيتي انتهى .ق ال الزركش ي:
يجوز دخول ال ذمي المس جد بال إذن لحاجة إلى مس لم أو حاجة مس لم إلي ه.
ذكره الروياني وفيه نظر ( .)2انتهى .قال في شرح المهذب :جاء في دخول
الحمام عن السلف آثار متعارضة في االباحة والكراه ة .وأما أص حابنا فكال
مهم فيه قليل وممن تكلم فيه من أص حابنا االم ام الفقيه الحافظ أبو بكر
السمعاني :جملة القول في دخول الحمام أنه مباح للرجال بشرط الس تر ()3
.وغض البصر ومكروه للنساء إال لعذر من نفاس أو مرض
] [ 103
ولل داخل آداب :منها أن ين ذكر بح ره حر الن ار ويس تعيذ باهلل من حرها
ويسأله الجنة وأن يكون قصده التنظيف والتطهير دون التنعيم والترف ه .وأن
ال يدخله إذا رأى فيها عاريا ،ويستغفر هللا إذا خرج ويصلي ركعتين .وق ال
الغزالي في االحياء :ال بأس بدخول الحمام ،دخل أصحاب رسول هللا ص لى
هللا عليه وسلم حمام ات الش ام ،وعلى داخله واجب ات وس نن فعليه واجب ات
في عورته صونها عن نظر غيره ومسه فال يتع اطى أمرها وإزالة وس خها
إال بي ده ،وواجب ات في ع ورة غ يره أن يغض بص ره عنها وأن ينه اه عن
.كشفها ،الن النهى عن النكرات واجب فعليه ذلك وليس عليه القبول ()1
] [ 104
قال :وال يسقط االنكار إال لخوف ضرر أشتم أو نحوه ،وال يسقط عنه بظنه
أنه ال يفيد .قال :ولهذا صار الحزم في هذه االزمان ترك دخول الحمام إذ ال
يخلو عن ع وراث مكش وفة ال س يما ما ف وق العانة وتحت الس رة ،وله ذا
يس تحب إخالء الحم ام .ق ال :والس نن عش رة :النية ب أن الي دخل عبثا وال
لغرض من الدنيا بل بقصد التنظيف المحبوب ،وأن يعطي الحمام أجرة قبل
دخوله ،ويقدم رجله اليسرى في دخوله قائال بسم هللا الرحمن ال رحيم أع وذ
باهلل من ال رجس النجس الخبث المخبث الش يطان ال رجيم ،وأن ي دخل وقت
الخل وة أو يتكلف إخالء الحم ام ،فإنه وإن لم يكن في الحم ام إال أهل ال دين
والمحت اطون في الع ورات ،ثم ال يخلو الن اس في الحرك ات عن اكتش اف
العوارت فيقع عليها البصر .وأن ال يعجل بدخول البيت الح ار ح تى يع رق
في االول ،وأن ال يك ثر صب الم اء بل يقتصر على ق در الحاجة فهو
المأذون فيه ،وأن يذكر بحرارته نار جهنم لش بهه به ا ،وأن ال يك ثر هللا إذا
ف رع على ه ذه النعمة وهي النظاف ة ،ويك ره من جهة الطب صب الم اء
البارد على الرأس عند الخ روج من الحم ام وش ربه ،وال ب أس بقوله لغ يره
عاف اك هللا ،وال بالمص افحة وال ب أن يدلكه غ يره يع ني في غ ير الع ورة.
انتهى .قال ابن عبد السالم :وليس له أن يقيم به أكثر مما ج رت به الع ادة (
.)1قلت :وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هري رة ق ال :ق ال رس ول هللا
ص لى هللا عليه وس لم غسل الق دمين بالم اء الب ادر بعد الخ روج من الحم ام
أم ان من الص داع ( .)2ف رع :س ئل الش يخ عز ال دين بن عبد الس الم عن
الرجل ي دخل الحم ام فيجلس بمع زل عن الن اس إال أنه يع رف بالع ادة أن
يك ون معه في الحم ام من هو كاشف عروته فهل يج وز له حض وره على
هذه الحالة أم ال ؟
] [ 105
فأجاب :يجوز حضور الحم ام ،ف إن ق در عن االنك ار أنكر فيك ون م أجورا
على إنكاره وإن عجز على االنكار أنكر بقلبه فيكون مأجورا على كراهت ه،
ويحفظ بصره عن العورات ما استطاع وال يلزمه االنكار ،إال في السوءتين
الن العلماء الختلفوا في قدر الع ورة فق ال بعض هم :ال ع ورة إال في الس وء
تين ( )1إال أن يكون فاعل ذلك معتقدا لتحريمه فينكر عليه حينئذ ،وما زال
الن اس يقل دون ( )2العلم اء في مس ائل الخالف وال ينكر عليهم وال يج وز
للشافعي أن ينكر على الم الكي فيما يعتقد الش افعي تحريمه والم الكي تخليله
( ،)3وكذلك سائر مذاهب العلماء ( )4اللهم إال أن يكون
] [ 106
ذلك المذهب بعيد الم أخوذ بحيث يجب نفضه فينكر حينئذ على ال ذاهب إليه
وعلى من يقلده ( .)1انتهى .وسئل عما يعتاده الوعاظ من قص بعض الشعر
لمن تاب من ذنوبه على أيديهم ،ومن حلق جميع ال رأس هل لهم مس تند في
ذلك أو هو بدعة ؟ فأجاب :أما خلق الرأس من غير النسك فإن كان لمرض
فهو ض رب من الت داوي الم أمور ب ه ،وإن ك ان لغ ير ع ذر فهو مب اح
والمساعدة عليه محبوبة إذا ك ان ت داويا ،وج ائزة إن ك ان مباح ا ،وقد ك ان
الغالب على الصحابة قصا الش عر ،ول ذلك ك ان الحلق من ش عار الخ وارج
.وليس تعاطي ذلك بمحرم
] [ 107
أما القص فهو على وفق كان عليه الرسول صلى هللا عليه وس لم وأص حابه
رضي هللا عنهم ،فإنه فعله الشيخ بالتائب كان مساعدا له على عليه الرسول
صلى هللا عليه وسلم وأصحابه وليس ذلك ركنا من أركان التوبة وال ش رطا
من شروطها .والبدع ( )1أض رب ( )2منه ا :أح دها :ما دلت الش ريعة على
أنه من دوب أو واجب ولم يفعل مثله في العصر االول فه ذا بدعة حس نة.
الثاني ة :ما دلت الش ريعة على أنه من دوب أو واجب ولم يفعل مثله في
العصر االول فه ذا بدعة قبيح ة .الث الث :ما دلت الش ريعة على إباحته مع
كونه لم يعهد في العصر االول ،فهذا من البدع المباحة ،وقص الش عر على
وفق الس نة ليس بمك روه وال من الب دع .وأما الحلق ال ذي تمس الحاجة إليه
.فال بأس به أبضا ()3
] [ 108
وقد أتي رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم بغالم قد حلق بعض رأسه فق ال:
احلق وه كله أو اترك وه كله ( .)1انتهى .تم الكت اب بحمد هللا تع الى وحسن
توفيق ه ،والحمد هلل وح ده وص لى هللا على س يدنا محمد وعلى آله وص بح
.وسلم
] [ 109
روضة الط البين لالم ام أبى زكريا يح يى بن ش رف الن ووي الدمش قي
المتوفى سنة 676
] [ 111
بسم هللا الرحمن الرحيم رب يسر وأعن الحمد ( )1هلل ذي الجالل واالكرام،
والفضل والطول والمنن الجس ام ،ال ذي ه دانا لالس الم ،وأس بغ علينا جزيل
نعمه ألطافه العظام ،وأنافض علينا من خزائن ملكه أنواعا من االنعام وكرم
االدميين وفضلهم على غيرهم من االنام ،وجعل فيهم قادة يدعون بأمره إلى
دار السالم ،واجت بى من لطف به منهم فجعلهم من االماتل واالعالم ،فطهر
هم من أن واع الك در ( )2ووضر ( )3اآلث ام ،وص يرهم بفض له من أولي
النهى واالحك ام ،ووفقهم لل دوام على مراقبته ول زوم طاعته على تك رر
الس نين واالي ام ،واخت ار من جميعهم حبيبه وخليله وعب ده ورس وله محم دا
صلى هللا عليه وسلم ،فمحا به عب ادة االص نام ،وأدحض ( )4به آث ار الكفر
ومع الم االنص اب واالزالم ،واختصه ب القرآن العزيز المعجز وجوامع
الكالم .ف بين ص لى هللا عليه وس لم للن اس ما أرس به من أص ول ال ديانات
،واآلداب ،وفروع االحكام
] [ 112
وغ ير ذلك مما يحت اجون إليه على تع اقب االح وال واالع وام ،ص لى هللا
وس لم عليه وعلى جميع االنبي اء والمالئكة وآله كل وأتب اعهم الك رام،
صلوات متضاعفات دائمات بال انفص ام .أحم ده أبلغ الحمد وأكمله وأعظمه
وأتمه وأش مله ،وأش هد أن ال إله إال هللا اعتق ادا لربوبيت ه ،إذعانا لجالله
وعظمته وصمديته ،وأشهد أن محمدا ،عبده ورسوله المصطفى من خليقته،
والمختار المجتبى من بريته ،صلى هللا عليه وسلم وزاده ش رفا وفضال لديه
وكرم .أما بعد :فإن االشتغال بالعلم من أفضل القرب وأجل الطاع ات ،وأهم
أنواع الخير وآكد العبادات ،وأولى ما أنفقت فيه نفائس االوقات ،وش مر في
إدراكه والتمكن فيه أص حاب االنفس الزكي ات ،وب ادر إلى االهتم ام به
المسارعون إلى المكرم ات ،وس ارع إلى التحلي به مس تبقو الخ يرات ،وقد
تظ اهر على ما ذكرته جمل ما آي ات الق رآن الكريم ات ( ،)1واالح اديث
الصحيحة النبوية المشهورات ( ،)2وال ضرورة إلى االطن اب ب ذكرها هنا
لكونها من الواضحات الجليات .وأهم أن واع العلم في ه ذه االزم ان الف روع
الفقهي ات ،الفتق ار جميع الن اس إليها في جميع الح االت ،مع أنها تك اليف
محضة فكانت من أهم المهم ات .وقد أك ثر العلم اء من أص حابنا الش افعيين
وغ يرهم من العلم اء من التص نيف في الف روع من المبس وطات
والمختصرات ( ،)3وأودعوا فيها من االحكام والقواعد واالدلة وغيرها من
النفائس الجليالت ،ما هو معلوم مشهور عند أهل العنايات .وكانت مصنفات
أص حابنا رحمهم هللا في نهاية من الك ثرة فص اوت منتش رات ،مع ما هي
عليه من االختالف في االختب ارات ،فص ار ال يحقق الم ذهب من أجل ذلك
إال أفراد من
] [ 113
الم وفقين الغوض ين المطلعين أص حاب الهمم العالي ات ،فوفق هللا س بحانه
وتعالى ،وله الحمد -من متأخري أصحابنا من جمع هذه الطرق المختلفات،
ونقح المذهب أحسن تنقيح ،وجمع منتشره بعبارات وجيزات ،وح وى جميع
ما وقع له من الكتب المشهورات ،وهو إالم ام الجليل الم برز المتض لع من
علم الم ذهب أبو القاسم ال رافعي ( )1ذو التحقيق ات ( ،)2ف أتى في كت اب
(شرح الوجيز) بما ال كبير مزيد عليه من االس تيعاب مع االيج از واالتق ان
وإيضاح العبارات ،فش كر هللا الك ريم له س عيه وأعظم له المثوب ات ،وجمع
بينن وبينه مع أحبابنا في دار كرامته مع أولى ال درجات وقد عظم انتف اع
أهل عصرنا بكتابه لما جمعة من جميل الصفات ،ولكنه كبير الحجم ال يقدر
على تحص يله أك ثر الن اس في معظم االوق ات .ف ألهمني هللا س بحانه -وله
الحمد -أن أختص ره في قليل من المجل دات ،فش رعت فيه قاص دا تس هيل
الطريق إلى االنتف اع به الولي الرغب ات ،أس لك فيه -إن ش اء هللا -طريقة
متوس طة بين المنالغة في االختص ار وااليض اح فإنها من المطلوب ات،
وأحذف االدلة في معظمه وأشير إلى الخفي منها إشارات ،وأستوعب جميع
فقه الكت اب ح تى الوج وه الغربية المنك رات ،وأقتصر على االحك ام دون
المؤاخ ذات اللفظي ات ،وأضم إليه في أك ثر الم واطن تفريع ات ،وتتم ات،
وأذكر مواضع يسيرة على االمام الرافعي فيها استدراكات ( ،)3منبها على
ذلك -ق ائال في أول ه :قلت :وفي آخ ره :وهللا أعلم -في جميع الح االت.
وألتزم ترتيب الكتاب -إال نادرا -لغرض من المقاصد الص الحات ،وأرجو
-إن تم هذا الكتاب -أن من حصله أحاط بالمذهب
] [ 114
وحصل له أكمل الوث وق به أدرك حكم جميع ما يحت اج إليه من المس ائل
الواقعات .وما أكره غريبا من الزيادات ،غير مضاف إلى قائله ،قص دت به
االختص ار ،وقد بينتها في (ش رح المه ذب) وذكرتها فيه مض افات .وحيث
أقول :على الجديد ،فالقديم خالفه ،أو :الق ديم ،فالجديد خالف ه ،أو :على ق ول
أو وجه ،فالصحيح خالفه .وحيث أقول :على الص حيح أو االص ح ،فهو من
الوجهين .وحيث أقول :على االظهر ،أو :المشهور ،فهو من الق ولين .وحيث
أق ول :على الم ذهب ،فهو من الط ريقين أو الط رق .وإذا ض عف الخالف،
قلت :على الصحيح ،أو المشهور .وإذا قوي ،قلت :االصح ،أو االظهر ،وقد
أص رح ببي ان الخالف في بعض الم ذكورات .واس تمدادي المعونة والهداية
والتوفيق والصيانة في جميع أم وري من رب االرض ين والس موات .أس أله
التوفيق لحسن الني ات ،االعانة على جميع أن واع الطاع ات .وتيس يرها
والهداية لها دائما في ازدياد حتى الممات .وأن يفعل ذلك بوالدي ومش ايخي
وأقرب ائي وإخ واني وس ائر من أحبه ويحب ني فيه وجميع المس لمين
والمس لمات ،وأن يج ود علينا برض اه ومحبته ودوام طاعته وغ ير ذلك من
وجوه المسرات وأن ال ينزع منا ما وهبه لنا ومن به علينا من الموهوب ات،
من وجوه أجمعين ،وكل من يقرأ هذا الكتاب به ،وأن يج زان لنا العطي ات،
وأن يطهر قوبنا واالعراض عما سواه في جميع اللحظ ات .اعتص مت باهلل،
ت وكلت على هللا ،ما ش اء هللا ،ال ح ول وال ق وة إال باهلل .وحس بي هللا ونعم
.الوكيل ،وله الحمد والنعمة ،وبه التوفيق والعصمة
] [ 115
بسم هللا الرحمن الرحيم كتاب ( )1الطهارة ( )2باب الم اء الط اهر ق ال هللا
تع الى( :وأنزلنا من الس ماء م اء طه ورا) ( .)3المطهر للح دث والخبث من
المائعات ،الماء المطلق خاصة ،وهو العاري عن االض افة الالزم ة .وقي ل:
الب اقي على وصف خلقت ه .وأما المس تعمل في رفع ح دث ( ،)4فط اهر،
وليس بطه ور على الم ذهب .وقي ل :طه ور في الق ديم .والمس تعمل في نقل
،الطهارة ،كتجديد الوضوء ،واالغسال المسنونة ()5
] [ 116
والغسلة الثاني ة ،والثالث ة ،وم اء المضمض ة ،طه ور على االص ح .وأما ما
اغتس لت به كتابية عن حيض لتحل لمس لم ( ،)1ف إن قلن ا :ال يجب إع ادة
الغسل إذا أس لمت ،فليس بطه ور .وإن أوجبناها -وهو االصح -فوجه ان،
االصح أنه ليس بطه ور ،وما تطهر به لص الة النف ل ،فمس تعمل ،وك ذا ما
تطهر به الصبي على الصحيح .والمس تعمل ال ذي ال يرفع الح دث ،ال يزيل
النجس على الص حيح .والمس تعمل في النجس إذا قلن ا :إنه ط اهر ،ال يرفع
الح دث على الص حيح .ولو جمع المس تعمل فبلغ قل تين ،ع اد طه ورا في
االص ح ،كما لو انغمس جنب في قل تين ،فإنه طه ور بال خالف ( .)2ولو
انغمس جنب فيما دون قل تين ح تى عم جميع بدن ه ،ثم ن وى ( ،)3ارتفعت
جنابته بال خالف ،وصار الماء في الحال مستعمال بالنسبة إلى غيره على
] [ 117
الص حيح .ومقتضى كالم االص حاب أنه ال يص ير مس تعمال بالنس بة إلى
المنغمس حتى يخرج منه ،وهو مشكل .وينبغي أن يصير مستعمال الرتف اع
الح دث .ولو انغمس فيه جنب ان ،ونويا معا بعد تم ام االنغم اس ،ارتفعت
جنابتهما بال خالف ،ولو ن وى الجنب قبل تم ام االنغم اس ،إما في أول
المالق اة ،وإما بعد غمس بعض الب دن ،ارتفعت جنابة الج زء المالقي بال
خالف ،وال يص ير الم اء مس تعمال ،بل له أن يتم االنغم اس ويرتفع عن
الباقي ( )1على الصحيح المنصوص .وقال الخضري ( :)2يصير مستعمال،
( )3فال ترتفع عن الب اقي .قلت :ولو انغمس جنب ان ،ون وى أح دهما قبل
ص احبه ،ارتفعت جنابة الن اوي ،وص ار مس تعمال بالنس بة إلى اآلخر على
الص حيح .وإن ( )4نويا معا بعد غمس ج زء منهم ا ،ارتفع عن جزءيهم ا،
وصار مستعمال بالنسبة إلى باقيهما على الصحيح .وهللا أعلم .وما دام الم اء
مترددا على العضو ،ال يثبت له حكم االستعمال .قلت :وإذا ج رى الم اء من
عضو المتوضئ إلى عضو ،صار مستعمال ،حتى لو انتقل من إحدى اليدين
إلى االخرى ،صار مستعمال ،وفي هذه الص ورة وجه ش اذ محكي في ب اب
التيمم .من (البيان) أنه ال يصير ،الن الي دين كعض و .ولو انفصل من بعض
أعض اء الجنب إلى بعض ها ،فوجه ان ،االصح عند ص احبي (الح اوي) و
(البحر) :ال يصير .والراجح عند الخراسانيين ( )5يص ير ،وبه قطع جماعة
،منهم .وقال إمام الحرمين ( :)6إن نقله قصدا ،صار ،وإال
] [ 118
فال ( .)1ولو غمس المتوضئ يده في االناء قبل الفراغ من غسل الوجه ،لم
يصر مس تعمال .وإن غمس ها بعد فراغه من الوجه بنية رفع الح دث ،ص ار
مس تعمال .وإن ن وى االغ تراف ،لم يص ر ،وإن لم ينو ش يئا ،فالص حيح أنه
يصير ،وقطع البغوي ( )2بأنه ال يصير .والجنب بعد الني ة ،كالمح دث ()3
بعد غسل الوج ه .وأما الم اء ال ذي يتوضأ به الحنفي وغ يره ممن ال يعتقد
وجوب نية الوضوء ،فاالصح أنه يصير ( .)4والث اني :ال يص ير .والث الث:
إن ن وى ،ص ار ،وإال ،فال ،ولو [ ن وى ] ( )5غسل رأسه ب دل مس حه،
فاالصح أنه مس تعمل ،كما لو اس تعمل في طهارته أك ثر من ق در حاجته (
،)6.وهللا أعلم
] [ 119
فصل فيما يط رأ على الم اء 6وض ابط الفص ل :أن ما يس لب اسم الم اء
المطلق ،يمنع الطه ارة ب ه ،وما ال ،فال .فمن ذلك المتغ ير تغ يرا يس يرا بما
يستغنى عنه ،كالزعفران ،فاالصح أنه طهور ،والمتغ ير كث يرا بما يج اوره
وال يختلط به ،كع ود ،ودهن ،وش مع ( ،)1طه ور على االظه ر .والك افور
نوعان .أحدهما :يذوب في الماء ويختلط به .والثاني :ال يذوب .فاالول يمنع،
والث اني ك العود .وأما المتغ ير بما ال يمكن ص ون الم اء عن ه ،ك الطين،
والطحلب ( ،)2والك بريت ،والن ورة ( ،)3وال زرنيخ ( ،)4في مقر الم اء
ومم ره ،وال تراب ال ذي يث ور وينبث في الم اء ،والمتغ ير بط ول المكث،
والمس خن ،فطه ور .قلت :وال كراهة في اس تعمال شئ من ه ذه المتغ يرات
بما ال يصان عن ه ،وال في م اء البحر وم اء زم زم ( ،)5وال في المس خن
ولو بالنجاس ة .ويك ره ش ديد الح رارة وال برودة .وهللا أعلم .والمش مس في
الحياض والبرك غير مك روه باالتف اق ،وفي االواني مك روه على االص ح،
بشرط أن يك ون في البالد الح ارة ،واالواني المنطبعة كالنح اس إال ال ذهب
.والفضة على االصح .وعلى الثاني ( )6يكره مطلقا ()7
] [ 120
قلت :الراجح من حيث الدليل أنه ال يكره مطلقا ،وهو مذهب أك ثر العلم اء،
وليس للكراهة دليل يعتم د .وإذا قلنا بالكراه ة ،فهي كراهة تنزي ه ،ال تمنع
صحة الطه ارة ،وتختص باس تعماله في الب دن ،وت زول بتبري ده على أصح
الوج وه ( ،)1وفي الث الث :يراجع االطب اء ،وهللا أعلم .وأما المتغ ير بما
يستغنى عنه ،ك الزعفران ،والجص ،تغ يرا كث يرا ،بحيث يس لب اسم الم اء
المطل ق ،فليس بطه ور .ولو حلف ال يش رب م اء ،لم يحنث بش ربه .ويكفي
تغ ير الطعم أو الل ون أو الرائحة على المش هور ،وعلى الق ول الغ ريب
الضعيف يشترط اجتماعها ،وعلى قول ثالث اللون وحده يسلب ،وكذا الطعم
مع الرائحة .وفي الجص ،والن ورة ،وغيرهما من أج زاء االرض وجه ش اذ
أنها ال تضر .وأما المتغير بالتراب المطروح قصدا ،فطهور على الصحيح،
وقيل :على المشهور .والمتغير بالملح فيه أوجه ،أص حها يس لب الجبلي منه
دون المائي .والثاني :يسلبان .والثالث :ال يس لبان .والمتغ ير ب ورق االش جار
المتن اثرة بنفس ها إن لم تتفتت في الم اء ،فهي ك العود ،فيك ون طه ورا على
االظه ر ،وإن تفتتت واختلطت ،فثالثة أوج ه .االص ح :ال يض ر .والث اني:
يضر .والثالث :يضر ال ربيعي دون الخ ريفي .قاله الش يخ أبو زيد ( .)2وإن
.طرحت االوراق قصدا ،ضر
] [ 121
وقيل :على االوجه ( .)1فرع إذا اختلط بالم اء الكث ير أو القليل م ائع يوافقه
في الصفات ،كماء الورد المنقطع الرائحة ،وماء الشجر ،والماء المس تعمل،
فوجهان .أصحهما :إن كان المائع قدرا لو خ الف الم اء في طعم أو ل ون أو
ريح لتغير التغير المؤثر ،سلب ( )2الطهورية ،وإن كان ال ي ؤثر مع تق دير
المخالفة ،لم يس لب ( .)3والث اني :إن ك ان الم ائع أقل من الم اء ،لم يس لب.
وإن كان أكثر منه أو مثله ،س لب .وحيث لم يس لب ،فالص حيح أنه يس تعمل
الجميع .وقيل :يجب أن يبقى ق در الم ائع .وقي ل :إن ك ان الم اء وح ده يكفي
لواجب الطهارة ،فله استعمال الجمي ع ،وإال بقي .ف إن جوزنا الجمي ع ،ومعه
من الماء ما ال يكفيه وحده ،ولو كمله بمائع يهلك فيه لكفاه -لزمه ذل ك ،إذا
لم يزيد قيمة المائع ( )4على ثمن ماء الطهارة ( .)5ويجري الخالف في
] [ 122
استعمال الجميع فيما إذا استهلكت النجاسة المائعة في الماء الكثير .وفيما إذا
استهلك الخليط الطاهر في الم اء ،لقلته مع مخالفة أوص افه أوص اف الم اء.
ق ال االص حاب :ف إن لم يتغ ير الم اء الكث ير ،لموافقة النجاسة له في
االوصاف ،فاالعتب ار بتق دير المخالفة بال خالف ،لغلظ النجاس ة ،واعت بروا
في النجاسة بالمخالف أشده صفة ،وفي الطاهر اعتبروا الوسط المعتدل ،فال
يعت بر في الطعم ح دة الخ ل ،وال في الرائحة ذك اء المس ك .قلت :المتغ ير
ب المني ليس بطه ور على االص ح .ولو تطهر بالم اء ال ذي ينعقد منه الملح
قبل أن يجم د ،ج از على الم ذهب ( .)1وال ف رق في جميع مس ائل الفصل
بين القلتين ،وفوقهما ،ودونهم ا .ولو أغلي الم اء ،ف ارتفع من غليانه بخ ار،
وتولد منه رشح ،فوجهان .المختار منهما عند صاحب (البحر) أنه طه ور (
.)2والثاني :طاهر ليس بطهور .ولو رشح من مائع آخر ،فليس بطهور بال
خالف ،كالعرق .وهللا أعلم .باب بيان النجاسات ( )3والم اء النجس االعي ان
( :)4جماد ،وحيوان .فالجماد :ما ليس بحيوان ،وال ك ان حيوان ا ،وال ج زءا
من حي وان ،وال خ رج من حي وان ،وكله ( )5ط اهر ،إال الخم ر ،وكل نبيذ
مسكر .وفي النبيذ وجه شاذ
] [ 123
مذكور في (البيان) أنه طاهر ،الختالف العلماء في إباحته ( .)1وفي الخمر
المحترمة وجه شاذ ،وكذا في باطن العنقود المستحيل خمرا وجه أنه طاهر.
وأما الحيوانات ،فط اهرة ،إال الكلب ،والخ نزير ،وما تولد من أح دهما .ولنا
وجه شاذ ،أن الدود المتولد من الميتة نجس العين ،كولد الكلب ،وهذا الوجه
غلط ،والص واب :الج زم بطهارت ه .وأما الميت ات ،فكلها نجس ة ،إال الس مك
والجراد ،فإنهما طاهران باالجماع ،وإال اآلدمي ،فإنه ط اهر على االظه ر،
وإال الجنين الذي يوجد ميتا بعد ذك اة أم ه ،والص يد ال ذي ال ت درك ذكات ه،
فإنهما ط اهران بال خالف .وأما الميتة ال تي ال نفس لها س ائلة ،كال ذباب
وغيره .فهل تنجس الماء وغ يره من المائع ات إذا م اتت فيها ؟ فيه ق والن.
االظهر ال تنجسه ،وهذا في حي وان االجن بي ( )2من الم ائع ،أما ما منش ؤه
في ه ،فال ينجسه بال خالف .فلو أخ رج منه وط رح في غ يره ،أو رد إلي ه،
عاد القوالن .فإن قلنا :تنجس المائع ،فهي [ أيضا ] ( )3نجس ة ،وإن قلن ا :ال
تنجسه ( ،)4فهي أيضا نجسة على قول الجمهور وهو المذهب .وقال القفال
( :)5ليست بنجس ة .ثم ال ف رق في الحكم بنجاسة ه ذا الحي وان بين ما تولد
من الطع ام ،ك دود الخ ل ،والتف اح ،وما [ ال ] ( )6يتولد من ه ،كال ذباب،
والخنفساء ،لكن يختلفان في
] [ 124
تنجيس ما ماتا فيه ،وفي جواز أكله ،فإن غ ير المتول د ،ال يحل أكل ه ،وفي
المتولد أوجه .االصح :يحل أكله مع ما تولد منه ،وال يحل منف ردا .والث اني:
يحل مطلقا .والثالث :يحرم مطلقا ( .)1واالوجه جاري ة ،س واء قلنا بطه ارة
هذا الحيوان على ق ول القف ال ( ،)2أو بنجاس ته على ق ول الجمه ور .قلت:
ولو كثرت الميتة التي ال نفس لها سائلة ،فغيرت الم اء أو الم ائع ،وقلن ا :ال
تنجسه من غ ير تغ ير ،فوجه ان مش هوران .االصح تنجس ه ،النه متغ ير
بالنجاسة .والثاني :ال تنجسه ،ويك ون الم اء ط اهرا غ ير مطه ر ،ك المتغير
بالزعفران .وقال إمام الحرمين :هو كالمتغير ب ورق الش جر ( .)3وهللا أعلم.
فرع في أجزاء الحيوان :االصل أن ما انفصل من حي فهو نجس ،ويستثنى
الشعر المجزوز من مأكول اللحم في الحياة ،والص وف ،وال وبر ،وال ريش،
فكلها ط اهرة باالجم اع ( .)4والمتن اثر والمنت وف ط اهر على الص حيح،
ويستثنى أيضا شعر اآلدمي ،والعضو المب ان من ه ،ومن الس مك ،والج راد،
ومشيمة ( )5اآلدمي ،فهذه كلها طاهرة على المذهب وهذا ال ذي ذكرن اه في
الشعور
] [ 125
تفريع على المذهب في نجاسة الشعر بالموت .فرع في المنفصل عن ب اطن
الحيوان :هو قسمان :أحدهما :ليس له اجتم اع ،واس تحالة في الب اطن ،وإنما
يرشح رش حا .والث اني :يس تحيل ويجتمع في الب اطن ثم يخ رج .ف االول،
كاللعاب ،وال دمع ،والع رق ،والمخ اط ،فله حكم الحي وان المترشح من ه ،إن
كان نجسا فنجس ،وإال ،فطاهر .والثاني :كالدم ( ،)1والبول ،والعذرة (،)2
والروث ( ،)3والقئ ( .)4وهذه كلها نجسة من جميع الحيوان ( ،)5أي ()6
مأكول اللحم وغيره .ولنا وجه :أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران .وهو
أحد قولي أبي سعيد االصطخري ( )7من أصحابنا ،واخت اره الروي اني ()8
.وهو مذهب مالك ( )9وأحمد ()10
] [ 126
والمع روف من الم ذهب النجاس ة .وهل يحكم بنجاسة ه ذه الفض الت من
رس ول هللا (ص) ؟ وجه ان .ق ال الجمه ور :نعم ( .)1وفي ب ول الس مك،
والج راد ،ودمهما وروثهم ا ،وروث ما ليس له نفس س ائلة ،وال دم المتحلب
من الكبد ،والطحال ،وجه ان .االص ح :النجاسة ( .)2وأما اللبن ،فط اهر من
مأكول اللحم ( )3باالجماع ،ونجس من الحيوان النجس ،وطاهر من اآلدمي
على الصحيح ،وقيل :نجس ( .)4ولكن يربى ( )5به
] [ 127
الص بي للض رورة .وأما غ ير اآلدمي مما ال يؤك ل ،فلبنه نجس على
الصحيح .وقال االصطخري :ط اهر .وأما االنفح ة ،ف إن أخ ذت من الس خلة
بعد موته ا ،أو بعد أكلها غ ير اللبن ،فنجسة بال خالف ( )1وإن أخ ذت من
السخلة المذبوحة قبل أن يأكل غير اللبن ،فوجه ان ،الص حيح ال ذي قطع به
كثيرون طهارتها .وأما المني ،فمن اآلدمي طاهر ،وقي ل :فيه ق والن .وقي ل:
القوالن في مني الم رأة خاصة ( ،)2والم ذهب االول .لكن إن قلن ا :رطوبة
فرج المرأة نجسة ،نجس منيها بمالقاتها ،كما لو ب ال ( )3الرجل ولم يغسل
ذك ره بالم اء ،ف إن منيه ينجس بمالق اة ( )4المحل النجس .وأما م ني غ ير
،اآلدمي ،فمن الكلب والخنزير وفرع أحدهما نجس
] [ 128
ومن غيرهما فيه أوجه ،أصحها نجس .والثاني :طاهر .والث الث :ط اهر من
م أكول اللحم ،نجس من غ يره ،ك اللبن .قلت :االصح عند المحققين
واالكثرين ،الوجه الثاني ،وهللا أعلم .وأما البيض ،فطاهر من المأكول ،وفي
غيره الوجهان في منيه ،ويجريان في بزر القز ،فإنه أصل الدود ،ك البيض.
وأما دود الق ز ،فط اهر بال خالف ،كس ائر الحي وان ،وأما المسك فط اهر،
وفي فأرته المنفصلة في حي اة الظبية وجه ان .االص ح :الطه ارة ،ك الجنين.
فإن انفصلت بعد موتها ،فنجسة على الص حيح ،ك اللبن .وط اهرة في وج ه،
كالبيض المتصلب ،وأما الزرع النابت على السرجين .فقال االصحاب :ليس
هو نجس العين ،لكن ينجس بمالقاة النجاسة .فإذا غسل ،طه ر ،وإذا س نبل،
فحباته الخارجة ط اهرة .قلت :القيح نجس ،وك ذا م اء الق روح إن ك ان
متغ يرا ،وإال فال على الم ذهب .ودخ ان النجاسة نجس في االص ح ،وهو
مذكور في باب :ما يكره لبسه .وليست رطوبة فرج المرأة ،والعلق ة ،بنجس
في االصح ( ،)1وال المض غة على الص حيح ،والم رة نجس ة ،وك ذا ج رة
البع ير .وأما الم اء ال ذي يس يل من فم الن ائم ،فق ال المت ولي ( :)2إن ك ان
متغيرا ،فنجس .وإال فطاهر .وقال غيره :إن ك ان من الله وات ،فط اهر ،أو
من المع دة ،فنجس .ويع رف كونه من الله وات ب أن ينقطع إذا ط ال نوم ه.
وإذا ش ك ،فاالصل ع دم النجاس ة ،واالحتي اط غس له .وإذا حكم بنجاس ته،
وعمت بلوى ش خص ب ه ،لكثرته من ه ،فالظ اهر أنه يلتحق ب دم ال براغيث،
.وسلس البول ،ونظائره
] [ 129
قال القاضي حسين ( )1والمتولي والبغوي وآخ رون :لو أكلت بهيمة حبا ثم
ألقته صحيحا ،فإن كانت صالبته باقية ،بحيث لو زرع نبت ،فعينه ط اهرة،
ويجب غسل ظاهره ،النه وإن ص ار غ ذاء لها فما تغ ير إلى فس اد ،فص ار
كما لو ابتلع ن واة .وإن زالت ص البته ،بحيث ال ينبت ،فنجس العين .ق ال
المتولي :والوسخ المنفصل من اآلدمي في حمام وغيره ،له حكم ميتته ،وكذا
الوسخ المنفصل عن س ائر الحي وان له حكم ميتت ه .وفيما قاله نظ ر .وينبغي
أن يكون طاهرا قطعا ،ك العرق .وهللا أعلم .فصل في الم اء الراك د :إعلم أن
الراكد :قليل ،وكثير ،فالكثير :قلت ان ،والقلي ل :دون ه .والقلت ان :خمس ق رب.
وفي قدرها باالرطال أوجه .الصحيح المنصوص :خمسمائة رطل بالبغدادي
( .)2والث اني :س تمائة .قاله أبو عبد هللا الزب يري ( .)3واخت اره القف ال،
والغزالي ( .)4والث الث :ألف رط ل .قاله أبو زي د .واالصح أن ه ذا التق دير
تقريب ،فال يضر نقصان القدر الذي ال يظهر بنقصانه
] [ 130
تفاوت في التغير بالقدر المعين من االشياء المغيرة ( .)1والثاني :أنه تحديد:
فيضر أي شئ نقص .قلت :االش هر ( - )2تفريعا على التق ريب -أنه يعفى
عن نقص رطلين ،وقيل :ثالثة ونحوه ا ،وقي ل :مائة رطل ( .)3وإذا وقعت
في الماء القليل نجاسة وشك :هل هو قلتان ،أم ال ؟ فالذي ج زم به ص احب
(الح اوي) وآخ رون :أنه نجس ( ،)4لتحقق النجاس ة .والم ام الح رمين فيه
احتماالن ،والمخت ار ،بل الص واب :الج زم بطهارت ه ،الن االصل طهارت ه،
وشككنا في نجاسة ( )5منجس ة ،وال يل زم من النجاسة التنجيس ( .)6وق در
القلتين بالمساحة :ذراع وربع طوال وعرضا وعمقا ( .)7وهللا أعلم .ثم الماء
القليل ينجس بمالق اة النجاسة الم ؤثرة ،تغ ير أم ال .وأما غ ير الم ؤثرة،
كالميتة ال تي ال نفس لها س ائلة ،ونجاسة ال ي دركها ط رف ،وول وغ ه رة
تنجس فمها ثم غابت واحتمل طهارت ه ،فال ينجس على الم ذهب ،كما س بق
في الصورة االولى ،وسيأتي االخريان إن شاء هللا تعالى .واخت ار الروي اني
من أص حابنا :أنه ال ينجس إال ب التغير ،والص حيح المع روف ،االول .وأما
،الكثير ،فينجس بالتغير بالنجاسة لالجماع ( ،)8سواء قل التغير أم كثر
] [ 131
وس واء تغ ير الطعم أو الل ون أو الرائح ة ،وكل ه ذا متفق عليه ها هن ا،
بخالف ما تق دم في الط اهر .وس واء ك انت النجاسة المالقية مخالطة أم
مج اورة ،وفي المج اورة وجه ش اذ :أنها ال تنجس ه .وأما إذا ت روح الم اء
بجيفة ملق اة على شط النه ر ،فال ينجس ،لع دم المالق اة ،وإن القى الكث ير
النجاسة ولم يتغ ير لقلة النجاسة واس تهالكها ،لم ينجس ،ويس تعمل جميعه
على الصحيح .وعلى وجه يبقى قدر النجاس ة .وإن لم يتغ ير لموافقتها الم اء
في االوصاف ،قدر بما يخالف ،كما سبق في (باب الط اهر) .وأما إذا تغ ير
بعض ه ،فاالصح نجاسة جميع الم اء ،وهو الم ذكور في (المه ذب) وغ يره.
وفي وجه ال ينجس إال المتغير .قلت :االصح ما قاله القفال ،وصاحب التتمة
وآخرون :أن المتغ ير ،كنجاسة جام دة .ف إن ك ان الب اقي دون قل تين ،فنجس
وإال ،فطاهر .وهللا أعلم .ثم إن زال تغير المتغير بالنجاسة ( )1بنفس ه ،طهر
على الصحيح .وقال االصطخري :ال يطه ر .وهو ش اذ .وإن لم يوجد رائحة
النجاس ة ،لط رح المسك في ه ،أو طعمه ا ،لط رح الخ ل ،أو لونه ا ،لط رح
الزعفران ،لم يطهر باالتفاق ( .)2وإن ذهب التغير بطرح التراب ،فق والن:
أظهرهما ال يطه ر ،للشك في زوال التغ ير .وإن ذهب ب الجص والن ورة
وغيرهما مما ال يغلب وصف التغ ير ،فهو ك التراب على الص حيح ،وقي ل:
كالمسك .ثم قال بعضهم :الخالف في مسألة التراب إذا كان التغير بالرائحة.
وأما تغير اللون ،فال يؤثر فيه التراب قطعا .واالصول المعتم دة س اكتة عن
هذا التفصيل .قلت :بل قد صرح المحاملي ( ،)3والفوراني ( ،)4وآخرون:
بجريان
] [ 132
الخالف في التغير بالصفات الثالث ،وقد أوضحت ذلك في ش رح المه ذب)
( .)1وهللا أعلم .ف رع النجاسة ال تي ال ي دركها الط رف ( ،)2كنقطة خم ر،
وبول يسيرة ،ال تبصر لقلتها وكذبابة تقع على نجاس ة ،ثم تط ير عنه ا ،هل
ينجس الم اء والث وب كالنجاسة المدرك ة ،أم يعفى عنها ؟ فيه س بع ط رق:
أحدها :يعفى عنها فيهما .والثاني :ال .والثالث :فيهما ق والن .والراب ع :تنجس
الم اء ،وفي الث وب ق والن ،والخ امس :ينجس الث وب ،وفي الم اء ق والن،
والسادس :ينجس الماء دون الثوب .والسابع :عكس ه .واخت ار الغ زالي العفو
فيهما ،وظاهر المذهب -عند المعظم -خالفه .قلت :المختار عن جماعة من
المحققين ما اخت اره الغ زالي ،وهو االص ح ،وهللا أعلم .ف رع الم اء القليل
النجس إذا كوثر فبلغ قلتين ،نظ ر ،إن ك وثر بغ ير الم اء ،لم يطه ر ،بل لو
كمل الطاهر الناقص عن قلتين بماء ورد بلغهما به وصار مستهلكا ،ثم وقع
فيه نجاس ة ،نجس ،وإن لم يتغ ير .وإنما ال تقبل النجاسة قلت ان من الم اء
المحض .وإن ك وثر بالم اء المس تعمل ،ع اد مطه را على االص ح .وعلى
الثاني :هو كماء الورد .وإن كوثر بماء غير مستعمل ،طاهر أو نجس ،ع اد
مطهرا بال خالف ،وهل يشترط أن ال يكون فيه نجاسة جام دة ؟ فيه خالف
التباع د ،ه ذا كله إذا بلغ قل تين وال تغ ير في ه .أما إذا ك وثر فلم يبلغهم ا،
.فاالصح أنه باق على نجاسته
] [ 133
والثاني :أنه طاهر غير طه ور ،بش رط أن يك ون المك اثر به مطه را ،وأن
يكون أك ثر من الم ورود علي ه ،وأن ي ورده على النجس ،وأن ال يك ون فيه
نجاسة جام دة ف إن اختل أحد ه ذه ( )1الش روط ،فنجس بال خالف .وال
يش ترط شئ من ه ذه الش روط االربعة فيما إذا ك وثر فبلغ قل تين .قلت :ه ذا
ال ذي ص ححه هو االص ح ،وعند الخراس انيين :وهو االص ح .واالصح عند
العراق يين :الث اني .وهللا أعلم .والمعت بر في المك اثرة الضم والجم ع ،دون
الخلط ،حتى لو ك ان أحد البعض ين ص افيا ،واآلخر ك درا ،وانض ما ،زالت
النجاسة من غ ير توقف على االختالط الم انع من التمي يز .وم تى حكمنا
بالطهارة في هذه الصور ففرق ،لم يض ر ،وهو ب اق على طهوريت ه .ف رع:
إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة ،فقوالن :أظهرهما وهو القديم،
أنه يجوز االغتراف من أي موضع شاء ،وال يجب التباعد النه طاهر كل ه.
والثاني :الجدي د :يجب أن يبعد عن النجاسة بق در قل تين ،فعلى ه ذا ال يكفي
في البحر التباعد بشبر نظرا إلى العم ق ،بل يتباعد ق درا لو حسب مثله في
العمق وسائر الجوانب لبلغ قل تين .فلو ك ان الم اء منبس طا بال عم ق ،تباعد
طوال وعرضا قدرا يبلغ قل تين في ذلك العم ق .وق ال محمد بن يح يى (:)2
في ه ذه الص ورة يجب أن يبعد إلى موضع يعلم أن النجاسة لم تنتشر إلي ه.
أما إذا كان الماء قلتين فقط ،فعلى الجدي د :ال يج وز االغ تراف من ه .وعلى
القديم :يج وز على االص ح .ثم في المس ألة االولى يحتمل أن يك ون الخالف
في جواز اس تعمال الم اء عن ( )3غ ير تباع د ،مع القطع بطه ارة الجمي ع،
ويحتمل أن يكون في االستعمال مبنيا على خالف في نجاسته ،وقد نقل
] [ 134
عن الشيخ أبي محمد ( ،)1نقل االتفاق على االحتمال االول ( .)2قلت :هذا
التوقف من االم ام ال رافعي عجب ،فقد ج زم وص رح باالحتم ال االول
جماع ات من كب ار أص حابنا ،منهم الش يخ أبو حامد االس فراييني (،)3
والقاضي أبو الطيب ( ،)4وص احب (الح اوي) والمح املي ،وص احبا
(الشامل) و (البيان) وآخرون من العراقيين والخراسانيين .وقطع جماعة من
الخراسانيين على قول التباعد ب أن يك ون المجتنب نجس ا ،ك ذا قاله القاضي
حسين ،وإمام الحرمين ،والبغوي ،وغيرهم .حتى قال هؤالء الثالثة :لو كان
قل تين فق ط ،ك ان نجسا على ه ذا الق ول .والص واب :االول .وهللا أعلم .إذا
غمس كوز ممتلئ ماء نجسا في ماء كث ير ط اهر ،ف إن ك ان واسع ال رأس،
فاالصح أنه يع ود طه ورا ،وإن ك ان ض يقه ،فاالصح أنه ال يطه ر .وإذا
حكمنا بأنه
] [ 135
طه ور في الص ورتين ،فهل يص لح ذلك على الف ور ،أم ال بد من زم ان
ي زول فيه التغ ير لو ك ان متغ يرا ؟ فيه وجه ان .االص ح :الث اني .ويك ون
الزمان في الضيق أكثر منه في الواسع .فإن كان ماء الك وز متغ يرا ،فال بد
من زوال تغيره ،ولو كان الكوز غ ير ممتلئ ،فما دام ي دخل فيه الم اء ،فال
اتصال ،وهو على نجاسته .قلت :إال أن يدخل فيه أكثر من الذي فيه ،فيكون
حكمه ما س بق في المك اثرة .ق ال القاضي حس ين ،وص احب (التتم ة) :ولو
كان ماء الكوز ط اهرا ،فغمسه في م اء ( )1نجس ينقص عن القل تين بق در
ماء الكوز ،فهل يحكم بطهارة النجس ؟ فيه الوجه ان ( .)2وهللا أعلم .ف رع:
ماء البئر كغيره في قبول النجاسة وزواله ا ،ف إن ك ان قليال وتنجس بوق وع
نجاسة ،فال ينبغي أن ينزح لينبع الماء الطه ور بع ده ،النه وإن ن زح ،فقعر
البئر يبقى نجسا ،وقد تنجس جدران البئر أيضا ،بالنزح ،بل ينبغي أن يترك
ليزداد ( )3فيبلغ حد الكثرة .وإن كان نبعها قليال ال تتوقع كثرت ه ،صب فيها
ماء ليبلغ الكثرة ،ويزول التغ ير إن ك ان تغ ير .وطريق زواله على ما تق دم
من االتفاق والخالف .وإن كان الم اء كث يرا ط اهرا ،وتفتت فيه شئ نجس،
كف أرة تمعط ش عرها ،فقد يبقى على طهوريته لكثرت ه ،وع دم التغ ير ،لكن
يتع ذر اس تعماله ،النه ال ي نزح دل وا إال وفيه شئ من النجاس ة ،فينبغي أن
يستقى الماء كله ،ليخرج الشعر منه .ف إن ك انت العين ف وارة ،وتع ذر ن زح
الجميع ،نزح ما يغلب على الظن أن الشعر [ خرج كله ] ( )4معه ،فما بقي
بعد ذلك في الب ئر وما يح دث ،طه ور ،النه غ ير مس تيقن النجاس ة ،وال
مظنونها ،وال يضر احتمال بقاء الشعر .فان تحقق شعرا بعد ذلك ،حكم ب ه.
فأما قبل ال نزح إلى الحد الم ذكور ،إذا غلب على ظنه أنه ال يخلو كل دلو
عن شئ من النجاسة ،لكن لم يتيقنه ،ففي جواز
] [ 136
استعماله القوالن في تقابل االصل والظاهر .وه ذا ال ذي ذكرن اه في الش عر
تفريع على نجاسته بالموت .ف ان لم تنجس ه ،فرضت المس ألة في غ يره من
االجزاء .فصل في الماء الجاري :هو ضربان :ماء االنه ار المعتدل ة ،وم اء
االنهار العظيم ة ،أما االول :فالنجاسة الواقعة فيه مائعة وجام دة ،والمائع ة:
مغ يرة وغيره ا .ف المغيرة :تنجس المتغ ير .وحكم غ يره معه كحكمه مع
النجاسة الجامدة .وغير المغيرة :إن كان عدم التغير للموافقة في االوص اف،
فحكمه ما س بق في الراك د .إن ك ان لقلة النجاسة وأمحاقها في ه ،فظ اهر
المذهب ،وقول الجمهور :أنه كالراكد .وإن كان قليال ينجس .وإن كان كث يرا
فال .وقال الغزالي :هو طاهر ( )1مطلقا ،وفي الق ديم :ال ينجس الج اري إال
ب التغير [ .قلت :واخت ار جماعة الطه ارة ،منهم إم ام الح رمين وص احب
(الته ذيب) ] ( .)2وهللا أعلم .وأما النجاسة الجام دة ،كالميت ة ،ف إن غ يرت
الماء ،نجسته ،وإن لم تغيره ،فتارة تقف ،وتارة تجري مع الماء ،فان جرت
جرية ( ،)3فما قبلها وما بع دها ط اهران .وما على يمينها وش مالها وفوقها
وتحته ا ،إن وإن ك ان قليال ،فنجس ،وإن ك ان قل تين ،فقي ل :ط اهر ،وقي ل:
على ق ولي التباع د .وإن وقفت النجاس ة ،وج رى الم اء عليه ا ،فحكمه حكم
الجاري ة ،ويزيد ها هنا أن الج اري على النجاسة وهو قلي ل ،ينجس
بمالقاته ا ،وال يج وز اس تعماله إال أن يجتمع في موضع قلت ان من ه ،وفيه
وجه أنه إذا تباعد واغ ترف من موضع بينه وبين النجاسة قلت ان ،ج از
استعماله ،والصحيح االول .وعليه يقال :م اء هو ألف قل ة ،نجس بال تغ ير،
فه ذه ص ورته .أما النهر العظيم ،فال يجتنب فيه ش ئ ،وال ح ريم النجاس ة،
وال يجئ فيه
] [ 137
الخالف في التباعد عما حوالي النجاس ة .وفيه وجه ش اذ أنه يج زئ ،ووجه
أنه يجب اجتن اب الح ريم خاص ة ،وبه قطع الغ زالي ،وط رده في ح ريم
الراكد أيضا .والمذهب :القطع بأنه ال يجب اجتناب الحريم في الجاري ،وال
في الراكد .ثم العظيم :ما أمكن التباعد فيه عن ج وانب النجاسة كلها بقل تين.
والمعتدل :ما ال يمكن ذلك فيه .ومن المعت دل :النهر ال ذي بين حافتيه قلت ان
فق ط .وق ال إم ام الح رمين :المعت دل :ما يمكن تغ يره بالنجاس ات المعت ادة.
والعظيم :ما ال يمكن تغ يره به ا .وأما الح ريم :فما ينسب إلى النجاسة
بتحريكه إياها ،وانعطافه عليها ،والتفافه بها .قلت :غ ير الم اء من المائع ات
ينجس بمالقاة النجاسة وإن كثر .وإنما ال ينجس الماء لقوته ( .)1ولو توضأ
من بئر ،ثم أخرج منها دجاجة منتفخ ة ،لم يلزمه أن يعيد من ص الته إال ما
تيقن أنه صالها بالماء النجس .ذك ره ص احب (الع دة) ( .)2وهللا أعلم .ب اب
إزالة النجاسة النجس ض ربان :نجس العين ،وغ يره ،فنجس العين :ال يطهر
بح ال ،إال الخم ر ،فتطهر بالتخل ل ،وجلد الميتة بال دباغ .والعلقة والمض غة
وال دم ال ذي هو حشو البيض ة ،إذا نجس نا الثالثة فاس تحالت حيوان ات (.)3
وأما غ ير نجس العين ،فض ربان :نجاسة عيني ة ،وحكمي ة ،فالحكمي ة :هي
ال تي تيقن وجودها وال تحس ،ك البول إذا جف على المحل ولم يوجد له
،رائحة وال أثر ،فيكفي إجراء الماء على محلها مرة ،ويسن ثانية
] [ 138
وثالثة .وأما العيني ة :فال بد من محاولة إزالة ما وجد منها من طعم ،ول ون،
وريح ،فان فعل ذلك فبقي ( )1طعم ،لم يطه ر ،وإن بقي الل ون وح ده وهو
س هل االزال ة ،لم يطه ر .وإن ك ان عس رها ،ك دم الحيض يص يب الث وب،
وربما ال يزول بعد المبالغة ،واالستعانة بالحت والق رص ،طه ر .وفيه وجه
ش اذ أنه ال يطه ر ،والحت والق رص ليسا بش رط ،بل مس تحبان عند
الجمهور ،وقيل :هما شرط ،وإن بقيت الرائحة وحدها وهي عسرة االزال ة،
كرائحة الخم ر ،فق والن .وقي ل :وجه ان .أظهرهما يطه ر .وإن بقي الل ون
والرائحة معا ،لم يطهر على الصحيح ،ثم الصحيح الذي قاله الجمه ور ،إن
ما ( )2حكمنا بطهارته مع بقاء لون أو رائح ة ،فهو ط اهر حقيق ة ،ويحتمل
أنه نجس معفو عن ه .وقد أش ار إليه في (التتم ة) ثم بعد زوال العين يسن
غسله ،ثانية ،وثالث ة ،وال يش ترط في حص ول الطه ارة عصر الث وب على
االصح ،بناء على طهارة الغسالة .وإن قلنا بالضعيف :إن العصر شرط ،قام
مقامه الجفاف على االصح ،النه أبلغ في زوال الم اء .ف رع :ما ذكرن اه من
طهارة المحل بالعصر أو دونه :هو فيما إذا ورد الم اء على المح ل ،أما إذا
ورد الم اء المحل النجس ،ك الثوب يغمس في إجانة فيها م اء ويغسل فيه ا،
ففيه وجهان :الصحيح الذي قاله االكثرون :ال يطهر ،وقال ابن س ريج (:)3
يطهر ،ولو ألقته الريح فيه والماء دون قلتين ،نجس الم اء أيضا بال خالف.
فرع :إذا أصاب االرض بول فصب عليها ماء غمره واستهلك فيه ،طه رت
بعد نض وب الم اء ،وقبله وجه ان .إن قلن ا :العصر ال يجب ،طه رت .وإن
:قلنا
] [ 139
واجب ،لم يطه ر .فعلى ه ذا ال يتوقف الحكم بالطه ارة على الجف اف ،بل
يكفي أن يغيض الماء كالثوب المعصور .ويكفي أن يك ون الم اء المص بوب
غامرا للنجاسة على الصحيح ،وقيل :يشترط أن يكون سبعة أضعاف البول،
وقيل :يشترط أن يصب على بول الواحد ذنوب ،وعلى بول االثنين ذنوبان،
وعلى هذا أبدا ،ثم الخمر ،وسائر النجاس ات المائعة ك البول ،يطهر االرض
عنها بغمر الم اء بال تق دير على الم ذهب .ف رع :اللبن النجس :ض ربان.
مختلط بنجاسة جامدة ،كالروث وعظام الميتة ،وغير مختل ط .ف االول :نجس
ال طريق إلى تطه يره ،لعين النجاس ة .ف ان طبخ ،فالم ذهب -وهو الجديد -
أنه على نجاسته .وفي القديم ق ول :أن االرض النجسة تطهر ب زوال أك ثر (
)1النجاسة ،بالشمس ،والريح ،ومرور الزمن .فخرج أبو زيد ،والخضري،
وآخرون منه قوال :ان النار ت ؤثر ،فيطهر ظ اهره ب الطبخ .فعلى الجدي د :لو
غسل ،لم يطهر على الصحيح المنصوص .وقال ابن المرزبان ( )2والقفال:
يطهر ظ اهره .وأما غ ير المختلط ك المعجون بم اء نجس ،أو ب ول ،فيطهر
ظاهره بإفاضة الماء عليه ،ويطهر باطنه بأن ينقع في الماء ح تى يصل إلى
جميع أجزائ ه ،ك العجين بم ائع نجس .ه ذا إن لم يطبخ ،ف إن طبخ ،طهر -
على تخ ريج أبي زيد -ظ اهره ،وك ذا باطن ه ،على االظه ر ،وأما على
الجديد ،فهو على نجاس ته ،ويطهر بالغسل ظ اهره دون باطن ه ،وإنما يطهر
باطنه بأن يدق حتى يصير ترابا ،ثم يفاض الماء علي ه ،فلو ك ان بعد الطبخ
رخ وا ال يمنع نف وذ الم اء ،فهو كما قبل الطبخ .قلت :إذا أص ابت النجاسة
شيئا صقيال ،كسيف ،وسكين ،ومرآة ،لم يطهر
] [ 140
بالمسح عندنا ،بل البد من غسلها .ولو سقيت سكين م اء نجس ا ،ثم غس لها،
طهر ظاهرها .وهل يطهر باطنها بمج رد الغس ل ،أم ال يطهر ح تى يس قيها
مرة ثانية بم اء طه ور ؟ وجه ان .ولو طبخ لحم بم اء نجس ،ص ار ظ اهره
وباطنه نجس ا ،وفي كيفية طهارته وجه ان .أح دهما :يغسل ثم يعصر (،)1
كالبساط .والثاني :يشترط أن يغلى بماء طه ور .وقطع القاضي حس ين (،)2
والمتولي ،في مسألتي الس كين واللحم :بأنه يجب س قيها م رة ثانية وإغالؤه.
واختار الشاشي االكتفاء بالغسل ،وهو المنصوص .قال الش افعي ( )3رحمه
هللا ( )4في (االم) في (باب صالة الخ وف) :لو أحمى حدي دة ثم صب عليها
س ما نجس ا ،أو غمس ها فيه فش ربته ،ثم غس لت بالم اء ،طه رت ،الن
الطه ارات كلها إنما جعلت ما يظه ر ،ليس على االج واف .ه ذا نصه
بحروفه .قال المتولي :وإذا شرطنا سقي السكين ،ج از أن يقطع بها االش ياء
الرطبة قبل السقي ،كما يقطع اليابسة ( .)5ولو أصابت الزئبق نجاس ة ،ف إن
لم يتقطع ،طهر
] [ 141
بصب الماء عليه ،وإن تقطع ،كالدهن ،ال يمكن تطهيره على االصح ،ذكره
المح املي ،والبغ وي .وإزالة النجاسة ال تي لم يعص ب التلطخ بها في بدن ه،
ليست على الفور ،وإنما يجب عند إرادة الصالة ونحوها .ويستحب المبادرة
بها .قال المتولي ،وغيره :للم اء ق وة عند ال ورود على النجاس ة ،فال ينجس
بمالقاته ا ،بل يبقى مطه را ،فلو ص به على موضع النجاسة من ث وب
فانتشرت الرطوبة في الث وب ،ال يحكم بنجاسة موضع الرطوب ة ،ولو صب
الم اء في إن اء نجس ،ولم يتغ ير بالنجاس ة ،فهو طه ور .ف إذا أداره على
جوانبه ،طهرت الج وانب كله ا .ق ال :ولو غسل ث وب عن نجاس ة ،ف وقعت
عليه نجاسة عقب عص ره .هل يجب غسل جميع الث وب ،أم يكفي غسل
موضع النجاسة ؟ وجهان :الص حيح :الث اني ( .)1وهللا أعلم .ف رع :ال واجب
في إزالة النجاسة الغس ل ،إال في ب ول ص بي لم يطعم ،ولم يش رب س وى
اللبن ،فيكفي فيه ال رش ( ،)2وال بد فيه من إص ابة الم اء جميع موضع
البول .ثم اليراده ثالث درجات ،االولى :النضج المج رد .الثاني ة :النضح مع
الغلبة والمك اثرة .الثالث ة :أن ينضم إلى ذلك الس يالن ،فال حاجة في ال رش
إلى الثالثة قطعا ،ويكفي االولى على وجه ،ويحتاج إلى الثانية على االصح.
وال يلحق ببول الصبي ،بول الصبية ؟ بل يتعين غسله على الص حيح .قلت:
وفي (التتمة) وجه شاذ :أن الص بي ،كالص بية ،فيجب الغس ل .ق ال البغ وي:
وبول الخنثى كاالنثى من أي فرجيه خرج .وهللا أعلم .فصل :طه ارة ما ولغ
فيه الكلب أو تنجس بدم ه ،أو بول ه ،أو عرق ه ،أو ش عره ،أو غيرها من
أجزائه وفض الته ،أن يغسل س بع م رات ،إح داهن ب تراب ،وفيما س وى
،الولوغ وجه شاذ أنه يكفي غسله مرة ،كسائر النجاسات .والخنزير
] [ 142
كالكلب على الجديد ،وفي القديم :يكفي مرة كغيره ،وقيل :القديم كالنجاس ات
( ،)1وال يقوم الصابون واالشنان ونحوهما مقام التراب على االظهر (،)2
كالتيمم .ويق وم في الث اني :كال دباغ واالس تنجاء .والث الث :إن وجد تراب ا ،لم
يقم .وإال ،قام .وقيل :يقوم فيما يفسده التراب ،كالثي اب ،دون االواني .أما إذا
اقتصر على الم اء وغس له ثم اني م رات ،ففيه أوج ه .االص ح :ال يطه ر.
والث اني :يطه ر .والث الث :يطهر عند ع دم ال تراب دون وج وده .وال يكفي
غمس االناء والث وب في الم اء الكث ير ( )3على االص ح .وال يكفي ال تراب
النجس على االصح ،كالتيمم ( .)4ولو تنجست أرض ترابية بنجاسة الكلب،
كفى الم اء وح ده على االص ح ،إذ ال مع نى لتعف ير ال تراب ،وال يكفي في
استعمال التراب ذره على المحل ،بل ال بد من مائع يمزجه ( )5ب ه ،ليصل
ال تراب بواس طته إلى جميع أج زاء المح ل .ف إن ك ان الم ائع م اء ،حصل
الغرض ،وإن كان غيره ،كالخل وماء ال ورد ،وغس له س تا بالم اء ( ،)6لم
.يكف على الصحيح ،كما لو غسل السبع بالخل والتراب
] [ 143
قلت :لو ولغ في االناء كالب ،أو كلب مرات ،فثالثة أوج ه .الص حيح يكفيه
للجميع س بع .والث اني :يجب لكل ولغة س بع .والث الث :يكفي لولغ ات الكلب
الواحد سبع ،ويجب لكل كلب سبع .ولو وقعت نجاسة أخرى في االناء الذي
ولغ فيه الكلب ( ،)1كفى سبع ،ولو ك انت نجاسة الكلب عيني ة ،كدم ه ،فلم
ت زل إال بست غس الت مثال ،فهل يحسب ذلك س تا أم واح دة ،أم ال يحسب
شيئا ؟ فيه ثالثة أوجه .أصحها :واحدة ( .)2ويس تحب أن يك ون ال تراب في
غير الس ابعة .واالولى أولى .ولو ولغ في م اء لم ينقص بولوغه عن قل تين،
فهو ب اق على طهوريت ه ،وال يجب غسل االن اء .ولو ولغ في شئ نجس ه،
فأصاب ذلك الشئ آخر ،وجب غسله س بعا .ولو ولغ في طع ام جام د ،ألقى
ما أصابه وما حوله ،وبقي الباقي على طهارته ،وإذا لم يرد استعمال االن اء
ال ذي ولغ في ه ،ال يجب إراقته على الص حيح ال تي قطع به الجمه ور .وفي
(الح اوي) وجه أنه يجب إراقته على الف ور ،للح ديث الص حيح ( )3ب االمر
بإراقته .ولو ولغ في ماء كثير متغير بالنجاس ة ،ثم أص اب ذلك الم اء ثوب ا،
قال الروياني :قال القاضي حسين :يجب غسله س بعا إح داهن ب التراب ،الن
الم اء المتغ ير بالنجاس ة ،كخل تنجس .ولو ولغ حي وان تولد من كلب ،أو
خنزير وغيره ،أو من كلب وخ نزير ،فقد نقل فيه ص احب (الع دة) الخالف
في الخ نزير النه ليس كلب ا .وهللا أعلم .ف رع :س ؤر اله رة ط اهر ،لطه ارة
عينها ،وال يكره ،فلو تنجس فمها ،ثم
] [ 144
ولغت في ماء قليل فثالثة أوج ه .االصح أنها إن غ ابت واحتمل ولوغها في
ماء يطهر فمها ،ثم ولغت ،لم تنجس ه ،وإال نجس ته .والث اني :تنجسه مطلق ا.
والثالث :عكسه .قلت :وغير الماء من المائعات ،كالماء .وهللا أعلم .فصل في
غس الة النجاسة إن تغ ير بعض أوص افها بالنجاس ة ،فنجس ة .وإال ف إن ك ان
قلتين ،فطاهرة بال خالف .قلت :ومطهرة على الم ذهب ( .)1وهللا أعلم .وإن
ك ان ( )2دونهم ا ،فثالثة أق وال .وقي ل :أوج ه .أظهره ا :وهو الجدي د ،أن
حكمها حكم المحل بعد الغس ل ،إن ك ان نجسا بع د ،فنجس ة .وإال ،فط اهرة
غ ير مطه رة .والث اني - :وهو الق ديم -حكمها حكمها قبل الغس ل ،فيك ون
مطه رة .والث الث :وهو مخ رج من رفع الح دث ،حكمها حكم المحل قبل
الغسل ،فيكون نجسة .ويخ رج على ه ذا الخالف غس الة ول وغ الكلب ،ف إذا
وقع من الغس لة االولى شئ على ث وب ،أو غ يره ،لم يحتج إلى غس له على
القديم .ويغسل لحصول المرة وطهورية الباقي ستا على الجديد ،وسبعا على
المخ رج .ولو وقع من الس ابعة ،لم يغسل على االول والث اني .ويغسل على
الثالث مرة .ومتى وجب الغسل عنها ،فإن سبق التعفير ،لم يجب لطهوريته،
وإال وجب .وفي وجه ،لكل غسلة سبع ،حكم المحل ،فيغسل منها مرة ،وهذا
.يتضمن التسوية بين غسلة التعفير وغيرها
] [ 145
ف رع :إذا لم تتغ ير الغس الة ،ولكن زاد وزنه ا ،فطريق ان .أص حهما القطع
بالنجاس ة .والث اني على االق وال ( ،)1واعلم أن الخالف الم ذكور هو في
المستعمل ،في واجب الطهارة .أما المستعمل في من دوبها ،كالغس لة الثاني ة،
فطهور على المذهب .وقيل :على القولين االولين دون الثالث .باب االجته اد
( )2في الم اء المش تبه إذا اش تبه إن اءان :ط اهر ،ونجس ،فثالثة أوج ه.
الصحيح :أنه ال يجوز استعمال أحدهما إال باالجتهاد ،وظه ور عالمة تغلب
على الظن طهارت ه ،ونجاسة الم تروك .والث اني :يكفي ظن الطه ارة بال
عالم ة .والث الث :يس تعمل أح دهما بال اجته اد وال ظن ،وس واء علم نجاسة
أح دهما بمش اهدتها ،أو ظنها بإخب ار من تقبل روايته من ح ر ،أو عب د ،أو
امرأة .وفي الصبي المميز وجهان .قلت :االصح عند الجمه ور ال يقبل ق ول
المميز ،ويقبل قول ( )3االعمى بال خالف ( .)4وهللا أعلم .ويشترط أن يعلم
من حال المخبر ،أنه ال يخبر ( )5عن حقيقة ( ،)6وسواء أخبره
] [ 146
بنجاسة أح دهما على االبه ام ،أم بعين ه ،ثم اش تبه ،فيجتهد في الجمي ع .ولو
انصب أحدهما ،أو صبه ،فثالثة أوجه .أص حها :يجتهد في الب اقي .والث اني:
ال يجوز االجته اد ،بل ي تيمم .والث الث :يس تعمله بال اجته اد عمال باالص ل.
قلت :االصح عند المحققين واالك ثرين -أو الكث يرين :-أنه ال يج وز
االجته اد ،بل ي تيمم ويص لي وال يعيد وإن لم يرق ه .وهللا أعلم .ولالجته اد
ش روط .االول :أن يك ون للعالمة مج ال ،ك االواني ،والثي اب .أما إذا اختلط
بعض محارمه بأجنبي ة ،أو أجنبي ات محص ورات ،فال يج وز نك اح واح دة
منهن باالجتهاد .الث اني :أن يتأيد االجته اد باستص حاب الطه ارة .فلو اش تبه
م اء بب ول ،أو بم اء ورد ،أو ميتة بم ذكاة ،أو لبن بقر بلبن أت ان .لم يجتهد
على الصحيح ،بل ي تيمم في مس ألة الب ول .وفي مس ألة م اء ال ورد ،يتوضأ
بكل واح دة م رة .وقي ل :يجته د .وال بد من ظه ور عالمة بال خالف ،وال
يجئ فيه الوجه الثاني في أول الب اب .الث الث :مختلف في ه ،وهو العجز عن
اليقين ،فلو تمكن منه ،ج از االجته اد على االص ح ،فيج وز في المش تبهين،
وإن ك ان معه ث الث ط اهر بيقين ،أو ك ان على شط نهر أو اش تبه ثوب ان
ومعه ث الث ط اهر بيقين ،أو قلت ان :ط اهرة ،ونجس ة ،وأمكن خلطهما بال
تغير ،أو اشتبه ماء مطلق بمستعمل ،أو بماء ورد ،قلنا :يجوز االجته اد فيه
على االصح في الجمي ع .الراب ع :أن تظهر عالم ة ،وقد تق دم أن الص حيح،
اشتراط العالمة ،فلو لم تظهر ،تيمم بعد إراقة الماءين ،أو صب أحدهما في
اآلخ ر ،فال إع ادة علي ه .ف إن تيمم قبل ذل ك ،وجبت إع ادة الص الة .وأما
االعمى ،فيجتهد على االظه ر .ف إن لم يغلب على ظنه ش ئ ،قلد على
االصح .قلت :فان قلنا :ال يقل د ،أو لم يجد من يقل ده ،فوجه ان .الص حيح أنه
يتيمم ،ويصلي ،وتجب االعادة .والث اني :يخمن ويتوضأ على أك ثر ما يق در
علي ه ،وهو ظ اهر نص الش افعي رضي هللا عن ه ،واخت اره القاضي أبو
.الطيب قال :ويعيد .وهللا أعلم
] [ 147
فرع إذا غلب على ظنه طهارة إناء ،اس تحب أن يريق اآلخ ر ،فلو لم يفعل
وص لى ب االول الص بح ،فحض رت الظه ر ،ف إن لم يبق من االول ش ئ ،لم
يجب االجتهاد للظهر .فلو اجتهد فظن طهارة الباقي ،فالص حيح المنص وص
أنه ي تيمم وال يس تعمله ،وخ رج ابن س ريج أنه يس تعمله ،وال ي تيمم فيغسل
جميع ما أص ابه الم اء االول ،ثم يتوض أ ،وعلى ه ذا ال يعيد واح دة من
الصالتين .وعلى المنصوص :ال يعيد االولى ،وال الثانية أيضا على االصح.
أما إذا بقي من االول ش ئ ،ف ان ك ان يكفي طهارت ه ،فهو كما إذا لم يبق
ش ئ ،إال أنه يجب االجته اد للص الة الثاني ة .وإذا ص الها ب التيمم ،وجب
قضاؤها على الصحيح المنصوص .وإن كان الباقي ال يكفي ،فإن قلنا :يجب
استعماله ،كان كالكافي ،وإال ك ان كما إذا لم يبق من االول ش ئ .ولو صب
الماء الباقي مع بقية االول ،أو الباقي إذا ك ان وح ده ،ثم ص لى ب التيمم ،فال
إع ادة عليه بال خالف .ف رع الشئ ال ذي ال ي تيقن نجاس ته وال طهارت ه،
والغ الب في مثله النجاس ة ،فيه ق والن ،لتع ارض االصل ( .)1والظ اهر:
أظهرهما :الطهارة ،عمال باالصل ،فمن ذلك ثي اب م دمني الخمر وأوانيهم،
وثياب القصابين ،والصبيان
] [ 148
الذين ال يتوقون النجاسة ،وطين الشوارع حيث ال يستيقن ،ومق برة شك في
نبش ها ،وأواني الكف ار المت دينين باس تعمال النجاسة ك المجوس ،وثي اب
المنهمكين في الخمر ،والتل وث ب الخنزير من اليه ود والنص ارى .وال يلحق
بهؤالء الذين ال يتدينون باستعمال النجاسة ،كاليهود ،والنصارى .ف إن ألحقنا
غلبة الظن باليقين ،واشتبه إناء طاهر بإناء الغالب في مثله النجاس ة ،اجتهد
فيهما .وإن رجحنا االص ل ،فهما ط اهران ،وربما أطلق االص حاب الق ولين
فيما إذا غلب على الظن النجاسة ،لكن له ش رط ،وهو أن تك ون غلبة الظن
مستندة إلى كون الغالب في مثله النجاسة .فان لم يكن ك ذلك ،لم يل زم ط رد
الق ولين ،ح تى لو رأى ظبيه تب ول في م اء كث ير وهو بعيد من ه ،فج اءه،
فوجده متغيرا ،وشك ،هل تغ ير ب البول ،أم بغ يره ؟ ،فهو نجس ،نص عليه
الش افعي رضي هللا عن ه ،واالص حاب رحمهم هللا .قلت :الجمه ور حكم وا
بالنجاسة مطلقا ،وبعضهم ق ال :إن ك ان عه ده عن ق رب غ ير متغ ير ،فهو
النجس .وإن لم يعهده أص ال ،أو ط ال عه ده ،فهو ط اهر ،الحتم ال التغ ير
بطول المكث .واعلم أن االمام الرافعي اختصر هذا الباب جدا ،وترك أك ثر
مسائله .وأنا إن شاء هللا تعالى ( )1أشير إلى معظم ما تركه .ق ال أص حابنا:
يج وز االجته اد في المش تبهين من الطع امين ،وال دهنين ،ونحوهم ا ،في
الجنس ،والجنسين ،كلبن وخل تنجس أحدهما ،وثوب وتراب ،وطعام وماء،
ولنا وجه منكر أنه ال يج وز في الجنس ين .حك اه الش يخ أبو حامد وغلط ه،
ولو اشتبه لبنان ومعه ثالث متيقن الطهارة ،إن لم يكن مض طرا إلى ش ربه،
جاز االجتهاد فيهما ،وإن اض طر ،فعلى ال وجهين في الم اءين ومعه ث الث.
ولو أخبره بنجاسة أحد المش تبهين بعينه من يقبل خ بره ،عمل ب ه ،ولم يجز
االجتهاد ،ف إن ك ان معه إن اءان ،فق ال ع دل :ولغ الكلب في ه ذا دون ذاك،
وقال آخر :في ذاك دون هذا ،حكم بنجاستهما ،الحتم ال الول وغ في وق تين،
ف إن عينا وقتا بعين ه ،عمل بق ول أوثقهما عن ده على المخت ار ال ذي قطع به
إمام الحرمين .فإن استويا ،فالمذهب
] [ 149
أنه يس قط خبرهم ا ،وتج وز الطه ارة بهما ( ،)1وفيه ط رق لالص حاب،
وتفريعات طويلة أوضحتها في ش رحي (المه ذب) ( )2و (التنبي ه) ولو ق ال
ع دل :ولغ في ه ذا االن اء ،ه ذا الكلب في وقت ك ذا ،فق ال آخ ر :ك ان ه ذا
الكلب في ذلك الوقت ببلد آخر ،فاالصح طهارة االناء ،للتعارض ،والث اني:
النجاسة الش تباه الكالب .ولو أدخل الكلب رأسه في االن اء ،وأخرجه ولم
يعلم ولوغ ه ،ف ان ك ان فمه يابس ا ،فالم اء على طهارت ه ،وإن ك ان رطب ا،
فاالصح ،الطهارة لالصل .والثاني :النجاسة ،للظ اهر .وإذا توضأ ب المظنون
طهارت ه ،ثم تيقن أنه ك ان نجس ا ،أو أخ بره ع دل ،لزمه إع ادة الص الة،
وغسل ما أصابه الماء من بدنه وثوب ه .ويكفيه الغس لة الواح دة عن النجاسة
والحدث جميعا إذا ن وى الح دث ،على أصح ال وجهين عند العراق يين ،وهو
المختار ،خالف ما جزم به الرافعي وجماعة من الخراس انيين :أنه ال بد من
غسلتين .ولنا قول شاذ في (الوسيط) وغيره :أنه ال تجب إعادة هذه الصالة،
كنظ يره من القبل ة .ولو توضأ بأحد المش تبهين من غ ير اجته اد ،وص لى،
وقلنا بالصحيح :أنه ال يجوز ،فبان أن ال ذي توضأ به هو الط اهر ،لم تصح
ص الته قطع ا ،وال وض وؤه على االص ح ،لتالعب ه ،وكنظ يره في القبلة
وال وقت .ولو اش تبه االن اءان على رجلين ،فظن كل واحد طه ارة إن اء
باجتهاده ،لم يقتد أحدهما باآلخر .فلو ك انت اآلنية ثالث ة ،نجس ،وط اهران،
فاجتهد فيها ثالثة رجال ،وتوضأ كل باناء ،وأمهما واحد في الص بح ،وآخر
في الظه ر ،وآخر في العص ر ،فثالثة أوج ه .الص حيح االش هر :ق ول ابن
الحداد ( :)3يصح لكل واحد التي أم فيها .واالقتداء
] [ 150
االول ،ويتعين الث اني للبطالن .والث اني :ق ول ابن الق اص ( :)1ال يصح له
إال التي أم فيها .والثالث :قول أبي إسحق المروزي ( :)2تصح التي أم فيها.
واالقتداء االول إن اقتصر عليه .ف ان اقت دى ثاني ا ،بطال جميع ا .وإن زادت
اآلنية والمجتهدون ،أو سمع من الرجال صوت ح دث ،فتن اكروه ،فحكم كله
خ ارج على ما ذكرت ه ،وقد أوض حت كل ه ذا بأمثلته وأدلته في ش رحي
(المهذب) و (التنبي ه) .وقد ذكر ال رافعي رحمه هللا المس ألة في ب اب (ص فة
االئمة) وهذا الموضع أنس ب .ولو وجد قطعة لحم ملق اة ،ف ان ك ان في البلد
مجوس ومسلمون ،فنجسة ،فإن تمحض المسلمون ،فان كانت في خرق ة ،أو
مكت ل ،فط اهرة ،وإن ك انت ملق اة مكش وفة ،فنجس ة .ولو اش تبهت ميتة
بمذكيات بلد ،أو إناء بول بأواني بلد ،فله أخذ بعضها باالجته اد بال خالف،
وإلى أي حد ينتهي ؟ فيه وجه ان م ذكوران في (البح ر) أص حهما إلى أن
يبقى واح د .والث اني :إلى أن يبقى ق در لو ك ان االختالط به ابت داء ،منع
الجواز ( .)3ولو كان له دن ان فيهما م ائع ،ف اغترف منهما في إن اء ،ف رأى
فيه ف أرة ال ي درى من أيهما هي ،تح رى ،ف ان ظهر له أنها من أح دهما
بعينه ،فإن كان اغترف بمغرفتين ،ف اآلخر ط اهر ،وإن ك ان بمغرف ة ،ف إن
ظهر باالجته اد أن الف أرة في الث اني ،ف االول على طهارت ه ،وإال ،فهما
نجسان .وقد أكثرت الزيادة في هذا الب اب لمس يس الحاجة إليه ا ،فبقيت منه
.بقايا حذفتها كراهة كثرة االطالة .وهللا أعلم
] [ 151
ب اب االواني هي ثالثة أقس ام .االول :المتخذ من جلد والجلد يحكم بطهارته
في حالين .أحدهما :إذا ذكي مأكول اللحم ،فجل ده ب اق على طهارته كلحم ه،
ولو ذكي غير مأكول ،فجل ده نجس كلحم ه .قلت :ولو ذبح حم ارا زمن ا ،أو
غ يره مما ال يؤك ل ،للتوصل إلى دبغ جل ده ،لم يجز عن دنا .وهللا أعلم.
والث اني :أن ي دبغ جلد الميت ة ،فيطهر بال دباغ من م أكول اللحم وغ يره ،إال
جلد كلب ،أو خ نزير ،وفرعهم ا ،فانه ال يطهر قطع ا ،وإذا قلنا بالق ديم :إن
اآلدمي ينجس بالموت ،طهر جلده بالدباغ على االصح ،ولنا وجه شاذ منكر
في (التتمة) أن جلد الميتة ال ينجس ،وإنما أمر بال دبغ الزالة الزهومة (،)1
ثم ق ال االص حاب :يعت بر في ال دباغ ثالثة أش ياء ن زع الفض ول ،وتط ييب
الجلد ،وصيرورته بحيث لو وقع ( )2في الم اء ،لم يعد الفس اد والنتن .ومن
االصحاب من يقتصر على ن زع الفض ول ،الس تلزامه الطيب والص يرورة.
قالوا :ويكون الدباغ باالشياء الحريفة ،كالشب ( ،)3والق رظ ( ،)4وقش ور
الرم ان ،والعفص .وفي وج ه :ال يحصل إال بشب أو ق رظ ،وهو غل ط،
ويحصل بمتنجس ،وبنجس العين ،كذرق حمام على االصح فيه ا ،وال يكفي
التجميد ب التراب ،أو الش مس على الص حيح .وال يجب اس تعمال الم اء في
أثناء الدباغ على االصح ،ويجب الغسل بعده إن دبغ بنجس قطع ا ،وك ذا إن
دبغ بطاهر على االصح ،فعلى هذا إذا لم يغسله ،يكون طاهر العين ،كث وب
نجس ،بخالف ما إذا أوجبنا الماء في
] [ 152
أثناء ال دباغ فلم يس تعمله ،فانه يك ون نجس العين ،وهل يطهر بمج رد نقعه
في الم اء ،أم ال بد من اس تعمال االدوية ثانيا ؟ وجه ان .قلت :أص حهما
الثاني .وبه قطع الشيخ أبو محمد ،واآلخر :احتمال المام الح رمين ،والم راد
نقعه في ماء كثير .وهللا أعلم .وإذا أوجبنا الغسل بعد الدباغ ،اشترط س المته
من التغير بأدوية الدباغ ،وال يشترط ذلك إذا أوجبنا استعمال الماء في أثن اء
الدباغ .فرع :يطهر بالدباغ ظاهر الجلد قطعا ،وباطنه على المشهور الجديد.
فيج وز بيع ه ،ويس تعمل في المائع ات ،ويص لى في ه .ومنع الق ديم :طه ارة
الب اطن ،والص الة ،وال بيع ،واس تعماله في الم ائع .قلت :أنكر جم اهير
العراقيين ،وكثيرون من الخراسانيين هذا الق ديم ،وقطع وا بطه ارة الب اطن،
وما ي ترتب عليه ( .)1وه ذا هو الص واب .وهللا أعلم .ويج وز أكل الم دبوغ
على الجدي د ،إن ك ان م أكول اللحم ،وإال ،فال ،على الم ذهب .قلت :االظهر
عند االكثرين ،تحريم أكل جلد المأكول ( ،)2وقد بقي من هذا القسم مسائل
منها :ال دباغ ب الملح .نص الش افعي رحمه هللا :أنه ال يحص ل ،وبه قطع أبو
،علي الطبري ()3
] [ 153
وص احب (الش امل) وقطع إم ام الح رمين بالحص ول ،وال يفتقر ال دباغ إلى
فعل .فلو ألقت الريح الجلد في مدبغة ،فان دبغ ،طه ر ،ويج وز اس تعمال جلد
الميتة قبل ال دباغ في اليابس ات ،لكن يك ره ،ويج وز هبته ( ،)2كما تج وز
الوصية .وإذا قلنا :ال يجوز بيعه بعد الدباغ ،ففي إجارته وجه ان .الص حيح:
المن ع .وهللا أعلم .القسم الث اني :الش عر والعظم ،أما الش عر ،والص وف،
والوبر ،والريش ،فينجس بالموت على االظهر ،وك ذا العظم على الم ذهب،
وقيل :كالشعر .فإن نجسنا الشعر ،ففي شعر اآلدمي قوالن .أو وجه ان .بن اء
على نجاس ته ب الموت .واالصح أنه ال ينجس ش عره ب الموت ،وال باالبان ة.
ف إن نجس نا ،عفي عن ش عرة وش عرتين .ف إن ك ثر ،لم يع ف .قلت :ق ال
أصحابنا :يعفى عن اليسير من الشعر النجس في الماء ،والثوب الذي يصلى
فيه ،وضبط اليسير :العرف .وقال إمام الح رمين :لعل القليل ما يغلب انتتافه
مع اعت دال الح ال .واختلف أص حابنا في ه ذا العف و ،هل يختص بش عر
.اآلدمي ،أم يعم الجميع ؟ واالصح :التعميم ( .)3وهللا أعلم
] [ 154
وإذا نجس نا ش عر اآلدمي ،فالص حيح :طه ارة ش عر رس ول هللا (ص) .وإذا
نجس نا ش عر غ ير اآلدمي ،ف دبغ الجلد وعليه ش عر ،لم يطهر الش عر على
االظه ر ،وإذا لم تنجس الش عور ،ففي ش عر الكلب والخ نزير وفرعهما
وجهان .الصحيح :النجاسة .سواء انفصل في حياته أو بعد موته .وأما االن اء
من العظم ،فإن ك ان ط اهرا ،ج از اس تعماله ،وإال فال .وطهارته ال تحصل
إال بال ذكاة في م أكول اللحم ،إال إذا قلنا (بالض عيف) :إن عظ ام الميتة
ط اهرة .قلت :ق ال أص حابنا :ويج وز اس تعمال االن اء من العظم النجس في
االشياء اليابسة ،لكن يكره ( ،)1كما قلنا في جلد الميتة قبل الدباغ ،ويج وز
إيقاد عظام الميتة .ولو رأى شعرا لم يعلم طهارته ،ف إن علم أنه من م أكول
اللحم ،فط اهر ،أو من غ يره ،فنجس .أو لم يعلم ،فوجه ان .أص حهما:
الطهارة ،ولو باع جلد ميتة بعد دباغه وعليه شعر ،وقلنا :يج وز بيع الجل د،
وال يطهر الشعر بالدباغ ،فإن قال :بعتك الجلد دون شعره ،ص ح ،ولو ق ال:
الجلد مع شعره ،ففي صحة بيع الجلد القوالن في تفريق الص فقة .وإن ق ال:
بعتك هذا وأطلق صح .وقيل :وجه ان .وهللا أعلم .القسم الث الث :إن اء ال ذهب
والفض ة ،يك ره اس تعماله كراهة تنزيه في (الق ديم) وكراهة تح ريم في
(الجديد) وهو المشهور ( ،)2وقطع به جماعة .وعليه التفريع ،ويستوي في
التحريم الرجال والنساء ،وسواء استعماله في االكل ،والش رب ،والوض وء،
واالكل بملعقة الفضة ،والتطيب بماء الورد من قارورة
] [ 155
الفض ة ،والتجمر بمجم رة الفضة إذا احت وى عليه ا .وال ح رج في إتي ان
الرائحة من بعد ،ويحرم إتخ اذ االن اء من غ ير اس تعمال على االص ح ،فال
يستحق صانعه أجرة ،وال أرش على كاسره .وعلى الثاني :ال يح رم ،فتجب
االج رة واالرش ،ويح رم ت زيين الح وانيت وال بيوت والمج الس بها على
الصحيح .ويحرم االناء الصغير ،كالمكحلة ،وظ رف الغالية من الفضة على
الصحيح ،وال يحرم االواني من الج واهر النفيس ة ،ك الفيروزج ،والي اقوت،
والزبرج د ،ونحوها على االظهر ( .)1وال خالف أن ه :ال يح رم ما نفاس ته
لص نعته ،وال يك ره لو اتخذ إن اء من حدي د ،أو غ يره ،وموهه ب ذهب ،أو
فضة ،إن كان يحصل منه شئ بالعرض على الن ار ،ح رم اس تعماله ،وإال،
فوجه ان .ولو اتخ ذه من ذهب ،أو فض ة ،وموهه بنح اس أو غ يره ،فعلى
الوجهين .ولو غشي ظاهره وباطنه بالنحاس ،فطريقان .قال إم ام الح رمين:
ال يحرم .وقال غ يره :على ال وجهين .قلت :االصح من ال وجهين :ال يح رم.
وهللا أعلم .فرع المضبب بالفضة ،فيه أوجه .أحدها :إن كانت الضبة صغيرة
وعلى قدر الحاج ة ،ال يح رم اس تعماله ،وال يك ره .وإن ك انت كب يرة ف وق
الحاج ة ،ح رم .وإن ك انت ص غيرة ف وق الحاجة أو كب يرة ق در الحاج ة،
فوجهان .االصح :يكره .والثاني :يحرم .والوجه الثاني :إن كانت الض بة تلقى
فم الشارب ،حرم ،وإال ،فال .والثالث :يكره ،وال يحرم بحال .والرابع :يحرم
في جميع االح وال .قلت :أصح االوجه وأش هرها ،االول ،وبه قطع أك ثر
العراقيين .وهللا أعلم .ومع نى الحاج ة :غ رض إص الح موضع الكس ر ،وال
يعت بر العجز عن التض بيب بغ ير الفض ة ،ف ان االض طرار ي بيح اس تعمال
أصل إناء الذهب والفضة ،وفي ضبط الصغر والك بر أوج ه .أح دها :يرجع
،فيه إلى العرف .والثاني :ما يلمع على بعد كبير ،وما ال
] [ 156
فص غير .والث الث :ما اس توعب ج زءا من االن اء ،كأس فله ،أو عروت ه ،أو
شفته ،كبير ،وما ال ،فصغير .قلت :الثالث :أشهر .واالول :أص ح .وهللا أعلم.
وأما المضبب بذهب ،فقطع الشيخ أبو إسحاق ( )1بتحريمه بكل حال .وق ال
الجمهور :هو كالفضة .قلت :قد قطع بتحريم المضبب بالذهب -بكل ح ال -
جماع ات غ ير الش يخ أبي إس حاق ،منهم ص احب (الح اوي) وأبو العب اس
الجرج اني ( )2والش يخ أبو الفتح نصر المقدسي ( )3والعب دري ( )4ونقله
صاحب (التهذيب) عن العراقيين مطلقا .وهذا
] [ 157
هو الصحيح .وهللا أعلم .وهل يسوى بين الذهب والفضة في الصغر والك بر
؟ قي اس الب اب :نعم .وعن الش يخ أبي محم د :ال ،ف إن قليل ال ذهب ،ككث ير
الفض ة ،فيق وم ض بة الفضة المباح ة ،ويب اح ق درها من ال ذهب ،ولو اتخذ
لالناء حلقة فضة ،أو سلسلة ،أو رأسا .قال في (التهذيب) :يجوز ،وفيه نظر
واحتمال .قلت :قد وافق صاحب (التهذيب) جماعة ،وال نعلم فيه خالف ا .ق ال
أصحابنا :لو شرب بكفيه وفي أصبعه خاتم ،أو في فمه دراهم ،أو في االناء
ال ذي ش رب من ه ،لم يك ره .ولو أثبت ال دراهم في االن اء بالمس امير ،فهو
كالضبة .وقطع القاضي حسين بجوازه .ولو باع إناء الذهب أو الفضة ،صح
بيعه .ولو توضأ منه ،صح وض وؤه ،وعصى بالفع ل .ولو أك ل ،أو ش رب،
عصى بالفعل ،وكان الطعام والشراب حالال .وطريقه في اجتناب المعصية،
أن يصب الطعام وغيره في إناء آخر ،ويستعمل المص بوب في ه .وهللا أعلم.
باب صفة الوضوء ( )1له فروض وسنن .فالفروض ستة .االول :النية (:)2
وهي ف رض في طه ارات االح داث ( ،)3وال تجب في إزالة النجاسة على
الص حيح .وال يصح وض وء ك افر أص لي ،وال غس له على الص حيح،
ويصحان على وجه .ويصح الغسل دون الوض وء على وجه فيص لي به إذا
.أسلم
] [ 158
والكتابية المغتس لة من الحيض لحل وطئها ل زوج مس لم ،كغيرها على
الصحيح ( ،)1وال يصح طهارة المرتد بال خالف ( .)2ولو توضأ مسلم أو
تيمم ،ثم ارتد ،فثالثة أوج ه .الص حيح :يبطل تيممه دون الوض وء .والث اني:
يبطالن .والثالث :ال يبطالن .وال يبطل الغسل بالردة ،وقيل :هو كالوض وء،
وليس بش ئ .أما وقت الني ة :فال يج وز أن يت أخر عن غسل أول ج زء من
الوجه ( .)3ف إن ق ارنت الج زء الم ذكور ولم يتق دم ولم تبق بع ده ،صح
وض وؤه ،لكن ال يث اب على س نن الوض وء المتقدم ة .قلت :وفي (الح اوي)
وجه أنه يث اب عليه ا .وهللا أعلم .وإن تق دمت النية من أول الوض وء
واستصحبها إلى غسل ج زء من الوج ه ،ص ح ،وحصل ث واب الس نن ،وإن
اقترنت بس نة من س ننه المتقدم ة ،وهي التس مية ،والس واك ،وغسل الك ف،
والمضمضة ،واالستنشاق ،ثم ع زبت قبل الوج ه ،فثالثة أوج ه .أص حها :ال
يصح وض وؤه .والث اني :يص ح .والث الث :يصح إن اق ترنت بالمضمضة أو
االستنش اق دون ما قبلهم ا .ولنا وجه ض عيف أن ما قبلهما ليس من س نن
الوضوء ،بل مندوبة في أوله ،ال منه .والصواب :أنها من سننه .قلت :ه ذا (
)4الم ذكور في المضمضة واالستنش اق ،هو فيما إذا لم ينغسل معهما شئ
من الوجه ،فإن انغسل بنية الوجه ،أجزأه وال يضر العزوب بعده .وإن
] [ 159
لم ينو بالمغسول الوجه ،أجزأه أيضا على الصحيح ،وق ول الجمه ور ،فعلى
هذا يحتاج إلى إعادة غسل ذلك الج زء مع الوج ه ،على االص ح .وهللا أعلم.
أما كيفية النية ،فالوضوء ضربان :وض وء رفاهي ة ،ووض وء ض رورة .أما
االول :فينوي أحد ثالثة أمور .أحدها :رفع الحدث ،أو الطهارة عن الح دث.
ويجزئه ذلك .وفيه وجه :أنه إن كان ماسح خف ،لم يجزئه نية رفع الحدث،
بل تتعين نية االس تباحة ،ولو ن وى رفع بعض االح داث ،فأوج ه .أص حها:
يصح وضوؤه مطلقا .والثاني :ال .والث الث :إن لم ينف ما ع داه ص ح ،وإال،
فال ،والراب ع :إن ن وى رفع االول ،ص ح ،وإال ،فال .والخ امس :إن ن وى
االخير ،صح ،وإال ،فال .هذا إذا كان الحدث المنوي واقعا منه .فان لم يكن،
بأن بال ولم ينم ،فنوى حدث النوم ،ف ان ك ان غالط ا ،صح وض وؤه قطع ا.
وإن تعمد ،لم يصح على االصح .االمر الثاني :اس تباحة الص الة ،أو غيرها
مما ال تباح إال بالطه ارة ،ك الطواف ،وس جود التالوة ،والش كر .ف إذا ن وى
أحدها ،ارتفع حدثه ،ولنا وج ه :أنه ال يصح الوض وء بنية االس تباحة ،وهو
غلط .وإن نوى استباحة صالة بعينه ا ،ولم ينف غيره ا ،صح الوض وء لها
ولغيرها .وإن نفى أيضا ،صح ،على االص ح .وال يصح في الث اني ،ويصح
في الثالث ،لما نوى فقط ،ولو نوى ما يستحب له الوضوء ،كقراءة الق رآن،
والجلوس في المسجد ،وسماع الحديث وروايته ،لم يصح على االص ح .ولو
ن وى تجديد الوض وء .فعلى ال وجهين .وقي ل :ال يصح قطع ا .ولو شك في
الح دث فتوضأ محتاطا ف تيقن الح دث ،لم يعتد به على االص ح ،النه توضأ
م ترددا وقد زالت الض رورة ب التيقن .ولو تيقن الح دث ،وشك في الطه ارة
فتوض أ ،ثم ب ان مح دثا ،أج زأه قطع ا ،الن االصل بق اء الح دث فال يضر
التردد معه .ولو نوى ما ال يستحب له الوضوء ،كدخول الس وق ،لم يص ح.
االمر الثالث :فرض الوضوء ،أو أداء الوضوء ،وذلك كاف قطعا وإن ك ان
الناوي صبيا .فرع :إذا نوى أحد االم ور الثالث ة ،وقصد ما يحصل معه بال
قصد ،ب أن ن وى رفع الح دث والت برد ،أو رفع الجنابة والت برد ،فالص حيح:
صحة طهارته .ولو اغتسل جنب ي وم الجمعة بنية الجمعة والجناب ة ،حصال
على الص حيح .ولو اقتصر على نية الجناب ة ،حص لت الجمعة أيضا في
.االظهر
] [ 160
قلت :االظهر عند االك ثرين :ال تحص ل .وهللا أعلم .ولو ن وى بص الته
الفرض ،وتحية المسجد ،حصال قطعا ،ولو ن وى رفع الح دث ،ثم ن وى في
أثن اء طهارته الت برد .ف ان ك ان ذاكر الني ة ،رفع الح دث ،فهو كمن نواهما
ابتداء ،فيصح على الص حيح .وإن ك ان غ افال ،لم يصح ما أتى به بعد ذلك
على الص حيح .أما وض وء الض رورة ،فهو وض وء المستحاض ة ،وس لس
الب ول ونحوهما ممن به ح دث دائم ،واالفض ل :أن ين وي رفع الح دث
واس تباحة الص الة .وفي ال واجب أوج ه .الص حيح :أنه يجب نية االس تباحة
دون رفع الحدث ( .)1والثاني :يجب الجمع بينهما .والثالث :يجوز االقتصار
على أيهما ش اءت .ثم إن ن وت فريضة واح دة ،صح قطع ا ،النه مقتضى
طهارتها .وإن ن وت نافلة معينة ونفت غيره ا ،فعلى االوجه الثالثة المتقدمة
في غيره ا .ف رع :لو ك ان يتوضأ ثالث ا ،فنسي لمعة في الم رة االولى،
فانغس لت في الثانية أو الثالث ة ،وهو يقصد التنف ل ،أو انغس لت في تجديد
الوضوء ،فوجهان .االصح :في الصورة االولى يجزئ ه ،وفي مس ألة التجديد
ال يجزئه .قلت :ولو نسي اللمعة في وض وئه أو غس له ،ثم نسي أنه توض أ،
أو اغتسل ،فأعاد الوضوء أو الغسل بنية الحدث ،أجزأه ،وتكمل طهارته بال
خالف .وهللا أعلم .ولو ف رق النية على اعض ائه ،فن وى عند الوجه رفع
الحدث عنه ،وعند اليد والرأس والرجل كذلك ،صح وضوؤه على االص ح.
والخالف في مطلق التفريق على الصحيح المعروف .وقي ل :هو فيمن ن وى
رفع الح دث عن كل عض و ،ونفى غ يره ،دون من اقتصر علي ه ،وإذا قلنا
في مسألة اللمعة :ال يعتد بالمغسول في
] [ 161
الثانية ،فهل يبطل ما مضى ،أم يبني عليه ؟ فيوجها تفريق النية ،إن جوزنا
التفريق ،جاز البناء ،وإال ،فال .وال يش ترط إض افة الوض وء إلى هللا تع الى
على االصح .قلت :قال أصحابنا :يستحب أن ينوي بقلبه ،ويتلفظ بلسانه ،كما
سيأتي في س نن الوض وء .ف إن اقتصر على القلب ،أج زأه ،أو اللس ان ،فال.
وإن جرى على لسانه حدث ،أو ت برد ،وفي قلبه خالف ه ،فاالعتب ار ب القلب،
ولو نوى الطهارة ولم يقل :عن الحدث ،لم يجزئه على الصحيح المنصوص
( .)1ولو ن وت المغتس لة عن الحيض تمكين زوج من وطئه ا ،فأوج ه.
االص ح :تس تبيح ال وطئ والص الة وكل شئ يقف على الغس ل .والث اني :ال
تستبيح شيئا .والثالث :تستبيح ال وطئ وح ده .ولو ن وى أن يص لي بوض وئه
صالة ،وأن ال يصليها ،لم يصح ،لتالعبه وتناقضه .ولو ألقي انسان في نهر
مكرها فنوى فيه رفع الحدث ،صح وض وؤه .ولو غسل المتوضئ أعض اءه
إال رجليه ،ثم سقط في نهر فانغسلتا وهو ذاكر النية ،صح ،وإال ،لم يحصل
غسل رجليه على االصح .ولو أحرم بالصالة ،ونوى الصالة ودفع غريم ه،
صحت صالته .قاله في (الشامل) ولو نوى قطع الوض وء بعد الف راغ من ه،
لم يبطل على الصحيح .وكذا في أثنائه على االصح .ويس تأنف النية لما بقي
إن جوزنا تفريقها وإال اس تأنف الوض وء .وهللا أعلم .الف رض الث اني :غسل
الوجه ،ويجب اس تيعابه بالغسل وح ده ،من مب دأ تس طيح الجبهة إلى منتهى
الذقن طوال ،ومن االذن إلى االذن عرضا ،وتدخل الغايت ان في حد الط ول،
وال ت دخالن في الع رض ،فليست النزعت ان من الوج ه ،وهم ا :البياض ان
المكتنفان للناصية أعلى الجبينين ،وال موضع الصلع ،وهو :ما انحسر عنه
] [ 162
الشعر فوق ابتداء التسطيح .وأما الصدغان وهما :في جانبي االذن يتص الن
بالع ذارين ( )1من ف وق ،فاالصح ( :)2أنهما ليسا من الوج ه .ولو ن زل
الشعر فعم الجبهة أو بعض ها ،وجب غسل ما دخل في الحد الم ذكور ،وفي
وجه ضعيف :ال ( )3يجب إال إذا عمه ا .وموضع التح ذيف :من ال رأس ،ال
من الوجه على االص ح .وهو ال ذي ينبت عليه الش عر الخفيف بين ابت داء
الع ذار والنزعة ( .)4وأما ش عور الوجه فقس مان :حاص لة في حد الوج ه،
وخارجة عن ه .والحاص لة ن ادرة الكثافة وغيره ا .فالن ادرة :كالح اجبين،
وااله داب ،والش اربين ،والع ذارين ،وهم ا :المحاذي ان لالذنين بين الص دغ
والعارض ،فيجب غسل ظاهر ه ذه الش عور وباطنها مع البش رة تحتها وإن
كثفت .ولنا وجه شاذ :أنه ال يجب غسل منبت كثيفها ،وغ ير الن ادرة ،ش عر
الذقن والعارضين ،وهما :الشعران المنحطان عن مح اذاة االذنين .ف ان ك ان
خفيفا ،وجب غسل ظاهره وباطنه مع البشرة ،وإن ك ان كثيف ا ،وجب غسل
ظ اهر الش عر فق ط ،وحكي ق ول ق ديم ،وقيل وج ه :إنه يجب غسل البش رة
أيضا ،وليس بشئ .ولو خف بعضه وكثف بعضه ،فاالصح أن للخفيف حكم
الخفيف المتمحض ،وللك ثيف حكم الك ثيف المتمحض .والث اني :للجميع حكم
الخفيف .وأما ضبط الخفيف والكثيف ،فالصحيح الذي عليه االك ثرون ،وهو
ظ اهر النص ،أن الخفي ف :ما ت تراءى البش رة تحته في مجلس التخ اطب.
والكثيف :ما يمنع الرؤية .والثاني :أن الخفيف :ما يصل الم اء إلى منبته من
غ ير مبالغ ة .والك ثيف :ما ال يص له إال بمبالغ ة ،ويلحق بالن ادر في حكمه
الم ذكور ،لحية ام رأة ،وخن ثى مش كل ،وك ذا عنفقة الرجل الكثيفة على
.االصح .وعلى الثاني :هي كشعر الذقن
] [ 163
القسم الث اني :الخارجة عن حد الوجه من اللحي ة ،والع ارض ،والع ذار،
والسبال ط وال وعرض ا ،واالظهر وج وب إفاضة الم اء عليه ا ،وهو غسل
ظاهرها ( .)1والث اني :ال يجب ش ئ .وقي ل :يجب غسل الوجه الب اطن من
الطبقة العلي ا ،وقي ل :يجب غسل الس بال قطع ا .والم ذهب االول .قلت :ق ال
أص حابنا :يجب غسل ج زء من رأس ه ،ورقبت ه ،وما تحت ذقنه مع الوج ه،
ليتحقق اس تيعابه .ولو قطع أنف ه ،أو ش فته ،لزمه غسل ما ظهر ب القطع في
الوضوء ،والغسل على االصح .ولو خرج من وجهه سلعة ( )2ون زلت عن
حد الوج ه ،لزمه غسل جميعها على الم ذهب .وقي ل :في الن ازل ق والن.
ويجب غسل ما ظهر من حم رة الش فتين ،ويس تحب غسل النزع تين .ولو
خلق له وجهان ،وجب غسلهما ،ويس تحب أن يأخذ الم اء بيديه جميع ا .وهللا
أعلم .الفرض الثالث :غسل اليدين مع المرفقين ،فإن قطع من فوق المرف ق،
فال فرض عليه ،ويستحب غسل باقي العضد ،لئال يخلو العضو من طهارة.
وإن قطع من تحت المرف ق ،وجب غسل ب اقي محل الف رض .وإن قطع من
مفصل المرف ق ،وجب غسل رأس العظم الب اقي على الم ذهب ،وقي ل :فيه
قوالن .ولو كان له يدان من جانب ،فتارة تتميز الزائدة عن االصلية ،وت ارة
ال .ف إن تم يزت وخ رجت من محل الف رض ،إما من الس اعد ،وإما من
المرفق ،وجب غسلها مع االصلية ،كاالصبع الزائدة ،والسلعة ،سواء ج اوز
طولها االصلية ،أم ال .وإن خ رجت من ف وق محل الف رض ولم تح اذ محل
الفرض ،لم يجب غسل شئ منه ا .وإن حاذت ه ،وجب غسل المح اذي وح ده
على الصحيح المنصوص .وإن لم تتميز ،وجب غسلهما
] [ 164
معا .سواء خرجتا من المنكب ،أو الكوع ،أو الذراع .ومن أم ارات الزائ دة،
أن تكون فاحشة القصر ،واالخرى معتدلة .ومنها نقص االص ابع ،ومنها فقد
البطش وض عفه .قلت :ولو ط الت أظف اره وخ رجت عن رؤوس االص ابع،
وجب غسل الخارج على المذهب .وقيل :قوالن ،كالشعر النازل من اللحي ة.
ولو نبت على ذراعه ،أو رجل ه ،ش عر ك ثيف ،وجب غسل ظ اهره وباطنه
مع البش رة تحت ه ،لن دوره .ولو توض أ ،ثم قطعت ي ده ،أو رجل ه ،أو حلق
رأسه ،لم يلزمه تطه ير ما انكش ف .ف إن توض أ ،لزمه غسل ما ظه ر .وإن
حصل في ي ده ثقب ،لزمه غسل باطن ه ،النه ص ار ظ اهرا .وإن لم يق در
االقطع والمريض على الوض وء ،لزمه تحص يل من يوض ئه ،إما متبرع ا،
وإما ب أجرة المثل إذا وج دها .ف إن لم يجد من يوض ئه ،أو وج ده ولم يجد
االج رة ،أو وج دها فطلب أك ثر من أج رة المث ل ،لزمه أن يص لي ب التيمم،
ويعيد ،لندوره .فان لم يقدر على التيمم ،ص لى على حاله وأع اد .وهللا أعلم.
الف رض الراب ع :مسح ال رأس ،وال واجب من ه :ما ينطلق عليه االس م ،ولو
بعض ش عرة ،أو ق دره من البش رة ( .)1وفي وجه ش اذ :يش ترط ثالث
شعرات .وعلى ه ذا الش اذ :ال يش ترط ق درها من البش رة إذا اقتصر عليه ا.
وقيل :يشترط .وحيث اقتصر على البشرة يجوز ،وإن كانت مستورة بالشعر
على الصحيح .وشرط الشعر الممسوح ،أن ال يخرج عن حد الرأس لو م د،
س بطا ك ان أو جع دا ،وال يضر مجاوزته منبته على الص حيح .ولو غسل
رأسه ب دل مس حه ،أو ألقى عليه قط رة ولم تسل علي ه ،أو وضع ي ده ال تي
عليها الماء ،على رأسه ولم يمرها ،أجزأه على الصحيح .وال يستحب غسل
ال رأس قطع ا ،وال يك ره على االص ح ،بخالف الخ ف ،ف إن غس له تع ييب.
قلت :وال تتعين اليد للمسح ،بل يجوز بأصبع ،أو خشبة ،أو خرقة ،أو
] [ 165
غيره ا .ويجزئه مسح غ يره ل ه .والم رأة كالرجل في المس ح .ولو ك ان له
رأسان أجزأه مسح أحدهما .وقيل :يجب مسح جزء من كل رأس .وهللا أعلم.
الف رض الخ امس :غسل ال رجلين مع الكع بين .وهما العظم ان الناتئ ان عند
مفصل الس اق والق دم .وحكي وج ه :أنه ال ذي ف وق مشط الق دم .قلت :ه ذا
الوجه شاذ منكر ،بل غلط .وهللا أعلم .وحكم الرجل الزائدة ما سبق في الي د.
ومراد االصحاب بقولهم :غسل الرجلين فرض ،إذا لم يمسح على الخف ،أو
أن االصل الغسل والمسح بدل .فرع :من اجتمع عليه حدثان :أصغر .وأكبر.
فيه أوجه .الصحيح :يكفيه غسل جميع الب دن بنية الغسل وح ده ،وال ت رتيب
علي ه .والث اني :يجب نية الح دثين إن اقتصر على الغس ل .والث الث :يجب
وضوء مرتب ،وغسل جميع البدن .فإن شاء قدم الوضوء ،وإن ش اء أخ ره.
والراب ع :يجب وض وء م رتب ،وغسل ب اقي الب دن ( .)1ه ذا كله إذا وقع
الحدثان معا ،أو سبق االصغر ،وإما إذا س بق االك بر ،فطريق ان .أص حهما:
ط رد الخالف .والث اني :القطع باالكتف اء بالغس ل .ولو غسل جميع بدنه إال
رجلي ه ،ثم أح دث ،ف إن قلنا بالوجه الث الث ،وجب وض وء كامل للح دث،
وغسل الرجلين للجنابة ،يقدم أيهما شاء ،فتكون الرجل مغسولة مرتين .وإن
قلنا ب الرابع ،وجب غسل ال رجلين بعد أعض اء الوض وء ،ويك ون غس لهما
واقعا عن الح دث والجنابة جميع ا .وإن قلنا بالص حيح االول ،فعليه غسل
الرجلين عن الجنابة ،وغسل سائر أعضاء الوض وء عن الح دث ،ف ان ش اء
قدم الرجلين ،وإن ش اء أخرهم ا ،أو وس طهما .وعلى ه ذا يك ون الم أتي به
وض وء خاليا عن غسل ال رجلين ،فإنهما يغس الن عن الجنابة خاص ة ،وال
،يختص هذا بالرجلين
] [ 166
بل لو غسل الجنب من بدنه ما سوى الرأس وال رجلين ،أو الي دين وال رأس
والرجلين ،كان حكمه ما ذكرنا .قلت :الص حيح في الص ورة الم ذكورة ،أنه
يجب ال ترتيب في أعض اء الوض وء الثالث ة .وهو مخ ير في ال رجلين ،كما
ذكرنا .وقيل :هو مخير في الجميع ،وقيل :يجب ال ترتيب في الجمي ع ،فيجب
غسل الرجلين بعد االعضاء الثالثة .وهللا أعلم .الفرض الس ادس :ال ترتيب (
:)1فلو تركه عمدا لم يصح وضوؤه ،لكن يعتد بالوجه وما غسله بعده على
ال ترتيب .ولو تركه ناس يا ،فق والن :المش هور الجديد ال يجزئ ه .ولو غسل
أربعة أنفس أعض اءه دفعة باذن ه ،لم يحصل إال الوجه على االصح (.)2
وعلى الث اني يحصل الجمي ع .أما إذا غسل المح دث جميع بدن ه ،ف إن أمكن
حص ول ال ترتيب ،ب أن انغمس في الم اء ومكث زمانا يت أتى فيه ال ترتيب
أجزأه على الصحيح .وإن لم يتأت ،ب أن انغمس ولم يمكث ،أو غسل أس افله
قبل أعاليه ،لم يجزه على االص ح .وال خالف في االعت داد بغسل الوجه في
الصورتين إذا قارنته النية ،هذا كله إذا نوى رفع الحدث .فان نوى الجناب ة،
فاالصح أنه كنية رفع الح دث .والث اني ال يجزئه بح ال إال الوج ه .قلت:
االصح عند المحققين في مسألة االنغماس بال مكث االجزاء ( .)3وهللا أعلم.
ف رع :إذا خ رج منه بلل يج وز أن يك ون منيا وم ذيا ،واش تبه ،ففيه أوج ه.
أح دها :يجب الوض وء فق ط ،فلو ع دل إلى الغس ل ،ك ان كمح دث يغتس ل.
والث اني :يجب الوض وء ،وغسل س ائر الب دن ،وغسل ما أص ابه البل ل.
والث الث ،وهو االص ح :يتخ ير بين ال تزام حكم الم ني ،وحكم الم ذي .ف إن
اختار الوضوء وجب الترتيب فيه ،وغسل ما أصابه .وقيل :ال يجب ان وليس
بشئ ،ويجري هذا
] [ 167
الخالف فيما إذا أولج خن ثى مش كل في دبر رج ل ،فهما بتق دير ذك ورة
الخن ثى جنب ان ،وإال فمح دثان .وإذا توض آ ،وجب عليهما ال ترتيب ،وفيه
الوجه المتق دم ،وليس بش ئ .فص ل :وأما س نن الوض وء ،فكث يرة :إح داها:
السواك .وهو :سنة مطلقا ( ،)1وال يك ره إال بعد ال زوال لص ائم ( .)2وفي
غ ير ه ذه الحالة مس تحب في كل وقت .ويتأكد اس تحبابه في أح وال عند
الصالة وإن لم يكن متغ ير الفم ،وعند الوض وء وإن لم يص ل ،وعند ق راءة
القرآن ،وعند اصفرار االسنان وإن لم يتغير الفم ،وعند تغ ير الفم بن وم ،أو
ط ول س كوت ،أو ت رك أك ل ،أو أكل ما له رائحة كريه ة ،أو غ ير ذل ك.
ويحصل السواك بخرق ة ،وكل خشن مزي ل ،لكن الع ود أولى ،واالراك منه
أولى ،واالفضل أن يكون بيابس ندي بالماء ،وال يحصل بأصبع خشنة على
أصح االوجه .والثالث :يحصل عند عدم العود ،ونحوه .ويس تحب أن يس تاك
عرضا .قلت :كره جماعة من أصحابنا االستياك طوال .ولنا قول غريب :أنه
ال يكره الس واك لص ائم بعد ال زوال .ويس تحب أن يب دأ بج انب فمه االيمن،
وأن يعود الصبي الس واك ليألف ه .وال ب أس أن يس تاك بس واك غ يره بإذن ه.
ويس تحب أن يمر الس واك على س قف حلقه إم رارا لطيف ا ،وعلى كراسي
أضراس ه .وين وي بالس واك الس نة .ويسن الس واك أيضا عند دخوله بيت ه،
.واستيقاظه من نومه ،للحديث الصحيح فيهما ( .)3وهللا أعلم
] [ 168
والثانية :أن يقول في ابتداء وض وئه :بسم هللا ( ،)1فلو نس يها في االبت داء،
أتى بها متى ذكرها قبل الفراغ ،كما في الطعام .فان تركها عمدا فهل يشرع
الت دارك ؟ فيه احتم ال .قلت :ق ول االم ام ال رافعي فيه احتم ال عجيب ،فقد
ص رح أص حابنا بأنه يت دارك في العم د ،وممن ص رح به المح املي في
(المجموع) والجرجاني في (التحري ر) وغيرهم ا ،وقد أوض حته في (ش رح
المهذب) ( )2قال أصحابنا :ويستحب التسمية في ابتداء كل أمر ذي ب ال من
العب ادات وغيرها ح تى عند الجم اع .وهللا أعلم .الثالث ة :غسل الكفين قبل
الوجه .سواء قام من النوم وشك في نجاسة اليد وأراد غمس ي ده في االن اء،
أم لم يكن شئ من ذلك ،لكن إن أراد غمس يديه في إناء قبل غسلهما ،ك ره
إن لم ي تيقن طهارتهما ( .)3ف إن تيقنه ا ،فوجه ان .االصح ال يك ره الغمس.
قلت :وال تزول الكراهة إال بغسلهما ثالثا قبل الغمس .نص عليه الب ويطي (
،)4وصرح به االصحاب للحديث الصحيح ( .)5وقال أصحابنا :إذا كان
] [ 169
الماء في إناء كبير ،أو ص خرة مجوف ة ،بحيث ال يمكن أن يصب منه على
يده ،وليس معه ما يغترف به ،استعان بغيره ،أو أخذ الماء بفم ه ،أو ط رف
ثوب نظيف ونح وه .وهللا أعلم .الرابع ة :المضمض ة ،واالستنش اق ،ثم أصل
هذه السنة يحصل بوص ول الم اء إلى الفم ،واالن ف .س واء ك ان بغرف ة ،أو
أكثر .وفي االفضل طريقان .الصحيح :أن فيه ق ولين :أظهرهم ا :الفصل بين
المضمضة واالستنش اق أفض ل .والث اني :الجمع بينهما أفض ل ،والطريق
الث اني :الفصل أفضل قطع ا .وفي كيفيته وجه ان .أص حهما :يتمض مض من
غرفة ثالث ا ،ويستنشق من أخ رى ثالث ا .والث اني :بست غرف ات ،وتق ديم
المضمضة على االستنشاق شرط على االص ح .وقي ل :مس تحب .وفي كيفية
الجمع وجه ان ،االص ح :بثالث غرف ات ،يتمض مض من كل غرف ة،
ويستنش ق .والث اني :بغرفة يتمض مض منها ثالث ا ،ثم يستنشق منها ثالث ا،
وقيل ( :)1يتمض مض منها ثم يستنشق م رة ،ثم ك ذلك ثانية وثالث ة .قلت:
الم ذهب من ه ذا الخالف ،أن الجمع بثالث أفض ل ،ك ذا قاله جماعة من
المحققين ،واالحاديث الص حيحة مص رحة به ( )2وقد أوض حته في (ش رح
المه ذب) ( .)3وهللا أعلم .الخامس ة :المبالغة في المضمضة واالستنش اق،
فيبلغ ماء المضمضة أقصى الحنك ،ووجهي االسنان ،وتمر االصبع عليه ا،
ويص عد م اء االستنش اق بنفسه إلى الخيش وم مع إدخ ال االص بع اليس رى،
وإزالة ما هن اك من أذى .ف إن ك ان ص ائما لم يب الغ فيهم ا .قلت :ولو جعل
.الماء في فيه ولم يدره ،حصلت المضمضة على الصحيح .وهللا أعلم
] [ 170
السادسة :التكرار ثالثا في المغسول ( )1والممسوح المفروض والمس نون (
،)2ولنا قول شاذ :أنه ال يكرر مسح الرأس ،ووجه أشذ منه :أنه ال يكرره،
وال مسح االذنين .ولو شك هل غسل أو مسح م رة ،أو م رتين ،أم ثالثا ؟
أخذ باالقل على الص حيح ،وقي ل :ب االكثر .قلت :تك ره الزي ادة على ثالث،
وقي ل :تح رم ،وقي ل :هي خالف االولى ،والص حيح :االول ،وإنما تجب
الغسلة م رة ،وإذا اس توعبت العض و .وهللا أعلم .الس ابعة :تخليل ما ال يجب
إيصال الماء إلى منابته ( ،)3من شعور الوج ه ،باالص ابع .ولنا وجه ش اذ:
أنه يجب التخليل .قلت :مراد قائله ،وجوب إيص ال الم اء إلى المنبت ،وليس
بشئ ،وقد نقلوا االجم اع على خالف ه .وهللا أعلم .الثامن ة :تق ديم اليمين على
اليسار في يديه ورجلي ه .وأما االذن ان والخ دان ،فيطه ران دفع ة .ف ان ك ان
أقطع ،قدم اليمين .قلت :والكفان ،كاالذنين وفي البحر وجه شاذ :أنه يستحب
تقديم االذن اليم نى .ولو ق دم مسح االذن على مسح ال رأس ،لم يحصل على
.الصحيح .وهللا أعلم
] [ 171
التاسعة :تطويل الغرة ( )1والتحجيل .فالغرة :غسل مقدمات الرأس وصفحة
العنق مع الوج ه .والتحجي ل :غسل بعض العض دين مع ال ذراعين ،وبعض
الساقين مع الرجلين .وغايته :استيعاب العضد والساق ( ،)2وقال كث يرون:
الغرة :غسل بعض العضد والساق فقط .والصحيح :االول .العاشرة :استيعاب
الرأس بالمسح .والسنة في كيفيت ه :أن يضع يديه على مق دم رأس ه ،ويلصق
سبابته باالخرى ،وإبهاميه على صدغيه ،ثم يذهب بهما إلى قفاه ،ثم يردهما
إلى المبتدأ ،فال ذهاب وال رد مس حة واح دة .وه ذا االس تحباب لمن له ش عر
ينقلب بالذهاب والرد ،ويصله البلل .أما من ال شعر له أو له شعر ال ينقلب،
لصغره ( ،)3أو طوله ،فيقتصر على الذهاب .فلو رد ،لم يحسب ثانية ،ولو
لم يرد نزع ما على رأسه من عمامة أو غيرها ،مسح ما يجب من ال رأس.
ة ،واالفضل أن ال يقتصر على أقل من ويسن تتميم المسح على العمام
الناص ية .وال يكفي االقتص ار على العمامة قطع ا .الحادية عش رة :مسح
االذنين ظاهرهما وباطنهما بم اء جدي د .ولو أخذ بأص ابعه م اء لرأس ه ،ثم
أمسك بعض أصابعه فلم يمسحه به ا ،فمسح االذن بمائه ا ،كفى النه جدي د،
ويمسح الصماخين بماء جديد على المشهور .وفي قول ش اذ :يكفي مس حهما
ببقية بلل االذن .قلت :ويمسح الصماخين ثالثا ،ونقل وا :أن ابن س ريج رحمه
هللا ،كان يغسل أذنيه مع وجهه ،ويمسحهما مع رأسه ومنفردتين احتياطا في
العمل بمذاهب
] [ 172
العلم اء فيهم ا ،وفعله ه ذا حس ن .وقد غلط من غلطه فيه زاعما أن الجمع
بينهما لم يقل به أح د .ودليل ابن س ريج ،نص الش افعي واالص حاب على
اس تحباب غسل النزع تين مع الوج ه ،مع أنهما يمس حان في ال رأس .وهللا
أعلم .الثانية عش رة :مسح الرقب ة .وهل هو س نة ،أم أدب ؟ فيه وجه ان.
والس نة واالدب يش تركان في أصل االس تحباب ،لكن الس نة يتأكد ش أنها،
واالدب دون ذلك .ثم االكثرون ،على أنه يمسح بباقي بلل الرأس ،أو االذن،
وقيل :بماء جديد .قلت :وذهب كثيرون من أصحابنا ،إلى أنها ال تمسح ،النه
لم يثبت فيها شئ أصال ،ولهذا لم يذكره الشافعي ومتقدمو االص حاب .وه ذا
هو الصواب .وهللا أعلم .الثالثة عش رة :تخليل أص ابع ال رجلين بخنصر ي ده
اليس رى من أس فل الرج ل ،مبت دئا بخنصر الرجل اليم نى ،خاتما بخنصر
اليسرى ( .)1وقيل :يخلل ما بين كل أصبعين من أصابع رجليه بأص بع من
أصابع يده ،ولم يذكر الجمهور تخليل أصابع الي دين ،واس تحبه القاضي ابن
كج ( )2من أصحابنا ،وورد فيه حديث .قال الترم ذي ( :)3إنه حس ن .فعلى
هذا تخليلها بالتشبيك بينها .ولو كانت أص ابع رجليه ملتفة ال يصل الم اء ما
بينهما إال بالتخليل ،وجب االيصال .وإن كانت ملتحم ة ،لم يجب فتقه ا ،وال
.يستحب .قلت :بل ال يجوز .وهللا أعلم
] [ 173
الرابعة عش رة :ال دعوات على أعض اء الوض وء ،فيق ول عند الوج ه :اللهم
بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .وعند اليد اليمنى :اللهم أعطني
كتابي بيميني ،وحاسبني حسابا يسيرا .وعند اليسرى :اللهم ال تعطني كت ابي
بش مالي ،وال من وراء ظه ري .وعند ال رأس :اللهم ح رم ش عري وبش ري
على النار .وعند االذنين :اللهم اجعل ني من ال ذين يس تمعون الق ول فيتبع ون
أحسنه .وعند الرجلين :اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل االقدام .قلت:
ه ذا ال دعاء ،ال أصل ل ه ،ولم ي ذكره الش افعي ،والجمه ور ( .)1وهللا أعلم.
الخامسة عش رة :ت رك االس تعانة ،وهل تك ره االس تعانة ؟ وجه ان .قلت:
الوجهان فيما إذا استعان بمن يصب عليه الماء ،وأصحهما :ال يك ره .أما إذا
استعان بمن يغسل له االعضاء ،فمكروه قطعا .وإن اس تعان به في إحض ار
الماء ،فال بأس ب ه ،وال يق ال :إنه خالف االولى ،وحيث ك ان له ع ذر ،فال
بأس باالستعانة مطلقا .وهللا أعلم .السادسة عشرة :االصح أنه يس تحب ت رك
التنشيف .والثاني :ال يستحب ،وال يكره .والث الث :يك ره ( )2والراب ع :يك ره
في الصيف دون الشتاء .والخامس :يستحب .السابعة عشرة :أن ال ينفض يده
والنفض :مك روه .قلت :في النفض أوج ه .االرجح :أنه مب اح ،تركه وفعله
س واء .والث اني :مك روه .والث الث :تركه أولى .وهللا أعلم .الثامنة عش رة :في
مندوبات أخر ،منها :أن يقول بعد التسمية :الحمد هلل
] [ 174
الذي جعل الماء طهورا ،وأن يستصحب النية في جميع االفعال ،وأن يجمع
في النية بين القلب واللس ان ،وأن يتعهد الم وقين ( )1بالس بابتين (،)2
ويح رك الخ اتم ،ويتعهد ما يحت اج إلى االحتي اط ،ويب دأ في الوجه ب أعاله،
وفي ال رأس بمقدم ه ،وفي اليد والرجل ب أطراف االص ابع ،إن ص به على
نفس ه .وإن صب عليه غ يره ،ب دأ ب المرفق والكعب .وأن ال ينقص م اء
الوضوء عن مد ،وأن ال يسرف ،وال يزيد على ثالث م رات ،وال يتكلم في
أثن اء الوض وء ،وال يلطم وجهه بالم اء ،وال يتوضأ في موضع يرجع إليه
رشاش الماء ،وأن يمر يده على االعضاء ،وأن يقول بعد الف راغ :أش هد أن
ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه ،وأش هد أن محم دا عب ده ورس وله ،اللهم
اجعلني من التوابين ،واجعلني من المتطهرين ( )3س بحانك اللهم وبحم دك،
أشهد أن ال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب إلي ك .واعلم أن معظم ه ذه الس نن
يجئ مثلها في الغسل ،وفي التسمية وجه :أنها ال تس تحب في الغس ل .ف رع:
التفريق اليس ير بين أعض اء الوض وء ،ال يضر بال خالف ،وك ذا الكث ير،
على الجديد المش هور .والكث ير :هو أن يمضي زمن يجف فيه المغس ول مع
اعتدال الهواء ومزاج الشخص .والقليل :دون ذلك .وقيل :تؤخذ القلة والكثرة
من الع رف .وقي ل :الكث ير :مضي زمن يمكن فيه إتم ام الطه ارة .وم دة
التفريق تعتبر من آخر المأتي به من أفعال الوضوء .ولو فرق بع ذر ،كنف اد
الم اء ،لم يضر على الم ذهب ،وقي ل :فيه الق والن .والنس يان ع ذر على
االصح .وحيث جاز التفري ق ،فب نى ،ال يحت اج إلى تجديد النية في االص ح.
والمواالة في الغسل ،كهي في الوضوء على الم ذهب .وقي ل :ال يجب مطلقا
بال خالف .قلت :بقيت مسائل مهمة من صفة الوضوء .منه ا :غسل العي نين.
فيه
] [ 175
أوجه .أحدها :س نة .والث اني :مس تحب .والث الث :ال يفع ل ،وهو االصح عند
االص حاب .ولو لم يكن لرجله كعب ،أو لي ده مرف ق ،اعت بر ق دره ،ولو
تشققت رجله ،فجعل في شقوقها شمعا أو حناء ،وجب إزالة عينه ،ف إن بقي
لون الحناء ،لم يضر ،وإن كان على العضو دهن مائع ،فج رى ،الم اء على
العضو ،ولم يثبت ،صح وضوؤه ،ولو كان تحت أظفاره وسخ يمنع وصول
الماء ،لم يصح وضوؤه على االصح .ولو قدم المضمضة واالستنش اق على
غسل الك ف ،لم يحسب الكف على االص ح .ولو شك في غسل بعض
أعضائه في أثناء الطهارة ،لم يحسب له ،وبعد الف راغ ال يض ره الشك على
االصح .ويشترط في غسل االعضاء :جريان الم اء على العضو بال خالف.
ويرتفع الح دث عن كل عضو بمج رد غس له .وق ال إم ام الح رمين :يتوقف
على فراغ االعضاء ،والصواب :االول .وبه قطع االصحاب .ويس تحب لمن
يتوضأ أن يص لي عقبه ركع تين في أي وقت ك ان .وهللا أعلم ( .)1ب اب
االس تنجاء ( )2االس تنجاء واجب .ولقض اء الحاجة آداب .منه ا :أن يس تر
عورته عن العي ون بش جرة ،أو بقية ج دار ،ونحوهم ا ،ف إن ك ان في بن اء
يمكن تس قيفه ،كفى ،ولو جلس في وسط عرصة دار واس عة ،أو بس تان،
فليستر بق در م ؤخرة الرح ل ،وليكن بينه وبينها ثالثة أذرع فما دونه ا .ولو
أناخ راحلته وتستر بها ،أو جلس في وهدة ،أو نهر ،أو أرخى ذيل ه ،حصل
الغرض .ومنها :أن ال يس تقبل الش مس ،وال القمر بفرج ه ،ال في الص حراء
.وال في البنيان .وهو نهي تنزيه ()3
] [ 176
قال جماعة :ويجتنب االستدبار أيضا .والجمه ور :اقتص روا على النهي عن
االستقبال .ومنها :إن كان في بناء ،أو بين يديه ساتر ،ف االدب أن ال يس تقبل
القبلة وال يستدبرها .فإن كان في صحراء ولم يس تتر بش ئ ،ح رم اس تقبالها
واستدبارها ،وال يحرم ذلك في البناء ( .)1ومنه ا :أن ال يتخلى في متح دث
الناس ( ،)2وأن ال يبول في الم اء الراكد الكث ير ،والنهي عن القليل أشد (
،)3وفي الليل أشد .وأن ال يبول في ثقب ( ،)4وأن ال يجلس تحت ش جرة
مثمرة لغائط ،وال بول ،وال يبول في مهب ريح .وأن يعتمد في جلوسه على
رجله اليس رى ،وأن يعد أحج ار االس تنجاء عن ده قبل جلوس ه ،وأن ال
يس تنجي بالم اء ،موضع قض اء الحاج ة ،بل ينتقل عن ه .ف إن ك ان يس تنجي
بالحجر ،لم ينتقل .قلت :ه ذا في غ ير اال خلية المتخ ذة ل ذلك .أما اال خلي ة،
فال ينتقل منها للمشقة ،والنه ال يناله رشاش .وهللا أعلم .وأن ال يستصحب (
)5ما فيه شئ من القرآن ،أو ذكر هللا سبحانه وتعالى ،أو
] [ 177
رسوله (ص) ،كخاتم ودرهم ونحوهما ،وال يختص هذا االدب بالبني ان ،بل
يعم الصحراء على الصحيح .فلو غفل عن نزع الخاتم ح تى اش تغل بقض اء
الحاجة ،ضم كفه عليه .وأن يقدم في ال دخول رجله اليس رى ،وفي الخ روج
اليمنى ( ،)1وسواء في هذا االدب ،الصحراء والبنيان على الصحيح ،فيقدم
اليس رى إذا بلغ مقع ده في الص حراء ،ويق دم اليم نى في انص رافه ،وقي ل:
يختص بالبنيان .وأن يستبرئ بتنحنح ،ونتر ذكره عند انقطاع البول ،ويك ره
حشو االحليل بقطن ونح وه .قلت :يك ره اس تقبال بيت المق دس ،واس تدباره،
ببول أو غائط ،وال يحرم ،وال يكره الجماع مستقبل القبل ة ،وال مس تدبرها،
ال في بناء وال في صحراء عندنا .واستصحاب ما عليه ذكر هللا تعالى .على
الخالء مكروه ،ال حرام .والسنة أن يقول عند دخول الخالء( :باسم هللا (،)2
اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) ( .)3ويق ول إذا خ رج( :غفران ك،
الحمد هلل ال ذي أذهب ع ني االذى وعاف اني) ( .)4وس واء في ه ذا البني ان
والصحراء ،وال يرفع ثوبه حتى يدنو من االرض ،ويسبله عليه إذا ق ام قبل
انتص ابه .ويك ره أن ي ذكر هللا تع الى ،أو يتكلم بشئ قبل خروج ه ،إال
لضرورة .فإن عطس حمد هللا تعالى بقلبه ،وال يحرك لسانه ،وك ذا يفعل في
حال الجماع ،والس نة أن يبعد عن الن اس ،وأن يب ول في مك ان لين ال يرتد
عليه فيه بوله .ويكره في قارعة الطري ق )5( ،وعند القب ور ،ويح رم الب ول
على القبر .وفي المسجد
] [ 178
فلو بال في إناء في المسجد فهو حرام على االص ح .ويس تحب أن ال ي دخل
الخالء حافيا وال مكشوف الرأس ،وأن ال ينظر إلى ما يخرج من ه ،وال إلى
فرجه ،وال إلى السماء ،وال يعبث بيده ،وال يك ره الب ول في االن اء ،ويك ره
قائما بال ع ذر ،ويك ره إطالة القع ود على الخالء .وهللا أعلم ( .)1فصل فيما
يس تنجى منه إذا خ رج من الب دن نجس ال ينقض الطه ر ،لم يج زئ فيه
الحج ر .وأما الخ ارج ال ذي ينقض الطه ر ،ف إن ك ان ريح ا ،لم يجب
االس تنجاء .وإن ك ان غ يره ،وخ رج من منفتح غ ير الس بيلين ،ففي إج زاء
الحجر فيه خالف ،يأتي في الباب اآلتي إن شاء هللا تع الى وإن ك ان خارجا
من السبيلين ،يوجب الطهارة الكبرى ،كالمني ،والحيض ،وجب الغسل ،وال
يمكن االقتصار على الحجر .قلت :قد صرح ( )2صاحب (الحاوي) وغ يره:
بج واز االس تنجاء ب الحجر من دم الحيض .وفائدته فيمن انقطع حيض ها
واستنجت بالحجر ،ثم تيممت لسفر أو مرض ،ص لت وال إع ادة .وهللا أعلم.
وإن أوجب الصغرى ،فإن لم يكن ملوثا كدود ،وحصاة بال رطوبة ،لم يجب
االس تنجاء على االظه ر .قلت :والبع رة اليابس ة ،كالحص اة ،وص رح به
.صاحب (الشامل) وآخرون .وهللا أعلم
] [ 179
وإن كان ملوثا نادرا ،كال دم ،والقيح ،والم ذي ،فثالثة ط رق ( .)1الص حيح
ق والن .أظهرهم ا :يجزئه الحج ر .والث اني :يتعين الم اء .والث اني :يج زئ
الحجر قطعا .والث الث :إن خ رج الن ادر مختلطا بالمعت اد ،كفى الحج ر .وإن
تمحض الن ادر ،تعين الم اء .وإن ك ان الخ ارج ملوثا معت ادا ولم يج اوز
المخ رج ،فله االقتص ار على الحجر قطع ا .وك ذا إن ج اوز المخ رج ،ولم
يجاوز المعتاد على المذهب ،وشذ بل غلط من قال :فيه قول آخر :أنه يتعين
الماء .فإن جاوز المعتاد ،ولم يخرج الغائط عن االليتين ،أج زأ الحجر أيضا
على االظه ر .وقي ل :قطع ا .وقي ل :يتعين الم اء قطع ا .والب ول :كالغائ ط،
والحشفة :كاالليتين .وقال أبو إسحاق المروزي :إذا جاوز البول الثقب ،تعين
الماء قطع ا .والم ذهب :االول .ولو ج اوز الغائط االلي تين ،والب ول الحش فة،
تعين الماء قطعا لندوره ،سواء المج اوز ،وغ يره .وقيل في غ ير المج اوز:
الخالف ،وليس بش ئ .وحيث اقتصر على الحجر فش رطه :أن ال تنتقل
النجاسة عن الموضع ال ذي أص ابته عند الخ روج ،وأن ال يجف ما على
المخ رج .ف إن فقد أح دهما ،تعين الم اء قطعا ( .)2وقي ل :إن ك ان الج اف
بحيث يقلعه الحج ر ،أج زأ الحج ر .فصل فيما يس تنجى به غ ير الم اء وله
شروط .أحدها :أن يكون طاهرا ،فلو استنجى بنجس ،تعين بعده الم اء ،على
الصحيح .وعلى الثاني :يجزئه الحجر إن كان النجس جامدا .الش رط الث اني:
أن يكون منش فا قالعا للنجاس ة ،فال يج زئ زج اج ،وقص ب ،وحديد أملس،
وفحم رخو ،وتراب متناثر ،ويجزئ فحم وت راب ص لبان .وقيل في ال تراب
والفحم :قوالن مطلقا ،وليس بش ئ .وإن اس تنجى بما ال يقل ع ،لم يجزئه وإن
أنقى .فإن نقل النجاسة ،تعين الماء ،وإال أجزأ الحج ر .ولو اس تنجى ب رطب
من
] [ 180
حج ر ،أو غ يره ،لم يجزئه على الص حيح .الش رط الث الث :أن ال يك ون
محترما ،فال يجوز االستنجاء بمطعوم ،ك الخبز ،والعظم .وال بما كتب عليه
علم ،كحديث ،وفقه ،وفي ج زء الحي وان المتصل ب ه ،كاليد والعقب ،وذنب
حمار ،وجهان .الصحيح :ال يج وز .وقي ل :يج وز بيد نفس ه ،دون يد غ يره.
وقي ل :عكس ه .ويج وز بقطعة ذهب ،وفض ة ،وج وهر نفيس خش نة على
الصحيح ،كما يجوز بالديباج قطعا ( .)1وإن استنجى بمح ترم ،عص ى ،وال
يجزئه على الص حيح ،لكن يجزئه الحجر بع ده ،إال أن ينقل النجاس ة ،وأما
الجلد الطاهر ،فاالظهر :أنه إن كان مدبوغا ،ج از االس تنجاء ب ه .وإال ،فال.
والث اني :يج وز مطلق ا .والث الث :ال يج وز مطلق ا .ولو اس تنجى بحج ر ،ثم
غسله ويبس ،جاز االستنجاء ب ه ،وإن اس تنجى بحج ر ،فلم يبق على المحل
شئ ،فاستعمل الث اني والث الث ولم يتلوث ا ،ج از اس تعمالهما من غ ير غسل
على الصحيح .فصل في كيفية االستنجاء :إذا استنجى بجامد ،وجب االنق اء،
واستيفاء بثالث مس حات ب أحرف حج ر ،أو ما في معن اه ،أو بأحج ار .ولو
حصل االنق اء ب دون الثالث ،وجب ثالث .وفي وج ه :يكفي االنق اء ،وهو
ش اذ ،أو غل ط .وإذا لم يحصل االنق اء بثالث ،وجبت الزي ادة .ف إن حصل
براب ع ،اس تحب االتي ان بخ امس وال يجب .وفي كيفية االس تنجاء أوج ه،
أصحها :يمسح بكل حجر جميع المحل ،فيضعه على مقدم الص فحة اليم نى،
وي ديره على الص فحتين إلى أن يصل موضع ابتدائ ه ،ويضع الث اني على
مق دم الص فحة اليس رى ،ويفعل مثل ذل ك ،ويمسح بالث الث الص فحتين
والمسربة .والوجه الثاني :يمسح بحجر الصفحة اليم نى ،وبالث اني اليس رى،
وبالث الث الوس ط .والوجه الث الث أن يمسح ب االول من مق دم المس ربة إلى
آخره ا .وبالث اني ،من آخرها إلى أوله ا ،ويحلق بالث الث ،وه ذا الخالف في
االفضل على الص حيح .فيج وز عند كل قائل الع دول إلى الكيفية االخ رى،
وقيل :ال يجوز .قلت :وقيل :يجوز العدول من الكيفية الثانية إلى االولى دون
.عكسه .وهللا أعلم
] [ 181
وينبغي أن يضع الحجر على موضع ط اهر بق رب النجاس ة ،ثم يم ره على
المحل ،ويديره قليال قليال .فإن أم ره ونقل النجاسة من موضع إلى موض ع،
تعين الماء ،فإن أمر ولم يدره ولم ينقل ،فالص حيح :أنه يجزئ ه .والث اني :ال
بد من االدارة .فرع :المستحب أن يستنجي باليسار .فإن استنجى بماء ،صبه
باليمنى ،ومسح باليسرى .وإن استنجت ام رأة من ب ول ،أو غائ ط ،أو رجل
من غائط بالحجر ،مسح بيس اره ،ولم يس تعن بيمينه في ش ئ .وإذا اس تنجى
الرجل من البول بجدار أو صخرة عظيمة ونحو ذلك ،أمسك ال ذكر بيس اره
ومس حه على ثالث مواضع ( .)1وإذا اس تنجى بحجر ص غير ،أمس كه بين
عقبيه ،أو إبهامي رجليه ،أو تحامل عليه إن أمكنه ،والذكر في يس اره .ف إن
لم يتمكن واض طر إلى إمس اك الحجر بي ده ،أمس كه ب اليمنى ،وأخذ ال ذكر
باليسرى ،وحرك اليسار وحدها .فإن حرك اليمنى ،أو حركهما جميعا ،ك ان
مس تنجيا ب اليمين .وقي ل :يأخذ ال ذكر ب اليمين ،والحجر باليس ار ويحركه ا،
وليس بش ئ .ف رع :االفض ل :أن يجمع في االس تنجاء بين الم اء والجام د،
ويقدم الجامد .فإن اقتصر ،فالماء أفضل .فرع :الخنثى المشكل في االستنجاء
من الغائط ،كغيره ،وليس له االقتص ار على الحجر في الب ول ،إال إذا قلن ا:
من انفتح له دون المع دة مخ رج ،مع انفت اح االص لي ،ينتقض وض وؤه
بالخ ارج من ه ،ويج وز له االقتص ار على الحج ر .أما الرج ل ،فمخ ير في
فرجيه ،بين الماء والحجر ،وكذا المرأة البكر ،وكذا الثيب ( .)2ف إن مخ رج
بولها ،فوق مدخل الذكر .والغالب أنها إذا بالت ،نزل البول
] [ 182
إلى م دخل ال ذكر .ف إن تحققت ذل ك ،تعين الم اء ،وإال ،ج از الحجر على
الص حيح .وال واجب على الم رأة ،غسل ما يظهر إذا جلست على الق دمين.
وفي وجه ض عيف :يجب على ال ثيب غسل ب اطن فرجه ا .قلت :ينبغي أن
يستنجي قبل الوضوء والتيمم ،فإن ق دمهما على االس تنجاء ،صح الوض وء،
دون التيمم ،على أظهر االقوال .والثاني :يصحان .والثالث :ال يص حان .ولو
تيمم وعلى يديه نجاسة ،فهو كالتيمم قبل االستنجاء ،وقيل :يصح قطع ا ،كما
لو تيمم مكشوف العورة ( .)1وإذا أوجبناه في ال دودة ،والحص اة ،والبع رة،
أجزأه الحجر على المذهب .وقي ل :فيه الق والن في ال دم وغ يره من الن ادر،
وهذا أشهر ،وق ول الجمه ور ،ولكن الص واب :االول .ولو وقع الخ ارج من
االنس ان على االرض ،ثم ترشش منه شئ ف ارتفع إلى المح ل ،أو أص ابته
نجاسة أخرى ،تعين الم اء ،لخروجه عما يعم به البل وى .ويس تحب أن يب دأ
المستنجي بالماء ( )2بقبله ،ويدلك ي ده بعد غسل ال دبر ،وينضح فرج ه ،أو
سراويله بعد االستنجاء دفعا للوسواس .ويعتمد في غسل ال دبر على أص بعه
الوس طى ،ويس تعمل من الم اء ما يغلب على الظن زوال النجاسة ب ه ،وال
يتعرض للباطن ،ولو غلب على ظنه زوال النجاسة ،ثم شم من يده ريحه ا،
فهل يدل على بقاء النجاسة في المحل كما هي في اليد ،أم ال ؟ فيه وجهان،
أص حهما :ال ( .)3وهللا أعلم .ب اب االح داث ( )4الح دث ( )5يطلق على ما
:يوجب الوضوء ،وعلى ما يوجب الغسل .فيقال
] [ 183
حدث أكبر ،وحدث أص غر ،وإذا أطل ق ،ك ان الم راد االص غر غالب ا ،وهو
مرادنا هنا ( .)1وال ينتقض الوضوء عن دنا بخ ارج من غ ير الس بيلين ،وال
بقهقهة المصلي ،وال بأكل لحم الجزور ،وال بأكل ما مس ته الن ار ،وفي لحم
الجزور قول ق ديم ش اذ .قلت :ه ذا الق ديم وإن ك ان ش اذا في الم ذهب ،فهو
قوي في ال دليل ،ف إن فيه ح ديثين ص حيحين ليس عنهما ج واب ش اف .وقد
اخت اره جماعة من محققي أص حابنا المح دثين ،وقد أوض حت كل ذلك
مبسوطا في شرح (المهذب) ( )2وهذا الق ديم مما اعتقد رجحان ه .وهللا أعلم.
وإنما ينتقض بأحد أربعة ( )3أم ور .االول :الخ ارج من أحد الس بيلين ،عينا
ك ان ،أو ريح ا ،من قبل الرجل والم رأة ،أو دبرهم ا ،ن ادرا ك ان ،كال دم
والحصى ،أو معتادا نجس العين ،أو طاهرها ،كالدود والحص ى ،إال الم ني
( ،)4فال ينقض الوضوء بخروجه ،وإنما
] [ 184
ي وجب الغس ل .ولنا وجه ش اذ :أنه ي وجب الوض وء أيض ا ،ودبر الخن ثى
المش كل ،كغ يره .ف إن خ رج ( )1شئ من قبليه ( ،)2نقض .وإن خ رج من
أحدهما ،فله حكم المنفتح تحت المعدة .فرع :إذا انسد الس بيل المعت اد وانفتح
ثقبه تحت المع دة ،وخ رج منه المعت اد ،وهو الب ول والغائ ط ،نقض قطع ا،
وإن خ رج ن ادر ،ك دم ودود وريح ،نقض على االظه ر .وإن انفتح ف وق
المعدة مع انس داد المعت اد ،أو تحتها مع انفتاح ه ،لم ينقض الخ ارج المعت اد
من ه ،على االظهر ف إن نقض ،ففي الن ادر الق والن ،وإن انفتح فوقها مع
انفتاح االصلي ،لم ينقض قطع ا .قلت :ذهب كث يرون من االص حاب إلى أن
فيه طريقين .الثاني :على قولين .والمذهب :أن ال ريح ،من الخ ارج المعت اد،
وم رادهم بتحت المع دة :ما تحت الس رة ،وبفوقه ا :الس رة ،ومحاذاته ا ،وما
فوقها .وهللا أعلم .وحيث نقضنا ،فهل يجوز االقتص ار في الخ ارج منه على
الحجر ؟ فيه ثالثة أق وال .وقي ل :أوج ه ،االظه ر :ال .والث الث :يج وز في
المعت اد دون الن ادر ،واالص ح :أنه ال يجب الوض وء بمس ه ،وال الغسل
بااليالج فيه ،وال يحرم النظر إليه إذا كان ف وق الس رة ،أو محاذيا له ا ،وال
يثبت ب االيالج فيه شئ من أحك ام ال وطئ قطع ا ،س وى الغسل على وج ه.
وقيل :يثبت المهر وسائر أحك ام ال وطئ .قلت :لو أخ رجت دودة رأس ها من
فرج ه ،ثم رجعت ،انتقض على االصح ( ،)3والخن ثى الواض ح :إذا خ رج
من فرجه الزائد شئ ،فله حكم منفتح تحت المع دة .ولو خ رج من أحد قبلي
مشكل ،فكذلك على المذهب .و :ينتقض قطعا وقيل :عكسه .ومن له ذك ران،
ينتقض بكل منهما .وهللا أعلم .الناقض الثاني :زوال العقل ،فإن كان بالجنون
واالغماء والسكر ،نقض بكل
] [ 185
حال .والسكر الناقض :ما ال شعور معه دون أوائل النشوة .وحكي وج ه :أن
الس كر ال ينقض بح ال ،وهو غل ط .وأما الن وم ،فحقيقت ه :اس ترخاء الب دن،
وزوال االستشعار ،وخفاء كالم من عنده .وليس في معناه النع اس ،وح ديث
النفس ،فإنهما ال ينقضان بحال ،ف إن ن ام ممكنا مقع ده من مق ره ،لم ينقض.
وقيل :إن اس تند إلى ما يس قط بس قوطه ،نقض ،وليس بش ئ ،وإن ن ام غ ير
ممكن مقع ده ،نقض .وفي ق ول :ال ينقض الن وم على هيئة من هيئ ات
الصالة ،وإن لم يكن في صالة .وفي قول :ال ينقض في الص الة كيف ك ان.
وفي ق ول :ال ينقض الن وم قائم ا .وفي ق ول :ينقض وإن ك ان ممكنا مقع ده.
