You are on page 1of 418

‫شبكة مشكاة اإلسالمية‬

‫روضة الطالبين‬
‫محيى الدين النووي‬

‫]‪[1‬‬
‫روضة الط البين لالم ام أبي زكريا يح يى بن ش رف الن ووي الدمش قي‬
‫المتوفى س نة ‪ 676‬ومعه المنه اج الس وي في ترجمة االم ام الن ووي منتقى‬
‫الينب وع فيما زاد على الروضة من الف روع للحافظ جالل ال دين الس يوطي‬
‫تحقيق الشيخ ع ادل‪ .‬أحمد عبد الموج ود الش يخ على محمد مع رض الج زء‬
‫االول دار الكتب العلمية بيروت ‪ -‬لبنان‬

‫]‪[2‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة ال دار الكتب العلمية ب يروت ‪ -‬لبن ان يطلب من‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية بيروت ‪ -‬لبنان ص رب‪ 11 / 9424 :‬تلكس‪ 41245 :‬ه ائف‪:‬‬
‫‪810073 - 366135‬‬

‫]‪[3‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم إن الحمد هللا نحمده ونستعينه ونستغفره ونع وذ باهلل‬
‫من ش رور أنفس نا من يهد هللا فال مضل ل ه‪ ،‬ومن يض لل فال ه ادي ل ه‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورس وله‪.‬‬
‫* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا حق تقاته وال تم وتن إال وأنتم مس لمون) * (‬
‫‪( * )1‬يا أيها ال ذين اتق وا ربكم ال ذي خلقكم من نفس واح دة وخلق منها‬
‫زوجه ا‪ ،‬وبث منهما رج اال كث يرا ونس اء‪ .‬واتق وا هللا ال ذي تس اءلون به‬
‫واالرحام‪ ،‬أن هللا كان عليكم رقيبا) * (‪( * .)2‬يا الذين آمنوا اتق وا هللا ق وال‬
‫س ديدا‪ .‬يص لح لكم أعم الكم‪ ،‬ويغفر لكم ذن وبكم‪ ،‬ومن يطع هللا ورس وله فقد‬
‫ف از ف وزا علظيم ا) * (‪ )3‬أما بع د‪ :‬فنس تهل تق دمتنا على روضة الط البين‬
‫ببيان فضل العلم وأهله وشروط تعلمه فنقول وهللا الحمد والمن ة‪ .‬اعلم ه دانا‬
‫هللا وإياك إلى سبيل والرشاد ورزقنا الحرص على تحصيل مرض اته فال بد‬
‫للعبد ح تى يس تقيم مع منهج هللا س بحانه وتع الى من أربعة أش ياء‪ :‬العلم‬
‫والعمل واالخالص والخوف ‪ -‬فمن لم يعلم فهو أعمى ومن لم يعمل بما‬

‫]‪[4‬‬
‫علم فهو محجوب ومن لم يخلص العمل فهو مغب ون ومن لم يالزم الخ وف‬
‫فهو مغرور كما هو معلوم ومشهور‪ .‬فأما فض ائل العلم وأهله ف أكثر من أن‬
‫تحصى وأعظم من أن تستقصى من اآلي ات واالح اديث النبوية والنت برك‬
‫بذكر شئ منها‪ .‬فأما الكتاب‪ .‬قال هللا تعالى‪( * :‬قل هل يستوي الذين يعلم ون‬
‫والذين ال يعلمون) * (‪ )1‬وقال تعالى‪( * :‬يرفع هللا الذين آمنوا منكم وال ذين‬
‫أوت وا العلم درج ات) * (‪ )2‬وق ال تع الى‪( * :‬ش هد هللا أنه ال إله إال هو‬
‫والمالئكة وأولو العلم قائما بالقس ط) * (‪ )3‬ب دأ هللا س بحانه وتع الى بنفسه‬
‫وثنى بالمالئكة وثلث بالعلماء دون سائر خلقه فيكون من عداهم دونهم وهو‬
‫المطل وب‪ .‬وق ال تع الى‪( * :‬وأن زل هللا عليك الكت اب والحكمة وعلمك ما لم‬
‫تكن تعلم وك ان فضل هللا عليك عظيم ا) * (‪ )4‬وع ادة الع رب في س ياق‬
‫االمتنان تأخير االفضل وتقديم المفض ول على االفضل فتك ون موهبته عليه‬
‫الس الم من العلم أفضل من موهبته من االن زال المتض من للبن وة والرس الة‬
‫وهذا أشرف‪ .‬وقال تعالى حكاية عن سليمان عليه السالم في أمر الهده د‪* :‬‬
‫(العذبنه عذابا شديدا) * فلما جاء الهدهد قال‪( * :‬أحطت بما لم تحط ب ه) *‬
‫(‪ )5‬اشتدت نفسه واس تعلت بما عليه على س يد أهل الزم ان ورس ول الملك‬
‫الديان مع عظم ملكه وهيبة مجلسه وعلم الهدهد بحقارة نفسه‪ .‬فلوال أن العلم‬
‫يرفع من‬

‫]‪[5‬‬
‫الثرى إلى الثريا لما علظم الهدهد بعد أن كان نسيا منسيا‪ .‬فال جرم أب دل له‬
‫العقوبة االكرام النفيس وأسبع عليه خلع الرسالة إلى بلقيس‪ .‬وق ال تع الى‪* :‬‬
‫(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ج زاؤهم عند ربهم‬
‫جن ات ع دن تج ري عن تحتها االنه ار خال دين فيها أب دا رضي هللا عنهم‬
‫ورض وا عنه ذلك لمن خشي رب ه) * (‪ )1‬فنق ول إن خ ير البرية من يخشى‬
‫هللا وكل من يخشى هللا تع الى فهو ع الم فخ ير البرية ع الم ف أثبت الخش ية‬
‫لخ ير البرية وهو المطل وب‪ .‬وق ال هللا تع الى‪( * :‬إنما يخشى هللا من عب ادة‬
‫العلماء) (‪ .)2‬أضاف الخشية إلى كل عالم على وجه الحصر فيكون كل من‬
‫يخشى هللا تعالى فهو عالم وهو المطلوب‪ .‬وأما الس نة‪ - :‬فعن معاوية رضي‬
‫هللا عنه قال‪ :‬رسول صلى هللا عليه وآله من يرد هللا به خيرا يفقهه في الدين‬
‫وإنما أنا قاسم وهللا يعطي وال تزال من أمتي أمة قائمة بأمر هللا ال يض رهم‬
‫من خذلهم وال من خالفهم حتى يأتي أمر هللا وهم على ذلك (‪ )3‬والقاعدة أن‬
‫المبت دأ مخص ور في الخ ير والش رط اللغ وي محص ور في مش روطه النه‬
‫سبب فيكون المراد‪ :‬الخير محصور في المتفقة فمن ليس بمتفقه ال خير فيه‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ :‬من س لك طريقا يلتمس فيه علما س هل هللا‬
‫له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في مسجد من مساجد هللا يتلون كتاب‬
‫هللا ويتدارسونه بينهم إال نزلت عليهم الس كينة وغش يتهم الرحمة وخفت بهم‬
‫المالئكة وذكر هم هللا فيمن عنده (‪)4‬‬

‫]‪[6‬‬
‫فالريق الذي يسلك به فيها إلى الجنة فمعناه أن هذه الحالة سبب موصل إلى‬
‫الجنة‪ .‬وعن أبي الدرداء ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬ق ال‪ :‬ق ال رس وله هللا ص لى هللا‬
‫عليه واله من س لك طريقا يطلب فيه علما س لك هللا به طريقا من ط رق‬
‫الجنة وإن المالئكة لتضع أجنحتها رضا جوف الم اء وإن فضل الع الم على‬
‫العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة االنبي اء‬
‫وإن االنبي اء لم يورث وا دين ارا وال درهما وإنما ورث وا العلم فمن أخ ذه أخذ‬
‫بحظ وافر (‪ )1‬وأما وضع المالئكة أجنحتها فقيل تكف عن الط يران لتجلس‬
‫فتس مع منه وقيل تكف عن الط يران توق يرا له وقيل س تكف عن الط يران‬
‫لتبسط أجنحتها له بال دعاء ولو لم تعلم المالئكة أن منزلته عند هللا تس تحق‬
‫ذلك له فعلت ه‪ .‬وأما اس تغفار هم فهو طلب ودع اء له ب المغفرة ظنك ب دعاء‬
‫قوم ال يعص ون هللا ما أمر هم ويفعل ون بالب در ففيه أم ور‪ :‬منه ا‪ :‬أن الع الم‬
‫يكمل بقدر اتباعه للنبي ص لى هللا عليه واله الن الن بي ص لى هللا عليه واله‬
‫هو الشمس لقوله تعالى‪( * :‬إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعي ان إلى‬
‫هللا بإذنه وسراجا من يرا) * (‪ .)2‬والس راج الش مس لقوله تع الى‪( * :‬وجعلنا‬
‫سراجا وهاجا) * (‪ )3‬ولما كان القمر يستفيد من الش مس وكلما ك ثر توجهه‬
‫إليها كثر ضوءه حتى يصير بدرا‬
‫]‪[7‬‬
‫فكذلك العالم كلما كثر توجهه للن بي ص لى هللا عليه واله وإقباله عليه ت وفر‬
‫كماله‪ .‬ومنها‪ :‬أن العالم إذا أع رض عن فهم الن بي ص لى هللا عليه وآله فسد‬
‫حاله كما أن القمر إذا حيل بينه وبين الشمس كسف‪ .‬ومنه ا‪ :‬ان الك وكب مع‬
‫الب در ك المطموس ال ذي ال أثر له وض وء الب در عظيم المنفعة منتشر‬
‫االضواء منبعث االشعة في االقطار برا وبحرا وه ذا هو ش أن الع الم‪ ،‬وأما‬
‫العابد فكالكوب حينئذ ال يتعدى ن وره محله وال يصل نفعه إلى غ يره‪ .‬وعن‬
‫أبي أمامة الباهلي قال‪ :‬ذكر لرسول هللا صلى هللا عليه وآله رجالن أح دهما‬
‫عابد واآلخر ع الم فق ال رس ول هللا ص لى هللا عليه وال ه‪ :‬إن هللا ومالئكة‬
‫وأهل الس موات واالرض ح تى النملة في حجرها وح تى الح وت ليص لون‬
‫على معلم الناس الخير (‪ )1‬وهذا الحديث أبلغ من الحديث السابق فإن فضله‬
‫عليه الس الم على أدنا هم أعظم من فضل القمر على الك واكب أض عافا‬
‫مض اعفة‪ .‬أوال‪ :‬إن العلم معت بر في االلهية وكفى ب ذلك ش رفا عند كل عاقل‬
‫على العبادات وغيرها‪ .‬ثانيا‪ :‬إن كل خير مكتسب في العالم بسبب العلم وكل‬
‫شريكتسب في الع الم فهو بس بب الجه ل‪ .‬ثالث ا‪ :‬إن هللا تع الى لما أراد بي ان‬
‫فضل آدم على المالئكة وإقامة الحجة عليهم علمه أس ماء االش ياء كلها ثم‬
‫سألهم فلم يعلموا وسأله فعلم فاعترفوا حينئذ بقضيلة وأمرهم بالسجود له في‬
‫لعنته وه ذا ح ال العلم بأس ماء االش ياء أو عالمتها على الخالف في من هللا‬
‫تعالى بقبيح لعنته وهذا ح ال العلم بأس ماء أو عالمتها على الخالف في ذلك‬
‫فكيف العلم بحدود الدين وما يتوصل به إلى رب الع المين‪ .‬ف إن الع الم ينقل‬
‫عن الحق للخلق فيقول‪ :‬إن هللا تعالى حرم عليكم كذا‬

‫]‪[8‬‬
‫وأوجب عليكم ك ذا وأذن لكم في ك ذا فهو الق ائم ب أمر هللا تع الى في خلقه‬
‫وموصله إلى مستحقه والدافع عن تحريف المحرفين وتبديل المب دلين وش به‬
‫المبطلين‪ .‬وكفى ب ذلك ش هيدا على فضل العلم والعلم اء‪ .‬ش روط تعلمه فأما‬
‫عن شروط تعلم العلوم وتعليمها فكثيرة‪ :‬أحد ها‪ :‬أن يقصد بها ما وضع ذلك‬
‫العلم له فال يقصد غ ير ذلك كاكتس اب م ال أوج اه أو مغالبة خصم أو‬
‫مكابرة‪ .‬ثانيا‪ :‬أن يقصد العلم ال ذي تقبله طباعه إذ ليس كل أحد يص لح لتعلم‬
‫العل وم وال كل من يص لح لتعلمها يص لح لجميعها لجميعها بل كل ميسر لما‬
‫خلق ل ه‪ .‬ثالث ا‪ :‬أن يعلم غاية العلم ليك ون على ثقة من أم ره‪ .‬رابع ا‪ :‬أن‬
‫يستوعب ذلك العلم من أوله إلى آخره تص ورا وتص ديقا‪ .‬خامس ا‪ :‬أن يقصد‬
‫فيها الكتب الجيدة المستوعبة لجميع مسائل العلم‪ .‬سادسا‪ :‬أن يقرأ على ش يخ‬
‫مرشد وأم نى ناصح وال يس تبد بنفسه وذكائ ه‪ .‬وهللا در القائ ل‪ - :‬من يأخذ‬
‫العلم عن شيخ مش افهة * يكن عن الزيغ والتحريف في ح رم من يكن آخ ذا‬
‫للعلم عن ص حت * فعلمه عند أهل العلم كالع دم وق ال آخ ر‪ :‬أم دعيا علما‬
‫وليس بق اري * كتابا على ش يخ به يس هل الح زن أت زعم أن ال ذين يوضح‬
‫مشكال * بال مخبر تاهلل قد كذب الذهن وإن ابتغ اء العلم دون معلم * كموقد‬
‫مصباح وليس له دهن سابعها‪ :‬أن يذاكر االقران واالنظ ار طالبا للتحقيق ال‬
‫‪.‬المغالبة بل للمعاونة على الفائدة بل لالستفادة‬

‫]‪[9‬‬
‫ثامنا‪ :‬أنه إذا علم ذلك العلم ال يض يعه بإهماله وال يمنعه مس تحقه وال يؤتيه‬
‫غير مستحقه‪ .‬تاسعا‪ :‬أن ال يعتقد في علم أنه حصل مق دارا ال تمكنه الزي ادة‬
‫عليه ف ذلك نقص وحرم ان‪ .‬عاش را‪ :‬أن يعلم أن لكل علم ح دا فال يتج اوزه‬
‫وال ينقص عن ه‪ .‬وبه ذا يتضح لنا أن العلم حي اة للقل وب وبه يع رف الحالل‬
‫والح رام فمن تحلى به فقد س اد‪ .‬الفقه وتط وره إن المقصد االس نى من علم‬
‫الفقه تطبيق االحكام الش رعية على أفع ال الن اس وأق والهم فالفقه هو مرجع‬
‫القاضي في قض ائه والمف تي في فت واه ومرجع لكل مكلف لمعرفة الحكم‬
‫الشرعي فيما يصدر عنه من أقوال وأفعال وهذه الغاية منه‪ .‬فيطلن الفقه في‬
‫اللغة على الفهم مطلقا سواء كان المفهوم دقيقا أم غيره وس واء ك ان غرضا‬
‫لمتكلم أم غ يره (‪ .)1‬وفي االص طالح‪ :‬هو العلم باالحك ام الش رعية العملية‬
‫من أدلتها التفصيلية (‪ .)2‬وقيل الفقه علم مس تنبط يع رف منه أحك ام ال دين‪.‬‬
‫وقال النس في‪ :‬الفقه هو الوق وف على المع نى الخفي ال ذي يحت اج في حكمه‬
‫إلى النظر واالستدالل‪ .‬يق ول ابن خل دون (‪ )3‬رحمه هللا‪ .‬الفقه معرفة أحك ام‬
‫هللا تعالى في أفع ال المكلفين ب الوجوب والحظر والن دب والكراهة واالباحة‬
‫وهي متلق اة من الكت اب والس نة وما نصه الش ارع لمعرفته من االدلة ف إذا‬
‫‪.‬استخرجت االحكام من تلك االدلة قيل لها فقه‬

‫] ‪[ 10‬‬
‫ومن تتبع تاريخ النظم والش رائع يس تبين أن أي نظ ام في الحي اة منذ ب دأت‬
‫وكان لها تاريخ لم يقم طفرة ولم يتك ون جملة على نحو متماسك بل البد أن‬
‫يمر بجميع االدوار ال تي يمر بها كل ك ائن ذي حي اة ح تى يصل إلى غايته‬
‫من النضج وهكذا ش أن تحت ظل قواعد كلية وأص ول عامة ب وحي من هللا‬
‫تعالى وتلك القواعد واالصول قد الحتواها القرآن الكريم وسنة وسوله صلى‬
‫هللا عليه وآله التشريعية قوال وعمال و تقريرا‪ .‬ثم ج اء دور البن اء على تلك‬
‫االصول واالسس ثم جاء دور النضج واستكمال مقوماته واالرتف اع به على‬
‫يد طائفة من االئفة المجته دين المخلص ين ال ذين ك ان لهم ص دق في الق ول‬
‫والفعل فوص لوا به إلى غايت ه‪ .‬وتنحصر ه ذه االدوار فيما ي أتي‪ - :‬أوال‪:‬‬
‫التشريع في عهد النبي الخاتم صلى هللا عليه وآله لقد جاء االس الم إلى كافة‬
‫لكنه بدأ بإصالح شأن الع رب ال ذين اخت ارهم‪ .‬هللا لنص رة دينه ودع اء إليه‬
‫وك ان ح ال الع رب آن ذاك قائما على الوثنية في ال دين والفوضى في نظ ان‬
‫المجتمع فك ان البد من خالص هم من ه ذه الفوضى واستخالص هم لنص رة‬
‫س بحانه وتع الى وي وجهم نحو إخالص العب ادة له تع الى ويمحو من بينهم‬
‫العادات المستخبثة ويطبعهم على غرار حسن من االخالق الفاض لة والنوايا‬
‫الكريمة‪ ،‬وبأن يصح لهم نظاما حكما يتناول كل شؤونهم ليسيروا على هدية‬
‫في ن واحي الحي اة المختلفة ولقد اتجه االس الم في أول أم ره إلى إص الح‬
‫القيده فإنها القاع دة ال تي ب نى عليها ما ع داه ح تى إذا تم له الغ رض االول‬
‫أخذ فيما يليه من وضع نظم الحياة فشرع لهم االحكام التي تتن اول ش ؤونهم‬
‫وتفصل بحي اة الف رد والجماعة في كل ناحية من نواحيها في العب ادات‬
‫والمع امالت والجه اد والجناي ات والم واريث والوص ايا وال زواج والطالق‬
‫وااليم ان الن ذور والقض اء ومتعلقاته وكل مس ائل الفقة االس المي‪ .‬وطريقة‬
‫التشريع في هذا العصر كانت سائرة على نهج واحد الن السلطة التش ريعية‬
‫كانت للن بي ص لى هللا عليه وآله وح ده دون أن يت دخل فيها أحد س واه وأن‬
‫المرجع االساسي له ص لى هللا عليه وآله ك ان ال وحي بقس ميه المتلو وهو‬
‫‪.‬القرآن وغيره المتلو وغير المتلو وهو السنة‬

‫] ‪[ 11‬‬
‫ق ال هللا تع الى * (وما ينطق عن اله وى طن هو إال وحى ي وحى) *‪ .‬فلم‬
‫يكن ثمة خالف الن المصدر االلهي قد أفاض بالنور على االمة البشرية‪ .‬ثم‬
‫يأتي الدور الثاني وهو بعد التقاء النبي ص لى هللا عليه وآله ب الرفيق االعلى‬
‫وهو ما يسمى عند البحاحثين بالتشريع في عهد الخلفاء الراشدين فلما ت وفى‬
‫الحيبب س يدنا رس ول هللا ص لى هللا عليه وآله تاركا وراءه أص حابه رضي‬
‫هللا عنهم ال ذين رأوه وحفظ وا كالمه وش اهدوا أفعاله فلم ي ترك لهم فقها‬
‫مدونا إنما ترك لهم جملة من االصول والتش ريعات كت اب هللا تع الى وس نة‬
‫رسوله صلى هللا عليه وآله سواء كانت أق وال أو أفع ال أو تقري رات وك ان‬
‫ه ذا كفاية لهم في ش ؤونهم آن ذاك ولكن لما اس تعت رقعة االس الم وامتد‬
‫سلطانه إلى أمم إلى تنظيم ذلك وتقعيده سواء في هذا أم ور ال دين أو أم ور‬
‫الدنيا فبدأ الفقه حينئذ يتطور وأخذ يخطو الصحابة لالحكام في ذلك العصر‪.‬‬
‫قال‪ :‬كان أبو بكر رضي هللا عنه إذا ورد عليه الخص وم نظر في كت اب هللا‬
‫ف إن وجد فيه ما يقضي به بينهم قضى وإن لم يجد في الكت اب وعلم من‬
‫رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم س نة قضى بها ف إن أعي اه خ رج فس أل‬
‫المس لمين أت اني ك ذا وك ذا فهل علمتم أن رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم‬
‫قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر فيه عن رسول هللا‬
‫صلى عليه وسلم فضاء فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول هللا ص لى هللا‬
‫عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستش ار هم ف إن أجمع رأيهم على‬
‫شئ قضى ب ه‪ .‬وك ان أص حاب الن بي ص لى هللا عليه وس لم على ذلك فك ان‬
‫اعتماد هم في فت اوا هم على الكت اب والس نة واالجم اع والقي اس (‪ .)1‬وبعد‬
‫عصر الخلفاء الراش دين وكب ار أص حاب س يدنا رس ول هللا ص لى هللا عليه‬
‫وسلم إلى أوائل القرن الثاني من هجرة سيد االن ام س يدنا رس ول هللا ص لى‬
‫‪.‬هللا عليه وسلم‬

‫] ‪[ 12‬‬
‫وكان التشريع في هذا الدور يسير على سنن ماكان عليه في ال دور الس ابق‬
‫من حيث االعتماد على الكتاب والسنة واالجماع والقياس ويض اف إلى ذلك‬
‫فتاوى أصحاب الصدر االولى فالخطة التشريعية في هذا العصر هي بعينها‬
‫في العصر االول غير أن مبدأ الشورى لم يعدله من المنزلة وما كان له في‬
‫العصر السابق الحتالف المسلمين وتفرقهم بعد مقتل عثم ان رضي هللا عنه‬
‫وانقسموا بسبب ذلك إلى خوارج وشيعة وأهل السنة والجماعة وهو جمهور‬
‫االمة وانتج هذا الخالف تشعب الخالفات الفقهية وظه ور الم دارس الكث يرة‬
‫وانقس ام العلم اء في ذلك العصر إلى أهل ح ديث وأهل رأي ولكل منهما‬
‫مدرس ته إلى الخاصة ال تي أنش أها وك ان لها دور كب ير في نش أة الفقه‬
‫االسالمي وتطوره ثم بدأ الفقه إلى نمو آخر في أول القرن الثاني من هجرة‬
‫سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وينتهي في منتصف الق رن الرابع من‬
‫الهجرة وه ذا العصر كما يق ول عنه الب احثون هو العصر ال ذهبي للتش ريع‬
‫االسالمي فقد نضج وأثمر ثروة تش ريعية أغنت الدولة االس المية ب القوانين‬
‫واالحك ام على س عة أرجائها وإختالف ش ؤونها وتع دد مص الحها واتجه‬
‫المس لمون في ه ذا العصر إلى ما لم يتسع له زمن أس الفهم ولم تتهيأ لهم‬
‫أسبابه فأفرغوا كثيرا من جهود هم في التدوين والتص نيف وتنظيم المس ائل‬
‫وفي تتهيأ لهم أس بابه ف أفرغوا كث يرا من جه ودهم في الت دوين والتص نيف‬
‫وتنظيم المس ائل وفي ه ذا العهد نشأ أعالم الهم م واهبهم واس تعداداتهم‬
‫وساعدتهم البيئة التي عاشوا فيها على استثمار هذه الم واهب واالس تعدادات‬
‫فتكونت الملكات التشريعية لكثير من أفذاذ هم أمثال أبي حنيفة ومالك وبهذا‬
‫فقد تضخم الفقه االسالمي ونما وعال وأصبح شامال لما تجدد مع الحض ارة‬
‫الحديثة من الوق ائع ومقتض يات العم ران‪ .‬في ذكر شئ من كتب الم ذهب‬
‫وبيان المعتمد منها اعلم أن كتب االمام الشافعي رحمه هللا تعالى صنفها في‬
‫صنفها في الفقه أربعة‪ :‬االم ‪ -‬االمالء ‪ -‬البويطي ومختصر المزيمي‪ .‬هذا في‬
‫الجديد وأما القديم فاالمالي ومجمع الكافي وعيون المس ائل والبجر المحي ط‪.‬‬
‫فاختصر االربعة االولى المتحدثة بلس ان الجديد من م ذهب االم ام الش افعي‬
‫إمام‬

‫] ‪[ 13‬‬
‫الح رمين في كتابه النهاية وقيل غ ير ذلك واختصر الغ زالي رحمه هللا‬
‫النهاية إلى البس يط ثم اختصر البس يط إلى الوس يط وهو إلى الوج بز ثم‬
‫اختصر الوج يز إلى الخالصة واختصر المص نف رحمه هللا المح رر‬
‫للرافعي إلى المنهاج ثم اختصر الشيخ زكريا االنصاري المنهاج إلى المنهج‬
‫ثم اختصر الج وهري المهنج إلى النهج وش رح ال رافعي الوج يز بش رحين‬
‫ص غير لم يس مه وكب ير س ماه العزيز فاختصر المص نف رحمه هللا العزيز‬
‫إلى الروضة وهو الكتاب الذي نحن بصدده ثم اختصر ابن مق ري الروضة‬
‫إلى الروض وشرحه شيخ االسالم زكريا االنصاري في كت اب س ماه أس نى‬
‫المط الب ثم اختصر ابن حجر ال روض في كت اب س ماه النعيم واختصر‬
‫الروضة أيضا المزجد في كتاب سماه العباب فشرحه ابن حجر شرحا جمع‬
‫فيه ف أوعى س ماه االيع اب واختصر الروضة الحافظ الس يوطي مختص را‬
‫سماه الغيثية ونظمها نظما سماه الخالصة واختصر القروي ني العزيز ش رح‬
‫الوجيز إلى الح اوي الص غير فنظمنه ابن ال ودري في بهجته فش رحه ش يخ‬
‫االسالم بشرحين فأتى ابن المق ري فاختصر الح اوي الص غير إلى االرش اد‬
‫فش رحه ابن حجر في ش رحين‪ .‬ق ال ابن حجر الهيثمي رحمه هللا‪ :‬في أثن اء‬
‫كالم من ذيل تحرير المق ال بعد أن تكلم عن المختص رات ق ال‪ :‬ثم ج اء‬
‫النووي واختصر هذا الش رح يريد العزيز ‪ -‬ونقحه وح رره واس تدرك على‬
‫كث ير من كالمه مما وج ده محال لالس تدراك وس مى ه ذا المختصر روضه‬
‫الط البين ‪ -‬وهو ال ذين نحن بص دد تحقيقة ‪ -‬ق ال‪ :‬ثم ج اء المت أخرون بع ده‬
‫فاختلفت أغراضهم فمنهم المحشون وهم كثيرون أطالوا النفس في ذلك حتى‬
‫بلغت حاشية االمام االذرعي وهي التوسط والفتح بين الروضة والشرح إلى‬
‫فوق الثالثين سفرا وكذلك االسنوي حشى في كت اب س ماه المهم ات وك ذلك‬
‫ابن العم اد والبلقي ني فجمع الزركشي حواش يهم في كتابه المش هور الخ ادم‬
‫وقد م رت االش ارد إلي ه‪ .‬ق ال العالمة ابن حجر وغ يره من المت أخرين‪ .‬قد‬
‫أجمع المحقق ون على أن الكتب المتقدمة على الش خين ال يعتد بشئ منها إال‬
‫بعد كم ال البحث والتحرير ح تى يغلب على الظن أنه راجح في م ذهب‬
‫الشافعي ثم قالوا هذا في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحد هما تعرضا له‬
‫فال ذي أطبق عليه المحقق ون أن المعتمد ما اتفقا عليه ف إن اختلفا ولم يوجد‬
‫لهما مرجح أو وجد ولكن على السواء فالمعتمد ما قاله‬

‫] ‪[ 14‬‬
‫الن ووي وإن وجد الح دهما دون اآلخر فالمعتمد ذو ال ترجيح‪ .‬ق ال الك ردي‬
‫رحمه هللا تع الى في المس لك الع دل والفوائد المدني ة‪ :‬ف إن تح الفت كتب‬
‫النووي فالغالب أن المعتمد التحقيق ف المجموع ف التنقيح فالروضة والمنه اج‬
‫ونحو فتواه معتمدا لكنه نادر حدا وقد تتبع من ج اء بع دهما كالمهما وبين وا‬
‫المتعمدمن عيره بحسب ما ظهر لهم ثم إن لم يكن للش يخ ت رجيح ف إن ك ان‬
‫المف تى من أهل ال ترجيح في الم ذهب أف تى بما ظهر له ترجيحه مما اعتمد‬
‫أئمة مذهبة وال تجوز له الفتوي بالضعيف عندهم وإن ترجح عنده النه إنما‬
‫يسأل عن الراجح في الم ذهب ال عن ال راجح عن ده إال إن نبه على ض عفه‬
‫وأنه ال يجوز تقليده للعمل به حيث كان كذلك فال ب أس وإن لم يكن من أهل‬
‫الترجيح‪ .‬المخطوطات التي استعنا بها في كتابة الحاش ية ‪ - 1‬البي ان‪ .‬ت أليف‬
‫االمام أبي الخير يحيى بن سالم بن سعيد بن عبد هللا بن محمد بن موسى به‬
‫عمران الشهير ب العمراني اليم ني المول ود س نة ‪ - .558‬نس خة تحت رقم (‬
‫‪ - 2 .)1543‬التاج في زوائد الروضة على المنهاج‪ :‬تأليف نجم الدين محمد‬
‫بن عبد هللا ابن قاضي عجل ون المت وفي س نة ‪ .786‬نس خة تحت رقم (‬
‫‪ - 3 .)17017‬الت دريب‪ :‬لش يخ االس الم س راج ال دين أبي حفص عم ربن‬
‫رس الن بن نص ير بن ص الح الكن اني البلقي ني المول ود الث اني عشر من‬
‫رمضان سنة ‪ 724‬المتوفى عاشر ذي القعدة سنة ‪ .805‬نسخة (‪- 4 .)527‬‬
‫التعقبيات على المهمات‪ :‬ت أليف العالمة ش هاب ال دين أمحمد بن العم اد ابن‬
‫يوسف االفقهيسي المت وفي س نة ‪ - .808‬نس خة تحت رقم (‪- 5 .)1584‬‬
‫‪.‬مختصر الروضة‪ :‬اختصار العالمة االصفوني من علماء القرن الثامن‬
‫] ‪[ 15‬‬
‫نس خة تحت رقم (‪ - 6 )16790‬المهم ات في ش رح ال رافعي والروضة ‪-‬‬
‫صاحب جواهر البحرين‪ - .‬نسخة تحت رقم (‪ - 7 .)1684‬فتح العزيز على‬
‫كتاب الوجيز‪ :‬لالمام أبي القاسم عبد الريم ال رافعي القسم المخط وط من ه‪- .‬‬
‫نس خة تحت رقم (‪ - 8 )1681‬ق وت المحت اج ش رح المنه اج‪ :‬لالذرعي‬
‫ص احب التوسط ذك ره‪ - .‬نس خة (‪ - 9 .)17825( ،)1723‬زوائد روضة‬
‫الطالبين‪ :‬جمعها الصدر الكبير شرف ال دين أبي عمر عثم ان بن حم زة بن‬
‫عثمان الرومي من علماء القرن السابع‪ - .‬نسخة تحت رقم (‪- 10 .)1652‬‬
‫الش امل‪ :‬ت أليف العالمة أبي نصر عبد الس يد بن محمد بن عبد الواحد بن‬
‫أحمد بن جعفر المعروف ب ابن الص باغ المول ود ببغ داد س نة ‪ 400‬المت وفى‬
‫يوم الثالثاء ثالث عشر جمادى االولى سنة ‪ 477‬ببغ داد‪ - .‬نس خة تحت رقم‬
‫(‪ - 11 .)1658‬الحاوي‪ :‬تأليف االم ام أبي الحسن علي بن محمد بن ح بيب‬
‫البص ري المع روف بالم اوري المت وفي ي وم الثالث اء من ش هر ربيع االول‬
‫سنة ‪ 50 4‬وعمره ست وثمانون سنة ‪ -‬نسخ رقم (‪12 .)19303( ،)1600‬‬
‫‪ -‬ج واهر البح رين في تن اقض الح برين‪ :‬ت أليف جمال دين أبي محمد عبد‬
‫الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إب راهيم االم ولي االس نوي‬
‫المولود بإسنا من صعيد مصر في العشر االخ ير من ذي الحجة س نة ‪704‬‬
‫المتوفي س نة ‪ - .772‬نس خة تحت رقم (‪ - 13 .)6 159‬تعليقة الفوائد على‬
‫‪.‬شرح الرافعي والروضة‪ .‬تأليف أبي عبد الرحمن بن زهرة الشافعي‬

‫] ‪[ 16‬‬
‫نس خة تحت رقم (‪ - 14 .)6985‬التوسط والفتح بين الروضة والش رح ‪-‬‬
‫تأليف االمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن حجربن أحمد بن عبد الواحد‬
‫بن عبد الغ ني بن محمد بن أحمد بن س الم بن داود بن يوسف بن خالد‬
‫االذرعي المول ود بأذرع ات في وسط س نة ‪ 807‬المت وفي في خ امس عشر‬
‫جم ادى اآلخ رة س نة ‪ - .783‬نسخ ‪- 15 .)19259( ،)1718( ،1576‬‬
‫ارش اد المخت اج إلى ش رح المنه اج‪ :‬ت أليف قاضي القض اة ب در ال دين أبي‬
‫الفضل محمد بن أبي بكر المع روف بقاضي ش هبة االس دي المت وفي س نة‬
‫‪ - .874‬نسخة دار الكتب المص رية تحت رقم (‪ - 16 .)1528‬االعتن اء في‬
‫الف رق واالس تثناء ت أليف الش يخ االم ام ب در ال دين محمد بن أبي بكر بن‬
‫س ليمان البك ري وهو بتحقيقنا (فمنا بتحقيقه على ثالث نس خ)‪ - 17 .‬البحر‬
‫المحيط في الش رح الوس يط‪ :‬ت أليف االم ام نجم ال دين أبي العب اس أحمد بن‬
‫محمد بن أبي الحرم مكي المخ زومي المش هور ب القمولي المت وفى في س نة‬
‫‪ 727‬وهو في الثمانين‪ - .‬نسخة دار الكتب تقع تحت رقم (‪- 19 .)19258‬‬
‫المعاياة في العقل البي العباس أحمد بن محمد الجرج اني الش افعي المت وفى‬
‫س نة ‪ - .482‬نس خة تحت رقم (‪ )915‬فقه ش افعي‪ - 20 .‬خ ادم ال رافعي‬
‫والروضة في الف روع‪ .‬ق ال ابن حجر عنه ثم جمع الخ ادم طريق المهم ات‬
‫فاس تمد من التوسط لالذرعي كث يرا وهي كث يرا وهي تقع في أث ني عشر‬
‫‪.‬جزءا وهي خزانة دار الكتب المصرية‬

‫] ‪[ 17‬‬
‫حاش ية الك بري‪ :‬وهي نكت على روضة الط البين وهي نس خة ‪21 -‬‬
‫محفوظة بمكتبة مس جد ب دمياط بمصر ونس خة أخ رى بمكتبة البلدية‬
‫باالسكندرية (‪ .)1‬المصنف وزوائده قال لفيف من أهل العلم‪ :‬إن الش ارح إذا‬
‫زاد على االصل فالزائد ال يخل وا إما أن يك ون بحثا أو اعتراضا إن ك ان‬
‫بص يغة البحث واالع تراض أو تفض يال لما أجمله أو نكميال لما نقصه‬
‫وأهمله والتكميل إن ك ان له مأخذ من كالم س ابقة أو ال حقه ف ابراز وإال‬
‫ف اعتراض وض يغ االع تراض ويتوجه وما اش تق منه أعم منه من غ يره‬
‫ونحو إن قيل له لماال يندفع له يزعم المتع رض ويتوجه وما اش تق منه أعم‬
‫منه من غ يره ونحو إن قيل له مع ض عف فيه وقد يق ال ونح وه لما فيه من‬
‫ضعف شديد ونحوه لقائل لما فيه ضعف ض غيف وفيه بحث ونح وه لما فيه‬
‫ق وة س واء تحقق الج واب أوال وص يغة المجه ول ماض يا أو مض ارعا وال‬
‫بيعد‪ .‬ويمكن كلها ضيغ التمريض تدل على ضعف مدخولها بحث ان ك ان أو‬
‫جوابا‪ .‬وأق ول وقلت لما هو خاصة القائ ل‪ .‬وإذا قيل حاص له أو محص له أو‬
‫تحري ره أو تنقيحه أو نحو ذلك ف ذلك إش ارة إلى قص ور في االصل أو‬
‫اشتماله على حشو‪ .‬وتراهم يقولون في مقام إقامة شئ مق ام آخر م رة ت نزل‬
‫منزلة وأخرى أنيب منابه وأخ رى أقيم مقامه ف االول في إقامة االعلى مق ام‬
‫االدني والثاني بالعكس والثالث في المساواة وإذا رأيت واحد منها مقام آخر‬
‫فهناك نكته‪ .‬يقول السبكي في طبقاته (‪ :)2‬وال يخفي على ذي بص يرة أن هلل‬
‫تب ارك وتع الى عناية ب النووي ومص نفاته ويس تدل على ذلك بما يقع في‬
‫ض منه من فوائد ح تى ال تخلو ترجمته عن الفوائ د‪ .‬فنق ول‪ :‬ربما غ ير لفظا‬
‫من ألفاظ الرافعي إذا تأمله المتأمل استدركه عليه وق ال‪ :‬لم يف باالختص ار‬
‫وال جاء بالمراد نجده عند التنقيب قد وافق الصواب ونطق بفصل‬