وه ذه أق وال ش اذة .قلت :ال ف رق عن دنا بين قليل الن وم وكث يره .ولو ن ام
محتبي ا ،فثالثة أوج ه .أص حها :ال ينتقض .والث الث :ينتقض وض وء نحيف
االل يين دون غ يره .ولو ن ام ممكنا مقعدته ( )1ف زالت إح دى أليتيه عن
االرض ،فإن كان قبل االنتباه ،انتقض ،وإن كان بعده ،أو معه ،أو ش ك ،لم
ينتقض .ولو ش ك ،هل ن ام أم نعس ؟ أو هل ن ام ممكنا أم ال ؟ لم ينتقض.
ولو نام على قفاه ملصقا مقعده باالرض ،انتقض ،ولو ك ان مس تثفرا بش ئ،
انتقض أيضا على المذهب .قال الشافعي ،واالصحاب :يستحب الوض وء من
النوم ممكنا للخروج من الخالف ( .)2وهللا أعلم .الناقض الثالث :لمس بشرة
ام رأة مش تهاة ،ف إن لمس ش عرا ،أو س نا ،أو ظف را ،أو عض وا مبانا من
ام رأة ،أو بش رة ص غيرة لم تبلغ حد الش هوة ،لم ينتقض وض وؤه ،على
االصح .وإن لمس محرما بنسب ،أو رض اع ،أو مص اهرة ،لم ينتقض على
االظهر .وإن لمس ميتة ،أو عجوزا ال تشتهى ،أو عضوا أشل ،أو
] [ 186
زائدا ،أو لمس بغير شهوة ،أو عن غ ير قص د ،انتقض على الص حيح ()1
في جميع ذلك ،وينتقض وضوء الملموس على االظهر .والمرأة كالرجل في
انتق اض طهرها بلمس ها من الرجل ما ينقضه منه ا .ولنا وجه ش اذ :أنها ال
تزال ملموسة ،ف إذا لمست رجال ،ك ان في انتقاض ها الق والن ،وليس بش ئ.
قلت :ولو التقت بش رتا رجل وام رأة بحركة منهم ا ،انتقض تا قطعا وليس
فيهما ملموس .ولو لمس الشيخ الفاقد للشهوة شابة ،أو لمست الفاقدة للش هوة
ش ابا ،أو الش ابة ش يخا ال يش تهى ،انتقض على االص ح .والمراه ق،
والخص ي ،والع نين ،ينقض ون وينتقض ون .ولو لمس الرجل أم رد حسن
الص ورة بش هوة ،لم ينتقض على الص حيح .ولو شك هل هو المس أو
ملموس ؟ فهو ملموس ،أو هل لمس محرما ،أو أجنبية ؟ فمح رم .ولو لمس
محرما بشهوة ،فكلمسها بغير شهوة .ولمس اللس ان ،ولحم االس نان ،واللمس
ب ه ،ينتقض قطع ا .وهللا أعلم .الن اقض الراب ع :مس ف رج اآلدمي ،فينتقض
الوضوء إذا مس ببطن كفه فرج آدمي ،من نفس ه ،أو غ يره ،ذكر أو أن ثى،
ص غير أو كب ير ،حي أو ميت ،قبال ك ان الممس وس ،أو دب را .وفي ف رج
الص غير ،والميت ،وجه ض عيف ،وفي ال دبر ق ول ش اذ :أنه ال ينتقض.
والم راد بال دبر :ملتقى المنف ذ ،ومس محل الجب ينقض قطعا إن بقي شئ
شاخص ،فإن لم يبق شئ ،نقض أيضا على الصحيح ،ومس الذكر المقطوع
( )2واالشل ،والمس باليد الش الء ،وناس يا ،ن اقض على الص حيح .ولو مس
بباطن أصبع زائدة ،إن كانت على اس تواء االص ابع ،نقضت على االص ح،
وإال ،فال ،على االصح .ولو كان له كفان عاملتان ،نقض كل واحدة منهما (
.)3وإن ك انت إح داهما عامل ة ،نقض ت ،دون االخ رى .وقي ل :في الزائ دة
خالف مطلق ا .وال ينقض مس دبر البهيمة قطع ا ،وال قبله ا ،على الجديد
المشهور .قلت :أطلق االص حاب الخالف في ف رج البهيم ة ،ولم يخص وا به
القبل .فإن
] [ 187
قلن ا :ال ينقض مس ه ،فأدخل ي ده في فرجه ا ،لم ينقض على االص ح .وهللا
أعلم .هذا كله في المس ببطن كفه ،فإن مس برؤوس االصابع ،أو بما بينها،
أو بحرفه ا ،أو ح رف الك ف ،لم ينتقض على االص ح .ومن نقض ب رؤوس
االصابع قال :باطن الك ف :ما بين االظف ار والزند ط وال .ومن لم ينقض به
يقول :هو القدر المنطبق إذا وضعت إحدى اليدين على االخ رى ،مع تحامل
يس ير .وأما الممس وس فرج ه ،فال ينتقض قطع ا .قلت :وقي ل :فيه ق والن،
كالملموس .وهللا أعلم .فرع :إذا مس الخنثى المشكل فرج واض ح ،فحكمه ما
سبق ،وإن مس فرجي نفسه ،انتقض ،أو أحدهما ،فال .وإن مس أح دهما ،ثم
صلى الصبح ،ثم توضأ ،ثم مس اآلخ ر ،ثم ص لى الظه ر ،فاالص ح :أنه ال
يجب قضاء واحدة منهما .والثاني :يجب قضاؤهما ،ولو مس أحدهما وصلى
الصبح ،ثم مس اآلخر ،وصلى الظهر من غ ير وض وء ،أع اد الظهر قطعا
فق ط ،أما إذا مس الواضح خن ثى ،ف إن مس منه ما له مثل ه ،انتقض ،وإال،
فال ينتقض ( )1وض وء الرجل بمس ذكر الخن ثى والم رأة بفرج ه ،وال
عكس .ه ذا إذا لم يكن بين الم اس والخن ثى محرمي ة ،أو غيرها مما يمنع
النقض ،وحيث نقض نا الواض ح ،ف الخنثى ممس وس ال ملم وس ،ولو مس
المشكل فرجي مش كل ،أو ف رج نفس ه ،وذكر مش كل ،انتقض .ولو مس أحد
ف رجي مش كل ،لم ينتقض .ولو مس أحد المش كلين ف رج ص احبه ،ومس
اآلخر ذكر االول ،انتقض أح دهما ال بعين ه ،لكن لكل واحد منهما أن
يص لي ،الن االص ل :الطه ارة .من القواعد ال تي يب نى عليها كث ير من
االحك ام ،استص حاب حكم اليقين ،واالع راض عن الشك ( ،)2فلو تيقن
الطهارة ،وشك في الحدث ،أو
] [ 188
عكسه ،عمل باليقين فيهما .ولو ظن الحدث بعد يقين الطهارة ،فكالش ك ،فله
الصالة .ولنا وجه :أنه إذا شك في الحدث خ ارج الص الة ،وجب الوض وء،
وهذا شاذ ،بل غلط .ومن هذا الباب ما إذا مس الخنثى فرجه مرتين ،وشك،
هل الممس وس ثانيا االول ،أم اآلخر ؟ أو شك من ن ام قاع دا ،ثم تمايل
وانتب ه ،أيهما ك ان أس بق ؟ أو شك هل ما رآه ،رؤي ا ،أم ح ديث نفس ؟ أو
هل لمس البشرة ،أم الشعر ؟ فال يلزمه الوضوء في جميع ه ذا .وك ذا الشك
في الح دث االك بر .ولو تيقن بعد طل وع الش مس ح دثا ،وطه ارة ،ولم يعلم
اس بقهما ،فثالثة أوج ه .أص حها ،وق ول االك ثرين :أنه إن ك ان قبل طل وع
الشمس محدثا ،فهو اآلن متطه را ،وإن ك ان متطهر ف اآلن مح دث إن ك ان
ممن يعت اد تجديد الوض وء ،وإال فمتطهر أيض ا ،وإن لم يعلم ما ك ان قبل
طلوع الشمس ،وجب الوضوء .والوجه الث اني :أنه على ما ك ان قبل طل وع
الشمس ،وال نظر إلى ما بع ده ،ف إن لم يعلم ما ك ان قبل ه ،وجب الوض وء.
والث الث :ال نظر إلى ما قبل الطل وع ،بل يجب الوض وء بكل ح ال .قلت:
الوجه الثاني :غلط صريح ،وكيف يؤمر بالعمل بما تيقن بطالنه ؟ ! والوجه
الث الث :هو الص حيح عند جماع ات من محققي أص حابنا .وفيه وجه راب ع:
يعمل بغلبة الظن ،وقد أوضحت دالئله في ش رح (المه ذب) ( .)1وهللا أعلم.
فرع في بيان الخنثى المشكل لزوال إشكاله صور .منها :خروج الب ول .ف إن
بال بفرج الرجال وحده ،فهو رجل ،أو بفرج النساء ،فامرأة .فإن بال بهم ا،
فوجهان .أحدهما :ال داللة فيه .وأصحهما :ي دل للس ابق إن اتفق انقطاعهم ا،
وللمتأخر إن اتفق ابتداؤهما ،فإن سبق واحد وتأخر آخر ،فللسابق ،فإن اتفقا
فيهما وزاد أحدهما ،أو زرق بهما ،أو
] [ 189
رش ش ،فال داللة على االص ح ،وعلى الث اني :يعمل ب الكثرة ،ويجعل
ب التزريق رجال ،وبالترش يش ام رأة .ف إن اس توى ق درهما ،أو زرق بواحد
ورشش بآخر ،فال داللة .ومنها خروج المني والحيض في وقتهما .فإن أمنى
بفرج الرجال ،فرجل ،أو بفرج النساء ،أو حاض ،فامرأة بشرط تكرره .فإن
أمنى منهما ،فوجهان :أحدهما :ال دالل ة .واالصح أنه إن أم نى منهما بص فة
مني الرجال ،فرجل ،أو بصفة مني النساء ،ف امرأة .ف إن أم نى من أح دهما
بصفة ،ومن اآلخر بالصفة االخرى ،فال داللة .وحكي وجه :أنه ال داللة في
المني ( )1مطلقا وهو ش اذ .ومنها خ روج الول د ،وهو يفيد القطع باالنوث ة،
فيق دم على جميع العالم ات .ولو تع ارض الب ول ب الحيض ،أو الم ني،
فاالصح :ال داللة .والث اني يق دم الب ول .ومنها نب ات اللحي ة ،ونه ود الث دي،
وتفاوت االضالع .والصحيح أنه ال داللة فيها .والثاني :ت دل اللحية ( ،)2أو
نقص ان ض لع من الج انب االيسر لل ذكورة ،والنه ود وتس اوي االض الع
لالنوثة .وال يدل ع دم اللحية والنه ود في وقتهما على االنوثة وال ذكورة بال
خالف .ومنها المي ل .ف إذا ق ال :أميل إلى النس اء ،فرج ل ،أو إلى الرج ال،
ف امرأة ،بش رط العجز عن االم ارات الس ابقة ،فإنها مقدمة على المي ل .وال
يرجع إليه إال بعد بلوغه وعقل ه .وفي وج ه :يقبل ق ول المم يز ثم يتعلق
باختياره .ف روع أح دها :إذا بلغ ووجد من نفسه أحد الميلين ،لزمه أن يخ بر
.به .فإن أخر ،عصى
] [ 190
الثاني :يحرم عليه أن يخبر بالتشهي ،وإنما يخبر عما يجده .الثالث :إذا قال:
أميل إليهما ،أو ال أميل إلى واحد منهما ،استمر االش كال .الراب ع :إذا أخ بر
بميل ،لزم ه ،وال يقبل رجوعه إال أن يخ بر بال ذكورة ،ثم يل د ،أو يظهر به
حم ل ،فيبطل قول ه ،كما لو حكم بشئ من العالم ات الظ اهرة ،ثم ظهر
الحمل ،ف إن ذلك يبط ل .الخ امس :لو حكمنا بقول ه ،ثم ظه رت عالمة غ ير
الحمل ،فيحتمل أن يرجع إليها ،ويحتمل أن يبقى على قول ه .قلت :االحتم ال
الث اني ،هو الص واب ،وظ اهر كالم االص حاب .ق ال أص حابنا :وإذا أخ بر
بميله ،عملنا به فيما له وعليه ،وال نرده لتهم ة ،كما لو أخ بر ص بي ببلوغه
لالمك ان .وهللا أعلم .فصل يح رم على المح دث جميع أن واع الص الة،
والس جود ،والط واف ،ومس المص حف ،وحمل ه ،ويح رم مس حاش ية
المص حف ،وما بين س طوره ،وحمله بالعالقة قطعا ويح رم مس الجلد على
الص حيح [ ،والغالف ،والص ندوق ] ( )1والخريط ة ،إذا ك ان فيهن
المص حف ،على االص ح .ولو قلب أوراقه بع ود ،ح رم على االص ح .قلت:
قطع العراقيون بالجواز ،وهو :الراجح ،فإنه غير حامل وال م اس ( .)2ولو
لف كمه على ي ده ،وقلب به ال ورق ،ح رم عند الجمه ور ،وهو الص واب.
.وقيل :وجهان .وهللا أعلم
] [ 191
وال يحرم حمل المصحف في جملة متاع ،على االصح .وكتابة الق رآن على
شئ بين يديه من غ ير مس ،وال حمل ج ائزة على االص ح ،ويج وز مس
الت وراة ،واالنجي ل ،وما نس خت ( )1تالوته من الق رآن ،وحملها على
الص حيح .وال يح رم مس ح ديث رس ول هللا (ص) ،وحمل ه ،ولكن االولى،
التطهر ل ه .وأما ما كتب عليه شئ من الق رآن ،ال للدراس ة ،كال دراهم
االحدية ،والثياب ،والعمامة ،والطعام ،والحيط ان ،وكتب الفق ه ،واالص ول،
فال يحرم مسه ،وال حمله على الص حيح .وك ذا ال يح رم كتب التفس ير على
االصح .وقيل :إن كان القرآن أكثر ،حرم قطعا .وقي ل :إن ك ان الق رآن بخط
متميز ،حرم الحمل قطعا .قلت :مقتضى هذا الكالم ،أن االصح :أنه ال يحرم
إذا كان القرآن أكثر ،وهذا منكر .بل الص واب :القطع ب التحريم ،الن ه ،وإن
لم يسم مصحفا ،ففي معن اه .وقد ص رح به ذا ص احب (الح اوي) وآخ رون.
ونقله صاحب (البحر) عن
] [ 192
االص حاب .وهللا أعلم .ويح رم على الب الغ مس ،وحمل الل وح المكت وب فيه
ق رآن ،للدراسة على الص حيح ،وال يجب على ال ولي والمعلم منع الص بي
المم يز من مس المص حف والل وح الل ذين يتعلم منهم ا ،وحملهما على
االصح .وال يحرم أكل الطعام ،وهدم الحائط المنقوش ب القرآن .قلت :ويك ره
إحراق الخشبة المنقوشة به ( .)1ويكره كتابته على الحيطان ،سواء المس جد
وغيره ،وعلى الثياب ،ويح رم كتابته بشئ نجس .ولو ك ان على بعض ب دن
المتطهر نجاس ة ،ح رم مس المص حف بموض عها ،وال يح رم بغ يره على
المذهب .ومن لم يجد م اء ،وال تراب ا ،يص لي لحرمة ال وقت ،ويح رم عليه
مس المصحف وحمله .ولو خ اف على المص حف من غ رق ،أو ح رق ،أو
نجاسة ،أو كافر ،ولم يتمكن من الطهارة ،أخ ذه مع الح دث للض رورة (.)2
.وهللا أعلم ( .)3باب الغسل ( )4موجباته أربعة
] [ 193
االول :الموت .ويأتي في الجنائز إن ش اء هللا تع الى ( .)1والث اني :الحيض.
ثم وجوبه بخروج ال دم ،أم بانقطاعه ؟ أم الخ روج م وجب عند االنقط اع ؟
فيه أوج ه .أص حها :الث الث ( .)2والنف اس ،ك الحيض في الغسل ومعظم
االحكام .والثالث :إذا ألقت الحامل ول دا ،أو علق ة ،أو مض غة ،ولم تر دم ا،
وال بلال ،لزمها الغسل على االص ح .والراب ع :الجناب ة ،وهي ب أمرين:
الجماع ،واالنزال .أما الجماع ،فتغييب قدر الحشفة في أي فرج كان ،س واء
غيب في قبل ( )3ام رأة ،أو بهيم ة ،أو دبرهم ا ،أو دبر رج ل ،أو خن ثى
صغير ،أو كب ير حي ،أو ميت .ويجب على الم رأة ب أي ذكر دخل فرجه ا،
ح تى ذكر البهيم ة ،والميت ،والص بي .وعلى الرجل الم ولج في دب ره .وال
يجب إع ادة غسل الميت الم ولج فيه على االص ح .قلت :ويص ير الص بي
والمجنون المولجان [ ،و ] ( )4المولج فيهما ،جنبين بال
] [ 194
خالف .ف إن اغتسل الص بي وهو مم يز ،صح غس له ،وال يجب إعادته إذا
بل غ .ومن كمل منهما قبل االغتس ال ،وجب عليه الغس ل .وعلى ال ولي أن
يأمر الصبي المميز بالغسل في الحال ،كما يأمره بالوض وء .وهللا أعلم .ه ذا
كله إذا غيب قدر الحشفة ،فإن غيب دونها ،لم يتعلق به حكم على الصحيح.
ولنا وج ه :أن تغ ييب ق در الحش فة من مقطوعها ال ي وجب الغس ل ،وإنما
يوجبه تغييب جميع الباقي ،إن كان ق در الحش فة فص اعدا .قلت :ه ذا الوجه
مشهور ،وهو الراجح عند كثير من العراقيين ،ونقله صاحب (الح اوي) عن
نص الشافعي رحمه هللا ،ولكن االول :أصح .وهللا أعلم .ولو لف على ذك ره
خرقة فأولج ه ،وجب الغسل على أصح االوج ه ،وال يجب في الث اني.
والث الث إن ك انت الخرقة خش نة ،وهي ال تي تمنع وص ول بلل الف رج إلى
ال ذكر ،وتمنع وص ول الح رارة من أح دهما إلى اآلخ ر ،لم يجب ،وإال،
وجب .قلت :قال صاحب (البحر) :وتجري ه ذه االوجه في إفس اد الحج ب ه،
وينبغي أن تج ري في جميع االحك ام .وهللا أعلم .ف رع :ولو أولج خن ثى في
فرج خنثى أو دبره ،أو أولج كل واحد منهما في فرج صاحبه ،أو دبره ،فال
غسل ،وال وضوء على أحد ،إال من نزع ال ذكر من دب ره ،فعليه الوض وء،
لخروج خارج من دب ره .قلت :وك ذا إذا ن زع من قبل ه .وقلن ا :المنفتح تحت
المعدة ينتقض الخارج منه مع انفت اح االص لي .وهللا أعلم .ولو أولج الخن ثى
في بهيم ة ،أو ام رأة ،أو دبر رج ل ،فال غسل على أح د .وعلى الم رأة
الوضوء بالنزع منها .وكذلك الوض وء على الخن ثى ،والرجل الم ولج فيه (
.)1ولو أولج رجل في فرج خنثى ،فال غسل ،وال وضوء عليهما ،الحتمال
أنه
] [ 195
رج ل .ولو أولج رجل في ف رج خن ثى ،والخن ثى في ف رج ام رأة ،ف الخنثى
جنب ،والرجل والم رأة غ ير جن بين ،وعلى الم رأة الوض وء ب النزع (.)1
قلت :إذا أولج ذكرا أشل ،وجب عليهما الغسل على الم ذهب .ولو اس تدخلت
ذكرا مقطوعا ،فوجهان ،كمسه .ولو ك ان لرجل ذك ران يب ول بهم ا ،ف أولج
أح دهما ،وجب الغس ل ،ولو ك ان يب ول بأح دهما ،وجب الغسل لو ك ان
بإيالج ه ،وال يتعلق ب اآلخر حكم في نقض الطه ارة ( .)2وهللا أعلم .االمر
الثاني :الجنابة بإنزال المني .وسواء خرج من المخ رج المعت اد ،أو ثقبة في
الصلب ،أو الخصية على المذهب .وقيل :الخارج من غ ير المعت اد ،له حكم
المنفتح الم ذكور في ب اب االح داث ( ،)3فيع ود فيه الخالف والتفص يل.
والصلب هنا كالمعدة هناك .ثم للمني خواص ثالث .أحدها :رائح ة ،كرائحة
العجين ،والطلع رطبا ،وكرائحة بياض البيض يابسا .الثانية :التدفق بدفعات.
الثالثة :التلذذ بخروجه ،واستعقابه فتور الذكر ،وانكسار الشهوة .وال يش ترط
اجتم اع الخ واص ،بل واح دة منهن تكفي في كونه منيا بال خالف .وله
ص فات أخ ر ،كالبي اض والثخانة في م ني الرج ل ،والرقة واالص فرار في
مني المرأة في حال االعتدال .وليست هذه الصفات من خواص ه ،فع دمها ال
ينفي ه ،ووجودها ال يقتض يه .فلو زالت الثخانة والبي اض لم رض ،أو خ رج
،على لون الدم لكثرة الجماع
] [ 196
وجب الغسل اعتم ادا على بعض الخ واص .وحكي وج ه :أنه ال يجب بها
على لون ال دم ،وهو ش اذ .ولو تنبه من نوم ه ،فلم ير إال الثخانة والبي اض،
فال غسل ،الن الودي يشارك الم ني فيهم ا ،بل يتخ ير بين جعله منيا وم ذيا
على ظاهر المذهب ،وفيه الخالف السابق في آخر صفة الوض وء .ف إن قلنا
بالم ذهب ،فغلب على ظنه الم ني ،لك ون الم ذي ال يليق بحال ه ،أو لت ذكر
جماع ،قال إم ام الح رمين :يحتمل أن تستص حب الطه ارة ،وأن يحمل على
الظن .واالحتمال االول مقتضى كالم معظم االصحاب .ولو أن زل فاغتس ل،
ثم خرجت بقية المني ،وجب الغسل ثانيا قطعا .سواء خرجت قبل البول ،أو
بع ده .ف رع :الم رأة ،كالرجل في وج وب الغسل بخ روج منيه ا .ق ال إم ام
الح رمين والغ زالي :ال تع رف منيها إال بالتل ذذ .وق ال االك ثرون تص ريحا
وتعريضا :يطرد في معرفة منيها الخ واص الثالث ،كالرج ل .ولو اغتس لت
من جماع ،ثم خرج منها مني الرجل ،لزمها الغسل على المذهب بش رطين.
أح دهما :أن تك ون ذات ش هوة دون الص غيرة .والث اني :أن تقضي ش هوتها
بذلك الجماع ،كنائمة ومكرهة .فإن اختل شرط ،لم يجب الغسل قطعا .ف رع:
إذا استدخلت منيا في قبلها أو دبرها ،لم يلزمها الغسل على الم ذهب .ف رع:
ال يجب الغسل من غسل الميت على الجديد المش هور ،وال بجن ون وإغم اء
على المذهب .قلت :لو رأى المني في ثوبه ،أو فراش ال ينام فيه غيره ،ولم
يذكر احتالما ،لزمه الغسل ،على الصحيح المنصوص ،وبه قطع الجمه ور.
ق ال أص حابنا :ويجب إع ادة كل ص الة ال يحتمل ح دوث الم ني بع دها.
ويس تحب إع ادة كل ص الة يحتمل كونه فيه ا .ثم إن الش افعي واالص حاب
:أطلقوا المسألة .وقال الماوردي ()1
] [ 197
ه ذا إذا رأى الم ني في ب اطن الث وب ،ف إن رآه في ظ اهره ،فال غس ل،
الحتمال إصابته من غيره .وإن ك ان ين ام معه في الف راش من يج وز ك ون
المني منه ،لم يلزمه الغسل ،ويستحب أن يغتس ال ،ولو أحس بانتق ال الم ني
ونزول ه ،فأمسك ذك ره ،فلم يخ رج منه شئ في الح ال ،وال علم خروجه
بع ده ،فال غسل عن دنا .وهللا أعلم .فص ل :يح رم على الجنب ما يح رم على
المح دث ( ،)1وش يئآن :ق راءة الق رآن ،واللبث في المس جد .فأما الق رآن،
فيحرم ،وإن ك ان بعض آية على قصد الق رآن ( ،)2فلو لم يجد الجنب م اء
وال ترابا ،فهل يباح له قراءة الفاتحة في ص الته ؟ وجه ان .االص ح :يح رم
كما يحرم ما زاد عليها قطع ا ،وي أتي بالتس بيح ال ذي ي أتي به من ال يحسن
الق راءة ،النه ع اجز ش رعا .قلت :االصح ( )3ال ذي قطع به جم اهير
العراقيين :أنه يجب عليه قراءة الفاتح ة ،النه مض طر إليه ا .وهللا أعلم .ولو
قرأ شيئا منه ولم يقصد القرآن ،جاز ،كقوله :بسم هللا ،والحمد هلل ،أو قال* :
(س بحان ال ذي س خر لنا ه ذا وما كنا له مق رنين) ( * )4على قصد س نة
الركوب .ولو جرى هذا على لسانه ولم يقصد قرآنا وال ذكرا ،جاز .ويح رم
على الح ائض والنفس اء ما يح رم على الجنب من الق راءة على الم ذهب،
وأثبت جماعة من المحققين قوال قديما أنها ال تحرم .قلت :ولو ك ان فم غ ير
الجنب والحائض نجسا ،ففي تحريم القراءة عليه
] [ 198
وجه ان ،االصح يك ره وال يح رم .وال تك ره الق راءة في الحم ام .ويج وز
للح ائض والجنب ق راءة ما يس تحب تالوت ه .وهللا أعلم .وأما اللبث في
المسجد ،فحرام على الجنب ،وال يحرم عليه العبور ،لكن يك ره إال لغ رض
( ،)1بأن يكون المسجد طريقه إلى مقصده ،أو أقرب الط ريقين إلي ه ،وفي
وجه :إنما يجوز العبور إذا لم يكن طريق سواه ،وليس بشئ .ويحرم ال تردد
في جوانبه ،فإنه كالمكث .ويج وز المكث للض رورة ،ب أن ن ام في المس جد،
فاحتلم ولم يمكن الخروج ،الغالق الباب ،أو خوف العس س ،أو غ يره على
النفس ،أو الم ال .ويجب أن ي تيمم إن وجد غ ير ت راب المس جد ،وال ي تيمم
بترابه ( .)2قلت :يجوز لغير الجنب ( )3والح ائض الن وم في المس جد (،)4
نص عليه الش افعي في (االم) واالص حاب رحمهم هللا .ولو احتلم في مس جد
له بابان ،أحدهما أقرب ،فاالولى أن يخرج منه ،فإن عدل إلى آخر لغرض،
لم يكره ،وإن لم يكن غرض ،لم يكره على االص ح .وهللا أعلم .ف رع :فضل
م اء الجنب والح ائض طه ور ال كراهة في اس تعماله .ويج وز للجنب أن
يجامع ،وأن ينام ،ويأك ل ،ويش رب ،لكن يسن أن ال يفعل ش يئا من ذلك إال
بعد غسل فرجه والوضوء .قلت :قال أصحابنا :ال يستحب ه ذا الوض وء ،و
(ك ذا) غسل الف رض للح ائض والنفس اء ،النه ال يفي د ،ف إذا انقطع دمه ا،
ص ارت ك الجنب .وهللا أعلم .فصل في كيفية الغس ل :أقله ش يئان :أح دهما:
الني ة ،وهي واجب ة ،وتق دم ذكر فروعها في ص فة الوض وء .وال يج وز أن
يتأخر عن أول الغسل المفروض ،فإن اقترنت به ،كفى ،وال ثواب له في
] [ 199
السنن المتقدمة .وإن تقدمت على المفروض وعزبت قبله ،فوجهان ،كما في
الوضوء ،ثم إن نوى رفع الجنابة ،أو رفع الحدث عن جميع البدن ،أو نوت
الحائض رفع ح دث الحيض ،صح الغسل ( .)1وإن ن وى رفع الح دث ،ولم
يتعرض للجنابة وال غيره ا ،صح غس له على االصح ( ،)2ولو ن وى رفع
الحدث االصغر متعمدا ،لم يصح غسله على االصح ،وإن غلط ،فظن حدثه
االصغر ،لم ترتفع الجنابة عن غير أعضاء الوضوء .وفي أعضاء الوضوء
وجهان ،أحدهما :ال يرتفع ،وأصحهما :يرتفع عن الوجه واليدين وال رجلين،
دون ال رأس على االص ح ،ولو ن وى اس تباحة ما يتوقف عن الغس ل،
كالصالة ،والط واف ،وق راءة الق رآن ،أج زأه .ولو ن وت الح ائض اس تباحة
الوطئ ،صح على االصح .وإن نوى ما ال يستحب له الغسل ،لم يصح .وإن
نوى ما يستحب له ،كالعبور في المسجد ،واالذان ،وغسل الجمع ة ،والعي د،
لم يجزه على االصح ،كما سبق في الوض وء .ولو ن وى الغسل المف روض،
أو فريضة الغسل ،أجزأه قطعا .الثاني :اس تيعاب جميع الب دن بالغس ل ،ومن
ذلك ما ظهر من صماخي االذنين ،والشقوق في البدن ،وك ذا ما تحت القلفة
( )3من االقل ف ،وما ظهر من أنف المج دوع على االصح فيهم ا ،وك ذا ما
يبدو ،من الثيب إذا قعدت لقضاء الحاجة ،على أصح االوجه ،وعلى الثاني:
ال يجب غسل ما وراء ملتقى الش فرين ،وعلى الث الث :يجب في غسل
الحيض والنفاس خاصة ،الزالة دمهما ،وال يجب ما وراء ما ذكرناه قطع ا،
وال المضمضة ،واالستنشاق .ويجب إيصال الماء ( )4جميع الشعور ال تي (
)5على البشرة ،وإلى منابتها ،وإن كثفت ،وال يجب غسل شعر نبت في
] [ 200
العين ،ويسامح ببطن العقد التي على الش عرات على االص ح ،وعلى وج ه،
يجب قطعها [ .قلت :هذا الذي صححه ،هو الذي ص ححه ص احب (البح ر)
والصحيح :أنه ال يعفى عنه ،النه يمكن قطعها بال خالف ،وهو ظ اهر نص
الش افعي والجمه ور ،وقد أوض حته في ش رح (المه ذب) .وهللا أعلم ] (.)1
ويجب نقض الظف ائر إن لم يصل الم اء إلى باطنها إال ب النقض ،وال يجب
إن وص ل .أما أكمل الغسل فيحصل ب أمور .االول :أن يغسل ما على بدنه
من أذى أوال ،كالمني ونحوه من القذر الط اهر ،وك ذا النجس .وتق ديم إزالة
النجاسة شرط لصحة الغسل .فلو غسل غس لة واح دة بنية الح دث والنجس،
.طهر عن النجس .وال يطهر عن الحدث على المذهب ()2
] [ 201
قلت :االصح أنه يطهر عن الح دث أيض ا ،وقد تق دم .وهللا أعلم .وإذا قلن ا:
الغس لة الواح دة تكفي عن الح دث والنجس ،ك ان تق ديم إزالة النجاسة من
الكمال .وإن قلنا :ال يكفي ،لم تكن االزالة من الكم ال ،وال من االرك ان ،بل
تكون شرطا ،خالفا لكثير من أصحابنا ،حيث ق الوا :واجب ات الغسل ثالث ة:
غسل النجاسة إن كانت ،والنية ،واالستيعاب .الثاني :أن يتوض أ ،كما يتوضأ
للص الة .وتحصل س نة الوض وء س واء أخر غسل الق دمين إلى الف راغ ،أو
فعله بعد مسح الرأس واالذن .وأيهما أفضل ،قوالن .المشهور أنه ال ي ؤخر.
ثم إن تجردت الجنابة عن الحدث ،فالوضوء مندوب .وإن اجتمعا ،فقد قدمنا
في آخر ب اب ص فة الوض وء الخالف في اندراجه في الغس ل ،ف إن قلنا
بالمذهب :أنه يندرج ،فالوضوء من دوب ،ويعد من س نن الغس ل .وإن أوجبنا
الوض وء ،امتنع ع ده من س نن الغس ل ،فإنه ال ص ائر إلى أن ( )1ي أتي
بوضوءين ،بل يقتصر على وضوء .ف إن ش اء قدمه على الغس ل ،وإن ش اء
أخ ره .وعلى ه ذا ال بد من إف راد الوض وء بالني ة .وإذا قلنا باالن دراج ،ال
يحتاج إلى إفراده بنية .قلت :المختار أنه إن تجردت الجنابة ،ن وى بوض وئه
سنة الغسل ،وإن اجتمعا ،نوى به رفع الحدث االصغر .وهللا أعلم .واعلم أنه
يتص ور تج رد الجنابة في ص ور .منها أن ي ولج في بهيمة أو دبر رج ل.
ومنها أن يلف على ذكره خرقة ويولج ه ،وإذا قلن ا :إنه يجب الغس ل .ومنها
إذا أن زل المتوضئ الم ني بنظ ر ،أو فك ر ،أو في الن وم قاع دا .وأما جم اع
المرأة بال حائل ،فيقع به الحدثان على الصحيح ،وقيل :تقتضي الجنابة فقط،
.ويكون اللمس مغمورا
] [ 202
الثالث :أن تتعهد مواضع االنعطاف ،وااللتواء ،كاالذنين ،وغض ون البطن،
ومنابت الشعر .ويخلل أصول الشعر بالماء قبل إفاضته .الرابع :يفيض الماء
على رأسه ،ثم على شقه االيمن ،ثم االيسر ،ويكون غسل جميع البدن ثالثا،
كالوضوء ،فإن اغتسل في نهر ونحوه ،انغمس ثالث مرات ،وي دلك في كل
م رة ما يصل ي ده .وال يس تحب تجديد الغسل على الص حيح .الخ امس :إذا
اغتسلت عن حيض ،أو نفاس ،يسن لها أن تأخذ طيبا وتجعله في قطن ة ،أو
نحوها ،وتدخلها فرجها ( ،)1والمسك أولى من غ يره .ف إن لم تج ده ،فطيبا
آخر ،ف إن لم تج د ،فطين ا ،ف إن لم تفع ل ،فالم اء ك اف ( .)2الس ادس :م اء
الوضوء والغسل غير مقدر ،ويستحب أن ال ينقص م اء الوض وء عن م د،
وماء الغسل عن صاع تقريبا .قلت :االصح المد هن ا :رطل وثلث بالبغ دادي
على الم ذهب .وقي ل :رطالن .والص اع أربعة أم داد .وهللا أعلم .الس ابع:
يس تحب أن يستص حب النية إلى آخر الغس ل ،وأن ال يغتسل في الم اء
الراكد ،وأن يقول بعد الف راغ( :أش هد أن ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) وقد تقدم في باب صفة الوضوء سنن كثيرة
ت دخل هن ا .قلت :ال يج وز الغسل بحض رة الن اس إال مس تور الع ورة (.)3
ويجوز في الخلوة
] [ 203
مكش وفها ،والس تر أفض ل .ولو ت رك المغتسل المضمضة واالستنش اق ،أو
الوض وء ،ق ال الش افعي واالص حاب رحمهم هللا :فقد أس اء ،ويس تحب أن
يتدارك ذل ك ،وال يجب ت رتيب في أعض اء المغتس ل ،لكن يس تحب الب داءة
بأعضاء الوضوء ثم بالرأس وأعالي البدن .ولو أحدث في أثناء غسله ،ج از
أن يتمه ،وال يمنع الحدث صحته ،لكن ال يصلي ح تى يتوضأ ( .)1ويج وز
الغسل من إنزال المني قبل البول ،واالفضل بعده لئال يخرج بعده م ني .وال
يجب غسل داخل العين ،وحكم اس تحبابه على ما س بق في الوض وء .ولو
غسل بدنه إال ش عرة أو ش عرات ثم نتفه ا ،ق ال الم اوردي :إن ك ان الم اء
وصل أصلها ،أجزأه ،وإال لزمه إيصاله إليه .وفي فتاوى ابن الصباغ :يجب
غسل ما ظه ر ،وهو االص ح .وفي (البي ان) وجه ان ( .)2أح دهما :يجب.
والث اني :ال لف وات ما يجب غس له ،كمن توضأ وت رك رجله فقطعت .وهللا
.أعلم
] [ 205
كت اب ال تيمم ( )1وفيه ثالثة أب واب .االول :فيما يبيح ه .وإنما يب اح ب العجز
عن استعمال الماء بتعذره ،أو بعسره ،لخوف ضرر ظاهر .وأس باب العجز
سبعة .أحدها :فقد الماء .وللمس افر فيه أربعة أح وال .أح دها :أن ي تيقن ع دم
الماء حوله ،كبعض رمال البوادي ،في تيمم وال يحت اج إلى طلب الم اء على
االصح ( .)2الثاني :أن يجوز وجوده تجويزا بعي دا ،أو قريب ا ،فيجب تق ديم
الطلب قطع ا .ويش ترط في الطلب أن يك ون بعد دخ ول وقت الص الة (.)3
،وله أن يطلب بنفسه
] [ 206
ويكفيه طلب من أذن له على الصحيح ( ،)1وال يكفيه طلب من لم يأذن له
قطعا ( .)2والطلب :أن يفتش رحل ه ،ف إذا لم يج د ،نظر يمين ا ،وش ماال،
وق داما ،وخلف ا ،إن اس توى موض عه ،ويخص مواضع الخض رة ،واجتم اع
الطير بمزيد احتياط .وإن لم يستو الموضع ،نظر ،إن خ اف على نفس ه ،أو
ماله ،لو ت ردد ،لم يجب ال تردد ،وإن لم يخ ف ،وجب ال تردد إلى حد يلحقه
غوث الرفاق مع ما هم عليه من التش اغل بش غلهم ،والتف اوض في أق والهم.
ويختلف ذلك باس تواء االرض واختالفها ص عودا وهبوط ا ،ف إن ك ان معه
رفق ة ،وجب س ؤالهم إلى أن يس توعبهم ،أو يض يق ال وقت فال يبقى إال ما
يسع تلك الص الة في االص ح .وفي وج ه :إلى أن يبقى ما يسع ركع ة .وفي
وج ه :يس توعبهم وإن خ رج ال وقت ( .)3قلت :ق ال أص حابنا :وال يجب أن
يطلب من كل واحد من الرفقة بعين ه ،بل ين ادي فيهم :من معه م اء ؟ من
يجود بالماء ؟ ونحوه .ح تى ق ال البغ وي وغ يره :لو قلت الرفق ة ،لم يطلب
من كل واحد بعين ه ،ولو بعث الن ازلون ثقة يطلب لهم ،كف اهم كلهم .وهللا
أعلم .ومتى عرف معهم م اء ،وجب اس تيهابه على االص ح .ه ذا كله إذا لم
يسبق منه تيمم وطلب .فإن سبق ،نظر ،إن جرى أمر يحتمل بسببه حص ول
ماء ،بأن انتقل من موضعه ،أو طلع ركب ،أو سحابة ،وجب الطلب أيض ا.
لكن كل موضع تيقن ب الطلب االول ( )4أن ال م اء في ه ،ولم يحتمل حدوثه
فيه ،لم يجب الطلب منه على
] [ 207
المذهب .وإن لم يجر االمر الم ذكور ،نظ ر ،ف إن ك ان تيقن ع دم الم اء ،لم
يجب على االصح ،وإن كان ظن ه ،وجب على االص ح ،لكنه أخف طلبا من
االول .وسواء في هذا كله تخلل بين التيممين زمن طويل ،أو قص ير ،أو لم
يتخل ل .الحالة الثالث ة :أن ي تيقن وج ود الم اء حوالي ه .وله ثالث م راتب.
االولى :أن يك ون على مس افة ينتشر إليها الن ازلون للحطب والحش يش
والرعي ،فيجب السعي إليه ( ،)1وال يجوز ال تيمم .وه ذا ف وق حد الغ وث
الذي يقصده عند التوهم .قال محمد بن يحيى :لعله يقرب من نصف فرس خ.
المرتبة الثاني ة :أن يك ون بعي دا ،بحيث لو س عى إليه فاته ف رض ال وقت،
في تيمم على الم ذهب ،بخالف ما لو ( )2ك ان واج دا للم اء ،وخ اف ف وت
ال وقت لو توض أ ،فإنه ال يج وز ال تيمم على الم ذهب .وفي (الته ذيب) وجه
شاذ :أنه يتيمم ويصلي في الوقت ،ثم يتوضأ ويعي د ،وليس بش ئ .ثم االش به
بكالم االئمة ،أن االعتبار في هذه المس افة من أول وقت الص الة الحاض رة
لو ك ان ن ازال في ذلك الموض ع .وال ب أس ب اختالف الم واقيت في الط ول
والقص ر ،وال ب اختالف المس افة في الس هولة والص عوبة .ف إن ك ان ال تيمم
لفائتة أو نافل ة ،اعت بر ب وقت الفريضة الحاض رة ،وعلى ه ذا لو انتهى إلى
المنزل في آخر الوقت ،والماء في حد القرب ،وجب قص ده والوض وء وإن
فات الوقت ،كما لو كان الماء في رحله ،فإنه يتوضأ وإن فات الوقت .قلت:
هذ ال ذي ذك ره االم ام ال رافعي ،ونقله عن مقتضى كالم االص حاب ،من
اعتبار أول ال وقت ،ليس كما قال ه ،بل الظ اهر من عب اراتهم ،أن االعتب ار
ب وقت الطلب .ه ذا هو المفه وم من [ عب اراتهم في ] ( )3كتبهم المش هورة
والمهجورة ،وهو
] [ 208
ظ اهر نص الش افعي رحمه هللا في (االم) وغ يره ،ف إن عبارته وعب ارتهم:
وإن دل على م اء ،ولم يخف ف وت ال وقت ،وال ض ررا ،لزمه طلب ه .ه ذا
نصه ونص هم ،وهو ص ريح ،أو كالص ريح فيما قلت ه ،وقد تتبعت ذلك
وأتقنت ه .وهللا أعلم .المرتبة الثالث ة :أن يك ون بين المرتب تين ،فيزيد على ما
ينتشر إليه النازلون ،ويقصر عن خروج الوقت .فهل يجب قصده ،أم يج وز
التيمم ؟ نص الشافعي رحمه هللا ،أنه إن ك ان على يمين الم نزل أو يس اره،
وجب .وإن كان صوب مقصده ،لم يجب ،فقيل بظاهر النصين ،وقيل :فيهما
قوالن .والمذهب ج واز ال تيمم وإن علم وص وله إلى الم اء في آخر ال وقت.
وإذا ج از ذلك للس ائر إلى جهة الم اء ،فالن ازل ال ذي عن يمينه أو يس اره
أولى .والسائر وهو على يمينه أو يساره أولى ،ه ذا في المس افر .أما المقيم،
فال يجوز له التيمم وإن خاف فوت الوقت لو سعى إلى الم اء ،النه ال بد له
من القضاء .ثم إذا قلنا في المسافر بالمذهب :وهو جواز ال تيمم مطلق ا ،ف إن
تيقن وج ود الم اء آخر ال وقت ،فاالفضل ت أخير الص الة ليؤديها بالوض وء.
وفي (التتمة) وجه شاذ :أن تقديمها بالتيمم أفضل ،لفض يلة أول ال وقت .وإن
لم ي تيقن الم اء ،ولكن رج ا ،فق والن .أظهرهم ا :التق ديم أفض ل .وموضع
الق ولين إذا اقتصر على ص الة واح دة .أما إذا ص لى ب التيمم أول ال وقت،
وبالوضوء مرة أخرى آخره ،فهو النهاية في إحراز الفض يلة ( .)1وإن ظن
عدم الماء ،أو تساوى احتمال وج وده وعدم ه ،فالتق ديم أفضل قطع ا .وربما
وقع في كالم بعضهم نقل القولين ،فيما إذا لم يظن الوجود .وال وث وق به ذا
النقل .قلت :قد صرح الش يخ أبو حام د ،وص احب (الح اوي) و (المح املي)
وآخ رون بجري ان الق ولين فيما إذا تس اوى االحتم ال .وهللا أعلم .أما تعجيل
المتوضئ وغيره الصالة في أول الوقت منفردا ،وتأخيرها النتظار
] [ 209
الجماع ة ،ففيه ثالثة ط رق .قي ل :التق ديم أفض ل ،وقي ل :الت أخير ،وقي ل:
وجه ان .قلت :قطع معظم العراق يين ،ب أن الت أخير للجماعة أفض ل .ومعظم
الخراسانيين ،بأن التقديم منفردا أفضل .وقال جماعة :هو ك التيمم .ف إن تيقن
الجماعة آخر الوقت ،فالتأخير أفضل .وإن ظن عدمها ،فالتقديم أفض ل .وإن
رجاها ،فقوالن .وينبغي أن يتوسط فيقال :إن فحش التأخير ،فالتقديم أفض ل.
وإن خ ف ،فالت أخير أفض ل .وموضع الخالف ،إذا اقتصر على ص الة .فأما
إذا صلى أول الوقت منفردا ،وآخره مع الجماع ة ،فهو النهاية في الفض يلة،
وقد جاء به الحديث ،في صحيح مسلم) ( )1وغ يره .ق ال ص احب (البي ان):
ق ال أص حابنا :والق والن في ال تيمم ،يجري ان في م ريض عجز عن القي ام،
ورج اه آخر ال وقت ،أو رجا العري ان الس ترة آخ ره ،هل االفضل تق ديم
الص الة على حالهم ا ،أم الت أخير ؟ ق ال :وال ي ترك ال ترخص بالقصر في
السفر .وإن علم إقامته آخر الوقت بال خالف .قال :ق ال ص احب (الف روع):
إن خاف ف وت الجماع ة ،لو أكمل الوض وء ،فإدراكها أولى من االنحب اس،
الكماله .وفي هذا نظر .وهللا أعلم .الحالة الرابع ة :أن يك ون الم اء حاض را،
بأن يزدحم مسافرون على بئر ال يمكن أن يس تقي منها إال واحد بعد واح د،
لضيق الموقف ،أو اتحاد اآللة ،فإن توقع حصول نوبته قبل خروج ال وقت،
لم يجز التيمم .وإن علم أنها ال تحصل إال بعد الوقت ،فنص الش افعي رحمه
هللا ،أنه يجب الصبر ليتوضأ .ونص في ع راة معهم ث وب واحد يتناوبون ه،
أنه يصبر ليستر عورته ،ويص لي بعد ال وقت .ونص في جماعة في موضع
ضيق ال يمكن أن يصلي فيه قائما إال واحد ،أنه يصلي في الوقت
] [ 210
قاعدا ،إذا علم أن نوبته ال تحصل إال بعد الوقت .وهذا يخ الف النص ين في
المسألتين السابقتين ،فاالصح ما قاله أبو زيد وغ يره :أن في الجميع ق ولين.
أحدهما :يصلي في الوقت بالتيمم ،وعاريا ،وقاعدا ،لحرمة ال وقت .والث اني:
يصبر ،للقدرة .والطريق الث اني :تقرير النص ين ،فيص بر للوض وء واللبس،
دون القيام ،لسهولة أمره .وقال كثيرون :ال نص في مسألة الب ئر ،ونص في
االخريين على ما سبق ،وألحق وا الوض وء بالقي ام لحص ول ب دلهما .فق الوا:
يتيمم في الوقت ويص لي .وأج رى إم ام الح رمين ،والغ زالي ،ه ذا الخالف
فيما إذا الح للمسافر الماء ،وال عائق دون ه ،ولكن ض اق ال وقت ،وعلم أنه
لو اشتغل به ،فاته ال وقت .وه ذا يقتضي إثب ات الخالف في المرتبة الثاني ة،
من الحالة الثالثة ،وقد أشرنا إليه هناك .قلت :االصح من الط ريقين ،إج راء
القولين في الجميع .وأظهرهما :يصلي في الوقت ب التيمم ،وعاري ا ،وقاع دا،
وال إع ادة على الم ذهب .وفي (الته ذيب) في وج وب االع ادة ،ق والن .وهللا
أعلم .ف رع ( :)1إذا وجد الجنب ،أو المح دث ،ما ال يكفيه لطهارت ه ،وجب
استعماله على االظهر ،ثم يجب التيمم بعده للب اقي ،فيغسل المح دث وجه ه،
ثم يديه على ال ترتيب ،ويغسل الجنب من جس ده ما ش اء .واالولى :أعض اء
الوض وء .ف إن ك ان مح دثا جنب ا ،ووجد ما يكفي الوض وء وح ده ،ف إن قلنا
بالمذهب :أنه يدخل االصغر في االكبر ،فهو ك الجنب المحض .وإن قلن ا :ال
يدخل ،توضأ به عن االصغر ،وتيمم عن الجنابة ،يق دم أيهما ش اء .ه ذا كله
إذا صلح الموجود للغس ل ،ف إن لم يجد المح دث إال ثلج ا ،أو ب ردا ال يق در
على إذابته ،لم يجب استعماله على المذهب .وقيل :فيه القوالن .فإن أوجبن ا،
تيمم عن الوجه والي دين ،ثم مسح به ال رأس ،ثم تيمم لل رجلين .ه ذا كله إذا
وجد ترابا .فإن لم يج ده ،وجب اس تعمال الن اقص على الم ذهب .وقي ل :فيه
الق والن .قلت :ولو لم يجد إال ترابا ال يكفيه للوجه والي دين ،وجب اس تعماله
على
] [ 211
المذهب .وقيل :فيه القوالن .ولو لم يجد م اء ،ووجد ما يش تري به بعض ما
يكفيه من الم اء ،ففي وجوبه الق والن .ف إن لم يجد م اء ،وال تراب ا ،ففي
وجوب ش راء بعض ما يكفي من الم اء ،الطريق ان .ولو تيمم ،ثم رأى ما ال
يكفيه ،فإن احتمل عنده أنه يكفيه ،بطل تيممه ،وإن علم بمج رد رؤيت ه ،أنه
ال يكفيه ،فعلى القولين في استعماله .إن أوجبن اه ،بط ل .وإال ،فال .ولو ك ان
عليه نجاسات ،ووجد ما يغسل بعضها ،وجب على المذهب ،ولو كان جنبا،
أو مح دثا ،أو حائض ا ،وعلى بدنه نجاس ة ،ووجد ما يكفي أح دهما ،تعين
للنجاس ة ،فيغس لها ثم ي تيمم .فلو تيمم ثم غس لها ،ج از على االصح (،)1
وبقيت لهذه المس ألة ف روع ،استقص يتها في ش رحي (المه ذب) و (التنبي ه).
وهللا أعلم .فصل ( :)2إذا ك ان معه م اء يص لح لطهارت ه ،فأتلفه بإراق ة ،أو
ش رب ،أو تنجيس ،تيمم قطع ا .ثم إن ك ان االتالف قبل ال وقت مطلق ا ،أو
بعده لغرض ،كش رب للحاج ة ،أو غسل ث وب للنظاف ة ،أو ت برد ،أو اش تبه
االناآن واجتهد ،ولم يظهر له ش ئ ،فأراقهم ا ،أو صب أح دهما في اآلخ ر،
فال إعادة عليه .وإن ك ان بعد ال وقت لغ ير غ رض ،فال إع ادة أيض ا ،على
االصح ،لفقده .وقيل :يجب لعصيانه قطع ا .ولو اجت از بم اء في ال وقت ،فلم
يتوض أ ،فلما بعد من ه ،ص لى ب التيمم ،لم يعد على الم ذهب .وقي ل :فيه
الوجه ان .وهو ش اذ .ولو وهب الم اء في ال وقت ،أو باعه من غ ير حاجة
للمتهب والمشتري ،كعطش ونحوه ،وال حاجة للب ائع إلى ثمن ه ،ففي ص حة
البيع والهبة ،وجهان .االص ح :ال يص حان .ف إن ص ح ،فحكمه في القض اء،
حكم االراق ة .وإن لم يص ح ،لم يصح تيمم ه ،ما دام الم اء في يد المبت اع
والموه وب ل ه ،وعليه االس ترداد .ف إن لم يق در وتيمم ،وجب القض اء .وإن
أتلف في يده ،فهو كاالراقة .ثم في المقضي في الصور ،ثالثة
] [ 212
أوجه .االصح :تقضى الص الة ال تي ف وت الم اء في وقته ا .والث اني :تقضى
أغلب ما يؤديه بوضوء واح د .والث الث :تقضى كل ص الة ص الها ب التيمم.
قلت :وإذا وجب القضاء ،ال يصح في الوقت بالتيمم ،بل ي ؤخره إلى وج ود
الماء ،أو حالة يسقط الفرض فيها بالتيمم .ق ال أص حابنا :وإذا قلن ا :ال يصح
هبة هذا الماء ،وتلف في يد الموهوب ل ه ،فال ض مان عليه على الم ذهب (
.)1وهللا أعلم .السبب الثاني :الخوف على نفسه ،أو ماله ،فإذا كان بقربه ما
يخ اف من قص ده على نفس ه ،أو عض وه ،من س بع ،أو ع دو .أو على ماله
الذي معه ،أو المخلف في رحله ،من غاصب ،أو سارق .أو كان في سفينة،
وخاف لو استقى من البحر ،فله ال تيمم .ولو خ اف من قص ده االنقط اع عن
رفقته ،تيمم إن كان عليه منه ضرر ،وك ذا إن لم يكن ض رر على االص ح.
ولو وهب الم اء لخادم ه ،وجب قبوله على الص حيح .ولو أع ير ال دلو
والرشاء ،وجب قبوله قطعا .وقيل :إن زادت قيمة المستعار على ثمن الماء،
لم يجب قبوله .ولو أق رض الم اء ،وجب قبوله على الص حيح .ولو وهب له
أجنبي ثمن الم اء ،أو آلة االس تقاء ،لم يجب قبول ه .وك ذا لو وهبه االب ،أو
االبن ،على الص حيح .ولو أق رض ثمن الم اء وهو معس ر ،لم يجب قبول ه.
وكذا إن كان موسرا بم ال غ ائب على االص ح .ولو بيع الم اء بنس يئة وهو
معس ر ،لم يجب قبول ه .وإن ك ان موس را ،وجب على الص حيح .قلت:
وص ورة المس ألة ،أن يك ون االجل ممت دا إلى أن يصل إلى بلد مال ه .وهللا
أعلم .ولو وجد ثمن الم اء ،واحت اج إليه ل دين مس تغرق ،أو نفقة حي وان
محترم مع ه ،أو لمؤنة من م ؤن س فره ،في ذهابه وإياب ه ،لم يجب ش راؤه.
وإن فضل عن هذا
] [ 213
كله ،وجب الشراء إن بيع بثمن المثل ،ويصرف إليه أي نوع ك ان معه من
الم ال .وإن بيع بزي ادة ،لم يجب الش راء وإن قلت الزي ادة .وقي ل :إن ك انت
مما يتغ ابن بمثله ا ،وجب ،وهو ض عيف .ولو ( )1بيع نس يئة ،وزيد بس بب
االجل ما يليق ب ه ،فهو ثمن مثله على الص حيح .وفي ض بط ثمن المثل
أوجه .االصح :أنه ثمنه في ذلك الموضع وتلك الحالة .والثاني :ثمن مثله في
ذلك الموض ع ،في غ الب االوق ات .والث الث :أنه ق در أج رة نقله إلى ذلك
الموض ع ،وهو ض عيف .ولم يتق دم الغ زالي أحد باختي اره إي اه .ولو بيع آلة
االس تقاء ،أو أجرها بثمن المثل وأجرت ه ،وجب القب ول .ف إن زاد ،لم يجب.
كذا قاله االصحاب .ولو قيل :يجب التحصيل ما لم يج اوز الزي ادة ثمن مثل
الماء ،لك ان حس نا .ولو لم يجد إال ثوبا وق در على ش ده في ال دلو ليس تقي،
لزمه ذل ك .فلو لم يكن دلو وأمكن إدالؤه في الب ئر ليبت ل ،ويعصر ما
يوضئه ،لزمه ،فلو لم يصل الم اء وأمكن ش قه ،وشد بعضه ببعض ،لزم ه.
هذا كله إذا لم يحصل في الثوب نقص يزيد على أكثر االمرين :ثمن الم اء،
وأجرة الحبل .السبب الثالث :الحاجة إلى الم اء ،لعطش ونح وه .فيه مس ائل.
أحدها :إذا وجد ماء واحتاج إليه لعطشه ،أو عطش رفيقه ،أو حيوان محترم
في الح ال ،أو في الم آل بع وض ،أو بغ يره ،ج از ال تيمم ( .)2وذكر إم ام
الح رمين ،والغ زالي :ت رددا في ال تزود لعطش رفيق ه .والم ذهب :القطع
بجوازه .وضبط الحاجة يقاس بما س يأتي في (الم رض الم بيح) إن ش اء هللا
تع الى .وللعطش ان أن يأخ ذه من ص احبه قه را ( ،)3إذا لم يبذل ه .وغ ير
المح ترم من الحي وان ،هو الح ربي ،والمرت د ،والخ نزير ،والكلب العق ور،
وسائر الفواسق الخمس ،وما في معناها .وال يكلف أن يتوضأ بالماء ،ثم
] [ 214
يجمعه ويشربه على الم ذهب .ق ال أبو علي الزج اجي ( - )1بضم ال زاي -
والماوردي وآخرون :من كان معه م اءان :ط اهر ،ونجس ،وعطش ،توضأ
بالطاهر ،وشرب النجس .قلت :ذكر الشاشي كالم الماوردي هذا ،ثم أنك ره،
واختار :أنه يشرب الطاهر وي تيمم ،وه ذا هو الص حيح ،وه ذا الخالف فيما
بعد دخول الوقت ،أما قبله ،فيشرب الطاهر بال خالف .صرح به الماوردي
وغيره .قال المتولي :ولو كان يرجو وجود الم اء في غ ده وال يتحقق ه ،فهل
له التزود ( )2؟ وجه ان .االص ح :ج وازه .وهللا أعلم .المس ألة الثاني ة :ق ال
الشافعي رحمه هللا :إذا مات رجل له م اء ورفقته عط اش ،ش ربوه ويمم وه
وأدوا ثمنه في ميراثه .وصورة المسألة :أنهم رجعوا إلى البلد ،وأراد بالثمن
القيم ة ،موضع االتالف ووقت ه .وقي ل :أراد مثل القيمة ( .)3الثالث ة :إذا
أوص ى ،أو وكل بص رف م اء إلى أولى الن اس ب ه ،فحضر ميت ،وجنب،
وح ائض ،ومن على بدنه نجاس ة ،ومح دث ،ف الميت وص احب النجاسة
أوالهم ،والميت أوالهما على االص ح .فلو ك ان على الميت أيضا نجاس ة،
فهو أولى قطع ا .وال يش ترط الس تحقاق الميت قب ول وارث ،كما لو تط وع
انس ان بكفن ه ،وفيه وجه ش اذ :أنه يش ترط .ولو م ات اثن ان ،أح دهما قبل
اآلخر ،وكان قبل موتهما ماء يكفي أحدهما ،فاالول أولى .فإن ماتا مع ا ،أو
وجد الم اء بعد موتهم ا ،فأفض لهما أولى ،ف إن اس تويا أق رع بينهم ا .أما إذا
.اجتمع الجنب والحائض ،فثالثة أوجه
] [ 215
االصح :الحائض أولى .والثاني :الجنب .والثالث :سواء .فعلى ه ذا ،إن طلب
أحدهما القسمة ،واآلخر القرعة ،فإن لم نوجب استعمال الناقص ،أقرع .وإن
أوجبناه ،أقرع على االصح .وعلى الثاني :يقسم .وإن اتفقا على القسمة ،جاز
إن أوجبنا استعمال الن اقص ،وإال فال .ولو اجتمع جنب ومح دث ،ف إن ك ان
الم اء يكفي للوض وء دون الغس ل ،فالمح دث أولى إن لم ن وجب اس تعمال
الن اقص ،وإن أوجبن اه ،فأوج ه .االص ح :المح دث أولى .والث اني :الجنب.
والث الث :س واء .وإن لم يكف واح دا منهم ا ،ف الجنب أولى إن أوجبنا
اس تعماله ،وإال فهو كالمع دوم .وإن كفى وفضل عن الوض وء شئ دون
الغس ل ،ف الجنب أولى إن لم ن وجب اس تعمال الن اقص ،وإن أوجبن اه .فعلى
االوجه الثالث ة .أص حها :الجنب أولى .ولو ( )1فضل عن كل واح د ،أو لم
يفضل عن واح د ،أو كفى الجنب دون المح دث ،ف الجنب أولى قطع ا .ولو
انتهى هؤالء المحت اجون إلى م اء مب اح ،واس تووا في إح رازه وإثب ات اليد
علي ه ،ملك وه بالس وية ،وال يج وز الحد أن يب ذل نص يبه لغ يره ،وإن ك ان
أحوج منه وإن كان ناقصا ،إال إذا قلنا :ال يجب اس تعمال الن اقص .ك ذا قاله
إمام الحرمين ،والغزالي .وقال أكثر االصحاب :إن المستحب تق ديم االح وج
فاالحوج كالوصية ،وال منافاة بين الكالمين .وأراد االصحاب :أن المس تحب
تق ديم االح وج ،وأنهم لو تن ازعوا ،ك ان كما قاله إم ام الح رمين .ويمكن أن
ين ازعهم في االس تحباب ويق ول :ال يج وز الع دول عن م اء يتمكن منه
.للطهارة ()2
] [ 216
السبب الرابع :العجز بسبب الجه ل ،ه ذا قد جعله الغ زالي س ببا .ولقائل أن
يقول :ليس هو سببا ،فإن الس بب هو ظن الع دم ،وذلك موج ود .وأما قض اء
الصالة ،ف أمر آخ ر .والالئق ذك ره في آخر س بب الفق د ،أو فيما يقضى من
الص لوات .قلت :بل له هنا وجه ظ اهر ،ف إن من جملة ص وره ،إذا أضل
راحلته أو ماءه ،فهذا من وجه كالواجد ،فيتوهم أنه ال يجوز له التيمم ،ومن
وجه عادم ،فلهذا ذكره الغزالي في (االس باب المبيح ة) لالق دام على ال تيمم.
وهللا أعلم .وفيه مس ائل :االولى :لو نسي الم اء في رحل ه ،أو علم موضع
نزوله بئرا ،فنسيها ،وصلى بالتيمم ،فطريقان .أحدهما :تجب االع ادة قطع ا.
وأصحهما :على القولين .الجديد المشهور وجوبها ،كنس يان عضو الطه ارة،
وس اتر الع ورة .ولو نسي ثمن الم اء ،فكنس يان الم اء .وقي ل :يحتمل غ يره.
الثانية :لو أدرج في رحله م اء لم يعلم ب ه ،ف تيمم وص لى ،ثم علم ،أو تيمم،
ثم علم بقربه ب ئرا لم يكن علمه ا ،فطريق ان .أح دهما :ال إع ادة .وأص حهما
على ق ولين .أظهرهم ا :ال إع ادة ( .)1الثالث ة :لو أضل الم اء في رحل ه،
وصلى بالتيمم ،إن لم يمعن في الطلب ،وجبت االعادة .وإن أمعن ح تى ظن
.العدم ،وجبت أيضا على االظهر .وقيل :االصح ()2
] [ 217
الرابعة :أضل رحله في الرحال ،إن لم يمعن في الطلب ،أع اد ،وإن أمعن،
فالمذهب أنه ال إعادة .وقيل :قوالن .وقي ل :وجه ان .وقي ل :إن وج ده قريب ا،
أع اد ،وإال ،فال .الس بب الخ امس :الم رض ،وهو ثالثة أقس ام .االول :ما
يخ اف معه من الوض وء ف وت ال روح ،أو ف وت عض و ،أو منفعة عض و،
فبيح التيمم .ولو خاف مرضا مخوف ا ،تيمم على الم ذهب .الث اني :أن يخ اف
زيادة العلة ،وهو ك ثرة ألم ،وإن لم ت زد الم دة ،أو يخ اف بطء ال برء ،وهو
طول مدة المرض .وإن لم يزد االلم ،أو يخ اف ش دة الض نا ،وهو الم رض
المدنف الذي يجعله زمنا ،أو يخاف حصول شين قبيح ،كالسواد على عضو
ظاهر ،كالوجه وغيره ،مما يبدو في حال المهن ة ،ففي الجميع ثالث ط رق.
أصحها :في المسألة قوالن .أظهرهما :جواز التيمم .والثاني :ال يجوز قطع ا.
والثالث :يجوز قطعا .الثالث :أن يخاف شيئا يس يرا ،ك أثر الج دري ،وس واد
قليل .أو شينا قبيحا على غير االعضاء الظاهرة ( ،)1أو يكون به مرض ال
يخاف من استعمال الماء معه محذورا في العاقبة .وإن كان يت ألم في الح ال
بجراحة ،أو برد ،أو ح ر ،فال يج وز ال تيمم لشئ من ه ذا بال خالف .ف رع
يجوز أن يعتمد في كون المرض مرخصا .على معرفة نفسه إن كان عارفا.
،ويجوز اعتماد طبيب حاذق ،بشرط االسالم ( ،)2والبلوغ ،والعدالة
] [ 218
ويعتمد العبد والمرأة .ولنا وجه شاذ :أنه يعتمد الصبي المراهق ،أو الفاس ق.
ووجه ش اذ :أنه ال بد من طبي بين .ف رع :إذا عمت العلة أعض اء الطه ارة،
اقتصر على ال تيمم .وإن ك انت في البعض ،غسل الص حيح .وفي العلي ل،
كالم مذكور في (الجريح) .قلت :وإذا لم يوجد طبيب بش رطه .ق ال أبو علي
السبخي :ال يتيمم ( .)1وال فرق في ه ذا الس بب ،بين الحاض ر ،والمس افر،
والحدث االصغر ،واالكبر ،وال إعادة فيه .وهللا أعلم .السبب الس ادس :إلق اء
الجبيرة .وهي تكون لكس ر ،أو انخالع .فت ارة ( )2يحت اج إلى الجب يرة على
الكسر أو االنخالع ،وت ارة ال يحت اج ،ويعت بر في الحاجة ما تق دم في
الم رض .فالحالة االولى :إذا احت اج ،ووضع الجب يرة ،فإما أن يق در على
نزعها عند الطهارة من غير ضرر من االم ور المتقدمة في الم رض ،وإما
أن ال يق در ،ف إن لم يق در ،لم يكلف ال نزع .وي راعي في طهارته أم ورا.
االول :غسل الص حيح .وهو واجب على الم ذهب .وقي ل :ق والن .فعلى
المذهب :يجب غسل ما يمكن حتى ما تحت أط راف الجب يرة من الص حيح،
بأن يضع خرقة مبلولة عليها ،ويعص رها لتغسل تلك المواضع بالمتق اطر (
.)3الث اني :مسح الجب يرة بالم اء ،وهو واجب على الص حيح المش هور.
وحكي قول ووجه :أنه ال يجب ،بل يكفي الغسل مع ال تيمم .فعلى الص حيح:
إن كان جنبا ،مسح م تى ش اء ،وإن ك ان مح دثا ،مسح إذا وصل إلى غسل
العضو الذي عليه الجب يرة .ويجب اس تيعاب الجب يرة بالمسح على االص ح،
كالوجه في التيمم .وعلى
] [ 219
الث اني :يكفي ما يقع عليه االس م :كمسح ال رأس ،والخ ف ،وال تتق در م دة
المسح على الصحيح .وعلى الثاني :تتق در ثالثة أي ام للمس افر ،وبي وم وليلة
للحاضر .والخالف فيما إذا ت أتى ال نزع بعد الم دة المق درة بال ض رر .ف إن
حصل ض رر ،لم يجب قطع ا .وإن ت أتى في كل طه ارة ،وجب ( )1قطع ا.
الث الث :ال تيمم في الوجه والي دين .ففيه طريق ان .أص حهما :على ق ولين.
أظهرهم ا :يجب .والث اني :ال .والطريق الث اني :إن ك ان ما تحت الجب يرة
عليال ،بحيث ال يجب غس له لو ظه ر ،لم يجب ال تيمم ،وإال وجب .وإذا
وجب ،فلو كانت الجبيرة على موضع التيمم ،لم يجب مسحها ب التراب على
االصح .ثم إن ك ان جنب ا ،فاالصح أنه مخ ير ،إن ش اء ق دم غسل الص حيح
على التيمم ،وإن شاء أخره ( .)2وعلى الثاني :يتعين تقديم الغسل .وإن ك ان
محدثا ،فثالثة أوجه .هذان الوجهان في الجنب .والثالث :وهو الصحيح (،)3
أنه ال ينتقل من عضو حتى يتم طهارته .فعلى ه ذا ،إن ك انت الجب يرة على
الوجه ،وجب تقديم التيمم على غسل اليدين .فإن شاء غسل ص حيح الوج ه،
ثم تيمم عن عليل ه ،وإن ش اء عكس .وإن ك انت على الي دين ،وجب تق ديم
التيمم على مسح الرأس ،وتأخيره عن غسل الوجه .ولو كان على عض وين
أو ثالثة جب ائر ،تع دد ال تيمم .ف إن ك انت على الوجه جب يرة ،وعلى اليد
جبيرة ،غسل صحيح ،الوج ه ،وتيمم عن عليل ه .ثم اليد ك ذلك .وعلى الوجه
االول والث اني ،يكفي تيمم واحد وإن تع ددت الجب ائر .قلت :ولو عمت
الجراحات أعضاءه االربعة .قال القاضي أبو الطيب واالصحاب :يكفيه تيمم
واحد عن الجمي ع ،النه س قط ال ترتيب لس قوط الغس ل .ق الوا :ولو عمت
ال رأس ،ولم تعم االعض اء الثالث ة ،وجب غسل ص حيح االعض اء ،وأربع
تيممات على ما ذكرن ا .ق ال ص احب (البح ر) :ف إذا تيمم في ه ذه الص ورة
أربع تيممات ،وصلى ،ثم حضرت فريضة أخرى ،أعاد التيممات االربع ة،
وال يلزمه غسل صحيح الوجه ،ويعيد ما بعده .وهذا الذي ذكره في الغس ل،
فيه خالف
] [ 220
سيأتي قريبا ،إن شاء هللا تعالى .قال ص احب (البي ان) :وإذا ك انت الجراحة
في يديه ،استحب أن تجعل كل يد كعضو ،فيغسل وجهه ،ثم صحيح اليمنى،
وتيمم عن جريحها ،ثم يطهر اليسرى غسال وتيمم ا ،وك ذا ال رجالن .وه ذا
حس ن ،الن تق ديم اليم نى س نة ،ف إذا اقتصر على تيمم ،فقد طهرهما دفع ة.
وهللا أعلم .ثم ما ذكرناه االمور الثالثة ،إنما يكفي بشرطين .أح دهما :أن الد
يأخذ تحت الجب يرة من الص حيح ،إال ما ال بد منه لالستمس اك .والث اني :أن
يض عها على طه ر .وفي وج ه :ال يش ترط الوضع على طه ر ،والص حيح
اشتراطه .فيجب النزع ،واستئناف الوضع على طهر إن أمكن ،وإال فيترك،
ويجب القض اء بعد ال برء على الم ذهب ،بخالف الوضع على طهر على
االظهر ،هذا كله إذا لم يق در على ن زع الجب يرة عند الطه ر ،ف إن ق در بال
ضرر ،وجب النزع ،وغسل الصحيح إن أمكن ،ومسحه بالتيمم إن ك ان في
موضع ال تيمم ولم يمكن غس له .الحالة الثاني ة :أن ال يحت اج إلى الجب يرة،
ويخاف من إيصال الم اء ،فيغسل الص حيح بق در االمك ان ،ويتلطف بوضع
خرقة مبلولة ،ويتحامل عليها ،ليغسل بالمتقاطر باقي الص حيح .ويلزمه ذلك
بنفس ه ،أو ب أجرة ،ك االقطع .وفي افتق اره إلى ال تيمم الخالف الس ابق في
الحالة االولى .وال يجب مسح موضع العلة بالم اء وإن ك ان ال يخ اف من ه.
كذا قاله االصحاب .وللشافعي رضي هللا عنه :نص سياقه يقتضي الوج وب.
وإذا أوجبنا التيمم ،والعلة في محل التيمم ،أمر ال تراب علي ه .وك ذا لو ك ان
للجراحة أفواه منفتحة ،وأمكن إمرار التراب عليه ا ،وجب .قلت :ه ذا ال ذي
ذكره الرافعي من ثبوت خالف في وج وب ال تيمم ،غل ط .ولم أره الحد من
أصحابنا ،فكأنه ( )1اشتبه عليه .فالص واب :الج زم بوج وب ال تيمم في ه ذه
الص ورة ،لئال يبقى موضع الكسر بال طه ارة .وهللا أعلم .الس بب الس ابع:
الجراح ة .اعلم أن الجراحة قد تحت اج إلى لص وق ،من خرق ة ،وقطن ة،
ونحوهما ،فيكون لها حكم الجبيرة في كل ما سبق .وقد ال
] [ 221
تحتاج ،فيجب غسل الصحيح ،والتيمم عن الج ريح .وال يجب مسح الج ريح
بالم اء ،وال يجب وضع اللص وق ،أو الجب يرة علي ه ،ليمسح عليها على
الص حيح .وق ول الجمه ور :وأوجبه الش يخ أبو محم د .ويق رب منه من هو
متطهر وأرهقه ح دث ،ومعه م اء يكفيه لما ع دا رجلي ه ،ومعه خ ف،
فالص حيح ال ذي عليه االص حاب ،أنه ال يلزمه لبس الخ ف .وفيه احتم ال
المام الحرمين .فرع :إذا غسل الصحيح ،وتيمم لمرض ،أو كسر ،أو جرح،
مع المسح على حائل ،أو دونه إذا لم يكن ،وصلى فريضة بطهارته ،فله أن
يصلي بها ما شاء من النواف ل ،وال بد من إع ادة ال تيمم للفريضة االخ رى.
وهل يجب إع ادة الوض وء إن ك ان مح دثا ،أو الغسل إن ك ان جنبا ؟ فيه
طريقان .أص حهما :ال يجب .والث اني :على ق ولين .ف إن قلنا باالص ح ،فليس
على الجنب غ ير ال تيمم إلى أن يح دث ،وفي المح دث وجه ان .أح دهما:
ك الجنب .وأص حهما :يجب أن يعيد مع ال تيمم كل عضو يجب ترتيبه على
العضو المجروح .قلت :بل االصح عند المحققين :أنه ك الجنب .ق ال البغ وي
وغ يره :وإذا ك ان جنب ا ،والجراحة في غ ير أعض اء الوض وء ،فغسل
الصحيح ،وتيمم للجريح ،ثم أحدث قبل أن يصلي فريض ة ،لزمه الوض وء،
وال يلزمه ال تيمم ،الن تيممه عن غ ير أعض اء الوض وء ،فال ي ؤثر فيه
الحدث .ولو صلى فريضة ،ثم أح دث ،توضأ للنافل ة ،وال ي تيمم .وك ذا حكم
الف رائض كله ا .وهللا أعلم .ولو تطهر العليل كما ذكرنا ف برأ ،وهو على
طهارته ،غسل موضع العذر ،جنبا ك ان أو مح دثا ،ويغسل المح دث ما بعد
العليل بال خالف .وفي اس تئنافهما الوض وء والغس ل ،الق والن في ن ازع
الخف .ولو تحقق ال برء بعد الطه ارة ،بطل تيمم ه ،ووجب غسل الموض ع.
وحكم االس تئناف ما ذكرن ا .ولو ت وهم االن دمال ،فرفع اللص وق ،ف رآه لم
يندمل ،لم يبطل تيممه على االصح ،بخالف ت وهم وج ود الم اء ،فإنه يبطل
التيمم ،الن توهم الماء يوجب طلبه .وتوهم االندمال ،ال يوجب البحث عن ه.
كذا قاله االصحاب .وتوقف إم ام الح رمين في ق ولهم :ال يجب البحث .وباهلل
التوفيق ()1
] [ 222
الباب الثاني في كيفية التيمم له س بعة أرك ان .ال ركن االول ( :)1ال تراب (
.)2وش رطه أن يك ون ط اهرا خالص ا ،غ ير مس تعمل .ف التراب متعين،
ويدخل فيه جميع أنواعه ،من االحمر ،واالسود ،واالصفر ،واالغبر ،وطين
ال دواة ( ،)3وطين االرم ني ال ذي يؤكل ت داويا وس فها .والبطح اء ،وهو
التراب الذي في مسيل الماء .والس بخ :ال ذي ال ينبت دون ال ذي يعل وه ملح.
ولو ض رب ي ده على ث وب ،أو ج دار ،ونحوهم ا ،وارتفع غب ار ،كفى.
وال تراب ال ذي أخرجته االرضة من م در ،يج وز ال تيمم ب ه ،ك التراب
المعج ون بالخل إذا ج ف ،يج وز ال تيمم ب ه ،وال يصح ال تيمم ب النورة،
والجص ،وال زرنيخ ،وس ائر المع ادن ،وال ذريرة ،واالحج ار المدقوق ة،
والقوارير المسحوقة ،وشبهها .وقيل :يجوز في وجه بجميع ذلك وهو غل ط،
ولو أحرق التراب حتى صار رم ادا ،أو س حق الخ زف ،فص ار ناعم ا ،لم
يجز ال تيمم ب ه .ولو ش وى الطين وس حقه ،ففي ال تيمم به وجه ان .وك ذا لو
أصاب ال تراب ن ار ،فاس ود ،ولم يح ترق ،فعلى ال وجهين .قلت :االصح في
االولى ،الجواز .والصحيح في االخ يرة ( )4القطع ب الجواز .وهللا أعلم .وأما
الرمل ،فالمذهب :أنه إن كان خشنا ال يرتفع منه غبار ،لم يكف ض رب اليد
عليه .وإن ارتفع ،كفى .وقيل :قوالن مطلقا ( .)5وأما كونه طاهرا ،فال بد
] [ 223
من ه ،فال يصح بنجس مطلق ا .ف إن ك ان على ظهر كلب ت راب ،ف إن علم
التصاقه برطوبة عليه ،من ماء ،أو عرق ،أو غيره ،لم يجز التيمم ب ه .وإن
علم انتف اء ذلك ج از ،وإن لم يعلم واحد منهم ا ،فعلى الق ولين في اجتم اع
االصل والظ اهر .قلت :ك ذا قاله جماعة من أص حابنا :فيما إذا لم يعلم ،أنه
على الق ولين ،وهو مش كل ،وينبغي أن يقطع بج واز ال تيمم به ( )1عمال
باالصل ،وليس هنا ظاهر يعارض ه .وهللا أعلم .وأما كونه خالص ا ،فيخ رج
منه المشوب بزعف ران ،ودقي ق ،ونحوهم ا .وإن ك ثر المخال ط ،لم يجز بال
خالف .وكذا إن قل على الصحيح .قال إم ام الح رمين :الكث ير :ما يظهر في
ال تراب .والقلي ل :ما ال يظه ر .ولم أر لغ يره فيه ض بطا .ولو اعت برت
االوصاف الثالثة كما في الماء ،لكان مسلكا ( .)2وأما كونه غير مس تعمل،
فال بد منه على الصحيح .والمستعمل :ما لصق بالعضو .وكذا ما تناثر عنه،
على االص ح .ال ركن الث اني :قصد ال تراب .فال بد من ه .فلو وقف في مهب
ريح ،فسفت عليه ترابا ،فأمر يده عليه بنية التيمم ،إن كان وقف بغ ير ني ة،
لم يجزئ ه .وإن قصد تحص يل ال تراب ،لم يجزئه أيض ا ،على االص ح ،أو
االظهر .ولو يممه غيره .إن كان بغير إذنه ،فكالوقوف في مهب الريح .وإن
كان بإذنه لعذر ،كقطع ،وغيره ،جاز .وإن كان بغير عذر ،ج از أيضا على
الصحيح .الركن الثالث :نقل التراب الممسوح به إلى العضو .فإن ك ان على
الوجه تراب ،فردده عليه ،لم يجزئه .وإن نقله منه إلى اليد ،أو من اليد إليه،
أو أخذه من الوجه ،ثم رده إلي ه ،أو س فت ال ريح ترابا على كم ه ،فمسح به
وجه ه ،أو أخذ ال تراب من اله واء ،بإث ارة ال ريح ،ج از في كل ذلك على
االصح .وإن نقله من عضو غير أعضاء التيمم إليه ا ،ج از بال خالف .وإن
.تمعك في التراب لعذر ،جاز .وكذا لغير عذر على االصح
] [ 224
الركن الرابع :النية .فال بد منها ،فإن نوى رفع الحدث ،أو ن وى الجنب رفع
الجنابة ،لم يصح تيممه على الصحيح .وإن نوى استباحة الصالة ،فله أربعة
أحوال .أحدها :أن ينوي استباحة الفرض والنفل معا ،فيستبيحهما ،وله التنفل
قبل الفريضة وبع دها ،في ال وقت وبع ده ،وفي وجه ض عيف :ال يتنفل بعد
الوقت إن كانت الفريضة معين ة .وال يش ترط تع يين الفريضة على االص ح.
فعلى هذا لو نوى الفرض مطلقا ،صلى أية فريضة ش اء .ولو ن وى معين ة،
فله أن يصلي غيرها .الحال الثاني :أن ينوي الفريض ة ،س واء ك انت إح دى
الخمس ،أو منذورة وال تخطر له النافلة ،فتباح الفريض ة .وك ذا النافلة قبلها
على االظهر ،وبعدها على المذهب في الوقت ،وكذا بعده على االص ح .ولو
تيمم لفائتتين ،أو منذورتين ،استباح إح داهما على االص ح .وعلى الث اني :ال
يس تبيح ش يئا .ولو تيمم لفائتة فلم يكن عليه ش ئ .أو لفائتة الظه ر ،فك انت
العصر ،لم تصح .قلت :ولو ( )1ظن عليه فائتة ،ولم يجزم به ا ،ف تيمم له ا،
ثم ذكرها ،قال المتولي والبغ وي والروي اني :ال يص ح .وص ححه الشاشي (
،)2وهو ضعيف .وهللا أعلم .الحال الثالث :أن ين وي النف ل ،فال يس تبيح به
الفرض على المشهور .وقيل :قطع ا .ف إن أبحن اه ،فالنفل أولى ،وإال اس تباح
النفل على الصحيح .ولو نوى مس المصحف ،أو سجود التالوة ،أو الش كر،
أو ن وى الجنب االعتك اف ،أو ق راءة الق رآن ،فهو كنية النف ل ،فال يس تبيح
الفرض على المذهب .ويستبيح ما نوى على الصحيح .وعلى اآلخر يس تبيح
الجميع .ولو تيمم لص الة الجن ازة ،فهو كنية النفل على االص ح .ولو تيممت
منقطعة الحيض الستباحة الوطئ ،صح على
] [ 225
االصح ،ويكون كالتيمم للنافلة .الحال الرابع :أن ين وي الص الة فحس ب ،فله
حكم التيمم للنفل على االص ح .وعلى الث اني :هو كمن ن وى النفل والف رض
معا .أما إذا نوى ف رض ال تيمم ،أو إقامة ال تيمم المف روض ،فال يصح على
االصح .قلت :ولو نوى ال تيمم وح ده ،لم يصح قطع ا .ذك ره الم اوردي .ولو
تيمم بنية اس تباحة الص الة ،ظانا أن حدثه أص غر ،فك ان أك بر ،أو عكس ه،
صح قطعا ،الن موجبهما واحد .ولو تعمد ذلك ،لم يصح في االص ح .ذك ره
المتولي ( .)1ولو أجنب في سفره ونسي ،وكان ي تيمم وقت ا ،ويتوضأ وقت ا،
أعاد صلوات الوض وء فق ط ،لما ذكرن ا .وهللا أعلم ( .)2واعلم أنه ال يج وز
أن تت أخر النية عن أول فعل مف روض في ال تيمم .وأول أفعاله المفروضة
نقل ال تراب .ولو قارنته وع زبت قبل مسح شئ من الوج ه ،لم يجزئه على
االصح .ولو تقدمت على أول فعل مفروض ،فهو كمثله في الوضوء .الركن
الخامس :مسح الوجه .ويجب استيعابه .وال يجب إيصال ال تراب إلى من ابت
الشعور التي يجب إيصال الماء إليها في الوضوء على المذهب ( .)3ويجب
إيص اله إلى ظ اهر ما استرسل من اللحية على االظه ر ،كما في الوض وء.
الركن السادس :مسح اليدين .ويجب استيعابهما إلى الم رفقين على الم ذهب.
وقيل :قوالن .أظهرهما هذا ،والقديم يمسحهما إلى الكوعين .واعلم أنه تكرر
لفظ الضربتين في االخبار ،فجرت طائفة من االصحاب على
] [ 226
الظاهر ،فقالوا :ال يجوز النقص من ضربتين ،ويج وز الزي ادة .واالصح ما
قاله آخرون :أن الواجب إيصال التراب ،سواء حصل بضربة أو أكثر ،لكن
يس تحب أن ال يزيد على ض ربتين ،وال ينقص .وقي ل :يس تحب ثالث
ض ربات .ض ربة للوج ه ،وض ربتان للي دين ،وهو ض عيف .قلت :االص ح:
وج وب الض ربتين .نص علي ه .وقطع به العراقي ون ،وجماعة من
الخراس انيين .وص ورة االقتص ار على ض ربة بخرقة ونحوه ا .وهللا أعلم.
وصورة الض رب ليست متعين ة .فلو وضع اليد على ت راب ن اعم وعلق بها
غب ار ،كفى .ويس تحب أن يب دأ ب أعلى الوج ه .وأما الي دان ،فيضع أص ابع
اليسرى سوى االبهام ،على ظه ور أص ابع اليم نى س وى االبه ام ،بحيث ال
تخ رج أنامل اليم نى عن مس بحة اليس رى ،ويمرها على ظهر كفه اليم نى،
ف إذا بلغت الك وع ،ضم أط راف أص ابعه إلى ح رف ال ذراع .ويمرها إلى
المرفق ،ثم ي دير كفه إلى بطن ال ذراع فيمرها عليه وإبهامه مرفوع ة ،ف إذا
بلغ الكوع ،مسح ببطن إبه ام اليس رى ظهر إبه ام اليم نى ،ثم يضع أص ابع
اليم نى على اليس رى فيمس حها ك ذلك .وه ذه الكيفية ليست واجب ة ،لكنها
مستحبة على المذهب .وقيل :غير مستحبة .وأما تفريق االص ابع ،فيفعله في
الضربة الثانية .وأما االولى ،فاالص ح ،وظ اهر الم ذهب ،وال ذي نص عليه
الش افعي ،وقاله االك ثرون :أنه يس تحب التفريق فيه ا .وق ال آخ رون :ال
يس تحب .ثم ق ال االك ثرون من ه ؤالء :هو ج ائز ،ح تى لو لم يف رق في
الثانية ،كفاه التفريق في االولى بين االصابع .وق ال قليل ون ،منهم القف ال :ال
يجوز :ولو فعله ،لم يصح تيممه .ثم إذا فرق في الضربتين وجوزناه ،أو في
الثانية وح دها ،يس تحب تخليل االص ابع بعد مسح الي دين على الهيئة
الم ذكورة ،ولو لم يف رق فيهما ( ،)1وف رق في االولى وح دها ،وجب
التخلي ل ،ثم يمسح إح دى الراح تين ب االخرى .وهو مس تحب على االص ح،
وواجب على اآلخر .والواجب إيصال التراب إلى الوجه واليدين كيف ك ان،
سواء حصل بيد ،أو خرق ة ،أو خش بة .وال يش ترط إم رار اليد على العضو
على االصح .ولو كان يمسح بيده فرفعها في أثناء العضو ،ثم رده ا ،ج از،
وال يفتقر إلى
] [ 227
أخذ تراب جديد في االصح .الركن السابع :الترتيب .فيجب تقديم الوجه على
اليدين .فلو تركه ناسيا لم يصح على المذهب ،كما في الوضوء .وال يش ترط
ال ترتيب في أخذ ال تراب للعض وين على االص ح .فلو ض رب يديه على
االرض ،وأمكنه مسح الوجه بيمينه ،ويمينه بيس اره ،ج از .ف رع :لو أح دث
بعد أخذ ال تراب قبل مسح وجه ه ،بطل أخ ذه ،وعليه النقل ثاني ة .ولو يممه
غيره حيث يجوز ،فأحدث أحدهما بعد أخذ التراب قبل المسح ،ق ال القاضي
حسين :ال يضر .وينبغي أن يبطل االخذ بحدث اآلمر .ولو ض رب ي ده على
بشرة امرأة ينقض وعليها تراب ،فإن كان كثيرا يمنع التق اء البش رتين صح
تيممه .وإن لم يمنع ،لم يصح .وقي ل :يصح أخ ذه للوج ه .ف إن ض رب بع ده
لليد ،بطل .والصواب :االول .فرع :للتيمم سنن س بق بعض ها في كيفية مسح
الوجه والي دين ،وبقي منها التس مية ،وتق ديم اليم نى على اليس رى ،وإم رار
التراب على العضد على االصح ،والمواالة على الم ذهب ،وتخفيف ال تراب
المأخوذ إذا كان كثيرا ،وأن ال يكرر المسح على المذهب ،وأن ال يرفع اليد
عن العضو الممس وح ح تى يتم مس حه على االص ح .وعلى الث اني :هو
واجب .وقد سبق .وأن ي نزع خاتمه في الض ربة االولى .قلت :وأما الض ربة
الثانية ،فيجب نزعه فيها ،وال يكفي تحريكه ،بخالف الوضوء ،الن ال تراب
ال يدخل تحته .ذكره صاحب (العدة) وغيره .ومن مندوبات ه :اس تقبال القبل ة.
وينبغي استحباب الشهادتين بعده ،كالوضوء والغسل .ولو كانت ي ده نجس ة،
وض رب بها على ت راب ومسح وجه ه ،ج از في االص ح .وال يج وز مسح
النجسة قطعا ،كما ال يصح غسلها عن الوضوء مع بقاء النجاس ة .ولو تيمم،
ثم وقع عليه نجاسة ،لم يبطل على المذهب ،وبه قطع االمام .وقال المت ولي:
هو ك ردة الم تيمم .ولو تيمم قبل االجته اد في القبل ة ،ففي ص حته وجه ان،
.حكاهما الروياني ،كما لو كان عليه نجاسة .وهللا أعلم
] [ 228
الباب الثالث في أحك ام ال تيمم هي ثالث ة .االول ( :)1أنه يبطل بما يبطل به
الوض وء ( .)2ثم هو قس مان .أح دهما :يج وز مع وج ود الم اء ،ك تيمم
الم ريض .والث اني :ال يج وز إال مع عدم ه ،أو الخ وف في تحص يله ،أو
الحاجة إليه ،وما أش به ه ذا .ف االول :ال ت ؤثر فيه رؤية الم اء .وأما الث اني:
فيبطل بتوهم القدرة على الماء قبل الدخول في الصالة ،كما إذا رأى س رابا
فتوهمه ماء ،أو أطبقت بقربه غمامة ،أو طلع عليه جماعة يج وز أن يك ون
معهم ماء ،هذا إذا لم يق ارن الت وهم م انع من الق درة ،ف إن قارن ه ،لم يبطل
تيمم ه ،كما إذا رأى ما يحت اج إليه للعطش ،أو دونه حائ ل ،من س بع ،أو
عدو ،أو قعر ب ئر يعلم ح ال رؤيته تع ذر تحص يله ،أو س مع انس انا يق ول:
أودعني فالن ماء وهو يعلم غيبة فالن ،وما أشبه هذا .أما إذا رأى الماء في
الص الة ،ف إن لم تكن مغنية عن القض اء ،كص الة الحاضر ب التيمم ،بطلت
على الص حيح .وعلى الث اني :يتمها ( )3ويعي د .وإن ك انت مغنية كص الة
المسافر ،فالمذهب المنصوص :أنه ال تبطل صالته وال تيممه .فلو ن وى في
أثن اء الص الة االقامة بعد وج دان الم اء ،أو ن وى القصر ثم وجد الم اء ،ثم
ن وى االئتم ام ،بطلت ص الته على االصح فيهم ا .وحيث لم تبطل وك انت
فريض ة ،هل يج وز الخ روج منها ليتوضأ ؟ فيه أوج ه .أص حها :الخ روج
أفضل .والثاني :يج وز الخ روج ،لكن االس تمرار أفض ل .والث الث :إن قلبها
،نفال وسلم من ركعتين
] [ 229
فهو أفض ل .وإن أراد إبطالها مطلق ا ،فاالس تمرار أفض ل .والراب ع :يح رم
قطعها مطلقا .والخامس :إن ضاق الوقت ،حرم الخروج ،وإال لم يحرم .قاله
إمام الحرمين ( ،)1وطرده في كل مصل ،سواء المتيمم وغ يره .قلت :ه ذا
ال ذي حك اه عن ( )2إم ام الح رمين اختي ار له لم يتقدمه به أح د ،واع ترف
إمام الحرمين بهذا ،وهو خالف المذهب ،وخالف نص الش افعي رحمه هللا،
فقد نص في (االم) ونقله ص احب (التتم ة) والغ زالي في (البس يط) عن
االصحاب :أنه يح رم على من تلبس بالفريضة في أول وقته ا ،قطعها بغ ير
عذر ،وقد أوضحت نقله ،ودالئله في شرح (المه ذب) ....وهللا أعلم .وإذا أتم
الفريضة بالتيمم ،وبقي الماء الذي رآه إلى أن سلم ،بطل تيممه ،فال يس تبيح
به نافلة ،حتى حكى الروياني عن وال ده :أنه ال يس لم التس ليمة الثاني ة .قلت:
وفيما حكاه الروياني نظر ،وينبغي أن يسلم الثانية ،النها من جملة الص الة.
وهللا أعلم .وأما إذا فني الماء قبل سالمه ،ولم يعلم حتى يس تبيح النافلة أيضا
( ،)3وإن علم بفنائه قبل س المه ،ففي بطالن تيممه ومنعه النافلة وجه ان.
قلت :االصح :منعه النافل ة ،وبه قطع العراقي ون وجماعة من الخراس انيين..
وهللا أعلم .أما إذا رأى الماء وهو في نافل ة ،فأوج ه .أص حها :إن ك ان ن وى
ع ددا ،أتمه ولم ي زد ،وإال اقتصر على ركع تين .والث اني :ال يزيد على
ركعتين وإن نواه .والثالث :له أن يزيد ما ش اء وإن لم ين وه .والراب ع :تبطل
ص الته .الحكم الث اني -فيما ي ؤدى ب التيمم -ال يص لي ب التيمم الواحد إال
فريضة
] [ 230
واحدة ،وسواء كانت الفريضتان متفقتين أو مختلفتين ،كصالتين ،وطوافين،
أو ص الة وط واف .أو مقض يتين ،كظه رين ،أو مكتوبة ومن ذورة ،أو
منذورتين ،فال يجوز الجمع بينهما بتيمم .وفي قول أو وجه ض عيف :يج وز
في من ذورتين ،وفي من ذورة ومكتوب ة ،وفي وجه ش اذ :يج وز في ف وائت
وفائتة ومؤداة .والصبي كالبالغ على الم ذهب .وقي ل :وجه ان .الث اني :يجمع
بين مكتوبتين بتيمم .ويجوز أن يجمع بتيمم بين فريضة ونواف ل .وأما ركعتا
الط واف ،ف إن قلنا باالص ح :إنهما س نة ،فلهما حكم النواف ل .وإن قلن ا:
واجبتان ،لم يجز أن يجمع بينهما وبين الطواف الواجب على االصح .وك ذا
ال يجمع بين خطبة الجمعة وصالتها على االص ح .إذا ش رطنا الطه ارة في
الخطبة .وأما صالة الجنازة ،ففيها ثالثة ط رق .أح دها :في المس ألة ق والن.
أح دهما :لها حكم النافلة مطلق ا ،فيج وز الجمع بين ص لوات الجن ائز ،وبين
جنائز ومكتوبة بتيمم واح د .ويج وز ص التها قاع دا مع الق درة على القي ام،
ويجوز على الراحل ة .والث اني :لها حكم الف رائض .فال يج وز شئ من ه ذا.
والطريق الثاني :إن تعينت ،فكالفرائض ،وإال ،فكالنواف ل .والث الث :لها حكم
النوافل مطلق ا ،إال أنه ال يج وز القع ود فيه ا ،والم ذهب :أنه يج وز الجمع
بتيمم بكل حال .ولو صلى على جنازتين صالة واحدة ،فقي ل :يج وز قطع ا،
وقي ل :على الخالف .ف رع :إذا نسي ص الة من ص لوات ،نظ ر ،إن ك انت
متفق ة ،كظهر من أس بوع ،لزمه ظهر واح دة ب تيمم .وإن نسي ص الة من
الخمس ،لزمه الخمس ،وكف اه تيمم واحد للجميع على الص حيح .وعلى
الثاني :يجب خمسة تيممات .ثم قال الش يخ أبو علي :الخالف تفريع على أن
تعيين الفريضة التي تيمم لها غير واجب ،فإن أوجبناه ،لزمه خمس تيممات
قطعا .ويحتمل خالف ما ق ال أبو علي .قلت :ه ذا المحكي عن أبي علي ،قد
،حكاه الدارمي ( )1عن ابن المرزبان
] [ 231
واختار الدارمي ط رد الخالف وإن أوجبنا التع يين .وه ذا أص ح .وهللا أعلم.
ولو نسي صالتين مختلفتين من الخمس ،لزمه الخمس .فإن قلنا :في الواحدة
يلزمه خمس تيمم ات .فك ذا هنا ( .)1وإن قلنا يكفيه تيمم واح د ،فق ال ابن
القاص :ي تيمم لكل واح دة ،ويقتصر على الخمس .وق ال ابن الح داد :يقتصر
على تيممين ،ويزيد في الصلوات ،فيصلي باالول الص بح والظهر والعصر
والمغرب .وبالثاني :الظهر والعصر والمغرب والعشاء .قال االكثرون :وهو
مخير ،إن شاء عمل بقول ابن القاص ،وإن شاء [ عمل ] بقول ابن الح داد.
فظ اهر كالم ابن الق اص في التلخيص :أنه ال يج وز ما ذك ره ابن الح داد.
وحكي وج ه :أنه ي تيمم تيممين ،ويص لي بكل واحد الخمس ،وهو ش اذ.
والمستحسن عند االصحاب :طريقة ابن الح داد .وعليها يفرع ون ما زاد من
المنسي .ولها ضابط ،وشرط .فضابطها :أن تزيد على قدر المنسي فيه عددا
ال ينقص عما تبقى من المنسي فيه بعد إس قاط المنس ي ،وينقسم المجم وع
صحيحا على المنسي .مثاله :مسألتنا ،المنسي صالتان ،والمنسي فيه خمس،
تزي ده ثالث ة ،النه ال تنقص عما يبقى من الخمس بعد إس قاط االث نين بل
تس اويه .والمجم وع :وهو ثماني ة ،ينقسم على االث نين ص حيحا .ولو ص لى
عشرا كما قاله الوجه الشاذ ،أجزأه ،وكان قد زاد خيرا لدخوله في الضابط.
وأما شرطها :فأن يبتدئ من المنسي فيه بأية صالة ش اء ،ويص لي بكل تيمم
ما تقتضيه القسمة ،ويترك في كل مرة ما ابتدأ به في التي قبلها ،وي أتي في
الم رة االخ يرة بما بقي من الص لوات .ولو نسي ثالث ص لوات من ي وم
وليلة ،فعلى طريقة ابن القاص ،يصلي كل واح دة من الخمس ب تيمم ،وعلى
الوجه الش اذ :ي تيمم ثالث م رات ،يص لي بكل واحد الخمس ،وعلى طريقة
ابن الح داد ،يقتصر على ثالث تيمم ات ،ويص لي ب االول :الص بح والظهر
والعصر .وبالث اني :الظهر والعصر والمغ رب .وبالث الث :العصر والمغ رب
.والعشاء .وله مخالفة هذا الترتيب إذا وفى بالشرط
] [ 232
أما إذا نسي ص التين متفق تين ،فعليه أن يص لي كل واح دة من الخمس
مرتين ،فعلى الوجه الضعيف في أول المسألة :يجب لكل صالة تيمم ،فيتيمم
عشر تيممات .وعلى الصحيح :يكفيه تيمم ان يص لي بكل واحد الخمس ،وال
يكتفي بثمان ص لوات الحتم ال ك ون المنس يين ،ص بحين أو عش اءين ،وما
صالهما إال مرة مرة .أما إذا لم يعلم ،هل الفائتت ان مختلفت ان ،أم متفقت ان ؟
فيلزمه االحوط ،وهو أنهما متفقتان .إما إذا ترك صالة مفروض ة ،أو طوافا
مفروضا ،واشتبه عليه ،فيأتي بطواف ،وبالصلوات الخمس بتيمم واحد على
الصحيح .وعلى الضعيف :بست تيممات ،ولو ص لى منف ردا ب تيمم ،ثم أراد
إعادتها مع جماعة ب ذلك ال تيمم ،ج از إن قلن ا :الثانية س نة .وك ذا إن قلن ا:
الفرض ( )1إحداهما ال بعينها على الصحيح ،كالمنسية .ولو ص لى الف رض
بالتيمم على وجه ،يجب معه القضاء ،وأراد القضاء ب ذلك ال تيمم .ف إن قلن ا:
الفرض االول جاز .وإن قلنا :الث اني أو كالهما ف رض ،لم يج ز ،وإن قلن ا:
أحدهما ال بعينه ،جاز على الص حيح .قلت :ينبغي إذا قلن ا :الثانية ف رض أن
يج وز ،النه جمع بين ف رض ونافل ة .وهللا أعلم .فص ل :ال يج وز ال تيمم
لفريضة قبل وقته ا ،فلو فع ل ،لم يصح للف رض ،وال للنفل أيضا على
المذهب ،ولو جمع بين الصالتين بالتيمم ،جاز على الص حيح .ويك ون وقت
االولى ،وقتا للثاني ة .ولو تيمم للظهر فص الها ،ثم تيمم للعصر ليجمعه ا،
ف دخل وقت العصر قبل فعله ا ،بطل الجمع وال تيمم .ووقت الفائتة بت ذكرها.
ولو تيمم لم ؤداة في أول وقته ا ،وص الها به في آخ ره ،ج از قطع ا .نص
عليه .قلت :وفيه وجه مشهور في (الحاوي) وغيره :أنه ال يجوز التأخير إال
بق در الحاج ة ،كالمستحاض ة .والف رق ظ اهر .وهللا أعلم .ولو تيمم لفائتة
ض حوة ،فلم يص لها ح تى دخلت الظه ر ،فله أن يص لي به الظهر على
.االصح ،ولو تيمم للظهر ،ثم تذكر فائتة ،قيل :يستبيحها به قطعا
] [ 233
وقي ل :على ال وجهين ،وهو االص ح .ه ذا كله تفريع على االصح أن تع يين
الفريض ة ،ليس بش رط .ف إن ش رطناه ،لم يصح غ ير ما ن واه .أما النواف ل:
فمؤقتة وغيره ا .أما المؤقت ة :فك الرواتب مع الف رائض ،وص الة العي د،
والكسوف .وأوقاتها معروفة .ووقت االستسقاء ،االجتماع لها في الص حراء.
ووقت الجنازة :انقضاء الغسل على االصح ،والموت ،على الثاني ،فإن تيمم
لمؤقتة قبل وقته ا ،لم يصح على الم ذهب .وقي ل :وجه ان .وإن تيمم لها في
وقته ا ،اس تباحها ،وفي ( )1اس تباحة الف رض ،الق والن المتق دمان .ف إن
اس تباحه ،فله ذلك إن ك ان تيممه في وقت الفريض ة ،وإن ك ان قبل ه ،فعلى
الوجهين في التيمم لفائتة ضحوة .وأما غير المؤقتة ،فيتيمم لها كل وقت ،إال
وقت الكراهة ،فال يصح فيه على االصح .هذا كله تفريع على الم ذهب ،في
أن التيمم للنافلة وح دها ،ص حيح .وفيه الوجه المتق دم في ال ركن الرابع من
الباب الث اني .قلت :ولو تيمم لنافلة ال س بب لها قبل وقت الكراه ة ،لم تبطل
ب دخول وقت الكراه ة ،بل يس تبيحها بع ده بال خالف .ولو أخذ ال تراب قبل
وقت الفريض ة ،ثم مسح الوجه في ال وقت ،لم يص ح ،الن أخذ ال تراب من
واجبات التيمم ،فال يصح قبل الوقت ،ولو تيمم ش اكا في ال وقت ،وص ادفه،
لم يصح .وكذا لو طلب شاكا في دخول الوقت ،وص ادفه ،لم يصح الطلب (
.)2وكذا لو طلب شاكا في دخ ول ال وقت ،فص ادفه ( ،)3لم يصح الطلب.
هللا أعلم .الحكم الثالث :قضاء الصالة لعذر ضربان :عام ،ون ادر .فالع ام :ال
قض اء مع ه ،كص الة مس افر مح دث ،أو جنب ،ب التيمم -لع دم ما يجب
استعماله ،إذا لم يكن سفر معصية .وفي سفر المعصية أوجه .االص ح :يجب
.التيمم والقضاء .والثاني :يتيمم وال يقضي .والثالث :ال يجوز التيمم ()4
] [ 234
وقصير السفر كطويله على المذهب .وقيل :في وجوب القضاء معه قوالن -
وكصالة المريض ب التيمم ،أو قاع دا ،أو مض طجعا ،والص الة بااليم اء في
شدة الخوف .وأما النادر :فقسمان .قسم يدوم غالب ا ،وقسم ال ي دوم .فما ي دوم
يمنع القض اء ،كاالستحاض ة ،وس لس الب ول ،والم ذي ،والج رح الس ائل،
واسترخاء المقعد ،ودوام خروج الح دث ،س واء ك ان له ب دل ،أم ال .وما ال
ي دوم نوع ان .ن وع معه ب دل ،ون وع ال ب دل مع ه ،فما ال ب دل معه ي وجب
القض اء ،وذلك ص ور .منه ا :من لم يجد م اء ،وال تراب ا .وفيه أق وال.
المشهور :وج وب الص الة بحسب حال ه ،ووج وب القض اء .والث اني :تح رم
الصالة .والثالث :تستحب ،ويجب القضاء على هذين .والرابع :تجب الص الة
بال قضاء ،وإذا قلن ا :يص لي ،ال يج وز مس المص حف ،وال ق راءة الق رآن
للجنب والح ائض ،وال وطئ الح ائض ،وإذا ق در على م اء أو ت راب في
الص الة ،بطلت .ومنه ا :المرب وط على خش بة ،ومن شد وثاقه ب االرض،
يصلي بااليم اء ويعي د .وق ال الص يدالني ( .)1إن ص لى مس تقبل القبل ة ،لم
يعد ،وإال عاد .قال :وكذا الغريق يصلي على خشبة بااليم اء .وذكر البغ وي
نحوه .ومنها :من على جرحه نجاسة يخ اف التلف من غس لها ،أو حبس في
موضع وصلى فيه على النجاسة للض رورة ،فتجب االع ادة على المش هور.
وفي القديم :ال
] [ 235
يجب إع ادة ص الة وجبت في ال وقت ،وإن ك انت مختل ة .وأما ما معه ب دل
فصور :منها :المقيم إذا تيمم لعدم الماء ،فيجب عليه االعادة على المش هور،
الن فقد الماء في االقامة نادر ،وإنما ال يجب القضاء على المسافر ،الن فقد
الم اء فيه ( )1يعم .ه ذا هو الض ابط عند االص حاب ،وليس مخصوصا
بالسفر ،أو االقامة ،حتى لو أقام في مفازة ،أو موضع يعدم فيه الماء غالب ا،
وط الت إقامته وص الته ب التيمم ،فال إع ادة .ولو دخل المس افر في طريقه
قرية ،وعدم الم اء وص لى ب التيمم ،وجبت االع ادة على االص ح ،وإن ك ان
حكم السفر باقيا .وأما قول االص حاب :المقيم يقض ي ،والمس افر ال يقض ي،
فمرادهم :الغالب من حال المسافر والمقيم ،وحقيقته ما ذكرناه .ومنها :ال تيمم
لع ذر في بعض االعض اء ،ف إن لم يكن على العضو س اتر من جب يرة ،أو
لص وق ،فال إع ادة .وإن ك ان س اتر من جب يرة ونحوه ا ،فثالثة أق وال.
االظهر :أنه إن وضعها على طهر ،فال إعادة ،وإال وجبت .والث اني :ال يعيد
مطلق ا .والث الث :يعي د .وق ال ابن الوكيل ( )2من أص حابنا :الخالف إذا لم
ي تيمم .أما إذا قلن ا :يجب ال تيمم ،ف تيمم ،فال إع ادة قطع ا .والم ذهب ط رد
الخالف مطلق ا .ه ذا كله إذا لم تكن الجب يرة على محل ال تيمم ،ف إن ك انت
علي ه ،أع اد بال خالف .ومنه ا :ال تيمم لش دة ال برد ،واالظه ر :أنه ي وجب
االعادة .والثاني :ال .والثالث :يجب على الحاضر دون المس افر .أما الع اجز
عن ستر العورة ،ففيه قوالن ووجه .وقيل :ثالثة أوجه .أصحها :يصلي قائما
ويتم الركوع والسجود ( ،)3والثاني :يصلي قاعدا .وهل يتم
] [ 236
الرك وع والس جود أم ي ومئ ؟ فيه ق والن :والث الث :يتخ ير بين االم رين.
ويج ري ه ذا الخالف فيما لو حبس في موضع نجس ،لو س جد لس جد على
نجاسة .وفيما لو وجد ثوبا طاهرا لو فرشه على النجاسة ،لبقي عاريا .وفيما
لو وجد العاري ثوبا نجسا ،هل يصلي في ه ،أم عاريا ؟ ثم إن قلن ا :العري ان
ال يتم االركان ،أعاد على الم ذهب ،وفيه خالف من لم يجد م اء وال تراب ا.
وإن قلنا :يتمه ا ،فال إع ادة على الم ذهب .س واء ك ان في الس فر أو الحضر
ممن يعتاد الع ري ،أو ممن ال يعت اد الع ري .وقي ل :يجب على من ال يعت اد
الع ري .قلت :ولو لم يجد الم ريض من يحوله للقبل ة ،لزمه الص الة بحسب
حاله ،وتجب االعادة على المذهب .قال الروياني :وقي ل :ق والن .وهو ش اذ.
قال إمام الحرمين وغ يره :ثم ما حكمنا من االع ذار :بأنه دائم ،وأس قطنا به
الفرض فزال بسرعة ،فهو كدائم ،وما حكمنا أنه ( )1ال يدوم فدام ،فله حكم
ما لم ي دم إلحاقا لش اذ الجنس ب الجنس .ثم كل ص الة أوجبناها في ال وقت،
وأوجبنا إعادتها ،فهل الفرض االولى ،أم الثاني ة ،أم كالهم ا ،أم إح داهما ال
بعينها ؟ فيه أربعة أق وال .أظهره ا :عند الجمه ور :الثاني ة .وعند القف ال
والفوراني وابن الصباغ :كالهما ،وهو أفقه ،فإنه مكلف بهما -وهذه مس ائل
منثورة ال يس تحب (فيه ا) تجديد ال تيمم على الم ذهب -وبه قطع الجمه ور.
وفي المستظهري :وجهان .ويتصور في مريض وجريح ونحوهما ممن تيمم
مع وجود الم اء ،إذا تيمم وص لى فرضا ثم أراد نفال ،ويتص ور في م تيمم،
لع دم الم اء إذا ص لى فرضا ولم يف ارق موض عه ،ولم ن وجب طلبا لتحققه
الع دم أو لم نوجبه ثانيا ( .)2وحكم اليد المقطوعة كهو في الوض وء ،ح تى
إذا
] [ 237
لم يبق شئ من محل الفرض ،اس تحب مسح العض د .ق ال ال دارمي :وإذا لم
يكن مرفق ،استطهر ح تى يعلم .ولو وجد المس افر على الطريق خابية م اء
مس بلة ،تيمم ،وال يج وز الوض وء منه ا ،النها انما توضع للش رب .ذك ره
المت ولي ،ونقله الروي اني عن االص حاب .ولو منع من ( )1الوض وء إال
منكوس ا ،فهل له االقتص ار على ال تيمم ،أم عليه غسل الوجه لتمكنه منه ؟
فيه القوالن فيمن وجد بعض ما يكفيه ،حك اه الروي اني عن وال ده .ق ال :وال
يلزمه قض اء الص الة إذا امتثل الم أمور على الق ولين .وفي القض اء نظ ر،
لن دوره ،لكن ال راجح ما ذك ره ،النه في مع نى من غصب م اؤه فال ()2
قضاء .قال صاحب (الح اوي) و (البح ر) :لو م ات رجل معه م اء لنفسه ال
يكفيه لبدنه ،فإن أوجبنا استعمال الناقص ،لزم رفقته غسله ب ه ،وإال يمم وه.
ف إن غس لوه ب ه ،ض منوا قيمته لوارث ه .ولو تيمم لم رض ف برأ في أثن اء
الصالة ،فكرؤية الماء في صالة المس افر .ولو تيمم عن جنابة أو حيض ،ثم
أح دث ،ح رم ما يح رم على مح دث .وال يح رم ق راءة الق رآن ،واللبث في
المسجد .ولو تيمم جنب ف رأى م اء ،ح رمت الق راءة ،وكل ما ك ان حرام ا،
ح تى يغتس ل .ق ال الجرج اني :ليس أحد يصح إحرامه بص الة ف رض دون
نفل ،إال من ع دم م اء وتراب ا ،أو س ترة ط اهرة ،أو ك ان على بدنه نجاسة
عجز عن إزالته ا .وهللا أعلم .ب اب مسح الخف ( )3وهو ج ائز بش رطين:
أح دهما :لبسه على طه ارة كامل ة .فلو غسل رجال فلبس خفه ا ،ثم غسل
االخرى ،لم يجز المسح ،فلو نزع االولى ثم لبسها ،كفاه ،وجاز المسح بعده
] [ 238
على الص حيح ( .)1وعلى الث اني :ال بد من نزعهم ا .ولو أدخل ال رجلين
س اقي الخفين بال غس ل ،ثم غس لهما ،ثم أدخلهما ق رار الخ ف ،صح لبس ه،
وجاز المسح .ولو لبس متطهرا ،ثم أح دث قبل وص ول الرجل ق دم الخ ف،
أو مسح بشرطه ،ثم أزال القدم من مقرها ولم يظهر من محل الفرض شئ،
ففي الص ورتين ثالثة أوج ه .الص حيح :ج واز المسح في الثاني ة ،ومنعه في
االولى .والث اني :يج وز فيهم ا .والث الث :ال يج وز فيهم ا .ولو لبست
المستحاضة على وضوئها ،ثم أحدثت بغير االستحاضة ،فوجه ان .أح دهما:
ال يصح مسحها لضعف طهارة لبسها .والصحيح :المنصوص ج وازه .فعلى
هذا لو انقطع دمها ،وشفيت قبل المسح ،لم يجز المسح على المذهب ،وقيل:
فيه الوجه ان .وحيث جوزن ا ،فإنما يس تبيح بلبس ها المسح لما ش اءت من
النوافل ،ولفريضة إن لم تكن صلت بوضوء اللبس فريضة ،بأن أحدثت بعد
وضوئها ولبسها قبل أن تصلي تلك الفريضة وال غيرها من الفرائض ،ف إن
أحدثت بعد فعل الفريضة ،مسحت ،واستباحت النواف ل ،وال تس تبيح فريضة
مقض ية ،وال م ؤداة تحض ر .ف إن أرادت فريض ة ،وجب ن زع الخ ف،
واستئناف اللبس بطهارة .ولنا وجه شاذ أنها تس توفي م دة المسح يوما وليلة
حضرا ،وثالثة سفرا ،ولكن تعيد الوضوء والمسح لكل فريضة .وفي مع نى
طه ارة المستحاض ة ،طه ارة س لس الب ول ،وكل من به ح دث دائم ،وك ذا
الوض وء المض موم إليه ال تيمم لجراحة أو كس ر ،فحكمهم حكمها بال ف رق.
وأما من محض التيمم بال وضوء ،فإن كان بس بب غ ير إع واز الم اء ،فهو
كالمستحاضة .وإن كان لالعواز ،فقال ابن س ريج :هو كهي .والص حيح :أنه
ال يستبيح المسح أصال .الشرط الث اني :أن يك ون الملب وس ص الحا للمس ح،
:وصالحيته بأمور
] [ 239
االول :أن يستر محل ف رض غسل ال رجلين ،فلو قصر عن محل الف رض،
لم يجز قطع ا ،وفي المخ روق ق والن .الق ديم :ج واز المسح ما لم يتف احش
الخرق ،بأن ال يتماسك في الرجل ،وال يتأتى المشي عليه ،وقيل :التف احش:
أن يبطل اسم الخ ف .والجدي د :االظهر ال يج وز إذا ظهر شئ من محل
الف رض وإن ق ل .ولو تخ رقت البطانة أو الظ اهرة ،ج از المسح إن ك ان
الباقي ،ص فيقا ،وإال فال على الص حيح .ويق اس على ه ذا ما إذا تخ رق من
الظه ارة موض ع ،ومن البطانة موضع آخر ال يحاذي ه .أما الخف المش قوق
الق دم إذا شد محل الشق بالش رج ،ف إن ظهر شئ مع الش د ،لم يجز المس ح.
وإال جاز على الصحيح المنصوص .فلو فتح الشرج ،بطل المسح في الح ال
وإن لم يظهر شئ .االمر الث اني :أن يك ون قوي ا ،بحيث يمكن متابعة المشي
عليه بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال ( ،)1فال
يج وز المسح على اللف ائف والج وارب المتخ ذة من ص وف ولب د ،وك ذا
الج وارب المتخ ذة من الجلد ال ذي يلبس مع المكعب ،وهي ج وارب
الص وفية ،ال يج وز المسح عليها ح تى يك ون بحيث يمكن متابعة المشي
عليه ا ،ويمنع نف وذ الم اء إن ش رطناه ،إما لص فاقتها ،وإما لتجليد الق دمين
والنعل على االس فل ،أو االلص اق على المكعب .وقي ل :في اش تراط تجليد
القدم مع صفاقتها قوالن .ولو تعذر المشي فيه لسعته المفرطة ،أو ضيقه ،لم
يجز المسح على االصح .ولو تع ذر لغلظ ه ،أو ثقل ه ،كالخشب والحدي د ،أو
لتحديد رأسه بحيث ال يس تقر على االرض ،لم يج ز .ولو اتخذ لطيفا من
خشب ،أو حديد يتأتى المشي فيه ،ج از قطع ا .ولو لم يقع عليه اسم الخ ف،
ب أن لف على رجله قطعة أدم وش دها ،لم يجز المس ح .االمر الث الث - :في
أوص اف مختلف فيها -ف الخف المغص وب ،والمس روق ،وخف ال ذهب أو
الفض ة ،يصح المسح عليه على االص ح .والخف من جلد كلب أو ميتة قبل
الدباغ ،ال يجوز المسح عليه قطعا ،ال لمس مصحف وال لغيره .ولو وجدت
.في الخف شرائطه ،إال أنه ال يمنع نفوذ الماء ،لم يجز المسح على االصح
] [ 240
واختار إمام الحرمين والغزالي :الج واز .قلت :ولو لبس واسع ال رأس ي رى
من رأسه القدم ،ج از المسح عليه على الص حيح .ويج وز على خف زج اج
قطعا ( )1إذا أمكن متابعة المشي عليه .وهللا أعلم .فرع :الجرموق :هو الذي
يلبس ف وق الخف لش دة ال برد غالب ا .ف إذا لبس خفا ف وق خ ف ،فله أربعة
أحوال .أحدها :أن يكون االعلى ص الحا للمسح عليه دون االس فل ،لض عفه،
أو لخرقه ،فالمسح على االعلى خاصة .الثاني :عكسه ،فالمسح على االس فل
خاصة .فلو مسح االعلى فوصل البلل إلى االسفل ،ف إن قصد مسح االس فل،
أجزأه .وكذا إن قصدهما على الص حيح .وإن قصد االعلى ،لم يج ز .وإن لم
يقصد واحدا ،بل قصد المسح في الجملة ،أجزأه على االصح ،لقصده إسقاط
ف رض الرجل بالمس ح .الث الث :أن ال يص لح واحد منهما فيتع ذر المس ح.
الراب ع :أن يص لحا كالهم ا ،ففي المسح على االعلى وح ده ق والن :الق ديم
واالمالء ( )2ج وازه ،والجدي د :منع ه .قلت :االظهر عند الجمه ور الجدي د،
وصحح القاضي أبو الطيب في شرح (الفروع) القديم .وهللا أعلم .فإن جوزنا
المسح على الجرم وق ،فقد ذكر ابن س ريج فيه ثالثة مع ان .أظهره ا :أن
الجرموق بدل عن الخف ،والخف بدل عن الرجل .والثاني :االس فل كلفاف ة،
واالعلى هو الخف .والثالث :أنهما كخف واح د ،ف االعلى ظه ارة ،واالس فل
بطانة .وتتفرع على المعاني مسائل .منها :لو لبسهما معا على طهارة فأراد
] [ 241
االقتصار على مسح االسفل ،جاز على المعنى االول دون اآلخرين .ومنها:
لو لبس االس فل على طه ارة ،واالعلى على ح دث ،ففي ج واز المسح على
االعلى طريقان .أحدهما :ال يج وز .وأص حهما فيه وجه ان .إن قلنا ب المعنى
االول أو الثاني ( :)1لم يجز .وبالثالث :يجوز .فلو لبس االس فل بطه ارة ،ثم
أح دث ومس حه ،ثم لبس الجرم وق ،فهل يج وز مس حه ؟ فيه طريق ان.
أح دهما :يب نى على المع اني إن قلنا ب االول أو الث الث ج از .وبالث اني :ال
يج وز .وقي ل :يب نى الج واز على ه ذا الث اني ،على أن مسح الخف يرفع
الحدث ،أم ال ؟ إن قلنا :يرفع ،جاز ،وإال فال .الطريق الث اني :القطع بالبن اء
على رفع الحدث .وإذا جوزنا مسح االعلى في هذه المسألة ،ق ال الش يخ أبو
علي :ابتداء المدة من حين إحداث أول لبسه االس فل ،وفي ج واز االقتص ار
على االس فل الخالف الس ابق .ومنه ا :لو لبس االس فل على ح دث ،وغسل
رجله فيه ،ثم لبس االعلى على طهارة كاملة ،فال يجوز مسح االسفل قطعا،
وال مسح االعلى إن قلنا بالمعنى االول ،أو الثالث .وبالث اني يج وز .ومنه ا:
لو تخ رق االعلى من ال رجلين جميع ا ،أو نزعه منهما بعد مس حه وبقي
االس فل بحال ه ،ف إن قلنا ب المعنى االول ،لم يجب ن زع االس فل ،بل يجب
مسحه ،وهل يكفيه مسحه أم يجب استئناف الوضوء ؟ فيه القوالن في نازع
الخفين .وإن قلنا بالمعنى الثالث ،فال شئ عليه .وإن قلنا بالثاني ،وجب ن زع
االسفل أيضا وغسل الق دمين .وفي اس تئناف الوض وء الق والن ،فحصل من
الخالف في المسألة خمسة أقوال .أحدها :ال يجب ش ئ .والث اني :يجب مسح
االسفل فقط .والثالث :يجب المسح واستئناف الوض وء .والراب ع :يجب ن زع
الخفين وغسل الرجلين .والخامس :يجب ذلك مع استئناف الوض وء .ومنه ا:
لو ( )2تخرق االعلى من إحدى الرجلين أو نزعه .فإن قلنا بالمعنى الث الث،
فال شئ عليه .وإن قلنا بالث اني ،وجب ن زع االس فل أيضا من ه ذه الرج ل،
ووجب نزعهما من الرجل االخرى ،وغسل القدمين .وفي استئناف الوضوء
القوالن .وإن قلنا بالمعنى االول ،فهل يلزمه نزع
] [ 242
االعلى من الرجل االخ رى ؟ وجه ان :أص حهما نعم ،كمن ن زع إح دى
الخفين .فإذا نزعه ،عاد الق والن :في أنه (ه ل) يجب اس تئناف الوض وء ،أم
يكفيه مسح االس فل ؟ والث اني :ال يلزمه ن زع الث اني .وفي واجبه الق والن.
أحدهما :مسح االسفل ال ذي ن زع أعاله .والث اني اس تئناف الوض وء ،ومسح
هذا االسفل ،واالعلى من الرجل االخرى .ومنها :لو تخ رق االس فل منهم ا،
لم يضر على المعاني كلها .فلو ( )1تخ رق من إح داهما ،ف إن قلنا ب المعنى
الث اني أو الث الث ،فال شئ علي ه .وإن قلنا ب االول ،وجب ن زع واحد من
الرجل االخرى ،لئال يجمع بين الب دل والمب دل ،قاله في (الته ذيب) وغ يره.
ولك أن تق ول :ه ذا المع نى موج ود فيما إذا تخ رق االعلى من إح دى
الرجلين ،وقد حكوا وجهين في وجوب نزعه من االخرى ،فليحكم بطردهما
هنا .ثم إذا نزع ،ففي واجبه القوالن .أحدهما :مسح الخف الذي ن زع االعلى
من فوق ه .والث اني :اس تئناف الوض وء والمسح عليه وعلى االعلى ال ذي
تخرق االسفل تحته .ومنها :لو تخرق االس فل واالعلى من ال رجلين ،أو من
إح داهما ،ل زم ( )2ن زع الجميع على المع اني كله ا ،لكن إن قلنا ب المعنى
الثالث ،وكان الخرقان في موضعين غير متحاذيين ،لم يضر كما تقدم بيانه.
ومنها :لو تخرق االعلى من رجل ،واالسفل من االخرى ،ف إن قلنا بالث الث،
فال شئ عليه .وإن قلنا باالول ،نزع االعلى المتخرق ،وأعاد مسح ما تحته.
وهل يكفيه ذلك ،أم يحتاج إلى استئناف الوضوء ماس حا عليه وعلى االعلى
من الرجل االخ رى ؟ فيه الق والن .ه ذا كله تفريع على ج واز مسح
الجرم وق .ف إن منعن اه ،فأدخل ي ده بينهما ومسح الخف االس فل ،ج از على
االص ح .ولو تخ رق االس فالن ،ف إن ك ان عند التخ رق على طه ارة لبسه
االس فل ،مسح االعلى ،النه ص ار أصال لخ روج االس فل عن ص الحيته
للمسح .وإن كان محدثا ،لم يجز مسح االعلى ،كاللبس على حدث .وإن ك ان
على طهارة مسح ،فوجه ان ،كما ذكرنا في التفريع على الق ديم .أما إذا لبس
جرموقا في رجل ،واقتصر على الخف في االخرى ،فعلى الجديد :ال يج وز
مسح الجرم وق .وعلى الق ديم :يب نى على المع اني الثالث ة ،فعلى االول ال
يجوز ،كما ال
] [ 243
يجوز المسح في خف ،وغسل الرجل االخ رى .وعلى الث الث يج وز ،وك ذا
على الثاني على االص ح .قلت :وإذا جوزنا المسح على الجرم وق ،فك ذا إذا
لبس ثانيا وثالث ا .ولو لبس الخف ف وق الجب يرة ،لم يجز المسح عليه على
االص ح .وهللا أعلم .فصل في كيفية المسح أما أقل ه ،فما ينطبق عليه اسم
المسح من محل فرض الغسل في الرج ل ،إال أس فلها ،فال يج وز االقتص ار
عليه على االظه ر ،وقي ل :يج وز قطع ا ،وقي ل :ال يج وز .وإال العقب ،فال
يج زئ على الم ذهب .وقي ل :هو أولى ب الجواز من االس فل ،وقي ل :أولى
ب المنع .قلت :وح رف الخف كأس فله .قاله في (الته ذيب) .وهللا أعلم .وأما
االكمل :فمسح أعاله وأسفله ،ولكن ليس استيعاب جميعه سنة على االص ح.
ويستحب مسح العقب على االظهر ،وقي ل :االص ح ،وقي ل :قطع ا .ولو ك ان
عند المسح على أس فله نجاس ة ،لم يجز المسح علي ه .ويج زئ غسل الخف
عن مس حه على الص حيح ،لكن يك ره .ويك ره أيضا تك رار المسح على
الصحيح .وعلى الثاني :يستحب تكراره ثالثا كالرأس .قلت :قال أصحابنا :ال
تتعين اليد للمسح ،بل يجوز بخرقة وخشبة وغيرهما .ولو وضع ي ده المبتلة
ولم يمرها ،أو قطر الماء عليه ،أج زأه على الص حيح كما تق دم في ال رأس.
وهللا أعلم .فصل في حكم المسح :يباح المسح على الخف للصالة ،وسائر ما
يفتقر إلى الوضوء .وله المسح إلى إحدى غاي ات أرب ع :االولى :مضي ي وم
وليلة للمقيم ،وثالثة أيام بلياليهن ( )1للمسافر على
] [ 244
المش هور الجدي د .وفي الق ديم :يج وز غ ير م ؤقت .والتفريع على الجدي د.
وابت داء الم دة من الح دث بعد اللبس .وأك ثر ما يمكن المقيم أن يص لي من
الف رائض الم ؤداة ،ست ص لوات إن لم يجم ع .ف إن جمع لمط ر ،فس بع،
والمسافر ست عشرة ،وب الجمع س بع عش رة .وأما المقض يات فال تنحص ر.
واعلم أن المس افر إنما يمسح ثالثة أي ام إذا ك ان س فره ط ويال ،وغ ير
معصية ،فإن قصر س فره ،مسح يوما وليل ة ،وإن ك ان معص ية ،مسح يوما
وليلة على االص ح .وعلى الث اني :ال يمسح ش يئا .ويج زئ الوجه ان في
العاصي باالقامة ،كالعبد الم أمور بالس فر إذا أق ام .ف رع :إذا لبس الخف في
الحضر ،ثم سافر ،ومسح في السفر ،مسح مسح مسافر ،س واء ك ان أح دث
في الحضر ،أم ال ،وسواء سافر بعد الح دث وخ روج وقت الص الة ،أم ال،
وقال المزني ( :)1إن أحدث في الحضر ،مسح مسح مقيم .وقال أبو إس حاق
الم روزي :إن خ رج ال وقت في الحضر ولم يص ل ،ثم س افر ،مسح مسح
مقيم .أما إذا مسح في الحضر ثم س افر ،فيتم مسح مقيم .واالعتب ار في
المسح بتمام ه ،فلو مسح إح دى الخفين في الحض ر ،ثم س افر ومسح اآلخر
في السفر ،فله مسح مسافر ،النه تم مسحه في السفر .قلت :ه ذا ال ذي ج زم
به االمام الرافعي رحمه هللا في مسألة المسح على أحد الخفين في الحض ر،
هو الذي ذكره القاضي حسين وصاحب (التهذيب) .لكن الص حيح المخت ار،
ما جزم به صاحب (التتم ة) واخت اره الشاش ي :أنه يمسح مسح مقيم ،لتلبسه
بالعبادة في الحضر .وهللا أعلم .أما إذا مسح في السفر ثم أقام ،فإن ك ان بعد
مضي يوم وليلة فأكثر ،فقد انقضت مدته ،ويجزئه ما مض ى .وإن ك ان قبل
:يوم وليلة ،تممها .وقال المزني
] [ 245
يمسح ثلث ما بقي من ثالثة أيام ولياليهن مطلقا .ولو شك الماسح في الس فر
أو الحضر في انقضاء مدت ه ،وجب االخذ بانقض ائها .ولو شك المس افر هل
ابتدأ المسح في الحضر ،أم السفر ؟ أخذ بالحضر ،فيقتصر على يوم وليل ة،
فلو مسح في اليوم الثاني شاكا ،وصلى به ،ثم علم في اليوم الث الث أنه ك ان
ابتدأ في السفر ،لزمه إعادة ما صلى في الي وم الث اني .وله المسح في الي وم
الثالث ،فإن كان مسح في اليوم االول ،واستمر على الطهارة فلم يح دث في
اليوم الثاني ،فله أن يصلي في الثالث بذلك المس ح ،النه ص حيح .ف إن ك ان
أحدث في الث اني ،ومسح ش اكا ،وبقي على تلك الطه ارة ،لم يصح مس حه،
فيجب إعادة المس ح .وفي وج وب اس تئناف الوض وء الق والن في الم واالة.
وق ال ص احب (الش امل) يجزئه المسح مع الش ك .والص حيح االول .الغاية
الثانية :نزع الخفين أو أحدهما ،فإن وجد ذلك وهو على طهارة مس ح ،لزمه
غسل ال رجلين ،وال يلزمه اس تئناف الوض وء على االظه ر .واختلف في
أصل الق ولين ( ،)1فقي ل :بنفس يهما ،وقي ل :مبني ان على تفريق الوض وء،
وضعفه االصحاب .وقيل :على أن بعض الطهارة هل يختص باالنتقاض ،أم
يلزمه من انتق اض بعض ها انتق اض جميعها ؟ وقي ل :مبني ان على أن مسح
الخف يرفع الح دث عن الرج ل ،أم ال ؟ ف إن قلن ا :ال يرف ع ،اقتصر على
غسل الرجلين ،وإال استأنف الوضوء .قلت :االصح عند االصحاب أن مسح
الخف يرفع الح دث عن الرج ل ،كمسح ال رأس .ولو خ رج الخف عن
صالحية المسح ،لض عفه ،أو تخرقه ( ،)2أو غ ير ذل ك ،فهو كنزع ه .ولو
انقضت الم دة ،أو ظه رت الرجل وهو في ص الة ،بطلت .فلو لم يبق من
المدة إال ما يسع ركعة ،فافتتح ركع تين ،فهل يصح االفتت اح وتبطل ص الته
عند انقض اء الم دة ،أم ال تنعقد ؟ وجه ان في (البح ر) أص حهما :االنعق اد.
وفائدتهما :أنه لو اقتدى به إنسان عالم بحاله ،ثم فارقه عند انقضاء
] [ 246
الم دة ،هل تصح ص الته ،أم ال تنعقد ؟ فيه الوجه ان ،وفيما لو أراد
االقتصار على ركعة .وهللا أعلم .الغاية الثالثة :أن يلزم الماسح غسل جناب ة،
أو حيض ،أو نفاس ،فيجب اس تئناف اللبس بع ده .الغاية الرابع ة :إذا نجست
رجله في الخف ولم يمكن غسلها فيه ،وجب النزع لغسلها .فإن أمكن غسلها
فيه فغسلها ،لم يبطل المسح .فرع :س ليم ال رجلين إذا لبس خفا في إح داهما،
ال يصح مسحه .فلو لم يكن له إال رجل ،ج از المسح على خفه ا ،ولو بقيت
من الرجل االخ رى بقي ة ،لم يجز المسح ح تى يواريها بما يج وز المسح
عليه .قلت :لو كان إحدى رجليه عليل ة ،بحيث ال يجب غس لها ،فلبس الخف
في الصحيحة ،قطع الدارمي بصحة المسح عليه .وصاحب (البي ان) ب المنع.
وهو االص ح ،النه يجب ال تيمم عن الرجل العليل ة ،فهي كالص حيحة .وهللا
.أعلم
] [ 247
كتاب الحيض ( )1فيه خمسة أبواب .االول :في حكم الحيض واالستحاض ة.
أما سن الحيض ،فأقله استكمال تسع سنين على الصحيح ،وما رأته قبله :دم
فس اد .والث اني :ب الطعن في أول التاس عة .والث الث :مضي نصف التاس عة.
والم راد :الس نون القمرية على االوجه كله ا .وه ذا الض بط للتق ريب على
االصح .فلو ك ان بين رؤية ال دم واس تكمال التسع على الص حيح ما ال يسع
حيضا وطه را ،ك ان ذلك ال دم حيض ا ،وإال فال .وس واء في سن الحيض،
البالد الح ارة ،وغيرها على الص حيح .وق ال الش يخ أبو محم د :في الب اردة
وجه ان .قلت :الوجه ال ذي حك اه أبو محم د :هو أنه إذا وجد ذلك في البالد
الب اردة ( )2ال تي ال يعهد ذلك في مثله ا ،فليس بحيض .وهللا أعلم .وأقل
الحيض يوم وليلة على المذهب ،وعليه التفريع .وأكثره :خمسة عشر
] [ 248
يوما .وغالب ه :ست أو س بع .وأقل الطهر بين حيض تين :خمسة عشر يوم ا،
وغالبه :تمام الشهر بعد الحيض ،وال حد الك ثره .ولو وج دنا ام رأة تحيض
على االطراد أقل من يوم وليلة ،أو أكثر من خمسة عشر ،أو بطهر أقل من
خمسة عشر ،فثالثة أوجه .االصح :ال عبرة به .والثاني :يتبع ه .والث الث :إن
وافق ذلك م ذهب بعض الس لف ،أتبعن اه .وإال فال .واالول :هو المعتم د:
وعليه تفريع مس ائل الحيض ،وي دل عليه االجم اع على أنها لو رأت النق اء
يوما ،وال دم يوما على االس تمرار ،ال نجعل كل نق اء طه را ك امال .فص ل:
يحرم على الحائض ما يحرم على الجنب ،وال يجب عليها قضاء الص الة (
.)1ولو أرادت العبور في المسجد ،فإن خافت تلويثه لعدم إحكامها الشد ،أو
لغلبة ال دم ،ح رم العب ور عليه ا ،وال يختص ه ذا به ا ،بل المستحاض ة،
والسلس ،ومن به جراحة نضاخة ،يح رم عليهم العب ور إذا خ افوا التل ويث.
فإن أمنت الحائض التلويث ،جاز العبور على الصحيح ،ك الجنب ومن عليه
نجاسة ال يخاف تلويثها .ويح رم عليها الص وم ،ويجب قض اؤه .وهل يق ال:
إنه واجب ح ال الحيض ؟ وجه ان .قلت :الص حيح ال ذي عليه المحقق ون
والجم اهير :أنه ليس واجب ا ،بل يجب القض اء ب أمر جدي د .وهللا أعلم .وأما
االستمتاع بالح ائض ،فض ربان .أح دهما :الجم اع في الف رج ،فيح رم ويبقى
تحريمه إلى أن ينقطع الحيض ،وتغتسل ،أو ت تيمم عند عجزها عن الغس ل.
فلو لم تجد ماء وال تراب ا ،ص لت الفريض ة ،وح رم وطؤها على الص حيح.
ومتى جامع في الحيض متعمدا عالما بالتحريم ،فقوالن .المشهور الجديد :ال
غرم عليه ،بل يستغفر هللا ويتوب ،لكن يستحب أن يتصدق بدينار إن ج امع
في إقبال الدم ،أو بنصف دينار إن جامع في
] [ 249
إدباره والقول ( )1والق ديم :يلزمه غرام ة .وفيها ق والن .المش هور منهما ما
قدمنا استحبابه في الجديد .والثاني :عتق رقبة بكل حال .ثم الدينار ال واجب،
أو المس تحب ،مثق ال االس الم من ال ذهب الخ الص ،يص رف إلى الفق راء
والمس اكين .ويج وز ص رفه إلى واح د .وعلى ق ول الوج وب :يجب على
ال زوج دون الزوج ة .وفي الم راد بإقب ال ال دم وإدب اره :وجه ان .الص حيح
المع روف :أن إقبال ه :أوله وش دته .وإدب اره :ض عفه وقربه من االنقط اع.
والثاني :قول االستاذ أبي إسحاق االسفراييني :إقباله :ما لم ينقط ع ،وإدب اره:
إذا انقطع ولم تغتسل .أما إذا وطئها ناس يا ،أو ج اهال التح ريم ،أو الحيض،
فال شئ عليه قطعا .وقيل :يجئ وجه على القول ( )2القديم :أنه يجب الغرم.
الضرب الثاني :االستمتاع بغير الجماع .وهو نوعان .أحدهما :االستمتاع بما
بين السرة والركبة ،واالصح المنصوص :أنه حرام ( ،)3والثاني :ال يحرم.
والثالث :إن أمن على نفسه التعدي إلى الفرج ل ورع ،أو لقلة ( )4ش هوة ،لم
يحرم ،وإال حرم .وحكي الثاني ( )5قوال قديما .النوع الثاني :ما فوق الس رة
وتحت الركبة ،وهو جائز ،أصابه دم الحيض ،أم لم يص به .وفي وجه ش اذ:
يح رم االس تمتاع بالموضع المتلطخ بال دم .ومن أحك ام الحيض :أنه يجب
الغسل ( )6عند انقطاعه ،وأنه يمنع صحة الطهارة ما دام الدم مس تمرا ،إال
االغس ال المش روعة ،لما ال يفتقر إلى طه ارة ،ك االحرام ،والوق وف ،فإنها
تستحب للحائض ،وإذا قلنا بالضعيف :إن الحائض تقرأ القرآن ،فلها أن
] [ 250
تغتسل إذا أجنبت لتقرأ .ومن أحك ام الحيض :أنه ي وجب البل وغ ،وتتعلق به
العدة واالستبراء ،ويكون الطالق فيه ب دعيا ،وحكم النف اس حكم الحيض إال
في إيجاب البلوغ وما بعده .قلت :ومن أحكامه :منع وجوب ط واف ال وداع،
ومنع قطع التت ابع في ص وم الكف ارة ،وق ول االم ام ( )1ال رافعي :وحكم
النفاس حكم الحيض إال في إيج اب البل وغ ،وما بع ده ،يقتضي أن ال يك ون
الطالق فيه بدعيا ،وليس كذلك ،بل هو بدعي ،الن المعنى المقتضي بدعيته
في الحيض موج ود في ه ،وقد ص رح ال رافعي أيضا في كت اب (الطالق)
بكونه ب دعيا .وهللا أعلم .وإذا انقطع الحيض ،ارتفع تح ريم الص وم وإن لم
تغتسل ،وكذا الطالق ،وسقوط قضاء الص الة ،بخالف االس تمتاع وما يفتقر
إلى الطهارة .قلت :ومما يزول بانقطاع الحيض ،تحريم العب ور في المس جد
إذا قلنا بتحريمه في زمن الحيض ،ولنا وجه شاذ في (الح اوي) و (النهاي ة)
أنه ال ي زول تحريمه وليس بش ئ .وهللا أعلم .فصل في االستحاضة (:)2
االستحاضة ضربان ( )3قد تطلق على كل دم تراه المرأة ،غ ير دم الحيض
والنفاس .س واء اتصل ب الحيض المج اوز أك ثره أم لم يتص ل ،كال ذي ت راه
لس بع س نين مثال .وقد تطلق على المتصل به خاص ة ،ويس مى غ يره :دم
،فساد ،وال تختلف االحكام في جميع ذلك ،والخارج حدث دائم
] [ 251
كسلس البول ،فال يمنع الصالة والصوم ،ويجوز وطؤها ،وإنما أثر الح دث
ال دائم :االحتي اط في الطه ارة ،وإزالة النجاس ة ،فتغسل المستحاضة فرجها
قبل الوضوء أو التيمم ( ،)1وتحش وه بقطنة أو خرقة دفعا للنجاسة وتقليال.
فإن اندفع به ال دم ،وإال ش دت مع ذلك خرقة في وس طها ،وتلجمت ب أخرى
مش قوقة الط رفين ،فكل ه ذا واجب ،إال أن تت أذى بالشد أو تك ون ص ائمة
فتترك الحشو وتقتصر على الشد .وسلس البول ( )2يدخل قطنة في إحليل ه،
ف إن انقط ع ،وإال عصب ( )2مع ذلك رأس ال ذكر .ثم تتوضأ المستحاضة
بعد االحتياط الذي ذكرناه .ويلزمها تقديم ه ذا االحتي اط على الوض وء (،)3
ويجب الوض وء لكل فريض ة ،ولها ما ش اءت من النوافل بعد الفريض ة،
ويجب أن تكون طهارتها بعد الوقت على الص حيح .وفي وجه ش اذ :تجزئها
الطهارة قبل الوقت إذا انطبق آخرها على أول الوقت .وينبغي لها أن تب ادر
بالصالة عقب طهارتها .فإن تطهرت في أول ال وقت ،وص لت في آخ ره أو
بعده .فإن كان تأخيرها لسبب الصالة ،كاالذان ،واالجتهاد في القبل ة ،وس تر
الع ورة ،وانتظ ار الجمعة والجماعة ونحوه ا ،لم يض ر ،وإال فثالثة أوج ه.
الصحيح :المنع .والثاني :الج واز .والث الث :الج واز ما لم يخ رج ال وقت .أما
تجديد غسل الفرج ،وحش وه ،وش ده لكل فريض ة ،ف إن زالت العص ابة عن
موض عها زواال له وق ع ،أو ظهر ال دم في جوانبه ا ،وجب التجدي د .وإن لم
ت زل ،وال ظهر ال دم ،أو زالت زواال يس يرا ،وجب التجديد على االص ح.
،وقيل :االظهر .كما يجب تجديد الوضوء
] [ 252
ويج ري الخالف فيما لو أح دثت ب ريح ونح وه قبل أن تص لي ،فلو ب الت،
وجب التجديد قطع ا .ولو خ رج منها ال دم بعد الشد لغلبة ال دم ،لم يبطل
وضوؤها .وإن كان لتقصيرها في الشد ،بطل ،وك ذا لو زالت العص ابة عن
موض عها لض عف الش د ،وزاد خ روج ال دم بس ببه .ولو ( )1اتفق ذلك في
ص الة ،بطلت ،وإن ك ان بعد فريض ة ،ح رم النفل بع دها .ف رع :طه ارة
المستحاضة تبطل بالشفاء ،وفي وجه شاذ :لو اتصل الشفاء بآخر الوض وء،
لم يبط ل ،وليس بش ئ .ولو ش فيت في ص الة ،بطلت على الم ذهب .وم تى
انقطع دمها وهي تعت اد االنقط اع والع ود ،أو ال تعت اده ،لكن أخبرها به من
يعتمد من أهل البصر ،نظر ،إن كانت مدة االنقطاع يسيرة ال تسع الطه ارة
والصالة التي تطهرت لها ،فلها الشروع في الصالة .فلو امتد االنقطاع ،بان
بطالن الطه ارة ،ووجب قض اء الص الة .وإن ك انت م دة االنقط اع تسع
الطهارة والصالة ،لزمها إع ادة الوض وء بعد االنقط اع .فلو ع اد ال دم على
خالف الع ادة ،قبل االمك ان ،لم يجب إع ادة الوض وء على االص ح .لكن لو
ش رعت في الص الة بعد ه ذا االنقط اع ،ولم تعد الوض وء ،فع اد ال دم قبل
الفراغ ،وجب إعادة الصالة على االص ح .أما إذا انقطع دمها وهي ال تعت اد
االنقطاع والعود ،ولم يخبرها أهل البصر بالعود ،فيجب إعادة الوضوء .فلو
عاد الدم قبل إمكان الوضوء والص الة ،فاالصح أن وض وءها الس ابق يبقى
على صحته .والثاني :يجب إعادته .ولو خالفت أمرنا ،وش رعت في الص الة
من غير إعادة الوضوء بعد االنقط اع ،ف إن لم يعد ال دم ،لم تصح ص التها،
لظهور الشفاء .وك ذا إن ع اد بعد مضي إمك ان الطه ارة والص الة ،لتمكنها
من الصالة بال حدث ،وكذا إن عاد قبل االمكان على االص ح ،لترددها عند
الش روع .ولو توض أت عند انقط اع دمها وهي ال ت دري أنه ش فاء ،أم ال ؟
فسبيلها أن تنظر هل تعتاد االنقطاع ،وتجري على مقتضى الحالين كما بينا.
قلت :ولنا وجه شاذ :أن المستحاضة ال تس تبيح النفل بح ال .وإنما اس تباحت
الفريضة مع الح دث ال دائم للض رورة .والص واب المع روف أنها تس تبيح
النوافل مس تقلة ،وتبعا للفريضة ما دام ال وقت باقي ا ،وبع ده أيضا على
:االصح .والمذهب
] [ 253
أن طهارتها تبيح الص الة وال ترفع الح دث .والث اني :ترفع ه .والث الث)1( :
ترفع الماضي دون المق ارن والمس تقبل .وإذا ك ان دمها ينقطع في وقت،
ويس يل في وقت ،لم يجز أن تص لي وقت س يالنه ،بل عليها أن تتوضأ
وتصلي في وقت انقطاعه ،إال أن تخاف فوت ال وقت ،فتتوضأ وتص لي في
س يالنه .ف إن ك انت ترجو انقطاعه في آخر ال وقت ،فهل االفضل أن تعجل
الص الة في أول ال وقت ،أم تؤخرها إلى آخ ره ؟ فيه وجه ان م ذكوران في
(التتمة) ،بن اء على الق ولين في مثله في ال تيمم .ق ال ص احب (الته ذيب) لو
ك ان س لس الب ول ،بحيث لو ص لى قائما س ال بول ه ،ولو ص لى قاع دا،
استمس ك ،فهل يص لي قائم ا ،أم قاع دا ؟ وجه ان .االص ح :قاع دا حفظا
للطه ارة ،وال إع ادة عليه على ال وجهين .وهللا أعلم .الب اب الث اني في
المستحاضات هن أربع :االولى :المبتدأة المميزة وهي :التي ت رى ال دم على
نوعين ،أو أنواع ،أحدها أق وى ،ف ترد إلى التمي يز ،فتك ون حائضا في أي ام
الق وي ،مستحاضة في أي ام الض عيف .وإنما يعمل ب التمييز بثالثة ش روط.
أحدها :أن ال يزيد القوي على خمسة عشر يوما ،والث اني :أن ال ينقص عن
ي وم وليلة ليمكن جعله حيض ا .والث الث :أن ال ينقص الض عيف عن خمسة
عشر يوما ليمكن جعله طه را بين حيض تين ،والم راد بخمسة عشر
الض عيف ،أن ال ( )2تك ون متص لة فلو رأت يوما أس ود ،وي ومين أحمر (
،)3وهكذا أبدا ،فجملة الضعيف في الشهر تزيد على خمسة
] [ 254
عشر ،لكن ال يعد هذا تمي يزا لع دم إتص اله .ه ذا ال ذي ذكرن اه من أن ()1
الش روط ثالثة هو الص حيح المع روف في الم ذهب .ولنا وجه ان ش اذان
باش تراط ش رط راب ع .أح دهما قاله ص احب (التتم ة) :أنه يش ترط أننا يزيد
القوي والضعيف ،على ثالثين يوما .فإن زاد ،سقط التمييز .والثاني :م ذكور
في (النهاية) :أن الدمين إن كانا تسعين يوما فما دونها ،عملنا ب التمييز ،ف إن
جاوز تسعين ،ابتدأت حيضة أخرى بعد التسعين .وجعل دورها تسعين أب دا.
وفي المعت بر في الق وة والض عف وجه ان .أص حهما هو ق ول العراق يين
وغيرهم ،أن القوة تحصل بإحدى ثالث خصال :اللون ،والرائحة ،والثخان ة.
فاالس ود أق وى من االش قر .واالش قر أق وى من االص فر ومن االك در إذا
جعلناهما حيض ا .وما له رائحة أق وى مما ال رائحة ل ه .والثخين أق وى من
الرقيق .ولو كان دمها بعضه موصوفا بص فة من الثالث ،وبعضه خاليا عن
جميعها ،فالقوي هو الموص وف بالص فة .ولو ك ان للبعض ص فة ،وللبعض
ص فتان ،ف القوي ما له ص فتان .ف إن ( )2ك ان للبعض ص فتان ،وللبعض
ثالث ،ف القوي ما له الثالث .وإن وجد لبعضه ص فة ،ولبعضه أخ رى،
ف القوي :الس ابق منهم ا .ك ذا ذك ره في (التتم ة) وهو موضع تأم ل .والوجه
الث اني :أن المعت بر في الق وة الل ون وح ده ،وادعى إم ام الح رمين إتف اق
االص حاب على ه ذا الوج ه ،واقتصر عليه أيضا الغ زالي .والص حيح عند
االصحاب :الوجه االول .فرع إذا وجدت ش روط التمي يز ،فت ارة يتق دم ال دم
القوي ،وتارة الضعيف .ف إن تق دم الق وي ،نظ ر .ف إن اس تمر بع ده ض عيف
واحد ،بأن رأت خمسة سوادا ،ثم حمرة مستمرة ،فحيضها السواد .والحم رة
طهر وإن ط ال زمانه ا ،وفيه الوجه ان الش اذان المتق دمان عن (التتم ة) و
(النهاي ة) وإن وجد بع ده ض عيفان ،وأمكن جعل أولهما مع الق وي حيضا (
،)3،بأن رأت خمسة سوادا ،ثم خمسة حمرة ،ثم صفرة مطبقة
] [ 255
فطريق ان .أح دهما :القطع ب أن الق وي مع الض عيف االول حيض .والث اني:
وجهان ،أحدهما :هذا .والثاني :حيضها القوي وح ده ،ف إن لم يمكن جعلهم ا،
بأن رأت خمسة سوادا ،ثم أحد عشر حمرة ،ثم صفرة مطبقة ،فالمذهب :أن
حيضها الس واد .وقي ل :فاق دة التمي يز ،فكأنها رأت س تة عشر أس ود .أما إذا
تقدم بعد القوي أضعف الضعيفين ،فرأت سوادا ،ثم ص فرة ،ثم حم رة ،فإنه
يبنى على ما إذا توسطت الحمرة .فإن الحقناها بما بع ده ،وقلن ا :الحيض هو
السواد وحده ،فهنا أولى .وإن ألحقناها بالسواد ،فحكمها كما إذا رأت سوادا،
ثم حمرة ،ثم عاد السواد .وذلك يعلم بما ذكرن اه من ش روط التمي يز .أما إذا
تقدم الضعيف أوال ،فإن أمكن الجمع بين القوي وما تقدمه ،بأن رأت خمسة
حمرة ،ثم خمسة سوادا ،ثم حمرة مطبق ة ،فثالثة أوج ه .الص حيح :أن الحكم
لل ون ،فحيض ها الس واد ،وأما ما قبله وبع ده ،فطهر والث اني :يجمع بينهم ا،
فحيضها السواد وما قبله .والث الث :أنها فاق دة للتمي يز .وإن لم يمكن الجم ع،
ب أن رأت خمسة حم رة ،ثم أحد عشر س وادا ،ف إن قلنا في حالة االمك ان،
حيضها السواد ،فهنا أولى .وإن قلنا باآلخرين ،ففاقدة للتمي يز على الص حيح
المعروف .وقيل :حيضها الحمرة المتقدمة مراعاة لالولية .فلو ص ار الس واد
ستة عش ر ،ففاق دة للتمي يز باالتف اق ،إال على الش اذ فإنه يق دم االولي ة .وإذا
فرعنا على الصحيح وهو تقديم اللون ،فرأت المبتدأة خمسة عشر حمرة ،ثم
خمسة عشر س وادا ،ت ركت الص وم والص الة في جميع الش هر .ف إن زاد
السواد على خمسة عش ر ،فقد ف ات التمي يز ،ف يرد إلى ي وم وليلة في ق ول،
وإلى ست أو س بع في الق ول اآلخ ر ،فت ترك الص الة والص وم أيضا بعد
الش هر يوما وليل ة ،أو س تا ،أو س بعا .وال يتص ور مستحاضة ت ؤمر ب ترك
الص الة أح دا وثالثين يوما أو س تة أو س بعة وثالثين ،إال ه ذه .ف رع :وإذا
بلغت المرأة سن الحيض ،فرأت دما ،لزمها ترك الصوم والص الة وال وطئ
بمجرد رؤية الدم على الصحيح .وقيل :ال يترك الصوم والصالة حتى ت رى
ال دم يوما وليل ة .فعلى الص حيح لو انقطع ل دون ي وم وليل ة ،ب ان أنه ليس
حيض ا ،فتقضي الص الة .واعلم أن المبتدئة المم يزة ال تش تغل بالص وم
والصالة عند انقالب الدم من القوة إلى الضعف ،الحتمال انقطاع الض عيف
قبل مجاوزة خمسة عشر ،فيكون الجميع
] [ 256
حيض ا ،فت تربص إلى انقض اء الخمسة عش ر .ف إن انقضت وال دم مس تمر،
عرفنا أنها مستحاضة ،فتقضي ص لوات ما زاد على ال دم الق وي .ه ذا حكم
الشهر االول .وأما الثاني وما بعده ،فبانقالب ال دم تغتسل وتص لي وتص وم،
وال يخ رج ذلك على الخالف في ثب وت الع ادة بم رة ،فلو اتفق الش فاء في
بعض االدوار ،ف انقطع ال دم قبل مج اوزة الخمسة عش ر ،فالض عيف حيض
مع الق وي ،كالش هر االول .وس واء في ك ون جميعه حيضا إذا لم يج اوز،
وتق دم الض عيف أو الق وي على الص حيح المع روف .وعلى الش اذ إن تق دم
القوي ،فالجميع حيض ،وإن تقدم الضعيف ،وبعده قوي وح ده ،أو ق وي ،ثم
ضعيف آخ ر ،كمن رأت خمسة حم رة ،ثم خمسة س وادا ،ثم خمسة حم رة،
فحيضها في الصورة االولى :الس واد .وفي الثاني ة :الس واد وما بع ده .ف رع:
مفهوم كالم االصحاب وما صرح به إمام الحرمين :أن المراد ب انقالب ال دم
الق وي ض عيفا ،أن تتمحض ض عيفا ،ح تى لو بقيت خط وط من الس واد،
وظه رت خط وط من الحم رة ،ال ينقطع حكم الحيض ،وإنما ينقطع إذا لم
يبق شئ من السواد أصال .المستحاضة الثانية :مبتدأة ال تمييز لها بأن يكون
جميع دمها بص فة واح دة ،أو يك ون قويا وض عيفا ،وفقد ش رط من ش روط
التمييز ،فينظر فيها ،فإن لم تعرف وقت ابتداء ال دم ،فحكمها حكم المتح يرة
-ويأتي بيانه إن ش اء هللا تع الى -وإن عرفت ه ،فق والن .أظهرهم ا :تحيض
يوما وليل ة ،والث اني :س تا أو س بعا وعلى ه ذا في الست أو الس بع وجه ان.
أحدهما :للتخيير ،فتحيض إن شاءت ستا وإن شاءت س بعا ،وأص حهما ليس
للتخي ير ،بل إن ك انت ع ادة النس اء س تا ،تحيضت س تا ،وإن ك انت س بعا،
فسبعا .وفي النساء المعتبرات أوج ه .أص حها :نس اء عش يرتها من االب وين.
فإن لم يكن عشيرة ،فنساء بلدها .والثاني :نساء العص بات خاص ة .والث الث:
نس اء بل دها وناحيته ا ،ف إن ك انت المعت برات يحضن كلهن س تا أو س بعا،
أخ ذت ب ه .وإن نقصت ع ادتهن كلهن عن س ت ،أو زادت على س بع،
فوجه ان .أص حهما :ت رد إلى ست في ص ورة النقص ،وس بع في الزي ادة.
والث اني :ت رد إلى ع ادتهن .ولو اختلفت ع ادتهن ،فح اض بعض هن س تا،
وبعضهن سبعا ،ردت إلى االغلب .فإن استوى البعضان ،أو حاض بعضهن
.دون ست ،وبعضهن فوق سبع ،ردت إلى الست
] [ 257
ه ذا بي ان مردها في الحيض .أما الطه ر :ف إن قلن ا :ت رد في الحيض إلى
غالب ه ،فك ذا في الطه ر ،ف ترد إلى ثالث وعش رين أو أربع وعش رين .وإن
رددناها في الحيض إلى االق ل ،فالص حيح أن طهرها تسع وعش رون تتمة
الشهر .والث اني :أنه ثالث وعش رون ،أو أربع وعش رون ،وقي ل :على ه ذا
يتعين االربع والعشرون .والصواب المعروف ترديده بين االربع والعش رين
والثالث والعش رين كما ذكرن ا .والث الث :وهو نص غ ريب للش افعي رحمه
هللا :أنه أقل الطهر .فعلى هذا دورها س تة عش ر ،وهو ش اذ ض عيف .واعلم
أن ابتداء مردها في الحيض في حين رأت الدم ،سواء كان بصفة واحدة ،أم
متميزا لفقد ( )1منه شرط التمييز .ولنا وجه ض عيف عن ابن س ريج رحمه
هللا :أنه إذا ابتدأ الضعيف ،وجاوز القوي بعده أكثر الحيض ،فابتداء حيضها
من أول القوي .فرع :غير المميزة ك المميزة في ت رك الص وم والص الة في
الش هر االول إلى تم ام خمسة عشر يوم ا ،ف إن جاوزها ال دم ،تبينا
االستحاض ة ،ف إن رددناها إلى أقل الحيض ،قضت ص لوات أربعة عشر
يوما ،وإن رددناها إلى الست أو السبع ،قضت صلوات تسعة أيام أو ثمانية.
وأما الشهر الثاني وما بعده ،فإن وجدت فيه تمييزا بشرطه قبل تم ام الم رد
أو بعده ،فهي في ذلك الدور :مبت دأة مم يزة .وإن اس تمر فقد التمي يز ،وجب
عند مج اوزة الم رد ،الغس ل ،والص وم ،والص الة .ف إن ش فيت في بعض
الش هور ،قبل مج اوزة خمسة عش ر ،ب ان أنها غ ير مستحاضة في ذلك
الشهر ،وجميع دمها فيه حيض ،فتقضي ما ص امته في أي ام ال دم .وتبينا أن
غسلها لم يصح ،وال تأثم بالصوم والصالة والوطئ ،فيما وراء الم رد ،وإن
ك ان قد وقع في الحيض لجهله ا .وإن لم تش ف ،فهل يلزمها االحتي اط فيما
وراء المرد إلى تم ام خمسة عش ر ،أم تك ون ط اهرا كس ائر المستحاض ات
الطاهرات ؟ قوالن .أظهرهما :الثاني .فإن قلن ا :تحت اط ،لم تحل لل زوج ،إال
بعد خمسة عش ر ،وال تقضي في ه ذه الم دة ف وائت الص وم والص الة
والط واف .ويلزمها أداء الص وم والص الة والغسل لكل ص الة ،وتقضي
الصوم كله ،وال تقضي الصالة .وإذا قلن ا :ال تحت اط ،ص امت وص لت ،وال
.تقضيهما ،وال غسل عليها ،ولها قضاء الفوائت .ويباح وطؤها
] [ 258
المستحاضة الثالثة :المعت ادة غ ير المم يزة ،ف ترد إلى عادته ا .ولها ح االن.
أحدهما :أن ال تختلف عادتها ،فإن تكررت عادت حيض ها وطهرها م رارا،
ردت إليها في قدر الحيض ،والطهر ،ووقتها .والصحيح :أنه ال فرق بين أن
تكون عادتها ،أن تحيض أياما من كل شهر ،أو من كل سنة ،وأكثر .وقي ل:
ال يجوز أن يزيد الدور على تس عين يوم ا ،وس نعيد المس ألة في النف اس إن
شاء هللا تعالى .وإن لم تتكرر .فاالصح :أن العادة تثبت بم رة .والث اني :ال بد
من م رتين .والث الث :ال بد من ثالث م رات .فلو ك انت تحيض خمس ا،
فحاضت في شهر س تا ،ثم استحيضت بع ده ،ف إن اثبتنا الع ادة بم رة ،ردت
إلى الس ت ،وإال ،ف إلى الخمس .ثم المعت ادة في الش هر االول من ش هور
استحاضتها ،تتربص كالمبتدأة ،لجواز انقطاع دمها على خمسة عش ر ،ف إن
جاوزه ا ،قضت ص لوات ما وراء الع ادة .وأما الش هر الث اني وما بع ده،
فتغتسل وتص لي وتص وم عند مضي الع ادة .وال يجئ هنا ق ول االحتي اط
المتق دم في المبت دأة ،لق وة الع ادة .الح ال الثاني ة :أن تختلف عادته ا ،ولها
ص ور .منه ا :أن تس تمر لها ع ادات مختلفة منتظمة ب أن ك انت تحيض في
شهر ثالثة ،ثم في ش هر خمس ة ،وفي ش هر س بعة ،ثم في الرابع ثالث ة ،ثم
في الخ امس خمس ة ،وفي الس ادس س بعة ،وهك ذا أب دا ،فهل ت رد بعد
االستحاضة إلى ه ذه الع ادة ؟ وجه ان .أص حهما :ت رد ،ويج ري الوجه ان،
س واء ك انت عادتها منتظمة على ه ذا ال ترتيب ،أم على ت رتيب آخ ر ،ب أن
كانت ترى خمس ة ،ثم ثالث ة ،ثم س بعا ،ثم تع ود الخمس ة .وس واء رأت كل
ق در م رة ،كما ذكرن ا ،أم م رتين ،ب أن ت رى في ش هرين ثالثة ثالث ة .وفي
ش هرين بع دهما خمسة خمس ة ،وفي ش هرين بع دهما س بعة س بعة .ثم محل
الوجهين إذا تكررت الع ادة ال دائرة .فأما إذا رأت االق دار الثالث ة ،في ثالثة
أدوار ،ثم استحيضت في الرابع ،فال خالف أنها ال ترد إلى االقدار ،النا إن
أثبتنا الع ادة بم رة ،ف االخير ينسخ ما قبل ه ،وإن لم نثبتها بم رة ،فالنه لم
تتكرر االقدار لتصير عادة ،ولهذا قال االئم ة :أقل ما تس تقيم فيه الع ادة في
المثال المذكور ستة أشهر ،فإن رأت هذه االق دار م رتين ،فأقله س نة .ثم إذا
قلن ا :ت رد إلى ه ذه الع ادة ،فاستحض يت عقب ش هر الثالث ة ،ردت في أول
شهور االستحاضة إلى الخمسة .وفي
] [ 259
الث اني :إلى الس بعة .وفي الث الث :إلى الثالث ة .وإن استحيضت بعد ش هر
الخمسة ،ردت إلى السبعة ،ثم الثالثة ،ثم الخمسة .وإن استحيضت بعد شهر
السبعة ،ردت إلى الثالثة ،ثم الخمسة ،ثم السبعة .وإن قلنا :ال ترد إليه ا ،فقد
ذكر الغزالي ثالثة أوجه .أحدها :ت رد إلى ما قبل االستحاضة أب دا .والث اني:
إلى القدر المش ترك بين الحيض تين الس ابقتين لالستحاض ة .ف إن استحيضت
بعد ش هر الخمس ة ،ردت إلى الثالث ة .والث الث :أنها كالمبت دأة .ولم أر ه ذه
االوجه بعد البحث لغ يره ،وال لش يخه ،بل الم ذهب وال ذي عليه االص حاب
في كل الطرق ،أنها ترد إلى القدر المتقدم على االستحاضة .وعلى هذا ،هل
يجب عليها االحتياط فيما بين أقل العادات وأكثرها ؟ وجهان .أص حهما :ال.
كصاحبة العادة الواحدة ،فإنها ال تحتاط بعد المرد .والثاني :يجب .فعلى هذا،
يجتنبها الزوج في المثال المذكور إلى انقضاء السبعة .ثم إن استحيضت بعد
ش هر الثالث ة ،تحيضت من كل ش هر ثالثة أي ام ،ثم تغتس ل ،وتص لي،
وتص وم .وتغتسل م رة أخ رى في آخر الخمس ة ،وم رة أخ رى في آخر
الس بعة .وتقضي ص وم الس بعة دون ص التها .وإن استحيضت بعد ش هر
الخمس ة ،تحيضت من كل ش هر خمس ة .ثم تغتس ل ،وتص لي ،وتص وم،
وتغتسل م رة أخ رى في آخر الس ابع ،وتقضي ص وم الس بعة ،وتقضي
صلوات الي وم الراب ع ،والخ امس ،الحتم ال ع دم الحيض فيهم ا ،ولم تصل
فيهم ا .وإن استحيضت بعد ش هر الس بعة ،تحيضت من كل ش هر س بعة،
واغتس لت في آخر الس ابع ،وقضت ص يام الس بعة ،وص لوات الراب ع،
والخ امس ،والس ادس ،والس ابع .ه ذا كله إذا ذك رت الع ادة المتقدم ة .ف إن
نسيتها ،تحيضت من كل شهر ثالثة أيام ،ثم تغتس ل ،وتص لي ،وتص وم ،ثم
تغتسل في آخر الخ امس ،وآخر الس ابع .وتتوضأ فيما بينهما لكل فريض ة.
س واء قلن ا :ت رد إلى الع ادة ال دائرة ،أم ال ؟ ه ذا مقتضى كالم االص حاب.
وقال امام الحرمين :ه ذا مخص وص بقولن ا :ت رد إلى ال دائرة .فأما إن قلن ا:
ت رد إلى ما قبل االستحاض ة ،فقي ل :هنا ت رد إلى أقل الع ادات .وقي ل :هي
كمبت دأة .وقد تق دم ق والن في أمرها باالحتي اط إلى آخر الخمسة عش ر.
الصورة الثانية .أن ال تكون تلك العادات منتظمة .بل تتقدم هذه م رة ،وه ذه
مرة .فقال إمام الحرمين والغزالي إن لم نردها في حال االنتظ ام إلى الع ادة
الدائرة ،فهنا أولى ،وترد إلى ما تقدم على االستحاضة .وإن رددنا المنتظمة
] [ 260
إلى الدائرة ،فغير المنتظمة كناسية النوبة المتقدمة ،فتحتاط كما س بق .وذكر
غيرهما أوجها ،أصحها :الرد إلى ما تقدم في االستحاضة ،بن اء على ثب وت
العادة بمرة .والثاني :ترد إلى المتقدم إن تكرر م رتين ،أو ثالث ة ،وإال ف إلى
االقل .والثالث ،أنها كالمبتدأة .فإن قلنا باالصح ،أو الثاني ،احتاطت إلى آخر
أك ثر الع ادات .وإن قلن ا :كالمبت دأة ،ففي االحتي اط إلى آخر الخ امس عشر
الخالف المذكور في المبتدأة .هذا إذا عرفت القدر المتقدم على االستحاضة،
ف إن نس يته ،فوجه ان .ق ال االك ثرون :ت رد إلى أك ثر ( )1الع ادات .وقي ل:
كالمبت دأة ،فعلى الث اني في االحتي اط ،الخالف الم ذكور في المبت دأة ،فعلى
االول يجب االحتي اط إلى آخر أك ثر الع ادات .وقي ل :يس تحب وال يجب،
فحصل من المجم وع خالف في أنه ا :هل تحت اط في الح ال الث اني ،س واء
عرفت القدر المتقدم ،أم نسيته ؟ وإذا احتاطت ،فإلى آخر الخمسة عش ر ،أو
آخر المقادير فيه .وفي حالة االنتظام ،سواء نسيت ،أو علمت ،الخالف .لكن
الص حيح عند العلم في حالة االنتظ ام ،أنها ال تحت اط .والص حيح :عند
النسيان .وفي حالة عدم االنتظ ام ،أنها تحت اط لكن إلى آخر االق دار ،ال إلى
تمام الخمسة عشر .هذا كله حكم الع ادة المختلفة ال دائرة .ومن المختلف ة ،أن
يكون في المتقدم من عادته ا ،اختالف ق در أو وقت .وتس مى :المتنقل ة .فمن
صورها ،لو كانت تحيض أول كل ش هر خمسة وتطهر باقي ه ،فحاضت في
دور أربعة من الخمسة ،ثم استحيضت ،فإن أثبتنا العادة بم رة ،رددناها إلى
ما قبل االستحاض ة ،وإال ف إلى الع ادة القديم ة .ولو ك انت المس ألة بحاله ا،
فرأت في دور ستة ،وفي دور بعده سبعة ،ثم استحيض ت ،ف إن أثبتنا الع ادة
بم رة ،رددناها إلى الس بعة .وإن لم نثبتها إال بثالث م رات ،رددناها إلى
الخمسة .وإن أثبتناها بمرتين ،فاالصح :ترد إلى الستة .والثاني :إلى الخمسة.
ولو كانت بحالها ،فحاضت في دور الخمسة الثانية ،فقد تغير وقت حيضها،
وص ار دورها المتق دم على ه ذه الخمسة خمسة وثالثين ،خمسة حيض،
والباقي طهر .فإن تكرر ه ذا ،ب أن حاضت في ال دور اآلخر الخمسة الثالثة
هك ذا م رارا ،ثم استحيض ت ،ردت إلي ه ،فتحيض من أول ال دم ال دائم
،الخمسة ،وتطهر ثالثين ،وهكذا أبدا .وإن لم يتكرر
] [ 261
بل اس تمر ال دم في ال دور االول من الخمسة الثاني ة ،فوجه ان .ق ال أبو
إسحاق :ال تحيض ( )1في هذا الشهر ،فإذا جاء الش هر الث اني ،ابت دأت منه
دورها القديم حيضا وطهرا .والصحيح ،ق ول الجمه ور :أنا نحيض ها خمسة
من ابتداء الدم المبتدئ من الخمسة الثاني ة ،ثم إن اثبتنا الع ادة بم رة ،حكمنا
ب الطهر ثالثين ،وأقمنا عليه ال دور أب دا .وإن لم نثبتها بم رة ،فوجه ان.
أص حهما :أن خمسة وعش رين بع دها طه ر ،النه المتك رر .والث اني :أن
طهرها ب اقي الش هر ال غ ير ،وتحيض الخمسة االولى من الش هر الث اني،
وتراعي عادتها القديمة قدرا ووقت ا .ولو رأت الخمسة الثانية دم ا ،وانقط ع،
وطه رت بقية الش هر ،وع اد ال دم في أول الش هر ،فقد ص ار دورها خمسة
وعشرين ،ف إن تك رر ذل ك ،ب أن رأت الخمسة االولى من الش هر بع ده دما
وطهرت عشرين ،وهكذا مرارا ،ثم استحيضت ،ردت إلي ه .وإن لم يتك رر،
ب أن رأت الخمسة االولى ،فاس تمر ،فالخمسة االولى حيض بال خالف .وأما
الطهر ،ف إن أثبتنا الع ادة بم رة ،فهو عش رون ،وإال فخمسة وعش رون .ولو
كانت بحالها ،فطهرت بعد خمستها المعهودة عشرين ،وعاد الدم في الخمسة
االخ يرة ،فقد تغ ير وقت حيض ها بالتق دم ،وص ار دورها خمسة وعش رين،
ف إن تك رر ال دور ،ب أن رأت الخمسة االخ يرة دم ا ،وانقط ع ،وطه رت
عشرين ،وهكذا مرارا ،ثم استحيضت ،ردت إليه .وإن لم يتكرر ،بل استمر
الدم العائد ،فأربعة أوجه في هذا ونظائره .أصحها :تحيض خمسة من أول ه،
وتطهر عش رين ،وهك ذا أب دا .والث اني :تحيض خمس ة ،وتطهر خمسة
وعشرين .والثالث :تحيض عش رة من ه ،وتطهر خمسة وعش رين ،ثم تحافظ
على الدور القديم ،والرابع :أن الخمسة االخيرة استحاضة .وتحيض من أول
الش هر خمس ة ،وتطهر خمسة وعش رين على عادتها القديم ة .ولو ك انت
بحاله ا ،وحاضت خمس تها ،وطه رت أربعة عشر يوم ا ،ثم ع اد ال دم،
واس تمر ،فأربعة أوج ه .أص حها :أن يوما من أول ال دم العائ د ،استحاض ة،
تكميال للطه ر .وخمسة بع ده حيض ،وخمسة عشر طه ر ،وص ار دورها
عشرين .والثاني :أن اليوم االول استحاضة ،والعش رة الباقية من الش هر مع
خمسة من الش هر بع ده حيض ،ثم تطهر خمسة وعش رين ،وتحافظ على
دورها القديم .والثالث :أن اليوم
] [ 262
االول استحاضة ،وبعده خمسة حيض وخمسة ( )1وعشرون طه ر ،وهك ذا
أبدا .والرابع :جميع ال دم العائد إلى آخر الش هر ،استحاض ة .وتفتتح من أول
الشهر دورها القديم .المستحاضة الرابعة :المعتادة الذاكرة المميزة .إن اتفقت
عادتها ،والتمييز ،ب أن ك انت تحيض خمسة من أول الش هر ،وتطهر باقي ه،
فاستحيض ت ،ورأت خمس ها س وادا ،وب اقي الش هر حم رة ،فحيض ها تلك
الخمسة .وإن لم تتوافق الع ادة والتمي يز ،ولم يتخلل بينهما أقل الطه ر ،ب أن
كانت تحيض خمسة ،فرأت في دور عشرة سوادا ،ثم حمرة مستمرة ،فثالثة
أوجه .أصحها :تعمل بالتمييز ،فحيضها العش رة .والث اني :بالع ادة ،فحيض ها
خمسة من أول ه .والث الث :إن أمكن الجمع بينهم ا ،عمل بال داللتين ،وإال
سقطتا ،وكانت كمبتدأة ال تمي يز له ا ،وفيها الق والن .مث ال إمك ان الجمع ما
ذكرنا من عشرة السواد .وعدم إمكانه ،بأن ترى خمستها حمرة ،وأحد عشر
عقبها سوادا .أما إذا تخلل بينهما أقل الطهر ،بأن رأت عشرين فص اعدا دما
ض عيفا ،ثم خمسة قوي ا ،ثم ض عيفا ،وعادتها القديمة خمس ة ،فق در الع ادة
حيض للع ادة ،والق وي حيض آخ ر ،الن بينهما طه را ك امال .ه ذا هو
الصحيح .ومنهم من بنى هذه الصورة على السابقة ،فقال :إن قدمنا التمي يز،
فحيض ها خمسة الس واد ،وطهرها المتق دم عليه خمسة وأربع ون ،وص ار
دورها خمس ين .وإن ق دمنا الع ادة فحيض ها من ( )2أول الش هر ،خمس ة.
وبع دها ،عش رون طه را .وإن جمعن ا ،فحيض ها الخمسة االولى بالع ادة،
وخمسة الس واد ب التمييز .ف رع :الع ادة ال تي ت رد إليها المعت ادة ،ليس من
شرطها أن تكون عادة حيض وطهر صحيحين بال استحاض ة ،بل قد تك ون
كذلك ،وقد تكون مستفادة من التمي يز ،ب أن ت رى المبت دأة خمسة س وادا ،ثم
خمسة وعشرين حمرة ،وهكذا مرارا ،ثم يستمر الس واد والحم رة في بعض
الشهور ،فقد عرفنا ،أن عادتها خمسة من أول كل شهر ،فترد إليه ( )3على
الصحيح المعروف .وعلى الشاذ :هي كمبتدأة غير
] [ 263
مم يزة .ولو ك انت بحاله ا ،ف رأت في بعض االدوار عش رة س وادا ،وب اقي
الشهر حمرة ،ثم استمر السواد في الذي بعده ،فقال االئمة :فحيض ها عش رة
السواد ،ومردها بعد ذلك عشرة .ولو اعتادت خمسة سوادا ،ثم اس تمر ال دم،
ثم رأت في بعض االدوار عش رة ،ردت في ذلك ال دور إلى العش رة .وفي
هاتين الص ورتين إش كاالن .أح دهما :أن الص ورة الثاني ة ،ينبغي أن تخ رج
على الخالف في اجتماع العادة والتمي يز .والث اني :أن ردها إلى العش رة في
الصورة االولى ،ط اهر إذا أثبتنا الع ادة بم رة ،وإال فينبغي أال تكتفق بس بق
العشرة مرة .قال الغزالي في الجواب عن هذا :هذه عادة تمييزي ة ،فتنس خها
مرة ،فال يجري فيها الخالف كغير المستحاض ة ،إذا تغ يرت عادتها القديمة
م رة ،فإنا نحكم بالحالة الن اجزة .وللمع ترض أن يق ول :لم اختص الخالف
بغ ير التمييزية ؟ قلت :قد نقل الخالف في ه ذه الص ورة وتخريجها على
الخالف في ثب وت الع ادة بم رة ،جماعة كث يرة .منهم ،القاضي أبو الطيب،
والمحاملي ،والسرخسي ( ،)1والشيخ أبو الفتح المقدسي وصاحب (البي ان)
وغ يرهم .وقد أوض حت ذلك في (ش رح المه ذب) ونقلت فيه عب اراتهم.
وعجب من االمام الرافعي ،كونه لم يذكر ه ذا الخالف .وهللا أعلم .فصل في
الصفرة والكدرة الصفرة :شئ كالصديد ،تعل وه ص فرة .والك درة :شئ ك در.
وليسا على ل ون ال دماء ،وهما حيض في أي ام الع ادة بال خالف ( .)2وفي
غيرها أوج ه .الص حيح :أن لها حكم الس واد .والث اني :ليس لها حكم ه.
.والثالث :إن سبق دم قوي
] [ 264
من سواد ،أو حمرة ،فالصفرة ،والكدرة بع ده حيض ،وإال فال .والراب ع :إن
سبقهما دم قوي وتعقبهما قوي ،فهما حيض ،وإال فال .وعلى الثالث والرابع:
يكفي في تقدم القوي وتأخره أي قدر مكان ،ولو لحظة على االص ح .وقي ل:
ال بد من يوم وليلة .والمبت دأة في مردها على الق ولين :االق ل ،والغ الب ،إذا
رأت الصفرة ،والكدرة ،كالمعتادة فيما وراء العادة على الصحيح الذي قطع
به الجمه ور .وقي ل :كأي ام الع ادة .الب الب الث الث في المستحاضة المعت ادة
الناسية الناسية ض ربان :مم يزة ،وغيره ا .ف المميزة :ت رد إلى التمي يز على
الص حيح .وعلى الث اني :هي كغ ير مم يزة ،أما غ ير المم يزة ،فلها أح وال.
االول :أن تنسى عادتها قدرا ووقتا ،لغفلة ،أو عل ة ،أو جن ون ،ونحو ذل ك،
وتس مى :المتح يرة ( ،)1والمح يرة ،وفي حكمها طريق ان .جح دهما :أنها
مأمورة باالحتي اط .والث اني :على ق ولين .المش هور :االحتي اط .والث اني :أنها
كالمبتدأة ،فيكون فيما ترد إليها القوالن ،إلى ي وم وليلة ( .)2والث اني :س ت،
أو سبع .وقيل :ترد على ه ذا الق ول إلى ي وم وليلة قطع ا .وعلى ه ذا الق ول
ابتداء حيضها أول الهالل ،حتى لو أفاقت المجنونة في أثناء الشهر الهاللي،
كان باقي الشهر استحاضة .هذا هو المع روف وق ول الجمه ور تفريعا على
هذا القول .وقال القفال :ابت داء حيض ها ،من وقت االفاق ة .ق ال االئم ة :ق ول
القفال :ضعيف ،الحتمال االفاقة في الحيض .وك ذا ق ول الجمه ور ض عيف،
الن تع يين أول الهالل تحكم .وه ذا مما ض عف به أصل ه ذا الق ول .وعلى
هذا القول :في أمرها باالحتياط ،في انقضاء الم رد إلى آخر الخمسة عش ر،
القوالن في المبتدأة .ومتى أطلقنا الشهر في مس ائل المستحاض ات ،أردنا به
ثالثين يوما .س واء ك ان ابت داؤه من أول الهالل ،أم ال .وال نع ني به الش هر
الهاللي ،إال في هذا الموضع .وأما قول
] [ 265
االحتياط وهو المعمول به ،وعليه التفريع ،فيجب االحتي اط في س تة أش ياء.
االول :يح رم وطؤها أب دا على الص حيح .وقي ل :يب اح للض رورة .فعلى
الصحيح ،لو وطئ فال كف ارة قطع ا .واالس تمتاع بغ ير ال وطئ لها فيه حكم
الحائض .الثاني :يحرم عليها ،مس المص حف ،والق راءة خ ارج الص الة إذا
حرمناها على الحائض .وال تح رم في الص الة الفاتح ة ،وال تح رم الس ورة
أيضا على االصح .وحكمها في دخول المسجد ،حكم الحائض .الث الث :يجب
عليها الص لوات الخمس أب دا ،وال تح رم النوافل على االصح وقيل تح رم.
وقي ل :يح رم غ ير الراتب ة .ويج ري الخالف في نفل الص وم ،والط واف.
ويجب الغسل لكل فريض ة ،ويش ترط وقوعه في ال وقت .وفي وجه ش اذ:
يج وز غس لها قبل ال وقت ،إذا انطبق أول الص الة على أول ال وقت وآخر
الغسل ،ويلزمها المب ادرة بالص الة عقب الغسل على وج ه .واالصح أنها ال
تل زم .لكن إن أخ رت ،لزمها لتلك الص الة وض وء آخر إذا لم نج وز
للمستحاضة ت أخير الص الة عن الطه ارة .الراب ع :يجب عليها ص وم جميع
ش هر رمض ان ،ويحسب لها منه خمسة عشر يوما على المنص وص وق ول
طائفة من االصحاب .وأربعة عشر على قول أك ثرهم .وت أولوا النص ،على
ما إذا علمت أن دمها كان ينقطع في اللي ل ،ف إن نقص الش هر ،حصل على
االول أربعة عش ر ،وعلى الث اني ثالثة عش ر ،وق ال ص احب (المه ذب):
تحصل أربعة عش ر ،ووافقه ص احب (البي ان) وهو غل ط .قلت :لم يغلط
ص احب (المه ذب) ،بل كالمه محم ول على ش هر ت ام .وقد أوض حته في
ش رح (المه ذب) .وهللا أعلم .أما الص لوات الخمس ،إذا أدته ا ،فوجه ان.
أحدهما :ال يجب قضاؤها ،والص حيح عند الجمه ور ،وج وب القض اء (.)1
وقطع به بعضهم ،فعلى هذا تغتسل في أول وقت الصبح ،وتص ليها ،ثم بعد
طل وع الش مس تغتس ل ،وتعي دها .وال يش ترط الب دار باالع ادة بعد خ روج
الوقت ،بل متى أعادتها ،قبل انقضاء خمسة عشر
] [ 266
يوما من أول الصبح ،أجزأها ،وال يشترط ت أخير جميع الص الة الثانية عن
ال وقت .بل لو وقع بعض ها في آخر ال وقت ،ج از بش رط أن يك ون دون
تكبيرة ،إذا قلنا :تلزم الصالة بإدراك تكبيرة .أو دون ركعة ،إذا قلنا :ال تلزم
إال ب إدراك ركع ة ،النه إن ف رض االنقط اع قبل الثاني ة ،فقد اغتس لت،
وصلتها ،واالنقط اع ال يتك رر وإن ف رض في أثنائه ا .فال ( )1شئ عليه ا،
ك ذا قاله إم ام الح رمين فلك ( )2أن تق ول أش كاال .الم رة الثاني ة ،يتق دمها
الغسل ،فإذا وقع بعضها في ال وقت ،والغسل س ابق ،ج از أن يقع االنقط اع
في أثن اء الغس ل ،ويك ون الب اقي من وقت الص الة من حينئذ ق در ركعة أو
تكب يرة ،فيجب أن ينظر إلى زمن الغسل س وى الج زء االول من ه .وإلى
الج زء الواقع من الص الة في ال وقت .ويق ال :إن ك ان ذاك دون ما يل زم به
الصالة ،جاز ،وإال ،فال ،وال يقتصر النظر على جزء الص الة .ومعل وم أنه
ال يمكن أن يكون ذلك دون تكبيرة ،ويبعد أن يكون دون ركع ة .ه ذا الكالم
في الصبح .وأما العصر ،والعشاء ،فيصليهما مرتين كذلك .وأما الظهر ،فال
يكفي وقوعها الم رة الثانية في أول وقت العص ر ،وال وق وع المغ رب في
أول وقت العش اء ،الحتم ال انقط اع الحيض في ال وقت المف روض ،فيل زم
الظهر مع العصر ،أو المغ رب مع العش اء ،فيجب إع ادة الظهر في ال وقت
الذي يجوز إعادة العصر فيه .وهو بعد ذهاب وقت العصر ،وتعيد المغ رب
بعد ذه اب وقت العش اء .ثم إذا أع ادت الظهر والعصر بعد المغ رب (،)3
نظ ر ،إن ق دمتهما على أداء المغ رب ،فعليها أن تغتسل للظه ر ،وتتوضأ
للعص ر ،وتغتسل للمغ رب .وإنما كفى للظهر والعصر غس ل ،الن دمها إن
انقطع قبل الغروب ،فقد اغتسلت بعده .وإن انقطع بعد الغروب ،فليس عليها
ظهر ،وال عصر .وإنما لزمها إعادة الغسل للمغرب ،الحتمال االنقط اع في
خالل الظه ر ،أو العص ر ،أو عقبيهم ا .وهك ذا الحكم إذا قضت المغ رب،
والعشاء ،قبل أداء الصبح بعد طلوع الفجر .وحينئذ ،تكون مصلية الصلوات
الخمس مرتين بثمانية أغس ال ،ووض وءين .وإن أخ رت الظه ر ،والعص ر،
عن أداء المغرب ،اغتسلت للمغ رب ،وكفاها ذلك للظهر والعص ر ،النه إن
انقطع حيضها قبل الغروب ،لم تعد إلى إتمام
] [ 267
م دة الطه ر .وإن انقطع بع ده ،لم يكن عليها ظهر وال عص ر ،لكن تتوضأ
لكل واحدة منهما كسائر المستحاض ات .وك ذا الق ول في المغ رب والعش اء،
إذا أخرتهما عن الصبح .وحينئذ ،تكون مصلية الخمس مرتين .بالغسل س تا،
وبالوضوء أربعا .ثم بالطريق الث اني ،تخ رج عن عه دة الص لوات الخمس.
وأما ب الطريق االول ،فقد أخ رت المغ رب والص بح ،عن أول وقتهم ا،
لتقديمها القضاء عليهما ،فتخ رج عن عه دة ما ع داهما ،وأما هم ا ،فقد ق ال
في (النهاي ة) :إذا أخ رت الص لوات عن أول ال وقت ،ح تى مضى ما يسع
الغسل ،فتلك الصالة لم يكف فعلها م رة أخ رى ،في آخر ال وقت ،أو بع ده،
على التصوير السابق .الحتمال طهرها في أول الوقت ،ثم ح دوث الحيض،
فتجب الص الة ،وتك ون المرت ان واقع تين في الحيض .بل تحت اج إلى فعلها
م رتين أخ ريين بغس لين .ويش ترط أن تك ون إح داهما بعد انقض اء وقت
الرفاهية .والضرورة ،قبل تمام خمسة عشر يوما من افتتاح الص الة ،الم رة
االولى .وتك ون الثاني ة ،في أول الس ادس عش ر ،من آخر الص الة ،الم رة
االولى ،فتخ رج عن العه دة بيقين .ومع ه ذا كل ه ،لو اقتص رت على أداء
الصلوات في أوائل أوقاتها ،ولم تقض شيئا ،حتى مضت خمسة عشر يوما،
أو مضى شهر ،لم يجب عليها لكل خمسة عش ر ،وإال قض اء ص لوات ي وم
وليلة .الن القضاء ال يجب إال الحتمال االنقطاع ،وال يتص ور االنقط اع في
الخمسة عش ر ،إال م رة .ويج وز أن يجب به قض اء ص التي جم ع ،وهما
الظهر ،والعصر ،أو المغرب والعشاء .فإذا أشكل الحال ،أوجبنا قض اء ي وم
وليلة ،كمن نسي صالة أو صالتين من خمس .ولو كانت تصلي في أوس اط
االوقات ،لزمها أن تقضي للخمسة عشر صلوات ،يومين وليلتين ،لجواز أن
يط رأ الحيض في وسط ص الة ،فيبط ل ،وينقطع في وسط أخ رى ،فيجب.
ويج وز أن يكونا مثلين .ومن فاتته ص التان متماثلت ان ،لم تع رف عينهم ا،
لزمه صلوات يومين وليل تين ،بخالف ما إذا ك انت تص لي في أول ال وقت،
فإنه لو فرض ابتداء الحيض في أثناء الص الة ،لم يجب ،النها لم ت درك من
ال وقت ما يس عها .الخ امس :إذا أرادت قض اء ص وم ي وم ،فأقل ما يحصل
بصيام ثالثة ،فتصوم يوما ،وتفطر يوما ،وتصوم الث الث ،ثم الس ابع عش ر.
وال يتعين الثالث ،للصوم الثاني .وال السابع عشر ،للصوم الثالث .بل لها أن
تصوم بدل الثالث ،يوما بعده إلى آخر
] [ 268
الخامس عش ر .وب دل الس ابع عش ر ،يوما بع ده ،إلى آخر تس عة وعش رين
يوما .ولكن الشرط ،أن يكون المخلف ،من أول الس ادس عش ر ،مثل ما بين
صومها االول ،والثاني ،أو أقل من ه .فلو ص امت االول ،والث الث ،والث امن
عش ر ،لم يج ز ،الن المخلف من أول الس ادس عش ر ،يوم ان .وليس بين
الصومين االولين إال ي وم .فلو ص امت االول ،والراب ع ،والث امن عش ر ،أو
الس ابع عش ر ،ج از .ولو ص امت االول ،والخ امس عش ر ،فقد تخلل بين
الص ومين ثالثة عش ر ،فلها أن تص وم التاسع والعش رين ،ولها أن تص وم
يوما قبله ،غير السادس عشر .ولنا وجه شاذ :أن يكفيها في صوم الي وم ،أن
تصوم يومين ،بينهما أربعة عشر .وحكي هذا عن نص الش افعي رحمه هللا،
وهو قول من قال :يحسب لها من رمض ان ،خمسة عش ر .وقطع الجم اهير:
بأنه ال يكفي اليومان ،الحتمال ابتداء الحيض في اليوم االول ،وانقطاعه في
الس ادس عش ر .وت أولوا النص ،على ما إذا علمت االبت داء واالنقط اع في
الليل .أما إذا أرادت قضاء أكثر من يوم فتض عف ما عليه ا ،وتزيد ي ومين،
فتصوم نصف الجموع متواليا متى شاءت ،وتص وم النصف اآلخر من أول
الس ادس عش ر .ف إذا أرادت ي ومين ،ص امت ثالثة متوالية م تى ش اءت .ثم
أفط رت تم ام خمسة عش ر ،ثم ص امت الس ادس عش ر ،والس ابع عش ر،
والثامن عشر .وإن أرادت ثالثة ،ص امت أربع ة ،ثم أربع ة ،أولها الس ادس
عش ر .وإن أرادت أربعة عش ر ،ص امت الش هر كل ه .ولو أنها ص امت ما
عليها على ال والء م تى ش اءت من غ ير زي ادة ،وأعادته من أول الس ابع
عشر ،وصامت بينهما يومين مجتمعين ،أو متف رقين ،إما متص لين بالص وم
االول أو الثاني ،وإما غير متصلين ،لخ رجت عن ( )1العه دة .ه ذا كله في
قضاء الصوم الذي ال تت ابع في ه ،وأما المتت ابع ،بن ذر ،أو غ يره .ف إن ك ان
قدرا يقع في شهر ،صامته ( )2على الوالء ،ثم صامته ( )3مرة أخ رى من
السابع عشر .مثاله :عليها يوم ان متتابع ان .تص وم ي ومين ،وتص وم الس ابع
عشر ،والثامن عشر ،وتصوم بينهما يومين متتابعين .فإن كان عليها شهران
متتابعان ،صامت مائة وأربعين يوما متوالية .أما إذا أرادت تحص يل ص الة
فائتة ،أو منذورة ،فإن كانت
] [ 269
واح دة ،ص لتها بغسل م تى ش اءت ثم أمهلت زمانا يسع الغس ل ،وتلك
الصالة ،ثم تعيدها بغسل آخر ،بحيث تقع في خمسة عشر ،من أول الص الة
االولى .وتمهل من أول السادس عشر قدر االمه ال االول ،ثم تعي دها بغسل
آخر قبل تمام شهر من المرة االولى .ويش ترط أن ال ي ؤخر الثالثة عن أول
الس ادس عشر أك ثر من الزم ان المتخلل بين آخر الم رة االولى ،وأول
الثانية ،كما ذكرنا في الص وم .وإن أرادت ص لوات .فلها طريق ان .أح دهما:
أن تنزلها منزلة الصالة الواحدة فتصليها متوالية ثالث مرات كما ذكرنا في
الواح دة .وتغتسل في كل م رة للص الة االولى ،وتتوضأ لكل واح دة بع دها.
وسواء اتفقت الصلوات ،أو اختلفت .والطريق الثاني :ينظر ما عليه ا ،إن لم
تختلف ،ضعفته وزادت صالتين ،وصلت نصف الجملة متوالي ا .ثم النصف
اآلخر من أول الس ادس عشر من أول الش روع في النصف االول .مثال ه:
عليها خمس ص لوات ص بح ،تض عفها ،وتزيد ص التين ،فتص لي س تا م تى
شاءت ،وستا أول الس ادس عش ر .وإن ك ان الع دد مختلف ا ،ص لت ما عليها
بأنواعه متواليا م تى ش اءت ،ثم ص لت ص التين ،من كل ن وع مما عليه ا،
بش رط أن يقعا في خمسة عشر يوما من أول الش روع .وتمهل من أول
السادس عشر زمانا يسع الصالة المفتتح بها ،ثم تعيد ما عليها ،على ترتيب
فعلها في المرة االولى .مثاله :عليها ظهران ،وثالث أصباح ،تصلي الخمس
متى شاءت ،ثم تص لي بع دها في الخمسة عشر ص بحين وظه رين ،وتمهل
من السادس عشر ما يسع ص بحا ،ثم تعيد الخمس كما فعلت أوال .وفي ه ذا
الطريق ،تفتقر لكل صالة إلى غسل ،بخالف الطريق االول .وأما الط واف،
فكالص الة ،واح دا ك ان ،أو ع ددا ،ويص لي مع كل ط واف ركعتيه ويكفي
غسل واحد للط واف وركعتيه إن لم ن وجب الركع تين .ف إن أوجبناهم ا،
فاالصح ،أنه يجب وضوء للركعتين بعد الطواف .والث اني :يجب غسل آخر
لهما .والثالث :ال يجب شئ .السادس :في عدة المتحيرة .الصواب :الذي عليه
الجماهير ،أن ع دتها ،ثالثة أش هر في الح ال ( .)1وفي وجه ش اذ :تقعد إلى
.سن اليأس ،ثم تعتد باالشهر
] [ 270
فرع :اعلم أن إمام الحرمين مال إلى رد المتحيرة إلى مرد المبتدأة في ق در
الحيض ،وإن لم نجعل الهالل ،ابت داء دوره ا .ومما استش هد ب ه ،مس ألة
عدتها ،فإنها تدل على تقريب أمرها من المبتدأة في عدد الحيض ،والطه ر.
وهذا توسط بين الق ول الض عيف ،واالحتي اط الت ام .وفيه تخفيق أمره ا ،في
المحسوب من رمضان ،فإن غاية حيضها على هذا ،سبعة ،يفسد به ثماني ة،
فيحصل لها من شهر رمضان الكامل ،اثن ان وعش رون يوم ا .وك ذا قض اء
الص وم ،والص الة ،فيكفيها على ه ذا ،إذا أرادت ص وم ي وم ،أن تص وم
يومين ،بينهما سبعة .لكن الذي عليه الجمهور ،ما تق دم .قلت :قد أتقن االم ام
ال رافعي رحمه هللا ،ب اب المتح يرة ولخص مقاص ده في أوراق قليل ة .وقد
بس طت أنا في ش رح (المه ذب) جميع مس ائله .وذك رت في ع دتها طريقة
أخرى ،اختارها الدارمي ،فيها إنكار على االصحاب في المذكور هنا .وك ذا
في صومها المتتابع ،وكذا في غ ير المتت ابع .ومن جملة ذل ك ،أن من عليها
صوم يومين ،يحصل لها ذلك بص يام خمسة أي ام .فتص وم االول ،والث الث،
والسابع عشر ،والتاسع عشر .وتخلي الراب ع ،والس ادس عش ر ،يبقى بينهما
أحد عشر يوما .تصوم منها يوما ،أيها شاءت .ثم بسط تفريع ذلك ،وتقسيمه.
وعلى زوج المتح يرة ،نفقته ا .وال خي ار له في فسخ نكاحه ا ،الن جماعها
متوقع .بخالف الرتقاء .وال تصح ص الة ط اهرة خلف متح يرة ،وال ص الة
متحيرة خلف متحيرة على الصحيح .وال يلزمها الكفارة بالجم اع ،في نه ار
شهر رمضان على الصحيح ،إن قلنا :يجب على الم رأة ،وال فدية عليها إذا
أفطرت الرضاع على الصحيح ،إن أوجبناها على غيرها .وال يصح جمعها
بين الص التين بالس فر أو المطر في وقت االولى ( .)2وإذا وجب عليها
صوم يوم ،فشرعت في الصيام على التفصيل المتقدم ،فص امت يوما ش كت
بعد فراغها منه ،هل نوت صومه ،أم ال ؟ حكم بصحته على الصحيح ،النه
شك بعد الفراغ .وعلى الثاني :ال يصح .الن هذا
] [ 271
الص يام ،كي وم واح د .فص ار كالشك في أثنائ ه .وهللا أعلم .الح ال الث اني:
للناس ية أن تحفظ زمن عادته ا .وض ابطه ،أن كل زمن تيقن فيه الحيض،
ثبت فيه أحك ام الحيض كله ا .وكل زمن تيقن فيه الطه ر ،ثبت في حكم
الطه ر .لكن بها ح دث دائم ،وكل زمن يحتمل الحيض والطه ر ،فهي في
االستمتاع ،كالحائض .وفي لزوم العبادات ،كالطاهر .ثم إن كان ذلك ال زمن
محتمال لالنقط اع ،وجب الغسل لكل فريض ة ،ووجب االحتي اط على ما
يقتضيه الحال .فإذا عينت ثالثين يوما ،وق الت :ك ان حيضي يبت دئ الوله ا،
وك ذا كل ثالثين بع دها ،في وم وليلة من أول الثالثين حيض بيقين .وبع ده،
يحتمل الحيض والطهر .واالنقطاع إلى آخر الخمسة عش ر ،وبع ده إلى آخر
الش هر ،طهر بيقين .وك ذا الحكم في كل ثالثين ،والم راد بالش هر ،في ه ذه
المس ائل ،االي ام ال تي تعينها هي ،ال الش هر الهاللي .ولو عينت ثالثين،
وقالت :أعلم أن الدم كان ينقطع آخر كل شهر ،فالنصف االول ،طهر بيقين.
وبعده ،يحتمل الحيض والطهر ،دون االنقطاع .وليلة الثالثين ويومها حيض
بيقين .ولو ق الت :كنت أخلط ش هرا بش هر ،أي كنت في آخر كل ش هر،
[ وأول ما بع ده حائضا فلحظة من أول كل ش هر ] ( )1ولحظة من آخ ره،
حيض بيقين .ولحظة من آخر الخامس عش ر ،ولحظة من أول ليلة الس ادس
عش ر ،طهر بيقين .وما بين اللحظة من أول الش هر ،واللحظة من آخر
الخ امس عش ر ،يحتمل الحيض ،والطه ر ،واالنقط اع .وما بين اللحظة من
أول ليلة السادس عشر ،واللحظة من آخر الش هر ،يحتملهما دون االنقط اع.
ولو ق الت :كنت أخلط ش هرا بش هر طه را ،فليس لها حيض بيقين ،ولها
لحظتا طهر بيقين في أول كل ش هر ،وآخ ره .ثم ق در أقل الحيض بعد
اللحظتين ،ال يمكن فيه االنقطاع ،وبعده يحتمل .ولو قالت :كنت أخلط شهرا
بشهر حيضا ،أو كنت اليوم الخامس حائضا ،فلحظة من كل آخر شهر ،إلى
آخر خمسة أي ام من ال ذي بع ده ،حيض بيقين ،ولحظة من آخر الخ امس
عشر ،إلى آخر العشرين ،طهر بيقين ،وما بينهما ،كما سبق .الح ال الث الث:
أن تحفظ قدر عادتها .وإنما تخرج الحافظة ( )2عن التحير
] [ 272
بحفظ ق در ال دور وابتدائ ه ،وق در الحيض .إذ لو ق الت :حيضي خمسة
وأضللتها في دوري ،وال أعرف سوى هذا ،فال فائدة في حفظه ا ،الحتم ال
الحيض ،والطه ر ،واالنقط اع كل زم ان .وك ذا لو ق الت :حيضي خمس ة،
ودوري ثالثون ،ال أع رف ابت داءه .وك ذا لو ق الت :حيضي خمسة وابت داؤه
يوم ك ذا ،وال أع رف ق دره .ف إن حفظتهما مع ق در الحيض ،فإض اللها بعد
ذلك يكون الضالل الحيض .واالضالل ،قد يكون في كل ال دور ،وقد يك ون
في بعضه .فإن ك ان في كل ه ،فكله يحتمل الحيض والطه ر .وق در الحيض،
من أول ال دور ،ال يحتمل االنقط اع [ وبع ده يحتمله ] ( .)1مثال ه :ق الت:
دوري ثالث ون ،أولها ك ذا ،وحيضي عش رة .فعش رة في أوله ا ،ال يحتمل
االنقط اع ،والب اقي يحتمل ه ،والجمي ع ،يحتمل الحيض والطه ر .فلو ق الت:
حيضي إحدى عشرات الشهر ،فهذه كاالولى ،إال أن احتمال االنقط اع هن ا،
ال يكون إال في آخر كل عشرة .ومثال االضالل في بعض ال دور أن تق ول:
أضللت عشرة ،في عشرين من أول الشهر ،فالعش رة االخ يرة ،طهر بيقين،
والعشرون ،تحتمل الحيض والطهر .وال يمكن االنقط اع في االولى ،ويمكن
في الثانية .ولو قالت :أضللت خمسة عشر ،في عشرين من االول ،فالعش رة
االخ يرة ،طهر بيقين .والخمسة الثاني ة ،والثالث ة ،حيض بيقين .ف االولى،
تحتمل الحيض والطه ر ،دون االنقط اع .والرابع ة ،تحتمل الجمي ع ،ولو
ق الت :حيضي خمس ة .وكنت الي وم الث الث عشر ط اهرا ،فخمسة من أول
الدور ،تحتمل الحيض والطه ر ،دون االنقط اع .وما بع ده ،تحتمل الجمي ع،
إلى آخر الث اني عش ر .ثم الث الث عش ر ،والرابع عش ر ،والخ امس عش ر،
طهر بيقين .ومن أول الس ادس عش ر ،إلى آخر العش رين ،تحتمل الحيض
والطهر دون االنقط اع .ومنه إلى آخر الش هر ،تحتمل الجمي ع .وم تى ك ان
القدر الذي أضلته ،زائ دا على نصف المضل في ه ،حصل حيض بيقين ،من
وسطه ،وهو الزائد على النصف مع مثله .فهذا ض ابطه وقد ذكرنا مثاله في
.قولها :أضللت خمسة عشر ،في عشرين
] [ 273
الب اب الرابع في التلفيق إذا انقطع دمه ا ،ف رأت يوما دم ا ،ويوما نق اء .أو
يومين ،ويومين .فتارة ،يجاوز التقطع خمسة عشر ،وتارة ال يجاوزه ا .ف إن
لم يجاوزها ،فقوالن .أظهرهما عند االك ثرين :أن الجمي ع ،حيض .ويس مى:
قول السحب .والثاني :حيضها ال دماء خاص ة .وأما النق اء ،فطه ر .ويس مى:
ق ول التلفي ق .وعلى ه ذا الق ول :إنما نجعل النق اء طه را ،في الص وم،
والصالة ،والغسل ونحوها دون الع دة .والطالق فيه ب دعي .ثم الق والن :إنما
هما في النق اء الزائد على الف ترة المعت ادة .فأما الف ترة المعت ادة بين دفع تي
الدم ،فحيض بال خالف .قال إمام الحرمين في الفرق بين الفترة والنق اء :دم
الحيض يجتمع في ال رحم ،ثم ال رحم يقط ره ش يئا فش يئا ،ف الفترة :ما بين
ظهور دفعة ،وانتهاء أخ رى من ال رحم إلى المنف ذ .فما زاد على ذل ك ،فهو
النقاء .قال ال رافعي :وربما ت ردد الن اظر ،في أن مطلق الزائ د ،هل يخ رج
عن الف ترة ،الن تلك م دة يس يرة ؟ قلت :الص حيح المعتمد في الف رق ،أن
الفترة :هي الحالة التي ينقطع فيها جريان الدم ،ويبقى أثر ،بحيث لو أدخلت
فرجها قطنة ،لخرج عليها أثر ال دم من حم رة ،أو ص فرة ،أو ك درة ،فه ذه
حالة حيض قطعا ،ط الت ،أم قص رت .والنق اء :أن يص ير فرجها بحيث لو
أدخلت القطن ة ،لخ رجت بيض اء ،فه ذا الض بط ،هو ال ذي ض بطه االم ام
الش افعي رضي هللا عنه ( )1في (االم) والش يوخ الثالث ة :أبو حامد
االس فراييني ،وص احبه القاضي أبو الطيب ،وص احبه الش يخ أبو إس حاق
الشيرازي في تعاليقهم .فال مزيد علي ه ،وال محيد عن ه .وهللا أعلم .وال ف رق
في جريان القولين بين أن يستوي قدر الدم والنقاء ،أو يزيد أحدهما لو رأت
صفرة ،أو كدرة بين سوادين ،وقلنا :إنها في غير أيام العادة ،ليست حيض ا،
فهي كالنق اء .وإذا قلنا بالس حب ،فش رطه ك ون النق اء محتوشا ب دمين في
.الخمسة عشر .فإن لم يقع بينهما ،فهو طهر بال خالف
] [ 274
مثاله :رأت (الدم) يوما ،ويوما ،إلى الثالث عشر ،ولم يعد الدم في الخ امس
عش ر ،ف الرابع عش ر ،والخ امس عش ر ،طهر قطع ا ،الن النق اء فيهما لم
يتعقبه دم في الخمسة عش ر .ف رع :ال دماء المتفرق ة ،إن بلغ مجموعها أقل
الحيض ،نظ ر ،إن بلغ االول ،واآلخ ر ،كل منهما أقل الحيض ،فعلى
الق ولين .وقي ل :النق اء هنا حيض قطعا ( .)1وإنما الق والن ،إذا لم يبلغ كل
ط رف االق ل .وإن لم يبلغ واحد منهما االق ل ،ب أن رأت نصف ي وم دم ا،
ونصفه نقاء ،إلى آخر الخمسة عشر ،فثالثة طرق .أص حها :ط رد الق ولين.
فعلى ق ول التلفي ق :حيض ها أنص اف ال دم س بعة ونص ف .وعلى الس حب،
حيضها أربعة عشر ونصف ،فإن النصف االخير لم يحتوشه دمان .والثاني:
القطع بأن ال حيض أص ال ،وكله دم فس اد .والث الث :أن توس طهما ق در أقل
الحيض متص ال ،فعلى الق ولين ،وإال ف الجميع دم فس اد .وإن بلغ أح دهما
االقل ،دون اآلخ ر ،فثالثة ط رق .أص حها :ط رد الق ولين .والث اني :ما بلغه
حيض ،وما س واه ،دم فس اد .والث الث :إن بلغ االول أقل الحيض ،ف الجميع
حيض .وإن بلغ اآلخ ر ،فهو حيض دون ما س واه .ه ذا كله إذا بلغ مجم وع
الدماء أقل الحيض .ف إن لم يبلغ ه ،فطريق ان .أص حهما :ط رد الق ولين .ف إن
لفقنا ،فال حيض ،وكذا إن سحبنا ،على االصح .وعلى الضعيف :الدم والنقاء
كله حيض .والطريق الث اني :القطع ب أن ال حيض .فحصل في المعت بر من
الدمين لنجعل ما بينهما حيضا على ق ول الس حب أوج ه .أص حهما :يش ترط
بلوغ مجموع الدماء ق در أقل الحيض .والث اني :يش ترط أن يك ون كل واحد
من ال دمين ق در أقل الحيض ،ح تى لو رأت دما ناقصا عن االق ل ،ودمين
آخرين غير ناقص ين ،ف االول :دم فس اد ،واآلخ ران ،وما بينهما من النق اء،
حيض .والثالث :ال يشترط ،بل لو كان مجموع الدماء ،نصف يوم ،أو أق ل،
فهي وما بينهما من النق اء حيض ،على ق ول التلفيق ( .)2قاله االنم اطي (
)3.
] [ 275
والراب ع :يش ترط بل وغ أولهم ا ،وح ده أقل الحيض .والخ امس :يش ترط أن
يكون أح دهما أقل الحيض .والس ادس :يش ترط االقل في االول ،أو االخ ير،
أو الوسط .فرع :إذا انقطع دم المبتدأة ،فعند انقطاعه وهو ب الغ أقل الحيض،
يلزمها على القولين الغس ل ،والص الة ،والص وم ،ولها الط واف ،والجم اع.
وفي وجه :ال يحل الجماع إذا قلنا بالسحب .ثم إذا عاد الدم ،تركت الص وم،
والص الة ،والجم اع ،وغيره ا .وبينا على ق ول الس حب وق وع العب ادات،
والجم اع في الحيض .لكن ال ت أثم ،وتقضي الص وم ،والط واف ،دون
الص الة .وعلى ق ول التلفي ق :ما مض ى ،ص حيح ،وال قض اء .وهك ذا حكم
االنقط اع الث اني ،والث الث ،وما بع دهما في الخمسة عش ر .وفيه وجه ش اذ
ضعيف :أن ما سوى االنقطاع االول ،يبنى على أن الع ادة بم اذا ثبتت .ف إذا
ثبتت ،توقفنا في الغسل ،وسائر العبادات ارتقابا للع ود .وأما الش هر الث اني،
وما بع ده ،فعلى ق ول التلفي ق :ال يختلف الحكم .وعلى الس حب ،في ال دور
الثاني ،طريقان .أصحهما :يب نى على الخالف في الع ادة ،إن أثبتناها بم رة،
فقد عرفنا التقطع بالش هر االول ،فال تغتس ل ،وال تص لي وال تص وم ،حمال
على ع ود ال دم .ف إن لم يع د ،ب ان أنها ك انت ط اهرة ،فتقضي الص وم،
والصالة .وإن لم نثبتها بم رة ،فحكمها كما مضى في [ الش هر االول وفي ]
( )1الشهر الثالث .وما بعده ،تثبت العادة بالمرتين السابقتين .فال تغتسل عند
االنقط اع ،وال تص لي .وإذا قلن ا :ال تثبت الع ادة إال بثالث م رات ،لم يخف
قياس ه .والطريق الث اني :أن التقطع وإن تك رر م رات كث يرة ،فحكم الم رة
االخيرة ،حكم االولى .قاله أبو زي د .قلت :قطع ب الطريق الث اني ،الش يخ أبو
حامد ،وصاحب (الشامل)
] [ 276
وغيرهما .وهو ظ اهر نصه في (االم) وهو االص ح .وهللا أعلم .ه ذا كله إذا
كان االنقطاع بعد بلوغ الدم أقل الحيض ،فإن رأت المبتدأة نصف يوم دم ا،
وانقط ع ،وقلنا بط رد الق ولين ،فعلى ق ول الس حب ،ال غسل عليها عند
االنقطاع االول ،وتتوضأ وتصلي .وفي سائر االنقطاعات إذا بلغ مجموع ما
سبق دما ونقاء أقل الحيض ،صار حكمها ما س بق في الحالة االولى .وعلى
ق ول التلفي ق :ال غسل في االنقط اع االول أيضا على االص ح ،لش كنا في
الحيض ،وفي سائر االنقطاعات إذا بلغ ما سبق من الدم وحده أقل الحيض،
يلزمها الغسل ،وقضاء الصوم ،والصالة .وحكم الدور الثاني ،والثالث ،على
الق ولين جميع ا .كما ذكرنا في الحالة االولى .فصل إذا ج اوز ال دم بص فة
التلفي ق ،الخمسة عش ر ،ص ارت مستحاض ة .كغيرها إذا ج اوز دمه ا ،وال
ص ائر إلى االلتق اط من جميع الش هر وإن لم ي زد مبلغ ال دم على أك ثر
الحيض .وإذا ص ارت مستحاض ة ،ف الفرق بين حيض ها ،واستحاض تها،
بالرجوع إلى العادة ،أو التمييز ،كغير ذات التلفيق .وقال محمد ( )1بن بنت
الش افعي رحمهم هللا تع الى :إن اتصل ال دم المج اوز ،ب دم الخمسة عش ر،
فالحكم ك ذلك .وإن انفصل بتخلل نق اء ،فالمج اوز استحاض ة .وجميع ما في
الخمسة عشر من الدماء ،حيض .وفي نقائها ،الق والن .مث ال المتص ل :رأت
ستة دما ،ثم ستة نقاء ،ثم ستة دما .ومثال غير المتصل :رأت يوما ،ويوم ا،
فالسادس عشر نقاء ،هذا قول ابن بنت الشافعي .وبه قال أبو بكر المحمودي
( ،)2وغيره .والصحيح :أنها مستحاضة
] [ 277
في الجميع ،وعليه التفريع .فالمستحاضات ،خمس .االولى :المعت ادة الحافظة
عادتها .وهي ضربان( :الضرب االول) ع ادة ال ينقطع فيه ا .والث اني ع ادة
منقطعة .فالتي ال ينقطع لها كل ع ادة ،ت رد إليها عند االطب اق .والمج اوزة،
ترد إليها عند التقطع والمج اوزة .ثم على ق ول الس حب :كل دم يقع في أي ام
العادة ،وكل نقاء يتخلل دمين فيها ،فهو حيض .والنقاء الذي ال يتخل ل ،ليس
بحيض .وأي ام الع ادة ،كالخمسة عشر عند ع دم المج اوزة ،فال مع دل عن ه.
وعلى ق ول التلفي ق :فيما يجعل حيض ا ،وجه ان .أص حهما :ق در عادتها من
ال دماء الواقعة في الخمسة عش ر .ف إن لم تبلغ ال دماء في خمسة عشر ق در
عادتها ،جعل الموجود فيها حيضا .والثاني :حيض ها ال دماء الواقعة في أي ام
الع ادة ال غ ير .مثال ه :ك انت تحيض خمسة متوالية من أول الش هر ،فيقطع
دمها يوما يوما ،فعلى السحب :حيضها خمسة من أول الدور .وعلى التلفيق:
من الخمسة عشر ،حيضها االول ،والث الث ،والخ امس ،والس ابع ،والتاس ع.
وعلى التلفيق من الع ادة :حيض ها االول ،والث الث ،والخ امس .ولو ك انت
تحيض س تة ،فعلى الس حب :حيض ها خمس ة ،وس قط الس ادس ،النه ليس
محتوشا ب دمي حيض في أي ام الع ادة .وعلى التلفيق من الخمسة عش ر:
حيضها أيام الدماء ،آخرها الحادي عشر .وعلى التلفيق من الع ادة :حيض ها
االول ،والث الث ،والخ امس .ولو انتقلت عادتها بتق دم ،أو ت أخر ،ثم
استحيض ت ،ع اد الخالف كما ذكرنا في حالة االطب اق .وك ذا الخالف فيما
تثبت به العادة .مثال التقدم :ك ان عادتها خمسة من ثالثين ،ف رأت في بعض
االشهر يوم الثالثين دما ،واليوم الذي بعده نقاء ،وهكذا إلى أن انقطع دمها،
وجاوز الخمسة عش ر ،ق ال أبو إس حاق :حيض ها ،أيامها القديم ة ،وما قبلها
استحاضة .فإن سحبنا ،فحيض ها ،الي وم الث اني ،والث الث ،والرابع ( .)1ق ال
الجمهور -وهو المذهب :-تنتقل العادة بمرة .فإن سحبنا ،فحيضها
] [ 278
خمسة متوالي ة .أوله ا :الثالث ون .وإن لفقنا من الع ادة ،فحيض ها الثالث ون.
والث اني ،والراب ع ،إن لفقنا من الخمسة عش ر ،ض ممنا إليها الس ادس،
والث امن .ومث ال الت أخر :أن ت رى في بعض االش هر ،الي وم االول :نق اء.
والثاني :دما ،واستمر التقطع .فعند أبي إسحاق :الحكم كما سبق في الصورة
الس ابقة .وعلى الم ذهب :إن س حبنا ،فحيض ها خمسة متوالي ة ،أولها الث اني.
وإن لفقنا من العادة ،فالثاني ،والراب ع ،والس ادس .وه و :إن خ رج عن ()1
الع ادة القديم ة ،فبالت أخر انتقلت عادته ا ،وص ار الث اني :أوله ا .والس ادس:
آخره ا .وإن لفقنا من الخمسة عش ر ،ض ممنا إليها الث امن ،والعاش ر .وقد
ص ار طهرها الس ابق على االستحاضة في ه ذه الص ورة ،س تة وعش رين.
وفي صورة التقدم ،أربعة وعشرين .ولو لم يتقدم ال دم في المث ال الم ذكور،
وال تأخر ،لكن تقطع ،هو والنقاء يومين يومين ،لم يعد خالف أبي إس حاق،
بل مب ني على الق ولين .ف إن س حبنا ،فحيض ها خمسة متوالي ة .والس ادس
استحاض ة ،كال دماء بع ده .وإن لفقنا من الع ادة ،فحيض ها االول ،والث اني،
والخ امس .وإن لفقنا من الخمس عش ر ،ض ممنا إليها الس ادس ،والتاس ع.
وحكي وجه ش اذ :أن الخ امس ال يجعل حيض ا ،إذا لفقنا من الع ادة ،وال
التاسع ،إذا لفقنا من الخمسة عشر ،النهما ضعفا باتصالهما بدم االستحاضة.
ويج رى ه ذا الوجه في كل نوبة دم يخ رج بعض ها عن أي ام الع ادة ،إن
اقتصرنا عليها ،أو عن الخمسة عشر ،إن اعتبرناها .هذا بيان حيض ها .فأما
ق در طهرها بع ده ،إلى اس تئناف حيضة أخ رى ،فينظ ر ،إن ك ان التقط ع،
بحيث ينطبق ال دم على أول ال دور ،فهو ابت داء الحيضة االخ رى .وإن لم
ينطبق ،فابتداؤها أق رب ن وب ال دماء إلى ال دور ،تق دمت أو ت أخرت ،ف إن
اس تويا في التق دم ،والت أخر ،فابت داء حيض ها النوبة المت أخرة ،ثم قد يتفق
التق دم والت أخر في بعض أدوار االستحاض ة ،دون بعض .وطرائق معرفة
ذلك ،أن تأخذ نوبة دم ونق اء ،وتطلب ع ددا ص حيحا يحصل من مض روب
مجموع النوبتين فيه مقدار دورها ،فإن وجدته ،فاعلم انطباق ال دم على أول
الدور ،وإال ،فاضربه في عدد يكون الحاصل منه ،أقرب إلى دورها ،زائ دا
كان ،أو ناقصا .واجعل حيضها الث اني ،أق رب ال دماء إلى أول ال دور ،ف إن
استوى
] [ 279
طرف الزيادة والنقص ،فاالعتب ار بالزائ د .مثال ه :عادتها خمسة من ثالثين،
وتقطعا يوما يوما ،وجاوز ،فنوبة الدم ،يوم ،ونوبة النقاء ،مثله .وتجد ع ددا
إذا ضربت االثنين في ه ،بلغ ثالثين ،وهو خمسة عش ر ،فيعلم انطب اق ال دم،
على أول دورها أبدا ،ما دام التقطع بهذه الصفة .ولو كانت المسألة بحاله ا،
وانقطع يومين يومين ،فال تجد عددا يحصل من ضرب أربعة ،فيه ثالث ون.
ف اطلب ما يق رب الحاصل فيه من الض رب في ه ،من ثالثين ،وهنا ع ددان،
س بعة وثماني ة .أح دهما :يحصل منه ثمانية وعش رون .واآلخ ر :اثن ان
وثالثون .فاستوى طرفا الزيادة والنقص ،فخذ بالزيادة ،واجعل أول الحيضة
االخ رى ،الث الث والثالثين .وحينئ ذ ،يع ود خالف أبي إس حاق ،لت أخر
الحيض ،فحيضها عن ده في ال دور الث اني ،هو الي وم الث الث ،والراب ع ،فقط
على القولين .وأما على المذهب ،فإن سحبنا ،فحيضها خمسة متوالية .أولها:
الثالث .وإن لفقنا من الع ادة ،فحيض ها الث الث ،والراب ع ،والس ابع .وإن لفقنا
من الخمسة عشر ،ضممنا إليها الثامن ،والحادي عشر .ثم في الدور الثالث،
ينطبق الدم على أول الدور ،فال يبقى خالف أبي إسحاق ،ويكون الحكم كما
ذكرنا في الدور االول .وفي الدور الرابع ،يت أخر الحيض ،ويع ود الخالف.
وعلى ه ذا أب دا .ولو ك انت المس ألة بحاله ا ،ورأت ثالثة أي ام دم ا ،وأربعة
نقاء ،فمجموع النوبتين ،س بعة .وال تجد ع ددا إذا ض ربت الس بعة في ه ،بلغ
ثالثين ،فاض ربه في أربع ة ،لتبلغ ثمانية وعش رين .واجعل أول الحيضة
الثانية ،التاسع والعشرين .وقد تقدم الحيض على أول الدور .فعلى قياس أبي
إسحاق ما قبل الدور ،استحاض ة ،وحيض ها الي وم االول فقط على الق ولين.
وقياس المذهب ،ال يخفى .ولو كانت عادتها ستة من ثالثين ،ويقطع الدم في
بعض االدوار ،ستة ستة ،وجاوز ،ففي الدور االول حيض ها ،الس تة االولى
بال خالف .وأما ال دور الث اني ،فإنها ت رى س تة من أوله نق اء ،وهي أي ام
العادة .فعند أبي إسحاق :ال حيض لها في هذا الدور أصال ،وعلى الم ذهب،
وجهان .أصحهما :تحيضها الستة الثانية ،على قولي السحب والتلفيق جميعا.
والثاني :حيضها الس تة االخ يرة من ال دور االول .ويجئ ه ذا الوج ه ،حيث
خال جميع أيام العادة عن الحيض .هذا كل ه ،إذا لم ينقص ال دم الموج ود في
زمن العادة عن أقل الحيض .فإن نقص ،بأن كانت عادتها يوما وليلة ،فرأت
في بعض االدوار يوما دما ،وليلة
] [ 280
نقاء .واستحيضت ،فثالثة أوجه ،على ق ول الس حب :االص ح ،ال حيض لها
في هذه الصورة .والثاني ،تعود إلى ق ول التلفي ق .والث الث :حيض ها االول،
والثاني ،والليلة بينهم ا .وأما على ق ول التلفي ق ،فال حيض لها إن لفقنا على
الع ادة .ف إن لفقنا من الخمسة عش ر :حيض ها االول ،والث اني ،وجعلنا الليلة
بينهما طهرا .قلت :قوله :ال حيض لها إن لفقنا من العادة ،هو االصح .وذكر
االم ام وجها آخر عن المحم ودي :أنه تلفق من الخمسة عش ر .وادعى في
(الوسيط) أنه ال طريق غ يره .وهللا أعلم .الض رب الث اني :الع ادة المتقطع ة.
فإذا استمرت لها عادة متقطعة قبل االستحاض ة ،ثم استحيضت مع التقط ع،
نظر ،إن كان التقطع بعد االستحاضة ك التقطع قبله ا ،فمردها ق در حيض ها
على اختالف القولين .مثاله :كانت ترى ثالثة دما ،وأربعة نقاء ،وثالثة دما،
وتطهر عشرين ،ثم استحيضت ،والتقطع على هذه الصفة ،فإن سحبنا ،ك ان
حيضها قبل االستحاضة عشرة ،وكذا بعدها .وإن لفقنا ،ك ان حيض ها س تة،
بتوسط بين نص فيها أربع ة ،وك ذا اآلن .ف إن اختلف التقط ع ،ب أن تقطع في
المثال الم ذكور في بعض االدوار يوما يوم ا ،ثم استحيض ت ،ف إن س حبنا،
فحيض ها اآلن تس عة أي ام .وإن لفقنا من الع ادة ،فحيض ها االول ،والث الث،
والتاسع ،إذ ليس لها ( )1في أيام حيضها القديم على ه ذا الق ول دم ،إال في
ه ذه الثالث ة .وإن لفقنا من الخمسة عش ر ،ض ممنا إليها الخ امس ،والس ابع،
والحادي عشر .المستحاضة الثانية :المبتدأة :قد تقدم أنها تصلي وتصوم عند
االنقطاع االول .وكذا في سائر االنقطاع الواقع في خمسة عشر .ف إذا ج اوز
دمها الخمسة عشر المنقطعة ،علمت استحاضتها .فإن قلنا :ترد المبتدأة ،إلى
يوم وليلة ،وكان التقطع يوما يوما فحيضها ي وم وليل ة ،والب اقي طه ر .وإن
قلنا :ترد إلى ست أو سبع ،فإن سحبنا ،ورددناها إلى س ت ،فحيض ها خمسة
متوالي ة ،الن الس ادس نق اء لم يحتوشه دم ان في الم رد .وإن رددناها إلى
،سبع ،فحيضها سبع متوالية .وإن لفقناها من العادة
] [ 281
ورددناها إلى س ت ،فحيض ها االول ،والث الث ،والخ امس .وإن رددناها إلى
سبع ،ضممنا إليها السابع .وإن لفقنا من الخمسة عش ر ،ورددناها إلى س ت،
فحيضها ستة من أيام الدماء .وإن رددناها إلى سبع ،فحيضها سبعة من أي ام
الدماء .وكل هذا على ما تق دم في المعت ادة .وابت داء الحيضة الثاني ة ،طريقه
ما ذكرناه في المعتادة .ثم إن صامت ،وصلت في أيام النقاء حتى جاوز الدم
الخمسة عشر ،وتركتها في أيام الدم كما أمرناها ،قضت صيام أيام ال دم بعد
الم رد ،وص لواتها بال خالف .وأما ص لوات أي ام النق اء ،فال تقض يها ،وال
تقضي صيامها أيضا إن لفقنا .وكذا إن سحبنا على االظهر .ويجري القوالن
في االدوار كلها .خرج من هذا ،أنا إن حكمنا بالتلفيق ،لم تقض من الخمسة
عشر ،إال صلوات سبعة أيام ،وصيامها .وإن رددنا المبتدأة إلى ي وم وليل ة،
وهي أيام ال دم س وى االولى .وإن رددناها إلى س ت ،أو س بع ف إن لفقنا من
العادة ،وكان الرد إلى ست ،قضت صيام خمسة أي ام وص لواتها .وإن ردت
إلى س بع ،قضت الص وم والص الة عن أربعة أي ام .وإن لفقنا من الخمسة
عشر ،وردت إلى ست ،قضتهما عن يومين .وإن ردت إلى س بع ،فعن ي وم
واح د .وأما إذا س حبنا ،ف إن رددناها إلى ي وم ،قضت ص لوات س بعة أي ام،
وهي أيام ال دماء س وى االول .وفي الص وم ،ق والن .االظه ر :تقضي ثمانية
فقط .وهي أيام الدماء .والثاني :تقضي الخمسة عشر .وإن رددناها إلى ست،
أو سبع .فإن ردت إلى س ت ،قضت ص لوات خمسة أي ام .وهي أي ام ال دماء
ال تي لم تصل فيها بعد الم رد .ف إن ردت إلى س بع ،قضت ص لوات أربعة
أيام .وأما الصوم ،فعلى أحد القولين :تقضي الخمسة عشر .وعلى أظهرهما:
إن ردت إلى س ت ،قضت ص يام عش رة أي ام ،ثمانية منها أي ام ال دماء في
الخمسة عشر ،ويومان نقاء وقعا في الم رد لت بين الحيض فيهم ا .وإن ردت
إلى سبع ،قضت صيام أحد عشر يوما .المستحاضة الثالثة :المبتدأة المم يزة.
تمييزها تارة يكون مع وجود شروط التمييز كلها ،وت ارة بفقد بعض ها .ف إن
فقد بأن رأت يوما دما أسود ،ويوما أحمر ،وهكذا إلى آخر الشهر ،فقد ف ات
أحد الشروط .وهو عدم مجاوزة القوي خمسة عشر ،فلها حكم المبت دأة غ ير
مميزة ،وقد تقدم .وإن وج دت ش روط التمي يز كله ا ،ف إن س حبنا ،فحيض ها
الدماء القوية في الخمسة عش ر ،مع النق اء المتخل ل ،أو الض عيف المتخل ل.
.وإن لفقنا ،فحيضها القوي دون ما تخلله
] [ 282
مثاله :رأت يوما سوادا ،ويوما حمرة ،إلى آخر الخمسة عش ر ،ثم اس تمرت
الحمرة وح دها ،متص لة ،أو منقطع ة ،ف إن س حبنا ،فحيض ها جميع الخمسة
عشر .وإن لفقنا ،فأيام السواد الثمانية .المستحاضة الرابعة :المميزة المعتادة.
وقد تق دم الخالف في المم يزة المعت ادة ال تي ال تقطع في دمه ا ،بل ي رجح
التمي يز ،أو الع ادة .وحكم ه ذه ،حكم تلك بال ف رق ،ف أي االم رين قلنا ب ه،
صارت كالمنفردة به .المستحاضة الخامسة :الناسية .قد تنسى عادتها من كل
وج ه ،وهي المتح يرة ،وقد تنس اها من وجه دون وج ه ،كما في حالة
االطب اق ،ف المتحيرة يع ود فيها الق والن في حالة االطب اق ،وإن قلن ا :هي
كالمبتدأة ،فحكمها ما تقدم في المبتدأة .وإن قلنا بالمش هور :إنها تحت اط ،بنينا
أمرها على قولي التلفيق .فإن س حبنا ،احت اطت في أزمنة ال دم ،من الوج وه
المذكورة في حالة االطباق بال فرق .وتحتاط في زمن النقاء أيض ا ،الن كل
زمن منه يحتمل الحيض .لكن ال تؤمر بالغسل زمن النقاء ،وال ت ؤمر أيضا
فيه بتجديد الوض وء ،بل يكفيها لكل نق اء الغسل في أول ه .وإن لفقن ا ،فعليها
أن تحت اط في أي ام ال دم ،وعند كل انقط اع .وأما أزمنة النق اء ،فهي ط اهر
فيها ،في الجماع ،وسائر االحكام .وأما الناسية من وجه دون وج ه ،فتحت اط
على ق ول التلفي ق ،مع رعاية ما ت ذكره .مثال ه :ق الت :أض للت خمسة في
العشرة االولى من الشهر وتقطع الدم والنقاء يوما يوما ،واستحيض ت ،ف إن
س حبنا ،فالعاشر طه ر ،النه نق اء لم يحتوشه دما حيض .وال غسل في
الخمسة االولى ،لتعذر االنقطاع .ف إذا انقض ت ،اغتس لت .وال تغتسل بع دها
في أي ام النق اء .وتغتسل في آخر الس ابع ،والتاس ع .وال تغتسل في أثنائهما
على الصحيح ،وقول الجمه ور .وإن لفقنا من الع ادة ،ف الحكم ما ذكرنا على
قول السحب .إال أنها ط اهر في أي ام النق اء في كل حكم .وإنها تغتسل عقب
كل نوبة من ن وب ال دم في جميع الم دة .وإن لفقنا من الخمسة عش ر،
فحيضها خمسة أيام .وهي :االول ،والث الث ،والخ امس ،والس ابع ،والتاس ع،
على تق دير انطب اق الحيض على الخمسة االولى .وعلى تق دير ت أخره إلى
الخمسة الثانية ،فليس لها في
] [ 283
الخمسة الثاني ة ،إال يوما دم .وهم ا :الس ابع ،والتاس ع ،فتضم إليها الح ادي
عشر ،والثالث عشر ،والخامس عشر .فهي إذا حائض في السابع ،والتاسع،
لتيقن دخولهما في كل تقدير .الباب الخ امس في النف اس أك ثره ،س تون يوما
على المشهور .وحكى أبو عيسى الترمذي ،عن الش افعي ( :)1أنه أربع ون.
وغالبه :أربعون .وال حد القل ه ،بل يثبت حكم النف اس لما وجدت ه ،وإن ق ل.
وق ال الم زني :أقل ه :أربعة أي ام .وس واء في حكم النف اس ،ك ان الولد كامل
الخلقة ،أو ناقصها ،أو حيا أو ميتا ولو ألقت مضغة ،أو علقة .وقال القوابل:
إنه مبتدأ خلق آدمي ،فالدم الموجود بعده ،نفاس .فص ل :ما ت راه الحامل من
الدم على ترتيب أدوارها ،فيه قوالن .الق ديم :أنه دم فس اد .والجديد االظه ر:
أنه ( )2حيض .وس واء ما ت راه قبل حركة الحمل وبع دها ،على الم ذهب.
وقيل :القوالن فيما بعد الحركة ،فأما قبلها ،فحيض قطعا .ثم على الق ديم :هو
حدث دائم ،كسلس البول .وعلى الجديد :يحرم فيه الص وم ،والص الة .وتثبت
جميع أحكام الحيض ،إال أنه ال تنقضي به العدة ( .)3وال يحرم فيه الطالق.
قلت :عدم انقضاء العدة به ،متفق عليه إذا ك ان عليها ع دة واح دة لص احب
الحمل .فإن كان (لها) عدتان ،ففي انقض اء إح داهما ب الحيض على الحم ل،
خالف .وتفصيله يأتي في كت اب (الع دة) إن ش اء هللا تع الى .وقد نبهت عليه
.هنا في شرحي (المهذب) و (التنبيه) .وهللا أعلم
] [ 284
وعلى الجدي د ،إذا رأت ال دم ،ثم ول دت بعد خمسة عشر يوم ا ،فهو حيض
قطعا .وكذا إن ولدت قبل الخمسة عشر ،أو متصال ب آخر ال دم على االصح
فيهما .وعلى الثاني :يكون دم فساد ،وليس بنفاس بال خالف ،الن النفاس ،ال
يسبق الوالدة ،بل هو عند الفقه اء :ال دم الخ ارج عقب ال والدة .وقطع معظم
االص حاب ،ب أن ما يب دو عند الطل ق ،ليس بنف اس .وق الوا :ابت داء النف اس
يحسب من وقت انفصال الول د ،وليس هو حيضا أيضا على الص حيح .وفي
وجه ش اذ :أنه نف اس .وفي وج ه :حيض .وأما ال دم الخ ارج مع الول د ،ففيه
أوج ه .أص حها :أنه كالخ ارج قبل ال والدة .والث اني :أنه نف اس .والث الث :أنه
كالخ ارج بين الت وأمين .ف إن قلن ا :إنه نف اس ،وجب به الغس ل ،وبطل به
الص وم ،وإن لم تر بع ده دما أص ال .وإذا قلن ا :ليس بنف اس ،لم يجب به
الغسل ،ولم يبطل الصوم .فحصل من الخالف المذكور في هذه المسائل ،أن
في ابت داء م دة النف اس ،أوجه ا .أح دها :من وقت ال دم الب ادئ عند الطل ق.
والث اني :من الخ ارج مع ظه ور الول د .والث الث وهو االص ح :من انفص ال
الولد .وحكى إمام الحرمين وجها :أنها لو ولدت ولم تر ال دم أيام ا ،ثم ظهر
الدم ،فابتداء مدة النفاس ،تحسب من وقت خروج الدم ،ال من وقت ال والدة.
فهذا وجه رابع .وموضعه ،إذا كانت االيام المتخللة ،دون أقل الطهر .فصل:
في الدم الذي ت راه بين الت وأمين ،وجه ان .أص حهما :ليس بنف اس .والث اني:
نف اس .ف إن قلن ا :ليس بنف اس ،فق ال االك ثرون :يب نى على دم الحام ل .ف إن
جعلن اه حيض ا ،فه ذا أولى ،وإال ،فق والن .وفي كالم بعض االص حاب :ما
يقتضي كونه دم فس اد ،مع قولن ا :الحامل تحيض .وإذا قلن ا :هو نف اس ،فما
بعد الولد الثاني معه ،نفاس واحد ،أم نفاسان ؟ وجهان .االصح :نفاسان .وال
تبالي مجاوزة الدم ستين من الوالدة االولى .الث اني :نف اس واح د .فعلى ه ذا
إذا زاد الدم على س تين من الولد االول ،فهي مستحاض ة .ق ال الص يدالني:
موضع ال وجهين ،إذا ك انت الم دة المتخللة بين ال دمين دون الس تين ،ف إن
بلغت ستين ،فالثاني :نفاس آخر قطعا .وقال الشيخ أبو محمد :ال ف رق .قلت:
االصح ،قول الص يدالني .ولم يحكه االم ام ال رافعي على وجه ه .ق ال إم ام
الح رمين :ق ال الص يدالني :اتفق أئمتنا في ه ذه الص ورة ،أنها تس تأنف بعد
الولد
] [ 285
الثاني نفاسا .إذا كان بينهما ستون .واختار إمام الحرمين هذا .وضعف ق ول
وال ده أبي محم د .وهللا أعلم .وإذا ول دت الث اني بعد الس تين ،وقلنا باتخ اذ
النفاس ،فما بعده استحاضة .ولو سقط عضو من الولد ،وباقيه مجتن ،ورأت
بينهما دما ،ففي كونه نفاسا ،الوجهان في الدم بين التوأمين .فصل :إذا جاوز
دم النفساء ستين ،فقد اختلط نفاسها باستحاضتها .وطريق التمييز بينهم ا ،ما
تقدم في الحيض .هذا هو الصحيح المعروف .وفي وجه :نفاس ها س تون .وما
بعدها استحاضة إلى تمام طهرها المعتاد ،أو المردود إليه إن ك انت مبت دأة،
وما بعده حيض .في وجه ثالث :نفاسها ،ستون .وما بعدها حيض متصل به.
واتفق الجمه ور على تض عيف ه ذين ال وجهين ،والتفريع على الص حيح.
والمستحاضات :خمس .االولى :المعتادة .فإن كانت معتادة أربعين مثال ،كان
نفاسها اآلن أربعين .ولها في الحيض حاالن .أحدهما :أن تكون معت ادة في ه،
فطهرها بعد االربعين ،ق در عادتها في الطه ر ،ثم تحيض ق در عادتها في
الحيض .الح ال الث اني :أن تك ون مبت دأة في ه ،فتجعل الق در ال ذي ت رد إليه
المبت دأة في الطه ر ،طه را لها بعد االربعين .وال ذي ت رد إليه في الحيض،
حيضا لها بع ده .ثم الخالف فيما تثبت به الع ادة ،وفيما تق دم من الع ادة
والتمي يز إذا اجتمعا يج ري هنا كما في الحيض .ولو ول دت م رارا ولم تر
دما ،ثم ولدت ،واستحيضت ،لم يكن عدم النفاس ع ادة ،بل هي مبت دأة في ه،
ك التي لم تلد أص ال .المستحاضة الثانية والثالث ة :المبت دأة المم يزة ،وغ ير
المميزة .أما غير المميزة ،ف ترد إلى لحظة على االظه ر .وإلى أربعين على
الثاني .هذا هو الم ذهب .وفي ق ول غ ريب :ت رد إلى س تين .وفي وج ه :إلى
اللحظة جزم ا .ثم إن ك انت ه ذه النفس اء معت ادة في الحيض حسب لها بعد
م رد النف اس طهرها ثم حيض ها المعت ادان .وإن ك انت مبت دأة في ه ،أقمنا
طهرها ثم حيض ها على ما تقتض يه ح ال المبت دأة .وأما المم يزة ،ف ترد إلى
التمييز بشرطه .كالحائض ،وشرط تمييز
] [ 286
النفس اء ،أن ال يزيد الق وي على س تين يوم ا .وال ض بط في أقل ه ،وال أقل
الض عيف .المستحاضة الرابع ة :المعت ادة المم يزة .تق دم حكمها هنا في
المعتادة .المستحاضة الخامسة :الناس ية لع ادة نفاس ها ،فيها الق والن ،كناس ية
الحيض .فعلى قول ترد إلى مرد المبتدأة .ورجحه إمام الح رمين هن ا .وعلى
قول :تؤمر باالحتياط .وعلى هذا ،إن كانت مبتدأة في الحيض أيض ا ،وجب
االحتياط أبدا .وكذا ،إن كانت معت ادة في الحيض ناس ية عادته ا .وإن ك انت
ذاك رة لع ادة الحيض ،فهي كناس ية وقت الحيض ،العارفة بق دره .وقد س بق
بيانها .فرع :إذا انقطع دم النفساء ،فله حاالن .أح دهما :أن ال يج اوز س تين،
فينظر ،إن لم تبلغ م دة النق اء بين ال دمين أقل الطه ر ،ب أن رأت يوما دم ا،
ويوما نقاء ،فأزمنة ال دم نف اس قطع ا .وفي النق اء ،الق والن ،ك الحيض .وإن
بلغت ه ،ب أن رأت عقب ال والدة دما أيام ا ،ثم رأت النق اء خمسة عشر
فصاعدا ،ثم عاد الدم ،فاالصح ،أن العائد دم حيض .والثاني :أنه نف اس .ولو
ول دت ولم تر ال دم خمسة عشر يوما فص اعدا ،ثم رأت ه ،فعلى ه ذين
ال وجهين .ف إن جعلن اه حيض ا ،فال نف اس لها أص ال .وفي ه ذه الص ورة
االخ يرة :لو نقص العائد في الص ورتين عن أقل الحيض ،فاالص ح ،أنه دم
فس اد .والث اني :أنه نف اس ،لتع ذر جعله حيض ا .ولو زاد العائد على أك ثر
الحيض ،فهي مستحاض ة .فينظ ر ،أهي معت ادة ،أم مبت دأة ؟ ويحكم بما
تقتضيه الحال .وإن جعلنا العائد نفاسا ،فمدة النقاء على الق ولين في التلفي ق.
إن سحبنا ،فنفاس .وإن لفقنا ،فطهر .ه ذا هو الم ذهب .وقي ل :هو طهر على
القولين .الحال الثاني :أن تجاوز س تين .ف إن بلغ زمن النق اء في الس تين أقل
الطه ر ،ثم ج اوز العائ د ،فالعائد حيض قطعا ( ،)1وال يجئ فيه الخالف
المذكور في الحال االول .وإن لم تبلغه ،فإن كانت مبت دأة مم يزة ،ردت إلى
التمي يز .وإن لم تكن مم يزة ،فعلى الق ولين في المبت دأة .وإن ك انت معت ادة،
ردت إلى العادة .وفي
] [ 287
االحوال يراعى قوال التلفيق .فإن سحبنا ،فالدماء في أي ام الم رد مع النق اء،
نف اس .وإن لفقن ا ،فتلفق من أي ام الم رد ،أم من أي ام الس تين ؟ فيه الخالف
الم ذكور في الحيض .قلت :والص فرة ،والك درة ،في النف اس ،كهي في
الحيض وفاقا وخالف ا ،ه ذا هو الم ذهب .وبه ص رح الف وراني ،والبغ وي،
وصاحب (العدة) ،وغيرهم .وقطع الماوردي :بأنها نفاس قطعا ،الن ال والدة
شاهد للنفاس ،بخالف الحيض .وإذا انقطع دم النفساء ،واغتسلت ،أو تيممت
حيث يج وز ،فلل زوج وطؤها في الح ال بال كراه ة .ح تى ق ال ص احب
(الشامل) و (البحر) :لو رأت الدم بعد الوالدة ساعة ،وانقطع ،لزمه الغس ل،
.وحل الوطئ .فإن خافت عود الدم ،استحب له التوقف احتياطا .وهللا أعلم
] [ 289
كتاب الصالة ( )1فيه سبعة أبواب .الباب االول في الم واقيت ( )2أما وقت
الظه ر ،في دخل ب الزوال .وهو زي ادة في الظل بعد اس تواء الش مس ،أو
حدوثه ،إن لم يكن عند االس تواء ( )3ظ ل .وذلك يتص ور في بعض البالد،
،كمكة
] [ 290
وصنعاء اليمن ،في أطول أيام السنة .ويخرج وقتها إذا ص ار ظل الش خص
مثله س وى الظل ال ذي ك ان عند ال زوال ،إن ك ان ظ ل ،وما بين الط رفين
وقت اختيار .وأما العصر ،في دخل وقته ا ،بخ روج وقت الظهر بال خالف،
ويمتد إلى غ روب الش مس .وفي وجه ض عيف قاله االص طخري :يخ رج
وقته ا ،إذا ص ار ظل الشئ مثلي ه .وعلى الص حيح :لها أربعة أوق ات (،)1
وقت فض يلة ،وهو االول .ووقت اختي ار ،إلى أن يص ير ظله مثلي ه .وبع ده
جواز بال كراهة ،إلى اصفرار الشمس .ومن االصفرار ،إلى الغروب :وقت
كراهة ،يكره تأخيرها إليه .وأما المغرب ،فيدخل وقتها بغ روب الش مس بال
خالف ( .)2واالعتبار بسقوط قرصها ،وهو ظاهر في الص حاري .وأما في
العمران ،وقلل ( )3الجبال ،فاالعتب ار ،ب أن ال ي رى شئ من ش عاعها على
الجدران ،ويقبل الظالم من المشرق .وفي آخر وقتها قوالن .الق ديم :أنه يمتد
إلى مغيب الش فق .والجدي د :أنه إذا مضى ق در وض وء وس تر ع ورة (،)4
وأذان ،وإقامة ،وخمس ركعات ( ،)5انقضى الوقت .وما
] [ 291
ال بد منه من شرائط الصالة ،ال يجب تقديمه على ال وقت ،فيج وز الت أخير
بعد الغروب بقدر اشتغاله بها .واالعتبار في جميع ذل ك ،بالوسط المعت دل (
.)1ويحتمل أيضا أكل لقم يكسر بها ح دة الج وع ( .)2وفي وج ه :ما يمكن
تقديمه على ال وقت ،كالطه ارة ،والس ترة ،يس قط من االعتب ار .وفي وج ه:
يعت بر ثالث ركع ات ،ال خمس .وهما ش اذان ،والص واب االول .ثم على
الجديد :لو ش رع في المغ رب في ال وقت المض بوط ،فهل له اس تدامتها إلى
انقضاء الوقت ؟ إن قلنا :الصالة التي يقع بعضها في الوقت ،وبعضها بع ده
أداء وأنه يجوز تأخيرها إلى أن يخرج عن ال وقت بعض ها ،فله ذلك قطع ا.
وإن لم نج وز ذلك في س ائر الص لوات ،ففي المغ رب وجه ان .أص حهما:
يج وز م دها إلى مغيب الش فق .والث اني :منعه كغيرها ( .)3ثم االظهر من
القولين ،الجدي د .واخت ار طائفة من االص حاب ،الق ديم ،ورجح وه ،وعن دهم
.المسألة مما يفتى فيه على القديم
] [ 292
قلت :االحاديث الصحيحة ( ،)1مصرحة بما قاله في القديم ،وتأويل بعضها
متع ذر ،فهو الص واب .وممن اخت اره من أص حابنا ،ابن خزيمة (،)2
والخطابي ،والبيهقي ( ،)3والغزالي في (االحي اء) والبغ وي في (الته ذيب)
وغ يرهم ( .)4وهللا أعلم .وأما العش اء ،في دخل وقتها بمغيب الش فق .وهو
الحمرة .وق ال الم زني :البي اض .وق ال إم ام الح رمين :ي دخل وقتها ب زوال
الحمرة ،والصفرة .ق ال :والش مس إذا غ ربت ،تعقبها حم رة ،ثم ت رق ح تى
تنقلب ص فرة ،ثم يبقى البي اض .ق ال :وبين غ روب الش مس ،إلى زوال
الص فرة ،كما بين الص بح الص ادق ،وطل وع ق رن الش مس .وبين زوال
الصفرة ،إلى انمحاق البي اض ،ق ريب مما بين الص بح الص ادق ،والك اذب.
ه ذا ق ول إم ام الح رمين .وال ذي عليه المعظم ،وي دل علي ه ،نص الش افعي
رضي هللا عنه :أنه الحمرة .ثم غ روب الش فق ،ظ اهر ،في معظم الن واحي.
أما الساكنون بناحية تقصر لياليهم ،وال يغيب عنهم الشفق ،فيصلون
] [ 293
العشاء إذا مضى من الزمان قدر ما يغيب فيه الشفق في أقرب البالد إليهم.
وأما وقت االختيار للعشاء ،فيمتد إلى ثلث الليل على االظه ر .وإلى نص فه،
على الثاني ( .)1ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني على الص حيح.
وقال االصطخري :يخرج الوقت بذهاب وقت االختي ار .وأما وقت الص بح،
في دخل بطل وع الفجر الص ادق .ويتم ادى وقت االختي ار ،إلى أن يس فر.
والجواز إلى طلوع الشمس على الص حيح .وعند االص طخري يخ رج وقت
الج واز باالس فار .فعلى الص حيح ،للص بح أربعة أوق ات ،فض يلة أول ه ،ثم
اختيار إلى االسفار ،ثم جواز بال كراهة إلى طلوع الحم رة ،ثم كراهة وقت
طلوع الحم رة إذا لم يكن ع ذر .قلت :م ذهبنا ،وم ذهب جم اهير العلم اء أن
صالة الصبح من صلوات النهار .ويكره أن يقال للمغرب :عشاء ،وأن يق ال
للعش اء :عتمة ( .)2واالختي ار .أن يق ال للص بح :الفج ر ،أو الص بح .وهما
أولى من الغ داة .وال تق ول :الغ داة مك روه .ويك ره الن وم قبل العش اء (،)3
والحديث بعدها لغ ير ع ذر ،إال في خ ير ( .)4واختلف العلم اء في الص الة
الوس طى .فنص الش افعي رضي هللا عنه ( :)5أنها الص بح ( .)6وق ال
صاحب (الحاوي) :نص الشافعي أنها الصبح .وصحت االحاديث ،أنها
] [ 294
العصر ( .)1ومذهبه ،إتباع الحديث ،فص ار مذهب ه :أنها العص ر .ق ال :وال
يكون في المس ألة ق والن .كما وهم بعض أص حابنا .وهللا أعلم .فص ل :تجب
الصالة بأول الوقت وجوبا موسعا ( ،)2بمعنى أنه ال يأثم
] [ 295
بتأخيرها إلى آخ ره .فلو أخرها من غ ير ع ذر ،فم ات في أثن اء ال وقت ،لم
ي أثم بتأخيرها على االص ح ،بخالف الحج ( .)1ولو وقع بعض الص الة في
ال وقت ،وبعض ها خ ارج ال وقت ،نظ ر ،إن ك ان الواقع في ال وقت ركعة
فصاعدا ،فاالصح :أن جميع الصالة أداء .والثاني :جميعها قض اء .والث الث:
ما في ال وقت أداء ،وما بع ده قض اء .وإن ك ان الواقع في ال وقت أقل من
ركعة ،فالمذهب الجزم بأن الجميع قضاء .وقي ل :هو كالركع ة .وحيث قلن ا:
الجميع قضاء ،أو الخارج ،لم يجز للمسافر قصر تلك الصالة على قولنا :ال
يجوز قصر المقض ية .ولو أراد ت أخير الص الة إلى حد يخ رج بعض ها عن
ال وقت ،إن قلن ا :كلها قض اء ،أو البعض ،لم يجز قطع ا .وإن قلن ا :الجميع
أداء ،لم يجز أيضا على المذهب .وفيه ترديد ج واب للش يخ أبي محم د .ولو
شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها ،فمدها بتطويل الق راءة ح تى
خرج الوقت ،لم يأثم قطعا .وال يكره على االصح .قلت :وفي تعليق القاضي
حس ين ،وج ه :أنه ي أثم .وهللا أعلم .فص ل :تعجيل الص الة في أول ال وقت
أفضل ،وفيما يحصل به فض يلة أول ه ،أوج ه .أص حها :يحصل ب أن يش تغل
أول دخ ول ال وقت بأس باب الص الة ،كالطه ارة ،واالذان ،وغيرهم ا ،ثم
يصلي .وال يشترط على هذا تقديم ستر الع ورة ،على االص ح .وش رطه أبو
محمد .وال يضر الشغل الخفيف ،كأكل لقم ،وكالم قص ير .وال يكلف العجلة
على خالف العادة .والوجه الثاني :يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت .كذا
أطلقه جماعة .وقال آخ رون :إلى نصف وقت االختي ار .والث الث :ال يحصل
إال إذا ق دم قبل ال وقت ما يمكنه تقديمه من االس باب ،لتنطبق الص الة على
أول
] [ 296
ال وقت .وعلى ه ذا قي ل :ال ين ال الم تيمم فض يلة االولي ة .قلت :ه ذا الوجه
الث الث ،غلط ص ريح .مخ الف للس نة المستفيضة عن رس ول هللا (ص).
والص واب :االول .وهللا أعلم .وه ذا الم ذكور من فض يلة التعجي ل ،هو في
الص بح ،والعص ر ،والمغ رب ،على االطالق .وأما العش اء ،فتعجيلها أيضا
أفضل على االظه ر .وعلى الث اني :تأخيرها أفض ل ،ما لم يج اوز وقت
االختيار ،وأما الظهر ،فيستحب فيها التعجيل ،في غير شدة الحر بال خالف
( .)1وفي شدة الحر ،يس تحب االب راد على الص حيح المع روف .وفيه وجه
شاذ :أن االبراد رخصة .وأنه لو تحمل المشقة ،وصلى في أول الوقت ،كان
أفضل .والصواب :أن االبراد س نة .وه و :أن ي ؤخر إقامة الجماعة عن أول
الوقت في المسجد ( )2ال ذي يأتيه الن اس من بع د ،بق در ما يقطع للحيط ان
ظل يمشي فيه طالب الجماعة .وال يؤخر عن النصف االول من الوقت .فلو
قربت منازلهم من المسجد ،أو حضر جماعة في موضع ال ي أتيهم غ يرهم،
ال ي بردون على االظه ر .وك ذا لو أمكنه المشي إلى المس جد في ظ ل ،أو
ص لى في بيته منف ردا فال إب راد على االص ح .ويختص باس تحباب االب راد
ب البالد الح ارة على االصح المنص وص ،وال تلحق الجمعة ب الظهر ،في
االبراد على االصح .فصل :إذا اش تبه عليه وقت ص الة ،لغيم ،أو حبس في
مظلم ،أو غيرهم ا ،اجتهد في ه ،واس تدل بال درس ،واالعم ال ،واالوراد،
وشبهها .ومن االمارات ،صياح الديك المجرب إصابة صياحه الوقت .وك ذا
أذان الم ؤذنين في ي وم الغيم إذا ك ثروا ،وغلب على الظن -لك ثرتهم -أنهم
ال يخط ؤون .واالعمى يجتهد في ال وقت كالبص ير .وإنما يجته دان ،إذا لم
يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن
] [ 297
مشاهدة .فلو ق ال :رأيت الفجر طالع ا ،أو الش فق غارب ا ،لم يجز االجته اد،
ووجب قب ول قول ه .ف إن أخ بر عن اجته اد ،لم يجز للبص ير الق ادر على
االجتهاد تقليده .ويجوز لالعمى على االصح .والمؤذن الثقة العالم بالمواقيت
في ي وم الص حو ،ك المخبر عن مش اهدة .وفي الغيم ،كالمجته د .وحكى في
(التهذيب) وجهين في تقليد المؤذن ،من غ ير ف رق بين البص ير ،واالعمى.
وق ال :االص ح :الج واز .وذهب إليه ابن س ريج .والتفص يل المتق دم ،أق رب.
واختاره الروي اني ،وغ يره .قلت :االص ح ،ما ص ححه ص احب (الته ذيب).
وقد نقله عن نص الشافعي ،وبه قال الشيخ أبو حامد .وصححه البن دنيجي (
،)1وصاحب (العدة) وغيرهم .وهللا أعلم .وحيث لزم االجته اد ،فص لى بال
اجتهاد ،وجبت االعادة وإن صادف الوقت .وإذا لم تكن داللة ،أو كانت ،فلم
يغلب على ظنه ش ئ ،ص بر إلى أن يغلب على قلبه دخ ول ال وقت.
واالحتياط :أن يؤخر إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر ،خرج ال وقت .ولو
قدر على الصبر إلى استيقان دخول ال وقت ،ج از االجته اد على الص حيح،
ك االواني .قلت :لو علم المنجم دخ ول ال وقت بالحس اب .حكى ص احب
(البي ان) :أن الم ذهب :أنه يعمل به بنفس ه ،وال يعمل به غ يره .وهللا أعلم.
فرع :حيث جاز االجتهاد ،فصلى به ،إن لم يتبين الحال ،فال شئ عليه .وإن
بان وقوع ص الته في ال وقت أو بع ده ،فال قض اء علي ه .لكن الواقعة بع ده،
قضاء على االصح .فلو كان مسافرا ،وقصرها ،وجب إعادتها تامة .إذا قلنا:
ال يج وز قصر القض اء .وإن ب ان وقوعها قبل ال وقت ،وأدرك ه ،وجبت
االعادة .وإال ،فق والن .المش هور :وجوبه ا ،ومثل ه ذا الخالف ،والتفص يل،
.يجري فيمن اشتبه عليه شهر رمضان
] [ 298
قلت :قال أصحابنا :لو أخبره ثقة ،أن ص الته وقعت قبل ال وقت ،إن أخ بره
عن علم ومشاهدة ،وجبت االع ادة ،وإن أخ بره عن اجته اد ،فال .وهللا أعلم.
فصل في وقت أصحاب االسباب المانعة من وجوب الص الة :وهي :الص با،
والكفر ،والجنون ،واالغماء ،والحيض ،والنف اس .ولها ثالثة أح وال .االول:
أن توجد في أول ال وقت ،ويخلو عنها آخ ره ،ب أن تطهر عن حيض ،أو
نفاس في آخر الوقت ،فينظر ،إن بقي من الوقت ق در ركع ة ،لزمها ف رض
الوقت .والمعتبر في الركعة ،أخف ما يقدر عليه أح د .وش رط الوج وب :أن
تمتد السالمة من المانع قدر إمكان الطه ارة ،وتلك الص الة .ف إن ع اد م انع
قبل ذلك ،لم يجب .مثاله :بلغ الصبي في آخر وقت العصر ،ثم جن ،أو أفاق
المجن ون ،ثم ع اد جنون ه ،أو طه رت .ثم جنت ،أو أف اقت مجنون ة ،ثم
حاضت ،فإن مضى في حال السالمة ما يسع طهارة وأربع ركعات ،وجبت
العصر ،وإال ،فال .هذا إذا كان الباقي من الوقت قدر ركع ة .ف إن ك ان ق در
تكبيرة ،أو فوقها دون ركعة ،ففي وجوب الفرض ،قوالن .االظهر :الوجوب
بالشرط المتقدم في الركع ة .ويس توي في الوج وب ،ب إدراك الركع ة ،أو ما
دونها ،جميع الص لوات .ف إن ك انت المدركة ص بحا ،أو ظه را ،أو مغرب ا،
قصر الوج وب عليه ا .وإن ك انت عص را ،أو عش اء ،وجب مع العصر
الظهر ،ومع العشاء المغرب .وبماذا يجب الظهر ؟ ق والن .أظهرهم ا :يجب
بما يجب به العصر .وهو ركعة قبل الغروب على قول ،وتكبيرة على قول.
والثاني :ال يجب إال ب إدراك أربع ركع ات زائ دة على ما يجب به العص ر،
وتكون االربع للظهر ،والركعة أو التكب يرة للعص ر ،على الص حيح .وقي ل:
االربع للعصر .والركع ة ،أو التكب يرة ،للظه ر .وتظهر فائ دة ال وجهين ،في
المغ رب مع العش اء ،ف إن المغ رب معه ا ،ك الظهر مع العص ر .ف إن قلن ا:
باالظهر ،وجبت المغرب بما تجب العشاء .وإن قلنا :بالثاني .وقلنا :الركعات
االربع الزائ دة للظه ر ،اعتبرنا هنا ثالث ركع ات للمغ رب ،مع ما تل زم به
العشاء .وإن قلنا :االربع للعصر ،اعتبرنا أربعا للعشاء .وهل يعتبر مع القدر
المذكور للزوم الصالة الواحدة ،أو صالتي الظهر
] [ 299
والعصر والمغرب ،والعشاء ،إدراك زمن الطهارة ؟ ق والن .أظهرهم ا :ال.
وإذا جمعت ( )1االق وال ،حصل فيما يل زم به كل ص الة من إدراك آخر
وقته ا ،أربعة أق وال .أظهره ا :ق در تكب يرة .والث اني :تكب يرة ،وطه ارة.
والثالث :ركعة .والرابع :ركعة وطهارة .وفيما يلزم به الظه ر ،مع العص ر،
ثمانية أقوال .هذه االربعة .والخامس :قدر أربع ركعات وتكب يرة .والس ادس:
ه ذا ،وزمن طه ارة .والس ابع :ق در خمس ركع ات .والث امن :ه ذا ،وزمن
طه ارة .وفيما يل زم المغ رب ،مع العش اء ،اثنا عشر ق وال ،ه ذه الثماني ة.
والتاس ع :ثالث ركع ات وتكب يرة .والعاش ر :ه ذا وزمن طه ارة .والح ادي
عش ر :أربع ركع ات .والث اني عش ر :ه ذا وزمن طه ارة .ف رع :جميع ما
ذكرناه ،هو فيما إذا ك ان زوال الع ذر قبل أداء ص الة ال وقت .وه ذا يك ون
ح ال من س وى الص بي ،من أص حاب االس باب ،فإنها كما تمنع الوج وب،
تمنع الص حة .وأما الص بي إذا ص لى وظيفة ال وقت ،ثم بلغ قبل خ روج
ال وقت ،فيس تحب له أن يعي دها .وال تجب االع ادة على الص حيح .والث اني:
تجب .قاله ابن س ريج :س واء قل الب اقي من ال وقت ،أم ك ثر .والث الث :قاله
االص طخري :إن بل غ ،وقد بقي من ال وقت ما يسع تلك الص الة ،وجبت
االعادة .وإال ،فال .أما إذا بلغ بالسن في أثنائه ا ،فالص حيح ،وظ اهر النص،
وما عليه الجمهور :أنه يجب إتمامه ا ،ويس تحب االع ادة .والث اني :يس تحب
االتمام ،وتجب االعادة .والثالث قاله االص طخري :إن بقي ما يسع الص الة،
وجبت االعادة .وإال ،فال .هذا كله في غير الجمعة .أما إذا صلى الظهر ي وم
الجمعة ،ثم بلغ ،وأمكنته الجمعة .فإن قلنا :في سائر الصلوات ،تجب االعادة
( ،)2وجبت الجمع ة .وإال ،فالص حيح :أنها ال تجب ،كالمس افر ،والعبد إذا
صليا الظهر ،ثم زال عذرهما ،وأمكنتهما الجمع ة ،ال تلزمهما قطع ا .الح ال
الث اني :أن يخلو أول ال وقت من االع ذار الم ذكورة ،ثم يط رأ ما يمكن أن
يط رأ ،وهو الحيض ،والنف اس ،والجن ون ،واالغم اء ،وال يتص ور طري ان
الكفر المسقط لالع ادة .ف إذا حاضت في أثن اء ال وقت ،قبل أن تص لي ،نظر
في القدر
] [ 300
الماضي من ال وقت .إن ك ان ق درا يسع تلك الص الة ،وجب القض اء ،إذا
طه رت على الم ذهب .وخ رج ابن س ريج ق وال :أنه ال يجب إال إذا أدركت
جميع الوقت .ثم على المذهب المعت بر :أخف ما يمكن من الص الة .ح تى لو
طولت صالتها ،فحاضت فيه ا ،وقد مضى من ال وقت ما يس عها لو خفقه ا،
وجب القضاء .ولو كان الرجل مس افرا ،فط رأ عليه جن ون ،أو إغم اء ،بعد
ما مضى من وقت الصالة المقصورة ما يسع ركعتين ،لزمه قض اؤها ،النه
لو قصر ،يمكنه أداؤه ا .وال يعت بر مع إمك ان فعله ا ،إمك ان الطه ارة ،النه
يمكن تق ديمها قبل ال وقت ،إال إذا لم يجز تق ديم طه ارة ص احب الواقع ة.
كالمتيمم ،والمستحاض ة .قلت :ذكر في (التتم ة) في اش تراط زمن الطه ارة،
لمن يمكنه تقديمها ،وجهين ،وهما كالخالف في آخر ال وقت .وال ف رق ،فإنه
وإن أمكن التق ديم ،فال يجب .وهللا أعلم .أما إذا ك ان الماضي من ال وقت ال
يسع تلك الصالة ،فال يجب على المذهب .وبه قطع الجماهير .وقال أبويحيى
البلخي ،وغ يره من أص حابنا :حكم أول ال وقت ،حكم آخ ره .فيجب القض اء
بإدراك ركعة ،أو تكبيرة على االظهر .وغلطه االص حاب .أما العص ر ،فال
يجب بإدراك الظه ر ،وال العش اء ،ب إدراك المغ رب .ولو أدرك جميع وقتها
على الص حيح ال ذي عليه الجم اهير .وق ال البلخي ( )1إذا أدرك من وقت
الظهر ثماني ركعات ،ثم طرأ العذر ،لزمه الظهر والعصر جميعا .كما يلزم
االولى ،بإدراك الثانية ،وهو غلط ،الن وقت الظهر ،ال يص لح للعص ر ،إال
إذا ص ليت الظهر جمع ا .واعلم أن الحكم بوج وب الص الة ،إذا أدرك من
وقتها ما يس عها ،ال يختص بأول ه .بل لو ك ان الم درك من وس طه ،ل زمت
الصالة .مثل أن أفاق المجنون في أثناء الوقت ،وع اد جنونه في ال وقت ،أو
بلغ صبي ،ثم جن ،أو أفاقت مجنونة ،ثم
] [ 301
حاضت .وقد تلزم الظهر بإدراك أول وقت العص ر ،كما تل زم ب آخره ،ب أن
أفاق مغمى علي ه ،بعد أن مضى من وقت العصر ما يسع الظهر والعص ر.
فإن كان مقيما ،فالمعتبر قدر ثمان ركع ات .وإن ك ان مس افرا يقص ر ،كف اه
ق در أرب ع .وتق اس المغ رب مع العش اء في جميع ما ذكرن اه ،ب الظهر مع
العص ر .الح ال الث الث :أن يعم الس بب جميع وقت الرفاهي ة ،ووقت
الضرورة ،وهو الوقت ال ذي يج وز فيه الجم ع .أما الحيض ،والنف اس .فإنه
يمنع وج وب الص الة ،وجوازه ا ،وال قض اء .وأما الك افر االص لي ،فهو
مخاطب بالصالة وغيرها من فروع الشرع على الصحيح .لكن إذا أس لم ،ال
يجب عليه قض اء ص الة أي ام الكفر بال خالف .وأما المرت د ،فيجب عليه
قضاء صلوات أيام ال ردة .وأما الص بي ،فال تجب عليه الص الة ،أداء (،)1
وال قض اء .وال ي ؤمر أحد ممن ال تجب عليه الص الة بفعله ا ،إال الص بي،
والصبية ،فإنه يؤمر بها إذا بلغ س بع س نين ،ويض رب على تركه ا ،إذا بلغ
عشرا .ق ال االئم ة :فيجب على اآلب اء ،واالمه ات ،تعليم االوالد ،الطه ارة،
والصالة ،والش رائع ،بعد الس بع .والض رب على تركها بعد العش ر .وي ؤمر
بالص وم إن أطاق ه ،كما ي ؤمر بالص الة .وأج رة تعليم الف رائض في م ال
الصبي .فإن لم يكن له مال ،فعلى االب .فإن لم يكن ،فعلى االم .وهل يج وز
أن يعطي االجرة من مال الصبي ،على تعليم ما سوى الفاتحة ،والف رائض،
من القرآن ،واالدب ؟ وجهان .قلت :االصح ،في مال الص بي .وه ذا كله إذا
كان الصبي ،والصبية ،مميزين .وهللا أعلم .وأما من زال عقل ه ،بجن ون ،أو
أغمي علي ه ،فال تجب عليه الص الة ،وال قض اؤها ،س واء قل الجن ون
واالغماء ،أو كثر ،إذا استغرق الوقت .ولو زال عقله بسبب محرم ،كش رب
مس كر ،أو دواء مزيل للعق ل ،وجب القض اء .ه ذا إذا تن اول ال دواء لغ ير
حاجة ،وعلم أنه يزيل العقل ،وعلم أن الشراب مسكر .فإن لم يعلم
] [ 302
كون الشراب مسكرا أو كون الدواء مزيال ،فال قض اء ،كاالغم اء .ولو علم
أن جنسه مس كر ،وظن أن ذلك الق در ال يس كر ،وجب القض اء ،لتقص يره.
ولو وثب من موضع ،لحاجة ،فزال عقله ،فال قضاء .وإن فعله عبث ا ،وجب
القضاء .فرع :لو ارتد ،ثم جن ،ثم أفاق وأس لم ،وجب قض اء أي ام الجن ون،
وما قبلها ،تغليطا علي ه .ولو س كر ،ثم جن ،وجب قض اء الم دة ال تي ينتهي
إليها السكر .وفيما بعدها من مدة الجنون ،وجهان .االصح :ال يجب القضاء،
ولو ارتدت ،ثم حاضت .أو سكرت ،ثم حاضت ،لم تقض أي ام الحيض .ولو
شربت دواء حتى حاضت ،لم يلزمها القضاء .وكذلك لو ش ربت دواء ح تى
ألقت جنينا ،ونفست ،لم يجب القضاء على الص حيح ،الن ت رك الص الة في
حق الح ائض والنفس اء عزيم ة .والحاص ل ،أن من لم ي ؤمر ب الترك ،ال
يستحيل أن ي ؤمر بالقض اء .ف إذا لم ي ؤمر ،ك ان تخفيف ا .ومن أمر ب الترك،
فامتثل االم ر ،ال يتوجه أم ره بالقض اء ،إال الح ائض ،فإنها م أمورة ب ترك
الص وم ،وبقض ائه .وهو خ ارج عن القي اس ،للنص .فصل في االوق ات
المكروهة وهي خمسة ( :)2( )1أحدها :عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر
رمح ( )3على الصحيح .وعلى الشاذ :تزول الكراهة ،بطلوع قرص الشمس
بتمامه .والثاني :استواء الشمس .والثالث :عند االص فرار ح تى يتم غروبه ا.
.والرابع :بعد صالة الصبح حتى تطلع الشمس
] [ 303
والخ امس :بعد العصر ح تى تغ رب .وفي ه ذين الوق تين إذا ق دم الص بح
والعصر في أول الوقت ،طال وقت الكراهة ،وإذا أخرهما ،قص ر .ه ذا هو
المع روف الك ثر االص حاب :أن االوق ات خمسة كما ذكرن ا .وفي الص بح،
وجهان آخران .أحدهما :تكره الصالة بعد طلوع الفجر ،س وى ركع تي س نة
الص بح .س واء ص لى الص بح ،وس نتها ،أم ال .ق ال ص احب (الش امل) ه ذا
الوجه :هو ظاهر المذهب .وقطع به صاحب (التتمة) والثاني :يكره ذلك لمن
ص لى الس نة ،وإن لم يصل الفريض ة .والص حيح :ما س بق .وهو الموافق
لكالم الجمهور .فرع :النهي والكراهة في ه ذه االوق ات ،إنما هو في ص الة
ليس لها سبب ( ،)1فأما ما لها سبب ،فال كراهة .والمراد بقولهم :صالة لها
سبب ،أي :سبب متقدم على ه ذه االوق ات ،أو مق ارن له ا ،وال تي ال س بب
لها ،هي التي ليس لها س بب متق دم ،وال مق ارن .وقد يفسر ق ولهم :ال س بب
لها ،بأن الشارع لم يخصها بوضع وشرعية ،بل هي التي يأتي بها االنس ان
ابت داء .فمن ذوات االس باب ،الفائت ة ،فإنه يج وز في ه ذه االوق ات ،قض اء
الفرائض ،والسنن ،والنوافل التي اتخ ذها االنس ان وردا ل ه .وتج وز ص الة
الجن ازة ،وس جود التالوة ،وس جود الش كر ،وركعتا الط واف ،وص الة
الكس وف .ولو تطهر في ه ذه االوق ات ،ص لى ركع تين .وال تك ره ص الة
االستس قاء فيها على االصح ( .)2وعلى الث اني :تك ره ،كص الة االس تخارة.
وقد يمنع االول الكراهة في ص الة االس تخارة .ويك ره ركعتا االح رام على
االصح .وأما تحية المس جد ،ف إن اتفق دخوله لغ رض ،كإعتك اف ،أو درس
علم ،أو انتظار صالة ،ونحو ذلك ،لم تكره .وإن دخل ال لحاجة ،بل ليصلي
التحية فقط ،فوجهان ،أقيسهما :الكراهة .كما لو أخر الفائتة ليقضيها في ه ذه
االوق ات ( .)3ومن االص حاب ،من لم يفص ل ،ويجعل في التحية وجهين
على
] [ 304
االطالق .وينسب الق ول بالكراهة إلى أبي عبد هللا الزب يري ( .)1قلت :ه ذه
الطريقة غلط .وهللا أعلم .ولو فاتته راتبة ،أو نافلة اتخذها وردا ،فقضاها في
ه ذه االوق ات ،فهل له المداومة على مثلها في وقت الكراهة ؟ وجه ان.
أح دهما :نعم ،للح ديث الص حيح أن رس ول هللا (ص) فاته ركعتا الظه ر،
فقض اهما بعد العص ر ،وداوم عليهما بعد العصر ( .)2وأص حهما :ال .وتلك
الصالة من خصائص رسول هللا (ص) .فرع ( :)3الص الة المنهي عنها في
هذه االوقات ،يستثنى منها زم ان ،ومك ان .أما الزم ان ،فعند االس تواء ي وم
الجمعة ،وال يلحق به باقي االوق ات ي وم الجمعة على االص ح .ف إن ألحقن ا،
ج از التنفل ي وم الجمعة في االوق ات الخمسة لكل أح د .وإن قلنا باالص ح،
فهل يجوز التنفل لكل أحد عند االستواء ؟ وجه ان .أص حهما :نعم .والث اني،
ال يجوز لمن ليس في الج امع .وأما من في الج امع ،ففيه وجه ان .أح دهما:
يجوز مطلقا والثاني :يجوز بش رط أن يبك ر ،ثم يغلبه النع اس .وقي ل :يكفي
النعاس بال تبك ير .وأما المك ان ،فمكة -زادها هللا ش رفا -ال تك ره الص الة
فيها في شئ في هذه االوقات ،س واء ص الة الط واف ،وغيره ا .وقي ل :إنما
يباح ركعتا الطواف .والصواب ،االول .والمراد بمك ة ،جميع الح رم .وقي ل:
.إنما يستثنى نفس المسجد الحرام .والصواب المعروف هو االول
] [ 305
ف رع :م تى ثبتت الكراهة فتح رم بالص الة المكروهة ( )1لم تنعقد على
االصح .كصوم العيد .وتنعقد على الثاني .كالص الة في الحم ام .ولو ن ذر أن
يصلي في هذه االوقات ،فإن قلن ا :تنعقد الص الة ،صح ن ذره ،وإال فال .وإذا
صح ن ذره ،ف االولى أن يص لي في وقت آخ ر ،كمن ن ذر أن يض حي بش اة
يذبحها بس كين مغص وب ،يصح ن ذره ،وي ذبحها بغ ير مغص وب .ولو ن ذر
صالة مطلقة ،فله فعلها في ه ذه االوق ات قطع ا ،ف إن لها س ببا .قلت :النهي
عن الصالة في هذه االوقات حيث أثبتناه مكروها ( ،)2كراهة تح ريم على
االص ح .وبه قطع الم اوردي في (االقن اع) وص احب (ال ذخائر) وآخ رون:
وهو مقتضى النهي في االحاديث الصحيحة ( .)3والث اني :كراهة تنزيه وبه
قطع أبو علي البندنيجي .وهللا أعلم [ .وقول بعض المت أخرين :أنه ال يح رم،
شاذ متروك ،علته أنه مخالف لما صرح به كثيرون ،واقتض اه كالم الب اقين
] ( .)4الب اب الث اني في االذان ( )5االذان واالقامة س نتان على أصح
:االوجه ،وفرضا كفاية على الثاني .والثالث
] [ 306
هما سنة في غير الجمعة ،وفرضا كفاية فيها .فإذا قلنا :سنة ،ف اتفق أهل بلد
على تركها ،لم يقاتلوا على االصح ،كسائر الس نن .وإذا قلن ا :ف رض كفاي ة،
قوتلوا على تركها بال خالف .وإنما يس قط االثم عنهم ،بإظهارها في البل دة،
أو القري ة ،بحيث يعلم جميع أهله ا ،أنه قد أذن فيها لو أص غوا .ففي القرية
الصغيرة ،يكفي في موض ع ،وفي البلد الكب ير ،ال بد منه في مواض ع .وإذا
قلن ا :االذان ف رض كفاية في الجمع ة ،فقي ل :ال واجب ،هو ال ذي بين ي دي
الخطيب .وقيل :يس قط الوج وب ب االذان الم أتي به لص الة الجمع ة ،وإن لم
يكن بين يدي الخطيب .أما ما يؤذن له فال خالف أنه ي ؤذن للجماعة االولى
من صلوات الرجال في كل مكتوبة م ؤداة .ف إن فقد بعض ه ذه القي ود ،ففيه
تفصيل .أما المنفرد في الصحراء ،أو بلد ،فيؤذن على المذهب والمنصوص
في الجديد .وقيل :ال ي ؤذن في الق ديم .وفي وج ه :إن رجا حض ور جماع ة،
أذن ،وإال فال .ه ذا إذا لم يبلغ المنف رد أذان الم ؤذنين ،ف إن بلغ ه ،ف الخالف
م رتب ،وأولى ب أن ال ي ؤذن .ف إن قلن ا :ال ي ؤذن ،فهل يقيم ؟ وجه ان.
أص حهما :نعم .وإن قلن ا :ي ؤذن ،فهل يرفع ص وته ؟ نظ ر ،إن ص لى في
مسجد أقيمت فيه جماعة ،وانصرفوا ،لم يرفع ،لئال يوهم دخول وقت صالة
أخرى .وإال فوجهان .االصح :يرف ع .والث اني :إن رجا جماع ة ،رف ع ،وإال،
فال .أما إذا أقيمت جماعة في مس جد ،فحضر ق وم ،ف إن لم يكن له إم ام
راتب ،لم يكره لهم إقامة الجماعة فيه ،وإن كان ،ك رهت على االصح (.)1
،وإذا أقاموا جماعة مكروهة
] [ 307
أو غ ير مكروه ة ،فق والن .أح دهما :ال يسن لهم االذان .وأظهرهم ا :يس ن،
وال يرفع فيه الصوت ،لخوف اللبس .وسواء كان المسجد مطروقا ،أو غ ير
مطروق .قال إمام الحرمين :حيث قلنا في الجماعة الثانية ،في المسجد ال ذي
أقيم فيه جماع ة ،وأذان ال راتب :ال يرفع الص وت ،ال نع ني به أنه يح رم
الرفع ،بل نعني به أن االولى أن ال يرفع .وإذا قلنا :المنفرد ال يرفع صوته،
فال نعني به أن االولى أن ال يرف ع ،ف إن الرفع أولى في حق ه .ولكن نع ني،
أنه يعتد بأذانه دون الرفع ( .)1أما جماعة النس اء ،ففيها اق وال :المش هور
المنصوص في (االم) و (المختصر) :يستحب لهن االقام ة ،دون االذان .فلو
أذنت على هذا ،ولم ترفع صوتها ،لم يكره .وكان ذك را هلل تع الى .والث اني:
ال أذان ،وال إقامة .والثالث :يستحبان معا .ولو صلت امرأة منفردة .إن قلن ا:
الرجل المنف رد .ال ي ؤذن ،فهي أولى .وإال ،فعلى ه ذه االق وال ال ترفع
صوتها بحال ،فوق ما تسمع صواحبها .ويحرم عليها الزيادة على ذلك (.)2
أما غير الفرائض الخمس ،فال أذان لها ،وال إقامة .سواء كانت من ذورة ،أو
س نة ،س واء سن لها الجماع ة ،كالعي دين ،والكس وفين ،واالستس قاء ،أم لم
يسن ،كالضحى .لكن ينادى للعيد ،والكسوف ،واالستس قاء :الص الة جامع ة.
وك ذا ين ادى لل تراويح ،إذا ص ليت جماع ة .وفي اس تحباب ه ذا الن داء في
الجن ازة ،وجه ان .قلت :االص ح ،ال يس تحب .وبه قطع كث يرون ،وهو
المنص وص في (االم) .وهللا أعلم .أما الفريضة الفائت ة ،فيقيم لها بال خالف.
وفي االذان ثالثة أقوال :الجديد االظهر :ال يؤذن ،والق ديم :ي ؤذن ،والث الث:
نصه في (االمالء) إن رجا اجتماع
] [ 308
جماعة يص لون مع ه ،أذن .وإال ،فال .ق ال االئم ة :االذان في الجدي د ،حق
ال وقت .وفي الق ديم ،حق الفريض ة .وفي (االمالء) حق الجماع ة .قلت:
االظهر :أنه ي ؤذن للفائت ة .وقد ثبت ذلك في الص حيح ( )1عن فعل رس ول
هللا (ص) .وص ححه كث ير من أص حابنا .وهللا أعلم .وإذا أقيمت الفائتة
جماعة ،سقط القول الثالث .ولو قضى فوائت ،فعلى التوالي أقام لكل واح دة
قطعا بال خالف .وال يؤذن لغير االولى قطعا .وفي االولى هذه االقوال .ولو
والى بين فريضة الوقت ،ومقضية ،فإن قدم فريضة الوقت ،أذن له ا ،وأق ام
للمقضية .وإن قدم المقضية ،أقام لها .وفي االذان لها ،االق وال .وأما فريضة
ال وقت ،فق ال إم ام الح رمين :إن قلن ا :ي ؤذن للمقض ية ،لم ي ؤذن لفريضة
الوقت ،وإال أذن .واالص ح :أنه ال ي ؤذن لفريضة ال وقت بعد المقض ية بكل
ح ال .قلت :إال أن يؤخرها عن المقض ية ،بحيث يط ول الفصل بينهم ا ،فإنه
ي ؤذن للحاض رة قطعا بكل ح ال .ك ذا قاله أص حابنا .وهللا أعلم .أما إذا جمع
بين صالتي الجمع ،بسفر ،أو مط ر ،ف إن ق دم الثانية إلى وقت االولى ،أذن
لالولى ،وأقام للثانية .وإن أخر االولى إلى وقت الثانية ،أقام لكل واحدة ،وال
يؤذن للثانية .وفي االذان لالولى ،االقوال في الفائتة .واالظهر :ال يؤذن .قال
إمام الح رمين :وينق دح أن يق ال :ي ؤذن له ا ،وإن لم ي ؤذن للفائت ة .قلت :بل
االظهر ،أنه يؤذن .ففي (ص حيح مس لم) ( )2عن ج ابر رضي هللا عن ه ،أن
رس ول هللا (ص) :جمع بين المغ رب والعش اء بالمزدلفة في وقت الثاني ة.
بأذان ،وإقامتين ،وهو مقدم عند العلم اء على رواية أس امة ،وابن عم ر :أنه
صالهما
] [ 309
بإقامتين ،النه زيادة ( )1ثقة حفظ ما لم يحفظ غ يره .وهللا أعلم .وخ رج أبو
الحسين بن القط ان من أص حابنا وجه ا :أنه ي ؤذن لكل واح دة من ص التي
الجمع ،قدم ،أو أخر .قلت :قال إمام الحرمين :ال سبيل إلى توالي أذانين ،إال
في ص ورة على ق ول .وهي إذا ص لى فائتة قبيل ال زوال ،وأذن لها على
قول ،فلما فرغ منها ،زالت الشمس ،فأراد إقامة الظهر ،أذن ال محال ة .ه ذا
كالم االمام .ويتصور التوالي قطعا فيما لو أخروا الم ؤداة إلى آخر ال وقت،
ف أذنوا له ا ،وص لوها ،ثم دخلت فريضة أخ رى .وهللا أعلم .فصل في ص فة
االذان فيه مس ائل :االولى :االذان ،مث نى ،واالقامة ف رادى .والم راد :معظم
االذان مثنى .وإال ،فقول :ال إله إال هللا ،في آخ ره م رة ،والتكب ير في أول ه،
أربع مرات .فكذا الم راد ،معظم االقام ة ،ف إن التكب ير في أوله ا ،وآخره ا،
ولفظ االقامة بالتثنية على المذهب والمنصوص في الجديد .وق ال :في الق ديم
يق ول ه ذه الكلم ات م رة .وقي ل :إنما أف رد في الق ديم االقامة دون التكب ير.
وللش افعي ق ول :أنه إن رجع في االذان ،ث نى جميع كلم ات االقام ة ،وإال،
.أفردها .واختاره محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصحابنا
] [ 310
الثاني ة :يس تحب ترتيل االذان ،وإدراج االقام ة .فالترتي ل :تب يين كلماته بال
بطء يجاوز الحد .واالدراج :أن يحدرها بال فص ل .الثالث ة :يرجع في أذان ه.
وهو أن يأتي بالشهادتين مرتين مرتين ،بصوت مخفوض ،ثم يرفعه ،ويأتي
بهما مرتين م رتين .وال ترجيع ،س نة .لو تركه لم يفسد أذانه على الص حيح.
وقيل :المشهور .الرابعة :التثويب :أن يق ول في أذان الص بح بعد الحيعل تين:
الص الة خ ير من الن وم ،م رتين ،وهو س نة على الم ذهب ال ذي قطع به
االكثرون .وقيل :قوالن :القديم الذي يفتى به :أنه سنة .والجديد :ليس سنة .ثم
ظاهر إطالق الغزالي ،وغيره ،أن التثويب ،يشمل االذان ال ذي قبل الفج ر،
والذي بعده .وصرح في (التهذيب) بأنه إذا ثوب في االذان االول ،ال يث وب
في الث اني على االص ح .)1( .ثم إن التث ويب ليس بش رط .هك ذا ص رح به
االصحاب .وقال إمام الحرمين :في اش تراطه احتم ال .وهو ب الخالف ،أولى
من الترجيع .الخامس ة :ينبغي أن ي ؤذن ويقيم قائما مس تقبل القبل ة .فلو ت رك
القيام واالستقبال مع الق درة ،صح أذانه وإقامت ه ،على االص ح ،لكن يك ره،
إال إذا كان مسافرا ،فال بأس بأذانه راكبا ،وعلى الثاني :ال يعتد بهم ا .قلت:
أذان المضطجع ،كالقاع د .إال أنه أشد كراه ة .وفي وجه ش اذ :ال يصح وإن
صح أذان القاع د .وهللا أعلم .السادس ة :يسن ( )2االلتف ات في الحيعل تين،
يمينا ،وشماال ،فيلوي رأسه ،وعنقه ،وال يحول صدره عن القبل ة ،وال يزيل
قدمه عن مكانها .وفي كيفية االلتواء ،ثالثة أوجه .أصحها ،يلتفت عن يمينه،
فيق ول :حي على الص الة ،حي على الص الة .ثم يلتفت عن يس اره ،فيق ول:
حي على الفالح ،حي على الفالح .والث اني :يلتفت عن يمين ه ،فيق ول :حي
على الص الة ،ثم يع ود إلى القبل ة ،ثم يلتفت عن يمين ه ،فيق ول :حي على
الصالة ،ثم يلتفت عن يساره ،فيقول :حي
] [ 311
على الفالح ،ثم يس تقبل القبل ة ،ثم يلتفت عن يس اره ،فيق ول :حي على
الفالح ،والث الث ،ق ول القف ال :يقسم كل حيعلة على الجه تين ،فيق ول :حي
على الصالة ،مرة عن يمينه ،ثم مرة عن يس اره .ثم حي على الفالح ،م رة
عن يمينه ،ثم مرة عن يساره .ويس تحب االلتف ات في االقامة على االص ح،
وال يستحب على الثاني ،إال أن يكبر المسجد ،ويحتاج إليه .قلت :وإذا ش رع
في االقامة في موضع ،تممها في ه ،وال يمشي في أثنائها قاله أص حابنا .وهللا
أعلم .السابعة :ينبغي أن يبالغ في رفع الصوت ما لم يجه ده .وأما االج زاء،
فإن كان يؤذن لنفسه ،أجزأه أن يسمع نفسه على قول الجمه ور .وق ال إم ام
الحرمين :االقتصار على إس ماع النفس ،يمنع ك ون الم أتي به أذانا وإقام ة،
فل يزد عليه ق در ما يس مع من عن ده .والخالف المتق دم في المنف رد ،أنه هل
يرفع ص وته ؟ هو على ق ول الجمه ور ،في أنه هل يس تحب الرفع ؟ وعلى
ق ول إم ام الح رمين :هل يعتد به بال رفع ؟ .أما إذا أذن لجماع ة ،فثالثة
أوج ه .أص حها :ال يج زئ االس رار بشئ من ه ،لف وات االعالم .والث اني :ال
بأس باالسرار .كاالسرار بقراءة صالة جهري ة .والث الث :ال ب أس باالس رار
بالكلمة ،والكلمتين ،وال يجزئ االسرار بالجميع .وأما االقامة ،فال يكفي فيها
إسماع النفس على االصح أيضا .لكن الرفع فيها أخفض من االذان .الثامن ة:
ت رتيب كلم ات االذان ش رط .فلو عكس ،لم يصح أذان ه .لكن يب نى على
المنتظم منه .ولو ترك بعض الكلم ات في خالل ه ،أتى ب المتروك .وأع اد ما
بعده .التاسعة :المواالة بين كلماته ،مأمور بها ،ف إن س كت بينهما يس يرا ،لم
يض ر .وإن ط ال ،ففي بطالن أذانه ق والن .ولو تكلم بينها كالما يس يرا ،لم
يضر على الم ذهب .وت ردد الش يخ أبو محمد في تنزيل الكالم اليس ير -إذا
رفع به الصوت -منزلة السكوت الطويل .وإن تكلم طويال ،فق والن مرتب ان
على الس كوت الطوي ل .وأولى ب البطالن .ولو خ رج في أثن اء االذان عن
أهليت ه ،بإغم اء أو ن وم ،ف إن زال عن ق رب ،لم يض ر .وإن ط ال ،فعلى
القولين .واعلم أن العراقيين جوزوا البناء في
] [ 312
جميع هذه الصور ،مع طول الفصل .وحكوه عن نص الش افعي رحمه هللا (
.)1لكن االشبه ،وجوب االستئناف عند الفصل الطوي ل ،وحمل النص على
الفصل اليس ير ،ومع الط ول على أحد الق ولين يس تحب االس تئناف .وك ذا
يس تحب في الس كوت والكالم الكث يرين إذا لم نوجب ه ،وال يس تحب إذا كانا
يس يرين ،ويس تحب أن ال يتكلم في أذانه بشئ أصال فلو عطس ،حمد هللا
تع الى في نفس ه ،ويب ني .ولو س لم عليه إنس ان ،أو عطس ،لم يجب ه ،ولم
يشمته حتى يفرغ .فإن أجاب ه ،أو ش مته ،أو تكلم بمص لحة ،لم يك ره .وك ان
تاركا للمستحب .ولو رأى أعمى يخاف وقوعه في بئر ،وجب إنذاره .ف رع:
إذا لم نحكم ببطالن االذان بالفصل المتخل ل ،فله أن يب ني عليه بنفس ه .وال
يجوز لغيره على المذهب أو المشهور .فرع :لو ارتد بعد فراغه من االذان،
ثم أس لم ،وأق ام ،ج از .لكن المس تحب ،أن ال يص لي بأذان ه ،وإقامت ه ،بل
يعيدهما غيره ،الن ردته تورث شبهة في حال ه .ولو ارتد في خالل االذان،
لم يصح بن اؤه عليه في ال ردة .ف إن أس لم وب نى علي ه ،فالم ذهب :أنه إن لم
يطل الفصل ،جاز البناء .وإال فقوالن .وقي ل :ق والن مطلق ا .وقي ل :وجه ان.
وإذا جوزنا له البناء ،ففي بناء غيره الخالف المتق دم في الف رع ال ذي قبل ه.
وكذا لو مات في خالل االذان .فصل في صفة الم ؤذن وآداب ه :وش رطه أن
يك ون ،مس لما ،ع اقال ،ذك را .وإذا نطق بالش هادتين في االذان ،إن ك ان
عيسويا ( ،)2لم يحكم بإسالمه .وإن كان غيره ،حكم بإسالمه على الصحيح
ال ذي قطع به االك ثرون .وال يصح أذان الس كران على الص حيح ،ويصح
أذان من هو في أول النش وة .وال يصح أذان الم رأة ،والخن ثى المش كل،
للرجال على الصحيح الذي قطع به الجمهور .وأما
] [ 313
أذانها لنفس ها ،أو جماعة نس اء ،فتق دم حكم ه .ويصح أذان الص بي المم يز
على الصحيح المعروف في المذهب .قلت :قال صاحب (الش امل) و (الع دة)
وغيرهما :يكره أذان الصبي ،ما لم يبلغ .كما يك ره أذان الفاس ق ،وهللا أعلم.
وأما آدابه :فيستحب أن يكون متطه را ،ف إن أذن ،أو أق ام مح دثا ،أو جنب ا،
كره .وصح أذانه .والكراهة في الجنب أشد ،وفي االقامة أش د .ويس تحب أن
يك ون ص يتا ،حسن الص وت ،وأن ي ؤذن على موضع ع ال .من من ارة أو
سطح ،ونحوهم ا .وأن يجعل أص بعيه في ص ماخي أذني ه .وأن يك ون ع دال
وه و :الثق ة ،وأن يك ون من أوالد من جعل رس ول هللا (ص) أو بعض
أصحابه االذان فيهم ،إذا وجد ،وكان عدال صالحا ل ه .وأن يص لي الم ؤذن.
ومن سمع االذان على رسول هللا (ص) بعد االذان .ثم يقول :اللهم رب ه ذه
الدعوة التام ة ،والص الة القائم ة ،آت محم دا الوس يلة ،والفض يلة ،والدرجة
الرفيع ة ،وابعثه مقاما محم ودا ال ذي وعدته ( .)1وأن يجيب كل من س مع
االذان .وإن ك ان جنب ا ،أو حائض ا ،فيق ول :مثل ق ول الم ؤذن في جميع
االذان ،واالقام ة ،إال في الحيعل تين ،فإنه يق ول :ال ح ول وال ق وة إال باهلل.
وإال في كلم تي االقام ة .فيق ول :أقامها هللا ،وأدامه ا ،وجعل ني من ص الحي
أهلها .وإال في التثويب ،فيقول :ص دقت وب ررت .وفي وج ه ،يق ول :ص دق
رس ول هللا (ص) ،الص الة خ ير من الن وم .ف إن ك ان في ق راءة ،أو ذك ر،
اس تحب قطعهما ليجيب .ولو ك ان في ص الة ،لم يجب ح تى يف رغ ،ف إن
أج اب ،ك ره على االظه ر ،لكن ال تبطل ص الته إن أج اب بما اس تحببناه،
النها أذكار .فلو ق ال :حي على الص الة ،أو الص الة خ ير من الن وم ،بطلت
صالته ،النه كالم .قلت :وكذا لو قال :صدقت وبررت ( ،)2تبط ل .ص رح
به القاضي حس ين ،وغ يره .وهللا أعلم .ولو أج اب في خالل الفاتح ة ،وجب
.استئنافها ،الن االجابة في الصالة غير محبوبة
] [ 314
قلت :ويستحب للمجيب ،أن يجيب في كل كلمة عقبه ا .وهللا أعلم .ويس تجب
أن يق ول من س مع أذان المغ رب :اللهم ه ذا إقب ال ليل ك ،وإدب ار نه ارك،
وأصوات دعاتك :فاغفر لي ( .)1ويستحب الدعاء بين االذان واالقام ة .وأن
يتحول المؤذن إلى موضع آخر لالقامة .فرع :االذان ،واالمام ة ،كالهما فيه
فضل ،وأيهما أفضل ،فيه أوجه .أص حها وهو المنص وص :االمامة أفض ل.
والثاني :االذان .والثالث :هما سواء .والرابع :إن علم من نفسه القيام بحق وق
االمامة ،وجمع خصالها ،فهي أفضل ،وإال ،فاالذان .قاله أبو علي الط بري،
والقاضي ابن كج ،والقاضي حس ين ،والمس عودي ( .)2قلت :ك ذا رجح
الرافعي أيضا في كتابه (المح رر) االمام ة ،واالص ح :ت رجيح االذان ،وهو
ق ول أك ثر أص حابنا .وقد نص الش افعي رحمه هللا في (االم) على كراهة
االمامة ،فقال :أحب االذان ،لق ول رس ول هللا (ص)( :اللهم اغفر للم ؤذنين)
وأك ره االمامة للض مان وما على االم ام فيه ا ،ه ذا نص ه .وهللا أعلم .وأما
الجمع بين االذان ،واالمام ة ،فليس بمس تحب .وأغ رب ابن كج ،فق ال:
االفضل لمن ص لح لهم ا ،الجمع بينهم ا .ولعله أراد االذان لق وم ،واالمامة
آلخ رين .قلت :ص رح بكراهة الجمع بينهم ا ،الش يخ أبو محم د ،والبغ وي.