‫] ‪[ 18‬‬
‫الخطاب وما يكون من ذلك عن قصد منه ال يعجب من فإن المختصر ربما‬
‫غير كالم من يختصر كالمه لمثل ذلك وإنما العجب من تغي ير يش هد العقل‬
‫بأنه لم يقصد إليه ثم وقع فيه على الص واب وله أمثل ه‪ :‬منها ق ال ال رافعي‬
‫رحمه هللا في كت اب الش هادات في فصل التوبة عن المعاصي الفعلية في‬
‫التاوب أنه يختبر مدة يغلب على الظن فيها أنه أص لح عمله وس ريرته وأنه‬
‫ص ادق في توبت ه‪ .‬وهل تتق در تلك الم دة ؟ ق ال ق ائلون‪ :‬ال‪ ،‬إنما المعت بر‬
‫حصول غلبة الظن بصدقه ويختلف االمر فيه باالشخاص وأمارات الص دق‬
‫ه ذا ما اخت اره االم ام والعب ادي واليه أش ار ص احب الكت اب بقوله ح تى‬
‫يستبرئ مدة فيعلم إلى آخره‪ ،‬وذهب آخرون إلى يقدير ها وفيه وجهان ق ال‬
‫أك ثر هم يس تبرأ س نة‪ ،‬انتهى بلفظه ف إذا ت أملت قوله ق ال أك ثر هم وج دت‬
‫الض مير فيه مس تحق الع ود على اآلخ رين ال ذاهبين إلى تق ديرها‪ ،‬ال إلى‬
‫مطلق االصحاب‪ ،‬فال يل زم أن يك ون أك ثر االص حاب على التق دير‪ ،‬فضال‬
‫عن التقدير بستة‪ ،‬فه ذا ما يعطيه لفظ ال رافعي‪ ،‬في الش رح الكب ير وص رح‬
‫النووي في الروضة بأن االكثرين على تقدير المدة بسنة فمن ع ارض بينها‬
‫وبين ال رافعي بتأمل قضى بمخالفتها له الن عب ارة الش رح ال تنقضي أن‬
‫أكثر االصحاب على التقدير‪ ،‬وأنه سنة‪ ،‬بل إن أكثر المقدرين ال ذين هم من‬
‫االص حاب على ذل ك‪ ،‬ثم يتأيد ه ذا القاضي بالمخالفة ب أن عب ارة الش افعي‬
‫رضى هللا عنه ليس فيها تق دير بس نة‪ ،‬وال بس تة أش هر‪ ،‬وإنما ق ال‪ :‬أش هر‪،‬‬
‫وأطلق االش هر رضي هللا عنه إطالق ا‪ ،‬إال أن ه ذا إذا ع اود كتب الم ذهب‬
‫وجد الص واب ما فعله الن ووي‪ ،‬فقد ع زا التق دير‪ ،‬وإن مق داره س نة إلى‬
‫أصحابنا قاطبة‪ ،‬فضال عن أكثر هم‪ ،‬الشيخ أبو حامد االسفراييني في تعليقة‬
‫وهذه عبارت ه‪ :‬ق ال الش افعي‪ :‬ويخت بر م دة أش هر ينتقل فيها من الس يئة إلى‬
‫الحسنة‪ ،‬ويعف عن المعاصي‪ .‬وقال أصحابنا‪ :‬يختبر سنة انتهى‪ .‬وكذلك قال‬
‫القاضي الحس ين في تعليقته ولفظه ق ال الش افعي‪ :‬م دة من الم دد‪ .‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬سنة انتهى‪ .‬وكذلك الماوردي‪ ،‬ولفظه‪ :‬وصالح عمله معتبر بزمان‬
‫اختلف الفقهاء في‬
‫] ‪[ 19‬‬
‫حده‪ ،‬فاعتبر بعص هم بس تة أش هر‪ ،‬واعت بره أص حابنا بس نة كامل ة) انتهى‪.‬‬
‫وكذلك الشيخ أبو إسحاق‪ ،‬فإنه قال في المهذب‪ :‬وق در أص حابنا الم دة بس نة‬
‫وك ذلك البغ وي في (الته ذيب)‪ ،‬وجماع ات كلهم ع زوا التق دير بالس نة إلى‬
‫االصحاب‪ ،‬فضال عن أكثر هم‪ ،‬ولم يق ل‪ :‬بعض االص حاب إال القاضي أبو‬
‫الطيب‪ ،‬وإالمام‪ ،‬ومن تبعهما‪ ،‬فإنهم قالوا‪ :‬ق ال بعض أص حابنا تق در بس نة‪،‬‬
‫وق ال بعض هم‪ ،‬زاد االم ام أن المتحققيق على ع دم التق دير‪ .‬ومن تأمل ما‬
‫نقلن اه‪ ،‬أيقن ب أن االك ثرين على التق دير بس نة‪ ،‬وبه ص رح ال رافعي في‬
‫(المح رر) ول وح إليه تلويحا في الش رح العص ير)‪ ،‬فظهر حسن ص نع‬
‫النووي‪ ،‬وإن لم يقص د‪ ،‬عناية من هللا تع الى ب ه‪ .‬وضف مخطوط ات الكتب‬
‫وهي تنقسم إلى قس مين‪ :‬أوال‪ :‬النسخ ال تي اعتم دنا عليها في فبط النص‪.‬‬
‫االولى‪ :‬وهي النس خة المخفوظة ب دار الكتب المص رية مكتوبة بخط وط‬
‫مختلفة بخط جيد واضح وهي كاملة ال نقص فيه وقع آخرها قوله‪ :‬فرغ من‬
‫نسخ هذه المجل دة ي وم الجمعة قبل ال زوال خ امس عش رين جم ادى االولى‬
‫سنة إح دى واربعين وس بعمائة بمدينة الس الم بغ داد حماها هللا وص انها مع‬
‫س ائر المس لمين اللهم صل على محمد وعلى آله وص حبه وس لم‪ .‬وقد جعلنا‬
‫تلك النس خة أصال للكت اب ورمزنا له ب الرمز (أ)‪ .‬الثاني ة‪ :‬وهي النس خة‬
‫المحفوظة ب دار الكتب المص رية مكتوبة نسخ غ ير أنها تنتهي إلى نهاية‬
‫كت اب الطالق وقد أش رنا إلى ذلك في حاش يتنا على الكت اب ورمزنا لها‬
‫بالرمز (ب)‪ .‬الثالثة‪ :‬وهي النسخة المطبوعة التي قام المكتب االسالمي فيها‬
‫بجهد مش كور ورمزنا لها ب الرمز (ط)‪ .‬وقد قمنا بمقابلة ه ذه النسخ فأنبتنا‬
‫فروقها وب ذلنا جل جه دنا ح تى خ رج النص س ليما خاليا من التص حيف‬
‫والتخريف وقد تكلمنا عن طريقة االمام النووي ‪ -‬رضي هللا‬

‫] ‪[ 20‬‬
‫عنه ‪ -‬من خالل تق دمتنا على الكت اب ووض عنا في أسف الكت اب حاش ية‬
‫اس تعنا فيها بما س بق ذك ره من المخطوط ات فضال عن المطبوع ات‬
‫وسميناها (هداية الراغبين بتحقيق روضة الطالبين) وهلل الحمد والمنة‪ .‬ثاني ا‪:‬‬
‫النسخ ال تي ألحقنا بالكت اب‪ .‬االول‪ :‬المنتقى من الينب وع فيما زاد على‬
‫الروضة من الف روع للحافظ الس يوطي وهي نس خة محفوظة ب دار الكتب‬
‫المص رية تحت رقم (‪ )521‬مج اميع (‪ )5066‬ميك روفيلم مكتوبة بحظ جيد‬
‫واضح‪ ،‬وقد ألحقتها بالكتاب تتميما للفائ دة بعد بند نص ها وتحقيقه ا‪ .‬الثاني ة‪:‬‬
‫المنهج السوي في ترجمة االمام النووي للحاظ جالل ال دين الس يوطي وهي‬
‫النس خة المحفوظة ب دار الكتب المص رية تحت رقم (‪ )3943‬ت اريخ (‬
‫‪ )35323‬ميك روفيلم مكتوبة بحظ جيد واضح وقد ألحقتها في بداية الكت اب‬
‫تكميال لتقدمتنا على هذا الكت اب‪ .‬نس أل هللا س بحانه وتع الى أن يك ون عملنا‬
‫خالصا لوجهه الك ريم وأن ينفع به المس لمين‪ .‬والحمد هلل رب الع المين‪.‬‬
‫وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫] ‪[ 21‬‬
‫صور مخطوطات كتاب الروضة وبعض الكتب االخ رى ال تي اس تفيد منها‬
‫في كتاب الحاشية‬

‫] ‪[ 23‬‬
‫بداية كتاب روضة الطابين‬

‫] ‪[ 24‬‬
‫باب تارك الصالة من الروضة‬

‫] ‪[ 25‬‬
‫كتاب الزكاة من الروضة‬

‫] ‪[ 26‬‬
‫بداية كتاب الجنايات من الروضة‬
‫] ‪[ 27‬‬
‫آخر ربع النكاح من الروضة‬

‫] ‪[ 28‬‬
‫التحقيق للنووي‬

‫] ‪[ 29‬‬
‫مسائل الخالف للصيمري‬

‫] ‪[ 30‬‬
‫طريقة القاضي حسين‬

‫] ‪[ 31‬‬
‫أول ورقة من طريقة القاضي حسين‬

‫] ‪[ 32‬‬
‫آخر المجلد االول من طريقة القاضي حسين‬

‫] ‪[ 33‬‬
‫تعليقة القاضي حسين‬
‫] ‪[ 34‬‬
‫أول روقة من التعليقة للقاضي حسين‬

‫] ‪[ 35‬‬
‫آخر ورقة من التعليقة‬

‫] ‪[ 36‬‬
‫كتاب الفروق للجرجاني‬

‫] ‪[ 37‬‬
‫أول ورقة من الفروق‬

‫] ‪[ 38‬‬
‫آخر ورقة من الفروق‬

‫] ‪[ 39‬‬
‫كتاب الحدود واالحكام الفقهية‬

‫] ‪[ 40‬‬
‫أول ورقة من كتاب الحدود واالحكام الفقهية‬
‫] ‪[ 41‬‬
‫آخر ورقة من كتاب الحدود واالحكام الفقيهة‬

‫] ‪[ 42‬‬
‫منحة الراغبين للبكري‬

‫] ‪[ 43‬‬
‫الشرح الكبير للرافعي‬

‫] ‪[ 44‬‬
‫التاج في زوائد المنهاج البن قاضي عجلون‬

‫] ‪[ 45‬‬
‫خادم الرافعي والروضة‬

‫] ‪[ 47‬‬
‫كتاب المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي‬

‫] ‪[ 49‬‬
‫صورة الورقة االولي من المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي‬
‫] ‪[ 50‬‬
‫صورة الورقة االخيرة من المنهاج السوي في ترجمة االمام النووي‬

‫] ‪[ 51‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم المنهاج السوي في ترجمة االم ام الن ووي الحمد هلل‬
‫العزيز الحكيم‪ ،‬الرؤوف ال رحيم‪ ،‬وال ح ول وال ق وة إال باهلل العلي العظيم‪..‬‬
‫وأش هد أن ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه‪ ،‬رب الس موات واالرض وما‬
‫بينهما‪ ،‬ورب العرش الكريم‪ ..‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬المخص وص‬
‫باالص طفاء والتك ريم‪ ،‬ص لى هللا عليه وعلى آله وص حبه أولى الفضل‬
‫الجسيم‪ .‬هذه أوراق ترجمت (‪ )1‬فيها الشيخ االمام‪ ،‬ش يخ‪ ،‬االس الم‪ ،‬ولي هللا‬
‫تعالى‪ :‬محيي الدين‪ ،‬أبا زكريا الن ووي‪ ،‬رحمه هللا ذك رت فيها بعض مناقبه‬
‫الكريمة‪ ،‬وسميتها‪ :‬المهن اج الس وي‪ ،‬في ترجمة االم ام الن ووي‪ ،‬ف أقول‪ :‬هو‬
‫االمام أبوذكريا محيي ال دين‪ ،‬يح يى بن ش رف بن م ري بضم الميم‪ ،‬وكسر‬
‫الراء‪ ،‬كما رأيته مض بوطا بخطه ‪ -‬ان حسن بن حس ين بن محمد بن جمعة‬
‫بن حرام ‪ -‬بكسر الحاء المهملة‪ ،‬وبالزاي المعجمة ‪ -‬الح زامي‪ ،‬الن ووي‪ ،‬ثم‬
‫‪.‬الدمشقي‬

‫] ‪[ 52‬‬
‫محرر المذهب ومهذبه‪ ،‬ومحققه ومرتب ه‪ ،‬ام ام أهل عص ره علما وعب ارة‪،‬‬
‫وس يد أوانه ورعا وس يادة‪ ،‬العلم الف رد‪ ،‬فدونه واس طة ال در والج وهر‪،‬‬
‫السراج الوهاج فعنده يخفي الك وكب االزه ر‪ ،‬عابد العلم اء وع الم العب ادة‪،‬‬
‫وزاهد المحققين ومحقق الزه اد‪ .‬لم تس مع بعد الت ابعين بمثله أذن‪ ،‬ولم ما‬
‫يدانيه عين‪ ،‬وجمع له في العلم والعب ادة محكم الن وعين‪ .‬راقب هللا في س ره‬
‫وجهره‪ ،‬ولم يبرح طرفة عين عن امتثال أمره‪ ،‬ولم يضيع من عمره س اعة‬
‫في غ ير طاعة م واله‪ ،‬إلى أن ص ار قطب عص ره‪ ،‬وح وى من الفضل ما‬
‫حواه‪ ،‬وبلغ مانواه‪ ،‬فتش رفت به ن واه‪ ،‬ولم يلف له من ن اواه‪ .‬وإذا الف تى هللا‬
‫أخلص س ره * فعليه منه رداء طيب يظهر وإذا الف تى جعل االله م راده *‬
‫فل ذكره ع رف ذكي ينشر أث نى عليه الموافق والمخ الف وقب ل‪ ،‬الن اني‬
‫واآللف‪ ،‬وشاع ثن اوه الحسن بين الم ذاهب‪ ،‬ونش رت له راية مجد تخفق في‬
‫المشارق والمغارب من سلك منهاجه أيقن بروضة قطوفها داني ة‪ ،‬ومن تتبع‬
‫آثاره فهو مع الصالحين في رياض عيونها جارية ومن لزم اذكاره ومه ذب‬
‫أخالفه‪ ،‬ف الخير فيه مجم وع‪ ،‬ومن اس تقى من بح ره ظفر ب أروى وأص فى‬
‫ينبوع‪ ،‬فيه ثبت هللا أركان الم ذهب والقواع د‪ ،‬وبين مهم ات وليس على هللا‬
‫بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد وقال فيه الشيخ ت اج ال دين الس بكي في‬
‫طبقات ه‪ :‬أس تاذ المت أخرين‪ ،‬وحجة هللا على الالحقين‪ ،‬ما رأت االعين أزهد‬
‫منه في يقظة وال منام‪ ،‬وال عاينت أكثر اتباعا منه لط رق الس الفين من أمة‬
‫محمد عليه أفضل الص الة والس الم‪ ،‬له التص انيف المفي دة‪ ،‬والمن اقب‬
‫المحميدة‪ ،‬والخصال التي جمعت طاوف كل فضل وتليده‪ ،‬والورع ال ذي به‬
‫خرب دنياه وجعل دينه معمورا‪ ،‬والزهد الذي كان به يحيا سيدا وحص ورا‪،‬‬
‫هذا إلى قدر في العلم لو أطل على المجرة لما ارتضى ش ربا في اعطانه ا‪،‬‬
‫أو جاور الجوزاء لما اس تطاب مقاما في أوطانه ا‪ ،‬أو حل في دارة الش مس‬
‫النف من مجاروة س لطانها‪ ،‬وطالما ف اه ب الحق ال تأخ ذه لومة الئم‪ ،‬ون ادى‬
‫بحضرة االسود الضراغم‪ ،‬وصدع بدين هللا تعالى مقال ذي س ريرة‪ ،‬يخ اف‬
‫يوم تبلى السرائر‪ ،‬ونطلق معتصما بالباطن والظاهر‪ ،‬غير ملتفت إلى الملك‬
‫الظاهر‪ ،‬وقبض على دينه والجمر‬

‫] ‪[ 53‬‬
‫ملتهب‪ ،‬وصمم على مقاله والص ارم لالرواح منتهب‪ ،‬لم ي زل ‪ -‬رحمه هللا‪،‬‬
‫طول عمره على طريق أهل السنة الجماعة‪ ،‬مواطبا على الخير ال يص رف‬
‫ساعة في غير طاعة‪ .‬وقال ابن فضل هللا في المسالك‪ :‬ش يخ االس الم‪ ،‬وعلم‬
‫االولياء‪ ،‬قدوة الزهاد ورجل علم وعم ل‪ ،‬ونج اح س ؤل وأم ل‪ ،‬وكامل مثله‬
‫في الن اس من كم ل‪ ،‬وفق للعلم وس هل عي ه‪ ،‬ويسر له ويسر إلي ه‪ ،‬من أهل‬
‫بيت من نوى من كرام القرى‪ ،‬وكرامة أهل القرى‪ ،‬لهم بها بيت مض يف ال‬
‫تخمد ناره‪ ،‬ودار قرى ال يخمل مناره‪ ،‬طلع من أمم سادات‪ ،‬وجمع لك رمهم‬
‫عادات‪ ،‬وجمع لهممهم أطراف السعادات‪ ،‬ونبت فيهم نباتا حسنا‪ ،‬ونبغ ذكاء‬
‫ولس نا‪ ،‬ونبغ ذك اء ولس نا‪ ،‬وأتى دمشق متلقيا لالخذ من علمائها متقال من‬
‫عيشها‪ ،‬حتى كاد يعف فال يشرب من مائها‪ ،‬فنبه ذكره‪ ،‬ونهب مدى اآلف اق‬
‫شكره‪ ،‬وحال اس مه‪ ،‬وذكر تص نيفه وعلم ه‪ .‬فلما توسد الملك الظ اهر امانيه‬
‫وحدثته نفسه من الظلم بما ك اد ي أتي قواع ده من مباني ة‪ ،‬وكتب له من‬
‫الفقهاء‪ ،‬من كتب‪ ،‬وحمله من الظلم بما كاد ي أتي قواع ده من مباني ه‪ ،‬وكتب‬
‫له ن الفقهاء من كتب‪ ،‬وحمهله س وء رأيه على بيع آخرته بشئ من ال ذهب‬
‫ولم يبق س واه فلما حضر هاب ه‪ ،‬وألقى إليه الفتي ا‪ ،‬فألقاها وق ال لقد أفت وك‬
‫بالباط ل‪ ،‬ليس لك أخ ذتم معون ة‪ ،‬ح تى تنفد أم وال بيت الم ال‪ ،‬وتعيد أنت‬
‫ونساؤك ومماليكك وأمراؤك ما أخذتم زائد عن حقكم‪ ،‬وت ردوا فواضل بيت‬
‫المال إليه‪ .‬وأغلظ له في الق ول‪ ،‬فلما خ رج ق ال‪ :‬فمن أين يأكل ؟ ق الوا مما‬
‫يبعث إليه أبوه فقال‪ :‬وهللا لقد هممت بقتله‪ ،‬فرأيت ك أن أس دا فتحا ف اه بي ني‬
‫وبين ه‪ ،‬لو عرضت له ال لتقم ني ثم وقرله في ص دره ما وق ر‪ ،‬ومد له يد‬
‫المسالمة يسأله وما افتق ر‪ .‬ثم ك انت س معة الن واوي ال تي ش رفت وغ ربت‪،‬‬
‫وبعدت وقربت‪ ،‬وعظم ش أن تص انيفه‪ ،‬وب ان البي ان في مط اوي تآليف ه‪ ،‬ثم‬
‫هي اليوم محجة الفتوى‪ ،‬وعليها العمل‪ ،‬وما ثم س وى س ببها االق وى‪ .‬وق ال‬
‫تلمي ده الش يخ عالء ال دين بن العط ار في ترجمة ال تي جمعها ل ه‪ :‬أوحد‬
‫عصره‪ ،‬وفريد دهره‪ .‬الصوام القوام‪ ،‬الزاهد في الدنيا‪ ،‬الراغب في اآلخرة‪،‬‬
‫ص احب االخالق الرض ية‪ ،‬والمحاسن النس بة‪ ،‬الع الم الرب اني المتفق على‬
‫علمه‬

‫] ‪[ 54‬‬
‫وإمامته وجاللت ه‪ ،‬وزه ده‪ ،‬وورعه وعبادت ه‪ ،‬وص يانته في أقواله وأفعاله‬
‫وحاالته له الكرام ات الواض حة‪ ،‬والم ؤثر نفسه وماله للمس لمين‪ ،‬والق ائم‬
‫بحقوقهم وحقوق والة أمورهم بالنصح وال دعاء في الع المين‪ .‬ولد في العشر‬
‫االوسط من المحرم س نة اح دى وثالثين وس متائة‪ ،‬بن وى ق ال ابن العط ار‪:‬‬
‫وذكر لي بعض الص الحين الكب ار‪ ،‬أنه ولد وكتب من الص ادقين‪ ،‬ونشأ بها‬
‫وقرأ القرآن‪ ،‬فلما بلغ سبع س نين‪ ،‬وك انت ليلة الس ابع والعش رين من ش هر‬
‫رمضان‪ .‬قال ولده‪ :‬وكان نائما إلى جن بى‪ ،‬فانتبه نحو نصف الليل وإيقظ ني‬
‫وقال‪ :‬يا ابت‪ ،‬ماه ذا الن ور ال ذي قد مال ال دار ؟ فاس تيقظ أهله جميع ا‪ ،‬ولم‬
‫نرش يئا فع رفت أنها ليلة الق در‪ .‬ولما بلغ عشر س نين‪ ،‬وك ان بن وي الش يخ‬
‫وياسين ين يوسف المراكشي من أولياء هللا تعالى‪ ،‬قرأه والص بيان يكرهونه‬
‫على اللعب معهم‪ ،‬وهو يهرب منهم وبيكي الكراههم‪ ،‬ويقرأ الق رآن في تلك‬
‫الح ال‪ ،‬ق ال‪ :‬فوقع في قل بي محبته وجعله أب وه في دك ان‪ ،‬فجعل ال يش غل‬
‫بالبيع والشراء عن الق رآن‪ .‬ق ال الش يخ ياس ين‪ :‬ف أتيت ال ذي يقرئه الق رآن‪،‬‬
‫فوص يت ب ه‪ ،‬وقلت له ه ذا الص بي ي رجى أن يك ون أعلم أهل زمانه‬
‫وأزه دهم‪ ،‬وينتفع الن اس ب ه‪ ،‬فق ال أمنجم أنت ؟ فق ال ال‪ ،‬وإنما انطق ني هللا‬
‫ب ذلك ف ذكر ذلك الوال ده‪ ،‬فح رص عليه إلى أن ختم الق رآن وقد ن اهز‬
‫االحتالم‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬قال الشيخ‪ ،‬فلما كان عمري تسع عشرة سنة‪ ،‬قدم‬
‫بي والدي إلى دمشق سنة تسع وأربعين‪ ،‬فسكنت المدرسة الرواحية‪ ،‬وبقيت‬
‫نحو س نتين لم أضع جن بي إلى االرض وك ان ق وتي فيها جراية المدرسة‬
‫الغير‪ :‬قال‪ :‬وحفظت التنبيه في أربعة أشهر ونصف وحفظت ربع المه ذب‬
‫في بافي السنة قال‪ .‬ولما قرأت مدة اغتسل منها بالم اء الب ارد‪ ،‬ح تى تش قق‬
‫ظهري قال‪ :‬وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا االمام البارد‪ ،‬حتى ظه ري‬
‫قال‪ :‬وجعلت أشرح وأصحح على شخننا االم ام الع الم‪ ،‬الزاهد ال ورع‪ ،‬أبي‬
‫إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان‪ ،‬المغربي الشافعي‪ ،‬والزمته فأعجب بي‬
‫لما رأى من اش تغال ومالزم تي وع دم اختالطي بالن اس‪ ،‬وأجب ني محبة‬
‫‪.‬شديدة‪ ،‬وجعلني أعيد الدرس في حلقته االكثر الجماعة‬

‫] ‪[ 55‬‬
‫ق ال‪ :‬فلما ك انت س نة إح دى وخمس ين‪ ،‬حججت مع وال دي‪ ،‬وك انت وفقة‬
‫الجمعة‪ ،‬وكانت رحلتنا من أول رجب‪ ،‬ف أقمت بمدينة الن بي ص لى هللا عليه‬
‫وس لم نحو من ش هر ونص ف‪ .‬ق ال وال ده‪ :‬ولما توجهنا للرحيل من ن وى‪،‬‬
‫أخذته الحمى‪ ،‬إلى يوم عرفة قال ولم يتأوه قط‪ .‬فلما ع دنا إلى ن وى‪ ،‬ون زل‬
‫إلى دمشق صب هللا عليه العلم صبا فلم يزل يشتغل بالعلم‪ ،‬ويقتفي آثار أبي‬
‫إبراهيم إسحاق في العبادة‪ ،‬من الصالة وصيام ال دهر والزهد وال ورع‪ ،‬فلما‬
‫ت وفي ش يخه ازاداد اش تغاله ب العلم والعم ل‪ .‬وحج م رة أخ رى‪ ،‬ق ال ابن‬
‫العط ار‪ .‬وق ال لي ش يخنا القاضي أبو المف اخر محمد بن عبد الق ادر‬
‫االنص اري‪ ،‬لو أدرك القش يري ص احب الرس الة ش يخكم وش يخه‪ ،‬لما ق دم‬
‫عليهما في ذك ره لمش ائخها أح دا‪ ،‬لما جمع فيهما من العلم والعم ل‪ ،‬والزهد‬
‫الورع‪ ،‬والنطق بالحكمة‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬ق ال‪ :‬وذكر لي الش يخ ق ال‪ :‬كنت أق رأ‬
‫كل يوم اثني عشر درسا على المش ايخ ش رحا‪ ،‬درس ين في الوس يط ودرسا‬
‫في المه ذب‪ ،‬ودرسا في الجمع بين الص حيحين‪ ،‬ودرسا في ص حيح مس لم‪،‬‬
‫ودرسا في اللمع البن ج نى‪ ،‬ودرسا في إص الح المنطلق البن الس كيت في‬
‫اللغة ودرسا في التص ريف‪ ،‬ودرسا في أص ول الفق ه‪ ،‬ودرسا في أس ماء‬
‫الرجال‪ ،‬ودرسا في أصول الدين‪ .‬وقال‪ :‬وكنت اعلق جميع ما يتعلق بها من‬
‫شرح مشكل ووضوح‪ ،‬عبارة‪ ،‬وض بط لغ ة‪ .‬ق ال‪ :‬وب ارك هللا لي في وق تي‬
‫واشتغالي وأعانني عليه و‪ ..‬قال وخطر لي االش تغال بعلم الطب‪ ،‬فاش تريت‬
‫الق انون وع زمت على االش تغال بش ئ‪ ،‬ففك رت في أم ري‪ ،‬ومن أين علي‬
‫الداخل فألهمني هللا تعالى االشتغال بشئ‪ ،‬ففكرت في أم ري‪ ،‬ومن أين دخل‬
‫على الداخل فالمهني هللا تع الى أن س ببه اش تغالي ب الطب‪ ،‬فبعت في الح ال‬
‫الكتاب المذكور‪ ،‬وأخ رجت من بي تي كل ما يتعلق ب الطب‪ ،‬فاس تنار قل بي‪،‬‬
‫ورجع إلى ح الي‪ ،‬وع دت إلى ما كنت عليه أوال‪ .‬ق ال‪ :‬وكنت مريضا‬
‫بالمدرسة الرواحية‪ ،‬فبينما‪ ،‬أنا في بعض اليالي‪ ،‬في الصفة الشرقية يبمنه ا‪،‬‬
‫ووال دي واخ وتي وجماعة من أق اربي ن ائمون إلى جن بي‪ ،‬إذ نش طني هللا‬
‫تعالى وعافاني من الحمى‪ ،‬فاشتافت نفسي‪ ،‬إلى ال ذكر‪ ،‬فجعلت أس بح‪ ،‬فبينا‬
‫أنا ك ذلك بين الجهر واالس رار‪ ،‬إذا ش يخ حسن الص ورة جميل المنظ ر‪،‬‬
‫يتوضا على حافة‬

‫] ‪[ 56‬‬
‫البركة وقت نصف الليل أو قريب منه‪ ،‬فلما ف رغ من وض وئه أت اني وق ال‬
‫لي يا ولدي‪ ،‬ال تذكر هللا تعالى تشوش على والدك وأخوتك وأهلك ومن في‬
‫هذه المدرسة‪ ،‬فقلت‪ :‬ياش خ‪ ،‬من أنت ؟ فق ال‪ ،‬أنا ناصح ل ك‪ ،‬ودع ني أك ون‬
‫من كنت‪ ،‬فوقع بالتس بيح‪ ،‬ف أعرض ع ني ومشى إلى ناحية ب اب المدرس ة‪،‬‬
‫ف أنبهت وال دي والجماعة على ص وتي فقمت إلى ب اب المدرسة فوجدته‬
‫مقفال‪ ،‬وفتش تها فلم أجد فيها أحد غ ير من ك ان فيه ا‪ ،‬فق ال لي ول دي‪ :‬يا‬
‫يح يى‪ ،‬ما خ برك ؟ فأخبرته الخ بر‪ ،‬فجعل وا يتعجب ون‪ ،‬وقع دنا كلنا نس بح‬
‫ونذكر‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬نقلت من خط الش يخ ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أنه ق رأ على‪* :‬‬
‫القاضي أبي الفتح عمر بن بن دار التفليسي * القاضي أبي الفتح عم ربن‬
‫بن دار التفليسي المنتخب لل رازي‪ ،‬وقطعة من المستص فى وغ ير ذل ك‪* .‬‬
‫وعلى فخر الم الكي اللمع البن ج ني‪ * .‬وعلى أبي العب اس أحمد بن س الم‬
‫المصري‪ ،‬النح وي إص الح المنطق في اللغ ة‪ ،‬بحث ا‪ ،‬وكتابا في التص ريف‬
‫قال‪ :‬وكان عليه درس‪ ،‬اما في سيبويه أو غيره ‪ -‬الشك مني‪ * .‬وعلى االمام‬
‫جمال الدين بن مالك‪ ،‬كتابا من تصانيفه‪ ،‬وعلق عليه أشياء كث يرة‪ * .‬وعلى‬
‫أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي صحيح مسلم شرحا‪ ،‬ومعظم البخ ار‬
‫‪ ،0‬وقطعة من الجمع بين الص حيحين للحمي دي‪ * .‬وق رأ على جماعة من‬
‫أصحاب ابن الصالح علوم الح ديث ل ه‪ * .‬وعلى أبي البق اء خال دين يوسف‬
‫النابلسي الكمال في أسماء الرج ال للحافظ عبد الغ ني وعلق عليه حواش ي‪،‬‬
‫وضبط عنه أشياء حسنة‪ * .‬وأخذ النفقة عن شيخة إس حاق المغ ربي‪ ،‬وك ان‬
‫يت أدى معه كث يرا‪ ،‬ويمال االبريق ويحمله معه إلى الطه ارة‪ * .‬أخذ عن‬
‫‪.‬اكمال سالربن الحسن االربلي‬

‫] ‪[ 57‬‬
‫وعن االمام عبد الرحمن بن نوح المقدس‪ * .‬وأبي حفص عم ربن أس عد *‬
‫بن أبي غ الب ال ربعي االربلي‪ * ،‬وإس ماعيل بن عبد ال دائم‪ * .‬وخالد‬
‫النابلس ي‪ * .‬وعبد العزيز بن محمد بن عبد الحسن االنص اري‪ * .‬والض ياء‬
‫ابن تم ام الحنفي‪ * .‬والحافظ أبي الفضل البك ري‪ * .‬وأبي الفض ائل عبد‬
‫الكريم بن عبد الصمد‪ ،‬خطيب دمشق‪ * .‬وعبد الرحمن بن سالم االنباري‪* .‬‬
‫وأبي زكريا يح يى بن أبي الفتح الص يرفي‪ * .‬إب راهيم بن علي الواس طي‪:‬‬
‫وغ يرهم‪ .‬ومن مس موعاته‪ .‬الكتب الس تة‪ ،‬والموط أ‪ ،‬ومس انيد‪ .‬الش افعي‪:‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وال دارمي‪ ،‬وأبي عوان ة‪ ،‬وأبي يعلى وس نن ال دارفطني‪ ،‬وال بيهقي‪،‬‬
‫وش رح الس نة للبغ وي‪ ،‬وتفس يره‪ ،‬واالنس اب اللزب يري‪ ،‬والخطب النباتي ة‪،‬‬
‫ورسالة القشيري‪ ،‬وعمل اليوم واليلية البن الس ني‪ ،‬وأدب الس امع وال راوي‬
‫للخطيب‪ ،‬وغ ير ذل ك‪ .‬وس مع منه خلق من العلم اء الحف اظ‪ ،‬والص دور‬
‫الروساء‪ ،‬وتخرج به خلق كثير من الفقهاء‪ ،‬وس ار علمه وفتاويه في اآلف اق‬
‫وانتفع الناس في س ائر البالد االس المية بتص انيفه‪ ،‬وأكب وا على تحص يلها‪.‬‬
‫ق ال ابن العط ار‪ :‬وذكر لي أنه ك ان ال يض يع وقتا ليل وال نه ار إال في‬
‫وظيفة من االشتغال بالعلم‪ ،‬حتى في ذهابه في الطريق ومجيئ ه‪ ،‬يش تغل في‬
‫تكرار ومطالعد‪ ،‬أنه بقي على التحصيل على ه ذا الوجه نحو س ت‪ ،‬س نين‪،‬‬
‫ثم اشتغل بالتصينف واالشتغال واالفادة‪ ،‬والمناصحة للمسلمين ووالتهم‪ ،‬مع‬
‫ما هو عليه من المجاه دة النفسه والعمل ب دقائق الفقة واالجنه اد على‬
‫الخروج من خالف العلماء وإن‬

‫] ‪[ 58‬‬
‫كان بعيدا‪ ،‬والمراقبة العمال القل وب وتص فيها من الش وائب‪ ،‬يحاسب نفسه‬
‫على الخطوة بع الخطوة‪ .‬وكان محققا في علمه وفنونه مدققا‪ ،‬حافظا لحديث‬
‫رس وله هللا ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬عارفا بأنواعه كله ا‪ ،‬وغربي ه‪ ،‬ومعاني ه‪،‬‬
‫واس تنباط فقه ه‪ ،‬حافظ ا‪ ،‬الش افعي وقواع د‪ ،‬وأص وله وفروع ه‪ ،‬وم ذاهب‬
‫الص حابة والت ابعين‪ ،‬واختالف العلم اء ووف اقهم وإجم اعهم‪ ،‬س الكا طريق‬
‫السلف‪ ،‬قد ص رف أقاته كلها في الخ ير‪ ،‬فبعض ها للت أليف وبعض ها للتعليم‬
‫وبعضها للص الة‪ ،‬وبعض ها للت دبير وبعض ها لالمر ب المعروف والنهي عن‬
‫المنك ر‪ .‬ق ال الكم ال االذف وي في الب در الس افر ون وزع م رة في النقل عن‬
‫الوس يط فق ال‪ :‬أتن ازعوني وقد طالعته أربعمائة م رة ؟ ق ال‪ :‬وواقف الملك‬
‫الظاهر بي برس لما ورد دمشق في أم ور‪ ،‬فظن أنه من أص حاب الوظ ائف‬
‫يعزله ف ذكر له حاله فق ال‪ :‬وك ان بعد ذلك يق ول إني أف زع من ه‪ .‬ق ال ابن‬
‫العطار‪ :‬وذكر أبو عبد هللا بن أبي الفتح البعلي‪ :‬الحنبلي‪ ،‬العالمة‪ ،‬ق ال كنت‬
‫ليلة في جامع دمشق الشيخ واقف يص لي إلى س ارية في ظلم ة‪ ،‬وهو ي ردد‬
‫قوله تع الى‪ :‬وقف وهم انهم مس ؤولون م رارا‪ .‬بح زن وخش وع‪ ،‬ح تى حصل‬
‫عن دي من ذلك ما هللا به عليم‪ .‬وك ان إذا ذكر الص الحين ذكر هم يتعظيم‬
‫وتوقير واحترام‪ ،‬وذكر مناقبهم‪ .‬قال‪ :‬وأخ برني الش يخ الق درة المس لك‪ ،‬ولي‬
‫الدين أبو الحسن‪ ،‬المقيم بجامع بيت لهي ا‪ ،‬ق ال مرضت ب النقرس في رجلي‬
‫فعادني الشيخ محيي الدين‪ ،‬فلما جلس‪ ،‬عندي‪ ،‬جعل يتكلم في الص بر‪ ،‬فكلما‬
‫تكلم جعل االلم يدهب قيال‪ ،‬حتى زال‪ ،‬فعرفت أنه من بركته‪ .‬وكان ال يدخل‬
‫الحمام‪ ،‬وال يأكل في اليوم والليلة إال أكله واحدة بعد العشاء‪ ،‬وال يشرب إال‬
‫ش ربة واح دة عند الس حر‪ ،‬وال يش رب الم برد‪ ،‬أي الملقى فيه الثلج ولم‬
‫‪.‬يتروج‬

‫] ‪[ 59‬‬
‫قال ابن العطار‪ :‬وأخبرني العالمة رشيد الدين الحنفي‪ ،‬قال عذلت الشيخ في‬
‫تض ييق عيش ة‪ ،‬وقلت له أخشى عليك مرضا يعطلك عن أش ياء أفضل مما‬
‫تقصده‪ ،‬فقال‪ :‬إن فالنا صام وعبد هللا ح تى عظمه ق ال‪ :‬فع رفت أنه ليس له‬
‫غ رض في المق ام في ه ذه ال دار‪ ،‬وال يلتفت إلى ما نحن في ه‪ .‬ق ال‪ :‬ورأيت‬
‫رجال من أصحاب قشر خيارة ليطعمه إياه ا‪ ،‬ف امتنع من أكلها وق ال أخشى‬
‫ان ت رطب جس مي وتجلب الن وم ق ال االدف وى في الب در الس افر‪ :‬حكى لي‬
‫قاضي‪ ،‬الفضاة بدر الدين ابن جماعة‪ ،‬أنه س ألة عن نومه فق ال‪ ،‬إذا غلب ني‬
‫النوم استندت إلى الكتب لحظة أنتب ه‪ .‬ق ال‪ :‬وحكى لي أيضا أنه ك ان إذا أتى‬
‫إليه ل يزوره يضع بعض الكتب على بعض‪ ،‬ليوسع له موض عا يجلس فيه‬
‫ق ال‪ :‬وك ان ال يجمع بين أدمين‪ ،‬وال يأكل اللحم إال عن دما يتوجه إلى ن وى‪.‬‬
‫قال‪ :‬وحكى عنه قاضي القض اة جم ال ال دين ال زرعي‪ :‬أنه ك ان ي تردد إليه‬
‫وهو شاب قال‪ :‬فجئت إليه في ي وم عب د‪ ،‬فوجدته يأكل حري رة مدخنة فق ال‬
‫سليمان‪ .‬ك ل‪ ،‬فلم يطلب ل ه‪ ،‬فق ام أخ وه وتوجه إلى الس وق واحضر ش ويا‪،‬‬
‫وحلوى‪ ،‬وقال له‪ :‬كل فلم يأكل‪ ،‬فقال‪ :‬يا أخي أه ذا ح رام ؟ فق ال‪ :‬ال‪ ،‬ولكنه‬
‫طعام الجبابرة‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬وكان ال يأكل فاكهة دمشق‪ ،‬فسألته عن ذلك‬
‫فق ال‪ :‬دمشق الغبط ة‪ ،‬والمعاملة فيها على وجه المس اقاة‪ ،‬وفيها خالف بين‬
‫العلم اء‪ ،‬وفيها خالف بين العلم اء‪ ،‬ومن جوزها ش رط الغبط ة‪ ،‬والن اس ال‬
‫يفعلونها إال على جزء من ألف جزء من الثمرة للمال ك‪ ،‬فكيف تطيب نفسي‬
‫بأكل ذلك ؟ ق ال‪ :‬وق ال لي الش يخ الع ارف المحق ق‪ ،‬أبو عبد ال رحيم محمد‬
‫االخميمي‪ :‬كان الشيخ محيي الدين سالكا منهاج الص حابة وال أعلم أح دا في‬
‫عص رنا س الكا منها جهم غ يره‪ .‬ق ال‪ :‬وكتب ش يخنا أبو عبد هللا محمد بن‬
‫االربلي‪ ،‬الحنفي‪ ،‬ش يخ االدب في وقته تص حيح التنبي ه‪ ،‬ليك ون له عنه‬
‫رواية‪ ،‬فلما فرع من قال لي ما وصل‬
‫] ‪[ 60‬‬
‫ابن الصالح إلى ما وصل إليه الشيخ من الفقه والحديث والغة وعذوبة الفظ‬
‫والعبارة وقال االس نوي‪ :‬ك ان يلبس ثوبا قطنا وعمامة س ختيانية‪ ،‬وك ان في‬
‫لحيته ش عرات بيض‪ ،‬وعليه س كينة ووق ار‪ ،‬في ح ال البحث وغ يره‪ .‬ق ال‬
‫الشيخ تقي السبكي‪ ،‬ما اجتمع بعد التابعين المجموع الذي الجتمع في النووي‬
‫ورأيت في مجموع بخط الش يخ ش مس ال دين الغ يزري الش افعي‪ ،‬أو ب واب‬
‫الرواحية حكى قال‪ :‬خرج الشيخ في الليل فتبعته‪ ،‬ف انفتح له الب اب من غ ير‬
‫مفتاح‪ ،‬فخرج‪ ،‬مشيت معه خطوات‪ ،‬ف إذا نحن مك ة‪ ،‬ف أحرم الش يخ وط اف‬
‫وسعى ثم طاف إلى أثناه الليل‪ ،‬ورجع‪ ،‬فمشيت خلفه‪ ،‬ف إذا نحن بالرواحي ة‪.‬‬
‫قال الذهبي‪ :‬تولى مشيخة دار الحديث االش رفية بعد م وت أبي ش امة‪ ،‬س نة‬
‫خمس وس تين‪ ،‬وفي البلد من هو أسن منه وأعلى س ندا‪ ،‬فلم يأخذ من‬
‫معلومها شيئا إلى أن مات‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬وأقرأ بها بحثا وشرحا‪ .‬ص حيح‬
‫البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وقطعة من أبي داود‪ ،‬ورسالة القشيري وص فوة‪ ،‬والحجة‬
‫على تارك المحجة لنصر المقدس ي‪ ،‬وغ ير ذل ك‪ .‬ق ال‪ :‬وذكر لي تلمي ذه أبو‬
‫العباس بن فرج قال‪ :‬كان الش يخ مح يي ال دين قد ص ار إليه ثالث م راتب‪،‬‬
‫كل مرتبة منها لو كانت لشخص لشدت إليه آب اط االبل من أقط ار االرض‪.‬‬
‫المرتبة االولى‪ :‬العلم والقيام بوظائفه‪ ،‬الثانية‪ :‬الزهد في ال دينا‪ .‬الثالث ة‪ :‬االمر‬
‫ب المعروف والنهي عن المنك ر‪ .‬ق ال‪ :‬وأخ برني الش يخ الص دوق أبو القاسم‬
‫المزي ‪ -‬وكان من االخبار ‪ -‬أن رأى في النوم بالمزة راي ات كث يرة‪ ،‬وطبال‬
‫يضرب قال فقلت‪ :‬ما هذا ؟ فقيل لي‪ :‬الليلة قطب يحيى الن ووي‪ ،‬فاس تيقظت‬
‫من منامي‪ ،‬ولم أكن أعرف الشيخ وال سمعت به قيل ذلك‪ ،‬ف دخلت دمش ق‪،‬‬
‫في حاج ة‪ ،‬ف ذكرت ذلك لش خص فق ال‪ :‬هو ش يخ دار الح ديث‪ ،‬وهو اآلن‬
‫جالس فيها‪ ،‬فدخلتها‪ ،‬فلما وقع بصره علي نهض إلى جهتي‪ ،‬الح ديث‪ ،‬وهو‬
‫اآلن جالس فيه ا‪ ،‬ف دخلتها‪ ،‬فلما وقع بص ره علي نهض إلى جه تي‪ ،‬وق ال‪:‬‬
‫‪.‬اكتم ما معك وال تحدث به أحدا‪ ،‬ثم رجع إلى موضعه‬