وصرح باس تحباب جمعهم ا ،أبو علي الط بري ،والم اوردي ،والقاضي أبو
الطيب ،وادعى االجماع عليه ،فحصل ثالثة أوجه .االصح :اس تحبابه ،وفيه
.حديث حسن في الترمذي ( .)3وهللا أعلم
] [ 315
فرع :يستحب للم ؤذن ،التط وع ب االذان ،ف إن لم يتط وع ،رزقة االم ام من
مال المصالح .وهو خمس خمس الفئ ،والغنيم ة .وك ذا أربعة أخم اس الفئ،
إذا قلن ا :إنها للمص الح .وإنما يرزقه عند الحاج ة ،وعلى ق درها .ولو وجد
فاس قا يتط وع ،وأمينا ال يتط وع ،فله أن ي رزق االمين على الص حيح .ولو
وجد أمينا يتط وع ،وأمينا أحسن منه ص وتا ال يتط وع ،فهل يجز أن يرزقه
؟ وجهان .قال ابن س ريج :نعم .والقف ال :ال .قلت :ق ول ابن س ريج أصح إن
رآه االمام مصلحة ،لظهور تفاوتهم ا .وهللا أعلم .وإذا ك ان في البلد مس اجد،
فإن لم يمكن جمع الناس في مسجد واحد ،رزق عددا من الم ؤذنين ،يحصل
بهم الكفاي ة .ويت أدي الش عار .وإن أمكن ،فوجه ان .أح دهما :يجمع وي رزق
واحدا .والثاني ،يرزق الجميع ،لئال تتعطل المساجد .قلت :هذا الثاني ،أصح.
وهللا أعلم .فلو لم يكن في بيت الم ال س عة ،ب دأ ب االهم .وهو رزق م ؤذن
الج امع .وأذان ص الة الجمع ة ،أهم من غ يره .ولالم ام أن ي رزق من م ال
نفسه .ويجوز للواحد من الرعية .وحينئ ذ ،ال حجر ف يرزق كم ش اء ،وم تى
شاء .وأما االستئجار على االذان ،ففيه أوجه .أصحها :يجوز لالمام من بيت
الم ال ،ومن م ال نفس ه ،وآلح اد الن اس من أهل المحلة وغ يرهم ،من م ال
نفسه .والثاني :ال يصح االستئجار مطلق ا .والث الث :يج وز لالم ام ،ومن أذن
له :وال يج وز آلح اد الن اس :وإذا جوزنا لالم ام االس تئجار من بيت الم ال،
فإنما يج وز حيث يج وز ال رزق ،خالف ا ،ووفاق ا .ق ال في (الته ذيب) وإذا
اس تأجر ،من بيت الم ال ،لم ( )1يفتقر إلى بي ان الم دة ،بل يكفي أن يق ول:
استأجرتك لتؤذن في ه ذا المس جد في أوق ات الص الة ،كل ش هر بك ذا .ولو
اس تأجر من م ال نفس ه ،أو اس تأجر واحد من الرعي ة ،ففي اش تراط بي ان
الم دة ،وجه ان .قلت :أص حهما :االش تراط .وهللا أعلم .واالقامة ت دخل في
االستئجار لالذان .وال يجوز االستئجار لالقامة إذ ال كلفة
] [ 316
فيه ا ،بخالف االذان .وليست ه ذه الص ور بص افية عن االش كال .ف رع:
يستحب أن يكون للمسجد مؤذنان .ومن فوائدهما :أن ي ؤذن أح دهما للص بح
قبل الفجر ،واآلخر بعده .وتجوز الزيادة على اثنين .والمس تحب أن ال ي زاد
على أربعة .قلت :هذا الذي ذكره من استحباب عدم الزيادة على أربعة ،قاله
أبو علي الط بري .وأنك ره كث يرون من أص حابنا .وق الوا :إنما الض بط
بالحاج ة ،ورؤية المص لحة .ف إن رأى االم ام المص لحة في الزي ادة على
أربع ة ،فعل ه .وإن رأى االقتص ار على اث نين ،لم ي زد .وه ذا هو االصح
المنصوص .وهللا أعلم .وإذا ترتب لالذان اثن ان فص اعدا ،فالمس تحب :أن ال
يتراسلوا .بل إن اتسع الوقت ،تجبوا فيه .فإن تنازعوا االبت داء ،أق رع بينهم،
وإن ضاق الوقت .فإن كان المسجد كب يرا ،أذن وا متف رقين في أقط اره .وإن
ك ان ص غيرا وقف وا مع ا ،وأذن وا .وه ذا إذا لم ي ؤد اختالف االص وات إلى
تهويش .فإن أدى ،لم يؤذن إال واحد .فإن تنازعوا ،أقرع .وأما االقام ة ،ف إن
أذنوا على الترتيب ،ف االول :أولى به ا ،إن ك ان هو الم ؤذن ال راتب ،أو لم
يكن هناك م ؤذن راتب .إن ك ان االول غ ير ال راتب ،فاالص ح :أن ال راتب
أولى ،والث اني :االول أولى .ولو أق ام في ه ذه الص ورة ،غ ير من له والية
االقامة ،اعتد به ،على الصحيح المعروف .وعلى الشاذ :ال يعتد باالقامة من
غ ير الس ابق ب االذان .تخريجا من ق ول الش افعي رحمه هللا :ال يج وز أن
يخطب واحد ،ويصلي آخر .أما إذا أذنوا معا ،ف إن اتفق وا على إقامة واح د،
وإال أق رع .وال يقيم في المس جد الواحد إال واح د ،إال إذا لم تحصل الكفاية
بواح د .وقي ل :ال ب أس أن يقيم وا معا إذا لم ي ؤد إلى الته ويش .ف رع :وقت
االذان منوط بنظر المؤذن ،ال يحتاج فيه إلى مراجعة االمام .ووقت االقامة،
منوط باالم ام ،وإنما يقيم الم ؤذن بإش ارته .ف رع ذك ره االم ام ال رافعي في
أوقات الصالة وأشار إلى أنه هنا أنسب قال :ص الة الص بح تختص ب االذان
بأمور .منها :أنه يج وز تق ديم أذانها على دخ ول ال وقت .وذكر في (البي ان)
وجها :أنه إن جرت عادة أهل بلد بتأخير
] [ 317
باالذان ،بعد طلوع الفجر ،لم يق دم أذانه ا [ ،على دخ ول ال وقت ] ( )1لئال
يلتبس .وه ذا غ ريب .ثم في وقت ج واز التق ديم أوج ه .أص حها :يق دم في
الشتاء لسبع بقي من الليل .وفي الصيف :لنصف سبع .وهذا الضبط ،تق ريب
ال تحديد .والثاني :يدخل بذهاب وقت االختيار ،للعش اء .وهو ثلث اللي ل ،أو
نصفه .والثالث :وقته :النصف االخ ير من اللي ل ،وال يج وز قبل ه .والراب ع:
جميع الليل وقت ل ه .ولم يف رق ص احب (الته ذيب) بين الش تاء ،والص يف.
واعت بر الس بع مطلقا تقريب ا .قلت :االص ح :الوجه الث الث .واعتمد من رجح
االول :ح ديثا ب اطال محرف ا .وهللا أعلم .أما االقامة للص بح ،فال يج وز قبل
الفجر بال خالف .ويسن أن يؤذن للصبح م رتين ( .)2في ؤذن أحد الم ؤذنين
قبل الفجر ،واآلخر بعده .ويجوز أن يقتصر على مرة قبل الصبح ،أو بعده،
أو بعض الكلم ات قبل الص بح ،وبعض ها بع ده .وإذا اقتصر على م رة،
فاالولى أن يكون بعد الصبح على المعه ود في س ائر الص لوات .قلت :بقيت
فروع تتعلق باالذان .يكره التثويب في غير الص بح .ق ال في (الته ذيب) :لو
زاد في االذان ذكرا ،أو زاد في عدده ،لم يفسد أذانه .قال غيره :يس تحب أن
يجمع المؤذن ،كل تكبيرتين بنفس واحد .وأما باقي االلف اظ ،فيف رد كل كلمة
بصوت ،لطول لفظها ،بخالف التكبير .قال صاحب (العدة) :وإذا ك انت ليلة
مطيرة ،أو ذات ريح وظلمة ،يستحب أن يقول :إذا فرغ من أذانه :أال صلوا
في رح الكم .ف إن قاله في أثن اء االذان بعد الحيعل ة ،فال ب أس .وك ذا قاله
الصيدالني ،والبندنيجي ،والشاشي ،وغ يرهم .واس تبعد إم ام الح رمين ،قوله
في أثن اء االذان ،وليس هو ببعي د ،بل هو الح ق ،والس نة .فقد نص عليه
الشافعي رضي
] [ 318
هللا عنه في آخر أب واب االذان ،في (االم) :وقد ثبت في (الص حيحين) ()1
عن ابن عب اس ( )2رضي هللا عنهم ا ،أنه ق ال لمؤذنه في ي وم مط ير .إذا
قلت :أشهد أن محمدا رسول هللا ،فال تقل :حي على الصالة .وقل :صلوا في
بيوتكم .وكأن الن اس اس تنكروا ذل ك .فق ال :أتعجب ون من ذا ؟ ! قد ( )3فعل
ذا ،من هو خير مني -يعني الن بي (ص) -ويك ره أن يك ون االعمى مؤذنا
وحده ،فإن كان معه بصير ،لم يكره .ويسن أن يكون االذان بقرب المس جد.
ويكره قوله :حي على خير العمل .ولو لقن االذان ،ص ح .ولو أذن بالعجمية
وهن اك من يحسن بالعربي ة ،لم يص ح ،وإال ،فيص ح .ولو ق ال :هللا االك بر،
ص ح .وتركه في الس فر أخف من الحض ر .وت رك الم رأة االقامة أخف من
ت رك الرج ل .وهللا أعلم .الب اب الث الث في اس تقبال القبلة ( )4وهو ش رط
لصحة الفريضة ،إال في شدة خ وف القت ال المب اح ،وس ائر وج وه الخ وف.
وشرط لصحة النافلة ،إال في الخوف ،والسفر المب اح .والع اجز ،ك المريض
ال يجد من يوجه ه .والمرب وط على خش بة ،يص لي حيث توج ه .وال يج وز
فعل الفريضة على الراحل ة ،من غ ير ض رورة ،ف إن خ اف انقطاعا عن
رفقته لو ن زل له ا ،أو خ اف على نفس ه ،أو مال ه ،فله أن يص ليها على
الراحل ة ،وتجب االع ادة ،وال تصح المن ذورة ،وال الجن ازة ،على الراحل ة،
على المذهب فيهما .وتقدم
] [ 319
بيانهما في التيمم ( .)1فرع :شرط الفريضة أن يك ون مص ليها مس تقرا .فال
تصح من الماشي المستقبل ،وال من ال راكب المخل بقي ام ،أو اس تقبال .ف إن
اس تقبل ،وأتم االرك ان في ه ودج ،أو س رير ،أو نحوهما على دابة واقف ة،
ص حت الفريض ة ،على االصح ال ذي قطع به االك ثرون .منهم :ص احبا
(المعتمد) و (التهذيب) ،وصاحبا (التتمة) ،و (البحر) ،وغ يرهم .والث اني :ال
يصح .وبه قطع إمام الحرمين ،والغزالي .فإن ك انت الدابة س ائرة ،لم تصح
الفريضة على االصح المنص وص .وتصح الفريضة في الس فينة الجاري ة،
والزورق المشدود على الساحل قطعا .وكذا في السرير الذي يحمله رجال (
،)2وفي االرجوحة المش دودة بالحب ال ،وال زورق الج اري ،للمقيم ببغ داد
ونحوه ،على االصح في الثالثة .فص ل :يج وز التنفل ماش يا ،وعلى الراحلة
سائرة إلى جهة مقصده في السفر الطويل ( .)3وكذا القصير ،على المذهب.
وال يج وز في الحضر على الص حيح ،بل لها فيه حكم الفريضة في كل
شئ ،إال القيام .وق ال االص طخري :يج وز لل راكب ،والماشي في الحض ر،
مترددا في جهة مقصده .واختار القفال :الجواز ،بش رط االس تقبال في جميع
الص الة ،وحيث ج ازت النافلة على الراحل ة ،فجميع النوافل س واء على
الص حيح ال ذي عليه االك ثرون .وعلى الض عيف :ال تج وز ص الة العي د،
والكس وف ،واالستس قاء .أما راكب الس فينة ،فال يج وز تنفله فيها إلى غ ير
القبلة ،لتمكنه .نص عليه الشافعي رضي هللا عنه .وكذا من تمكن في ه ودج
على داب ة ،على الص حيح .واس تثنى ص احب (الع دة) مالح الس فينة ال تي
.يسيرها .وجوز تنفله ،حيث توجه لحاجة
] [ 320
قلت :واستثناه أيضا صاحب (الحاوي) وغيره ،وال بد منه .وهللا أعلم .ف رع:
إذا لم يتمكن المتنفل راكب ا ،من إتم ام الرك وع ،والس جود ،واالس تقبال في
جميع صالته ،ففي وجوب االستقبال عند االحرام ،أوجه .أصحها :إن سهل،
وجب ،وإال ،فال .فالس هل :ب أن تك ون الدابة واقف ة ،وأمكن انحرافه عليها (
،)1أو تحريفها ،أو كانت سائرة وبيده زمامها ،وهي سهلة .وغ ير الس هل:
أن تكون مقطورة ،أو صعبة .والثاني :ال يجب أصال .والثالث :يجب مطلق ا.
فإن تعذر ،لم تصح ص الته .والراب ع :إن ك انت الدابة عند االح رام متوجهة
إلى القبلة ،أو إلى طريقه ،أح رم كما ه و .وإن ك انت إلى غيرهم ا ،لم يجز
االحرام إال إلى القبلة .واالعتبار باس تقبال ال راكب دون الداب ة ،فلو اس تقبل
عند التحرم ،أجزأه بال خالف وإن كانت الدابة منحرفة عن القبل ة ،واقفة أو
س ائرة .وإذا ش رطنا االس تقبال عند االح رام ،لم نش ترطه عند الس الم على
االصح ،وال يش ترط فيما س واهما من أرك ان الص الة ،ولكن يش ترط ل زوم
جهة المقصد في جميعها ،إذا لم يستقبل القبلة .وتتبع ما يع رض في الطريق
من معاطف .وال يشترط سلوكه في نفس الطريق ،بل الشرط جهة المقص د.
فرع :ليس لراكب التعاسيف ( ،)3ت رك االس تقبال في شئ من نافلت ه .وهو
الهائم الذي يستقبل تارة ،ويستدبر تارة ،وليس له مقصد معل وم .فلو ك ان له
مقصد معل وم ( ،)4لكن لم يسر في طريق معين ،فله التنفل مس تقبال جهة
مقصده على
] [ 321
االظهر .وعلى الثاني :ال ،النه لم يسلك طريقا مضبوطا ،فقد ال يؤدي سيره
إلى مقصده .فرع :إذا انحرف المص لي على االرض ،عن القبل ة ،نظ ر ،إن
استدبرها ،أو تحول إلى جهة أخرى عم دا ،بطلت ص الته .وإن فعله ناس يا،
أو ع اد إلى االس تقبال على ق رب ،لم تبط ل .وإن ع اد بعد ط ول الفص ل،
بطلت على االص ح .ككالم الناس ي .وإن أماله غ يره عن القبلة قه را ،فع اد
إلى االستقبال بعد الطول ،بطلت .وكذا على الق رب ،على االص ح ،لن دوره.
كما لو أك ره على الكالم ،فإنها تبطل على الص حيح ،لن دوره .ولو انح رف
المتنفل ماش يا عن مقص ده ،أو ح رف دابت ه ،ف إن ك ان إلى جهة القبل ة ،لم
يضره .وإن كان إلى غيرها عمدا ،بطلت صالته ( ،)1وإن ك ان ناس يا ،أو
غالطا ظن أن ال ذي توجه إليه طريق ه ،وع اد على ق رب ،لم تبط ل .وإن
طال ،بطلت على االصح .ولو انحرف بجماح الدابة ،وط ال الزم ان ،بطلت
على الصحيح ،كاالمالة قه را .وإن قص ر ،لم تبطل على الم ذهب .وبه قطع
الجمه ور ،لعم وم الجم اح .وإذا لم تبطل في ص ورة النس يان ،ف إن ط ال
الزم ان ،س جد للس هو .وإن قص ر ،فوجه ان .المنص وص :ال يس جد .وفي
صورة الجماح أوجه .أصحها :يسجد .والثاني :ال .والث الث :إن ط ال ،س جد،
وإال فال .وهذا تفريع على المشهور أن النفل يدخله سجود السهو .فرع :ه ذا
الذي قدمناه ،هو في استقبال الراكب على سرج ،ونح وه ،وليس عليه وضع
الجبهة على عرف الدابة ،وال على السرج ،واالك اف ،بل ينح ني للرك وع،
والسجود ،إلى طريقه .والسجود ،أخفض من الركوع .قال إمام
] [ 322
الح رمين :الفصل بينهما عند التمكن محت وم .والظ اهر :أنه ال يجب مع ذلك
أن تبلغ غاية وسعه في االنحناء .وأما سائر االرك ان ،فكيفيتها ظ اهرة .وأما
الراكب في مرقد ونحوه ،مما يس هل فيه االس تقبال ،وإتم ام االرك ان ،فعليه
االس تقبال في جميع الص الة ،وإتم ام االرك ان في جميع الص الة ( )1على
االصح ،كراكب السفينة .والثاني :ال يشترط .وهو منص وص .وأما الماش ي،
ففيه أقوال .أظهرها :أنه يشترط أن يركع ،ويسجد على االرض ،وله التشهد
ماش يا .والث اني :يش ترط التش هد أيضا قاع دا ،وال يمشي إال حالة القي ام.
والث الث :ال يش ترط اللبث ب االرض في ش ئ ،وي ومئ ب الركوع والس جود،
كالراكب .وأما اس تقباله ،ف إن قلنا ب القول الث اني ،وجب عند االح رام ،وفي
جميع الصالة غير القيام .وإن قلنا ب االول ،اس تقبل في االح رام ،والرك وع،
والسجود ،وال يجب عند الس الم على االص ح .وإن قلنا بالث الث ،لم يش ترط
االس تقبال في غ ير حالة االح رام ،والس الم .وحكمه فيهما حكم راكب بي ده
الزمام .وإذا لم نوجب اس تقبال القبل ة ،ش رطنا مالزمة جهة مقص ده .ف رع:
يشترط أن يكون ما يالقي بدن المصلي على الراحل ة ،وثياب ه ،من الس رج،
وغيره ،ط اهرا .ولو ب الت الداب ة ،أو وطئت نجاس ة ،أو ك ان على الس رج
نجاس ة ،فس ترها ،وص لى علي ه ،لم يض ر .ولو أوطأها ال راكب نجاس ة ،لم
يضر أيضا على االص ح .ولو وطئ مصل ماش يا ،نجاسة عم دا ،بطلت
ص الته ،وال يكلف التحفظ واالحتي اط في المش ي .ولو انتهى إلى نجاسة
يابسة ،ولم يجد عنها معدال ،قال إمام الحرمين :هذا فيه احتم ال .ف إن ك انت
رطب ة ،فمشى عليه ا ،بطلت ص الته .ف رع :يش ترط في ج واز النفل راكبا
وماشيا دوام الس فر ،فلو بلغ الم نزل في خالل الص الة ،اش ترط إتمامها إلى
القبلة متمكن ا .وي نزل إن ك ان راكب ا .ولو دخل بلد إقامت ه ،فعليه ال نزول،
وإتمام الصالة مستقبال بأول دخوله البنيان ( ،)2إال إذا
] [ 323
جوزنا للمقيم التنفل على الراحل ة ،وك ذا لو ن وى االقامة بقري ة .ولو مر
بقرية مجتازا ،فله إتم ام الص الة راكب ا ،ف إن ك ان له بها أه ل ،فهل يص ير
مقيما ب دخولها ؟ ق والن .إن قلن ا :يص ير ،وجب ال نزول واالتم ام مس تقبال.
قلت :االظهر ،ال يصير .وهللا أعلم .وحيث أمرناه بالنزول ،ف ذلك عند تع ذر
البناء على الداب ة ،فلو أمكن االس تقبال ،وإتم ام االرك ان عليها وهي واقف ة،
جاز .ويشترط االحتراز عن االفعال ال تي ال يحت اج إليه ا .فلو ركض الدابة
للحاج ة ،فال ب أس .ولو أجراها بال ع ذر ،أو ك ان ماش يا ،فع دا بال ع ذر،
بطلت ص الته على االص ح .فصل في اس تقبال المص لي على االرض :وله
أحوال ..أحدها :أن يصلي في جوف الكعبة ،فتصح الفريضة ،والنافلة .قلت:
ق ال أص حابنا :والنفل فيها أفضل منه خارجه ا .وك ذا الف رض إن لم ي رج
جماع ة ،ف إن رجاه ا ،فخارجها أفضل ( .)1وهللا أعلم .ثم له أن يس تقبل أي
جدار شاء .وله استقبال الباب ،إن ك ان م ردودا ،أو مفتوح ا ،وله عتبة ق در
ثلثي ذراع تقريب ا .ه ذا هو الص حيح .ولنا وج ه :أنه يش ترط في العتب ة ،أن
تكون بقدر قامة المصلي ط وال وعرض ا .ووج ه :أنه يكفي شخوص ها ب أي
قدر كان .الح ال الث اني :لو انه دمت الكعبة -والعي اذ باهلل -وبقي موض عها
عرصة ،فوقف
] [ 324
خارجها ،وصلى إليها ،جاز .فإن صلى فيها ،فله حكم السطح .الحال الثالث:
وهو أن يقف على س طحها ،ف إن لم يكن بين يديه شئ ش اخص ،لم يصح
على الصحيح .وإن كان ش اخص من نفس الكعب ة ،فله حكم العتب ة .إن ك ان
ثل ثي ذراع ،ج از .وإال ،فال ،على الص حيح .وفيه الوجه ان اآلخ ران .ولو
وضع بين يديه متاعا ،واستقبله ،لم يكف .ولو استقبل بقية حائ ط ،أو ش جرة
ثابتة ،جاز .ولو جمع تراب العرصة ،واستقبله ،أو حفر حف رة ووقف فيه ا،
أو وقف في آخر الس طح ،أو العرص ة ،وتوجه إلى الج انب اآلخر وهو
مرتفع عن موقفه ،جاز .ولو استقبل حشيشا نابتا عليها ،أو خش بة ،أو عصا
مغ روزة غ ير مس مرة ،لم يكف على االص ح .وإن ك انت العصا مثبت ة ،أو
مس مرة ،كفت قطع ا .لكن ق ال إم ام الح رمين :إن خ رج بعض بدنه عن
محاذاته ا ،ك ان على الخالف اآلتي ،فيمن خ رج بعض بدنه عن مح اذاة
الكعبة .قلت :لم يجزم إم ام الح رمين بأنه يك ون على ذلك الخالف .بل ق ال:
في هذا ،ت ردد ظ اهر عن دي .وظ اهر كالم االص حاب :القطع بالص حة في
مس ألة العص ا ،النه يعد مس تقبال ،بخالف مس ألة ط رف ال ركن .وهللا أعلم.
الح ال الراب ع :أن يص لي عند ط رف ركن الكعب ة ،وبعض بدنه يحاذي ه،
وبعضه يخرج عنه ،فال تصح صالته على االصح .ولو وقف االم ام بق رب
الكعبة عند المقام ،أو غيره ،ووقف القوم خلفه مستديرين بالبيت ،ج از .ولو
وقف وا في أخري ات المس جد ،وامتد صف طوي ل ،ج از .وإن وقف وا بقرب ه،
وامتد الصف ،فصالة الخارجين عن مح اذاة الكعبة باطل ة .الح ال الخ امس:
أن يصلي بمكة خارج المسجد .فإن عاين الكعبة ،كمن يصلي على جبل أبي
قبيس ( ،)1صلى إليها .ولو بنى محرابه على العي ان ،ص لى إليه أب دا ،وال
يحتاج في كل صالة إلى المعاينة .وفي معنى المعاين :من نشأ بمك ة ،وتيقن
إصابة الكعبة وإن لم يشاهدها حال الصالة ،فإن لم يعاين ،وال تيقن
] [ 325
االص ابة ،فله اعتم اد االدل ة ،والعمل باالجته اد ،إن ح ال بينه وبين الكعبة
حائل أصلي ،كالجبل .وك ذا إن ك ان الحائل طارئ ا ،كالبن اء ،على االص ح،
للمش قة في تكليف المعاين ة .الح ال الس ادس :أن يص لي بالمدين ة ،فمح راب
رسول هللا (ص) ( ،)1ن ازل منزلة الكعب ة .فمن يعاين ه ،يس تقبله ،ويس وي
محرابه علي ه ،بن اء على العي ان ،أو االس تدالل ،كما ذكرنا في الكعب ة .وال
يجوز العدول عنه باالجته اد بح ال .وفي مع نى المدين ة ،س ائر البق اع ال تي
صلى فيها رسول هللا (ص) ،إذا ضبط المحراب .وكذا المحاريب المنصوبة
في بالد المس لمين ،وفي الطريق ال تي هي ج ادتهم ،يتعين اس تقبالها ،وال
يجوز االجتهاد .وكذا القرية الصغيرة ،إذا نشأ فيها قرون من المس لمين .وال
اعتم اد على عالمة بطريق ين در م رور الن اس ب ه ،أو يس توي م رور
المسلمين والكفار به ،أو بقرية خربة ،ال يدرى ،بناها المس لمون ،أو الكف ار
؟ بل يجتهد .ثم هذه المواضع التي منعنا االجتهاد فيها في الجهة ،هل يجوز
في التيامن ،والتياسر .إن كان مح راب رس ول هللا (ص) ؟ ال يج وز بح ال.
ولو تخيل ح اذق ،في معرفة القبلة في ه ،تيامن ا ،أو تياس را ،فليس له ذل ك،
وخياله باط ل .وأما س ائر البالد ،فيج وز على االصح ال ذي قطع به
االكثرون ،والثاني :ال يجوز .والثالث :ال يجوز في الكوفة خاص ة .والراب ع:
ال يج وز في الكوفة والبص رة ،لك ثرة من دخلهما من الص حابة رضي هللا
عنهم .الحال السابع :إذا كان بموضع ال يقين في ه .اعلم أن الق ادر على يقين
القبل ة ،ال يج وز له االجته اد .وفيمن اس تقبل حجر الكعبة مع تمكنه منه ا،
وجه ان .االص ح :المن ع ،الن كونه من ال بيت ،غ ير مقط وع ب ه .بل هو
مظن ون .ثم اليقين ،قد يحصل بالمعاين ة ،وبغيره ا .كالناشئ بمك ة ،الع ارف
يقينا بأم ارات .وكما ال يج وز االجته اد مع الق درة على اليقين ،ال يج وز
اعتماد قول غيره .وأما غير القادر على اليقين ،ف إن وجد من يخ بره بالقبلة
عن علم ،اعتمده ،ولم
] [ 326
يجتهد ،بش رط عدالة المخ بر ،يس توي فيه الرجل والم رأة والعب د .وال يقبل
ك افر قطع ا ،وال فاس ق ،وال ص بي ،وال مم يز على الص حيح فيهم ا .ثم قد
يكون الخبر صحيح ( )1صرح لفظ ،وقد يكون دالل ة ،ك المحراب المعتم د.
وس واء في العمل ب الخبر ،أهل االجته اد وغ يرهم .ح تى االعمى ،يعتمد
المحراب إذا عرفه باللمس حيث يعتمده البصير ،وكذا البص ير في الظلم ة.
وقال ص احب (الع دة) :إنما يعتمد االعمى على المس ،في مح راب رآه قبل
العمى .ف إن لم يكن ش اهده ،لم يعتم ده .ولو اش تبه عليه مواضع لمس ها ،فال
شك أنه يصبر ،حتى يخبره غيره صريحا .ف إن خ اف ف وت ال وقت ،ص لى
على حسب حاله ،وأعاد .ه ذا كل ه ،إذا وجد من يخ بره عن علم ،وهو ممن
يعتمد قول ه .أما إذا لم يجد الع اجز من يخ بره ،فت ارة يق در على االجته اد،
وتارة ال يقدر .فإن قدر ،لزم ه ،واس تقبل ما ظنه القبل ة .وال يصح االجته اد
إال بأدلة القبلة .وهي كثيرة فيها كتب مصنفة .وأضعفها ،الرياح ،الختالفه ا.
وأقواها ،القطب ،وهو نجم ص غير في بن ات نعش الص غرى ،بين الفرق دين
والجدي ،إذا جعله الواقف خلف أذنه اليم نى ،ك ان مس تقبال القبل ة ،إن ك ان
بناحية الكوفة ( ،)2وبغ داد ( ،)3وهم دان ،وق زوين ( ،)4وطبرس تان،
وجرج ان ،وما واالها ( .)5وليس للق ادر على االجته اد ،تقليد غ يره .ف إن
فعل ،وجب قضاء الصالة .وسواء خاف خروج الوقت ،أم لم يخف ه .لكن إن
،ضاق الوقت ،صلى كيف كان
] [ 327
وتجب االعادة .هذا هو الصحيح ،وفيه وجه البن سريج :أنه يقلد عند خوف
الفوات .وفي وجه ثالث :يص بر إلى أن تظهر القبل ة ،وإن ف ات ال وقت .ولو
خفيت الدالئل على المجتهد ،لغيم ،أو ظلمة ،أو تعارض أدلة ،فثالثة ط رق.
أص حها :ق والن .أظهرهم ا :ال يقل د .والث اني :يقل د .والطريق الث اني :يقل د.
والث الث :يص لي بال تقليد كيف ك ان ،ويقض ي .ف إن قلن ا :يقل د ،لم يلزمه
االعادة على الصحيح ،وقول الجمهور .قال إمام الح رمين :ه ذه الط رق إذا
ضاق الوقت ،وقبل ضيقه ،يصبر ،وال يقلد قطع ا ،لع دم الحاج ة .ق ال :وفيه
احتمال من التيمم أول الوقت .أما إذا لم يقدر على االجته اد ،ف إن عجز عن
تعلم أدلة القبل ة ،ك االعمى ،والبص ير ال ذي ال يع رف االدل ة ،وال له أهلية
معرفتها ،وجب عليه تقليد مكلف ،مسلم ،عدل ،عارف باالدل ة ،س واء في ه،
الرجل ،والمرأة ،والعبد .وفي وجه شاذ :له تقليد صبي مميز .والتقليد :قب ول
قوله المس تند إلى االجته اد .فلو ق ال بص ير :رأيت القطب ،أو رأيت الخلق
العظيم من المسلمين يصلون إلى هنا ،كان االخذ به ،قب ول خ بر ،ال تقلي دا.
ولو اختلف عليه اجته اد مجته دين ،قلد من ش اء منهما على الص حيح.
واالولى تقليد االوثق واالعلم .وقي ل :يجب ذل ك .وقي ل :يص لي م رتين إلى
الجه تين ،وأما المتمكن من تعلم أدلة القبلة فيب نى على أن تعلمها ف رض
كفاية ،أم عين ؟ واالصح :فرض عين .قلت :المخت ار ما قاله غ يره ،أنه إن
أراد سفرا ،ففرض عين ،لعموم حاجة المسافر إليها ،وكثرة االش تباه علي ه،
وإال ففرض كفاية ،إذا لم ينقل أن النبي (ص) ثم السلف ،ألزموا آحاد الناس
بذلك ،بخالف أركان الص الة وش روطها .وهللا أعلم .ف إن قلن ا :ليس بف رض
عين ،ص لى بالتقلي د ،وال يقضي ك االعمى .وإن قلن ا :ف رض عين ،لم يجز
التقليد .فإن قلد ،قضى لتقص يره .وإن ض اق ال وقت عن التعلم ،فهو كالع الم
إذا تحير .وتق دم الخالف في ه .ف رع :المص لي باالجته اد ،إذا ظهر له الخطأ
في االجتهاد ،له أحوال .أحدها :أن يظهر قبل الشروع في الصالة ،فإن تيقن
الخطأ في اجتهاده ،أعرض عنه ،واعتمد الجهة التي يعلمها ،أو يظنها اآلن.
وإن لم ي تيقن ،بل ظن أن الص واب جهة أخ رى .ف إن ك ان دليل االجته اد
،الثاني عنده أوضح من االول اآلن
] [ 328
اعتمد الث اني .وإن ك ان االول أوض ح ،اعتم ده .وإن تس اويا ،فله الخي ار
فيهم ا ،على االص ح .وقي ل :يص لي إلى الجه تين م رتين .الح ال الث اني :أن
يظهر الخطأ بعد الف راغ من الص الة .ف إن تيقن ه ،وجبت االع ادة على
االظهر ،سواء تيقن الص واب أيض ا ،أم ال .وقي ل :الق والن إذا تيقن الخط أ،
وتيقن الصواب .أما إذا لم يتيقن الصواب ،فال إعادة قطعا .والمذهب :االول.
ولو تيقن الخطأ ال ذي قل ده االعمى ،فهو ك تيقن خطأ المجته د .وأما إذا لم
يتيقن الخطأ ،بل ظنه ،فال إع ادة علي ه .فلو ص لى أربع ص لوات ،إلى أربع
جهات ،باجتهادات ،فال إع ادة على الص حيح .وعلى وجه ش اذ :يجب إع ادة
االربع .وقيل :يجب إعادة غير االخيرة .ويجري ه ذا الخالف ،س واء أوجبنا
تجديد االجتهاد ،أم لم نوجبه ففعله .الح ال الث الث :أن يظهر الخطأ في أثن اء
الصالة .وهو ضربان .أحدهما :يظهر الص واب مقترنا بظه ور الخط أ .ف إن
كان الخطأ متيقن ا ،بنين اه على الق ولين في تيقن الخطأ بعد الف راغ .ف إن قلنا
بوج وب االع ادة ،بطلت ص الته ،وإال فوجه ان .وقي ل :ق والن .أص حهما:
ينحرف إلى جهة الصواب ،ويتم صالته .والثاني :تبط ل .وإن لم يكن الخطأ
متيقن ا ،بل مظنون ا ،فعلى ه ذين ال وجهين ،أو الق ولين ،االص ح :ينح رف،
ويب ني .وعلى ه ذا :االصح لو ص لى أربع ركع ات ،إلى أربع جه ات،
باجتهادات ،فال إعادة كالص لوات ،وخص ص احب (الته ذيب) ال وجهين بما
إذا كان الدليل الث اني أوضح من االول .ق ال :ف إن اس تويا ،تمم ص الته إلى
الجهة االولى ،وال إعادة .الضرب الثاني :أن ال يظهر الص واب مع الخط أ،
فإن عجز عن الصواب باالجتهاد على القرب ،بطلت ص الته .إن ق در عليه
على الق رب ،فهل ينح رف ويب ني ،أم يس تأنف ؟ فيه خالف م رتب على
الضرب االول ،وأولى باالستئناف .قلت :الصواب هن ا ،وج وب االس تئناف.
وهللا أعلم .مثاله ،عرف أن قبلته يسار المشرق ،فذهب الغيم ،وظهر ك وكب
ق ريب من االف ق ،هو مس تقبله ،فعلم الخطأ يقين ا ،ولم يعلم الص واب ،إذ
يحتمل كون
] [ 329
الكوكب في المش رق ،ويحتمل المغ رب .لكن يع رف الص واب على ق رب،
فإنه يرتفع ،فيعلم أنه مشرق ،أو ينحط ،فيعلم أنه مغرب ،ويعرف به القبل ة.
وقد يعجز عن ذلك ب أن يطبق الغيم عقب الك وكب .ف رع في المطل وب
باالجتهاد :قوالن .أح دهما :جهة الكعب ة .وأظهرهم ا :عينه ا .اتفق العراقي ون
والقفال على تصحيحه .ولو ظهر الخطأ في التي امن ،أو التياس ر ،ف إن ك ان
ظهوره باالجتهاد ،وظهر بعد الفراغ ،لم ي ؤثر قطع ا .وإن ك ان في أثنائه ا،
انحرف ،وأتمها قطعا .وإن كان ظهور باليقين ،وقلنا :الف رض جهة الكعب ة،
فكذلك .وإن قلن ا :عينه ا ،ففي وج وب االع ادة بعد الف راغ ،واالس تئناف في
االثن اء ،الق والن .ق ال ص احب (الته ذيب) وغ يره :وال يس تيقن الخطأ في
االنحراف مع البعد عن مكة ،وإنما يظن .ومع الق رب يمكن ال تيقن ،والظن.
وه ذا كله كالتوسط بين اختالف أطلقه أص حابنا العراقي ون :أنه هل ي تيقن
الخطأ في االنحراف من غير معاينة الكعبة ،من غ ير ف رق بين الق رب من
مكة والبعد ؟ فقالوا :قال الشافعي رحمه هللا :ال يتص ور إال بالمعاين ة .وق ال
بعض االصحاب :يتصور .فرع :إذا صلى باجتهاد ،ثم أراد فريضة أخ رى،
حاضرة ،أو فائتة ،وجب إعادة االجتهاد على االصح ( .)1ثم قيل الوجهان،
إذا لم يفارق موضعه .ف إن فارقه وجب إعادته قطع ا ،ك التيمم .ولكن الف رق
ظاهر ،وال يحتاج إلى تجديد االجته اد للنافلة قطعا ولو رأى اجته اد رجلين
إلى جه تين ،عمل كل باجته اده ،وال يقت دي بص احبه .ولو اجتهد جماع ة،
واتفق اجته ادهم ف أمهم أح دهم ،ثم تغ ير اجته اد م أموم ،لزمه المفارق ة،
وينحرف إلى الجهة الثانية .وهل له البناء ،أم عليه االستئناف ؟ فيه الخالف
المتقدم في تغير االجتهاد في أثناء الصالة ،وهل هو مفارق بع ذر ،أو بغ ير
ع ذر لتركه كم ال البحث ؟ وجه ان .قلت :االص ح :االول .وهللا أعلم .ولو
تغير اجتهاد االمام ،انحرف إلى الجهة الثانية ،بانيا أو مستأنفا ،على
] [ 330
الخالف .ويفارقه الم أمومون .ولو اختلف اجته اد رجلين في التي امن،
والتياس ر ،والجهة الواح دة ،ف إن أوجبنا على المجتهد رعاية ذل ك ،فهو
كاالختالف في الجهة ،فال يقتدي أحدهما ب اآلخر ،وإال فال ب أس .ولو ش رع
المقلد في الصالة بالتقليد ،فقال له عدل :أخطأ بك فالن ،فله حاالن .أحدهما:
أن يكون قوله عن اجتهاد .فإن كان قول االول أرجح عنده ،لزي ادة عدالت ه،
أو هدايته لالدلة ،أو مثله ،أو لم يعرف هل هو مثل ه ،أم ال ؟ لم يجب العمل
بقول الثاني .وهل تجوز العمل به ؟ يبني على أن المقلد إذا وجد مجته دين،
هل يجب االخذ بأعلمهما ،أم يتخير ؟ فإن قلن ا :ب االول ،لم يج ز ،وإال ،ففيه
خالف .قلت :الصحيح :أنه ال يجوز .وهللا أعلم .وإن ك ان الث اني أرجح ،فهو
كتغير اجتهاد البصير ،فينحرف .ويجئ الخالف في أنه يب ني ،أم يس تأنف ؟
ولو ق ال له المجتهد الث اني بعد الف راغ من الص الة ،لم يل زم االع ادة قطعا
وإن كان الثاني أرجح ،كما لو تغ ير اجته اده بعد الف راغ .الح ال الث اني :أن
يخبر عن علم ،ومعاينه ،فيجب الرجوع إلى قوله وإن كان قول االول أقوى
عنده .ومن هذا القبيل ،أن يق ول لالعمى :أنت مصل إلى الش مس ،واالعمى
يعلم أن قبلته إلى غ ير الش مس ،فيل زم االس تئناف على االظه ر .ولو ق ال
الثاني :أنت على الخطأ قطعا ،وجب قبوله قطعا .وسواء أخ بره ه ذا الق اطع
بالخطأ عن الص واب ،متيقنا أو مجته دا ،يجب قبوله ( ،)1الن تقليد االول
بطل بقطع ه ذا .وكل الم ذكور في الح الين ،مف روض فيما إذا أخ بر الث اني
بالخطأ والصواب :جميعا .ف إن أخ بره عن الخطأ وح ده ،على ص ورة يجب
قبولها ،ولم يخبر هو ،وال
] [ 331
غيره بالصواب ،فهو كاختالف المجتهدين عليه في أثناء الص الة .وقد س بق
في الف رع ( .)1الب اب الرابع في ص فة الص الة ( )2الص الة تش تمل على
أرك ان وس نن تس مى :أبعاض ا ،وس نن ال تس مى أبعاض ا .فاالرك ان المتفق
عليه ا ،س بعة عشر ( .)3الني ة ،والتكب ير ،والقي ام ،والق راءة ،والرك وع.
والطمأنينة في ه ،واالعت دال ،والطمأنينة في ه ،والس جود ،والطمأنية فيه
والجلوس بين السجدتين ،والطمأنينة
] [ 332
فيه ،والقعود في آخر الصالة ،والتشهد فيه ،والص الة على الن بي (ص) فيه
والس الم ،وترتيبها هك ذا .ومن ف رض فيها الم واالة ،ونية الخ روج ألحقهما
باالركان .وضم ص احب (التلخيص) والقف ال ،إلى االرك ان اس تقبال القبل ة.
ومن االص حاب ،من جعل نية الص الة ش رطا .والك ثرون على أنها ركن،
وهو الصحيح .وأما االبعاض ،فستة .أحدها :القنوت في الص بح ،وفي ال وتر
في النصف الثاني من شهر رمضان .والثاني :القيام للقنوت .والثالث :التشهد
االول .والرابع :الجلوس له .والخامس :الصالة على الن بي (ص) في التش هد
االول ،إذا قلن ا :تس ن .والس ادس ( :)1والص الة على آل الن بي (ص) في
التش هد االول ،واآلخ ر ،إذا قلن ا :هي س نة فيهم ا .وأما الس نن ال تي ليست
أبعاضا ،فما يشرع سوى ما ق دمناه .فصل في الني ة :يجب مقارنتها التكب ير.
وفي كيفية المقارنة ،وجهان .أحدهما :يجب أن يبتدئ النية بالقلب ،مع ابتداء
التكبير باللسان ،ويفرغ منه ا ،مع فراغه من ه .وأص حهما :ال يجب ه ذا ،بل
ال يجوز لئال يخلو أول التكبير عن تمام النية .فعلى هذا قي ل :يجب أن تق دم
النية على التكبير ،ولو بشئ يسير .والصحيح ال ذي قاله االك ثرون :ال يجب
ذلك ،بل االعتبار بالمقارنة .وسواء ق دم ،أم لم يق دم ،يجب استص حاب النية
إلى انقضاء التكبير على االصح وعلى الثاني ،ال يجب .والنية :هي القص د،
فيحضر المصلي في ذهنه ذات الصالة ،وما يجب التعرض له من صفاتها،
كالظهرية ،والفرضية ،وغيرهما .ثم يقصد ه ذه العل وم ،قص دا مقارنا الول
التكبير ( .)2وال يجب استصحاب النية بعد التكبير ،ولكن يشترط
] [ 333
أن ال يأتي بمناقض لها .ولو نوى في أثناء الص الة ،الخ روج منه ا ،بطلت.
وإن تردد في أن يخرج ،أو يستمر ،بطلت .والم راد ب التردد :أن يط رأ شك
من اقض للج زم .وال ع برة بما يج ري في الفك ر ،أنه لو ت ردد في الص الة،
كيف يك ون الح ال ،ف إن ذلك مما يبتلى به الموس وس .وقد يقع ذلك في
االيمان باهلل تعالى ،فال مباالة بذلك ،قاله امام الحرمين .ولو نوى في الركعة
االولى ،الخروج في الثانية ،أو علق الخروج بشئ يوجد في ص الته قطع ا،
بطلت في الح ال على الص حيح ،وعلى الش اذ :ال تبطل في الح ال ،بل لو
رفض هذا التردد قبل االنتهاء إلى الغاية المنوية ،صحت ص الته .ولو علق
الخروج بدخول ش خص ونح وه ،مما يحتمل حص وله في الص الة .وعدم ه،
بطلت في الحال على االصح ،كما لو دخل في الص الة هك ذا ،فإنه ال ينعقد
بال خالف ،وكما لو علق به الخ روج من االس الم ،فإنه يكفر في الح ال
قطعا .والثاني :ال تبطل في الحال .وهل تبطل بوجود الصفة إذا وجدت وهو
ذاهل عن التعليق ؟ وجهان .أحدهما :ال ،وأصحهما ،وقول االكثرين :تبط ل.
ق ال إم ام الح رمين :ويظهر على ه ذا ،أن يق ال :ت بين بالص فة بطالنها من
حين التعلي ق .أما إذا وج دت ،وهو ذاكر للتعلي ق .،فتبطل قطع ا .ولو ن وى
فريضة ،أو سنة راتبة ،ثم نوى فيها فريضة أخ رى ،أو راتب ة ،بطلت ال تي
كان فيها ،ولم تحصل المنوية .وفي بقاء أصل الصالة نافلة قوالن ن ذكرهما
إن شاء هللا تعالى .ولو تردد الصائم في الخ روج من ص ومه ،أو علقة على
دخول شخص ونحوه ،لم يبطل على المذهب الذي قطع به الجماهير .وقي ل:
وجهان .ولو جزم نية الخروج من ه ،لم يبطل على االص ح ،ك الحج ،فإنه ال
يبطل قطعا .ولو شك في صالته ،هل أتى بكم ال الني ة ،أم تركه ا ،أو ت رك
بعض ش روطها ؟ نظر إن ت ذكر أنه أتى بكمالها قبل أن يح دث ش يئا على
الشك وقصر الزم ان ،لم تبطل ص الته وإن ط ال ،بطلت على االصح
النقطاع نظمها .وإن تذكر بعد أن أتى على الشك بركن فعلي ،كالركوع ،أو
الس جود ،بطلت .وإن أتى بق ولي ،ك القراءة ،والتش هد ،بطلت أيضا على
االصح المنصوص ،والذي قطع به العراقيون .قلت :قال الماوردي :لو شك،
هل ن وى ظه را ،أو عص را ؟ لم يجزئه عن واح دة ،ف إن تيقنه ا ،فعلى
التفصيل الم ذكور .وهللا أعلم .ف رع في كيفية النية أما الفريض ة ،فيجب فيها
.قصد أمرين بال خالف
] [ 334
أح دهما :فعل الص الة ،لتمت از عن س ائر االفع ال .وال يكفي إحض ار نفس
الصالة بالب ال ،غ افال عن الفع ل .والث اني :تع يين الص الة الم أتي به ا ،وال
تجزئه نية فريضة ال وقت عن نية الظه ر ،أو العصر على االص ح ،الن
الفائتة ال تي يت ذكرها تش اركها في كونها فريضة ال وقت .وال تصح الظهر
بنية الجمعة على الص حيح الص واب .وال تصح الجمعة بنية مطلق الظه ر،
وال تصح بنية الظهر المقصورة إن قلنا :إنها صالة بحيالها .وإن قلن ا :ظهر
مقصورة ،صحت .واختلفوا في اعتبار أمور س وى ه ذين االم رين .أح دها:
الفرضية ،وهو شرط على االصح عند االكثرين ،سواء ك ان الن اوي بالغ ا،
أو ص بيا .وس واء ك انت الص الة قض اء ،أم أداء .الث اني :االض افة إلى هللا
تع الى ،ب أن يق ول :هلل ،أو فريضة هللا .واالص ح :أنه ال يش ترط .الث الث:
القض اء ،واالداء ،االص ح :أنه ال يش ترط ،بل تصح أداء بنية القض اء،
وعكس ه .ولك أن تق ول :الخالف في اش تراط نية االداء في االداء ،ونية
القض اء في القض اء ،ظ اهر .أما الخالف في ص حة االداء بنية القض اء
وعكسه ،فليس بظاهر ،النه إن جرت هذه النية على لسانه ،أو في قلبه ،ولم
يقصد حقيقة معناها ،فينبغي أن تصح قطع ا .وإن قصد حقيقة معن اه ،فينبغي
أن ال يصح قطعا ،لتالعبه .قلت :مراد االصحاب بقولهم :يصح القض اء بنية
االداء )1( ،وعكسه ،من
] [ 335
نوى ذلك جاهل الوقت لغيم ،ونح وه .واالل زام ال ذي ذك ره ال رافعي ،حكمه
صحيح ،ولكن ليس هو مرادهم .وهللا أعلم .الرابع :التعرض الستقبال القبلة،
وعدد الركعات .المذهب :أنه ال يش ترط .وقي ل :يش ترط ،وهو غل ط .لكن لو
نوى الظهر ثالثا ،أو خمسة ،لم تنعقد .وأما النافلة ،فضربان .أحدهما :ما لها
وقت ،أو س بب ،فيش ترط فيها نية فعل الص الة ،والتع يين .فين وي ص الة
االستسقاء ،أو الخس وف ،أو عيد الفط ر ،أو النح ر ،أو الض حى ،وغيره ا.
وفي الرواتب ،يعين باالضافة .فيقول :سنة الفجر ،أو راتبة الظه ر ،أو س نة
العشاء ،وفي وجه ضعيف :يكفي فيما ع دا ركع تي الفجر من ال رواتب ،نية
أصل الصالة ،لتأكد ركعتي الفجر ،ف ألحقت ب الفرائض .وأما ال وتر ،فين وي
س نة ال وتر ،وال يض يفها إلى العش اء ،النها مس تقلة .ف إن أوتر ب أكثر من
واح دة ،ن وى ب الجميع ال وتر ،كما ين وي في جميع ركع ات ال تراويح .وفي
وجه :ينوي بما قبل الواحدة ،صالة اللي ل .وفي وج ه :ين وي به س نة ال وتر.
وفي وج ه :مقدمة ال وتر .والظ اهر :أن ه ذه االوجه في االولوي ة ،دون
االش تراط .وفي اش تراط نية النفلية في ه ذا الض رب ،واالداء ،والقض اء،
واالضافة إلى هللا تعالى ،الخالف المتقدم في الفريضة ( .)1الضرب الثاني:
النوافل ( )2المطلقة .فيكفي فيها نية فعل الص الة .ولم ي ذكروا هنا خالفا في
اش تراط التع رض للنفلي ة .ويمكن أن يق ال :مقتضى اش تراط الفرض ية في
الفرض ،اشتراط النفلية هنا .قلت :الصواب ،الجزم بع دم اش تراط النفلية في
.الضربين .وال وجه لالشتراط في االول .وهللا أعلم
] [ 336
فرع :النية في جميع العبادات معتبرة بالقلب .وال يكفي فيها نطق اللسان مع
غفلة القلب ،وال يش ترط وال يضر مخالفته القلب .كمن قصد بقلبه الظه ر،
وجرى لسانه بالعصر ،انعقد ظهره .ولنا وجه شاذ :أنه يشترط نطق اللسان،
وهو غلط .ولو عقب النية بقوله :إن شاء هللا تعالى ،بالقلب ،أو باللسان ،فإن
قصد به التبرك ،ووقوع الفعل بمشيئة هللا تعالى ،لم يضر .وإن قصد الشك،
لم تصح صالته ( .)1فرع :من أتى بما ينافي الفريضة ،دون النفلية في أول
ص الته ،أو في أثنائه ا ،وبطل فرض ه ،هل تبقى ص الته نافل ة ،أم تبطل ؟
قوالن .اختلف في االصح منهما االصحاب بحسب الصور .فمنها :إذا تح رم
بالظهر قبل الزوال ،ف إن ك ان عالما بحقيقة الح ال ،ف االظهر :البطالن .وإن
جهل ،فاالظهر :انعقادها نافلة .ومثله :لو وجد المسبوق االم ام راكع ا ،ف أتى
ببعض تكب يرة االح رام في الرك وع ،ال ينعقد الف رض .ف إن ك ان عالما
بتحريمه ،ف االظهر :البطالن ،وإال ف االظهر :انعقادها نفال .ومنه ا :لو أح رم
بفريضة منف ردا ،ثم أقيمت جماع ة ،فس لم من ركع تين لي دركها ،ف االظهر:
ص حتها نفال .ومنه ا :لو وجد المص لي قاع دا خفة في ص الته ،فلم يقم ،أو
أح رم الق ادر على القي ام ب الفرض قاع دا ،أو قلب المص لي فرضه نفال بال
س بب ،ف االظهر :البطالن في الثالث ة .فصل في تكب يرة االح رام أما الق ادر
عليها ،فيتعين عليه كلمة التكبير .وال يجزئ ما قرب منها ،ك :الرحمن أجل،
والرب أعظم ،أو :ال رحمن ال رحيم أك بر .وفي وجه ش اذ :يجزئ ه :ال رحمن
أكبر ،أو :الرحيم أكبر .ولو ق ال :هللا االك بر ،أج زأه على المش هور .كما لو
قال :هللا أكبر من كل شئ ،أو :هللا أكبر
] [ 337
وأجل وأعظم .ولو ق ال :هللا الجليل أك بر ،أج زأه على الص حيح .ويج ري
الخالف ،فيما إذا أدخل بين كلمتي التكبير لفظا آخر من ص فات هللا تع الى،
بشرط أن يقل لفظه ،كقوله :هللا عزوجل أكبر .فإن طال ،كقوله :هللا ال ذي ال
إله إال هو الملك القدوس أك بر ،لم يجزئه قطع ا ،لخروجه عن اسم التكب ير،
ولو ق ال :أك بر هللا ،أو :االك بر هللا ،لم تنعقد ص الته على الم ذهب .وقي ل:
قوالن .وقيل :ال ينعقد االول .وفي الثاني الطريقان .ويجب االحتراز في لفظ
التكبير ،عن وقفة بين كلمتيه ،وعن زيادة تغير المعنى ،بأن يقول :هللا أكبر،
بمد همزة هللا .أو :هللا أكبار ،أو يزيد واوا ساكنة ،أو متحركة بين الكلم تين.
وال يضر المد في موضعه ،ويجب أن يك بر بحيث يس مع نفس ه ،ويجب أن
يكبر قائما حيث يجب القيام .وال يجزئه ترجمة التكب ير بغ ير لس ان الع رب
مع الق درة علي ه .أما الع اجز عن كلمة التكب ير ،أو بعض ها ،فله ح االن.
أحدهما :أن ال يمكنه كسب القدرة .فإن كان بخرس ،أو نحوه ،ح رك لس انه،
وشفتيه ،ولهاته بالتكبير قدر إمكانه ،وإن ك ان ناطقا ال يطاوعه لس انه ،أتى
بترجمة التكب ير ،وال يع دل إلى ذكر آخ ر .ثم جميع اللغ ات في الترجمة
سواء ،فيتخير بينها على الصحيح .وقيل :إن أحسن السريانية ،أو العبراني ة،
تعينت ،لش رفها ب إنزال الكت اب به ا .والفارس ية بع دهما أولى من التركي ة،
والهندية .الحال الثاني :أن يمكنه القدرة بتعلم ،أو نظر في موضع كتب عليه
لفظ التكبير ،فيلزمه ذلك .ولو كان ببادي ة ،أو موضع ال يجد فيه من يعلم ه،
لزمه الس ير إلى قرية يتعلم بها على االص ح .والث اني :يكفيه الترجم ة .وال
يج وز في أول ال وقت لمن أمكنه التعلم في آخ ره .وإذا ص لى بالترجمة في
الح ال االول ،فال إع ادة .وأما الح ال الث اني ،ف إن ض اق ال وقت عن التعلم
لبالدة ذهن ه ،أو قلة ما أدركه من ال وقت ،فال إع ادة أيض ا .وإن أخر التعلم
مع التمكن ،وضاق الوقت ،ص لى بالترجم ة ،وتجب االع ادة على الص حيح
والصواب .قلت :ومن فروع الفصل ،ما ذكره صاحب (التلخيص) والبغوي،
واالصحاب .أنه لو كبر لالحرام أربع تكبيرات ،أو أك ثر ،دخل في الص الة
باالوتار ،وبطلت باالشفاع .وصورته ،أن ينوي بكل تكبيرة ،افتتاح الصالة،
ولم ينو
] [ 338
الخروج عن الصالة بين كل تكبيرتين .فباالولى :دخل في الصالة .وبالثانية:
خرج .وبالثالثة :دخل .وبالرابعة :خرج .وبالخامسة :دخل .وبالسادسة :خ رج.
وهكذا أبدا .الن من افتتح صالة ،ثم نوى افتتاح ص الة ،بطلت ص الته .ولو
نوى افتت اح الص التين بين كل تكب يرتين ،فبالنية يخ رج ،وب التكبير ي دخل،
ولو لم ينو ب التكبيرة الثانية وما بع دها افتتاح ا ،وال خروج ا ،صح دخوله
ب االولى ،وب اقي التكب يرات ذكر ال تبطل به الص الة .وهللا أعلم .ف رع :رفع
الي دين عند تكب يرة االح رام س نة .والم ذهب :أنه يرفعهما بحيث تح اذي
أطراف أصابعه أعلى أذنيه ،وإبهام اه ش حمتي أذني ه ،وكف اه منكبي ه ،وه ذا
معنى قول الشافعي واالصحاب رحمهم هللا ( )1عنهم :يرفعهما حذو منكبيه.
وأما حكاية الغ زالي :فيه ثالثة أق وال ،فمنك رة .ولو ك ان أقطع الي دين ،أو
واح دة من المعص م ،رفع الس اعد .وإن قطع من المرف ق ،رفع العضد على
االص ح .ولو لم يمكنه الرفع إال بزي ادة على المش روع ،أو نقص ،أتى
ب الممكن .ف إن ق در عليهم ا ،أتى بالزي ادة .قلت :يس تحب أن يك ون كفه إلى
القبلة عند الرفع ،قاله في (التتمة) ويستحب الرفع لكل مصل ،ق ائم ،وقاع د،
مفترض ،ومتنفل ،إمام ،ومأموم .وهللا أعلم .وفي وقت الرفع ،أوجه .أح دها:
يرفع غ ير مك بر ،ثم يبت دئ التكب ير مع إرس ال الي دين ،وينهيه مع انتهائ ه.
والثاني :يرفع غ ير مك بر ،ثم يك بر ،وي داه قارت ان ،ثم يرس لهما .وص ححه
البغ وي .والث الث :يبت دئ الرفع مع ابت داء التكب ير ،وينهيهما مع ا .والراب ع:
يبتدئهما مع ا ،وينهي التكب ير مع انته اء االرس ال .والخ امس وهو االص ح:
يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير وال استحباب في االنتهاء ( ،)2فإن ف رغ من
التكبير قبل تمام الرفع ،أو ب العكس ،أتم الب اقي .وإن ف رغ منهم ا ،حط يديه
ولم يستدم الرف ع .ولو ت رك رفع الي دين ،ح تى أتى ببعض التكب ير ،رفعهما
في الباقي ،فإن أتمه ،لم يرفع بعده .ويستحب كشف الي دين عند الرف ع ،وأن
يفرق
] [ 339
أص ابعهما تفريقا وس طا ،وأن ال يقصر التكب ير بحيث ال يفهم ،وال يمططه
بأن يبالغ في م ده ،بل ي أتي به مبين ا .واالولى في ه :الح ذف على الص حيح.
وعلى الشاذ :المد أولى .فرع :السنة بعد التكبير ،حط اليدين ،ووضع اليم نى
على اليس رى ،فيقبض بكفه اليم نى ،ك وع اليس رى ،وبعض رس غها،
وساعدها .قال القفال :ويتخير بين بسط أصابع اليمنى في ع رض المفص ل،
وبين نش رها في ص وب الس اعد .ثم يضع يديه كما ذكرنا تحت ص دره،
وفوق سرته ،على الصحيح .وعلى الش اذ :تحت س رته .واختلف وا في أنه إذا
أرسل يديه ،هل يرسلهما إرس اال بليغا ثم يس تأنف رفعهما إلى تحت ص دره
ووضع اليم نى على اليس رى ،أم يرس لهما إرس اال خفيفا إلى تحت ص دره
فحس ب ،ثم يضع ؟ .قلت :االص ح :الث اني .وهللا أعلم .فصل في القي ام :اعلم
أن القي ام ،أو ما يق وم مقام ه ،ركن في الص الة ،ويق وم القع ود مقامه في
النافل ة ،وفي الفريضة عند العج ز .ويش ترط في القي ام ،االنتص اب .وهل
يشترط االستقالل ،بحيث ال يس تند ؟ فيه أوج ه .أص حها :وهو الم ذكور في
(التهذيب) وغيره :ال يشترط .فلو استند إلى جدار ،أو انس ان ،بحيث لو رفع
السناد لسقط ،ص حت ص الته مع الكراه ة .والث اني :يش ترط ،وال يصح مع
االسناد عند الق درة بح ال .والث الث :يج وز إن ك ان بحيث لو رفع الس ناد لم
يسقط ،وإال ،فال .هذا في استناد ال يسلب اسم القيام .فإن استند متكئ ا ،بحيث
لو رفع قدميه عن االرض المكنه البقاء ،فهذا معلق نفسه بشئ وليس بق ائم.
أما إذا لم يقدر على االستقالل ،فيجب أن ينتصب متكئا على الص حيح .وفي
وجه ش اذ :ال يلزمه القي ام في ه ذا الح ال ،بل له الص الة قاع دا .وأما
االنتصاب المشروط ،فال يخل به إطراق الرأس ،وإنما المعتبر ،نصب فقار
الظهر ،فليس للق ادر أن يقف م ائال إلى اليمين ،أو اليس ار ،زائال عن س نن
القي ام ،وال أن يقف منحنيا في حد ال راكعين .ف إن لم يبلغ انحن اؤه حد
الرك وع ،لكن ك ان إليه أق رب منه إلى االنتص اب ،لم يصح على االص ح.
قلت :ولو لم يقدر على النهوض للقيام إال بمعين ،ثم ال يتأذى بالقيام ،لزمه
] [ 340
أن يستعين بمن يقيمه .فإن لم يجد متبرعا ،لزمه االستئجار ب أجرة المثل إن
وجدها .وهللا أعلم .هذا في القادر على االنتص اب .فأما الع اجز ،كمن تق وس
ظه ره لزمان ة ،أو ك بر ،وص ار في حد ال راكعين ،فيلزمه القي ام .ف إذا أراد
الرك وع ،زاد في االنحن اء إن ق در علي ه .ه ذا هو الص حيح ال ذي قطع به
العراقيون ،وصاحب (التتمة) و (الته ذيب) ونص عليه الش افعي ( .)1وق ال
إمام الحرمين ،والغزالي :يلزمه أن يصلي قاعدا .قاال :فإن قدر عند الرك وع
على االرتف اع إلى حد ال راكعين ،لزم ه .ولو عجز عن الرك وع والس جود،
دون القيام ،لعلة بظهره تمنع االنحناء ،لزمه القيام .ويأتي بالركوع والسجود
بحسب الطاق ة ،فيح ني ص لبه ق در االمك ان .ف إن لم يط ق ،ح نى رقبت ه،
ورأس ه ،ف إن احت اج فيه إلى شئ يعتمد علي ه ،أو إلى أن يميل إلى جنب ه،
لزمه ذلك .فإن لم يطق االنحناء أصال ،أومأ إليهم ا .قلت :وإذا أمكنه القي ام،
واالضطجاع ،ولم يمكنه القعود ،قال صاحب (التهذيب) يأتي ب القعود قائم ا،
النه قع ود وزي ادة .واعلم بأنه ( )2يك ره للص حيح أن يق وم على إح دى
رجلي ه ،ويص ح .ويك ره أن يلصق الق دمين ،بل يس تحب التفريق بينهم ا،
وتطويل القيام عندنا ،أفضل من تطويل الركوع والسجود ،وتطويل الس جود
أفضل من تطويل الركوع .وإذا طول الثالثة زيادة على ما يجوز االقتص ار
علي ه ،فاالص ح :أن الجميع يك ون واجب ا .والث اني :يقع ما زاد س نة ،ومثله
الخالف في مسح جميع الرأس ،وفي البعير المخ رج في الزك اة عن خمس،
وفي البدنة المض حي بها ب دال عن ش اة من ذورة ( .)3وهللا أعلم .ف رع :إذا
عجز عن القيام في صالة الفرض ،عدل إلى القعود ،وال ينقص ثواب ه ،النه
معذور .وال نعني بالعجز ،عدم تأتي القيام ،بل خوف الهالك ،أو
] [ 341
زيادة المرض ،أو لحوق مشقة ش ديدة ،أو خ وف الغ رق ،ودوران ال رأس،
في حق راكب السفينة .قلت :الذي اختاره إم ام الح رمين في ض بط العج ز:
أن يلحقه بالقي ام مش قة ت ذهب خش وعه .وهللا أعلم .ولو جلس للغ زاة رقيب
ي رقب الع دو ،فأدركته الص الة ،ولو ق ام ل رآه الع دو ،أو جلس الغ زاة في
مكمن ،ولو ق اموا رآهم الع دو وفسد الت دبير ،فلهم الص الة قع ودا .وتجب
االعادة لندوره .قلت :قال صاحب (التتمة) في غير الرقيب :إن خاف لو ق ام
أن يقصده الع دو ،وص لى قاع دا ،أجزأته على الص حيح .ولو ص لى الكمين
في وه دة قع ودا ،ففي ص حتها ق والن .وهللا أعلم .ثم إذا قعد المع ذور ،ال
يتعين لقعوده هيئة ،بل يجزئه جميع هيئات القعود .لكن يكره االقعاء في هذا
القعود ،وفي جميع قعدات الصالة .وفي المراد باالقعاء ثالثة أوجه .أصحها:
أنه الجل وس على ال وركين ،ونصب الفخ ذين ،والركب تين ،وضم إليه أبو
عبي د :أن يضع يديه على االرض .والث اني :أن يف رش رجلي ه ،ويضع إليه
على عقبي ه ،والث الث :أن يضع يديه على االرض ،ويقعد على أط راف
أصابعه .قلت :الصواب ،هو االول .وأما الثاني :فغلط .فقد ثبت في (ص حيح
مسلم) ( :)1أن االقعاء سنة نبينا (ص) وفسره العلماء بما قاله الث اني .ونص
على اس تحبابه الش افعي رحمه هللا في (الب ويطي) و (االمالء) في الجل وس
بين السجدتين .ق ال العلم اء :فاالقع اء ض ربان .مك روه ،وغ يره .ف المكروه:
الم ذكور في الوجه االول ،وغ يره :الث اني .وهللا أعلم .وفي االفضل من
هيئات القعود ،قوالن ،ووجهان .أحد القولين :وهو أصح
] [ 342
الجميع :يقعد مفترشا .وثانيهم ا :متربع ا .وأحد ال وجهين :متورك ا .وثانيهم ا:
ناصبا ركبته اليمنى ،جالسا على رجله اليس رى .ويج ري الخالف في قع ود
النافل ة .وأما رك وع القاع د ،فأقله أن ينح ني ق در ما يح اذي وجهه ما ق دام
ركبتيه من االرض ( .)1وأكمل ه ،أن ينح ني بحيث تح اذي جبهته موضع
س جوده .وأما س جوده ،فكس جود الق ائم .ه ذا إذا ق در القاعد على الرك وع
والسجود ،فإن عجز لعلة بظهره ،أو غيرها ،فعل الممكن من االنحن اء .ولو
ق در القاعد على الرك وع ،وعجز عن وضع الجبهة على االرض نظ ر ،إن
قدر على أقل ركوع القاعد وأكمله ،من غير زيادة ،أتى ب الممكن ،م رة عن
الركوع ،ومرة عن السجود ،وال يضر استواؤهما .وإن قدر على زيادة على
كم ال الرك وع ،وجب االقتص ار في االنحن اء للرك وع على ق در الكم ال،
ليتميز عن السجود .ويلزمه أن يق رب جبهته من االرض للس جود ،أك ثر ما
يقدر عليه .ح تى ق ال االص حاب :لو ق در أن يس جد على ص دغه ،أو عظم
رأسه ال ذي ف وق الجبه ة ،وعلم أنه إذا فعل ذلك ك انت جبهته أق رب إلى
االرض ،لزمه ذلك .قلت :قال الشافعي رحمه هللا في (االم) واالص حاب :لو
ق در أن يص لي قائما منف ردا ،وإذا ص لى مع الجماعة احت اج أن يص لي
بعضها من قعود ،فاالفضل :أن يصلي منفردا .فإن صلى مع الجماعة ،وقعد
في بعضها ،ص حت .ولو ك ان بحيث لو اقتصر على ق راءة الفاتح ة ،أمكنه
القيام ،وإذا زاد ،عجز ،صلى بالفاتحة .فلو شرع في الس ورة ،فعج ز ،قع د.
وال يلزمه قطع السورة ليركع .وهللا أعلم .ف رع فيما إذا عجز عن القع ود قد
ذكرنا أن العجز عن القي ام ،يتحقق بتع ذره ،أو لح وق مش قة ش ديدة ،أو
غيرهما مما قدمناه .ق ال الجمه ور :والعجز عن القع ود ،يحصل بما يحصل
به العجز عن القيام .وقال إمام الحرمين :ال يكفي ذلك ،بل يش ترط فيه ع دم
تص ور القع ود ،أو خيفة الهالك ،أو الم رض الطوي ل ،إلحاقا له ب المرض
.المبيح للتيمم .وفي كيفية صالته ،وجهان .وقيل :قوالن
] [ 343
أص حهما :يض طجع ( )1على جنبه االيمن ،مس تقبال بوجهه ومق دم بدنه
القبلة ،كالميت في لحده .فلو خالف ،واضطجع على جنبه االيسر ،ص ح ،إال
أنه ترك السنة .والث اني :أنه يس تلقي على ظه ره ،ويجعل رجليه إلى القبل ة،
ويرفع وسادته قليال .وهذا الخالف في الق ادر على االض طجاع واالس تلقاء.
فإن لم يقدر إال على أحدهما ،أتى ب ه .ق ال إم ام الح رمين :ه ذا الخالف في
الكيفية الواجبة ،بخالف الخالف السابق في كيفية القعود ،فإنه في االفض ل،
الختالف اس تقبال به ذا دون ذاك .وفي المس ألة ،وجه ث الث :أنه يض طجع
على جنبه ،وأخمص اه إلى القبل ة .ثم إذا ص لى على هيئة من ه ذه الهيئ ات،
وق در على الرك وع والس جود ،أتى بهم ا ،وإال أومأ بهما منحني ا ،وق رب
جبهته من االرض بحسب االمكان ،وجعل السجود أخفض من الركوع .ف إن
عجز عن االش ارة ب الرأس أومأ بطرف ه .ف إن عجز عن تحريك االجف ان،
أجرى أفعال الصالة على قلبه .ف إن اعتقل لس انه ،أج رى الق رآن واالذك ار
على قلب ه .وما دام ع اقال ،ال تس قط عنه الص الة .ولنا وج ه :أنه تس قط
الص الة ،إذا عجز عن االيم اء ب الرأس .وهو م ذهب أبي حنيفة ()3( )2
رحمه هللا .وهو شاذ .والمعروف في الم ذهب :ما ق دمناه .ف رع :الق ادر على
القيام ،إذا أصابه رمد ،وقال له طبيب موثوق به :إن
] [ 344
صليت مستلقيا ،أو مضطجعا ،أمكن مداواتك ،وإال خيف عليك العمى ،جاز
له االضطجاع واالستلقاء على االصح .ولو قال :إن ص ليت قاع دا ،أمكنت.
فق ال إم ام الح رمين :يج وز القع ود قطع ا .ومفه وم كالم غ يره :أنه على
الوجهين .فرع :لو عجز في أثناء ص الته عن القي ام ،قعد وب نى .ولو ص لى
قاعدا ،فقدر على القيام في أثنائها ،قام وبنى .وكذا لو صلى مضطجعا ،فقدر
على القيام ،أو القعود ،أتى بالمقدور ،وبنى .ثم إذا تب دل الح ال ب النقص إلى
الكمال ،بأن ق در القاعد على القي ام لخفة الم رض ،نظ ر ،إذا اتفق ذلك قبل
القراءة ،قام وقرأ قائما .وكذا إن كان في أثناء القراءة ،قام وقرأ بقية الفاتحة
في حال القيام .ويجب ترك القراءة في النهوض إلى أن ينتصب معت دال .فلو
قرأ في نهوضه بعض الفاتح ة ،فعليه إعادت ه .وإن ق در بعد الفاتحة ( )1قبل
الركوع ،لزمه القي ام ليه وي منه إلى الرك وع .وال يلزمه الطمأنينة في ه ذا
القيام ،النه ليس مقصودا لنفسه .ويستحب في هذه االح وال ،أن يعيد الفاتحة
ليقع في ح ال الكم ال .ولو وجد الخفة في ركوعه قاع دا ،ف إن ك ان قبل
الطمأنين ة ،لزمه االرتف اع إلى حد ال راكعين عن قي ام .وال يج وز أن يرتفع
قائما ،ثم يرك ع ،لئال يزيد ركوع ا .ولو فعل ه ،بطلت ص الته .وإن ك ان بعد
الطمأنينة ،فقد تم ركوعه ،وال يلزمه االنتقال إلى رك وع الق ائمين .ولو وجد
الخفة في االعت دال عن الرك وع قاع دا ،ف إن ك ان قبل الطمأنين ة ،لزمه أن
يقوم ،ليعت دل ويطمئن .وإن ك ان بع دها ،فوجه ان .أح دهما :يلزمه أن يق وم
ليس جد عن قي ام .وأص حهما :ال يلزمه لئال يط ول االعت دال ،وهو ركن
قص ير .ف إن اتفق ذلك في الركعة الثانية من الص بح قبل القن وت ،لم يقنت
قاع دا .ف إن فع ل ،بطلت ص الته .بل يق وم ،ويقنت .أما إذا تب دل الح ال من
الكم ال إلى النقص ،ب أن عجز في أثن اء الص الة ،فينتقل إلى الممكن .ف إن
اتفق العجز في أثن اء الفاتح ة ،وجب إدامة الق راءة في هوي ه .ف رع :يج وز
فعل النافلة قاعدا مع القدرة على القيام .لكن ثوابها يكون نصف ثواب القائم.
ولو تنفل مضطجعا ،مع القدرة على القيام ،والقع ود ،ج از على االص ح .ثم
المضطجع في الفريضة ،يأتي بالركوع والسجود ،إذا قدر
] [ 345
عليهم ا .وهنا الخالف في ج واز االض طجاع يج ري في االقتص ار على
االيم اء .لكن االصح منع االقتص ار على االيم اء .ق ال إم ام الح رمين :ما
عن دي أن من ج وز االض طجاع ،يج وز االقتص ار في االرك ان الذكري ة،
كالتش هد ،والتكب ير ،وغيرهما على ذكر القلب .ثم يس توي فيما ذكرن اه،
النوافل كله ا ،الراتب ة ،وغيره ا ،على الص حيح .وفي وجه ش اذ :ال تج وز
ص الة العي د ،والكس وف ،واالستس قاء قاع دا مع الق درة ،كالجن ازة .فص ل:
يس تحب للمص لي إذا ك بر ،أن يق ول دع اء االس تفتاح ( ،)1وهو (وجهت
وجهي للذي فطر السموات واالرض حنيفا مسلما وما أنا من المش ركين .إن
صالتي ،ونسكي ،ومحياي ،ومماتي ،هلل رب العالمين ،ال شريك له ،وب ذلك
أمرت وأنا من المسلمين ( .))2وال يزيد االمام على ه ذا ،إذا لم يعلم رضى
المأمومين بالزيادة .فإن علم رضاهم ،أو كان المص لي منف ردا ،اس تحب أن
يقول بعده( :اللهم أنت الملك ال إله إال أنت سبحانك وبحمدك ،أنت ربي وأنا
عبدك ظلمت نفسي ،واعترفت ب ذنبي ،ف اغفر لي ذن وبي جميعا إنه ال يغفر
ال ذنوب إال أنت ،واه دني الحسن االخالق ال يه دي الحس نها إال أنت،
واص رف ع ني س يئها ال يص رف ع ني س يئها إال أنت ،لبيك وس عديك،
والخير كله في ي ديك ،والشر ليس إلي ك ،أنا بك وإلي ك ،تب اركت وتع اليت،
اس تغفرك وأت وب إليك ( ))3وق ال جماعة من أص حابنا ،منهم :أبو إس حاق
الم روزي ،والقاضي أبو حام د :الس نة أن يق ول( :س بحانك اللهم وبحم دك،
وتب ارك اس مك ،وتع الى ج دك ،وال إله غ يرك) ( .)4ثم يق ول( :وجهت
وجهي )...إلى آخره .ومن ترك دعاء االستفتاح
] [ 346
عمدا ،أو سهوا ،حتى ش رع في التع وذ ،لم يعد إلي ه ،وال يتداركه في ب اقي
الركعات .ولو أدرك مسبوق االمام في التشهد االخ ير ،وك بر ،وقع د ،فس لم
االمام الول قعوده ،قام ،وال يأتي بدعاء االس تفتاح ،لف وات محل ه .ولو س لم
االم ام قبل قع وده ،ال يقع د ،وي أتي ب دعاء االس تفتاح .وس واء في دع اء
االستفتاح الفريض ة ،وجميع النواف ل .قلت :ذكر الش يخ أبو حامد في تعليق ه:
أنه إذا ت رك دع اء االس تفتاح ،وتع وذ ،ع اد إليه من التع وذ .والمع رف في
المذهب :أنه ال يأتي به كما تقدم .لكن لو خالف ف أتى ب ه ،لم تبطل ص الته،
النه ذكر ،قال صاحب (التهذيب) ولو أحرم مس بوق ،ف أمن عقيب إحرام ه،
أمن مع ه ،وأتى ب دعاء االس تفتاح ،الن الت أمين يس ير .وهللا أعلم .فص ل:
يستحب بعد دعاء االستفتاح ،أن يتع وذ ( )1فيق ول :أع وذ باهلل من الش يطان
ال رجيم ( .)2وق ال بعض أص حابنا :يق ول( :أع وذ باهلل الس ميع العليم من
الشيطان ال رجيم) .ويحصل التع وذ ،بكل ما اش تمل على االس تعاذة باهلل من
الش يطان ال رجيم .وال يجهر به في الص الة الس رية ،وال في الجهرية أيضا
على االظه ر .وعلى الث اني :يس تحب الجهر فيه ا ،كالتس مية ،والت أمين.
والث الث :أنه يتخ ير بين الجه ر ،واالس رار ،وال ت رجيح .وقي ل :يس تحب
االسرار قطعا .ثم المذهب :أنه يستحب تعوذ في كل ركعة ،وهو في الركعة
االولى آكد .وه ذا نص الش افعي ( .)3رضي هللا عن ه .واخت اره القاضي أبو
الطيب ،وإمام الحرمين ،والروياني ،وغ يرهم .وقي ل :ق والن .أح دهما :ه ذا.
والثاني :يتعوذ في االولى فق ط .ف إن تركه فيها عم دا ،أو س هوا ،أتى به في
:الثانية .فصل :ثم بعد التعوذ يقرأ .وللمصلي حاالن
] [ 347
أحدهما :أن يقدر على قراءة الفاتح ة .والث اني :ال يق در .فأما الق ادر ،فيتعين
عليه قراءتها في القيام ،أو ما يقع بدال عن ه .وال يق وم مقامها ترجمته ا .وال
غيرها من القرآن .ويستوي في تعين الفاتح ة ،االم ام ،والم أموم ،والمنف رد،
في الس رية ،والجهري ة .ولنا ق ول ( .)1ض عيف .أنها ال تجب على الم أموم
في الجهرية [ .ووجه شاذ :أنها ال تجب عليه في السرية أيضا .ف إذا قلن ا :ال
يقرأ الم أموم في الجهرية ] )2( ،فلو ك ان أص م ،أو بعي دا ال يس مع ق راءة
االمام ،لزمته القراءة على االصح .ولو جهر االم ام في الس رية ،أو عكس،
فاالصح وظ اهر النص :أن االعتب ار بفعل االم ام .والث اني :بص فة أصل
الص الة .وإذا لم يق رأ الم أموم ،هل يس تحب له التع وذ ؟ وجه ان ،النه ذكر
س ري .قلت :االص ح :ال يس تحب ،لع دم الق راءة .وهللا أعلم .وإذا قلن ا :يق رأ
الم أموم في الجهري ة ،فال يجهر بحيث يغلب جه ره ،بل يسر بحيث يس مع
نفسه لو كان سميعا ،فإن هذا أدنى القراءة .ويستحب لالمام على هذا الق ول:
أن يس كت بعد الفاتحة ق در ق راءة الم أموم له ا .واعلم أن الفاتحة واجبة في
كل ركعة إال في ركعة المس بوق إذا أدرك االم ام راكع ا ،فإنه ال يق رأ في
ركعته ،وتصح .وهل يقال :يحملها عنه االمام ،أم لم تجب أصال ؟ وجهان (
.)3قلت :أص حهما :االول .وهللا أعلم .ف رع( :بسم هللا ال رحمن ال رحيم) آية
كاملة من أول الفاتحة بال خالف .وأما باقي السور ،سوى (براءة) فالمذهب:
أنها آية كاملة من أول كل سورة أيضا .وفي
] [ 348
ق ول :أنها بعض آي ة .وقي ل :ق والن .أح دهما :ليست بق رآن في أوائله ا.
وأظهرهما :أنها ق رآن .والس نة :أن تجهر بالتس مية في الص الة الجهرية في
الفاتح ة ،وفي الس ورة بع دها .ف رع :تجب ق راءة الفاتحة بجميع حروفها
وتشديداتها .فلو أسقط منها حرفا ،أو خفف مشددا ،أو أبدل حرفا بحرف ،لم
تصح قراءته .وسواء فيه الضاد ،وغ يره .وفي وج ه :ال يضر إب دال الض اد
بالظاء ( .)1واللحن فيها لحنا يحيل المعنى ،كضم ت اء (أنعمت) أو كس رها،
أو كسر ك اف (إي اك) لم يجزئ ه ،وتبطل ص الته إن تعم د .ويجب إع ادة
القراءة ،إن لم يتعمد .وتجزئ بالقراءات الس بع .وتصح ب القراءة الش اذة ،إن
لم يكن فيها تغي ير مع نى ،وال زي ادة ح رف ،وال نقص انه ( .)2ف رع :يجب
ترتيب في قراءة الفاتحة .فلو ق دم م ؤخرا ،إن تعم د ،بطلت قراءت ه ،وعليه
استئنافها .وإن سها ،لم يعتد بالمؤخر ،ويبني على المرتب .إال أن
] [ 349
يطول ،فيس تأنف الق راءة .ولو أخل ب ترتيب التش هد ،نظ ر .إن غ ير تغي يرا
مبطال للمع نى ،لم يحسب ما ج اء ب ه .وإن تعم ده ،بطلت ص الته ،وإن لم
يبطل المعنى ،أج زأه على الم ذهب .وقي ل :فيه ق والن .وينبغي أن يق ال في
الفاتحة أيضا :إن غير الترتيب تغييرا يبطل المعنى ،بطلت صالته كالتشهد.
فرع :تجب المواالة بين كلمات الفاتحة .ف إن أخل به ا ،فله ح االن .أح دهما:
أن يك ون عام دا ،فينظ ر .إن س كت في أثن اء الفاتح ة ،أو ط الت ( )1م دة
الس كوت ،ب أن يش عر بقطعه الق راءة أو إعراضه عنها مخت ارا ،أو لع ائق،
بطلت قراءت ه ،ول زم اس تئنافها على الص حيح .وعلى الش اذ المنق ول عن
العراقيين :ال تبطل ( .)2ف إن قص رت م دة الس كوت ،لم ي ؤثر قطعه ا .وإن
نوى قطع القراءة ،ولم يسكت ،لم تبطل قطعا .ولو ( )3نوى قطعها ،وسكت
يس يرا ،بطلت قراءته على الص حيح ال ذي قطع به االك ثرون .ولو أتى
بتسبيح ،أو تهليل في أثنائها ،أو قرأ آية أخرى ،بطلت قراءت ه ،قل ذل ك ،أم
كثر .هذا فيما ال يؤمر به المصلي .فأما ما أمر به في الص الة ،ويتعلق ()4
بمص لحتها ،كت أمين الم أموم لت أمين االم ام ،وس جوده للتالوة ،وفتحه عليه
القراءة ،وسؤاله الرحمة عند قراءته آيتها ،واالستعاذة من العذاب عند قراءة
آيته ،فإذا وقع في أثناء الفاتحة ،لم تبطل المواالة على االص ح .وه ذا تفريع
على الصحيح في استحباب ه ذه االم ور للم أموم ،وعلى وج ه :ال يس تحب.
وال يطرد الخالف في كل مندوب ،فإن الحمد عند العطاس مندوب وإن كان
في الص الة ،ولو فعل ه ،قطع الم واالة .ولكن يختص بالمن دوبات المختصة
بالصالة لمصلحتها .الحال الثاني :أن يخل ب المواالة ناس يا .وتق دم علي ه ،أن
من ترك الفاتحة ناسيا ،فيه قوالن .المشهور الجدي د :أنه ال يجزئ ه ،وال يعتد
له بتلك الركعة .بل إن تذكر بعد ما رك ع ،ع اد إلى القي ام وق رأ .وإن ت ذكر
،بعد قيامه إلى الركعة الثانية
] [ 350
صارت (الثانية) أواله ،ولغت االولى .والقديم :أنه تجزئه صالته .وأما ت رك
الم واالة ناس يا ،فالص حيح ال ذي اتفق عليه الجمه ور ،ونقل وه عن نص
الش افعي رحمه هللا ( :)1أنه ال يض ر .وله البن اء ،س واء قلن ا :يع ذر ب ترك
الفاتحة ناسيا ،أم ال .ومال إمام الحرمين ،والغ زالي ،إلى أن الم واالة تنقطع
بالنسيان إذا قلنا :ال يعذر به في ترك الفاتحة .فرع :من ال يق در على ق راءة
الفاتح ة ،يلزمه كسب الق درة بتعلم ،أو توسل إلى مص حف ،يقرؤها من ه،
بش راء ،أو إج ارة ،أو اس تعارة ( .)2ف إن ك ان في لي ل ،أو ظلم ة ،لزمه
تحصيل السراج عند االمك ان .فلو امتنع من ذلك عند االمك ان ،لزمه إع ادة
كل صالة صالها قبل أن يقرأها .ف إن تع ذرت الفاتحة لتع ذر التعلم ،لض يق
الوقت ،أو بالدته ،أو ع دم المعلم والمص حف ،أو غ ير ذلك لم يجز ترجمة
الفاتحة ،بل ينظر إن ( )3أحسن قرآنا غير الفاتحة ،لزمه قراءة س بع آي ات،
وال يجزئه دون س بع وإن ك انت آي ات ط واال .وهل يش ترط مع ذلك أن ال
ينقص حروف كل اآليات عن حروف الفاتحة ؟ فيه أوجه .أص حها :يش ترط
أن يك ون جملة اآلي ات الس بع ،بق در ح روف الفاتح ة .وال يمتنع أن يجعل
آيتين مقام آية .والث اني :أنه يجب أن يع دل ح روف كل آية من ح روف آية
من الفاتحة على الترتيب ،فتكون مثلها ،أو أطول .والثالث :يكفي س بع آي ات
ناقصات الحروف ،كما يكفي صوم يوم قصير عن طويل .ثم إن أحسن سبع
آيات متوالية بالشرط المذكور ،لم يجز
] [ 351
الع دول إلى المتفرق ة .وإن لم يحسن اال متفرق ة ،أتى به ا .واس تدرك إم ام
الح رمين ،فق ال :لو ك انت اآلية المف ردة ال تفيد مع نى منظوما إذا ق رئت
وحدها ،كقوله تع الى( * :ثم نظ ر) * ( .)1فيظهر أن ال ن أمره بق راءة ه ذه
اآليات المتفرق ة ،ونجعله كمن ال يحسن ق راءة أص ال .قلت :قد قطع جماعة
ب أن تجزئه اآلي ات المتفرقة وإن ك ان يحسن المتوالي ة ،س واء فرقها من
سورة ،أو سور .منهم :القاضي أبو الطيب ،وأبو علي البن دنيجي ،وص احب
(البي ان) وهو المنص وص في (االم) وهو االص ح .وهللا أعلم .أما لو ك ان
الذي يحسنه دون السبع ،كآية أو آيتين ،فوجهان .أصحهما :يق رأ ما يحس نه،
ويأتي بالذكر عن الباقي .والث اني :يك رر ما يحفظه ح تى يبلغ ق در الفاتح ة.
أما الذي ال يحسن شيئا من القرآن ،فيجب عليه أن يأتي بال ذكر ،كالتس بيح،
والتهلي ل .وفي ال ذكر ال واجب أوج ه .أح دها :يتعين أن يق ول :س بحان هللا،
والحمد هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أك بر ،وال ح ول وال ق وة إال باهلل (.)2
ويكفيه ه ذه الكلم ات الخمس .والث اني :أنها تتعين ،ويجب معها كلمت ان من
الذكر ،ليصير سبعة أنواع مقام سبع آيات .والمراد بالكلمات ،أن واع ال ذكر،
ال ألفاظ مفردة .والثالث :وهو االصح :أنه ال يتعين شئ من الذكر .ولكن هل
يش ترط أن ال ينقص ح روف ما أتى به من ح روف الفاتحة ؟ وجه ان.
االصح :يشبرط .قال إمام الحرمين :وال يراعي هنا إال الحروف ،بخالف ما
إذا أحسن قراءة غير الفاتحة ،فإنه يراعي اآلي ات .وفي الح روف ،الخالف.
وقال في (التهذيب) :يجب سبعة أن واع من ال ذكر .يق ام كل ن وع مق ام آي ة،
وهذا أقرب .وهل الدعاء المحض ،كالذكر ؟ فيه تردد للشيخ أبي محمد .ق ال
إم ام الح رمين :واالش به أن ما يتعلق ب أمور اآلخ رة ،يق وم دون ما يتعلق
بالدنيا ( .)3ويشترط أن ال يقصد بالذكر المأتي به ش يئا آخر س وى البدلي ة،
كمن استفتح ،أو تعوذ على قصد تحصيل سنتهما .ولكن ال يشترط قصد
] [ 352
البدلية فيهم ا ،وال في غيرهما من االذك ار على االص ح .أما إذا لم يحسن
ش يئا من الق رآن ،وال ال ذكر ،فعليه أن يق وم بق در الفاتح ة ،ثم يرك ع .ولو
أحسن بعض الفاتحة ،ولم يحسن ب دال ،وجب تكرير ما أحسن ق در الفاتح ة.
وإن أحسن لباقيها بدال ،فوجهان .وقيل :قوالن .أح دهما :يك رره .وأص حهما:
يأتي به ،وببدل الباقي .فعلى ه ذا ،لو أحسن النصف الث اني من الفاتحة دون
االول ،أتى بال ذكر ب دال عن النصف االول ،ثم ي أتي بالنصف الث اني .فلو
عكس ،لم يجز على الص حيح .وأما إذا قلن ا :يك رر ما يحس نه ،فيك رر
المحفوظ مرة بدال ،ومرة أصال .ولو كان يحسن النصف االول ،كرره على
الوجه االول ،وأما على االص ح :في أتي ب ه ،ثم بال ذكر ب دال .ه ذا كله إذا
اس تمر العج ز ،فلو تمكن من ق راءة الفاتحة في أثن اء الص الة ،بتلقين ،أو
مصحف ،أو غيرهما ،فإن كان قبل الشروع في البدل ،لزمه قراءة الفاتح ة.
وكذا إن كان في أثناء البدل على الصحيح .وعلى الض عيف :يلزمه أن يق رأ
الفاتح ة ،بق در ما بقي .وإن ك ان بعد الرك وع ،فقد مضت تلك الركعة على
الصحة ،وال يجوز الرجوع .وإن كان بعد الفراغ من الب دل ،وقبل الرك وع،
فالمذهب :أنه ال يلزمه قراءة الفاتحة ،كما إذا قدر المكفر على االعتاق ،بعد
فراغه من الص وم .وقي ل :وجه ان .ف رع :يس تحب لكل من ق رأ الفاتحة في
الص الة ،أو خ ارج الص الة ،أن يق ول :عقب فراغه منه ا :آمين ،بالم د ،أو
القصر ،بال تشديد فيهم ا .ويس تحب أن يفصل بينهم ا ،وبين (وال الض الين)
بسكته لطيفة ،ليميزها عن القرآن .ويستوي في استحبابها ،االمام ،والمأموم،
والمنفرد .ويجهر بها االمام ،والمنف رد ،في الص الة الجهري ة ،تبعا للق راءة.
وأما المأموم ،فالمذهب :أنه يجهر .وقيل :ق والن .وقي ل :إن لم يجهر االم ام،
جهر لينبهه .وإال ،فقوالن .وقيل :إن كثر القوم ،جهروا ،وإال ،فال .ويس تحب
أن يكون تأمين المأموم ،مع تأمين االمام ،ال قبله ،وال بعده .ف إن فات ه ،أمن
عقب تأمينه .قلت :قال أصحابنا :لو ترك التأمين ،حتى اشتغل بغ يره ،ف ات،
ولم يعد إليه .وفي (الحاوي) وغيره وجه ض عيف :أنه ي أتي به ما لم يرك ع.
قال في (االم) :ف إن ق ال :آمين رب الع المين ،ك ان حس نا .وهللا أعلم .ف رع:
،يسن لالمام ،والمنفرد ،قراءة شئ بعد الفاتحة في صالة الصبح
] [ 353
واالوليين من س ائر الص لوات .ويحصل أصل االس تحباب ،بق راءة شئ من
القرآن ( ،)1ولكن سورة كاملة ،أفضل .حتى أن السورة القصيرة ،أولى من
ق درها من طويلة ( .)2وهل تسن الس ورة في الركعة الثالث ة ،والرابعة ؟
ق والن .الق ديم وبه أف تى االك ثرون :ال تس ن .والجدي د :تس ن ،لكنها تك ون
أقص ر .وال يفضل الركعة االولى على الثانية بزي ادة الق راءة ،وال الثالثة
على الرابعة ،على االصح فيهما .قلت :ه ذا ال ذي ص ححه ،هو الراجع عند
جماهير االصحاب .لكن االص ح :التفض يل .فقد صح فيه الح ديث ،واخت اره
ون ،ونقله القاضي أبو الطيب ،عن عامة القاضي أبو الطيب ،والمحقق
أص حابنا الخراس انيين .لكن القاضي أبو الطيب .خص الخالف ،بتفض يل
االولى على الثانية ،ونقل االتف اق ،على اس تواء الثالثة والرابع ة .وهللا أعلم.
ويستحب أن يقرأ في الصبح ،بطوال المفصل ،ك (الحج رات) وفي الظه ر،
بقريب من الصبح .وفي العصر والعش اء بأوس اط المفص ل .وفي المغ رب،
بقصاره ( ،)3ويسن في صبح يوم الجمعة ،أن يقرأ في االولى( :آلم تنزيل)
وفي الثاني ة( :هل أتى) بكمالهما ( .)4وأما الم أموم ،فال يق رأ الس ورة فيما
يجهر في االم ام إذا س معه ،بل يس تمعه ،وإن ك انت الص الة س رية ،أو
جهري ة ،ولم يس مع الم أموم قراءته لبع ده ،أو ص ممه ،قرأها على االص ح.
قلت :لو قرأ السورة ،ثم قرأ الفاتحة ،لم تحسب السورة ،على المذهب
] [ 354
والمنصوص .وذكر إمام الحرمين ،والشيخ نصر المقدسي في االعتداد به ا،
وجهين .ق ال أص حابنا :والم رأة ال تجهر ب القراءة في موضع فيه رج ال
أجانب .فإن كانت خالية ،أو عندها نس اء ،أو رج ال مح ارم ،جه رت ..وفي
وج ه :تسر مطلق ا .وحيث قلن ا :تس ر ،فجه رت ،ال تبطل ص التها على
الص حيح .والخن ثى ،ك المرأة ( .)1وأما نوافل النه ار المطلق ة ،فيسر فيها
قطعا .وأما نوافل الليل ،فقال صاحب (التتمة) يجهر .وق ال القاضي حس ين،
وص احب (الته ذيب) :يتوسط بين الجهر واالس رار ( ،)2وهو االص ح.
ويستثنى ما إذا كان عنده مص لون ،أو ني ام يه وش عليهم ،فيس ر .ويس تثنى
ال تراويح ،فيجهر فيه ا .وهللا أعلم .فصل ( :)3يس تحب للق ارئ في الص الة،
وخارجها ،إذا مر بآية رحمة ،أن يسأل الرحم ة :أو بآية ع ذاب ،أن يس تعيذ
منه .أو بآية تسبيح ،أن يس بح .أو بآية مثل أن يتفك ر .وإذا ق رأ * (أليس هللا
بأحكم الحاكمين) * ( .)4قال :بلى ،وأنا على ذلك من الشاهدين .وإذا ق رأ *
(فب أي ح ديث بع ده يؤمن ون) * ( .)5ق ال :آمنا باهلل .والم أموم ،يفعل ذلك
لقراءة االمام على الصحيح .فصل في الرك وع أقل ه ،أن ينح ني بحيث تن ال
راحتاه ركبتيه ،ولو أراد
] [ 355
وضعهما عليهما ،وهذا عند اعتدال الخلقة ،وس المة الي دين والركب تين .ولو
انخنس ،وأخ رج ركبتي ه ،وهو مائل منتص ب ،وص ار بحيث لو مد يديه
لنالت راحتاه ركبتي ه ،لم يكن ذلك ركوع ا ،الن نيلهما لم يحصل باالنحن اء.
قال إمام الحرمين :ولو م زج االنحن اء به ذه الهيئة الم ذكورة ،وك ان التمكن
من وضع الراحتين على الركبتين بهما جميع ا ،لم يكن ركوعا أيض ا .ثم إن
لم يقدر على االنحناء إلى الحد المذكور إال بمعين ،أو باعتماد على شئ ،أو
بأن ينحني على شقه ،لزمه ذل ك ،ف إن لم يق در ،انح نى الق در الممكن ،ف إن
عجز ،أومأ بطرفه من ( )1قيام .هذا بيان ركوع القائم ،وأما ركوع القاع د،
فقد تق دم بي ان أقل ه ،وأكمله في فصل القي ام .وتجب الطمأنينة في الرك وع.
وأقلها :أن يصبر حتى تستقر أعضاؤه في هيئة الركوع ،وينفصل هويه عن
ارتفاعه من ه .فلو ج اوز حد أقل الرك وع ،ف زاد في اله وي ،ثم ارتف ع،
والحرك ات متص لة ،لم تحصل الطمأنين ة ،وال يق وم زي ادة اله وي مق ام
الطمأنينة ،ويشترط أن ال يقصد بهويه غير الركوع .فلو قرأ في ص الته آية
سجدة ،فهوى ليسجد للتالوة ،ثم بدا له بعد ما بلغ حد الراكعين أن يركع ،لم
يعتد ب ذلك عن الرك وع ،بل يجب عليه أن يع ود إلى القي ام ،ثم يرك ع .وأما
أكمل الركوع ،فأمران .أح دهما :في الهيئ ة .والث اني :في ال ذكر .أما الهيئ ة:
فأن ينحني بحيث يستوي ظهره ،وعنقه ويمدهما كالصفيحة ،وينصب ساقيه
إلى الحق و ،وال يث ني ركبتي ه ،ويضع يديه على ركبتي ه ،ويأخ ذهما بهم ا،
ويف رق بين أص ابعه حينئ ذ ،ويوجهها نحو القبل ة ،ف إن ك انت إح دى يديه
مقطوعة ،أو عليل ة ،فعل ب االخرى ما ذكرن ا ،ف إن لم يمكنه وض عهما على
ركبتيه ،أرسلهما .ويجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ،وال تجافي الم رأة ،وال
الخنثى .االمر الثاني :الذكر :فيستحب أن يكبر للركوع ،ويبتدئ به في ابتداء
الهوي .وهل يمد التكبير ؟ قوالن .القديم :ال يمده ،بل يحذفه .والجديد
] [ 356
الصحيح :يستحب مده إلى تمام الهوي ،حتى ال يخلو ج زء من ص الته عن
ذكر .ويجري القوالن في جميع تكبيرات االنتق االت ،هل يم دها إلى ال ركن
المنتقل إليه ،أم ال ؟ .ويستحب أن يرفع يديه إذا ابتدأ التكبير ،وتقدمت ص فة
الرف ع .ويس تحب أن يق ول في ركوع ه :س بحان ربي العظيم ،ثالث م رات.
قال بعضهم :ويضيف إليه :وبحمده ( .)1واالفضل ،أن يق ول بع ده :اللهم لك
ركعت ،وبك آمنت ،ولك أس لمت ،خشع (ل ك) س معي ،وبص ري ،ومخي،
وعظمي ،وعص بي ،وش عري ،وبش ري ،وما اس تقلت به ق دمي هلل رب
العالمين ( .)2وهذا أتم الكمال .ثم الزيادة على ثالث تسبيحات ،إنما تس تحب
للمنف رد .وأما االم ام ،فال يزيد على ثالث .وقي ل :خمس ،إال أن يرضى
المأمومون بالتطويل ،فيس توفي الكم ال .وتك ره ق راءة الق رآن في الرك وع،
والسجود .قلت :ق ال أص حابنا :يس تحب أن ال يصل تكب يرة الرك وع ،ب آخر
السورة .بل يسكت بينهما سكتة لطيفة ،ويبت دئ التكب ير قائما مع ابت داء رفع
اليدين .فإن ترك رفع اليدين ح تى ف رغ من التكب ير ،لم يرفعهم ا ،وإن ذكر
قبل فراغ ه ،رف ع ،ولو ك ان أقطع الكفين ،لم يبلغ بيديه ركبتي ه ،لئال يغ ير
هيئة الرك وع .ذك ره الم اوردي ،وغ يره .ق الوا :ويس تحب رفع الي دين في
تكب يرة االح رام ،والرك وع ،والرفع من ه ،لكل مصل ق ائم ،وقاع د،
ومضطجع ،وم وم .ونص عليه في (االم) ق ال أص حابنا :وأقل ما يحصل به
ال ذكر في الرك وع ،تس بيحة واح دة .وهللا أعلم .فصل في االعت دال عن
الركوع :وهو ركن ،لكنه غير مقصود لنفسه ،واالعت دال ال واجب :أن يع ود
بعد ركوعه إلى الهيئة التي كان عليها قبل الرك وع ،س واء ص لى قائم ا ،أو
قاعدا ( .)3فلو ركع عن قيام ،فسقط في ركوعه ،نظر ،إن لم
] [ 357
يطمئن في ركوع ه ،لزمه أن يع ود إلى الرك وع ،ويطمئن ،ثم يعت دل من ه.
وإن ك ان اطم أن ،فيعت دل قائما ويس جد .ولو رفع الراكع رأس ه ،ثم س جد،
وشك هل تم اعتداله ؟ وجب أن يعتدل قائما ،ويعيد السجود .واعلم أنه تجب
الطمأنينة في االعت دال ،ك الركوع .وق ال إم ام الح رمين :في قل بي من
الطمأنينة في االعت دال ش ئ ،وفي كالم غ يره ما يقتضي ت رددا فيه ا.
والمعروف الص واب وجوبه ا .ويجب أن ال يقصد بارتفاعه ش يئا آخ ر .فلو
رأى في ركوعه حي ة ،فرفع فزعا منه ا ،لم يعتد ب ه .ويجب أن ال يط ول
االعت دال ،ف إن طول ه ،ففي بطالن ص الته خالف ي ذكر في ب اب س جود
الس هو ،إن ش اء هللا تع الى .ويس تحب عند االعت دال ،رفع الي دين ح ذو
المنكبين ،على ما تقدم من ص فة الرف ع ،ويك ون ابت داء رفعهم ا ،مع ابت داء
رفع ال رأس .ف إذا اعت دل قائم ا ،حطهم ا .ويس تحب أن يق ول في ارتفاعه
لالعتدال :سمع هللا لمن حمده .ف إذا اس توى قائم ا ،ق ال :ربنا لك الحم د ،أو:
ربنا ولك الحمد مل ء الس موات ،ومل ء االرض ،ومل ء ما ش ئت من شئ
بع د .يس توي في اس تحباب ه ذين ال ذكرين ،االم ام ،والم أموم ،والمنف رد.
ويس تحب لغ ير االم ام وله إذا رضي الق وم أن يزي د ،فيق ول :أهل الثن اء
والمج د ،حق ما ق ال العب د ،كلنا لك عب د ،ال م انع لما أعطيت ،وال معطي
لما منعت ،وال ينفع ذا الجد منك الجد ( .)1ويك ره لالم ام ه ذه الزي ادة ،إال
برض اهم .قلت :هك ذا يقوله أص حابنا في كتب الم ذهب :حق ما ق ال العب د،
كلنا لك عبد .والذي في (صحيح مسلم) وغيره من كتب الحديث ،أن رس ول
هللا (ص) ،ك ان يق ول :أحق ما ق ال العب د ،وكلنا لك عب د .بزي ادة ألف في
(أحق) وواو في (وكلنا) ( )2وكالهما حسن .لكن ما ثبت في الحديث ،أولى.
،قال الشافعي واالصحاب رحمهم هللا ( :)3ولو قال من حمد هللا :سمع له
] [ 358
ب دل :س مع هللا لمن حم ده ،أج زأه ،ولكن االولى :س مع هللا لمن حم ده .ق ال
الشافعي واالصحاب :يق ول في الرف ع :ربنا لك الحم د .وإن ش اء ق ال :اللهم
ربنا لك الحمد ،أو :لك الحمد ربن ا .واالول :أولى .ق ال ص احب (الح اوي):
يجهر االمام ب :سمع هللا لمن حم ده ،ويسر ب :ربنا لك الحم د .ويسر الم أموم
بهما جميع ا .ولو أتى ب الركوع ال واجب ،فعرضت علة منعته االنتص اب،
سجد من ركوعه ،وسقط االعتدال ،لتعذره .فلو زالت العلة قبل بل وغ جبهته
لالرض ،وجب أن يرتف ع ،وينتصب قائم ا ،ويعت دل ،ثم يس جد ،وإن زالت
بعد وضع جبهته على االرض ،لم يرجع إلى االعتدال ،بل س قط عن ه ،ف إن
خالف ،فعاد إليه قبل تمام سجوده ،فإن كان عالما بتحريم ه ،بطلت ص الته،
وإن كان جاهال ،لم تبطل .ويع ود إلى الس جود .ق ال ص احب (التتم ة) :ولو
ترك االعتدال عن الركوع ،والسجود ،في النافلة ،ففي صحتها وجهان ،بناء
على صالتها مضطجعا مع قدرته على القي ام .وهللا أعلم .فصل في القن وت:
وهو مستحب بعد الرفع من الركوع ،في الركعة الثانية من الص بح .وك ذلك
الركعة االخ يرة من ال وتر في النصف االخ ير من ش هر رمض ان .ولفظ ه:
(اللهم اه دني فيمن ه ديت ،وع افني فيمن ع افيت ،وتول ني فيمن ت وليت،
وب ارك لي فيما أعطيت ،وق ني شر ما قض يت ،فإنك تقض ي ،وال يقضى
عليه ،وإنه ال يذل من واليت ،تباركت ربنا وتع اليت) ه ذا هو الم روي عن
الن بي (ص) ( .)1وزاد العلم اء في ه( :وال يعز من ع اديت) قبل (تب اركت
وتعاليت) وبعده( :فلك الحمد على ما قضيت ،أستغفرك ،وأتوب إليك) .قلت:
قال جمهور ( )2أصحابنا :ال بأس بهذه الزيادة .وقال أبو حامد ،والبندنيجي،
وآخ رون :مس تحبة .واتفق وا على تغليط القاضي أبو الطيب ،في إنك ار (ال
.يعز من عاديت) وقد جاءت في رواية البيهقي ( .)3وهللا أعلم
] [ 359
فإن ك ان إمام ا ،لم يخص نفس ه ،بل ي ذكر بلفظ الجم ع .وهل تسن الص الة
على الن بي (ص) بع ده ؟ وجه ان .االص ح :تسن ( .)1وهل تتعين ه ذه
الكلمات في القنوت ؟ وجه ان .أح دهما :تتعين ،ككلم ات التش هد .والص حيح
الذي قطع به الجم اهير :ال تتعين .وعلى ه ذا ،لو قنت بما ج اء عن عمر (
)2رضي هللا عن ه ،ك ان حس نا ( .)3وحكي وجه عن أبي علي بن أبي
هريرة ( :)4أنه ال يقنت في الصبح ،وهذا غريب ،وغل ط .أما غ ير الص بح
:من الفرائض ففيها ثالثة أقوال .المشهور
] [ 360
أنه إن نزل -والعياذ باهلل -بالمسلمين نازلة ( ،)1كالوب اء والقح ط ،قنت وا.
وإال فال ،والثاني :يقنتون مطلق ا .والث الث :ال يقنت ون مطلقا ( .)2ثم مقتضى
كالم االكثرين ،أن الكالم ،والخالف ،في غير الصبح ،إنما هو في الج واز.
ومنهم من يش عر إي راده باالس تحباب .قلت :االص ح ،اس تحبابه .وص رح به
ص احب (الع دة) ونقله نص الش افعي في (االمالء) .وهللا أعلم .ثم االم ام في
صالة الصبح ،هل يجهر بالقنوت ؟ وجهان .أص حهما :الجه ر .والث اني :ال،
كالتش هد ،وال دعوات وأما المنف رد ،فيسر به قطع ا .ذك ره البغ وي .وأما
المأموم ،فإن قلنا :ال يجهر االمام ،قنت .وإن قلنا :يجهر ،فاالصح أنه يؤمن،
وال يقنت .والثاني :يتخير بين التأمين ،والقنوت .فعلى االصح :هل يؤمن في
الجميع ؟ وجه ان .االص ح ،ي ؤمن في الق در ال ذي هو دع اء .وأما الثن اء،
فيشاركه فيه ،أو يسكت .والثاني :يؤمن في الجميع .فإن كان ال يسمع االم ام
لبعد ،أو غيره وقلن ا :لو س مع المن ،فهنا وجه ان .أح دهما :يقنت ،والث اني:
يؤمن كالوجهين في قراءة السورة إذا لم يسمع االمام .وأما غ ير الص بح إذا
قنت فيه ا ،ف الراجح أنها كلها كالص بح س رية ك انت ،أو جهري ة .ومقتضى
إيراده في (الوس يط) أنه يسر في الس رية ،وفي الجهرية الخالف .وهل يسن
رفع الي دين في القن وت ،ومسح الوجه بهما إذا ف رغ ؟ فيه أوج ه .أص حها:
يستحب الرف ع ،دون المسح ( .)3والث اني :يس تحبان .والث الث :ال يس تحبان.
قلت :ال يستحب مسح غير وجهه قطعا .بل نص جماعة على كراهته .ولو
] [ 361
قنت بآية من القرآن ينوي بها القنوت .وقلنا :ال يتعين له لفظ ،ف إن تض منت
اآلية دع اء ،أو ش بهه ،ك ان قنوت ا .وإن لم تتض منه كآية ال دين ،و (تبت)
فوجه ان .حكاهما في (الح اوي) الص حيح :ال يك ون قنوت ا .ولو قنت قبل
الركوع ،ف إن ك ان مالكيا ي رى ذل ك ،أج زأه .وإن ك ان ش افعيا ال ي راه ،لم
يحسب على الصحيح ،بل يعيده بعد الرفع من الركوع .وهل يسجد للس هو ؟
وجهان .االصح المنصوص في (االم) :يس جد .وهللا أعلم .فصل في الس جود
( :)1وهو ركن ،وله أق ل ،وأكم ل .أما أقل ه ،ففيه مس ائل .إح داها :يجب أن
يضع على االرض من الجبه ة ،ما يقع عليه االس م .وفي وج ه :ال يكفي
بعض الجبهة .وهو شاذ منكر .وال يجزئ عن الجبهة ،الجبين ان ،وهما جانبا
الجبه ة .والص حيح ،أنه ال يكفي في وضع الجبهة االمس اس ،بل يجب أن
يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه ،حتى تستقر جبهته .فلو سجد
على قطن ،أو حشيش ،أو شئ محشو بهما ،وجب أن يتحامل ح تى ينكبس،
ويظهر أثره على يد لو فرضت تحت ذلك المحشو ،فإن لم يفعل ،لم يجزئه.
وقال إمام الحرمين :عندي أنه يكفي إرخ اء رأس ه ،وال يقل ه .وال حاجة إلى
التحامل كيف ف رض محل الس جود .وهل يجب وضع الي دين والركب تين
والق دمين على موضع الس جود ؟ ق والن .أظهرهم ا :ال يجب ( .)2ف إن
أوجبن اه ،كفى وضع ج زء من كل واحد منه ا .واالعتب ار في الي د ،بب اطن
الك ف ،وفي ال رجلين ،ببط ون االص ابع .وإن قلن ا :ال يجب ،اعتمد على ما
شاء منهما ،ويرفع ما شاء .وال يمكنه أن يسجد
] [ 362
مع رفع الجمي ع .ه ذا هو الغ الب ،أو المقط وع ب ه .قلت :االظه ر :وج وب
الوضع .قال الشيخ أبو حامد في تعليقه :إذا قلنا :ال يجب وض عها ،فلو أمكنه
أن يسجد على الجبهة وحدها ،أجزأه ،وكذا قال صاحب (العدة) :لو لم يضع
ش يئا منه ا ،أج زأه .ومن ص ور رفعها كلها إذا رفع الركب تين ،والق دمين،
ووضع ظهر الكفين ،أو حرفهما ،فإنه في حكم رفعهما .وهللا أعلم .وال يجب
وضع االنف على االرض .قلت :وحكى ص احب (البي ان) ق وال غريبا أنه
وفا .وهللا أعلم .ويجب أن يكشف من يجب وضع االنف مع الجبهة مكش
الجبهة ما يقع عليه االسم ،فيباشر به موضع الس جود .وإنما يحصل الكشف
إذا لم يحل بينه وبين موضع الس جود حائل متصل به يرتفع بارتفاع ه ،فلو
س جد على ط رف عمامت ه ،أو ذيله المتح رك بحركت ه ،لم يص ح .وإن لم
يتح رك بحركته قياما وقع ودا ،أج زأه .قلت :لو ك ان على جبهته جراح ة،
فعصبها ،وسجد على العص ابة ،أج زأه ،وال إع ادة عليه على الم ذهب .النه
إذا س قطت االع ادة مع االيم اء للع ذر ،فهنا أولى .وهللا أعلم .وإذا أوجبنا
وضع الركبتين والقدمين ،لم يجب كشفهما قطع ا ،وإذا أوجبنا وضع الكفين،
لم يجب كشفهما أيضا على االظهر .فإذا أوجبن اه ،كفى كشف بعض من كل
واحد منهم ا .المس ألة الثاني ة :إذا وضع الجبه ة ،وس ائر االعض اء على
االرض ،فله ثالث ص ور .إح داها :أن يك ون أعاليه أعلى من أس افله (،)1
،بأن يضع رأسه على ارتفاع
] [ 363
فيصير رأسه أعلى من حقوه ،فال يجزئه ،لع دم اسم الس جود ،كما لو أكب،
ومد رجلي ه ،الث اني :أن تك ون االس افل أعلى من االع الي ( ،)1فه ذه هيئة
التنكيس ،وهي المطلوبة ،ومهما كان المكان مس تويا ،ك ان الحقو أعلى .ولو
ك ان موضع ال رأس مرتفع ا ،قليال ،فقد ترتفع أس افله ،وتحصل ه ذه الهيئة
أيضا .الثالث ة :أن تتس اوى أعاليه وأس افله ،الرتف اع موضع الجبه ة ،وع دم
رفعه االس افل ،فاالص ح :أنها ال تج زئ .وإذا تع ذرت الهيئة المطلوبة
لمرض ،أو غيره ،فهل يلزمه وضع وس ادة ونحوه ا ،ليضع الجبهة عليه ا،
أم يكفي إنه اء ال رأس إلى الحد الممكن من غ ير وضع الجبهة على شئ ؟
وجهان .أصحهما :عند الغزالي :الوجوب .واالشبه بكالم االك ثرين :االكتف اء
بإنه اء ال رأس .ولو عجز عن وضع الجبهة على االرض ،وق در على
وض عها ،على وس ادة مع النكس ،لزمه ذلك بال خالف .ولو عجز عن
االنحناء ،أشار بالرأس ،ثم ب الطرف ،على ما تق دم نظ يره .المس ألة الثالث ة:
تجب الطمأنينة في الس جود ،ويجب أن ال يقصد بهويه غ ير الس جود ،فلو
سقط إلى االرض من االعت دال قبل قصد اله وي ،لم يحس ب ،بل يع ود إلى
االعتدال ،ويسجد منه .ولو هوى ليسجد ،فسقط على االرض بجبهته ،نظ ر،
إن وضع جبهته على االرض بنية االعتماد ،لم يحسب عن السجود ،وإن لم
تحدث هذه النية ،حسب .ولو هوى ليس جد ،فس قط على جنب ه ،ف انقلب وأتى
بصورة السجود ،فإن قصد السجود ،اعتد ب ه ،وإن قصد االس تقامة ،لم يعتد
.به
] [ 364
قلت :إذا قصد االس تقامة ،له ح االن .أح دهما :أن يقص دها ،قاص دا ص رف
ذلك عن الس جود ،فال يجزئه قطع ا ،وتبطل ص الته ،النه زاد فعال ال ي زاد
مثله في الص الة عام دا .قاله إم ام الح رمين ،وغ يره .والث اني :أن يقصد
االس تقامة ،وال يقصد ص رفه عن الس جود ،بل يغفل عن ه ،فال يجزئه أيضا
على الص حيح المنص وص ،ولكن ال تبطل ص الته ،بل يكفيه أن يعت دل
جالسا ،ثم يسجد .وال يلزمه أن يقوم ليسجد من قي ام على الظ اهر ،فلو ق ام،
ك ان زائ دا قياما متعم دا ،فتبطل ص الته .ه ذا بي ان الح التين .ولو لم يقصد
السجود ،وال االستقامة ،أج زأه ذلك عن الس جود قطع ا .والعجب من االم ام
الرافعي ،في كونه ترك استيفاء هذه الزي ادة ال تي ألحقته ا .وهللا أعلم .ف رع:
وأما أكمل الس جود ،فالس نة أن يك ون أول ما يقع على االرض من الس اجد
ركبتيه ،ثم يديه ،ثم أنفه ،وجبهته ،ويبتدئ التكب ير ،مع ابت داء اله وي ،وهل
يم ده ،أو يحذفه ؟ فيه الق والن المتق دمان .وال يرفع اليد مع التكب ير هن ا.
ويس تحب أن يق ول في س جوده( :س بحان ربي االعلى) ثالثا وه ذا أدنى
الكم ال .واالفضل أن يق ول بع ده( :اللهم لك س جدت ،وبك آمنت ،ولك
أس لمت ،س جد وجهي لل ذي خلقه وص وره ،وشق س معه وبص ره ،بحوله
وقوته ،تبارك هللا أحسن الخالقين) ( )1واالمام يقتصر على التس بيح ،إال أن
يرضوا .ويستحب للمف رد ،أن يجتهد في ال دعاء في س جوده ،وأن يضع كل
س اجد ،االنف مع الجبهة مكش وفا ،وأن يف رق بين ركبتي ه .ويرفع الرجل
مرفقيه عن جنبي ه ،وبطنه عن فخذي ه ،والم رأة تضم بعها إلى بعض .وأن
يضع الس اجد يديه على االرض ،بإزالة منكبي ه ،وأص ابعه ملتصق بعض ها
إلى بعض ،مستطيلة إلى جهة القبلة ،وسنة أصابع اليدين ،إذا كانت منشورة
في جميع الص الة ،التف ريج المقتص د ،إال في حالة الس جود ،فإنه يلص قها.
قلت :وإال في التشهد ،فإن الصحيح :أن أصابع اليس رى ،تك ون كهيئاتها في
.السجود .وكذا أصابعهما في الجلوس بين السجدتين .وهللا أعلم
] [ 365
ويرفع الس اجد ذراعيه عن االرض ،وال يفترش هما ،وينصب الق دمين،
ويوجه أص ابعهما إلى القبل ة ،وإنما يحصل توجيهه ا ،بالتحامل عليه ا،
واالعتماد على بطونها .وق ال في (النهاي ة) ال ذي ص ححه االئم ة :أن يضع
أط راف االص ابع على االرض من غ ير تحام ل .واالول :أص ح .قلت :ق ال
أص حابنا :ويس تحب أن يف رق بين الق دمين .ق ال القاضي أبو الطيب :ق ال
أصحابنا :يكون بينهما شبر .ويستحب أن يقول في سجوده( :س بوح ،ق دوس
رب المالئكة والروح) ( )1وأن يبرز قدميه من ذيله في السجود ،ويكش فهما
إذا لم يكن عليهما خ ف .ويك ره أن يجمع في س جود ،أو غ يره من أح وال
الص الة ،ش عره ،أو ثياب ه ،لغ ير حاج ة .وهللا أعلم .فص ل :ف إذا ف رغ من
السجود ،رفع فاعت دل جالسا بين الس جدتين .وه ذا االعت دال ،واجب .ويجب
الطمأنينة في ه ،ويجب أن ال يقصد ب الرفع ش يئا آخ ر .وينبغي أن ال يط ول
الجلوس ،ويس تحب أن يرفع رأسه مك برا .والس نة :أن يجلس مفترش ا ،على
المشهور .وفي قول شاذ ض عيف :يض جع قدمي ه ،ويجلس على ص دورهما.
ويستحب أن يضع يديه على فخذيه ،قريبا من ركبتيه ،منش ورتي االص ابع.
ولو انعطفت أطرافها على الركب ة ،فال ب أس .ولو تركهما على االرض من
ج انبي فخذي ه ،ك ان كإرس الهما في القي ام .ويس تحب أن يق ول في جلوس ه:
(اللهم اغفر لي ،وارحم ني واج برني ،وع افني ،وارزق ني ،واه دني) (.)2
فصل :ثم يسجد السجدة الثانية ،مثل االولى ،في واجباتها ( ،)3ومن دوباتها.
وإذا رفع من الس جدة الثاني ة ،ك بر .ف إن ك انت س جدة ال يعقبها تش هد،
فالمذهب :أنه يسن أن يجلس عقبها جلسة لطيف ة ،تس مى :جلسة االس تراحة.
وفي ق ول :ال تسن ه ذه الجلس ة ،بل يق وم من الس جود .وقي ل :إن ك ان
بالمصلي
] [ 366
ضعف لكبر ،أو غيره ،جلس ،وإال فال .فإن قلنا :ال يجلس ،ابتدأ التكب ير مع
ابتداء الرف ع ،وف رغ منه مع اس توائه قائم ا .وإن قلن ا :يجلس ،ففي التكب ير،
أوج ه .أص حها عند جمه ور االص حاب :أنه يرفع مك برا ،ويم ده إلى أن
يس توي قائم ا .ويخفف الجلسة ح تى ال يخلو ج زء من ص الته عن ذك ر.
والث اني :يرفع غ ير مك بر ،ويبت دئ ب التكبير جالس ا ،ويم ده إلى أن يق وم.
والث الث :يرفع مك برا ،وإذا جلس ،قطع ه ،وق ام بال تكب ير .وال يجمع بين
تكب يرتين ،بال خالف .والس نة في ه ذه الجلس ة :االف تراش .وس واء ق ام من
الجلس ة ،أو من الس جدة ،يسن أن يق وم معتم دا بيديه من االرض .قلت:
اختلف أص حابنا في جلسة االس تراحة على وجهين .الص حيح :أنها جلسة
مستقلة يفصل بين الركعتين كالتش هد .والث اني :أنها من الركعة الثاني ة .ق ال
القاضي أبو الطيب ،وغيره :يكره أن يقدم إحدى رجليه ح ال القي ام ،ويعتمد
عليها .وهللا أعلم .فصل في التشهد ( )1والجلوس له :هما ض ربان .أح دهما:
أن يقعا في آخر الصالة .وهما فرضان .والثاني :في أثنائها ،وهما سنتان ،ثم
ال يتعين للقع ود هيئة لالج زاء ،بل كيف قع د ،أج زأه .لكن الس نة في قع ود
آخر الص الة ،الت ورك .وفي أثنائه ا ،االف تراش .واالف تراش :أن يضع رجله
اليس رى ،بحيث يلي ظهرها االرض ،ويجلس عليه ا ،وينصب اليم نى،
ويضع أط راف أص ابعها على االرض متوجهة إلى القبل ة .والت ورك :أن
يخ رج رجليه وهما على هيئة االف تراش ،من جهة يمين ه ،ويمكن وركه من
االرض .وإذا جلس المسبوق في آخر صالة االمام ،فثالثة أوجه .الصحيح (
)2المنصوص الذي قطع به الجماهير :يفترش .والثاني :يتورك .والثالث :إن
كان جلوسه محل تشهد للمسبوق ،اف ترش ،وإال ت ورك ،الن جلوسه بمج رد
المتابعة ،فيتابع في الهيئة .وإذا جلس من عليه سجود سهو في آخر صالته،
افترش على الصحيح ،وتورك على الثاني .والسنة في التش هدين جميع ا :أن
يضع يده اليسرى ،على فخذه اليسرى ،واليمنى ،على فخ ذه اليم نى ،وينشر
أصابع
] [ 367
اليسرى ،ويجعلها قريبة من طرف الركبة ،بحيث يساوي رؤوس ها الركب ة.
وهل يفرجه ا ،أو يض مها ؟ وجه ان .االش هر :يف رج تفريجا مقتص دا ،وال
يؤمر بالتفريج الف احش في موضع م ا .والث اني :يض مها ليتوجه إلى القبل ة.
قلت :ه ذا الث اني ،أصح ( .)1وقد نقل الش يخ أبو حامد في تعليقه اتف اق
االص حاب علي ه .وهللا أعلم .وأما اليد اليم نى ،فيض عها على ط رف الركبة
اليم نى ،ويقبض خنص رها ،وبنص رها ،ويرسل المس بحة )2( .وفيما يفعل
باالبه ام والوس طى ثالثة أق وال .أح دها :يقبض الوس طى مع الخنصر
والبنص ر ،ويرسل االبه ام ( )3مع المس بحة .والث اني :يحلق بين االبه ام
والوس طى .وفي كيفية التحلي ق ،وجه ان .أص حهما :يحلق بينهما برأس يهما.
والث اني :يضع أنملة الوس طى بين عق دتي االبه ام .والق ول الث الث ،وهو
االظه ر :أنه يقبض هما أيض ا .وفي كيفية وضع االبه ام على ه ذا ،وجه ان.
أص حهما :يض عها بجنب المس بحة ،كأنه عاقد ثالثة وخمس ين .والث اني:
يض عها على أص بعه الوس طى ،كأنه عاقد ثالثة وعش رين .وكيف فعل من
هذه الهيئات ،فقد أتى بالسنة .قاله ابن الصباغ ،وغيره :وعلى االقوال كله ا،
يس تحب أن يرفع مس بحته في كلمة الش هادة ،إذا بلغ هم زة( :إال هللا) وهل
يحركها عند الرفع ؟ وجهان .االصح :ال يحركه ا .ولنا وجه ش اذ :أنه يش ير
بها في جميع التش هد .قلت :وإذا قلنا باالص ح :إنه ال يحركها فحركه ا ،لم
تبطل صالته على الصحيح .وتكره االشارة بمسبحة اليسرى ،ح تى لو ك ان
أقطع اليمنى ،لم يشر
] [ 368
بمس بحة اليس رى ،الن س نتها ،البسط دائم ا .وهللا أعلم .ف رع :التش هد ال ذي
يعقبه السالم ،واجب ،كما تقدم ( ،)1وتجب فيه الص الة على الن بي (ص).
وفي الصالة على آل النبي (ص) قوالن .وقيل :وجهان .الص حيح المش هور:
أنها س نة والث اني :واجب ة .وهل تسن الص الة على الن بي (ص) في التش هد
االول ؟ قوالن .أظهرهما :تسن وأما الص الة على اآلل في ه ،ف إن لم نوجبها
في التش هد االخ ير لم تسن وإال ،فعلى الق ولين في الص الة على آل الن بي
(ص) .وإذا قلن ا :ال تسن الص الة على الن بي (ص) في االول ،وال في
القنوت ،فأتى بها في أحدهما ،أو أوجبنا الصالة على اآلل في االخ يرة ،ولم
نسنها في االول ،فأتى بها فيه ،فقد نقل ركنا إلى غير موض عه .وفي بطالن
الص الة ب ذلك ،كالم ي أتي في ب اب س جود الس هو ،إن ش اء هللا تع الى .وآل
الن بي (ص) :بنو هاش م ،وبنو المطلب .نص عليه الش افعي رحمه هللا (.)2
وفي وج ه :أنهم كل المس لمين .ف رع في أكمل التش هد ،وأقله أما أكمل ه ،فما
رواه ابن عباس رضي هللا عنهما (التحيات ،المباركات ،الصلوات ،الطيبات
هلل ،سالم عليك أيها النبي ورحمة هللا وبركات ه ،س الم علينا وعلى عب اد هللا
الصالحين ،أشهد أن ال إله إال هللا ،وأشهد أن محمدا رس ول هللا .هك ذا رواه
الشافعي ( ،)3ورواه غيره (( )4السالم عليك أيها النبي السالم علينا ،وعلى
عباد هللا الصالحين) بااللف والالم .ولو تشهد بما رواه ابن مس عود ( ،)5أو
( )6بتشهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ( ،)7جاز .لكن
] [ 369
االول أفض ل .وتش هد ابن مس عود (التحي ات هلل ،والص لوات ،والطيب ات،
السالم عليك )...وذكره كما تقدم .إال أن في آخ ره (وأش هد أن محم دا عب ده
ورسوله) .وتشهد عمر (التحي ات هلل ،الزاكي ات هلل ،الطيب ات هلل ،الص لوات
هلل ،السالم عليك ...وذكره ك ابن مس عود .ولنا وج ه :أن االفض ل :أن يق ول:
(التحيات المباركات الزاكيات ،والصلوات والطيب ات هلل ،الس الم علي ك)....
ذكره ليك ون جامعا لها كله ا .وق ال جماعة من أص حابنا :يس تحب أن يق ول
قبل التحيات( :باسم هللا ،وباهلل ،التحيات هلل) .ويروى (بسم هللا خير االسماء)
والص حيح ال ذي عليه جم اهيرهم :أنه ال يق دم التس مية .وأما أقل ه ،فنص
الشافعي رحمه هللا ،وأكثر االص حاب ( ،)1أن ه( :التحي ات هلل ،س الم عليك
أيها النبي ورحمة هللا وبركاته ،سالم علينا وعلى عباد هللا الصالحين ،أش هد
أن ال إله إال هللا ،وأن محمدا رسوله) .هكذا نقله العراقيون ( ،)2والروياني،
وكذا نقله البغ وي .إال أنه ق ال( :وأش هد أن محم دا رس وله) .ونقله ابن كج،
والصيدالني ،وأسقطا كلمة( :وبركاته) وقاال( :وأشهد أن محمدا رسول هللا).
وقال ابن سريج رحمه هللا :أقله( :التحيات هلل ،سالم عليك أيها الن بي ،س الم
على عب اد هللا الص الحين ،أش هد أن ال إله إال هللا ،وأن محم دا رس وله).
وأسقط بعضهم :السالم الثاني .وقال بعضهم( :سالم عليك أيها الن بي ،وعلى
:عباد هللا الصالحين) .وأسقط بعضهم( :الصالحين) .وقال بعضهم
] [ 370
واختاره الحليمي ( .)1قلت :وروي( :سالم علي ك) و (س الم علين ا) وروي:
(السالم) ب االلف والالم فيهم ا ،وه ذا أك ثر في رواي ات الح ديث ،وفي كالم
الش افعي :واتفق أص حابنا على ج واز االم رين هن ا ،بخالف س الم التحل ل.
قالوا :واالفضل هنا ،االلف والالم ،لكثرته ،وزيادته ،وموافقته سالم التحلل.
وهللا أعلم .ف رع :أقل الص الة على الن بي (ص) ،أن يق ول( :اللهم صل على
محمد) أو (ص لى هللا على محم د) أو (ص لى هللا على رس وله) .وفي وج ه:
يكفي (ص لى هللا عليه ( .))2وأقل الص الة على اآلل :أن يق ول( :وآل ه)
وأكملها أن يقول( :اللهم صل على محمد ،وعلى آل محمد ،كما صليت على
إب راهيم ،وعلى آل إب راهيم ،وب ارك على محم د ،وعلى آل محم د ،كما
باركت على إبراهيم ،وعلى آل إبراهيم ،إنك حميد مجيد) .ويس تحب ال دعاء
بعد ذل ك .وله أن ي دعو بما ش اء من أمر ال دنيا ،واآلخ رة ،وأم ور اآلخ رة
أفضل .وعن الشيخ أبي محمد :أنه كان يتردد في مثل :اللهم ارزق ني جارية
ص فتها ك ذا ،ويميل إلى المن ع ،وأنه يبطل الص الة .والص واب ال ذي عليه
الجم اهير ج واز الجمي ع .لكن ما ورد في االخب ار أحب من غ يره .ومن ه:
(اللهم اغفر لي ما ق دمت ،وما أخ رت ،وما أس ررت ،وما أعلنت وما
أسرفت -وفيه أيضا (وما أعلنت) مق دم على (ما أس ررت) -وما أنت أعلم
به م ني ،أنت المق دم ،وأنت الم ؤخر ،ال إله إال أنت) .وأيض ا( :اللهم (إني)
أع وذ بك من ع ذاب الن ار ،وع ذاب الق بر ،وفتنة المحي ا ،والمم ات ،وفتنة
المس يح ال دجال) ( .)3وأيض ا( :اللهم إني أع وذ بك من الم أثم والمغ رم).
وأيضا( :اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ،ال يغفر الذنوب إال أنت ،فاغفر
لي مغفرة من
] [ 371
عن دك ،وارحم ني إنك أنت الغف ور ال رحيم) ( .)1ثم الص حيح ال ذي عليه
الجمهور ،أن الدعاء مستحب لالمام ،وغيره .لكن االفضل ،أن يكون الدعاء
أقل من التش هد والص الة على الن بي (ص) ،النه تبع لهم ا .ف إن زاد ،لم
يضر .إال أن يكون إماما ،فيكره التطويل .والوجه الثاني :المس تحب لالم ام،
أن ال يدعو ،ويستحب للمنفرد الدعاء .وال بأس بتطويله ،هذا كله في التشهد
االخ ير .أما االول :فيك ره فيه ال دعاء ،بل ال يزيد على لفظ التش هد ،إال
الصالة على النبي (ص) إذا قلنا :هي سنة فيه ،وعلى اآلل على وج ه .قلت:
إطالة التش هد االول مكروه ة ،كما ذك ر .فلو طول ه ،لم تبطل ص الته ،ولم
يسجد للس هو ،س واء طوله عم دا ،أم س هوا .وهللا أعلم .ف رع :ال يج وز لمن
عرف التش هد بالعربي ة ،أن يع دل إلى ترجمت ه ،ف إن عج ز ،أتى بترجمت ه.
والصالة على النبي (ص) ،وعلى اآلل ،إذا أوجبناها ،كالتشهد .وأما ما ع دا
الواجب ات من االلف اظ المش روعة في الص الة ،إذا عجز عنها بالعربي ة،
فقسمان .دعاء ،وغيره .فأما الدعاء المأثور ،ففيه ثالثة أوجه .أصحها :تجوز
الترجمة عنه لمن ال يحسن العربي ة ،وال يج وز لمن يحس نها ،ف إن ت رجم،
بطلت صالته .والثاني :يجوز لمن أحسنها ،ولغيره .والثالث :ال يج وز لواحد
منهم ا .وال يج وز أن يخ ترع دع وة بالعجمية ي دعو بها قطع ا .وأما س ائر
االذك ار ،كالتش هد االول ،والقن وت ،وتكب يرات االنتق االت ،والتس بيحات،
فأوجه .أحدها :يجوز أن يأتي بترجمتها العاجز .والثاني :ال يج وز .والث الث:
يترجم لما يجبر بالسجود ،دون غيره .قلت :االصح :الج واز للع اجز ،ومنعه
في القادر .ثم إذا قام من التشهد االول ،قام مك برا .وهل يم ده ؟ فيه الق والن
السابقان في فصل الركوع .ثم ق ال جمه ور أص حابنا :ال يرفع يديه في ه ذا
القيام .ولنا وجه :أنه يستحب رفع اليدين
] [ 372
فيه ،كما يستحب في الركوع ،والرفع منه .وحكاه صاحب (المهذب) وغ يره
عن أبي بكر بن المن ذر ( ،)1وأبي علي الط بري .وه ذا الوج ه ،هو
الصحيح ،أو الصواب .فقد ثبت ذلك في صحيح البخاري) ( )2وغ يره ،عن
رس ول هللا (ص) ونص عليه الش افعي رحمه هللا .وقد أطنبت في إيض احه
في شرح (المه ذب) ( .)3واعلم أن في الص الة الرباعي ة ،اثن تين وعش رين
تكبيرة .وفي الثالثي ة ،س بع عش رة .وفي الثنائي ة ،إح دى عش رة .وهللا أعلم.
فصل في السالم ( :)4قد تقدم أنه ركن .وأقله :السالم عليكم .ولو قال :س الم
علكم ،بالتنوين ،أج زأه على االص ح .قلت :االصح عند الجمه ور :ال يجزئه
وهو المنص وص .وهللا أعلم .ولو ق ال :عليكم الس الم ،أج زأه على الم ذهب.
وال يج زئ :س الم علي ك ،وال :س المي عليكم ،وال :س الم هللا عليكم ،وال:
سالم عليهم .وإن قال شيئا من ذلك متعمدا ،بطلت صالته .إال قول ه :الس الم
عليهم .النه دعاء لغائب .وهل يجب أن ينوي بسالمه الخروج من الصالة ؟
وجهان .أصحهما :ال يجب ( .)5فإن قلن ا :يجب ،لم يجب تع يين الص الة في
نية الخ روج ،ولو عين غ ير ما هو فيه عم دا ،بطلت ص الته ،وإن ك ان
سهوا ،سجد للسهو ،وسلم ثانيا .وإذا قلنا :ال
] [ 373
تجب نية الخ روج ،ال يضر الخطأ في التع يين .وإذا قلن ا :يجب ،فيجب أن
ين وي مقترنا بالتس ليمة االولى ،ف إن ق دمها على الس الم ،أو س لم بال ني ة،
بطلت صالته .ولو نوى قبل السالم الخروج عنده ،لم تبطل ص الته ،لكن ال
يكفيه ،بل تجب النية مع الس الم .ويجب على المص لي ،أن يوقع الس الم في
حالة القع ود .أما أكمل الس الم ،ف أن يق ول :الس الم عليكم ورحمة هللا .ويسن
تسليمه ثانية ،على المشهور ( .)1وفي قول ق ديم :ال يزيد على واح دة .وفي
قول قديم آخر :يسلم غير االم ام واح دة .وك ذا االم ام إن قل الق وم .وال لغط
عندهم ،وإال ،فتسليمتين .فإذا قلنا :يسلم واحدة ،جعلها تلقاء وجهه .وإن قلن ا:
تسليمتين ،فاحداهما عن يمينه ،واالخرى عن يساره .ويبتدئ بالسالم مستقبل
القبلة ،ثم يلتفت بحيث ينقضي ( )2الس الم مع تم ام االلتف ات ،ويلتفت ح تى
ي رى من كل ج انب خ ده الواح د ،على الص حيح .وقي ل :خ داه .ويس تحب
لالمام ،أن ينوي بالتسليمة االولى ،السالم على من على يمينه من المالئك ة،
ومسلمي الجن ،واالنس .وبالثانية ،من على يساره منهم .وينوي المأموم مثل
ذلك .ويختص بشئ آخر ،وهو أنه إن كان عن يمين االمام ،ن وى بالتس ليمة
الثاني ة ،ال رد على االم ام ،وإن ك ان عن يس اره ينويه ب االولى .وإن ك ان
محاذيا ل ه ،ن واه بأيتهما ش اء ،وب االولى أفض ل .ويس تحب أن ين وي بعض
الم أمومين ،ال رد على بعض .وأما المنف رد ،فين وي بهما الس الم ،على من
على جانبيه من المالئك ة ،ويس تحب لكل منهم ،أن ين وي بالتس ليمة االولى،
الخروج من الصالة ،إذا لم نوجبها .قلت :السنة :أن يكثر من ذكر هللا تع الى
عقب الص الة ،وقد ج اءت في بي ان ما يس تحب من ال ذكر ،أح اديث كث يرة
صحيحة ( .)3أوضحتها في كتاب (االذكار)
] [ 374
ويسن الدعاء بعد السالم سرا ( ،)1إال أن يكون إماما يريد تعليم الحاضرين
الدعاء ،فيجهر .قال أصحابنا ويستحب إذا أراد أن يتنفل عقب الفريضة ،أن
ينتقل إلى بيته ،فإن لم يكن ،فإلى موضع آخر ( .)2ويستحب إذا كان يصلي
وراءه نس اء ،أن يمكث في مص اله ح تى ينص رفن .وإذا أراد االنص راف،
فإن كان له حاجة عن يمينه ،أو عن يساره ،انصرف إلى جهة حاجته ،وإن
لم يكن حاج ة ،فجهة اليمين أفض ل .وإذا س لم االم ام التس ليمة االولى ،فقد
انقطعت متابعة الم أموم ،وهو بالخي ار ،إن ش اء س لم في الح ال ،وإن ش اء
اس تدام الجل وس للتع وذ ،وال دعاء ،وأط ال ذل ك .ولو اقتصر االم ام على
تسليمة ،استحب للمأموم تسليمتان .ويستحب للمصلي ،الخش وع في ص الته،
وأن ي ديم نظ ره إلى موضع س جوده ( .)3ق ال بعض أص حابنا :يك ره له
تغميض عينيه .والمختار :أنه ال يكره إن لم يخف ضررا .وينبغي أن ي دخل
.فيها بنشاط ،وفراغ قلبه من الشواغل .وهللا أعلم
] [ 375
فص ل :من فاتته ص الة فريض ة ،وجب قض اؤها ،وينبغي أن يقض يها على
الفور ،فإن أخرها ،ففيه كالم نذكره في الحج ،إن شاء هللا تعالى .ف إن قضى
فائتة الليل بالليل ،جه ر ،وإن قضى فائتة النه ار بالنه ار ،أس ر ،وإن قضى
فائتة النه ار ليال ،أو عكس ،فاالعتب ار ب وقت القض اء على االص ح .وعلى
الث اني ،ب وقت الف وائت .قلت :ص الة الص بح ،وإن ك انت نهاري ة ،فهي في
القضاء جهرية ،ولوقتها ،حكم الليل ( )1في الجهر ،وإطالقهم محم ول على
ه ذا .وهللا أعلم .ويس تحب في قض اء الص لوات ،ال ترتيب .وال يجب في
قضائها ،وال بين فريضة الوقت ،والمقضية .ف إن دخل وقت فريضة وت ذكر
فائتة ،فإن اتسع وقت الحاضرة ،استحب البداءة بالفائت ة ،وإن ض اق ،وجب
تقديم الحاضرة .ولو ت ذكر الفائتة بعد ش روعه في الحاض رة ،أتمه ا ،ض اق
الوقت ،أم اتسع ،ثم يقضي الفائتة .ويستحب أن يعيد الحاض رة بع دها .قلت:
ولو شرع في الفائتة معتقدا أن في ال وقت س عة ،فب ان ض يقه ،وجب قطعها
والشروع في الحاضرة على الصحيح ،وعلى الشاذ :يجب إتمام الفائتة .ولو
] [ 376
تذكر فائتة وهناك جماعة يصلون في الحاضرة ،والوقت متسع ،فاالولى أن
يصلي الفائتة أوال منفردا ،الن الترتيب مختلف في وجوب ه ،والقض اء خلف
االداء مختلف في جوازه ،فاستحب الخ روج من الخالف .ولو فاته ص لوات
ال يع رف ق درها ،ويعلم أنها ال تنقص عن عشر ص لوات ،وال تزيد على
عشرين ،فوجه ان .أح دهما :يلزمه العش ر .وأص حهما :العش رون .واعلم أن
الصالة تشتمل على ف رائض ،وس نن ،كما س بق .ولها ش روط س يأتي بيانها
في بابها ،إن شاء هللا تع الى .ق ال ص احب (الته ذيب) :ش روط الص الة قبل
الشروع فيها ،خمسة :الطهارة عن الحدث والنجس ،وستر العورة ،واستقبال
القبلة ،والعلم بدخول الوقت يقينا أو ظنا ،باالجتهاد ونح وه .والخ امس :العلم
بفرضية الصالة ومعرفة أعمالها .قال :فإن جهل فرض ية أصل الص الة ،أو
علم أن بعض الص لوات فريض ة ،لكن لم يعلم فرض ية الص الة ال تي ش رع
فيه ا ،لم تصح ص الته .وك ذا إذا لم يع رف فرض ية الوض وء .أما إذا علم
فرضية الصالة ،ولم يعلم أركانه ا ،فله ثالثة أح وال .أح دها :أن يعتقد جميع
أفعالها س نة .والث اني :أن يعتقد بعض ها فرض ا ،وبعض ها س نة ،وال يع رف
تمييزه ا ،فال تصح ص الته قطع ا .ص رح به القاضي حس ين ،وص احب
(التتمة) و (التهذيب) .الثالث :أن يعتقد جميع أفعالها فرضا ،فوجهان حكاهما
القاضي حسين ،وص احب (الته ذيب) أح دهما :ال تصح ص الته ،النه ت رك
معرفة ذلك ،وهي واجبة وأصحهما :تص ح .وبه قطع ص احب (التتم ة) النه
ليس فيه أك ثر من أنه أدى س نة باعتق اد الف رض ،وذلك ال ي ؤثر .ق ال في
(التهذيب) :فإن لم نص حح ص الته ،ففي ص حة وض وئه في ه ذه الص ورة،
وجهان .هك ذا ذك روا ه ذه المس ائل ،ولم يفرق وا بين الع امي وغ يره .وق ال
الغ زالي في (الفت اوى) :الع امي ال ذي ال يم يز ف رائض ص الته من س ننها،
تصح صالته بشرط أن ال يقصد التنفل بما هو فرض .ف إن ن وى التنفل ب ه،
لم يعتد به ،فإذا غفل عن التفصيل ،فنية الجملة في االبتداء كافي ة .ه ذا كالم
الغ زالي ،وهو الظ اهر ال ذي يقتض يه ظ واهر أح وال الص حابة رضي هللا
عنهم ،فمن بع دهم .ولم ينقل عن الن بي (ص) أنه أل زم االع راب ذل ك ،وال
.أمر بإعادة صالة من ال يعلم هذا .وهللا أعلم
] [ 377
الباب الخامس في شروط ( )1الصالة والمنهي عنه فيها وشروطها ثمانية (
.)2أحدها :استقبال القبل ة .والث اني :العلم ب دخول ال وقت أو ظن ه .وقد تق دم
ذكرهما في بابيهما .الثالث :طهارة الحدث .وتقدم في كت اب (الطه ارة) بي ان
حصولها .فلو لم يكن متطهرا عند إحرامه لم تنعقد صالته ،عام دا ك ان ،أو
ساهيا .وإن أحرم متطه را ،ثم أح دث باختي اره ،بطلت ص الته ،عم دا ك ان
حدثه ،أو سهوا ،علم بالصالة ،أم نسيها .وإن أحدث بغير اختياره ،بأن سبقه
الح دث ،بطلت طهاراته بال خالف ( ،)3وبطلت ص الته أيضا على
المشهور الجديد ،وال تبطل على القديم ،سواء كان الحدث أصغر ،أو أك بر،
بل يتطه ر ،ويب ني على ص الته .ف إن ك ان حدثه في الرك وع مثال ،فق ال
الص يدالني :يجب أن يع ود إلى الرك وع .وق ال إم ام الح رمين :إن لم يكن
اطمأن ،وجب العود إلى الرك وع .وإن ك ان اطم أن ،فالظ اهر :أنه ال يع ود
إليه .ثم إذا ذهب من سبقه الحدث ليتوضأ ويبني ،لزمه أن يسعى في تقريب
الزمان ،وتقليل االفعال بحسب االمك ان ،وليس له بعد تطه ره أن يع ود إلى
الموضع الذي كان فيه ،إن قدر على الص الة في أق رب من ه ،إال أن يك ون
إماما لم يس تخلف ،أو مأموما يقصد فض يلة الجماع ة ،فلهما الع ود .وما ال
يستغنى عنه من الذهاب إلى الماء واستقائه ونحوه ،فال بأس به .وال يشترط
فيه العدو ،والبدار الخارج عن االقتصاد .ويشترط أن ال يتكلم إال إذا احت اج
إليه في تحصيل الماء ،ولو أخرج تمام الحدث االول متعمدا ،لم يمنع البن اء
على المنصوص في
] [ 378
القديم ،وبه قطع الجمهور .وقال إمام الحرمين ،والغزالي :يمنع ،ولو أح دث
ح دثا آخ ر ،ففي منعه البن اء ،وجه ان .ه ذا كله تفريع الق ديم ،ه ذا كله في
ص احب (طه ارة الرفاهي ة) .أما المستحاضة ومن في معناه ا ،فال يضر
حدثها المقارن وال الحادث على تفصيله السابق .فرع :ما س وى الح دث من
االسباب المناقضة للصالة ،إذا طرأ فيها ،أبطلها قطعا إن كان باختي اره ،أو
بغير اختياره ،إذا نسب فيه إلى تقصير ،كمن مسح خف ه ،فانقضت مدته في
الص الة ،أو دخل فيها وهو ي دافع الح دث ،ويعلم أنه ال يق در على التماسك
إلى فراغها .ولو تخرق خف الماسح ،فاالصح :أنه على قولي سبق الح دث.
وقي ل :تبطل قطع ا .أما إذا ط رأ من اقض ،ال باختي اره ،وال بتقص يرة ،ف إن
أزاله في الحال ،كمن انكش فت عورت ه ،فس ترها في الح ال ،أو وقعت عليه
نجاسة يابس ة ،فنفض ها في الح ال ،أو ألقى الث وب ال ذي وقعت عليه في
الح ال ،فص الته ص حيحة .وإن نحاها بي ده ،أو كم ه ،بطلت ص الته .وإن
احتاج في إزالته إلى زمن ،بأن ينجس ثوبه ،أو بدنه نجاسة يجب غسلها .أو
أبع دت ال ريح ثوب ه ،فعلى ق ولي س بق الح دث .ولو خ رج من جرحه دم
متدفق ،ولم يلوث بشرته ،لم تبطل ص الته .الش رط الراب ع :طه ارة النجس.
النجاسة قسمان .واقعة في مظنة العفو ،وغيره ا .أما الواقعة في غ ير مظنة
العفو ،فيجب االحتراز منها في الثوب ،والب دن ،والمك ان ( .)1ف إن أص اب
ثوبه نجاسة وع رف موض عها ،فطريق إزالته ا ،الغسل كما س بق .فلو قطع
موضعها ،أجزأه .ويلزمه ذلك إذا تعذر الغسل ،وأمكن ستر العورة بالظ اهر
منه ،ولم ينقص من قيمته بالقطع أكثر من أجرة الث وب .ف إن ( )2لم يع رف
موضع النجاسة من البدن ،أو الثوب ،واحتمل وجودها في كل ج زء ،وجب
غسل
] [ 379
الجمي ع ،وال يجزئه التح ري .فلو شق الث وب نص فين ،لم يج زئ التح ري
فيهما .ولو أصاب شئ رطب طرفا من ه ذا الث وب ،لم ينجس ال رطب ،النا
ال نتيقن نجاسة موضع االصابة .ولو غسل إحدى نصفيه في ح ال اتص اله،
ثم غسل النصف اآلخر ،فهو كما لو تيقن نجاسة الجميع ،وغسله هكذا .وفيه
وجهان .أحدهما :ال يطهر حتى يغسل النصفين دفعة واح دة .وأص حهما :أنه
إن غسل مع النصف الثاني القدر الذي يج اوره من االول ،طهر الك ل .وإن
اقتصر على النصفين ،فقد طهر الطرفان ،وبقي المنتصف نجسا في صورة
اليقين ،ومجتنبا في الص ورة االولى .ولو نجس أحد موض عين منحص رين،
أو مواض ع ،وأش كل عليه كأحد كمي ه ،ف أدى اجته اده إلى نجاسة أح دهما،
فغسله ،وصلى فيه ،لم تصح صالته عل االص ح .فلو فصل أحد الكمين عن
الثوب ،صارا ك الثوبين .ف إن غسل ما ظنه نجس ا ،وص لى في ه ،ج از .وإن
صلى فيما ظنه طاهرا ،جاز .ويجري الوجهان فيما إذا نجست إح دى يدي ه،
أو أحد أصابعه ،وغسل ما ظن نجاسته ،وصلى .وفيما لو اجتهد في ث وبين،
وغسل النجس ،وصلى فيهما معا .لكن االصح هنا ،الجواز .بخالف الكمين،
لض عف أثر االجته اد في الث وب الواح د .ولو غسل أحد الكمين باالجته اد،
وفصله عن الثوب ،فجواز الص الة فيما لم يغس له ،على الخالف .ولو غسل
أحد الثوبين باالجتهاد ،جازت الصالة في كل واحد منهما وح ده بال خالف.
ولو اشتبه ثوبان ،أو أثواب بعضها طاهر ،وبعضها نجس ،اجتهد كما س بق
في االواني .ف إن لم يظهر له ش ئ ،وأمكنه غسل واحد ليص لي في ه ،لزمه
ذل ك ،وإال فهو كمن لم يجد إال ثوبا نجس ا .ون ذكره في الش رط الخ امس إن
شاء هللا تعالى .قلت :ولنا وج ه ،أن يص لي الص الة تلك في كل ث وب م رة.
والصحيح المعروف :أنه يترك الثياب ،ويصلي عريانا .وتجب االع ادة وهللا
أعلم .ولو ظن طه ارة أحد الث وبين ،وص لى في ه ،ثم تغ ير اجته اده ،عمل
بمقتضى االجتهاد الثاني على االصح ،كالقبلة .قلت :وال يجب إع ادة واح دة
من الصالتين -وك ذا لو ك ثرت الثي اب ،والص لوات -باالجته اد المختل ف،
كما قلنا في القبل ة .ولو تلف أحد الث وبين المش تبهين قبل االجته اد ،لم يصل
.في اآلخر على االصح .وهللا أعلم
] [ 380
فرع :ما لبسه المصلي ،يجب أن يك ون ط اهرا ،وأن ال يالقي ش يئا نجس ا،
سواء تح رك بحركته في قيامه وقع وده ،أو لم يتح رك بعض أطرافه كذنابة
العمام ة .فلو أص اب ط رف العمامة ال ذي ال يتح رك أرضا نجس ة ،بطلت
ص الته .ولو قبض ط رف حب ل ،أو ث وب ،أو ش ده في ي ده ،أو رجل ه ،أو
وس طه ،وطرفه اآلخر نجس ،أو متصل بالنجاس ة ،فثالثة أوج ه .أص حها:
تبطل صالته .والثاني :ال تبطل .والثالث :إن كان الط رف نجس ا ،أو متصال
بعين النجاس ة ،ب أن ك ان في عنق كلب ،بطلت .وإن ك ان متصال بط اهر،
وذلك الطاهر متصال بنجاسة ،بأن شد في ساجور ( ،)1أو خرقة ،وهما في
عنق كلب ،أو ش ده في عنق حم ار عليه حمل نجس ،لم تبط ل .واالوجه
جارية ،سواء تح رك الط رف بحركت ه ،أم ال ،ك ذا قاله الجمه ور .وقطع به
إم ام الح رمين ،والغ زالي ،ومن تابعهما ب البطالن إذا تح رك ،وخص وا
الخالف ،بما ال يتح رك .وقطع البغ وي ب البطالن في ص ورة الش د ،وخص
الخالف بصورة القبض باليد .وقال أكثر االصحاب :إن كان الكلب ص غيرا،
أو ميتا ،وطرف الحبل مشدود به ،بطلت الصالة قطعا .وإن كان كبيرا حيا،
بطلت على االص ح .وإن ك ان الحبل مش دودا في موضع ط اهر من س فينة
فيها نجاسة ،فإن كانت صغيرة تنجر بجره ،فهي كالكلب .وإن كانت كب يرة.
لم تبطل على الص حيح .كما لو شد في ب اب دار فيها نجاس ة ،واتفقت
الطوائف على أنه لو جعل رأس الحبل تحت رجل ه ،ص حت ص الته في
جميع الصور .فرع :من انكسر عظمه ،فج بره بعظم ط اهر ،فال ب أس (.)2
وإن ج بره بعظم نجس ،نظ ر ،إن ك ان محتاجا إلى الج بر ولم يجد عظما
طاهرا يقوم مقامه ( ،)3فهو معذور ( ،)4وليس عليه نزع ه .وإن لم يحتج
إليه ،أو وجد طاهرا يقوم مقام ه ،وجب نزعه إن لم يخف الهالك ،وال تلف
عضو ،وال ش يئا من المح ذورات الم ذكورة في ب اب ال تيمم .ف إن لم يفع ل،
أجبره السلطان ،وال تصح صالته معه .وال مباالة
] [ 381
ب االلم ال ذي يج ده ،وال يخ اف من ه .وال ف رق بين أن يكتسي اللحم ،أو ال
يكتسيه .ومال إمام الح رمين ،إلى أنه إذا اكتسى اللحم ،لم يجب ال نزع ،وإن
كان ال يخاف الهالك ،وهو مذهب أبي حنيفة ،ووجه شاذ لنا .وإن خاف من
ال نزع الهالك ،أو ما في معن اه ،لم يجب ال نزع على الص حيح .وإذا أوجبنا
النزع ،فمات قبله ،لم ينزع على الصحيح المنصوص ،سواء استتر ب اللحم،
أم ال .وقي ل :إن اس تتر ،لم ي نزع قطع ا .وعلى الش اذ :يجب ال نزع .وقي ل:
يس تحب .وم داواة الج رح بال دواء النجس ،وخياطته بخيط نجس ،كالوصل
بعظم نجس ،فيجب النزع حيث يجب نزع العظم .وك ذا لو شق موض عا من
بدنه ،وجعل فيه دما .وك ذا لو وشم ( )1ي ده بالعظ ام ( ،)2أو غيره ا ،فانه
ينجس عند الغرز .وفي تعليق الفراء ( ،)3أنه يزال الوشم ب العالج .ف إن لم
يمكن إال بالجرح ،ال يجرح ،وال إثم عليه بعد التوبة .والوادي) ( )4وص لى
خارجه .وهللا أعلم .فرع :وصل المرأة شعرها بشعر نجس ،أو بش عر آدمي،
حرام قطعا ،النه يحرم االنتفاع بشئ منه ،لكرامته ،بل يدفن شعره ،وغيره.
وسواء في هذين ،المزوجة ،وغيرها .وأما الشعر الطاهر لغير اآلدمي ،ف إن
لم تكن ذات زوج ،وال سيد ،ح رم الوصل به على الص حيح .وعلى الث اني:
يكره ( .)4وإن كانت ذات زوج .أو سيد ،فثالثة أوجه .أص حها :إن وص لت
بإذنه ،جاز ،وإال ح رم ( .)5والث اني :يح رم مطلق ا .والث الث :ال يح رم ،وال
،يكره مطلقا .وأما تحمير الوجنة
] [ 382
فإن كانت خلية من الزوج ،أو الس يد ،أو ك ان أح دهما ،وفعلته بغ ير إذن ه،
فهو حرام ،وإن كان باذنه ،فجائز على الم ذهب .وقي ل :وجه ان ،كالوص ل.
وأما الخض اب بالس واد ،وتطريف االص ابع ،ف ألحقوه ب التحمير .ق ال إم ام
الح رمين :ويق رب منه تجعيد الش عر ،وال ب أس بتص فيف الط رر ،وتس وية
االص داغ .وأطلق االص حاب الق ول باس تحباب الخض اب بالحن اء لها بكل
ح ال .وينبغي أن تك ون ه ذه االم ور ،على تفص يل ن ذكره في (فصل س نن
االحرام) إن شاء هللا تعالى .وأما الوشم ،فحرام مطلق ا .والوش ر :وهو تحديد
طرف االسنان وترقيقها ،كالوصل بشعر ط اهر ( .)1ف رع :يجب أن يك ون
ما يالقي بدن المصلي ،وثوبه ،وتحته ،وفوق ه ،وجوانب ه ،ط اهرا .فلو وقف
بحيث يمسه في ص الته ج دار ،أو س قف نجس ،بطلت ص الته .ولو ص لى
على بساط تحته نجاسة ،أو على ط رف منه نجاس ة ،أو على س رير قوائمه
على نجاسة ،لم يضر ،سواء تحرك ذلك الموضع بحركت ه ،أم ال .ولو نجس
أحد البيتين ،واشتبه ،تحرى ،كالثوبين .وإن اشتبه مكان من بيت ،أو بس اط،
لم يجز التح ري على االص ح .وعلى الث اني :يج وز ،كما لو اش تبه ذلك في
الص حراء .ولو ك ان ما يالقي بدنه وثيابه ط اهرا ،وما يح اذي ص دره ،أو
بطنه ،أو شيئا من بدنه في سجوده ،أو غ يره ،نجس ا ،ص حت ص الته على
االص ح .ولو بسط على النجاسة ثوبا مهلهل النس ج ،وص لى علي ه ،ف إن
حصلت مماسة النجاسة من الفرج ،بطلت صالته .وإن لم تحصل ،وحصلت
المحاذاة ،فعلى الوجهين .فرع في م واطن ورد الش رع ب النهي عن الص الة
فيها :أح دها :المزبلة ( ،)2والمج زرة ( .)3والنهي فيهما لنجاسة الموض ع.
فلو ف رش ثوب ا ،أو بس اطا ط اهرا ،ص حت ص الته ،ولكن تك ره بس بب
النجاسة تحت ه .الث اني :قارعة الطري ق ،للنهي عنها معني ان .أح دهما :غلبة
النجاسة ،والثاني :اشتغال القلب بسب مرور الناس .فإن قلنا ب المعنى االول:
جرى النهي
] [ 383
في جواد الطرق في البراري .وإن قلنا بالثاني :فال .وفي ص حة الص الة في
الشوارع مع غلبة النجاسة ،القوالن المتق دمان في ب اب االجته اد ،لتع ارض
االصل ،والظاهر .فإن صححناها ،فالنهي للتنزي ه ،وإال ،فللتح ريم .فلو بسط
شيئا طاهرا ،ص حت الص الة قطع ا ،وتبقى الكراهة لش غل القلب .والث الث:
بطن الوادي .والنهي عنه للخوف السالب للخشوع ،بسبب س يل يتوق ع .ف إن
لم يتوقع س يل ،فيحتمل أن يق ال :ال كراه ة ،ويحتمل الكراهة لمطلق النهي.
قلت :اتبع االم ام ال رافعي الغ زالي ،وإم ام الح رمين ،في إثب ات النهي عن
الص الة في بط ون االودية مطلق ا ،ولم يجئ في ه ذا نهي أص ال .والح ديث
الذي جاء فيه ذكر المواطن الس بعة ( ،)1ليس فيه ال وادي ،بل فيه المق برة
ب دال من ه .ولم يصب من ذكر ال وادي ( ،)2وح ذف المق برة .والح ديث من
أصله ضعيف ،ضعفه الترم ذي وغ يره .وإنما الص واب ،ما ذك ره الش افعي
رحمه هللا ،فإنه يكره ( )3الصالة في واد خاص .هو الذي نام (في ه) رس ول
هللا (ص) ومن معه عن الص بح ح تى ف اتت .وق ال( :اخرج وا بنا من ه ذا
الوادي ( )،)4وصلى خارجه .وهللا أعلم .الرابع :الحم ام .قي ل :س بب النهي،
كثرة النجاسة ،والوسخ .وقيل :النه م أوى الش يطان .وفي المس لخ ،وجه ان.
إن قلنا بالسبب االول ،لم يكره ،وإال كره ،وهو االصح .وتصح الصالة بكل
.حال ،في المسلخ ،والحمام إذا حكم بطهارته
] [ 384
الخامس :ظهر الكعبة وس بق تفص يله في ب اب االس تقبال .الس ادس :أعط ان
االبل .وفسره الشافعي رحمه هللا ،بالمواضع التي تنحى إليها االبل الش اربة،
ليشرب غيرها .فإذا اجتمعت ،سيقت ،فتكره الص الة في أعط ان االب ل ،وال
تك ره في م راح الغنم ،وه و :مأواها ليال .وقد يتص ور في الغنم مثل عطن
االب ل .وحكمه حكم مراحه ا .وحكم م أوى االبل ليال ،حكم عطنه ا .لكن
الكراهية في العطن ،أش د .وم تى ص لى في العطن ،أو الم راح ،ونجس
بالبول ،أو البع ر ،أو غيرهم ا ،لم تصح ص الته ،وإال ص حت مع افتراقهما
في الكراهة .السابع :المقبرة .وتكره الصالة فيها بكل حال .ثم إن كانت غ ير
منبوشة ،أو بسط عليها طاهرا ،صحت صالته .وإن علم أن موضع ص الته
منبوش ،لم تصح .وإن شك في نبشه ،صحت على االظه ر .ويك ره اس تقبال
الق بر في الص الة ( .)1القسم الث اني :النجاسة الواقعة في مظنة العف و .وهو
أضرب .االول :االثر الباقي على محل االستنجاء بعد الحجر ،يعفى عنه مع
نجاس ته .فلو القى م اء قليال ،نجس ه .ولو حمله مصل بطلت ص الته على
االص ح .ويج ري الوجه ان فيما إذا حمل من على ثوبه نجاسة معفو عنها (
.)2ويقرب منه ا ،الوجه ان فيما لو ع رق ،وتل وث بمحل النجو غ يره .لكن
االصح هن ا ،العف و ،لعسر االح تراز ( .)3بخالف حمل غ يره .ولو حمل
حيوانا ال نجاسة عليه ،صحت صالته .وإن تنجس منفذه بالخارج ،فوجهان.
االصح عند إم ام الح رمين ،المقط وع به في (التتم ة) :ال تصح ص الته.
واالصح عند الغزالي :صحتها .قلت :االول :أص ح .وهللا أعلم .ولو وقع ه ذا
الحيوان في ماء قليل ،أو مائع آخر ،وخرج حيا ،لم ينجسه على
] [ 385
االصح ،للمشقة في صيانة الماء والمائع .ولو حمل بيضة صار حشوها دما
،وظاهرها طاهر ،أو حمل عنق ودا اس تحال ب اطن حباته خم را ،وال رشح
على ظاهره ا ،لم تصح ص الته على االص ح .ويج ري الوجه ان في كل
استتار خلقي .ولو حمل قارورة مصممة الرأس برص اص ،أو نح وه ،وفيها
نجاسة ،لم تصح صالته على الصحيح .ولو صممها بخرق ة ،بطلت ص الته
قطعا .ولو صممها بشمع ،قي ل :إنه كالرص اص .وقي ل :كالخرق ة .ولو حمل
حيوانا م ذبوحا بعد غسل ال دم وغ يره من موضع ال ذبح وغ يره ،لم تصح
قطعا ( .)1الضرب الثاني :طين الشوارع .فتارة يعلم نجاسته ،وتارة يظنه ا،
وتارة ال قطعا يعلمها ،وال يظنها .فالثالث :ال يضر .والمظنون في ه ،الق والن
الس ابقان في ب اب االجته اد .والنجس ،يعفى قليل ه ،دون كث يره .والقلي ل :ما
يتعذر االحتراز منه .والرجوع فيه إلى الع ادة .ويختلف ب الوقت ،وبموض عه
في ( )2الب دن .وذكر االئمة له تقريب ا ،فق الوا :القلي ل ،ما ال ينسب ص احبه
إلى س قطة ،أو كب وة ،أو قلة تحف ظ .ف إن نس ب ،فكث يرة .ولو أص اب أس فل
الخف ،أو النعل نجاسة ،فدلكه ب االرض ح تى ذهبت أجزاؤه ا ،ففي ص حة
صالته فيه قوالن .الجديد االظه ر :ال يصح مطلق ا .والق ديم :يصح بش روط.
أحدها :أن يكون للنجاسة جرم يلتصق ب ه .أما الب ول ونح وه ،فال يكفي دلكه
بح ال .والث اني :أن يدلكه في ح ال الجف اف ،وما دام رطبا ال يكفي ال دلك
قطعا ،والثالث :أن يكون حص ول النجاسة بالمشي من غ ير تعم د .فلو تعمد
تلطيخ الخف بها ،وجب الغسل قطع ا .والق والن جاري ان فيما أص اب أس فل
الخف وأطرافه من طين الشوارع -المتيقن النجاسة -الكث ير ال ذي ال يعفى
عنه وسائر النجاسة الغالبة في الطرق ،كالروث ،وغ يره .الض رب الث الث:
دم البراغيث ( .)3يعفى عن قليله في الثوب ،والب دن .وفي كث يره ،وجه ان.
،أصحهما :العفو ( .)4ويجري الوجهان ،في دم القمل
] [ 386
والبعوض ،وما أشبه ذلك ،وفي ونيم الذباب ،وبول الخف اش .ولو ك ان قليال
فع رق ،وانتشر اللطخ بس ببه ،فعلى ال وجهين .وفي ض بط القلي ل ،والكث ير،
خالف .ففي ق ول ق ديم :القلي ل :ق در دين ار .وفي ق ديم آخ ر :ما دون الك ف.
وعلى الجدي د ،وجه ان .أح دهما :الكث ير :ما يظهر للن اظر من غ ير تأمل
وإمعان طلب .والقليل ،دونه .وأصحهما :الرجوع إلى العادة ،فما يقع التلطخ
به غالبا ،ويعسر االحتراز عنه ،فقليل .فعلى االول :ال يختلف ذلك باختالف
االوقات ،والبالد .وعلى الثاني :وجهان .أحدهما :يعتبر الوسط المعت دل ،وال
يعتبر من االوقات ،والبالد ما يندر ذلك فيه ،أو يتفاحش .وأصحهما :يختلف
باختالف االوقات والبالد ويجتهد المص لي هل هو قليل أم كث ير ؟ ف إن شك
ففيه احتماالن المام الحرمين .أرجحهما ،وهو ال ذي قطع به الغ زالي :أن له
حكم القلي ل ،والث اني :له حكم الكث ير .الض رب الراب ع :دم الب ثرات (،)1
.وقيحها ،وصديدها ( ،)2كدم البراغيث
] [ 387
فيعفى عن قليله قطعا ،وعن كثيره على االصح .ولو عصر بثرة ،فخرج ما
فيها ،عفي عنه على االصح .ولو أصابه دم غ يره ،من آدمي ،أو بهيم ة ،أو
غيرهما ،فإن كان كث يرا فال عف و .وإن ك ان قليال ،فق والن .وقي ل :وجه ان.
أظهرهم ا :العف و .ولو أص ابه شئ من دم نفس ه ،ال من الب ثرات ،بل من
ال دماميل والق روح ،وموضع الفصد والحجام ة ،فوجه ان .أح دهما وه و.
مقتضى كالم االك ثرين :أنه ك دم الب ثرات .والث اني :وهو االولى ،واخت اره
القاضي ابن كج ،والش يخ أبو محم د ،وإم ام الح رمين :أنه ال يلتحق ب دم
الب ثرات .بل إن ك ان مما ي دوم مثلها غالب ا ،فهي ك دم االستحاض ة .وس بق
حكمه في باب الحيض .وإن كان مما ال ي دوم غالب ا ،فهو ك دم االجن بي ،ال
يعفى عن كث يره وفي قليله الخالف .قلت :االص ح :أنه ك دم الب ثرات .وهللا
أعلم .وحكم القيح ،والص ديد ،حكم ال دم في جميع ما ذكرن اه .وأما الق روح،
والنفاطات ف إن ك ان له رائحة كريه ة ،فهو نجس ،وإال فطريق ان .أح دهما:
القطع بالطه ارة .والث اني :على ق ولين .قلت :الم ذهب ،طهارت ه .وهللا أعلم.
الضرب الخامس :إذا صلى وعلى ثوبه ،أو بدن ه ،أو موضع ص الته نجاسة
غ ير معفو عنه ا ،وهو ال ي دري ،ف إن لم يكن علمه ا ،وجبت االع ادة على
االظهر ( .)2وإن علمها ثم نس يها ،وجبت قطع ا .وقي ل :على الق ولين .وإذا
أوجبنا االعادة ،وجبت إع ادة كل ص الة تيقن أنه ص الها مع النجاس ة .وإذا
.احتمل أنها حدثت بعد ما صلى ،فال شئ عليه
] [ 388
الض رب الس ادس :في أن واع متفرق ة ،منه ا :النجاسة ال تي تستص حبها
المستحاضة ،وسلس الب ول .ومنها إذا ك ان على جرحه دم كث ير يخ اف من
إزالته .ومنها ،إذا تلطخ سالحه بالدم في صالة شدة الخ وف .ومنه ا :الش عر
ال ذي ينتف وال يخلو عنه ثوبه وبدن ه ،وحكم ه ،حكم دم ال براغيث .ومنه ا:
القدر الذي ال يدركه الطرف من الب ول ،والخم ر ،وغ ير ال دم .وفيه خالف
تقدم في أول (كتاب الطهارة) .قلت :إذا كان على جرحه دم كث ير زائد على
ما يعفى عن ه ،وخ اف من غس له ،ص لى ب ه ،وجبت االع ادة على الجديد
االظهر ( .)1وهللا أعلم .الشرط الخامس :س تر الع ورة ( .)2ويجب في غ ير
الص الة في غ ير الخل وة ،وفي الخل وة أيضا على االصح ( .)3وهو ش رط
لصحة الصالة في الخلوة ،وغيرها .ف إن تركه مع الق درة ،بطلت .قلت :ولو
صلى في س ترة ،ثم علم بعد الف راغ أنه ك ان فيها خ رق ت بين منه الع ورة،
وجبت إعادة الصالة على المذهب ،سواء ك ان علمه ا ،ثم نس يها ،أم لم يكن
علمها .وهو ش بيه بمن علم النجاسة بعد الف راغ .ولو احتمل ح دوث الخ رق
بعد الس الم ،فال إع ادة قطع ا .ويج وز كشف الع ورة في الخل وة ،في غ ير
.صالة للحاجة .وهللا أعلم
] [ 389
وع ورة الرج ل ،ح را ك ان أو عب دا ( :)1ما بين الس رة والركبة على
الصحيح .وفي وجه :الركبة ،والسرة ،عورة .وفي وجه :الركبة عورة ،دون
الس رة .وفي وجه ش اذ منكر قاله االص طخري :إن ع ورة الرج ل ،القبل
والدبر فقط .قلت :لنا وجه ض عيف مش هور :أن الس رة ع ورة دون الركب ة.
وهللا أعلم .وأما المرأة ،فإن كانت حرة ،فجميع بدنها ع ورة ( ،)2إال الوجه
والكفين .ظهرهما ،وبطنهما ،إلى الكوعين .ولنا ق ول ،وقيل وج ه :أن ب اطن
قدمها ليس بعورة .وق ال الم زني :ليس الق دمان بع ورة .وإن ك انت أم ة ،أو
مكاتبة ،أو مستولدة ،أو مدبرة ،أو بعضها رقيقا ،ففيها ثالثة أوجه .أص حها:
عورتها كعورة الرجل .والثاني :كعورة الحرة ،إال رأسها ،فإنه ليس بعورة،
والث الث :ما ينكشف في ح ال خ دمتها ،وتص رفها ،ك الرأس ،والرقب ة،
والس اعد ،وط رف الس اق ،فليس بع ورة .وما ع داه ع ورة .وأما الخن ثى
المشكل ،فإن كان رقيق ا ،وقلن ا :ع ورة االمة كع ورة الرج ل ،فال يلزمه أن
يستر إال ما بين السرة ،والركبة .وإن كان حرا أو رقيقا ،وقلنا :ع ورة االمة
أك ثر من ع ورة الرج ل ،وجب س تر الزي ادة على ع ورة الرجل أيض ا،
الحتمال االنوثة .فلو خالف ،فلم يستر إال ما بين السرة والركب ة ،فهل تصح
صالته ؟ وجه ان .قلت :أص حهما :ال تص ح .الن الس تر ش رط .وش ككنا في
حصوله .وهللا أعلم .فرع في صفة السترة والستر :ويجب س تر الع ورة ،بما
يحول بين الن اظر ول ون البش رة ،فال يكفي الث وب الرقيق ال ذي يش اهد من
ورائه سواد البش رة وبياض ها ،وال الغليظ المهلهل النسج ال ذي يظهر بعض
الع ورة من فرج ه .ولو س تر الل ون ،ووصف حجم البش رة ،فال ب أس .وال
وقف في ماء صاف ،لم تصح صالته ،إال إذا
] [ 390
غلبت الخضرة لتراكم الماء .فإن انغمس إلى عنق ه ،ومنعت الخض رة رؤية
لون البشرة ،صحت صالته .ولو صلى في ماء كدر ،ص حت على االص ح.
وصورة الصالة في الماء ،أن يتمكن من الركوع والسجود ،أو يص لي على
جنازة .ولو طين عورته ،فاستتر اللون ،أجزأه على الص حيح ال ذي قطع به
الجماهير ،سواء وجد ثوبا أم ال .وعلى هذا ،لو لم يجد ثوبا ونح وه ،وأمكنه
التطين ،وجب على االصح .وأما صفة الستر ،فقال االصحاب :الستر يعت بر
من فوق ،ومن الجوانب ،وال يعتبر من أسفل الذيل واالزار .ح تى لو ص لى
في قميص متسع الذيل ،وكان على طرف س طح ي رى عورته من نظر إليه
من أس فل ،ج از ،ك ذا قاله االص حاب .وتوقف في ص ورة الس طح إم ام
الح رمين ،والشاش ي .ولو ص لى في قميص واسع الجيب ،ت رى عورته من
االعلى في الرك وع ،أو الس جود ،وغيرهما من أح وال الص الة ،لم تصح
ص الته .وطريق ه ،أن ي زر جيب ه ،أو يشد وس طه ،أو يس تر موضع الجيب
بشئ يلقيه على عاتقي ه ،أو نحو ذل ك .وك ذا لو لم يكن واسع الجيب ،لكن
كان على صدر القميص أو ظه ره خ رق يب دو منه الع ورة ،فال بد من شئ
مما ذكرناه .ولو كان الجيب بحيث ترى العورة منه في الركوع ،والس جود،
ولكن يمنع منها لحيته ،أو شعر رأسه ،صحت صالته على االص ح .كما لو
ك ان على إزاره ثقب ،فجمع عليه الث وب بي ده ،فلو س تر الثقب بي ده ،فعلى
الوجهين في اللحية .ولو كان القميص بحيث يظهر منه العورة عند الركوع،
وال يظهر في القي ام ،فهل تنعقد ص الته ؟ ثم إذا رك ع ،تبط ل ،أم ال تنعقد
أصال ؟ فيه ه ذان الوجه ان .وفائ دة الخالف ،فيما لو اقت دى به غ يره قبل
الرك وع ،وفيما لو ألقى ثوبا على عاتقه قبل الرك وع .واعلم أنه يش ترط في
الس اتر ،أن يش مل المس تور ،إما ب اللبس ك الثوب والجل د ،وإما بغ يره،
كالتطين .فأما الفس طاط الض يق ونح وه ،فال ع برة ب ه ،النه ال يعد مش تمال
عليه .ولو وقف في جب ،وصلى على جنازة ،فإن ك ان واسع ال رأس تظهر
منه العورة ،لم تجز .وإن كان ضيق الرأس ،فقال في (التتم ة) ( :)1تج وز.
.ومنهم من قال :ال تجوز
] [ 391
قلت :االص ح :الج واز .ولو حفر في االرض حف رة ،ووقف فيها لص الة
الجنازة ،إذا رد التراب بحيث س تر الع ورة ،ج از ،وإال فك الجب .ولو س تر
بزجاج يرى منه لون البشرة ،لم يصح .وهللا أعلم .فرع :إذا لم يجد المص لي
ما يس تر الع ورة ،ص لى عاريا وتق دم في آخر ب اب (ال تيمم) كيفية ص الته
والقضاء .ولو حضر جمع من العراة ،فلهم أن يصلوا جماعة .ويقف إم امهم
وسطهم ،كجماعة النس اء .وهل يسن للع راة الجماع ة ،أم االصح االولى أن
يصلوا فرادى ؟ ق والن :الق ديم :االنف راد أفض ل .والجدي د :الجماعة أفض ل.
قلت :هك ذا حكى جماعة عن الجدي د .والمخت ار ما حك اه المحقق ون عن
الجديد :أن الجماعة واالنفراد سواء .وصورة المسألة إذا ك انوا بحيث يت أتى
نظر بعض هم إلى بعض ،فلو ك انوا عمي ا ،أو في ظلم ة ،اس تحبت لهم
الجماعة بال خالف .وهللا أعلم .ولو كان فيهم البس أمهم ،ووقفوا خلفه ص فا
واحدا .فإن خالفوا ،فأمهم عار ،واقت دى به الالبس ،ج از .ولو اجتمع رج ال
ونس اء ،لم يص لوا مع ا ،ال في ص ف ،وال في ص فين .بل يص لي الرج ال،
وتكون النساء جالسات خلفهم ،مستدبرات القبل ة .ثم يص لي النس اء ،ويجلس
الرجال خلفهم مس تدبرين .ف رع :إذا وجد المص لي ما يس تر بعض الع ورة،
لزمه ستر الممكن بال خالف .فإن كان الموج ود يكفي الس وأتين ،ب دأ بهم ا،
وال يعدل إلى غيرهما .فإن كان يكفي إحداهما فق ط ،فثالثة أوج ه .الص حيح
المنصوص :أنه يستر القبل ،رجال ك ان أو ام رأة .والث اني :ال دبر .والث الث:
يتخير .قلت :ولنا وجه ذكره القاضي حسين :أن المرأة تستر القب ل ،والرجل
الدبر .وهللا أعلم .أما الخنثى المشكل ،فإن وجد ما يس تر قبليه ودب ره ،س تر.
ف إن لم يجد إال ما يس تر واح دا ،وقلن ا :يس تر القب ل ،س تر أي قبليه ش اء.
،واالولى أن يستر آلة الرجال
] [ 392
إن كان هناك امرأة .وآلة النساء ،إن كان هناك رجل ( .)1ثم ما ذكرن اه من
تقديم السوأتين ،أو إحداهما على الفخذ وغ يره ،ومن تق ديم إح دى الس وأتين
على االخ رى :هل هو على االس تحباب ؟ أم على االش تراط .وجه ان.
أص حهما :الث اني .وهو مقتضى كالم االك ثرين .ف رع :لو ك انت أمة تص لي
مكشوفة الرأس ،فعتقت خالل الصالة ،فإن لم تقدر على الس ترة ،مضت في
صالتها كالعاجز .فإن كانت قادرة على الس ترة ،ولم تش عر بق درتها عليه ا،
أو لم تشعر بالعتق حتى فرغت من الص الة ،ففي وج وب االع ادة ،الق والن
فيمن صلى بالنجاسة جاهال .وقيل :يجب قطع ا .وإن علمت الس ترة والعت ق،
فإن كان الخمار قريبا ،فطرحته على رأس ها ،أو طرحه غيره ا ،مضت في
صالتها .وإن كان بعي دا ،أو احت اجت في الس تر إلى أفع ال كث يرة ،ومضى
مدة في التكشف ،ففيه القوالن في سبق الح دث .ف إن قلنا بالق ديم :إنها تب ني،
فلها الس عي في طلب الس اتر ،كما تس عى في طلب الم اء .وإن وقفت ح تى
أتيت به ،نظر ،إن وصلها في المدة التي ك انت تص له لو س عت ،فال ب أس،
وإن زادت ،فوجهان .االصح :ال يج وز ،وتبطل ص التها .وينبغي أن يط رد
ه ذا الخالف والتفص يل في طلب الم اء عند س بق الح دث ،وإن لم ي ذكروه
هناك .ولو دخل الع اري في الص الة ثم وجد الس ترة في خالله ا ،فحكمه ما
ذكرناه في (االمة) تعتق وهي واجدة للسترة .قلت :إذا ك انت الس ترة قريب ة،
إال أنه ال يمكن تناولها إال باس تدبار القبل ة ،بطلت ص التها إذا لم يناولها
غيرها ،قاله في (الشامل) .ولو قال المته :إن صليت صالة ص حيحة ،ف أنت
ح رة قبله ا ،فص لت كاش فة ال رأس ع اجزة ،ص حت ،وعتقت .أو ق ادرة،
ص حت ،وال عتق لل دور ( .)2وهللا أعلم .ف رع في مس ائل منث ورة :ليس
للعاري أخذ الثوب من مالكه قهرا ( .)3فلو
] [ 393
وهبه له ،لم يلزمه قبوله ( )1على الصحيح .وفي وجه :يلزمه قبوله للص الة
فيه .ثم له رده على الواهب قه را .وفي وج ه :يلزمه قبول ه ،وليس له ال رد.
ولو أعاره ،لزمه قبوله .فإن لم يقبل ،وصلى عاري ا ،لم تصح ص الته .قلت:
ولنا وجه ش اذ :أنه ال يجب قب ول العاري ة .وهللا أعلم .ولو باع ه ،أو أج ره،
فهو كبيع الماء .وقد ذكرناه في التيمم .وإقراض الثوب ،كإقراض الثمن .ولو
احتاج إلى شراء الثوب ،والماء ،ولم يقدر إال على أحدهما ،اش ترى الث وب.
ولو أوصى بثوبه الولى الن اس به في ذلك الموض ع ،ف المرأة أولى من
الخن ثى ،والخن ثى أولى من الرج ل .وإذا لم يجد إال ثوبا نجس ا ،ولم يجد ما
يغسله به ،فق والن .أظهرهم ا :يص لي عاريا بال إع ادة .والث اني :يص لي فيه
وتجب االعادة .ولو لم يجد إال ثوب حري ر ،فاالص ح :أنه يص لي في ه ،النه
يب اح للحاج ة .قلت :ويجب لبسه لس تر الع ورة عن االبص ار بال خالف.
وكذلك يجب لبس الثوب النجس ،للستر عنها .وفي الخلوة ،إذا أوجبنا الس تر
فيه ا .وهللا أعلم .ويس تحب أن يص لي الرجل في أحسن ما يج ده من ثياب ه.
ويتعمم .ويتقمص ،ويرت دي .ف إن اقتصر على ث وبين ،فاالفضل قميص
ورداء ،أو قميص وس راويل .ف إن اقتصر على واح د ،ف القميص أولى .ثم
االزار ،ثم الس راويل ،ثم الث وب الواحد إن ك ان واس عا ،التحف به وخ الف
بين طرفي ه .وإن ك ان ض يقا ،عق ده ف وق س رته ،ويجعل على عاتقه ش يئا.
ويس تحب أن تص لي الم رأة في قميص س ابغ ،وخم ار ،وتتخذ جلبابا كثيفا
فوق ثيابها يتجافى عنه ا ،وال ي بين حجم أعض ائها .قلت :لو لم يجد الع اري
إال ثوبا لغ يره ،ح رم عليه لبس ه ،بل يص لي عاريا وال يعي د .ولو لم يجد
سترة ،ووجد حشيشا يمكنه عمل سترة منه ،لزمه ذلك .ولو كان
] [ 394
محبوسا في موضع نجس ،ومعه ث وب ال يكفي الع ورة ،وس تر النجاس ة،
فقوالن .أظهرهما :يبسطه على النجاسة ،ويصلي عاريا ،وال إعادة .والثاني:
يصلي فيه على النجاسة ،ويعي د .ولو ك ان معه ث وب ،فأتلف ه ،أو خرقه بعد
دخول الوقت لغير حاجة ،عص ى ،ويص لي عاري ا .وفي االع ادة ،الوجه ان
فيمن أراق الماء في الوقت سفها وصلى بالتيمم .ويكره أن يص لي في ث وب
فيه صور ،ويكره أن يصلي الرجل ملثم ا ،والم رأة متنقب ة ،وأن يغطي ف اه
إال أن يتثاءب ،فإن السنة حينئذ ،أن يضع ي ده على فم ه .ويك ره أن يش تمل
الص ماء ،وأن يش تمل اش تمال اليه ود ،فالص ماء :أن يجلل بدنه ب الثوب ،ثم
يرفع طرفيه على عاتقه االيس ر ،واش تمال اليه ود ك ذلك ،إال أنه ال يرفع
طرفيه .وقيل :هما بمع نى .والم راد بهم ا ،الث اني .وهللا أعلم .فص ل :الش رط
الس ادس :الس كوت عن الكالم .للمتكلم في الص الة ،ح االن .أح دهما :بغ ير
عذر .فينظر ،إن نطق بح رف واح د ،لم تبطل ص الته .إال إذا ك ان مفهم ا،
كقول ه( :ق) (ش) فإنه تبط ل .وإن نطق بح رفين ،بطلت .أفهم ،أم ال ،الن
الكالم مفهم ،وغ يره .ولو نطق بح رف ،وم ده بع ده ،فاالص ح :البطالن.
والثاني :ال .والثالث :قاله إم ام الح رمين :إن أتبعه بص وت غفل ال يقع على
ص ورة الم د ،لم تبط ل .وإن أتبعه بحقيقة الم د ،بطلت .وفي التنحنح أوج ه.
أصحها وبه قطع الجمه ور :إن ب ان منه حرف ان ،بطلت ص الته .وإال ،فال.
والثاني ،ال تبطل وإن بان حرفان .وحكي هذا عن نص الش افعي رحمه هللا.
والث الث :إن ك ان فمه مطبق ا ،لم تبط ل ،وإن فتح ه ،وب ان حرف ان ،بطلت،
وإال ،فال .وحيث أبطلن ا ،ف ذلك إذا ك ان بغ ير ع ذر .ف إن ك ان مغلوب ا ،فال
ب أس .ولو تع ذرت الق راءة ،إال ب التنحنح ،تنحنح ،وهو مع ذور ( .)1وإن
أمكنت القراءة ،وتعذر الجه ر ،إال ب التنحنح ،فليس بع ذر على االص ح .ولو
تنحنح االم ام ،وظهر منه حرف ان ،فهل للم أموم أن ي دوم على متابعته ؟
وجهان .أصحهما :نعم .الن االصل بقاء العب ادة ،والظ اهر أنه مع ذور .وأما
،الضحك ،والبكاء ،والنفخ
] [ 395
واالنين ،ف إن ب ان منه حرف ان ،بطلت ،وإال ،فال .وس واء بكى ؟ لل دنيا ،أو
لآلخرة .الحال الثاني :في الكالم بعذر .فمن س بق لس انه إلى الكالم من غ ير
قص د ،أو غلبه الض حك ،أو الس عال ،فب ان منه حرف ان ،أو تكلم ناس يا ،أو
جاهال بتحريم الكالم ،ف إن ك ان ذلك يس يرا ،لم تبطل ص الته ،وإن ك ثرت،
بطلت على االص ح .والرج وع في القلة والك ثرة ،إلى الع رف .والجهل
بتحريم الكالم ،إنما هو عذر في حق قريب العهد باالسالم .ف إن ط ال عه ده
به ،بطلت صالته ،لتقص يره في التعلم .ولو علم تح ريم الكالم ،ولم يعلم أنه
يبطل الص الة ،لم يكن ع ذرا .ولو جهل ك ون التنحنح مبطال ،فهو مع ذور
على االصح ،لخفاء حكمه على العوام .ولو علم أن جنس الكالم محرم ،ولم
يعلم أن ما أتى به محرم ،فهو مع ذور على االص ح .ولو أك ره على الكالم،
فقوالن .أظهرهما :تبطل ،لندوره ،وكما لو أك ره أن يص لي بال وض وء ،أو
قاعدا ،فإنه تجب االعادة قطعا .ولو تكلم لمص لحة الص الة ،ب أن ق ام االم ام
في موضع القعود ،فقال المأموم :اقعد ،بطلت صالته ،وليس هو بعذر ،ف إن
طريقه التسبيح ،ولو أشرف انسان على الهالك ،ف أراد ان ذاره وتنبيه ه ،ولم
يحصل ذلك إال ب الكالم ،وجب الكالم ،وتبطل ص الته على االص ح .ولو
خاطب النبي (ص) في عصره مصليا ،لزمه الجواب بالنطق في الحال ،وال
تبطل صالته ،ولو قال :آه ،من خوف الن ار ،بطلت ص الته على الص حيح.
ف رع :م تى ن اب الرجل المص لي شئ في ص الته ،ب أن رأى أعمى يقع في
بئر ،أو اس تأذنه انس ان في ال دخول ،أو أراد إعالم غ يره أم را ،فالس نة أن
يس بح ،والم رأة تص فق في جميع ذل ك .والتص فيق :أن تض رب بطن كفها
اليمنى ،على ظهر كفها اليسرى .وقيل :تضرب أك ثر أص ابعها اليم نى على
ظهر أصابعها اليسرى .وقيل :تضرب أصبعين على ظهر الك ف .والمع اني
متقارب ة .واالول :أش هر .وينبغي أن ال تض رب بطن كف على بطن ك ف.
ف إن فعلت ذلك على وجه اللعب ،بطلت ص التها ،لمنافات ه .ف رع :الكالم
المبطل عند ع دم الع ذر ،هو ما س وى الق رآن ،وال ذكر ،وال دعاء ،وما في
معناه ا .فلو أتى بشئ من نظم الق رآن قاص دا الق راءة ،أو الق راءة مع شئ
آخر ،كتنبيه االمام ،أو غيره ،أو الفتح على من أرتج عليه ،أو تفهيم
] [ 396
أمر كقوله لجماعة يستأذنون في الدخول( * :أدخلوها بسالم آمنين) (.* )1
أو يق ول( * :يا يح يى خذ الكت اب بق وة) * ( .)2وما أش به ذل ك ،لم تبطل
صالته ( ،)3سواء كان قد انتهى في قراءته إلى تلك اآلية ،أو أنشأ قراءتها
حينئ ذ .ولنا وجه ش اذ :أنه إذا قصد مع الق راءة ش يئا آخ ر ،بطلت ص الته،
وليس بشئ .ولو قصد االفهام واالعالم فق ط ،بطلت ص الته بال خالف .ولو
أتى بكلم ات ال يوجد في الق رآن على نظمه ا ،وتوجد مفرداته ا ،كقول ه( :يا
إب رهيم) (س الم) (كن) بطلت ص الته ،ولم يكن لها حكم الق رآن بح ال .وأما
االذك ار ،والتس بيحات ،واالدعية بالعربي ة ،فال يض ر ،س واء المس نون،
وغيره .لكن ما فيه خطاب مخلوق غير رسول هللا (ص) ،يجب اجتنابه .فلو
س لم على إنس ان ،أو رد عليه الس الم بلفظ الخط اب ،بطلت ص الته .وي رد
الس الم باالش ارة بي ده ،أو رأسه ولو ق ال :عليه الس الم ،لم يض ر .ولو ق ال
للعاطس :يرحمه هللا ،لم يضر .ولو ق ال :يرحمك هللا ،بطلت على المش هور.
فرع :السكوت اليس ير في الص الة ،ال يضر بح ال ،وك ذا الكث ير عم دا ،إن
كان لعذر ،بأن نسي ش يئا ،فس كت ليت ذكره ،على الم ذهب .وك ذا إن س كت
لغير عذر ،على االصح .وإن ( )4سكت كث يرا ناس يا ،وقلن ا :عم ده مبط ل،
فطريق ان .أح دهما :القطع بأنه ال يض ر .والث اني :على ال وجهين .واعلم أن
إشارة االخرس المفهمة ،كالنطق في البيع وغ يره من العق ود .وال تبطل بها
الصالة على الصحيح .الشرط السابع :الكف عن االفعال الكثيرة .اعلم أن ما
ليس من أفع ال الص الة ،ض ربان .أح دهما :من جنس ها .والث اني :ليس من
جنس ها .ف االول :إذا فعله ناس يا ،ال تبطل ص الته ،كمن زاد ركوع ا ،أو
سجودا ،أو ركعة .وإن تعمده ،بطلت ،سواء قل ،أم كثر .وأما
] [ 397
الثاني :ف اتفقوا على أن الكث ير من ه ،يبطل الص الة .والقلي ل :ال يبط ل .وفي
ض بط القليل والكث ير ،أوج ه .أح دها :القلي ل :ما ال يسع زمانه فعل ركع ة.
والكث ير :ما يس عها .والث اني :كل عمل ال يحت اج فيه إلى كلتا يدي ه ،كرفع
العمامة ،وحل أنشوطة السراويل ،فقليل .وما احتاج ( ،)1كتكوير العمام ة،
وعقد االزار والس راويل ،فكث ير .والث الث :القلي ل :ما ال يظن النظر إليه أن
فاعله ليس في الصالة .والكثير :ما يظن أنه ليس فيها .وضعف هذا :بأن من
رآه يحمل صبيا ،أو يقتل حية ،أو عقرب ا ،يتخيل أنه ليس في ص الة ،وه ذا
ال يضر قطعا .والراب ع ،وهو االصح وق ول االك ثرين :أن الرج وع فيه إلى
العادة .فال يضر ما يعده الن اس قليال ،كاالش ارة ب رد الس الم ،وخلع النع ل،
ولبس الث وب الخفي ف ،ونزع ه ،ونحو ذل ك .ثم ق الوا :الفعلة الواح دة (،)2
كالخطوة والض ربة ،قليل قطع ا .والثالث :كث ير قطع ا .واالثنت ان :من القليل
على االصح .ثم أجمع وا على أن الكث ير ،إنما يبطل إذا ت والى .ف إن تف رق،
بأن خطا خطوة ،ثم بعد زمن خطا أخ رى ،أو خط وتين ثم خط وتين بينهما
زمن ،وقلنا :إنهما قليل ،وتكرر ذلك ( )3مرات فهي كثيرة ،لم يضر قطع ا.
وحد التفريق :أن يعد الثاني منقطعا عن االول .وق ال في (الته ذيب) :عن دي
أن يكون بينهما قدر ركع ة .ثم الم راد بالفعلة الواح دة ال تي ال تبط ل ،ما لم
يتفاحش ،ف إن أف رطت كالوثبة الفاحش ة ،أبطلت قطع ا .وك ذا ق ولهم :الثالث
المتوالية ،تبطل .أراد :والخطوات ونحوها .فأما الحرك ات الخفيف ة ،كتحريك
االصابع في سبحة ،أو حكة ،أو حل وعقد ( ،)4فاالصح :أنها
] [ 398
ال تضر وإن كثرت متوالية .والث اني :تبطل كغيره ا .ونص الش افعي رحمه
هللا :أنه لو كان يعد اآلي ات في ص الته عق دا بالي د ،لم تبط ل ،ولكن االولى
تركه .وجميع ما ذكرنا إذا تعمد الفعل الكثير ،فأما إذا فعله ناسيا ،فالمذهب،
وال ذي قطع به الجمه ور :أن الناسي كالعام د .وقي ل :فيه الوجه ان في كالم
الناسي .وقيل :أول حد الكثرة ،ال يؤثر .وما زاد ،وانتهى إلى السرف ،فعلى
ال وجهين .ه ذا كله حكم الفعل في غ ير ش دة الخ وف .أما فيه ا ،فيحتمل
الركض والعدو ،للحاجة .وفي غ ير الحاجة كالم ي أتي في بابها إن ش اء هللا
تعالى ( .)1وإن قرأ الق رآن من المص حف في الص الة ،لم يض ر ،بل يجب
ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما س بق .ولو قلب االوراق أحيان ا ،لم يض ر .ولو
نظر في مكتوب غير القرآن ،وردد ما فيه في نفس ه ،لم تبطل ص الته .ولنا
وج ه :أن ح ديث النفس إذا ك ثر ،أبطل الص الة ،وهو ش اذ .ف رع :يس تحب
للمصلي أن يكون بين يديه سترة ،من جدار ،أو سارية ،أو غيرهم ا .وي دنو
منها بحيث ال يزيد بينهما على ثالثة أذرع وإن ك ان في ص حراء ،غ رز
عصا ونحوه ا ،أو جمع ش يئا من رحل ه ،أو متاع ه .وليكن ق در م ؤخرة
الرحل ،فإن لم يجد شيئا شاخصا ،خط بين يديه خطا ،أو بسط مصلى .وقال
إم ام الح رمين ،والغ زالي :ال ع برة بالخ ط .والص واب ،ما أطبق عليه
الجمه ور ،وهو االكتف اء بالخط كما إذا اس تقبل ش يئا شاخص ا .قلت :وق ال
جماع ة :في االكتف اء بالخ ط ،ق والن للش افعي .ق ال في (الق ديم) و (س نن)
حرملة ( :)2يستحب .ونفاه في (الب ويطي) الض طراب الح ديث ( )3ال وارد
.فيه وضعفه ()4
] [ 399
واختلف في صفة الخط .فقيل :يجعل مثل الهالل .وقي ل :يمد ط وال إلى جهة
القبلة .وقيل :يمده يمينا وشماال .والمختار استحباب الخط ،وأن يكون ط وال.
وهللا أعلم .ثم إذا صلى إلى سترة ،منع غيره من الم رور بينه وبين الس ترة.
وك ذا ليس لغ يره أن يمر بينه وبين الخط على الص حيح .وق ول الجمه ور:
كالعص ا .وهل هو منع تح ريم ،أو تنزيه ؟ وجه ان .الص حيح :منع تح ريم.
وللمصلي أن يدفعه ،ويضربه على الم رور ،وإن أدى إلى قتل ه .ولو لم يكن
سترة ،أو ك انت ،وتباعد منه ا ،فاالص ح :أنه ليس له ال دفع لتقص يره .قلت:
وال يح رم حينئذ الم رور بين يدي ه ،لكن االولى ترك ه .وهللا أعلم .ولو وجد
الداخل فرجة في الصف االول ،فله أن يمر بين ي دي الصف الث اني ،ويقف
فيه ا ،لتقص ير أص حاب الث اني بتركه ا .ق ال إم ام الح رمين :والنهي عن
الم رور ،واالمر بال دفع ،إذا وجد الم ار س بيال س واه ،ف إن لم يجد وازدحم
الناس ،فال نهي عن المرور ،وال يشرع الدفع .وتابع الغزالي إمام الح رمين
على ه ذا ،وهو مش كل .ففي الح ديث الص حيح في (البخ اري) ( )1خالف ه.
،وأكثر كتب االصحاب
] [ 400
للشافعي رحمه هللا :أن االعتبار في الفصل ،بالمجلس .فإن لم يفارق ه ،س جد
وإن طال الزمان .وإن فارق ه ،لم يس جد وإن ق رب الزم ان .لكن ه ذا الق ول
شاذ .وال ذي اعتم ده االص حاب ،الع رف .ق الوا :وال تضر مفارقة المجلس،
واستدبار القبلة .هذا كله تفريع على قولنا :سجود الس هو قبل الس الم .أما إذا
قلنا :بعده .فينبغي أن يسجد على قرب ،فإن طال الفصل ،ع اد الخالف .وإذا
س جد ،فال يحكم ب العود إلى الص الة بال خالف .هل يتح رم للس جدتين،
ويتشهد ،ويسلم ؟ قال إمام الح رمين :حكمة حكم س جود التالوة .ثم إذا رأينا
التشهد ،فوجهان .وقيل :قوالن الصحيح المش هور :أنه يتش هد بعد الس جدتين
كس جود التالوة .والث اني :يتش هد قبلهم ا ،ليليهما الس الم .قلت :ه ذه مس ائل
منثورة من الباب .منها أن السهو في الصالة النفل ،كالفرض على الم ذهب.
وقيل :طريقان .الجديد كذلك ،وفي القديم ،قوالن .أحدهما :ك ذلك .والث اني :ال
يسجد ،حكاه القاضي أبو الطيب ،وصاحبا (الش امل) و (المه ذب) .ولو س لم
من الص الة وأح رم ب أخرى ،ثم تيقن أنه ت رك ركنا من االولى ،لم تنعقد
الثاني ة .وأما االولى ،ف إن قصر الفصل ب ني عليه ا .وإن ط ال ،وجب
اس تئنافها .ولو جلس للتش هد في الرباعي ة ،وش ك :هل هو التش هد االول ،أم
الثاني ،فتشهد شاكا ،ثم قام ،فبان الحال ،سجد للسهو ،س واء ب ان أنه االول،
أو اآلخر ،النه وإن بان االول ،فقد قام شاكا في زيادة ه ذا القي ام .وأن ب ان
الح ال وهو بعد في التش هد االول ،فال س جود .ولو ن وى المس افر القص ر،
وص لى أربع ركع ات ناس يا ،ونسي في كل ركعة س جدة ،حص لت له
الركعتان ،ويسجد للسهو ،وقد تمت صالته ،فيس لم ،وال يلزمه االتم ام ،النه
لم ين وه .وك ذا لو ص لى الجمعة أربعا ناس يا ،ونسي من كل ركعة س جدة،
سجد للسهو ،وسلم .ولو سها سهوين ،أحدهما بزيادة ،واآلخر بنقص ،وقلن ا:
يس جد للزي ادة بعد الس الم ،وللنقص قبل ه ،س جد هنا قبله على االص ح .وبه
قطع المتولي .والثاني .بعده .وبه قطع البندنيجي قال :وكذا الزيادة المتوهمة،
كمن شك في ع دد الركع ات .ولو أراد القن وت في غ ير الص بح لنازلة ()1
.وقلنا به ،فنسيه لم يسجد للسهو على االصح
] [ 401
ذكره في (البحر) .ولو دخل في صالة ثم ظن أنه ما كبر لالحرام ،فاستأنف
التكبير والصالة ،ثم علم أنه كان كبر أوال ،فإن علم بعد فراغه من الص الة
الثانية ،لم يفسد االولى ،وتمت بالثانية .وإن علم قبل ف راغ الثاني ة ،ع اد إلى
االولى ،فأكمله ا ،وس جد للس هو في الح الين .نقله في (البح ر) عن نص
الشافعي وغيره .وهللا أعلم .السجدة الثانية :سجدة التالوة ،وهي س نة ،وع دد
السجدات أربع عشرة على الجديد الصحيح .ليس منها (ص) ومنها :سجدتان
في (الحج) ( .)1وثالث في المفصل .وقال في الق ديم :إح دى عش رة ،أس قط
س جدات المفص ل .ولنا وج ه :أن الس جدات خمس عش رة ،ضم إليها س جدة
(ص) ،وهذا قول ابن سريج .والص حيح المنص وص المع روف :أنها ليست
من ع زائم الس جود ( ،)2وإنما هي س جدة ش كر ،ف إن س جد فيها خ ارج
الص الة فحس ن .قلت :ق ال أص حابنا :يس تحب أن يس جد في (ص) خ ارج
الص الة .وهو م راد االم ام ال رافعي بقول ه :حسن وهللا أعلم .ولو س جد في
(ص) في الصالة جاهال ،أو ناسيا ،لم تبطل صالته .وإن كان عامدا ،بطلت
على االص ح .قلت :ويس جد للس هو الناسي والجاه ل .وهللا أعلم .ولو س جد
إمامه في (ص) لكونه يعتق دها ( ،)3لم يتابعه بل يفارقه أو ينتظ ره قائم ا.
وإذا انتظره قائما ،فهل يسجد للسهو ؟ وجه ان .قلت :االصح ال يس جد ،الن
،المأمون ال سجود لسهوه .ووجه السجود
] [ 402
ساكتة عن تقييد المنع بما إذا وجد سواه سبيال .قلت :الص واب ،أنه ال ف رق
بين وجود السبيل وعدمه .فحديث البخاري ،صريح في المن ع .ولم ي رد شئ
يخالف ه ،وال في كتب الم ذهب لغ ير االم ام ما يخالف ه .وق ال أص حابنا :وال
تبطل الصالة بمرور شئ بين يدي المصلي ،سواء مر رج ل ،أو ام رأة ،أو
كلب ،أو حمار ،أو غير ذلك .وإذا صلى إلى سترة ،فالسنة أن يجعلها مقابلة
ليمينه ،أو ش ماله ،وال يص مد له ا .وهللا أعلم .الش رط الث امن :االمس اك عن
االكل .فلو أكل شيئا ،وإن ق ل ،بطلت ص الته .وفي وج ه :ال تبطل بالقلي ل،
وهو غل ط .ولو ك ان بين أس نانه شئ فابتلع ه ،أو ن زلت نخامة من رأسه
فابتلعها عم دا ،بطلت ص الته .ف إن أكل مغلوب ا ،ب أن ج رى الريق بب اقي
الطعام ،أو نزلت النخامة ولم يمكنه إمس اكها ،لم تبط ل .وإن أكل ناس يا ،أو
جاهال بالتحريم ،فإن قل ،لم تبطل .وإن ك ثر ،بطلت على االص ح .وتع رف
القلة والكثرة بالعرف .ولو وصل شئ إلى جوفه بغير مض غ ،وابتالع ،ب أن
وضع في فمه س كرة ف ذابت ( ،)1ون زلت إلى جوف ه ،بطلت ص الته على
االصح .فعلى هذا ،تبطل بكل ما يبطل الصوم .واعلم أن المضغ وحده ،فعل
يبطل الكثير منه .وإن لم يصل شئ إلى الجوف ،حتى لو كان يمضغ علك ا،
بطلت صالته .وإن لم يمضغه ،وكان جديدا يذوب ،فهو كالس كرة .وإن ك ان
.مستعمال ،لم تبطل صالته ،كما لو أمسك في فمه إجاصة ()2
] [ 403
فصل :وللمحدث المكث في المسجد ( .)1قلت :وك ذا الن وم بال كراه ة .وهللا
أعلم .وتقدم حكم مكث الجنب والحائض ،وعبورهما .وه ذا في حق المس لم،
أما الكافر ،فال يمكن من دخول حرم مكة بح ال ،س واء مس اجده ،وغيره ا.
وله دخول مساجد غير الحرم ،بإذن مسلم .وليس له دخولها ،بغير إذن على
الص حيح ( .)2ف إن فعل ه ،ع زر .ق ال في (الته ذيب) :لو جلس فيه الح اكم
للحكم ،فلل ذمي دخوله للمحاكمة بغ ير إذن ،وي نزل جلوسه منزلة إذن ه .وإذا
استأذن لنوم ،أو أكل ،فينبغي أن ال يأذن ل ه .وإن اس تأذن لس ماع ق رآن ،أو
علم ،أذن له ،رجاء إسالمه .ه ذا كله إذا لم يكن جنب ا ،ف إن ك ان ،فهل يمنع
من المكث ؟ وجه ان .أص حهما :ال .والك افرة الحائض ة ،تمنع حيث تمنع
المس لمة ،وك ذا الص بيان ،والمج انين ،يمنع ون من دخول ه .قلت :وال يمنع
الجنب ،والح ائض ،من دخ ول المص لى ال ذي ليس بمس جد على الم ذهب.
وذكر ال دارمي في ب اب ص الة العي د ،في تحريم ه ،وجهين .وأجراهما في
منع الكافر منه بغير إذن .وقد ذكرت جمال من الفوائد المتعلقة بالمس جد في
ب اب ما ي وجب الغس ل ،من ش رح (المه ذب) .وأنا أش ير إلى أح رف من
بعضها ،فيكره نقش المسجد ،واتخاذ الشرفات له .وال بأس بإغالقه في غير
وقت الصالة .والبصاق في المسجد خطيئ ة .ف إن خ الف فبص ق ،فقد ارتكب
النهي ،فكفارتها دفنه في رمل المسجد ،وترابه .ولو مسحه بيده ،أو غيره ا،
ك ان أفض ل .ويك ره لمن أكل ثوم ا ،أو بص ال ،أو غيرهما مما له رائحة
كريه ة ،دخ ول المس جد بال ض رورة ،ما لم ي ذهب ريح ه .ويك ره غ رس
الشجر فيه .فإن غرس ،قطعه االمام .قال الصيمري ( :)3ويك ره حفر الب ئر
فيه ،ويكره عمل الصنائع ،وال
] [ 404
بأس باالكل والش رب في ه ،والوض وء إذا لم يت أذ به الن اس ( .)1ويق دم في
دخ ول المس جد رجله اليم نى ،وفي الخ روج ،اليس رى ،وي دعو بال دعوات
المشهورة فيه .ولحائط المسجد من خارجه حرمة المسجد في كل ش ئ .وهللا
أعلم .الباب السادس في السجدات ال تي ليست من ص لب الص الة هن ثالث.
االولى :سجود السهو ( ،)2وهو سنة ( ،)3ليس ب واجب ،وال ذي يقتض يه،
شيئان :ترك مأمور ،وارتكاب منهي ( .)4أما ترك الم أمور ،فقس مان .ت رك
ركن وغيره .أما ال ركن ،فال يكفي عنه الس جود ،بل البد من تدارك ه .ثم قد
يقتضي
] [ 405
الحال ،السجود بعد التدارك ،وقد ال يقتضيه .كما سيأتي إن ش اء هللا تع الى.
وأما غير الركن ،فأبعاض ،وغيره ا .فاالبع اض :تق دم بيانها في أول ص فة
الصالة ،وهي مجبورة بالسجود إن ترك واحدة منها سهوا قطعا .وك ذلك إن
تركه عم دا على االصح ( .)1وأما غ ير االبع اض من الس نن ،فال يس جد
لتركها .هذا هو الصحيح المشهور المعروف .ولنا قول قديم ش اذ :أنه يس جد
لترك كل مس نون ،ذك را ك ان ،أو ( )2عمال .ووجه ه :أن من نسي التس بيح
في الركوع والسجود ،سجد .وأما المنهي ،فقسمان .أحدهما :ال تبطل الصالة
بعم ده .كااللتف ات ،والخط وة ،والخط وتين ( .)3والث اني :تبطل بعم ده،
كالكالم ،والركوع الزائد ،ونحو ذلك .فاالول :أن ال يقتضي س هوه الس جود.
والثاني :يقتضيه إذا لم تبطل الص الة .وقولن ا :إذا لم تبطل الص الة ،اح تراز
من كث ير الفع ل ،واالك ل ،والكالم ،فإنها تبطل الص الة بعم دها .وك ذلك
بسهوها على االص ح ،فال س جود .واح تراز من الح دث أيض ا ،ف إن عم ده
وسهوه يبطالن الصالة وال سجود .فرع :االعتدال عن الركوع ركن قصير،
أمر المصلي بتخفيفه .فلو أطاله عم دا بالس كوت ،أو القن وت ،أو ب ذكر آخر
ليس ب ركن ،فثالثة أوج ه .أص حها عند إم ام الح رمين وقطع به ص احب
(الته ذيب) :تبطل ص الته ،إال حيث ورد الش رع بالتطويل ب القنوت ،أو في
صالة التسبيح .والثاني :ال تبطل .والثالث :إن قنت عمدا في اعتداله في غير
.موضعه ،بطلت .وإن طول بذكر آخر ال يقصد القنوت ،لم تبطل
] [ 406
قلت :ثبت في (ص حيح مس لم) ( )1أن الن بي (ص) ،ط ول االعت دال ج دا.
فالراجح دليال ( ،)2جواز إطالته بالذكر .وهللا أعلم .ولو نقل ركنا ذكريا إلى
ركن طويل ،ب أن ق رأ الفاتح ة ،أو بعض ها ،في الرك وع ،أو الجل وس ،آخر
الص الة ،أو ق رأ التش هد ،أو بعضه في القي ام عم دا ،لم تبطل ص الته على
االص ح .وقي ل :ال تبطل قطع ا .ويج ري ه ذا الخالف فيما لو نقله إلى
االعتدال ،ولم يطل ،بأن قرأ الفاتح ة ،أو بعض التش هد .فلو اجتمع المعني ان
بطول االعتدال بالفاتحة ،أو التشهد ،بطلت على االص ح .وقي ل :قطع ا .وأما
الجلوس بين الس جدتين ،ففيه وجه ان .أص حهما :أنه ركن قص ير ،وبه قطع
الشيخ أبو محمد ،وص احب (الته ذيب) وغيرهم ا .والث اني :طوي ل ،قاله ابن
سريج ،والجمهور .ف إن قلنا به ذا ،فال ب أس بتطويل ه .وإن قلنا ب االول ،ففي
تطويله عم دا الخالف الم ذكور في االعت دال .وإذا قلنا في ه ذه الص ور
ببطالن الص الة بعم ده ،فلو ف رض ذلك س هوا ،س جد للس هو .وإذا قلن ا :ال
تبطل ،فهل يسجد للس هو ؟ وجه ان .أح دهما :ال ،كس ائر ما ال يبطل عم ده.
وأصحهما :يس جد .وتس تثنى ه ذه الص ورة عن قولن ا :ما ال يبطل عم ده ،ال
.يسجد لسهوه ()3
] [ 407
فصل :الترتيب واجب في أركان الص الة .ف إن تركه عم دا ،بطلت ص الته.
وإن تركه سهوا ،لم يعتد بما فعله بعد المتروك ،ح تى ي أتي بما ترك ه .ف إن
تذكر السهو قبل فعل مثل المتروك ،اشتغل عند التذكر بالمتروك ،وإن تذكر
بعد فعل مثله في ركعة أخرى ،تمت الركعة السابقة به ،ولغا ما بينهما .ه ذا
إذا ع رف عين الم تروك ،وموض عه .ف إن لم يع رف ،أخذ ب أدنى الممكن،
وأتى بالباقي .وفي االحوال كلها يسجد للسهو ،إال إذا وجب االستئناف ،ب أن
ترك ركنا ،وأشكل عينه ،وجوز أن يكون النية ،أو تكبيرة االح رام .وإال إذا
كان المتروك ،هو السالم ،فإنه إذا تذكر قبل ط ول الفص ل ،س لم وال حاجة
إلى س جود الس هو .ولو ت ذكر في قي ام الركعة الثاني ة ،أنه ت رك س جدة من
االولى ،فال بد من االتيان بها عند ت ذكره .ثم إن لم يكن جلس عقب الس جدة
المفعولة ،فهل يكفيه أن يسجد عن قيام ،أم ال بد أن يجلس مطمئنا ،ثم يسجد
؟ وجهان .أصحهما :الث اني .ف إن ك ان جلس عقب الس جدة المفعولة -وقصد
به الجلسة بين الس جدتين -ثم غف ل ،فق ام ،فالم ذهب أنه يكفيه الس جود عن
قيام .وقيل على ال وجهين .وإن قصد بجلس ته االس تراحة ،فاالصح أنه يكفيه
السجود عن قي ام ،ويجزئه جلسة االس تراحة عن ال واجب .كما لو جلس في
التشهد االخير يظنه االول ،فإنه يجزئه عن االخير .والث اني :يجب الجل وس
مطمئن ا .ولو ش ك ،هل جلس ؟ فهو كما إذا لم يجلس .أما إذا ت ذكر بعد
س جوده في الركعة الثانية تركه س جدة من االولى ،فينظ ر ،إن ت ذكر بعد
السجدتين مع ا ،أو في الثانية منهم ا ،فقد تم بما فعله ركعته االولى ،ولغا ما
بينهم ا .ثم إن ك ان جلس في االولى بنية الجلسة بين الس جدتين ،أو بنية
االس تراحة إذا قلن ا :تج زئ عن ال واجب ،فتمامها بالس جدة االولى .وإن لم
يجلس ،أو جلس لالستراحة ،وقلنا :ال يج زئ ،ف إن قلن ا :لو ت ذكر في القي ام
والحالة هذه ،يجلس ،ثم يسجد ،فتمام الركعة االولى هنا بالسجدة الثانية .وإن
قلنا هن اك :يس جد عن قي ام ،فتمامها بالس جدة االولى .ويب نى على ه ذا
الخالف ،ما إذا تذكر بعد السجدة االولى في
] [ 408
الركعة الثانية .فإن قلنا باالول ،فركعته غ ير تام ة ،فيس جد س جدة ،ثم يق وم
إلى ركعة ثاني ة .وإن قلنا بالث اني ،فركعته تام ة ،فيق وم إلى ثاني ة .ف رع :لو
تذكر في جلوس الركعة الرابعة ،أنه ترك أربع س جدات ،فله أربعة أح وال.
حال :يحسب له ثالث ركعات إال سجدتين ،وحال :ركعت ان وح ال :ركعت ان
إال سجدة .فلو تيقن ثنتين من الثالثة ،وثن تين من الرابع ة ،ص حت الركعت ان
االولي ان ،وحص لت الثالث ة ،لكن ال س جود فيه ا ،وال فيما بع دها .فيس جد
س جدتين لتتم ،ثم يق وم إلى ركعة رابع ة .وهك ذا الحكم ،لو ت رك س جدة من
االولى ،وسجدة من الثانية ،وسجدتين من الرابعة .وك ذا لو ت رك واح دة من
الثانية ،وواح دة من الثالث ة ،وثن تين من الرابع ة .أما إذا ت رك من كل ركعة
س جدة ،فيحصل ركعت ان ،فيتم االولى بالثاني ة ،والثالثة بالرابع ة .ومثله لو
ترك ثن تين من الثاني ة ،وثن تين من االولى أو الثالث ة ،أو ثن تين من الثاني ة،
وواحدة من االولى ،وأخ رى من الثالث ة ،أو ثن تين من الثاني ة ،وواح دة من
الثالث ة ،وأخ رى من الرابع ة ،أو ثن تين من االولى ،وثن تين من ركع تين
بعدهما غير متواليتين ،أو واحدة من االولى ،وواحدة من الثانية ،وثنتين من
الثالث ة ،أو واح دة من الثاني ة ،وثن تين من الثالث ة ،وواح دة من الرابع ة،
فيحصل في كل هذه الصور ،ركعتان ،ويق وم في أتي بركع تين .أما إذا ت رك
من االولى واح دة ،ومن الثانية ثن تين ،ومن الرابعة واح دة ،أو من االولى
ثنتين ،ومن الثانية واحدة ،ومن الرابعة أخرى .وكذا كل صورة ت رك ثن تين
من ركعة ،وثنتين من ركعتين غير متوالي تين ،فيحصل ركعت ان إال س جدة.
فيس جدها ثم ي أتي بركع تين .ه ذا كله إذا ع رف مواضع الس جدات .ف إن لم
يعرف ،أخذ باالشد ،فيأتي بسجدة ،ثم ركعتين .وقال الشيخ أبو محمد :يلزمه
س جدتان ،ثم ركعت ان .وهو غلط ش اذ .ه ذا كله إذا ك ان قد جلس عقب
السجدات المفعوالت كلهن ،على قصد الجلوس بين السجدتين ،أو على قصد
جلسة االستراحة ،إذا قلنا :تجزئ عن الواجب ،أو قلنا :إن القي ام يق وم مق ام
الجلس ة .فأما إذا لم يجلس في بعض الركع ات ،أو لم يجلس في غ ير
الرابع ة ،وقلنا باالص ح :إن القي ام ال يكفي عن الجلس ة ،فال يحسب ما بعد
السجدة المفعولة إلى أن يجلس .حتى لو تذكر أنه ترك من كل ركعة سجدة،
ولم يجلس إال في االخ يرة ،أو جلس بنية االس تراحة ،أو جلس في الثانية
بنية التشهد االول ،وقلنا :الفرض ال يتأدى بالنف ل ،لم يحصل له مما فعل إال
ركعة ناقصة
] [ 409
سجدة .ثم هذا الجلوس الذي تذكر في ه ،يق وم مق ام الجل وس بين الس جدتين.
فيسجد ،ثم يقوم فيأتي بثالث ركعات .أما إذا تذكر أنه ت رك س جدة من أربع
ركعات ،فإن علم أنها من االخيرة ،سجدها ،واستأنف التشهد إن كان تش هد،
وإن علمها من غير االخيرة ،أو شك ،لزمه ركعة .وإن تذكر ترك سجدتين،
فإن كانتا من الركعة االخيرة ،كفاه سجدتان وإن كانتا من غير االخيرة .فإن
كانتا من ركعة ،لزمه ركع ة .وإن كانتا من ركع تين ،فقد يكفيه ركع ة ،ب أن
يكونا من ركعتين متواليتين .وقد يحتاج إلى ركعتين ،بأن يكونا من ركع تين
غير متواليتين .فإن أش كل االم ر ،لزمه ركعت ان .وإن ت رك ثالث س جدات،
فقد يقتضي الح ال حص ول ثالث ركع ات إال س جدة ،ب أن تك ون ثنت ان من
االولى ،أو الثانية ،أو الثالث ة ،وواح دة من الرابع ة .فيس جد س جدة ،ثم يق وم
فيأتي بركعة .وقد يقتضي حصول ثالث إال سجدتين ،ب أن تك ون س جدة من
االولى ،وثنتان من الرابعة .وقد يقتضي حص ول ركع تين فق ط ،ب أن يك ون
الثالث ،من الثالث االولي ات .ف إن أش كل ،لزمه ه ذا االشد ( .)1وإن ت رك
خمس سجدات ،فقد تحصل ركعتان إال سجدتين بأن تكون
] [ 410
واحدة من االولى ،وثنتان من الثانية ،وثنتان من الرابع ة .وقد يحصل ركعة
فقط بأن يترك سجدة من االولى ،وثنتين من الثانية ،وثنتين من الثالث ة .ف إن
أشكل ،لزمه ثالث ركعات .وقال في (المهذب) :يلزمه س جدتان ،وركعت ان،
وهو غل ط .ولو ت رك ست س جدات ،حصل ركعة فق ط .وإن ت رك س بعا،
حصل ركعة إال سجدة .وإن ت رك ثماني ا ،حصل ركعة إال س جدتين .ثم ه ذا
الحكم يط رد لو ت ذكر الس هو في المس ائل الم ذكورة بعد الس الم ،ولم يطل
الفصل .فإن طال ،وجب االستئناف ،ويسجد للسهو في جميع مسائل الفصل.
ويمكن عدها من قسم ترك المأمور -الن الترتيب م أمور ب ه ،فتركه عم دا
مبط ل ،فس هوه يقتضي الس جود -ومن ارتك اب المنهي ،النه إذا ت رك
الترتيب ،فقد زاد في االفعال ،واالركان .فرع :تق دم أن ف وات التش هد االول
يقتضي سجود السهو .فإذا نهض من الركعة الثانية ناس يا للتش هد ،أو جلس،
ولم يقرأ التشهد ،ونهض ناسيا ،ثم تذكر ،فتارة يتذكر بعد االنتص اب قائم ا،
وت ارة قبل ه .ف إن ك ان بع ده ،لم تجز الع ودة إلى القع ود على الص حيح
المعروف .وفي وجه :يجوز الع ود ما لم يش رع في الق راءة .واالولى :أن ال
يع ود .وه ذا الوج ه :ش اذ منك ر .فعلى الص حيح :إن ع اد متعم دا عالما
بتحريم ه ،بطلت ص الته .وإن ع اد ناس يا ،لم تبط ل ،وعليه أن يق وم عند
ت ذكره ويس جد للس هو .وإن ع اد ج اهال بتحريم ه ،فاالص ح :أنه كالناس ي.
والث اني :كالعام د .ه ذا حكم المنف رد .واالم ام في معن اه ،فال يرجع بعد
االنتصاب .وال يجوز للمأموم أن يتخلف للتش هد .ف إن فع ل ،بطلت ص الته.
فإن نوى مفارقته ليتشهد ،جاز وك ان مفارقا بع ذر .ولو انتصب مع االم ام،
فعاد االمام ،لم يجز للمأموم العود ،بل ينوي مفارقته .وهل يجوز أن ينتظره
قائما حمال على أنه عاد ناسيا ؟ وجهان س بق مثلهما في التنحنح .قلت :ف إن
عاد المأموم مع االمام ،عالما ب التحريم ،بطلت ص الته .وإن ع اد ناس يا ،أو
ج اهال ،لم تبط ل .ولو قعد الم أموم ،فانتصب االم ام ثم ع اد ،ل زم الم أموم
.القيام ،النه توجه عليه بانتصاب االمام .وهللا أعلم
] [ 411
ولو قعد االمام للتشهد االول ،وقام المأموم ناسيا ،أو نهض ا ،فت ذكر االم ام،
فع اد قبل االنتص اب وانتصب الم أموم ،فثالثة أوج ه .أص حها :يجب على
المأموم العود إلى التشهد لمتابعة االمام .فإن لم يعد ،بطلت صالته ،ص ححه
الش يخ أبو حام د ،ومت ابعوه ،وقطع به ص احب (الته ذيب) .والث اني :يح رم
الع ود .والث الث :يج وز ،وال يجب .ولو ق ام الم أموم قاص دا ،فقد قطع إم ام
الح رمين :بأنه يح رم الع ود .كما لو ركع قبل االم ام ،أو رفع رأسه قبله
عمدا ،يحرم العود .ف إن ع اد ،بطلت ص الته ،النه زاد ركنا عم دا .فلو فعل
ذلك سهوا ،بأن سمع صوتا ،فظن أن االمام ركع ،فركع ،فبان أنه لم يركع،
فقال إمام الحرمين :في ج واز الرك وع ،وجه ان .وق ال ص احب (الته ذيب)
وآخرون :في وجوب الرجوع ،وجهان .أحدهما :يجب .فإن لم يرج ع ،بطلت
صالته .واالصح :أنه ال يجب ،بل يتخير بين الرج وع وعدم ه .ولل نزاع في
صورة قصد القيام ،مجال ظاهر ،الن أصحابنا العراقيين أطبقوا على أنه لو
ركع قبل االم ام عم دا ،اس تحب له أن يرجع إلى القي ام ل يركع مع االم ام،
فجعل وه مس تحبا .الح ال الث اني :أن يت ذكر قبل االنتص اب .فق ال الش افعي،
واالص حاب رحمهم هللا :يرجع إلى التش هد .والم راد باالنتص اب ،االعت دال
واالستواء ،هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور .وفي وج ه :الم راد ب ه:
أن يص ير إلى ح ال هي أرفع من حد أقل الرك وع .ثم إذا ع اد قبل
االنتصاب ،هل يسجد للسهو ؟ ق والن .أظهرهم ا :ال يس جد .وق ال كث ير من
االصحاب ،منهم القفال :إن صار إلى القيام أقرب منه إلى القع ود ،ثم ع اد،
سجد .وإن ك ان إلى القع ود أق رب ،أو ك انت نس بته إليهما على الس واء ،لم
يسجد ،النه إذا صار إلى القيام أقرب فقد أتى بفعل يغ ير نظم الص الة( ،و)
لو تعمده في غير موضعه ،أبطل الصالة .وقال الشيخ أبو محمد ،وآخ رون:
إن ع اد قبل أن ينتهي إلى حد ال راكعين ،لم يس جد .وإن ع اد بعد االنته اء
إليه ،سجد .والمراد بحد الركوع :أكمله ،ال أقله .بل لو قرب في ارتفاعه من
حد أكمل الركوع ،ولم يبلغه ،فهو في حد الراكعين ،صرح به في (النهاية).
وهذه العبارة ،مع عبارة القفال ورفقته ،متقاربتان ،واالولى أوفى بالغرض،
وهي أظهر من إطالق القولين ،وبها قطع في (الته ذيب) وهي كالتوسط بين
القولين ،وحملهما على الحالين .ثم جميع ما ذكرناه في الحالتين ،هو فيما إذا
،ترك التشهد االول
] [ 412
ونهض ناسيا .فأما إذا تعمد ذلك ،ثم عاد قبل االنتصاب واالعتدال ،فإن عاد
بعد ما صار إلى القيام أقرب ،بطلت ص الته .وإن ع اد قبل ه ،لم تبط ل .ولو
كان يصلي قاعدا ،فافتتح القراءة بعد الركعتين ،فإن كان على ظن أنه ف رغ
من التش هد ،وج اء وقت الثالث ة ،لم يعد بعد ذلك إلى ق راءة التش هد على
االصح .وإن سبق لسانه إلى القراءة وهو عالم بأنه لم يتشهد ،فله الع ود إلى
قراءة التش هد .وت رك القن وت يق اس بما ذكرن اه في التش هد ،ف إذا نس يه ،ثم
ت ذكر بعد وضع الجبهة على االرض ،لم يجز الع ود .وإن ك ان قبل ه ،فله
العود .ثم إن عاد بعد بلوغه حد الراكعين ،سجد للسهو .وإن ك ان قبل ه ،فال.
فرع :إذا جلس في الركعة االخيرة عن قيام ظانا أنه أتى بالسجدتين ،فتشهد،
ثم ذكر الحال بعد التشهد ،لزمه تدارك السجدتين ،ثم إعادة التش هد ،ويس جد
للسهو .وال يختص ه ذا الحكم بالركعة االخ يرة ،بل لو اتفق ذلك في الركعة
الثانية من صالة رباعية ،أو ثالثية ،فكذلك يتدارك السجدتين ،ويعيد التشهد،
ويسجد للسهو في موضعه ،إال أن إعادة التش هد هنا س نة .ولو اتفق ذلك في
ركعة ال يعقبها تشهد ،فإذا تذكر ،تدارك السجدتين ،وق ام ،ثم يس جد للس هو.
أما إذا جلس بعد السجدتين في الركعة االولى ،أو الثالثة من الرباعية ،وقرأ
التشهد ،أو بعضه ،ثم ت ذكر ،فيس جد للس هو ،النه زاد قع ودا ط ويال .فلو لم
يطل ،لم يسجد .والتطويل :أن يزيد على جلسة االستراحة ( .)1أما إذا ت رك
السجدة الثانية وتشهد ،ثم تذكر ،فيتدارك السجدة الثانية ،ويعيد التش هد .وهل
يسجد للسهو ؟ وجهان .الصحيح :السجود .ولو لم يتشهد ،لكن طول الجلوس
بين السجدتين ،سجد للس هو أيضا على االص ح .أما إذا جلس عن قي ام ،ولم
يتشهد ،ثم تذكر ،فيشتغل بالسجدتين وما بعدهما ،على ترتيب ص الته .ثم إن
طال جلوسه ،سجد للسهو .وإن لم يط ل ،بل ك ان في حد جلسة االس تراحة،
لم يسجد ،الن تعم ده في غ ير موض عه ال يبطل الص الة ،بخالف الرك وع،
والسجود ،والقيام .فرع :إذا ق ام إلى خامسة في رباعية ناس يا ،ثم ت ذكر قبل
السالم ،فعليه أن يعود إلى الجلوس ،ويسجد للسهو ،ويسلم ،س واء ت ذكر في
قيام الخامسة ،أو
] [ 413
ركوعها ،أو سجودها .وإن تذكر بعد الجل وس فيه ا ،س جد للس هو ،ثم س لم.
وأما التشهد ،فإن ت ذكر بعد الجل وس ،والتش هد في الخامس ة ،لم يع ده ،وإن
تذكر قبل التشهد في الخامسة ،ولم يكن تشهد في الرابع ة ،فال بد من ه ،وإن
تشهد في الرابعة ،كفاه ،ولم يحتج إلى إعادته على الص حيح .ه ذا إن تش هد
بنية التش هد االخ ير ،ف إن ك ان بنية االول ،ف إن قلن ا :إذا ك ان بنية االخ ير
يحت اج إلى إعادت ه ،فهنا أولى ،وإال ،ففيه الخالف في ت أدي الف رض بنية
النف ل .قلت :االص ح :أنه ال يحت اج إلى إعادت ه ،وبه قطع كث يرون ،أو
االك ثرون .وهللا أعلم .ولو ت رك الرك وع ،ثم ت ذكره في الس جود ،فهل يجب
الرج وع إلى القي ام ل يركع من ه ،أم يكفيه أن يق وم راكعا ؟ وجه ان البن
سريج .قلت :أصحهما :االول .وهللا أعلم .فصل في قاعدة متكررة في أب واب
الفقه وهي أنا إذا تيقنا وجود شئ أو عدمه ،ثم شككنا في تغيره وزواله عما
كان علي ه ،فإنا نستص حب اليقين ال ذي ك ان ،ونط رح الش ك ،ف إذا شك في
ترك مأمور ينجبر تركه بالس جود ،وهو االبع اض ،فاالص ل ،أنه لم يفعل ه،
فيسجد للسهو ،قال في (التهذيب) :هذا إذا كان الشك في ترك م أمور معين،
فأما إذا شك ،هل ترك مأمورا ،أم ال ؟ فال يسجد كما لو ش ك :هل س ها ،أم
ال ؟ ولو شك في ارتك اب منهي ،كالس الم والكالم ناس يا ،فاالصل أنه لم
يفعل ،وال سجود .ولو تيقن السهو ،وشك هل سجد له ،أم ال ؟ فليس جد ،الن
االصل عدم السجود .ولو شك ،هل سجد للسهو س جدة ،أم س جدتين ؟ س جد
أخرى .قلت :ولو تيقن السهو ،وشك هل هو ترك م أمور ،أو ارتك اب منهي
؟ سجد .وهللا أعلم .ولو ش ك ،هل ص لى ثالث ا ،أم أربع ا ،أخذ باالق ل ،وأتى
بالباقي ،وسجد للسهو .وال ينفعه الظن ،وال أثر لالجتهاد في هذا الب اب .وال
يجوز العمل فيه بق ول غ يره .وفي وجه ش اذ :أنه يج وز الرج وع إلى ق ول
.جمع كثير كانوا يرقبون صالته
] [ 414
وك ذلك االم ام إذا ق ام إلى ركعة ظنها رابع ة ،وعند الق وم أنها خامس ة،
فنبهوه ،ال يرجع إلى قولهم وفي وجه شاذ :يرجع إن كثر ع ددهم .واختلف وا
في سبب السجود ،إذا شك :هل صلى ثالثا ،أم أربعا ؟ فقال الشيخ أبو محمد
وطائف ة :المعتمد في ه ،الخ بر ،وال يظهر معن اه .واخت اره إم ام الح رمين،
والغ زالي .وق ال القف ال ،والش يخ أبو علي ،وص احب (الته ذيب) وآخ رون:
س ببه :ال تردد في الركعة ال تي ي أتي به ا ،هل هي رابع ة ،أم زائ دة ت وجب
الس جود ؟ وه ذا ال تردد ،يقتضي الج بر بالس جود .قلت :الث اني أص ح .وهللا
أعلم .فلو زال التردد قبل السالم ،وعرف أن التي يأتي بها رابعة ،لم يس جد
على االول .وعلى الثاني :يسجد .وضبط أص حاب ه ذا الوجه ص ورة الشك
وزواله فقالوا :إن كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زوال ه ،ما ال بد
منه على كل احتم ال ،فال يس جد للس هو .ف إن ك ان زائ دا على بعض
االحتماالت ،سجد .مثاله :شك في قيامه في الظهر ،أن تلك الركعة ثالث ة ،أم
رابعة ؟ فركع وس جد على ه ذا الش ك ،وهو على ع زم القي ام إلى ركعة
أخرى أخذا باليقين ،ثم تذكر قبل القيام أنها ثالثة ،أو رابعة ،فال يس جد ،الن
ما فعله على الشك ال بد منه على التقديرين .فإن لم يت ذكر ح تى ق ام ،س جد
للس هو وإن تيقن أن ال تي ق ام إليها رابع ة ،الن احتم ال الزي ادة ،وكونها
خامس ة ،ك ان ثابتا حين ق ام .قلت :ولو شك المس بوق ،هل أدرك رك وع
االم ام ،أم ال ؟ فس يأتي في بابه إن ش اء هللا تع الى ،النه ال تحسب له ه ذه
الركعة .قال الغزالي في (الفتاوى) :فعلى هذا يسجد للسهو ،كما لو شك ،هل
صلى ثالثا ،أم أربعا ؟ هذا الذي قاله الغزالي ظ اهر .وال يق ال :يتحمله عنه
االمام ،الن هذا الشخص بعد سالم االمام شاك في ع دد ركعات ه .وهللا أعلم.
ف رع :إذا شك في أثن اء الص الة في ع دد الركع ات ،أو في فعل ركن،
فاالص ل :أنه لم يفع ل ،فيجب البن اء على اليقين ،كما تق دم .وإن وقع ه ذا
الشك بعد السالم ،فالمذهب :أنه ال شئ عليه ،وال أثر لهذا الش ك .وقي ل :فيه
ثالثة أقوال .أحدها :هذا .والثاني :يجب االخذ باليقين .فإن كان الفصل قريبا،
،بنى .وإن طال ،استأنف .والثالث :إن قرب الفصل ،وجب البناء .وإن طال
] [ 415
فال شئ عليه .وأما ضبط ط ول الفص ل ،فيحت اج إليه هنا وفيما إذا تيقن أنه
ترك ركنا ،وذكره بعد السالم .وفي قدره قوالن .أظهرهما ،نصه في (االم):
يرجع فيه إلى الع رف .والث اني ،نصه في (الب ويطي) :أن الطويل ما يزيد
على قدر ركع ة .ولنا وج ه :أن الطوي ل :ق در الص الة ال تي هو فيه ا .ثم إذا
جوزنا البن اء ،فال ف رق بين أن يتكلم بعد الس الم ،أو يخ رج من المس جد
ويستدبر القبلة ،وبين أن ال يفعل ذلك .ولنا وجه ض عيف :أن الق در المنق ول
عن رس ول هللا (ص) في الفصل محتم ل .ف إن زاد ،فال .والمنق ول :أنه
(ص) ،قام ،ومضى إلى ناحية المسجد ،وراجع ذا اليدين ،وس أل الجماع ة،
فأجابوا .فصل :ال يتكرر السجود بتك رر الس هو ،بل يكفي س جدتان في آخر
الصالة ،سواء تكرر ن وع ،أو ان واع .ق ال االئم ة :ال تتع دد حقيقة الس جود.
وقد تتعدد صورته في مواضع .منها :المسبوق إذا سجد مع االم ام ،يعيد في
آخر صالته على المشهور .ومنها :لو سها االمام في ص الة الجمع ة ،فس جد
للس هو ،ثم ب ان قبل الس الم خ روج وقت الظه ر ،فالمش هور :أنهم يتمونها
ظهرا ،ويعيدون سجود الس هو ،الن االول ،لم يقع في آخر الص الة .ومنه ا:
لو ظن أنه سها في صالته ،فس جد للس هو ،ثم ب ان قبل الس الم أنه لم يس ه،
فاالصح :أنه يسجد للسهو ثانيا ،النه زاد سجدتين سهوا .والث اني :ال يس جد،
ويكون الس جود ج ابرا لنفسه ولغ يره .ومنه ا :لو س ها المس افر في الص الة
المقصورة ،فسجد للسهو ،ثم نوى االتمام قبل السالم ،أو صار مقيما بانتهاء
السفينة إلى دار االقامة ،وجب إتمام الصالة ،ويعيد السجود قطعا .ومنها :لو
سجد للسهو ،ثم سها قبل الس الم بكالم ،أو غ يره ،ففي وج ه :يعيد الس جود.
واالصح :ال يعيده كما لو تكلم ،أو سلم ناسيا بين سجدتي الس هو ،أو فيهم ا،
فإنه ال يعيده قطعا ،النه ال يؤمن وقوع مثله في المعاد فيتسلس ل .ولو س جد
،للسهو ثالثا ،لم يسجد لهذا السهو .وكذا لو شك ،هل سجد للسهو سجدة
] [ 416
أم سجدتين ،فأخذ باالقل ،وسجد أخرى ،ثم تحقق أنه كان سجد سجدتين ،لم
يعد السجود .ومنها :لو ظن سهوه ب ترك القن وت مثال ،فس جد ل ه ،فب ان قبل
السالم أن سهوه بغيره ،أعاد السجود على وجه ،النه لم يجبر ما يحتاج إلى
الج بر .واالص ح :أنه ال يعي ده ،النه قصد ج بر الخل ل .قلت :ولو ش ك ،هل
سها ،أم ال ؟ فجهل وسجد للسهو ،أمر بالسجود ثانيا لهذه الزيادة .وهللا أعلم.
فصل :إذا سها الم أموم خلف االم ام ،لم يس جد ،ويتحمل االم ام س هوه .ولو
سها بعد سالم االمام ،لم يتحمل ،النقطاع القدوة ،وكذا المأموم المواف ق ،إذا
تكلم ساهيا عقب سالم االمام .وكذا المنفرد إذا سها في ص الته ،ثم دخل في
جماعة ،وجوزنا ذلك ،فال يتحمل االمام سهوه ذل ك .أما إذا ظن الم أموم أن
االمام سلم ،فسلم ،ثم بان أنه لم يسلم ،فسلم معه ،فال سجود عليه ،النه س ها
في حال القدوة .ولو تيقن في التش هد أنه ت رك الرك وع أو الفاتحة من ركعة
ناسيا ،فإذا سلم االمام ،لزمه أن يأتي بركعة أخرى ،وال يس جد للس هو ،النه
سها في حال االقتداء .ولو سلم االمام ،فسلم المسبوق س هوا ،ثم ت ذكر ،ب نى
على صالته ،وس جد ،الن س هوه بعد انقط اع الق دوة .ولو ظن المس بوق أن
االمام سلم ،بأن سمع ص وتا ظنه س المه ،فق ام ليت دارك ما علي ه ،وك ان ما
عليه ركعة مثال ،ف أتى بها وجلس ،ثم علم أن االم ام لم يس لم بعد ت بين أن
ظنه كان خطأ ،فهذه الركعة غير معتد بها .النها مفعولة في غير موض عها،
فإن وقت التدارك بعد انقطاع القدوة ،فإذا سلم االمام ،ق ام إلى الت دارك ،وال
يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة .ولو كانت المس ألة بحاله ا ،فس لم االم ام وهو
ق ائم ،فهل يج وز له أن يمضي في ص الته ،أم يجب عليه أن يع ود إلى
القع ود ،ثم يق وم ؟ وجه ان .قلت :أص حهما :الث اني .وهللا أعلم .ف إن جوزنا
المضي ،فال بد من إعادة القراءة .فلو سلم االم ام في قيام ه ،لكنه لم يعلم به
ح تى أتم الركع ة .إن جوزنا المض ي ،فركعته محس وبة ،وال يس جد للس هو.
وإن قلنا :عليه القعود ،لم يحسب ،ويسجد للسهو للزيادة بعد سالم
] [ 417
االمام .ولو ك انت المس ألة بحاله ا ،وعلم في القي ام أن االم ام لم يس لم بع د،
فق ال إم ام الح رمين :إن رج ع ،فهو الوج ه ،وإن أراد أن يتم ادى وين وي
االنف راد قبل س الم االم ام ،ففيه الخالف في قطع الق دوة .ف إن منعن اه ،تعين
الرجوع .وإن جوزناه ،فوجه ان .أح دهما :يجب الرج وع .الن نهوضه غ ير
معتد به ،ف يرجع ،ثم يقطع الق دوة إن ش اء .والث اني :ال يجب الرج وع ،الن
النه وض ليس مقص ودا لعين ه ،وإنما المقص ود ،القي ام فما بع ده .ه ذا كالم
االمام .فلو لم يرد قطع القدوة ،فمقتضى كالم االمام :وجوب الرجوع .وق ال
الغ زالي :هو مخ ير ،إن ش اء رج ع ،وإن ش اء انتظر قائما س الم االم ام.
وج واز االنتظ ار قائما مش كل ،للمخالفة الظ اهرة .ف إن ك ان ق رأ قبل ت بين
الح ال ،لم يعتد بقراءته في جميع ه ذه االح وال ،بل عليه اس تئنافها .قلت:
الصحيح :وجوب الرجوع في الحالتين .وهللا أعلم .فصل :إذا س ها االم ام في
ص الته ،لحق س هوه الم أموم ويس تثنى ص ورتان .إح داهما :إذا ب ان االم ام
مح دثا ،فال يس جد لس هوه ،وال يتحمل عن الم أموم أيض ا .الثاني ة :أن يعلم
سبب سجود االمام ،وي تيقن غلطه في ظن ه ،كما إذا ظن االم ام ت رك بعض
االبع اض ،والم أموم يعلم أنه لم ي ترك ،فال يوافقه إذا س جد .ثم إذا س جد
االمام في غير الصورتين ،لزم المأموم موافقته فيه .فإن تركه عم دا ،بطلت
صالته .وسواء عرف المأموم سهو االمام ،أم لم يعرف ه .فم تى س جد االم ام
في آخر صالته سجدتين ،وجب على المأموم متابعت ه ،حمال على أنه س ها،
بخالف ما لو قام وأتى بركعة خامس ة ،فإنه ال يتابع ه ،حمال على أنه ت رك
ركنا من ركعة ،النه لو تحقق الحال هناك لم يجز متابعته ،الن الم أموم أتم
صالته يقينا .قلت :ولو كان المأموم مسبوقا بركع ة ،أو ش اكا في ت رك ركن
كالفاتحة ،فقام االمام إلى الخامسة ،لم يجز للم أموم متابعته فيه ا .وهللا أعلم.
ولو لم يسجد االمام إال س جدة ،س جد الم أموم أخ رى ،حمال على أنه نس ي.
ولو ترك االمام السجود لس هوه ،س جد الم أموم على الص حيح المنص وص.
وخرج قول :أنه ال يسجد .ولو سلم االمام ،ثم ع اد إلى الس جود ،نظ ر ،ف إن
س لم الم أموم معه ناس يا ،وافقه في الس جود .ف إن لم يوافق ه ،ففي بطالن
صالته وجهان بناء على ال وجهين فيمن س لم ناس يا للس جود فع اد إلي ه :هل
يعود إلى حكم الصالة ؟ وإن
] [ 418
سلم المأموم عمدا مع علمه بالسهو ،لم يلزمه متابعته .ولو لم يسلم الم أموم،
فعاد االمام ليس جد ،ف إن ع اد بعد أن س جد الم أموم للس هو ،لم يتابع ه ،النه
قطع صالته عن صالته بالسجود .وإن عاد قبل أن يسجد المأموم ،فاالصح:
أنه ال يجوز متابعته ،بل يسجد منفردا .والثاني :يلزمه متابعته .فإن لم يفعل،
بطلت ص الته .ولو س بق االم ام ح دث بعد ما س ها ،أتم الم أموم ص الته،
وسجد للسهو .تفريعا على الصحيح المنصوص .قلت :ولو س ها الم أموم ،ثم
سبق االمام حدث ،لم يسجد المأموم ،الن االم ام حمل ه .وإن ق ام االم ام إلى
خامسة س اهيا ،فن وى الم أموم مفارقته بعد بل وغ االم ام في ارتفاعه حد
الراكعين ،سجد الم أموم للس هو .وإن نواها قبل ه ،فال س جود .وهللا أعلم .ولو
كان االمام حنفيا ،وجوزنا االقتداء به ،فس لم قبل أن يس جد للس هو ،لم يس لم
معه الم أموم ،بل يس جد قبل الس الم ،وال ينتظر س جود االم ام ،النه فارقه
بسالمه .ولو كان المأموم مسبوقا ،وسها االمام بعد ما لحقه ،وسجد في آخر
صالته ،لزم المسبوق أن يسجد معه على الص حيح المنص وص المع روف.
وعلى الشاذ :ال يسجد .فعلى الصحيح :إذا سجد مع ه ،يعيد الس جود في آخر
صالة نفسه على االظهر .فإن لم يس جد االم ام ،لم يس جد المس بوق في آخر
ص الة االم ام .وهل يس جد في آخر ص الة نفسه ؟ فيه الخالف المتق دم في
المأموم المواف ق ،إذا لم يس جد االم ام :هل يس جد ؟ أما إذا س ها االم ام قبل
اقتداء المسبوق ،فهل يلحق المسبوق حكم سهوه ؟ وجهان .أحدهما :ال .فعلى
ه ذا إن لم يس جد االم ام ،لم يس جد هو أص ال .وإن س جد ،فاالص ح :أنه ال
يس جد مع ه .والث اني :يس جد مع ه ،لكن ال يعي ده في آخر ص الته .والوجه
الثاني وهو االصح :يلحقه حكم سهوه .فعلى هذا ،إن سجد االمام ،سجد معه.
وهل يعيده في آخر صالته ؟ فيه القوالن .وإن لم يسجد االمام ،سجد هو في
آخر صالته على الصحيح المنصوص .وإذا قلنا :المس بوق يعيد الس جود في
آخر صالته ،فاقتدى به بعد انفراده مسبوق آخر ،وب اآلخر آخ ر ،فكل واحد
منهم يسجد لمتابعته إمامه ،ثم يسجد في آخر صالة نفسه .ولو سها المسبوق
في تدارك ه ،ف إن قلن ا :ال يس جد لس هو االم ام في آخر ص الة نفس ه ،س جد
لسهوه سجدتين .وإن قلنا :يسجد لسهو االمام في آخرها ،فكم
] [ 419
يس جد ؟ وجه ان .أص حهما :س جدتان .والث اني :أرب ع .ولو انف رد المص لي
بركعة من رباعية ،وسها فيها ،ثم اقتدى بمسافر ،وجوزنا االقتداء في أثن اء
الصالة ،وسها إمام ه ،ثم ق ام إلى الرابع ة ،وس ها فيه ا ،فكم يس جد في آخر
صالته ؟ فيه أوجه .االصح .سجدتان .والثاني :أربع .والثالث :ست .فإن ك ان
سجد االمام ،فال بد أن يسجد معه ،فيكون قد أتى في صالته بثم ان س جدات
للسهو على الوجه الثالث .وكذا المس بوق إذا اقت دى بمس افر ،وس ها االم ام،
وسجد معه المسبوق ،ثم صار االمام متما قبل أن يسلم ،فأتم ،وأع اد س جود
السهو ،وأعاد معه المسبوق ،ثم قام إلى الرابع ة ،وس ها فيه ا ،وقلن ا :يس جد
أربع س جدات ،فقد أتى بثم اني س جدات .ف إن س ها بع دها بكالم ،أو غ يره،
وفرعنا على أنه إذا سها بعد سجود السهو ،يسجد ،صارت السجدات عشرا.
وقد يزيد عدد السجود على هذا تفريعا على الوجوه الضعيفة .قلت :إذا قلن ا:
يسجد سجدتين للجميع ،فهل هما عن سهوه في انفراده ،وس هو إمامه أم عن
س هو إمامه فق ط ،أم عن س هوه فقط ؟ فيه ثالثة أوجه حكاها ص احب
(البيان) .الصحيح المشهور :االول ،فإن قلنا :عن أحدهما فقط ،فن وى اآلخر
عالما ،بطلت صالته .وإن قلنا :عنهما ،فنوى أحدهما ،لم تبط ل ،لكنه ت ارك
لسجود االخير .وهللا أعلم .فصل في كيفية سجود السهو ومحل ه :أما كيفيت ه،
فهو سجدتان ( )1بينهما جلسة ،يسن في هيئتها االف تراش ،وبع دهما إلى أن
يسلم ،يتورك .وكتب االص حاب س اكتة عن ال ذكر فيهما ( ،)2وذلك يش عر
ب أن المحب وب فيه ا ،هو المحب وب في س جدات ص لب الص الة ،كس ائر ما
.سكتوا عنه من واجبات السجود ومحبوباته
] [ 420
وس معت بعض االئمة يحكي :أنه يس تحب أن يق ول فيهم ا :س بحان من ال
ين ام ،وال يس هو ( .)1وه ذا الئق بالح ال .وفي محله ثالثة أق وال .أظهره ا:
قبل الس الم .والث اني :إن س ها بزي ادة ،س جد بعد الس الم ،وإن س ها بنقص،
سجد قبله .والثالث :أنه يتخير ،إن شاء قبله ،وإن شاء بعده ( .)2واالول :هو
الجديد .واآلخران :قديمان .ثم هذا الخالف في االجزاء على المذهب .وقي ل:
في االفضل .ثم إذا قلن ا :قبل الس الم ،فس لم قبل أن يس جد ،نظ ر ،ف إن س لم
عامدا ،فوجهان .االصح :أنه فوت السجود .والث اني :إن قصر الفصل س جد،
وإال ،فال .وإذا سجد ،فال يك ون عائ دا إلى الص الة بال خالف ( ،)3بخالف
ما إذا سلم ناس يا وس جد ،ف إن فيه خالف ا ،وإن س لم ناس يا ،وط ال الزم ان،
فقوالن .الجديد االظهر :ال يسجد .والقديم :يسجد ،وإن لم يط ل ،وت ذكر على
ق رب ،ف إن ب دا له أن ال يس جد ،ف ذاك ،والص الة ماض ية على الص حة،
وحصل التحلل بالسالم على الص حيح .وفي وج ه :يس لم م رة أخ رى .وذلك
السالم غير معتد به ،وإن أراد أن يسجد ( ،)4فالصحيح المنص وص ال ذي
قطع به الجمهور :أنه يسجد .والث اني :ال يس جد .وإذا قلنا بالص حيح هن ا ،أو
بالق ديم عند ط ول الفص ل ،فس جد ،فهل يك ون عائ دا إلى حكم الص الة ؟
وجهان .أرجحهما عند ص احب (الته ذيب) :ال يك ون عائ دا .وأرجحهما عند
االكثرين :يكون عائدا .وبه قال أبو زيد ،وصححه القف ال ،وإم ام الح رمين،
والغزالي في (الفتاوى) والروياني ،وغيرهم .ويتفرع على الوجهين ،مسائل.
منها :لو تكلم عامدا ،أو أحدث في السجود ،بطلت صالته على الوجه
] [ 421
الث اني ،وال تبطل على االول .ومنه ا :لو ك ان الس هو في ص الة جمع ة،
وخ رج ال وقت وهو في الس جود ،ف اتت الجمعة على الوجه الث اني ،دون
االول .ومنه ا :لو ك ان مس افرا يقص ر ،ون وى االتم ام في الس جود ،لزمه
االتم ام على الوجه الث اني ،دون االول .ومنه ا :هل يك بر لالفتت اح ؟ وهل
يتشهد ( )1؟ إن قلنا بالوجه الثاني :لم يك بر ،ولم يتش هد ،وإن قلنا ب االول،
ك بر ،وفي التش هد ،وجه ان .أص حهما :ال يتش هد .وق ال في (الته ذيب):
والصحيح :أنه يس لم ،س واء قلنا بتش هد ،أم ال .وأما حد ط ول الفص ل ،ففيه
الخالف المتق دم فيمن ت رك ركنا ناس يا ثم ت ذكر بعد الس الم أو شك في ه.
واالصح :الرجوع إلى العرف .وحاول إمام الح رمين ض بط الع رف ،فق ال:
إذا مضى زمن يغلب على الظن ،أنه أضرب عن السجود قصدا ،أو نسيانا،
فهذا طويل ،وإال فقصير .ق ال :وه ذا إذا لم يف ارق المجلس ،ف إن ف ارق ،ثم
ت ذكر على ق رب الزم ان ،ففيه احتم ال عن دي ،الن الزم ان ق ريب ،لكن
مفارقته المجلس تغلب على الظن االض راب عن الس جود .ق ال :ولو س لم،
وأحدث ،ثم انغمس في ماء على ق رب الزم ان ،فالظ اهر أن الح دث فاصل
وإن لم يطل الزمان .وقد نقل قول
] [ 422
أنه يعتقد أن إمامه زاد في صالته جاهال .وحكى صاحب (البحر) وجها :أنه
يتابع االم ام في س جود (ص) .وهللا أعلم .ومواضع الس جدات بينة ال خالف
فيها ،إال التي في (حم السجدة) فاالص ح :أنها عقب * (ال يس أمون) (.* )1
والثاني :عقب * (إن كنتم إياه تعبدون) ( .* )2فرع :يسن السجود للق ارئ (
،)3والمستمع له ( ،)4سواء كان القارئ في الصالة ،أم ال .وفي وجه شاذ:
ال يسجد المستمع لقراءة من في الصالة .ويسن للمستمع إلى قراءة المح دث
( ،)5والصبي ،والكافر ،على االصح .وس واء س جد الق ارئ ،أم لم يس جد،
يسن للمستمع السجود ،لكنه إذا سجد كان آكد .ه ذا هو الص حيح ال ذي قطع
به الجمه ور .وق ال الص يدالني :ال يسن له الس جود إذا لم يس جد الق ارئ،
واختاره إمام الحرمين .وأما الذي ال يستمع ،بل يسمع عن غ ير قص د ،ففيه
أوجه .الصحيح المنصوص :أنه يستحب له ،وال يتأكد في حقه تأكده في حق
المس تمع .والث اني :أنه كالمس تمع .والث الث :ال يسن له الس جود أص ال .أما
المصلي ،فإن كان منفردا سجد لقراءة نفس ه .فلو لم يس جد فرك ع ،ثم ب دا له
أن يسجد ،لم يجز .فلو كان قبل بلوغه حد الراكعين ،جاز .ولو هوى لسجود
التالوة ،ثم بدا له فرجع ،جاز ،كما لو ق رأ بعض التش هد االول ولم يتمم ه،
فإنه يجوز .ولو أصغى المنفرد بالصالة لقراءة قارئ في الصالة أو غيرها،
لم يس جد ،النه ممن وع من االص غاء ،ف إن س جد ،بطلت ص الته .وإن ك ان
المصلي إماما ،فهو كالمنفرد فيما ذكرناه .وال يكره له ق راءة آية لس جدة ،ال
في الصالة الجهرية ،وال في
] [ 423
السرية .وإذا سجد االم ام ،س جد الم أموم .فلو لم يفع ل ،بطلت ص الته (.)1
وإذا لم يس جد االم ام ،لم يس جد الم أموم .ولو فع ل ،بطلت ص الته .ويحسن
القضاء ( )2إذا فرغ وال يتأكد .ولو سجد االمام ولم يعلم الم أموم ح تى رفع
االم ام رأسه من الس جود ،لم يس جد .وإن علم وهو بعد في الس جود ،س جد.
وإن كان المأموم في الهوي ،ورفع االمام رأسه ،رجع معه ولم يسجد ،وكذا
الض عيف ال ذي ه وى مع االم ام لس جود التالوة ،فرفع االم ام رأس ه ،قبل
انتهائه إلى االرض لبطء حركت ه ،يرجع مع ه ،وال يس جد .أما إذا ك ان
المص لي مأموم ا ،فال يس جد لق راءة نفس ه .بل يك ره له ق راءة الس جدة .وال
يسجد لقراءة غير االمام ،بل يكره له االصغاء إليها .ولو سجد لقراءة نفسه،
أو قراءة غير إمامه ،بطلت صالته .فرع :إذا قرأ آي ات الس جدات في مك ان
واحد ،سجد لكل واحدة ،فلو كرر اآلية الواح دة في المجلس الواح د ،نظ ر،
إن لم يس جد للم رة االولى ،كف اه س جود واح د ،وإن س جد لالولى ،فثالثة
أوج ه .االص ح :يس جد م رة أخ رى ،لتج دد الس بب .والث اني :يكفيه االولى.
والثالث :إن طال الفصل ،س جد أخ رى ،وإال فتكفيه االولى .ولو ك رر اآلية
الواحدة في الصالة ،فإن ك ان في ركع ة ،فك المجلس الواح د ،وإن ك ان في
ركعتين ،فكالمجلسين .ولو قرأ مرة في الص الة ،وم رة خارجها في المجلس
الواحد ،وسجد لالولى ،فلم أر فيه نصا لالص حاب ،وإطالقهم يقتضي ط رد
الخالف في ه .فصل في ش رائط س جود التالوة وكيفيته أما ش روطه ،فيفتقر
إلى ش روط الص الة ،كطه ارة الح دث ،والنجس ،وس تر الع ورة ،واس تقبال
القبلة ،وغيرها بال خالف .وأما كيفيت ه ،فله ح االن .ح ال في غ ير الص الة.
وحال فيها .فاالول :ينوي ويكبر لالفتتاح ،ويرفع يديه في هذه التكبيرة ح ذو
منكبيه ،كما
] [ 424
يفعل في تكبيرة االفتتاح في الصالة ،ثم يك بر أخ رى لله وي من غ ير رفع
الي د .ثم تكب ير اله وي مس تحب ليس بش رط .وفي تكب يرة االفتت اح ،أوج ه.
أص حها :أنها ش رط .والث اني :مس تحبة .والث الث :ال تش رع أص ال .قاله أبو
جعفر الترمذي ( .)1وهو شاذ منكر .قلت :قد قاله أيضا ص احب (الته ذيب)
و (التتمة) وأنكره إمام الحرمين ،وغيره .قال االمام :ولم أر لهذا ذك را ،وال
أصال .وهذا الذي قاله االمام ،هو االصوب ،فلم يذكر جمهور أص حابنا ه ذا
القيام ،وال ثبت فيه شئ مما يحتج به .فاالختي ار ترك ه .وهللا أعلم .ويس تحب
أن يق ول في س جوده( :س جد وجهي لل ذي خلقه وص وره ،وشق س معه
وبص ره ،بحوله وقوت ه) .وأن يق ول( :اللهم اكتب لي بها عن دك أج را،
واجعلها لي عندك ذخرا ،وضع عني بها وزرا ،واقبلها مني ،كما قبلتها من
عبدك داود (ص) ( )3( )2ولو ق ال ما يق ول في س جود ص الته ،ج از .ثم
يرفع رأسه مكبرا ،كما يرفع من سجود الصالة .وهل يش ترط الس الم ؟ فيه
قوالن .أظهرهما :يشترط ،فعلى هذا في اشتراط التشهد وجه ان .االص ح :ال
يشترط .ومن االصحاب من يقول :في اشتراط السالم والتشهد ،ثالثة أوج ه.
أص حها :يش ترط الس الم دون التش هد .وإذا قلن ا :التش هد ليس بش رط ،فهل
.يستحب ؟ وجهان .حكاهما في (النهاية)
] [ 425
قلت :االص ح :ال يس تحب .وهللا أعلم .الح ال الث اني :أن يس جد للتالوة في
الصالة ،فال يك بر لالفتت اح ،لكن يس تحب التكب ير لله وي إلى الس جود ،من
غير رفع اليدين ،فكذا يكبر عند رفع الرأس كما يفعل في س جدات الص الة.
ولنا وجه ش اذ :أنه ال يك بر لله وي ،وال للرف ع ،قاله ابن أبي هري رة.
ويس تحب أن يق ول في س جوده ما ق دمناه .وإذا رفع رأسه ق ام ،وال يجلس
لالستراحة .ويستحب أن يقرأ شيئا ،ثم يرك ع .وال بد من انتص ابه قائم ا ،ثم
يركع .فإن الهوي من قي ام ،واجب .فص ل :ينبغي أن يس جد عقب ق راءة آية
سجدة ،أو استماعها .فإن أخر ،وقصر الفصل ،سجد .وإن طال ،ف اتت .وهل
تقضى ؟ ق والن .حكاهما ص احب (التق ريب) أظهرهما -وبه قطع
الصيدالني ،وآخرون :ال تقضى ،النها لع ارض ،فأش بهت ص الة الكس وف.
وضبط طول الفصل ،يؤخذ مما تقدم في سجود السهو .ولو كان الق ارئ ،أو
المس تمع ،مح دثا عند التالوة ف إن تطهر على ق رب ،س جد .وإال ،فالقض اء
على الخالف .ولو كان يصلي ،فقرأ قارئ آية سجدة ،فإذا فرغ من ص الته،
هل يقضي س جود التالوة ؟ الم ذهب :أنه ال يقض يه ،وبه قطع الشاشي
وغيره ،واختاره إمام الحرمين ،الن قراءة غ ير إمام ه ،ال تقتضي س جوده.
وإذا لم نجز ما يقتضي الس جود أداء ،فالقض اء بعي د .وق ال ص احب
(التق ريب) :وفيه الق والن المتق دمان .وق ال ص احب (الته ذيب) :يحسن أن
يقضي وال يتأك د ،كما يجيب الم ؤذن إذا ف رغ من الص الة .قلت :إذا ق رأ
السجدة في الصالة قبل الفاتحة ،س جد ،بخالف ما لو قرأها في الرك وع ،أو
الس جود ،فإنه ال يس جد .ولو ق رأ الس جدة ،فه وى ليس جد ،فش ك ،هل ق رأ
الفاتحة ؟ فإنه يس جد للتالوة ،ثم يع ود إلى القي ام ،فيق رأ الفاتح ة .ولو ق رأ
خارج الص الة الس جدة بالفارس ية ،ال يس جد عن دنا .وإذا س جد المس تمع مع
القارئ ،ال يرتبط به ،وال ينوي االقتداء به ،وله الرفع من السجود قبله .ولو
أراد أن يقرأ آية ،أو آيتين فيهما سجدة ،ليسجد ،فلم أر فيه كالما الص حابنا.
وفي كراهته خالف للس لف ،أوض حته في كت اب (آداب الق رآن) ومقتضى
مذهبنا :أنه إن كان
] [ 426
في غير الوقت المنهي عن الص الة في ه ،وفي غ ير الص الة ،لم يك ره .وإن
كان في الصالة ،أو في وقت كراهتها ،ففيه الوجهان فيمن دخل المس جد في
هذه االوقات ال لغرض سوى صالة التحية .واالص ح :أنه يك ره له الص الة.
هذا إذا لم يتعلق بالقراءة المذكورة غ رض س وى الس جود ،ف إن تعل ق ،فال
كراهة مطلقا قطع ا ،ولو ق رأ آية س جدة في الص الة ،فلم يس جد ،وس لم،
يستحب أن يس جد ما لم يطل الفص ل .ف إن ط ال ،ففيه الخالف المتق دم .ولو
سجد للتالوة قبل بل وغ الس جدة ولو بح رف ،لم يصح س جوده .ولو ق رأ بعد
السجدة آيات ،ثم سجد جاز ما لم يطل الفصل .ولو قرأ سجدة ،فس جد ،فق رأ
في سجوده سجدة أخرى ،ال يسجد ثانيا على الصحيح المع روف .وفيه وجه
ش اذ :حك اه في (البح ر) أنه يس جد .ق ال ص احب (البح ر) :إذا ق رأ االم ام
الس جدة في ص الة س رية ،اس تحب ت أخير الس جود إلى فراغه من الص الة.
قال :وقد استحب أصحابنا للخطيب إذا قرأ سجدة ،أن يترك الس جود لما فيه
من كلفة النزول عن المنبر والصعود ( .)1قال :ولو ق رأ الس جدة في ص الة
الجنازة ،لم يسجد فيها .وهل يسجد بعد الفراغ ؟ وجهان .أصحهما :ال يسجد.
وأصلهما أن القراءة التي ال تشرع ،هل يسجد لتالوتها ؟ وجهان .وهللا أعلم.
السجدة الثالثة :سجدة الشكر :سجود الشكر سنة عند مفاجأة نعمة ( ،)2أو
] [ 427
اندفاع نقمة ( ،)1من حيث ال يحتسب ،وك ذا إذا رأى مبتلى ببلية ( ،)2أو
بمعصية ( .)3وال يسن عند استمرار النعم .وإذا سجد لنعم ة ،أو ان دفاع بلية
ال تتعلق بغيره ،استحب إظهار السجود .وإن سجد لبلية في غيره ،وصاحب
البلية غير معذور ،كالفاس ق ،أظهر الس جود بين يديه لعله يت وب .وإن ك ان
معذورا ،كصاحب الزمانة ،أخفاه كيال ( )4يتأذى .ويفتقد س جود الش كر إلى
ش روط الص الة .وكيفيته ككيفية س جود التالوة خ ارج الص الة .وال يج وز
سجود الش كر في الص الة بح ال .قلت :ق ال أص حابنا :لو س جد في الص الة
للش كر ،بطلت ص الته .فلو ق رأ آية س جدة ليس جد بها للش كر ،ففي ج واز
السجود ،وجهان .في (الشامل) و (البيان) أص حهما :يح رم ،وتبطل ص الته.
وهما ك الوجهين ،فيمن دخل المس جد في وقت النهي ليص لي التحي ة .وهللا
أعلم .ف رع :في ج واز س جود الش كر على الراحلة بااليم اء ( )5وجه ان.
كالتنفل مض طجعا مع الق درة .ولو س جد للتالوة على الراحل ة ،إن ك ان في
ص الة نافل ة ،ج از قطعا تبعا له ا ،وإال ،فعلى ال وجهين في س جدة الش كر.
أصحهما :الج واز فيهم ا ،وبه قطع ص احب (الته ذيب) و (الع دة) والخالف
فيمن اقتصر على االيماء ،ف إن ك ان في مرق د ،وأتم الس جود ،ج از قطع ا.
وأما الماشي في السفر فيسجد على االرض على الصحيح
] [ 428
قلت :ق ال في (الته ذيب) :لو تص دق ص احب ه ذه النعمة أو ص لى ش كرا،
فحسن ( .)1وهللا أعلم .فرع :لو خضع إنس ان هلل تع الى ،فتق رب بس جدة من
غير سبب ،فاالص ح :أنه ح رام ،ك التقرب برك وع مف رد ونح وه .وص ححه
إمام الح رمين ،والغ زالي ،وغيرهم ا ،وقطع به الش يخ أبو محم د .والث اني:
يجوز ،قاله صاحب (التقريب) ق ال :وإذا ف اتت س جدة الش كر ،ففي قض ائها
الخالف في قضاء النوافل الراتبة .وقطع غ يره بع دم القض اء .قلت :وس واء
في ه ذا الخالف في تح ريم الس جدة ،ما يفعل بعد ص الة وغ يره .وليس من
ه ذا ما يفعله كث يرون من الجهلة الظ المين ( ،)2من الس جود بين ي دي
المشايخ ،فإن ذلك حرام قطعا بكل حال ،س واء ك ان إلى القبل ة ،أو غيره ا.
وس واء قصد الس جود هلل تع الى ،أو غف ل .وفي بعض ص وره ما يقتضي
الكفر عافانا هللا تع الى .وهللا أعلم .الب اب الس ابع في ص الة التط وع اختلف
اصطالح االصحاب في تطوع الصالة .فمنهم من يفسره بما لم ي رد فيه نقل
بخصوصيته ،بل ينش ؤه االنس ان ابت داء .وه ؤالء ق الوا :ما ع دا الف رائض،
ثالثة أقسام ،س نن ،وهي ال تي واظب عليها رس ول هللا (ص) .ومس تحبات،
وهي التي فعلها أحيانا ،ولم ي واظب عليه ا .وتطوع ات ،وهي ال تي ذكرن ا.
ومنهم من ي رادف بين لفظي النافلة والتط وع ،ويطلقهما على ما س وى
الف رائض .قلت :ومن أص حابنا من يق ول :الس نة ،والمس تحب ،والمن دوب،
،والتطوع
] [ 429
والنفل والم رغب في ه ،والحس ن ،كلها بمع نى واح د .وهو ما رجح الش رع
فعله على تركه ،وجاز تركه ( .)1وهللا أعلم .واختلف أصحابنا في ال رواتب
ما هي ؟ فقيل :هي النوافل الموقتة ب وقت مخص وص ،وعد منها ال تراويح،
وصالة العيدين ،والضحى .وقيل :هي السنن التابعة للفرائض ( .)2واعلم أن
ما س وى ف رائض الص الة ،قس مان .ما يسن له الجماعة كالعي دين،
والكس وفين ،واالستس قاء .ولها أب واب معروف ة ،وما ال يسن فيه الجماع ة،
وهي رواتب مع الفرائض وغيرها ،فأما الرواتب ،فالوتر وغيره ،وأما غير
ال وتر ،ف اختلف االص حاب في ع ددها ،فق ال االك ثرون :عشر ركع ات،
ركعتان قبل الصبح ،وركعتان قبل الظه ر ،وركعت ان بع دها ،وركعت ان بعد
المغرب ،وركعتان بعد العش اء .ومنهم من نقص ركع تي العش اء .نص عليه
في (الب ويطي) وبه ق ال الخض ري .ومنهم من زاد على العشر ركع تين
أخ ريين قبل الظه ر .ومنهم من زاد على ه ذا أربعا قبل العص ر .ومنهم من
زاد على ه ذا آخ ريين بعد الظه ر .فه ذه خمسة أوجه الص حابنا ،وليس
خالفهم في أصل االس تحباب ،بل إن المؤكد من ال رواتب م اذا ؟ مع أن
االس تحباب يش مل الجمي ع .وله ذا ق ال ص احب (المه ذب) وجماع ة :أدنى
الكمال :عشر ركعات ،وهو وجه االول .وأتم الكم ال :ثم اني عش رة ركع ة،
.وهو الوجه الخامس .وفي استحباب ركعتين قبل المغرب وجهان
] [ 430
وباالستحباب قال أبو إسحاق الطوسي ( ،)1وأبو زكريا السكري ( .)2قلت:
الصحيح ،استحبابهما ،ففي مواضع من (صحيح البخ اري) عن ( )3عبد هللا
( )4بن مغفل ( )5رضي هللا عنه ،عن النبي (ص) قال( :ص لوا قبل ص الة
المغرب) قال في الثالث ة :لمن ش اء .وهللا أعلم .فص ل :ال وتر س نة .ويحصل
بركعة ،وبثالث ،وبخمس ،وبسبع ،وبتسع ،وبإحدى عشرة ،فهذا أكثره على
االصح .وعلى الثاني :أكثره ثالث عشرة .وال يجوز الزيادة على أكثره على
االص ح .ف إن زاد ،لم يصح وت ره ( .)6وإذا زاد على ركع ة ،ف أوتر بثالث
فأكثر موصولة ،فالصحيح :أن له أن يتشهد تش هدا واح دا في االخ يرة ،وله
تشهد آخر في التي قبلها .وفي وجه :ال يجزئ االقتص ار على تش هد واح د.
وفي وجه :ال يجوز لمن أوتر بثالث ،أن يتشهد تشهدين
] [ 431
بتس ليمة .ف إن فع ل ،بطلت ص الته ،بل يقتصر على تش هد أو يس لم في
التشهدين .وهذان الوجه ان منك ران ،والص واب ج واز ذلك كل ه .ولكن :هل
االفضل تش هد ؟ أم تش هدان ؟ فيه أوج ه .أرجحها عند الروي اني :تش هد.
والثاني :تشهدان .والثالث :هما في الفضيلة سواء .أما إذا زاد على تش هدين،
وجلس في كل ركع تين ،واقتصر على تس ليمة في الركعة االخ يرة،
فالصحيح :أنه ال يج وز ،النه خالف المنق ول .والث اني :يج وز كنافلة كث يرة
الركعات .أما إذا أراد االيتار بثالث ركعات ،فهل االفضل فصلها بسالمين،
أم وص لها بس الم .فيه أوج ه .أص حها :الفصل أفض ل .والث اني :الوص ل.
والثالث :إن كان منفردا ،فالفصل ،وإن صالها بجماعة ،فالوص ل .والراب ع:
عكسه .وهل الثالث الموصولة أفضل من ركعة فردة ؟ فيه أوجه .الصحيح:
أن الثالث أفضل .والثاني :الفردة .قال في (النهاي ة) :وغال ه ذا القائل فق ال:
الفردة أفضل من إح دى عش رة ركعة موص ولة .والث الث :إن ك ان منف ردا،
فالفردة .وإن كان إماما ،فالثالث الموصولة .فرع في وقت ال وتر( :في وقت
الوتر) وجهان .الصحيح :أنه من حين يصلي العشاء ،إلى طلوع الفجر .ف إن
أوتر قبل فعل العشاء ،لم يصح وتره ،سواء تعم د ،أو س ها وظن أنه ص لى
العشاء ،أو صالها ظانا أنه متطهر ،ثم أحدث فتوضأ وصلى الوتر ،ثم ب ان
أنه كان محدثا في العشاء ،ف وتره باط ل .والوجه الث اني :ي دخل وقت ال وتر
بدخول وقت العشاء ،وله أن يصليه قبلها .ولو صلى العشاء ،ثم أوتر بركعة
قبل أن يتنفل ،صح وتره على الصحيح .وقي ل :ال يصح ح تى يتقدمه نافل ة،
فإذا لم يصح وترا ،كان تطوع ا .ك ذا قاله إم ام الح رمين .وينبغي أن يك ون
على الخالف فيمن ص لى الظهر قبل ال زوال غالط ا ،هل تبطل ص الته ،أم
تكون نفال ؟ والمستحب أن يكون الوتر آخر صالة الليل .ف إن ك ان ال تهجد
له ،فينبغي أن يوتر بعد فريضة العشاء وراتبتها ،ويك ون وت ره آخر ص الة
اللي ل ،وإن ك ان له تهج د ،فاالفضل أن ي ؤخر ال وتر ،ك ذا قاله العراقي ون.
وق ال إم ام الح رمين ،والغ زالي :اخت ار الش افعي رحمه هللا ،تق ديم ال وتر.
فيجوز أن يحمل
] [ 432
نقلهما على من ال يعتاد قيام الليل .ويج وز أن يحمل على اختالف ق ول ،أو
وجه .واالمر فيه قريب ،وكل شائع .وإذا أوتر قبل أن ين ام ،ثم ق ام وتهج د،
لم يعد الوتر على الصحيح المعروف .وفي وجه ش اذ :يص لي في أول قيامه
ركعة يشفعه ،ثم يتهجد ما ش اء ،ثم ي وتر ثاني ا ،ويس مى ه ذا :نقض ال وتر.
والص حيح المنص وص في (االم) و (المختص ر) :أن ال وتر يس مى :تهج دا:
وقيل :الوتر غير التهجد .فرع :إذا اس تحببنا الجماعة في ال تراويح ،يس تحب
الجماعة أيضا في ال وتر بع دها .وأما في غ ير رمض ان ،فالم ذهب :أنه ال
يستحب فيه الجماعة .وقيل :في استحبابها ،وجه ان مطلق ا .حك اه أبو الفضل
بن عب دان .ف رع :يس تحب القن وت في ال وتر في النصف االخ ير من ش هر
رمضان ،فإن أوتر بركع ة ،قنت فيه ا ،وإن أوتر ب أكثر ،قنت في االخ يرة.
ولنا وج ه :أنه يقنت في جميع رمض ان ،ووج ه :أنه يقنت في جميع الس نة.
قاله أربعة من أئمة أصحابنا :أبو عبد هللا الزب يري ،وأبو الوليد النيس ابوري
( ،)1وأبو الفضل بن عبدان )2( ،وأبو منصور بن مهران ( .)3والصحيح:
اختص اص االس تحباب بالنصف الث اني من رمض ان ،وبه ق ال جمه ور
االص حاب .وظ اهر نص الش افعي رحمه هللا ،كراهة القن وت في غ ير ه ذا
النصف .ولو ت رك القن وت في موضع نس تحبه ،س جد للس هو ،ولو قنت في
غير النصف االخير من رمضان -وقلنا :ال يس تحب -س جد للس هو .وحكى
الروياني وجها :أنه يجوز القنوت في جميع السنة بال كراهة ،وال يسجد
] [ 433
للس هو بتركه في غ ير النص ف .ق ال :وه ذا اختي ار مش ايخ طبرس تان،
واستحس نه .وفي موضع القن وت في ال وتر ،أوج ه ،أص حها :بعد الرك وع.
ونص عليه في س نن حرملة ( .)1والث اني :قبل الرك وع ،قاله ابن س ريج.
والثالث :يتخير بينهما .وإذا قدمه ،فاالصح أنه يقنت بال تكبير .والثاني :يكبر
بعد القراءة ،ثم يقنت .ولفظ القنوت :هو ما تقدم في قنوت الص بح .واس تحب
االصحاب أن يضم إليه قنوت عمر ( )2رضي هللا عنه( :اللهم إنا نستعينك،
ونستغفرك ،ونستهديك ،ونؤمن بك ،ونتوكل عليك ،ونثني عليك الخير كل ه،
نشكرك وال نكفرك ،ونخلع ونترك من يفجرك .اللهم إياك نعبد ،ولك نص لي
ونس جد ،وإليك نس عى ونحفد ( ،)3نرجو رحمت ك ،ونخشى ع ذابك ،إن
عذابك بالكفار ملحق ( .)4اللهم عذب كفرة أهل الكت اب ال ذين يص دون عن
س بيلك ،ويك ذبون رس لك ،ويق اتلون أولي اءك ،اللهم اغفر للمؤم نين
والمؤمنات ،والمسلمين والمس لمات ،وأص لح ذات بينهم ،وألف بين قل وبهم،
واجعل في قلوبهم االيمان والحكمة ،وثبتهم على ملة رس ولك ،وأوزعهم أن
يوف وا بعه دك ال ذي عاه دتهم علي ه ،وانص رهم على ع دوك وع دوهم ،إله
الحق ،واجعلنا منهم) .وهل االفضل أن يقدم قنوت عمر على قنوت الصبح،
أم ي ؤخره ؟ وجه ان .ق ال الروي اني :يقدم ه ،وعليه العمل ونقل القاضي أبو
الطيب عن شيوخهم ،تأخيره .قلت :االصح :تأخيره ،الن قنوت الصبح ث ابت
عن الن بي (ص) في ال وتر .وينبغي أن يق ول( :اللهم ع ذب الكف رة) للحاجة
إلى التعميم في أزماننا .وهللا أعلم .ق ال الروي اني :ق ال ابن الق اص :يزيد في
القنوت (ربنا ال تؤاخذنا) إلى آخر
] [ 434
السورة ( )1واستحسنه ( .)2وحكم الجهر بالقنوت ،ورفع اليدين وغيرهم ا،
على ما تقدم في الصبح .ويستحب لمن أوتر بثالث ،أن يقرأ بعد الفاتحة في
االولى( * :سبح) * .وفي الثانية( * :قل يا أيها الكافرون) * .وفي الثالث ة* :
(قل هو هللا أح د) * .والمع وذتين ( .)3فصل في النوافل ال تي يسن فيها
الجماع ة :اعلم أن أفضل النوافل مطلق ا ،العي دان ( ،)4ثم الكس وفان ،ثم
االستس قاء ( .)5وأما ال تراويح ،ف إن قلن ا :ال يسن فيها الجماع ة ،ف الرواتب
أفضل منه ا ،وإن قلن ا :يسن فيه ا ،فك ذلك على االص ح .والث اني :ال تراويح
أفضل ( .)6قلت :كسوف الشمس أفضل من خسوف القمر ،ذكره الم اوردي
وغ يره .وهللا أعلم .فص ل :ومن التط وع ال ذي ال يسن له الجماع ة ،ص الة
الضحى .وأقلها :ركعتان ،وأفض لها :ثم ان ،وأكثره ا :اثنا عش ر ،ويس لم من
كل ركع تين .ووقتها من حين ترتفع الش مس إلى االس تواء .قلت :ق ال
أصحابنا :وقت الضحى من طلوع الشمس .ويستحب تأخيرها إلى ارتفاعه ا.
قال الماوردي :ووقتها المخت ار إذا مضى ربع النه ار .وهللا أعلم .ومنه تحية
،المسجد بركعتين ،ولو صلى الداخل فريضة ،أو وردا ،أو سنة
] [ 435
ونوى التحية معها ،حصال جميعا .وكذا إن لم ينوه ا .ويج وز أن يط رد فيه
الخالف المذكور فيمن ن وى غسل الجناب ة :هل يحصل له الجمعة والعيد إذا
لم ينوهما ؟ ( )1ولو صلى ال داخل على جن ازة ،أو س جد لتالوة ،أو ش كر،
أو ص لى ركعة واح دة ،لم يحصل التحية على الص حيح .قلت :ومن تك رر
دخوله المسجد في الساعة الواحدة مرارا .قال المح املي في كتابه (اللب اب):
أرجو أن يجزئه التحية م رة .وق ال ص احب (التتم ة) :لو تك رر دخول ه،
يس تحب التحية كل م رة ،وهو االص ح .ق ال المح املي :وتك ره التحية في
ح الين .أح دهما :إذا دخل واالم ام في المكتوب ة .والث اني :إذا دخل المس جد
الحرام ،فال يشتغل بها عن الطواف .ومما يحت اج إلى معرفت ه ،أنه لو جلس
في المسجد قبل التحية ،وطال الفصل ،لم يأت بها كما سيأتي :أنه ال يش رع
قض اؤها .وإن لم يط ل ،فال ذي قاله االص حاب :أنها تف وت ب الجلوس ،فال
يفعلها .وذكر االمام أبو الفضل بن عب دان في كتابه المص نف في العب ادات:
أنه لو نسي التحية وجلس ،ف ذكر بعد س اعة ،ص الها .وه ذا غ ريب .وفي
(صحيح البخاري) ( )2و (مسلم) ما يؤي ده في ح ديث ال داخل ي وم الجمع ة.
وهللا أعلم .ومنه ركعتا االح رام ،وركعتا الط واف ،إذا لم نوجبهم ا .قلت:
ومنه ركعتان عقب الوضوء ،ينوي بهما سنة الوضوء .ومنه سنة الجمعة
] [ 436
قبلها أربع ركع ات ،وبع دها أرب ع .ك ذا قاله ابن الق اص في (المفت اح)
وآخ رون .ويحصل أيضا بركع تين قبله ا ،وركع تين بع دها .والعم دة فيما
بعدها ،حديث (صحيح مسلم) ( )1وإذا صليتم الجمعة فص لوا بع دها أربع ا)
وفي (الص حيحين) ( )2أن الن بي (ص) ك ان يص لي بع دها ركع تين .وأما
قبله ا ،فالعم دة في ه ،القي اس على الظه ر .ويس تأنس فيه بح ديث (س نن ابن
ماجه) ( :)3أن النبي (ص) ،كان يصلي قبلها أربعا .وإس ناده ض عيف ج دا.
ومنه ركعتا االستخارة .ثبت في (صحيح البخ اري) ( .)4ومنه ركعتا ص الة
الحاج ة .وهللا أعلم .فص ل :أوكد ما ال تسن له الجماع ة :الس نن ال رواتب.
وأفضل ال رواتب :ال وتر ،وركعتا الفج ر .وأفض لهما :ال وتر على الجديد
الصحيح ( .)5والقديم :سنة الفجر .وفي وج ه :هما س واء .ف إذا قلنا بالجدي د،
فالصحيح الذي عليه الجمه ور :أن س نة الفجر تلي ال وتر في الفض يلة .وفي
وجه قاله أبو إسحاق :أن صالة الليل تقدم على سنة الفج ر .قلت :ه ذا الوجه
:قوي .ففي (صحيح مسلم) ( )6أن رسول هللا (ص) ،قال
] [ 437
وفي رواية (الصالة في ج وف )أفضل الصالة بعد الفريضة ،صالة الليل(
الليل) .وهللا أعلم .ثم أفضل الصلوات بعد الرواتب المذكورة ،الضحى .ثم ما
يتعلق بفع ل ،كركع تي الط واف ،وركع تي االح رام ،وتحية المس جد (.)1
فص ل :ال تراويح ،عش رون ركعة بعشر تس ليمات .قلت :فلو ص لى أربعا
بتسليمة ،لم يصح .ذكره القاضي حسين في (الفتاوى) النه خالف المش روع
( .)2وين وي ال تراويح ،أو قي ام رمض ان .وال يصح بنية مطلق ة ،بل ين وي
ركع تين من ال تراويح في كل تس ليمة .وهللا أعلم .ق ال الش افعي رحمه هللا:
ورأيت أهل المدينة يقومون بتسع وثالثين ،منها ثالث للوتر .ق ال أص حابنا:
ليس لغ ير أهل المدينة ذل ك .واالفضل في ال تراويح الجماعة على االص ح.
وقي ل :االظه ر ،وبه ق ال االك ثرون .والث اني :االنف راد أفض ل .ثم ق ال
العراقيون ،والصيدالني ،وغ يرهم :الخالف فيمن يحفظ الق رآن ،وال يخ اف
الكسل عنه ا ،وال تختل الجماعة في المس جد بتخلف ه .ف إن فقد بعض ه ذا،
فالجماعة أفضل قطعا .وأطلق جماعة ثالثة أوجه ،ثالثها :هذا الفرق .ويدخل
وقت التراويح بالفراغ من ص الة العش اء .فص ل :التطوع ات ال تي ال تتعلق
بسبب ،وال وقت ،ال حصر العدادها ،وال لركعات الواحدة منها .فإذا ش رع
في تطوع ،ولم ينو عددا ،فله أن يسلم من
] [ 438
ركعة ،وله أن يسلم من ركعتين فصاعدا .ولو صلى عددا ال يعلمه ،ثم سلم،
ص ح .نص عليه في (االمالء) .ولو ن وى ركع ة ،أو ع ددا قليال ،أو كث يرا،
فله ذل ك .ولنا وجه ش اذ :أنه ال يج وز أن يزيد على ثالث عش رة بتس ليمة
واحدة ،وهو غلط .ثم إذا نوى عددا ،فله أن يزيد ،وله أن ينقص .فمن أحرم
بركعة ،فله جعلها عشرا .أو بعشر ،فله جعلها واحدة ،بشرط تغيير النية قبل
الزيادة ،والنقص ان .فلو زاد أو نقص قبل تغ ير النية عم دا ،بطلت ص الته.
مثاله :نوى ركعتين ،فقام لثالثة بنية الزيادة ،جاز .ولو قام قبلها عمدا ،بطلت
صالته .وإن ق ام ناس يا ،ع اد وس جد للس هو وس لم .فلو ب دا له في القي ام أن
يزيد .فهل يشترط الع ود إلى القع ود ثم يق وم من ه ،أم له المضي ؟ وجه ان.
أصحهما :االول ،ثم يسجد للسهو في آخر ص الته .ولو زاد ركع تين س هوا،
ثم نوى إكم ال أرب ع ،ص لى ركع تين أخ ريين .وما س ها به ال يحس ب .ولو
نوى أربعا ،ثم غير نيته ،وسلم عن ركعتين ،جاز .ولو س لم قبل تغي ير النية
عمدا ،بطلت صالته .وإن سلم ساهيا ،أتم أربعا ،وسجد للس هو .فلو أراد بعد
السالم أن يقتصر على الركعتين ،سجد للسهو وسلم ثانيا ،فإن س المه االول
غير محسوب .ثم إن تطوع بركعة ،فال بد من التشهد .وإن زاد على ركعة،
فله أن يقتصر على تشهد في آخر صالته .وهذا التشهد ركن .وله أن يتش هد
في كل ركعتين ،كما في الفرائض الرباعية .فإن كان العدد وترا ،فال بد من
التش هد في االخ يرة أيض ا .وهل له أن يتش هد في كل ركعة ؟ ق ال إم ام
الح رمين :فيه احتم ال ،والظ اهر ج وازه .واعلم أن تج ويز التش هد في كل
ركعة ،لم يذكره غ ير االم ام ،والغ زالي .وفي كالم كث ير من االص حاب ما
يقتضي منع ه .قلت( :الص حيح المخت ار) ،منع ه ،فإنه اخ تراع ص ورة في
الصالة ال عهد بها .وهللا أعلم .وأما االقتص ار على تش هد في آخر الص الة،
فال خالف في ج وازه .وأما التش هد في كل ركع تين ،ف ذكره العراقي ون
وغ يرهم ،وق الوا :هو االفض ل ،وإن ج از االقتص ار على تش هد .وذكر
صاحب (التتمة) ،و (التهذيب) وجماعة :أنه ال يج وز الزي ادة على تش هدين
بحال .وال يجوز أن يكون بين التشهدين أكثر من الركعتين ،إن كان
] [ 439
العدد شفعا وإن كان وترا ،لم يجز بينهما أكثر من ركع ة .والم ذهب :ج واز
الزيادة كما قدمناه .وحكى صاحب (البي ان) وجه ا :أنه ال يجلس إال في آخر
الصالة ،وهو شاذ منكر .ثم إن صلى بتشهد ،قرأ السورة في الركعات كلها،
وإن ص لى بتش هدين ،فهل يق رأ فيما بعد التش هد االول ؟ فيه الق والن في
الفرائض ،واالفضل :أن يسلم من كل ركعتين ،سواء ك ان بالليل أو بالنه ار
( .)1ولو نوى صالة تطوع ،ولم ينو ركعة ،وال ركعت ان ( ،)2فهل يج وز
االقتصار على ركعة ؟ قال صاحب (التتم ة) :فيه وجه ان ،بن اء على ما لو
ن ذر ص الة مطلق ة ،هل يخ رج عن ن ذره بركع ة ،أم ال بد من ركع تين ؟
وينبغي أن يقطع بالجواز .قلت :إنما ذكر صاحب (التتمة) ال وجهين في أن ه:
هل يكره االقتصار على ركعة ،أم ال يكره ؟ وج زم ب الجواز ،كما ج زم به
سائر االصحاب .وهللا أعلم .فصل في أوقات النوافل الراتبة :وهي ض ربان:
أحدهما :راتبة تس بق الفريضة في دخل وقتها ب دخول وقت الفريض ة ،ويبقى
جوازها ما بقي وقت الفريض ة .ووقت اختيارها ما قبل الفريض ة .ولنا وجه
شاذ :أن س نة الص بح يبقى وقت أدائها إلى زوال الش مس .الض رب الث اني:
الرواتب التي بعد الفريضة ،ويدخل وقتها بفعل الفريض ة ،ويخ رج بخ روج
وقتها .ولنا قول شاذ :أن الوتر يبقى أداء إلى أن يصلي الص بح .والمش هور:
أنه يخرج بطلوع الفج ر .ف رع :النافلة قس مان .أح دهما :غ ير مؤقت ة ،وإنما
تفعل لسبب عارض ،كصالة الكسوفين ،واالستس قاء ،وتحية المس جد .وه ذا
ال مدخل للقضاء فيه .والثاني :مؤقتة ،كالعي د ،والض حى ،وال رواتب التابعة
للفرائض .وفي قض ائها أق وال .وأظهره ا :تقض ى .والث اني :ال .والث الث :ما
،استقل ،كالعيد
] [ 440
والضحى ،قضي .وما كان تبعا كالرواتب ،فال .وإذا قلنا :تقضى ،فالمش هور
أنها تقضى أبدا .والثاني :تقضى صالة النه ار .ما لم تغ رب شمس ه ،وف ائت
الليل ما لم يطلع فجره .فيقضي ركع تي الفجر ما دام النه ار باقي ا .والث الث:
يقضي كل ت ابع ما لم يصل فريضة مس تقبلة ،فيقضي ال وتر ما لم يصل
الصبح ،ويقضي سنة الصبح ما لم يصل الظهر ،والب اقي على ه ذا المث ال.
وقيل :على هذا االعتب ار ،ب دخول وقت المس تقبلة ،ال بفعله ا .قلت :يس تحب
عن دنا فعل ال رواتب ،في الس فر ،كالحض ر .والس نة :أن يض طجع بعد س نة
الفجر قبل الفريضة .فإن لم يفعل ،فصل بينهما ،لحديث [ عن عائشة رضي
هللا عنها ] (( ،)1أن الن بي (ص) ،ك ان إذا ص لى س نة الفج ر ،ف إن كنت
مستيقظة ،حدثني ،وإال اضطجع ح تى ي ؤذن بالص الة) رواه البخ اري (.)2
والسنة ،أن يخفف السورة فيهما .ففي (ص حيح مس لم) ( )3أن الن بي (ص)،
كان يقرأ في االولى بعد الفاتحة( * ،قولوا آمنا باهلل .)4( * )...اآلي ات .وفي
.الثانية( * :قل يا أهل الكتاب تعالوا)5( * )...
] [ 441
وفي رواية ( :)1أنه ق رأ في االولى( * :قل يا أيها الك افرون) * .وفي
الثاني ة( * :قل هو هللا أح د) * فكالهما س نة .ونص في (الب ويطي) على
الثانية .وفي سنة المغرب( * :قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو هللا أح د)
* .وكذا في ركع تي االس تخارة ،وتحية المس جد .وتط وع اللي ل ،أفضل من
تطوع النهار ( .)2فإن أراد أحد نصفي اللي ل ،فالنصف الث اني أفض ل ،وإن
أراد أحد الثالثه )3( ،فاالوسط وأفضل منه السدس الراب ع ،والخ امس .ثبت
ذلك في (الص حيحين) ( .)4ويك ره قي ام الليل كله دائم ا ،وينبغي أن ال يخل
بص الة في الليل وإن قلت .والنفل في ال بيت أفضل من المس جد ( ،)5كما
.قدمناه
] [ 442
ويستحب لمن قام لتهجد ،أن يوقظ له من يطمع بتهجده إذا لم يخف ضررا.
ويستحب المحافظة على الركعتين في المسجد ،إذا قدم من س فر ،لالح اديث
.الصحيحة في كل ذلك .وهللا أعلم
] [ 443
كت اب ص الة الجماعة ( )1اعلم أن أرك ان الص الة وش روطها ،ال تختلف
بالجماع ة ،واالنف راد ،لكن الجماعة أفض ل .فالجماعة ف رض عين في
الجمع ة ،وأما في غيرها من المكتوب ات ،ففيها أوج ه .االص ح :أنها ف رض
كفاية ( .)2والث اني :س نة .والث الث :ف رض عين قاله من أص حابنا ،ابن
المنذر ،وابن خزيمة .وقي ل :إنه ق ول للش افعي رحمه هللا .ف إن قلن ا :ف رض
كفاية ،فإن امتنع أهل قرية من إقامتها ،قاتلهم االمام ،ولم يسقط الح رج ،إال
إذا أقاموه ا ،بحيث يظهر ه ذا الش عار بينهم .ففي القرية الص غيرة يكفي
إقامتها في موضع ،وفي الكبيرة ،والبالد ،تقام في المح ال .فلو أطبق وا على
إقامتها في البيوت ،قال أبو إس حاق :ال يس قط الف رض .وخالفه بعض هم ،إذا
ظه رت في االس واق ( .)3وإن قلن ا :إنها س نة فتركوه ا ،لم يق اتلوا على
.االصح
] [ 444
قلت :قول أبي إسحاق أصح .ولو أق ام الجماعة طائفة يس يرة من أهل البل د،
وأظهروها في كل البل د ،ولم يحض رها جمه ور المقيمين بالبل د ،حص لت
الجماعة ،وال إثم على المتخلفين .كما إذا ص لى على الجن ازة طائفة يس يرة.
وأما أهل البوادي ،فقال إمام الحرمين :عندي فيهم نظر ،فيجوز أن يق ال :ال
يتعرضون لهذا الفرض ،ويجوز أن يق ال :يتعرض ون له إذا ك انوا س اكنين.
قال :وال شك أن المسافرين ال يتعرض ون له ذا الف رض ،وك ذا إذا قل ع دد
س اكني قرية ( .)1ه ذا كالم االم ام .والمخت ار أن أهل الب وادي الس اكنين،
كأهل القرية ،للحديث الصحيح ( )2ما من ثالثة في قري ة ،أو ب دو ،ال تق ام
فيهم الصالة ،إال قد استحوذ عليهم الش يطان) .وهللا أعلم .ه ذا حكم الرج ال.