‫] ‪[ 61‬‬
‫ورأيت في ال دار الكامنة ليشخ االس الم‪ ،‬حافظ العصر أبي الفض ل‪ ،‬بن‬
‫حجر‪ ،‬قال الشيخ‪ ،‬محيي الدين لتلميذه الشيخ الدين بن النقيب‪ .‬يا شيخ شمس‬
‫الدين‪ ،‬ال بد أن تلي الشامية البرانية‪ ،‬فما مات ح تى وليه ا‪ .‬ورأيت فيها عن‬
‫بعضهم قال‪ ،‬توجهت لزيارة الشيخ فرج الص فدي الزاه د‪ ،‬فرج رت مس ألة‬
‫النظر إلى االم رد‪ ،‬وأن ال رافعي حرمه بش رط الش هورة‪ ،‬والن ووي يق ول‪:‬‬
‫يحرم مطلقا‪ ،‬فقال الشيخ فرج‪ ،‬رأيت النبي ص لى هللا عليه وس لم في المن ام‬
‫فقال لي‪ :‬الحق في ه ذه المس ألة مع الن ووي‪ .‬وك ان الش يخ مح يي ال دين إذا‬
‫جاءه أمرد ليقرأ عليه‪ ،‬امتنع‪ ،‬وبعث به إلى الشيخ أمين الدين الحلبي‪ ،‬لعلمه‬
‫بدينه وص يانته‪ .‬وق ال الش يخ ت اج ال دين الس بكي‪ ،‬في الترش يح‪ :‬وافق الوالد‬
‫مرة وهو راكب على بغلته شيخا عاميا ماش يا‪ ،‬فتحادث ا‪ ،‬فوقع في كالم ذلك‬
‫الش يخ أنه رأى الن ووي ففي الح ال ن زل عن بغلته وقبل يد ذلك الش يخ‬
‫الع امي‪ ،‬وس ألة ال دعاء‪ ،‬وق ال ل ه‪ :‬اركب خلفي فال اركب وعين رأت وجه‬
‫النووي تمشي بين يدي‪ .‬قال وكان الوالد سكن دار الحديث االشرفية‪ ،‬وك ان‬
‫يخرج في الليل يتهجد‪ ،‬ويمرغ خديه على االرض فوق البساط ال ذي يق ال‪:‬‬
‫إنه من زمن الواقف‪ ،‬ويقال إن النووي كان ي درس علي ه‪ ،‬وينش د‪ :‬وفي دار‬
‫الح ديث لطيف مع نى * على بسط لها اص بو وآوي عسى اني أمس بحر‬
‫وجهي * مكانا مسه قدم النواوي‬

‫] ‪[ 62‬‬
‫والعالمة رشيد الدين الحنفي‪ * .‬والحمدث أبو العباس االش بيلي‪ .‬وخالئق *‬
‫غيرهم‪ .‬قال الشيخ الدين ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬لما تأهل للنظر والتحصيل‪ ،‬رأى من‬
‫المس ارعة إلى الخ يرات أن جعل ما يحص له ويقف علي ه‪ ،‬تص ينفا ينتفع به‬
‫النظار فيه‪ ،‬فجعل تصنيفه تحصيال‪ ،‬وتحصيله تصنيفا‪ ،‬وهو غرض صحيح‬
‫جميل‪ ،‬ولوال ذلك لم يتيسر له من التصانيف ما تيسر له‪ .‬وأما ال رافعي فإنه‬
‫س لك الطريقة العالي ة‪ ،‬فلم يتصد للت أليف إال بعد كم ال انتهائ ة‪ ،‬وك ذا ابن‬
‫الرفع ة‪ ،‬رحمة هللا عليهم أجمعين‪ ،‬ونفعنا بهم‪ .‬وق ال الش يخ جم ال ال دين‬
‫االسنوي في اوائل المهمات‪ :‬اعلم ان الش يخ مح يي ال دين ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬لما‬
‫تأهل للنظر والتحص يل‪ ،‬رأى من المس ارعة إلى الخ يرات أن حعل ما‬
‫يحصله ويقف عليه‪ ،‬تصنيفا ينتفع به الن اظر في ه‪ ،‬فجعل تص نفيه تحص يال‪،‬‬
‫وتحصيله تصنيفا‪ ،‬وهو غرض صحيح‪ ،‬وقصد جميل‪ ،‬ول وال ذلك لم يتيسر‬
‫له من التص انيف ما تيسر له وأما ال رافعي فإنه س لك الطريقة العالي ة‪ ،‬فلم‬
‫يتصد للت أليف إال بعد كم ال انتهائ ه‪ ،‬انتهائ ه‪ ،‬وك ذا ابن الرفع ة‪ ،‬رحمة هللا‬
‫عليهم أجمعين‪ ،‬ونفعنا بهم‪ ،‬وقال االذرعي في أول التوسط والفتح بلغني أن‬
‫الش يخ مح يي ال دين ك ان يكتب إلى أن يع يى فيضع القلم يس تريح وينش د‪:‬‬
‫تشوقت ليلى حين فارقت أرضها * فقلت‪ ،‬وعي ني عند ذلك ت دمع ل ئى ك ان‬
‫هذا ال دمع يج ري ص بابة * على غ ير س عدى‪ ،‬فهو دمع مض يع وذكر ابن‬
‫العطار في تأليف له في الشعر‪ :‬أن الشيخ لم ينظم شعرا قط‪ ،‬فمن تص انيفه‪:‬‬
‫الروضة‪ :‬مختصر الش رح الكب ير لل رافعي‪ ،‬وهو بخط ه‪ ،‬في أربع مجل دات‬
‫ض خمات‪ ،‬مائة ك راس‪ ،‬وتقع غالبا في س تة مجل دات وثمانية ال ورأيت‬
‫بخطه فيها أنه ابتداء في تأليفها يوم الخميس‪ ،‬الخ امس والعش رين من ش هر‬
‫رمضان سنة ست وستين وسمتائة‪ ،‬وختمها يوم االحد خامس والعشرين من‬
‫شهر رمضان س نة ست وس تين وس تمائة‪ ،‬وختمها ي وم االحد خ امس عشر‬
‫ريبع االول سنة تسع وستين هي عمدة المذهب اآلن‪ ،‬وفيها يقول االس نوى‪،‬‬
‫في المهمات‪ :‬وكانت أنفس ما تأثر من تصانيفه ببركات أنفاس ه‪ ،‬وثم رة من‬
‫ثمرات غراسه‪ ،‬غرس فيها أحكام الشرع ولقحه ا‪ ،‬وضم إليها فروعا ك انت‬
‫منتش رة فه ذبها ونقحه ا‪ ،‬فل ذلك حال ينبرعه ا‪ ،‬وبس قت فروعه ا‪ ،‬وط ابت‬
‫أص ولها‪ ،‬ودنت قطوفه ا‪ ،‬إلى أن ق ال‪ :‬وتلك منقبة قد أط اب هللا ذكرها‬
‫وسناها‪ ،‬وموهبة قد رفها سمكها وبناها‪ ،‬ومن أسر سريرة حس نة‪ ،‬ألبسه هللا‬
‫رداه ا‪ .‬وفي الج واهر‪ :‬ف إن الروضة لما اش تاب المه ذهب‪ ،‬وقطت أس باب‬
‫غلق‬

‫] ‪[ 63‬‬
‫المطلب الش تمالها على أحك ام الش رح واختصاص ها بزي ادات يحجم عنها‬
‫الكثير‪ ،‬وردت من قبول الكافة موردا ال صدر منه لبعض‪ ،‬وعقدت لوقوفهم‬
‫عند حكمها موثقها فلن تبرح االرض‪ ،‬فل ذلك تمس كوا بفروعها وأعص انها‪،‬‬
‫وتعلقوا بأص ولها وأقياله ا‪ ،‬ح تى ص ارت م نزل قاصد هم‪ ،‬ومنهل واردهم‬
‫وقد اس تدرك فيها على االم ام ال رافعي في التص حيح مواضع جم ة‪ ،‬وزاد‬
‫عليه مس ائل وقي ودا وش روطا‪ ،‬وقد أف رد بعض هم زياداتها في مجل دين‬
‫لطيفين‪ .‬وقد ذكر االذرعي في التوسط أنه هم قبل موته بغس لها‪ ،‬فقيل له‬
‫سارت بها الركبان‪ ،‬فقال‪ :‬في نفسي منها أش ياء وقد أك ثر الن اس من الكتابة‬
‫عليها‪ ،‬والكالم على مواضع وتص حيحات فيها ظاهرها التن اقض‪ ،‬ومواضع‬
‫فيها مخالفة لما في الش رح كاالس نوي‪ ،‬واالذرعي‪ ،‬والبلقي ني‪ ،‬والزركش ي‪،‬‬
‫وغيرهم‪ .‬وقد ذكر أن سبب ما وقع مخالفا للشرح‪ .‬أنه اختص رها من نس خة‬
‫منه سقيمة‪ ،‬مع أنه بحمدهللا أجيب عن كثير مما زيف وه وجمع بين غ الب ما‬
‫زعم وا تناقض ه‪ .‬وقد ش رعت في تلخيص أحكامها من غ ير ذكر الخالف‪،‬‬
‫وضممت إليها زيادات شرح المهذب وبقية تصانيفه من بعده‪ ،‬كابن الرفع ة‪،‬‬
‫والسبكي‪ ،‬واالسنوي‪ ،‬ووصلت فيه اآلن إلى‪ ...‬أعان هللا على إتمام ة‪ .‬ومنها‬
‫ش رح ص حيح مس لم‪ ،‬س ماه ‪ -‬ب‍ المنه اج ق ريب من حجم الروض ة‪ .‬وش رح‬
‫المه ذب‪ ،‬س ماه ب‍ المجم وع وقد وصل فيه ‪ -‬ق ال ابن العط ار ‪ -‬إلى ب اب‬
‫المصراه‪ ،‬وقال االسنوى‪ :‬إلى أثناء الربا وهو قدر الروضة مرة ونصف أو‬
‫هو أكثر‪ ،‬وقد ذكر في خطبة‪ :‬أنه كتب قبل ذلك شرحا مبس وطا ج دا وصل‬
‫فيه إلى أثناء الحيض‪ ،‬في ثالث مجل دات ض خمات‪ ،‬ثم رأى أن ذلك يك ون‬
‫سبب قلة االنتفاع في الخطبد إال هذا الشرح‪ .‬قال االسنوي‪ :‬وهذا الشرح من‬
‫أجل كتبه وأنفس ها‪ ،‬وكالمه فيه ي دل على أنه اطلع على أنه يم وت قبل‬
‫إتمام ه‪ ،‬فإنه يجمع النظ ائر في موضع ويق ول فعلنا ذلك فلعلنا ال نصل إلى‬
‫محله‪ .‬وقال ابن العطار‪ .‬كتب لي ورقة فيها أس ماء الكتب ال تي ك ان يجمعه‬
‫‪،‬منها‬

‫] ‪[ 64‬‬
‫وق ال إذا انتقلت إلى هللا فأتمه من ه ذه الكتب وقد ش رع في تكميله جماعة‬
‫ولم ينهوه‪ ،‬فكتب الش يخ تقي ال دين الس بكي من الموض وع ال ذي انتهى إليه‬
‫إلي أثن اء التفليس‪ ،‬وفي خطبة تكملته يق ول واص فا ه ذا الش رح‪ :‬وبع د‪ :‬فقد‬
‫رغب إلي بعض االصحاب في أن أكمل شرح المذهب للشيخ االمام العالمة‬
‫علم الزهاد‪ ،‬إلي بعض االصحاب في أن أمكمل شرح المذهب للشيخ االم ام‬
‫العالمة علم الزهاد‪ ،‬وقدوة العباد‪ ،‬واحد عصره‪ ،‬وفريد رهره‪ ،‬محيى عل وم‬
‫االولين‪ ،‬ومه ذب س نن الص الحين‪ ،‬أبي ركريا الن ووي وط الب رغبة إلى‪،‬‬
‫وكثر إلحاحه علي‪ ،‬أنا في ذلك أقدم رجال وأؤخر أخرى‪ ،‬واستهون الخطب‬
‫فرآه ش يئا ام را‪ ،‬وهو في ذلك ال يقبل ع ذرا وأق ول‪ :‬قد يك ون في تعرضي‬
‫لذلك مع قصوري عن مقام هذا الشارح اساءة إليه‪ ،‬وجناية مني عليه‪ ،‬فأنى‬
‫لي أن أنهض بها نهض به وقد أس عف بالتأيي د‪ ،‬وس اعدته المق ادير فق ربت‬
‫منه كل بعيد ؟ وال شك أن ذلك يحت اج بعد االهلية إلى ثالثة أش ياء‪ :‬ف راغ‬
‫الب ال‪ ،‬واتس اع الزم ان‪ ،‬وقد ك ان ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬قد أوتي من ذلك الحظ‬
‫االوف ر‪ ،‬بحيث لم يكن له ش اغل عن ذلك من نفس وال أه ل‪ .‬الث اني‪ :‬جمع‬
‫الكتب ال تي اس تعان بها على النظر واالطالع على كالم العلم اء‪ ،‬وك ان‬
‫رحمه هللا قد حصل له من ذلك وافر‪ ،‬لسهو لة ذلك في بلده في ذلك الوقت‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬حسن النية‪ ،‬وكثرة الورع والزهد‪ ،‬واالعمال الصالحة ال تي أش رقت‬
‫أنواره ا‪ ،‬وك ان قد اكت ان من ذلك بالمكي ال االوفى‪ .‬فمن يك ون قد اجتمعت‬
‫فيه ه ذه الخالل الثالث‪ ،‬أني يض اهيه‪ ،‬أو يدانيه من ليس من واح دة منه ا‪،‬‬
‫فنسأل هللا أن يحسن نياتنا وأن يم دنا بمعونته وعون ه‪ ،‬وقد نفسي لعل ببركة‬
‫صاحبه ونيته يعنينني هللا‪ ،‬انه يهدي من يشاء إلى صراط مس تقيم‪ ،‬ف إن من‬
‫هللا تع الى بإكمال ه‪ ،‬فال شك من فضل هللا ببركة ص احبه ونيت ه‪ ،‬إذ ك ان‬
‫مقص وده النفع للن اس ممن ك ان‪ ،‬انتهى‪ .‬ومنها المنه اج مختصر المح رر‪.‬‬
‫مجلد لطي ف‪ .‬ودقائق ه‪ ،‬نحو ثالث ك راريس‪ ،‬ورأيت‪ ،‬بخطهه أنه ف رع منه‬
‫تاسع عشر شهر‬

‫] ‪[ 65‬‬
‫رمضان سنة تسع وس تين وهو اآلن عم دة الط البين والمدرس ين والمف تين‪.‬‬
‫قال ابن العطار‪ :‬وق ال لي العالمة جم ال ال دين ابن مال ك‪ :‬وهللا لو اس تقبلت‬
‫من أم ري ما اس تدبرت‪ ،‬لحفظت ه‪ .‬وأث نى على حسن اختص اره‪ ،‬وعذوبة‬
‫ألفاظه‪ .‬قال‪ :‬ووقف عليه في حياته العالمة رشيد الدين الفارقي‪ ،‬شيخ االدب‬
‫فامتدحه بأبيات وقف عليها الشيخ وهي هذه‪ :‬عتنى بالفضل يحيى ف اغتنى *‬
‫عن بسيط بوج يز ن افع وتحلى بتق اه فض له * فتحلى ب الطيف ج امع ناص يا‬
‫أعالم علم‪ ،‬جازما * بمق ال‪ ،‬رافعا لل رافعي فك أن ابن الص الح حاضر *‬
‫وكأن ما غاب عنا الشافعي وقال فيه الشيخ جمال ال دين االس نوي‪ :‬يا ناهجا‬
‫منهاج حبر ناسك * دقت دقائق فكره وحقائقه بادر ل‍ محيى ال دين فيما رمته‬
‫* ياحبذا منهاجه ودقائقه وينسب للشيخ تقي الدين السبكي‪ :‬ما صنف العلماء‬
‫كالمنهاج * في ش رعة س لفت‪ ،‬وال منه اج فاجهد على تحص يله متيقنا * أن‬
‫الكفاية فيه للمحتاج ولبعضهم‪ :‬الشيخ محيي الدين هو القطب ال ذي * طلعت‬
‫ش موس العلم من أبراجه ال ي رتقي أحد إلى ش رف العال * إال ف تى يمشي‬
‫على منهاجه وقلت أن ا‪ :‬للن اس س بل في الهداية واله وى * ما بين اص باح‬
‫وليل داج فإذا أردت سلوك سبل المص طفي * حق ا‪ ،‬فال تع دل عن المنه اج‬
‫قلت‪ :‬ومن جاللة ه ذا الكت اب‪ ،‬أن الش يخ ت اج ال دين الفرك اح‪ ،‬كتب عليه‬
‫تص حيحا‪ ،‬وهو في مرتب ة‪ ،‬ش يوخ الش يخ مح يي ال دين‪ ،‬فإنه لما ج اء إلى‬
‫دمشق‪ ،‬واحضر إليه ليق رأ علي ه‪ ،‬فبعث به إلى الرواحي ة‪ ،‬وأيضا فإنه ك ان‬
‫بينهما أخ يرا مقاطع ة‪ ،‬كما ذكر ذلك الص فدي في تذكرت ه‪ ،‬وأنه لما ت وفي‬
‫الشيخ‬

‫] ‪[ 66‬‬
‫مح يي ال دين‪ ،‬لم يحضر الش يخ ت اج ال دين الص الة علي ه‪ .‬ومن العجب أن‬
‫الشيه عالء الدين الباجي شيخ الس بكي اختصر المح رر‪ ،‬وس ماه‪ :‬التحري ر‪،‬‬
‫ومولده سنة مولد محيي الدين‪ .‬وانظر ما بين المختصرين ش هرة واعتم ادا‪.‬‬
‫وقد كنت في أول اشتغالي رأيت الشيخ في الن وم‪ ،‬وك أني حض رت درس ه‪،‬‬
‫فقلت له في ش أن المنه اج واالعتراض ات ال تي أوردت علي ه‪ ،‬فأخذ يص لح‬
‫العبارة‪ ،‬إلى أن خرج عن هيئت ه‪ ،‬فقلت ل ه‪ :‬يا س يدي‪ ،‬اجعل ه ذا كتابا على‬
‫ح دة غ ير المنه اج النه ش رح وحفظ على تلك الهيئ ة‪ ،‬ثم إنه ركب حم ارا‬
‫عاليا‪ ،‬ومشيت خلفه مس افة يس يره‪ ،‬فأعط اني عمامت ه‪ ،‬وفارقت ه‪ ،‬ف انتبهت‪.‬‬
‫ورأيته م رة أخ رى فأنش دني‪ :‬من ش احح الع الم في كالمه لي ذهبن رونق‬
‫انتظامه فاس تيفظت وأنا أحفظ ه‪ :‬ومنه ا‪ :‬ته ذيب االس ماء واللغ ات مجل دان‬
‫ضخمان‪ ،‬ويقع غالبا في أربعة قال االس نو‪ :‬وقد م ات عنه مس ودة‪ ،‬وبيضه‬
‫الحافظ جم ال ال دين‪ ،‬الم زي‪ .‬وفي ه ذا ش ئ‪ ،‬فقد وقفت على المجلد االول‬
‫بخطه مبيضا بالخزانة المحمودي ة‪ ،‬لكن فيه بياض ات يس يرة‪ .‬وري اض‬
‫الص الحين مجل د‪ .‬واالفك ار مجل د‪ .‬ونكت التنبي ه‪ ،‬مجل د‪ ،‬وتس مى‪ :‬التعليق ة‪،‬‬
‫وقال االسنوي‪ :‬وهي من أوائل ما ص نف‪ ،‬وال ينبغي االعتم اد على ما فيها‬
‫من التص حيحات المخالفة لكتبه المش هورة‪ ،‬ولعله جمعها من كالم ش يوخه‪.‬‬
‫وما استفدته منها في قص االظفار‪ ،‬أنه يسن البداءة بمسبحة اليد اليم نى‪ ،‬ثم‬
‫بالوس طى‪ ،‬ثم البنص ر‪ ،‬ثم الخنصر ثم خنصر اليس والء االبه ام‪ ،‬ثم يختم‬
‫بابه ام اليم نى‪ .‬وفي الرجل يب دأ بخنصر اليم نى‪ ،‬ويختم بخنصر اليس رى‬
‫‪.‬والء‪ ،‬وذكر لذلك حديثا ومعنى لطيفا ذكرته في دقائق مختصر الروضة‬

‫] ‪[ 67‬‬
‫واليض اح مناسك الحج‪ ،‬مجلد الطي ف‪ .‬وااليج از في ه‪ .‬والمناسك الث الث‬
‫والرابع والخامس‪ .‬والتبيان في أدب حملة القرآن‪ ،‬مجلد ومختص ره‪ .‬وش رح‬
‫التنبيه مطول‪ ،‬سماه تحفة الطالب النبيه‪ ،‬وصل فيه إلى أثناه الصالة‪ .‬وشرح‬
‫الوسيط‪ ،‬المس مى ب التنقيح ق ال االس نوي‪ :‬وصل فيه إلى ش روط الص الة‪.‬‬
‫ق ال‪ :‬وهو كت اب جلي ل‪ ،‬من أواخر ما ص نف‪ ،‬جعله مش تمال على أن واع‬
‫متعلقة به ضرورية‪ ،‬كافية لمن يريد كثرة المسائل الم أخوذة والم رور على‬
‫الفقه كله في زمن قليل‪ ،‬لتصحيح مسائله‪ ،‬وتوض يح أدلت ه‪ ،‬وذكر غ ير ذلك‬
‫من االن واع ال تي أك ثر منها ولم يتع رض فيه لف روع الوس يط‪ ،‬ق ال وهي‬
‫طريقة يتيسر معها اقراء الوسيط في كل عام مرة‪ .‬ونكت على الوس يط‪ ،‬في‬
‫نحو مجل دين‪ .‬والتحقي ق‪ ،‬وصل فيه إلى ص الة المس افر‪ ،‬ذكر فيه غ الب ما‬
‫في ش رح المه ذب ما االحك ام والخالف‪ ،‬على س بيل االختص ار‪ .‬ومهم ات‬
‫االحكام‪ ،‬قال االسنوي‪ :‬وهو قريب من التحقيق من ك ثرة االحك ام إال أنه لم‬
‫ي ذكر فيه خالف ا‪ ،‬وقد وصل فيه إلى أثنا طه ارة الث وب والب دن‪ .‬وش رح‬
‫البخاري‪ ،‬كتب منه مجلدة‪ .‬والعمدة في تص حيح التنبي ه‪ .‬والتحرير في لغ ات‬
‫التنبي ه‪ .‬ونكت المه ذب‪ .‬ومختصر الت ذنيب لل رافعي‪ ،‬س ماه المنتخب ق ال‬
‫االسنوي‪ :‬وقد أس قط من آخر الفصل الس ادس أوراق ا‪ ،‬فلم يختص رها‪ ،‬ومن‬
‫هنا تعلم أن قول من قال‪ :‬إن الشيخ محيي وقف على الن ووي‪ ،‬نعم ق ول من‬
‫الرافعي ذكره في خطبة التذنيب‪ ،‬وقد وقف عليه النووي‪ :‬نعم‪ ،‬من قال يقف‬
‫‪.‬عليه ممكن‪ .‬ودقائق الروضة‪ .‬كتب منها إلى أثناه االذان‬

‫] ‪[ 68‬‬
‫وطبقات الشافعية‪ ،‬مجلد‪ ،‬قال االسنوي‪ :‬ومات عنها مسودة‪ ،‬فبيضها المزي‪.‬‬
‫وختصر الترم ذي‪ ،‬مجلد وقفت عليه بخطه مس ودة‪ ،‬وبيض منه أوراق ا‪.‬‬
‫وقس مه الغن ائم‪ ،‬ومختص ره‪ ،‬ق ال االس نوي‪ :‬وه ذا الكت اب من أواخر ما‬
‫ص نف‪ ،‬وهو مش تمل على نف ائس‪ .‬وج زء في القي ام الهل الفض ل‪ .‬ق ال‬
‫االسنوي‪ :‬وهما من أواخر تص انيفه وأمتعه ا‪ .‬ومختصر ت أليف ال دارمي في‬
‫المحيرة‪ .‬ومختصر تصنيف أبي شامة في البسملة‪ .‬ومن اقب الش افعي‪ .‬وه ذه‬
‫الكتب الثالثة أحال عليها هو في شرح المهذب‪ .‬والتقريب في علوم الحديث‪.‬‬
‫واالرشاد فيه‪ .‬والخالصة في الحديث‪ .‬ومختصر مبهم ات الخطيب‪ .‬واالمالء‬
‫على حديث‪ :‬إنما االعمال بالنيات‪ ،‬لم يتمه‪ .‬وشرح س نن أبي داود‪ ،‬كتب منه‬
‫يسيرا‪ .‬وبستان العارفين‪ .‬ورؤوس المسائل‪ ،‬واالصول والض وابط‪ ،‬كتب منه‬
‫أوراقا‪ .‬ومختصر التنبيه‪ ،‬كتب منه روقة واح دة‪ .‬والمس ائل المنث ورة‪ ،‬وهي‬
‫المعروفة بالفت اوى‪ ،‬وض عها غ ير مرتبة فرتبها تلمي ذه‪ .‬ابن العط ار‪ ،‬وزاد‬
‫عليها أشياء سمعها منه‪ .‬واالربعين‪ ،‬وش رح ألفاظه ا‪ .‬ه ذا ما يحض رني من‬
‫مص نفاته بعد الفحض‪ .‬وقد ق ال في ش رح المه ذب في رفع الي دين في‬
‫الركوع‪ :‬أرجو أن أجمع فيه كتابا مستقال‪ ،‬فال أدري أفعل أوال ؟‬

‫] ‪[ 69‬‬
‫قال االس نوي‪ :‬وينسب له تص نيفان‪ ،‬ليس اله‪ ،‬النهاية اختص ار الغاية الث اني‪:‬‬
‫أغاليط على الوسيط‪ ،‬مشتملة على خمسين موضعا‪ ،‬بعضها فقهية‪ ،‬وبعضها‬
‫حديثي ة‪ .‬وممن نس به له ه ذا ابن الرفعة في المطلب‪ ،‬فاح ذره‪ ،‬فإنه لبعض‬
‫المح ويين‪ ،‬وله ذا لم ي ذكره ابن العط ار حين ع دد تص انيفه واس توعبها‪،‬‬
‫انتهى‪ .‬وقول ه‪ :‬إن ابن العط ار‪ :‬وله ش رح ألف اظ‪ ،‬ومس ودات كث يرة‪ ،‬ولقد‬
‫أمرني مرة بجمع نحو ألف كراس بخطه‪ ،‬وأمرني أن أقف على غس لها في‬
‫الوراقة‪ ،‬وخوف ني ان خالفته في ذل ك‪ ،‬فما أمكن ني إال طاعته وإلى اآلن في‬
‫قلبي منها حسرات‪ .‬ذكر شئ من مكاتباته‪ :‬ق ال ابن العط ار‪ :‬كتب ورقة إلى‬
‫الملك الظ اهر تتض من الع دل في الرعية وإزالة المك وس‪ ،‬وكتب معه فيها‬
‫جماع ة‪ ،‬ووض عها في ورقة كتبها إلى االم ير ب در ال دين بيلبك الخزن دار‬
‫بإيصال ورقة العلم اء إلى الس لطان‪ ،‬وص ورتها‪ .‬بسم هللا ال رحمن ال رحيم‪،‬‬
‫من عبد هللا يح يى الن ووي‪ ،‬س الم هللا تع الى ورحمته وبركاته على الم ولى‬
‫الحس ن‪ ،‬ملك االم راء ب در ال دين‪ ،‬أدام هللا الك ريم له الخ يرات‪ ،‬وت واله‬
‫بالحسنات‪ ،‬وبلغه من أقصى اآلخرة واالولى كل آماله‪ ،‬وب ارك له قي جميع‬
‫أحوال ه‪ ،‬آمين‪ .‬وينهى إلى العل وم الش ريفة أن أهل الش ام في م ذه الس نة في‬
‫ض يق عيش‪ ،‬وض عف ح ال‪ ،‬بس بب قلة االمط ار‪ ،‬وغالء االس عار‪ ،‬وقلة‬
‫الغالت والنب ات‪ ،‬وهالك المواش ي‪ ،‬وغ ير ذل ك‪ ،‬وأنتم تعلم ون أنه يجب‬
‫الش فقة على الرعي ة‪ ،‬ونص يحته في مص لحته ومص لحتهم‪ ،‬ف إن ال دين‬
‫النص يحة‪ .‬وقد كتب خدمة الش رع الناص حون للس لطان‪ ،‬النحب ون ل ه‪ ،‬كتابا‬
‫يذكره النصيحة‪ .‬وقد كتب خدمه الشرع الناصخون للس لطان‪ ،‬المحب ون ل ه‪،‬‬
‫كتابا يذكره النظر في أحوال الرعية والرفق بهم‪ ،‬وليس فيه ض رر‪ ،‬بل هو‬
‫نصيحة محضة‪ ،‬وشفقة‪ ،‬وذكرى الولي االلباب‪ .‬المسؤول من االمير ‪ -‬أي ده‬
‫هللا تع الى ‪ -‬تقديمه إلى الس لطان أدام هللا له الخ يرات‪ ،‬ويتكلم عن ده من‬
‫االشارة بالرفق بالرعية بما يجده م دخرا له عند هللا تع الى * (ي وم تجد كل‬
‫نفس ما عملت من خير محضرا ومات عملت من سوء تود لو أن بينها‬

‫] ‪[ 70‬‬
‫وبينه أمدا بعيدا ويحذركم هللا نفسه) * وهذا الكت اب العلم اء أمانة ونص يحة‬
‫للسلطان‪ ،‬أعز هللا أنصاره‪ ،‬والمسلمين كلهم في الدنيا واآلخ رة فيجب عليكم‬
‫إيص اله للس لطان أعز هللا أنص اره‪ ،‬وأنتم مس ؤولون عن ه ذه االمان ة‪ ،‬وال‬
‫ع ذر لكم في الت أخر عنها وال حجة لكم في التقص ير فيها عند هللا تع الى‪،‬‬
‫وتسألون عنها يوم ال ينفع م ال وال بن ون‪ ،‬ي وم يفر الم رء من أخي ه‪ ،‬وأمه‬
‫وأبيه‪ ،‬وصاحبته وبني ه‪ ،‬لكل أم رئ منهم يومنذ ش أن يغني ه‪ ،‬وأنتم بحمد هللا‬
‫تحبون الخير وتحرصون عليه‪ ،‬وتس ارعون إلي ه‪ ،‬وه ذا من أهم الخ يرات‪،‬‬
‫وأفضل الطاع ات‪ ،‬وقد اهلتم له وس اقه هللا إليكم‪ ،‬وهو فضل من هللا ونحن‬
‫خ ائفون أن ي زداد االمر ش دة‪ ،‬إن لم يحصل النظر في الرفق بهم‪ ،‬ق ال هللا‬
‫تع الى‪( * :‬إن ال ذين اتق وا إذا مس هم ط ائف من الش يطان ت ذكروا ف إذا هم‬
‫مبص رون) *‪ ،‬وق ال تع الى‪( * :‬وما تفعل وا من خ ير ف إن هللا به عليهم) *‪.‬‬
‫والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا‪ ،‬فإذا فعلتموه ف أجركم عند هللا * (إن‬
‫هللا مع ال ذين اتق وا وال ذين هم محس نون) * والس الم عليكم ورحمة هللا‬
‫وبركاته‪ .‬فلما وصلت الورقت ان إلي ه‪ ،‬أوقف عليهما الس لطان‪ ،‬ف رد جوابهما‬
‫ردا عنيفا مؤلفا‪ ،‬فتنكدت خ واطر الجماعة الك اتبين‪ ،‬فكتب ‪ -‬رضي هللا عنه‬
‫‪ -‬جوابا ل ذلك الج واب‪ :‬بسم هللا ال رحمن ال رحيم‪ ،‬اللهم ص لى على س يدنا‬
‫محمد وعلى آل محمد من عبد هللا يح يي الن ووي‪ ،‬ينهي أن خدمة الش رع‬
‫ك انوا كتب وا ما بلغ الس لطان أعز هللا أنص اره‪ ،‬فج اء الج واب باالنك ار‬
‫والتوبيخ والتهديد‪ ،‬وفهمنا منه أن الجه اد ذكر في الج واب على خالف حكم‬
‫الشرع‪ ،‬وقد أوجب هللا إيضاح االحكام عند الحك ام عند الحاجة إليه ا‪ ،‬فق ال‬
‫تعالى‪( * :‬وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للن اس وال تكتمون ه)‬
‫* فوجب علينا حينئذ بيانه‪ ،‬وحرم علينا السكوت وقال تع الى‪( * :‬ليس على‬
‫الض عفاء وال المرضى وال على ال ذين ال يج دون ما ينفق ون ح رج إذا‬
‫نص حوا هلل ورس وله‪ ،‬ما على المحس نين من س بيل وهللا غف ور رحيم) *‪.‬‬
‫وذكر في الجواب أن الجه اد ليس مختص ار باالجن اد‪ ،‬وه ذا أمر لم ندع ه‪،‬‬
‫ولكن الجهاد فرض كفاية‪ ،‬فإذا قرر الس لطان له أجن ادا مخصوص ين‪ ،‬ولهم‬
‫اخباز معلومة من بيت المال‪ ،‬كما هو‬

‫] ‪[ 71‬‬
‫الواقع‪ ،‬تفرغ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان واالجناد وغير هم‪،‬‬
‫من الزراعة والصنائع وغيرها‪ ،‬مما يحتاج الناس كلهم إليها‪ ،‬فجهاد االجناد‬
‫مقابل باالخب از المق درة لهم‪ ،‬وال يحل أن يؤخذ من الرعية شئ م ادام في‬
‫بيت الم ال شئ من نقد أو مت اع أو أرض أو ض ياع تب اع‪ ،‬أو غ ير ذل ك‪.‬‬
‫وهؤالء علماء المسلمين في بالد السلطان ‪ -‬أعز هللا انصاره ‪ -‬متفق ون على‬
‫ه ذا‪ ،‬وبيت الم ال بحمد هللا تع الى معم ور‪ ،‬زاده هللا عم ارة وس عة وخ يرا‬
‫وبركة في حي اة الس لطان المقرونة بكم ال الس عادة والتوفيق والتس ديد‪،‬‬
‫والظهور على أع داء ال دين‪ ،‬وما النصر إال من عند هللا‪ ،‬وإنما يس تعان في‬
‫الجهاد وغيره باالفتقار إلى هللا تع الى‪ ،‬واتب ارع آث ار الن بي ص لى هللا عليه‬
‫وس لم ومالزمة أحك ام الش رع‪ .‬وجميع ما كتبن اه أوال وثاني ا‪ ،‬هو النص يحة‬
‫التي نعتقدها وندين هللا بها‪ ،‬ونسألة الدوام عليها ح تى نلق اه‪ ،‬والس لطان يعلم‬
‫أنها نصيحة له وللرعي د‪ ،‬وليس فيها ما يالم علي ه‪ ،‬ولم نكتب ه ذا للس لطان‬
‫إال لعلمنا أنه يجب الش رع ومتابعة أخالق الن بي ص لى هللا عليه وس لم في‬
‫الرفق بالرعية‪ ،‬والشفقة عليهم‪ ،‬وإكرامه آلثار الن بي ص لى هللا عليه وس لم‪.‬‬
‫ول ناصح للس لطان موافق على ه ذا ال ذي كتب اه‪ .‬وأما ما ذكر في الج واب‬
‫من كوننا لم ننكر على الكف ار كيف ك انوا في البالد‪ ،‬فكيف يق اس مل وك‬
‫االسالم وأهل االيمان وأهل االيمان والق رآن بطغ ار ؟ وب أي شئ كنا ن ذكر‬
‫طغ اة الكف ارة وهم ال يعتق دون ش يئا من ديننا ؟ وأما تهديد الرعية بس بب‬
‫نصيحتنا‪ ،‬تهديد طائفة العلماء‪ ،‬فليس هو المرجو من عدل السلطان وحلم ه‪،‬‬
‫وأي حيلة لضعفار المسلمين الناصحين نصيحة للس لطان ولهم‪ ،‬وال علم لهم‬
‫به ؟ وكيف يؤاخ دون به ولو ك ان فيه ما يالم عليه ؟ وأما أنا في نفسي فال‬
‫يضرني التهديد وال أكثر منه‪ ،‬وال يمنعني ذلك من نص يحة الس لطان‪ ،‬ف إنى‬
‫أعتقد أن هذا واجب علي وعلى غيري‪ ،‬وما ت رتب على ال واجب فهو خ ير‬
‫وزيادة عند هللا تعالى‪( * ،‬إنما هذه الدنيا متاع وإن اآلخرة هي دار الق رار)‬
‫* وأفوض أمري إلى هللا‪ ،‬ان هللا بصير بالعباد وقد أمرنا رس ول هللا ص لى‬
‫هللا عليه وسلم أن نقول بالحق حيثما كنا‪ ،‬وأن ال نخ اف في هللا النم‪ ،‬ونحق‬
‫نحب للس طان أكمل االح وال‪ ،‬وما ينفعه في آخرته ودني اه‪ ،‬ويك ون س ببا‬
‫لدوام الخيرات له‪ ،‬ويبقى ذكره على ممر االي ام‪ ،‬ويخلد به في الجن ة‪ ،‬ويجد‬
‫* نفعه * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا)‬

‫] ‪[ 72‬‬
‫وأما ما ذكر من تمهد السلطان البالد‪ ،‬وإدامة الجهاد‪ ،‬وفتح الحصون‪ ،‬وقهر‬
‫االع داء‪ ،‬فه ذا بحمد هللا من االم ور الش ائعة ال تي اش ترك في العلم بها‬
‫الخاصة والعامة وطارت في أقطار االرض‪ ،‬فلله الحمد‪ ،‬وثواب ذلك مدخر‬
‫للس طان إلى * (ي وم تجد كل نفس من خ ير محض را) *‪ ،‬وال حجة لنا عند‬
‫هللا تعالى إذا تركنا هذه النص يحد الواجبة علين ا‪ .‬وعليكم الس الم ورحمة هللا‬
‫وبركات ه‪ .‬وكتب للملك الظ اهر لما احتيط على أمالك دمش ق‪ :‬بسم هللا‬
‫ال رحمن ال رحيم‪ .‬ق ال هللا تع الى‪( * :‬وذكر ف إن ال ذكرى تنفع المؤم نين) *‬
‫وق ال تع الى‪( * :‬وإذ أخذ هللا ميث اق ال ذين أوت وا الكت اب لتبيننه للن اس وال‬
‫تكتمونه) * وقال تع الى‪( * :‬وتع اونوا على ال بر والتق وى وال تع اونوا على‬
‫االثم والع دوان) * وقد أوجب هللا على المكلفين نص يحد الس لطان ‪ -‬أعز هللا‬
‫أنصاره ‪ -‬ونصيحة عامة المس لمين‪ ،‬ففي الح ديث الص حيح عن رس ول هللا‬
‫ص لى هللا عليه وس لم‪ ،‬أنه ق ال‪ :‬ال دين النص يحة هلل وكتابه وأئمة ال دين‬
‫وعامتهم‪ .‬ومن نصيحة السلطان ‪ -‬وفقه هللا تع الى لطاعته وت واله بكرامته ‪-‬‬
‫أن ننهي إليه االحك ام‪ ،‬إذا ج رت على غ ير قواعد االس الم‪ ،‬وأوجب هللا‬
‫تعالى الشفقة على الرعية‪ ،‬واالهتمام بالضعفة‪ ،‬إزالة الضرر عنهم‪ .‬ق ال هللا‬
‫تع الى‪( * :‬واخفض جناحك للمؤم نين) *‪ .‬وفي الح ديث الص حيح‪( .‬إنما‬
‫تنصرون وترزقون بضعفائكم)‪ .‬وقال صلى هللا عليه وس لم‪( :‬من كشف عن‬
‫مسلم كربة من كرب الدينا‪ ،‬كشف هللا عنه كربة من كرب يوم القيامة‪ ،‬وهللا‬
‫في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وقال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من‬
‫ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم‪ ،‬فارفق اللهم ب ه‪ ،‬ومن شق عليهم فاش قق‬
‫اللهم علي ه)‪ .‬وق ال ص لى هللا عليه وس لم‪( :‬كلكم راع وكلكم مس ؤول عن‬
‫رعيته)‪ .‬صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إن المقسطين على منابر من نور‪ ،‬عن يمين‬
‫ال رحمن‪ ،‬ال ذين يع دلون في حكمهم وأهليهم وما ول وا)‪ .‬وقد أنعم هللا علينا‬
‫وعلى سائر المسلمين بالسطان‪ ،‬أع زه هللا وأعز أنص اره‪ ،‬وأذل له االع داء‬
‫من جميع الطوائ ف‪ ،‬وفتح أع داء ال دين‪ ،‬وس ائر الم اردين‪ ،‬ومهد له البالد‬
‫والعباد‪ ،‬وقمع بسيقه أهل الزيغ والفساد‪ ،‬وأم ده باالعانة واللطف والس عادة‪،‬‬
‫فلله الحمد على هذه النعم الظاهره‪ ،‬والخيرات المتكاثرة‪ ،‬ونس أل هللا الك ريم‬
‫دوامها له‬