وأما النساء ،فال تف رض عليهن الجماع ة ،ال ف رض عين ،وال كفاي ة .ولكن
يس تحب لهن .ثم فيه وجه ان .أح دهما :كاس تحبابها للرج ال .وأص حهما :ال
يتأكد في حقهن ،كتأك دها في حق الرج ال .فال يك ره لهن تركه ا ،ويك ره
تركها للرج ال ،مع قولن ا :هي لهم س نة .والمس تحب أن تقف إم امتهن ()3
وس طهن ،وجم اعتهن في ال بيوت أفض ل .ف إن أردن حض ور المس جد مع
الرجال ،كره للشواب ،دون العج ائز .وإمامة الرج ال لهن ،أفضل من إمامة
النساء ،لكن ال
] [ 445
يجوز أن يخلو بهن غير محرم ( .)1قلت :الخالف في كون الجماعة فرض
كفاي ة ،أم عين ،أم س نة ،هو في المكتوب ات المؤدي ات ،أما المن ذورة ،فال
يشرع فيها الجماعة .وقد ذكره الرافعي في أثناء كالمه في ب اب االذان ،في
مسألة ،ال يؤذن لمن ذورة .وأما المقض ية ،فليست الجماعة فيها ف رض عين،
وال كفاية قطعا ،ولكنها سنة قطعا .وفي الصحيح ( :)2أن رس ول هللا (ص)
ص لى بأص حابه الص بح جماعة حين ف اتتهم ب الوادي .وأما القض اء خلف
االداء وعكس ه ،فج ائز عن دنا ،كما س يأتي إن ش اء هللا تع الى .لكن االولى
االنفراد للخروج من خالف العلماء .وأما النوافل ،فقد س بق في ب اب ص الة
التط وع ما يش رع فيه الجماع ة ،منه ا ،وما ال يش رع .ومع نى ق ولهم :ال
يشرع ،ال تستحب فلو صلى هذا النوع جماعة ج از ،وال يق ال مك روه ،فقد
تظاهرت االحاديث الصحيحة على ذلك .وهللا أعلم .فص ل :إذا ص لى الرجل
في بيته برفيق ه ،أو زوجت ه ،أو ول ده ،ح از فض يلة الجماع ة ،لكنها في
المسجد أفضل .وحيث كان الجمع من المساجد أك ثر ،فهو أفض ل .ولو ك ان
بقربه مسجد قليل الجمع ،وبالبعد مسجد كثير الجمع ،فالبعيد أفض ل ،إال في
ح التين .إح داهما :أن تتعطل جماعة الق ريب بعدوله عن ه ،لكونه إمام ا ،أو
يحضر الن اس بحض وره ،ف القريب أفض ل .والث اني :أن يك ون إم ام البعيد
مبتدعا ،كالمعتزلي ( )3وغيره ،قال المحاملي وغ يره :وك ذا لو ك ان االم ام
،حنفيا ()4
] [ 446
النه ال يعتقد وج وب بعض االرك ان ،بل ق ال أبو إس حاق :الص الة منف ردا
أفضل من الص الة خلف الحنفي وه ذا تفريع على ص حة الص الة خلف
الحنفي ( .)1ولنا وجه :أن رعاية مسجد الجوار ،أفضل بكل حال .ف رع :إذا
أدرك المسبوق االمام قبل السالم ،أدرك فضيلة الجماعة على الصحيح الذي
قطع به الجمهور ( .)2وقال الغزالي :ال يدرك إال ب إدراك ركع ة .وهو ش اذ
ض عيف .ف رع :يس تحب المحافظة على إدراك التكب يرة االولى مع االم ام.
وفيما يدركها به ،أوجه .أص حها :ب أن يش هد تكب يرة االم ام ،ويش تغل عقبها
بعقد ص الته .ف إن أخر لم ي دركها .والث اني :ب أن ي درك الرك وع االول.
والثالث :أن يدرك شيئا من القي ام .والراب ع :أن يش غله أمر دني وي لم ي درك
بالركوع .وإن منعه عذر ،أو سبب
] [ 447
للصالة ،كالطه ارة أدرك ب ه .قلت :وذكر القاضي حس ين وجها خامس ا :أنه
يدركها ما لم يشرع االمام في الفاتحة .قال الغ زالي في (البس يط) في الوجه
الثاني :والث الث ،هما فيمن لم يحضر إح رام االم ام ،فأما من حضر وأخ ر،
فقد فاتته فضيلة التكبيرة ،وإن أدرك الركعة .وهللا أعلم .ولو خاف فوت ه ذه
التكبيرة ( ،)1فقد قال أبو إسحاق :يستحب أن يس رع ،لي دركها ،والص حيح
ال ذي قطع به الجم اهير :أنه ال يس رع ،بل يمشي بس كينة ،كما لو لم يخف
فوتها .فص ل :يس تحب لالم ام أن يخفف الص الة من غ ير ت رك االبع اض،
والهيئات .فإن رضي القوم بالتطويل ( ،)2وكانوا منحصرين ،ال يدخل فيهم
غيرهم ،فال بأس بالتطويل .ولو ط ول االم ام ،فله أح وال .منه ا :أن يص لي
في مسجد سوق ،أو محلة ،فيطول ،ليلحق آخرون تكثر بهم الجماع ة ،فه ذا
مك روه .ومنه ا :أن ي ؤم في مس جد يحض ره رجل ش ريف ،فيط ول ليلحق
الشريف ،فيكره أيضا .ومنها :أن يحس في صالته بمجئ رجل يريد االقتداء
به .فإن كان االمام
] [ 448
راكع ا ،فهل ينتظ ره لي درك الرك وع ؟ فيه ق والن :أظهرهما عند إم ام
الح رمين ،وآخ رين :ال ينتظ ره ،والث اني :ينتظ ره بش رط أن ال يفحش
التطويل ،وأن يكون المسبوق داخل المسجد حين االنتظار .فإن ك ان خارجه
لم ينتظ ره قطعا وبش رط أن يقصد به التق رب إلى هللا تع الى ،ف إن قصد
التودد واستمالته ،فال ينتظره قطع ا .وه ذا مع نى ق ولهم :ال يم يز بين داخل
وداخل .وقيل :إن عرف ال داخل بعين ه ،لم ينتظ ره ،وإال انتظ ره .وقي ل :إن
ك ان مالزما للجماع ة ،انتظ ره ،وإال فال .واختلف وا في كيفية الق ولين .فق ال
معظم االصحاب :ليس الق والن في اس تحباب االنتظ ار ،بل أح دهما :يك ره،
وأظهرهما :ال يك ره .وقي ل :أح دهما ،يس تحب .والث اني :ال يس تحب .وقي ل:
أحدهما يستحب .والثاني :يكره .وقيل :ال ينتظره ق وال واح دا .وإنما الق والن
في االنتظ ار في القي ام .وقي ل :إن لم يضر االنتظ ار بالم أمومين ،ولم يشق
عليهم ،انتظر قطع ا ،وإال ففيه الق والن .وحيث قلن ا :ال ينتظ ر ،ف انتظر ،لم
تبطل صالته على المذهب .وقيل :في بطالنها قوالن .ولو أحس بالداخل في
التش هد االخ ير ،فهو ك الركوع .وإن أحس به في س ائر االرك ان كالقي ام
والسجود ،وغيرهما ،لم ينتظره على المذهب الذي قطع به الجمهور .وقي ل:
هو كالركوع .وقيل :القيام ،كالركوع ،دون غيره .وحيث قلنا :ال ينتظر ،ففي
البطالن ما س بق ( .)1قلت :الم ذهب أنه يس تحب انتظ اره في الرك وع
والتشهد االخير بالشروط الم ذكورة ،ويك ره في غيرهم ا .وهللا أعلم .فص ل:
من صلى صالة من الخمس منف ردا ثم أدرك جماعة يص لونها ،اس تحب أن
يعي دها معهم .ولنا وجه ش اذ منك ر :أنه يعيد الظهر والعش اء فق ط .ووج ه:
يعيدهما مع المغرب .ولو صلى جماعة ،ثم أدرك جماعة أخرى ،فاالصح
] [ 449
عند جماهير االص حاب :يس تحب االع ادة ك المنفرد .والث اني :ال .فعلى ه ذا
تك ره إع ادة الص بح والعصر دون غيرهم ا .والث الث :إن ك ان في الجماعة
الثانية زيادة فضيلة لكون االم ام أعلم أو أورع ،أو الجمع أك ثر ،أو المك ان
أشرف ،اس تحب االع ادة وإال فال .والراب ع :يس تحب إع ادة ما ع دا الص بح
والعصر .وإذا استحببنا االعادة لمن ص لى منف ردا ،أو جماع ة ،ففي فرضه
ق والن ،ووجه ان ( .)1أظهر الق ولين وهو الجدي د :فرضه االولى .والق ديم:
فرضه إحداهما ال بعينه ا .وهللا تع الى يحتسب بما ش اء منهم ا ،وربما قي ل:
يحتسب بأكملهما .وأحد الوجهين كالهما فرض .والث اني :إن ص لى منف ردا،
ف الفرض الثانية لكماله ا .ثم إن فرعنا على غ ير الجدي د ،ن وى الف رض في
الم رة الثاني ة .وإن ك انت الص الة مغربا أعادها ك المرة االولى .وإن فرعنا
على الجديد ،فوجهان .االصح الذي قاله االكثرون :ينوي بها الفرض أيض ا.
والثاني :اختاره إمام الحرمين :ينوي الظهر والعصر .وال يتع رض للف رض
فإن كانت الصالة مغربا .فالصحيح :أنه يعيدها كالمرة االولى ( .)2والث اني:
يستحب أن يقوم إلى ركعة أخرى إذا سلم االمام .قلت :الراجح :اختي ار إم ام
الحرمين .ويستحب لمن ص لى إذا رأى من يص لي تلك الفريضة وح ده ،أن
يص ليها معه ليحصل له فض يلة الجماع ة .وهللا أعلم .فص ل :ال رخصة في
ترك الجماعة ،سواء قلنا سنة ،أو فرض كفاية إال من عذر عام ،أو خاص،
فمن العام :المطر ليال كان أو نهارا ( .)3ومنه الريح العاصفة
] [ 450
في الليل دون النه ار .وبعض االص حاب يق ول :ال ريح العاص فة في الليلة
المظلمة ،وليس ذلك على سبيل اشتراط الظلمة .ومنه الوحل الشديد وس يأتي
في الجمعة إن شاء هللا تعالى .ومن ه ،الس موم ،وش دة الحر في الظه ر .ف إن
أقاموا الجماعة ولم يبردوا ،أو أبردوا ،أو بقي الحر الشديد ،فله التخلف عن
الجماعة .ومنه شدة ال برد س واء في الليل والنه ار .ومن االع ذار الخاص ة:
الم رض ،وال يش ترط بلوغه ح دا يس قط القي ام في الفريض ة ،بل يعت بر أن
يلحقه مش قة كمش قة الماشي في المط ر .ومنه ا :أن يك ون ممرض ا ،وي أتي
تفص يله في (الجمع ة) إن ش اء هللا تع الى .ومنه ا :أن يخ اف على نفس ه ،أو
ماله ،أو على من يلزمه ال ذب عنه من س لطان ،أو غ يره ،ممن يظلم ه ،أو
يخ اف من غ ريم يحبس ه ،أو يالزمه وهو معس ر ،فله التخل ف .وال ع برة
بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه ،بل عليه الحضور ويوفيه ذلك
الحق .ويدخل في الخوف على المال ،ما إذا كان خبزه في التن ور ،أو ق دره
على الن ار ،وليس هن اك من يتعه دهما .ومنه ا :أن يك ون عليه قص اص لو
ظفر به المس تحق لقتل ه ،وك ان يرجو العفو مجان ا ،أو على م ال لو غيب
وجهه أياما ،فله التخلف بذلك .وفي معن اه حد الق ذف دون حد الزن ا ،وما ال
يقبل العفو .واستشكل إمام الحرمين جواز التغيب لمن عليه قصاص .ومنها:
أن يدافع أحد االخب ثين ،أو ال ريح ( .)1وتك ره الص الة في ه ذه الح ال ،بل
يس تحب أن يف رغ نفس ه ،ثم يص لي وإن ف اتت الجماع ة .فلو خ اف ف وت
الوقت ،فوجهان .أصحهما :يقدم الصالة .والث اني :االولى أن يقضي حاجت ه،
وإن ف ات ال وقت ،ثم يقض ي .ولنا وجه ش اذ :أنه إذا ض اق عليه االمر
بالمدافعة ،وس لبت خش وعه ،بطلت ص الته .قاله الش يخ أبو زي د ،والقاضي
.حسين
] [ 451
ومنه ا :أن يك ون به ج وع ،أو عطش ش ديد ،وحضر الطع ام والش راب،
وتاقت نفسه إلي ه ،فيب دأ باالكل والش رب .ق ال االص حاب :وليس الم راد أن
يس توفي الش بع ،بل يأكل لقما يكسر ح دة جوع ه .إال أن يك ون الطع ام مما
يؤتى عليه مرة واحدة ،كالسويق ،واللبن .فإن خاف فوت ال وقت لو اش تغل،
فوجهان ،كمدافعة االخبثين .ومنها :أن يكون عاريا ال لب اس ( )1ل ه ،فيع ذر
في التخل ف ،س واء وجد ما يس تر الع ورة ،أم ال .ومنه ا :أن يريد الس فر
وترتحل الرفق ة .ومنه ا :أن يك ون ناشد ض الة يرجو الظف ر ،إن ت رك
الجماعة ،أو وجد من غصب مال ه ،وأراد اس ترداده من ه .ومنه ا :أن يك ون
أكل بص ال ،أو كراثا ( ،)2أو نحوهم ا ،ولم يمكنه إزالة الرائحة بغسل
ومعالجة ،فإن كان مطبوخا فال .ومنها :غلبة النوم ( .)3قلت :أما الثلج ،ف إن
.بل الثوب فعذر ،وإال ،فال .قال في (الحاوي) :والزلزلة عذر .وهللا أعلم
] [ 452
ب اب ص فة االئمة ص فة االئمة ض ربان ،مش روطة ،ومس تحبة .فأما
المش روطة ،فص الة االم ام ت ارة تك ون باطلة في اعتق اد االم ام والم أموم،
وت ارة تك ون ص حيحة .ف االول كص الة المح دث ،والجنب ،ومن على ثوبه
نجاسة ،ونحو ذلك ،فال يجوز لمن علم حاله االقت داء ب ه ،وك ذلك الك افر ال
يج وز االقت داء ب ه .ولو ص لى ،لم يصر بالص الة مس لما على المش هور.
والثاني :إذا صلى في دار الحرب ،صار مسلما .ه ذا إذا لم يس مع منه كلمتا
الش هادتين ،ف إن س معتا ،حكم بإس المه على الص حيح ( .)1فأما إذا ك انت
ص الة االم ام ص حيحة في اعتق اده دون اعتق اد الم أموم ،أو ب العكس ،فله
ص ورتان .إح داهما :أن يك ون ذلك الختالفهما في الف روع االجتهادي ة .ب أن
مس الحنفي فرجه ،وصلى ،ولم يتوضأ ،أو ترك االعتدال ،أو الطمأنينة ،أو
قرأ غ ير الفاتح ة ،ففي ص حة ص الة الش افعي خلف ه ،وجه ان .ق ال القف ال:
يصح .وقال الشيخ أبو حامد :ال يصح .وه ذا هو االصح عند االك ثرين .وبه
قطع الروياني في (الحلية) والغزالي في (الفت اوى) .ولو ص لى على وجه ال
يص ححه ،والش افعي يص ححه ،ب أن احتجم ،وص لى ،فعند القف ال :ال يصح
اقتداء الشافعي به .وعند أبي حام د :يص ح ،اعتب ارا باعتق اد الم أموم .وق ال
االودني ( ،)2والحليمي من أص حابنا :إذا أم ولي االم ر ،أو نائبه ف ترك
البسملة .والمأموم يرى وجوبها ،صحت صالته خلفه عالما كان ،أو عامي ا،
وليس له المفارقة لما فيه من الفتنة ،وه ذا حس ن .أما إذا حافظ الحنفي على
جميع ما يعتقد الشافعي وجوبه ،واش تراطه ،فيصح اقت داء الش افعي به على
الصحيح الذي قطع به الجمهور .وق ال االس تاذ أبو إس حاق االس فراييني :ال
يصح .ولو شك ،هل أتى بالواجبات ،أم ال ؟ فاالصح :أنه كما
] [ 453
إذا علم إتيانه به ا .والث اني :أنه كما إذا علم تركه ا ،فالحاصل في اقت داء
الشافعي بالحنفي ،أربعة أوجه .أحدها :الصحة .والث اني :البطالن .واالص ح:
إن حافظ على الواجب ات ،أو ش ككنا ،ص ح .وإال ،فال .والراب ع :إن حاف ظ،
ص ح .وإال ،فال .ولو اقت دى الحنفي بالش افعي ،فص لى الش افعي على وجه
يصح عنده ،وال يصح عند الحنفي ،بأن احتجم ،ففي ص حة اقتدائه الخالف.
وإذا صححنا اقتداء أح دهما ب اآلخر ،فص لى الش افعي الص بح خلف حنفي،
ومكث الحنفي بعد الرك وع قليال ،وأمكنه أن يقنت في ه ،فع ل ،وإال تابع ه.
ويسجد للسهو ،إن اعتبرنا اعتقاد الم أموم ،وإن اعتبرنا اعتق اد االم ام ،فال.
ولو صلى الحنفي خلف الشافعي الصبح ،فترك االمام القنوت ساهيا ،وس جد
للس هو ،تابعه الم أموم ،وإن ت رك االم ام س جود الس هو ،س جد الم أموم إن
اعتبرنا اعتقاد االمام ،وإال ،فال .الصورة الثانية :أن ال يك ون الختالفهما في
الف روع ،فال يج وز لمن يعتقد بطالن ص الة غ يره أن يقت دي ب ه ،ك رجلين
اختلف اجتهادهما في القبلة ،أو في إناءين :طاهر ،ونجس ،فلو كثرت اآلنية
والمجتهدون ،واختلف وا ب أن ك انت ثالث ة :ط اهران ،ونجس ،فظن كل رجل
طهارة واحد فحسب ،وأم كل واحد في صالة فثالثة أوج ه ،الص حيح :ق ول
ابن الح داد واالك ثرين :تصح لكل واحد ما أم في ه ،واالقت داء االول يبطل
الثاني .والثاني :قول صاحب (التلخيص) :ال يصح االقت داء أص ال .والث الث:
قول أبي إسحاق المروزي :يصح االقتداء االول إن اقتصر عليه .فإن اقت دى
ثاني ا ،لزمه إعادتهم ا .أما إذا ظن طه ارة اث نين ،فيصح اقت داؤه مس تعمل
المظنون طهارته بال خالف .وال يصح بالث الث بال خالف .ولو ك انت اآلنية
خمسة ،والنجس منها واحد ،فظن كل واحد طهارة واحد ،ولم يظن شيئا من
االربع ة ،وأم كل واحد في ص الة ،فعند ص احب (التلخيص) والم روزي:
يجب عليهم إعادة ما اقتدوا به .وعند ابن الحداد :يجب إعادة االقتداء االخير
فقط .وقال بعض االصحاب :ه ذه االوجه إنما هي فيما إذا س مع ص وت من
خمسة أنفس وتناكروه .فأما اآلنية :فال تبطل إال االقت داء االخ ير بال خالف.
ولو ك ان النجس من اآلنية الخمسة اث نين ،ص حت ص الة كل واحد منهم
خلف اثنين ،وبطلت خلف اثنين .ولو كان النجس ثالثة ،ص حت خلف واحد
.فحسب .هذا قول ابن الحداد ،وال يخفى قول اآلخرين
] [ 454
الحال الثاني :أن تكون صالة االم ام ص حيحة في اعتق اد االم ام والم أموم،
فتارة يغني عن القض اء ،وت ارة ال يغ ني .ف إن لم تغن كمن لم يجد م اء وال
ترابا ،لم يجز االقتداء به للمتوضئ وال للمتيمم الذي ال يقض ي .وهل يج وز
لمن هو في مثل حاله ؟ وجه ان .الص حيح :ال .ومثل ه :المقيم الم تيمم لع دم
الم اء ،ومن أمكنه أن يتعلم الفاتحة فلم يتعلم ثم ص لى لحرمة ال وقت،
والع اري ،والمرب وط على خش بة إذا أوجبنا عليهم االع ادة .وإن أغنت عن
القضاء .ف إن ك ان مأموم ا ،لم يصح االقت داء ب ه .ولو رأى رجلين يص ليان
جماعة ،وشك أيهما االمام ،لم يجز االقتداء بواحد منهما حتى يت بين االم ام.
ولو اعتقد كل واحد من المصلين أنه م أموم ،لم تصح ص التهما .وإن اعتقد
أنه إمام ،ص حت .ولو شك كل واحد أنه إم ام ،أم م أموم ،بطلت ص التهما.
وإن شك أح دهما ،بطلت ص الته .وأما اآلخ ر ،ف إن ظن أنه إم ام ص حت،
وإال ،فال .وإن كان غير م أموم ،فت ارة يخل ب القراءة ،وت ارة ال يخ ل ،ف إن
أخل ب أن ك ان أمي ا ،ففي ص حة اقت داء الق ارئ ب ه ،ثالثة أق وال .الجديد
االظهر :ال تصح .والقديم :إن كانت سرية ،صح ،وإال فال .والث الث :مخ رج
أنه يصح مطلقا .هكذا نقل الجمهور .وأنكر بعضهم الثالث ،وعكس الغزالي،
فجعل الثاني ثالثا ،والثالث ثانيا ،والصواب :االول .قلت :هذه االق وال جارية
سواء علم المأموم كون االمام أميا ،أم ال هكذا قاله الشيخ أبو حامد ،وغيره.
وهو مقتضى اطالق الجمهور .وقال صاحب (الح اوي) :االق وال إذا لم يعلم
كونه أميا ،فإن علم لم يصقطعا ،والص حيح أنه ال ف رق .وهللا أعلم .والم راد
ب االمي :من ال يحسن الفاتحة أو بعض ها ،لخ رس أو غ يره ،في دخل فيه
االرت ( .)1وهو الذي ي دغم ( )2حرفا بح رف في غ ير موضع االدغ ام (
.)3وقال في (التهذيب) :هو الذي يبدل الراء بالتاء .وااللثغ :وهو الذي يبدل
،حرفا بحرف
] [ 455
كالسين بالثاء ،والراء ب الغين ،ومن في لس انه رخ اوة تمنعه التش ديد .واعلم
أن الخالف المذكور في اقت داء الق ارئ ب االمي هو فيمن لم يطاوعه لس انه،
ه .فأما إذا مضى زمن وقصر أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن التعلم في
ب ترك التعلم ،فال يصح االقت داء به بال خالف ،الن ص الته حينئذ مقض ية،
كصالة من لم يجد ماء وال ترابا .ويصح اقتداء أمي ب أمي مثل ه .ولو حضر
رجالن ،كل واحد منهما يحسن بعض الفاتحة إن كان ما يحس نه ذا ،يحس نه
ذاك ،ج از اقت داء كل واحد بص احبه ،وإن أحسن كل واحد غ ير ما يحس نه
اآلخر ،فاقتداء أحدهما باآلخر ،كاقتداء القارئ باالمي .وعليه يخ رج االرت
ب االلثغ ،وعكسه الن كل واحد ق ارئ ما ال يحس نه ص احبه .وتك ره إم ام
التمتام ،والفأفاء ،واالقت داء يصح بهم ا .قلت :التمت ام ،من يك رر الت اء (،)1
والفأفاء ( ،)2من يكرر الفاء ،ويتردد فيها ،وهو بهمزتين بعد الفاءين ،بالمد
في آخ ره .وهللا أعلم .وتك ره إمامة من يلحن في الق راءة ثم ينظ ر :إن ك ان
لحنا ال يغير المعنى كرفع الهاء من الحمد هلل ،صحت ص الته ،وص الة من
اقتدى به .وإن كان يغير ،كضم تاء أنعمت عليهم ،أو كسرها ،تبطله .كقوله:
الصراط المستقين .فإن ك ان يطاوعه لس انه ،ويمكنه التعلم ،لزمه ذل ك .ف إن
قصر ،وضاق الوقت ،صلى وقضى ،وال يجوز االقتداء به .وإن لم يطاوعه
لسانه ،أو لم يمض ما يمكن التعلم في ه ،ف إن ك ان في الفاتح ة ،فص الة مثله
خلفه صحيحة ،وصالة صحيح اللس ان خلف ه ،ص الة ق ارئ خلف أمي .وإن
كان في غير الفاتحة ،صحت صالته ،وصالة من خلفه قال إم ام الح رمين:
ولو قيل :ليس لهذا الالحن قراءة غير الفاتحة مما يلحن في ه ،لم يكن بعي دا،
النه يتكلم بما ليس بقرآن بال ض رورة ،أما إذا لم يخل االم ام ب القراءة ف إن
كان رجال ،صح اقتداء الرجال والنساء ب ه ،وإن ك انت ام رأة ،صح اقت داء
النس اء به ا ،ولم يصح اقت داء الرج ال ،وال الخن ثى .وإن ك ان خن ثى ،ج از
.اقتداء المرأة به .وال يجوز اقتداء الرجل وال خنثى آخر به
] [ 456
فرع :حيث حكمنا بصحة االقتداء فال بأس أن يكون االمام متيمما ،أو ماسح
خف ،والمأموم متوضئا غاسال رجله .ويج وز اقت داء الس ليم بس لس الب ول،
والط اهرة بالمستحاضة غ ير المتح يرة على االص ح .كما يج وز قطعا بمن
اس تنجى باالحج ار ،ومن على ثوب ه ،أو بدنه نجاسة معفو عنه ا .ويصح
صالة القائم خلف القاعد ،أو القائم والقاعد خلف المضطجع .ف رع :جميع ما
تق دم فيما إذا ع رف الم أموم ح ال االم ام في الص فات المش روطة وج ودا
وع دما .فأما إذا ظن ش يئا ،فب ان خالف ه ،فله ص ور .منه ا :إذا اقت دى رجل
بخنثى مشكل ،وجب القضاء ،فلو لم يقض حتى بان الخنثى رجال ،لم يسقط
القض اء على االظه ر .ويج ري الق والن فيما إذا اقت دى خن ثى ب امرأة ،ولم
يقض حتى بان امرأة ،وفيما إذا اقتدى خنثى بخنثى ،ولم يقض المأموم حتى
بان امرأة واالمام رجال ( .)1ومنها :لو اقت دى بمن ظنه متطه را ،فب ان بعد
الصالة محدثا أو جنب ا ،فال قض اء على الم أموم .ولنا ق ول :إن ك ان االم ام
عالما بحدثه ،لزم المأموم القضاء وإال ،فال .والمشهور المعروف ال ذي قطع
به االص حاب :أن ال قض اء مطلق ا .قلت :ه ذا الق ول الش اذ نقله ص احب
(التلخيص) قال القفال في شرح (التلخيص) ق ال أص حابنا :ه ذا النقل غل ط.
وال يختلف م ذهب الش افعي ،أنه ال إع ادة على الم أموم مطلق ا ،وإنما حكى
الشافعي مذهب مالك :أنه تجب االعادة إن
] [ 457
تعمد االم ام ،وليس م ذهبا ل ه .والص واب :إثب ات الق ول كما نقله ص احب
(التلخيص) وقد نص عليه الش افعي في (الب ويطي) .وهللا أعلم .ه ذا إذا لم
يعرف المأموم حدث االمام أصال .فإن علم ولم يتفرقا ،ولم يتوضأ ثم اقت دى
به ناسيا ،وجبت االعادة قطعا .وهذا كله في غير ص الة الجمع ة .ف إن ك ان
فيها ،ففيه كالم يأتي في بابها إن شاء هللا تع الى .ومنه ا :لو اقت دى بمن ظنه
قارئا فب ان أمي ا ،وقلن ا :ال تصح ص الة الق ارئ خلف االمي ،ففي االع ادة
وجه ان .أص حهما :تجب .قطع به في (الته ذيب) ،وهو مقتضى كالم
االكثرين ،سواء كانت الصالة سرية ،أو جهري ة .ولو اقت دى بمن ال يع رف
حاله في جهري ة ،فلم يجه ر ،وجبت االع ادة .نص عليه في (االم) وقاله
العراقي ون ،الن الظ اهر أنه لو ك ان قارئا لجه ر .فلو س لم وق ال :أس ررت
ونس يت الجه ر ،لم تجب االع ادة ،لكن تس تحب ( .)1ولو ب ان في أثن اء
الصالة ذكورة الخنثى ،ففي بطالن صالة المأموم الرجل ،الق والن ،كما بعد
الفراغ .ولو بان في أثنائها كونه جنبا ،أو محدثا ،فال قضاء ويجب أن ينوي
المفارقة في الحال ،ويبني .ولو بان أميا ،وقلنا :ال تجب االعادة ،فكالمح دث
وإال ،فك الخنثى .ومنها لو اقت دى بمن ظنه رجال ،فب ان ام رأة ،أو خن ثى،
وجبت االعادة .وقيل :ال تجب إذا بان خنثى وهو شاذ .ولو ظنه مسلما ،فبان
ك افرا يتظ اهر بكف ره ك اليهودي ،وجب القض اء .وإن ك ان يخفيه ويظهر
االسالم ،كالزنديق ،والمرتد ،لم يجب القضاء على االص ح .قلت :ه ذا ال ذي
ص ححه هو االق وى دليال .لكن ال ذي ص ححه الجمه ور ،وج وب القض اء.
وممن صححه الشيخ أبو حام د ،والمح املي ،والقاضي أبو الطيب ،والش يخ
نصر المقدسي ،وصاحبا (الحاوي) و (العدة) وغيرهم ونقله الشيخ أبو حامد
عن نص الش افعي رضي هللا عن ه .ق ال ص احب (الح اوي) :وهو م ذهب
.الشافعي وعامة أصحابه .وهللا أعلم
] [ 458
ولو بان على بدن االم ام أو ثوبه نجاسة ( ،)1ف إن ك انت خفي ة ،فهو كمن
بان محدثا ،وإن كانت ظاهرة ،فقال إمام الحرمين :عن دي فيه احتم ال ،النه
من جنس ما يخفى .قلت :وقطع صاحب (التتمة) و (التهذيب) وغيرهما ،بأن
النجاسة كالحدث .ولم يفرقوا بين الخفية وغيرها ،وأشار إمام الحرمين ،إلى
أنها إذا كانت ظاهرة ،فهي كمسألة الزنديق ( .)2وهللا أعلم .وقال المزني :ال
يجب القضاء إذا بان كافرا ،أو امرأة .قلت :ولو بان مجنونا ،وجبت االع ادة
على المأموم .فلو كان له حالة جن ون ،وحالة إفاق ة ،أو ح ال إس الم ،وح ال
ردة ،واقت دى به ولم ي در في أي حاليه ك ان ،فال إع ادة ،لكن يس تحب .ولو
صلى خلف من يجهل إسالمه ،فال إعادة ،لكن يستحب .ولو صلى خلف من
أسلم ،فق ال بعد الف راغ :لم أكن أس لمت حقيق ة ،أو أس لمت ثم ارت ددت ،فال
إعادة .وهللا أعلم .فرع :يصح االقت داء بالص بي المم يز في الف رض والنف ل،
ولكن البالغ أولى منه .ويصح بالعبد بال كراهة ،لكن الحر أولى ،هذا إذا أما
في غ ير الجمع ة .وإمامة االعمى ص حيحة ،وهو والبص ير س واء على
الص حيح المنص وص ال ذي قطع به الجمه ور .والث اني :البص ير أولى،
واخت اره أبو إس حاق الش يرازي .والث الث :االعمى أولى ،قاله أبو إس حاق
.المروزي ،واختاره الغزالي ()3
] [ 459
فصل في الصفات المستحبة في االمام :االسباب التي يترجح ( )1بها االم ام
س تة :الفق ه ،والق راءة ،وال ورع ،والس ن ،والنس ب ،والهج رة .فأما الفقه
والقراءة ،فظاهران .وأما الورع ،فليس المراد منه مجرد العدالة ( ،)2بل ما
يزيد عليه من حسن الس يرة والعف ة .وأما الس ن ،ف المعتبر سن مضى في
االسالم ( ،)3فال يق دم ش يخ أس لم الي وم ،على ش اب نشأ في االس الم ،وال
على ش اب أس لم أمس .والص حيح :أنه ال تعت بر الش يخوخة ،بل النظر إلى
تفاوت السن ،وأشار بعضهم إلى اعتبارها .وأما النسب ،فنسب قريش معتبر
بال خالف .وفي غ يرهم وجه ان .أص حهما :يعت بر كل نسب يعت بر في
الكفاءة ،كالعلم اء ،والص لحاء .فعلى ه ذا الهاش مي والمطل بي ،يق دمان على
س ائر ق ريش ،وس ائر ق ريش يق دمون على س ائر الع رب ،وس ائر الع رب
يقدمون على العجم .والثاني :ال يعتبر ما عدا قريشا .وأما الهجرة ،فيق دم من
ه اجر إلى رس ول هللا (ص) على من لم يه اجر .ومن تق دمت هجرته على
من تأخرت .وك ذلك الهج رة بعد رس ول هللا (ص) من دار الح رب إلى دار
االسالم ،معتبرة وأوالد من ه اجر ،أو تق دمت هجرت ه ،مق دمون على أوالد
غيرهم .ويتفرع على هذه المقدمة مسائل .ف إذا اجتمع ع دل وفاس ق ،فالع دل
أولى باالمامة ،وإن اختص الفاسق بزي ادة الفقه والق راءة وس ائر الخص ال،
بل تك ره الص الة خلف الفاسق وتك ره أيضا خلف المبت دع ال ذي ال يكفر
ببدعته .وأما الذي يكفر ببدعته ،فال يج وز االقت داء ب ه .وحكمه ما تق دم في
غيره من الكفار .وعد صاحب
] [ 460
من يق ول بخلق الق رآن ،أو ينفي ش يئا من ص فات هللا تع الى) ،االفص اح(
ك افرا .وك ذا جعل الش يخ أبو حام د ،ومت ابعوه ،والمعتزلة ممن يكف ر.
والخوارج ،ال يكف رون .ويحكى الق ول بتكف ير من يق ول بخلق الق رآن ،عن
الش افعي .وأطلق القف ال ،وكث يرون من االص حاب ،الق ول بج واز االقت داء
بأهل الب دع ،وأنهم ال يكف رون .ق ال ص احب (الع دة) :وهو ظ اهر م ذهب
الش افعي .قلت :ه ذا ال ذي قاله القف ال ،وص احب (الع دة) هو الص حيح ،أو
الص واب .فقد ق ال الش افعي رحمه هللا :أقبل ش هادة أهل االه واء ،إال
الخطابية ،النهم يرون الشهادة ب الزور لم وافقيهم .ولم ي زل الس لف والخلف
على الص الة خلف المعتزل ة ،وغ يرهم ،ومن اكحتهم ،وم وارثتهم ،وإج راء
أحك ام المس لمين عليهم .وقد ت أول االم ام الحافظ الفقي ه ،أبو بكر ال بيهقي،
وغيره من أصحابنا المحققين ،ما جاء عن الشافعي وغيره من العلم اء ،من
تكف ير القائل بخلق الق رآن على كف ران النعم ،ال كفر الخ روج من المل ة،
وحملهم على هذا التأويل ،ما ذكرته من إجراء أحك ام المس لمين عليهم .وهللا
أعلم .وفي االورع ،مع االفقه واالق رأ وجه ان .ق ال الجمه ور :هما مق دمان
عليه .وقال الشيخ أبو محمد ،وصاحب (التتمة) و (الته ذيب) :يق دم عليهم ا،
واالول أصح .ولو اجتمع من ال يقرأ إال ما يكفي الصالة ولكنه ص احب فقه
كثير ،وآخر يحسن القرآن كله وهو قليل الفقه ،فالصحيح المنص وص ال ذي
قطع به الجم اهير :أن االفقه أولى ،والث اني :هما س واء .فأما من جمع الفقه
والقراءة ،فهو مقدم على المنفرد بأحدهما قطعا .والفق ه ،والق راءة ،يق دم كل
واحد منهما على النس ب ،والس ن ،والهج رة .وعن بعض االص حاب ق ول
مخرج :أن السن يقدم على الفقه ،وهو ش اذ .وإذا اس تويا في الفقه والق راءة،
ففيه طرق .قال الشيخ أبو حامد ،وجماعة :ال خالف في تق ديم السن والنسب
على الهجرة .فلو تعارض سن ونسب ،كشاب قرش ي ،وش يخ غ ير قرش ي،
فالجدي د :تق ديم الش يخ ،والق ديم :الش اب .ورجح جماعة ه ذا الق ديم ،وعكس
صاحبا (التتمة) و (التهذيب) فقاال :الهجرة مقدمة على النسب والسن .وفيهما
الق والن .وق ال آخ رون ،منهم ص احب (المه ذب) :الجدي د :يق دم الس ن ،ثم
النسب ،ثم الهجرة ،والقديم :يقدم النسب ،ثم الهجرة ،ثم السن .أما إذا تس اويا
في جميع الصفات المذكورات ،فيقدم بنظافة
] [ 461
الثوب والبدن عن االوساخ ،وبطيب الصنعة ،وحسن الص وت ،وما أش بهها
من الفضائل .وحكى االصحاب عن بعض متقدمي العلماء ،أنهم ق الوا :يق دم
أحسنهم .واختلفوا في معناه .فقيل :أحسنهم وجه ا ،وقي ل :أحس نهم ذك را بين
الن اس .ق ال في (التتم ة) :تق دم نظافة الث وب ،ثم حسن الص وت ،ثم حسن
الص ورة ( .)1ف رع :ال والي في محل واليت ه ،أولى من غ يره ،وإن اختص
ذلك الغير بالخصال ال ذي س بقت .ويق دم ال والي على إم ام المس جد ،ومالك
الدار ،ونحوهما ،إذا أذن المالك في إقامة الجماعة في ملكه .فلو أذن ال والي
في تق دم غ يره ،فال ب أس .ثم ي راعى في ال والة تف اوت الدرج ة ،فاالم ام
االعظم ،أولى من غيره ،ثم االعلى ف االعلى من ال والة والحك ام .ولنا ق ول
شاذ :أن المالك أولى من ال والي .والمش هور ،تق ديم ال والي .ولو اجتمع ق وم
في موضع ممل وك ليس فيهم وال ،فس اكن الموضع بحق أولى بالتق ديم،
والتقدم من االجانب ،فإن لم يكن أهال للتقدم ،فهو أولى بالتقديم ،س واء ك ان
الس اكن عب دا أس كنه س يده ،أو ح را مالك ا ،أو مس تعيرا ،أو مس تأجرا .ولو
كانت الدار مشتركة بين شخصين وهما حاض ران ،أو أح دهما ،والمس تعير
من اآلخر ،فال يتقدم غيرهما إال بإذنهما ،وال أحدهما إال بإذن اآلخر .فإن لم
يحضر إال أح دهما ،فهو االح ق .ولو اجتمع مالك ال دار والمس تأجر،
فاالصح :أن المستأجر أولى ،والثاني :المالك .ولو اجتمع المعير والمستعير،
فاالص ح :أن المع ير أولى ،والث اني :المس تعير .ولو حضر الس يد وعب ده
الساكن ،فالسيد أولى قطعا ،سواء المأذون له في التجارة وغيره .ولو حضر
السيد والمكاتب في دار المكاتب ،فالمكاتب أولى .ولو حضر قوم في مس جد
له إمام راتب ،فهو أولى من غيره .فإن لم يحضر إمام ه ،اس تحب أن يبعث
.إليه ليحضر .فإن خيف فوات أول الوقت ،استحب أن يتقدم غيره
] [ 462
قلت :تق دم غ يره مس تحب إن لم يخف فتن ة ،ف إن خيفت ،ص لوا ف رادى.
ويستحب لهم أن يعيدوا معه إن حضر بعد ذلك .وهللا أعلم .فصل في شروط
االقتداء وآدابه :فأما الشروط ،فسبعة :أحدها :أن ال يتقدم المأموم على االمام
في جهة القبلة ( .)1فإن تقدم ،لم تنعقد صالته على الجديد االظهر .ولو تقدم
في خالله ا ،بطلت .والق ديم :أنها تنعق د .والمس تحب للم أموم أن يت أخر عن
موقف االم ام قليال ( )2إن ك ان وح ده .ف إن ائتم اثن ان فص اعدا ،اص طفوا
خلفه .ولو تساوى االم ام والم أموم ،ص حت ص الته .واالعتب ار في التق دم،
والمساواة بالعقب ( ،)3فلو استويا في العقب ،وتق دمت أص ابع الم أموم ،لم
يضر .وإن تأخرت أص ابع الم أموم عن أص ابع االم ام ،وتق دم عقب ه ،فعلى
القولين .وقيل :تصح قطع ا .وفي الوس يط :أن االعتب ار ب الكعب .والص حيح:
االول .هذا فيمن بعد عن الكعبة .فإن صلوا في المس جد الح رام ،فالمس تحب
أن يقف االم ام خلف المق ام ،ويقف الن اس مس تديرين بالكعب ة ،ف إن ك ان
بعض هم أق رب إليه ا ،نظ ر :إن ك ان متوجها إلى الجهة ال تي توجه إليها
االمام ،ففيه القوالن القديم ،والجديد ،وإن كان متوجها إلى غيرها ،فالمذهب
صحة صالة المأموم قطعا .وقي ل :على الق ولين .ولو وقف االم ام والم أموم
داخل الكعبة ،فإن كان وجه المأموم إلى ظهر االم ام ،أو وجهه إلى وجه ه،
أو ظهره إلى ظهره ،وليس المأموم أقرب إلى الج دار ،صح اقت داؤه ،وك ذا
إن كان أقرب إلى الجدار على المذهب .وقيل :على القولين .وإن كان ظهره
إلى وجه االم ام فعلى الق ولين .ولو وقف االم ام في الكعب ة ،والم أموم
خارجها ،جاز وله التوجه إلى أي جهة شاء ولو وقفا
] [ 463
بالعكس ،جاز أيضا ،لكن إن توجه إلى الجهة ال تي توجه إليها االم ام ،ع اد
القوالن .فرع :إذا لم يحضر مع االم ام إال ذك ر ،فليقف عن يمينه بالغا ك ان
أو صبيا ،ولو وقف عن يساره ،أو خلفه ،لم تبطل صالته .ف إن ج اء م أموم
آخر ،وقف عن يساره وأح رم .ثم إن أمكن تق دم االم ام ،وت أخر الم أمومين
لسعة المكان من الجانبين ،تقدم ،أو تأخر ،أو أيهما أولى ؟ وجهان .الصحيح
الذي قطع به االكثرون :تأخرهما .والثاني :تقدمه .قاله القف ال ،النه يبصر ما
بين يديه .فإن لم يمكن إال التقدم ،أو التأخر لضيق المكان من أحد الج انبين،
فعل الممكن ،وهذا في القيام .أما إذا لحق الثاني في التشهد ،أو السجود ،فال
تقدم وال ت أخر ح تى يقوم وا .ولو حضر معه في االبت داء رجالن ،أو رجل
وص بي ،اص طفا خلفه ( .)1ولو لم يحضر معه إال إن اث ،ص فهن خلف ه،
س واء الواح دة ،وجم اعتهن .وإن حضر معه رجل وام رأة ،ق ام الرجل عن
يمين ه ،والم رأة خلف الرج ل .وإن حضر معه ام رأة ورجالن ،أو رجل
وصبي ،ق ام ال رجالن ،أو الرجل والص بي خلف االم ام ص فا ،وق امت هي
خلفهم ا .وإن ك ان معه رج ل ،وام رأة ،وخن ثى ،وقف الرجل عن يمين ه،
والخنثى خلفهما ،والم رأة خلف الخن ثى .وإن حضر رج ال وص بيان ،وقف
الرجال خلف االم ام في ص ف ،أو ص فوف .والص بيان خلفهم ،وفي وج ه:
يقف بين كل رجلين صبي ليتعلم وا أفع ال الص الة .ولو حضر معهم نس اء،
أخر صف النس اء عن الص بيان .ه ذا كله إذا لم يكن الرج ال ع راة ،ف إن
كانوا ،وقف إمامهم وس طهم وص اروا ص فا .وأما النس اء الخلص ،إذا أقمن
جماع ة ،فقد ق دمنا في ب اب س تر الع ورة كيف يقفن .وأن إم امتهن تقف
وس طهن .قلت :ولو ص لى خن ثى بنس اء ،تق دم عليهن .وهللا أعلم .وكل ه ذا
اس تحباب ،ومخالفته ال تبطل الص الة .ف رع :إذا دخل رج ل ،والجماعة في
الصالة ،كره أن يقف منفردا ( ،)2بل
] [ 464
إن وجد فرجة ( ،)1أو سعة ( )2في الصف ،دخلها .وله أن يخ رق الصف
إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف قدامه ،لتقصيرهم بتركه ا .فلو ( )3لم
يجد في الصف سعة ،فوجه ان .أح دهما :يقف منف ردا ،وال يج ذب إلى نفسه
أحدا ،نص عليه في (البويطي) والثاني -وهو قول أك ثر االص حاب :-يجر
إلى نفسه واحدا .ويستحب للمج رور ،أن يس اعده .وإنما يج ره بعد إحرام ه.
ولو وقف منفردا ،صحت صالته .الشرط الثاني :العلم باالفعال الظ اهرة من
صالة االمام .وهذا ال بد منه نص عليه الشافعي ،واتفق عليه االص حاب .ثم
العلم قد يك ون بمش اهدة االم ام ،أو مش اهدة بعض الص فوف ،وقد يك ون
بسماع صوت االمام ،أو صوت الم ترجم في حق االعمى ،والبص ير :ال ذي
ال يشاهد لظلمة أو غيرها ،وقد يكون بهداية غ يره إذا ك ان أعمى ،أو أصم
في ظلمة .الشرط الثالث :اجتم اع االم ام والم أموم في الموق ف .ولهما ثالثة
أح وال .االول :إذا كانا في مس جد ،صح االقت داء ،ق ربت المس افة بينهما أم
بع دت لك بر المس جد ،وس واء اتحد البن اء أم اختل ف ،كص حن المس جد،
وص فته ،أو منارته وس رداب في ه ،أو س طحه وس احته ،بش رط أن يك ون
الس طح من المس جد ،فلو ك ان مملوك ا ،فهو كملك متصل بالمس جد ،وقف
أح دهما في ه ،واآلخر في المس جد .وس يأتي في القسم الث الث إن ش اء هللا
تعالى .وشرط البناءين في المسجد ،أن يكون باب أح دهما ناف ذا إلى اآلخ ر.
وإال ،فال يع دان مس جدا واح دا .وإذا حصل ه ذا الش رط ،فال ف رق بين أن
يك ون الب اب بينهما مفتوح ا ،أو م ردودا مغلق ا ،أو غ ير مغل ق .وفي وجه
ض عيف :إن ك ان مغلق ا ،لم يجز االقت داء .ووجه مثله فيما إذا ك ان أح دهما
على السطح ،وباب المرقى مغلقا .ولو كانا في مسجدين ،يحول بينهما
] [ 465
نهر ،أو طريق ،أو حائط المسجد من غير باب نافذ من أحدهما إلى اآلخر،
فهو كما إذا وقف أحدهما في مسجد ،واآلخر في مل ك .وس يأتي إن ش اء هللا
تعالى .وإن كان في المسجد نه ر ،ف إن حفر النهر بعد المس جد ،فهو مس جد
فال يضر ،وإن حفر قبل مصيره مسجدا ،فهما مسجدان غ ير متص لين .ق ال
الش يخ أبو محم د :لو ك ان في ج وار المس جد مس جد آخر منف رد بإم ام،
ومؤذن ،وجماعة ،فلكل واحد مع اآلخر حكم الملك المتصل بالمسجد .وه ذا
كالضابط الفارق بين المسجد والمسجدين .فظ اهره يقتضي تغ اير الحكم ،إذا
انفرد باالمور المذكورة ،وإن كان باب أحدهما نافذا إلى اآلخ ر .قلت :ال ذي
صرح به كثيرون ،منهم الش يخ أبو حام د ،وص احب (الش امل) و (التتم ة)،
وغ يرهم :أن المس اجد ال تي يفتح بعض ها إلى بعض ،لها حكم مس جد واحد
وهو الص واب .وهللا أعلم .وأما رحبة المس جد ،فع دها االك ثرون من ه ،ولم
يذكروا فرقا بين أن يكون بينها وبين المسجد طريق أم ال .وقال ابن كج :إن
انفصلت ،فهي كمسجد آخر .الح ال الث اني :أن يك ون في غ ير مس جد ،وهو
ض ربان :أح دهما :أن يك ون في فض اء ( )1فيج وز االقت داء ،بش رط أن ال
يزيد ما بينهما على ثالث مائة ذراع تقريبا ( )2على االصح .وعلى الث اني:
تحديد ( .)3وهذا التقدير ( )4مأخوذ من الع رف ( )5على الص حيح ،وق ول
الجمهور .وعلى الثاني :مما بين الص فين في ص الة الخ وف ( .)6ولو وقف
خلف االمام صفان ،أو شخصان ،أحدهما وراء اآلخ ر ،فالمس افة الم ذكورة
،تعتبر بين الصف االخير ،أو الصف االول
] [ 466
أو الش خص االخ ير واالول ،ولو ك ثرت الص فوف ،وبلغ ما بين االم ام
واالخير فرسخا ،جاز .وفي وج ه :يعت بر بين االم ام والصف االخ ير إذا لم
تكن الصفوف القريبة من االمام متص لة على الع ادة .وه ذا الوجه ش اذ .ولو
حال بين االمام والمأموم ،أو الصفين نهر يمكن العبور من أحد طرفيه ،إلى
اآلخر بال س باحة ،ب الوثوب ،أو الخ وض ،أو العب ور على جس ر ،صح
االقت داء .وإن ك ان يحت اج إلى س باحة ،أو ك ان بينهما ش ارع مط روق ،لم
يضر على الصحيح .وسواء في الحكم المذكور ،كان الفضاء مواتا أو وقف ا،
أو ملكا ،أو بعضه مواتا ،وبعضه ملكا ،أو بعضه ( )1وقفا .وفي وجه ش اذ:
يشترط في الساحة المملوكة ،اتصال الص فوف ،وفي وج ه :يش ترط ذلك إن
كانت لشخصين ،والصحيح أنه ال يش ترط مطلق ا .وس واء في ه ذا كله ك ان
الفضاء محوطا عليه أو مسقفا ،كالبيوت الواس عة أو غ ير مح وط .الض رب
الثاني :أن يكونا في غير فضاء فإذا وقف أحدهما في صحن دار أو ص فتها
واآلخر في بيت ،فموقف المأموم ،قد يكون عن يمين االم ام أو يس اره ،وقد
يك ون خلف ه .وفيه طريقت ان .إح داهما :قالها القف ال وأص حابه ،وابن كج،
وحكاها أبو علي في (االفص اح) عن بعض االص حاب :أنه يش ترط فيما إذا
وقف من أحد الج انبين ،أن يتصل الصف من البن اء ال ذي فيه االم ام ،إلى
البناء الذي فيه المأموم ( ،)2بحيث ال تبقى فرجة ( )3تسع واقفا ،فإن بقيت
فرجة ال تسع واقفا ( ،)4لم يضر على الصحيح ( .)5ولو ك ان بينهما عتبة
عريضة تسع واقفا ،اشترط وقوف مصل فيها وإن لم يمكن الوقوف عليه ا،
فعلى ال وجهين في الفرجة اليس يرة .وأما إذا وقف خلف االم ام ،ففي ص حة
االقتداء وجهان .أحدهما :البطالن .وأصحهما :الجواز إذا اتصلت المص فوف
وتالحقت .ومعنى اتصالها ،أن يقف رجل ،أو صف في آخر البناء الذي فيه
،االمام ،ورجل ،أو صف في أول البناء الذي فيه المأموم
] [ 467
بحيث ال يك ون بينهما أك ثر من ثالثة أذرع .والثالث للتق ريب .فلو زاد ()1
م اال يت بين في الحس بال ذرع ،لم يض ر .وه ذا الق در ،هو المش روع بين
الصفين .وإذا وجد هذا الش رط ،فلو ك ان في بن اء الم أموم بيت عن اليمين،
أو الشمال ،اعتبر االتصال بتواصل المن اكب .ه ذه طريق ة .الطريقة الثاني ة:
طريقة أص حاب أبي إس حاق الم روزي ،ومعظم العراق يين ،واختارها أبو
علي الطبري :أنه ال يشترط اتصال الصف في اليمين واليسار ،وال اتص ال
الص فوف في المواقف خلف ه ،بل المعت بر :الق رب والبعد على الض بط
المذكور في الصحراء .قلت :الطريقة الثانية :أص ح .وهللا أعلم .ه ذا إذا ك ان
بين البن اءين ب اب ناف ذ ،فوقف بحذائه ص ف ،أو رج ل ،أو لم يكن ج دار
أصال كالصحن مع الصفة ،فلو ح ال حائل يمنع االس تطراق والمش اهدة ،لم
يصح االقت داء باتف اق الطريق تين ،وإن منع االس تطراق دون المش اهدة
كالمشبك ،لم يصح على االصح .وإذا صح اقت داء الواقف في البن اء اآلخ ر،
إما بشرط ،وإما دونه ،صحت صالة الصفوف ( )2خلفه تبعا ل ه ،وإن ك ان
بينهم وبين البناء الذي فيه االم ام ج دار ،وتك ون الص فوف مع ه ذا الواقف
كالم أمومين مع االم ام ،ح تى ال تصح ص الة من بين يدي ه ،إن ت أخر عن
س مت موقف االم ام ،إذا لم يج وز تق دم الم أموم على االم ام .ق ال القاضي
حس ين :وال يج وز أن يتق دم تكب يرهم على تكب يره .أما إذا وقف االم ام في
صحن الدار ،والمأموم في مكان عال من س طح ،أو ط رف ص فة مرتفع ة،
أو ب العكس ،فبم اذا يحصل االتص ال ؟ وجه ان .أح دهما ،ق ول الش يخ أبي
محمد :إن كان رأس الواقف في السفل يحاذي ركبة الواقف في العل و ،صح
االقت داء ،وإال ،فال .والث اني :وهو الص حيح ال ذي قطع به الجم اهير ،إن
حاذى رأس االسفل قدم االعلى ،صح ،وإال ،فال .قال إم ام الح رمين :االول
مزيف ال وجه له ،واالعتبار ،بمعتدل القامة .حتى لو كان قصيرا ،أو قاع دا
فلم يحاذ ،ولو قام فيه معتدل القامة ،لحصلت المح اذاة ،كفى .وحيث ال يمنع
االنخفاض القدوة ،وكان بعض ال ذين يحصل بهم االتص ال على س رير ،أو
متاع ،وبعضهم
] [ 468
على االرض ،لم يضر .ولو كانا في البحر ،واالمام في سفينة ،والمأموم في
أخرى وهما مكش وفتان ،فالص حيح ،أنه يصح االقت داء إذا لم ي زد ما بينهما
على ثالث مائة ذراع ،كالصحراء ،وتكون السفينتان كدكتين في الص حراء،
يقف االم ام على إح داهما ،والم أموم على االخ رى .وق ال االص طخري:
يشترط أن تكون سفينة االمام مش دودة بس فينة الم أموم .والجمه ور على أنه
ليس بشرط .وإن كانتا مسقفتين ،فهما كالدارين ،والس فينة ال تي فيها بي وت،
كالدار ذات ال بيوت .وحكم الم دارس ،والرباط ات ،والخان ات ،حكم ال دور.
والس رادقات في الص حراء ،كالس فينة المكش وفة ،والخي ام ك البيوت .الح ال
الث الث :أن يك ون أح دهما في المس جد ،واآلخر خارجه فمن ذل ك ،أن يقف
االمام في مسجد ،والمأموم في م وات متصل ب ه .ف إن لم يكن بينهما حائ ل،
جاز ،إذا لم تزد المس افة على ثالث مائة ذراع ،ويعت بر من آخر المس جد (
)1على االصح .وعلى الثاني ،من آخر صف في المس جد ( .)2ف إن لم يكن
فيه إال االمام ،فمن موقفه ( .)3وعلى الث الث ،من ح ريم المس جد بينه وبين
الموات .وحريم ه :الموضع المتصل ب ه ،المهيأ لمص لحته ،كانص باب الم اء
إليه ،وطرح القمامات فيه ،ولو كان بينهما ج دار المس جد ،لكن الب اب النافذ
بينهما مفتوح ،فوقف بحذائه ،جاز ،ولو اتصل صف ب الواقف في المح اذاة،
وخرجوا عن المحاذاة ،جاز ،ولو لم يكن في الجدار باب ،أو كان ،ولم يقف
بحذائه بل ع دل عن ه ،فالص حيح ال ذي عليه الجمه ور :أنه يمنع ص حة
االقت داء .وق ال أبو إس حاق الم روزي :ال يمن ع .وأما الحائل غ ير ج دار
المس جد ،فيمنع بال خالف .ولو ك ان بينهما ب اب مغل ق ،فهو كالج دار ،النه
يمنع االس تطراق والمش اهدة .وإن ك ان م ردودا غ ير مغل ق ،فهو م انع من
المشاهدة دون االستطراق ،أو كان بينهما مشبك ،فهو م انع من االس تطراق
دون المشاهدة .ففي الص ورتين ،وجه ان .أص حهما عند االك ثرين :أنه م انع
هذا كله في
] [ 469
الم وات .فلو وقف الم أموم في ش ارع متصل بالمس جد ،فهو ك الموات على
الص حيح .وعلى الث اني يش ترط اتص ال الصف من المس جد ب الطريق .ولو
وقف في ح ريم المس جد ،فقد ذكر في (( )1الته ذيب) ( :)2أنه ك الموات،
وذكر أن الفضاء المتصل بالمسجد لو ك ان مملوك ا ،فوقف الم أموم في ه ،لم
يصح اقت داؤه ح تى يتصل الصف من المس جد بالفض اء .وك ذلك يش ترط
اتص ال الصف من س طح المس جد ،بالس طح الممل وك ،وك ذلك لو وقف في
دار مملوكة متص لة بالمس جد ،يش ترط االتص ال ب أن يقف واحد في آخر
المس جد متصل بعتبة ال دار ،وآخر في ال دار متصل بالعتبة بحيث ال يك ون
بينهما موقف رجل .وهذا الذي ذكره في الفض اء ،مش كل .وينبغي أن يك ون
كالموات .وأما ما ذك ره في مس ألة ال دار ،فهو الص حيح .وق ال أبو إس حاق
الم روزي :ج دار المس جد ال يمن ع ،كما ق ال في الم وات .وق ال أبو علي
الطبري :ال يشترط اتصال الصفوف إذا لم يكن حائل .ويج وز االقت داء ،إذا
ك ان في حد الق رب .الش رط الراب ع :نية االقت داء .فمن ش روط االقت داء ،أن
ين وي الم أموم الجماع ة ،أو االقت داء ( ،)3وإال فال تك ون ص الته ص الة
جماعة ،وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه ( ،)4فإن ت رك
نية االقتداء ،انعقدت ص الته على االصح ( .)5وعلى ه ذا لو شك في أثن اء
ص الته في نية االقت داء ،نظ ر ،إن ت ذكر قبل أن يح دث فعال على متابعة
االمام ،لم يضر ،وإن تذكر بعد أن أحدث فعال على متابعت ه ،بطلت ص الته
( ،)6النه في حال الشك ،له حكم المنفرد ،وليس له
] [ 470
المتابعة .ح تى لو ع رض ه ذا الشك في التش هد االخ ير ،ال يج وز أن يقف
سالمه على سالم االمام ( .)1وهذا الذي ذكرنا من بطالن صالته بالمتابعة،
هو إذا انتظر ركوعه وس جوده ل يركع ويس جد مع ه .فأما إذا اتفق انقض اء
فعله ،مع انقضاء فعله فهذا ال يبطل قطع ا .النه ال يس مى متابع ة .والم راد:
االنتظار الكثير .فأما اليسير ،فال يضر .وهل تجب نية االقتداء في الجمعة ؟
وجهان .الصحيح :وجوبها .والثاني :ال ،النها ال تصح إال بجماعة ،فلم يحتج
إليها .فرع :ال يجب على المأموم أن يعين في نيته االمام ( ،)2بل يكفي نية
االقتداء باالمام الحاضر ( ،)3فلو عين فأخطأ ،بأن نوى االقتداء بزيد ،فبان
عمرا ،لم تصح صالته ( .)4كما لو عين الميت في صالة الجن ازة وأخط أ،
ال تصح .ولو نوى االقتداء بالحاضر ،واعتقد زيدا فكان غ يره ،ففي ص حته
وجه ان .كما لو ق ال :بعتك ه ذا الف رس ،فك ان بغال .قلت :االرجح ص حة
االقت داء .وهللا أعلم .ف رع :اختالف نية االم ام والم أموم فيما يأتي ان به من
الص الة ،ال يمنع ص حة االقت داء ،فيج وز أن يقت دي الم ؤدي بالقاض ي،
.وعكسه ،والمفترض ،بالمتنفل وعكسه ()5
] [ 471
فرع :ال يشترط لصحة االقت داء أن ين وي االم ام االمام ة ،س واء اقت دى به
الرجال ،أو النس اء .وحكى أبو الحسن العب ادي ( ،)1عن أبي حفص الب اب
شامي ( ،)2والقفال :أنه تجب نية االمامة على االمام .وأش عر كالمه بأنهما
يشترطانها في صحة االقتداء ،وهذا شاذ منكر ،والص حيح المع روف ال ذي
قطع به الجماهير ،أنها :ال تجب .لكن هل تكون صالته ص الة جماعة ين ال
بها فض يلة الجماعة إذا لم ينوها ؟ وجه ان .أص حهما :ال يناله ا ،النه لم
ينوها .وق ال القاضي حس ين :فيمن ص لى منف ردا ،واقت دى ( )3به جمع ولم
يعلم بهم ،ين ال فض يلة الجماع ة ،النهم نالوها بس ببه ،وه ذا كالتوسط بين
الوجهين .ومن فوائد الوجهين ،أنه إذا لم ينو االمامة في صالة الجمع ة ،هل
تصح جمعت ه .االص ح :أنها ال تص ح .ولو ن وى االمامة وعين في نيته
المقت دي ،فب ان خالف ه ،لم يض ر ،الن غلطه ال يزيد على تركه ا .الش رط
الخ امس :توافق نظم الص التين في االفع ال واالرك ان ( ،)4فلو اختلفت
صالتا االمام والمأموم في االفعال الظاهرة ،بان اقتدى مفترض بمن يص لي
جن ازة ،أو كس وفا ،لم تصح على الص حيح ( .)5وتصح على الث اني ،وهو
قول القفال .فعلى هذا ،إذا اقت دى بمص لي الجن ازة ،ال يتابعه في التكب يرات
واالذك ار بينه ا ،بل إذا ك بر االم ام الثاني ة ،يتخ ير بين إخ راج نفسه من
المتابعة ،وبين انتظار سالم االمام .وإذا اقت دى بمص لي الكس وف ،تابعه في
الرك وع االول .ثم إن ش اء رفع رأسه معه وفارق ه ،وإن ش اء انتظ ره .ق ال
إمام الحرمين :وإنما قلنا :ينتظره في الركوع إلى أن يعود إليه
] [ 472
االم ام ،ويعت دل معه عن ركوعه الث اني ،وال ينتظ ره بعد الرفع لما فيه من
تطويل الركن القصير .أما إذا اتفقت الصالتان في االفع ال الظ اهرة ،فينظر
إن اتفق عددهما كالظهر ،خلف العصر ،أو العشاء ،جاز االقتداء .وإن ك ان
ع دد ركع ات االم ام أق ل ،ك الظهر خلف الص بح ،ج از .وإذا تمت ص الة
االمام ،قام المأموم وأتم ص الة نفسه كالمس بوق .ويت ابع االم ام في القن وت.
ولو أراد مفارقته عند اش تغاله ب القنوت ،ج از .وإذا اقت دى في الظهر
ب المغرب ،وانتهى االم ام إلى الجل وس االخ ير ،تخ ير الم أموم في المتابعة
والمفارقة ك القنوت .وإن ك ان ع دد ركع ات الم أموم أق ل ،كالص بح خلف
الظهر ،فالمذهب جوازه وقيل :قوالن ،أظهرهم ا :ج وازه .والث اني :بطالن ه.
فإذا صححنا ،وقام االمام إلى الثالث ة ،تخ ير الم أموم ،إن ش اء فارقه وس لم،
وإن شاء انتظره ليسلم مع ه .قلت :انتظ اره أفض ل .وهللا أعلم .وإن أمكنه أن
يقنت في الثاني ة ،ب أن وقف االم ام يس يرا ،قنت .وإال فال شئ علي ه .وله أن
يخرج عن متابعته ليقنت .ولو صلى المغرب خلف الظه ر ،ف إذا ق ام االم ام
إلى الرابعة ،لم يتابعه بل يفارقه ،ويتش هد ويس لم .وهل له أن ي ترك التش هد
وينتظ ره ؟ وجه ان .أح دهما :له ذلك كما قلنا في المقت دي بالص بح خلف
الظهر .والثاني :وهو المذهب عند إمام الح رمين ،ليس له ذل ك ،النه يح دث
تش هدا لم يفعله االم ام .ولو ص لى العش اء خلف ال تراويح ،ج از .ف إذا س لم
االمام ق ام إلى ب اقي ص الته ،واالولى أن يتمها منف ردا .فلو ق ام االم ام إلى
ركعتين أخريين من التراويح ،فنوى االقتداء به ثاني ا ،ففي ج وازه الق والن،
فيمن أحرم منفردا ثم اقتدى في أثنائهما .واختلف أص حابنا في المقت دي بمن
يص لي العيد أو االستس قاء ،هل هو كمن يص لي الص بح ؟ أم كمن يص لي
الجن ازة والكس وف ؟ قلت :الص حيح :أنه كالص بح ،وبه قطع ص احب
(التتمة) .وإذا كبر االمام التكبيرات الزائدة ،ال يتابعه الم أموم ،ف إن تابعه لم
يضره ،الن االذكار ال تضر .ولو صلى العيد خلف الصبح المقضية ،ج از،
ويكبر التكبيرات الزائدة .وهللا أعلم .الشرط السادس :الموافقة ( .)1فإذا ت رك
االمام شيئا من أفعال الصالة ،نظر
] [ 473
إن ت رك فرض ا ،فق ام في موضع القع ود ،أو ب العكس ولم يرج ع ،لم يجز
للمأموم متابعته ،النه إن تعمد ،فص الته باطل ة ،وإن س ها ،ففعله غ ير معتد
به وإن لم يبطله ا .ولو ت رك س نة وك ان في االش تغال بها تخلف ف احش،
كس جود التالوة ،والتش هد االول ،لم ي أت بها الم أموم ،ف إن فعله ا ،بطلت
ص الته ،ولو ت رك االم ام س جود الس هو ،أتى به الم أموم ،النه يفعله بعد
انقطاع الق دوة ،ول ذلك يس لم التس ليمة الثانية إذا تركها االم ام .فأما إذا ك ان
التخلف لها يس يرا ،كجلسة االس تراحة ،فال ب أس ،كما ال ب أس بزيادتها في
غير موضعها .وكذا ال بأس بتخلفه للقن وت ،إذا لحقه على ق رب ،ب أن لحقه
في الس جدة االولى ( .)1الش رط الس ابع :المتابع ة ،فيجب على الم أموم
متابعت ه ،فال يتق دم في االفع ال .والم راد من المتابع ة :أن يج ري على أثر
االمام ،بحيث يكون بت داؤه بكل واحد منه ا ،مت أخرا عن ابت داء االم ام به (
،)2ومتقدما على فراغه منه .فلو خالف ،فله أحوال .االول :أن يقارنه ،فإن
قارنه في تكب يرة االح رام ،أو ش ك ،هل قارن ه ،أو ظن أنه ت أخر ،فب ان
مقارنته ،لم تنعقد .ويش ترط ت أخر جميع تكب يرة الم أموم ،عن جميع تكب يرة
االمام .ويستحب لالمام أن ال يكبر حتى يسووا الصفوف ،ويأمرهم به ملتفتا
يمينا وش ماال .وإذا ف رغ الم ؤذن من االقام ة ،ق ام الن اس فاش تغلوا بتس وية
الصفوف .وأما ما عدا التكبير ،فغير السالم تجوز المقارنة فيه ،ولكن تكره،
وتفوت بها فضيلة الجماعة ،وفي السالم وجهان .أص حهما :جوازه ا .الح ال
الثاني :أن يتخلف عن االمام ،فإن تخلف بغير عذر ،نظ ر ،إن تخلف ب ركن
واحد ،لم تبطل ص الته على االص ح ،وإن تخلف برك نين بطلت قطعا (.)3
،ومن صور التخلف بغير عذر ،أن يركع االمام وهو في قراءة السورة
] [ 474
فيشتغل باتمامها ،وكذا التخلف لالشتغال بتسبيحات الرك وع والس جود .وأما
بي ان ص ور التخلف ب ركن ،فيحت اج إلى معرفة ال ركن الطويل والقص ير،
فالقصير :االعتدال عن الركوع ،وكذا الجلوس بين الس جدتين على االص ح.
والطويل :ما عداهما .ثم الطويل ،مقص ود في نفس ه .وفي القص ير وجه ان.
أحدهما :مقصود في نفسه وبه قال االك ثرون ،وم ال االم ام إلى الج زم ب ه.
والثاني :ال بل تابع لغيره .وبه قطع في (التهذيب) .فإذا ركع االمام ،ثم ركع
الم أموم وأدركه في ركوعه فليس ه ذا تخلفا ب ركن ،فال تبطل به الص الة
قطع ا .فلو اعت دل االم ام ،والم أموم بعد ق ائم ،ففي بطالن ص الته وجه ان،
اختلفوا في مأخذهما ،فقيل :مأخذهما :ال تردد في أن االعت دال ركن مقص ود
أم ال ؟ إن قلنا :مقصود فقد فارق االمام ركنا ،واشتغل بركن آخر مقص ود،
فتبطل ص الة المتخل ف .وإن قلن ا :غ ير مقص ود ،فهو كما لو لم يف رغ من
الرك وع ،الن ال ذي هو فيه تبع ل ه ،فال تبطل ص الته .وقي ل :مأخ ذهما
الوجهان ،في أن التخلف بركن يبطل أم ال ؟ إن قلنا :يبطل فقد تخلف بركن
الرك وع تاما فتبطل ص الته ،وإن قلن ا :ال ،فما دام في االعت دال ،لم يكمل
ال ركن الث اني ،فال تبط ل .قلت :االصح ال تبط ل .وهللا أعلم .وإذا ه وى إلى
السجود ولم يبلغه ،والمأموم بعد ق ائم ،فعلى المأخذ االول ال تبطل ص الته،
النه لم يشرع في ركن مقصود ،وعلى الثاني :تبطل ،الن ركن االعت دال قد
تم .هكذا ذكره إمام الحرمين ،والغزالي .وقياسه ،أن يق ال :إذا ارتفع عن حد
الركوع ،والم أموم بعد في القي ام ،فقد حصل التخلف ب ركن ،وإن لم يعت دل
االم ام ،فتبطل الص الة عند من يجعل التخلف ب ركن مبطال .أما إذا انتهى
االمام ( )1إلى السجود ،والمأموم بعد في القيام ،فتبطل صالته قطع ا .ثم إذا
اكتفينا بابت داء اله وي عن االعت دال ،وابت داء االرتف اع عن حد الرك وع،
ف التخلف برك نين :هو أن يتم لالم ام ركن ان ،والم أموم بعد فيما قبلهم ا،
وبركن :هو أن يتم لالمام الركن الذي سبق والم أموم بعد فيما قبل ه ،وإن لم
يكتف بذلك
] [ 475
فللتخلف ش رط آخ ر ،وهو أن ال يالبس مع تمامهم ا ،أو تمامه ركنا آخ ر.
ومقتضى كالم ص احب (الته ذيب) ت رجيح البطالن فيما إذا تخلف ب ركن
كامل مقصود ،كما إذا استمر في الركوع حتى اعتدل االمام وسجد .هذا كله
في التخلف بغير عذر .أما االعذار فأنواع .منه ا :الخ وف ،وس يأتي في بابه
إن ش اء هللا تع الى .ومنه ا :أن يك ون الم أموم بطئ الق راءة ( ،)1واالم ام
سريعها ،فيركع قبل أن يتم المأموم الفاتحة ،فوجهان .أحدهما :يتابعه ويسقط
عن الم أموم باقيه ا .فعلى ه ذا ،لو اش تغل بإتمامه ا ،ك ان متخلفا بال ع ذر.
والصحيح الذي قطع به صاحب (التهذيب) وغيره ،أنه ال يسقط بل عليه أن
يتمه ا ،ويس عى خلف االم ام على نظم ص الته ما لم يس بقه ب أكثر من ثالثة
أرك ان مقص ودة ،ف إن زاد على الثالثة فوجه ان .أح دهما :يخ رج نفسه عن
المتابعة لتع ذر الموافق ة .وأص حهما :له أن ي دوم على متابعت ه .وعلى ه ذا
وجهان .أحدهما :يراعي نظم صالته ،ويجري على أثره .وبهذا أفتى القف ال.
وأص حهما :يوافقه فيما هو في ه ،ثم يقضي ما فاته بعد س الم االم ام .وه ذان
الوجهان ،كالقولين في مسألة الزحام ( .)2ومنه ا :أخذ التق دير بثالثة أرك ان
مقصودة ،فإن القولين في مسألة الزحام ،إنما هما إذا ركع االمام في الثانية.
وقبل ذلك ال يوافقه ،وإنما يكون التخلف قبله بالس جدتين والقي ام .ولم يعت بر
الجلوس بين السجدتين على مذهب من يق ول :هو غ ير مقص ود ،وال يجعل
التخلف بغير المقص ود م ؤثرا .وأما من ال يف رق بين المقص ود وغ يره ،أو
يف رق ويجعل الجل وس مقص ودا ،أو ركنا ط ويال ،فالقي اس على أص له،
التق دير بأربعة أرك ان أخ ذا من مس ألة الزح ام .ولو اش تغل الم أموم ب دعاء
االس تفتاح ،فلم يتم الفاتحة ل ذلك ،فركع االم ام ،فيتم الفاتحة كبطئ الق راءة.
وكان هذا في الم أموم المواف ق .أما المس بوق إذا أدرك االم ام قائما وخ اف
ركوع ه ،فينبغي أن ال يق رأ االس تفتاح ،بل يب ادر إلى الفاتح ة ،ف إن ركع
االم ام في أثن اء الفاتحة فأوج ه .أح دها :يركع معه وتس قط ب اقي الفاتح ة،
والثاني :يتمها .وأصحها :أنه إن لم يقرأ شيئا من
] [ 476
االستفتاح ،قطع الفاتحة وركع ،ويكون مدركا للركع ة .وإن ق رأ ش يئا من ه،
لزمه بقدره من الفاتحة لتقصيره .وهذا هو االصح عند القف ال ،والمعت برين،
وبه قال أبو زيد .فإن قلنا :عليه إتمام الفاتحة ،فتخلف ليقرأ ك ان تخلفا بع ذر
( ،)1فإن لم يتمها وركع مع االمام ،بطلت صالته .وإن قلنا :يركع فاش تغل
بإتمامه ا ،ك ان متخلفا بال ع ذر .وإن س بقه االم ام ب الركوع ،وق رأ ه ذا
المسبوق الفاتحة ،ثم لحقه في االعتدال ،لم يكن مدركا للركعة .واالصح :أنه
ال تبطل صالته إذا قلنا :المتخلف ( )2بركن ال يبطل كما في غير المسبوق.
والثاني :يبطل ،النه ترك متابعة االمام فيما فاتت به ركع ة ،فك ان ك التخلف
بركع ة .ومنه ا :الزح ام ،وس يأتي في الجمع ة ،إن ش اء هللا تع الى .ومنه ا:
النسيان .فلو ركع مع االمام ،ثم تذكر أنه نسي الفاتحة ،أو شك في قراءته ا،
لم يجز أن يعود ،النه فات محل القراءة ،ف إذا س لم االم ام ،ق ام وت دارك ما
فاته .ولو تذكر ،أو شك بعد أن ركع االمام ولم يركع هو ،لم تس قط الق راءة
بالنسيان .وماذا يفعل ؟ وجه ان .أح دهما :يركع مع ه ،ف إذا س لم االم ام ،ق ام
فقضى ركعة ،وأصحهما :يتمها ،وبه أف تى القف ال .وعلى ه ذا ،تخلفه تخلف
معذور على االصح ،وعلى الثاني :تخلف غ ير مع ذور لتقص يره بالنس يان.
الحال الثالث :أن يتقدم على االمام بالركوع ،أو غ يره من االفع ال الظ اهرة
فينظر إن لم يسبق بركن كام ل ،ب أن ركع قبل االم ام ،فلم يرفع ح تى ركع
االمام ،لم تبطل صالته ،عمدا كان أو سهوا .وفي وجه شاذ :تبطل إن تعمد.
فإذا قلنا :ال تبط ل ،فهل يع ود ؟ وجه ان .المنص وص ،وبه ق ال العراقي ون:
يستحب أن يعود إلى القيام ويركع معه .والثاني :وبه قطع ص احبا (النهاي ة)
و (التهذيب) :ال يجوز
] [ 477
العود ،فإن ع اد ،بطلت ص الته ،وإن فعله س هوا ،فاالص ح :أنه مخ ير بين
العود والدوام .والثاني :يجب العود ،ف إن لم يع د ،بطلت ص الته ،وإن س بق
برك نين فص اعدا ،بطلت ص الته إن ك ان عام دا عالما بتحريم ه .وإن ك ان
ساهيا ،أو جاهال ،لم تبط ل ،لكن ال يعتد بتلك الركع ة ،في أتي بها بعد س الم
االمام ،وال يخفى بيان التقدم بركنين من قي اس ما ذكرن اه ( )1في التخل ف.
ومثل أئمتنا العراقي ون ذل ك ،بما إذا ركع قبل االم ام ،فلما أراد االم ام أن
يرك ع ،رف ع ،فلما أراد أن يرف ع ،س جد ،فلم يجتمعا في الرك وع ،وال في
االعت دال ،وه ذا يخ الف ذلك القي اس ،فيج وز أن يق در مثله في التخل ف،
ويج وز أن يخص ذلك بالتق دم ،الن المخالفة فيه أفحش .وإن س بق ب ركن
مقصود ،ب أن ركع قبل االم ام ،ورفع واالم ام في القي ام ثم وقف ح تى رفع
االم ام ،واجتمعا في االعت دال ،فق ال الص يدالني ،وجماع ة :تبطل ص الته.
قالوا :فإن سبق بركن غير مقصود كاالعتدال ،ب أن اعت دل وس جد ،واالم ام
بعد في الرك وع ،أو س بق ب الجلوس بين الس جدتين ،ب أن رفع رأسه من
السجدة االولى ،وجلس وسجد الثانية واالمام بعد في االولى ،فوجهان .وق ال
العراقي ون ،وآخ رون :التق دم ب ركن ال يبطل ك التخلف ب ه .وه ذا أص ح،
وأش هر .وحكي عن نص الش افعي رضي هللا عنه ( .)2ه ذا في االفع ال
الظ اهرة ،فأما تكب يرة االح رام ،فالس بق بها مبطل كما تق دم ،وأما الفاتحة
والتشهد ،ففي السبق بهما أوج ه .الص حيح :ال يض ر ،بل يجزئ ان .والث اني:
تبطل الصالة .والثالث :ال تبطل .ويجب إعادتهما مع قراءة االمام أو بع دها.
ف رع :المس بوق إذا أدرك االم ام راكعا ( ،)3يك بر لالفتت اح ،وليس له أن
يشتغل بالفاتحة بل يهوي للرك وع ويك بر له تكب يرة أخ رى .وك ذا لو أدركه
،قائما
] [ 478
فكبر ،فركع االمام بمجرد تكبيره ،فلو اقتصر في الح الين على تكب يرة ،فله
أح وال .أح دها :أن ين وي بها تكب يرة االفتت اح ،فتصح ص الته بش رط أن
يوقعها في حال القيام ( .)1الثاني :ينوي تكبيرة الرك وع فال تنعقد ص الته (
.)2الث الث :ينويهم ا ،فال تنعقد فرضا وال نفال أيضا على الص حيح (.)3
الرابع :ال ينوي واحدا منهما ،بل يطلق التكب يرة .فالص حيح المنص وص في
(االم) وقطع به الجمهور :ال تنعقد .والثاني :تنعقد لقرينة االفتتاح ،ومال إليه
إمام الحرمين .فرع :إذا أخرج المأموم نفسه عن متابعة االمام ،فالمذهب أنه
ال تبطل صالته ،سواء فارق بعذر ،أو بغيره ،هذا جملت ه .وتفص يله :أن في
بطالن الصالة بالمفارقة ط ريقين .أح دهما :ال تبط ل .والث اني :على ق ولين.
أصحهما :ال تبطل .واختلفوا في موضع الق ولين ،على ط رق .أص حها :هما
فيمن فارق بغير عذر .فأما المعذور ،فيجوز قطعا .وقي ل :هما في المع ذور.
فأما غيره ،فتبطل صالته قطعا .وقي ل :هما فيهم ا ،واخت اره الحليمي .وق ال
إمام الحرمين :واالعذار كثيرة ،وأقرب معتبرا ،أن يقال :كل ما ج وز ت رك
الجماعة ابت داء ،ج وز المفارق ة .وألحق وا ب ه ،ما إذا ت رك االم ام س نة
مقص ودة ،كالتش هد االول ،والقن وت .وأما إذا لم يص بر على ط ول الق راءة
لض عف ،أو ش غل ،فاالص ح :أنه ع ذر .ه ذا كله إذا قطع الم أموم الق دوة
واالم ام بعد في الص الة .أما إذا انقطعت بح دث االم ام ،ونح وه ،فال تبطل
.صالة المأموم قطعا بكل حال
] [ 479
فرع :إذا أقيمت الجماعة وهو في الصالة منفردا ،نظر ،إن كان في فريضة
الوقت ،فقد قال الشافعي رضي هللا عن ه :أحببت أن يكمل ركع تين ،ويس لم،
فتك ون له نافل ة ،ويبت دئ الص الة مع االم ام .ومعن اه :أن يقطع الفريضة
ويقلبها نفال .وفيه وفي نظ ائره خالف ق دمناه في مس ائل النية في ص فة
الص الة .ثم ه ذا فيما إذا ك انت الص الة ثالثي ة ،أو رباعي ة ،ولم يصل بعد
ركع تين .ف إن ك انت ذات ركع تين ،أو ذات ثالث ،أو أرب ع ،وقد ق ام إلى
الثالثة ،فإنه يتمها ،ثم يدخل في الجماعة ،وإن كان في فائتة ،لم يس تحب أن
يقتصر على ركع تين ليص لي تلك الفائتة جماع ة ،الن الفائتة ال يش رع لها
الجماعة ،بخالف ما لو شرع في فائتة في ي وم غيم ،فانكشف الغيم ،وخ اف
فوت الحاضرة ،فإنه يسلم عن ركع تين ،ويش تغل بالحاض رة .قلت :قول ه :ال
يشرع لها الجماعة ،يحمل على التفصيل ال ذي ذكرته في أول كت اب ص الة
الجماع ة .وهللا أعلم .وإن ك ان في نافل ة ،وأقيمت الجماع ة ،ف إن لم يخش
فوته ا ،أتمه ا .وإن خش يه ،قطعها ودخل في الجماع ة .فأما إذا لم يس لم من
صالته التي أحرم بها منفردا ،بل اقتدى في خاللها ،فالمذهب ج وازه .وه ذا
جملت ه .فأما تفص يله ،ففي ص حة ه ذا االقت داء ،طريق ان .أح دهما :القطع
ببطالنه .وتبطل به الص الة .وأص حهما ،وأش هرهما :فيه ق والن .أظهرهم ا:
ج وازه .ثم اختلف وا في موضع الق ولين على ط رق ،فقي ل :هما فيما إذا لم
يركع المنفرد في انفراده .فإن ركع ،لم يجز قطع ا .وقي ل :هما بعد ركوع ه.
فأما قبله ،فيجوز قطع ا .وقي ل :هما إذا اتفقا في الركع ة ،ف إن اختلف ا ،فك ان
االم ام في ركع ة ،والم أموم في أخ رى متق دما ،أو مت أخرا ،لم يجز قطع ا.
والطريق الرابع الص حيح :أن الق ولين في جميع االح وال .وإذا ص ححنا
االقت داء على االطالق ،فاختلفا في الركع ة ،قعد الم أموم في موضع قع ود
االمام ،وق ام في موضع قيام ه ،ف إن تمت ص الته أوال ،لم يت ابع االم ام في
الزيادة ،بل إن ش اء فارق ه ،وإن ش اء انتظ ره في التش هد ،وط ول ال دعاء،
وسلم معه .فإن تمت صالة االمام أوال ،قام الم أموم ،وأتم ص الته كما يفعل
المسبوق ،وإذا سها المأموم قبل االقت داء ،لم يتحمل عنه االم ام ،بل إذا س لم
االمام ،سجد هو
] [ 480
لسهوه ،وإن سها بعد االقتداء ،حمل عنه .وإن س ها االم ام قبل االقت داء ،أو
بع ده ،لحق الم أموم ويس جد مع ه ،ويعيد في آخر ص الته على االظهر
كالمسبوق .فرع :من أدرك االم ام في الرك وع ،ك ان م دركا للركع ة .وق ال
محمد بن إس حاق بن خزيم ة ،وأبو بكر الص بغي ( - )1بكسر الص اد
المهملة ،وإسكان الباء الموحدة ،وب الغين المعجم ة ،كالهما من أص حابنا :-
ال يدرك الركعة ب ادراك الرك وع .وه ذا ش اذ منك ر ،والص حيح ال ذي عليه
الن اس ،وأطبق عليه االئم ة :إدراكه ا ،لكن يش ترط أن يك ون ذلك الرك وع
محسوبا لالم ام ،ف إن لم يكن ،ففيه تفص يل ن ذكره في الجمع ة ،إن ش اء هللا
تعالى .ثم المراد بإدراك الرك وع ،أن يلتقي هو وإمامه في حد أقل الرك وع.
حتى لو كان هو في اله وي ،واالم ام في االرتف اع ،وقد بلغ هويه حد االقل
قبل أن يرتفع االم ام عن ه ،ك ان م دركا ،وإن لم يلتقيا في ه ،فال .هك ذا قاله
جميع االصحاب .ويش ترط أن يطمئن قبل ارتف اع االم ام عن الحد المعت بر.
هكذا ص رح به في (البي ان) وبه أش عر كالم كث ير من النقل ة ،وهو الوج ه،
وإن كان االكثرون لم يتعرضوا له .ولو كبر ،وانح نى ،وش ك ،هل بلغ الحد
المعتبر قبل ارتفاع االمام عنه ؟ فوجهان .وقيل :ق والن .أص حهما :ال يك ون
م دركا .والث اني :يك ون .فأما إذا أدركه فيما بعد الرك وع ،فال يك ون م دركا
للركعة قطعا ،وعليه أن يتابعه في الركن الذي أدركه فيه وإن لم يحسب له.
قلت :وإذا أدركه في التش هد االخ ير ،لزمه متابعته في الجل وس ،وال يلزمه
أن يتش هد معه قطع ا ،ويسن ( )2له ذلك على الص حيح المنص وص .وهللا
أعلم .ف رع :المس بوق إذا أدرك االم ام في الرك وع .فقد ذكرنا أنه يك بر
للرك وع بعد تكب يرة االفتت اح ،فلو أدركه في الس جدة االولى ،أو الثاني ة ،أو
التش هد ،فهل يك بر لالنتق ال إليه ؟ وجه ان .أص حهما :ال ،الن ه ذا غ ير
محسوب له ،بخالف
] [ 481
الرك وع ،ويخ الف ما لو أدركه في االعت دال فما بع ده فإنه ينتقل معه من
ركن إلى ركن مك برا ،وإن لم يكن محس وبا ،النه لموافقة االم ام .ول ذلك
نق ول :يوافقه في ق راءة التش هد ،وفي التس بيحات ،على االص ح .وإذا ق ام
المسبوق بعد سالم االمام ،فإن ك ان الجل وس ال ذي ق ام منه موضع جل وس
المس بوق ،ب أن أدركه في الثالثة من رباعي ة ،أو ثانية ( )1المغ رب ،ق ام
مك برا .ف إن لم يكن موضع جلوس ه ،ب أن أدركه في االخ يرة ،أو الثانية من
الرباعية ،قام بال تكبير على االصح .ثم إذا لم يكن موضع جلوس ه ،لم يجز
المكث بعد سالم االمام .فإن مكث ،بطلت صالته .وإن كان موضع جلوس ه،
لم يضر المكث .والسنة للمسبوق :أن يقوم عقب تسليمتي االمام ،ف إن الثانية
من الص الة ،ويج وز أن يق وم عقب االولى .وإن ق ام قبل تمامه ا ،بطلت
صالته إن تعمد القيام .وما يدركه المسبوق أول صالته ،وما يفعله بعد سالم
االمام آخره ا ،ح تى لو أدرك ركعة من المغ رب ،ف إذا ق ام التم ام الب اقي،
يجهر في الثانية ويتش هد ،ويسر في الثالث ة .ولو أدرك ركعة من الص بح،
وقنت مع االم ام ،أع اد القن وت في الركعة ال تي ي أتي به ا .ونص الش افعي
رحمه هللا أنه لو أدرك ركعتين من رباعي ة ،ثم ق ام للت دارك ،يق رأ الس ورة
في الركعتين ،فقيل :هذا تفريع على قوله :يس تحب ق راءة الس ورة في جميع
الركع ات ،وقي ل :هو تفريع على الق ولين جميعا لئال تخلو ص الته عن
السورة .قلت :الث اني ،أص ح .وحكي ق ول غ ريب :أنه يجه ر .والجماعة في
الصبح ،أفضل من غيرها ،ثم العشاء ،ثم العصر ،لالحاديث الصحيحة .ولو
ك ان للمس جد إم ام راتب ،ك ره لغ يره إقامة الجماعة في ه ،قبله أو بع ده إال
بإذن ه ،ف إن ك ان المس جد مطروق ا ،فال ب أس .وقد س بقت المس ألة في ب اب
االذان .ويكره أن يؤم الرجل قوما وأكثرهم له ك ارهون ،ف إن كرهه االق ل،
أو النصف ،لم تكره إمامته .والمراد أن يكرهوه لمعنى م ذموم في الش رع (
،)2فإن لم يكن كذلك ،فالعتب عليهم وال كراهة .وقال القفال :إنما يكره إذا
لم ينصبه االمام ،فإن نصبه فال يبالي بكراهة
] [ 482
أكثرهم .والصحيح ال ذي عليه الجمه ور :أنه ال ف رق بين من نص به االم ام
وغيره ( .)1وأما إذا كان بعض المأمومين يكره أهل المسجد حض وره ،فال
يكره له الحضور ،الن غيره ال يرتبط ب ه ،نص عليه الش افعي واالص حاب
( )2ويكره أن يكون موقف االمام أعلى من موقف الم أموم ،وك ذا عكسه (
،)3فإن احتاج االمام إلى االستعالء ليعلمهم صفة الصالة ،أو المأموم ليبلغ
القوم تكبير االمام ،استحب ( .)4وأفضل صفوف الرجال ( ،)5أولها ،ثم ما
ق رب من ه ،وك ذلك النس اء الخلص ،ف إن ك ان النس اء مع الرج ال ،فأفضل
.صفوفهن آخرها ( .)6وهللا أعلم
] [ 483
كت اب ص الة المس افر ص الة المس افر كغ يره ،إال أن له ال ترخص بالقصر
والجمع ،فالقصر جائز باالجم اع .والس بب المج وز ل ه ،الس فر الطويل ()1
المباح ( .)2فأما الس فر القص ير ،فال بد فيه من ربط القصد بمقصد معل وم،
فال رخصة لهائم ال يدري أين يتوجه ،وإن طال سفره .ولنا وجه :أن اله ائم
إذا بلغ مسافة القصر له القصر ،وهو شاذ منكر .أما ابت داء الس فر ،فيع رف
بتفصيل الموضع الذي منه االرتحال .فإن ارتحل من بل دة لها س ور مختص
بها ( ،)3فال بد من مجاوزته وإن ك ان داخل الس ور م زارع ،أو مواضع
خربة ،الن جميع داخل السور مع دود من نفس البل د ،محس وب من موضع
االقامة ،ف إذا ف ارق الس ور ،ت رخص إن لم يكن خارجه دور متالص قة ،أو
مق ابر ،ف إن ك انت ،فوجه ان .االص ح :أنه ي ترخص بمفارقة الس ور ،وال
يش ترط مفارقة ال دور والمق ابر ،وبه ذا قطع الغ زالي ،وكث يرون .والث اني:
يشترط مفارقتها ،وهو موافق
] [ 484
لظاهر نص الشافعي .وأما إذا لم يكن للبلد س ور ،أو ك ان في غ ير ص وب
مقص ده ،فابت داء س فره بمفارقة العم ران ح تى ال يبقى بيت متصل وال
منفصل .والخراب ال ذي يتخلل العم ارات ،مع دود من البل د ،ك النهر الحائل
بين ج انبي البل د ،فال ي ترخص ب العبور من ج انب إلى ج انب .ف إن ك انت
أط راف البل دة خرب ة ،وال عم ارة وراءه ا ،فق ال العراقي ون ،والش يخ أبو
محمد :ال بد من مجاوزتها .وقال الغزالي ،وص احب (الته ذيب) :ال يش ترط
مجاوزته ا ،النه ليس موضع إقام ة .وه ذا الخالف فيما إذا ك انت بقايا
الحيطان قائمة ،ولم يتخذوا الخراب مزارع العمران ،وال هج روه بالتحويط
على العامر والخراب ،ف إن لم يكن ك ذلك ،لم يش ترط مجاوزتها بال خالف.
وال يشترط مجاوزة البساتين ،والمزارع المتصلة بالبلد ،وإن كانت محوطة،
إال إذا كان فيها قصور أو دور يسكنها مالكها ( )1بعض فصول السنة ،فال
بد من مجاوزتها حينئذ .ولنا وجه في (التتمة) :أنه يشترط مجاوزة البساتين،
والمزارع المضافة إلى البلدة مطلقا ،وهو شاذ ضعيف .هذا حكم البلدة .وأما
القري ة ،فلها حكم البل دة في جميع ما ذكرن اه .وال يش ترط فيها مج اوزة
البساتين ،وال الم زارع المحوط ة ،ه ذا هو الص واب ال ذي قاله العراقي ون.
وشذ الغزالي عن االصحاب فقال :إن كانت المزارع ،أو البس اتين محوط ة،
اش ترط مجاوزته ا .وق ال إم ام الح رمين :ال يش ترط مج اوزة الم زارع
المحوطة ،وال البساتين غير المحوطة ،ويشترط مجاوزة البساتين المحوطة.
ولو ك ان قريت ان ليس بينهما انفص ال ،فهما كمحل تين ،فيجب مجاورتهما
جميعا .قال االمام :وفيه احتمال ،فلو كان بينهما انفصال فجاوز قريت ه ،كفى
وإن كانتا في غاية التق ارب على الص حيح .وق ال ابن س ريج :إذا تقاربت ا،
اشترط مفارقتهما .ولو جمع سور قرى متفاصلة ،لم يشترط مجاوزة السور.
وكذا لو قدر ذلك في بل دتين متق اربتين .وله ذا قلنا أوال :إن ارتحل من بل دة
لها سور مختص بها .وأما المقيم في الصحارى ،فال بد له من مفارقة البقعة
التي فيها رحله وينسب إليه .فإن سكن واديا ،وسافر في عرض ه ،فال بد من
مجاوزة عرض الوادي ،نص عليه
] [ 485
الشافعي رحمه هللا .قال االصحاب :وهذا على الغالب في اتساع الوادي .فإن
أف رطت الس عة ،لم يش ترط إال مج اوزة الق در ال ذي يعد موضع نزول ه ،أو
موضع الحلة ( )1ال تي هو فيه ا .كما لو س افر في ط ول ال وادي .وق ال
القاضي أبو الطيب :كالم الش افعي مج رى على إطالق ه ،وجانبا ال وادي،
كسور البلد .ولو كان نازال في ربوة ،فال بد أن يهب ط ،وإن ك ان في وه دة،
فال بد أن يص عد ،وه ذا عند االعت دال كما ذكرنا في ال وادي .وال ف رق في
اعتبار مجاوزة عرض الوادي ،والصعود والهبوط ،بين المنف رد في خيم ة،
ومن في أهل خي ام على التفص يل الم ذكور .أما ( )2إذا ك ان في أهل خي ام
ك االعراب واالك راد ،فإنما ي ترخص إذا ف ارق الخي ام ،مجتمعة ك انت ،أو
متفرق ة ،إذا ك انت حلة واح دة وهي بمنزلة أبنية البل د .وال يش ترط مفارقته
لحلة أخرى ،بل الحلتان كالقريتين .وضبط الصيدالني التفرق الذي ال يؤثر،
ب أن يكون وا بحيث يجتمع ون للس مر في ن اد واح د ،ويس تعين بعض هم من
بعض .فإن كانوا بهذه الحال ة ،فهي حلة واح دة .ويعت بر مع مج اوزة الخي ام
مج اوزة مرافقه ا ،كمط رح الرم اد ،وملعب الص بيان ،والن ادي ،ومع اطن
االب ل ،فإنها ( )3من جملة مواضع إق امتهم .ولنا وجه ش اذ :أنه ال يعت بر
مفارقه الخيام ،بل يكفي مفارقة خيمته .فرع :إذا فارق المسافر بنيان البل دة،
ثم رجع إليها لحاج ة ،فله أح وال .أح دها :أن ال يك ون له بتلك البل دة إقامة
أص ال ،فال يص ير مقيما ب الرجوع ،وال بالحص ول فيه ا .الث اني :أن تك ون
وطنه ،فليس له الترخص في رجوعه ،وإنما ي ترخص إذا فارقها ثاني ا .ولنا
وجه :أنه يترخص ذاهبا ،وهو شاذ منك ر .الث الث :أن ال تك ون وطن ه ،لكنه
أقام بها مدة ،فهل له الترخص في رجوعه ؟
] [ 486
وجه ان .أص حهما :نعم ،ص ححه إم ام الح رمين ،والغ زالي ،وقطع به في
(التتمة) .والثاني :ال ،وقطع به في (التهذيب) وحيث حكمنا بأنه ال ي ترخص
إذا عاد ،فلو نوى العود ولم يعد بعد ،لم يترخص ،وص ار بالنية مقيم ا ،وال
فرق بين حالتي الرجوع والحص ول في البل دة ،في ال ترخص وعدم ه .ه ذا
كله إذا لم يكن من موضع الرجوع إلى الوطن ،مسافة القص ر .ف إن ك انت،
فهو مسافر مستأنف فيترخص .فصل في انتهاء السفر الذي يقطع ال ترخص
ويحصل ب أمور :االول :الع ود إلى ال وطن ،والض بط في ه :أن يع ود إلى
الموضع ال ذي ش رطنا مفارقته في إنش اء الس فر من ه .وفي مع نى ال وطن:
الوص ول إلى الموضع ال ذي يس افر إليه إذا ع زم على االقامة فيه الق در
الم انع من ال ترخص ،فلو لم ينو االقامة به ذلك الق در ،لم ينته س فره
بالوصول إليه على االظهر .ولو حصل في طريقه في قري ة ،أو بل دة له بها
أهل وعشيرة ،فهل ينتهي سفره بدخولها ؟ قوالن .أظهرهم ا :ال .ولو مر في
طريق سفره بوطنه ،ب أن خ رج من مكة إلى مس افة القص ر ،ون وى أنه إذا
رجع إلى مكة ،خرج إلى موضع آخر من غير إقام ة ،فالم ذهب ال ذي قطع
به الجمهور :أنه يصير مقيما بدخولها .وقال الصيدالني وغيره :فيه القوالن،
كبلد أهله .فعلى أحدهما :الع ود إلى ال وطن ال ي وجب انته اء الس فر ،إال إذا
ك ان عازما على االقام ة .االمر الث اني :نية االقام ة .ف إذا ن وى في طريقه
االقامة مطلقا ،انقطع سفره ،فال يقصر .فلو أنشأ الس ير بعد ذل ك ،فهو س فر
جديد ،فال يقصر إال إذا توجه إلى مرحلتين .هذا إذا نوى االقامة في موضع
يصلح لها من بلدة ،أو قرية ،أو واد يمكن الب دوي ال نزول فيه لالقام ة .فأما
المفازة ونحوه ا ،ففي انقط اع الس فر بنية االقامة فيها ق والن .أظهرهما عند
الجمهور :انقطاعه .ولو نوى إقامة ثالثة أيام فأقل ،لم يصر مقيما قطعا وإن
نوى أكثر من ثالثة ،قال الشافعي وجمهور االصحاب :إن ن وى إقامة أربعة
أيام ،صار مقيما .وذلك يقتضي أن نية دون االربعة ال تقطع السفر وإن زاد
على ثالثة ،وقد صرح به كثيرون ،واختلف وا في أن االربعة كيف تحسب ؟
على وجهين في (الته ذيب) وغ يره ،أح دهما :يحسب منها يوما ال دخول
والخروج ،كما
] [ 487
يحسب يوم الح دث ،وي وم ن زع الخف من م دة المس ح .وأص حهما ( :)1ال
يحسبان ( ،)2فعلى االول ،لو دخل يوم الس بت وقت ال زوال بنية الخ روج
يوم االربعاء وقت ال زوال ،ص ار مقيم ا .وعلى الث اني :ال يص ير (مقيم ا)،
وإن دخل ض حوة الس بت ،وخ رج عش ية االربع اء .وق ال إم ام الح رمين،
والغزالي :متى ن وى إقامة زائ دة على ثالثة أي ام ،ص ار مقيم ا .وه ذا ال ذي
قااله ،موافق لما قاله الجمهور ،النه ال يمكن زيادة على الثالثة غ ير ي ومي
ال دخول والخ روج ،بحيث ال يبلغ االربع ة ،ثم االي ام المحتملة مع دودة مع
لياليه ا .وإذا ن وى ما ال يحتم ل ،ص ار مقيما في الح ال .ولو دخل ليال ،لم
يحسب بقية الليلة ،ويحسب الغد .وجميع ما ذكرن اه في غ ير المح ارب ،أما
المحارب ،إذا نوى إقامة قدر يصير غيره به مقيما ،ففيه ق والن .أظهرهم ا:
أنه كغ يره .والث اني :يقصر أب دا .قلت :ولو ن وى العبد إقامة أربعة أي ام ،أو
الزوج ة ،أو الجيش ،ولم ينو الس يد ،وال ال زوج ،وال االم ير ،ففي ل زوم
االتمام في حقهم ،وجهان .االقوى :أن لهم القصر ،النهم ال يستقلون ،ف نيتهم
كالعدم ( .)3وهللا أعلم .االمر الثالث :صورة االقام ة ،ف إذا ع رض له ش غل
في بلدة ،أو قرية ،فأقام له ،فله ح االن .أح دهما ( :)4أن يرجو ف راغ ش غله
ساعة فساعة ،وهو على نية االرتحال عند فراغه .والثاني :يعلم أن ش غله ال
ينقضي في ثالثة أيام ،غير يومي الدخول
] [ 488
والخ روج ،كالتفق ه ،والتج ارة الكث يرة ،ونحوهم ا ،ف االول :له القصر إلى
أربعة أيام على ما س بق تفص يله .وفيما بعد ذلك طريق ان .الص حيح منهم ا:
فيه ثالثة أقوال .أحدها :يجوز القصر أب دا ،س واء فيه المقيم على القت ال ،أو
الخ وف من القت ال ،والمقيم لتج ارة وغيرهم ا .والث اني :ال يج وز القصر
أصال .والثالث وهو االظهر :يجوز ثمانية عشر ( )1يوما فقط ،وقيل :س بعة
عشر ،وقيل :تسعة عشر ،وقيل :عشرين .والطريق الث اني :أن ه ذه االق وال
في (المحارب) ويقطع بالمنع في غيره .وأما الحال الثاني :فإن كان محاربا،
وقلنا في الحال االول :ال يقصر ،فهنا أولى .وإال فقوالن .أح دهما :ي ترخص
أبدا .والثاني :ثمانية عشر ( .)2وإن كان غير مح ارب ،كالمتفق ه ،والت اجر،
.فالمذهب أنه ال يترخص أصال .وقيل :هو كالمحارب ،وهو غلط
] [ 489
فصل :وأما كون السفر طويال ،فال بد منه .والطوي ل :ثمانية وأربع ون ميال
بالهاشمي ( ،)1وهي ستة عشر فرسخا ،وهي أربعة برد ( ،)2وهي مسيرة
يومين معتدلين .فالميل :أربعة آالف خطوة ،والخطوة :ثالثة أقدام .وهل ه ذا
الضبط تحدي د ،أم تق ريب ؟ وجه ان .االص ح :تحدي د .وحكي ق ول ش اذ :أن
القصر يج وز في الس فر القص ير ،بش رط الخ وف .والمع روف :االول.
واس تحب الش افعي رحمه هللا أن ال يقصر إال في ثالثة أي ام ،للخ روج من
خالف أبي حنيفة ( )3في ض بطه ب ه .والمس افة في البحر مثل المس افة في
.البر وإن قطعها في لحظة .فإن شك فيها ،اجتهد ()4
] [ 490
قلت :ولو حبستهم الريح فيه ،ق ال ال دارمي :هو كاالقامة في ال بر بغ ير نية
االقام ة .وهللا أعلم .واعلم أن مس افة الرج وع ال تحس ب ،فلو قصد موض عا
على مرحلة بنية أن ال يقيم فيه ،فليس له القصر ،ال ذاهبا ،وال راجعا ،وإن
ك ان يناله مش قة مرحل تين متوالي تين ،النه ال يس مى س فرا ط ويال .وحكى
الحناطي وجها :أنه يقصر إذا ك ان ال ذهاب والرج وع مرحل تين ،وهو ش اذ
منكر .ويشترط عزمه في االبتداء على قطع مسافة القصر ،فلو خرج لطلب
آبق ،أو غريم ،وينصرف متى لقيه وال يع رف موض عه ،لم ي ترخص ،وإن
ط ال س فره كما قلنا في اله ائم :ف إذا وج ده وع زم على الرج وع إلى بل ده
وبينهما مسافة القص ر ،ي رخص إذا ارتحل عن ذلك الموض ع .فلو ك ان في
ابتداء السفر يعلم موضعه ،وأنه ال يلق اه قبل مرحل تين ،ت رخص ،فلو ن وى
مسافة القصر ،ثم ن وى أنه إن وجد الغ ريم رج ع ،نظ ر ،إن ن وى ذلك قبل
مفارقة عمران البلد ،لم يترخص ،وبعد مفارقة العمران ،فوجهان .أصحهما:
يترخص ما لم يجده ،فإذا وجده ،صار مقيما .وكذا لو نوى قصد موضع في
مسافة القصر ،ثم نوى االقامة في بلد وسط الطريق ،ف إن ك ان من مخرجه
إلى المقصد الثاني مسافة القصر ،ي ترخص ،وإن ك ان أق ل ،ت رخص أيضا
على االصح ما لم يدخله .قلت :ه ذا إذا ن وى االقامة أربعة أي ام ،ف إن ن وى
دونه ا ،فهو س فر واح د ،فله القصر في جميع طريق ه ،وفي البلد ال ذي في
الوسط .وهللا أعلم .فرع :إذا سافر العبد بسير المولى ،والمرأة بسير ال زوج،
والجندي بسير االم ير ،وال يعرف ون مقص دهم ،لم يجز لهم ال ترخص (.)1
فلو ن ووا مس افة القصر ( ،)2فال ع برة بنية العب د ،والم رأة ،وتعت بر نية
الجندي ،النه ليس تحت يد االمير وقهره ،فإن عرفوا مقص دهم فن ووا ،فلهم
القصر .قلت :وإذا أسر الكفار رجال ،فساروا به ولم يعلم أين يذهبون به ،لم
] [ 491
يقص ر .وإن س ار معهم ي ومين ،قصر بعد ذل ك .نص عليه الش افعي رحمه
هللا .فلو علم البلد ال ذي ي ذهبون به إلي ه ،ف إن ك ان نيته أنه إن تمكن من
اله رب ه رب ،لم يقصر ( )1قبل مرحل تين .وإن ن وى قصد ذلك البل د ،أو
غيره -وال معصية في قص ده -قصر في الح ال إن ك ان بينهما مرحلت ان.
وهللا أعلم .فرع :لو كان لمقص ده ( )2طريق ان ،يبلغ أح دهما مس افة القصر
دون اآلخر ،فسلك االبعد ،نظ ر ،إن ك ان لغ رض ك االمن ،أو الس هولة ،أو
زيادة ،أو عيادة ،ت رخص ( .)3وك ذا لو قصد الت نزه على الم ذهب .وت ردد
الشيخ أبو محمد في اعتباره وإن لم يكن غرض سوى الترخص ،فطريق ان.
أص حهما :على ق ولين .أظهرهما ( :)4ال ي ترخص .والطريق الث اني :ال
ي ترخص قطع ا .ولو بلغ بكل واحد المس افة ،فس لك االبعد لغ ير غ رض،
ترخص في جميعه قطعا .فرع :إذا خرج إلى بلد والمسافة طويلة ،ثم ب دا له
في أثناء الس فر أن يرج ع ،انقطع س فره ( ،)5فال يج وز القصر ما دام في
ذلك الموض ع .ف إذا فارق ه ،فهو س فر جدي د .فإنما يقصر إذا توجه منه إلى
مرحلتين ،سواء رجع إلى وطنه ،أو استمر إلى مقصده االول ،أو غيرهم ا.
ولو خ رج إلى بلد ال يقصر إليه الص الة ،ثم ن وى مجاوزته إلى ما يقصر
إليه الصالة ،فابتداء سفره ،من حين غير الني ة ،فإنما ي ترخص إذا ك ان من
ذلك الموضع إلى المقصد الث اني مرحلت ان .ولو خ رج إلى س فر طويل بنية
االقامة في كل مرحلة أربعة أي ام ،لم ي ترخص .فص ل :وأما ك ون الس فر
مباحا ،فمعناه :أنه ليس بمعصية ،سواء كان
] [ 492
طاعة ،أو تجارة ،وال ي ترخص في س فر المعص ية ( ،)1كه رب العبد من
مواله ،والمرأة من الزوج ،والغريم مع الق درة على االداء ،والمس افر لقطع
الطريق ،أو للزنى ،أو قتل ال برئ .وأما العاصي في س فره ،وهو أن يك ون
السفر مباحا ،ويرتكب المعاصي في طريق ه ،فله ال ترخص .ولو أنشأ س فرا
مباح ا ،ثم جعله معص ية ،فاالصح أنه ال ي ترخص ( .)2ولو أنشأ س فر
معصية ،ثم تاب وغير قصده من غير تغيير صوب السفر ،ق ال االك ثرون:
ابت داء س فره من ذلك الموض ع .إن ك ان منه إلى مقص ده مس افة القص ر،
ترخص ،وإال فال .وقيل :في الترخص وجهان ،كما لو نوى مباح ا ،ثم جعله
معصية .ثم العاصي بسفره ،ال يقص ر ،وال يفط ر ،وال يتنفل على الراحل ة،
وال يجمع بين الص التين ،وال يمسح ثالثة أي ام ،وله أن يمسح يوما وليل ة،
على الصحيح .والثاني :ال يمسح أصال .وليس له أكل الميتة عند االضطرار
على الم ذهب ( ،)3وبه قطع الجم اهير من العراق يين وغ يرهم .وقي ل:
وجهان .أصحهما :ال يجوز تغليظا عليه ،النه ق ادر على اس تباحتها بالتوب ة.
والث اني :الج واز .كما يج وز للمقيم العاصي على الص حيح ال ذي عليه
الجمهور .وفي وجه شاذ :ال يج وز للمقيم العاصي لقدرته على التوب ة .قلت:
وال تسقط الجمعة عن العاصي بسفره ،وفي تيممه خالف تقدم في بابه .وهللا
أعلم .ومما ألحق بس فر المعص ية ،أن يتعب االنس ان نفس ه ،ويع ذب دابته
بالركض
] [ 493
من غير غرض .ذكر الصيدالني أنه ال يحل له ذلك .ولو ك ان يتنقل من بلد
إلى بلد من غير غرض صحيح ،لم يترخص .قال الش يخ أبو محم د :الس فر
لمج رد رؤية البالد والنظر إليه ا ،ليس من االغ راض الص حيحة .فص ل:
القصر ( )1ج ائز في كل ص الة رباعية م ؤداة ( )2في الس فر أدرك وقتها
فيه .فأما المغرب ،والصبح ،فال قصر فيهما باالجم اع .وأما المقض ية ،ف إن
فاتت في الحضر وقضاها في السفر ،لم يقصر ،خالفا للمزني .وإن شك هل
ف اتت في الس فر ،أو الحضر ؟ لم يقصر أيضا ( .)3وإن ف اتت في الس فر،
فقضاها فيه ،أو في الحض ر ،فأربعة أق وال .أظهره ا :إن قضى في الس فر،
قصر ،وإال فال .والثاني :يتم فيهما ،والثالث :يقصر فيهما .والرابع :إن قضى
ذلك في السفر ،قصر ،وإن قضى في الحضر ،أو سفر آخر ،أتم .ف إن قلن ا:
يتم فيهم ا ،فش رع في الص الة بنية القص ر ،فخ رج ال وقت في أثنائه ا ،فهو
مبني على أن الصالة التي يقع بعضها في الوقت أداء أم قضاء .والص حيح:
أنه إن وقع في ال وقت ركع ة ،ف أداء ،وإن ك ان دونه ا ،فقض اء .ف إن قلن ا:
قض اء ،لم يقص ر .وإن قلن ا :أداء ،قصر على الص حيح .وق ال ص احب
(التلخيص) :يتم .ف رع :إذا س افر في أثن اء ال وقت ،وقد مضى منه ما يمكن
فعل الص الة في ه ،ف النص أن له القص ر .ونص فيما إذا أدركت من أول
الوقت قدر االمكان ،ثم حاض ت ،أنه يلزمها القض اء ،وك ذا س ائر أص حاب
العذر .فقال االصحاب :في المسألتين طريقان .أح دهما وهو الم ذهب :العمل
بظ اهر النص ين ،والث اني :فيهما ق والن .أح دهما :يل زم الح ائض الص الة،
ويجب على المسافر االتمام .والثاني :ال يلزمها الصالة ،ويج وز له القص ر.
وقال أبو الطيب بن سلمة ( :)4إن سافر وقد
] [ 494
بقي من الوقت أربع ركعات لم يقص ر .وإن بقي أك ثر ،قص ر .والجمه ور:
على أنه ال فرق .أما إذا سافر وقد بقي أقل من قدر الصالة ،ف إن قلن ا :كلها
أداء ،قص ر ،وإال فال .وإن مضى من ال وقت دون ما يسع الص الة وس افر،
قال إم ام الح رمين :ينبغي أن يمتنع القصر إن قلن ا :تمتنع لو مضى ما يسع
الص الة ،بخالف ما لو حاضت بعد مضي الق در الن اقص ،فإنه ال يلزمها
الصالة على المذهب ،الن عروض السفر ال ينافي إتمام الصالة ،وعروض
الحيض ينافيه .قلت :هذا الذي ذكره االم ام ،ش اذ م ردود ،فقد ص رحوا بأنه
يقصر هنا بال خالف .ونقل القاضي أبو الطيب :إجم اع المس لمين :أنه
يقصر .وهللا أعلم .فصل :للقصر أربع شروط :أحدها :أن ال يقتدي بمتم ،فإن
فعله ولو في لحظ ة ،لزمه االتم ام .واالقت داء في لحظة يتص ور من وج وه.
منها أن ي درك االم ام في آخر ص الته ،أو يح دث االم ام عقب اقتدائه
وينص رف .ولو ص لى الظهر خلف من يقضي الص بح ،مس افرا ك ان أو
مقيم ا ،لم يجز القصر على االص ح .ولو ص لى الظهر خلف من يص لي
الجمعة ،فالمذهب :أنه ال يجوز القصر مطلق ا ،وقي ل :إن قلن ا :الجمعة ظهر
مقص ورة ،قص ر ،وإال فهي كالص بح .قلت :وس واء ك ان إم ام الجمع ة،
مسافرا ،أو مقيما ،فهذا حكم ه .ولو ن وى الظهر مقص ورة خلف من يص لي
العصر مقصورة ،جاز .وهللا أعلم .ثم المقتدي تارة يعلم حال إمام ه ،وتح رة
يجهلها .فإن علم ،نظر ،إن علمه مقيما ،أو ظنه ،لزمه االتمام .فلو اقت دى به
ون وى القص ر ،انعق دت ص الته ،ولغت نية القص ر .بخالف المقيم ين وي
القصر ،ال تنعقد صالته ،النه ليس من أهل القصر ،والمسافر من أهل ه ،فلم
يضره نية القصر .كما لو شرع في الصالة بنية القصر ،ثم نوى االتمام ،أو
صار مقيما .وإن علمه ،أو ظنه مسافرا ،أو علم أو
] [ 495
ظن أنه نوى القصر ،فله أن يقصر خلفه ،وكذا إن لم يدر أنه نوى القص ر،
وال يلزم االتم ام به ذا ال تردد ،الن الظ اهر من ح ال المس افر القص ر .ولو
ع رض ه ذا ال تردد في أثن اء الص الة ،لم يل زم االتم ام .ولو لم يع رف نيته
فعلق عليها ،فنوى إن قصر ،قصرت ،وإن أتم ،أتممت ،فوجهان :أص حهما:
ج واز التعلي ق ،ف إن أتم االم ام ،أتم ،وإن قص ر ،قص ر .فلو فس دت ص الة
االمام ،أو أفسدها ثم ق ال :كنت ن ويت القص ر ،فللم أموم القص ر .وإن ق ال:
كنت نويت االتمام ،لزمه االتمام .وإن انصرف ولم يظهر للم أموم ما ن واه،
فاالص ح :ل زوم االتم ام .قاله أبو إس حاق .والث اني :ج واز القص ر ،قاله ابن
س ريج .أما إذا لم يعلم ،ولم يظن أنه مس افر ،أو مقيم ،بل ش ك ،فيلزمه
االتمام وإن بان االمام مسافرا قاصرا .ولنا وج ه :أنه إذا ب ان قاص را ،ج از
القصر وهو ش اذ .ف رع :إذا اقت دى بمقيم ،أو مس افر متم ،ثم فس دت ص الة
االمام ،أو بان محدثا ،أو فسدت صالة المأموم ،فاستأنفها ،لزمه االتمام .ولو
اقتدى بمن ظنه مس افرا ،فب ان مقيم ا ،لزمه االتم ام ،لتقص يره ،ف إن ش عار
المس افر ظ اهر .وإن ب ان أنه مقيم مح دث ،نظ ر ،إن ب ان كونه مقيما أوال،
لزم االتمام .وإن بان كونه محدثا أوال أو بانا معا ،فطريقان .أش هرهما :على
وجهين .أصحهما :له القصر .والطريق الثاني :له القصر قطع ا ،إذ ال ق دوة.
ولو شرع في الصالة مقيما ،ثم بان أنه محدث ،ثم س افر وال وقت ب اق ،فله
القصر ،لعدم الشروع الصحيح .بخالف ما لو ش رع فيها مقيم ا ،ثم ع رض
سبب مفسد ،فإنه يلزمه االتمام ،اللتزامه ذلك بالشروع الصحيح .ولو اقت دى
بمقيم ،ثم بان حدث المأموم ،فله القص ر .وك ذا لو اقت دى بمن يعرفه مح دثا
ويظنه مقيم ا ،فله القص ر ،النه لم يصح ش روعه .ف رع :الم ذهب الص حيح
الجديد :أنه يجوز أن يستخلف االمام إذا فسدت ص الته بح دث أو غ يره من
يتم بالمأمومين .وسيأتي بيان هذا في باب الجمعة ،إن شاء هللا تعالى .فإذا أم
مسافر مسافرين ومقيمين ،ففسدت صالته برعاف ( ،)1أو
] [ 496
سبق حدث ،فاستخلف مقيما ،لزم المس افرين المقت دين االتم ام .ك ذا قطع به
االص حاب .ويجئ فيه وج ه ،النا س نذكر وجها في مس ائل االس تخالف إن
ش اء هللا تع الى :أنه يجب عليهم نية االقت داء بالخليف ة .فعلى ه ذا إنما يل زم
االتم ام إذا ن ووا االقت داء .وإنما ف رع االص حاب على الص حيح ،أن نية
االقتداء بالخليفة ال تجب .وأما االمام الذي سبقه الح دث والرع اف ،فظ اهر
نص الش افعي رحمه هللا ،يقتضي وج وب إتمام ه .واختلف وا في معن اه،
فالصحيح ما قاله أبو إسحاق المروزي ،واالكثرون :أن مراده ،أن يعود بعد
غسل الدم ،ويقتدي بالخليفة ،إما بن اء على الق ول الق ديم ،وإما اس تئنافا على
الجديد ،فيلزمه االتمام ،النه اقتدى بمقيم في بعض ص الته .ف إن لم يقتد ب ه،
لم يلزمه االتمام .وقي ل :يجب االتم ام ع اد أو لم يع د ،عمال بظ اهر النص،
الن فرعه متم ،فهو أولى ،وغلطه االص حاب .وقي ل :إن ه ذا تفريع على
الق ديم ،إن س بق الح دث ال يبطله ا ،فيك ون الراعف في انص رافه في حكم
المؤتم بخليفته المقيم .وضعفه االصحاب أيض ا ،ف إن البن اء إنما يج وز على
الق ديم ،واالس تخالف ال يج وز على الق ديم .وقي ل :م راده أن يحس االم ام
بالرعاف قبل خروج الدم ،فيستخلف ،ثم يخ رج فيلزمه االتم ام ،النه ص ار
مقتديا بمقيم في جزء من صالته .وضعفه المحاملي وغ يره ،النه اس تخالف
قبل العذر ،وليس بجائز .وقال الشيخ أبو محم د :االحس اس به ع ذر .وم تى
حضر إم ام حاله أكم ل ،ج از اس تخالفه .قلت :ه ذا كله إذا اس تخلف االم ام
مقيما .فلو لم يستخلف ،وال استخلف المأمومون ،بنوا على صالتهم ف رادى.
وجاز للمس افرين منهم ،والراع ف ،القصر قطع ا .وك ذا لو اس تخلف االم ام
مس افرا ،أو اس تخلفه الق وم ،قصر المس افرون والراع ف .فلو لم يس تخلف
االمام الراعف ،واستخلف القوم مقيما ،فوجهان .حكاهما صاحب (الح اوي)
أحدهما :أنه كاستخالف الراعف على ما مضى .وأص حهما :يج وز للراعف
هنا القصر بال خالف إذا لم يقتد ب ه ،النه ليس فرعا ل ه .ولو اس تخلف
المقيم ون مقيم ا ،والمس افرون مس افرا ،ج از .وللمس افرين القصر خلف
إمامهم ،وكذا لو تفرق وا ثالث ف رق أو أك ثر ،وأم كل فرقة إم ام .نص عليه
الش افعي .وهللا أعلم .الش رط الث اني :نية القص ر .فال بد منها عند ابت داء
الصالة .وال يجب استدامة
] [ 497
ذكرها ،لكن يشترط االنفكاك عما يخالف الجزم به ا .فلو ن وى القصر أوال،
ثم نوى االتمام ،أو تردد بين القصر واالتم ام ،أو شك هل ن وى القص ر ،ثم
ذكر في الح ال أنه ن واه ،لزمه االتم ام .ولو اقت دى بمس افر علم أو ظن أنه
نوى القصر ،فصلى ركعتين ،ثم قام االمام إلى ثالثة ،نظر ،إن علم أنه نوى
االتمام ،لزمه االتمام ،وإن علم أنه ساه ،بأن ك ان حنفيا ال ي رى االتم ام ،لم
يلزمه االتم ام ( ،)1ويتخ ير ،إن ش اء خ رج عن متابعت ه ،وس جد للس هو،
وسلم ،وإن ش اء انتظ ره ح تى يع ود .فلو أراد أن يتم أتم ،لكن ال يج وز أن
يقت دي باالم ام في س هوه ،النه غ ير محس وب ل ه .وال يج وز االقت داء بمن
علمنا أنه ما هو فيه غير محسوب له ،كالمسبوق إذا أدرك من آخر الص الة
ركعة ،فقام االمام سهوا إلى ركعة زائدة ،لم يكن للمس بوق أن يقت دي به في
ت دارك ما علي ه .فلو شك هل ق ام س اهيا أم متم ا ،لزمه االتم ام .ولو ن وى
القصر وصلى ركعتين ،ثم قام إلى ثالثة ،نظر ،إن ح دث ما ي وجب االتم ام
كنية االتمام ،أو االقامة ،أو حصوله بدار االقامة في السفينة ،فقام لذلك ،فقد
فعل واجبه .فإن لم يحدث شئ من ذلك ،وق ام عم دا ،بطلت ص الته .كما لو
ق ام المقيم الم ذكور إلى ركعة خامس ة ،أو ق ام المتنفل إلى ركعة زائ دة قبل
تغيير النية .وإن قام سهوا ،ثم ذكر ،لزمه أن يعود ،ويس جد للس هو ،ويس لم.
فلو ب دا له بعد الت ذكر أن يتم ،ع اد إلى القع ود ،ثم نهض متم ا .وفي وجه
ض عيف :له أن يمضي في قيام ه .فلو ص لى ثالث ة ،ورابع ة ،س هوا ،وجلس
للتشهد ،فتذكر ،سجد للسهو وهو قاصر ،وركعتاه الزائدتان غير محسوبتين.
فلو نوى االتمام ،لزمه أن يقوم ويصلي ركعتين أخريين ،ويسجد للس هو في
آخر صالته .الشرط الثالث :أن يك ون مس افرا من أول الص الة إلى آخره ا.
فلو نوى االقامة في أثنائها ،أو انتهت به السفينة إلى دار االقامة ،أو س ارت
به من دار االقامة في اثنائه ا ،أو ش ك ،هل ن وى االقام ة ،أم ال ؟ أو دخل
بل دا وشك هل هو مقص وده ،أم ال ؟ لزمه االتم ام .الش رط الراب ع :العلم
،بجواز القصر .فلو جهل جوازه فقصر ،لم يصح
] [ 498
لتالعب ه ،نص عليه في (االم) .قلت :ويلزمه إع ادة ه ذه الص الة أربع ا،
اللزامه االتم ام .والص ورة فيمن ن وى الظهر مطلق ا ،ثم س لم من ركع تين
عمدا .أما لو نوى جاهل القصر الظهر ركعتين متالعب ا ،فيعي دها مقص ورة
إذا علم القصر بعد ش روعه .وهللا أعلم ] ( .)1ب اب الجمع بين الص التين
يجوز الجمع بين الظهر والعصر ،وبين المغ رب والعش اء ،تق ديما في وقت
االولى ،أو ت أخيرا في وقت الثاني ة ،في الس فر الطويل ( .)2وال يج وز في
القص ير على االظه ر .واالفضل للس ائر في وقت االولى أن يؤخرها إلى
الثانية ،وللنازل في وقتها ،تقديم الثانية .وال يجوز الجمع في سفر المعصية،
وال جمع الص بح إلى غيره ا ،وال العصر إلى المغ رب .وأما ( )3الحج اج
من أهل اآلفاق ،فيجمعون بين الظهر والعصر ( )4بعرفة في وقت الظه ر،
،وبين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء
] [ 499
وذلك الجمع بسبب السفر على المذهب الصحيح .وقي ل :بس بب النس ك .ف إن
قلنا باالول ،ففي جمع المكي القوالن ،الن س فره قص ير ،وال يجمع الع رفي
بعرف ة ،وال الم زدلفي بمزدلف ة ،النه وطن ه .وهل يجمع كل واحد منهما
بالبقعة االخرى ،فيه القوالن كالمكي .وإن قلنا بالثاني ،جاز الجمع لجميعهم.
ومن االص حاب ( )1يق ول :في جمع المكي ق والن .الجدي د :منع ه .والق ديم:
جوازه .وعلى القديم في العرفي والمزدلفي ،وجهان .والم ذهب :منع جميعهم
على االطالق .وحكم الجمع في البقعتين ،حكمه في س ائر االس فار .ويتخ ير
في التقديم والتأخير ،واالختيار :التقديم بعرفة ،والت أخير بمزدلف ة .ف رع :إذا
جمع المسافر في وقت االولى ،اش ترط ثالثة أم ور .أح دها :ال ترتيب ،فيب دأ
ب االولى .فلو ب دأ بالثاني ة ،لم يص ح .وتجب إعادتها بعد االولى .ولو ب دأ
ب االولى ،ثم ص لى الثاني ة ،فب ان فس اد االولى ،فالثانية فاس دة أيض ا .االمر
الث اني :نية الجم ع .والم ذهب :أنها تش ترط .ويكفي حص ولها عند االح رام
باالولى ،أو في اثنائها ،أو مع التحلل منها ،وال يكفي بعد التحل ل .ولنا ق ول
شاذ ( :)2أنها تشترط عند االحرام ب االولى ،ووج ه :أنها تج وز في اثنائه ا.
وال تج وز مع التحل ل ،ووج ه :أنها تج وز بعد ( )3التحلل قبل االح رام
بالثاني ة .وهو ق ول خرجه الم زني للش افعي .ووجه آخر الص حابنا ،وهو
مذهب المزني :أن نية الجمع ال تشترط أصال .قلت :ق ال ال دارمي :لو ن وى
الجمع ،ثم ن وى تركه في أثن اء االولى ،ثم ن وى الجمع ثاني ا ،ففيه الق والن.
وهللا أعلم .االمر الثالث :المواالة .والصحيح المشهور :اشتراطها ( .)4وقال
] [ 500
االص طخري ،وأبو علي الثقفي :يج وز الجمع وإن ط ال الفصل بين
الص التين ما لم يخ رج وقت االولى .وحكى عن نصه في (االم) :أنه إذا
ص لى المغ رب في بيته بنية الجم ع ،وأتى المس جد فص لى العش اء ،ج از.
والمعروف :اشتراط المواالة ،فال يجوز الفصل الطوي ل ،وال يضر اليس ير.
ق ال الص يدالني :حد أص حابنا اليس ير بق در االقام ة .واالصح ما قاله
العراقي ون :أن الرج وع في الفصل إلى الع ادة .وقد تقتضي الع ادة إحتم ال
زيادة على قدر االقام ة ،وي دل عليه أن جمه ور االص حاب ،ج وزوا الجمع
بين الصالتين بالتيمم ،وق الوا :ال يضر الفصل بينهما ب الطلب وال تيمم ،لكن
يخفف الطلب .ومنع أبو إس حاق الم روزي جمع الم تيمم للفصل ب الطلب.
وم تى ط ال الفص ل ،امتنع ضم الثانية إلى االولى ،ويتعين تأخيرها إلى
وقتها ،سواء طال بعذر ،كالسهو ،واالغماء ،أو بغيره .ولو جمع فت ذكر بعد
فراغه منهما أنه ت رك ركنا من االولى ،بطلتا جميع ا ،وله إعادتهما جامع ا.
ولو تذكر تركه من الثانية ،فإن قرب الفصل تدارك ومضت الصالتان على
الص حة .وإن ط ال ،بطلت الثاني ة ،وتع ذر الجمع لط ول الفصل بالثانية
الباطلة ،فيعيدها في وقته ا .فلو لم ي در أنه ت رك من االولى ،أم من الثاني ة،
لزمه إعادتهما الحتمال الترك من االولى .وال يج وز الجمع على المش هور.
وفي قول شاذ :يجوز كما لو أقيمت جمعتان في بلد ،ولم يعلم السابقة منهما،
يج وز إع ادة الجمعة في ق ول .ه ذا كله إذا جمع في وقت االولى ،فلو جمع
في وقت الثاني ة ،لم يش ترط ال ترتيب وال الم واالة ،وال نية الجمع ح ال
الصالة على الصحيح .وتشترط الثالثة على الثاني ،فعلى االشتراط ،لو أخل
بواحد منها ،ص ارت االولى قض اء ،فال يج وز قص رها إن لم نج وز قصر
القضاء .قال االصحاب :ويجب أن ينوي في وقت االولى ك ون الت أخير بنية
الجمع .فلو أخر بغير نية حتى خرج ال وقت ،أو ض اق بحيث لم يبق منه ما
تك ون الص الة فيه أداء ،عص ى ،وص ارت االولى قض اء .ف رع :إذا جمع
تقديما ،فصار في أثناء االولى أو قبل الشروع في الثانية مقيما بنية االقامة،
أو وصول السفينة دار االقامة ،بطل الجمع ،فيتعين تأخير الثانية إلى وقتها،
.وأما االولى فصحيحة .فلو صار مقيما في أثناء الثانية ،فوجهان
] [ 501
أحدهما :يبطل الجمع ،كما يمتنع القصر باالقامة في أثنائه ا .فعلى ه ذا ،هل
تك ون الثانية نفال ،أم تبطل ؟ فيه الخالف كنظ ائره .وأص حهما :ال يبطل
الجمع ص يانة لها عن البطالن بعد االنعق اد ،بخالف القص ر ،ف إن وج وب
االتم ام ،ال يبطل فرض ية ما مضى من ص الته .أما إذا ص ار مقيما بعد
الف راغ من الثاني ة ،ف إن قلن ا :االقامة في أثنائها ال ت ؤثر ،فهنا أولى ،وإال
فوجه ان .االص ح :ال يبطل الجم ع ،كما لو قصر ثم أق ام .ثم ق ال ص احب
(التهذيب) وآخرون :الخالف فيما إذا أق ام بعد فراغه من الص التين ،إما في
وقت االولى ،وإما في وقت الثانية قبل مضي إمك ان فعله ا .ف إن ك ان بعد
إمك ان فعله ا ،لم تجب إعادتها بال خالف .وص رح إم ام الح رمين بجري ان
الخالف مهما بقي من وقت الثانية ش ئ .ه ذا كله إذا جمع تق ديما .فلو جمع
في وقت الثاني ة ،فص ار مقيما بعد فراغه منهم ا ،لم يض ر .وإن ك ان قبل
الف راغ ،ص ارت االولى قض اء .فص ل :يج وز الجمع بين الظهر والعص ر،
وبين المغرب والعش اء ،بع ذر المط ر .ولنا ق ول ش اذ ض عيف ،حك اه إم ام
الح رمين :أنه يج وز بين المغ رب والعش اء في وقت المغ رب دون الظهر
والعص ر ،وهو م ذهب مالك ( .)1وق ال الم زني :ال يج وز مطلق ا ،وس واء
عن دنا ق وي المطر وض عيفه إذا بل الث وب ،والش فان ،مطر وزي ادة .قلت:
الشفان -بفتح الشين المعجمة ،وتش ديد الف اء ،وآخ ره ن ون ( - )2وهو ب رد
ريح فيه ن دوة ،وك ذا قاله أهل اللغ ة .وهو تص ريح بأنه ليس بمط ر ،فضال
عن كونه مط را وزي ادة ،فك أن ال رافعي قلد ص احب (الته ذيب) في إطالق
هذه العبارة المنكرة .وصوابه أن يقال :الشفان له حكم المطر ،لتضمنه القدر
المبيح من المطر ،وهو ما يبل الث وب ،وهو موج ود في الش فان .وهللا أعلم.
والثلج ،وال برد ،إن كانا ي ذوبان ،فك المطر ،وإال ،فال .وفي وجه ش اذ :ال
يرخص ان بح ال .ثم ه ذه الرخصة لمن يص لي جماعة في مس جد يأتيه من
بع د ،ويت أذى ب المطر في إتيان ه .فأما من يص لي في بيته منف ردا ،أو في
جماعة ،أو مشى
] [ 502
إلى المس جد في كن ،أو ك ان المس جد في ب اب داره ،أو ص لى النس اء في
بي وتهن جماع ة ،أو حضر جميع الرج ال في المس جد ،وص لوا أف رادا ،فال
يجوز الجمع على االص ح .وقي ل :على االظه ر .ثم إن أراد الجمع في وقت
االولى ،فش روطه كما تق دمت في جمع الس فر .وإن أراد ت أخير االولى إلى
الثاني ة ،كالس فر ،لم يجز على االظهر الجدي د ،ويج وز على الق ديم .ف إذا
جوزناه ،قال العراقيون :يصلي االولى مع الثاني ة ،س واء اتصل المط ر ،أو
انقط ع .وق ال في (الته ذيب) :إذا انقطع قبل دخ ول وقت الثاني ة ،لم يجز
الجم ع ،ويص لي االولى في آخر وقته ا ،كالمس افر إذا أخر بنية الجم ع ،ثم
أقام قبل دخول وقت الثانية ،وقتضى هذا أن يق ال :لو انقطع في وقت الثانية
قبل فعله ا ،امتنع الجم ع ،وص ارت االولى قض اء ،كما لو ص ار مقيم ا.
وعكس ص احب (االبان ة) ما قاله االص حاب ،واتفق وا علي ه ،فق ال :يج وز
الجمع في وقت الثاني ة .وفي ج وازه في وقت االولى ،وجه ان .وه ذا نقل
منك ر .وأما إذا جمع في وقت االولى ،فال بد من وج ود المطر في أول
الصالتين ،ويشترط وج وده أيضا عند التحلل من االولى على االصح ال ذي
قاله أبو زيد ،وقطع به العراقيون ،وصاحب (التهذيب) وغيرهم .والث اني :ال
يش ترط .ونقله في (النهاي ة) عن معظم االص حاب .وال يضر انقطاعه فيما
س وى ه ذه االح وال الثالث .ه ذا هو الص واب ال ذي نص عليه الش افعي،
وقطع به االصحاب في طرقهم .ونقل في (النهاية) عن بعض المص نفين أنه
قال :في انقطاعه في أثناء الثانية ،أو بعدها مع بقاء الوقت ،الخالف المتق دم
في طريان االقامة في جمع الس فر .وض عفه ،وأنك ره ،وق ال :إذا لم يش ترط
دوام المطر في االولى ،ف أولى أن ال يش ترط في الثانية وما بع دها .وذكر
القاضي ابن كج عن بعض االص حاب :أنه لو افتتح الص الة االولى وال
مطر ،ثم مطرت في أثنائه ا ،ففي ج واز الجم ع ،الق والن في نية الجمع في
أثن اء االولى .واخت ار ابن الص باغ ه ذه الطريق ة ،والص حيح المش هور ما
ق دمناه .ف رع :يج وز الجمع بين ص الة الجمعة والعصر للمط ر ،ف إذا ق دم
العصر ،فال بد من وجود المطر في االحوال الثالثة كما تقدم .ق ال ص احب
(البيان) :وال يشترط وجوده في الخطبتين ،وقد ين ازع فيه ذهابا إلى جعلهما
ب دل الركع تين .ق ال :وإن أراد ت أخير الجمعة إلى وقت العص ر ،ج از إذا
.جوزنا تأخير الظهر ،فيخطب في وقت العصر ويصلي
] [ 503
فرع :المعروف في المذهب :أنه ال يجوز الجمع بالمرض ،وال الخوف ،وال
الوحل .وقال جماعة من أصحابنا :يج وز ب المرض ،والوح ل .ممن قاله من
أصحابنا :أبو سليمان الخطابي ،والقاضي حسين ،واستحسنه الروياني .فعلى
هذا ،يستحب أن يراعي االرفق بنفسه ،فإن ك ان يحم مثال في وقت الثاني ة،
[ ق دمها إلى االولى بالش رائط المتقدم ة ،وإن ك ان يحم في وقت االولى،
أخرها إلى الثانية ] ( .)1قلت :القول :بجواز الجمع بالمرض ظاهر مختار (
.)2فقد ثبت في (ص حيح مس لم) ( :)3أن الن بي (ص)( ،جمع بالمدينة من
غير خ وف وال مط ر) .وقد حكى الخط ابي ،عن القفا الكب ير الشاش ي ،عن
أبي إس حاق الم روزي :ج واز الجمع في الحضر للحاجة من غ ير اش تراط
الخوف ،والمطر ،والم رض ،وبه ق ال ابن المن ذر من أص حابنا .وهللا أعلم.
فرع :إذا جمع الظهر والعصر ،صلى سنة الظهر ،ثم سنة العصر ،ثم ي أتي
بالفريض تين .وفي جمع العش اء والمغ رب ،يص لي الفريض تين ،ثم س نة
المغرب ،ثم سنة العشاء ،ثم الوتر .قلت :ه ذا ال ذي قاله االم ام ال رافعي في
المغ رب والعش اء ،ص حيح ،وأما في الظهر والعص ر ،فش اذ ض عيف،
والصواب الذي قاله المحققون :أنه يصلي سنة الظهر التي قبله ا ،ثم يص لي
الظهر ،ثم العصر ،ثم سنة الظهر التي بعدها ،ثم سنة العص ر .وكيف يصح
سنة الظهر التي بعدها ،قبل فعلها ،وقد تقدم أن وقتها يدخل بفعل الظهر ؟ !
وكذا سنة العصر ال يدخل وقتها إال ب دخول وقت العص ر ،وال ي دخل وقت
.العصر المجموعة إلى الظهر ،إال بفعل الظهر الصحيحة .وهللا أعلم
] [ 504
فصل :الرخص المتعلقة بالس فر الطوي ل ،أرب ع :القص ر ،والفط ر ،والمسح
على الخف ثالثة أي ام ولي اليهن ،والجمع على االظه ر .وال تي تج وز في
القصر أيضا أرب ع :ت رك الجمع ة ،وأكل الميتة -وليس مختصا بالس فر -
والتنفل على الراحلة على المش هور ،وال تيمم ،وإس قاط الف رض به على
الص حيح فيهما ( .)1فص ل :القصر أفضل من االتم ام على االظه ر .وعلى
الث اني :االتم ام .وفي وج ه :هما س واء .واس تثنى االص حاب ص ورا من
الخالف .منه ا :إذا ك ان الس فر دون ثالثة أي ام ،فاالتم ام أفضل قطع ا .نص
عليه ،وقد تق دم .ومنه ا :أن يجد من نفسه كراهة القصر ( ،)2فيك اد يك ون
رغبة عن الس نة ،فالقصر له ذا أفضل قطع ا ،بل يك ره له االتم ام إلى أن
تزول تلك الكراهة .وكذلك القول في جميع الرخص في هذه الحال ة .ومنه ا:
المالح الذي يسافر في البحر ،ومعه أهله وأوالده في سفينة ،فإن االفضل له
االتمام .نص عليه في (االم) .وفيه خروج من الخالف ،فإن أحمد ،ال يج وز
له القصر .قلت :ومنها ما حكاه صاحب (البيان) عن ص احب (الف روع) :أن
الرجل إذا كان ال وطن ل ه ،وعادته الس ير أب دا ،فله القص ر ،ولكن االتم ام
.أفضل ،وهللا أعلم
] [ 505
واعلم :أن ص وم رمض ان في الس فر لمن أطاق ه ،أفضل من االفط ار على
المذهب .قلت :وترك الجمع أفضل بال خالف ،فيصلي كل صالة في وقته ا،
للخ روج من الخالف ،ف إن أبا حنيف ة ،وجماعة من الت ابعين ال يجوزون ه.
وممن نص على أن تركه أفضل :الغزالي ،وصاحب (التتمة) .ق ال الغ زالي
في (البس يط) :ال خالف أن ت رك الجمع أفض ل .ق ال أص حابنا :وإذا جم ع،
كانت الصالتان أداء ،سواء جمع في وقت االولى ،أو الثانية .ولنا وجه ش اذ
في (الوس يط) وغ يره :أن الم ؤخرة تك ون قض اء .وغسل الرجل أفضل من
مسح الخف ،إال إذا تركه رغبة عن السنة ،أو شك في جوازه كما تقدم ومن
فروع هذا الكتاب ،لو نوى الكافر ،أو الصبي السفر إلى مس افة القص ر ،ثم
أس لم ،وبلغ في أثن اء الطري ق ،فلهما القصر في بقيت ه .ولو ن وى مس افران
إقامة أربعة أيام ،وأحدهما يعتقد انقط اع القصر به ا ،كالش افعي ،واآلخر ال
يعتقده كالحنفي ،كره لالول أن يقتدي بالث اني .ف إن اقت دى ،ص ح .ف إذا س لم
االمام من ركعتين ،ق ام الم أموم التم ام ص الته .وال يج وز القصر في البلد
للخوف ،وال يقصر الصالة في الخ وف إلى ركع ة .وفي ح ديث ابن عب اس
في (مسلم)( :فرضت الصالة في السفر ركعتين ،وفي الخوف ركعة) معناه:
.ركعة مع االمام ،وينفرد المأموم بأخرى .وهللا أعلم
] [ 507
كت اب ص الة الجمعة ( )1فيه ثالثة أب واب [ :الب اب االول ] في ش روطها
اعلم أن صالة الجمعة فرض عين .وحكى ابن كج وجها :أنها فرض كفاي ة.
وحكي قوال ،وغلطوا حاكيه ( ،)2ق ال الروي اني :ال يج وز حكاية ه ذا عن
الش افعي رحمه هللا .واعلم أن الجمعة ك الفرائض الخمس في االرك ان
والش روط ،إال أنها تختص بثالثة أش ياء .أح دها :اش تراط أم ور زائ دة
.لصحتها .والثاني :اشتراط أمور زائدة لوجوبها
] [ 508
والثالث :آداب تشرع فيها .وهذا الب اب لش روط الص حة .وهي س تة :االول:
الوقت :فال تقضى الجمعة على صورتها ( )1باالتفاق ،ووقته ا :وقت الظهر
( .)2ولو خرج الوقت ،أو شكوا في خروجه ،لم يشرعوا فيه ا .ولو بقي من
ال وقت ما ال يسع خطب تين وركع تين يقتصر فيهما على ما ال بد من ه ،لم
يش رعوا فيه ا ،بل يص لون الظهر ( .)3نص عليه في (االم) .ولو ش رعوا
فيها في الوقت ،ووقع بعض ها خارج ه ،ف اتت الجمعة قطع ا ،ووجب عليهم
إتمامها ظه را على الم ذهب .وفيه ق ول مخ رج :أنه يجب اس تئناف الظه ر.
فعلى الم ذهب ،يسر ب القراءة من حينئ ذ ،وال يحت اج إلى تجديد نية الظهر
على االصح .وإن قلنا بالمخرج ،فهل تبطل ص الته ،أم تنقلب نفال ؟ ق والن
م ذكوران في نظ ائره ،تق دما في أول (ص فة الص الة) ولو شك هل خ رج
الوقت وهو في الص الة ؟ أتمها جمعة على الص حيح ،وظه را على الث اني.
ولو قام المسبوق الذي أدرك ركعة ليأتي بالثانية ،فخرج الوقت قبل س المه،
أتمها ظه را على االص ح ،وجمعة على الث اني .ولو س لم االم ام والق وم
التسليمة االولى في الوقت ،والثانية خارجه ،صحت جمعتهم .ولو سلم االمام
االولى خارج الوقت ،فاتت جمعة الجميع .ولو سلم االمام وبعض المأمومين
االولى في الوقت ،وسلمها بعض الم أمومين خارج ه ،فمن س لمها خارج ه،
فظاهر المذهب بطالن صالتهم .وأما االمام ومن س لم معه في ال وقت ،ف إن
بلغ وا ع ددا تصح بهم الجمع ة ،ص حت لهم ،وإال فهو ش بيه بمس ألة
االنفض اض ( .)4ثم س المه وس المهم خ ارج ال وقت ،إن ك ان مع العلم
بالحال ،تعذر بن اء الظهر عليه قطع ا ،لبطالن الص الة ،إال أن يغ يروا النية
إلى النفل ويسلموا ،ففيه ما سبق .وإن
] [ 509
كان عن جهل منه ،لم تبطل ص الته .وهل يب ني ،أم يس تأنف ؟ فيه الخالف
ال ذي ذكرن اه .الش رط الث اني :دار االقام ة ،فيش ترط لص حة الجمعة دار
االقامة ،وهي االبنية التي يستوطنها العدد الذين يصلون الجمع ة ،س واء فيه
البالد ،والقرى ،واالس راب ال تي يتخ ذها وطنا ( ،)1وس واء فيه البن اء من
حجر ،أو طين ،أو خشب .وأما أهل الخيام النازلون في الصحراء ،ويتنقلون
في الشتاء ( )2وغيره ،فال تصح جمعتهم فيها ،فإن كانوا ال يفارقونها ش تاء
وال صيفا ،فاالظهر أنها ال تصح .والث اني :تصح وتجب .ولو انه دمت أبنية
القرية ،أو البلد ،فأقام أهلها على العمارة ،لزمهم الجمعة فيه ا ،س واء ك انوا
في مظال ،أو غيرها ،النه محل االستيطان .وال يش ترط إقامتها في مس جد،
وال في كن ،بل يج وز في فض اء مع دود من خطة البل د ،فأما الموضع
الخارج عن البلد الذي ( )3انتهى إليه الخارج للسفر قصر ،فال يج وز إقامة
الجمعة فيه .الشرط الثالث :أن ال يسبق الجمعة ،وال يقارنها أخرى ( .)4قال
الشافعي
] [ 510
رحمه هللا :وال يجمع في مصر -وإن عظم ،وك ثرت مس اجده -إال في
موضع واحد ( .)1وأما بغ داد ،فقد دخلها الش افعي رحمه هللا وهم يقيم ون
الجمعة في موضعين .وقيل :في ثالثة ،فلم ينكر عليهم .واختلف أصحابنا في
أمرها على أوج ه .أص حها :أنه إنما ج ازت الزي ادة فيها على جمع ة ،النها
بلدة كبيرة يشق اجتماعهم في موضع واح د ،فعلى ه ذا تج وز الزي ادة على
الجمعة الواحدة في جميع البالد ،إذا كثر الناس وعسر اجتماعهم ،وبهذا قال
أبو العب اس ،وأبو إس حاق ،وهو ال ذي اخت اره أك ثر أص حابنا تص ريحا
وتعريضا .وممن رجحه :القاضي ابن كج ،والحن اطي ( - )2بالح اء المهملة
المفتوح ة ،وتش ديد الن ون -والقاضي الروي اني ،والغ زالي .والث اني :إنما
جازت الزيادة فيها ،الن نهرها يح ول بين جانبيها فيجعلها كبل دتين .قاله أبو
الطيب ابن سلمة .وعلى ه ذا ال يق ام في كل ج انب إال جمع ة .وكل ( )3بلد
حال بين جانبيه نهر يحوج إلى السباحة ،فهو كبغداد .واع ترض علي ه ،بأنه
لو كان الجانبان كبلدين ،لقصر من عبر من أحدهما إلى اآلخر ،وال تزم ابن
سلمة المسألة ،وجوز القصر .والثالث :إنما جازت الزيادة ،النها كانت ق رى
متفرقة ،ثم اتصلت االبني ة ،ف أجري عليها حكمها الق ديم ،فعلى ه ذا ،يج وز
تع دد الجمعة في كل بلد ه ذا ش أنه .واع ترض عليه أبو حامد بما اع ترض
على الثاني .ويجاب بما
] [ 511
أجيب في الثاني .وأشار إلى ه ذا الج واب ص احب (التق ريب) .والراب ع :أن
الزيادة ال تجوز بحال ،وإنما لم ينكر الشافعي ،الن المسألة اجتهادية ،وليس
لمجتهد أن ينكر على المجته دين .وه ذا ظ اهر نص الش افعي رحمه هللا
المتقدم .واقتصر عليه الشيخ أبو حامد وطبقت ه ،لكن المخت ار عند االك ثرين
ما ق دمناه .وحيث منعنا الزي ادة على جمع ة ،فعق دوا جمع تين ،فله ص ور.