‫] ‪[ 73‬‬
‫وللمس لمين‪ ،‬وزيادتها في خ ير وعافي ة‪ ،‬آمين‪ .‬وقد أوجب هللا ش كر نعم ه‪،‬‬
‫ووعد للش اكرين‪ ،‬فق ال تع الى‪( * :‬لئن ش كر تم الزيد نكم) *‪ .‬وقد لحق‬
‫المس لمين بس بب ه ذه الحوطة على أمالكهم أن واع من الض رر ال يمكن‬
‫العتبير عنها‪ ،‬وطلب منهم إثب ات ال يل زمهم‪ ،‬فه ذه الحوطة ال تحل عند أحد‬
‫من علماء المسلمين بل من في يده شئ فهو ملكه‪ ،‬ال يحل االعتراض عليه‪،‬‬
‫وال يكلف بإثب ات‪ .‬وقد اش تهر من س يرة الس لطان أنه يجب العمل بالش رع‬
‫فيوصي نوابه فهو أول من عمل ب ه‪ ،‬والمس ؤول إطالق الن اس من ه ذه‬
‫الحوط ة‪ ،‬واالف راج عن جميعهم‪ ،‬ف أطلقهم أطلقك هللا من كل مك روه‪ ،‬فهم‬
‫ضعفه‪ ،‬وفيهم االيت ام واالرام ل‪ ،‬والمس اكين والض عفه‪ ،‬والص الحون‪ ،‬وبهم‬
‫تنصر وتغاث وترزق‪ ،‬وهم سكان الشام المبارك‪ ،‬ج يران االنبي اء ص لوات‬
‫هللا وس المه عليهم‪ ،‬وس كان دي ارهم‪ ،‬فلهم حرم ات من جه ات‪ .‬ولو رأى‬
‫السلطان ما يلحق الن اس من الش دائد الش تد حزنه عليهم وأطلقهم في الح ال‬
‫ولم ي ؤخرهم ولكن ال تنهى إليه االم ور على جهته ا‪ .‬فباهلل أغث المس لمين‬
‫يغثك هللا‪ ،‬وارفق بهم يرفق هللا بك‪ ،‬وعجل لهم االفراج قبل وق وع االمط ار‬
‫وتلف غالتهم‪ ،‬ف إن أك ثر هم ورث وا ه ذه االمالك من أس الفهم‪ ،‬وال يمكنهم‬
‫تحصيل كتب شراء وقد نهبت كتبهم‪ .‬وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء‬
‫رسوله صلى هللا عليه وسلم لمن رفق بأمته‪ ،‬ونصره على أعدائ ه‪ ،‬فقد ق ال‬
‫تع الى‪( * :‬إن تنص روا هللا ينصر كم) *‪ .‬ويت وفر له من رعيته ال دعوات‪،‬‬
‫وتظهر في الحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وس لم‪ ،‬أنه ق ال‪( :‬من سن‬
‫س نة حس نة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى ي وم القيام ة‪ ،‬ومن سن س نة‬
‫سيئة فعلية ورزها ووزر من عمل بها إلى يوم ال قيامة)‪ .‬واسأل هللا الك ريم‬
‫أن يوفق السلطان للسنن الحسنة التي يذكر بها إلى يوم القيام ة‪ ،‬ويحمية من‬
‫الس نن الس يئة‪ .‬فه ذه يص يحتنا الواجبة علينا للس طان‪ ،‬ونرجو من فضل هللا‬
‫تعالى أن يلهمه فيها القبول‪ .‬والس الم عليكم ورحمه هللا وبركات ه‪ .‬وكتب إليه‬
‫‪:‬لما رسم‪ ،‬بأن الفقيه ال يكون منزال في أكثر من مدرسة واحدة‬

‫] ‪[ 74‬‬
‫بسم هللا ال رحمن ال رحيم‪ .‬خدمة الش رع ينه ون أن هللا أمرنا بالتع اون على‬
‫البر والتق وى‪ ،‬ونص يحة والة االم ور وعامة المس لمين‪ ،‬وأخذ على العلم اء‬
‫العهد بتبليغ أحكام الدين‪ ،‬ومناصحة المسلمين‪ ،‬وحيث على تعظيم حرمات ه‪،‬‬
‫وإعظام شعائر الدين وإكرام العلماء وابت اعهم‪ .‬وقد بلغ الفقه اء أنه رسم في‬
‫حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم‪ ،‬ويقطعوا عن بعض مدارسهم‪ ،‬فتنكدت بذلك‬
‫أحوالهم‪ ،‬وتضرروا بهذا التضييق عليهم‪ ،‬وهم محتاجون ولهم عي ال‪ ،‬وفيهم‬
‫الصالحون والمش تغلون ب العلوم‪ ،‬وإن ك ان فيهم أف راد ال يلتحق ون بم راتب‬
‫غ يرهم‪ ،‬منتس بون إلى العلم ومش اركون في ه‪ ،‬وال يخفى م راتب أهل العلم‬
‫وفضلهم‪ ،‬وثناء هللا عليهم وبيانه مرتببهم على غير هم‪ ،‬وأنهم ورثة االنبي اء‬
‫صلوات هللا عليهم‪ ،‬ف إن المالئكة عليهم الس الم تضع أجنحتها لهم ويس تغفر‬
‫لهم كل ش ئ‪ ،‬ح تى الح وت في الم اء‪ .‬والالئق بالجن اب الع الي إك رام ه ذه‬
‫الطائفة‪ ،‬واالحسان إليهم ومعاضدتهم‪ ،‬ورفع المكروه ات عنهم‪ ،‬والنظر في‬
‫في أحوالهم‪ ،‬بما فيه من الرفق بهم‪ ،‬فقد ثبت في ص حيح مس لم عن رس ول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أنه قال‪( :‬اللهم من ولى أمر أم تي ش يئا فرفق بهم‬
‫فارفق به) وروى أبو عيسى التزمذي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي‬
‫هللا عنه أنه كان يقول لطلبة العلم‪ :‬مرحبا بوصية رس ول هللا ص لى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬إن رج اال يأتونك يتفقه ون‪،‬‬
‫فاستوصوا بهم خ يرا) والمس ؤول أن ال يغ ير ه ذه الطائفة ش ئ‪ ،‬وتس تجلب‬
‫دعوتهم لهذه الدولة القاهرة‪ .‬وقد ثبت في صحيح البخاري‪ ،‬أن رسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم ق ال‪( :‬هل تنص رون وترزف ون إال بض عفائكم) ق ود أح اطت‬
‫العلوم بما أج اب به ال وزير نظ ام المل ك‪ ،‬حين أنكر عليه الس لطان ص رفه‬
‫االموال الكثيرة في جهة طلب العلم‪ ،‬فقال‪ ،‬أقمت لك بها جندا ال ترد سهامه‬
‫باالس حار‪ .‬فاستص وب فعله وس اعده علي ه‪ .‬وهللا الك ريم يوفق الجن اب دائما‬
‫لمرضاته والمسارعة إلى طاعته‪ ،‬والحمد هللا رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا على‬
‫سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‪ .‬ذكر وفاته رحمه هللا‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬ك ان‬
‫الشيخ ال يأخذ من أحد شيئا إال ممن تحقق دينه‬
‫] ‪[ 75‬‬
‫ومعرفت ه‪ ،‬وال له به علقة من اق راء أو انتف اع ب ه‪ .‬ق ال‪ :‬وكنت جالسا بين‬
‫يديه‪ ،‬قبل انتقاله بشهرين‪ ،‬وإذا بفقير قد دخل علي ه‪ ،‬وق ال‪ :‬الش يخ فالن من‬
‫بالد صرخد يسلم وأم رني بوض عه في بيت حوائج ه‪ ،‬فتعجبت منه لقبول ه‪،‬‬
‫فشعر بتعجبي فقال‪ ،‬أرسل‪ ،‬إلي بعض الفقراء زرب وال‪ ،‬وه ذا إبري ق‪ ،‬فه ذه‬
‫آلة السفر‪ .‬قال الذهبي‪ ،‬وعزم عليه شخص في رمض ان ليفطر عن ده فق ال‪:‬‬
‫احضر طعامك هنا نفطر جمل ة‪ .‬ق ال ابن العط ار‪ :‬ثم بعد أي ام يس يرة كنت‬
‫عنده‪ ،‬فقال لي‪ :‬قد أذن لي في السفر‪ ،‬فقلت‪ :‬كيف أذن لك ؟ ق ال‪ :‬أنا ج الس‬
‫هاهنا يع ني بيته بالمدرسة الرواحي ة‪ ،‬وقدامه طاقة مش رفة عليها مس تقبل‬
‫القبلة‪ ،‬إذ مر علي ش خص في اله واء من هن ا‪ ،‬ومن ك ذا يش ير من غ ربي‬
‫المدرسة إلى شرقيها ‪ -‬وق ال‪ :‬قم‪ ،‬س افر إلى بيت المق دس‪ .‬ثم ق ال‪ :‬قم ح تى‬
‫ن ودع أص حابنا وأحبابن ا‪ ،‬فخ رجت معه إلى القب ور ال تى دفن فيها بعض‬
‫ش يوخه‪ ،‬ف زارهم وبكى‪ ،‬ثم زار أص حابه االحي اء‪ ،‬ثم س افر ص بيحة ذلك‬
‫اليوم‪ .‬قال‪ :‬وجري لي معه وقائع‪ ،‬ورأيت منه أمورا تحتمل مجل دات‪ .‬فس ار‬
‫إلى نوى‪ ،‬وزار القدس‪ ،‬والخليل عليه السالم ثم عاد إلى نوى‪ ،‬وم رض بها‬
‫في بيت ولده‪ ،‬فبلغني مرضه‪ ،‬ف ذهبت من دمشق لعيادت ه‪ ،‬فف رح بي وق ال‪:‬‬
‫ارجع إلى أهلك‪ ،‬وودعته وقد أشرف لعى الغافية‪ ،‬يوم الس بت العش رين من‬
‫رجب‪ ،‬س نة ست وس بعين وس تمائة‪ ،‬ثم ت وفي ليل ة‪ ،‬االربع اء‪ ،‬الراب ع‪،‬‬
‫والعشرين‪ ،‬من رجب‪ ،‬ودفن صبيحتها‪ ،‬بنوى‪ .‬قال‪ :‬فبينا أنا ن ائم تلك الليل ة‪،‬‬
‫إذ مناد ينادي بجامع دمشق‪ :‬الصالة على الش يخ ركن ال دين الموق ع‪ ،‬فس اح‬
‫الن اس ل ذلك‪ ،‬فاس تيقظت‪ ،‬فبلغنا ليلة الجمعة موت ه‪ ،‬وص لي عليه بج امع‬
‫‪.‬دمشق‪ ،‬وتأسف المسلمون عليه تأسفا بليغا‪ ،‬الخاص والعام والمادح والذام‬

‫] ‪[ 76‬‬
‫ورأيت في تاريخ الذهبي‪ ،‬أن بعض الكبار قتل الشيخ بالحال الم ر‪ ،‬ثم ن دم‬
‫على ذلك‪ ،‬وأنه ق ال الوال ده‪ :‬اتحب أن يم وت عن دكم أو في دمشق ؟ فق ال‪:‬‬
‫عن دنا‪ .‬قلت‪ :‬فهو رضي هللا عنه ش يهد‪ ،‬جمع بين مرتب تي العلم والش هادة‪،‬‬
‫نفعا هللا به‪ .‬قال ابن العطار‪ :‬وذكر لي جماعة من أقارب ه‪ ،‬أنهم س ألوه أن ال‬
‫ينساهم في عرصات القيامة‪ ،‬فقال لهم‪ :‬إن ك ان ثم ج اه وهللا ال دخلت الجنة‬
‫وأحد ممن أعرفه عرصات القيامة‪ ،‬فقال لهم‪ :‬إن كان ثم ج اه وهللا ال دخلت‬
‫الجنة واحد ممن أعرفه ورائي‪ ،‬وال أدخلها إال بعد هم‪ .‬ولما دفن أراد أهله‬
‫أن يبن وا عليه قب ة‪ ،‬فج اء في الن وم طلى عمته وق ال له ا‪ :‬ق ولي الخي أو‬
‫للجماعة‪ ،‬ال يفعلوا هذا الذي عزموا من البينان‪ ،‬فانهم كلما بنوا ش يئا ينه دم‬
‫ف امتنعوا وحوط وا على ق بره بحج ارة‪ .‬وق ال ابن فضل هللا‪ :‬حكى لنا أخ وه‬
‫الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬أنه لما مرض مرض موته‪ ،‬اشتهى أكرم ن زلي‪ ،‬وتقبل‬
‫عملي‪ ،‬وأول ق راي ج اءني الفت اح‪ .‬وأخ برني بعض الطلبة أن شخصا ج اء‬
‫إلى قبره وجعل يقول‪ :‬أنت الذي تخالف الرفعي وتق ول‪ :‬قلت‪ ..‬قلت‪ ،‬ويش ير‬
‫إليه بيده‪ ،‬فما قام حتى لدغته عقرب‪ .‬ورأيت في (إنباه الغمر) الشيخ االسالم‬
‫ابن حجر في ترجمة الجمال الريمي ش ارح التنبيه أنه ك ان كث ير االزدراء‪،‬‬
‫بالشيخ مح يي ال دين فلما م ات ج اءت ه رة وهو على المغتس ل‪ ،‬ف انتزعت‬
‫لسانه قال‪ :‬فكان ذلك عبرة للناس‪ .‬ذكر شئ مما رثي ب ه‪ :‬ق ال الش يخ االدب‬
‫اكر الحنفي االربلي‪ :‬عز‬ ‫أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن عمر بن أبي ش‬
‫العزاء‪ ،‬وعم الحادث الجلل * وخاب بالموت في تعميرك االمل واستوحشت‬
‫بعدما كنت االنيس بها * وساءها فقدك‪ :‬االسحار واالصل أس لى قوامك عن‬
‫قوم مضوا بدال * وعن قوامك ال مثل وال بدل فمثل فقدك ترتاع العق ول به‬
‫* وفقد مثلك جرح ليس يندمل‬

‫] ‪[ 77‬‬
‫وكنت تتلو كت اب هللا معت برا * ال يعتريك على تك راره ملل قد كنت لل دين‬
‫ن ورا يستض اء به * مس دد منك فيه الق ول والعمل وكنت في س نة المخت ار‬
‫مجته دا * وأنت ب المن والتوفيق مش تمل وكنت زينا الهل العلم مفتخ را *‬
‫على جديد كس اهم ثوبك الس مل وه ذت في باطل ال دنيا وزخرفها * عزما‬
‫وحزم ا‪ ،‬فمض روب بك المثل أعرضت عنها احتق ارا غ ير محتفل * وأنت‬
‫بالسعي في أخراك محتفل عزفت عن شهوات ما لعزم فتى * بها ‪ -‬سواك ‪-‬‬
‫إذا عنت له قبل عزفت عن شهوات ما لعزم ف تى * بها ‪ -‬س واك ‪ -‬عنت له‬
‫قبل أس هرت في العلم عينا لم ت ذق س نة * إال وأنت به في الحكم مش تغل‬
‫ترى ذرى تربة من غيب وه به * أو نعشه من على أع واده حمل وا يا مح يي‬
‫الدين‪ ،‬كم عادرت من كبد * حرى عليك‪ ،‬وعين دمعها هطل وكم مقام كحد‬
‫السف‪ ،‬ال جلد * يقوى على صولة فيه وال جدل أمرت فيه بأمر هللا منتضيا‬
‫* سيفا من العزم لم يصفع له خلل وكم تواض عف عن فض ل‪ ،‬وعن ش رف‬
‫* وهمة هامة الجوزاء تنتعل فجعت باالمس ليال كنت س اهره * هلل‪ ،‬والن وم‬
‫قد خيطت به المقل رجاك نور نهار كنت صائمة * إذا الهجير بنار الش مس‬
‫تش تعل * * * يا الهيا الهيا عن ه ول مص رعه * وض احك السن منه‬
‫يض حك االجل ال تخل نفسك من زاد‪ ،‬فإنك من * حين ال والد مع االنف اس‬
‫مرتحل وما مقام يديم اليسر يتبعه * إلى محل تالة سابق عجل وقال أيض ا‪:‬‬
‫نبأ أصم به واصمى الناعي * فجنى على االبصار واالسماع غدت النف وس‬
‫به شعاعاإذ بدت * شمس الضحى حزنا بغير شعاع أودى بها خوف التفرق‬
‫قبله * ما أشبه االوجال باالوجاع حل المص اب ب رب كل فض يلة * وبب اب‬
‫كل ثنية طالع هاد إلى السنن القويم وسنة ال‍ * ه ادي جميل من اقب ومس اع‬
‫يحيى الذي أحيا الفضائل سعيه * وهدى ببارق ذهنه اللماع الق انت‪ ،‬الق وام‪،‬‬
‫والصوام‪ ،‬والس‍ * ‪ -‬اعي بخطو في العلوم وساع‬

‫] ‪[ 78‬‬
‫ما زال وأحد عص ره في ده ره * إلى س بيل الحق أفضل داع ح بر جلي ل‪،‬‬
‫جل في تأبينه * عن رتبة االشعار واالشجاع وقال قاضي القضاة نجم الدين‬
‫أحمد بن محمد بن س الم بن الحسن بن صص ري‪ :‬أعي ني ج ودا بال دموع‬
‫الهوامل * وج ودا بها كالس اريات الهواطل على الش يخ مح يي ال دين ذي‬
‫والتقي * ورب اله دى والزه د‪ ،‬ح اوي الفض ائل على ق انت‪ ،‬ب ر‪ ،‬طه ور‪،‬‬
‫موفق على ع الم بالنسك وال دين عامل وس يال دم ا‪ ،‬فال دمع ليس بن اقع *‬
‫غليلي‪ ،‬وال مطف أوام مفاص لي لق دم ك ان ف ردا في الزم ان مكفال * ع ديم‬
‫نظير أو ش بيه مس اجل لقد ك ان عن دين االله مناضال * ف أكرم به من دين‬
‫لقد كان فردا في الزمان مكفال * عديم نظير أو ش بيه مس اجل لقد ك ان عن‬
‫دين االله مناضال * ف أكرم به من دين دومناضل لقد ك ان فج ال دنيا الدنية‬
‫زاهدا * فلم يله منها فظ يوما بطائل لقد كان في االخرى العلية جاهدا فنوله‬
‫منها رب أش رف نائل لقد ك ان ب المعروف للن اس آم را * ون اهيهم عن‬
‫منكرات وباطل فكم قام في االسالم حق قيامه * وما عاقه عن قص ده ع ذل‬
‫عاذل وكم اذوي الجاهات واجه معلنا * بانكاره عند الصحى واالصائل وكم‬
‫باله دى والحق ش افه منك را * إذا لم يكن يص غي الق وال قائل ف إو هو عن‬
‫رؤياه أصبح عاجزا * يبلغه إنكاره في الرسائل وقال الشيخ أبو الحسن علي‬
‫بن المظفر بن إب راهيم الكن دي‪ :‬لهفي عليه س يدا وحص ورا * س ندا العالم‬
‫الهدى‪ ،‬وظهيرا ومجاهدا ومجاهرا في هللا ال * يخشى مليكا ق اهرا‪ ،‬وأم يرا‬
‫ومش يدا ركن الش ريعة‪ ،‬ناص حا‪ * ،‬بالباقي ات الص الحات مش يرا عف من‬
‫ال دنيا‪ ،‬وكم عرضت له * جال فأوالها قلى ونف ورا هجر الك رى والطيب ات‬
‫تورعا‪ * ،‬إذ قام ديجورا‪ ،‬وص ام هج يرا أح يى ش ريعة أحم د‪ ،‬وأفاض ها *‬
‫فأفادنا نشرا لها ونشروا‬
‫] ‪[ 79‬‬
‫يفتي‪ ،‬فيفتن كل حبر علمه * مع أنه يهدي اله دى والن ورا ما م ات يح يى‪،‬‬
‫إنما جبل ه وى * قأخ اف ذلك ي ذبال وثب يرا إن الم دارس وحشة لفراقه *‬
‫أض حت دوارس ال ت بين‪ ،‬دث ورا وك ذا المس اجد بالمص ابيح انثنت * تب دي‬
‫عليه حرقة وزف يرا تلك الزواي ات والثي ات الخشن قد * ع ادت عليه جنة‬
‫وحري را آها على االواه واالواب من * ص دق المق ال لنفس ه‪ ،‬هج يرا‬
‫والطاهر االعراض واالعراض ال * يبدي رياء لالن ام وزورا وزر به عند‬
‫الحوادث تتقى * عند الملوك به الورى المحذورا ض من ت وى الج والن من‬
‫أخالقه * ن ورا إذا ظن الس حاب غ ديرا وتقدست بقدومه من قدسه فيها‬
‫قبورك طاهرا وطهورا وقال أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مصعب‪ ،‬ق ال‬
‫ابن فضل هللا ‪ -‬وك ان ق رأ عليه قطعة من الروض ة‪ :‬أأكتم ح زني والم دامع‬
‫تبديه * لفقد ام رئ كل البرية تبكيه رأى الن اس منه زهد يح يى س ميه *‬
‫وتق واه‪ ،‬فيما ك ان يب دي ويخفيه ولم ي رض بال دنيا‪ ،‬وال م ال لحظة * إلى‬
‫عيشها‪ ،‬فاهلل ال شك يرضيه تحلى بأوصاف الن بي وص حبه * وأتباعه ه ديا‬
‫فمن ذا يدنيه ؟ حديث رسول هللا والفقه دأبه * يصنفه في ذا‪ ،‬وه ذاك يرويه‬
‫يرى الموت يحيى في اماته بدعة * وكم سنة أحيى بحستن مساعيه شكافقده‬
‫علم الح ديث وحفظه * وأهل وه‪ ،‬والكتب الص حاح‪ ،‬وقاريه والح على وجه‬
‫العلوم كآبة * تخبر أن الدين قد مات محييه إذا عدم االسالم أش رف أهله *‬
‫فال غ رو أنا في المص اب نعزيه وق ال الفقيه س ليمان بن أبي الح ارث‬
‫االنصاري الحنفي‪ :‬مصاب أصاب القلب للجفن أرقا * وخطب أتى ب الحزن‬
‫للصبر فرقا ورزء تغشى المسلمين بأسرهم * وسهم إلى عين الش ريعة فوقا‬
‫ولم يعد قبل الش افعية فض له * وإن ك ان قد عم الطوائف مطلقا وض اق‬
‫القضاء الرحب‪ ،‬حتى لقد غدا * كسم حياط‪ ،‬أو من السم أضقا‬

‫] ‪[ 80‬‬
‫بمن كان حليا للزمان وأهله * وعقد نظام العلم والحلم والتقى إذا ما اقتضاه‬
‫الش رع من أجل ح ادث * ف رى هامة الخطب الجس يم‪ ،‬وفرقا فأص بحت‬
‫االقطار والكون كله * لفقدك محيي ال دين بي دا س ملقا فأرثيك ال أني طننتك‬
‫مينا * وكيف وإحي اء العل وم هو البقا أبا زكريا للم رء ملجا * ي رد ال ردى‬
‫عنه‪ ،‬ولو جر فيلقا أحيى ولو أن الموت يثنيه عن فتى * ثبات جنان‪ ،‬النثنى‬
‫عنه أخرقا وما مد ص رف ال دهر نح وك باعه * وال ضم جنبيك الص فيح‬
‫مطبقا وكيف يواري المرء علما غدا به * على سعة ‪ -‬صدر البسيطة ض يقا‬
‫فطوبى لقبر ضمه‪ ،‬فلقد غ دا * يب اهي به دار المقامة والبقا وق ال الفقيه أبو‬
‫عبد هللا محمد المنبجي‪ ،‬أحد فقه اء الناص رية بدمش ق‪ :‬س بل العل وم تقطعت‬
‫أس بابها * وتعطلت من حليها طالبها لمص بية عز الع زاء له ا‪ ،‬كما * في‬
‫الناس قد جلت وجل مصابها يا أيها الحبر الذي من بعده كل الفضائل غلقت‬
‫أبوابها أض حى على ال دنيا لفق دك وحشه * ما اعتادها من قبل ذا أربابها‬
‫مس ودة أيامه ا‪ ،‬متغ ير * أحواله ا‪ ،‬مس توحش محرابها هلل أي بح ار فضل‬
‫غيضت * من بعد ما زخرت‪ ،‬وعب عبابها من للمسائل اعضلت ؟ من للفتا‬
‫* وى أشكلت عن أن يرد جوابها ؟ من للتقى ؟ من للحجى * ط ويت ‪ -‬لفقد‬
‫أليفها ‪ -‬أثوابها وقال أبو الفضل يوسف بن محمد بن عبد هللا الكاتب‪ ،‬ق ارئ‬
‫دار الح ديث‪ ،‬من قص يدة ي رثي بها أش ياخه‪ ،‬بعد ذكر ابن الص الح‪،‬‬
‫والسخاوي‪ ،‬وأبي شامة‪ ،‬وغير هم‪ .‬وكذاك محيي الدين فاق بزهده * وبفقهه‬
‫الفقها مع الزهاد القانت االواب‪ ،‬والحبر الذي * نصر الش ريعة دائما بجه اد‬
‫تبكيه دار للحديث وأهلها * لخلوها من فضله المعتاد لم يبق بعدك للص حيح‬
‫مع رف * قد كنت فيه جهبذ النق اد من ذا ي بين مس ندا من مرسل * أو من‬
‫حديث عد في االفراد‬

‫] ‪[ 81‬‬
‫أو كان مقطوعا ضعيفا معضال * أو كان مضوعا لذي الحساد أو من ي بين‬
‫منك را في متنه * أو من يع رف علة االس ناد ؟ من ذا لرفع المنك رات وقد‬
‫غدت * بين االنام كثيرة الترداد ؟ ونصرت دين هللا وحدك جاهدا * ودفعت‬
‫عنه شبهة المراد وقال العفيف التلمساني‪ :‬نعم بعد يحيى معهد الفضل دارس‬
‫* فما أنصفت إن لم تنحه المدارس فيا صبرمت عندي‪ ،‬ويا ح زن فلتعش *‬
‫فإن النواوي قد حوته الروامس بكته مساعيه التي بذت االلى * س عوا للعلى‬
‫في أرض هم وهو ج الس ون احت عليه ورق أوراق ه‪ ،‬وما * له امن س وى‬
‫االقالم قصب ب وائس وأقسم ما نفس بكته نفيسه * إذا لم تس اعدها ال دموع‬
‫النفائس تلهب قلب البرق‪ ،‬والدعد ضارخ * اسى‪ ،‬ودموع الغاديات ب واجس‬
‫وظل وبات اللؤلؤ الرطب حاسدا * مدامع فيه تقول المجالس ومثوى ال ربى‬
‫فيه حسد الثرى * فماذا عسى فيه تقول المجالس لقد كان يح يي الليل يح يى‬
‫ساهدا * وجفن سمير النجم في االفق ناعس ويط وي على ال داء ال دفين من‬
‫الطوى * اض الع ما فيها س وى ال ذكر ه اجس ويرضى جليس الخ ير ممتع‬
‫بحثه * فينقاد للحق المماري الممارس فان تضحك االخرى سرورا بمثله *‬
‫فوجهك يا دنيا من الفقد عابس وكنت به مثل العروس فأص بحت * لديه من‬
‫الحور الحسان عرائس فلله عضن عندما تم زهره * وأ ين ع‪ :‬أض حى رطبه‬
‫وهو ي ابس وب در تم ام‪ ،‬والب دور م تى تغب * ت راح‪ ،‬وه ذا منه قل بي آيس‬
‫فأقسم ما النعمى بها القلب ناعم * عليه وال البؤسى بها القلب بائس وهبهات‬
‫لو اني صديق ومات لم * اعش بعده لما حوته الروامس فيا دهر هل ك انت‬
‫مناي اه أكؤسا * ملئت بها س كرا‪ ،‬فرأسك ن اكس ؟ لقد اجفلت غر المس ائل‬
‫بع ده * وعه دي بها من قبل وهي أوانس نط ار منهن الش رود كأنها * مها‬
‫ت دريها بالقسي الف وارس ولو أنه فينا لع دن وكنس ال‍ * ‪ -‬ج واري ل دينا‪ ،‬ال‬
‫الظياء الكوانس‬

‫] ‪[ 82‬‬
‫له في رس ول هللا واآلل اس وة * وأص حابه‪ ،‬عنهم تق ول الف رادس أب وا أن‬
‫يؤوبوا نحو دنيا دنيه * مالبسه تعرى بها وهو البس وكيف نبكيه ونعلم أنه‬
‫* على ما إليه صار كان ينافس خاتمة االولى‪ :‬روى الحاكم في المس تدرك‪،‬‬
‫وأبو داود‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬عن أبي هري رة‪ ،‬ق ال االم ام أحم د‪ :‬فك ان على رأس‬
‫المائة االولى عمر بن عبد العزي ز‪ ،‬وعلى رأس الثانية االم ام الش افعي‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وعلى رأس الثالثة أبو العباس بن س ريج‪ ،‬وقي ل‪ :‬االش عري‪ ،‬والرابعة‬
‫أبو الطيب سهل الصعلوكي‪ ،‬وقيل الشيخ أبو حامد إمام العراق يين والسادسة‬
‫الفخر الرازي‪ ،‬وقيل‪ :‬الرافعي‪ ،‬والس ابعة ابن دقيق العي د‪ .‬وهك ذا ذك ره ابن‬
‫السبكي في الطبقات‪ .‬قلت‪ :‬وقد ذكر ش يخ ش يوخنا حافظ العصر زين ال دين‬
‫العراقي في ترجمة جمعها للشيخ جمال ال دين االس نوي‪ ،‬أنه المبع وث على‬
‫رأس المائة الثامنة‪ .‬والش يخ مح يي ال دين أحق ب أن يك ون على رأس المائة‬
‫السابعة‪ ،‬بل هو أقرب إلى القرن من االسنوي‪ ،‬فإن وفاته ‪ -‬كما تق دم ‪ -‬س نة‬
‫‪ ،676‬ووفاة االسنوي س نة ‪ 673‬وفي ظ ني أن الش يخ زين ال دين الع راقي‬
‫نقل في ترجمته المذكورة‪ ،‬أن بعضهم ذكر ذلك في شأن النووي‪ ،‬وأنه قاس‬
‫االس نوي عليه من حيث ت أخر زمنه عن رأس الق رن‪ .‬وقي ل‪ :‬إن المبع وث‬
‫على رأس المائة الثامنة شيخ االس الم س راج ال دين البلقي ني‪ .‬وقد نظم فيمن‬
‫تقدم أبيات مفرقة‪ ،‬فقال بعضهم يخاطب ابن سريج‪ .‬اثنان قد مضيا‪ ،‬فب ورك‬
‫فيهما * عمر الخليف ة‪ ،‬ثم حلف الس ودد الش افعي‪ ،‬االلمعي محمد * ارث‬
‫النبوة‪ ،‬وابن عم محمد ابشر أبا العباس‪ ،‬أنك ثالث * من بعدهم‪ ،‬س قيا لتربة‬
‫أحمد وقال بعضهم مذيال‪ :‬والرابع المشهور سهل محمد * أضحى إماما عند‬
‫كل موحد يأوي إليه المسلمون بأسرهم * في العلم إن جاؤوا لخطب مؤيد‬
‫] ‪[ 83‬‬
‫ال زلت فيما بيننا خير الورى * للمذهب المختار خير مجم دد وق ال الش يخ‬
‫تاج الدين السبكي م ذيال‪ :‬ويق ال‪ :‬إن االش عري الث الث ال‍ * ‪ -‬مبع وث لل دين‬
‫الق ويم االيد والحق ليس بمنكر ه ذا‪ ،‬وال * ه ذا وعلهما أم ران فع دد ه ذا‬
‫لنصرة أصل دين محمد * كنظير ذلك في ف روع محمد وض رورة االس الم‬
‫داعية إلى * هذا وذاك ليهتدي من يهتدي وقضى أناس أن أحمد اال سفرا *‬
‫ييني رابعهم‪ ،‬وال تستبعد فكال هما فرد الورى المع دود من * ح زب االم ام‬
‫الشافعي محمد الخامس الح بر االم ام محمد * هو حجة االس الم دون ت ردد‬
‫وابن الخطيب السادس المبعوث إذ * هو للشريعة ك ان أي مؤيد الس ابع ابن‬
‫دقيق عيد فاس تمع * ف القوم بين محمد أو أحمد وانظر لسر هللا أن الكل من‬
‫* أصحابنا‪ ،‬فافهم‪ ،‬وانصف ترشد هذا على أن المصيب أمامنا * أجلى دليل‬
‫واضح لمهتدي يا أيها الرجل المريد نجابة * دع ذا التعصب والم راء‪ ،‬وقلد‬
‫هذا ابن عن المصطفى وسميه * والعالم المبعوث‪ ،‬خير مجدد وضح اله دى‬
‫بكالمه وبهديه * يا أيها المس كين لم ال تقت دي ؟ وقلت أنا م ذيال‪ :‬ويق ال‪ :‬إن‬
‫الس ادس الش يخ االم ام * م ال رافعي‪ ،‬وليس بالمس تبعد فهو المج دد للف روع‬
‫وذلك ال‍ * ‪ -‬محيي حقيقا أصل دين محمد والسابع الشيخ الن واوي ال ذي‪ ،‬قد‬
‫ح رر ال دين الرضى للمقت دي والث امن الش يخ الجم ال االس نو * ي منقح‬
‫االحك ام للمسترشد والع الم االس مى س راج ال دين ذو * يلقين ة‪ ،‬نقل وا‪ ،‬وال‬
‫تستبعد فكالهما شيخ لذلك العصر قد * كانا الهل الدين أفضل مرشد والحق‬
‫أن البعث ال * يختص فردا عنده عن مفرد بل كل حبر ك ان موج ودا فه وا‬
‫* ما قد أراد به ح ديث المرشد ودليله أن الغم وس لمن ي رى * فمفادها‬
‫للجمع أظهر فاهتد‬

‫] ‪[ 84‬‬
‫الثانية‪ :‬في سلسلة الفقه للشيخ ق ال الش يخ في ته ذيب االس ماء واللغ ات‪ :‬هذ‬
‫من المطلوبات المهمات‪ ،‬والنفائس الجليالت‪ ،‬ال تي للمتفقة والفقيه معرفته ا‪،‬‬
‫ويقبح بهما جهالتها‪ ،‬فإن شيوخه في الع الم آب اء له في ال دين‪ ،‬ووص له بينه‬
‫وبين وبين رب العالمين‪ .‬وكيف ال يقبح جهله االنس اب والوص لة بينه وبين‬
‫ربه الك ريم الوه اب‪ ،‬مع أه م أمور بال دعاء لهم‪ ،‬وب رهم‪ ،‬وذكر م آثر هم‪،‬‬
‫والثناء عليهم‪ ،‬وشكر هم فأذكر هم مني إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫وحينئذ يعرف من كان في عصرنا وبع ده طريق ة‪ ،‬باجتماعها هي وط ريقي‬
‫قريب ا‪ .‬وحينئذ يع رف من ك ان في عص رنا وبع ده طريق ة‪ ،‬باجتماعها هي‬
‫وط ريقي قريب ا‪ .‬ق ال‪ :‬فأما أنا فأخ ذت الفقه ق راءة وتص حيحا‪ ،‬ذ وس ماعا‪،‬‬
‫وشرحا وتعليقا‪ ،‬عن جماعات‪ :‬أولهم‪ :‬شيخي االم ام أبو إب راهيم إس حاق بن‬
‫أحمد المغ ربي‪ :‬ثم ش يخنا‪ :‬عبد ال رحمن بن ن وح المقدس ي‪ .‬ثم ش يحنا‪ :‬أبو‬
‫حفص عمر بن أسعد بن أبي غ الب ال ربعي االربلي‪ :‬ثم ش يخنا‪ :‬أبو الحسن‬
‫س الر بن الحسن االربلي‪ :‬وتفقه ش يوخنا الثالثة االول ون على االم ام أبي‬
‫عمرو بن الصالح‪ ،‬وتفقه هو على والده في طريق العراقيين على أبي سعد‬
‫بن أبي عصرون‪ ،‬وأبو سعد على أبي علي الفارقي‪ ،‬والفار في على الش يخ‬
‫أبي إسحاق الشيرازي‪ ،‬والشيخ على القاضي أبي الطيب الطبري‪ ،‬والقاضي‬
‫على أبي الحس ين الماس رجي‪ ،‬وهو على أبي إس حاق الم روزي‪ ،‬وهو على‬
‫أبي العباس بن سريج‪ ،‬وهو على أبي القاسم االنم اطي‪ ،‬وهو على الم زني‪،‬‬
‫وهو على الش افعي‪ ،‬وهو على مالك وهو على ربيعي ة‪ ،‬ون افع‪ ،‬وهما على‬
‫ابن عمر عن الن بي ص لى هللا عليه وس لم‪ .‬ق ال‪ :‬وأما طريق الخراس انيين‬
‫فأخ ذتها عن ش يوخنا الم ذكورين عن ابن الص الح‪ ،‬عن وال ده‪ ،‬عن أبي‬
‫القاسم بن البزري‪ ،‬عن الكيال‪ ،‬عن أبي المعالي إم ام الح رمين‪ ،‬عن وال ده‪،‬‬
‫عن أبي عبد هللا بن أحمد القفان الصغيره‪ ،‬عن أبي زيد المروزي‪ ،‬عن أبي‬
‫‪.‬إسحاق المروزي‪ ،‬عن ابن سريج بسنده السابق‬

‫] ‪[ 85‬‬
‫ق ال‪ :‬وتفقه ش يخنا س الر على االم ام أبي بكر الماه اني‪ ،‬وهو عن ابن‬
‫البزري بطريقه السابق‪ .‬قلت‪ :‬وأنا أخذت الفقه عن جماعة أجلهم‪ :‬والده شيخ‬
‫االسالم سراج الدين عمربن رسالن البلقي ني‪ ،‬وهو عن جماعة منهم الش يخ‬
‫ش مس ال دين بن عالن‪ ،‬وهو عن الوجيه عن الوه اب بن حسن البهنس ي‪،‬‬
‫وهو عن البه اء الجم يري‪ ،‬وهو عن عبد الوه اب بن حسن البهنس ي‪ ،‬وهو‬
‫عن البهاء الجميزي‪ ،‬وهو عن ابن أبي عصرون بطريقه الس ابق‪ ،‬فباعتب ار‬
‫طريقنا هذا كان شيخي أخذه عن النووي‪ .‬الثالثة‪ :‬في نس بة الش يخ الح زامي‬
‫قال ابن العطار‪ :‬ذكر لي الشيخ ‪ -‬ق دس هللا روحه ‪ :-‬ان بعض أج داده ك ان‬
‫يزعم أنها نسبة إلى حكيم بن حزام‪ .‬ق ال الش يخ‪ :‬وهو غل ط‪ ،‬بل إلى ح زام‪،‬‬
‫جد لنا نزل الجوالن‪ ،‬بقرية نوى‪ ،‬على عادة الع رب‪ ،‬فأق ام به ا‪ ،‬هللا ذري ة‪،‬‬
‫إلى أن صار منهم خلق كثير‪ .‬الرابعة‪ :‬نوى وفيها يقول بعضهم‪ :‬لقيت خ يرا‬
‫يا ن وى * وكفيت من شر الن وى فلقد نشا بك ع الم * هلل أخلص ما ن وى‬
‫وعلى عداه فضله * فضل الحبوب على النوى والنسبة إليها ن ووي‪ ،‬بح ذف‬
‫االلف بين الواوين على االصل‪ ،‬وقلب االلف االصلية واوا‪ .‬ويقال‪ :‬ن واوي‪،‬‬
‫بتخفيف الياء وااللف بدال عن إحدى ياءي النسب‪ ،‬كما يق ال‪ :‬يم ني ويم اني‬
‫بتخفيف الياء في الثانية‪ .‬ورأيت كال االمرين بخطه رحمه هللا تعالى‪ .‬ورأيت‬
‫في تعليقة للقاضي عز الدين ابن جماعة بخطه‪ .‬قال ابن العط ار‪ :‬لما ودعت‬
‫الش يخ مح يي ال دين الن ووي بن وى حين أردت حين اردت الس فر للحج‪،‬‬
‫حمل ني الس الم إلى االم ام أبي اليمن عس اكر‪ ،‬فلما بلغته س المه‪ ،‬رد علي‬
‫وسألني‪ :‬أين تركته ؟ قلت‪ :‬ببلدة ن وى‪ ،‬فأنش دني ب ديها‪ :‬أمجمعين على ن وى‬
‫اشتاقكم * شوقا يجدد لي الصبابة والجوى‬

‫] ‪[ 86‬‬
‫فأروم قربكم البي مرتج * يا سادتي ق رب المقيم على ن وى الخامس ة‪ :‬والد‬
‫الشيخ شرف ذكره الصالح الص فدي في تاريخ ه‪ ،‬وق ال‪ :‬ت وفي (‪ .)1‬إس ناد‬
‫حديث الشيخ رحمه هللا تعالى أخبرني (‪ )1‬شيخ االس الم علم ال دين البلقي ني‬
‫اجازة عن والده‪ ،‬عن الحافظ أبي الحجاج الم زي‪ ،‬أخبرنا االم ام أبو زكريا‬
‫الن ووي‪ ،‬أخبرنا االم ام ابن قدامة المقدس ي‪ ،‬ح دثنا أبو حفص بن ط برزد‪.‬‬
‫وكتب لي عاليا بدر جتين أبو عبد هللا الحل بي‪ ،‬عبد الص الح بن أبي عم رو‬
‫عن أبي الحسن بن البخاري‪ ،‬أخبرنا ابن طبرزد‪ ،‬أخبرنا أبو الفتح الكرخي‪،‬‬
‫أخبرنا أبو ع امر االزدي‪ ،‬أخبرنا أبو محمد الج راحي‪ ،‬أخبرنا أبو العب اس‬
‫المحبوبي‪ ،‬أخبرنا أبو عيسى الترمذي‪ ،‬أخبرنا عبد هللا بن أبي زي اد‪ ،‬أخبرنا‬
‫س يار‪ ،‬أخبرنا عبد الواحد بن زي اد‪ ،‬عن القاسم بن عبد ال رحمن‪ ،‬عن أبي ه‪،‬‬
‫عن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬لقيت إبراهيم حين‬
‫أسري‪ ،‬بي‪ ،‬فقال‪ :‬اقرئ امتك مني السالم‪ ،‬وأخبر هم أن الجنة طيبة التربة‪،‬‬
‫عذبة الم اء‪ ،‬وأنها فيع ان‪ ،‬وان غراس ها س بحان هللا‪ ،‬والحمد هللا وال إله إال‬
‫هللا‪ ،‬وهللا أكبر‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حس ن‪ :‬ق ال الش يخ في الته ذيب‪ :‬قد من‬
‫هللا علينا‪ ،‬ان جعل لنا رواية متصلد‪ ،‬وسببا متعلقا‪ ،‬بخليله إبراهيم ص لى هللا‬
‫عليه وسلم‪ .‬أخبرني أبو الفضل محمد بن عمر‪ ،‬أخبرنا أبو إسحاق التنوخي‪،‬‬
‫أخبرنا الحافظ أبو الفضل محمد بن عم ر‪ ،‬أخبرنا أبو إس حاق التن وخي‪،‬‬
‫أخبرنا الحافظ أبو عبد هللا ال ذهبي‪ ،‬أخبرنا علي بن إب راهيم بن العط ار‪،‬‬
‫أخبرنا يح يى بن ش رف الفقي ه‪ ،‬أخبرنا خالد بن يوس ف‪ .‬وكبت إلى عاليا‬
‫بثالث درجات‪ ،‬أبو عبد هللا الحلبي‪ ،‬عن ابن الص الح أبي عم رو‪ ،‬عن أبي‬
‫الحسن بن البخاري قاال‪ :‬أخبرنا أبو اليمن الكندي‪ ،‬أخبرنا‬

‫] ‪[ 87‬‬
‫المبارك بن الحسين‪ ،‬أخبرنا علي بن أحم د‪ ،‬أخبرنا محمد بن عبد ال رحمن‪،‬‬
‫أخبرنا عبد هللا بن شيبان‪ ،‬حدثنا حماد بن س لمة‪ ،‬عن ث ابت‪ ،‬عن أنس ق ال‪:‬‬
‫ق ال رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم‪ :‬من طلب الش هادة ص ادقا من قلبه‬
‫أعطيها ولو لم تصبه‪ ...‬أخرجه مسلم‪ .‬وقد ختمنا بهذا الح ديث كتاب ا‪ ،‬رج اء‬
‫أن يختم هللا لنا بالش هادة‪ ،‬وأن يجعلنا من ال دين لهم الحس نى وزي ادة‪ .‬وه ذا‬
‫آخ رة وهللا أعلم‪ .‬وص لى هللا على س يدنا محمد وعلى آله وص حبه أجمعين‬
‫‪.‬وسلم‬

‫] ‪[ 89‬‬
‫االمام السيوطي نس به (‪ )1‬هو االم ام المت أخرين‪ ،‬علم أعالن ال دين‪ ،‬خاتمة‬
‫الحف اظ أبو الفضل عبد ال رحمن بن أبي بك ربن محمد بن س ابق ال دين بن‬
‫الفخر عثمان الص الح أي وب بن ناصر ال دين محمد بن الش يخ هم ام ال دين‬
‫الهم ام الخض يري االس يوطي‪ ،‬ولقب رحمه هللا بجالل ال دين‪ .‬وكنيته أبو‬
‫الفضل‪ :‬وكان سبب كنيته أنه ع رض على العز الكن اني الحنبلي فق ال له ما‬
‫كنيت ك‪ .‬ق ال‪ :‬كنية لي‪ .‬أبو الفضل وأما نس به بالخض يري‪ .‬فقد تح دث عنها‬
‫رحمه هللا في ترجمة لنفسه في حسن المخاض رة فق ال‪ :‬وأما نس بتنا‬
‫بالخض يري فال أعلم ما تك ون إليه ه ذه النس بة إال الخض يرية محلة ببغ داد‬
‫وقال أيضا‪ .‬وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه هللا تعالى يذكر أن‬
‫ج ده االعلى ك ان أعجميا أو من الش رق فالظ اهر أن النس بة إلى المحلة‬
‫الم ذكورة‪ .‬مول ده ولد رحمه اللهبعد المغ رب ليلة االحد مس تهل رجب س نة‬
‫وأربعين وثمانمائة‬

‫] ‪[ 90‬‬
‫هجري ة‪ ،‬فقد ولد رحمه هللا في بيت ع رف ب العلم واالدب وس مو المكانة‬
‫وعلو المننزلة‪ ،‬وال عجب فقد كان أب وه‪ ،‬علما من االعالم وفقيها من فقه اء‬
‫الش افعية المرم وقين‪ ،‬فقد ولي رحمه هللا في مس تهل حياته منصب القض اء‬
‫في أس يوط ثم انتقل إلى مصر حيث أس ند إليه بها منصب االفت اء على‬
‫م ذهب االم ام الش افعي‪ .‬وت وقي ول ده وله من العمر خمس س نوات وس بعة‬
‫أشهر وقد وصل من حفظ القرآن إذا ذاك إلى سورة التحريم ولكن هللا تعالى‬
‫قد كاله بعنايته وأحاطه برعايته فقيض له العالمة الكمال ابن الهم ام‪ ،‬فك ان‬
‫رحمه هللا يرع اه ويتابعه في تحفيظ الق رآن وذلك من فضل هللا يؤتيه من‬
‫يشاء‪ ،‬وهللا واسع عليم‪ .‬نشأته نشأ رحمه هللا نشأة علمية منذ نعومة أظف اره‪،‬‬
‫فقد كان ولده رحمه هللا شديد الحرص على توجيهه الوجهة الصالحة إذ كان‬
‫يحفظ القرآن الكريم في صغره ويستصحبه إلى دور العلم ومجالس القض اء‬
‫ودروس الفقهاء وسماع الحديث‪ .‬ويذكر المؤرخون ال ذين ترجم وا له رحمه‬
‫هللا أن أب اه قد طلب من الش يخ ش هاب ال دين بن حجر العس قالني ص احب‬
‫الفتح أن ي دعو له بالبركة والتوفي ق‪ ،‬وك ان رحمه هللا ي رى في الحافظ ابن‬
‫حجر مثله االعلى وك ان يترسم خط اه ويح ذو ح ذوه فيما بعد ح تى قيل إنه‬
‫شرب من ماء زمزم بنية أن يجعله هللا مثل ابن حجر فاستجاب هللا س بحانه‬
‫وتعالى له فكان من أكبر الحفاظ‪ .‬طلبه للعلم كان الس يوطي رحمه هللا ش ديد‬
‫الذكاء‪ ،‬قوي الذاكرة‪ ،‬حفظ القرآن وهو دون ثماني سنين حفظ عمدة االحكام‬
‫وشرحه البن دقيق العيد ثم حفظ منه اج االم ام الن ووي في فقه الش افعية ثم‬
‫منه اج البيض اوي في االص ول ثم ألفية ابن مالك في النحو ثم تفس ير‬
‫البيض اوي‪ .‬وع رض ذلك رحمه هللا على طائة من مش ايخ االس الم مثل‬
‫البلقيني وعز الدين الحنبلي وشيخ االقصراني فأج ازه ه ؤالء وغ يرهم‪ .‬ولم‬
‫يدع رحمه هللا من فروع المعرفة وال نوعا من أنواع العلم إال وقد أدلى‬

‫] ‪[ 91‬‬
‫فيه بدلو وتلفاه عند أهله‪ ،‬فأخذ الفقه عن شيخ الشيوخ س راج ال دين البلقي ني‬
‫وقد الزمه إلى أن توفي فالزم من بعده ول ده علم ال دين‪ .‬أخذ الف رائض عن‬
‫فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي‪ ،‬والزم الش رف المن اوي أبا‬
‫زكريا محمد بن عبد الرؤوف شارح الج امع الص غير‪ .‬وأخذ العل وم العربية‬
‫عن االم ام العالمة تقي ال دين الش بلي الحنفي وكتب له تقريظا على ش رح‬
‫ألفية ابن مالك‪ .‬ولزم العالمة محيي الدين الكافيجي أربع عش رة س نة فأخ ذه‬
‫عنه التفس ير واالص ول والعربية والمع اني وأخذ عن جالل ال دين المحلي‬
‫وعن المعز الكن اني أحمد بن إب راهيم الحنبلي‪ ،‬وحضر على الش يخ س يف‬
‫الدين الحنفي دروسا عديدة في الكش اف والتوض يح وحاش ية عليه وتلخيص‬
‫المفت اح في البالغ ة‪ ،‬وقد أج يز بت دريس في مس تهل س نة ست وس تين‬
‫وثمانمائ ة‪ ،‬أي في سن الخامسة عش رة وأخذ أيضا عن المجد بن الس باع‬
‫وعبد العزيز الوق ائي الميق ات‪ ،‬وأخذ الطب عن محمد بن إب راهيم ال دواني‬
‫ال رومي‪ .‬والمتتبع لنش أة الس يوطي يجد أنه قد أخذ الكث ير من العل وم عن‬
‫الكثير من المشايخ‪ .‬وقد ذكر بعض أهل العلم ممن ترجعوا له أن شيوخه قد‬
‫وصلوا نحو س تمائة وال غرابة في ذلك وال عجب ف إن الس يوطي قد ع اش‬
‫حياته يأخذ العلم حيث وج ده وعن كل من يلق اه وأنه أك ثر من الس فر‬
‫والترح ال في س بيل تحص يل العلم ورواية الح ديث‪ .‬وذكر أيضا في بعض‬
‫الرواي ات أنهم مائة وخمس ون ش يخا وش يخة وفي بعض ها ق ارب ع دد هم‬
‫الستمائة على ما ذكر آنفا‪ .‬قيامه بالت دريس ك ان االم ام الس يوطي رحمه هللا‬
‫خ ير م ؤدبي عص ره وأفضل مدرس يه إذ اش تهر بالبراعة في الش رح‬
‫والروعة في االمالء ومن ثم ش دت إليه الرح ال من كل مك ان فك ان رحمه‬
‫هللا ي درس العربية في سن مبك رة إذ ك ان عم ره وقت إجازته بالت دريس‬
‫خمسه عشر عاما فقط وهي قص يرة من أعم ار العلم اء االعالم ثم ش رع‬
‫أيضا في تدريس الفقة وإمالء الحديث سنة اثنتين وس بعين وثمانمائة أي بعد‬
‫مباشرته تدريس العربية بنحو‬

‫] ‪[ 92‬‬
‫ست سنوات ثم شرع بعد ذلك يزاول التدريس واالمالء‪ ،‬في مختلف العل وم‬
‫وشتى الفن ون فق ال متح دثا عن نفسه متح دثا بنعمة هللا أنه رزق التبحر في‬
‫سبعة علوم‪ :‬التفسير والفقه والحديث والنحو والمع اني والبي ان والب ديع على‬
‫طريقة العرب البلغ اء ال على طريقة العجم وأهل الفلس فة‪ .‬وك ان رحمه هللا‬
‫يق ول أيضا إنه بلغ االجته اد إذ ق ال‪ :‬وقد كملت عن دي اآلن آالت االجته اد‬
‫وبحمد هللا تعالى أق ول ذلك متح دثا بنعمة هللا تع الى ال فخ ر‪ ،‬ولو ش ئت أن‬
‫أكتب في كل مس ألة مص نفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياس ية وم داركها‬
‫ونقوحها وأجوبتها والموازنة بين اختالف الم ذاهب فيها لق درت على ذلك‬
‫من فضل هللا مصنفاته لم يدع السيوطي فناإال وكتب في ه‪ ،‬وب دأ في الت أليف‬
‫في سن مبك رة إذ ذكر الم ترجمون له أنه ش رع في التص نيف س نة ست‬
‫وس تين وثمانمائة هجرية وك ان أول شئ ألفه في التفس ير وهو تفس ير‬
‫لالستعاذة والبسملة وقد عرضه على شيخ االسالم علم الدين البلقيني فأجازه‬
‫وكتب له تقريظا حسنا‪ ،‬ثم ت والى بعد ذلك تأليف ه‪ .‬وقد اختلف الب الحثون في‬
‫ع دد المص نفات ال تي أث رى بها الحافظ الجالل الس يوطي المكتبة اختلف‬
‫الباحثون في عدد المصنفات التي أثرى بها الحافظ الجالل السيوطي المكتبة‬
‫االس المية فمنهم من ي رى أنها تبلغ إح دى وس تين وخمس ائة وهو ما ذهب‬
‫إليه فلوجل وأما ما ذهب إليه بوركلم ان فقد عدله خمسة عشر وأربعمائة‬
‫كت اب‪ .‬ولقد ح دثنا رجل فاضل أنه ألف كتابا للحافظ الس يوطي تكلم عنه‬
‫وترجم له وعد مصنفاته حتى بلغت ستأ وألف كت اب وه ذا إن دل إنما ي دل‬
‫على سعة يتحره كما ذكرنا‪ .‬وهنا أورد بعض مصنفات ه ذا االم ام الجلي ل‪.‬‬
‫فمن أهم تص انيفة على س بيل المث ال ال الحص ر‪ - 1 :‬االخب ار المروية في‬
‫سبب وضع العربية‪ - 2 .‬االشباه والنظ ائر في النح و‪ - 3 .‬االف تراح في علم‬
‫‪.‬أصول النحو‬

‫] ‪[ 93‬‬
‫االلفاظ المعربة‪ - 5 .‬البهجة المرضية في ش رح االلفي ة‪ - 6 .‬الفري ده‪4 - .‬‬
‫وهي ألفية وله ش رح عليه ا‪ - 7 .‬الت ارج في إع راب ش كل المهن اج‪- 8 .‬‬
‫المص اعد العلية في القواعد النحوي ة‪ - 9 .‬النكت على االلفية والش افية‬
‫والشذور والنزهة‪ - 10 .‬المزهر في عل وم اللغ ة‪ - 11 .‬الس يف الص قيل في‬
‫حواشي ابن عقي ل‪ - 12 .‬الش معة المض يئة ش رح كافية ابن مال ك‪- 13 .‬‬
‫تعريف االعجم بح روف المعجم‪ - 14 .‬جمع الجوامع في النح و‪ - 15 .‬رفع‬
‫الس نة في نصب الزن ة‪ - 16 .‬ش رح جمع الجوام ع‪ - 17 .‬ش رح القص يدة‬
‫الكافية في التعري ف‪ - 18 .‬ش رح تص ريف الع زى‪ - 19 .‬ش رح لمعة‬
‫االشراف في االشتقاق‪ - 20 .‬شذا العرف في إثب ات المع نى للح رب‪- 21 .‬‬
‫شرح شواهد المغني‪ - 22 .‬شرح أبيات تلخيص المفتاح‪ - 23 .‬عقود الجمان‬
‫في علم المع اني والبي ان‪ - 24 .‬فجر الثمد في إع راب أكمل الحم د‪- 25 .‬‬
‫قطر الن دى في ورود الهم زة للن دى‪ - 26 .‬نكت على التلخيص يس مى‬
‫االفصاح‪ - 28 .‬نكت على شرح الشواهد لليعني‪ - 29 .‬نظم الب ديع في م دح‬
‫‪.‬خير شفيع‪ - 30 .‬الدر المنثور في التفسير بالمأثور‬

‫] ‪[ 94‬‬
‫تناسق ال درر في تناسب الس ور‪ - 32 .‬المع اني الدقيقة في إدراك ‪31 -‬‬
‫الحقيقة‪ - 33 .‬إتمام النعمة في اختصاص االسالم به ذه االم ة‪ - 34 .‬ال ديباح‬
‫على صحيح مسلم بن الحجاج‪ - 35 .‬كشف الغطاء على موطأ مال ك‪- 36 .‬‬
‫تنوير السافرة عن أمور اآلخرة‪ - 37 .‬البدور السافرة عن أمور اآلخرة‪38 .‬‬
‫‪ -‬نتيجة الفكر في الجهر بال ذكر‪ - 39 .‬مس الك الحنفا في إس الم وال دي‬
‫المصطفى‪ - 40 .‬نشر العلمين في إحياء االبوين الشريفين‪ - 41 .‬ذم القضاء‪.‬‬
‫‪ - 42‬ذم زي ادة االم راء‪ - 43 .‬التنفيس عن ت رك االفت اء والت دريس‪- 44 .‬‬
‫االحاديث الحسان في فضل الطيلس ان‪ - 45 .‬طي اللس ان عن ذم الطيلس ان‪.‬‬
‫‪ - 46‬التضلع في معنى المتقنع‪ - 47 .‬عين االصابة في ما اس تدركته عائشة‬
‫على الصحابة‪ - 48 .‬االحتفال باالطف ال‪ - 49 .‬االوج في خ بر ع وج‪- 50 .‬‬
‫الوديك في ال ديك‪ - 51 .‬الوث وث في فوائد ال برغوث‪ - 52 .‬مختصر النهاية‬
‫البن االث ير‪ - 53 .‬الينب وع فيما زاد على الروضة من الف روع‪- 54 .‬‬
‫مختصر الخ ادم‪ - 55 .‬ش رح ال روض البن المق رى‪ .‬وغ ير ذلك مما حوته‬
‫‪.‬كتب التراجم‬

‫] ‪[ 95‬‬
‫ثناء العلماء عليه لم أجد ترجم لهذا االمام إال وقد شهد له بالبراعة والتبحر‪،‬‬
‫ولقد أثنى عليه شيوخه وأقرانه وتالميذه والعلم اء من بع ده ممن ق رأ كتب ه‪.‬‬
‫فيق ول أبو الحس نات محمد محمد عبد الحلي اللكن وي في حواش يه على‬
‫الموطأ بعد أن ذكر الس يوطي‪ :‬وتص اننفه كلها مش تملة على فوائد لطيفة‬
‫وفرائد شريفة تشهد كلها بتبحره وسعة نظره ودقة فكره وأنه حقيق بأن يعد‬
‫من مجددي الملة المحمدية في بدء المائة العاشرة وآخر التعاسعة كما ادع اه‬
‫بنفسه وشهد بكونه حفيا به ممن ج اء بع ده كعلي الق ارئ المكي في الم رآة‪.‬‬
‫انقطاعه عن الت دريس والقض اء واالفت اء انقطع الش يخ رحمه هللا عن‬
‫التدريس واالفتاء لما بلغ أربعين سنة من عمره وأخذ في التجرد واالنقط اع‬
‫هلل تعالى واالشتغال وواالعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم‬
‫وشرع في تحرير مؤلفاته التي سبقت االشارة إليها وألف رسالة يعت ذر فيها‬
‫عن التدريس س ماها (التنفيس في االعت ذار عمن ت رك االفت اء والت دريس)‪.‬‬
‫وأقام رحمه الل في روضه المقياس فلم يتح ول منها إلى أن م ات‪ .‬فيرده ا‪،‬‬
‫وفي ذات يوم من االيام أرسل له السلطان الغوري خصيا وألف دينار‪ ،‬فرد‬
‫االلف وأخذ الخصي وأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية وق ال لقاص ده‬
‫ال تعد تأتينا قط بهدية فإن هللا تع الى أغنانا عن مثل ذل ك‪ ،‬وقيل له م رة إن‬
‫بعض االولي اء ك ان ي تردد أس لم ل دين المس لم‪ .‬وقد طلبه الس لطان م رارا‬
‫يحضر إليه وألف كتابا س ماه (ما رواه االس اطين في ع دم ال تردد إلى‬
‫السالطين‪ .).‬وفاته توفي رضي هللا عنه في س حر ليلة الجمعة تاسع جم ادى‬
‫االولى سنة إحدى وعشرة‬

‫] ‪[ 96‬‬
‫وتسعمائة في منزله بروضة المقياس عن عمر بلغ اثنين وستين عاما وكان‬
‫له مشهد عظيم‪ ،‬ودفن في حوش قوصون خارج باب القراف ة‪ ،‬وص لي عليه‬
‫بدمشق بالج امع االم وي ي وم الجمع ة‪ ،‬وقيل أخذ الن اس قميصه وقبعته‬
‫فاشترى بعض الناس قميصه من الناس بخمسة دنانير للتبرك به وباع قبعته‬
‫بثالثة دنانير لذلك أيضا‪ .‬وقد رثاه عبد الباسط بن خليل الحنفي بقول ه‪ :‬م ات‬
‫جالل الدين غيث الورى * مجتهد العصر إمام الوجود وحافظ السنة مه دي‬
‫اله دى * ومرشد الض ال بنفع يع ود فيا عي ون انهملي بع ده * ويا قل وب‬
‫انفطري ب الوقود واظلمي يا دنيا إذ حق ذا * بل حق أن ترعد فيك الرع ود‬
‫وحق للضوء بأن ينطفى * وحق للقائم فيك القعود وحق للنور بأن يختفى *‬
‫وللي الي ال بيض أن تبقى س ود وحق للن اس ب أن يحزن وا * بل حق أن كل‬
‫بنفس يجود وحق لالجيال خسرا وأن * تطوى السماء طيا كيومالوعود وأن‬
‫يفور الم اء واالرض ان * تميد وعم المص اب الوج ود مص يبة حلت فحلت‬
‫بنا * وأرثت نار اشتعال الوجود ص برنا هللا عليها وأوالده * نعيما حل دار‬
‫الخلود وهللا يقول الحق ويهدي السبيل‬

‫] ‪[ 97‬‬
‫كتاب متقى الينبوع فيما زاد على الروضة من الف روع ت أليف الحافظ جالل‬
‫الدين السيوطي‬

‫] ‪[ 99‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم فرع‪ :‬قال في شرح المه ذب‪ :‬من الب دع المنك رة ما‬
‫يفعل في كث ير من البل دن من إيق اد العظيمة الس رف في لي الي معروفة من‬
‫السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بس بب ذلك مفاسد كث يرة‪ .‬منه ا‪ :‬مض اهاة‬
‫جلوس المجوسي في االعتناء بالنار واالكثار منها‪ .‬ومنها‪ :‬إضاعة الم ال في‬
‫غير وجهه‪ .‬ومنه ا‪ :‬ما ي ترتب على ذلك في كث ير من المس اجد من اجتم اع‬
‫الصبيان وأهل اليطالة ولعبهم ورفع أص واتهم ولقرب انهم المس اجد وانته اك‬
‫حرمتها وحص ول أس اخ فيها وغ ير ذلك من المفاسد ال تي يجب ص يانه‬
‫المس جد من أفادها (‪ .)1‬انتهى‪ .‬ق ال ابن العم اد‪ :‬ومن المفاسد أيضا ما يفعل‬
‫في الجوامع من إيق اد الفناديل وتركها إلى أن تطلع الش مس وترتف ع‪ ،‬وهو‬
‫من فعل اليه ود في كنائس هم كما نبه على ذلك الش يخ زين ال دين الكن اني‬
‫وأكثر ما يفعل ذلك في يوم العيد وهو حرام‪ .‬ق ال‪ :‬ويش به ذلك وق ود الش مع‬
‫الكث ير ليلة عرف ة‪ ،‬وقد ذكر الن ووي في ش رح المه ذب أنه ح رام ش ديد‬
‫التحريم‪ .‬وقال ابن الحاج في الم دخل‪ :‬ليس لالنس ان في المس جد إال موضع‬
‫قيامه‬

‫] ‪[ 100‬‬
‫وسجوده وجلوسه وما زاد على ذلك فلس ائر المس لمين (‪ )1‬ف إذا بسط لنفسه‬
‫ش يئا ليص لي عليه احت اج الجل س عة ثوبه أن يبسط ش يئا كث يرا ليعم ثوبه‬
‫على سجادته فيكون في سجادته اتساع فيمسك بس بب ذلك موضع رجلين أو‬
‫نحوهما إن سلم من الكبر من أنه ال يضم إلى سجادته أحدا‪ .‬قال فإن لم يسلم‬
‫من ذلك وولى الن اس عنه وتباع دوا منه هيبة لكمه وثوبه وت ركهم وهو لم‬
‫ب القرب إليه فيمسك ما هو أك ثر من ذلك فيك ون غاص با ل ذلك الق در من‬
‫المس جد فيقع بس بب ذلك في المح رم المتفق عليه المنص وص عن ص احب‬
‫الش ريعة ص لى هللا عليه وس لم حيث ق ال‪( :‬من غصب ش برا من االرض‬
‫طوقه يوم القيامة إلى سبع أرضين) (‪ )2‬وذلك الموضع الذي أمس كه بس بب‬
‫قماشه وس جادته ليس للمس لمين به حاجة في الغ الب إال وقت الص الة وهو‬
‫في وقت الص الة وهو في وقت الص الة غاصب له فيقع في ه ذا الوعيد‬
‫بسبب قماشه وسجادته وزيه‪ ،‬فإن بعث بسجادته إلى المسجد في أول الوقت‬
‫أو قبله ففرشت له هناك وقعد هو إلى أن يمثلئ المسجد بالناس ثم يأتي كان‬
‫غاص با ل ذلك الموضع ال ذي عملت الس جادة فيه النه ليس له أن يحج ره‬
‫وليس الحد فيه إال موضع صالته انتهى‪ .‬فرع‪ :‬قال الشيخ عز الدين بن عبد‬
‫الس الم في القواعد (‪ :)3‬وأما فض يلة المس اجد فليست راجعة إلى أجرامها‬
‫وال إلى اع راض ق امت بأجرامها وإنما ترجع فض يلتها إلى مقص ودها من‬
‫إقامة الجماعات والجمعات فيها وذلك االعتكاف فيه ا‪ ،‬ول ذلك منع من ال بيع‬
‫والش راء فيه ا‪ ،‬وإي داع االمك ان واالزم ان له ذه الفض ائل كإي داع االنبي اء‬
‫والرسل النبوة والرسالة ليست إال جودا من هللا ول ذلك ق الت الرسل لق ومهم‬
‫(إن نحن إال بشر مثلهم ولكن هللا يمن على من يشاء من عباده)‬

‫] ‪[ 101‬‬
‫وكذلك سائر االوصاف الشراف لم يض عها ال رب س بحانه في من ش اء من‬
‫عب اده لمع نى اقتض اها واس تدعاها بل ذلك من فضل هللا يؤتيه من يش اء‪،‬‬
‫كذلك من من به من المع ارف واالح وال وحسن االخالق‪ ،‬ولم يكن ذلك إال‬
‫فضال من فضله وجودا من جوده على من يشاء من عباده‪ .‬وك ذلك االمك ان‬
‫واالزمان أودع هللا في بعض ها فضال الجودله في غيرها مع القطع بالتماثل‬
‫والمساواة‪ .‬وكذلك االجسام التي فضلت بأعراض ها كال ذهب والفضة وس ائر‬
‫الجواهر النفيسة‪ .‬فرع‪ :‬قال ابن العماد‪ :‬ق ال بعض مش ايخنا‪ :‬االبخر ومن به‬
‫ص نان مس تحكم حكمه حكم من أكل الث وم والبصل (‪ )1‬في منع دخ ول‬
‫المس جد وأولى‪ ،‬وفي فت اوى ابن تيمية وبه ص رح المالكية أن من بالج ذام‬
‫والبرص وهو من سكان المدارس والرباطات أزعج وأخرج لقوله صلى هللا‬
‫عليه وسلم ال يورد عاهة على مصح) (‪ .)2‬قال ابن العماد‪ :‬وعلى هذا فيمنع‬
‫من به برض أو جذام أو صنان مستحكم أو‬

‫] ‪[ 102‬‬
‫يخر من الجماع ات والجمع ات وال يمنع وح ده خلف الص فوف وال يمنع‬
‫الغير من الصالة معه وللغير من الوقوف معه ويمنع المجذوم واالرص من‬
‫الشرب من السقايا المسبلة في المساجد وغيرها للح ديث الس ابق‪ ،‬وحكم من‬
‫رائحة ثيابه كريهة كثياب الزياتين والدباغين ونحو هم حكم آكل الث وم (‪.)1‬‬
‫وقد نقل الخصوصي مس ألة االبخر ومن به ص نان عن ش يخه البلقي ني فهو‬
‫الذي أشار به ابن العم اد ق ال‪ :‬ويس تحب لقاصد المس جد أن يتوضا في بيته‬
‫لح ديث‪ :‬ق ال هللا تع الى إن بي وتي في أرضى المس اجد وإن زواري فيها‬
‫عمارها وطوبى لعبد تطهر في بيته زارني في بيتي انتهى‪ .‬ق ال الزركش ي‪:‬‬
‫يجوز دخول ال ذمي المس جد بال إذن لحاجة إلى مس لم أو حاجة مس لم إلي ه‪.‬‬
‫ذكره الروياني وفيه نظر (‪ .)2‬انتهى‪ .‬قال في شرح المهذب‪ :‬جاء في دخول‬
‫الحمام عن السلف آثار متعارضة في االباحة والكراه ة‪ .‬وأما أص حابنا فكال‬
‫مهم فيه قليل وممن تكلم فيه من أص حابنا االم ام الفقيه الحافظ أبو بكر‬
‫السمعاني‪ :‬جملة القول في دخول الحمام أنه مباح للرجال بشرط الس تر (‪)3‬‬
‫‪.‬وغض البصر ومكروه للنساء إال لعذر من نفاس أو مرض‬

‫] ‪[ 103‬‬
‫ولل داخل آداب‪ :‬منها أن ين ذكر بح ره حر الن ار ويس تعيذ باهلل من حرها‬
‫ويسأله الجنة وأن يكون قصده التنظيف والتطهير دون التنعيم والترف ه‪ .‬وأن‬
‫ال يدخله إذا رأى فيها عاريا‪ ،‬ويستغفر هللا إذا خرج ويصلي ركعتين‪ .‬وق ال‬
‫الغزالي في االحياء‪ :‬ال بأس بدخول الحمام‪ ،‬دخل أصحاب رسول هللا ص لى‬
‫هللا عليه وسلم حمام ات الش ام‪ ،‬وعلى داخله واجب ات وس نن فعليه واجب ات‬
‫في عورته صونها عن نظر غيره ومسه فال يتع اطى أمرها وإزالة وس خها‬
‫إال بي ده‪ ،‬وواجب ات في ع ورة غ يره أن يغض بص ره عنها وأن ينه اه عن‬
‫‪.‬كشفها‪ ،‬الن النهى عن النكرات واجب فعليه ذلك وليس عليه القبول (‪)1‬‬

‫] ‪[ 104‬‬
‫قال‪ :‬وال يسقط االنكار إال لخوف ضرر أشتم أو نحوه‪ ،‬وال يسقط عنه بظنه‬
‫أنه ال يفيد‪ .‬قال‪ :‬ولهذا صار الحزم في هذه االزمان ترك دخول الحمام إذ ال‬
‫يخلو عن ع وراث مكش وفة ال س يما ما ف وق العانة وتحت الس رة‪ ،‬وله ذا‬
‫يس تحب إخالء الحم ام‪ .‬ق ال‪ :‬والس نن عش رة‪ :‬النية ب أن الي دخل عبثا وال‬
‫لغرض من الدنيا بل بقصد التنظيف المحبوب‪ ،‬وأن يعطي الحمام أجرة قبل‬
‫دخوله‪ ،‬ويقدم رجله اليسرى في دخوله قائال بسم هللا الرحمن ال رحيم أع وذ‬
‫باهلل من ال رجس النجس الخبث المخبث الش يطان ال رجيم‪ ،‬وأن ي دخل وقت‬
‫الخل وة أو يتكلف إخالء الحم ام‪ ،‬فإنه وإن لم يكن في الحم ام إال أهل ال دين‬
‫والمحت اطون في الع ورات‪ ،‬ثم ال يخلو الن اس في الحرك ات عن اكتش اف‬
‫العوارت فيقع عليها البصر‪ .‬وأن ال يعجل بدخول البيت الح ار ح تى يع رق‬
‫في االول‪ ،‬وأن ال يك ثر صب الم اء بل يقتصر على ق در الحاجة فهو‬
‫المأذون فيه‪ ،‬وأن يذكر بحرارته نار جهنم لش بهه به ا‪ ،‬وأن ال يك ثر هللا إذا‬
‫ف رع على ه ذه النعمة وهي النظاف ة‪ ،‬ويك ره من جهة الطب صب الم اء‬
‫البارد على الرأس عند الخ روج من الحم ام وش ربه‪ ،‬وال ب أس بقوله لغ يره‬
‫عاف اك هللا‪ ،‬وال بالمص افحة وال ب أن يدلكه غ يره يع ني في غ ير الع ورة‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬قال ابن عبد السالم‪ :‬وليس له أن يقيم به أكثر مما ج رت به الع ادة (‬
‫‪ .)1‬قلت‪ :‬وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هري رة ق ال‪ :‬ق ال رس ول هللا‬
‫ص لى هللا عليه وس لم غسل الق دمين بالم اء الب ادر بعد الخ روج من الحم ام‬
‫أم ان من الص داع (‪ .)2‬ف رع‪ :‬س ئل الش يخ عز ال دين بن عبد الس الم عن‬
‫الرجل ي دخل الحم ام فيجلس بمع زل عن الن اس إال أنه يع رف بالع ادة أن‬
‫يك ون معه في الحم ام من هو كاشف عروته فهل يج وز له حض وره على‬
‫هذه الحالة أم ال ؟‬

‫] ‪[ 105‬‬
‫فأجاب‪ :‬يجوز حضور الحم ام‪ ،‬ف إن ق در عن االنك ار أنكر فيك ون م أجورا‬
‫على إنكاره وإن عجز على االنكار أنكر بقلبه فيكون مأجورا على كراهت ه‪،‬‬
‫ويحفظ بصره عن العورات ما استطاع وال يلزمه االنكار‪ ،‬إال في السوءتين‬
‫الن العلماء الختلفوا في قدر الع ورة فق ال بعض هم‪ :‬ال ع ورة إال في الس وء‬
‫تين (‪ )1‬إال أن يكون فاعل ذلك معتقدا لتحريمه فينكر عليه حينئذ‪ ،‬وما زال‬
‫الن اس يقل دون (‪ )2‬العلم اء في مس ائل الخالف وال ينكر عليهم وال يج وز‬
‫للشافعي أن ينكر على الم الكي فيما يعتقد الش افعي تحريمه والم الكي تخليله‬
‫(‪ ،)3‬وكذلك سائر مذاهب العلماء (‪ )4‬اللهم إال أن يكون‬

‫] ‪[ 106‬‬
‫ذلك المذهب بعيد الم أخوذ بحيث يجب نفضه فينكر حينئذ على ال ذاهب إليه‬
‫وعلى من يقلده (‪ .)1‬انتهى‪ .‬وسئل عما يعتاده الوعاظ من قص بعض الشعر‬
‫لمن تاب من ذنوبه على أيديهم‪ ،‬ومن حلق جميع ال رأس هل لهم مس تند في‬
‫ذلك أو هو بدعة ؟ فأجاب‪ :‬أما خلق الرأس من غير النسك فإن كان لمرض‬
‫فهو ض رب من الت داوي الم أمور ب ه‪ ،‬وإن ك ان لغ ير ع ذر فهو مب اح‬
‫والمساعدة عليه محبوبة إذا ك ان ت داويا‪ ،‬وج ائزة إن ك ان مباح ا‪ ،‬وقد ك ان‬
‫الغالب على الصحابة قصا الش عر‪ ،‬ول ذلك ك ان الحلق من ش عار الخ وارج‬
‫‪.‬وليس تعاطي ذلك بمحرم‬

‫] ‪[ 107‬‬
‫أما القص فهو على وفق كان عليه الرسول صلى هللا عليه وس لم وأص حابه‬
‫رضي هللا عنهم‪ ،‬فإنه فعله الشيخ بالتائب كان مساعدا له على عليه الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم وأصحابه وليس ذلك ركنا من أركان التوبة وال ش رطا‬
‫من شروطها‪ .‬والبدع (‪ )1‬أض رب (‪ )2‬منه ا‪ :‬أح دها‪ :‬ما دلت الش ريعة على‬
‫أنه من دوب أو واجب ولم يفعل مثله في العصر االول فه ذا بدعة حس نة‪.‬‬
‫الثاني ة‪ :‬ما دلت الش ريعة على أنه من دوب أو واجب ولم يفعل مثله في‬
‫العصر االول فه ذا بدعة قبيح ة‪ .‬الث الث‪ :‬ما دلت الش ريعة على إباحته مع‬
‫كونه لم يعهد في العصر االول‪ ،‬فهذا من البدع المباحة‪ ،‬وقص الش عر على‬
‫وفق الس نة ليس بمك روه وال من الب دع‪ .‬وأما الحلق ال ذي تمس الحاجة إليه‬
‫‪.‬فال بأس به أبضا (‪)3‬‬
‫] ‪[ 108‬‬
‫وقد أتي رس ول هللا ص لى هللا عليه وس لم بغالم قد حلق بعض رأسه فق ال‪:‬‬
‫احلق وه كله أو اترك وه كله (‪ .)1‬انتهى‪ .‬تم الكت اب بحمد هللا تع الى وحسن‬
‫توفيق ه‪ ،‬والحمد هلل وح ده وص لى هللا على س يدنا محمد وعلى آله وص بح‬
‫‪.‬وسلم‬

‫] ‪[ 109‬‬
‫روضة الط البين لالم ام أبى زكريا يح يى بن ش رف الن ووي الدمش قي‬
‫المتوفى سنة ‪676‬‬

‫] ‪[ 111‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم رب يسر وأعن الحمد (‪ )1‬هلل ذي الجالل واالكرام‪،‬‬
‫والفضل والطول والمنن الجس ام‪ ،‬ال ذي ه دانا لالس الم‪ ،‬وأس بغ علينا جزيل‬
‫نعمه ألطافه العظام‪ ،‬وأنافض علينا من خزائن ملكه أنواعا من االنعام وكرم‬
‫االدميين وفضلهم على غيرهم من االنام‪ ،‬وجعل فيهم قادة يدعون بأمره إلى‬
‫دار السالم‪ ،‬واجت بى من لطف به منهم فجعلهم من االماتل واالعالم‪ ،‬فطهر‬
‫هم من أن واع الك در (‪ )2‬ووضر (‪ )3‬اآلث ام‪ ،‬وص يرهم بفض له من أولي‬
‫النهى واالحك ام‪ ،‬ووفقهم لل دوام على مراقبته ول زوم طاعته على تك رر‬
‫الس نين واالي ام‪ ،‬واخت ار من جميعهم حبيبه وخليله وعب ده ورس وله محم دا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فمحا به عب ادة االص نام‪ ،‬وأدحض (‪ )4‬به آث ار الكفر‬
‫ومع الم االنص اب واالزالم‪ ،‬واختصه ب القرآن العزيز المعجز وجوامع‬
‫الكالم‪ .‬ف بين ص لى هللا عليه وس لم للن اس ما أرس به من أص ول ال ديانات‬
‫‪،‬واآلداب‪ ،‬وفروع االحكام‬