أحدها :أن تسبق إحداهما فهي الصحيحة .والثانية :باطلة .وبم يع رف الس بق
؟ فيه ثالثة أوج ه .أص حها :ب االحرام ( .)1والث اني :بالس الم .والث الث:
بالشروع في الخطبة ،ولم يحك أكثر العراقيين هذا الثالث .ف إذا قلنا ب االول،
فاالعتبار بالفراغ من تكبيرة االح رام .فلو س بقت إح داهما بهم زة التكب يرة،
واالخرى ب الراء منه ا ،فالص حيحة هي الس ابقة ( )2ب الراء ،على االص ح.
وعلى الثاني :السابقة بالهمزة .ثم على اختالف االوجه ،لو س بقت إح داهما،
وك ان الس لطان مع االخ رى ،ف االظهر أن الس ابقة هي الص حيحة ،وال أثر
للسلطان .والثاني :أن التي معها الس لطان ،هي الص حيحة .ولو دخلت طائفة
في الجمعة ،فأخبروا أن طائفة سبقتهم ( )3بما ذكرنا ،اس تحب لهم اس تئناف
الظه ر .وهل لهم أن يتموها ظه را ؟ فيه الخالف الس ابق ،فيما إذا خ رج
الوقت وهم في الجمعة .الصورة الثاني ة :أن تقع الجمعت ان مع ا ،فباطلت ان (
،)4وتستأنف جمعة إن وسع ال وقت .الثالث ة :أن يش كل الح ال ،وال ي دري
اقترنتا ،أم سبقت إحداهما ،فيعيدون
] [ 512
الجمعة أيضا ،الن االصل عدم جمعة مجزئة .ق ال إم ام الح رمين ( :)1وقد
حكم االئمة بأنهم إذا أعادوا الجمعة ،برئت ذمتهم .وفيه إشكال الحتمال تقدم
إح داهما ،فال تصح أخ رى ،وال ت برأ ذمتهم به ا .فس بيل اليقين :أن يقيم وا
جمعة ،ثم يصلوا ظهرا .الرابع ة :أن تس بق إح داهما بعينه ا ،ثم تلتبس (،)2
فال تبرأ واحدة من الطائفتين عن العهدة ،خالفا للمزني .ثم ماذا عليهم ؟ فيه
طريق ان .الم ذهب :أن عليهم الظه ر .والث اني :على الق ولين في الص ورة
الخامسة ،وبه قطع العراقيون .الخامس ة :أن تس بق إح داهما وال يتعين ،ب أن
سمع مريضان ،أو مسافران ،تكبيرتين متالحق تين وهما خ ارج المس جدين،
ف أخبراهم بالح ال ولم يعرفا المتقدم ة ،فال ت برأ واح دة منهما عن العه دة،
خالفا للم زني أيض ا .وم اذا عليهم ؟ ق والن .أظهرهما في (الوس يط) :أنهم
يستأنفون الجمعة ،والثاني :يصلون الظهر .قال أص حابنا ( :)3وهو القي اس.
قلت :الثاني أصح ،وصححه االكثرون وهللا أعلم .ق ال أص حابنا العراقي ون:
لو كان االمام في إحدى الطائفتين في الص ور االربع االخ يرة ،ت رتب على
الصورة االولى .فإن قلنا :التي فيها االمام هي الصحيحة مع العلم بتأخره ا،
فهنا أولى ،وإال فال أثر لحض وره .الش رط الراب ع :الع دد .فال تنعقد الجمعة
بأقل من أربعين ،ه ذا هو الم ذهب الص حيح المش هور .ونقل ص احب
(التلخيص) ق وال عن الق ديم :أنها تنعقد بثالث ة :إم ام ،وم أمومين .ولم يثبته
عامة االصحاب .ويشترط في االربعين :ال ذكورة ،والتكلي ف ،والحرية (،)4
واالقامة على سبيل التوطن .وصفة التوطن :أن ال يظعنوا
] [ 513
عن ذلك الموضع ش تاء وال ص يفا ،إال لحاج ة .فلو ك انوا ي نزلون في ذلك
الموضع صيفا ،ويرتحلون ش تاء ،أو عكس ه ،فليس وا مس توطنين ،فال تنعقد
بهم .وفي انعقادها بالمقيم الذي لم يجعل الموضع وطنا له ،خالف نذكره في
الباب الثاني إن شاء هللا تع الى .وتنعقد بالمرضى على المش هور .وفي ق ول
ش اذ :ال تنعقد بهم ،كالعبي د .فعلى ه ذا ،ص فة الص حة ش رط خ امس .ثم
الص حيح ،أن االم ام من جملة االربعين .والث اني أنه ( )1يش ترط أن يك ون
زائدا عن ( )2االربعين .وحكى الروياني هذا الخالف قولين .الث اني ،الق ديم
( .)3فرع :العدد المعتبر في الصالة -وهو االربع ون -معت بر في الكلم ات
الواجبة من الخطب تين ،واس تماع الق وم له ا .فلو حضر الع دد ،ثم انفض وا
كلهم ،أو بعض هم ،وبقي دون أربعين ( ،)4فت ارة ينقص ون قبل الخطب ة،
وت ارة فيه ا ،وت ارة بع دها ،وت ارة في الص الة ،ف إن انفض وا قبل افتت اح
الخطبة ،لم يبتدأ بها حتى يجتمع أربع ون ،وإن ك ان في أثنائه ا ،فال خالف
أن ال ركن الم أتي به في غيبتهم غ ير محس وب ،بخالف ما إذا نقص الع دد
في الصالة ،ف إن فيها خالف ا ،الن كال يص لي لنفس ه ،فس ومح بنقص الع دد
فيه ا .والخطيب ال يخطب لنفس ه ،إنما الغ رض :اس تماع الن اس ،فما ج رى
وال مستمع ،فات فيه الغرض ،فلم يحتم ل .ثم إن ع ادوا قبل ط ول الفص ل،
بنى على خطبته ،وبعد طوله ،ق والن يع بر عنهما ب أن الم واالة في الخطبة
واجبة ،أم ال ؟ واالظهر :أنها واجبة ،فيجب االستئناف .والثاني :غير واجبة
فيب ني .وب نى جماعة الق ولين ،على أن الخطب تين ب دل من الركع تين فيجب
االستئناف ،أم ال ،فال وال ف رق بين ف وات الم واالة بع ذر أو بغ يره .ولو لم
،يعد االولون ،واجتمع بدلهم أربعون
] [ 514
وجب اس تئناف الخطب ة ،ط ال الفصل أم قص ر .أما إذا انفض وا بعد ف راغ
الخطب ة ،ف إن ع ادوا قبل ط ول الفص ل ،ص لى الجمعة بتلك الخطب ة .وإن
ع ادوا بعد طول ه ،ففي اش تراط الم واالة بين الخطبة والص الة ،ق والن.
االظهر :االشتراط .فال يمكن الصالة بتلك الخطبة .وعلى الثاني :يصلي بها.
ثم نقل الم ازني ،أن الش افعي ق ال :أحببت أن تبت دئ الخطب ة ،ثم يص لي
الجمعة ،فإن لم يفعل ،صلى بهم الظهر .واختلف االصحاب في معناه ،فق ال
ابن سريج ،والقفال ،واالكثرون :يجب أن يعيد الخطبة ،ويصلي بهم الجمعة
لتمكن ه .ق الوا :ولفظ الش افعي :أوجبت ،ولكنه ص حف .ومنهم من ق ال :أراد
بأحببت :أوجبت .قالوا :وقوله :صلى بهم الظهر ،محم ول على ما إذا ض اق
ال وقت .وق ال أبو إس حاق :ال يجب إع ادة الخطب ة ،لكن يس تحب ،وتجب
الجمعة للقدرة ( .)1وقال أبو علي في (االفص اح) :ال تجب إع ادة الخطب ة،
وال الجمعة ،ولكن يس تحبان عمال بظ اهر النص .ودليل الث اني والث الث في
ترك الخطبة ،خوف االنفضاض ثانيا ،فسقطت به ذا الع ذر ،وحصل خالف
في وجوب إقامة الجمعة ،كما اختصره الغزالي ،فقال :إن ش رطنا الم واالة،
ولم تعد الخطب ة ،أتم المنفض ون .وهل ي أثم الخطيب ؟ ق والن .قلت :االصح
قول ابن سريج ،ومتابعيه ،وأن الخطيب ي أثم إذا لم يع د ،وهللا أعلم .وس واء
طال الفصل والخطيب ساكت ،أو مستمر في الخطبة ،ثم لما عادوا أع اد ما
ج رى من واجبها في ح ال االنفض اض .أما إذا أح رم بالع دد المعت بر ،ثم
حضر أربع ون آخ رون وأحرم وا ،ثم انفض االول ون ،فال يض ر ،بل يتم
الجمعة ،سواء كان الالحقون سمعوا الخطبة ،أم ال .قال إم ام الح رمين :وال
يمتنع ( )2عندي أن يقال :عندي ( )3يش ترط بق اء أربعين س معوا الخطب ة،
فال تس تمر الجمعة إذا ك ان الالحق ون لم يس معوها .فأما إذا انفض وا ولحق
أربعون على االتصال فقد ق ال في (الوس يط) :تس تمر الجمع ة .لكن يش ترط
هنا أن يكون الالحقون سمعوا الخطبة .أما إذا انفضوا فنقص العدد في ب اقي
:الصالة ،ففيه خمسة أقوال منصوصة ومخرجة .أظهرها
] [ 515
تبطل الجمعة ويشترط العدد في جميعها .فعلى هذا ،لو أح رم االم ام ،وتبطأ
المقتدون ( ،)1ثم أحرموا ،فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه ،فال جمع ة .وإن
لم يتأخروا عن ركوعه ( ،)2فق ال القف ال :تصح الجمع ة .وق ال الش يخ أبو
محم د :يش ترط أن ال يط ول الفصل بين إحرامه وإح رامهم .وق ال إم ام
الحرمين :الش رط أن يتمكن وا من إتم ام الفاتح ة ،ف إذا حصل ذل ك ،لم يضر
الفص ل ،وه ذا هو االصح عند الغ زالي .والق ول الث اني :إن بقي اثن ان مع
االمام ،أتم الجمعة ،وإال بطلت .والثالث :إن بقي معه واحد ،لم تبطل ،وه ذه
الثالثة منصوصة .االوالن في الجدي د .والث الث :الق ديم .ويش ترط في الواحد
واالثنين :كونهما بصفة الكمال .وقال صاحب (التقريب) :في اشتراط الكمال
احتم ال ،النا اكتفينا باسم الجماع ة .قلت :ه ذا االحتم ال حك اه ص احب
(الح اوي) وجها محققا الص حابنا ،ح تى لو بقي ص بيان ،أو ص بي ،كفى.
والصحيح :اشتراط الكم ال .ق ال في (النهاي ة) :احتم ال ص احب (التق ريب)
غير معتد به .وهللا أعلم .والراب ع :ال تبطل وإن بقي واح دة ( .)3والخ امس:
إن ك ان االنفض اض في الركعة االولى بطلت الجمع ة .وإن ك ان بع دها ،لم
تبط ل ،ويتم االم ام الجمعة وح ده ،وك ذا من معه إن بقي معه أح د .الش رط
الخامس :الجماعة ( .)4فال تصح الجمعة بالعدد ف رادى .وش روط الجماع ة:
على ما سبق في غير الجمعة ( .)5وال يش ترط حض ور الس لطان ،وال إذنه
فيه ا .وحكى في (البي ان) ق وال ق ديما :إنها ال تصح إال خلف االم ام ،أو من
أذن له ،وهو شاذ منكر .ثم المام الجمعة أحوال .أح دها :أن يك ون عب دا ،أو
،مسافرا ،فإن تم به العدد ،لم تصح الجمعة
] [ 516
وإن تم بغ يره ( ،)1ص حت على الم ذهب ( .)2وقي ل :وجه ان .أص حهما:
الصحة .والثاني :البطالن .هذا إذا ص ليا الجمعة قبل أن يص ليا الظه ر .ف إن
كانا صليا ظهر يومهما ،فهما متنفالن بالجمعة .وفي الجمعة خلفهما ما ي أتي
في المتنفل .الحال الث اني :أن يك ون ص بيا ،أو متنفال ،ف إن تم الع دد ب ه ،لم
تصح ،وإن تم دونه ،ص حت على االظهر ( )3عند االك ثرين .واتفق وا على
أن الج واز في المتنفل أظهر منه في الص بي ،النه من أهل الف رض وال
نقص في ه .الح ال الث الث :أن يص لوا الجمعة خلف من يص لي ص بحا ،أو
عصرا ،فكالمتنفل .وقيل :تصح قطعا ،النه يص لي فرض ا .ولو ص لوها ()4
خلف مسافر يقصر الظه ر ،ج از إن قلنا ( :)5الجمعة ظهر مقص ورة .وإن
قلنا :صالة على حيالها ،فكالصبح .الحال الرابع :إذا ب ان االم ام بعد الص الة
جنبا أو محدثا ،فإن تم العدد به ،لم تصح .وإن تم دون ه ،ف االظهر :الص حة.
نص عليه في (االم) ،وص ححه العراقي ون ،وأك ثر أص حابنا .والث اني :ال
تصح ،الن الجماعة شرط ،واالم ام غ ير مص ل ،بخالف س ائر الص لوات،
ف إن الجماعة فيها ليست ش رطا .وغايته أنهم ص لوها ف رادى .والمنع هنا
أقوى منه في مسألة االقتداء بالصبي .وقال االك ثرون المرجح ون لالول :ال
نسلم أن حدث االمام يمنع صحة الجماع ة ،وثب وت حكمها في حق الم أموم
الجاهل بحاله .وقالوا :ال يمنع نيل فضيلة الجماعة في س ائر الص لوات ،وال
غيره من أحكام الجماع ة .وعلى االظه ر ،ق ال ص احب (البي ان) :لو ص لى
.الجمعة بأربعين ،فبان أن المأمومين محدثون ،صحت صالة االمام ()6
] [ 517
بخالف ما لو ب انوا عبي دا ،أو نس اء ،ف إن ذلك مما يس هل االطالع علي ه.
وقي اس من ي ذهب إلى المنع 0أن ال تصح جمعة االم ام لبطالن الجماع ة.
الح ال الخ امس :إذا ق ام االم ام في غ ير الجمعة إلى ركعة زائ دة س هوا،
فاقتدى به إنسان فيها ،وأدرك جميع الركعة ،فإن كان عالما بسهوه ،لم تنعقد
صالته على االصح .وإن كان جاهال ،حس بت له الركع ة ،ويب ني عليها بعد
سالم االم ام وإن لم تكن تلك الركعة محس وبة لالم ام كالمح دث .بخالف ما
لو بان االمام كافرا ،أو امرأة ،النهما ليسا أهال لالمامة بح ال .وعلى الوجه
الثاني ( :)1تنعقد الص الة ،وال تحسب ه ذه الركعة للم أموم .فلو ج رى ه ذا
في الجمعة ،فإن قلنا :في غير الجمعة ال يدرك به الركع ة ،لم ي درك به هنا
الجمعة ،وال تحسب عن الظهر أيضا ،وإن قلن ا :ي دركها في غ ير الجمع ة،
فهل تحسب ه ذه الركعة عن الجمعة ؟ وجه ان بن اء على الق ولين في
المحدث .واختار ابن الحداد :أنها ال تحسب .واعلم أن االص حاب لم ي ذكروا
في المحدث إذا لم تحصل الجمعة :أن صالة المقتدي به منعقدة ،وإن الم أتي
به يحسب عن الظهر ،ح تى لو ت بين الح ال قبل س الم االم ام أو بع ده على
ق رب ،يتمها ظه را إذا جوزنا بن اء الظهر على الجمع ة .ومقتضى التس وية
بين الفص لين :االنعق اد واالحتس اب عن الظه ر .ف رع :إذا أدرك المس بوق
ركوع االمام في ثانية الجمع ة ،ك ان م دركا للجمع ة .ف إذا س لم االم ام ،أتى
بثانية ( ،)2وإذا أدركه بعد ركوعه ا ،لم ي درك الجمع ة ،ويق وم بعد س الم
االمام إلى أربع للظهر ( ،)3وكيف ينوي هذا المدرك بعد
] [ 518
الرك وع ؟ وجه ان .أص حهما :ين وي الجمعة موافقة لالم ام ( .)1والث اني:
الظه ر ،النها الحاص لة ( .)2فلو ص لى مع االم ام ركع ة ،ثم ق ام فص لى
أخ رى ،وعلم في التش هد أنه ت رك س جدة من إح دى الركع تين ،نظ ر ،إن
علمها من الثانية ،فهو مدرك للجمعة ،فيسجد سجدة ،ويعيد التش هد ،ويس جد
للس هو ويس لم .وإن علمها من االولى ،أو ش ك ،لم يكن م دركا للجمع ة،
وحص لت له ركعة من الظه ر ،ولو أدركه في الثاني ة ،وشك هل س جد معه
سجدة ،أم س جدتين ؟ ف إن لم يس لم االم ام ،س جد بعد س جدة أخ رى ،وك ان
مدركا للجمعة .وإن سلم االمام ،لم يدرك الجمعة ،فيسجد ويتم الظهر .أما ذا
أدرك في غ ير الجمعة االم ام في رك وع غ ير محس وب ،كرك وع االم ام
المح دث ،ورك وع االم ام ( )3الس اهي بزي ادة ركع ة ،وقلن ا :إنه لو أدركها
كلها ،حسبت ،فوجهان .أصحهما :ال يكون مدركا للركعة .والث اني :ي دركها.
فلو أدرك ركوع ثانية الجمع ة ،فب ان االم ام مح دثا ،وقلن ا :لو أدرك الركعة
بكمالها مع المح دث في الجمعة حس بت ،فعلى ه ذين ال وجهين ،االص ح :ال
يدرك الجمعة .فصل :إذا خرج االمام عن الصالة بحدث تعمده ،أو سبقه ،أو
بسبب غيره ،أو بال سبب ،فإن كان في غير الجمعة ،ففي جواز االستخالف
قوالن .أظهرهما الجديد :يجوز ( .)4والقديم :ال يجوز .ولنا وج ه :أنه يج وز
بال خالف في غ ير الجمع ة .وإنما الق والن في الجمع ة ،والم ذهب :ط رد
القولين في جميع الص لوات .ف إن لم نج وز االس تخالف ،أتم الق وم ص التهم
ف رادى .وإن جوزن اه ،فيش ترط ك ون الخليفة ص الحا المامة الق وم .فلو
استخلف المامة الرجال امرأة ،فهو
] [ 519
لغ و ،وال تبطل ص التهم إال أن يقت دوا به ا .ق ال إم ام الح رمين :ويش ترط
حص ول االس تخالف على ق رب .فلو فعل وا على االنف راد ركن ا ،امتنع
االستخالف بعده .وهل يشترط كون الخليفة ممن اقت دى باالم ام قبل حدثه ؟
ق ال االك ثرون من العراق يين ،وغ يرهم :إن اس تخلف في الركعة االولى أو
الثالثة ( )1من الرباعية من لم يقتد به ،ج از ،النه ال يخ الفهم في ال ترتيب،
وإن اس تخلفه في الثاني ة ،أو االخ يرة ،لم يج ز ،النه يحت اج إلى القي ام،
ويحتاجون إلى القعود .وأطلق جماعة اشتراط ك ون الخليفة ممن اقت دى ب ه.
وبه قطع إم ام الح رمين ،وزاد فق ال :لو أمر االم ام أجنبيا فتق دم ،لم يكن
خليف ة ،بل عاقد لنفسه ص الة ،ج از على ت رتيب نفسه فيه ا .فلو اقت دى به
الق وم ،فهو اقت داء منف ردين في أثن اء الص الة .وقد س بق الخالف فيه في
موضعه ،الن قدوتهم انقطعت بخروج االمام عن الصالة .وال يش ترط ك ون
الخليفة مقت ديا في االولى ،بل يج وز اس تخالف المس بوق .ثم عليه مراع اة
نظم ص الة االم ام ،فيقعد في موضع قع وده ،ويق وم في موضع قيام ه ،كما
كان يفعل لو لم يخرج عن الص الة ،ح تى لو لحق االم ام في ثانية الص بح،
ثم أحدث االمام فيها ،واس تخلفه ،قنت وقعد فيها للتش هد ،ثم يقنت في الثانية
لنفسه .ولو سها قبل اقتدائه ،أو بعده ،سجد في آخر صالة االمام ،وأع اد في
آخر صالة نفسه على االظهر .وإذا تمت صالة االمام ،قام لتدارك ما علي ه.
وهم بالخيار ،إن شاؤوا فارقوه وسلموا ،وإن شاؤوا صبروا جلوسا ليس لموا
معه .هذا كله إذا عرف المسبوق نظم صالة االمام ،فإن لم يعرف ،فق والن.
وقيل :وجهان .قلت :أرجحهما دليال ( :)2أنه ال يصح .وق ال الش يخ أبو علي
السنجي :أصحهما :ج وازه ( .)3وهللا أعلم .ف إن جوزن ا ،راقب الق وم إذا أتم
الركعة ،فإن هموا بالقيام ،ق ام ،وإال قع د .وس هو الخليفة قبل ح دث االم ام،
يحمله االمام .وسهوه بعده يقتضي السجود عليه
] [ 520
وعلى القوم .وسهو القوم قبل حدث االمام [ يحمله االمام وسهوه بعده ] ()1
وبعد االس تخالف ،محم ول ،وبينهما غ ير محم ول ،بل يس جد الس اهي بعد
سالم الخليف ة .ه ذا كله في غ ير الجمع ة .أما االس تخالف في الجمع ة ،ففيه
الق والن .ف إن لم نج وزه :فالم ذهب أنه إن أح دث في االولى ،أتم الق وم
ص التهم ظه را .وإن أح دث في الثاني ة ،أتمها جمعة من أدرك معه ركع ة.
ولنا ق ول :أنهم يتمونها جمعة في الح الين .ووج ه :أنهم يتمونها ظه را في
الح الين .وإن جوزنا االس تخالف ،نظ ر ،إن اس تخلف من لم يقتد ب ه ،لم
يصح ،ولم يكن لذلك الخليفة أن يصلي الجمعة ،النه ال يج وز ابت داء جمعة
بعد جمعة .وفي ص حة ظهر ه ذا الخليف ة ،خالف مب ني على أن الظهر هل
تصح قبل ف وات الجمع ة ،أم ال ؟ ف إن قلن ا :ال تص ح ،فهل تبقى نفال ؟ فيه
القوالن .فإن قلنا :ال تبقى فاقتدى به الق وم ،بطلت ص التهم .وإن ص ححناها
وك ان ذلك في الركعة االولى ،فال جمعة لهم .وفي ص حة الظهر خالف
مب ني على ص حة الظهر بنية الجمع ة .وإن ك ان في الركعة الثانية واقت دوا
ب ه ،ك ان ه ذا اقت داء طارئا على االنف راد .وفيه الخالف الج اري في س ائر
الصلوات .وفيه شئ آخر ،وهو االقت داء في الجمعة بمن يص لي الظه ر ،أو
النافل ة ،وفيه الخالف المتق دم .أما إذا اس تخلف من اقت دى به قبل الح دث،
فينظر ،إن لم يحضر الخطبة ،فوجهان .أحدهما :ال يصح اس تخالفه ،كما لو
استخلف بعد الخطبة من لم يحضرها ليصلي بهم ،فإنه ال يجوز .وأصحهما:
الج واز .ونقل الص يدالني في ه ذا الخالف ق ولين :المنع عن الب ويطي،
والجواز عن أكثر الكتب .والخالف في مجرد حضور الخطب ة .وال يش ترط
سماعها ( )2بال خالف ،وصرح به االصحاب .وإن كان حضر الخطبة ،أو
لم يحضرها ،وجوزنا اس تخالفه ،نظ ر ،إن اس تخلف من أدرك معه الركعة
االولى ،جاز وتمت لهم ( )3الجمعة ،سواء أحدث االمام في االولى
] [ 521
أم الثانية .وفي وجه شاذ ضعيف :أن الخليفة يصلي الظهر ،والق وم يص لون
الجمعة .وإن استخلف من أدركه في الثانية ،ق ال إم ام الح رمين :إن قلن ا :ال
يج وز اس تخالف من لم يحضر الخطب ة ،لم يجز اس تخالف ه ذا المس بوق،
وإال ،فقوالن .أظهرهما - :وبه قطع االكثرون -الجواز .فعلى ه ذا ،يص لون
الجمع ة .وفي الخليفة وجه ان ( .)1أح دهما :يتمها جمع ة .والث اني ،وهو
الصحيح المنصوص :ال يتمها جمعة .فعلى هذا ،يتمها ظه را على الم ذهب.
وقي ل :ق والن .أح دهما :يتمها ظه را .والث اني :ال .فعلى ه ذا ،هل تبط ل ،أم
تنقلب نفال ؟ ق والن .ف إن أبطلناه ا ،امتنع اس تخالف المس بوق .وإذا جوزنا
االستخالف ،والخليفة مسبوق ،يراعي نظم ص الة االم ام ،فيجلس إذا ص لى
ركعة ويتش هد ،ف إذا بلغ موضع الس الم ،أش ار إلى الق وم ،وق ام إلى ركعة
أخرى إن قلنا :إنه مدرك للجمعة ،وإلى ثالث إن قلنا :صالته ظه ر .والق وم
بالخيار إن شاؤوا فارقوه وسلموا ،وإن شاؤوا ثبتوا جالسين حتى يس لم بهم.
ولو دخل مسبوق واقتدى به في الركعة الثانية ال تي اس تخلف فيه ا ،ص حت
له الجمعة وإن لم تصح للخليف ة ،نص عليه الش افعي رحمه هللا .ق ال
االصحاب :هو تفريع على صحة الجمعة خلف مصلي الظهر .وتصح جمعة
ال ذين أدرك وا مع االم ام االول ركعة بكل ح ال ،النهم لو انف ردوا بالركعة
الثاني ة ،ك انوا م دركين للجمع ة ،فال يضر اقت داؤهم فيها بمص لي الظهر أو
النفل .فرع :هل تشترط نية القدوة بالخليفة في الجمعة وغيرها من الصلوات
؟ وجه ان .االص ح :ال يش ترط ( .)2والث اني :يش ترط ،النهم بح دث االول
صاروا منفردين .وإذا لم يس تخلف االم ام ،ق دم الق وم واح دا باالش ارة .ولو
تق دم واحد بنفس ه ،ج از ،وتق ديم الق وم أولى من اس تخالف االم ام ،النهم
المصلون .قال إمام الحرمين :ولو ق دم االم ام واح دا ،والق وم آخ ر ،ف أظهر
االحتمالين :أن من قدمه
] [ 522
الق وم أولى .فلو لم يس تخلف االم ام ،وال الق وم ،وال تق دم أح د ،ف الحكم ما
ذكرناه تفريعا على منع االستخالف .قال االصحاب :ويجب على القوم تقديم
( )1واحد إن كان خروج االم ام في الركعة االولى ولم يس تخلف .وإن ك ان
في الثانية ،لم يجب التقديم ،ولهم االنفراد بها كالمس بوق ( .)2وقد حكينا في
الص ورتين خالف ا ،تفريعا على منع االس تخالف ،فيتجه عليه الخالف في
وجوب التقديم وعدمه .فرع :هذا كله إذا أحدث في أثناء الص الة .فلو أح دث
بين الخطبة والصالة ،فأراد أن يستخلف من يصلي ،إن جوزنا االس تخالف
في الص الة ،ج از ،وإال ،فال يج وز ،بل إن اتسع ال وقت ،خطب بهم آخر
وصلى ،وإال صلوا الظه ر .وق ال بعض االص حاب :إن جوزنا االس تخالف
في الصالة ،فهنا أولى ،وإال ففيه الخالف .وعكس الشيخ أبو محمد فقال :إن
لم نجوزه في الصالة ،فهنا أولى ،وإال ففيه الخالف .والم ذهب :اس تواؤهما.
ثم إذا جوزنا ،فش رطه أن يك ون الخليفة س مع الخطب ة ،على الم ذهب ،وبه
قطع الجمه ور ،الن من لم يس مع ،ليس من أهل الجمع ة .وله ذا ،لو ب ادر
أربع ون من الس امعين بعد الخطب ة ،فعق دوا الجمع ة ،انعق دت لهم ،بخالف
غ يرهم .وإنما يص ير غ ير الس امع من أهل الجمع ة ،إذا دخل في الص الة.
وحكى صاحب (التتمة) وجهين في اس تخالف من لم يس مع .ولو أح دث في
أثناء الخطبة ،وشرطنا الطه ارة فيه ا ،فهل يج وز االس تخالف ؟ إن منعن اه
في الصالة ،فهنا أولى ،وإال ،فالصحيح جوازه كالصالة .فرع :لو ص لى مع
االمام ركعة من الجمعة ،ثم فارقه بعذر ،أو بغ يره ،وقلن ا :ال تبطل الص الة
بالمفارق ة ،أتمها جمعة كما لو أح دث االم ام .ف رع :إذا تمت ص الة االم ام،
ولم تتم ص الة الم أمومين ،ف أرادوا اس تخالف من يتم بهم ،إن لم نج وز
االس تخالف لالم ام ،لم يجز لهم ،وإال ،ف إن ك ان في الجمع ة ،ب أن ك انوا
مسبوقين ،لم يجز ،الن الجمعة ال تنشأ بعد جمعة .وإن كان في غيرها ،ب أن
كانوا مسبوقين ،أو مقيمين ،وهو مسافر ،فاالصح :المنع ،الن
] [ 523
الجماعة حص لت ،وإذا أتموها ( )1ف رادى ن الوا فض لها .فص ل :إذا منعته
الزحمة في الجمعة الس جود على االرض مع االم ام في الركعة االولى،
نظر ،إن أمكنه أن يسجد على ظهر إنسان ( ،)2أو رجل ه ،لزمه ذلك (،)3
على الصحيح الذي قطع به الجمهور .وفيه وجه شاذ :يتخير ،إن ش اء س جد
على الظه ر ،وإن ش اء ص بر ليس جد على االرض .ثم ق ال جم اهير
االصحاب :إنما يسجد على ظهر غيره ،إذا قدر على رعاية هيئة الساجدين،
بأن يك ون على موضع مرتف ع .ف إن لم يكن ،فالم أتي به ليس بس جود .وفيه
وجه ض عيف ،أنه ال يضر ارتف اع الظه ر ،والخ روج عن هيئة الس اجدين
للعذر .وإذا تمكن من السجود على ظهر غ يره فلم يس جد ،فهو تخلف بغ ير
ع ذر على االص ح .وعلى الث اني :بع ذر .ولو لم يتمكن من الس جود على
االرض وال على الظهر ،ف أراد أن يخ رج عن المتابعة له ذا الع ذر ،ويتمها
ظه را ،ففي ص حتها ق والن ،النها ظهر قبل ف وات الجمع ة .ق ال إم ام
الح رمين :ويظهر منعه من االنف راد ،الن إقامة الجمعة واجب ة ،ف الخروج
،منها عمدا مع توقع إدراكها ال ( )4وجه له ( .)5فأما إذا دام على المتابعة
] [ 524
فما يصنع ؟ فيه أوجه .الصحيح :أنه ينتظر التمكن .والثاني ،ي ومئ الس جود
أقصى ما يمكنه كالمريض .والثالث :يتخير بيهما ( .)1ف إذا قلن ا :بالص حيح،
فله حاالن .أحدهما :يتمكن من السجود قبل ركوع االمام في الثانية .والثاني:
ال يتمكن إلى ركوع ه .ففي الح ال االول يس جد عند تمكن ه ،ف إذا ف رغ من
س جوده ،فلالم ام أح وال أربع ة .أح دها :أن يك ون بعد في القي ام ،فيفتتح
القراءة ،فإن أتمها ركع معه ،وج رى على متابعت ه ،وال ب أس به ذا التخلف
للع ذر .وإن ركع االم ام قبل إتمامه ا ،فهل له حكم المس بوق ؟ وجه ان .وقد
بينا حكم المسبوق في باب (صالة الجماعة .قلت :أصحهما عند الجمهور :له
حكمه .وهللا أعلم .الح ال الث اني :لالم ام أن يك ون في الرك وع .فاالصح عند
الجمهور :أنه يدع القراءة ،ويركع معه ،النه لم يدرك محله ا ،فس قطت عنه
كالمسبوق .والثاني :يلزمه قراءتها ،ويسعى وراء االمام ،وهو متخلف بعذر.
الح ال الث الث :أن يك ون فارغا من الرك وع ولم يس لم ،ف إن قلنا في الح ال
الثاني :هو كالمسبوق ،تابع االمام فيما هو في ه ،وال يك ون محس وبا ل ه ،بل
يقوم عند سالم االمام إلى ركعة ثانية .وإن قلنا :ليس هو كالمس بوق ،اش تغل
بترتيب صالة نفسه .وقيل :يتعين متابعة االمام قطعا .الحال الرابع :أن يكون
االمام متحلال من صالته ،فال يكون مدركا للجمعة ،النه لم يتم له ركعة قبل
سالم االمام ،بخالف ما لو رفع رأسه من السجود ،ثم سلم االمام في الحال.
قال إمام الح رمين :وإذا جوزنا له التخل ف ،وأمرن اه بالجري ان على ت رتيب
ص الة ( )2نفس ه ،فالوجه أن يقتصر على الف رائض ،فعس اه ي درك االم ام،
ويحتمل أن يج وز االتي ان بالس نن مع االقتص ار على الوسط منه ا .الح ال
الثاني للمأموم :أن ال يتمكن من الس جود ح تى ركع االم ام في الثاني ة ،وفيه
.قوالن
] [ 525
أظهرهم ا :يتابعه ف يركع مع ه .والث اني :ال يركع معه بل يس جد ،وي راعي
ترتيب صالة نفسه .فإن قلنا باالول ،فتارة يوافق ما أمرن اه ،وت ارة يخ الف.
ف إن وافق وركع مع ه ،ف أي الرك وعين يحتسب ؟ وجه ان .وقي ل :ق والن.
أصحهما عند االصحاب :بالركوع االول .والثاني :بالثاني .فإن قلنا :بالث اني،
حصلت له الركعة الثانية بكمالها .فإذا س لم االم ام ،ضم إليها أخ رى ،وتمت
جمعة بال خالف .وإن قلنا :باالول ،حصلت ركعة ملفقة من رك وع االولى،
وسجود الثاني ة .وفي إدراك الجمعة بالملفق ة ،وجه ان .أص حهما :ت درك .أما
إذا خالف ما أمرناه ،فاشتغل بالسجود وترتيب نفسه ،فإن فعل ذلك مع علمه
ب أن واجبه المتابع ة ،ولم ينو مفارقت ه ،بطلت ص الته ،ويلزمه االح رام
بالجمعة إن أمكنه إدراك االمام في الرك وع .وإن ن وى مفارقت ه ،فقد أخ رج
نفسه عن المتابعة بغير عذر .وفي بطالن الص الة ب ه ،ق والن س بقا .ف إن لم
تبطل ،لم تصح جمعته .وفي صحة ظهره ،خالف مب ني على أن الجمعة إذا
تع ذر إتمامه ا ،هل يج وز إتمامها ظه را ؟ وعلى أن الظهر هل تصح قبل
ف وات الجمعة ؟ وإن فعل ذلك ناس يا أو ج اهال ،فما أتى به من الس جود ،ال
يعتد ب ه ،وال تبطل ص الته .ثم إن ف رغ واالم ام بعد في الرك وع لزمه
متابعته .فإن تابعه وركع معه ،فالتفريع كما سبق لو لم يس جد ،وإن لم يركع
معه ،أو كان االمام فرغ من الركوع ،نظر ،إن راعى ترتيب نفسه ،بأن قام
بعد السجدتين ،وقرأ ،وركع ،وسجد ،فالمفهوم من كالم االكثرين أنه ال يعتد
له بشئ مما يأتي به على غير المتابعة .وإذا سلم االمام ،سجد سجدتين لتمام
الركعة ،وال يكون مدركا للجمعة ،الن على هذا الق ول ال ذي عليه التفري ع،
نأمره بالمتابعة بكل حال .وكما ال يحسب له الس جود واالم ام راك ع ،لك ون
فرضه المتابع ة ،وجب أن ال يحسب واالم ام في ركن بعد الرك وع .وق ال
الصيدالني ،وإمام الح رمين ،والغ زالي :إذا فعل ه ذا الم ذكور ،تم له منهما
جميعا ركعة ،لكن فيها نقصانان .أحدهما :التلفيق ،ف إن ركوعها من االولى،
وسجودها من الثانية ،وفي الملفقة الخالف .والثاني :نقصها بالقدوة الحكمية،
فإنه لم يتابع االم ام في معظم ركعته متابعة حس ية ،بل حكمي ة .وفي إدراك
الجمعة بالركعة الحكمي ة ،وجه ان ،كالملفق ة ،أص حهما :االدراك ،وليس
الخالف في مطلق القدوة الحكمية ،ف إن الس جود في ح ال قي ام االم ام ،ليس
على حقيقة المتابعة ،وال خالف أن الجمعة تدرك به .هذا
] [ 526
كله إذا ج رى على ت رتيب نفسه بعد فراغه من الس جدتين الل تين لم يعتد
بهما .فأما إذا فرغ منهما واالمام ساجد ،فتابعه في س جدتيه ،فه ذا هو ال ذي
ن أمره به في ه ذه الحالة على ه ذا الق ول ،فتحس بان ل ه ،ويك ون الحاصل
ركعة ملفقة ،وإن وجد االم ام في التش هد ،وافق ه .ف إذا س لم ،س جد س جدتين
وتمت له الركعة ( ،)1وال جمعة ل ه ،النه لم يتم له ركعة واالم ام في
الصالة .وكذا يفعل لو وج ده قد س لم .ه ذا كله إذا قلن ا :يت ابع االم ام .أما إذا
قلن ا :ال يتابعه بل يس جد وي راعي ت رتيب نفس ه ،فله ح االن .أح دهما :أن
يخالف ما أمرناه ،ف يركع مع االم ام .ف إن تعم د ،بطلت ص الته ،ويلزمه أن
يحرم بالجمعة إن أمكنه إدراك االمام في الرك وع ،وإن ك ان ( )2ناس يا ،أو
جاهال يعتقد أن الواجب عليه الركوع مع االمام ،لم تبطل ص الته ،ولم يعتد
بركوعه .فإذا س جد معه بعد الرك وع ،حس بت له الس جدتان على الص حيح.
وعلى الش اذ ،ال يعتد بهم ا .فعلى الص حيح ،تحصل ركعة ملفق ة .وفي
االدراك بها ،الوجهان .الحال الثاني :أن يوافق ما أمرناه ،فيسجد ،فهذه قدوة
حكمية .وفي االدراك بها ،الوجهان .فإذا ف رغ من الس جود ،فلالم ام ح االن.
أح دهما :أن يك ون فارغا من الرك وع ،إما في الس جود ،وإما في التش هد،
فوجه ان .أح دهما :يج ري على ت رتيب نفس ه ،فيق وم ،ويق رأ ،ويرك ع.
وأصحهما :يلزمه متابعة االمام فيما هو فيه ،فإذا سلم االمام ،اشتغل بت دارك
ما عليه ،وبه ذا قطع كث ير من أص حابنا العراق يين وغ يرهم .فعلى ه ذا ،لو
كان االم ام عند فراغه من الس جود قد ه وى للس جود فتابع ه ،فقد والى بين
أربع سجدات :فهل المحسوب التمام الركعة االولى ،الس جدتان االولي ان ،أم
االخريان ؟ وجهان .أصحهما :االوليان .والثاني :االخريان .فعلى ه ذا ،يع ود
الخالف في الملفق ة .الح ال الث اني :لالم ام أن يك ون راكعا بع د .فهل عليه
متابعته ،وتسقط عنه
] [ 527
القراءة كالمسبوق ؟ أو يشتغل بترتيب [ صالة ] ( )1نفسه فيق رأ ؟ وجه ان
كما ذكرنا تفريعا على الق ول االول .فعلى االول ،يس لم مع ه ،وتتم جمعت ه.
وعلى الثاني :يقرأ ويسعى ليلحق ه ،وهو م درك للجمع ة .ف رع :إذا لم يتمكن
المزح وم من الس جود ح تى س جد االم ام في الثاني ة ،تابعه في الس جود بال
خالف .ف إن قلن ا :ال واجب متابعة االم ام ،فالحاصل ركعة ملفقة ( ،)2وإال
فغير ملفقة ،أما إذا لم يتمكن من السجود ح تى تش هد االم ام ،فيس جد .ثم إن
أدرك االمام قبل السالم ،أدرك الجمع ة ،وإال فال .قلت :ق ال إم ام الح رمين:
لو رفع المزح وم رأسه من الس جدة الثاني ة ،فس لم االم ام قبل أن يعت دل
المزحوم ،ففيه احتمال .قال :والظاهر :أنه مدرك للجمعة ( .)3وهللا أعلم .أما
إذا ك ان الزح ام في س جود الركعة الثاني ة ،وقد ص لى االولى مع االم ام،
فيسجد م تى تمكن قبل س الم االم ام ،أو بع ده ،وجمعته ص حيحة .ف إن ك ان
مسبوقا ،لحقه في الثانية .فإن تمكن قبل سالم االمام ،سجد وأدرك ركعة من
الجمعة ،وإال فال جمعة له .أما إذا زحم عن ركوع االولى حتى ركع االم ام
في الثانية ،فيركع .ق ال االك ثرون :ويعتدله بالركعة الثاني ة ،وتس قط االولى.
ومنهم من ق ال :الحاصل ركعة ملفق ة .ف رع :إذا عرضت حالة في الص الة
تمنع من وقوعها جمعة في صور الزحام وغيرها ،فهل تتم صالته ظه را ؟
قوالن ( )4يتعلقان بأصل .وهو :أن الجمعة ظهر
] [ 528
مقصورة ،أم صالة على حيالها ؟ وفيه قوالن اقتض اهما ( )1كالم الش افعي
( .)2قلت :أظهرهما :صالة بحيالها .وهللا أعلم .فإن قلنا :ظهر مقصورة ،فإذا
فات بعض شروط الجمعة ،أتمها ظهرا كالمسافر إذا فات شرط قصره .وإن
قلن ا :ف رض على حيال ه ،فهل يتمها ؟ وجه ان .والص حيح مطلق ا :أنه يتمها
ظه را .لكن هل يش ترط أن يقصد قلبها ظه را ،أم تنقلب بنفس ها ظه را ؟
وجهان في (النهاية) .قلت :االصح :ال يشترط ،وهو مقتضى كالم الجمهور.
وهللا أعلم .وإذا قلنا :ال يتمها ظه را ،فهل تبط ل ،أم تبقى نفال ؟ فيه الق والن
السابقان فيمن صلى الظهر قبل الزوال ونظائرها .قال إم ام الح رمين :ق ول
البطالن ،ال ينتظم تفريعه إذا أمرناه في صورة الزح ام بشئ فامتث ل ،فليكن
ذلك مخصوصا بما إذا خ الف .ف رع :التخلف بالنس يان ،هل هو ك التخلف
بالزح ام ؟ قي ل :فيه وجه ان .أص حهما :نعم ،لع ذره .والث اني :ال لن دوره
وتفريطه .والمفهوم من كالم االك ثرين ،أن فيه تفص يال .ف إن ت أخر س جوده
عن سجدتي االمام بالنسيان ،ثم سجد في حال قيام االم ام ،فحكمه كالزح ام،
وك ذا لو ت أخر لم رض .وإن بقي ذاهال ح تى ركع االم ام في الثاني ة،
فطريقان .أحدهما :كالمزحوم ،فيركع معه على ق ول ،وي راعي ت رتيب نفسه
في ق ول .والطريق الث اني :يتبعه ق وال واح دا ،النه مقصر فال يج وز ت رك
المتابعة .قال الروياني :ه ذا الطريق أظه ر .ف رع :الزح ام يج ري في جميع
الصلوات ،وإنما يذكرونه في الجمع ة ،الن الزحمة فيها أك ثر ،والنه يجتمع
فيها وجوه من االشكال ال يجري في غيرها ،مثل
] [ 529
ة ،والحكمية وبنائها على أنها ظهر الخالف في إدراك الجمعة بالملفق
مقص ورة ،أم ال ؟ والن الجماعة فيها ش رط ،وال يمكن المفارقة ما دام
يتوقع إدراك الجمعة ،بخالف سائر الصلوات .إذا عرفت ذلك ،فإذا زحم في
سائر الصلوات ،فلم يمكنه السجود ح تى ركع االم ام في الثاني ة ،فالم ذهب:
أنه على القولين .وقيل :يركع معه قطعا .وقي ل :ي راعي ت رتيب نفسه قطع ا.
الشرط السادس :الخطبة .فمن شرائط الجمع ة :تق ديم خطب تين ( .)1وأرك ان
الخطبة خمس ة .أح دها :حمد هللا تع الى ( ،)2ويتعين لفظ الحم د .والث اني:
الص الة على رس ول هللا (ص) ( ،)3ويتعين لفظ الص الة .وحكي في
(النهاي ة) عن كالم بعض االص حاب :ما ي وهم أنهما ال يتعين ان ،ولم ينقله
وجها مجزوما ب ه .الث الث :الوص ية ب التقوى ،وهل يتعين لفظ الوص ية ؟
وجهان .الصحيح المنصوص :ال يتعين .قال إمام الحرمين :وال خالف أنه ال
يكفي االقتصار على التح ذير من االغ ترار بال دنيا وزخارفه ا ،ف إن ذلك قد
يتواصى به منك رو الش رائع ،بل ال بد من الحمل على طاعة هللا تع الى،
والمنع من المعاص ي .وال يجب في الموعظة كالم طوي ل ،بل لو ق ال:
أطيعوا هللا كفى ،وأبدى االمام فيه احتماال ،وال ت ردد في أن كلم تي الحم د،
والصالة ،كافيتان .ولو قال :والصالة على محمد ،أو على الن بي ،أو رس ول
هللا ،كفى .ولو قال :الحمد لل رحمن ،أو ال رحيم ،فمقتضى كالم الغ زالي :أنه
ال يكفيه ،ولم أره مسطورا ،وليس هو ببعيد كما في كلمة
] [ 530
التكب ير ( .)1ثم ه ذه االرك ان الثالث ة ،ال بد منها في كل واح دة من
الخطبتين .ولنا وجه :أن الصالة على الن بي (ص) في إح داهما كافي ة ،وهو
شاذ .الراب ع :ال دعاء للمؤم نين ( ،)2وهو ركن على الص حيح .والث اني :ال
يجب ،وحكي عن نصه في (االمالء) .وإذا قلنا بالص حيح ،فهو مخص وص
بالثانية .فلو دعا في االولى لم يحسب ،ويكفي ما يقع عليه االس م .ق ال إم ام
الح رمين :وأرى أنه يجب أن يك ون متعلقا ب أمور اآلخ رة ،وأنه ال ب أس
بتخصيصه بالسامعين ،بأن ( )3يق ول :رحمكم هللا .الخ امس :ق راءة الق رآن.
وهي ركن على المشهور .وقي ل :على الص حيح .والث اني :ليست ب ركن ،بل
مستحبة .فعلى االول أقلها آي ة ،نص عليه الش افعي رحمه هللا ،س واء ك انت
وعدا ،أو وعيدا ،أو حكما ،أو قص ة .ق ال إم ام الح رمين :وال يبعد االكتف اء
بشطر آية طويلة .وال شك أنه لو قال( :ثم نظر) ( )4لم يكف ،وإن عد آي ة،
بل يشترط كونها مفهمة .واختلفوا في محل القراءة على ثالثة أوجه .أصحها
ونص عليه في (االم) :تجب في إح داهما ال بعينه ا .والث اني :تجب فيهم ا.
والث الث :تجب في االول خاص ة ،وهو ظ اهر نصه في (المختص ر):
ويس تحب أن يق رأ في الخطبة س ورة (ق) .قلت :ق ال ال دارمي :يس تحب أن
تك ون ق راءة (ق) ( )5في الخطبة االولى .والم راد ،قراءتها بكماله ا،
الشتمالها على أنواع المواعظ .وهللا أعلم .ولو ق رأ آية س جدة ،ن زل وس جد.
،فلو كان المنبر عاليا ،لو نزل لطال الفصل
] [ 531
لم يتركه ( ،)1لكن يسجد عليه إن أمكنه ،وإال ترك السجود .فلو نزل وطال
الفص ل ،ففيه الخالف المتق دم في الم واالة .وال ت دخل الق راءة في االرك ان
الم ذكورة .ح تى لو ق رأ آية فيها موعظ ة ،وقصد إيقاعها عن الجه تين ،لم
يجزئ ،وال يجوز أن يأتي بآيات تش تمل على االرك ان المطلوب ة ،الن ذلك
ال يسمى خطبة .ولو أتى ببعضها في ضمن آية لم يمتنع .وهل يشترط ك ون
الخطبة كلها ( )2بالعربية ؟ وجه ان .الص حيح :اش تراطه ،ف إن لم يكن فيهم
من يحسن العربي ة ،خطب بغيره ا .ويجب أن يتعلم كل واحد منهم الخطبة
العربية ( ،)4( )3كالع اجز عن التكب ير بالعربي ة .ف إن مضت م دة إمك ان
التعلم ولم يتعلم وا ،عص وا كلهم ،وال جمعة لهم .ف رع ش روط الخطبة س تة
أح دها :ال وقت .وهو ما بعد ال زوال ( ،)5فال يصح تق ديم شئ منها علي ه.
الث اني :تق ديم الخطب تين على الص الة .الث الث :القي ام فيهما مع الق درة ،ف إن
عجز عن القيام ،فاالولى أن يستنيب .ولو خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز،
جاز كالصالة .ويجوز االقتداء به ،سواء
] [ 532
قال :ال أس تطيع ،أو س كت ،الن الظ اهر أنه إنما قعد لعج زه ،ف إن ب ان أنه
كان قادرا ،فهو كما لو بان االمام جنب ا ،ولنا وج ه :أنه تصح الخطبة قاع دا
مع الق درة على القي ام وهو ش اذ .الراب ع :الجل وس بينهم ا ،وتجب الطمأنينة
فيه ،فلو خطب قاعدا لعج زه ،لم يض طجع بينهما للفص ل ،بل يفصل بينهما
بس كتة ( ،)1والس كتة واجبة على االص ح .ولنا وجه ش اذ :أن الق ائم أيضا
يكفيه الفصل بينهما بسكتة .الخامس :هل يشترط في ص حة الخطبة الطه ارة
عن الحدث ،والنجس في الب دن والث وب والمك ان ،وس تر الع ورة ؟ ق والن.
الجدي د :اش تراط كل ذل ك .ثم قي ل :الخالف مب ني على أنهما ب دل من
الركع تين ،أم ال ؟ وقي ل :على أن الم واالة في الخطبة ش رط ،أم ال ؟ ف إن
شرطنا المواالة ،شرطنا الطهارة ،وإال ،فال .ثم قال صاحب (التتمة) :يط رد
الخالف في اشتراط الطهارة عن الحدث االصغر والجنابة ،وخصه صاحب
(الته ذيب) بالح دث االص غر ،ق ال :فأما الجنب ،فال تحسب خطبته ق وال
واح دد ،الن الق راءة ش رط ،وال تحسب ق راءة الجنب ،وه ذا أوض ح .قلت:
الص حيح ،أو الص واب ،ق ول ص احب (التتم ة) وقد ج زم به ال رافعي في
(المح رر) وقطع الش يخ أبو حام د ،والم اوردي ،وآخ رون :بأنه لو ب ان لهم
بعد ف راغ الجمعة أن إم امهم ( )2ك ان جنب ا ،أج زأتهم .ونقله أبو حام د،
والم اوردي ،واالص حاب عن نصه في (االم) .وهللا أعلم .ثم إذا ش رطنا
الطهارة ،فسبقه حدث في الخطبة ،لم يعتد بما يأتي به في حال الحدث .وفي
بناء غيره عليه الخالف الذي سبق .فلو تطهر وعاد ،وجب االس تئناف ،وإن
طال الفصل وشرطنا المواالة ،فإن لم يطل ،أو لم نشرط المواالة ،فوجه ان.
.أصحهما :االستئناف
] [ 533
الس ادس :رفع الص وت ،فلو خطب س را بحيث لم يس مع غ يره ،لم تحسب
على الص حيح المع روف .وفي وج ه :تحسب وهو غل ط .فعلى الص حيح،
الشرط أن يسمع أربعين من أهل الكمال .فلو رفع صوته قدر ما يبلغ ،ولكن
كانوا كلهم أو بعض هم ص ما ،فوجه ان .الص حيح :ال تص ح ،كما لو بع دوا.
والث اني :تص ح ،كما لو حلف ال يكلم فالن ا ،فكلمه بحيث يس مع ،فلم يس مع
لص ممه ،حنث ( ،)1وكما لو س معوا الخطب ة ،ولم يفهم وا معناه ا ،فإنها
تصح .وينبغي للقوم أن يقبلوا بوج وههم إلى االم ام ،وينص توا ،ويس معوا (
.)2واالنص ات :هو الس كوت .واالس تماع :هو ش غل الس مع بالس ماع .وهل
االنص ات ف رض ،والكالم ح رام ؟ فيه ق والن .الق ديم و (االمالء) :وج وب
االنص ات ،وتح ريم الكالم .والجدي د :أنه س نة ،والكالم ليس بح رام .وقي ل:
يجب االنص ات قطع ا .والجمه ور أثبت وا الق ولين .وهل يح رم الكالم على
الخطيب ؟ فيه طريقان .الم ذهب :ال يح رم قطع ا .والث اني :على الق ولين .ثم
جميع ه ذا الخالف في الكالم ال ذي ال يتعلق به غ رض مهم ن اجز .فأما إذا
رأى أعمى يقع في بئر ،أو عقربا تدب على إنس ان ،فأن ذره ،أو علم إنس انا
شيئا من الخير ،أو نهاه عن منك ر ،فه ذا ليس بح رام بال خالف .نص عليه
الش افعي رحمه هللا ،واتفق االص حاب على التص ريح ب ه .لكن يس تحب أن
يقتصر على االشارة ،وال يتكلم ما أمكن االستغناء عن ه .ه ذا كله في الكالم
في أثن اء الخطب ة .ويج وز الكالم قبل ابت داء االم ام بالخطب ة ،وبعد الف راغ
منهما .فأما في الجلوس بين الخطب تين ،فطريق ان ،قطع ص احب (المه ذب)
.والغزالي ،بالجواز .وأجرى المحاملي ،وابن الصباغ ،وآخرون فيه الخالف
] [ 534
ويجوز للداخل في أثناء الخطبة ،أن يتكلم ما لم يأخذ لنفسه مكان ا .والق والن
فيما بعد قعوده .فرع :إذا قلنا بالقديم ،فينبغي للداخل في أثناء الخطب ة ،أن ال
يسلم ،فإن سلم ،حرمت إجابته باللف ظ ،ويس تحب باالش ارة كما في الص الة.
وفي تش ميت الع اطس ثالثة أوج ه ،الص حيح المنص وص :تحريم ه ،ك رد
السالم .والثاني :استحبابه .والث الث :يج وز وال يس تحب .ولنا وج ه :أنه ي رد
السالم ،النه واجب ،وال يشمت العاطس ،النه سنة .فال ي ترك لها االنص ات
الواجب .وفي وجوب االنصات على من ال يسمع الخطبة ،وجهان .أح دهما:
ال يجب .ويستحب أن يشتغل بالذكر ،والتالوة .وأصحهما :يجب ،نص عليه،
وقطع به كث يرون .وق الوا :البعيد بالخي ار بين االنص ات ،وبين ال ذكر
والتالوة .ويح رم عليه كالم اآلدم يين ،كما يح رم على الق ريب .ه ذا تفريع
على القديم .فأما إذا قلنا بالجدي د ،فيج وز رد الس الم ،والتش ميت بال خالف.
ثم رد في الس الم ثالثة أوج ه .أص حها عند ص احب (الته ذيب) :وجوب ه.
والثاني :استحبابه .والثالث :جوازه بال استحباب .وقطع إم ام الح رمين ،بأنه
ال يجب الرد .واالصح :استحباب التش ميت .وحيث حرمنا الكالم فتكلم ،أثم،
وال تبطل جمعته بال خالف .ف رع :ق ال الغ زالي :هل يح رم الكالم على من
عدا االربعين ؟ فيه القوالن .وهذا التق دير بعيد في نفس ه ،ومخ الف لما نقله
االصحاب .أما بعده في نفسه ،فالن كالمه مف روض في الس امعين للخطب ة.
وإذا حضر جماعة يزي دون على أربعين ،فال يمكن أن يق ال :تنعقد الجمعة
ب أربعين منهم على التع يين ،فيح رم الكالم عليهم قطع ا .والخالف في حق
الباقين ( ،)1بل الوجه :الحكم بانعقاد الجمعة بهم ،أو ب أربعين منهم ال على
التع يين .وأما مخالفته لنقل االص حاب ،فالنك ( )2ال تجد لالص حاب إال
إطالق ق ولين في الس امعين ،ووجهين في حق غ يرهم كما س بق .ف رع :إذا
صعد الخطيب المنبر ،فينبغي ( )3لمن ليس في صالة ( )4من
] [ 535
الحاضرين ،أال يفتتحها ،سواء كان صلى السنة ،أم ال ،ومن كان في ص الة
خففها ،والف رق بين الكالم -حيث قلن ا :ال ب أس به وإن ص عد المن بر ما لم
تبتدئ الخطبة -وبين الصالة انقطع الكالم ،هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة،
بخالف الصالة ،فإنه قد يفوت سماع أول الخطبة إلى أن يتمها .قلت :وسواء
في المنع من افتتاح الصالة في حال الخطبة من يسمعها ،وغيره .وهللا أعلم.
ولو دخل في أثناء الخطبة ،استحب له أن يصلي التحية ،ويخففه ا .فلو ك ان
ما صلى السنة ،صالها وحصلت التحية .ولو دخل واالمام في آخر الخطبة،
لم يص ل ،لئال يفوته أول الجمعة مع االم ام ،وس واء في اس تحباب التحي ة.
قلنا :يجب االنصات ،أم ال ؟ فرع :في أمور اختلف في إيجابها في الخطب ة.
منها :كونها بالعربية ،وتقدم بيانه .ومنها :نية الخطبة وفرضيتها ،اش ترطهما
القاضي حس ين .ومنه ا :ال ترتيب بين الكلم ات الثالث ،ف أوجب ص احب
(التهذيب) وغيره ،أن يبدأ بالحم د ،ثم الص الة ،ثم الوص ية .وال ت رتيب بين
القراءة والدعاء ،وال بينهما وبين غيرهما .وقطع صاحب (العدة) وآخ رون:
بأنه ال يجب في شئ من االلف اظ أص ال .ق الوا :لكن االفضل الرعاي ة .قلت:
قطع صاحب (الحاوي) وكثيرون من العراقيين ،بأنه ال يجب ال ترتيب ونقله
.في (الحاوي) عن نص الشافعي رحمه هللا ،وهو االصح .وهللا أعلم
] [ 536
فرع في سنن الخطبة فمنها :أن يكون على من بر ،والس نة أن يك ون المن بر
على يمين الموضع ( )1الذي يصلي فيه االمام .ويك ره المن بر الكب ير ال ذي
يضيق على المصلين ،إذا لم يكن المسجد متسع الخط ة ،ف إن لم يكن من بر،
خطب على موضع مرتف ع .ومنه ا :أن يس لم على من عند المن بر إذا انتهى
إليه .ومنه ا :إذا بلغ في ص عوده الدرجة ال تي تلي موضع القع ود -ويس مى
ذلك الموضع :المستراح -أقبل على الناس بوجهه ،وس لم عليهم .ومنه ا :أن
يجلس بعد الس الم على المس تراح .ومنه ا :أنه إذا جلس ،اش تغل الم ؤذن
باآلذان ،ويديم االمام الجل وس إلى ف راغ الم ؤذن .ق ال ص احب (االفص اح)
والمحاملي :المستحب ،أن يكون المؤذن للجمعة واحدا .وأشار إليه الغ زالي،
وفي كالم بعض االصحاب ( ،)2إشعار باستحباب تعديد الم ؤذنين .ومنه ا:
أن تكون الخطبة بليغة غير مؤلفة من الكلمات المبتذل ة ،وال من الكلم ات (
)3الغريبة الوحشية ،بل قريبة من االفهام .ومنها :أن ال يطولها وال يخففها،
بل تكون متوسطة .ومنه ا :أن يس تدبر القبل ة ،ويس تقبل الن اس في خطبتي ه،
وال يلتفت يمينا وال شماال .ولو خطب مستدبر الن اس ،ج از على الص حيح.
وعلى الثاني :ال يجزئه .قلت :وطرد الدارمي هذا الوجه ،فيما إذا استدبروه،
أو خالفوه ،وهو الهيئة
] [ 537
المش روعة في ذل ك .وهللا أعلم .ومنه ا :أنه يس تحب أن يك ون جلوسه بين
الخطبتين قدر سورة (االخالص) نص عليه .وفيه وجه :أنه يجب ه ذا الق در
وحكي عن نصه .ومنه ا :أن يعتمد على س يف ،أو عص ا ،أو نحوهم ا .ق ال
في (الته ذيب) :يقبضه بي ده اليس رى .ولم ي ذكر االك ثرون بأيتهما يقبض ه.
قلت :ق ال القاضي حس ين في تعليقه كما ق ال في (الته ذيب) .وهللا أعلم.
ويشغل يده االخرى بحرف المنبر ،فإن لم يجد شيئا ،سكن يده ( )1وجس ده،
بأن يجعل اليمنى على اليسرى ،أو يقرهما مرسلتين .والغ رض ،أن يخش ع،
وال يعبث بهما .ومنها :أنه ينبغي للقوم أن يقبلوا على الخطيب مس تمعين ،ال
يش تغلون بشئ آخ ر ،ح تى يك ره الش رب للتل ذذ ،وال ب أس به للعطش ،ال
للخطيب ،وال للقوم .ومنها :أن يأخذ في ال نزول بعد الف راغ ،ويأخذ الم ؤذن
في االقامة ،ويبت در ليبلغ المح راب مع ف راغ المقيم .قلت :يك ره في الخطبة
أمور ابتدعها الجهلة .منها :التفاتهم في الخطبة الثانية ( ،)2والدق على درج
المن بر في ص عوده ،وال دعاء إذا انتهى ( )3إلى ص عوده قبل أن يجلس.
وربما توهموا أنها ساعة االجابة ،وهذا
] [ 538
جه ل ،ف إن س اعة االجابة إنما هي بعد جلوس ه ،كما س يأتي إن ش اء هللا
تع الى .ومنه ا :المجازفة في أوص اف الس الطين في ال دعاء لهم .وأما أصل
الدعاء للسلطان ،فقد ذكر صاحب (المهذب) وغيره :أنه مك روه .واالختي ار:
أنه ال ب أس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وص فه ( ،)1وال نحو ذل ك ،فإنه
يستحب الدعاء بصالح والة االمر .ومنها :مبالغتهم في االس راع في الخطبة
الثانية [ .وأما االحتباء ( )2واالمام يخطب ،فقال صاحب (البيان) :ال يك ره.
والص حيح :أنه مك روه .فقد صح في (س نن أبي داود) ( )3والترم ذي ،أن
رس ول هللا (ص) ،نهى عن االحتب اء واالم ام يخطب) ،ق ال الترم ذي (:)4
ح ديث حس ن .وق ال الخط ابي من أص حابنا :نهى عن ه ،النه يجلب الن وم
فيعرض طهارته للنقض ،ويمنعه اس تماع الخطبة ] ( .)5ويس تحب إذا ك ان
المن بر واس عا ،أن يق وم على يمين ه ،قاله القاضي حس ين ،وص احب
(التهذيب) .ويكره للخطيب أن يشير بيده .فق ال ( )6في (الته ذيب) :يس تحب
أن يختم الخطبة بقول ه :اس تغفر هللا لي ولكم .وذكر ص احبا (الع دة) و
(البي ان) :أنه يس تحب للخطيب إذا وصل إلى ( )7المن بر ،أن يص لي تحية
المسجد ،ثم يصعده .وهذا الذي قااله ،غ ريب ،وش اذ ،وم ردود ،فإنه خالف
ظ اهر المنق ول عن فعل رس ول هللا (ص) ،والخلف اء الراش دين ،فمن ()8
بع دهم .ولو أغمي على الخطيب ،ق ال في (الته ذيب) في بن اء غ يره على
خطبت ه ،الق والن في االس تخالف في الص الة ،ف إن لم نج وزه ،اس تؤنفت
الخطبة ،وإن جوزناه ،اشترط أن يكون ال ذي يب ني س مع أول الخطب ة .ه ذا
.كالمه في (التهذيب) .والمختار ،أنه ال يجوز البناء هنا .وهللا أعلم
] [ 539
الب اب الث اني فيمن تلزمه الجمعة لوجوبها خمسة ش روط :أح دها :التكلي ف،
فال جمعة على صبي وال مجنون .قلت :والمغمى علي ه ،ك المجنون ،بخالف
السكران ،فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها .وهللا أعلم .الثاني :الحري ة ،فال
جمعة على عبد قن ،أو م دبر ،أو مك اتب [ .قلت :ويس تحب إذا أذن الس يد
حض ورها ،وال يجب .وهللا أعلم ] ( .)1الث الث :ال ذكورة ،فال جمعة على
ام رأة وال خن ثى ( .)2الراب ع :االقام ة ،فال جمعة على مس افر ( ،)3لكن
يستحب ل ه ،وللعب د ،وللص بي ،حض ورها إذا أمكن .الخ امس :الص حة ،فال
جمعة على مريض ولو فاتت بتخلفه لنقصان العدد ،ثم من ال تجب عليه ،ال
تنعقد به إال الم ريض .وفيه أيضا ق ول ش اذ ،ق دمناه في الش رط الرابع
للجمع ة .وفي مع نى الم رض ،أع ذار ت أتي قريبا إن ش اء هللا تع الى ،ولكن
تنعقد لجميعهم ،ويج زيهم عن الظهر إال المجن ون ،فال يصح فعل ه .ثم إذا
حضر الصبيان والنساء ،والعبي د ،والمس افرون ،الج امع ،فلهم االنص راف،
ويص لون الظه ر .وخ رج ص احب (التلخيص) وجها في العب د ،أنه تلزمه
الجمعة إذا حض ر .وق ال في (النهاي ة) :وه ذا غلط باتف اق االص حاب .فأما
المريض ،فقد أطلق كث يرون أنه ال يج وز له االنص راف بعد حض وره ،بل
تلزمه الجمعة .وقال إمام الح رمين :إن حضر قبل ال وقت ،فله االنص راف،
وإن دخل الوقت وقامت الص الة ،لزمته الجمع ة .ف إن ك ان يتخلل زمن بين
دخول الوقت ،والصالة ،فإن لم يلحقه مزيد مشقة في االنتظ ار ،لزم ه ،وإال
فال ،وه ذا التفص يل حس ن ،وال يبعد أن يك ون كالم المطلقين م نزال علي ه.
وألحقوا بالمرضى ،أصحاب االعذار الملحقة
] [ 540
ب المرض ،وق الوا :إذا حض روا ،ل زمتهم الجمع ة .وال يبعد أن يكون وا على
التفص يل الم ذكور أيض ا ،إن لم ي زد ض رر المع ذور بالص بر إلى إقامة
الجمعة ،فاالمر كذلك ،وإال فله االنصراف وإقامة الظهر في منزله .هذا كله
إذا لم يشرعوا في الجمعة ،فإن أحرم ال ذين ال تل زمهم الجمعة بالجمع ة ،ثم
أرادوا االنصراف ،قال في (البيان) :ال يجوز ذلك للمسافر والمريض ،وفي
العبد والم رأة وجه ان حكاهما الص يمري ( .)1قلت :االص ح ،أنه ال يج وز
لهما ،الن صالتهما انعقدت عن فرضهما ،فيتعين إتمامها .وقد ق دمنا أن من
دخل في فرض الول الوقت ،لزمه إتمامه على الم ذهب والمنص وص ،فهنا
أولى .وهللا أعلم .ف رع :كل ما أمكن تص وره في الجمعة من االع ذار
المرخصة في ترك الجماعة ،يرخص في ت رك الجمع ة .أما الوحل الش ديد،
ففيه ثالثة أوجه .الصحيح :أنه عذر في ترك الجمعة والجماعة .والث اني :ال.
والثالث :في الجماعة دون الجمعة .حكاه صاحب (العدة) وقال :به أف تى أئمة
طبرستان .أما التمريض ،فإن كان للمريض من يتعهده ،ويقوم بأمره ،نظر،
إن كان قريبا وهو مشرف على الموت ،أو غ ير مش رف لكن يس تأنس ب ه،
فله التخلف عن الجمعة ويحضر عن ده ،وإن لم يكن اس تئناس ،فليس له
التخلف على الصحيح .وإن ك ان أجنبي ا ،لم يجز التخلف بح ال .والممل وك،
والزوجة ،وكل من له مصاهرة ،والصديق ،كالقريب .وإن لم يكن للم ريض
متعهد ،فقال إمام الحرمين :إن ك ان يخ اف عليه الهالك لو غ اب عن ه ،فهو
عذر ،سواء كان الم ريض قريب ا ،أو أجنبي ا ،الن انق اذ المس لم من الهالك،
ف رض كفاي ة ،وإن ك ان يلحقه ض رر ظ اهر ال يبلغ دفعه مبلغ ف روض
.الكفايات ،ففيه أوجه .أصحها :أنه عذر أيضا .والثاني :ال
] [ 541
والثالث ( :)1أنه عذر في القريب دون االجنبي .ولو كان له متعه د ،لكن لم
يف رغ لخدمت ه ،الش تغاله بش راء االدوي ة ،أو الكفن ،وحفر الق بر إذا ك ان
م نزوال ب ه ،فهو كما لو لم يكن متعه د .ف رع :يجب على ال زمن الجمعة إذا
وجد مركوب ا ،ملكا أو بإج ارة ،أو إع ارة ولم يشق عليه الرك وب ،وك ذا
الشيخ الضعيف .ويجب على االعمى إذا وجد قائدا متبرع ا ،أو ب أجرة ،وله
مال ،وإال فقد أطلق االكثرون :أنها ال تجب عليه .وق ال القاضي حس ين :إن
ك ان يحسن المشي بالعصا من غ ير قائ د ،لزم ه .ف رع :من بعضه ح ر،
وبعضه عب د ،ال جمعة علي ه ،وفيه وجه ش اذ :أنه إذا ك ان بينه وبين س يده
مهاي أة ،لزمه الجمعة الواقعة في نوبت ه ،وال تنعقد به بال خالف .ف رع:
الغريب إذا قام ببل د ،واتخ ذه وطن ا ،ص ار له حكم أهله في وج وب الجمعة
وانعقادها ب ه ،وإن لم يتخ ذه وطن ا ،بل عزمه الرج وع إلى بل ده بعد م دة -
يخ رج بها من كونه مس افرا -قص يرة ،أو طويل ة ،كالمتفق ه ،والت اجر ()2
لزمه الجمعة ،وال تنعقد به على االصح .ف رع :القرية إذا ك ان فيها أربع ون
من أهل الكمال ،لزمهم الجمعة .ف إن أقاموها في ق ريتهم ،ف ذاك .وإن دخل وا
المصر فصلوها في ه ،س قط الف رض عنهم ( ،)3وك انوا مس يئين ،لتعطيلهم
الجمعة في قريتهم .وفيه وجه ( :)4أنهم غير مس يئين ( ،)5الن أبا حنيفة (
)6ال يجوز جمعة في قرية ،ففيما فعلوه ،خروج من
] [ 542
الخالف ،وهو ض عيف .وإن لم يكن فيها أربع ون من أهل الكم ال ،فلهم
حاالن .أحدهما :يبلغهم الن داء من موضع تق ام فيه جمعة من بل د ،أو قري ة،
فتجب عليهم الجمعة .والمعتبر نداء مؤذن ع الي الص وت يقف على ط رف
البلد من الج انب ال ذي يلي تلك القري ة ،وي ؤذن على عادت ه ،واالص وات
هادئة ،والرياح راكدة .فإذا سمع صوته من القرية من أصغى إليه ،ولم يكن
أص م ،وال ج اوز س معه حد الع ادة ،وجبت الجمعة على أهله ا .وفي وج ه:
المعتبر أن يقف المؤذن في وسط البل د ،ووجه يقف في الموضع ال ذي تق ام
فيه الجمع ة .وهل يعت بر أن يقف على موضع ع ال كمن ارة أو س ور ؟
وجهان .قال االكثرون :ال يعتبر .وق ال القاضي أبو الطيب :س معت ش يوخنا
يقول ون :ال يعت بر إال بطبرس تان ،فإنها بين أش جار وغي اض تمنع بل وغ
الصوت .أما إذا كانت قرية على قلة جبل يسمع أهلها الن داء لعلوه ا ،بحيث
لو ك انت على اس تواء االرض لما س معوا ،أو ك انت قرية في وه دة من
االرض ال يس مع أهلها الن داء النخفاض ها ،بحيث لو ك انت على اس تواء
لس معوا ،فوجه ان .أص حهما ( )1وبه ق ال [ القاضي أبو الطيب :ال تجب
الجمعة في الص ورة االولى ،وتجب في الثاني ة ،اعتب ارا بتق دير االس تواء (
.)2والثاني :وبه قال ] ( )3الشيخ أبو حامد :عكسه ،اعتب ارا بنفس الس ماع.
أما إذا لم يبلغ الن داء أهل القري ة ،فال جمعة عليهم .وأما أهل الخي ام إذا
لزموا موضعا ،ولم يفارقوه ،وقلنا :ال يصلون الجمعة موضعهم ،فهم
] [ 543
كأهل القرى .وإذ لم يبلغوا أربعين ،إن سمعوا النداء ،ل زمتهم الجمع ة ،وإال
فال .قلت :وإذا س مع أهل القرية الناقص ون عن االربعين الن داء من بل دين،
فأيهما حض روا ج از ،واالولى حض ور أكثرهما جماع ة .وهللا أعلم .ف رع:
العذر المبيح ترك الجمعة يبيحه وإن طرأ بعد الزوال ،إال السفر ،فإنه يحرم
إنش اؤه بعد ال زوال .وهل يج وز بعد الفجر وقبل ال زوال ؟ ق والن .ق ال في
القديم وحرملة :يجوز .وفي الجدي د :ال يج وز ،وهو االظهر عند العراق يين.
وقي ل :يج وز ق وال واح دا .ه ذا في الس فر المب اح .أما الطاعة واجبا ك ان
كالحج ،أو مندوبا ،فال يجوز بعد ال زوال ،وأما قبل ه ،فقطع كث ير من أئمتنا
بج وازه .ومقتضى كالم العراق يين ،أنه على الخالف كالمب اح .وحيث قلن ا:
يح رم ،فله ش رطان .أح دهما :أننا ينقطع عن الرفق ة ،وال يناله ض رر في
تخلفه للجمعة .فإن انقطع ،وف ات س فره ب ذلك ،أو ناله ض رر ،فله الخ روج
بعد الزوال بال خالف .كذا قاله االصحاب .وقال الشيخ أبو حاتم القزوي ني (
:)1في جوازه بعد الزوال لخوف االنقطاع عن الرفقة ،وجهان ( .)2الشرط
الثاني :أن ال يمكنه ( )3صالة الجمعة في منزله ،أو طريقه .فإن
] [ 544
أمكنت ،فال منع بحال .قلت :االظهر ( )1تحريم السفر المباح ،والطاعة قبل
الزوال ،وحيث حرمناه بعد الزوال ،فسافر ،كان عاصيا ،فال يترخص ما لم
تفت الجمعة .ثم حيث كان فواتها ،يكون ابت داء س فره ،قاله القاضي حس ين،
وص احب (الته ذيب) وهو ظ اهر .وهللا أعلم .ف رع :المع ذورون في ت رك
الجمع ة ،ض ربان .أح دهما :يتوقع زوال ع ذره ،كالعب د ،والم ريض يتوقع
الخف ة ،فيس تحب له ت أخير الظهر إلى الي أس من إدراك الجمع ة ،الحتم ال
تمكنه منه ا .ويحصل الي أس برفع االم ام رأسه من الرك وع الث اني على
الصحيح .وعلى الشاذ :يراعى تصور االدراك في حق كل واحد ،ف إذا ك ان
منزله بعي دا ،ف انتهى ال وقت إلى حد لو أخذ في الس عي لم ي درك الجمع ة،
حصل الفوات في حقه .الضرب الث اني :من ال يرجو زوال ع ذره ك المرأة،
والزمن ،ف االولى أن يص لي الظهر في أول ال وقت ،لفض يلة االولي ة .قلت:
ه ذا اختي ار أص حابنا الخراس انيين ،وهو االص ح .وق ال العراقي ون :ه ذا
الضرب كاالول ،فيس تحب لهم ت أخير الظه ر ،الن الجمعة ص الة الك املين
فق دمت .واالختي ار التوس ط .فيق ال :إن ك ان ه ذا الش خص جازما بأنه ال
يحضر الجمعة وإن تمكن منها ،استحب تقديم الظهر .وإن كان لو تمكن ،أو
نشط حض رها ،اس تحب الت أخير ،كالض رب االول .وهللا أعلم .وإذا اجتمع
معذورون ،استحب لهم الجماعة في ظهرهم على االصح ( )2قال
] [ 545
الش افعي رحمه هللا :واس تحب لهم إخف اء الجماعة لئال يتهم وا .ق ال
االصحاب :هذا إذا كان عذرهم خفيا ،فإن كان ظاهرا ،فال تهم ة .ومنهم من
اس تحب االخف اء مطلق ا .ثم إذا ص لى المع ذور الظهر قبل ف وات الجمع ة،
صحت ظهره .فلو زال عذره وتمكن من الجمعة ،لم تلزم ه ،إال في الخن ثى
إذا ص لى الظه ر ،ثم ب ان رجال ،وتمكن من الجمع ة ،فتلزم ه .والمس تحب
له ؤالء ،حض ور الجمعة بعد فعلهم الظه ر .ف إن ص لوا الجمع ة ،ففرض هم
الظهر على االظه ر .وعلى الث اني :يحتسب هللا تع الى بما ش اء .أما إذا زال
العذر في أثن اء الظه ر ،فق ال القف ال :هو كرؤية الم تيمم الم اء في الص الة.
وهذا يقتضي خالفا في بطالن الظهر ،ك الخالف في بطالن ص الة الم تيمم.
وذكر الشيخ أبو محمد وجهين هنا .والمذهب ،استمرار صحة الظه ر .وه ذا
الخالف ،تفريع على إبطال ظهر غير المع ذور إذا ص الها قبل ف وات وقت
الجمع ة .ف إن لم نبطله ا ،فالمع ذور أولى .ف رع :من ال ع ذر ل ه ،إذا ص لى
الظهر قبل ف وات الجمع ة ،لم تصح ظه ره على الجدي د ،وهو االظه ر،
وتصح على القديم ( ،)1ق ال االص حاب :الق والن مبني ان على أن الف رض
االصلي يوم الجمعة م اذا ؟ فالجدي د :أنه الجمع ة .والق ديم :أنه الظه ر ،وأن
الجمعة بدل .ثم قال أبو إسحاق المروزي :لو ترك جميع أهل البلدة الجمعة،
وصلوا الظهر ،أثموا كلهم ،وصحت ظهرهم على الق ولين .وإن الخالف في
ترك آحادهم الجمعة مع إقامتها بجماعة .والص حيح ال ذي قاله غ يره :أنه ال
ف رق ،وأن ظهرها ال تصح على الجدي د ،النهم ص لوها وف رض الجمعة
متوجه إليهم .ف إذا فرعنا على الجديد في أصل المس ألة ،ف االمر بحض ور
الجمعة قائم .فإن حضرها ،ف ذاك ،وإن ف اتت ،قضى الظه ر .وهل يك ون ما
فعله أوال ب اطال ،أم تنقلب نفال ؟ فيه الق والن في نظ ائره .وإن قلنا بالق ديم،
فالمذهب وال ذي قطع به االك ثرون :أن االمر بحض ور الجمعة ق ائم أيض ا.
ومعنى صحة الظهر ،االعتداد بها
] [ 546
في الجمعة ،بحيث لو فاتت الجمعة أجزأته .وقيل :في سقوط االمر بحضور
الجمعة ،ق والن .وبه ذا قطع إم ام الح رمين ،والغ زالي .ف إن قلن ا :ال يس قط
االمر ،أو قلنا :يسقط ،فصلى الجمعة ،ففي الفرض منهما طريق ان .أح دهما:
الف رض أح دهما ال بعين ه ،ويحتسب هللا تع الى بما ش اء منهم ا .والطريق
الثاني :فيه أربعة أقوال .أحدها :الفرض :الظهر .والث اني :الجمع ة .والث الث:
كالهما فرض .والرابع :أحدهما ال بعينه ،كالطريق االول .هذا كله إذا صلى
الظهر قبل فوات الجمع ة .ف إن ص الها بعد رك وع االم ام في الثاني ة ،وقبل
سالمه ،فقال ابن الصباغ :ظاهر كالم الشافعي بطالنها ،يع ني على الجدي د.
ومن أصحابنا من جوزها .وإذا امتنع أهل البلدة جميعا من الجمع ة ،وص لوا
الظهر ،فالفوات بخروج الوقت أو ضيقه ،بحيث ال يسع إال الركعتين .الباب
الث الث في كيفية إقامة الجمعة بعد ش رائطها الجمعة ركعت ان كغيرها في
االركان ،وتمتاز بأمور مندوبة .أح دها :الغسل ي وم الجمعة س نة ،ووقته بعد
الفجر على المذهب ( .)1وانف رد في (النهاي ة) بحكاية وج ه :أنه يج زئ قبل
الفجر كغسل العيد ،وهو شاذ منكر .ويستحب تقريب الغسل من ال رواح إلى
الجمعة .ثم الصحيح :إنما يستحب لمن يحضر الجمعة والث اني :يس تحب لكل
أحد كغسل العيد .ف إذا قلنا بالص حيح ،فهو مس تحب لكل حاض ر ،س واء من
تجب علي ه ،وغ يره .قلت :وفيه وج ه :أنه إنما يس تحب لمن تجب عليه
وحض رها ،ووجه لمن تجب عليه وإن لم يحض رها لع ذر .وهللا أعلم .ولو
.أحدث بعد الغسل ،لم يبطل الغسل ،فيتوضأ
] [ 547
قلت :وكذا لو أجنب بجماع أو غ يره ،ال يبط ل ،فيغتسل للجناب ة .وهللا أعلم.
ق ال الص يدالني ،وعامة االص حاب :إذا عجز عن الغسل لنف اد الم اء بعد
الوضوء ،أو لقروح ( )1في بدنه ،تيمم وجاز الفضيلة .ق ال إم ام الح رمين:
هذا الذي قالوه ،هو الظ اهر ،وفيه احتم ال .ورجح الغ زالي ه ذا االحتم ال.
ف رع :من االغس ال المس نونة ،أغس ال الحج ،وغسل العي دين ،وي أتي في
مواض عها إن ش اء هللا تع الى .وأما الغسل من غسل الميت ،ففيه ق والن.
الق ديم :أنه واجب ،وك ذا الوض وء من مس ه .والجدي د :اس تحبابه ،وهو
المشهور .فعلى هذا ،غسل الجمع ة ،والغسل من غسل الميت ،آكد االغس ال
المسنونة ،وأيهما آكد ؟ قوالن .الجديد :الغسل من غسل الميت آك د .والق ديم:
غسل الجمعة وهو الراجح عند صاحب (التهذيب) ،والروي اني ،واالك ثرين.
ورجح ص احب (المه ذب) وآخ رون الجدي د .وفي وج ه :هما س واء .قلت:
الصواب ،الجزم بترجيح غسل الجمعة ،لكثرة االخبار الصحيحة في ه .وفيها
الحث العظيم علي ه ،كقوله (ص)( :غسل الجمعة واجب) ( )2وقوله (ص):
(من ج اء منكم إلى الجمعة فليغتس ل) ( .)3وأما الغسل من غسل الميت ،فلم
يصح فيه شئ أصال ( .)4ثم من فوائد الخالف ،ولو حضر إنسان معه ماء،
يدفعه الحوج
] [ 549
الن اس وهن اك رجالن ،أح دهما يري ده لغسل الجمع ة ،واآلخر للغسل من
غسل الميت .وهللا أعلم .وأما الك افر إذا أس لم ،ف إن ك ان وجب عليه غسل
بجناب ة ،أو حيض ،لزمه الغسل وال يجزئه غس له في الكفر على االص ح،
كما سبق في موض عه .وإال ،اس تحب له الغسل لالس الم .وق ال ابن المن ذر:
يجب .ووقت الغس ل ،بعد االس الم على الص حيح ،وعلى الوجه الض عيف:
يغتسل قبل االس الم .قلت :ه ذا الوجه غلط ص ريح ،والعجب ممن حك اه،
فكيف بمن قال ه ،وقد أش بعت الق ول في إبطال ه ،والش ناعة على قائله في
(شرح المهذب) وكيف ي ؤمر بالبق اء على الكفر ليفعل غسال ال يصح منه ؟
! وهللا أعلم .ومن االغس ال المس نونة ،الغسل لالفاقة من الجن ون واالغم اء.
وقد تق دم في ب اب الغسل حكاية وجه في وجوبهم ا .والص حيح :أنهما س نة.
ومنها :الغسل من الحجامة ،والخروج من الحم ام .ذكر ص احب (التلخيص)
عن القديم اس تحبابهما ،واالك ثرون لم ي ذكروهما .ق ال ص احب (الته ذيب):
قيل :الم راد بغسل الحم ام ،إذا تن ور .ق ال :وعن دي أن الم راد به أن ي دخل
.الحمام فيعرق ،فيستحب أن ال يخرج غير غسل
] [ 550
قلت :وقيل :الغسل من الحمام ،هو أن يصب عليه م اء عند إرادته الخ روج
تنظفا ،كما اعت اده الخ ارجون من ه .والمخت ار :الج زم باس تحباب الغسل من
الحجامة والحمام .فقد نقل صاحب (جمع الجوامع) في منصوصات الش افعي
أنه ق ال :أحب الغسل من الحجامة والحم ام ،وكل أمر غ ير الجس د ،وأش ار
الش افعي ،إلى أن حكمت ه ،أن ذلك يغ ير الجسد ويض عفه ،والغسل يش ده
وينعش ه .ق ال أص حابنا :يس تحب الغسل لكل اجتم اع ،وفي كل ح ال تغ ير
رائحة الب دن ( .)1وهللا أعلم .االمر الث اني :اس تحباب البك ور إلى الج امع،
والساعة االولى أفضل من الثانية ،ثم الثالثة فما بعدها .وتعتبر الس اعات من
طل وع الفجر على االص ح .وعلى الث اني :من طل وع الش مس .والث الث :من
ال زوال .ثم ،ليس الم راد على االوجه بالس اعات االربع والعش رين ،بل
ترتيب الدرجات ،وفضل السابق على ال ذي يلي ه ،لئال يس توي في الفض يلة
رجالن ج اءا في ط رفي س اعة .واالمر الث الث :ال تزين ،فيس تحب ال تزين
للجمع ة ،بأخذ الش عر ،والظف ر ،والس واك ،وقطع الرائحة الكريه ة ،ويلبس
أحسن الثياب ،وأوالها البيض .فإن لبس مصبوغا ،فما صبغ غزل ه ،ثم نسج
كالبرد ،ال ما صبغ منسوجا .ويسحب أن يتطيب بأطيب ما عن ده ،ويس تحب
أن يزيد االم ام في حسن الهيئ ة ،ويتعمم ،ويرت دي .ويس تحب لكل من قصد
الجمع ة ،المشي على س كينة ما لم يضق ال وقت ،وال يس عى إليه ا ،وال إلى
غيرها من الصلوات ،وال يركب في جمعة ،وال عيد ،وال جنازة ،وال عيادة
مريض ،إال لعذر .وإذا ركب ،سيرها على سكون .االمر الرابع :يستحب أن
يقرأ في الركعة االولى من ص الة الجمعة بعد (الفاتح ة) :س ورة (الجمع ة).
وفي الثانية( :المنافقين) ( .)2وفي قول قديم :إنه يقرأ في االولى( :س بح اسم
.ربك االعلى) .وفي الثانية( :هل أتاك حديث الغاشية)
] [ 551
قلت :عجب من االمام ال رافعي رحمه هللا ،كيف جعل المس ألة ذات ق ولين،
ق ديم وجديد ؟ ! والص واب :أنهما س نتان .فقد ثبت كل ذلك في (ص حيح
مسلم) ( )1من فعل رس ول هللا (ص) ،فك ان يق رأ ه اتين في وقت ،وه اتين
ه ،أن الربيع رحمه هللا ،وهو راوي الكتب في وقت .ومما يؤيد ما ذكرت
الجديدة قال :سألت الشافعي رحمه هللا عن ذلك ،فذكر أنه يختار (الجمعة) و
(المن افقين) ولو ق رأ (س بح) و (هل أت اك) ك ان حس نا .وهللا أعلم .فلو نسي
س ورة (الجمع ة) في االولى ،قرأها مع (المن افقين) في الثاني ة ،ولو ق رأ
(المنافقين) في االولى ،ق رأ (الجمع ة) في الثاني ة .قلت :وال يعيد (المن افقين)
في الثانية .وقوله :لو نسي (الجمع ة) في االولى ،معن اه :تركه ا ،س واء ك ان
ناسيا ،أو عام دا ،أو ج اهال .وهللا أعلم .ف رع :ينبغي لل داخل أن يح ترز عن
تخطي رقاب الناس ( )2إال إذا كان إماما ،أو كان بين يديه فرجة ال يص لها
بغير تخ ط .وال يج وز أن يقيم أح دا ليجلس موض عه ،ويج وز أن يبعث من
يأخذ له موضعا ،ف إذا ج اء ينحي المبع وث .وإن ف رش لرجل ث وب ،فج اء
آخر ،لم يجز أن يجلس عليه ،وله أن ينحيه ويجلس مكانه .قال في (البيان):
وال يرفع ه ،لئال ي دخل في ض مانه .ويس تحب لمن حضر قبل الخطبة أن
يشتغل بذكر هللا عزوجل .وقراءة القرآن ،والص الة على رس ول هللا (ص)،
ويس تحب االكث ار منها ي وم الجمع ة ،وليلة الجمع ة .ويك ثر ال دعاء يومه ا،
رج اء أن يص ادف س اعة االجاب ة .قلت :اختلف في س اعة االجابة على
مذاهب كثيرة ( .)3والصواب منها :ما
] [ 552
ثبت في (ص حيح مس لم) ( )1أن الن بي (ص) ق ال :هي ما بين أن يجلس
االم ام إلى أن تقضى الص الة ( .)2وهللا أعلم .ويس تحب ق راءة س ورة
(الكهف) يومها وليلتها .وال يصل صالة الجمعة بصالة ،بل يفصل ب التحول
إلى مكان ،أو بكالم ونحوه .فرع :يكره البيع بعد الزوال ( ،)3وقبل الصالة.
ف إذا ظهر االم ام على المن بر ،وش رع الم ؤذن في االذان ،ح رم ال بيع .ولو
تبايع اثنان أحدهما من أهل فرض الجمعة دون اآلخ ر ،أثما جميعا ( .)4وال
.يكره البيع قبل الزوال .وإذا حرم فباع ،صح بيعه
] [ 553
قلت :غير البيع من الصنائع والعقود وغيرها في مع نى ال بيع ( .)1ولو أذن
قبل جلوس االمام على المنبر ،لم يحرم ال بيع .وحيث حرمنا ال بيع ،فهو في
حق من جلس له في غير المسجد .أما إذا سمع الن داء ،فق ام يقصد الجمع ة،
فبايع في طريقه وهو يمشي ،أو قعد في الجامع وباع ،فال يح رم .ص رح به
ص احب (التتم ة) وهو ظ اهر ،الن المقص ود أن ال يت أخر عن الس عي إلى
الجمعة ،لكن ال بيع في المس جد مك روه ي وم الجمعة وغ يره ،على االظه ر.
وهللا أعلم .ف رع :ال ب أس على العج ائز حض ور الجمعة ( )2إذا أذن
أزواجهن ،ويحترزن عن الطيب والتزين .قلت :يكره أن يشبك بين أصابعه،
أو يعبث حال ذهابه إلى الجمعة وانتظاره لها ،وكذلك سائر الص لوات .ق ال
الشافعي في (االم) واالصحاب :إذا قعد إنسان في الجامع في موضع االمام،
أو في طريق الن اس ،أمر بالقي ام .وك ذا لو قعد ووجهه إلى الن اس والمك ان
ض يق ،أمر ب التحول ( ،)3وإال فال .ق ال في (البي ان) :وإذا ق رأ االم ام في
الخطبة (إن هللا ومالئكته يص لون على الن بي .)4( )...ج از للمس تمع أن
.يصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ويرفع بها صوته ( .)5وهللا أعلم
] [ 555
كت اب ص الة الخ وف ( )1اعلم أن ليس الم راد به ذه الترجمة أن الخ وف
يقتضي ص الة مس تقلة ،كقولن ا :ص الة العي د ،وال أنه ي ؤثر في تغ ير ق در
الصالة ،و ( )2وقتها ،كقولنا :صالة السفر .وإنما الم راد أنه ي ؤثر في كيفية
إقامة الفرائض [ ،بل في إقامتها بالجماعة ] ( ،)3واحتمال أمور فيها كانت
ال تحتم ل .ثم هو في االك ثر ال ي ؤثر في إقامة مطلق الف رائض ،بل في
إقامتها بالجماعة كما نفصله إن شاء هللا تعالى .وقال المزني :صالة الخ وف
منسوخة ( ،)4ومذهبنا :أنها باقية ( .)5وهي أربعة أنواع ( .)6االول :صالة
.بطن نخل ()7
] [ 556
وهي :أن يجعل االم ام الن اس فرق تين .فرقة في وجه الع دو ،وفرقة يص لي
بها ( )1جميع الص الة ،س واء كنت ( )2ركع تين ،أو ثالث ا ،أو أربع ا ،ف إذا
س لم بهم ،ذهب وا إلى وجه الع دو ،وج اءت الفرقة االخ رى فص لى بهم تلك
الصالة مرة ثانية ،تكون له نافلة ولهم فريضة .وإنما يندب إلى هذه الص الة
بثالثة شروط :أن يكون العدو في غير القبلة ،وأن يكون في المسلمين ك ثرة
والعدو قليل ،وأن يخاف هجومهم على المسلمين في الص الة .وه ذه االم ور
ليست شرطا للصحة ،فإن الصالة على هذا الوجه تجوز بغ ير خ وف .وإنما
المراد أن الصالة هكذا إنما يندب إليها وتختار بهذه الشروط .الن وع الث اني:
صالة عسفان ( .)3وهي :أن يرتبهم االمام صفين ويحرم ب الجميع ،فيص لوا
معه إلى أن ينتهي إلى االعت دال عن رك وع االولى ،ف إذا س جد ،س جد معه
الصف الثاني ،ولم يسجد الصف االول ،بل يحرسونهم ( )4قيام ا ،ف إذا ق ام
االم ام والس اجدون ،س جد أهل الصف االول ولحق وه ،وق رأ الجميع معه
وركع وا واعت دلوا ،ف إذا س جد ،س جد معه الصف الحارس ون في الركعة
االولى ،وح رس اآلخ رون ،ف إذا جلس للتش هد ،س جدوا ،ولحق وه وتش هدوا
كلهم معه وسلم بهم .هذه الكيفية ذكرها الشافعي رحمه هللا في (المختص ر).
واختلف االص حاب ،فأخذ كث يرون به ا ،منهم أص حاب القف ال ،وت ابعهم
الغ زالي ،وق الوا :هي منقولة عن فعل الن بي (ص) ومن معه بعس فان (،)5
وقال الشيخ أبو حامد ومن تابعه :ما ذكره الشافعي خالف الثابت في الس نة،
فإن الثابت أن الصف االول سجدوا معه في الركعة االولى ،والصف الث اني
سجدوا معه الثانية ،والشافعي عكس ذلك .قالوا :والمذهب ما ثبت في
] [ 557
الخبر ،الن الشافعي رحمه هللا قال :إذا رأيتم قولي مخالفا للسنة فاطرحوه (
.)1واعلم أن الشافعي لم يقل :إن الكيفية التي ذكرها هي صالة النبي (ص)
بعسفان ،بل قال :وهذا نحو صالة الن بي (ص) بعس فان ،فأش به تج ويزه كل
واحد منهما .وقد ص رح به الروي اني وص احب (الته ذيب) وغيرهم ا .قلت:
الصحيح المخت ار :ج واز االم رين ،وهو م راد الش افعي ،فإنه ذكر الح ديث
كما ثبت في الصحيح ،ثم ذكر الكيفية المذكورة ،فأش ار إلى جوازهم ا .وهللا
أعلم .ثم الم ذهب الص حيح المنص وص المش هور :أن الحراسة في الس جود
خاصة ( ،)2وأن الجميع يركع ون مع ه ،وفيه وج ه :أنهم يحرس ون في
الركوع أيضا ،وهو شاذ منكر .قال أصحابنا :لهذه الصالة ثالثة ش روط .أن
يكون العدو في جهة القبلة ،وأن يكون على جبل ،أو مستو ( )3من االرض
ال يس ترهم شئ عن أبص ار المس لمين ،وأن يك ون في المس جد ( )4ك ثرة،
لتسجد طائفة وتحرس أخرى ،وال يمتنع أن يزيد على صفين ،بل يج وز أن
يرتبهم صفوفا كثيرة ،ثم يح رس ص فإن كما س بق ،وال يش ترط أن يح رس
جميع من في الص ف ،بل لو حرست فرقت ان من صف واحد على المناوبة
في الركعتين ،جاز .فلو تولى الحراسة في الركعتين طائفة واحدة ،ففي
] [ 558
صالة هذه الطائفة وجه ان .أص حهما :الص حة ،وبه قطع جماع ة .ف رع :لو
تأخر الحارسون أوال إلى الصف الثاني في الركعة الثانية ،وتق دمت الطائفة
الثانية ليحرس وا ،ج از إذا لم تك ثر أفع الهم ،وذلك ب أن يتق دم كل واحد من
الصف الثاني خطوتين ،ويت أخر كل واحد من الصف االول خط وتين وينفذ
كل واحد بين رجلين .وهل ه ذا التق دم أفض ل ،أم مالزمة كل واحد مكانه ؟
وجهان .قال الصيدالني ،والمس عودي ،والغ زالي ،وآخ رون :التق دم أفض ل.
وقال العراقي ون :المالزمة أفض ل .ولفظ الش افعي على ه ذا أدل ،وه ذا كله
بن اء على ما ذك ره الش افعي :أن الصف االول يح رس في االول .فأما على
اختي ار أبي حام د :أن الصف االول يس جدون في االولى ( ،)1ف إن في
الركعة الثانية يتق دم الصف الث اني ،ويت أخر االول فتك ون الحراسة في
الركع تين ممن خلف الصف االول ،وك ذلك ورد الخ بر .قلت :ثبت في
(ص حيح مس لم) ( )2تق دم الصف الث اني ،وت أخر االول .وهللا أعلم .الن وع
الثالث :صالة ذات الرقاع ( .)3وهي :ت ارة تك ون في ص الة ذات ركع تين،
إما الص بح ،وإما مقص ورة ،وت ارة في ذات ثالث ،أو أرب ع .فأما ذات
ركعتين ( ،)4فيفرق االم ام الن اس فرق تين ،فرقة في وجه الع دو ،وينح از
بفرقة إلى حيث ال يبلغهم سهام العدو ،فيفتح بهم الصالة ويصلي بهم ركعة.
هذا القدر اتفقت عليه الرواي ات .وفيما يفعل بعد ذلك روايت ان .إح داهما :أنه
إذا ق ام االم ام إلى الثاني ة ،خ رج المقت دون عن متابعت ه ،وأتم وا النفس هم
الركعة الثانية ،وتشهدوا وسلموا وذهبوا إلى وجه العدو ،وجاء ( )5أولئك
] [ 559
فاقتدوا به في الثانية .ويطيل االم ام القي ام إلى لح وقهم ،ف إذا لحق وه ،ص لى
بهم الثانية ،فإذا جلس للتشهد قاموا وأتموا الثانية وهو ينتظرهم ،فإذا لحقوه،
سلم بهم .هذه رواية سهل بن أبي حيثمة ( )1عن ص الة رس ول هللا (ص) (
.)2وأما الثانية :فهي أن االم ام إذا ق ام إلى الثاني ة ،ال ( )3يتم المقت دون به
الصالة ،بل يذهبون إلى مكان إخوانهم وجاه العدو وهم في الص الة فيقف ون
سكوتا ،وتجئ تلك الطائفة فتصلي مع االمام ركعته الثانية .فإذا س لم ،ذهبت
إلى وجه العدو ،وجاء االولون إلى مكان الصالة ،وأتموا [ النفسهم ،وذهبوا
إلى وجه العدو وج اءت الطائفة االخ رى إلى مك ان الص الة وأتم وا ] (.)4
وهذه رواية ابن عمر ( .)5ثم إن الشافعي رحمه هللا ،اخت ار الرواية االولى
لس المتها من ك ثرة المخالف ة ،والنها أح وط المر الح رب .وللش افعي ق ول
قديم :أنه إذا صلى االمام بالطائفة الثانية الركعة الثانية ،تشهد بهم وس لم ،ثم
هم يقومون إلى تمام صالتهم ،كالمسبوق ،وقول آخ ر :أنهم يقوم ون إذا بلغ
االم ام موضع الس الم ولم يس لم بع د .وهل تصح الص الة على ص فة رواية
ابن عمر ؟ قوالن .المشهور :الصحة ،لصحة الحديث وعدم المع ارض ،وال
يصح قول اآلخر :إنه منسوخ ،ف إن النسخ يحت اج إلى دلي ل .وإقامة الص الة
على الوجه المذكور ليست عزيمة ال بد منها ،بل لو صلى بطائف ة ،وص لى
غيره بالباقين ،أو صلى بعض هم ،أو كلهم منف ردين ،ج از قطع ا ،لكن ك ان
أص حاب رس ول هللا (ص) ال يس محون ب ترك فض يلة الجماع ة ،ف أمر هللا
سبحانه وتعالى بترتبهم هكذا ،لتحصل طائفة فضيلة التكبير معه ،واالخ رى
فضيلة التسليم معه .وهذا النوع موضعه إذا كان العدو في غير جهة القبل ة،
.أو فيها وبينهم وبين المسلمين حائل يمنع رؤيتهم لو هجموا
] [ 560
ف رع :الطائفة االولى ين وون مفارقة االم ام إذا ق اموا معه إلى الثاني ة،
وانتص بوا قيام ا .ولو ف ارقوه بعد رفع ال رأس من الس جود ،ج از ،واالول
أولى .وأما الطائفة الثاني ة ،ف إذا ق اموا إلى ركعتهم الثاني ة ،ال ينف ردون عن
االمام ،كذا قاله الجمه ور .وفيه شئ ي أتي إن ش اء هللا تع الى .ف رع :إذا ق ام
االمام إلى الثانية ،هل يقرأ في انتظاره مجئ الطائفة الثانية ،أم ي ؤخر ليق رأ
معهم ؟ فيه ثالث ط رق .أص حها :على ق ولين .أظهرهم ا :يق رأ الفاتحة
والس ورة بع دها ،ف إذا ج اؤوا ق رأ من الس ورة ( )1ق در الفاتحة وس ورة
قصيرة ،ثم رك ع .والث اني :ال يق رأ ش يئا ،بل يش تغل بما ش اء من التس بيح،
وسائر االذكار .والطريق الثاني :يقرأ ،قوال واح دا .والث الث :إن أراد ق راءة
سورة طويلة بعد الفاتحة ،ق رأ وم دها ،وإن أراد قص يرة ،انتظ رهم .ولو لم
ينتظ رهم وأدرك وه في الرك وع ،أدرك وا الركع ة .وهل يتش هد في انتظ اره
فراغ الثانية من ركعتهم إذا قلنا :يفارقونه ،قبل التشهد ؟ فيه طرق .المذهب:
أنه يتشهد ،وقيل :فيه الطريقان االوالن في القراءة ( .)2قلت :قال أص حابنا:
إذا قلنا :ال يتش هد ،اش تغل في م دة االنتظ ار بالتس بيح وغ يره من االذك ار،
ويس تحب لالم ام أن يخفف االولى ،ويس تحب للط ائفتين التخفيف فيما
ينفردون به .وهللا أعلم .فرع :لو صلى االمام بهم هذه الص الة في االمن هل
تصح ؟ أما صالة
] [ 561
االمام ،ففيها طريقان .أحدهما :صحيحة قطعا ،وقال االك ثرون :في ص حتها
قوالن ،النه ينتظ رهم بغ ير ع ذر .وأما الطائفة االولى ففي ص حة ص التها
القوالن فيمن فارق بغير عذر .وأما الطائفة الثاني ة :ف إن قلن ا :ص الة االم ام
تبط ل ،بطل اقت داؤهم ،وإال ،انعق د ،ثم تب نى ص التهم إذا ق اموا إلى الثانية
على خالف يأتي أنهم منفردون به ا ،أم في حكم االقت داء ؟ إن قلنا ب االول،
ففيها ق والن مبني ان على أص لين .أح دهما :االنف راد بغ ير ع ذر ،والث اني:
االقتداء بعد االنفراد .وإن قلنا :بالثاني ،بطلت صالتهم ،النهم انفردوا بركعة
وهم في القدوة .ولو فرضت الصالة في االمن على رواية ابن عم ر ،بطلت
صالة المأموين قطعا .فرع :إذا صلى المغرب في الخ وف ،ج از أن يص لي
بالطائفة االولى ركع ة ،وبالثانية ركع تين ،وعكس ه .وأيهما أفضل ؟ فيه
ق والن ،أظهرهم ا :ب االولى ركع تين ( ،)1ومنهم من قطع ب ه .ف إن قلن ا:
باالولى ركعة ،فارقته إذا ق ام إلى الثاني ة ،وتتم لنفس ها ،كما ذك راه في ذات
الركع تين .وإن قلن ا :ب االولى ركع تين ،ج از أن ينتظر الثانية في التش هد
االول ،وجاز أن ينتظرهم في القيام الثالث .وأيهما أفضل ؟ قوالن .أظهرهما
( :)2االنتظار في القيام .وعلى هذا هل يق رأ الفاتح ة ،أم يص بر إلى لح وق
الطائفة الثانية ؟ فيه الخالف المتقدم .فرع :إذا كانت صالة الخوف رباعي ة،
ب أن ك انت في الحض ر ،أو أرادوا االتم ام في الس فر ،فينبغي لالم ام أن
يف رقهم فرق تين ،ويص لي بكل طائفة ركع تين ،ثم هل االفضل أن ينتظر
الثانية في التش هد االول ،أم في القي ام الث الث ؟ فيه الخالف المتق دم في
المغرب .ويتشهد بكل طائفة بال خالف .فلو ف رقهم أربع ف رق ،وص لى بكل
فرقة ركع ة ،ب أن ص لى ب االولى ركع ة ،ثم فارقته ( ،)3وص لت ثالثا
وس لمت ،وانتظر قائما فراغها وذهابها ومجئ الثاني ة ،ثم ص لى بالثانية
الثاني ة ،وانتظر جالسا في التش هد االول ،أو قائما في الثالث ة ،وأتم وا
،النفسهم ،ثم صلى بالثالثة الثالثة
] [ 562
وانتظ روا في قي ام الرابع ة ،وأتم وا النفس هم ،ثم ص لى بالرابعة الرابع ة،
وانتظ رهم في التش هد ،ف أتموا وس لم بهم ،ففي ج وازه ق والن .أظهرهم ا:
الجواز ،فعلى هذا قال إم ام الح رمين :ش رطه الحاج ة ،ف إن لم تكن حاج ة،
فهو كفعلهم في ح ال االختي ار .وعلى ه ذا الق ول تك ون الطائفة الرابع ة،
كالثانية في ذات الركعتين ،فيعود الخالف في أنهم يفارقونه قبل التش هد ،أو
يتشهدون معه ،أو يقوم ون بعد س الم االم ام إلى ما عليهم ،وتتش هد الطائفة
الثانية معه على االصح .وعلى الثاني تفارقه قبل التش هد ،وعلى ه ذا الق ول
تصح ص الة االم ام والطائفة الرابع ة ،وفي الطوائف الثالث الق والن فيمن
فارق االمام بغير عذر .وأما إذا قلنا :ال يج وز ذل ك ،فص الة االم ام باطل ة.
ق ال جمه ور االص حاب :تبطل باالنتظ ار الواقع في الركعة الثالث ة ،وهو
ظاهر نص الشافعي رحمه هللا ،وقال ابن س ريج :ب الواقع في الرابع ة .فعلى
قول الجمهور :وجهان .أحدهما :تبطل بمعنى الطائفة الثانية .والثاني :بمع نى
قدر ركعة من انتظاره الثاني .وأما صالة المأمومين ،فص الة الطائفة االولى
والثانية صحيحة ،النهم فارقوه قبل بطالن ص الته ،وص الة الرابعة باطل ة،
إن علمت بطالن ص الة االم ام ،وإال فال .والثالثة كالرابعة على ق ول
الجمهور ،وكاالولين على قول ابن سريج .قلت :جزم االمام الرافعي بصحة
ص الة الطائفة االولى والثانية على ه ذا الق ول ،وليس هو ك ذلك ،بل فيهما
الق والن فيمن ف ارق بغ ير ع ذر ،كما قلنا في الطوائف الثالث على ق ول
صحة صالة االمام .وهذا ال بد منه ،وصرح به جماعة من أصحابنا .وحكى
القاضي أبو الطيب وص احب (الش امل) وآخ رون وجها ض عيفا أن المبطل
للطائفة الرابعة أن تعلم أنه انتظ ار رابع وإن جهلت كونه مبطال .وهللا أعلم.
ولو فرقهم في المغرب ثالث فرق ،وصلى بكل فرقة ركعة ،وقلنا :ال يجوز
ذلك ،فصالة جميع الطوائف ص حيحة عند ابن س ريج .وأما عند الجمه ور،
فتبطل الثالثة إن علموا بطالن صالة االمام .وإذا اختص رت الرباعي ة ،قلت
( :)1ففيها أربعة أقوال .أظهرها :صحة صالة االمام والقوم جميعا .والثاني:
ص حة ص الة االم ام ،والطائفة الرابعة فق ط .والث الث :بطالن ص الة االم ام
وصحة صالة الطائفة االولى
] [ 563
والثاني ة .والف رق في حق الثالثة والرابعة بين أن يعلم وا بطالن ص الة
االمام ،أم ال .والرابع :صحة الثالثة ال محالة ،والب اقي ،ك القول الث الث وهو
قول ابن سريج .قلت :وقول خامس :وهو بطالن ص الة الجمي ع .ولو ف رقهم
فرقتين فصلى بفرقة ركعة ،بالثانية ثالثا ،أو عكسه .ق ال أص حابنا :ص حت
صالة االمام وجميعهم بال خالف ،وكانت مكروهة ،ويسجد االم ام والطائفة
الثانية سجود السهو ،للمخالفة باالنتظار في غ ير موض عه .هك ذا ص رح به
أصحابنا .ونقله ص احب (الش امل) عن نص الش افعي رحمه هللا ق ال :وه ذا
يدل على أنه إذا ف رقهم أربع ف رق .وقلن ا :ال تبطل ص التهم ،فعليهم س جود
الس هو .وق ال ص احب (التتم ة) :ال خالف في ه ذه الص ورة أن الص الة
مكروهة ،الن الش رع ورد بالتس وية بين الط ائفتين ق ال :وهل تصح ص الة
االم ام ،أم ال ؟ إن قلن ا :إذا ف رقهم أربع ف رق تص ح ،فهنا أولى ،وإال ،فقد
انتظر في غ ير موض عه ،فيك ون كمن قنت في غ ير موض عه .ق ال :وأما
المأمومون ،فعلى التفصيل فيما إذا فرقهم أربع فرق ،وه ذا ال ذي قاله ش اذ،
والصواب ق دمناه عن نص الش افعي واالص حاب .وهللا أعلم .ف رع :لو ك ان
الخ وف في بلد وحض رت ص الة الجمع ة ،فالم ذهب والمنص وص :أن لهم
يص لوها على هيئة ص الة ذات الرق اع ،وقي ل :في جوازها ق والن .وقي ل:
وجهان .ثم للجواز شرطان .أحدهما :أن يخطب بجميعهم ،ثم يفرقهم فرقتين،
أو يخطب بفرق ة ،ويجعل منها مع كل واحد من الفرق تين أربعين فص اعدا.
فأما لو خطب بفرقة وص لى ب أخرى ،فال يج وز .والث اني أن تك ون الفرقة
االولى أربعين فص اعدا ،فلو نقصت عن االربعين ،لم تنعقد الجمع ة .ولو
نقصت الفرقة الثانية عن أربعين ،فطريقان .أح دهما :ال يض ر .والث اني :أنه
كالخالف في االنفضاض .قلت :االصح :ال يض ر ،وبه قطع البن دنيحي (.)1
وهللا أعلم .أما لو خطب بهم ،ثم أراد أن يص لي بهم ص الة عس فان ،فهي
أولى بالجواز من ص الة ذات الرق اع .وال تج وز كص الة بطن نخ ل ،إذ ال
.تقام جمعة بعد جمعة
] [ 564
ف رع :ص الة ذات الرق اع أفضل من ص الة بطن نخل على االص ح ،النها
أعدل بين الطائفتين ،والنها ص حيحة باالتف اق .وتلك ص الة مف ترض خلف
متنفل ،وفي صحته خالف للعلماء ( .)1والثاني -وهو ق ول أبي إس حاق :-
بطن النخل أفض ل ،لتحصل لكل طائفة فض يلة الجماعة بالتم ام .ف رع :إذا
سها بعض المأمومين في صالة ذات الرق اع على الرواية المخت ارة ،نظ ر،
إن سهت الطائفة االولى في الركعة االولى ،فسهوها محمول ،النها مقتدي ة،
وسهوها في الثانية غير محمول ،النقطاعها عن االمام .وفي ابتداء االنقطاع
وجه ان .أح دهما :من االنتص اب قائم ا .والث اني :من رفع االم ام رأسه من
السجود الثاني ،فعلى ه ذا لو رفع رأسه وهم بعد في الس جود فس هوا ،فغ ير
محمول .ولك أن تقول :قد نصوا على أنهم ينوون المفارقة عند رفع الرأس،
أو االنتصاب ،فال مع نى للخالف في ابت داء االنقط اع ،بل ينبغي أن تقتصر
على وقت نية المفارقة .وأما الطائفة الثانية ،فسهوها في الركعة االولى غير
محمول ،وفي الثانية محمول على االص ح ،ويج ري الوجه ان في المزح وم
في الجمعة إذا سها في وقت تخلفه ،وأجروهما فيمن صلى منفردا ،فس ها ثم
اقتدى وتممها مأموما وجوزن اه ،واس تبعد االم ام ه ذا ،وق ال :الوج ه :القطع
بأن حكم السهو ال يرتفع بالقدوة الالحقة .هذا إذا قلنا :الطائفة الثانية يقومون
للركعة الثانية إذا جلس االمام للتشهد ،فأما إذا قلنا بالق ديم :إنهم يقوم ون بعد
س المه ،فس هوهم في الثانية غ ير محم ول قطع ا ،كالمس بوق .أما إذا س ها
االمام ،فينظر ،إن س ها في الركعة االولى ،لحق س هوه الط ائفتين ،ف االولى
تس جد إذا تمت ص التهم ،فلو س ها بعض هم في ركعته الثاني ة ،فهل يقتصر
على س جدتين ،أم يس جد أربعا ؟ فيه الخالف المتق دم في باب ه ،واالصح
سجدتان .والطائفة الثانية يسجدون مع االم ام في آخر ص الته .وإن س ها في
الركعة
] [ 565
الثانية ،لم يلحق سهوه الطائفة االولى ،وتس جد الثانية معه في آخر ص الته.
ولو س ها في انتظ اره إي اهم ،فهل يلحقهم ذلك الس هو ؟ فيه الخالف المتق دم
في أنه هل يحمل س هوهم والحالة ه ذه ؟ ف رع :هل يجب حمل الس الح في
صالة ذات الرقاع ،وعسفان ،وبطن نخل ؟ فيه طرق .أصحها :على ق ولين.
أظهرهم ا :يس تحب ( .)1والث اني :القطع باالس تحباب .والث الث :بااليج اب.
والرابع :أن ما يدفع به عن نفسه ،كالسيف والسكين يجب ،وما ي دفع به عن
نفسه وغ يره ،ك الرمح والق وس ( ،)2ال يجب .وللخالف ش روط .أح دها
طه ارة المحم ول ،ف النجس كالس يف ال ذي عليه دم ،أو س قي س ما نجس ا،
والنبل المريش ب ريش ما ال يؤكل لحم ه ،أو ب ريش ميت ة ،ال يج وز حمل ه.
الثاني :أن ال يك ون مانعا بعض أرك ان الص الة ،ف إن ك ان كالبيضة المانعة
من مباشرة الجبه ة ،لم يحمل بال خالف ( .)3الث الث :أن ال يت أذى به أح د،
ك الرمح في وسط الق وم فيك ره .الراب ع :أن يخ اف من وضع الس الح خطر
على سبيل االحتمال ( ،)4فأما إذا تع رض للهالك ظ اهرا لو ترك ه ،فيجب
االخذ قطعا ( .)5واعلم أن االص حاب ترجم وا المس ألة بحمل الس الح (.)6
قال إمام الحرمين :وليس الحمل متعينا ،بل لو وضع
] [ 566
السيف عن يديه ،وكان مد اليد إليه في الس هولة ،كم دها إليه وهو محم ول،
كان ذلك في حكم الحمل قطعا ( .)1ق ال ابن كج :يقع الس الح على الس يف،
والسكين ،والقوس ،والرمح ،والنشاب ونحوه ا .فأما ال ترس وال درع ،فليس
بس الح .وإذا أوجبنا حمل الس الح فترك ه ،لم تبطل ص الته قطعا ( .)2قلت:
ويجوز ترك السالح للعذر بمرض ،أو أذى من مطر أو غيره ( .)3قال في
(المختصر) :أكره أن يصلي صالة الخ وف ،يع ني ص الة ذات الرق اع بأقل
من ثالثة ،وفي وج ه :الع دو ثالث ة ،والثالثة أقل الطائف ة .ولو ص لى بواحد
واحد ،جاز .وهللا أعلم .النوع الرابع :ص الة ش دة الخ وف .ف إذا التحم القت ال
ولم يتمكنوا من تركه بحال ،لقلتهم ،وك ثرة الع دو ،أو اش تد الخ وف وإن لم
يلتحم القتال ،فلم يأمنوا أن يركبوا أكتافهم ،لو ( )4ول وا عنهم ،أو انقس موا،
ص لوا بحسب االمك ان ،وليس لهم الت أخير عن ال وقت .ويص لون ركبانا
ومشاة ،ولهم ت رك اس تقبال القبلة إذا لم يق دروا عليه ا ،ويج وز اقت داء ()5
بعضهم ببعض مع اختالف الجهة ،كالمصلين حول الكعبة وفيه ا .قلت :ق ال
أصحابنا :وصالة الجماعة في هذه الحالة أفضل من االنفراد ،كحالة االمن (
.)6.وهللا أعلم
] [ 567
وإنما يعفى عن ترك استقبال القبلة إذا كان بسبب الع دو ( ،)1فلو انح رف
عن القبلة بجم اح الداب ة ،وط ال الزم ان ،بطلت ص الته .وإذا لم يتمكن من
إتمام الركوع والسجود ،اقتصروا على االيماء بهما وجعلوا الس جود أخفض
من الركوع ،وال يجب على الماشي استقبال القبلة في الركوع وال الس جود،
وال التح رم ،وال وضع الجبهة على االرض ،فإنه يخ اف الهالك ،بخالف
المتنفل في السفر ،ويجب االحتراز عن الص ياح بكل ح ال بال خالف (،)2
فإنه ال حاجة إليه ،وال بأس باالعمال القليلة ،فانها محتملة في غير الخوف،
ففيه أولى .وأما االفع ال الكث يرة ،كالطعن ات ،والض ربات المتوالي ة ،فهي
مبطلة إن لم يحتج إليها ( ،)3ف إن احت اج ،فثالثة أوج ه .أص حها عند
االك ثرين وبه ق ال ابن س ريج ،والقف ال :ال تبط ل .والث اني :تبط ل .حك اه
العراقيون عن ظاهر النص .والثالث :تبطل إن ك ان في ش خص واح د ،وال
تبطل في أش خاص ،وع بر بعض هم عن االوجه ب االقوال .ف رع :لو تلطخ
سالحه بالدم ( ،)4فينبغي أن يلقيه ( ،)5أو يجعله في قرابه تحت ركابه إلى
أن يف رغ من ص الته إن احتمل الح ال ذل ك ،ف إن احت اج إلى إمس اكه ،فله
إمساكه ( ،)6ثم هل يقضي نقل إمام الحرمين عن االص حاب ،أنه يقضي (
)7لندور عذره ثم منعه ،وق ال :تلطخ الس الح بال دم من االع ذار العامة في
حق المقاتل ،وال سبيل إلى تكليفه تنحية السالح ،فتلك النجاسة ضرورية في
حقه كنجاسة
] [ 568
المستحاضة في حقه ا ،ثم جعل المس ألة على ق ولين مرت بين على الق ولين
فيمن ص لى في موضع تنجس ،وه ذه الص ورة أولى بع دم القض اء اللح اق
الشرع القتال بسائر مسقطات القضاء في سائر المحتمالت ،كاستدبار القبلة،
وااليماء بالركوع والسجود .فرع :تقام ص الة العي دين ،والكس وفين في ش دة
الخوف ،النه يخ اف فوتهم ا ،وال تق ام ص الة االستس قاء ( .)1ف رع :تج وز
صالة شدة الخوف في كل ما ليس بمعصية ( )2من أنواع القتال ،وال تجوز
في المعصية ،فتجوز في قتال الكفار ،والهل العدل في قتال البغ اة ،وللرفقة
( )3في قطاع الطريق ،وال تجوز للبغاة والقطاع ،ولو قصد نفس رج ل ،أو
حريمه ،أو نفس غيره ،أو حريمه ،وأشغل بالدفع ،ص لى ه ذه الص الة .ولو
قصد ماله ،نظر ،إن كان حيوانا ،فكذلك ،وإال فق والن .أظهرهم ا :جوازه ا.
والثاني :ال .أما إذا ولوا ظهورهم الكفار منهزمين ،فننظر ،إن كان يحل لهم
ذلك بأن يكون في مقابلة كل مسلم أكثر من كافرين ،أو ك ان متحرفا لقت ال،
أو متحيزا إلى فئة ،جازت هذه الص الة ،وإال فال ،النه معص ية .ولو انه زم
الكفار وتبعهم المسلمون ،بحيث لو ثبت وا وأكمل وا الص الة ،ف اتهم الع دو ،لم
تجز هذه الص الة ،وإن خ افوا كمينا أو ك رتهم ،ج ازت .ف رع :الرخصة في
هذا النوع ال تختص بالقتال ،بل يتعلق بالخوف مطلقا .فلو هرب في س يل (
،)4أو حريق ولم يجد مع دال عن ه ،أو ه رب من س بع ،فله ص الة ش دة
الخوف .والمديون المعسر العاجز عن بينة االعس ار وال يص دقه المس تحق،
ولو ظفر به حبس ه ،له أن يص ليها هارب ا ،على الم ذهب .وحكي عن
(االمالء) أن من طلب ال ليقت ل ،بل ليحبس أو يؤخذ منه ش ئ :ال يص ليها.
ولو كان عليه قصاص
] [ 569
يرجو العفو عنه ( )1إذا س كن الغض ب ،ق ال االص حاب :له أن يه رب
ويص لي ص الة ش دة الخ وف في هرب ه ،واس تبعد االم ام ج واز هربه به ذا
التوق ع .ف رع :المح رم إذا ض اق وقت وقوفه ( ،)2وخ اف ف وت الحج ،إن
صلى متمكنا ،فيه أوجه للقفال .أحدها :يؤخر الصالة ويحصل الوق وف ،الن
قضاء الحج صعب .والثاني :يصلي صالة شدة ( )3الخوف فيحصل الصالة
والحج .والث الث :تجب الص الة على االرض مس تقرا ،ويف وت الحج ،لعظم
حرمة الصالة ،وال يصلي صالة الخوف ،النه محصل ال هارب ،ويشبه أن
يك ون ه ذا الوجه أوفق لكالم االئم ة .قلت :ه ذا الوجه ض عيف ،والص واب
االول ،فإنا جوزنا تأخير الصالة المور ال تقارب المشقة فيها ه ذه المش قة،
كالتأخير للجمع .وهللا أعلم .فرع :لو رأوا سوادا إبال أو شجرا ،فظنوه عدوا،
فصلوا صالة شدة الخوف ،فبان الحال ،وجب القضاء على االظهر ( ،)4ثم
قيل :القوالن فيما إذا أخبرهم بالعدو ثقة وغلط .ف إن لم يكن إال ظنهم ،وجب
القضاء قطعا .وقي ل :الق والن فيما إذا ك انوا في دار الح رب لغلبة الخ وف،
فإن كانوا في دار االسالم ،وجب القضاء قطعا .والمذهب جريان القولين في
جميع االحوال .ولو تحققوا الع دو ،فص لوا ص الة ش دة الخ وف ،ثم ب ان أنه
كان دونهم حائل من خندق ،أو ماء ،أو ن ار ( ،)5أو ب ان أنه ك ان بق ربهم
حصن يمكنهم التحصن به ،أو ظنوا أن بإزاء كل مسلم أك ثر من مش ركين،
فصلوها منهزمين ،ثم ب ان خالف ذل ك ،فحيث أجرينا في الص ورة الس ابقة
القولين ( ،)6جريا في هذه ونظائرها ،وقيل :يجب القضاء هنا
] [ 570
قطعا .قال صاحب (التهذيب) :ولو صلوا في ه ذه االح وال ص الة عس فان،
اطرد القوالن .ولو صلوا صالة ذات الرقاع -ف إن جوزناها في ح ال االمن
-فهنا أولى ،وإال ج رى الق والن ( .)1ف رع :لو ك ان يص لي متمكنا على
االرض مستقبل القبل ة ،فح دث خ وف في أثن اء الص الة ف ركب ،فطريق ان.
أح دهما :على ق ولين .أح دهما :تبطل ص الته فيس تأنف .والث اني :ال تبطل
فيب ني .والطريق الث اني وهو الم ذهب ( :)2أنه إن لم يكن مض طرا إلى
الرك وب وك ان يق در على القت ال وإتم ام الص الة راجال ،ف ركب احتياط ا،
وجب االستئناف .وإن اضطر بنى .وعلى هذا :إن قل فعله في ركوب ه ،ب نى
بال خالف ،وإن كثر ،فعلى الوجهين في العمل الكث ير للحاج ة .أما إذا ك ان
يصلي راكبا صالة شدة الخوف ،فأمن ونزل ،فنص الش افعي أنه يب ني وهو
الم ذهب ( .)3وقي ل :إن حصل في نزوله فعل قلي ل ،ب نى ،وإن ك ثر ،فعلى
ال وجهين .ق ال ص احب (الش امل) وغ يره :يش ترط في بن اء الن ازل أن ال
يس تدبر القبلة في نزول ه ،ف إن اس تدبر ،بطلت ص الته .قلت :ص رح أيضا
القاضي أبو الطيب وص احب (المه ذب) وآخ رون بأنه إذا اس تدبر القبلة في
نزوله ،بطلت صالته .وهذا متفق عليه .واتفقوا على أنه إذا لم يستدبرها ،بل
انح رف يمينا وش ماال ،فهو مك روه ال تبطل ص الته ،وعلى أنه إذا أمن،
.وجب النزول في الحال ،فإن أخر ،بطلت ( .)4وهللا أعلم
] [ 571
ب اب ما يج وز لبسه للمح ارب وغ يره وما ال يج وز يج وز للرجل لبس
الحرير ( )1في حال مفاجأة ( )2القتال إذا لم يجد غيره ( ،)3وكذلك يجوز
أن يلبس منه ما هو وقاية القتال ،كالديباج ( )4الصفيق الذي ال يق وم غ يره
مقامه ( ،)5وفي وجه :يجوز اتخاذ القباء ونحوه ،مما يصلح في الحرب من
الحرير ،ولبسه فيها على االطالق ،لما فيه من حسن الهيئة وزينة االس الم،
كتحلية السيف ،والصحيح تخصيصه بحالة الضرورة .فرع :للش افعي رحمه
هللا ( )6تعالى نصوص مختلفة في جواز استعمال االعيان النجس ة .فقيل في
أن واع اس تعمالها كلها ق والن .والم ذهب :التفص يل ،فال يج وز في الث وب
والب دن إال للض رورة ،ويج وز في غيرهما إن ك انت نجاسة مخفف ة ،ف إن
ك انت مغلظة -وهي نجاسة الكلب والخ نزير -فال .وبه ذا الطريق ق ال أبو
بكر الفارسي ( )7والقف ال وأص حابه .فال يج وز لبس جلد الكلب والخ نزير
في حال االختيار ،الن الخنزير ال يجوز االنتف اع به في حياته بح ال ،وك ذا
الكلب ،إال في أغ راض مخصوص ة ،فبعد موتهما أولى .ويج وز االنتف اع
بالثي اب النجسة ولبس ها في غ ير الص الة ونحوه ا ،ف إن فاجأته ح رب ،أو
خ اف على نفسه لح ر ،أو ب رد ،ولم يجد غ ير جلد الكلب والخ نزير ،ج از
لبسهما .وهل يجوز لبس جلد الشاة الميتة ،وسائر الميتات في حال االختي ار
؟ وجهان .أصحهما :التحريم .ويجوز أن يلبس هذه الجلود فرسه وأداته ،وال
يجوز استعمال جلد الكلب والخنزير في ذلك وال غيره ،ولو
] [ 572
جلل كلبا ،أو خنزيرا .بجلد كلب ،أو خنزير ،جاز على االصح ،الس توائهما
في غلظ النجاسة ( .)1وأما تس ميد االرض بالزب ل ،فج ائز .ق ال إم ام
الحرمين :ولم يمنع منه أحد .وفي كالم الص يدالني ما يقتضي الخالف فيه (
)2ويج وز االستص باح بال دهن النجس على المش هور ( ،)3وس واء نجس
بعارض ،أو ك ان نجس العين ،ك ودك الميت ة ،ودخ ان النجاس ة ،نجس على
االصح ( ،)4فإن نجسناه عفي عن
] [ 573
قليله ،والذي يصيبه في االستصباح قليل ،ال ينجس غالب ا .فصل فيما يج وز
لبسه في ح ال االختي ار وما ال يج وز ؟ ويح رم على الرجل والخن ثى لبس
الحرير والديباج ،ويج وز للنس اء .وفي تحريمه على الخن ثى احتم ال .والقز
كالحرير ،على المذهب .ونقل االمام االتفاق عليه .وحكي في إباحته وجهان.
وفي المركب من الحرير وغيره طريقان .المذهب والذي قطع به الجمه ور:
أنه إن كان الحرير أكثر وزنا ،حرم ،وإن كان غ يره أك ثر ،لم يح رم ،وإن
استويا ،لم يحرم على االصح .والطريق الثاني قاله القفال :إن ظهر الحرير،
حرم وإن قل وزنه ،وإن استتر ،لم يحرم وإن كثر وزنه .ف رع :يج وز لبس
المطرف والمط رز بال ديباج ،بش رط االقتص ار على ع ادة التطري ف ،ف إن
جاوزها ،حرم ،ويش رط ( )1أن ال يج اوز الط راز ق در أربع أص ابع ،ف إن
جاوز ،حرم ( .)2الترقيع بالديباج ،كالتطريز .ولو خاط ثوبا بإبريس م ،ج از
لبسه ،بخالف الدرع المنسوجة بقليل الذهب ،فإنه حرام لك ثرة الخيالء في ه.
ولو حشا القباء أو الجبة بالحرير ،جاز على الصحيح المنصوص الذي قطع
به الجمهور ( .)3ولو كانت بطانة الجبة حريرا ،ح رم لبس ها .ف رع :تح ريم
الحرير على الرجال ال يختص ب اللبس ،بل افتراش ه ،والت دثر ب ه ،واتخ اذه
س ترا ،وس ائر وج وه االس تعمال ،ح رام .وفي وجه ش اذ :يج وز للرج ال
الجل وس على الحري ر ،وهو منكر وغل ط ،ويح رم على النس اء اف تراش
.الحرير على االصح
] [ 574
قلت :االص ح ،ج واز افتراش هن ،وبه قطع العراقي ون ،والمت ولي ،وغ يره.
وهللا أعلم .وهل للولي إلباس الصبي الحرير ؟ فيه أوجه .أصحها :يجوز قبل
سبع سنين ،ويحرم بعدها ،وبه قطع البغوي .والثاني :يجوز مطلقا .والث الث:
يح رم مطلق ا .قلت :االصح الج واز مطلق ا ،ك ذا ص ححه المحقق ون ،منهم
ال رافعي في (المح رر) وقطع به الف وراني .ق ال ص احب (البي ان) :هو
المشهور .ونص الشافعي واالصحاب :على تزيين الص بيان ي وم العيد بحلي
ال ذهب ،والمص بغ ،ويلحق به الحرير ( .)1وهللا أعلم .ف رع :يج وز لبس
الحرير في موضع الض رورة -كما قلنا -إذا فاجأته الح رب ،أو احت اج
لح ر ،أو ب رد ،ويج وز للحاجة ك الجرب .وفيه وج ه :أنه ال يج وز ،وهو
منكر .ويج وز ل دفع القمل في الس فر ،وك ذا في الحضر على االص ح .قلت:
قال أص حابنا :يج وز لبس الكت ان ،والقطن ،والص وف ،والخ ز ،وإن ك انت
نفيسة غالية االثمان ،الن نفاستها بالصنعة .قال صاحب (البيان) :يحرم على
الرجل لبس الثوب المزعفر .ونقل ال بيهقي وغ يره عن الش افعي رحمه هللا:
أنه نهى الرجل عن [ المزعفر ،وأباح له المعصفر .قال البيهقي :والص واب
إثبات نهي الرجل عن ] ( )2المعصفر أيضا ،لالحاديث الصحيحة فيه .قال:
وبه قال الحليمي .ق ال :ولو بلغت أحاديثه الش افعي ،لق ال به ا ،وقد أوص انا
بالعمل
] [ 575
بالح ديث الص حيح .ق ال الش يخ أبو الفتح نصر المقدسي ( :)1يح رم تنجيد
ال بيوت بالثي اب المص ورة وبغ ير المص ورة ،س واء فيه الحرير وغ يره،
والصواب في غير الحرير والمصور الكراهة دون التح ريم ( .)3( )2ق ال
صاحب (التهذيب) :ولو بسط فوق الديباج ثوب قطن وجلس علي ه ،أو جلس
على جبة محشوة بالحرير ،جاز ،ولو حشا المخدة بإبريسم ،ج از اس تعمالها
على الصحيح ،كما قلنا في الجبة .قال إمام الحرمين :وظاهر كالم االئمة أن
من لبس ثوبا ظهارته وبطانته قطن ،وفي وسطه حرير منسوج ،جاز .ق ال:
وفيه نظر .ويكره أن يمشي في نعل واحدة ،أو خف واحد ،ويك ره أن يتنعل
قائما .والمستحب في لبس النعل وشبهه ،أن يبدأ باليمين ،ويبدأ بخلع اليسار،
وال يكره لبس خ اتم الرص اص والحديد والنح اس على الص حيح ،وبه قطع
في (التتمة) .ويجوز لبس خاتم الفضة للرجل في يمينه ( ،)4يساره ،كالهما
سنة ،لكن اليمين أفضل على الصحيح المختار .ويجوز للرجال والنساء لبس
الث وب االحمر واالخضر وغيرهما من المص بوغات بال كراه ة ،إال ما
ذكرنا في المزعفر والمعص فر للرج ال .ق ال ص احب (التتم ة) و (البح ر):
يكره لبس الثي اب الخش نة لغ ير غ رض ش رعي ،ويح رم إطالة الث وب عن
الكعبين للخيالء ،ويكره لغ ير الخيالء ،وال ف رق في ذلك بين ح ال الص الة
وغيره ا ،والس راويل واالزار في حكم الث وب .وله لبس العمامة بعذبة
وبغيرها ،وحكم إطالة عذبتها حكم إطالة
] [ 576
الثوب .فقد روينا في (سنن أبي داود) والنسائي وغيرهما بإسناد حسن (،)2
أن النبي (ص) قال( :االس بال في االزار والقميص والعمام ة ،من جر ش يئا
.خيالء لم ينظر هللا إليه (يوم القيامة) .وهللا أعلم
] [ 577
كت اب ص الة العي دين ( )1هي س نة على الص حيح المنص وص ( .)2وعلى
الث اني :ف رض كفاية ( .)3ف إن اتفق أهل بلد على تركه ا ،قوتل وا إن قلن ا:
ف رض كفاي ة .وإن قلن ا :س نة ،لم يق اتلوا على االصح ( ،)4وي دخل وقتها
بطلوع الشمس .واالفضل تأخيرها إلى أن ترتفع قدر رمح ( ،)5كذا صرح
به كث ير من االص حاب ،منهم ص احب (الش امل) و (المه ذب) والروي اني
ومقتضى كالم جماع ة ،منهم :الص يدالني ،وص احب (الته ذيب) أنه ي دخل
باالرتف اع ( ،)6واتفق وا على خ روج ال وقت ب الزوال .قلت :الص حيح ،أو
االصح ،دخ ول وقتها ب الطلوع .وهللا أعلم .ف رع :الم ذهب والمنص وص في
الكتب الجديدة كلها ،أن صالة العيد تشرع
] [ 578
للمنفرد في بيته أو غيره ،وللمسافر والعبد والمرأة ( ،)1وقي ل :فيه ق والن.
الجديد :هذا .والق ديم :أنه يش ترط فيها ش روط الجمعة من اعتب ار الجماع ة،
والعدد بصفات الكم ال ،وغيرهم ا ،إال أنه يج وز فعلها خ ارج البل د ،ومنهم
من منعه ،ومنهم من جوزها بدون االربعين على هذا ،وخطبتها بع دها .ولو
ت ركت الخطب ة ،لم تبطل الص الة .وإذا قلنا بالم ذهب ،فص الها المنف رد ،لم
يخطب على الص حيح .وإن ص الها مس افرون ،خطب إم امهم .فصل في
ص فة ص الة العيد هي :ركعت ان .ص فتها في االرك ان والس نن والهي آت
كغيرها ،وينوي بها صالة العيد .هذا أقلها ،واالكمل أن يقرأ دعاء االستفتاح
عقب االح رام ،كغيره ا ،ثم يك بر في االولى س بع تكب يرات س وى تكب يرة
االحرام والركوع .وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام من السجود والهوي
إلى الركوع .وقال المزني :التكبيرات في االولى ست .ولنا قول ش اذ منك ر:
أن دع اء االس تفتاح يك ون بعد ه ذه التكب يرات ،ويس تحب أن يقف بين كل
تكبيرتين من الزوائد ق در ق راءة آية ال طويلة وال قص يرة ،يهلل هللا تع الى
ويكبره ويمجده .هذا لفظ الشافعي .قال االكثرون :يقول( :سبحان هللا ،والحمد
هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أك بر) ولو زاد ،ج از .ق ال الص يدالني عن بعض
االصحاب :يقول( :ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد بيده
الخ ير وهو على كل شئ ق دير) ( .)2وق ال ابن الص باغ :لو ق ال ما اعت اده
الن اس( :هللا أك بر كب يرا .والحمد هلل كث يرا ،وس بحان هللا بك رة وأص يال،
.وصلى هللا على محمد وآله وسلم كثيرا) كان حسنا ()3
] [ 579
قلت :وقال االم ام أبو عبد هللا محمد بن عبد هللا بن مس عود المس عودي ()1
من أصحابنا يقول( :سبحانك اللهم وبحمدك ،وتبارك اسمك ،وتع الى ج دك،
وجل ثناؤك ،وال إله غيرك) .وهللا أعلم .وال يأتي به ذا ال ذكر عقب الس ابعة
والخامسة في الثانية ،بل يتعوذ عقب السابعة ،وكذا عقب الخامسة ،إن قلن ا:
يتعوذ في كل ركعة ،وال يأتي به بين تكب يرة االح رام واالولى من الزوائ د.
قلت :وأما في الركعة الثاني ة ،فق ال إم ام الح رمين :ي أتي به قبل االولى من
الخمس ،والمخت ار ال ذي يقتض يه كالم االص حاب أنه ال ي أتي به كما في
االولى .وهللا أعلم .ثم يق رأ الفاتح ة ،ثم يق رأ بع دها في االولى( :ق) .وفي
الثاني ة( :اق تربت الس اعة) .قلت :وثبت في (ص حيح مس لم) ( )2أن الن بي
(ص) قرأ فيهما (سبح اسم ربك االعلى) و (وهل أتاك) فهو سنة أيضا .وهللا
أعلم .فرع :يستحب رفع الي دين في التكب يرات الزوائ د ،ويضع اليم نى على
اليسرى بين كل تكب يرتين .وفي (الع دة) ما يش عر بخالف في ه .ولو شك في
عدد التكبيرات ،أخذ باالقل ( ،)3ولو كبر ثماني تكب يرات ،وشك هل ن وى
التح ريم ( )4بواح دة منها ؟ فعليه اس تئناف الص الة ( ،)5ولو شك في
التكبيرة التي نوى التحريم ( )6بها ،جعلها االخيرة ،وأعاد الزوائد ( .)7ولو
،صلى خلف من يكبر ثالثا أو ستا
] [ 580
تابعه ،وال يزيد عليه على االظهر ( .)1ولو ترك الزوائد ،لم يسجد للس هو.
قلت :ويجهر ب القراءة والتكب يرات ،ويسر بال ذكر بينهما ( .)2وهللا أعلم.
ف رع :لو نسي التكب يرات الزوائد في ركع ة ،فت ذكر في الرك وع أو بع ده،
مضى في صالته ولم يكبر ،ف إن ع اد إلى القي ام ليك بر ،بطلت ص الته .فلو
تذكرها قبل الركوع وبعد القراءة ،فقوالن .الجديد االظه ر :ال يك بر ،لف وات
محله .والقديم :يكبر ،لبقاء القي ام ،وعلى الق ديم :لو ت ذكر في أثن اء الفاتح ة،
قطعها وكبر ،ثم استأنف القراءة .وإذا ت دارك التكب ير بعد الفاتح ة ،اس تحب
استئنافها ،وفيه وجه ضعيف :أنه يجب ،ولو أدرك االم ام في أثن اء الق راءة
وقد ك بر بعض التكب يرات ،فعلى الجدي د ،ال يك بر ما فات ه .وعلى الق ديم:
يك بر ،ولو أدركه راكع ا ،ركع مع ه ،وال يك بر باالتف اق ،ولو أدركه في
الركعة الثانية ،كبر معه خمسا على الجديد ،فإذا ق ام إلى ثانيت ه ،ك بر أيضا
خمسا .فصل في خطبة العيد :فإذا فرغ االمام من صالة العيد ،صعد المنبر،
وأقبل على الناس بوجهه وسلم .وهل يجلس قبل الخطبة ؟ وجهان .الص حيح
المنص وص :يجلس كخطبة الجمعة ( .)3ثم يخطب خطب تين ،أركانهما
كأركانهما في الجمعة ( ،)4ويق وم فيهم ا ،ويجلس بينهم ا ،كالجمع ة ،لكن
يجوز هنا القع ود فيهما مع الق درة على القي ام .ويس تحب أن يعلمهم في عيد
الفطر أحكام ص دقة الفط ر ،وفي االض حى أحك ام االض حية .ويس تحب أن
يفتح الخطبة االولى بتسع تكب يرات متوالي ات ،والثانية بس بع .ولو أدخل
،بينهما الحمد والتهليل والثناء ،جاز
] [ 581
وذكر بعضهم :أن صفتها ،كالتكبيرات المرسلة والمقي دة ال تي س نذكرها إن
ش اء هللا تع الى .قلت :نص الش افعي وكث يرون من االص حاب على أن ه ذه
التكب يرات ليست من الخطب ة ،وإنما هي مقدمة له ا ،ومن ق ال منهم :تفتتح
الخطبة ب التكبيرات ،يحمل كالمه على موافقة النص ال ذي ذكرت ه ،الن
افتتاح الشئ قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفس ه ،فاحفظ ه ذا فانه
مهم خفي .وهللا أعلم .يس تحب للن اس اس تماع الخطب ة .ومن دخل واالم ام
يخطب ،فإن كان في المصلى ،جلس واستمع ،ولم يصل التحية ،ثم إن ش اء
صلى صالة العيد في الص حراء ،وإن ش اء ص الها إذا رجع إلى بيته (،)1
وإن كان في المسجد ،استحب له التحية ،ثم قال أبو إسحاق :لو صلى العيد،
كان أولى ،وحصلت ( )2التحي ة ،كمن دخل المس جد وعليه مكتوبة ففعله ا،
ويحصل بها التحي ة ،وق ال ابن أبي هري رة :يص لي التحي ة ،وي ؤخر ص الة
العيد إلى ما بعد الخطبة ،واالول أصح عند االكثرين .ولو خطب االمام قبل
الص الة ،فقد أس اء وفي االعت داد بخطبته احتم ال الم ام الح رمين .قلت:
الص واب وظ اهر نصه في (االم) :أنه ال يعتد به ا ،كالس نة الراتبة بعد
الفريضة إذا قدمها .وهللا أعلم .فصل :صالة العيد تجوز في الص حراء ،وفي
الج امع ،وأيهما أفضل ؟ إن ك ان بمك ة ،فالمس جد أفضل قطع ا .وألحق به
الصيدالني :بيت المقدس ( .)3وإن كان بغيرهما ،فإن كان عذر ،كمط ر ،أو
ثلج ،فالمسجد أولى ،وإال ،فإن ضاق
] [ 582
المس جد ،فالص حراء أفضل ( ،)1بل يك ره فعلها في المس جد .ف إن ك ان
واسعا ،فوجهان .أصحهما وبه قطع العراقيون ،وصاحب (التهذيب) وغ يره:
المسجد أولى .والثاني :الصحراء .وإذا خرج االم ام إلى الص حراء اس تخلف
من يص لي بض عفة الن اس ( .)2وإذا ص لى في المس جد وحضر الحيض،
وقفن بباب المسجد ،وهذا الفصل تفريع على المذهب في جواز ص الة العيد
في غ ير البل د ،وجوازها من غ ير ش روط الجمع ة ،وفيه الخالف المتق دم.
فصل في الس نن المس تحبة ليلة العيد ويوم ه :فيس تحب التكب ير المرسل
بغروب الشمس في العيدين جميع ا ،كما س يأتي بيانه في فصل التكب يرات (
،)3إن شاء هللا تعالى .ويستحب استحبابا متأكدا ،إحياء ليلتي العيد بالعب ادة
( .)4قلت :وتحصل فضيلة االحياء بمعظم الليل ،وقي ل :تحصل بس اعة .وقد
نقل الش افعي رحمه هللا في (االم) ( )5عن جماعة من خي ار أهل المدينة ما
يؤي ده .ونقل القاضي حس ين عن ابن عب اس :أن إحي اء ليلة العيد أن يص لي
العش اء في جماع ة ،ويع زم أن يص لي الص بح في جماع ة ،والمخت ار ما
قدمته .ق ال الش افعي رحمه هللا :وبلغنا أن ال دعاء يس تجاب في خمس لي ال.
ليلة الجمعة ،والعيدين ،وأول رجب ،ونصف شعبان .قال الشافعي :وأستحب
كل ما حكيته في هذه
] [ 583
الليالي .وهللا أعلم .فرع :يسن الغسل للعيدين ،ويجوز بعد الفجر قطعا ،وك ذا
قبله على االظهر ،وعلى هذا هل يجوز في جميع الليل ،أم يختص بالنصف
الثاني ؟ وجهان .قلت :االصح :اختصاصه .وهللا أعلم .ويستحب التطيب ي وم
العيد ،والتنظف بحلق الشعر ،وقلم الظفر ،وقطع الرائحة الكريهة ،ويستحب
أن يلبس أحسن ما يجده من الثي اب ،وأفض لها ال بيض ،ويتعمم .ف إن لم يجد
إال ثوبا ،اس تحب أن يغس له للجمعة والعيد ويس توي في اس تحباب جميع ما
ذكرن اه ،القاعد في بيت ه ،والخ ارج إلى الص الة ،ه ذا حكم الرج ال .وأما
النساء ،فيكره لذوات الجمال والهيئة الحضور ،ويستحب للعج ائز ،ويتنظفن
بالم اء ،وال يتطيبن ،وال يلبسن ما يش هرهن من الثي اب ،بل يخ رجن في
بذلتهن .وفي وجه شاذ :ال يخرجن مطلق ا .ف رع :الس نة لقاصد العيد المش ي.