‫] ‪[ 112‬‬
‫وغ ير ذلك مما يحت اجون إليه على تع اقب االح وال واالع وام‪ ،‬ص لى هللا‬
‫وس لم عليه وعلى جميع االنبي اء والمالئكة وآله كل وأتب اعهم الك رام‪،‬‬
‫صلوات متضاعفات دائمات بال انفص ام‪ .‬أحم ده أبلغ الحمد وأكمله وأعظمه‬
‫وأتمه وأش مله‪ ،‬وأش هد أن ال إله إال هللا اعتق ادا لربوبيت ه‪ ،‬إذعانا لجالله‬
‫وعظمته وصمديته‪ ،‬وأشهد أن محمدا‪ ،‬عبده ورسوله المصطفى من خليقته‪،‬‬
‫والمختار المجتبى من بريته‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم وزاده ش رفا وفضال لديه‬
‫وكرم‪ .‬أما بعد‪ :‬فإن االشتغال بالعلم من أفضل القرب وأجل الطاع ات‪ ،‬وأهم‬
‫أنواع الخير وآكد العبادات‪ ،‬وأولى ما أنفقت فيه نفائس االوقات‪ ،‬وش مر في‬
‫إدراكه والتمكن فيه أص حاب االنفس الزكي ات‪ ،‬وب ادر إلى االهتم ام به‬
‫المسارعون إلى المكرم ات‪ ،‬وس ارع إلى التحلي به مس تبقو الخ يرات‪ ،‬وقد‬
‫تظ اهر على ما ذكرته جمل ما آي ات الق رآن الكريم ات (‪ ،)1‬واالح اديث‬
‫الصحيحة النبوية المشهورات (‪ ،)2‬وال ضرورة إلى االطن اب ب ذكرها هنا‬
‫لكونها من الواضحات الجليات‪ .‬وأهم أن واع العلم في ه ذه االزم ان الف روع‬
‫الفقهي ات‪ ،‬الفتق ار جميع الن اس إليها في جميع الح االت‪ ،‬مع أنها تك اليف‬
‫محضة فكانت من أهم المهم ات‪ .‬وقد أك ثر العلم اء من أص حابنا الش افعيين‬
‫وغ يرهم من العلم اء من التص نيف في الف روع من المبس وطات‬
‫والمختصرات (‪ ،)3‬وأودعوا فيها من االحكام والقواعد واالدلة وغيرها من‬
‫النفائس الجليالت‪ ،‬ما هو معلوم مشهور عند أهل العنايات‪ .‬وكانت مصنفات‬
‫أص حابنا رحمهم هللا في نهاية من الك ثرة فص اوت منتش رات‪ ،‬مع ما هي‬
‫عليه من االختالف في االختب ارات‪ ،‬فص ار ال يحقق الم ذهب من أجل ذلك‬
‫إال أفراد من‬

‫] ‪[ 113‬‬
‫الم وفقين الغوض ين المطلعين أص حاب الهمم العالي ات‪ ،‬فوفق هللا س بحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬وله الحمد ‪ -‬من متأخري أصحابنا من جمع هذه الطرق المختلفات‪،‬‬
‫ونقح المذهب أحسن تنقيح‪ ،‬وجمع منتشره بعبارات وجيزات‪ ،‬وح وى جميع‬
‫ما وقع له من الكتب المشهورات‪ ،‬وهو إالم ام الجليل الم برز المتض لع من‬
‫علم الم ذهب أبو القاسم ال رافعي (‪ )1‬ذو التحقيق ات (‪ ،)2‬ف أتى في كت اب‬
‫(شرح الوجيز) بما ال كبير مزيد عليه من االس تيعاب مع االيج از واالتق ان‬
‫وإيضاح العبارات‪ ،‬فش كر هللا الك ريم له س عيه وأعظم له المثوب ات‪ ،‬وجمع‬
‫بينن وبينه مع أحبابنا في دار كرامته مع أولى ال درجات وقد عظم انتف اع‬
‫أهل عصرنا بكتابه لما جمعة من جميل الصفات‪ ،‬ولكنه كبير الحجم ال يقدر‬
‫على تحص يله أك ثر الن اس في معظم االوق ات‪ .‬ف ألهمني هللا س بحانه ‪ -‬وله‬
‫الحمد ‪ -‬أن أختص ره في قليل من المجل دات‪ ،‬فش رعت فيه قاص دا تس هيل‬
‫الطريق إلى االنتف اع به الولي الرغب ات‪ ،‬أس لك فيه ‪ -‬إن ش اء هللا ‪ -‬طريقة‬
‫متوس طة بين المنالغة في االختص ار وااليض اح فإنها من المطلوب ات‪،‬‬
‫وأحذف االدلة في معظمه وأشير إلى الخفي منها إشارات‪ ،‬وأستوعب جميع‬
‫فقه الكت اب ح تى الوج وه الغربية المنك رات‪ ،‬وأقتصر على االحك ام دون‬
‫المؤاخ ذات اللفظي ات‪ ،‬وأضم إليه في أك ثر الم واطن تفريع ات‪ ،‬وتتم ات‪،‬‬
‫وأذكر مواضع يسيرة على االمام الرافعي فيها استدراكات (‪ ،)3‬منبها على‬
‫ذلك ‪ -‬ق ائال في أول ه‪ :‬قلت‪ :‬وفي آخ ره‪ :‬وهللا أعلم ‪ -‬في جميع الح االت‪.‬‬
‫وألتزم ترتيب الكتاب ‪ -‬إال نادرا ‪ -‬لغرض من المقاصد الص الحات‪ ،‬وأرجو‬
‫‪ -‬إن تم هذا الكتاب ‪ -‬أن من حصله أحاط بالمذهب‬

‫] ‪[ 114‬‬
‫وحصل له أكمل الوث وق به أدرك حكم جميع ما يحت اج إليه من المس ائل‬
‫الواقعات‪ .‬وما أكره غريبا من الزيادات‪ ،‬غير مضاف إلى قائله‪ ،‬قص دت به‬
‫االختص ار‪ ،‬وقد بينتها في (ش رح المه ذب) وذكرتها فيه مض افات‪ .‬وحيث‬
‫أقول‪ :‬على الجديد‪ ،‬فالقديم خالفه‪ ،‬أو‪ :‬الق ديم‪ ،‬فالجديد خالف ه‪ ،‬أو‪ :‬على ق ول‬
‫أو وجه‪ ،‬فالصحيح خالفه‪ .‬وحيث أقول‪ :‬على الص حيح أو االص ح‪ ،‬فهو من‬
‫الوجهين‪ .‬وحيث أقول‪ :‬على االظهر‪ ،‬أو‪ :‬المشهور‪ ،‬فهو من الق ولين‪ .‬وحيث‬
‫أق ول‪ :‬على الم ذهب‪ ،‬فهو من الط ريقين أو الط رق‪ .‬وإذا ض عف الخالف‪،‬‬
‫قلت‪ :‬على الصحيح‪ ،‬أو المشهور‪ .‬وإذا قوي‪ ،‬قلت‪ :‬االصح‪ ،‬أو االظهر‪ ،‬وقد‬
‫أص رح ببي ان الخالف في بعض الم ذكورات‪ .‬واس تمدادي المعونة والهداية‬
‫والتوفيق والصيانة في جميع أم وري من رب االرض ين والس موات‪ .‬أس أله‬
‫التوفيق لحسن الني ات‪ ،‬االعانة على جميع أن واع الطاع ات‪ .‬وتيس يرها‬
‫والهداية لها دائما في ازدياد حتى الممات‪ .‬وأن يفعل ذلك بوالدي ومش ايخي‬
‫وأقرب ائي وإخ واني وس ائر من أحبه ويحب ني فيه وجميع المس لمين‬
‫والمس لمات‪ ،‬وأن يج ود علينا برض اه ومحبته ودوام طاعته وغ ير ذلك من‬
‫وجوه المسرات وأن ال ينزع منا ما وهبه لنا ومن به علينا من الموهوب ات‪،‬‬
‫من وجوه أجمعين‪ ،‬وكل من يقرأ هذا الكتاب به‪ ،‬وأن يج زان لنا العطي ات‪،‬‬
‫وأن يطهر قوبنا واالعراض عما سواه في جميع اللحظ ات‪ .‬اعتص مت باهلل‪،‬‬
‫ت وكلت على هللا‪ ،‬ما ش اء هللا‪ ،‬ال ح ول وال ق وة إال باهلل‪ .‬وحس بي هللا ونعم‬
‫‪.‬الوكيل‪ ،‬وله الحمد والنعمة‪ ،‬وبه التوفيق والعصمة‬
‫] ‪[ 115‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم كتاب (‪ )1‬الطهارة (‪ )2‬باب الم اء الط اهر ق ال هللا‬
‫تع الى‪( :‬وأنزلنا من الس ماء م اء طه ورا) (‪ .)3‬المطهر للح دث والخبث من‬
‫المائعات‪ ،‬الماء المطلق خاصة‪ ،‬وهو العاري عن االض افة الالزم ة‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫الب اقي على وصف خلقت ه‪ .‬وأما المس تعمل في رفع ح دث (‪ ،)4‬فط اهر‪،‬‬
‫وليس بطه ور على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬طه ور في الق ديم‪ .‬والمس تعمل في نقل‬
‫‪،‬الطهارة‪ ،‬كتجديد الوضوء‪ ،‬واالغسال المسنونة (‪)5‬‬

‫] ‪[ 116‬‬
‫والغسلة الثاني ة‪ ،‬والثالث ة‪ ،‬وم اء المضمض ة‪ ،‬طه ور على االص ح‪ .‬وأما ما‬
‫اغتس لت به كتابية عن حيض لتحل لمس لم (‪ ،)1‬ف إن قلن ا‪ :‬ال يجب إع ادة‬
‫الغسل إذا أس لمت‪ ،‬فليس بطه ور‪ .‬وإن أوجبناها ‪ -‬وهو االصح ‪ -‬فوجه ان‪،‬‬
‫االصح أنه ليس بطه ور‪ ،‬وما تطهر به لص الة النف ل‪ ،‬فمس تعمل‪ ،‬وك ذا ما‬
‫تطهر به الصبي على الصحيح‪ .‬والمس تعمل ال ذي ال يرفع الح دث‪ ،‬ال يزيل‬
‫النجس على الص حيح‪ .‬والمس تعمل في النجس إذا قلن ا‪ :‬إنه ط اهر‪ ،‬ال يرفع‬
‫الح دث على الص حيح‪ .‬ولو جمع المس تعمل فبلغ قل تين‪ ،‬ع اد طه ورا في‬
‫االص ح‪ ،‬كما لو انغمس جنب في قل تين‪ ،‬فإنه طه ور بال خالف (‪ .)2‬ولو‬
‫انغمس جنب فيما دون قل تين ح تى عم جميع بدن ه‪ ،‬ثم ن وى (‪ ،)3‬ارتفعت‬
‫جنابته بال خالف‪ ،‬وصار الماء في الحال مستعمال بالنسبة إلى غيره على‬

‫] ‪[ 117‬‬
‫الص حيح‪ .‬ومقتضى كالم االص حاب أنه ال يص ير مس تعمال بالنس بة إلى‬
‫المنغمس حتى يخرج منه‪ ،‬وهو مشكل‪ .‬وينبغي أن يصير مستعمال الرتف اع‬
‫الح دث‪ .‬ولو انغمس فيه جنب ان‪ ،‬ونويا معا بعد تم ام االنغم اس‪ ،‬ارتفعت‬
‫جنابتهما بال خالف‪ ،‬ولو ن وى الجنب قبل تم ام االنغم اس‪ ،‬إما في أول‬
‫المالق اة‪ ،‬وإما بعد غمس بعض الب دن‪ ،‬ارتفعت جنابة الج زء المالقي بال‬
‫خالف‪ ،‬وال يص ير الم اء مس تعمال‪ ،‬بل له أن يتم االنغم اس ويرتفع عن‬
‫الباقي (‪ )1‬على الصحيح المنصوص‪ .‬وقال الخضري (‪ :)2‬يصير مستعمال‪،‬‬
‫(‪ )3‬فال ترتفع عن الب اقي‪ .‬قلت‪ :‬ولو انغمس جنب ان‪ ،‬ون وى أح دهما قبل‬
‫ص احبه‪ ،‬ارتفعت جنابة الن اوي‪ ،‬وص ار مس تعمال بالنس بة إلى اآلخر على‬
‫الص حيح‪ .‬وإن (‪ )4‬نويا معا بعد غمس ج زء منهم ا‪ ،‬ارتفع عن جزءيهم ا‪،‬‬
‫وصار مستعمال بالنسبة إلى باقيهما على الصحيح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وما دام الم اء‬
‫مترددا على العضو‪ ،‬ال يثبت له حكم االستعمال‪ .‬قلت‪ :‬وإذا ج رى الم اء من‬
‫عضو المتوضئ إلى عضو‪ ،‬صار مستعمال‪ ،‬حتى لو انتقل من إحدى اليدين‬
‫إلى االخرى‪ ،‬صار مستعمال‪ ،‬وفي هذه الص ورة وجه ش اذ محكي في ب اب‬
‫التيمم‪ .‬من (البيان) أنه ال يصير‪ ،‬الن الي دين كعض و‪ .‬ولو انفصل من بعض‬
‫أعض اء الجنب إلى بعض ها‪ ،‬فوجه ان‪ ،‬االصح عند ص احبي (الح اوي) و‬
‫(البحر)‪ :‬ال يصير‪ .‬والراجح عند الخراسانيين (‪ )5‬يص ير‪ ،‬وبه قطع جماعة‬
‫‪،‬منهم‪ .‬وقال إمام الحرمين (‪ :)6‬إن نقله قصدا‪ ،‬صار‪ ،‬وإال‬

‫] ‪[ 118‬‬
‫فال (‪ .)1‬ولو غمس المتوضئ يده في االناء قبل الفراغ من غسل الوجه‪ ،‬لم‬
‫يصر مس تعمال‪ .‬وإن غمس ها بعد فراغه من الوجه بنية رفع الح دث‪ ،‬ص ار‬
‫مس تعمال‪ .‬وإن ن وى االغ تراف‪ ،‬لم يص ر‪ ،‬وإن لم ينو ش يئا‪ ،‬فالص حيح أنه‬
‫يصير‪ ،‬وقطع البغوي (‪ )2‬بأنه ال يصير‪ .‬والجنب بعد الني ة‪ ،‬كالمح دث (‪)3‬‬
‫بعد غسل الوج ه‪ .‬وأما الم اء ال ذي يتوضأ به الحنفي وغ يره ممن ال يعتقد‬
‫وجوب نية الوضوء‪ ،‬فاالصح أنه يصير (‪ .)4‬والث اني‪ :‬ال يص ير‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫إن ن وى‪ ،‬ص ار‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ ،‬ولو [ ن وى ] (‪ )5‬غسل رأسه ب دل مس حه‪،‬‬
‫فاالصح أنه مس تعمل‪ ،‬كما لو اس تعمل في طهارته أك ثر من ق در حاجته (‬
‫‪ ،)6.‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 119‬‬
‫فصل فيما يط رأ على الم اء ‪ 6‬وض ابط الفص ل‪ :‬أن ما يس لب اسم الم اء‬
‫المطلق‪ ،‬يمنع الطه ارة ب ه‪ ،‬وما ال‪ ،‬فال‪ .‬فمن ذلك المتغ ير تغ يرا يس يرا بما‬
‫يستغنى عنه‪ ،‬كالزعفران‪ ،‬فاالصح أنه طهور‪ ،‬والمتغ ير كث يرا بما يج اوره‬
‫وال يختلط به‪ ،‬كع ود‪ ،‬ودهن‪ ،‬وش مع (‪ ،)1‬طه ور على االظه ر‪ .‬والك افور‬
‫نوعان‪ .‬أحدهما‪ :‬يذوب في الماء ويختلط به‪ .‬والثاني‪ :‬ال يذوب‪ .‬فاالول يمنع‪،‬‬
‫والث اني ك العود‪ .‬وأما المتغ ير بما ال يمكن ص ون الم اء عن ه‪ ،‬ك الطين‪،‬‬
‫والطحلب (‪ ،)2‬والك بريت‪ ،‬والن ورة (‪ ،)3‬وال زرنيخ (‪ ،)4‬في مقر الم اء‬
‫ومم ره‪ ،‬وال تراب ال ذي يث ور وينبث في الم اء‪ ،‬والمتغ ير بط ول المكث‪،‬‬
‫والمس خن‪ ،‬فطه ور‪ .‬قلت‪ :‬وال كراهة في اس تعمال شئ من ه ذه المتغ يرات‬
‫بما ال يصان عن ه‪ ،‬وال في م اء البحر وم اء زم زم (‪ ،)5‬وال في المس خن‬
‫ولو بالنجاس ة‪ .‬ويك ره ش ديد الح رارة وال برودة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬والمش مس في‬
‫الحياض والبرك غير مك روه باالتف اق‪ ،‬وفي االواني مك روه على االص ح‪،‬‬
‫بشرط أن يك ون في البالد الح ارة‪ ،‬واالواني المنطبعة كالنح اس إال ال ذهب‬
‫‪.‬والفضة على االصح‪ .‬وعلى الثاني (‪ )6‬يكره مطلقا (‪)7‬‬

‫] ‪[ 120‬‬
‫قلت‪ :‬الراجح من حيث الدليل أنه ال يكره مطلقا‪ ،‬وهو مذهب أك ثر العلم اء‪،‬‬
‫وليس للكراهة دليل يعتم د‪ .‬وإذا قلنا بالكراه ة‪ ،‬فهي كراهة تنزي ه‪ ،‬ال تمنع‬
‫صحة الطه ارة‪ ،‬وتختص باس تعماله في الب دن‪ ،‬وت زول بتبري ده على أصح‬
‫الوج وه (‪ ،)1‬وفي الث الث‪ :‬يراجع االطب اء‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬وأما المتغ ير بما‬
‫يستغنى عنه‪ ،‬ك الزعفران‪ ،‬والجص‪ ،‬تغ يرا كث يرا‪ ،‬بحيث يس لب اسم الم اء‬
‫المطل ق‪ ،‬فليس بطه ور‪ .‬ولو حلف ال يش رب م اء‪ ،‬لم يحنث بش ربه‪ .‬ويكفي‬
‫تغ ير الطعم أو الل ون أو الرائحة على المش هور‪ ،‬وعلى الق ول الغ ريب‬
‫الضعيف يشترط اجتماعها‪ ،‬وعلى قول ثالث اللون وحده يسلب‪ ،‬وكذا الطعم‬
‫مع الرائحة‪ .‬وفي الجص‪ ،‬والن ورة‪ ،‬وغيرهما من أج زاء االرض وجه ش اذ‬
‫أنها ال تضر‪ .‬وأما المتغير بالتراب المطروح قصدا‪ ،‬فطهور على الصحيح‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬على المشهور‪ .‬والمتغير بالملح فيه أوجه‪ ،‬أص حها يس لب الجبلي منه‬
‫دون المائي‪ .‬والثاني‪ :‬يسلبان‪ .‬والثالث‪ :‬ال يس لبان‪ .‬والمتغ ير ب ورق االش جار‬
‫المتن اثرة بنفس ها إن لم تتفتت في الم اء‪ ،‬فهي ك العود‪ ،‬فيك ون طه ورا على‬
‫االظه ر‪ ،‬وإن تفتتت واختلطت‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬االص ح‪ :‬ال يض ر‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يضر‪ .‬والثالث‪ :‬يضر ال ربيعي دون الخ ريفي‪ .‬قاله الش يخ أبو زيد (‪ .)2‬وإن‬
‫‪.‬طرحت االوراق قصدا‪ ،‬ضر‬

‫] ‪[ 121‬‬
‫وقيل‪ :‬على االوجه (‪ .)1‬فرع إذا اختلط بالم اء الكث ير أو القليل م ائع يوافقه‬
‫في الصفات‪ ،‬كماء الورد المنقطع الرائحة‪ ،‬وماء الشجر‪ ،‬والماء المس تعمل‪،‬‬
‫فوجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬إن كان المائع قدرا لو خ الف الم اء في طعم أو ل ون أو‬
‫ريح لتغير التغير المؤثر‪ ،‬سلب (‪ )2‬الطهورية‪ ،‬وإن كان ال ي ؤثر مع تق دير‬
‫المخالفة‪ ،‬لم يس لب (‪ .)3‬والث اني‪ :‬إن ك ان الم ائع أقل من الم اء‪ ،‬لم يس لب‪.‬‬
‫وإن كان أكثر منه أو مثله‪ ،‬س لب‪ .‬وحيث لم يس لب‪ ،‬فالص حيح أنه يس تعمل‬
‫الجميع‪ .‬وقيل‪ :‬يجب أن يبقى ق در الم ائع‪ .‬وقي ل‪ :‬إن ك ان الم اء وح ده يكفي‬
‫لواجب الطهارة‪ ،‬فله استعمال الجمي ع‪ ،‬وإال بقي‪ .‬ف إن جوزنا الجمي ع‪ ،‬ومعه‬
‫من الماء ما ال يكفيه وحده‪ ،‬ولو كمله بمائع يهلك فيه لكفاه ‪ -‬لزمه ذل ك‪ ،‬إذا‬
‫لم يزيد قيمة المائع (‪ )4‬على ثمن ماء الطهارة (‪ .)5‬ويجري الخالف في‬

‫] ‪[ 122‬‬
‫استعمال الجميع فيما إذا استهلكت النجاسة المائعة في الماء الكثير‪ .‬وفيما إذا‬
‫استهلك الخليط الطاهر في الم اء‪ ،‬لقلته مع مخالفة أوص افه أوص اف الم اء‪.‬‬
‫ق ال االص حاب‪ :‬ف إن لم يتغ ير الم اء الكث ير‪ ،‬لموافقة النجاسة له في‬
‫االوصاف‪ ،‬فاالعتب ار بتق دير المخالفة بال خالف‪ ،‬لغلظ النجاس ة‪ ،‬واعت بروا‬
‫في النجاسة بالمخالف أشده صفة‪ ،‬وفي الطاهر اعتبروا الوسط المعتدل‪ ،‬فال‬
‫يعت بر في الطعم ح دة الخ ل‪ ،‬وال في الرائحة ذك اء المس ك‪ .‬قلت‪ :‬المتغ ير‬
‫ب المني ليس بطه ور على االص ح‪ .‬ولو تطهر بالم اء ال ذي ينعقد منه الملح‬
‫قبل أن يجم د‪ ،‬ج از على الم ذهب (‪ .)1‬وال ف رق في جميع مس ائل الفصل‬
‫بين القلتين‪ ،‬وفوقهما‪ ،‬ودونهم ا‪ .‬ولو أغلي الم اء‪ ،‬ف ارتفع من غليانه بخ ار‪،‬‬
‫وتولد منه رشح‪ ،‬فوجهان‪ .‬المختار منهما عند صاحب (البحر) أنه طه ور (‬
‫‪ .)2‬والثاني‪ :‬طاهر ليس بطهور‪ .‬ولو رشح من مائع آخر‪ ،‬فليس بطهور بال‬
‫خالف‪ ،‬كالعرق‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬باب بيان النجاسات (‪ )3‬والم اء النجس االعي ان‬
‫(‪ :)4‬جماد‪ ،‬وحيوان‪ .‬فالجماد‪ :‬ما ليس بحيوان‪ ،‬وال ك ان حيوان ا‪ ،‬وال ج زءا‬
‫من حي وان‪ ،‬وال خ رج من حي وان‪ ،‬وكله (‪ )5‬ط اهر‪ ،‬إال الخم ر‪ ،‬وكل نبيذ‬
‫مسكر‪ .‬وفي النبيذ وجه شاذ‬

‫] ‪[ 123‬‬
‫مذكور في (البيان) أنه طاهر‪ ،‬الختالف العلماء في إباحته (‪ .)1‬وفي الخمر‬
‫المحترمة وجه شاذ‪ ،‬وكذا في باطن العنقود المستحيل خمرا وجه أنه طاهر‪.‬‬
‫وأما الحيوانات‪ ،‬فط اهرة‪ ،‬إال الكلب‪ ،‬والخ نزير‪ ،‬وما تولد من أح دهما‪ .‬ولنا‬
‫وجه شاذ‪ ،‬أن الدود المتولد من الميتة نجس العين‪ ،‬كولد الكلب‪ ،‬وهذا الوجه‬
‫غلط‪ ،‬والص واب‪ :‬الج زم بطهارت ه‪ .‬وأما الميت ات‪ ،‬فكلها نجس ة‪ ،‬إال الس مك‬
‫والجراد‪ ،‬فإنهما طاهران باالجماع‪ ،‬وإال اآلدمي‪ ،‬فإنه ط اهر على االظه ر‪،‬‬
‫وإال الجنين الذي يوجد ميتا بعد ذك اة أم ه‪ ،‬والص يد ال ذي ال ت درك ذكات ه‪،‬‬
‫فإنهما ط اهران بال خالف‪ .‬وأما الميتة ال تي ال نفس لها س ائلة‪ ،‬كال ذباب‬
‫وغيره‪ .‬فهل تنجس الماء وغ يره من المائع ات إذا م اتت فيها ؟ فيه ق والن‪.‬‬
‫االظهر ال تنجسه‪ ،‬وهذا في حي وان االجن بي (‪ )2‬من الم ائع‪ ،‬أما ما منش ؤه‬
‫في ه‪ ،‬فال ينجسه بال خالف‪ .‬فلو أخ رج منه وط رح في غ يره‪ ،‬أو رد إلي ه‪،‬‬
‫عاد القوالن‪ .‬فإن قلنا‪ :‬تنجس المائع‪ ،‬فهي [ أيضا ] (‪ )3‬نجس ة‪ ،‬وإن قلن ا‪ :‬ال‬
‫تنجسه (‪ ،)4‬فهي أيضا نجسة على قول الجمهور وهو المذهب‪ .‬وقال القفال‬
‫(‪ :)5‬ليست بنجس ة‪ .‬ثم ال ف رق في الحكم بنجاسة ه ذا الحي وان بين ما تولد‬
‫من الطع ام‪ ،‬ك دود الخ ل‪ ،‬والتف اح‪ ،‬وما [ ال ] (‪ )6‬يتولد من ه‪ ،‬كال ذباب‪،‬‬
‫والخنفساء‪ ،‬لكن يختلفان في‬

‫] ‪[ 124‬‬
‫تنجيس ما ماتا فيه‪ ،‬وفي جواز أكله‪ ،‬فإن غ ير المتول د‪ ،‬ال يحل أكل ه‪ ،‬وفي‬
‫المتولد أوجه‪ .‬االصح‪ :‬يحل أكله مع ما تولد منه‪ ،‬وال يحل منف ردا‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يحل مطلقا‪ .‬والثالث‪ :‬يحرم مطلقا (‪ .)1‬واالوجه جاري ة‪ ،‬س واء قلنا بطه ارة‬
‫هذا الحيوان على ق ول القف ال (‪ ،)2‬أو بنجاس ته على ق ول الجمه ور‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ولو كثرت الميتة التي ال نفس لها سائلة‪ ،‬فغيرت الم اء أو الم ائع‪ ،‬وقلن ا‪ :‬ال‬
‫تنجسه من غ ير تغ ير‪ ،‬فوجه ان مش هوران‪ .‬االصح تنجس ه‪ ،‬النه متغ ير‬
‫بالنجاسة‪ .‬والثاني‪ :‬ال تنجسه‪ ،‬ويك ون الم اء ط اهرا غ ير مطه ر‪ ،‬ك المتغير‬
‫بالزعفران‪ .‬وقال إمام الحرمين‪ :‬هو كالمتغير ب ورق الش جر (‪ .)3‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فرع في أجزاء الحيوان‪ :‬االصل أن ما انفصل من حي فهو نجس‪ ،‬ويستثنى‬
‫الشعر المجزوز من مأكول اللحم في الحياة‪ ،‬والص وف‪ ،‬وال وبر‪ ،‬وال ريش‪،‬‬
‫فكلها ط اهرة باالجم اع (‪ .)4‬والمتن اثر والمنت وف ط اهر على الص حيح‪،‬‬
‫ويستثنى أيضا شعر اآلدمي‪ ،‬والعضو المب ان من ه‪ ،‬ومن الس مك‪ ،‬والج راد‪،‬‬
‫ومشيمة (‪ )5‬اآلدمي‪ ،‬فهذه كلها طاهرة على المذهب وهذا ال ذي ذكرن اه في‬
‫الشعور‬

‫] ‪[ 125‬‬
‫تفريع على المذهب في نجاسة الشعر بالموت‪ .‬فرع في المنفصل عن ب اطن‬
‫الحيوان‪ :‬هو قسمان‪ :‬أحدهما‪ :‬ليس له اجتم اع‪ ،‬واس تحالة في الب اطن‪ ،‬وإنما‬
‫يرشح رش حا‪ .‬والث اني‪ :‬يس تحيل ويجتمع في الب اطن ثم يخ رج‪ .‬ف االول‪،‬‬
‫كاللعاب‪ ،‬وال دمع‪ ،‬والع رق‪ ،‬والمخ اط‪ ،‬فله حكم الحي وان المترشح من ه‪ ،‬إن‬
‫كان نجسا فنجس‪ ،‬وإال‪ ،‬فطاهر‪ .‬والثاني‪ :‬كالدم (‪ ،)1‬والبول‪ ،‬والعذرة (‪،)2‬‬
‫والروث (‪ ،)3‬والقئ (‪ .)4‬وهذه كلها نجسة من جميع الحيوان (‪ ،)5‬أي (‪)6‬‬
‫مأكول اللحم وغيره‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران‪ .‬وهو‬
‫أحد قولي أبي سعيد االصطخري (‪ )7‬من أصحابنا‪ ،‬واخت اره الروي اني (‪)8‬‬
‫‪.‬وهو مذهب مالك (‪ )9‬وأحمد (‪)10‬‬

‫] ‪[ 126‬‬
‫والمع روف من الم ذهب النجاس ة‪ .‬وهل يحكم بنجاسة ه ذه الفض الت من‬
‫رس ول هللا (ص) ؟ وجه ان‪ .‬ق ال الجمه ور‪ :‬نعم (‪ .)1‬وفي ب ول الس مك‪،‬‬
‫والج راد‪ ،‬ودمهما وروثهم ا‪ ،‬وروث ما ليس له نفس س ائلة‪ ،‬وال دم المتحلب‬
‫من الكبد‪ ،‬والطحال‪ ،‬وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬النجاسة (‪ .)2‬وأما اللبن‪ ،‬فط اهر من‬
‫مأكول اللحم (‪ )3‬باالجماع‪ ،‬ونجس من الحيوان النجس‪ ،‬وطاهر من اآلدمي‬
‫على الصحيح‪ ،‬وقيل‪ :‬نجس (‪ .)4‬ولكن يربى (‪ )5‬به‬

‫] ‪[ 127‬‬
‫الص بي للض رورة‪ .‬وأما غ ير اآلدمي مما ال يؤك ل‪ ،‬فلبنه نجس على‬
‫الصحيح‪ .‬وقال االصطخري‪ :‬ط اهر‪ .‬وأما االنفح ة‪ ،‬ف إن أخ ذت من الس خلة‬
‫بعد موته ا‪ ،‬أو بعد أكلها غ ير اللبن‪ ،‬فنجسة بال خالف (‪ )1‬وإن أخ ذت من‬
‫السخلة المذبوحة قبل أن يأكل غير اللبن‪ ،‬فوجه ان‪ ،‬الص حيح ال ذي قطع به‬
‫كثيرون طهارتها‪ .‬وأما المني‪ ،‬فمن اآلدمي طاهر‪ ،‬وقي ل‪ :‬فيه ق والن‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫القوالن في مني الم رأة خاصة (‪ ،)2‬والم ذهب االول‪ .‬لكن إن قلن ا‪ :‬رطوبة‬
‫فرج المرأة نجسة‪ ،‬نجس منيها بمالقاتها‪ ،‬كما لو ب ال (‪ )3‬الرجل ولم يغسل‬
‫ذك ره بالم اء‪ ،‬ف إن منيه ينجس بمالق اة (‪ )4‬المحل النجس‪ .‬وأما م ني غ ير‬
‫‪،‬اآلدمي‪ ،‬فمن الكلب والخنزير وفرع أحدهما نجس‬

‫] ‪[ 128‬‬
‫ومن غيرهما فيه أوجه‪ ،‬أصحها نجس‪ .‬والثاني‪ :‬طاهر‪ .‬والث الث‪ :‬ط اهر من‬
‫م أكول اللحم‪ ،‬نجس من غ يره‪ ،‬ك اللبن‪ .‬قلت‪ :‬االصح عند المحققين‬
‫واالكثرين‪ ،‬الوجه الثاني‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬وأما البيض‪ ،‬فطاهر من المأكول‪ ،‬وفي‬
‫غيره الوجهان في منيه‪ ،‬ويجريان في بزر القز‪ ،‬فإنه أصل الدود‪ ،‬ك البيض‪.‬‬
‫وأما دود الق ز‪ ،‬فط اهر بال خالف‪ ،‬كس ائر الحي وان‪ ،‬وأما المسك فط اهر‪،‬‬
‫وفي فأرته المنفصلة في حي اة الظبية وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬الطه ارة‪ ،‬ك الجنين‪.‬‬
‫فإن انفصلت بعد موتها‪ ،‬فنجسة على الص حيح‪ ،‬ك اللبن‪ .‬وط اهرة في وج ه‪،‬‬
‫كالبيض المتصلب‪ ،‬وأما الزرع النابت على السرجين‪ .‬فقال االصحاب‪ :‬ليس‬
‫هو نجس العين‪ ،‬لكن ينجس بمالقاة النجاسة‪ .‬فإذا غسل‪ ،‬طه ر‪ ،‬وإذا س نبل‪،‬‬
‫فحباته الخارجة ط اهرة‪ .‬قلت‪ :‬القيح نجس‪ ،‬وك ذا م اء الق روح إن ك ان‬
‫متغ يرا‪ ،‬وإال فال على الم ذهب‪ .‬ودخ ان النجاسة نجس في االص ح‪ ،‬وهو‬
‫مذكور في باب‪ :‬ما يكره لبسه‪ .‬وليست رطوبة فرج المرأة‪ ،‬والعلق ة‪ ،‬بنجس‬
‫في االصح (‪ ،)1‬وال المض غة على الص حيح‪ ،‬والم رة نجس ة‪ ،‬وك ذا ج رة‬
‫البع ير‪ .‬وأما الم اء ال ذي يس يل من فم الن ائم‪ ،‬فق ال المت ولي (‪ :)2‬إن ك ان‬
‫متغيرا‪ ،‬فنجس‪ .‬وإال فطاهر‪ .‬وقال غيره‪ :‬إن ك ان من الله وات‪ ،‬فط اهر‪ ،‬أو‬
‫من المع دة‪ ،‬فنجس‪ .‬ويع رف كونه من الله وات ب أن ينقطع إذا ط ال نوم ه‪.‬‬
‫وإذا ش ك‪ ،‬فاالصل ع دم النجاس ة‪ ،‬واالحتي اط غس له‪ .‬وإذا حكم بنجاس ته‪،‬‬
‫وعمت بلوى ش خص ب ه‪ ،‬لكثرته من ه‪ ،‬فالظ اهر أنه يلتحق ب دم ال براغيث‪،‬‬
‫‪.‬وسلس البول‪ ،‬ونظائره‬

‫] ‪[ 129‬‬
‫قال القاضي حسين (‪ )1‬والمتولي والبغوي وآخ رون‪ :‬لو أكلت بهيمة حبا ثم‬
‫ألقته صحيحا‪ ،‬فإن كانت صالبته باقية‪ ،‬بحيث لو زرع نبت‪ ،‬فعينه ط اهرة‪،‬‬
‫ويجب غسل ظاهره‪ ،‬النه وإن ص ار غ ذاء لها فما تغ ير إلى فس اد‪ ،‬فص ار‬
‫كما لو ابتلع ن واة‪ .‬وإن زالت ص البته‪ ،‬بحيث ال ينبت‪ ،‬فنجس العين‪ .‬ق ال‬
‫المتولي‪ :‬والوسخ المنفصل من اآلدمي في حمام وغيره‪ ،‬له حكم ميتته‪ ،‬وكذا‬
‫الوسخ المنفصل عن س ائر الحي وان له حكم ميتت ه‪ .‬وفيما قاله نظ ر‪ .‬وينبغي‬
‫أن يكون طاهرا قطعا‪ ،‬ك العرق‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في الم اء الراك د‪ :‬إعلم أن‬
‫الراكد‪ :‬قليل‪ ،‬وكثير‪ ،‬فالكثير‪ :‬قلت ان‪ ،‬والقلي ل‪ :‬دون ه‪ .‬والقلت ان‪ :‬خمس ق رب‪.‬‬
‫وفي قدرها باالرطال أوجه‪ .‬الصحيح المنصوص‪ :‬خمسمائة رطل بالبغدادي‬
‫(‪ .)2‬والث اني‪ :‬س تمائة‪ .‬قاله أبو عبد هللا الزب يري (‪ .)3‬واخت اره القف ال‪،‬‬
‫والغزالي (‪ .)4‬والث الث‪ :‬ألف رط ل‪ .‬قاله أبو زي د‪ .‬واالصح أن ه ذا التق دير‬
‫تقريب‪ ،‬فال يضر نقصان القدر الذي ال يظهر بنقصانه‬
‫] ‪[ 130‬‬
‫تفاوت في التغير بالقدر المعين من االشياء المغيرة (‪ .)1‬والثاني‪ :‬أنه تحديد‪:‬‬
‫فيضر أي شئ نقص‪ .‬قلت‪ :‬االش هر (‪ - )2‬تفريعا على التق ريب ‪ -‬أنه يعفى‬
‫عن نقص رطلين‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالثة ونحوه ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬مائة رطل (‪ .)3‬وإذا وقعت‬
‫في الماء القليل نجاسة وشك‪ :‬هل هو قلتان‪ ،‬أم ال ؟ فالذي ج زم به ص احب‬
‫(الح اوي) وآخ رون‪ :‬أنه نجس (‪ ،)4‬لتحقق النجاس ة‪ .‬والم ام الح رمين فيه‬
‫احتماالن‪ ،‬والمخت ار‪ ،‬بل الص واب‪ :‬الج زم بطهارت ه‪ ،‬الن االصل طهارت ه‪،‬‬
‫وشككنا في نجاسة (‪ )5‬منجس ة‪ ،‬وال يل زم من النجاسة التنجيس (‪ .)6‬وق در‬
‫القلتين بالمساحة‪ :‬ذراع وربع طوال وعرضا وعمقا (‪ .)7‬وهللا أعلم‪ .‬ثم الماء‬
‫القليل ينجس بمالق اة النجاسة الم ؤثرة‪ ،‬تغ ير أم ال‪ .‬وأما غ ير الم ؤثرة‪،‬‬
‫كالميتة ال تي ال نفس لها س ائلة‪ ،‬ونجاسة ال ي دركها ط رف‪ ،‬وول وغ ه رة‬
‫تنجس فمها ثم غابت واحتمل طهارت ه‪ ،‬فال ينجس على الم ذهب‪ ،‬كما س بق‬
‫في الصورة االولى‪ ،‬وسيأتي االخريان إن شاء هللا تعالى‪ .‬واخت ار الروي اني‬
‫من أص حابنا‪ :‬أنه ال ينجس إال ب التغير‪ ،‬والص حيح المع روف‪ ،‬االول‪ .‬وأما‬
‫‪،‬الكثير‪ ،‬فينجس بالتغير بالنجاسة لالجماع (‪ ،)8‬سواء قل التغير أم كثر‬

‫] ‪[ 131‬‬
‫وس واء تغ ير الطعم أو الل ون أو الرائح ة‪ ،‬وكل ه ذا متفق عليه ها هن ا‪،‬‬
‫بخالف ما تق دم في الط اهر‪ .‬وس واء ك انت النجاسة المالقية مخالطة أم‬
‫مج اورة‪ ،‬وفي المج اورة وجه ش اذ‪ :‬أنها ال تنجس ه‪ .‬وأما إذا ت روح الم اء‬
‫بجيفة ملق اة على شط النه ر‪ ،‬فال ينجس‪ ،‬لع دم المالق اة‪ ،‬وإن القى الكث ير‬
‫النجاسة ولم يتغ ير لقلة النجاسة واس تهالكها‪ ،‬لم ينجس‪ ،‬ويس تعمل جميعه‬
‫على الصحيح‪ .‬وعلى وجه يبقى قدر النجاس ة‪ .‬وإن لم يتغ ير لموافقتها الم اء‬
‫في االوصاف‪ ،‬قدر بما يخالف‪ ،‬كما سبق في (باب الط اهر)‪ .‬وأما إذا تغ ير‬
‫بعض ه‪ ،‬فاالصح نجاسة جميع الم اء‪ ،‬وهو الم ذكور في (المه ذب) وغ يره‪.‬‬
‫وفي وجه ال ينجس إال المتغير‪ .‬قلت‪ :‬االصح ما قاله القفال‪ ،‬وصاحب التتمة‬
‫وآخرون‪ :‬أن المتغ ير‪ ،‬كنجاسة جام دة‪ .‬ف إن ك ان الب اقي دون قل تين‪ ،‬فنجس‬
‫وإال‪ ،‬فطاهر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم إن زال تغير المتغير بالنجاسة (‪ )1‬بنفس ه‪ ،‬طهر‬
‫على الصحيح‪ .‬وقال االصطخري‪ :‬ال يطه ر‪ .‬وهو ش اذ‪ .‬وإن لم يوجد رائحة‬
‫النجاس ة‪ ،‬لط رح المسك في ه‪ ،‬أو طعمه ا‪ ،‬لط رح الخ ل‪ ،‬أو لونه ا‪ ،‬لط رح‬
‫الزعفران‪ ،‬لم يطهر باالتفاق (‪ .)2‬وإن ذهب التغير بطرح التراب‪ ،‬فق والن‪:‬‬
‫أظهرهما ال يطه ر‪ ،‬للشك في زوال التغ ير‪ .‬وإن ذهب ب الجص والن ورة‬
‫وغيرهما مما ال يغلب وصف التغ ير‪ ،‬فهو ك التراب على الص حيح‪ ،‬وقي ل‪:‬‬
‫كالمسك‪ .‬ثم قال بعضهم‪ :‬الخالف في مسألة التراب إذا كان التغير بالرائحة‪.‬‬
‫وأما تغير اللون‪ ،‬فال يؤثر فيه التراب قطعا‪ .‬واالصول المعتم دة س اكتة عن‬
‫هذا التفصيل‪ .‬قلت‪ :‬بل قد صرح المحاملي (‪ ،)3‬والفوراني (‪ ،)4‬وآخرون‪:‬‬
‫بجريان‬

‫] ‪[ 132‬‬
‫الخالف في التغير بالصفات الثالث‪ ،‬وقد أوضحت ذلك في ش رح المه ذب)‬
‫(‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع النجاسة ال تي ال ي دركها الط رف (‪ ،)2‬كنقطة خم ر‪،‬‬
‫وبول يسيرة‪ ،‬ال تبصر لقلتها وكذبابة تقع على نجاس ة‪ ،‬ثم تط ير عنه ا‪ ،‬هل‬
‫ينجس الم اء والث وب كالنجاسة المدرك ة‪ ،‬أم يعفى عنها ؟ فيه س بع ط رق‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬يعفى عنها فيهما‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ .‬والثالث‪ :‬فيهما ق والن‪ .‬والراب ع‪ :‬تنجس‬
‫الم اء‪ ،‬وفي الث وب ق والن‪ ،‬والخ امس‪ :‬ينجس الث وب‪ ،‬وفي الم اء ق والن‪،‬‬
‫والسادس‪ :‬ينجس الماء دون الثوب‪ .‬والسابع‪ :‬عكس ه‪ .‬واخت ار الغ زالي العفو‬
‫فيهما‪ ،‬وظاهر المذهب ‪ -‬عند المعظم ‪ -‬خالفه‪ .‬قلت‪ :‬المختار عن جماعة من‬
‫المحققين ما اخت اره الغ زالي‪ ،‬وهو االص ح‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع الم اء القليل‬
‫النجس إذا كوثر فبلغ قلتين‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك وثر بغ ير الم اء‪ ،‬لم يطه ر‪ ،‬بل لو‬
‫كمل الطاهر الناقص عن قلتين بماء ورد بلغهما به وصار مستهلكا‪ ،‬ثم وقع‬
‫فيه نجاس ة‪ ،‬نجس‪ ،‬وإن لم يتغ ير‪ .‬وإنما ال تقبل النجاسة قلت ان من الم اء‬
‫المحض‪ .‬وإن ك وثر بالم اء المس تعمل‪ ،‬ع اد مطه را على االص ح‪ .‬وعلى‬
‫الثاني‪ :‬هو كماء الورد‪ .‬وإن كوثر بماء غير مستعمل‪ ،‬طاهر أو نجس‪ ،‬ع اد‬
‫مطهرا بال خالف‪ ،‬وهل يشترط أن ال يكون فيه نجاسة جام دة ؟ فيه خالف‬
‫التباع د‪ ،‬ه ذا كله إذا بلغ قل تين وال تغ ير في ه‪ .‬أما إذا ك وثر فلم يبلغهم ا‪،‬‬
‫‪.‬فاالصح أنه باق على نجاسته‬

‫] ‪[ 133‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه طاهر غير طه ور‪ ،‬بش رط أن يك ون المك اثر به مطه را‪ ،‬وأن‬
‫يكون أك ثر من الم ورود علي ه‪ ،‬وأن ي ورده على النجس‪ ،‬وأن ال يك ون فيه‬
‫نجاسة جام دة ف إن اختل أحد ه ذه (‪ )1‬الش روط‪ ،‬فنجس بال خالف‪ .‬وال‬
‫يش ترط شئ من ه ذه الش روط االربعة فيما إذا ك وثر فبلغ قل تين‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا‬
‫ال ذي ص ححه هو االص ح‪ ،‬وعند الخراس انيين‪ :‬وهو االص ح‪ .‬واالصح عند‬
‫العراق يين‪ :‬الث اني‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬والمعت بر في المك اثرة الضم والجم ع‪ ،‬دون‬
‫الخلط‪ ،‬حتى لو ك ان أحد البعض ين ص افيا‪ ،‬واآلخر ك درا‪ ،‬وانض ما‪ ،‬زالت‬
‫النجاسة من غ ير توقف على االختالط الم انع من التمي يز‪ .‬وم تى حكمنا‬
‫بالطهارة في هذه الصور ففرق‪ ،‬لم يض ر‪ ،‬وهو ب اق على طهوريت ه‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة‪ ،‬فقوالن‪ :‬أظهرهما وهو القديم‪،‬‬
‫أنه يجوز االغتراف من أي موضع شاء‪ ،‬وال يجب التباعد النه طاهر كل ه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الجدي د‪ :‬يجب أن يبعد عن النجاسة بق در قل تين‪ ،‬فعلى ه ذا ال يكفي‬
‫في البحر التباعد بشبر نظرا إلى العم ق‪ ،‬بل يتباعد ق درا لو حسب مثله في‬
‫العمق وسائر الجوانب لبلغ قل تين‪ .‬فلو ك ان الم اء منبس طا بال عم ق‪ ،‬تباعد‬
‫طوال وعرضا قدرا يبلغ قل تين في ذلك العم ق‪ .‬وق ال محمد بن يح يى (‪:)2‬‬
‫في ه ذه الص ورة يجب أن يبعد إلى موضع يعلم أن النجاسة لم تنتشر إلي ه‪.‬‬
‫أما إذا كان الماء قلتين فقط‪ ،‬فعلى الجدي د‪ :‬ال يج وز االغ تراف من ه‪ .‬وعلى‬
‫القديم‪ :‬يج وز على االص ح‪ .‬ثم في المس ألة االولى يحتمل أن يك ون الخالف‬
‫في جواز اس تعمال الم اء عن (‪ )3‬غ ير تباع د‪ ،‬مع القطع بطه ارة الجمي ع‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون في االستعمال مبنيا على خالف في نجاسته‪ ،‬وقد نقل‬

‫] ‪[ 134‬‬
‫عن الشيخ أبي محمد (‪ ،)1‬نقل االتفاق على االحتمال االول (‪ .)2‬قلت‪ :‬هذا‬
‫التوقف من االم ام ال رافعي عجب‪ ،‬فقد ج زم وص رح باالحتم ال االول‬
‫جماع ات من كب ار أص حابنا‪ ،‬منهم الش يخ أبو حامد االس فراييني (‪،)3‬‬
‫والقاضي أبو الطيب (‪ ،)4‬وص احب (الح اوي) والمح املي‪ ،‬وص احبا‬
‫(الشامل) و (البيان) وآخرون من العراقيين والخراسانيين‪ .‬وقطع جماعة من‬
‫الخراسانيين على قول التباعد ب أن يك ون المجتنب نجس ا‪ ،‬ك ذا قاله القاضي‬
‫حسين‪ ،‬وإمام الحرمين‪ ،‬والبغوي‪ ،‬وغيرهم‪ .‬حتى قال هؤالء الثالثة‪ :‬لو كان‬
‫قل تين فق ط‪ ،‬ك ان نجسا على ه ذا الق ول‪ .‬والص واب‪ :‬االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬إذا‬
‫غمس كوز ممتلئ ماء نجسا في ماء كث ير ط اهر‪ ،‬ف إن ك ان واسع ال رأس‪،‬‬
‫فاالصح أنه يع ود طه ورا‪ ،‬وإن ك ان ض يقه‪ ،‬فاالصح أنه ال يطه ر‪ .‬وإذا‬
‫حكمنا بأنه‬
‫] ‪[ 135‬‬
‫طه ور في الص ورتين‪ ،‬فهل يص لح ذلك على الف ور‪ ،‬أم ال بد من زم ان‬
‫ي زول فيه التغ ير لو ك ان متغ يرا ؟ فيه وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬الث اني‪ .‬ويك ون‬
‫الزمان في الضيق أكثر منه في الواسع‪ .‬فإن كان ماء الك وز متغ يرا‪ ،‬فال بد‬
‫من زوال تغيره‪ ،‬ولو كان الكوز غ ير ممتلئ‪ ،‬فما دام ي دخل فيه الم اء‪ ،‬فال‬
‫اتصال‪ ،‬وهو على نجاسته‪ .‬قلت‪ :‬إال أن يدخل فيه أكثر من الذي فيه‪ ،‬فيكون‬
‫حكمه ما س بق في المك اثرة‪ .‬ق ال القاضي حس ين‪ ،‬وص احب (التتم ة)‪ :‬ولو‬
‫كان ماء الكوز ط اهرا‪ ،‬فغمسه في م اء (‪ )1‬نجس ينقص عن القل تين بق در‬
‫ماء الكوز‪ ،‬فهل يحكم بطهارة النجس ؟ فيه الوجه ان (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫ماء البئر كغيره في قبول النجاسة وزواله ا‪ ،‬ف إن ك ان قليال وتنجس بوق وع‬
‫نجاسة‪ ،‬فال ينبغي أن ينزح لينبع الماء الطه ور بع ده‪ ،‬النه وإن ن زح‪ ،‬فقعر‬
‫البئر يبقى نجسا‪ ،‬وقد تنجس جدران البئر أيضا‪ ،‬بالنزح‪ ،‬بل ينبغي أن يترك‬
‫ليزداد (‪ )3‬فيبلغ حد الكثرة‪ .‬وإن كان نبعها قليال ال تتوقع كثرت ه‪ ،‬صب فيها‬
‫ماء ليبلغ الكثرة‪ ،‬ويزول التغ ير إن ك ان تغ ير‪ .‬وطريق زواله على ما تق دم‬
‫من االتفاق والخالف‪ .‬وإن كان الم اء كث يرا ط اهرا‪ ،‬وتفتت فيه شئ نجس‪،‬‬
‫كف أرة تمعط ش عرها‪ ،‬فقد يبقى على طهوريته لكثرت ه‪ ،‬وع دم التغ ير‪ ،‬لكن‬
‫يتع ذر اس تعماله‪ ،‬النه ال ي نزح دل وا إال وفيه شئ من النجاس ة‪ ،‬فينبغي أن‬
‫يستقى الماء كله‪ ،‬ليخرج الشعر منه‪ .‬ف إن ك انت العين ف وارة‪ ،‬وتع ذر ن زح‬
‫الجميع‪ ،‬نزح ما يغلب على الظن أن الشعر [ خرج كله ] (‪ )4‬معه‪ ،‬فما بقي‬
‫بعد ذلك في الب ئر وما يح دث‪ ،‬طه ور‪ ،‬النه غ ير مس تيقن النجاس ة‪ ،‬وال‬
‫مظنونها‪ ،‬وال يضر احتمال بقاء الشعر‪ .‬فان تحقق شعرا بعد ذلك‪ ،‬حكم ب ه‪.‬‬
‫فأما قبل ال نزح إلى الحد الم ذكور‪ ،‬إذا غلب على ظنه أنه ال يخلو كل دلو‬
‫عن شئ من النجاسة‪ ،‬لكن لم يتيقنه‪ ،‬ففي جواز‬

‫] ‪[ 136‬‬
‫استعماله القوالن في تقابل االصل والظاهر‪ .‬وه ذا ال ذي ذكرن اه في الش عر‬
‫تفريع على نجاسته بالموت‪ .‬ف ان لم تنجس ه‪ ،‬فرضت المس ألة في غ يره من‬
‫االجزاء‪ .‬فصل في الماء الجاري‪ :‬هو ضربان‪ :‬ماء االنه ار المعتدل ة‪ ،‬وم اء‬
‫االنهار العظيم ة‪ ،‬أما االول‪ :‬فالنجاسة الواقعة فيه مائعة وجام دة‪ ،‬والمائع ة‪:‬‬
‫مغ يرة وغيره ا‪ .‬ف المغيرة‪ :‬تنجس المتغ ير‪ .‬وحكم غ يره معه كحكمه مع‬
‫النجاسة الجامدة‪ .‬وغير المغيرة‪ :‬إن كان عدم التغير للموافقة في االوص اف‪،‬‬
‫فحكمه ما س بق في الراك د‪ .‬إن ك ان لقلة النجاسة وأمحاقها في ه‪ ،‬فظ اهر‬
‫المذهب‪ ،‬وقول الجمهور‪ :‬أنه كالراكد‪ .‬وإن كان قليال ينجس‪ .‬وإن كان كث يرا‬
‫فال‪ .‬وقال الغزالي‪ :‬هو طاهر (‪ )1‬مطلقا‪ ،‬وفي الق ديم‪ :‬ال ينجس الج اري إال‬
‫ب التغير‪ [ .‬قلت‪ :‬واخت ار جماعة الطه ارة‪ ،‬منهم إم ام الح رمين وص احب‬
‫(الته ذيب) ] (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬وأما النجاسة الجام دة‪ ،‬كالميت ة‪ ،‬ف إن غ يرت‬
‫الماء‪ ،‬نجسته‪ ،‬وإن لم تغيره‪ ،‬فتارة تقف‪ ،‬وتارة تجري مع الماء‪ ،‬فان جرت‬
‫جرية (‪ ،)3‬فما قبلها وما بع دها ط اهران‪ .‬وما على يمينها وش مالها وفوقها‬
‫وتحته ا‪ ،‬إن وإن ك ان قليال‪ ،‬فنجس‪ ،‬وإن ك ان قل تين‪ ،‬فقي ل‪ :‬ط اهر‪ ،‬وقي ل‪:‬‬
‫على ق ولي التباع د‪ .‬وإن وقفت النجاس ة‪ ،‬وج رى الم اء عليه ا‪ ،‬فحكمه حكم‬
‫الجاري ة‪ ،‬ويزيد ها هنا أن الج اري على النجاسة وهو قلي ل‪ ،‬ينجس‬
‫بمالقاته ا‪ ،‬وال يج وز اس تعماله إال أن يجتمع في موضع قلت ان من ه‪ ،‬وفيه‬
‫وجه أنه إذا تباعد واغ ترف من موضع بينه وبين النجاسة قلت ان‪ ،‬ج از‬
‫استعماله‪ ،‬والصحيح االول‪ .‬وعليه يقال‪ :‬م اء هو ألف قل ة‪ ،‬نجس بال تغ ير‪،‬‬
‫فه ذه ص ورته‪ .‬أما النهر العظيم‪ ،‬فال يجتنب فيه ش ئ‪ ،‬وال ح ريم النجاس ة‪،‬‬
‫وال يجئ فيه‬

‫] ‪[ 137‬‬
‫الخالف في التباعد عما حوالي النجاس ة‪ .‬وفيه وجه ش اذ أنه يج زئ‪ ،‬ووجه‬
‫أنه يجب اجتن اب الح ريم خاص ة‪ ،‬وبه قطع الغ زالي‪ ،‬وط رده في ح ريم‬
‫الراكد أيضا‪ .‬والمذهب‪ :‬القطع بأنه ال يجب اجتناب الحريم في الجاري‪ ،‬وال‬
‫في الراكد‪ .‬ثم العظيم‪ :‬ما أمكن التباعد فيه عن ج وانب النجاسة كلها بقل تين‪.‬‬
‫والمعتدل‪ :‬ما ال يمكن ذلك فيه‪ .‬ومن المعت دل‪ :‬النهر ال ذي بين حافتيه قلت ان‬
‫فق ط‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬المعت دل‪ :‬ما يمكن تغ يره بالنجاس ات المعت ادة‪.‬‬
‫والعظيم‪ :‬ما ال يمكن تغ يره به ا‪ .‬وأما الح ريم‪ :‬فما ينسب إلى النجاسة‬
‫بتحريكه إياها‪ ،‬وانعطافه عليها‪ ،‬والتفافه بها‪ .‬قلت‪ :‬غ ير الم اء من المائع ات‬
‫ينجس بمالقاة النجاسة وإن كثر‪ .‬وإنما ال ينجس الماء لقوته (‪ .)1‬ولو توضأ‬
‫من بئر‪ ،‬ثم أخرج منها دجاجة منتفخ ة‪ ،‬لم يلزمه أن يعيد من ص الته إال ما‬
‫تيقن أنه صالها بالماء النجس‪ .‬ذك ره ص احب (الع دة) (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬ب اب‬
‫إزالة النجاسة النجس ض ربان‪ :‬نجس العين‪ ،‬وغ يره‪ ،‬فنجس العين‪ :‬ال يطهر‬
‫بح ال‪ ،‬إال الخم ر‪ ،‬فتطهر بالتخل ل‪ ،‬وجلد الميتة بال دباغ‪ .‬والعلقة والمض غة‬
‫وال دم ال ذي هو حشو البيض ة‪ ،‬إذا نجس نا الثالثة فاس تحالت حيوان ات (‪.)3‬‬
‫وأما غ ير نجس العين‪ ،‬فض ربان‪ :‬نجاسة عيني ة‪ ،‬وحكمي ة‪ ،‬فالحكمي ة‪ :‬هي‬
‫ال تي تيقن وجودها وال تحس‪ ،‬ك البول إذا جف على المحل ولم يوجد له‬
‫‪،‬رائحة وال أثر‪ ،‬فيكفي إجراء الماء على محلها مرة‪ ،‬ويسن ثانية‬
‫] ‪[ 138‬‬
‫وثالثة‪ .‬وأما العيني ة‪ :‬فال بد من محاولة إزالة ما وجد منها من طعم‪ ،‬ول ون‪،‬‬
‫وريح‪ ،‬فان فعل ذلك فبقي (‪ )1‬طعم‪ ،‬لم يطه ر‪ ،‬وإن بقي الل ون وح ده وهو‬
‫س هل االزال ة‪ ،‬لم يطه ر‪ .‬وإن ك ان عس رها‪ ،‬ك دم الحيض يص يب الث وب‪،‬‬
‫وربما ال يزول بعد المبالغة‪ ،‬واالستعانة بالحت والق رص‪ ،‬طه ر‪ .‬وفيه وجه‬
‫ش اذ أنه ال يطه ر‪ ،‬والحت والق رص ليسا بش رط‪ ،‬بل مس تحبان عند‬
‫الجمهور‪ ،‬وقيل‪ :‬هما شرط‪ ،‬وإن بقيت الرائحة وحدها وهي عسرة االزال ة‪،‬‬
‫كرائحة الخم ر‪ ،‬فق والن‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬أظهرهما يطه ر‪ .‬وإن بقي الل ون‬
‫والرائحة معا‪ ،‬لم يطهر على الصحيح‪ ،‬ثم الصحيح الذي قاله الجمه ور‪ ،‬إن‬
‫ما (‪ )2‬حكمنا بطهارته مع بقاء لون أو رائح ة‪ ،‬فهو ط اهر حقيق ة‪ ،‬ويحتمل‬
‫أنه نجس معفو عن ه‪ .‬وقد أش ار إليه في (التتم ة) ثم بعد زوال العين يسن‬
‫غسله‪ ،‬ثانية‪ ،‬وثالث ة‪ ،‬وال يش ترط في حص ول الطه ارة عصر الث وب على‬
‫االصح‪ ،‬بناء على طهارة الغسالة‪ .‬وإن قلنا بالضعيف‪ :‬إن العصر شرط‪ ،‬قام‬
‫مقامه الجفاف على االصح‪ ،‬النه أبلغ في زوال الم اء‪ .‬ف رع‪ :‬ما ذكرن اه من‬
‫طهارة المحل بالعصر أو دونه‪ :‬هو فيما إذا ورد الم اء على المح ل‪ ،‬أما إذا‬
‫ورد الم اء المحل النجس‪ ،‬ك الثوب يغمس في إجانة فيها م اء ويغسل فيه ا‪،‬‬
‫ففيه وجهان‪ :‬الصحيح الذي قاله االكثرون‪ :‬ال يطهر‪ ،‬وقال ابن س ريج (‪:)3‬‬
‫يطهر‪ ،‬ولو ألقته الريح فيه والماء دون قلتين‪ ،‬نجس الم اء أيضا بال خالف‪.‬‬
‫فرع‪ :‬إذا أصاب االرض بول فصب عليها ماء غمره واستهلك فيه‪ ،‬طه رت‬
‫بعد نض وب الم اء‪ ،‬وقبله وجه ان‪ .‬إن قلن ا‪ :‬العصر ال يجب‪ ،‬طه رت‪ .‬وإن‬
‫‪:‬قلنا‬

‫] ‪[ 139‬‬
‫واجب‪ ،‬لم يطه ر‪ .‬فعلى ه ذا ال يتوقف الحكم بالطه ارة على الجف اف‪ ،‬بل‬
‫يكفي أن يغيض الماء كالثوب المعصور‪ .‬ويكفي أن يك ون الم اء المص بوب‬
‫غامرا للنجاسة على الصحيح‪ ،‬وقيل‪ :‬يشترط أن يكون سبعة أضعاف البول‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يشترط أن يصب على بول الواحد ذنوب‪ ،‬وعلى بول االثنين ذنوبان‪،‬‬
‫وعلى هذا أبدا‪ ،‬ثم الخمر‪ ،‬وسائر النجاس ات المائعة ك البول‪ ،‬يطهر االرض‬
‫عنها بغمر الم اء بال تق دير على الم ذهب‪ .‬ف رع‪ :‬اللبن النجس‪ :‬ض ربان‪.‬‬
‫مختلط بنجاسة جامدة‪ ،‬كالروث وعظام الميتة‪ ،‬وغير مختل ط‪ .‬ف االول‪ :‬نجس‬
‫ال طريق إلى تطه يره‪ ،‬لعين النجاس ة‪ .‬ف ان طبخ‪ ،‬فالم ذهب ‪ -‬وهو الجديد ‪-‬‬
‫أنه على نجاسته‪ .‬وفي القديم ق ول‪ :‬أن االرض النجسة تطهر ب زوال أك ثر (‬
‫‪ )1‬النجاسة‪ ،‬بالشمس‪ ،‬والريح‪ ،‬ومرور الزمن‪ .‬فخرج أبو زيد‪ ،‬والخضري‪،‬‬
‫وآخرون منه قوال‪ :‬ان النار ت ؤثر‪ ،‬فيطهر ظ اهره ب الطبخ‪ .‬فعلى الجدي د‪ :‬لو‬
‫غسل‪ ،‬لم يطهر على الصحيح المنصوص‪ .‬وقال ابن المرزبان (‪ )2‬والقفال‪:‬‬
‫يطهر ظ اهره‪ .‬وأما غ ير المختلط ك المعجون بم اء نجس‪ ،‬أو ب ول‪ ،‬فيطهر‬
‫ظاهره بإفاضة الماء عليه‪ ،‬ويطهر باطنه بأن ينقع في الماء ح تى يصل إلى‬
‫جميع أجزائ ه‪ ،‬ك العجين بم ائع نجس‪ .‬ه ذا إن لم يطبخ‪ ،‬ف إن طبخ‪ ،‬طهر ‪-‬‬
‫على تخ ريج أبي زيد ‪ -‬ظ اهره‪ ،‬وك ذا باطن ه‪ ،‬على االظه ر‪ ،‬وأما على‬
‫الجديد‪ ،‬فهو على نجاس ته‪ ،‬ويطهر بالغسل ظ اهره دون باطن ه‪ ،‬وإنما يطهر‬
‫باطنه بأن يدق حتى يصير ترابا‪ ،‬ثم يفاض الماء علي ه‪ ،‬فلو ك ان بعد الطبخ‬
‫رخ وا ال يمنع نف وذ الم اء‪ ،‬فهو كما قبل الطبخ‪ .‬قلت‪ :‬إذا أص ابت النجاسة‬
‫شيئا صقيال‪ ،‬كسيف‪ ،‬وسكين‪ ،‬ومرآة‪ ،‬لم يطهر‬

‫] ‪[ 140‬‬
‫بالمسح عندنا‪ ،‬بل البد من غسلها‪ .‬ولو سقيت سكين م اء نجس ا‪ ،‬ثم غس لها‪،‬‬
‫طهر ظاهرها‪ .‬وهل يطهر باطنها بمج رد الغس ل‪ ،‬أم ال يطهر ح تى يس قيها‬
‫مرة ثانية بم اء طه ور ؟ وجه ان‪ .‬ولو طبخ لحم بم اء نجس‪ ،‬ص ار ظ اهره‬
‫وباطنه نجس ا‪ ،‬وفي كيفية طهارته وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يغسل ثم يعصر (‪،)1‬‬
‫كالبساط‪ .‬والثاني‪ :‬يشترط أن يغلى بماء طه ور‪ .‬وقطع القاضي حس ين (‪،)2‬‬
‫والمتولي‪ ،‬في مسألتي الس كين واللحم‪ :‬بأنه يجب س قيها م رة ثانية وإغالؤه‪.‬‬
‫واختار الشاشي االكتفاء بالغسل‪ ،‬وهو المنصوص‪ .‬قال الش افعي (‪ )3‬رحمه‬
‫هللا (‪ )4‬في (االم) في (باب صالة الخ وف)‪ :‬لو أحمى حدي دة ثم صب عليها‬
‫س ما نجس ا‪ ،‬أو غمس ها فيه فش ربته‪ ،‬ثم غس لت بالم اء‪ ،‬طه رت‪ ،‬الن‬
‫الطه ارات كلها إنما جعلت ما يظه ر‪ ،‬ليس على االج واف‪ .‬ه ذا نصه‬
‫بحروفه‪ .‬قال المتولي‪ :‬وإذا شرطنا سقي السكين‪ ،‬ج از أن يقطع بها االش ياء‬
‫الرطبة قبل السقي‪ ،‬كما يقطع اليابسة (‪ .)5‬ولو أصابت الزئبق نجاس ة‪ ،‬ف إن‬
‫لم يتقطع‪ ،‬طهر‬

‫] ‪[ 141‬‬
‫بصب الماء عليه‪ ،‬وإن تقطع‪ ،‬كالدهن‪ ،‬ال يمكن تطهيره على االصح‪ ،‬ذكره‬
‫المح املي‪ ،‬والبغ وي‪ .‬وإزالة النجاسة ال تي لم يعص ب التلطخ بها في بدن ه‪،‬‬
‫ليست على الفور‪ ،‬وإنما يجب عند إرادة الصالة ونحوها‪ .‬ويستحب المبادرة‬
‫بها‪ .‬قال المتولي‪ ،‬وغيره‪ :‬للم اء ق وة عند ال ورود على النجاس ة‪ ،‬فال ينجس‬
‫بمالقاته ا‪ ،‬بل يبقى مطه را‪ ،‬فلو ص به على موضع النجاسة من ث وب‬
‫فانتشرت الرطوبة في الث وب‪ ،‬ال يحكم بنجاسة موضع الرطوب ة‪ ،‬ولو صب‬
‫الم اء في إن اء نجس‪ ،‬ولم يتغ ير بالنجاس ة‪ ،‬فهو طه ور‪ .‬ف إذا أداره على‬
‫جوانبه‪ ،‬طهرت الج وانب كله ا‪ .‬ق ال‪ :‬ولو غسل ث وب عن نجاس ة‪ ،‬ف وقعت‬
‫عليه نجاسة عقب عص ره‪ .‬هل يجب غسل جميع الث وب‪ ،‬أم يكفي غسل‬
‫موضع النجاسة ؟ وجهان‪ :‬الص حيح‪ :‬الث اني (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ال واجب‬
‫في إزالة النجاسة الغس ل‪ ،‬إال في ب ول ص بي لم يطعم‪ ،‬ولم يش رب س وى‬
‫اللبن‪ ،‬فيكفي فيه ال رش (‪ ،)2‬وال بد فيه من إص ابة الم اء جميع موضع‬
‫البول‪ .‬ثم اليراده ثالث درجات‪ ،‬االولى‪ :‬النضج المج رد‪ .‬الثاني ة‪ :‬النضح مع‬
‫الغلبة والمك اثرة‪ .‬الثالث ة‪ :‬أن ينضم إلى ذلك الس يالن‪ ،‬فال حاجة في ال رش‬
‫إلى الثالثة قطعا‪ ،‬ويكفي االولى على وجه‪ ،‬ويحتاج إلى الثانية على االصح‪.‬‬
‫وال يلحق ببول الصبي‪ ،‬بول الصبية ؟ بل يتعين غسله على الص حيح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وفي (التتمة) وجه شاذ‪ :‬أن الص بي‪ ،‬كالص بية‪ ،‬فيجب الغس ل‪ .‬ق ال البغ وي‪:‬‬
‫وبول الخنثى كاالنثى من أي فرجيه خرج‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬طه ارة ما ولغ‬
‫فيه الكلب أو تنجس بدم ه‪ ،‬أو بول ه‪ ،‬أو عرق ه‪ ،‬أو ش عره‪ ،‬أو غيرها من‬
‫أجزائه وفض الته‪ ،‬أن يغسل س بع م رات‪ ،‬إح داهن ب تراب‪ ،‬وفيما س وى‬
‫‪،‬الولوغ وجه شاذ أنه يكفي غسله مرة‪ ،‬كسائر النجاسات‪ .‬والخنزير‬

‫] ‪[ 142‬‬
‫كالكلب على الجديد‪ ،‬وفي القديم‪ :‬يكفي مرة كغيره‪ ،‬وقيل‪ :‬القديم كالنجاس ات‬
‫(‪ ،)1‬وال يقوم الصابون واالشنان ونحوهما مقام التراب على االظهر (‪،)2‬‬
‫كالتيمم‪ .‬ويق وم في الث اني‪ :‬كال دباغ واالس تنجاء‪ .‬والث الث‪ :‬إن وجد تراب ا‪ ،‬لم‬
‫يقم‪ .‬وإال‪ ،‬قام‪ .‬وقيل‪ :‬يقوم فيما يفسده التراب‪ ،‬كالثي اب‪ ،‬دون االواني‪ .‬أما إذا‬
‫اقتصر على الم اء وغس له ثم اني م رات‪ ،‬ففيه أوج ه‪ .‬االص ح‪ :‬ال يطه ر‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬يطه ر‪ .‬والث الث‪ :‬يطهر عند ع دم ال تراب دون وج وده‪ .‬وال يكفي‬
‫غمس االناء والث وب في الم اء الكث ير (‪ )3‬على االص ح‪ .‬وال يكفي ال تراب‬
‫النجس على االصح‪ ،‬كالتيمم (‪ .)4‬ولو تنجست أرض ترابية بنجاسة الكلب‪،‬‬
‫كفى الم اء وح ده على االص ح‪ ،‬إذ ال مع نى لتعف ير ال تراب‪ ،‬وال يكفي في‬
‫استعمال التراب ذره على المحل‪ ،‬بل ال بد من مائع يمزجه (‪ )5‬ب ه‪ ،‬ليصل‬
‫ال تراب بواس طته إلى جميع أج زاء المح ل‪ .‬ف إن ك ان الم ائع م اء‪ ،‬حصل‬
‫الغرض‪ ،‬وإن كان غيره‪ ،‬كالخل وماء ال ورد‪ ،‬وغس له س تا بالم اء (‪ ،)6‬لم‬
‫‪.‬يكف على الصحيح‪ ،‬كما لو غسل السبع بالخل والتراب‬

‫] ‪[ 143‬‬
‫قلت‪ :‬لو ولغ في االناء كالب‪ ،‬أو كلب مرات‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح يكفيه‬
‫للجميع س بع‪ .‬والث اني‪ :‬يجب لكل ولغة س بع‪ .‬والث الث‪ :‬يكفي لولغ ات الكلب‬
‫الواحد سبع‪ ،‬ويجب لكل كلب سبع‪ .‬ولو وقعت نجاسة أخرى في االناء الذي‬
‫ولغ فيه الكلب (‪ ،)1‬كفى سبع‪ ،‬ولو ك انت نجاسة الكلب عيني ة‪ ،‬كدم ه‪ ،‬فلم‬
‫ت زل إال بست غس الت مثال‪ ،‬فهل يحسب ذلك س تا أم واح دة‪ ،‬أم ال يحسب‬
‫شيئا ؟ فيه ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬واحدة (‪ .)2‬ويس تحب أن يك ون ال تراب في‬
‫غير الس ابعة‪ .‬واالولى أولى‪ .‬ولو ولغ في م اء لم ينقص بولوغه عن قل تين‪،‬‬
‫فهو ب اق على طهوريت ه‪ ،‬وال يجب غسل االن اء‪ .‬ولو ولغ في شئ نجس ه‪،‬‬
‫فأصاب ذلك الشئ آخر‪ ،‬وجب غسله س بعا‪ .‬ولو ولغ في طع ام جام د‪ ،‬ألقى‬
‫ما أصابه وما حوله‪ ،‬وبقي الباقي على طهارته‪ ،‬وإذا لم يرد استعمال االن اء‬
‫ال ذي ولغ في ه‪ ،‬ال يجب إراقته على الص حيح ال تي قطع به الجمه ور‪ .‬وفي‬
‫(الح اوي) وجه أنه يجب إراقته على الف ور‪ ،‬للح ديث الص حيح (‪ )3‬ب االمر‬
‫بإراقته‪ .‬ولو ولغ في ماء كثير متغير بالنجاس ة‪ ،‬ثم أص اب ذلك الم اء ثوب ا‪،‬‬
‫قال الروياني‪ :‬قال القاضي حسين‪ :‬يجب غسله س بعا إح داهن ب التراب‪ ،‬الن‬
‫الم اء المتغ ير بالنجاس ة‪ ،‬كخل تنجس‪ .‬ولو ولغ حي وان تولد من كلب‪ ،‬أو‬
‫خنزير وغيره‪ ،‬أو من كلب وخ نزير‪ ،‬فقد نقل فيه ص احب (الع دة) الخالف‬
‫في الخ نزير النه ليس كلب ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬س ؤر اله رة ط اهر‪ ،‬لطه ارة‬
‫عينها‪ ،‬وال يكره‪ ،‬فلو تنجس فمها‪ ،‬ثم‬

‫] ‪[ 144‬‬
‫ولغت في ماء قليل فثالثة أوج ه‪ .‬االصح أنها إن غ ابت واحتمل ولوغها في‬
‫ماء يطهر فمها‪ ،‬ثم ولغت‪ ،‬لم تنجس ه‪ ،‬وإال نجس ته‪ .‬والث اني‪ :‬تنجسه مطلق ا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬عكسه‪ .‬قلت‪ :‬وغير الماء من المائعات‪ ،‬كالماء‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في‬
‫غس الة النجاسة إن تغ ير بعض أوص افها بالنجاس ة‪ ،‬فنجس ة‪ .‬وإال ف إن ك ان‬
‫قلتين‪ ،‬فطاهرة بال خالف‪ .‬قلت‪ :‬ومطهرة على الم ذهب (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬وإن‬
‫ك ان (‪ )2‬دونهم ا‪ ،‬فثالثة أق وال‪ .‬وقي ل‪ :‬أوج ه‪ .‬أظهره ا‪ :‬وهو الجدي د‪ ،‬أن‬
‫حكمها حكم المحل بعد الغس ل‪ ،‬إن ك ان نجسا بع د‪ ،‬فنجس ة‪ .‬وإال‪ ،‬فط اهرة‬
‫غ ير مطه رة‪ .‬والث اني‪ - :‬وهو الق ديم ‪ -‬حكمها حكمها قبل الغس ل‪ ،‬فيك ون‬
‫مطه رة‪ .‬والث الث‪ :‬وهو مخ رج من رفع الح دث‪ ،‬حكمها حكم المحل قبل‬
‫الغسل‪ ،‬فيكون نجسة‪ .‬ويخ رج على ه ذا الخالف غس الة ول وغ الكلب‪ ،‬ف إذا‬
‫وقع من الغس لة االولى شئ على ث وب‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬لم يحتج إلى غس له على‬
‫القديم‪ .‬ويغسل لحصول المرة وطهورية الباقي ستا على الجديد‪ ،‬وسبعا على‬
‫المخ رج‪ .‬ولو وقع من الس ابعة‪ ،‬لم يغسل على االول والث اني‪ .‬ويغسل على‬
‫الثالث مرة‪ .‬ومتى وجب الغسل عنها‪ ،‬فإن سبق التعفير‪ ،‬لم يجب لطهوريته‪،‬‬
‫وإال وجب‪ .‬وفي وجه‪ ،‬لكل غسلة سبع‪ ،‬حكم المحل‪ ،‬فيغسل منها مرة‪ ،‬وهذا‬
‫‪.‬يتضمن التسوية بين غسلة التعفير وغيرها‬

‫] ‪[ 145‬‬
‫ف رع‪ :‬إذا لم تتغ ير الغس الة‪ ،‬ولكن زاد وزنه ا‪ ،‬فطريق ان‪ .‬أص حهما القطع‬
‫بالنجاس ة‪ .‬والث اني على االق وال (‪ ،)1‬واعلم أن الخالف الم ذكور هو في‬
‫المستعمل‪ ،‬في واجب الطهارة‪ .‬أما المستعمل في من دوبها‪ ،‬كالغس لة الثاني ة‪،‬‬
‫فطهور على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬على القولين االولين دون الثالث‪ .‬باب االجته اد‬
‫(‪ )2‬في الم اء المش تبه إذا اش تبه إن اءان‪ :‬ط اهر‪ ،‬ونجس‪ ،‬فثالثة أوج ه‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز استعمال أحدهما إال باالجتهاد‪ ،‬وظه ور عالمة تغلب‬
‫على الظن طهارت ه‪ ،‬ونجاسة الم تروك‪ .‬والث اني‪ :‬يكفي ظن الطه ارة بال‬
‫عالم ة‪ .‬والث الث‪ :‬يس تعمل أح دهما بال اجته اد وال ظن‪ ،‬وس واء علم نجاسة‬
‫أح دهما بمش اهدتها‪ ،‬أو ظنها بإخب ار من تقبل روايته من ح ر‪ ،‬أو عب د‪ ،‬أو‬
‫امرأة‪ .‬وفي الصبي المميز وجهان‪ .‬قلت‪ :‬االصح عند الجمه ور ال يقبل ق ول‬
‫المميز‪ ،‬ويقبل قول (‪ )3‬االعمى بال خالف (‪ .)4‬وهللا أعلم‪ .‬ويشترط أن يعلم‬
‫من حال المخبر‪ ،‬أنه ال يخبر (‪ )5‬عن حقيقة (‪ ،)6‬وسواء أخبره‬

‫] ‪[ 146‬‬
‫بنجاسة أح دهما على االبه ام‪ ،‬أم بعين ه‪ ،‬ثم اش تبه‪ ،‬فيجتهد في الجمي ع‪ .‬ولو‬
‫انصب أحدهما‪ ،‬أو صبه‪ ،‬فثالثة أوجه‪ .‬أص حها‪ :‬يجتهد في الب اقي‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫ال يجوز االجته اد‪ ،‬بل ي تيمم‪ .‬والث الث‪ :‬يس تعمله بال اجته اد عمال باالص ل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬االصح عند المحققين واالك ثرين ‪ -‬أو الكث يرين ‪ :-‬أنه ال يج وز‬
‫االجته اد‪ ،‬بل ي تيمم ويص لي وال يعيد وإن لم يرق ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولالجته اد‬
‫ش روط‪ .‬االول‪ :‬أن يك ون للعالمة مج ال‪ ،‬ك االواني‪ ،‬والثي اب‪ .‬أما إذا اختلط‬
‫بعض محارمه بأجنبي ة‪ ،‬أو أجنبي ات محص ورات‪ ،‬فال يج وز نك اح واح دة‬
‫منهن باالجتهاد‪ .‬الث اني‪ :‬أن يتأيد االجته اد باستص حاب الطه ارة‪ .‬فلو اش تبه‬
‫م اء بب ول‪ ،‬أو بم اء ورد‪ ،‬أو ميتة بم ذكاة‪ ،‬أو لبن بقر بلبن أت ان‪ .‬لم يجتهد‬
‫على الصحيح‪ ،‬بل ي تيمم في مس ألة الب ول‪ .‬وفي مس ألة م اء ال ورد‪ ،‬يتوضأ‬
‫بكل واح دة م رة‪ .‬وقي ل‪ :‬يجته د‪ .‬وال بد من ظه ور عالمة بال خالف‪ ،‬وال‬
‫يجئ فيه الوجه الثاني في أول الب اب‪ .‬الث الث‪ :‬مختلف في ه‪ ،‬وهو العجز عن‬
‫اليقين‪ ،‬فلو تمكن منه‪ ،‬ج از االجته اد على االص ح‪ ،‬فيج وز في المش تبهين‪،‬‬
‫وإن ك ان معه ث الث ط اهر بيقين‪ ،‬أو ك ان على شط نهر أو اش تبه ثوب ان‬
‫ومعه ث الث ط اهر بيقين‪ ،‬أو قلت ان‪ :‬ط اهرة‪ ،‬ونجس ة‪ ،‬وأمكن خلطهما بال‬
‫تغير‪ ،‬أو اشتبه ماء مطلق بمستعمل‪ ،‬أو بماء ورد‪ ،‬قلنا‪ :‬يجوز االجته اد فيه‬
‫على االصح في الجمي ع‪ .‬الراب ع‪ :‬أن تظهر عالم ة‪ ،‬وقد تق دم أن الص حيح‪،‬‬
‫اشتراط العالمة‪ ،‬فلو لم تظهر‪ ،‬تيمم بعد إراقة الماءين‪ ،‬أو صب أحدهما في‬
‫اآلخ ر‪ ،‬فال إع ادة علي ه‪ .‬ف إن تيمم قبل ذل ك‪ ،‬وجبت إع ادة الص الة‪ .‬وأما‬
‫االعمى‪ ،‬فيجتهد على االظه ر‪ .‬ف إن لم يغلب على ظنه ش ئ‪ ،‬قلد على‬
‫االصح‪ .‬قلت‪ :‬فان قلنا‪ :‬ال يقل د‪ ،‬أو لم يجد من يقل ده‪ ،‬فوجه ان‪ .‬الص حيح أنه‬
‫يتيمم‪ ،‬ويصلي‪ ،‬وتجب االعادة‪ .‬والث اني‪ :‬يخمن ويتوضأ على أك ثر ما يق در‬
‫علي ه‪ ،‬وهو ظ اهر نص الش افعي رضي هللا عن ه‪ ،‬واخت اره القاضي أبو‬
‫‪.‬الطيب قال‪ :‬ويعيد‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 147‬‬
‫فرع إذا غلب على ظنه طهارة إناء‪ ،‬اس تحب أن يريق اآلخ ر‪ ،‬فلو لم يفعل‬
‫وص لى ب االول الص بح‪ ،‬فحض رت الظه ر‪ ،‬ف إن لم يبق من االول ش ئ‪ ،‬لم‬
‫يجب االجتهاد للظهر‪ .‬فلو اجتهد فظن طهارة الباقي‪ ،‬فالص حيح المنص وص‬
‫أنه ي تيمم وال يس تعمله‪ ،‬وخ رج ابن س ريج أنه يس تعمله‪ ،‬وال ي تيمم فيغسل‬
‫جميع ما أص ابه الم اء االول‪ ،‬ثم يتوض أ‪ ،‬وعلى ه ذا ال يعيد واح دة من‬
‫الصالتين‪ .‬وعلى المنصوص‪ :‬ال يعيد االولى‪ ،‬وال الثانية أيضا على االصح‪.‬‬
‫أما إذا بقي من االول ش ئ‪ ،‬ف ان ك ان يكفي طهارت ه‪ ،‬فهو كما إذا لم يبق‬
‫ش ئ‪ ،‬إال أنه يجب االجته اد للص الة الثاني ة‪ .‬وإذا ص الها ب التيمم‪ ،‬وجب‬
‫قضاؤها على الصحيح المنصوص‪ .‬وإن كان الباقي ال يكفي‪ ،‬فإن قلنا‪ :‬يجب‬
‫استعماله‪ ،‬كان كالكافي‪ ،‬وإال ك ان كما إذا لم يبق من االول ش ئ‪ .‬ولو صب‬
‫الماء الباقي مع بقية االول‪ ،‬أو الباقي إذا ك ان وح ده‪ ،‬ثم ص لى ب التيمم‪ ،‬فال‬
‫إع ادة عليه بال خالف‪ .‬ف رع الشئ ال ذي ال ي تيقن نجاس ته وال طهارت ه‪،‬‬
‫والغ الب في مثله النجاس ة‪ ،‬فيه ق والن‪ ،‬لتع ارض االصل (‪ .)1‬والظ اهر‪:‬‬
‫أظهرهما‪ :‬الطهارة‪ ،‬عمال باالصل‪ ،‬فمن ذلك ثي اب م دمني الخمر وأوانيهم‪،‬‬
‫وثياب القصابين‪ ،‬والصبيان‬