فإن ضعف لكبر ،أو مرض ،فله الركوب ،وللق ادر الرك وب في الرج وع (
)1ويس تحب للق وم أن يبك روا إلى ص الة العيد ( )2إذا ص لوا الص بح،
ليأخ ذوا مجالس هم وينتظ روا الص الة .والس نة لالم ام أن ال يخ رج إال في
الوقت الذي يص لي في ه ،ف إذا وصل ( )3المص لى ش رع في ص الة العي د،
ويس تحب لالم ام أن ي ؤخر الخ روج في عيد الفطر قليال ،ويعجل في
االض حى .ويك ره لالم ام التنفل ( )4قبل ص الة العيد وبع دها ،وال يك ره
للمأموم قبلها وال يكره ( )5بع دها ،ويس تحب في عيد الفطر أن يأكل ش يئا،
.قبل خروجه إلى الصالة ،وال يأكل في االضحى حتى يصلي ويرجع
] [ 584
قلت :ويس تحب أن يك ون الم أكول تم را ( )1إن أمكن ،ويك ون وت را .وهللا
أعلم .وينادى لها :الصالة جامعة ،قال ص احب (الع دة) ولو ن ودي له ا :حي
على الصالة ،جاز ،بل هو مس تحب .قلت :ليس كما ق ال ،فقد ق ال الش افعي
رضي هللا عنه :ين ادي :الص الة جامع ة ،ف إن ق ال :هلم وا إلى الص الة ،فال
بأس ،قال :وأحب أن يتوقى ألف اظ االذان .وق ال ال دارمي :لو ق ال حي على
الص الة ،ك ره ،النه من االذان .وهللا أعلم .ف رع :صح أن الن بي (ص) ك ان
يذهب إلى العيد في طريق ،ويرجع في آخر ( ،)2واختلف في سببه ،فقيل:
لتبرك أهل الطريقين ،وقيل :ليستفتى منهما ،وقيل :ليتص دق على فقرائهم ا،
وقيل :ليزور قبور أقاربه فيهم ا ،وقي ل :ليش هد له الطريق ان ،وقي ل :ل يزداد
غيظ المنافقين ،وقيل :لئال تكثر الزحم ة ،وقي ل :يقصد أط ول الط ريقين في
الذهاب ،وأقصرهما في الرجوع ،وهذا أظهره ا ،ثم من ش ارك في المع نى
استحب ذلك له ،وكذا من لم يشارك على الصحيح الذي اخت اره االك ثرون،
وسواء فيه االمام والم أموم .قلت :وإذا لم يعلم الس بب ،اس تحب التأسي ()3
.قطعا .وهللا أعلم
] [ 585
فصل :قد قدمنا في قضاء صالة العيد وغيرها من النوافل الراتبة إذا ف اتت،
قولين .وتقدم الخالف في اشتراط شرائط الجمعة فيها .فلو ش هد ع دالن ي وم
الثالثين من رمضان قبل الزوال برؤية الهالل في الليلة الماض ية ،أفط روا.
فإن بقي من الوقت ما يمكن جمع الناس والصالة فيه ،ص لوها وك انت أداء
( .)1وإن شهدوا بعد غ روب الش مس ي وم الثالثين ،لم تقبل ش هادتهم ،إذ ال
فائ دة فيها إال المنع من ص الة العي د ،فال يص غى إليه ا ،ويص لون من الغد
العيد أداء ،هكذا قال االئمة واتفقوا عليه .وفي قولهم :ال فائدة إال ترك صالة
العيد إشكال ،بل لثبوت الهالل فوائد أخ ر .كوق وع الطالق والعتق المعلقين،
وابتداء العدة منه ،وغير ذلك ،فوجب أن نقب ل ،له ذه الفوائ د .ولعل م رادهم
بعدم االصغاء في صالة العيد وجعلها فائتة ،ال عدم القب ول على االطالق (
.)2قلت :م رادهم فيما يرجع إلى الص الة خاصة قطع ا ،فأما الحق وق
واالحكام المتعلقة بالهالل ،كأجل الدين ،والعتق ،والمولى ،والعدة ،وغيرها،
فثبت قطعا .وهللا أعلم .فلو شهدوا قبل الغ روب بعد ال زوال ،أو قبله بيس ير،
بحيث ال يمكن فيه الصالة ،قبلت الشهادة في الفطر قطعا ،وصارت الصالة
فائتة على المذهب ،وقيل :قوالن .أح دهما :ه ذا .والث اني :يفعل من الغد أداء
لعظم حرمتها .فإن قلنا بالمذهب ،فقض اؤها مب ني على قض اء النواف ل .ف إن
قلنا :ال تقضى ،لم يقض العيد .وإن قلنا :تقض ى ،ب نى على أنها كالجمعة في
الش رائط ،أم ال .ف إن قلن ا :نعم ،لم تقض ،وإال قض يت ،وهو الم ذهب من
حيث الجملة .وهل لهم أن
] [ 586
يصلوها في بقية يومهم ؟ وجهان ،بن اء على أن فعلها في الح ادي والثالثين
إداء أم قضاء .إن قلن ا :أداء ،فال .وإن قلن ا :قض اء وهو الص حيح ،ج از .ثم
هل هو أفض ل ،أم الت أخير إلى ض حوة الغ د .وجه ان .أص حهما :التق ديم
أفض ل ،ه ذا إذا أمكن جمع الن اس في ي ومهم لص غر البل دة .ف إن عس ر،
فالتأخير أفضل قطعا ( .)1وإذا قلنا :يص لونها في الح ادي والثالثين قض اء،
فهل يج وز تأخيرها ؟ عنه ق والن .وقي ل :وجه ان .أظهرهم ا :ج وازه أب دا.
وقيل :إنما يجوز في بقية شهر العي د .ولو ش هد اثن ان قبل الغ روب ،وع دال
بعده ،فقوالن .وقيل :وجهان .أحدهما :االعتب ار ب وقت الش هادة ،وأظهرهم ا:
بوقت التع ديل ،فيص لون من الغد بال خالف أداء .ه ذا كله إذا وقع االش تباه
وف وات العيد لجميع الن اس .ف إن وقع ذلك الف راد ،لم يجز إال ق والن ،منع
القض اء وج وازه أب دا .ف رع :إذا وافق ي وم العيد ي وم جمع ة ،وحضر أهل
القرى ال ذين يبلغهم الن داء لص الة العي د ،وعلم وا أنهم لو انص رفوا لف اتتهم
الجمع ة ،فلهم أن ينص رفوا ،وي تركوا الجمعة في ه ذا الي وم على الص حيح
.المنصوص في القديم والجديد ( .)2وعلى الشاذ :عليهم الصبر للجمعة
] [ 587
فصل في تكب ير العي د :وهو قس مان .أح دهما :في الص الة والخطبة وقد
مضى .والثاني :في غيرهما ،وهو ضربان .مرسل ،ومقي د .فالمرسل ال يقيد
بحال ،بل يؤتى به في المساجد والمنازل والطرق ليال ونهارا .والمقيد يؤتى
به في أدب ار الص الة خاص ة .فالمرسل مش روع في العي دين جميع ا ،وأول
وقته في العي دين بغ روب الش مس ليلة العي د ،وفي آخر وقته طريق ان.
أصحهما :على ثالثة أقوال .أظهره ا :يك برون إلى أن يح رم االم ام بص الة
العيد .والثاني :إلى أن يخرج االمام إلى الصالة .والثالث :إلى أن يفرغ منها.
وقي ل :إلى أن يف رغ من الخطب تين .والطريق الث اني :القطع ب القول االول.
ويرفع الن اس أص واتهم بالمرسل في ليل تي العي دين ويوميهما إلى الغاية
الم ذكورة في المن ازل ،والمس اجد ،واالس واق ( ،)1والط رق ،في الس فر
والحضر ،في طريق المص لى ،وبالمص لى .ويس تثنى منه الح اج ،فال يك بر
ليلة االضحى ،بل ذكره ( )2التلبية .وتكبير ليلة الفطر آكد من ليلة االضحى
على الجدي د ،وفي الق ديم عكس ه ،وأما المقي د ،فيش رع في االض حى ،وال
يشرع في الفطر على االصح عند االكثرين ( .)3وقيل :على الجدي د ،وعلى
الث اني :يس تحب عقب المغ رب والعش اء والص بح ( .)4وحكم الف وائت
والنوافل في هذه المدة على ه ذا الوجه يق اس بما ن ذكره إن ش اء هللا تع الى
في االضحى .وأما االضحى ،فالناس فيه قسمان .حجاج ،وغيرهم .فالحج اج
يبت دؤون التكب ير عقب ظهر ي وم النح ر ،ويختمونه عقب الص بح آخر أي ام
التشريق ( .)5وأما غير الحجاج ،ففيهم طريقان .أصحهما :على ثالثة أقوال.
أظهره ا :أنهم كالحج اج .والث اني :يبت دؤون عقب المغ رب ليلة النحر إلى
صبح الثالث من
] [ 588
أي ام التش ريق .والث الث :عقب ص بح ( )1من ي وم عرفة ويختمونه عقب
العصر آخر أي ام التش ريق .ق ال الص يدالني وغ يره ( :)2وعليه العمل في
االمص ار .قلت :وهو االظهر عند المحققين ،للح ديث ( .)3وهللا أعلم.
والطريق الث اني :القطع ب القول االول .ولو فاتته فريضة في ه ذه االي ام،
فقضاها [ في غيرها ،لم يكبر .ولو فاتته في غير هذه االيام أو فيها فقض اها
فيها ] ( ،)4ك بر على االظه ر .ويك بر عقب النوافل الراتب ة ،ومنها ص الة
العيد ،وعقب النافلة المطلقة ،وعقب الجنازة على الم ذهب في الجمي ع .وإذا
اختصرت فقيل :أربعة أوجه .أصحها :يكبر عقب كل صالة مفعولة في ه ذه
االيام .والث اني :يختص ب الفرائض المفعولة فيه ا ،م ؤداة ك انت أو مقض ية.
والث الث :يختص بفرائض ها مقض ية ك انت أو م ؤداة .والراب ع :ال يك بر إال
عقب مؤداتها والسنن الراتبة .ولو نسي التكبير خلف الصالة فتذكر والفصل
قريب ،كبر وإن فارق مص اله .فلو ط ال الفص ل ،ك بر أيضا على االص ح.
والمس بوق إنما يك بر إذا أتم ص الة نفس ه .ق ال إم ام الح رمين :وجميع ما
ذكرناه هو في التكبير الذي يرفع به ص وته ويجعله ش عارا .أما لو اس تغرق
عمره بالتكبير في نفسه ،فال منع منه .فرع :صفة هذا التكبير أن يك بر ثالثا
نسقا على المذهب .وحكي ق ول ق ديم أنه يك بر م رتين .ق ال الش افعي رحمه
هللا :وما زاد من ذكر هللا ،فحس ن .واستحسن في (االم) أن تك ون زيادت ه:
(أهلل أك بر كب يرا ،والحمد هلل كث يرا ،وس بحان هللا بك رة وأص يال ،ال إله إال
هللا ،وال نعبد إال إياه ،مخلص ين له ال دين ولو ك ره الك افرون ،ال إله إال هللا
وحده ،صدق وعده ونصر عبده وهزم االحزاب ( )5وحده ،ال إله إال هللا
] [ 589
وأهلل أكبر) .وق ال في الق ديم :بعد الثالث( :أهلل أك بر كب يرا ( ،)1والحمد هلل
كثيرا ( ،)2أهلل أكبر على ما هدانا ،والحمد هلل على ما أبالنا وأوالن ا) .ق ال
صاحب (الشامل) والذي يقوله الناس ال بأس به أيض ا ،وه و( :أهلل أك بر هللا
أكبر هللا أك بر ،ال إله إال هللا وأهلل أك بر أهلل أك بر وهلل الحم د) .قلت :هو ()3
الذي ذكره صاحب (الشامل) نقله صاحب (البحر) عن نص الش افعي رحمه
هللا في (البويطي) وقال :والعمل علي ه .وهللا أعلم .ف رع :يس توي في التكب ير
المرسل والمقي د ،المنف رد والمص لي جماع ة ،والرجل والم رأة ،والمقيم
والمس افر .قلت :لو ك بر االم ام على خالف اعتق اد الم أموم ،فك بر من ي وم
عرفة والم أموم ال ي رى التكب ير في ه ،أو عكس ه ،فهل يوافق في التكب ير
وترك ه ،أم يتبع اعتق اد نفسه ؟ وجه ان .االص ح :اعتق اد نفس ه ،بخالف ما
.قدمناه في تكبير نفس الصالة ( .)4وهللا أعلم
] [ 591
كتاب صالة الكس وف ( )1يطلق الكس وف والخس وف على الش مس والقمر
جميعا ( .)2وصالة كس وف الش مس والقمر س نة مؤك دة ،وتسن في أوق ات
الكراهة وغيره ا .وأقلها أن يح رم بنية ص الة الكس وف ،ويق رأ الفاتح ة،
ويركع ثم يرف ع ،فيق رأ الفاتحة ثم يركع ثاني ا ،ثم يرفع ويطمئن ،ثم يس جد،
فهذه ركعة ،ثم يص لي ركعة ثانية ك ذلك ( ،)3فهي ركعت ان ،في كل ركعة
قيامان وركوعان ،ويقرأ الفاتحة في كل
] [ 592
قي ام ( .)1فلو تم ادى الكس وف ،فهل يزيد ركوعا ثالثا ؟ وجه ان .أح دهما:
يزيد ثالثا ورابعا وخامس ا ،ح تى ينجلي الكس وف ،قاله ابن خزيم ة،
والخط ابي ،وأبو بكر الض بعي من أص حابنا ،لالح اديث ال واردة :أن الن بي
(ص) ص لى ركع تين ،في كل ركعة أربع ركوع ات ،وروي خمس
ركوعات ،وال محمل له إال التمادي ،وأص حهما :ال تج وز الزي ادة ،كس ائر
الصلوات .روايات الركوعين أشهر وأصح ،فيؤخذ بها ،كذا قاله االئمة ،ولو
كان في القيام االول ،فانجلى الكسوف ،لم تبطل ص الته .وهل له أن يقتصر
على قومة واحدة ،ورك وع واحد في كل ركعة ؟ وجه ان بن اء على الزي ادة
عند التمادي ،إن جوزنا الزيادة ،ج از النقص ان بحسب م دة الكس وف ،وإال
فال .ولو سلم من الصالة والكسوف باق ،فهل له أن يستفتح صالة الكس وف
مرة أخرى ؟ وجهان خرجوهما على جواز زي ادة ع دد الرك وع ،والم ذهب
المتبع .وأكملها أن يقرأ في القيام االول بعد الفاتحة وسوابقها سورة (البقرة)
أو مق دارها إن لم يحس نها ،وفي الث اني( :آل عم ران) أو مق دارها .وفي
الث الث( :النس اء) أو ق درها .وفي الراب ع( :المائ دة) أو ق درها .وكل ذلك بعد
الفاتح ة .ه ذه رواية الب ويطي ،ونقل الم زني في (المختص ر) :أنه يق رأ في
االول (البقرة) أو قدرها إن لم يحفظها .وفي الثاني قدر مائتي آية من سورة
(البقرة) .وفي الثالث :قدر مائة ( )2آية وخمسين آية منها ،وفي الرابع :ق در
مائة آية منه ا ،وه ذه الرواية هي ال تي قطع بها االك ثرون ،وليس تا على
،االختالف المحقق
] [ 593
بل االمر فيه على التقريب ،وهما متقاربتان .قلت :وفي استحباب التعوذ في
ابت داء الق راءة في القومة الثاني ة ،وجه ان حكاهما في (الح اوي) ،وهما
الوجه ان في الركعة الثاني ة .وهللا أعلم .وأما ق در مكثه في الرك وع ،فينبغي
أن يس بح في الرك وع االول ق در مائة آية من (البق رة) وفي الث اني :ق در
ثمانين منها ،وفي الثالث :قدر سبعين .وفي الرابع :قدر خمسين ( ،)1واالمر
فيه على التق ريب .ويق ول في االعت دال من ( )2كل رك وع( :س مع هللا لمن
حمده) و (ربنا لك الحمد) ( )3وهل يطول السجود في هذه
] [ 594
الصالة ؟ قوالن .أظهرهما :ال يطوله كما ال يطول التشهد ،وال الجلوس بين
السجدتين .والثاني :يطول .نقله البويطي ،والترمذي ،والمزني ،عن الش افعي
( .)1قلت :الص حيح المخت ار ( ،)2أنه يط ول الس جود ( )3وقد ثبت في
إطالته أحاديث كثيرة في (الص حيحين) عن جماعة من الص حابة .ولو قي ل:
إنه يتعين الجزم به ،لكان قوال ص حيحا ،الن الش افعي رضي هللا عنه ق ال:
ما صح فيه الحديث ،فهو قولي ومذهبي .فإذا قلنا بإطالت ه ،فالمخت ار فيها ما
قاله ص احب (الته ذيب) ( )4أن الس جود االول ك الركوع االول ،والس جود
الث اني ،ك الركوع الث اني .وق ال الش افعي رحمه هللا في الب ويطي :إنه نحو
الركوع الذي قبله .وأما الجلسة بين السجدتين ،فقد قطع ( )5الرافعي بأنه ال
يطولها .ونقل الغزالي االتفاق على أنه ال يطوله ا .وقد صح في ح ديث عبد
هللا بن عم رو بن الع اص رضي هللا عنهما أن الن بي (ص) س جد فلم يكد
يرف ع ،ثم رفع فلم يكد يس جد ،ثم س جد فلم يكد يرف ع ،ثم فعل في الركعة
،االخرى مثل ذلك ( .)6وأما االعتدال بعد الركوع الثاني
] [ 595
فال يطول بال خالف ،وكذا التش هد .وهللا أعلم .فص ل :يس تحب الجماعة في
صالة الكسوفين .ولنا وجه :أن الجماعة فيها ش رط ،ووج ه :أنها ال تق ام إال
في جماعة واح دة كالجمع ة ،وهما ش اذان ( .)1ويس تحب أن ين ادي له ا:
الص الة جامع ة .وأن يص لي في الج امع ،وأن يخطب بعد الص الة خطب تين
كخطبتي الجمعة ( )2في االركان والشرائط ( ،)3سواء ص لوها جماعة في
مصر ،أو صالها المس افرون في الص حراء .ويحث االم ام الن اس في ه ذه
الخطبة على التوبة من المعاصي وعلى فعل الخ ير .قلت :ويحرض هم على
االعتاق والصدقة ،ويحذرهم الغفلة واالغترار .ففي (ص حيح البخ اري) ()4
عن أس ماء رضي هللا عنه ا ،أن الن بي (ص) أمر بالعتاقة في كس وف
الشمس .وهللا أعلم .ومن صلى منفردا ،لم يخطب .ويس تحب الجهر ب القراءة
في كسوف القمر ،واالسرار في الشمس ،هذا هو المعروف .وقال الخطابي:
ال ذي يجئ على م ذهب الش افعي رحمه هللا :أنه يجهر في الش مس .ف رع:
المس بوق إذا أدرك االم ام في الرك وع االول من الركعة االولى ،فقد أدرك
الص الة ،وإن أدركه في الرك وع االول من الركعة الثاني ة ،فقد أدرك
الركعة ،فإذا سلم االمام ،قام فصلى ركعة بركوعين .ولو أدركه في الركوع
الثاني من إحدى الركع تين ،فالم ذهب ال ذي نص عليه في الب ويطي ،واتفق
االص حاب على تص حيحه ،أنه ال يك ون م دركا لشئ من الركع ة .وحكى
صاحب (التقريب) قوال آخر أنه بإدراك الركوع الثاني يك ون م دركا للقومة
التي قبله ،فعلى هذا لو أدرك الرك وع الث اني من االول ،وس لم االم ام ،ق ام
وقرأ وركع واعتدل وجلس وتشهد
] [ 596
وس لم ،وال يس جد ،الن إدراك الرك وع إذا حصل القي ام ال ذي قبل ه ،ك ان
السجود بعده محسوبا ال محالة .وعلى المذهب :لو أدركه في القيام الثاني ال
يكون م دركا لشئ من الركعة أيض ا .فص ل :تف وت ص الة كس وف الش مس
بأمرين .أحدهما :انجالء جميعها ،فإن انجلى البعض فله الشروع في الصالة
للب اقي ،كما لو لم ينكسف إال ذلك الق در .ولو ح ال س حاب وشك في
االنجالء ،ص لى .ولو ك انت الش مس تحت غم ام ،فظن الكس وف ،لم يصل
ح تى يس تيقن .قلت :ق ال ال دارمي وغ يره :وال يعمل في كس وفها بق ول
المنجمين .وهللا أعلم .الث اني :أن تغ رب كاس فة ،فال يص لي .وتف وت ص الة
خسوف القمر بأمرين .أحدهما :االنجالء كما سبق .والث اني :طل وع الش مس.
فإذا طلعت وهو بعد خاسف ،لم يصل .ولو غاب في الليل خاسفا ،صلى كما
لو استتر بغم ام .ولو طلع الفجر وهو خاس ف ،أو خسف بعد الفج ر ،ص لى
على الجديد .وعلى هذا لو شرع في الصالة بعد الفجر ،فطلعت الش مس في
أثنائه ا ،لم تبطل ص الته ،كما لو انجلى الكس وف في االثن اء ( .)1وق ال
القاضي ابن كج :ه ذان الق والن فيما إذا غ اب خاس فا بين الفجر وطل وع
الش مس ،فأما إذا لم يغب وبقي خاس فا ،فيج وز الش روع في الص الة بال
خالف .قلت :ص رح ال دارمي وغ يره بجري ان الق ولين في الح الين .ق ال
صاحب (البحر) :ولو ابتدأ الخسوف بعد طلوع الشمس ،لم يصل قطعا .وهللا
أعلم .فص ل :إذا اجتمعت ص التان في وقت ،ق دم ما يخ اف فوته ( ،)2ثم
.االوكد
] [ 597
فلو اجتمع عيد وكسوف ،أو جمعة وكس وف ،وخيف ف وت العيد أو الجمعة
لضيق وقتها ،قدمت ،وإن لم يخف ،فاالظهر :يق دم الكس وف .والث اني :العيد
والجمعة ،لتأكدهما ،وباقي الف رائض كالجمع ة .ولو اجتمع كس وف ووتر أو
تراويح ،قدم الكسوف ( )1مطلقا ،النها أفض ل .ولو اجتمع جن ازة وكس وف
أو عيد ،قدم الجنازة ( ،)2ويشتغل االمام بعدها بغيرها ،وال يشيعها ،فلو لم
تحضر الجن ازة ،أو حض رت ولم يحضر ال ولي ،أف رد االم ام جماعة
ينتظ رون الجن ازة واش تغل هو بغيره ا .ولو حض رت جن ازة وجمعة ولم
يضق ال وقت ،ق دمت الجن ازة .وإن ض اق ال وقت ،ق دمت الجمعة على
المذهب .وقال الشيخ أبو محمد :تقدم الجنازة ،الن الجمعة لها بدل .ف رع :إذا
اجتمع العيد والكسوف ،خطب لهما بعد الصالتين خطبتين ي ذكر فيهما العيد
والكسوف ( .)3ولو اجتمع جمعة وكس وف ،واقتضى الح ال تق ديم الجمع ة،
خطب لها ،ثم صلى الجمعة ،ثم الكسوف ،ثم خطب له ا .وإن اقتضى تق ديم
الكسوف ،بدأ بها ،ثم خطب للجمعة خطبتين يذكر فيهما شأن الكس وف ،وال
تحت اج إلى أربع خطب ،ويقصد ب الخطبتين الجمعة خاص ة .وال يج وز أن
يقصد الجمعة والكس وف ،النه تش ريك بين ف رض ونف ل ،بخالف العيد
.والكسوف ،فإنه يقصدهما جميعا بالخطبتين ،النهما سنتان ()4
] [ 598
فرع :اعترضت طائفة على قول الشافعي :اجتمع عيد وكسوف ،وقالت :هذا
محال ،فإن الكسوف ال يقع إال في الث امن والعش رين ،أو التاسع والعش رين
فأجاب االصحاب بأجوبة .أحدها :أن هذا قول المنجمين ،وأما نحن ،فنج وز
الكسوف في غيرهما ،فإن هللا تعالى على كل شئ ق دير .وقد نقل مثل ذل ك،
فقد صح أن الشمس كسفت يوم م ات إب رهيم ابن رس ول هللا (ص) ،وروى
الزب ير بن بك ار ( )2في (االنس اب) :أنه ت وفي في العاشر من ش هر ربيع
االول .وروى البيهقي مثله عن الواق دي ( .)3وك ذا اش تهر أن قتل الحس ين
رضي هللا عنه كان يوم عاشوراء .وروى ال بيهقي عن أبي قبيل ( )4أنه لما
قتل الحسين ،كسفت الش مس .الث اني :أن وق وع العيد في الث امن والعش رين
يتصور بأن يشهد شاهدان على
] [ 599
نقصان رجب ،وآخران على نقصان ش عبان ورمض ان ،وك انت في الحقيقة
كاملة ،فيقع العيد في الثامن والعشرين .الثالث :لو لم يقع ذلك ،لكان تص وير
الفقيه له حس نا ،ليت درب باس تخراج الف روع الدقيقة ( .)1فصل ما س وى
الكسوفين من اآليات ،كالزالزل والصواعق والرياح الش ديدة ،ال يص لى لها
جماعة ،لكن يستحب الدعاء والتضرع .ويستحب لكل أحد أن يصلي منف ردا
لئال يكون غافال .وروى الشافعي :أن عليا كرم هللا وجه ه ،ص لى في زلزلة
جماعة ،قال الشافعي :إن صح قلت به ،فمن االص حاب من ق ال :ه ذا ق ول
آخر ل ه ،في الزلزلة وح دها ،ومنهم من عممه في جميع اآلي ات .قلت :لم
يصح ذلك عن علي رضي هللا عن ه ،ق ال الش افعي واالص حاب :يس تحب
للنساء غير ذوات الهيئات صالة الكس وف مع االم ام ،وأما ذوات الهيئ ات،
فيصلين في البيوت منفردات .قال الشافعي :فإن اجتمعن ،فال ب أس ،إال أنهن
.ال يخطبن ،فإن قامت واحدة وعظتهن وذكرتهن ،فال بأس .وهللا أعلم
] [ 601
كتاب صالة االستس قاء ( )1الم راد باالستس قاء :س ؤال هللا تع الى أن يس قي
عباده عند حاجتهم ،وله أن واع .أدناه ا :ال دعاء بال ص الة وال خلف ص الة،
ف رادى أو مجتمعين ل ذلك ،وأوس طها :ال دعاء خلف الص لوات ،وفي خطبة
الجمعة ونحو ذل ك .وأفض لها :االستس قاء بركع تين وخطب تين .ويس توي في
استحباب االستس قاء أهل الق رى واالمص ار والب وادي والمس افرون ،ويسن
لهم جميعا الص الة والخطب ة .ولو انقطعت المي اه ولم يمس إليها حاجة في
ذلك ال وقت ،لم يستس قوا ،ولو انقطعت عن طائفة من المس لمين واحت اجت،
.استحب لغيرهم أن يصلوا ويستسقوا لهم ،ويسألوا الزيادة النفسهم ()2
] [ 602
فرع :إذا استسقوا فسقوا ،فذاك ،وإن ( )1تأخرت االجابة ،استس قوا وص لوا
ثانيا وثالثا حتى يسقيهم هللا تعالى ( .)2وهل يعودون من الغد ،أم يص ومون
ثالثة أي ام قبل الخ روج كما يفعل ون في الخ روج االول ؟ ق ال في
(المختصر) :من الغد .وفي القديم :يصومون ،فقيل :قوالن .أظهرهما :االول.
وقي ل :على ح الين .ف إن لم يشق على الن اس ،ولم ينقطع وا عن مص الحهم
عادوا غدا وبعد بغد ،وإن اقتضى الحال الت أخير أيام ا ،ص اموا .قلت :ونقل
القاضي أبو الطيب عن عامة االص حاب :أن المس ألة على ق ول واح د ،نقل
المزني الجواز ،والق ديم االس تحباب ( .)3وهللا أعلم .ثم جم اهير االص حاب
قطع وا باس تحباب تكرير االستس قاء كما ذكرن ا ،لكن االس تحباب في الم رة
االولى آك د .وحكي وج ه :أنهم ال يفعل ون ذلك إال م رة .ف رع :لو ت أهبوا
للخ روج للص الة ،فس قوا قبل موعد الخ روج ،خرج وا للوعظ وال دعاء
والشكر .وهل يصلون ش كرا ؟ فيه طريق ان .قطع االك ثرون بالص الة ،وهو
المنص وص في (االم) ( .)4وحكى إم ام الح رمين والغ زالي وجهين.
:أصحهما
] [ 603
هذا .والثاني :ال يصلون .وأج ري الوجه ان فيما إذا لم تنقطع المي اه وأرادوا
أن يصلوا لالس تزادة .فص ل :في آداب ه ذه الص الة :منه ا :أن ي أمر االم ام
الناس بص وم ثالثة أي ام قبل ي وم الخ روج ( )1وب الخروج عن المظ الم في
الدم والعرض والمال ،وبالتقرب إلى هللا تعالى بما يستطيعون من الخير ،ثم
يخرجون في اليوم الرابع صياما ( ،)2في ثياب بذل ة ،وتخشع بال زينة وال
طيب ،لكن يتنظف ون بالم اء والس واك وقطع الرائحة الكريه ة .ويس تحب
إخراج الص بيان والمش ايخ ،ومن ال هيئة لها من النس اء ،ويس تحب إخ راج
البهائم على االصح ( .)3وعلى الثاني :ال يستحب ،فلو أخ رجت ،فال ب أس.
وأما خروج أهل الذمة ،فنص الشافعي رحمه هللا على كراهيت ه ،والمنع منه
إن حض روا مستس قى للمس لمين ،وإن تم يزوا ولم يختلط وا بالمس لمين ،لم
يمنع وا ( .)4وحكى الروي اني وجه ا :أنهم يمنع ون وإن تم يزوا ،إال أن
يخرجوا في غ ير ي وم المس لمين .ومن اآلداب أن ي ذكر كل واحد من الق وم
في نفسه ما فعل من
] [ 604
خير ،فيجعله ش افعا .ومنه ا :أن يستس قى باالك ابر وأهل الص الح ،ال س يما
أق ارب رس ول هللا (ص) .فص ل :الس نة أن يص ليها في الص حراء)1( ،
وينادي لها :الصالة جامعة ،ويصلي ركعتين ،يكبر في االولى سبع تكبيرات
زائ دة ،وفي الثانية خمس ا ،ويجهر فيهما ب القراءة ،ويق رأ في االولى بعد
(الفاتح ة)( :ق) .وفي الثاني ة( :اق تربت) .وق ال بعض االص حاب :يق رأ في
إح داهما( :إنا أرس لنا نوح ا) وليكن في الثانية وفي االولى (ق) .ونص
الشافعي رحمه هللا :أنه يقرأ فيهما ما يق رأ في العي د ،وإن ق رأ (إنا أرس لنا)
ك ان حس نا .وه ذا يقتضي أن ال خالف في المس ألة ،وأن كال س ائغ ،ومنهم
من قال :في االحب خالف .واالصح :أنه يق رأ ما يق رأ في العي د .وأما وقت
ه ذه الص الة ،فقطع الش يخ أبو علي وص احب (الته ذيب) بأنه وقت ص الة
العي د ،واس تغرب إم ام الح رمين ه ذا ،وذكر الروي اني وآخ رون :أن وقتها
يبقى بعد الزوال ما لم يصل العصر ،وصرح ص احب (التتم ة) ب أن ص الة
االستس قاء ال تختص ب وقت ،بل أي وقت ص لوها من ليل أو نه ار ،ج از،
وقد ق دمنا عن االئمة وجهين في كراهة ص الة االستس قاء في االوق ات
المكروه ة ،ومعل وم أن االوق ات المكروهة غ ير داخلة في حكم ( )2وقت
صالة العيدين ( ،)3وال مع انضمام ما بين الزوال والعصر إليه ،فيل زم أن
ال يك ون وقت االستس قاء منحص را ( )4في ذل ك ،وليس لحامل أن يحمل
ال وجهين في الكراهة على قض ائها ،فانها ال تقض ى .قلت :ليس بالزم ما
قال ه ،فقد تق دم أن االص ح :دخ ول وقت العيد بطل وع الش مس ،وهو وقت
كراه ة ،وممن ق ال بانحص ار وقت االستس قاء في وقت العي د ،الش يخ أبو
حامد ،والمحاملي ،ولكن الصحيح الذي نص عليه الشافعي ،وقطع به
] [ 605
االك ثرون ،وص ححه ال رافعي في (المح رر) والمحقق ون :أنها ال تختص
ب وقت ،كما ال تختص بي وم .وممن قطع به ص احبا (الح اوي) و (الش امل)
ونقله صاحب (الشامل) وصاحب (جمع الجوامع) عن نص الش افعي رضي
هللا عنه .وقال إمام الح رمين :لم أر التخص يص لغ ير الش يخ أبي علي .وهللا
أعلم .فص ل :يس تحب أن يخطب خطب تين بعد الص الة ( ،)1وأركانهما
وش رائطهما كما تق دم في العيد ( .)2لكن تخالفها في أم ور .منه ا :أنه يب دل
التكبيرات المشروعة في أولهما باالستغفار ( )3فيقول( :أستغفر هللا ال ذي ال
إله إال هو الحي القي وم وأت وب إلي ه) .ويختم كالمه باالس تغفار ،ويك ثر منه
في الخطبة ،ومن قوله( :استغفروا ربكم إنه كان غفارا )...اآلي ة .ن وح.10 :
ولنا وجه حك اه في (البي ان) عن المح املي :أنه يك بر هنا في ابت داء الخطبة
كالعيد ،والمع روف االول .ومنه ا :أن يس تقبل القبلة في الخطبة الثاني ة ،كما
سنذكره إن ش اء هللا تع الى .ومنه ا :أنه يس تحب أن ي دعو في االولى( :اللهم
اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجلال س حا طبقا دائم ا ،اللهم اس قنا
الغيث وال تجعلنا من الق انطين ،اللهم إن بالعب اد والبالد من الالواء والجهد
والض نك ما ال نش كو إال إلي ك ،اللهم أنبت لنا ال زرع ،وأدر لنا الض رع،
واس قنا من برك ات الس ماء ،وأنبت لنا من برك ات االرض ،اللهم ارفع عنا
الجهد والجوع والعري ،واكشف عنا من البالء ما ال يكشفه غيرك ،اللهم إنا
نستغفرك إنك كنت غفارا ،فأرسل السماء علينا مدرارا) ويكون في
] [ 606
الخطبة االولى وص در الثاني ة ،مس تقبل الن اس ،مس تدبر القبل ة ،ثم يس تقبل
القبلة ،ويبالغ في الدعاء سرا وجهرا ،وإذا أسر دعا الن اس س را ،ويرفع ون
أيديهم في الدعاء .وفي الحديث أن الن بي (ص) استس قى وأش ار بظهر كفيه
إلى السماء .قال العلماء :الس نة لكل من دعا لرفع بالء ،أن يجعل ظهر كفيه
إلى السماء ،وإذا س أل ش يئا جعل بطن ( )1كفيه إلى الس ماء .قلت :الح ديث
المذكور ( ،)2في (صحيح مس لم) ( .)3وهللا أعلم .ق ال الش افعي رحمه هللا:
وليكن من دع ائهم في ه ذه الحالة (اللهم أنت أمرتنا ب دعائك ،ووع دتنا
إجابت ك ،وقد دعون اك كما أمرتن ا ،فأجبنا كما وع دتنا ،اللهم امنن علينا
بمغفرة ما قارفنا ،وإجابتك في سقيانا وس عة رزقن ا) .ف إذا ف رغ من ال دعاء
أقبل بوجهه على الن اس وحثهم على طاعة هللا ،وص لى على الن بي (ص)،
ودعا للمؤم نين والمؤمن ات ،وق رأ آية أو آي تين ،ويق ول( :أس تغفر هللا لي
ولكم) .هذا لفظ الشافعي رضي هللا عنه .ويستحب عند تحوله إلى القبل ة ،أن
يح ول رداءه .وهل ينكسه مع التحويل ؟ ق والن .الجدي د :نعم .والق ديم :ال.
فالتحوي ل :أن يجعل ما على عاتقه االيمن على عاتقه االيس ر ،وب العكس.
والتنكيس :أن يجعل أعاله أس فله ،وم تى جعل الط رف االس فل ال ذي على
ش قه االيسر على عاتقه االيمن ،والط رف االس فل ال ذي على ش قه االيمن
على عاتقه االيسر ،حصل التحويل والتنكيس جميعا ،هذا في الرداء المربع،
فأما المق ور والمثلث ،فليس فيه إال التحوي ل .ويفعل الن اس ب أرديتهم كفعل
االمام تفاؤال بتغ ير الح ال إلى الخص ب ،ويتركونها محولة إلى أن ي نزعوا
الثياب .قلت :قال الش افعي ،واالص حاب رحمهم هللا تع الى :إذا ت رك االم ام
االستسقاء ،لم يتركوه ( )4الناس ( .)5ولو خطب قبل الصالة ،قال صاحب
] [ 607
يج وز وتصح الخطبة والص الة ( ،)1ويحتج لها بما ثبت في ):التتمة(
الحديث الص حيح الص ريح في (س نن أبي داود) ( )2وغ يره أن رس ول هللا
(ص) خطب ثم صلى .وفي صحيحي (البخ اري) ( )3و (مس لم) أن رس ول
هللا (ص) خ رج يستس قي ف دعا ،واس تقبل القبلة وح ول رداءه ،ثم ص لى
ركع تين .ق ال أص حابنا :وإذا ك ثرت االمط ار وتض ررت بها المس اكن
والزروع ،فالس نة أن يس ألوا هللا تع الى دفعه (اللهم حوالينا وال علين ا) .ق ال
الشافعي واالصحاب :وال يشرع لذلك صالة ،ويستحب أن ي برز الول مطر
يقع في الس نة ،ويكشف من ( )4بدنه ما ع دا عورته ليص يبه المط ر ،وأن
يغتسل في الوادي إذا سال ،أو يتوضأ ( ،)5ويسبح عند الرعد والبرق ،وال
يتبع بصره البرق .والسنة أن يق ول عند ن زول المط ر( :اللهم ص يبا نافع ا)
رواه البخاري ( )6في (ص حيحه) .وفي رواية ابن ماجه (( :)7س يبا نافع ا)
مرتين أو ثالثا ،فيستحب الجمع بينهما .وقد أوضحت ذلك مع زوائد ونفائس
تتعلق به في كتاب (االذكار) الذي ال يستغني متدين عن معرفة مثله .ويكره
سب ال ريح ،ف إن كرهه ا ،س أل هللا تع الى الخ ير ،واس تعاذ من الش ر .وفي
(صحيح مسلم) ( )8أن النبي (ص) [ ك ان ] إذا عص فت ال ريح ق ال( :اللهم
إني أس ألك خيره ا ،وخ ير ما فيه ا ،وخ ير ما أرس لت ب ه ،وأع وذ بك من
شرها ،وشر ما فيها ،وشر ما أرسلت به) ويستحب أن يقول بعد
] [ 608
المطر( :مطرنا بفضل هللا ورحمت ه) .ويس تحب ال دعاء عند ن زول المط ر،
ويشكر هللا تعالى عليه .ويكره أن يقول :مطرنا بنوء ( )1كذا ،ف إن اعتقد أن
.النوء هو الممطر الفاعل حقيقة ،كفر فصار مرتدا .وهللا أعلم
] [ 609
كتاب الجن ائز ( )1يس تحب لكل واحد ذكر الم وت .قلت :ويس تحب االكث ار
منه .وهللا أعلم .ويستعد له بالتوبة ،ورد المظالم إلى أهله ا ،والم ريض آك د.
ويس تحب له الص بر على الم رض ،وت رك االنين ما أط اق ،ويس تحب
التداوي ،ويستحب لغيره عيادته إن ك ان مس لما ،ف إن ك ان ذميا له قرابة أو
جوار أو نحوهما ،استحبت ،وإال جازت ،فإن رأى العائد عالمة البرء ،دعا
( )2وانص رف ،وإن رأى خالف ذل ك ،رغبه في التوبة والوص ية .قلت:
ويس تحب للعائد أن يطيب نفس الم ريض وال يط ول القع ود ،وال يواصل
العي ادة ،بل تك ون غبا ( ،)3وال تك ره العي ادة في وقت إال أن يشق على
.المريض .وهللا أعلم
] [ 610
فصل في آداب المحتض ر :يس تقبل به القبل ة .وفي كيفيته وجه ان .أح دهما:
يلقاه ( )1على قفاه وأخمصاه إلى القبلة .والث اني وهو الص حيح المنص وص
وبه قطع العراقيون ( )2وصححه االك ثرون ( :)3يض جع على جنبه االيمن
مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد ،فإن لم يمكن لضيق الموضع ،أو س بب
آخر ،فعلى قفاه ( ،)4ووجهه وأخمص اه إلى القبل ة .ويس تحب أن يلقن كلمة
الش هادة ( ،)5وال يلح الملقن وال يواجهه بق ول :ق ل( :ال إله إال هللا) بل
يذكرها بين يديه ليذكر .أو يق ول :ذكر هللا تع الى مب ارك ،فن ذكر هللا تع الى
جميعا [ ويقول( ] :سبحان هللا ،والحمد هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أكبر) فإذا (
)6قالها مرة ال تع اد عليه ما لم يتكلم بع دها ( ،)7ويس تحب أن يلقنه غ ير
الورثة ،فإن لم يحضر غيرهم ،لقنه أشفقهم عليه .قلت :هكذا ق ال الجمه ور،
يلقنه كلمة الش هادة (ال إله إال هللا) .وذهب جماع ات من أص حابنا إلى أنه
يلقن أيض ا :محم دا رس ول هللا .ممن ص رح ب ه ،القاضي أبو الطيب،
والماوردي ،وسليم الرازي ( ،)8ونصر المقدسي ،وأبو العباس
] [ 611
الجرج اني ،والشاشي في (المعتم د) واالول أص ح .وهللا أعلم .ويس تحب أن
يق رأ عن ده (( )1يس) .واس تحب جعض الت ابعين س ورة (الرع د) أيض ا.
وينبغي له أن يحسن ظنه باهلل تع الى ،ويس تحب لمن عن ده ،تحس ين ظنه
وتطميعه في رحمة هللا تعالى .فإذا مات غمضت عيناه ،وشد لحياه بعص ابة
عريض ة ،ويربطها ف وق رأس ه ،ويلين مفاص له ،فيمد س اعده إلى عض ده
ويرده ،وي رد س اقه إلى فخ ذه ،وفخ ذه إلى بطن ه ،ويردهما ويلين أص ابعه،
وينزع ثيابه التي مات فيها ،ويستر جميع بدنه بثوب خفيف ،وال يجمع عليه
أطب اق الثي اب ،ويجعل أط راف الث وب الس اتر تحت رأسه ورجليه لئال
ينكشف ،ويوضع على بطنه شئ ثقيل ،كسيف ،أو مرآة ،أو نحوهما .فإن لم
يكن ،فطين رطب ،ويصان المصحف عن ه ،ويس تقبل به القبلة كالمحتض ر،
ويوضع على شئ مرتف ع ،كس رير ونح وه ،ويت ولى ه ذه االم ور أرفق
محارمه بأسهل ما يقدر عليه .قلت :يتواله الرجال من الرج ال ،والنس اء من
النساء ،فإن تواله الرجال من النساء ( )2المحارم ،أو النس اء من الرج ال (
)3المحارم ،جاز .وهللا أعلم .ويبادر إلى قضاء دينه وتنفيذ وصيته إن تيسر
في الحال .قلت :يكره تم ني الم وت لضر ن زل ب ه ،ف إن ك ان ال بد متمني ا،
فليقل( :اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ،وتوفني إذا كانت الوف اة خ يرا
لي) ( .)4فإن
] [ 612
ك ان تمنيه مخافة فتنة في دينه فال ب أس .ويك ره للم ريض ك ثرة الش كوى،
وتكره الكراهة ( )1على تناول الدواء .ويستحب للناس أن يقولوا عند الميت
خيرا .ويجوز الهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه ،ثبتت فيه االح اديث (،)2
وصرح به ال دارمي .ويك ره نعيه بنعي الجاهلي ة ،وال ب أس ب االعالم بموته
للص الة عليه وغيره ا .وهللا أعلم .ب اب غسل الميت يس تحب المب ادرة إلى
غسله وتجهيزه إذا تحقق موته ،بأن يموت بعلة ،أو تظهر أم ارات الم وت،
بأن يسترخي قدماه ،فال ( )3ينتصبا ،أو يميل أنف ه ،أو ينخسف ص دغاه ،أو
تمتد جلدة وجهه ،أو ينخلع كف اه من ذراعي ه ،أو تتقلص خص يتاه إلى ف وق
مع تدلي الجل دة ،وإن ( )4شك ب أن ال يك ون به عل ة ،واحتمل أن يك ون به
س كتة ،أو أظه رت أم ارات ف زع أو غ يره ،أخر إلى ال تيقين ( )5بتغي ير
الرائحة أو غيره ( .)6فص ل :غسل الميت ف رض كفاية ( ،)7وك ذا التكفين
والصالة عليه والدفن
] [ 613
باالجماع .وأقل الغس ل :اس تيعاب الب دن م رة بعد إزالة النجاسة إن ك انت (
.)1وفي اش تراط نية الغسل على الغاسل وجه ان .أص حهما فيما ذك ره
الروي اني وغ يره :ال يش ترط .قلت :ص ححه االك ثرون ،وهو ظ اهر نص
الش افعي .وهللا أعلم .ولو غسل الك افر مس لما ،فالص حيح المنص وص :أنه
يكفي .ولو غرق إنسان ،ثم ظفرنا به ،لميكف ما سبق ،بل يجب غس له على
الص حيح المنص وص ( .)2أما أكمل الغس ل ،فيس تحب أن يحمل ( )3الميت
إلى موضع خ ال مس تور ال يدخله إال الغاس ل ،ومن ال بد من معونته عند
الغسل .وذكر الروياني وغ يره :أن لل ولي أن ي دخل إن ش اء ،وإن لم يغسل
ولم يعن ،ويوضع على لوح أو سرير هيئ ل ه ،ويك ون موضع رأسه أعلى
لينحدر الماء ،ويغسل في قميص يلبسه عند إرادته ( )4غسله .ولنا وجه :أن
االولى أن يج رد .والص حيح المع روف :هو االول .وليكن القميص باليا أو
سخيفا .ثم إن كان القميص واسعا ،أدخل يده في كمه ،وغسل ( )5من تحته،
وإن ك ان ض يقا ،فتق رأس ال دخاريض ( )6وأدخل ي ده فيه ( .)7ولو لم
يوجد
] [ 614
قميص ،أو لم يت أت غس له في ه ،س تر منه ما بين الس رة والركب ة ،وح رم
النظر إلي ه .ويك ره للغاسل أن ينظر إلى شئ من بدنه إال لحاجة ب أن يريد
معرفة المغس ول .وأما المعين ،فال ينظر إال لض رورة ،ويحضر م اء ب اردا
في إناء كبير ليغسل به ،وهو أولى من المسخن ،إال أن يحتاج إلى المس خن
لشدة البرد ( ،)1أو لوسخ ،أو غيره .وينبغي أن يبعد االناء ال ذي فيه الم اء
عن المغتسل ،بحيث ال يصيبه رشاش الماء عند الغس ل .ف رع :ويعد الغاسل
قبل الغسل خرقتين نظيفتين ،وأول ما يبدأ به بعد وضعه على المغتس ل ،أن
يجلسه إجالسا رفيقا ،بحيث ال يعتدل ،ويكون م ائال إلى ورائ ه ،ويضع ي ده
اليمنى على كتفه ،وإبهامه في نقرة قفاه ،لئال يميل رأسه ،ويسند ظه ره إلى
ركبته اليمنى ،ويمر يده اليسرى على بطنه إمرارا بليغا لتخ رج الفض الت،
ويك ون عن ده مجم رة فائحة ب الطيب ،ويصب عليه المعين م اء كث يرا لئال
تظهر رائحة ما يخرج ،ثم يرده إلى هيئة االس تلقاء ،ويغسل بيس اره -وهي
ملفوفة بإح دى الخرق تين -دب ره وم ذاكره ( )3( )2وعانت ه ،كما يس تنجي
الحي ،ثم يلقي تلك الخرقة ،ويغسل يده بماء وإشنان .كذا ق ال الجمه ور :إنه
يغسل الس وءتين معا بخرقة ( )4واح دة .وفي (النهاي ة) و (الوس يط) :أنه
يغسل كل سوءة بخرقة ،وال شك
] [ 615
أنه أبلغ في النظافة ،ثم يتعهد ما على بدنه من قذر ونحوه .ف رع :ف إذا ف رغ
مما قدمناه ،لف الخرقة االخرى على الي د ،وأدخل أص بعه في في ه ،وأمرها
على أس نانه بشئ من الم اء ،وال يفتح أس نانه ،وي دخل أص بعه في منخريه
بشئ من الماء ليزيل ما فيهما من أذى .ثم يوضئه كوض وء الحي ثالثا ثالثا
مع المضمضة واالستنش اق ،وال يكفي ما ق دمناه من إدخ ال االص بعين عن
المضمضة واالستنشاق ،بل ذاك كالسواك .هذا مقتضى كالم الجمهور .وفي
(الش امل) وغ يره :ما يقتضي االكتف اء .واالول أص ح .ويميل رأسه في
المضمضة واالستنش اق ،لئال يصل الم اء باطن ه .وهل يكفي وص ول الم اء
مقاديم الشفتين ( )1والمنخرين ،أم يوصله إلى الداخل ؟ حكى إمام الحرمين
فيه ترددا ،لخوف الفساد ،وقطع بأن أسنانه لو كانت متراصة ال تفتح .فرع:
فإذا فرغ من وضوئه ،غسل رأسه ،ثم لحيته ،بالسدر والخطمي ،وس رحهما
بمشط واسع االس نان إن كانا متلب دين ،ويرفق لئال ينتف ش عر ،ف إن انتتف
رده إليه ( .)2ثم يغسل ش قه االيمن المقبل من عنق ه ،وص دره ،وفخ ذه،
وس اقه ،وقدم ه .ثم يغسل ش قه االيسر ك ذلك ،ثم يحوله إلى جنبه االيس ر،
فيغسل ش قه االيمن مما يلي القفا والظهر من الكتفين إلى الق دم ،ثم يحوله
إلى جنبه االيمن ،فيغسل ش قه االيسر ك ذلك .ه ذا نص الش افعي في
(المختصر) .وبه قال أكثر االصحاب ،وحكى العراقيون وغيرهم قوال آخر:
أنه يغسل جانبه االيمن من مقدمه ،ثم يحوله فيغسل جانب ظه ره االيمن ،ثم
يلقيه على ظه ره فيغسل جانبه االيسر من مقدم ه ،ثم يحوله فيغسل ج انب
ظه ره االيس ر .ق الوا :وكل واحد من ه ذين الط ريقين س ائغ ،واالول أولى.
وقال إمام الحرمين ،والغ زالي في آخ رين :يض جع أوال على جنبه االيس ر،
فيصب الماء على شقه االيمن من رأسه إلى قدمه ،ثم
] [ 616
يض جع على جنبه االيمن ،فيصب على ش قه االيس ر .والجمه ور على ما
قدمناه ،وعلى أن غسل ال رأس ال يع اد ،بل يب دأ بص فحة العنق فما تحته ا،
وقد حصل غسل ال رأس أوال .ويجب االح تراز عن كبه على الوج ه .ثم
جميع ما ذكرناه غسلة واحدة .وهذه الغسلة تكون بالم اء والس در والخطمي،
ثم يصب عليه الماء القراح ،من قرنه إلى قدمه .ويس تحب أن يغس له ثالث ا،
ف إن لم تحصل النظاف ة ،زاد ح تى تحص ل ،ف إن حصل بش فع ،اس تحب
االيت ار ،وهل يس قط الف رض بالغس لة المتغ يرة بالس در والخطمي ؟ فيه
وجه ان .أص حهما :ال .فعلى ه ذا ،ال تحسب ه ذه الغس لة من الثالث قطع ا.
وهل تحسب الواقعة بع دها ؟ وجه ان .أص حهما :ال ،الن الم اء إذا أص اب
المحل اختلط بما عليه من السدر وتغير به .فعلى ه ذا ،المحس وب ما يصب
عليه من الم اء الق راح بعد زوال الس در ،فيغسل بعد زوال الس در ثالثا
بالقراح .ويستحب أن يجعل في كل ماء قراح كافورا ( ،)1وهو في الغس لة
االخيرة آك د .وليكن قليال ال يتف احش التغ ير ب ه ،وقد يك ون ص لبا ال يق دح
التغير به ،وإن كان فاحشا على المشهور .ويعيد تل يين مفاص له بعد الغس ل.
ونقل الم زني إع ادة التل يين في أول وض عه على المغتس ل .وأنك ره أك ثر
االصحاب ،ثم ينشفه تنش يفا بليغ ا .ف رع :يتعهد الغاسل مسح بطن الميت في
كل م رة ب أرفق مما قبله ا ،ف إن خ رجت منه نجاسة في آخر الغس الت ،أو
بعدها ،وجب غسل النجاسة قطعا بكل حال .وهل يجب غيرها ؟ فيه أوج ه.
أص حها :ال .والث اني :يجب إع ادة غس له .والث الث :يجب وض وؤه .فعلى
االص ح ،ال ف رق بين النجاسة الخارجة من الس بيلين ( )2وغيرهم ا .وإن
أوجبنا الوضوء ( [ ،)3اختص بالخارجة من السبيلين .وإن أوجبنا الغسل ]
( ،)4ففي إع ادة الغسل كس ائر النجاس ات احتم ال ،الم ام الح رمين .قلت:
.الصحيح ،الجزم بأنه ال يجب إعادة الغسل كسائر النجاسات وهللا أعلم
] [ 617
ولم يتعرض الجمهور للفرق بين أن تخ رج النجاسة قبل االدراج في الكفن،
أو بعده ،وأشار ص احب (الع دة) إلى تخص يص الخالف في وج وب الغسل
والوض وء بما قبل االدراج .قلت :قد توافق ص احب (الع دة) والقاضي أبو
الطيب ،والمحاملي ،والسرخسي صاحب (االمالي) :فجزموا باالكتف اء بغسل
النجاسة بعد االدراج .وهللا أعلم .ولو لمس رجل ( )1امرأة ميتة بعد غسلها،
فإن قلن ا :يحب إع ادة الغسل أو الوض وء بخ روج النجاس ة ،وجبا هن ا .ك ذا
أطلقه في (التهذيب) .وذكر غيره :أنه تفريع على نقض طهر الملموس (.)2
وأما إذا قلن ا :ال يجب إال غسل المح ل ،فال يجب هنا ش ئ ،ولو وطئت بعد
الغسل ،فإن قلنا بإعادة الغسل ،أو الوضوء للنجاس ة ،وجب هنا الغس ل .وإن
قلنا باالصح ،لم يجب هنا شئ .قلت :كذا أطلقه االصحاب ،وينبغي أن يكون
فيه خالف مب ني على نجاسة ب اطن فرجه ا ،فإنها خ رجت على ال ذكر،
وتنجس بها ظ اهر الف رج .وهللا أعلم .فصل فيمن يغسل الميت :االصل أن
يغسل الرجال الرجال ،والنساء النساء .وأولى الرج ال بالرجل ( ،)3أوالهم
بالصالة عليه .وسيأتي ترتيبهم إن شاء هللا تعالى .والنساء أولى بغسل المرأة
بكل ح ال ،وليس للرجل غسل الم رأة إال الحد أس باب ثالث ة .أح دها:
الزوجي ة ،فله غسل زوجته المس لمة والذمية ( ،)4ولها غس له وإن ت زوج
اختها أو أربعا س واها على الص حيح .الث اني :المحرمي ة ،وظ اهر كالم
الغزالي ،تجويز الغسل للرجال المحارم مع وجود النساء ،لكن لم أر لعامة
] [ 618
االصحاب تصريحا ب ذلك ،وإنما يتكلم ون في ال ترتيب ،ويقول ون :المح ارم
بعد النساء أولى ( .)1الثالث :ملك اليمين ،فللسيد غسل أمت ه ،ومدبرت ه ،وأم
ولده ،ومكاتبته ،الن كتابتها ترتفع بموتها .فإن كن مزوجات ،أو معتدات ،لم
يكن له غسلهن .قلت :والمستبرأة كالمعتدة ( .)2وهللا أعلم .فرع :للمرأة غسل
زوجها ،ف إن طلقها رجعيا وم ات أح دهما في الع دة ،لم يكن لآلخر غس له،
لتحريم النظر في الحياة .وإلى متى تغسل زوجها ؟ فيه أوجه .أصحها :أب دا.
والث اني :ما لم تنقض ع دتها ب أن تضع حمال عقيب موت ه .والث الث :ما لم
ي تزوج .وإذا غسل أحد ال زوجين ص احبه ،لف على ي ده خرقة وال يمس ه،
ف إن خ الف ،ق ال القاضي حس ين :يصح الغسل وال يب نى على الخالف في
انتق اض طهر الملم وس .قلت :وأما وض وء الغاس ل ،فينتقض ،قاله القاضي
.حسين ( .)3وهللا أعلم
] [ 619
فرع :هل لالمة ،والم دبرة ،وأم الول د ،غسل الس يد ؟ وجه ان .أص حهما :ال
يج وز .وليس للمكاتبة غس له بال خالف ،النها ك انت محرمة علي ه .قلت:
والمزوج ة ،والمعت دة ،والمس تبرأة ،كالمكاتب ة .ص رح به في (الته ذيب)
وغ يره .وهللا أعلم .ف رع :لو م ات رجل وليس هن اك إال ام رأة أجنبي ة ،أو
ماتت امرأة وليس هناك إال رجل أجنبي ،فوجهان .أصحهما عند العراق يين،
والروياني ،واالكثرين :ال يغسل ،بل ييمم ويدفن .والث اني وهو ق ول القف ال،
ورجحه إمام الحرمين ،والغزالي :يغسل في ثيابه ،ويلف الغاسل خرقة على
ي ده ،ويغض طرفه ما أمكن ه ،ف إن اض طر للنظ ر ،نظر للض رورة .قلت:
حكى ص احب (الح اوي) ه ذا الث اني عن نص الش افعي رضي هللا عن ه،
وصححه .وحكى صاحب (البيان) وغيره وجها ثالث ا :أنه ي دفن ،وال يغس ل،
وال ييمم ،وهو ضعيف جدا .وهللا أعلم .فرع :إذا مات الخنثى المش كل وليس
هن اك مح رم له من الرج ال أو النس اء ،ف إن ك ان ص غيرا ،ج از للرج ال
والنساء غسله ،وكذا واضح الحال من االطفال ،يجوز للف ريقين غس له ،كما
يجوز مسه والنظر إليه ،وإن كان الخنثى كبيرا ،فوجهان ،كمس ألة االجن بي
( ،)1أحدهما :ييمم ويدفن .والثاني :يغسل .وفيمن يغسله أوجه .أص حها وبه
قال أبو زيد :يج وز للرج ال والنس اء جميعا غس له للض رورة ،واستص حابا
لحكم الص غر .والث اني :أنه في حق الرج ال ك المرأة ،وفي حق النس اء
كالرجل ،أخذا باالحوط .والثالث :يش ترى من تركته جارية لتغس له ،ف إن لم
يكن تركة ،اشتريت من بيت المال .ق ال االئم ة :وه ذا ض عيف ،الن إثب ات
الملك ابت داء لش خص بعد موته مس تبعد ،ولو ثبت ،فاالصح أن االمة ال
تغسل سيدها .والمراد
] [ 620
بالصغير :من لم يبلغ حدا يشتهى مثله ،وبالكبير من بلغه .فص ل :إذا ازدحم
الصالحون للغسل ،فإن كان الميت رجال ،غسله أقاربه على ترتيب صالتهم
علي ه .وهل تق دم الزوجة عليهم ؟ ( )1وجه ان .قلت :وفيه ثالثة أوج ه.
أصحها :يقدم رجال العص بات ،ثم الرج ال االج انب ،ثم الزوجة (،)3( )2
والثاني :يقدم الرجال االقارب ،ثم الزوج ة ،ثم الرج ال االج انب ،ثم النس اء
المح ارم .والث الث :تق دم الزوجة على الجمي ع .وهللا أعلم .وإن ك ان الميت
امرأة ،قدم النس اء في غس لها ،وأوالهن نس اء القراب ة ،واالولى منهن ،ذات
رحم محرم ( ،)4فإن استوت اثنتان في المحرمية ،فالتي في محل العصوبة
أولى ،كالعمة مع الخال ة ،والل واتي ال محرمية لهن ،يق دم منهن االق رب
فاالقرب ،وبعد نساء القرابة ،تق دم االجنبي ات ،ثم رج ال القراب ة ،وت رتيبهم
كالصالة .وهل يقدم الزوج على نساء القرابة ؟ وجهان .االصح المنصوص:
يقدمن عليه ،النهن أليق .والث اني :يق دم ،النه ك ان ينظر إلى ما ال ينظ رن،
ويقدم الزوج على الرجال االقارب على االص ح ،وكل من ق دمناه ،فش رطه
االس الم ،ف إن ك ان ك افرا ،فكالمع دوم ،ويق دم من بع ده ح تى يق دم المس لم
االجن بي على الق ريب الك افر .ويش ترط أيضا أن ال يك ون ق اتال ،ف إن قتل
بح ق ،ب ني على إرثه من ه ،ولو أن المق دم في الغسل س لمه لمن بع ده ،فله
تعاطيه بشرط اتحاد الجنس ،فليس للرجال
] [ 621
كلهم التف ويض إلى النس اء ،وال العكس .فص ل :إذا م ات المح رم ال يق رب
طيبا ،وال يؤخذ شعره وظف ره ،وال يلبس الرجل مخيط ا ،وال يس تر رأس ه،
وال وجه المرأة .وال بأس بالتخمير عند غسله ،كما ال بأس بجلوس المح رم
عند العطار ( ،)1ولو ماتت معتدة محدة ،ج از تطييبها على االص ح .قلت:
قال أصحابنا :فلو طيب المحرم إنس ان ،أو ألبسه مخيط ا ،عصى وال فدي ة،
كما لو قطع عض وا من ميت .وهللا أعلم .فص ل :غ ير المح رم من الم وتى،
هل يقلم ظف ره ،ويؤخذ ش عر إبط ه ،وعانت ه ،وش اربه ؟ ق والن .الق ديم :ال
يفع ل ،كما ال يختن .والجدي د :يفع ل .والق والن في الكراه ة ،وال خالف أن
ه ذه االم ور ال تس تحب .قلت :قلد االم ام ال رافعي الروي اني في قول ه :ال
تس تحب بال خالف ،وإنما الخالف في إثب ات الكراهة وع دمها .وك ذا قاله
أيضا الش يخ أبو حام د ،والمح املي ،ولكن ص رح االك ثرون ،أو الكث يرون
بخالفه ،فقالوا :الجديد :أنه يستحب .والقديم :يكره .ممن صرح بهذا ،صاحب
(الحاوي) والقاضي أبو الطيب ،والغزالي في (الوسيط) وغ يرهم .وقطع أبو
العباس الجرجاني باالستحباب ،وقال صاحب (الح اوي) :الق ول الجدي د :أنه
مس تحب ،وتركه مك روه .وعجب عن ال رافعي كيف يق ول ما ق ال ،وه ذه
الكتب مشهورة ،ال سيما (الوسيط) .وأما االصح من القولين ،فق ال جماع ة:
الق ديم هنا أص ح ،وهو المخت ار ،فلم ينقل عن الن بي (ص) ،والص حابة فيه
شئ معتم د ،وأج زاء الميت محترم ة ،فال تنتهك به ذا .وأما قول ه :كما ال
يختن ،فهذا هو المذهب الذي قطع به الجمهور .وفيه وج ه :أنه يختن .ووجه
ثالث :يختن البالغ دون الصبي .وهللا أعلم .فإذا قلنا بالجديد ،يخير الغاسل في
شعر االبطين والعانة [ بين االخذ بالموسى
] [ 622
أو بالنورة ،وقي ل :تتعين الن ورة في العانة ] ( .)1قلت :الم ذهب :أنه مخ ير
في الجميع ،فأما الشارب فيقصه كالحياة .قال المح املي وغ يره :يك ره حلقه
في الحي والميت .قال أصحابنا :ويفعل هذه االمور قبل الغس ل .ممن ص رح
به المحاملي ،وصاحب (الشامل) وغيرهما ،ولم يتعرض الجمهور لدفن هذه
االجزاء معه .وقال صاحب (العدة) :ما يأخ ذه منه ا ،يصر في كفن ه .ووافقه
القاضي حسين ،وصاحب (التهذيب) في الش عر المنتتف في تس ريح ال رأس
واللحية كما تقدم ،وقال به غيرهم .وقال صاحب (الحاوي) :االختيار عن دنا:
أنه ال يدفن معه ،إذ ال أصل له .وهللا أعلم .وال يحلق رأسه بحال ،وقي ل :إن
ك ان له ع ادة بحلق ه ،ففيه الخالف كالش ارب ،وجميع ما ذكرن اه في ص فة
الغسل ،هو في غير الشهيد ،وسيأتي حكم الش هيد إن ش اء هللا تع الى .ف رع:
لو تح رق مس لم ،بحيث لو غسل لته رأ ،لم يغس ل ،بل ييمم ،ولو ك ان به
ق روح ،وخيف ( )2عليه من غس له تس ارع البلى إليه بعد ال دفن ،غس ل،
فالجميع ص ائرون إلى البلى .قلت :يج وز للجنب والح ائض غسل الميت بال
كراهة .ولو ماتا غسال غسال واحدا .وإذا رأى الغاسل من الميت ما يعجب ه،
استحب أن يتحدث به ،وإن رأى ما يك ره ،ح رم عليه ذك ره إال لمص لحة (
،)3وإذا ( )4كان للميتة شعر ،فالسنة أن يجعل ثالث ذوائب ،وتلقى خلفها،
وينبغي أن يك ون الغاسل ( )5مأمون ا .ولو ك ان له زوجت ان أو أك ثر،
وتنازعن في غسله ،أقرع بينهن .ولو مات له ( )6زوجات في وقت
] [ 623
به دم ،أو غ رق ،أو غ يره ،أق رع بينهن ،فق دم من خ رجت قرعته ا .ق ال
ال دارمي :ق ال الش افعي رحمه هللا :لو م ات رجل وهن اك نس اء مس لمات،
ورجال كفار ،أمرت الكفار بغسله ،وص لين علي ه .وه ذا تفريع على ص حة
غسل الكافر .قال الدارمي :وإذا نشف المغس ول بث وب ،ق ال أبو إس حاق :ال
ينجس الثوب ،سواء قلنا بنجاسة الميت ،أم ال .قال الدارمي :وفيه نظر .وهللا
أعلم .باب التكفين تقدم أنه فرض كفاي ة .ويس تحب في ل ون الكفن البي اض،
وجنسه في حق كل ميت ،ما يجوز له لبسه في الحياة ،فيجوز تكفين الم رأة
في الحري ر ،لكن يك ره ،ويح رم تكفين الرجل به ( .)1قلت :ولنا وجه ش اذ
منكر :أنه يح رم تكفين الم رأة في الحري ر .وأما المزعف ر ،والمعص فر ،فال
يح رم تكفينها في ه ،لكن يك ره على الم ذهب .وفي وج ه :ال يك ره .ق ال
أصحابنا :يعتبر في االكفان المباحة حال الميت ،فإن كان مك ثرا ،فمن جي اد
الثياب ،وإن كان متوسطا ،فأوسطها ،وإن كان مقال ،فخش نها .ق الوا :وتك ره
المغاالة فيه ( .)2قال القاضي حسين ،وصاحب (التهذيب) :والمغس ول أولى
من الجدي د .واتفق وا على اس تحباب تحس ين الكفن في البي اض ،والنظاف ة،
وسبوغه ،وكثافته ،ال في ارتفاعه .وهللا أعلم .فصل :أقل الكفن ثوب ،وأكمله
للرجال ثالثة ،وفي قدر الثوب الواجب ،وجهان .أحدهما :ما يس تر الع ورة،
ويختلف ب اختالف ع ورة المكفن في ال ذكورة واالنوث ة .والث اني :ما يس تر
.جميع بدنه إال رأس المحرم ،ووجه المحرمة
] [ 624
قلت :أص حهما :االول .وص ححه الجمه ور ،وهو ظ اهر النص ( .)1وهللا
أعلم .وإذا كفن فيما ال يعم الرأس والرجلين ،ستر ال رأس .والث وب ال واجب
حق هلل تع الى ال تنفذ ( )2وص ية الميت بإس قاطه [ .والث اني والث الث حق
للميت تنفذ وصيته بإسقاطهما ] ( .)3ولو لم يوص فقال بعض الورثة :يكفن
بث وب ،وبعض هم :بثالث ة ،فالم ذهب يكفن بثالث ة .وقي ل :وجه ان .أح دهما:
بثوب .وأصحهما :بثالثة ،ولو اتفقت الورثة على ثوب ،ق ال في (الته ذيب):
يجوز .وفي (التتمة) :انه على الخالف .قلت :ق ول (التتم ة) أقيس .وهللا أعلم.
ولو كان عليه دي ون مس تغرقة ،فق ال الغرم اء :ث وب ،فث وب على االص ح.
فرع :محل الكفن :رأس مال التركة ،يقدم على الديون والوصايا والم يراث،
لكن ال يب اع المره ون في الكفن ،وال الج اني ،وال ما وجبت فيه الزك اة.
قلت :ويلحق بالثالثة ،المال ال ذي ثبت فيه حق الرج وع ب إفالس الميت .وقد
ذكره الرافعي في أول الف رائض .وهللا أعلم .ف إن لم ي ترك م اال ،فكفنه على
من هو في نفقت ه ،فعلى الق ريب كفن قريب ه ،وعلى الس يد كفن عب ده ،وأم
ولده ،ومكاتبه ،وسواء في أوالده كانوا صغارا ( ،)4أو
] [ 625
كبارا ،تجب عليه أكفانهم ،النهم عاجزون ب الموت ،ونفقة ع اجزهم واجب ة.
ويجب على الزوج كفنه ا ،ومؤنة تجهيزها على االصح ( .)1فعلى ه ذا ،لو
لم يكن للزوج مال ،ففي مالها .أما إذا لم يترك الميت م اال ،وال ك ان له من
تلزمه نفقت ه ،فيجب كفنه ومؤنة تجه يزه في بيت الم ال ،كنفقت ه .وهل يكفن
منه بثوب واحد ،أم بثالثة ؟ وجهان .أص حهما :بث وب .ف إن قلن ا :ث وب ،فلو
ترك ثوبا لم يزد من بيت مال ،وإن قلنا :ثالث ة ،كمت على االص ح .وإذا لم
يكن في بيت الم ال م ال ،فعلى عامة المس لمين الكفن ومؤنة التجه يز (.)2
قلت :ق ال القاضي حس ين :إذا م ات وهو في نفقة غ يره ،هل يلزمه تكفينه
بثالثة أث واب ،أم بث وب ؟ وجه ان .أص حهما :ث وب .وقطع هو وص احب
(الته ذيب) بأنه إذا لم يكن في بيت الم ال م ال ،ول زم المس لمين تكفين ه ،ال
يجب أكثر من ثوب .وهللا أعلم .فرع :قدمنا أن االفضل في كفن الرجل ثالثة
أثواب .فلو زيد إلى خمسة ( ،)3جاز ،وال يستحب .ويس تحب تكفين الم رأة
في خمسة ،والخنثى
] [ 626
ك المرأة ،والزي ادة على الخمسة مكروهة على االطالق .قلت :ق ال إم ام
الح رمين :ق ال الش يخ أبو علي :وليست الخمسة في حق الم رأة كالثالثة
للرج ل ،ح تى ( :)1يج بر الورثة عليه ا ،كما يج برون على الثالث ة .ق ال
االم ام :وه ذا متفق علي ه .وهللا أعلم .ثم إن كفن الرجل والم رأة في ثالث ة،
فالمس تحب ثالث لف ائف .وإن كفن الرجل في خمس ة ،فثالث لف ائف،
وقميص ،وعمام ة ،وتجعالن تحت اللف ائف .وإن كفنت الم رأة في خمس ة،
فق والن .الجدي د :إزار وخم ار ،وثالث لف ائف .والق ديم وهو االظهر عند
االكثرين :إزار وخمار وقميص ولفافت ان .وه ذه المس ألة مما يف تى فيه على
القديم .قلت :قال الشيخ أبو حامد ،والمح املي :المع روف للش افعي في عامة
كتبه ،أنه يكون فيها قميص .قاال :والقول اآلخر :ال يع رف إال عن الم زني،
فعلى هذا ال ذي نقال ،ال يك ون إثب ات القميص مختصا بالق ديم .وهللا أعلم .ثم
ق ال الش افعي رحمه هللا :يشد على ص درها ث وب ،لئال تنتشر أكفانه ا،
واختلف فيه .فقال أبو إسحاق :هو ثوب سادس ،ويحل عنها إذا وض عت في
القبر .وق ال ابن س ريج :يشد عليها ث وب من الخمسة وي ترك ،واالول أصح
عند االصحاب .وأما ترتيب الخمسة ،فقال المحاملي وغ يره :على ق ول أبي
إسحاق :إن قلنا :تقمص ،شد عليها الم ئزر ،ثم القميص ،ثم الخم ار ،ثم تلف
في ثوبين ،ثم يشد السادس ،وإن قلنا :ال تقمص ،شد المئزر ،ثم الخم ار ،ثم
تلف في اللف ائف ،ثم يشد عليها خرق ة .وعلى ق ول ابن س ريج :إن قلن ا:
تقمص ،شد الم ئزر ،ثم ال درع ،ثم الخم ار ،ثم يشد عليها الخرق ة ،ثم تلف
في ثوب .وإن قلنا :ال تقمص ،شد المئزر ،ثم الخم ار ،ثم تلف في ث وب ،ثم
يشد عليها آخ ر ،ثم تلف في الخ امس .وإذا وقع التكفين في اللف ائف الثالث،
.ففيها وجهان
] [ 627
أحدهما :تكون متفاوتة فاالسفل ( ،)1يأخذ ما بين سرته وركبتي ه .والث اني:
من عنقه إلى كعبه .والثالث :يستر جميع بدنه .وأصحهما :تكون متساوية في
الطول والعرض ،يأخذ كل واحد منهما جميع بدنه .وال ف رق في التكفين في
الثالث ،بين الرجل والم رأة ،وإنما يفترق ان في الخمسة كما تق دم .ف رع:
يس تحب تبخ ير الكفن ب العود ،إن لم يكن الميت محرم ا ،فتنصب مبخ رة،
وتوضع االكف ان عليها ليص يبها دخ ان الع ود ،ثم تبسط أحسن اللف ائف
وأوسعها ،ويذر عليها حنوط ( ،)2وتبسط الثانية فوقها ،ويذر عليها حن وط
( ،)3وتبسط الثالثة التي تلي الميت فوقها ،وي ذر عليها حن وط وك افور ،ثم
يوضع الميت فوقها مس تلقيا ،ويؤخذ ق در من القطن المحل وج ،ويجعل عليه
حن وط وك افور ،وي دس بين أليتيه ح تى يتصل بالحلقة ل يرد ش يئا يتع رض
للخروج ،وال يدخله في باطن ه ،وفيه وجه ض عيف :أنه ال ب أس ب ه ،ثم يسد
أليتيه ويس توثق ب أن يأخذ خرق ة ،ويشق رأس ها ،ويجعل وس طها عن أليتيه
وعانت ه ،ويش دها ف وق الس رة ب أن ي رد ما يلي ظه ره إلى س رته ،ويعطف
الش قين اآلخ رين علي ه .ولو شد ش قا من كل رأس على فخ ذه ،ومثله على
الفخذ الثانية ،ج از .وقي ل :يش دها عليه بالخي ط ،وال يشق طرفيه ا ،ثم يأخذ
شيئا من القطن ويضع عليه قدرا من الك افور والحن وط ،ويجعل على منافذ
الب دن ( )4من المنخ رين ،واالذنين ،والعي نين ،والجراح ات الناف ذة ،دفعا
للهوام ،ويجعل الطيب على مساجده ،وهي الجبهة ،واالنف ،وب اطن الكفين،
والركبتان ،والقدمان ،فيجعل الطيب على قطن ،ويجعل على هذه المواضع.
وقيل :يجعل عليها بال قطن .ثم يلقى الكفن عليه ب أن يث ني من الث وب ال ذي
يلي
] [ 628
الميت طرفه ال ذي يلي ش قه االيس ر ،على ش قه االيمن ،وال ذي يلي االيمن
على االيسر ،كما يفعل الحي بالقباء ،ثم يلف الثاني والثالث كذلك .وفيه قول
آخر :أنه يبدأ ب الطرف ال ذي يلي ش قه االيمن .واالول أصح عند الجمه ور،
ومنهم من قطع ب ه .وإذا لف الكفن علي ه ،جمع الفاضل عند رأسه جمع
العمام ة ،ورد على وجهه وص دره إلى حيث بل غ ،وما فضل عند رجليه
يجعل على الق دمين والس اقين .وينبغي أن يوضع الميت على االكف ان أوال،
بحيث إذا ( )1لف عليه ك ان الفاضل عند رأسه أك ثر ،ثم تشد االكف ان عليه
بش داد ،خيفة انتش ارها عند الحم ل ،ف إذا وضع في الق بر .ن زع .وفي ك ون
الحن وط مس تحبا ،أو واجب ا ،وجه ان .أص حهما :مس تحب .قلت :م ذهبنا أن
الص بي الص غير ك الكبير في اس تحباب تكفينه في ثالثة أث واب .وق ال
الصيمري :ال يستحب أن يعد لنفسه كفنا لئال يحاسب علي ه .وه ذا ال ذي قاله
صحيح ،إال إذا كان من جهة يقطع بحله ا ،أو من أثر بعض أهل الخ ير من
العلم اء ،أو العب اد ونحو ذل ك ،ف إن ادخ اره حس ن .وقد صح عن بعض
.الصحابة فعله ( .)2وهللا أعلم
] [ 629
ب اب حمل الجن ازة ليس في حملها ( )1دن اءة وس قوط م روءة ،بل هو بر
وإكرام للميت ،وال يتواله إال الرجال ،ذكرا كان الميت ،أو أنثى ،وال يجوز
الحمل على الهي آت [ المزري ة ،وال على الهيئة ] ( )2ال تي يخشى منها
السقوط .وللحمل كيفيتان .إحداهما :بين العمودين ،وهو أن يتقدم رجل فيضع
الخش بتين الشاخص تين ،وهما العم ودان على عاتقي ه ،والخش بة المعترضة
بينهما على كتفه ،ويحل مؤخر النعش رجالن ،أح دهما من الج انب االيمن،
واآلخر من االيس ر ،وال يتوسط الخش بتين الم ؤخرتين واح د ،فإنه ال ي رى
موضع قدميه ،فإن لم يستقل المقدم بالحمل ،أعانه رجالن خارج العم ودين،
يضع كل واحد منهما واح دا على عاتق ه ،فتك ون الجن ازة محمولة على
خمس ة .والكيفية الثاني ة :ال تربيع ،وهو أن يتق دم رجالن ،فيضع أح دهما
العم ود االيمن على عاتقه االيس ر ،واآلخر العم ود االيسر على عاتقه
االيمن ،وكذلك يحمل العمودين من آخرهما رجالن ،فتكون الجنازة محمولة
بأربع ة .ق ال الش افعي رضي هللا عن ه :من أراد الت برك بحمل الجن ازة من
جوانبها االربعة ،ب دأ ب العمود االيسر من مق دمها ،فحمله على عاتقه االيمن
أيضا ( ،)3ثم يسلمه إلى غيره ،ويأخذ العمود االيسر من مؤخره ا ،فيحمله
على عاتقه االيمن أيض ا ،ثم يتق دم فيع رض بين ي ديها لئال يك ون ماش يا
خلفها ،فيأخذ العمود االيمن من مق دمها على عاتقه االيس ر ،ثم يأخذ العم ود
االيمن من مؤخرها ،وال شك أن هذا إنما يتأتى إذا حمل الجن ازة على هيئة
التربيع .وكل واحدة من الكيفيتين جائزة .قال بعض االصحاب :واالفضل أن
يجمع بينهما ،بأن يحمل ت ارة ك ذا ،وت ارة ك ذا ،ف إن اقتصر فأيهما أفضل ؟
فيه ثالثة أوجه .الصحيح المع روف :الحمل بين العم ودين أفض ل .والث اني:
التربيع .والثالث :هما سواء .فصل :المشي أمام الجنازة أفضل لل راكب (،)4
والماشي ،واالفضل أن
] [ 630
يكون قريبا منه ا ،بحيث لو التفت رآها ( ،)1وال يتق دمها إلى المق برة ،فلو
تقدم لم يكره ،وهو بالخيار ،إن شاء قام منتظرا لها ،وإن ش اء قع د .والس نة
االسراع بالجنازة ،إال أن يخاف من االسراع تغ ير الميت ،فيت أنى .والم راد
باالس راع :ف وق المشي المعت اد دون الخبب ،ف إن خيف عليه تغ ير ،أو
انفجار ،أو انتفاخ ،زيد في االسراع .قلت :ينبغي أن ال ي ركب في ذهابه مع
الجنازة إال لعذر ( ،)2وال بأس به في الرجوع .وقد تقدم بيانه في الجمع ة.
ق ال أص حابنا :وإن ك ان الميت ام رأة ،اس تحب أن يتخذ لها ما يس ترها،
كالخيمة ،والقب ة .ق الوا :وإتب اع الجن ائز س نة متأك دة في حق الرج ال ،وأما
النساء فال يتبعن .ثم قيل :االتباع حرام عليهن ،والص حيح أنه مك روه إذا لم
يتضمن حراما .قال أصحابنا :وال يكره للمس لم اتب اع جن ازة قريبه الك افر (
.)3ق ال الش افعي ،وأص حابنا رحمهم هللا :يك ره أن تتبع الجن ازة بن ار في
مجم رة أو غيره ا ،ونقل ابن المن ذر وغ يره االجم اع علي ه .وق ال بعض
أصحابنا :ال يجوز ذلك .والمذهب :الكراهة .وكذا يك ره أن يك ون عند الق بر
مجمرة .وأما النياحة والصياح وراء الجنازة ،فح رام ش ديد التح ريم .ويك ره
اللغط في المشي معه ا ،والح ديث في أم ور ال دنيا ،بل المس تحب الفكر في
الم وت وما بع ده ،وفن اء ال دنيا ،ونحو ذل ك .ق ال الش افعي وأص حابنا :وإذا
مرت به جنازة ولم يرد ال ذهاب معه ا ،لم يقم له ا ،بل نص أك ثر أص حابنا
على كراهة القي ام .ونقل المح املي إجم اع الفقه اء علي ه ،وانف رد ص احب
(التتمة) باستحباب القيام لالحاديث الصحيحة فيه ،ق ال الجمه ور :االح اديث
.منسوخة .وقد أوضحت ذلك في (شرح المهذب) ( .)4وهللا أعلم
] [ 631
باب الصالة على الميت تقدم أنها فرض كفاية ،ويش ترط فيمن يص لى عليه
ثالثة أمور ،أن يكون ميتا مسلما غير شهيد ،فلو وجد بعض مس لم ولم يعلم
موته ،لم يصل عليه .وإن علم موته ،صلي عليه وإن قل الموج ود .ه ذا في
غ ير الش عر والظفر ونحوهم ا ،وفي ه ذه االج زاء وجه ان .أقربهما إلى
إطالق االك ثرين أنها كغيرها ( ،)1لكن ق ال في (الع دة) :إن لم يوجد إال
شعرة واحدة ،لم يصل عليها في ظاهر المذهب .ومتى شرعت الص الة ،فال
بد من الغسل والم واراة بخرقة ( .)2وأما ال دفن ،فال يختص بما إذا علم
موت صاحبه ،بل ما ينفصل من الحي من شعر وظفر وغيرهما يستحب له
دفنه ،وكذلك يوارى دم الفصد ،والحجامة .والعلقة والمضغة تلقيهما الم رأة.
ولو وجد بعض ميت أو كله ،ولم يعلم أنه مسلم ،فإن ك ان في دار االس الم،
صلي علي ه ،الن الغ الب فيها االس الم .ثم م تى ص لى على العض و ،ين وي
الصالة على جملة الميت ،ال على العضو وحده .فرع :السقط ( )3له حاالن.
أحدهما :أن يستهل أو يبكي ثم يموت ،فهو
] [ 632
ك الكبير .الث اني :أن ال ت تيقن حياته باس تهالل وال غ يره ،فت ارة يع رى عن
أمارة ،كاالختالج ونحوه ،وتارة ال يعرى ،فإن عري ،نظر ،إن لم يبلغ حدا
ينفخ فيه الروح ،وهو أربعة أشهر فصاعدا ،لم يصل عليه قطعا ،وال يغسل
على المذهب .وقيل :في غسله قوالن .وإن بلغ أربعة أشهر ،ص لي عليه في
القديم ،ولم يصل في الجديد ،ويغسل على المذهب .وقيل :قوالن .والفرق أن
الغسل أوسع ،فإن الذمي يغسل بال صالة .أما إن اختلج ،أو تحرك ،فيص لى
عليه على االظهر ( .)1وقي ل :قطع ا .ويغسل على الم ذهب ،وقي ل :فيه
القوالن .وما لم يظهر فيه خلقة آدمي يكفي فيه المواراة كيف كانت ،وبعدها
( )2حكم التكفين حكم الغس ل .فصل ال تج وز الص الة على ك افر ،حربيا
ك ان ،أو ذمي ا ،وال يجب على المس لمين غس لة ،ذميا ك ان ،أو حربي ا ،لكن
يجوز ،وأقاربه الكفار أولى بغس له من أقاربه المس لمين .وأما تكفينه ودفن ه،
ف إن ك ان ذمي ا ،وجب على المس لمين على االصح ( ،)3وف اء بذمت ه ،كما
يجب إطعامه وكسوته في حياته ،وإن كان حربيا ،لم يجب تكفينه قطعا ،وال
دفنه على المذهب ( .)4وقيل :وجهان .أحدهما :يجب .والثاني :ال ،بل يج وز
إغراء الكلب عليه ،فإن دفن فلئال يت أذى الن اس بريح ه ،والمرتد ك الحربي،
ولو اختلط م وتى المس لمين بالكف ار ولم يتم يزوا ،وجب غسل جميعهم
والصالة عليهم ،فإن صلى عليهم دفعة ( ،)5جاز [ ،ويقصد المسلمين منهم.
وإن صلى عليهم واحدا واحدا ،جاز ] ( ،)6وينوي الصالة عليه إن كان
] [ 633
مس لما ويق ول( :اللهم اغفر له إن ك ان مس لما) .قلت :الص الة عليهم دفعة
أفض ل ،واقتصر عليها الش افعي وجماعة من االص حاب .واختالط الش هداء
بغيرهم كاختالط الكفار .وهللا أعلم .فصل :الشهيد ال يغسل ،وال يص لى عليه
( .)1وقال المزني :يصلى عليه وال فرق عن دنا بين الرجل والم رأة ،والحر
والعبد ،والبالغ والصبي .ثم المراد بترك الصالة ،أنها ح رام على الص حيح.
وعلى الث اني :ال تجب ،لكن تج وز .وأما الغس ل ،ف إن أدى إلى إزالة دم
الش هادة ،فح رام قطع ا ،وإال فح رام على الم ذهب .وقيل كالص الة .واسم
الشهيد قد يخصص في الفقه بمن ال يغسل وال يصلى علي ه ،وقد يس مى كل
مقتول ظلما شهيدا وهو أظهر ،وهو الذي ( )2نص عليه الشافعي رحمه هللا
في (المختصر) وعلى هذا ،الشهيد نوعان .أحدهما :من ال يغسل وال يص لى
عليه ،وهو من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال ،سواء قتله كافر ،أو
أص ابه س الح مس لم خط أ ،أو ع اد إليه س الحه ،أو س قط عن فرس ه ،أو
رمحته دابة فمات ،أو وجد قتيال عند انكشاف الحرب ،ولم يعلم سبب موته،
س واء ك ان عليه أثر دم ،أم ال .أما إذا م ات في مع ترك الكف ار ال بس بب
القتال ،بل بمرض ،أو فجأة ،فالمذهب أنه ليس بش هيد ،وقي ل :على وجهين.
ولو جرح في القتال وم ات بعد انقض ائه ،ف إن قطع بموته من تلك الجراحة
وبقي فيه بعد انقضاء الحرب حياة مستقرة ،فقوالن .أظهرهم ا :ليس بش هيد،
وسواء في جريان القولين أكل وتكلم وصلى ،أم ال ،طال الزم ان أم قص ر.
وقيل :إن مات عن قرب ،فق والن ،وإن بقي أيام ا ،فليس بش هيد قطع ا .وأما
إذا انقضت
] [ 634
الح رب وليس فيه إال حركة م ذبوح ،فش هيد بال خالف .وإن انقضت وهو
متوقع البق اء ،فليس بش هيد بال خالف .ولو دخل الح ربي دار االس الم فقتل
مس لما اغتي اال ،فليس بش هيد على الص حيح .ولو قتل أهل البغي رجال من
أهل الع دل ،غسل وص لي عليه على االظه ر .ويغسل الب اغي المقت ول،
ويصلى عليه قطعا .ومن قتله قطاع الطريق ،قيل .ليس بشهيد قطع ا .وقي ل:
كالعادل ( .)1النوع الثاني :الشهداء العارون عن جميع االوصاف المذكورة،
ك المبطون ،والمطع ون ،والغري ق ،والغ ريب ،والميت عش قا ،والميتة في
الطلق ،ومن قتله مسلم ،أو ذمي ،أو باغ ،في غير القتال ،فهم كسائر الموت
يغسلون ويصلى عليهم ،وإن ورد فيهم لفظ الشهادة ،وك ذا المقت ول قصاصا
أو حدا ليس بشهيد .وإذا قتل تارك الص الة ،غسل وكفن وص لي عليه ودفن
في مقابر المسلمين ،ورفع قبره كغ يره ،كما يفعل بس ائر أص حاب الكب ائر،
هذا هو الصحيح .وفي وجه :ال يغسل ،وال يصلى عليه ،وال يكفن ،ويطمس
قبره تغليطا عليه .وأما قاطع الطريق ،فيبنى أم ره على ص فة قتله وص لبه،
وفيه ق والن .أظهرهم ا :يقت ل ،ثم يغسل ويص لى علي ه ،ثم يص لب مكفن ا.
والثاني :يصلب ،ثم يقتل .وهل ي نزل بعد ثالثة أي ام ،أم يبقى ح تى يته رأ ؟
وجه ان .إن قلنا ب االول ،أن زل فغسل وص لي علي ه .وعلى الث اني :ال يغسل
وال يص لى علي ه .ق ال إم ام الح رمين :وك ان ال يمتنع أن يقتل مص لوبا،
وينزل ،فيغسل ويصلى عليه ،ثم يرد ،ولكن لم يذهب إليه أحد .وق ال بعض
أصحابنا :ال يغسل وال يصلى عليه على كل قول .فرع :لو استشهد جنب ،لم
.يغسل على االصح ( ،)2وال يصلى عليه قطعا
] [ 635
قلت :ولو استش هدت ح ائض ،ف إن قلن ا :الجنب ال يغس ل ،فهي أولى ،وإال
فوجهان حكاهما صاحب (البحر) بن اء على أن غسل الح ائض يتعلق برؤية
ال دم ،أم بانقطاع ه ،أم بهما ؟ إن قلن ا :برؤيت ه ،فك الجنب .وهللا أعلم .ولو
أصابته نجاسة ال بسبب الشهادة ،فاالصح أنها تغس ل .والث اني :ال .والث الث:
إن أدى غسلها إلى إزالة أثر الشهادة ،لم تغسل ،وإال غسلت .ف رع :واالولى
أن يكفن الش هيد في ثيابه الملطخة بال دم ( ،)1ف إن لم يكن ما عليه س ابغا،
تمم ،وإن أراد الورثة نزع ما عليه من الثياب وتكفينه في غيرها ،ج از .أما
الدرع ،والجل د ،والف راء ،والخف اف ،فت نزع .فصل فيمن هو أولى بالص الة
على الميت :وفي الولي والوالي ق والن .الق ديم :ال والي أولى ،كما في س ائر
الص لوات ،ثم إم ام المس جد ،ثم ال ولي .والجدي د :ال ولي أولى .قلت :وهو
االظهر .وهللا أعلم .والم راد ب الولي :الق ريب ،فال يق دم غ يره ،إال أن يك ون
القريب أن ثى ،وهن اك ذكر أجن بي ،فهو أولى ،ح تى يق دم الص بي المراهق
على الم رأة القريب ة .وك ذا الرجل أولى من الم رأة بإمامة النس اء في س ائر
الص لوات .وأولى االق ارب :االب ،ثم الجد أب االب وإن عال ،ثم االبن ،ثم
ابن االبن وإن س فل ،ثم االخ .وهل يق دم االخ من االب وين على االخ من
االب ؟ فيه طريقان .المذهب :تقديم ه .والث اني :على ق ولين كوالية النك اح (
.)2أظهرهما :يقدم .والثاني :سواء ،فعلى المذهب :المقدم
] [ 636
بع دهما ابن االخ من االب وين ،ثم من االب ،ثم ( )1من العم لالب وين ،ثم
لالب ،ثم ابن العم لالبوين ،ثم عم االب ،ثم بنوه ( ،)2ثم عم الجد ،ثم بن وه
على ترتيب االرث .قلت :قال أصحابنا :لو اجتمع ابناء عم ،أح دهما أخ الم،
فعلى الط ريقين .وهللا أعلم .ف إن لم يكن عص بة ،ق دم المعت ق .ق ال إم ام
الح رمين :ولعل الظ اهر تقديمه على ذوي االرح ام ( .)3وله حق في ه ذا
الباب ،فإذا لم يكن هناك عصبة بالنسب ،وال بالوالء ،ق دم أبو األم ،ثم االخ
لالم ،ثم الخال ،ثم العم لالم .ولو أوصى أن يص لي عليه أجن بي ،فطريق ان.
المذهب ،وبه قطع الجمهور :يقدم الق ريب .والث اني :وجه ان .أح دهما :ه ذا.
والثاني :يق دم الموصى ل ه ،ك الوجهين فيمن أوصى أجنبيا على أوالده ولهم
جد .فرع :إذا اجتمع اثنان في درجة ،ك ابنين أو أخ وين ،وتنازع ا ،نص في
(المختص ر) :أن االسن أولى -وق ال :في س ائر الص لوات االفقه أولى .ق ال
الجمه ور :المس ألتان على ما نص علي ه ،وه ذا هو الم ذهب .وقي ل :فيهما
ق والن ب التخريج .والم راد باالس ن :االك بر -وإن كانا ش ابين ،وإنما يق دم
االسن إذا حمدت حاله .أما الفاسق والمبتدع ،فال .ويش ترط بمضي السن في
االسالم كما سبق في سائر الصلوات .ولو استوى اثن ان في درجة وأح دهما
رقيق ،واآلخر حر ،فالحر أولى ،فإن كان أحدهما رقيقا فقيها ،واآلخر ح را
.غير فقيه ،فوجهان .وقال في (الوسيط) :لعل التسوية أولى ()4
] [ 637
قلت :االصح ،تقديم الحر .وهللا أعلم .ولو كان االقرب رقيق ا ،واالبعد ح را،
ك أخ رقي ق ،وعم ح ر ،فاالصح عند الجمه ور :العم أولى .والث اني :االخ.
وقيل :سواء ،ولو استووا في كل شئ ،فإن رضوا بتق دم واح د ،ف ذاك ،وإال
أقرع ( .)1فصل :السنة أن يقف االمام عند عجيزة المرأة قطعا ،وعند رأس
الرجل على الصحيح الذي قطع به الجمهور .والثاني :عند صدره .ولو تق دم
على الجنازة الحاضرة ،أو القبر ،لم يصح على المذهب .فرع :إذا حض رت
جن ائز ،ج از أن يص لي على كل واح دة ص الة ،وهو االولى ،وج از أن
يصلي على الجميع صالة واحدة ،سواء كانوا ذكورا وإناثا ،فإن ك انوا نوعا
واحدا ،ففي كيفية وضعهم وجهان .وقيل :قوالن .أص حهما :يوضع بين ي دي
االمام في جهة القبلة بعض ها خلف بعض ليح اذي االم ام الجمي ع .والث اني:
يوضع الجميع صفا واحدا .رأس كل إنسان عند رجل اآلخر ،ويجعل االم ام
جميعهم عن يمين ه ،ويقف في مح اذاة اآلخ ر [ .وإن اختلف الن وع ،تعين
الوجه االول .ومتى وضعوا كذلك ،فمن يقدم إلى االمام ؟ ينظ ر ،إن ج اؤوا
دفعة واحدة ،نظر ] ( ،)2إن اختلف النوع ،قدم إليه الرجل ،ثم الص بي ،ثم
الخن ثى ،ثم الم رأة .ولو حضر جماعة من الخن اثى ،وض عت ص فا واح دا،
لئال تتق دم ام رأة رجال .وإن اتحد الن وع ،ق دم إليه أفض لهم ،والمعت بر فيه
الورع ،والخص ال ال تي ت رغب في الص الة علي ه ،ويغلب على الظن كونه
أق رب رحمة من هللا تع الى ،وال يق دم بالحري ة .وإن اس تووا في جميع
الخصال ،وتنازع االولياء في التقديم ،أقرع بينهم ،وإن رضوا بتقديم واح د،
فذاك .وأما إذا جاءت الجنائز متعاقبة ،فيقدم إلى
] [ 638
االمام أس بقها وإن ك ان المت أخر أفض ل ،ه ذا إن اتحد الن وع .فلو وض عت
امرأة .ثم حضر رجل ،أو صبي ،نحيت ووضع الرجل أو الصبي بين ي دي
االمام ،ولو وضع صبي ،ثم حضر رج ل ،فالص حيح أنه ال ينحى الص بي،
بل يقال لولي الرجل :إما أن تجعل جنازتك وراء الصبي ،وإما أن تنقله إلى
موضع آخ ر .وعلى الش اذ :الص بي ك المرأة .ف إن قي ل :ولي كل ميت أولى
بالصالة عليه ،فمن يص لي على الجن ائز ص الة واح دة ،قلن ا :من لم ي رض
بصالة غ يره ،ص لى على ميت ه ،وإن رض وا جميعا بص الة واح دة ،ص لى
ولي السابقة ،رجال كان ميته أو امرأة ،وإن حضروا مع ا ،أق رع .فصل في
كيفية الصالة أما أقله ا ،فأركانها س بعة .أح دها ( :)1الني ة ،ووقتها ما س بق
في س ائر الص لوات .وفي اش تراط الفرض ية الخالف المتق دم ( ،)2وهل
يش ترط التع رض لكونها ف رض كفاي ة ،أم يكفي مطلق الف رض ؟ وجه ان.
أصحهما الث اني .ثم إن ك ان الميت واح دا ،ن وى الص الة علي ه ،وإن حضر
م وتى ،ن وى الص الة عليهم ،وال حاجة إلى تع يين الميت ومعرفت ه ،بل لو
نوى الصالة على من يصلي عليه االمام ،جاز ،ولو عين الميت وأخط أ ،لم
تصح .قلت :هذا إذا لم يشر إلى الميت المعين ،فإن أشار ،صح في االص ح.
وهللا أعلم .ويجب على المقتدي نية االقتداء .الركن الثاني :القيام ،وال يج زئ
.عنه القعود مع القدرة على المذهب ،كما سبق في التيمم
] [ 639
الثالث :التكبيرات االربع ( ،)1ولو كبر خمسا ساهيا ،لم تبطل صالته ،وال
مدخل لسجود الس هو في ه ذه الص الة .وإن ك ان عام دا لم تبطل أيضا على
االصح الذي قاله االكثرون .وقال ابن س ريج :االح اديث ال واردة في تكب ير
الجنازة أربع ا ،وخمسا هي من االختالف المب اح ،والجميع س ائغ .ولو ك بر
إمامه خمسا ،فإن قلنا :الزي ادة مبطل ة ،فارقه ( ،)2وإال فال ،ولكن ال يتابعه
فيها على االظهر ،وهل يسلم في الحال ،أم له انتظاره ليسلم معه ؟ وجهان.
أصحهما الثاني .الرابع :السالم ،وفي وجوب نية الخروج مع ه ،ما س بق في
سائر الصلوات ،وال يكفي :السالم علي ك ،على الم ذهب ،وفيه ت ردد ج واب
عن الش يخ أبي علي .الخ امس :ق راءة الفاتحة بعد التكب يرة االولى ،فظ اهر
كالم الغزالي ،أنه ينبغي أن تك ون الفاتحة عقب االولى متقدمة على الثاني ة،
لكن حكى الروي اني وغ يره عن نص ه :أنه لو أخر قراءتها إلى التكب يرة
الثانية ،ج از .الس ادس :الص الة على الن بي (ص) بعد الثاني ة ،وفي وج وب
الصالة على اآلل ،قوالن أو وجهان كسائر الصلوات ،وه ذه أولى ب المنع (
)3.
] [ 640
الس ابع :ال دعاء للميت بعد التكب يرة الثالث ة ،وفيه وجه ( :)1أنه ال يجب
تخصيص الميت بالدعاء ،بل يكفي إرساله للمؤمنين ( )2وق در ال واجب من
الدعاء ،ما ينطلق عليه االسم .وأما االفضل ،فسيأتي إن شاء هللا تعالى .وأما
أكمل هذه الصالة ،فلها سنن .منها رفع الي دين في تكبيراتها االرب ع ،ويجمع
يديه عقب كل تكب يرة ،ويض عهما تحت ص دره كب اقي الص لوات ،وي ؤمن
عقب الفاتح ة ،وال يق رأ الس ورة على الم ذهب ،وال دع اء االس تفتاح على
الصحيح ،ويتعوذ على االص ح ،ويسر ب القراءة في النه ار قطع ا ،وك ذا في
الليل على الصحيح .ونقل المزني في (المختص ر) :أنه عقب التكب يرة الثانية
يحمد هللا تعالى ،ويص لي على الن بي (ص) ،وي دعو للمؤم نين والمؤمن ات،
فهذه ثالثة أشياء ،أوسطها الص الة على الن بي (ص) ،وهي ركن كما تق دم.
وأولها ،الحمد وال خالف أنه ال يجب ،وفي استحبابه وجه ان .أح دهما وهو
مقتضى كالم االك ثرين :ال يس تحب .والث اني :يس تحب ،وج زم به ص احبا
(التتمة) و (التهذيب) .قلت :نقل إمام الحرمين اتف اق االص حاب على االول،
وأن ما نقله المزني غير سديد ،وكذا قال جمهور أصحابنا المصنفين ،ولكن
جزم جماعة باالستحباب ،وهو االرجح .وهللا أعلم .وأما ثالثها ،وهو ال دعاء
للمؤم نين والمؤمن ات ،فمس تحب عند الجمه ور ،وحكى إم ام الح رمين فيه
ت رددا لالئم ة .قلت :وال يش ترط ت رتيب ه ذه الثالث ة ،لكنه أولى .وهللا أعلم.
ومن المسنونات :إكثار الدعاء للميت في الثالثة ،ويق ول( :اللهم ه ذا عب دك،
وابن عب ديك ،خ رج من روح ال دنيا وس عتها ومحبوبه وأحبائه فيه ا ،إلى
ظلمة
] [ 641
الق بر وما هو القي ه ،ك ان يش هد أن ال إله إال ( )1أنت ،وأن محم دا عب دك
ورس ولك ،وأنت أعلم ب ه ،اللهم أنه ( )2ن زل بك وأنت خ ير م نزول ب ه،
وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ،وقد جئناك راغ بين إلي ك،
شفعاء له ،اللهم إن كان محس نا ف زد في إحس انه ،وإن ك ان مس يئا فتج اوز
عن ه ،ولقه برحمتك رض اك ،وقه فتنة الق بر وعذاب ه ،وافسح له في ق بره،
وجاف االرض عن جنبي ه ،ولقه برحمتك االمن من ع ذابك ح تى تبعثه إلى
جنتك يا أرحم ال راحمين) .ه ذا نص الش افعي في (المختص ر) ( .)3وفيها
دعاء آخر ،وعليه أكثر أهل خراسان ،عن أبي هري رة رضي هللا عنه ق ال:
كان رسول هللا (ص) إذا صلى على جن ازة ق ال( :اللهم اغفر لحينا وميتن ا،
وش اهدنا وغائبن ا ،وص غيرنا وكبيرن ا ،وذكرنا وأنثان ا ،اللهم من أحييته منا
فأحيه على االس الم ،ومن توفيته منا فتوفه على االيم ان) ( )4ف إن ك ان
الميت امرأة ،قال( :اللهم هذه أمتك وبنت عبديك) ويؤنث الكنايات .قلت :ولو
ذكرها على إرادة الشخص ،لم يضر .ق ال البخ اري ،وس ائر الحف اظ :أصح
دعاء الجنازة ،حديث عوف بن مالك في (صحيح مسلم) ( )5وهو أن الن بي
(ص) ص لى على جن ازة فق ال( :اللهم اغفر ل ه ،وارحم ه ،وعاف ه ،واعف
عنه ،وأك رم نزل ه ،ووسع مدخل ه ،واغس له بالم اء والثلج وال برد ،ونقه من
الخطايا
] [ 642
كما نقيت الث وب االبيض من ال دنس ،وأبدله دارا خ يرا من داره ،وأهال
خيرا من أهله ،وزوجا خ يرا من زوج ه ،وأدخله الجن ة ،وأع ذه من ع ذاب
الق بر وفتنت ه ،ومن ع ذاب الن ار) .وهللا أعلم .وإن ك ان طفال ،اقتصر على
رواية أبي هري رة رضي هللا عن ه ،ويضم إلي ه( :اللهم اجعله فرطا البوي ه،
وس لفا ،وذخ را ،وعظ ة ،واعتب ارا ،وش فيعا ،وثقل به موازينهم ا ،واف رغ
الص بر على قلوبهم ا ،وال تفتنهما بع ده ،وال تحرمهما أج ره) ( .)1وأما
التكب يرة الرابع ة ،فلم يتع رض الش افعي في معظم كتبه ل ذكر عقبه ا ،ونقل
البويطي عنه أنه يقول بعدها ( :)2اللهم ال تحرمنا أجره ،وال تفتنا بعده) كذا
نقل الجمه ور عن ه ،وه ذا ال ذكر ليس ب واجب قطع ا ،وهو مس تحب على
المذهب .وقيل :في استحبابه وجهان .أحدهما :ال يس تحب ،بل إن ش اء قال ه،
وإن شاء تركه .قلت :يسن تطويل الدعاء عقب الرابعة ،وصح ذلك عن فعل
الن بي (ص) ( .)3وهللا أعلم .وأما الس الم ،ف االظهر أنه يس تحب تس ليمتان.
وقال في (االمالء) :تس ليمة يب دأ بها إلى يمين ه ،ويختمها ملتفتا إلى يس اره،
فيدير وجهه وهو فيها ،هذا نصه .وقيل :يأتي بها تلق اء وجهه بغ ير التف ات.
قال إمام الح رمين :وال شك أن ه ذا الخالف في ص فة االلتف ات يج ري في
.سائر الصلوات إذا قلنا :يقتصر على تسليمة
] [ 643
ثم قيل :القوالن هنا في االقتص ار على تس ليمة ،هما الق والن في االقتص ار
في س ائر الص لوات .واالص ح :أنهما مرتب ان عليهم ا ،إن قلنا هن اك
باالقتصار ،فهنا أولى ،وإال فقوالن ،فإن االقتصار هناك قول قديم ،وهنا هو
قوله في (االمالء) ،وهو جدي د .وإذا اقتصر على تس ليمة ،فهل يقتصر على
(الس الم عليكم) أم يزيد (ورحمة هللا ؟) فيه ت ردد حك اه أبو علي .ف رع:
المس بوق إذا أدرك االم ام في أثن اء ه ذه الص الة ،ك بر ولم ينتظر تكب يرة
االم ام المس تقبلة .ثم يش تغل عقب تكب يره بالفاتح ة ،ثم ي راعي في االذك ار
ترتيب نفسه ،فلو كبر المس بوق ،فك بر االم ام الثانية مع فراغه من االولى،
ك بر مع الثاني ة ،وس قطت عنه الق راءة ،كما لو ركع االم ام في س ائر
الص لوات عقب تكب يره ( .)1ولو ك بر االم ام الثانية والمس بوق في أثن اء
الفاتح ة ،فهل يقطع الق راءة ويوافق ه ،أم يتمها ؟ وجه ان ك الوجهين فيما إذا
ركع االم ام والمس بوق في أثن اء الفاتح ة ،أص حهما عند االك ثرين :يقطع
ويتابعه .وعلى هذا ،هل يتم الق راءة بعد التكب يرة النه محل الق راءة بخالف
الركوع ،أم ال يتم ؟ فيه احتماالن لصاحب (الشامل) .أصحهما :الث اني .ومن
فاته بعض التكب يرات ،ت داركها بعد س الم االم ام ،وهل يقتصر على
التكبيرات نسقا بال ذكر ،أم يأتي بالذكر والدعاء ؟ قوالن .أظهرهم ا :الث اني
( .)2قلت :الق والن في الوج وب وعدم ه ،ص رح به ص احب (البي ان) وهو
.ظاهر .وهللا أعلم
] [ 644
ويستحب أن ال ترفع الجنازة ،حتى يتم المسبوقون ما عليهم ،فلو رفعت ،لم
تبطل صالتهم وإن حولت عن القبلة ،بخالف ابتداء عقد الص الة ،ال يحتمل
فيه ذلك والجن ازة حاض رة .ف رع :لو تخلف المقت دي فلم يك بر مع االم ام
الثانية أو الثالثة حتى ك بر االم ام التكب يرة المس تقبلة من غ ير ع ذر ،بطلت
ص الته كتخلفه بركع ة .فص ل :الش رائط المعت برة في س ائر الص لوات،
كالطه ارة ،وس تر الع ورة ،واالس تقبال ،وغيره ا ،تعت بر في ه ذه الص الة
أيض ا ،ويش ترط فيها تق ديم غسل الميت ،ح تى لو م ات في ب ئر ،أو مع دن
انهدم عليه ،وتعذر إخراجه وغسله ،لم يصل عليه ،ذكره في (التتمة) .قلت:
ويجوز قبل التكفين مع الكراه ة .وهللا أعلم .وال يش ترط فيها الجماع ة ،لكن
يستحب ،وفي أقل ما يسقط فرض الكفاية في هذه الصالة ،قوالن ووجه ان.
أحد القولين :بثالثة .والثاني :بواحد .وأحد الوجهين ب اثنين .والث اني :بأربع ة.
واالظهر عند الروياني وغيره :سقوطه بواحد .ومن اعتبر العدد ق ال :س واء
صلوا فرادى أو جماعة ،وإن ب ان ح دث االم ام ،أو بعض الم أمومين .ف إن
بقي الع دد المعت بر ،س قط الف رض ،وإال ،فال .ويس قط بص الة الص بيان
المميزين على االصح ( .)1وال يسقط بالنساء على الصحيح .وقال كثيرون:
ال يسقط بهن قطعا وإن كثرن .والخالف فيما إذا كان هن اك رج ال ،ف إن لم
يكن رجل ،صلين منف ردات وس قط الف رض بهن .ق ال في (الع دة) :وظ اهر
الم ذهب :أنه ال يس تحب لهن الجماعة في جن ازة الرجل والم رأة .وقي ل:
.يستحب في جنازة المرأة
] [ 645
قلت :إذا لم يحضر إال النس اء ،توجه الف رض عليهن ،وإذا حض رن مع
الرجال ،لم يتوجه الفرض عليهن ،فلو لم يحضر إال رجل ونساء ،وقلن ا :ال
يسقط الفرض إال بثالثة ،توجه ال تيمم عليهن ،والظ اهر أن الخن ثى في ه ذا
الفصل كالمرأة ( .)1وهللا أعلم .فصل :تجوز الصالة على الغائب بالنية وإن
كان في غير جهة القبلة والمصلي يستقبل القبلة ،وس واء ك ان بينهما مس افة
القصر ،أم ال ؟ بشرط أن يكون خارج البلد ،فإن ك ان المص لي والميت في
بلد ،فهل يجوز أن يصلي إذا لم يكن بين يديه ؟ وجهان .أصحهما :ال يجوز.
قال الشيخ أبو محمد :وإذا شرطنا حضور الميت ،اشترط أن ال يكون بينهما
أك ثر من ثالثمائة ذراع تقريب ا .فص ل :إذا ص لى على الجن ازة جماع ة ،ثم
حضر آخرون ،فلهم أن يصلوا عليها جماعة وفرادى ،وصالتهم تقع فرضا.
ك االولين .وأما من ص لى منف ردا ،فال يس تحب له إعادتها في جماعة على
االصح ( ،)2وسواء حضر الذين لم يصلوا قبل الدفن ،أو بعده ،فإن الصالة
على القبر عندنا جائزة ،ولو دفن بال صالة ،أثم الدافنون ،فإن تقديم الص الة
على الدفن واجب ( ،)3لكن ال ينبش ،بل يص لون على ق بره .وحكي أنه ال
يسقط الفرض بالصالة على الق بر ،وهو منك ر ،بل غل ط .وإلى م تى تج وز
الصالة عليه ( )4؟ فيه أوجه .أصحها :يصلي عليه من كان من أهل فرض
] [ 646
الصالة عليه يوم موته ،وال يصلي غ يره .ه ذا ق ول الش يخ أبي زي د .وق ال
المحاملي وطائفة :هذا الوجه بعبارة أخرى ،فقالوا :يصلي من ك ان من أهل
الص الة ي وم موت ه .فعلى العب ارة االولى ال يص لي من ك ان ص بيا مم يزا،
وعلى الثانية يص لي ،واالولى أش هر ،والثانية عند الروي اني أص ح .والوجه
الثاني :يص لى عليه إلى ثالثة أي ام فق ط .والث الث :إلى ش هر فق ط .والراب ع:
يصلى عليه ما بقي منه شئ في القبر .فإن انمحقت االج زاء كله ا ،فال .ف إن
شك في االنمحاق ،فاالصل البقاء .وفيه احتمال الم ام الح رمين .والخ امس:
يصلي أبدا .هذا كله في غير قبر النبي (ص) ،وال تجوز الصالة على ق بره
(ص) على االوجه االربعة قطع ا ،وال على الخ امس على الص حيح .وق ال
أبو الوليد النيسابوري ( :)1يجوز فرادى ،ال جماع ة .قلت [ :بقي من الب اب
بقايا ،منها :أنه ] ( )2ال تكره الصالة على الميت في المسجد .قال أصحابنا:
بل الصالة فيه أفضل ( ،)3للحديث الصحيح في قصة سهل بن بيض اء في
(ص حيح مس لم) ( .)4وأما الح ديث ال ذي رواه أبو داود ( )5وغ يره (من
صلى على جنازة في المسجد ،فال شي له) فعنه ثالثة أجوبة .أحدها :ض عفه
( .)6والث اني :الموج ود في (س نن أبي داود) (فال شي علي ه) .هك ذا هو في
أص ول س ماعنا على كثرته ا ،وفي غيرها من االص ول المعتم دة (.)7
والثالث :حمله
] [ 647
على نقص ان أج ره إذا لم يتبعها لل دفن ( .)1ويس تحب أن تجعل ص فوف
الجنازة ثالثة فأكثر ،للحديث الصحيح فيه .واختالف نية االم ام والم أموم ال
تضر .فلو نوى االمام الصالة على حاضر ،والمأموم على غائب أو عكسه،
جاز .ومن قتل نفسه غسل وصلي عليه [ ،وإذا صلى على الجنازة م رة ] (
)2ال ت ؤخر لزي ادة المص لين ،وال النتظ ار أحد غ ير ال ولي ،وال ب أس
بانتظ ار وليها إن لم يخف تغيره ا .ق ال ص احب (البح ر) :لو ص لى على
االموات الذين ماتوا في يومه ،وغسلوا في البلد الفالني ،وال يعرف عددهم،
جاز .وقوله صحيح ،لكن ال يختص ببل د .وهللا أعلم .ب اب ال دفن قد تق دم أنه
ف رض كفاي ة .ويج وز في غ ير المق برة ،لكن فيها أفض ل .فلو ق ال بعض
الورثة :يدفن في ملكه ،وبعضهم :في المقبرة المسبلة ،دفن في المس بلة .ولو
بادر بعضهم فدفنه في الملك ،ك ان للب اقين نقله إلى المس بلة ،واالولى أن ال
يفعلوا .ولو أراد بعضهم دفنه في ملك نفسه ،لم يلزم الباقين قبوله .فلو ب ادر
إليه ،قال ابن الصباغ :لم يذكره االصحاب ،وعندي :أنه ال ينقل ،فإنه هت ك،
وليس في بقائه إبطال حق الغير .قلت :وفي (التتمة) القطع بما قاله ص احب
(الش امل) .وهللا أعلم .ولو اتفق وا على دفنه في ملك ه ،ثم ب اعوه ،لم يكن
للمشتري نقله ،وله الخيار في فسخ البيع إن كان جاهال .ثم إذا بلي ،أو اتفق
نقله ،فذلك الموضع للبائعين ،أم للمشتري ؟ فيه وجهان سيأتي نظائرهما في
البيع إن ش اء هللا تع الى .فص ل :أقل ما يج زئ في ال دفن حف رة تكتم رائحة
الميت ،وتحرسه عن الس باع لعسر نبش مثلها غالبا ( .)3أما االكم ل،
فيستحب توسيع القبر ،وتعميقه قدر
] [ 648
قامة وبس طة ( ،)1والم راد قامة رجل معت دل يق وم ويبسط ي ده مرفوع ة.
والقامة والبسطة :ثالثة أذرع ونصف ،وفيه وجه :أنه قامة فق ط ،وهي ثالثة
أذرع ،والمعروف االول .قلت :وكذا قال المح املي ( :)2إن القامة والبس طة
ثالثة أذرع ونصف .وقال الجمهور :أربعة أذرع ونص ف ،وهو الص واب (
.)3وهللا أعلم .ف رع :يج وز ال دفن في الشق واللحد فاللح د :أن يحفر حائط
القبر مائال عن استوائه من أسفله قدر ما يوضع فيه الميت ،وليكن من جهة
القبلة .والشق :أن يحفر وسطه كالنهر ،ويبنى جانباه باللبن أو غيره ،ويجعل
بينهما شق يوضع فيه الميت ويس قف .وأيهما أفضل ؟ ف إن ك انت االرض
صلبة ،فاللحد أفضل ،وإال ،فالشق .فرع :الس نة أن يوضع الميت عند أس فل
القبر ،بحيث يكون رأسه عند رجل القبر .ثم يسل من جهة رأسه سال رفيقا.
،وال يدخل القبر إال الرجال متى وجدوا
] [ 649
رجال ك ان الميت أو ام رأة ( .)1وأوالهم بال دفن أوالهم بالص الة ،إال أن
الزوج أحق بدفن زوجته ،ثم بع ده المح ارم ،االب ،ثم الجد ( ،)2ثم االبن،
ثم ابن االبن ثم االخ ،ثم ابن االخ ،ثم العم ،ف إن لم يكن أحد منهم ،فعبي دها
وهم أحق من ب ني العم ،النهم كالمح ارم في ج واز النظر ونح وه على
االصح ( .)3ف إن قلن ا :إنهم كاالج انب ،لم يتوجه تق ديمهم ،ف إن لم يكن
عبي دها ،فالخص يان أولى ،لض عف ش هوتهم ( .)4ف إن لم يكون وا ،ف ذوو
االرحام الذين ال محرمية لهم ،فإن لم يكون وا ،فأهل الص الح من االج انب.
قال إمام الحرمين :وما رأى تقديم ذوي االرحام محتوم ا ،بخالف المح ارم،
النهم كاالجانب في وجوب االحتجاب عنهم .وقدم
] [ 650
ص احب (الع دة) نس اء القرابة على الرج ال االج انب ،وهو خالف النص،
وخالف المذهب المعروف .ف رع :إن اس تقل بوضع الميت في الق بر واح د،
بأن ك ان طفال ،ف ذاك ،وإال ،فالمس تحب أن يك ون ع ددهم وت را ،ثالث ة ،أو
خمسة ،على حسب الحاجة ،وكذا ع دد الغاس لين .ويس تحب أن يس تر الق بر
عند الدفن بثوب ،رجال كان أو امرأة ،والم رأة آك د .واخت ار أبو الفضل بن
عب دان من أص حابنا :أن االس تحباب مختص ب المرأة ،والم ذهب االول.
ويستحب لمن يدخله القبر أن يق ول :باسم هللا ،وعلى ملة رس ول هللا (ص).
ثم يقول :اللهم أسلمه إليك االشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوان ه ،وفارقه
من كان يحب قربه ،وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وض يقه،
ونزل بك وأنت خير منزول به ،إن عاقبته فبذنب ه ،وإن عف وت عن ه ،فأهل
العفو أنت ،أنت غني عن عذابه ،وهو فقير إلى رحمتك ،اللهم تقبل حس نته،
واغفر سيئته ،وأعذه من عذاب القبر ،واجمع له برحمتك االمن من عذابك،
واكفه كل هول دون الجنة ،اللهم واخلفه في تركته في الغابرين ،وارفعه في
عليين ،وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين .وهذا ال دعاء نص عليه
الشافعي رحمه هللا في (المختصر) ( .)1ف رع :إذا وضع في اللح د ،اض جع
على جنبه االيمن مستقبل القبلة ( ،)2بحيث ال ينكب وال يستلقي ،بأن يدنى
من جدار اللحد ،ويسند ظهره بلبنة ونحوها ،ووضعه مس تقبل القبلة واجب،
كذا قطع به الجمه ور .ق الوا :فلو دفن مس تدبرا أو مس تلقيا ،نبش ووجه إلى
القبلة ما لم يتغ ير ،ف إن تغ ير ،لم ينبش .وق ال القاضي أبو الطيب في كتابه
(المجرد) :التوجيه إلى القبلة س نة ،فلو ت رك اس تحب أن ينبش ويوج ه ،وال
يجب ( .)3وأما االض جاع على اليمين ،فليس ب واجب .فلو وضع على
اليسار مستقبل القبلة ،كره ولم ينبش ،ولو ماتت ذمية في بطنها جنين
] [ 651
مس لم ميت ،جعل ظهرها إلى القبلة ليتوجه الج نين إلى القبل ة ،الن وجه
الج نين على ما ذكر إلى ظهر االم .ثم قي ل :ت دفن ه ذه الم رأة بين مق ابر
المسلمين والكفار .قي ل :في مق ابر المس لمين ،فت نزل منزلة ص ندوق الول د.
وقي ل :ت دفن في مق ابر الكف ار .قلت :الص حيح من ه ذه االوجه االول ،وبه
قطع االك ثرون ( ،)1منهم ص احب (الش امل) ،والمس تظهري ،وص احب
(البيان) .ونقله صاحب (الح اوي) عن أص حابنا ق ال ( :)2وك ذلك إذا اختلط
موتى المسلمين بموتى المش ركين .ق ال :وحكي عن الش افعي أنها ت دفع إلى
أهل دينها ليتول وا غس لها ودفنه ا .وقطع ص احب (التتم ة) بأنها ت دفن على
طرف مقابر المسلمين ،وهذا وجه رابع .وهللا أعلم .فرع :ويجعل تحت رأس
الميت لبنة أو حجر ،ويفضى بخده االيمن إلي ه ،أو إلى ال تراب ،وال يوضع
تحت رأسه مخدة .وال يفرش تحته ف راش .حكى العراقي ون ( )3كراهة ذلك
عن نص الشافعي رحمه هللا ،وقال في (الته ذيب) :ال ب أس به ( ،)4ويك ره
أن يجعل في تابوت ،إال إذا كانت االرض رخوة ،أو ندية ،وال تنفذ
] [ 652
وصيته به إال في مثل هذه الحالة ،ثم يكون التابوت من رأس الم ال .ف رع:
إذا ف رغ من وض عه في اللح د ،نصب اللبن على فتح اللح د ،وتسد الف رج
بقطع اللبن مع الطين ،أو ب اآلجر ونح وه ( ،)1ثم يح ثي كل من دنا ثالث
حثي ات من ال تراب ( )2بيديه جميع ا ،ويس تحب أن يق ول مع االولى( :منها
خلقن اكم) ومع الثانية (وفيها نعي دكم) ومع الثالثة (ومنها نخ رجكم ت ارة
أخرى) ( )3ثم يهال بالمس احي .ف رع :المس تحب أن ال ي زاد في الق بر على
ترابه الذي خرج منه ،وال يرفع إال قدر شبر ليعرف فيزار ويحترم .قال في
(التتم ة) :إال إذا م ات مس لم في بالد الكف ار ،فال يرفع ق بره ،بل يخفى لئال
يتعرضوا له إذا رجع المسلمون .ويكره تجص يص الق بر ،والكتاب ة ،والبن اء
عليه ( .)4ولو بني عليه ،هدم إن كانت المقبرة
] [ 653
مسبلة ،وإن كان القبر في ملكه ،فال .وأما تطيين القبر ،فقال إمام الح رمين،
والغزالي :ال يطين ،ولم ي ذكر ذلك جم اهير االص حاب .ونقل الترم ذي عن
الشافعي :أنه ال بأس بالتطيين ويستحب أن يرش الم اء على الق بر ،ويوضع
عليه حصى ،وأن يوضع عند رأسه ص خرة ،أو خش بة ونحوه ا .قلت :ق ال
صاحب (التهذيب) :يكره أن يرش على القبر ماء الورد ،ويكره أن يض رب
عليه مظل ة ،وال ب أس بالمشي بالنعل بين القب ور .وهللا أعلم .ف رع :الم ذهب
الصحيح الذي عليه جمهور أص حابنا :أن تس طيح الق بر أفضل من تس نيمه.
وق ال ابن أبي هري رة :االفضل اآلن التس نيم ،وتابعه الش يخ أبو محم د،
والغ زالي ،والروي اني ،وهو ش اذ ض عيف .ف رع :االنص راف عن الجن ازة
أربعة أقسام .أحدها :ينصرف عقيب الص الة ،فله من االجر ق يراط .الث اني:
أن يتبعها ح تى ت وارى ويرجع قبل إهالة ال تراب .الث الث :يقف إلى الف راغ
.من القبر وينصرف من غير دعاء
] [ 654
الراب ع :يقف بع ده عند الق بر ويس تغفر هللا تع الى للميت ،وه ذا أقصى
ال درجات في الفض يلة .وحي ازة الق يراط الث اني ،تحصل لص احب القسم
الث الث ،وهل تحصل للث اني ؟ حكى االم ام ،فيه ت رددا ،واخت ار الحص ول.
قلت :وحكى صاحب (الحاوي) في هذا التردد وجهين ( ،)1وقال :أصحهما:
ال تحصل إال ب الفراغ من دفن ه ،وه ذا هو المخت ار ،ويحتج له برواية
البخاري (حتى يفرغ من دفنها) .ويحتج لآلخر برواية مسلم في (ص حيحه):
(ح تى توضع في اللح د) .وهللا أعلم .ف رع :ويس تحب أن يلقن الميت بعد
الدفن ،فيقال :يا عبد هللا ابن أمة هللا ،أذكر ما خرجت عليه من الدنيا ،شهادة
أن ال إله إال هللا ،وأن محم دا رس ول هللا ،وأن الجنة ح ق ،وأن الن ار ح ق،
وأن البعث ح ق ،وأن الس اعة آتية ال ريب فيه ا ،وأن هللا يبعث من في
القب ور ،وأنك رض يت باهلل رب ا ،وباالس الم دين ا ،وبمحمد (ص) نبي ا،
وبالقرآن إماما ،وبالكعبة قبلة ،وبالمؤمنين إخوان ا .ورد به الخ بر عن الن بي
(.ص) ()2
] [ 655
قلت :ه ذا التلقين اس تحبه جماع ات من أص حابنا ،منهم :القاضي حس ين،
وص احب (التتم ة) والش يخ نصر المقدسي في كتابه (الته ذيب) وغ يرهم،
ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا .والحديث الوارد فيه ضعيف (،)1
لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم .وقد
اعتضد هذا الحديث بشواهد من االحاديث الصحيحة ،كح ديث (اس ألوا هللا (
)2له التثبيت) ووصية عمرو بن الع اص (أقيم وا عند ق بري ق در ما تنحر
ج زور ،ويقسم لحمها ح تى أس تأنس بكم ،وأعلم م اذا أراجع به رسل ربي)
رواه مس لم في (ص حيحه) ولم ي زل أهل الش ام على العمل به ذا التلقين من
العصر االول ،وفي زمن من يقت دى ب ه .ق ال أص حابنا :ويقعد الملقن عند
رأس الق بر ،وأما الطفل ونح وه ،فال يلقن ( .)3وهللا أعلم .ف رع :المس تحب
في حال االختيار ،أن يدفن كل ميت في قبر فإن كثر الم وتى ،وع ثر إف راد
كل ميت بقبر ،دفن االثنان والثالثة في قبر ( ،)4ويقدم إلى
] [ 656
القبلة أفض لهم ،ويق دم االب على االبن وإن ك ان االبن ( )1أفضل من ه،
لحرمة االبوة ،وكذا تقدم االم على البنت ،وال يجمع بين النساء والرجال إال
عند تأكد الضرورة ،ويجعل بينهما حاجز من تراب ،ويقدم الرجل وإن كان
ابنا ،فإن اجتمع رجل وام رأة وخن ثى وص بي ،ق دم الرج ل ،ثم الص بي ،ثم
الخن ثى ،ثم الم رأة .وهل يجعل ح اجز ال تراب بين ال رجلين ،وك ذا بين
الم رأتين ،أم يختص ب اختالف الن وع ؟ ق ال العراقي ون :ال يختص ،بل يعم
الجميع ،وأشار جماعة إلى االختصاص .قلت :الصحيح ق ول العراق يين .وقد
نص عليه الشافعي في (االم) .وهللا أعلم .فصل :القبر محترم توقيرا للميت (
،)2فيكره الجلوس عليه ،واالتكاء ،ووطؤه إال لحاجة بأن ال يصل إلى قبر
ميته إال بوطئ ه .قلت :وك ذا يك ره االس تناد إلي ه ،ق ال أص حابنا .وهللا أعلم.
ف رع :يس تحب للرج ال زي ارة القب ور ( ،)3وهل يك ره للنس اء ؟ وجه ان.
أح دهما ،وبه قطع االك ثرون :يك ره ( .)4والث اني ،وهو االصح عند
الروياني :ال
] [ 657
يكره إذا أمنت من الفتنة ( .)1والسنة أن يقول الزائر :س الم عليكم دار ق وم
مؤم نين ،وإنا إن ش اء هللا ( )2بكم الحق ون ( ،)3اللهم ال تحرمنا أج رهم،
وال تفتنا بع دهم .وينبغي للزائ ر ،أن ي دنو من الق بر بق در ما ك ان ي دنو من
صاحبه في الحياة لو زاره .وسئل القاضي أبو الطيب عن ق راءة الق رآن في
المقابر فق ال :الث واب للق ارئ ،ويك ون الميت كالحاض ر ،ت رجى له الرحمة
والبركة ،فيس تحب ق راءة الق رآن في المق ابر له ذا المع نى ،وأيضا فال دعاء
.عقيب القراءة أقرب إلى االجابة ( ،)4والدعاء ينفع الميت
] [ 658
ف رع :ال يج وز نبش الق بر إال في مواض ع .منه ا :أن يبلى الميت ويص ير
ترابا ،فيج وز نبشه ودفن غ يره ،ويرجع في ذلك إلى أهل الخ برة ،وتختلف
ب اختالف البالد واالرض ،وإذا بلي الميت ،لم يجز عم ارة ق بره وتس وية
التراب عليه في المقابر المس بلة ،لئال يتص ور بص ورة الق بر الجديد فيمتنع
الناس من الدفن فيه .ومنها :أن يدفن إلى غ ير القبل ة ،وقد س بق .ومنه ا :أن
ي دفن من يجب غس له بال غس ل .فالم ذهب :أنه يجب النبش ليغس ل ،وحكي
ق ول :أنه ال يجب ،بل يك ره لما فيه من الهت ك ،فعلى الم ذهب وجه ان،
الصحيح المقط وع به في (النهاي ة) و (الته ذيب) :ينبش ما لم يتغ ير الميت.
والث اني :ينبش ما دام فيه ج زء من عظم وغ يره .ومنه ا :إذا دفن في أرض
مغصوبة ،يستحب لص احبها ترك ه ،ف ان أبى ،فله إخراجه وإن تغ ير وك ان
فيه هتك ( .)1ومنه ا :لو كفن بث وب مغص وب أو مس روق ،ففيه أوج ه،
أصحها ( :)2ينبش ل رد الث وب ،كما ينبش ل رد االرض .والث اني :ال يج وز
نبشه ،وينتقل صاحب الثوب إلى القيمة ،النه كالتالف ( .)3والثالث :إن تغير
الميت وك ان في النبش هت ك ،لم ينبش ،وإال نبش ( .)4ولو دفن في ث وب
.حرير ،ففي نبشه هذا الخالف ()5
] [ 659
قلت :وفي ه ذا نظ ر ،وينبغي أن يقطع بأنه ال ينبش .وهللا أعلم .ومنه ا :لو
دفن بال كفن ،هل ينبش ليكفن ،أم يترك حفظا لحرمته ،واكتفاء بس تر الق بر
؟ وجهان .أصحهما :ي ترك .ومنه ا :لو وقع في الق بر خ اتم ،أو غ يره ،نبش
ورد ( .)1ولو ابتلع في حياته م اال ،ثم م ات ،وطلب ص احبه ال رد ،شق
جوفه ويرد .قال في (العدة) :إال أن يض من الورثة مثله أو قيمت ه ،فال ينبش
على االصح ( .)2وق ال القاضي أبو الطيب :ال ينبش بكل ح ال ،ويجب
الغ رم في تركت ه .ولو ابتلع م ال نفسه وم ات ،فهل يخ رج ؟ وجه ان .ق ال
الجرج اني ( :)3االصح يخ رج .قلت :وص ححه أيضا العب دري ،وص حح
الش يخ أبو حام د ،والقاضي أبو الطيب في كتابه (المج رد) ع دم االخ راج،
وقطع به المح املي في (المقن ع) وهو مفه وم كالم ص احب (التنبي ه) وهو
االصح .وهللا أعلم .وحيث قلنا :يشق جوفه ويخرج ،فلو دفن قبل الشق ،نبش
ك ذلك ( .)4قلت :ق ال ( )5الم اوردي في (االحك ام الس لطانية) :إذا لحق
االرض الم دفون فيها س يل أو ن داوة ،فقد ج وز الزب يري نقله منه ا ،وأب اه
غيره ،وقول الزبيري أص ح .وهللا أعلم .ف رع :إذا م ات في س فينة ،إن ك ان
،بقرب الساحل ،أو بقرب جزيرة
] [ 660
انتظروا ليدفنوه في البر ،وإال شدوه بين لوحين لئال ينتفخ وألق وه في البحر
ليلقيه البحر إلى الس احل لعله يع إلى ق وم يدفنون ه ،ف إن ك ان أهل الس احل
كفارا ،ثقل بشئ ليرسب .قلت :العجب من االمام ال رافعي مع جاللت ه ،كيف
حكى ه ذه المس ألة على ه ذا الوج ه ،وكأنه قلد فيه ص احبي (المه ذب) و
(المستظهري) في قولهما :إن ك ان أهل الس احل كف ارا ،ثقل ليرس ب ،وه ذا
خالف نص الشافعي ،وإنما هو مذهب المزني ،الن الشافعي رحمه هللا قال:
يلقى بين لوحين ليقذفه البحر .قال المزني :هذا الذي قاله الش افعي ،إذا ك ان
أهل الساحل مس لمين ،ف إن ك انوا كف ارا ،ثقل بشئ لي نزل إلى الق رار .ق ال
أص حابنا :ال ذي قاله الش افعي أولى ،النه يحتمل أن يج ده مس لم فيدفنه إلى
القبلة .وعلى قول المزني :يتيقن ترك ال دفن .ه ذا ال ذي ذكرته هو المش هور
في كتب االصحاب ،وذكر الشيخ أبو حامد ،وص احب (الش امل) وغيرهم ا:
أن الم زني ذكرها في (جامع ه) الكب ير ،وأنكر القاضي أبو الطيب عليهم
وق ال :إنما ذكرها الم زني في (جامع ه) كما قالها الش افعي في (االم) .ق ال
الش افعي :ف ان لم يجعل وه بين لوح تين ليقذفه الس احل ،بل ثقل وه وألق وه في
البحر ،رجوت أن يسعهم ،كذا رأيته في (االم) .ونقل االصحاب أنه ق ال :لم
يأثموا ،وهو بمعناه .وإذا ألق وه بين ل وحين ،أو في البح ر ،وجب عليهم قبل
ذلك غسله وتكفين ه ،والص الة عليه بال خالف [ ،وقد أوض حت المس ألة في
(شرح المهذب) ()1
] [ 661
بأبسط من ه ذا ،وقد بقيت من ب اب ال دفن بقايا ] ( .)1ق ال الش افعي
واالص حاب رحمهم هللا :يس تحب أن يجمع االق ارب في موضع واحد من
المق برة .ومن س بق إلى موضع من المق برة المس بلة ليحف ره ،فهو أحق من
غ يره .ق ال أص حابنا :ويح رم أن ي دفن في موضع فيه ميت ح تى يبلى وال
يبقى عظم وال غ يره .ق الوا :ف إن حفر فوجد عظام ه ،أع اد الق بر ولم يتم
الحفر .قال الش افعي رحمه هللا :ف ان ف رغ من الق بر فظهر شئ من العظ ام،
جاز أن تجعل في جانب القبر ويدفن الثاني معه .قال الش افعي واالص حاب:
ولو م ات له أق ارب دفع ة ،وأمكنه دفن كل واحد في ق بر ،ب دأ بمن يخشى
تغيره ،ثم ال ذي يليه في التغ ير .ف إن لم يخش تغ ير ،ب دأ بأبي ه ،ثم أم ه ،ثم
االق رب ف االقرب .ف إن كانا أخ وين ،فأكبرهم ا .ف إن كانتا زوج تين ،أق رع
بينهما .وال يدفن مسلم في مقبرة الكفار ،وال كافر في مق برة المس لمين .ق ال
أصحابنا :وال يكره الدفن بالليل .قالوا :وهو مذهب العلم اء كاف ة ،إال الحسن
البصري .قالوا :لكن المستحب ،أن يدفن نهارا ( .)2ق ال الش افعي في (االم)
واالصحاب :وال يكره الدفن في االوق ات ال تي نهي عن الص الة فيه ا .ونقل
الشيخ أبو حام د ،وص احب (الح اوي) ،والش يخ نص ر ،وغ يرهم ،االجم اع
عليه ،وبه أجابوا عن حديث
] [ 662
عقبة بن عامر ( )1في (صحيح مسلم) (( :)2ثالث ساعات نهانا رسول هللا
(ص) عن الص الة فيهن ،وأن نق بر فيهن موتان ا) وذكر وقت االس تواء،
والطلوع ،والغروب .وأجاب القاضي أبو الطيب ،ثم ص احب (التتم ة) ،ب أن
الحديث محمول على تح ري ذلك وقص ده .ويك ره الم بيت في المق برة .وأما
نقل الميت من بلد إلى بلد قبل دفنه ،فقال صاحب (الحاوي) قال الشافعي :ال
أحبه إال أن يكون بق رب مكة أو المدين ة ،أو بيت المق دس ،فنخت ار أن ينقل
إليها لفضل ال دفن فيه ا .وق ال ص احب (الته ذيب) ،والش يخ أبو نصر
البن دنيجي من العراق يين :يك ره نقل ه .وق ال القاضي حس ين ،وأبو الف رج
الدارمي ،وصاحب (التتمة) :يحرم نقله .قال القاضي وصاحب (التتمة) :ولو
أوصى به ،لم تنفذ وصيته ،وهذا أصح ،ف إن في نقله ت أخير دفنه وتعريضه
لهتك حرمته من وج وه .ولو م اتت ام رأة في جوفها ج نين حي ،ق ال
أص حابنا :إن ك ان ي رجى حيات ه ،شق جوفها وأخ رج ثم دفنت ،وإال فثالثة
أوج ه .الص حيح :ال يشق جوفه ا ،بل ي ترك ح تى يم وت الج نين ثم ت دفن.
والثاني :يش ق .والث الث :يوضع عليه شئ ليم وت ثم ت دفن ،وه ذا غلط ()3
وإن كان قد حكاه
] [ 663
جماعة ،وإنما ذكرته البين بطالن ه .ق ال ص احب (الح اوي) :ق ال الش افعي
رحمه هللا :لو أن رفقة في س فر م ات أح دهم فلم ي دفنوه ،نظ ر ،إن ك ان
بطريق يخترقه ( )1المارة ،أو بقرب قرية للمسلمين ،فقد أساؤوا ،وعلى من
بقربه من المس لمين دفن ه .وإن ك ان بص حراء ،أو موضع ال يمر به أح د،
أثم وا وعلى الس لطان مع اقبتهم ،إال أن يخ افوا -لو اش تغلوا به -ع دوا،
فيختار أن يواروه ما أمكنهم .فإن ترك وه ،لم ي أثموا ،النه موضع ض رورة.
ق ال الش افعي :لو أن مجت ازين م روا بميت في ص حراء ،ل زمهم القي ام به
رجال كان أو امرأة .فإن تركوه أثموا .ثم إن ك ان بثيابه ليس عليه أثر غسل
وال تكفين ،وجب عليهم غسله وتكفينه والصالة عليه ودفن ه .وإن ك ان عليه
أثر الغسل والكفن والحنوط ،دفنوه .فإن أرادوا الصالة عليه ،صلوا بعد دفنه
على ق بره ،الن الظ اهر أنه ص لي عليه [ وقد ألحقت في ه ذا الب اب أش ياء
كثيرة ،وبقيت منها نفائس ومتممات استقصيتها في (ش رح المه ذب) تركتها
لكثرة االطالة ] ( .)2وهللا أعلم .باب التعزية هي سنة ،ويكره الجل وس لها (
.)3ويس تحب أن يع زي جميع أهل الميت ،الكب ير والص غير ،والرجل
والمرأة ،لكن ال يعزي الشابة إال محارمه ا ،وس واء في أصل ش رعيتها ،ما
قبل الص الة وال دفن ،وبع دهما ،لكن تأخيرها إلى ما بعد ال دفن أحس ن،
الشتغال أهل الميت بتجهيزه .قلت :قال أصحابنا :إال أن يرى من أهل الميت
جزعا شديدا ،فيختار تقديم
] [ 664
التعزية ليص برهم .وهللا أعلم .ثم تمتد التعزية إلى ثالثة أي ام ،وال يع زى
بعدها إال أن يكون المعزي ،أو المعزى غائب ا .وفي وج ه :يعزيه أب دا (،)1
وهو ش اذ .والص حيح المع روف ،االول .ثم الثانية للتق ريب .ف رع :مع نى
التعزي ة :االمر بالص بر والحمل عليه بوعد االج ر ،والتح ذير من ال وزر
ب الجزع ،وال دعاء للميت ب المغفرة ،وللمص اب بج بر المص يبة ،فيق ول في
تعزية المسلم بالمسلم :أعظم هللا أجرك ( ،)2وأحسن عزاءك ،وغفر لميتك.
وفي تعزية المس لم بالك افر :أعظم هللا أج رك ،وأخلف علي ك ،أو ألهمك
الصبر ،أو جبر مص يبتك ونح وه .وفي تعزية الك افر بالمس لم ( :)3غفر هللا
لميتك ،وأحسن عزاك .ويجوز للمس لم أن يع زي ال ذمي بقريبه ال ذمي (،)4
.فيقول :أخلف هللا عليك ،وال نقص عددك
] [ 665
فص ل :يس تحب لج يران الميت ،واالباعد من قرابت ه ،تهيئة طع ام الهل
الميت ،يشبعهم في ي ومهم وليلتهم ،ويس تحب أن يلح عليهم في االك ل .قلت:
قال صاحب (الشامل) وأما إصالح أهل الميت طعاما ،وجمعهم الناس عليه،
فلم ينقل فيه شئ ،قال :وهو بدعة غير مس تحبة ،وهو كما ق ال .ق ال غ يره:
ولو كان الميت في بلد ،وأهله في غيره ،يستحب لجيران أهله اتخاذ الطع ام
لهم .ولو ق ال االم ام ال رافعي :يس تحب لج يران أهل الميت ،لك ان أحس ن،
لت دخل فيه ه ذه الص ورة .وهللا أعلم [ .ولو اجتمع نس اء ينحن ،لم يجز أن
يتخذ لهن طعاما ،فإنه إعانة على معص ية ] ( .)1فص ل :البك اء على الميت
جائز قبل الموت وبعده ،وقبله أولى ( .)2والندب حرام ،وهو أن يعد شمائل
)3(.الميت ،فيقال :واكهفاه ،واجباله ،ونحو ذلك
] [ 666
والنياحة حرام ،والجزع ( ،)1بض رب الخ د ،وشق الث وب ،ونشر الش عر،
حرام ،وإذا فعل أهل الميت شيئا من ذلك ،ال يع ذب الميت ،والح ديث فيه (
)2متأول على من أوصى ( )3بالنياحة عليه .ب اب ت ارك الص الة ( )4وهو
ض ربان .أح دهما :تركها جح دا لوجوبها ( ،)5فهو مرتد ( )6تج ري عليه
أحكام
] [ 667
المرتدين ،إال أن يكون قريب عهد باالسالم ،يجوز أن يخفى عليه وجوبه ا،
ويج ري ه ذا الحكم في جح ود كل حكم مجمع علي ه .قلت :أطلق االم ام
الرافعي الق ول بتكف ير جاحد المجمع علي ه ،وليس هو على إطالق ه ،بل من
جحد مجمعا عليه فيه نص ( ،)1وهو من أم ور االس الم الظ اهرة ال تي
يش ترك في معرفتها الخ واص والع وام ،كالص الة ،أو الزك اة ،أو الحج ،أو
تح ريم الخم ر ،أو الزن ا ،ونحو ذل ك ،فهو ك افر .ومن جحد مجمعا عليه ال
يعرفه إال الخواص ،كاستحقاق بنت االبن السدس مع بنت الصلب ،وتح ريم
نك اح المعت دة ،وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادث ة ،فليس بك افر،
للعذر ،بل يعرف الصواب ليعتقده .ومن جحد مجمعا عليه ،ظ اهرا ،ال نص
فيه .ففي الحكم بتكفيره خالف يأتي إن شاء هللا تع الى بيانه في ب اب ال ردة،
وقد أوضح صاحب (الته ذيب) القس مين االولين في خطبة كتاب ه .وهللا أعلم.
الضرب الثاني :من تركها غ ير جاح د ،وهو قس مان .أح دهما :ت رك لع ذر،
كالنوم ،والنسيان ،فعليه القضاء فقط ،ووقته موسع .والث اني :ت رك بال ع ذر
تكاسال ،فال يكفر على الصحيح .وعلى الشاذ :يكون مرتدا كاالول ،فعلى
] [ 668
الصحيح :يقتل حدا .وقال المزني :يحبس ويؤدب وال يقتل .ومتى يقتل ؟ فيه
أوجه .الصحيح :بترك صالة واحدة إذا ضاق وقتها ،والثاني :إذا ضاق وقت
الثانية .والث الث :إذا ض اق وقت الرابع ة .والراب ع :إذا ت رك أربع ص لوات.
والخامس :إذا ترك من الص لوات ق درا يظهر لنا به اعتي اده ال ترك وتهاونه
بالصالة .والمذهب :االول .واالعتبار بإخراج الصالة عن وقت الض رورة (
.)1فإذا ترك الظهر ،لم يقتل حتى تغ رب الش مس ،وإذا ت رك المغ رب ،لم
يقتل حتى يطلع الفجر ( ،)3( )2حكاه الصيدالني وتابعه االئمة عليه .وعلى
االوجه كلها :ال يقتل حتى يس تتاب ( .)4وهل يكفي االس تتابة في الح ال ،أم
يمهل ثالثة أيام ؟ قوالن .قال في (العدة) :المذهب أنه ال يمهل .والقوالن في
االس تحباب :على الم ذهب .وقي ل :في االيج اب .ف رع :الص حيح :أنه يقتل
بالسيف ضربا كالمرتد .وفي وجه :ينخس بحديدة ويقال :ص ل ،ف إن ص لى،
وإال كرر عليه [ النخس ] ح تى يم وت .وفي وج ه :يض رب بالخشب ح تى
يص لي أو يم وت ( .)5وأما غسل المقت ول ل ترك الص الة ودفنه والص الة
عليه ،فتقدم بيانها في الصالة على الميت .فرع :إذا أراد السلطان قتله فق ال:
صليت في بيتي ،ترك ( .)6فرع :ت ارك الوض وء يقتل على الص حيح (.)7
ولو امتنع من صالة الجمعة وقال :أص ليها ظه را ،بال ع ذر ،لم يقت ل ،قاله
الغزالي في فتاويه ،النه ال يقتل بترك الص وم ،فالجمعة أولى ،الن لها ب دال
.وتسقط بأعذار كثيرة
] [ 669
قلت :قد ج زم االم ام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل ب ترك الجمعة وإن ك ان
يصليها ظه را ،النه ال يتص ور قض اؤها ،وليست الظهر قض اء عنه ا .وقد
اخت ار ه ذا غ ير الشاشي ( ،)1واستقص يت الكالم عليه في أول كت اب
الصالة ،من شرح (المهذب) .ولو قتل إنسان تارك الصالة في مدة االمهال،
قال صاحب (البيان) :بأثم وال ض مان عليه كقاتل المرتد ( .)2وس يأتي كالم
الرافعي فيه في كتاب الجنايات إن شاء هللا تعالى .وإن ت رك الص الة وق ال:
تركتها ناسيا ،أو للبرد ،أو عدم الماء ،أو لنجاسة كانت علي ،ونحو ذلك من
االعذار ،صحيحة كانت أو باطلة ،قال صاحب (التتمة) :يقال له :صل ،ف ان
امتنع ،لم يقتل على المذهب ،الن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت ،ولم
يتحقق ذلك ،وفي وجه :أنه يقتل لعن اده .ق ال :ولو ق ال :تعم دت تركه ا ،وال
أريد أن أصليها ،قتل قطعا .وإن قال :تعمدت تركها بال عذر .،ولم يق ل :وال
أصليها ،قتل أيضا على المذهب ،لتحقق جنايته .وفيه وجه :أنه ال يقتل ما لم
يصرح باالمتناع من القضاء .واعلم أن قضاء من ترك الصالة بع ذر ،على
التراخي على الم ذهب ،ومن ت رك بغ ير ع ذر ،فيه وجه ان :أص حهما عند
العراقيين :على ال تراخي ،والص واب ما قاله الخراس انيون :أنه على الف ور.
وستأتي المس ألة في كت اب الحج إن ش اء هللا تع الى كما ق دمنا الوعد به في
.آخر صفة الصالة ( .)3وهللا أعلم
مكتبة يعسوب الدين عليه السالم االلكترونية