‫] ‪[ 148‬‬
‫الذين ال يتوقون النجاسة‪ ،‬وطين الشوارع حيث ال يستيقن‪ ،‬ومق برة شك في‬
‫نبش ها‪ ،‬وأواني الكف ار المت دينين باس تعمال النجاسة ك المجوس‪ ،‬وثي اب‬
‫المنهمكين في الخمر‪ ،‬والتل وث ب الخنزير من اليه ود والنص ارى‪ .‬وال يلحق‬
‫بهؤالء الذين ال يتدينون باستعمال النجاسة‪ ،‬كاليهود‪ ،‬والنصارى‪ .‬ف إن ألحقنا‬
‫غلبة الظن باليقين‪ ،‬واشتبه إناء طاهر بإناء الغالب في مثله النجاس ة‪ ،‬اجتهد‬
‫فيهما‪ .‬وإن رجحنا االص ل‪ ،‬فهما ط اهران‪ ،‬وربما أطلق االص حاب الق ولين‬
‫فيما إذا غلب على الظن النجاسة‪ ،‬لكن له ش رط‪ ،‬وهو أن تك ون غلبة الظن‬
‫مستندة إلى كون الغالب في مثله النجاسة‪ .‬فان لم يكن ك ذلك‪ ،‬لم يل زم ط رد‬
‫الق ولين‪ ،‬ح تى لو رأى ظبيه تب ول في م اء كث ير وهو بعيد من ه‪ ،‬فج اءه‪،‬‬
‫فوجده متغيرا‪ ،‬وشك‪ ،‬هل تغ ير ب البول‪ ،‬أم بغ يره ؟‪ ،‬فهو نجس‪ ،‬نص عليه‬
‫الش افعي رضي هللا عن ه‪ ،‬واالص حاب رحمهم هللا‪ .‬قلت‪ :‬الجمه ور حكم وا‬
‫بالنجاسة مطلقا‪ ،‬وبعضهم ق ال‪ :‬إن ك ان عه ده عن ق رب غ ير متغ ير‪ ،‬فهو‬
‫النجس‪ .‬وإن لم يعهده أص ال‪ ،‬أو ط ال عه ده‪ ،‬فهو ط اهر‪ ،‬الحتم ال التغ ير‬
‫بطول المكث‪ .‬واعلم أن االمام الرافعي اختصر هذا الباب جدا‪ ،‬وترك أك ثر‬
‫مسائله‪ .‬وأنا إن شاء هللا تعالى (‪ )1‬أشير إلى معظم ما تركه‪ .‬ق ال أص حابنا‪:‬‬
‫يج وز االجته اد في المش تبهين من الطع امين‪ ،‬وال دهنين‪ ،‬ونحوهم ا‪ ،‬في‬
‫الجنس‪ ،‬والجنسين‪ ،‬كلبن وخل تنجس أحدهما‪ ،‬وثوب وتراب‪ ،‬وطعام وماء‪،‬‬
‫ولنا وجه منكر أنه ال يج وز في الجنس ين‪ .‬حك اه الش يخ أبو حامد وغلط ه‪،‬‬
‫ولو اشتبه لبنان ومعه ثالث متيقن الطهارة‪ ،‬إن لم يكن مض طرا إلى ش ربه‪،‬‬
‫جاز االجتهاد فيهما‪ ،‬وإن اض طر‪ ،‬فعلى ال وجهين في الم اءين ومعه ث الث‪.‬‬
‫ولو أخبره بنجاسة أحد المش تبهين بعينه من يقبل خ بره‪ ،‬عمل ب ه‪ ،‬ولم يجز‬
‫االجتهاد‪ ،‬ف إن ك ان معه إن اءان‪ ،‬فق ال ع دل‪ :‬ولغ الكلب في ه ذا دون ذاك‪،‬‬
‫وقال آخر‪ :‬في ذاك دون هذا‪ ،‬حكم بنجاستهما‪ ،‬الحتم ال الول وغ في وق تين‪،‬‬
‫ف إن عينا وقتا بعين ه‪ ،‬عمل بق ول أوثقهما عن ده على المخت ار ال ذي قطع به‬
‫إمام الحرمين‪ .‬فإن استويا‪ ،‬فالمذهب‬
‫] ‪[ 149‬‬
‫أنه يس قط خبرهم ا‪ ،‬وتج وز الطه ارة بهما (‪ ،)1‬وفيه ط رق لالص حاب‪،‬‬
‫وتفريعات طويلة أوضحتها في ش رحي (المه ذب) (‪ )2‬و (التنبي ه) ولو ق ال‬
‫ع دل‪ :‬ولغ في ه ذا االن اء‪ ،‬ه ذا الكلب في وقت ك ذا‪ ،‬فق ال آخ ر‪ :‬ك ان ه ذا‬
‫الكلب في ذلك الوقت ببلد آخر‪ ،‬فاالصح طهارة االناء‪ ،‬للتعارض‪ ،‬والث اني‪:‬‬
‫النجاسة الش تباه الكالب‪ .‬ولو أدخل الكلب رأسه في االن اء‪ ،‬وأخرجه ولم‬
‫يعلم ولوغ ه‪ ،‬ف ان ك ان فمه يابس ا‪ ،‬فالم اء على طهارت ه‪ ،‬وإن ك ان رطب ا‪،‬‬
‫فاالصح‪ ،‬الطهارة لالصل‪ .‬والثاني‪ :‬النجاسة‪ ،‬للظ اهر‪ .‬وإذا توضأ ب المظنون‬
‫طهارت ه‪ ،‬ثم تيقن أنه ك ان نجس ا‪ ،‬أو أخ بره ع دل‪ ،‬لزمه إع ادة الص الة‪،‬‬
‫وغسل ما أصابه الماء من بدنه وثوب ه‪ .‬ويكفيه الغس لة الواح دة عن النجاسة‬
‫والحدث جميعا إذا ن وى الح دث‪ ،‬على أصح ال وجهين عند العراق يين‪ ،‬وهو‬
‫المختار‪ ،‬خالف ما جزم به الرافعي وجماعة من الخراس انيين‪ :‬أنه ال بد من‬
‫غسلتين‪ .‬ولنا قول شاذ في (الوسيط) وغيره‪ :‬أنه ال تجب إعادة هذه الصالة‪،‬‬
‫كنظ يره من القبل ة‪ .‬ولو توضأ بأحد المش تبهين من غ ير اجته اد‪ ،‬وص لى‪،‬‬
‫وقلنا بالصحيح‪ :‬أنه ال يجوز‪ ،‬فبان أن ال ذي توضأ به هو الط اهر‪ ،‬لم تصح‬
‫ص الته قطع ا‪ ،‬وال وض وؤه على االص ح‪ ،‬لتالعب ه‪ ،‬وكنظ يره في القبلة‬
‫وال وقت‪ .‬ولو اش تبه االن اءان على رجلين‪ ،‬فظن كل واحد طه ارة إن اء‬
‫باجتهاده‪ ،‬لم يقتد أحدهما باآلخر‪ .‬فلو ك انت اآلنية ثالث ة‪ ،‬نجس‪ ،‬وط اهران‪،‬‬
‫فاجتهد فيها ثالثة رجال‪ ،‬وتوضأ كل باناء‪ ،‬وأمهما واحد في الص بح‪ ،‬وآخر‬
‫في الظه ر‪ ،‬وآخر في العص ر‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح االش هر‪ :‬ق ول ابن‬
‫الحداد (‪ :)3‬يصح لكل واحد التي أم فيها‪ .‬واالقتداء‬

‫] ‪[ 150‬‬
‫االول‪ ،‬ويتعين الث اني للبطالن‪ .‬والث اني‪ :‬ق ول ابن الق اص (‪ :)1‬ال يصح له‬
‫إال التي أم فيها‪ .‬والثالث‪ :‬قول أبي إسحق المروزي (‪ :)2‬تصح التي أم فيها‪.‬‬
‫واالقتداء االول إن اقتصر عليه‪ .‬ف ان اقت دى ثاني ا‪ ،‬بطال جميع ا‪ .‬وإن زادت‬
‫اآلنية والمجتهدون‪ ،‬أو سمع من الرجال صوت ح دث‪ ،‬فتن اكروه‪ ،‬فحكم كله‬
‫خ ارج على ما ذكرت ه‪ ،‬وقد أوض حت كل ه ذا بأمثلته وأدلته في ش رحي‬
‫(المهذب) و (التنبي ه)‪ .‬وقد ذكر ال رافعي رحمه هللا المس ألة في ب اب (ص فة‬
‫االئمة) وهذا الموضع أنس ب‪ .‬ولو وجد قطعة لحم ملق اة‪ ،‬ف ان ك ان في البلد‬
‫مجوس ومسلمون‪ ،‬فنجسة‪ ،‬فإن تمحض المسلمون‪ ،‬فان كانت في خرق ة‪ ،‬أو‬
‫مكت ل‪ ،‬فط اهرة‪ ،‬وإن ك انت ملق اة مكش وفة‪ ،‬فنجس ة‪ .‬ولو اش تبهت ميتة‬
‫بمذكيات بلد‪ ،‬أو إناء بول بأواني بلد‪ ،‬فله أخذ بعضها باالجته اد بال خالف‪،‬‬
‫وإلى أي حد ينتهي ؟ فيه وجه ان م ذكوران في (البح ر) أص حهما إلى أن‬
‫يبقى واح د‪ .‬والث اني‪ :‬إلى أن يبقى ق در لو ك ان االختالط به ابت داء‪ ،‬منع‬
‫الجواز (‪ .)3‬ولو كان له دن ان فيهما م ائع‪ ،‬ف اغترف منهما في إن اء‪ ،‬ف رأى‬
‫فيه ف أرة ال ي درى من أيهما هي‪ ،‬تح رى‪ ،‬ف ان ظهر له أنها من أح دهما‬
‫بعينه‪ ،‬فإن كان اغترف بمغرفتين‪ ،‬ف اآلخر ط اهر‪ ،‬وإن ك ان بمغرف ة‪ ،‬ف إن‬
‫ظهر باالجته اد أن الف أرة في الث اني‪ ،‬ف االول على طهارت ه‪ ،‬وإال‪ ،‬فهما‬
‫نجسان‪ .‬وقد أكثرت الزيادة في هذا الب اب لمس يس الحاجة إليه ا‪ ،‬فبقيت منه‬
‫‪.‬بقايا حذفتها كراهة كثرة االطالة‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 151‬‬
‫ب اب االواني هي ثالثة أقس ام‪ .‬االول‪ :‬المتخذ من جلد والجلد يحكم بطهارته‬
‫في حالين‪ .‬أحدهما‪ :‬إذا ذكي مأكول اللحم‪ ،‬فجل ده ب اق على طهارته كلحم ه‪،‬‬
‫ولو ذكي غير مأكول‪ ،‬فجل ده نجس كلحم ه‪ .‬قلت‪ :‬ولو ذبح حم ارا زمن ا‪ ،‬أو‬
‫غ يره مما ال يؤك ل‪ ،‬للتوصل إلى دبغ جل ده‪ ،‬لم يجز عن دنا‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬أن ي دبغ جلد الميت ة‪ ،‬فيطهر بال دباغ من م أكول اللحم وغ يره‪ ،‬إال‬
‫جلد كلب‪ ،‬أو خ نزير‪ ،‬وفرعهم ا‪ ،‬فانه ال يطهر قطع ا‪ ،‬وإذا قلنا بالق ديم‪ :‬إن‬
‫اآلدمي ينجس بالموت‪ ،‬طهر جلده بالدباغ على االصح‪ ،‬ولنا وجه شاذ منكر‬
‫في (التتمة) أن جلد الميتة ال ينجس‪ ،‬وإنما أمر بال دبغ الزالة الزهومة (‪،)1‬‬
‫ثم ق ال االص حاب‪ :‬يعت بر في ال دباغ ثالثة أش ياء ن زع الفض ول‪ ،‬وتط ييب‬
‫الجلد‪ ،‬وصيرورته بحيث لو وقع (‪ )2‬في الم اء‪ ،‬لم يعد الفس اد والنتن‪ .‬ومن‬
‫االصحاب من يقتصر على ن زع الفض ول‪ ،‬الس تلزامه الطيب والص يرورة‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ويكون الدباغ باالشياء الحريفة‪ ،‬كالشب (‪ ،)3‬والق رظ (‪ ،)4‬وقش ور‬
‫الرم ان‪ ،‬والعفص‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال يحصل إال بشب أو ق رظ‪ ،‬وهو غل ط‪،‬‬
‫ويحصل بمتنجس‪ ،‬وبنجس العين‪ ،‬كذرق حمام على االصح فيه ا‪ ،‬وال يكفي‬
‫التجميد ب التراب‪ ،‬أو الش مس على الص حيح‪ .‬وال يجب اس تعمال الم اء في‬
‫أثناء الدباغ على االصح‪ ،‬ويجب الغسل بعده إن دبغ بنجس قطع ا‪ ،‬وك ذا إن‬
‫دبغ بطاهر على االصح‪ ،‬فعلى هذا إذا لم يغسله‪ ،‬يكون طاهر العين‪ ،‬كث وب‬
‫نجس‪ ،‬بخالف ما إذا أوجبنا الماء في‬
‫] ‪[ 152‬‬
‫أثناء ال دباغ فلم يس تعمله‪ ،‬فانه يك ون نجس العين‪ ،‬وهل يطهر بمج رد نقعه‬
‫في الم اء‪ ،‬أم ال بد من اس تعمال االدوية ثانيا ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬أص حهما‬
‫الثاني‪ .‬وبه قطع الشيخ أبو محمد‪ ،‬واآلخر‪ :‬احتمال المام الح رمين‪ ،‬والم راد‬
‫نقعه في ماء كثير‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا أوجبنا الغسل بعد الدباغ‪ ،‬اشترط س المته‬
‫من التغير بأدوية الدباغ‪ ،‬وال يشترط ذلك إذا أوجبنا استعمال الماء في أثن اء‬
‫الدباغ‪ .‬فرع‪ :‬يطهر بالدباغ ظاهر الجلد قطعا‪ ،‬وباطنه على المشهور الجديد‪.‬‬
‫فيج وز بيع ه‪ ،‬ويس تعمل في المائع ات‪ ،‬ويص لى في ه‪ .‬ومنع الق ديم‪ :‬طه ارة‬
‫الب اطن‪ ،‬والص الة‪ ،‬وال بيع‪ ،‬واس تعماله في الم ائع‪ .‬قلت‪ :‬أنكر جم اهير‬
‫العراقيين‪ ،‬وكثيرون من الخراسانيين هذا الق ديم‪ ،‬وقطع وا بطه ارة الب اطن‪،‬‬
‫وما ي ترتب عليه (‪ .)1‬وه ذا هو الص واب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويج وز أكل الم دبوغ‬
‫على الجدي د‪ ،‬إن ك ان م أكول اللحم‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ ،‬على الم ذهب‪ .‬قلت‪ :‬االظهر‬
‫عند االكثرين‪ ،‬تحريم أكل جلد المأكول (‪ ،)2‬وقد بقي من هذا القسم مسائل‬
‫منها‪ :‬ال دباغ ب الملح‪ .‬نص الش افعي رحمه هللا‪ :‬أنه ال يحص ل‪ ،‬وبه قطع أبو‬
‫‪،‬علي الطبري (‪)3‬‬

‫] ‪[ 153‬‬
‫وص احب (الش امل) وقطع إم ام الح رمين بالحص ول‪ ،‬وال يفتقر ال دباغ إلى‬
‫فعل‪ .‬فلو ألقت الريح الجلد في مدبغة‪ ،‬فان دبغ‪ ،‬طه ر‪ ،‬ويج وز اس تعمال جلد‬
‫الميتة قبل ال دباغ في اليابس ات‪ ،‬لكن يك ره‪ ،‬ويج وز هبته (‪ ،)2‬كما تج وز‬
‫الوصية‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬ال يجوز بيعه بعد الدباغ‪ ،‬ففي إجارته وجه ان‪ .‬الص حيح‪:‬‬
‫المن ع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬القسم الث اني‪ :‬الش عر والعظم‪ ،‬أما الش عر‪ ،‬والص وف‪،‬‬
‫والوبر‪ ،‬والريش‪ ،‬فينجس بالموت على االظهر‪ ،‬وك ذا العظم على الم ذهب‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬كالشعر‪ .‬فإن نجسنا الشعر‪ ،‬ففي شعر اآلدمي قوالن‪ .‬أو وجه ان‪ .‬بن اء‬
‫على نجاس ته ب الموت‪ .‬واالصح أنه ال ينجس ش عره ب الموت‪ ،‬وال باالبان ة‪.‬‬
‫ف إن نجس نا‪ ،‬عفي عن ش عرة وش عرتين‪ .‬ف إن ك ثر‪ ،‬لم يع ف‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬يعفى عن اليسير من الشعر النجس في الماء‪ ،‬والثوب الذي يصلى‬
‫فيه‪ ،‬وضبط اليسير‪ :‬العرف‪ .‬وقال إمام الح رمين‪ :‬لعل القليل ما يغلب انتتافه‬
‫مع اعت دال الح ال‪ .‬واختلف أص حابنا في ه ذا العف و‪ ،‬هل يختص بش عر‬
‫‪.‬اآلدمي‪ ،‬أم يعم الجميع ؟ واالصح‪ :‬التعميم (‪ .)3‬وهللا أعلم‬
‫] ‪[ 154‬‬
‫وإذا نجس نا ش عر اآلدمي‪ ،‬فالص حيح‪ :‬طه ارة ش عر رس ول هللا (ص)‪ .‬وإذا‬
‫نجس نا ش عر غ ير اآلدمي‪ ،‬ف دبغ الجلد وعليه ش عر‪ ،‬لم يطهر الش عر على‬
‫االظه ر‪ ،‬وإذا لم تنجس الش عور‪ ،‬ففي ش عر الكلب والخ نزير وفرعهما‬
‫وجهان‪ .‬الصحيح‪ :‬النجاسة‪ .‬سواء انفصل في حياته أو بعد موته‪ .‬وأما االن اء‬
‫من العظم‪ ،‬فإن ك ان ط اهرا‪ ،‬ج از اس تعماله‪ ،‬وإال فال‪ .‬وطهارته ال تحصل‬
‫إال بال ذكاة في م أكول اللحم‪ ،‬إال إذا قلنا (بالض عيف)‪ :‬إن عظ ام الميتة‬
‫ط اهرة‪ .‬قلت‪ :‬ق ال أص حابنا‪ :‬ويج وز اس تعمال االن اء من العظم النجس في‬
‫االشياء اليابسة‪ ،‬لكن يكره (‪ ،)1‬كما قلنا في جلد الميتة قبل الدباغ‪ ،‬ويج وز‬
‫إيقاد عظام الميتة‪ .‬ولو رأى شعرا لم يعلم طهارته‪ ،‬ف إن علم أنه من م أكول‬
‫اللحم‪ ،‬فط اهر‪ ،‬أو من غ يره‪ ،‬فنجس‪ .‬أو لم يعلم‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أص حهما‪:‬‬
‫الطهارة‪ ،‬ولو باع جلد ميتة بعد دباغه وعليه شعر‪ ،‬وقلنا‪ :‬يج وز بيع الجل د‪،‬‬
‫وال يطهر الشعر بالدباغ‪ ،‬فإن قال‪ :‬بعتك الجلد دون شعره‪ ،‬ص ح‪ ،‬ولو ق ال‪:‬‬
‫الجلد مع شعره‪ ،‬ففي صحة بيع الجلد القوالن في تفريق الص فقة‪ .‬وإن ق ال‪:‬‬
‫بعتك هذا وأطلق صح‪ .‬وقيل‪ :‬وجه ان‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬القسم الث الث‪ :‬إن اء ال ذهب‬
‫والفض ة‪ ،‬يك ره اس تعماله كراهة تنزيه في (الق ديم) وكراهة تح ريم في‬
‫(الجديد) وهو المشهور (‪ ،)2‬وقطع به جماعة‪ .‬وعليه التفريع‪ ،‬ويستوي في‬
‫التحريم الرجال والنساء‪ ،‬وسواء استعماله في االكل‪ ،‬والش رب‪ ،‬والوض وء‪،‬‬
‫واالكل بملعقة الفضة‪ ،‬والتطيب بماء الورد من قارورة‬

‫] ‪[ 155‬‬
‫الفض ة‪ ،‬والتجمر بمجم رة الفضة إذا احت وى عليه ا‪ .‬وال ح رج في إتي ان‬
‫الرائحة من بعد‪ ،‬ويحرم إتخ اذ االن اء من غ ير اس تعمال على االص ح‪ ،‬فال‬
‫يستحق صانعه أجرة‪ ،‬وال أرش على كاسره‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬ال يح رم‪ ،‬فتجب‬
‫االج رة واالرش‪ ،‬ويح رم ت زيين الح وانيت وال بيوت والمج الس بها على‬
‫الصحيح‪ .‬ويحرم االناء الصغير‪ ،‬كالمكحلة‪ ،‬وظ رف الغالية من الفضة على‬
‫الصحيح‪ ،‬وال يحرم االواني من الج واهر النفيس ة‪ ،‬ك الفيروزج‪ ،‬والي اقوت‪،‬‬
‫والزبرج د‪ ،‬ونحوها على االظهر (‪ .)1‬وال خالف أن ه‪ :‬ال يح رم ما نفاس ته‬
‫لص نعته‪ ،‬وال يك ره لو اتخذ إن اء من حدي د‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬وموهه ب ذهب‪ ،‬أو‬
‫فضة‪ ،‬إن كان يحصل منه شئ بالعرض على الن ار‪ ،‬ح رم اس تعماله‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫فوجه ان‪ .‬ولو اتخ ذه من ذهب‪ ،‬أو فض ة‪ ،‬وموهه بنح اس أو غ يره‪ ،‬فعلى‬
‫الوجهين‪ .‬ولو غشي ظاهره وباطنه بالنحاس‪ ،‬فطريقان‪ .‬قال إم ام الح رمين‪:‬‬
‫ال يحرم‪ .‬وقال غ يره‪ :‬على ال وجهين‪ .‬قلت‪ :‬االصح من ال وجهين‪ :‬ال يح رم‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬فرع المضبب بالفضة‪ ،‬فيه أوجه‪ .‬أحدها‪ :‬إن كانت الضبة صغيرة‬
‫وعلى قدر الحاج ة‪ ،‬ال يح رم اس تعماله‪ ،‬وال يك ره‪ .‬وإن ك انت كب يرة ف وق‬
‫الحاج ة‪ ،‬ح رم‪ .‬وإن ك انت ص غيرة ف وق الحاجة أو كب يرة ق در الحاج ة‪،‬‬
‫فوجهان‪ .‬االصح‪ :‬يكره‪ .‬والثاني‪ :‬يحرم‪ .‬والوجه الثاني‪ :‬إن كانت الض بة تلقى‬
‫فم الشارب‪ ،‬حرم‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬والثالث‪ :‬يكره‪ ،‬وال يحرم بحال‪ .‬والرابع‪ :‬يحرم‬
‫في جميع االح وال‪ .‬قلت‪ :‬أصح االوجه وأش هرها‪ ،‬االول‪ ،‬وبه قطع أك ثر‬
‫العراقيين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومع نى الحاج ة‪ :‬غ رض إص الح موضع الكس ر‪ ،‬وال‬
‫يعت بر العجز عن التض بيب بغ ير الفض ة‪ ،‬ف ان االض طرار ي بيح اس تعمال‬
‫أصل إناء الذهب والفضة‪ ،‬وفي ضبط الصغر والك بر أوج ه‪ .‬أح دها‪ :‬يرجع‬
‫‪،‬فيه إلى العرف‪ .‬والثاني‪ :‬ما يلمع على بعد كبير‪ ،‬وما ال‬

‫] ‪[ 156‬‬
‫فص غير‪ .‬والث الث‪ :‬ما اس توعب ج زءا من االن اء‪ ،‬كأس فله‪ ،‬أو عروت ه‪ ،‬أو‬
‫شفته‪ ،‬كبير‪ ،‬وما ال‪ ،‬فصغير‪ .‬قلت‪ :‬الثالث‪ :‬أشهر‪ .‬واالول‪ :‬أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما المضبب بذهب‪ ،‬فقطع الشيخ أبو إسحاق (‪ )1‬بتحريمه بكل حال‪ .‬وق ال‬
‫الجمهور‪ :‬هو كالفضة‪ .‬قلت‪ :‬قد قطع بتحريم المضبب بالذهب ‪ -‬بكل ح ال ‪-‬‬
‫جماع ات غ ير الش يخ أبي إس حاق‪ ،‬منهم ص احب (الح اوي) وأبو العب اس‬
‫الجرج اني (‪ )2‬والش يخ أبو الفتح نصر المقدسي (‪ )3‬والعب دري (‪ )4‬ونقله‬
‫صاحب (التهذيب) عن العراقيين مطلقا‪ .‬وهذا‬

‫] ‪[ 157‬‬
‫هو الصحيح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وهل يسوى بين الذهب والفضة في الصغر والك بر‬
‫؟ قي اس الب اب‪ :‬نعم‪ .‬وعن الش يخ أبي محم د‪ :‬ال‪ ،‬ف إن قليل ال ذهب‪ ،‬ككث ير‬
‫الفض ة‪ ،‬فيق وم ض بة الفضة المباح ة‪ ،‬ويب اح ق درها من ال ذهب‪ ،‬ولو اتخذ‬
‫لالناء حلقة فضة‪ ،‬أو سلسلة‪ ،‬أو رأسا‪ .‬قال في (التهذيب)‪ :‬يجوز‪ ،‬وفيه نظر‬
‫واحتمال‪ .‬قلت‪ :‬قد وافق صاحب (التهذيب) جماعة‪ ،‬وال نعلم فيه خالف ا‪ .‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬لو شرب بكفيه وفي أصبعه خاتم‪ ،‬أو في فمه دراهم‪ ،‬أو في االناء‬
‫ال ذي ش رب من ه‪ ،‬لم يك ره‪ .‬ولو أثبت ال دراهم في االن اء بالمس امير‪ ،‬فهو‬
‫كالضبة‪ .‬وقطع القاضي حسين بجوازه‪ .‬ولو باع إناء الذهب أو الفضة‪ ،‬صح‬
‫بيعه‪ .‬ولو توضأ منه‪ ،‬صح وض وؤه‪ ،‬وعصى بالفع ل‪ .‬ولو أك ل‪ ،‬أو ش رب‪،‬‬
‫عصى بالفعل‪ ،‬وكان الطعام والشراب حالال‪ .‬وطريقه في اجتناب المعصية‪،‬‬
‫أن يصب الطعام وغيره في إناء آخر‪ ،‬ويستعمل المص بوب في ه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫باب صفة الوضوء (‪ )1‬له فروض وسنن‪ .‬فالفروض ستة‪ .‬االول‪ :‬النية (‪:)2‬‬
‫وهي ف رض في طه ارات االح داث (‪ ،)3‬وال تجب في إزالة النجاسة على‬
‫الص حيح‪ .‬وال يصح وض وء ك افر أص لي‪ ،‬وال غس له على الص حيح‪،‬‬
‫ويصحان على وجه‪ .‬ويصح الغسل دون الوض وء على وجه فيص لي به إذا‬
‫‪.‬أسلم‬

‫] ‪[ 158‬‬
‫والكتابية المغتس لة من الحيض لحل وطئها ل زوج مس لم‪ ،‬كغيرها على‬
‫الصحيح (‪ ،)1‬وال يصح طهارة المرتد بال خالف (‪ .)2‬ولو توضأ مسلم أو‬
‫تيمم‪ ،‬ثم ارتد‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬يبطل تيممه دون الوض وء‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يبطالن‪ .‬والثالث‪ :‬ال يبطالن‪ .‬وال يبطل الغسل بالردة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو كالوض وء‪،‬‬
‫وليس بش ئ‪ .‬أما وقت الني ة‪ :‬فال يج وز أن يت أخر عن غسل أول ج زء من‬
‫الوجه (‪ .)3‬ف إن ق ارنت الج زء الم ذكور ولم يتق دم ولم تبق بع ده‪ ،‬صح‬
‫وض وؤه‪ ،‬لكن ال يث اب على س نن الوض وء المتقدم ة‪ .‬قلت‪ :‬وفي (الح اوي)‬
‫وجه أنه يث اب عليه ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن تق دمت النية من أول الوض وء‬
‫واستصحبها إلى غسل ج زء من الوج ه‪ ،‬ص ح‪ ،‬وحصل ث واب الس نن‪ ،‬وإن‬
‫اقترنت بس نة من س ننه المتقدم ة‪ ،‬وهي التس مية‪ ،‬والس واك‪ ،‬وغسل الك ف‪،‬‬
‫والمضمضة‪ ،‬واالستنشاق‪ ،‬ثم ع زبت قبل الوج ه‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬ال‬
‫يصح وض وؤه‪ .‬والث اني‪ :‬يص ح‪ .‬والث الث‪ :‬يصح إن اق ترنت بالمضمضة أو‬
‫االستنش اق دون ما قبلهم ا‪ .‬ولنا وجه ض عيف أن ما قبلهما ليس من س نن‬
‫الوضوء‪ ،‬بل مندوبة في أوله‪ ،‬ال منه‪ .‬والصواب‪ :‬أنها من سننه‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا (‬
‫‪ )4‬الم ذكور في المضمضة واالستنش اق‪ ،‬هو فيما إذا لم ينغسل معهما شئ‬
‫من الوجه‪ ،‬فإن انغسل بنية الوجه‪ ،‬أجزأه وال يضر العزوب بعده‪ .‬وإن‬

‫] ‪[ 159‬‬
‫لم ينو بالمغسول الوجه‪ ،‬أجزأه أيضا على الصحيح‪ ،‬وق ول الجمه ور‪ ،‬فعلى‬
‫هذا يحتاج إلى إعادة غسل ذلك الج زء مع الوج ه‪ ،‬على االص ح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫أما كيفية النية‪ ،‬فالوضوء ضربان‪ :‬وض وء رفاهي ة‪ ،‬ووض وء ض رورة‪ .‬أما‬
‫االول‪ :‬فينوي أحد ثالثة أمور‪ .‬أحدها‪ :‬رفع الحدث‪ ،‬أو الطهارة عن الح دث‪.‬‬
‫ويجزئه ذلك‪ .‬وفيه وجه‪ :‬أنه إن كان ماسح خف‪ ،‬لم يجزئه نية رفع الحدث‪،‬‬
‫بل تتعين نية االس تباحة‪ ،‬ولو ن وى رفع بعض االح داث‪ ،‬فأوج ه‪ .‬أص حها‪:‬‬
‫يصح وضوؤه مطلقا‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ .‬والث الث‪ :‬إن لم ينف ما ع داه ص ح‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫فال‪ ،‬والراب ع‪ :‬إن ن وى رفع االول‪ ،‬ص ح‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬والخ امس‪ :‬إن ن وى‬
‫االخير‪ ،‬صح‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬هذا إذا كان الحدث المنوي واقعا منه‪ .‬فان لم يكن‪،‬‬
‫بأن بال ولم ينم‪ ،‬فنوى حدث النوم‪ ،‬ف ان ك ان غالط ا‪ ،‬صح وض وؤه قطع ا‪.‬‬
‫وإن تعمد‪ ،‬لم يصح على االصح‪ .‬االمر الثاني‪ :‬اس تباحة الص الة‪ ،‬أو غيرها‬
‫مما ال تباح إال بالطه ارة‪ ،‬ك الطواف‪ ،‬وس جود التالوة‪ ،‬والش كر‪ .‬ف إذا ن وى‬
‫أحدها‪ ،‬ارتفع حدثه‪ ،‬ولنا وج ه‪ :‬أنه ال يصح الوض وء بنية االس تباحة‪ ،‬وهو‬
‫غلط‪ .‬وإن نوى استباحة صالة بعينه ا‪ ،‬ولم ينف غيره ا‪ ،‬صح الوض وء لها‬
‫ولغيرها‪ .‬وإن نفى أيضا‪ ،‬صح‪ ،‬على االص ح‪ .‬وال يصح في الث اني‪ ،‬ويصح‬
‫في الثالث‪ ،‬لما نوى فقط‪ ،‬ولو نوى ما يستحب له الوضوء‪ ،‬كقراءة الق رآن‪،‬‬
‫والجلوس في المسجد‪ ،‬وسماع الحديث وروايته‪ ،‬لم يصح على االص ح‪ .‬ولو‬
‫ن وى تجديد الوض وء‪ .‬فعلى ال وجهين‪ .‬وقي ل‪ :‬ال يصح قطع ا‪ .‬ولو شك في‬
‫الح دث فتوضأ محتاطا ف تيقن الح دث‪ ،‬لم يعتد به على االص ح‪ ،‬النه توضأ‬
‫م ترددا وقد زالت الض رورة ب التيقن‪ .‬ولو تيقن الح دث‪ ،‬وشك في الطه ارة‬
‫فتوض أ‪ ،‬ثم ب ان مح دثا‪ ،‬أج زأه قطع ا‪ ،‬الن االصل بق اء الح دث فال يضر‬
‫التردد معه‪ .‬ولو نوى ما ال يستحب له الوضوء‪ ،‬كدخول الس وق‪ ،‬لم يص ح‪.‬‬
‫االمر الثالث‪ :‬فرض الوضوء‪ ،‬أو أداء الوضوء‪ ،‬وذلك كاف قطعا وإن ك ان‬
‫الناوي صبيا‪ .‬فرع‪ :‬إذا نوى أحد االم ور الثالث ة‪ ،‬وقصد ما يحصل معه بال‬
‫قصد‪ ،‬ب أن ن وى رفع الح دث والت برد‪ ،‬أو رفع الجنابة والت برد‪ ،‬فالص حيح‪:‬‬
‫صحة طهارته‪ .‬ولو اغتسل جنب ي وم الجمعة بنية الجمعة والجناب ة‪ ،‬حصال‬
‫على الص حيح‪ .‬ولو اقتصر على نية الجناب ة‪ ،‬حص لت الجمعة أيضا في‬
‫‪.‬االظهر‬

‫] ‪[ 160‬‬
‫قلت‪ :‬االظهر عند االك ثرين‪ :‬ال تحص ل‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ن وى بص الته‬
‫الفرض‪ ،‬وتحية المسجد‪ ،‬حصال قطعا‪ ،‬ولو ن وى رفع الح دث‪ ،‬ثم ن وى في‬
‫أثن اء طهارته الت برد‪ .‬ف ان ك ان ذاكر الني ة‪ ،‬رفع الح دث‪ ،‬فهو كمن نواهما‬
‫ابتداء‪ ،‬فيصح على الص حيح‪ .‬وإن ك ان غ افال‪ ،‬لم يصح ما أتى به بعد ذلك‬
‫على الص حيح‪ .‬أما وض وء الض رورة‪ ،‬فهو وض وء المستحاض ة‪ ،‬وس لس‬
‫الب ول ونحوهما ممن به ح دث دائم‪ ،‬واالفض ل‪ :‬أن ين وي رفع الح دث‬
‫واس تباحة الص الة‪ .‬وفي ال واجب أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬أنه يجب نية االس تباحة‬
‫دون رفع الحدث (‪ .)1‬والثاني‪ :‬يجب الجمع بينهما‪ .‬والثالث‪ :‬يجوز االقتصار‬
‫على أيهما ش اءت‪ .‬ثم إن ن وت فريضة واح دة‪ ،‬صح قطع ا‪ ،‬النه مقتضى‬
‫طهارتها‪ .‬وإن ن وت نافلة معينة ونفت غيره ا‪ ،‬فعلى االوجه الثالثة المتقدمة‬
‫في غيره ا‪ .‬ف رع‪ :‬لو ك ان يتوضأ ثالث ا‪ ،‬فنسي لمعة في الم رة االولى‪،‬‬
‫فانغس لت في الثانية أو الثالث ة‪ ،‬وهو يقصد التنف ل‪ ،‬أو انغس لت في تجديد‬
‫الوضوء‪ ،‬فوجهان‪ .‬االصح‪ :‬في الصورة االولى يجزئ ه‪ ،‬وفي مس ألة التجديد‬
‫ال يجزئه‪ .‬قلت‪ :‬ولو نسي اللمعة في وض وئه أو غس له‪ ،‬ثم نسي أنه توض أ‪،‬‬
‫أو اغتسل‪ ،‬فأعاد الوضوء أو الغسل بنية الحدث‪ ،‬أجزأه‪ ،‬وتكمل طهارته بال‬
‫خالف‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ف رق النية على اعض ائه‪ ،‬فن وى عند الوجه رفع‬
‫الحدث عنه‪ ،‬وعند اليد والرأس والرجل كذلك‪ ،‬صح وضوؤه على االص ح‪.‬‬
‫والخالف في مطلق التفريق على الصحيح المعروف‪ .‬وقي ل‪ :‬هو فيمن ن وى‬
‫رفع الح دث عن كل عض و‪ ،‬ونفى غ يره‪ ،‬دون من اقتصر علي ه‪ ،‬وإذا قلنا‬
‫في مسألة اللمعة‪ :‬ال يعتد بالمغسول في‬

‫] ‪[ 161‬‬
‫الثانية‪ ،‬فهل يبطل ما مضى‪ ،‬أم يبني عليه ؟ فيوجها تفريق النية‪ ،‬إن جوزنا‬
‫التفريق‪ ،‬جاز البناء‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬وال يش ترط إض افة الوض وء إلى هللا تع الى‬
‫على االصح‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬يستحب أن ينوي بقلبه‪ ،‬ويتلفظ بلسانه‪ ،‬كما‬
‫سيأتي في س نن الوض وء‪ .‬ف إن اقتصر على القلب‪ ،‬أج زأه‪ ،‬أو اللس ان‪ ،‬فال‪.‬‬
‫وإن جرى على لسانه حدث‪ ،‬أو ت برد‪ ،‬وفي قلبه خالف ه‪ ،‬فاالعتب ار ب القلب‪،‬‬
‫ولو نوى الطهارة ولم يقل‪ :‬عن الحدث‪ ،‬لم يجزئه على الصحيح المنصوص‬
‫(‪ .)1‬ولو ن وت المغتس لة عن الحيض تمكين زوج من وطئه ا‪ ،‬فأوج ه‪.‬‬
‫االص ح‪ :‬تس تبيح ال وطئ والص الة وكل شئ يقف على الغس ل‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫تستبيح شيئا‪ .‬والثالث‪ :‬تستبيح ال وطئ وح ده‪ .‬ولو ن وى أن يص لي بوض وئه‬
‫صالة‪ ،‬وأن ال يصليها‪ ،‬لم يصح‪ ،‬لتالعبه وتناقضه‪ .‬ولو ألقي انسان في نهر‬
‫مكرها فنوى فيه رفع الحدث‪ ،‬صح وض وؤه‪ .‬ولو غسل المتوضئ أعض اءه‬
‫إال رجليه‪ ،‬ثم سقط في نهر فانغسلتا وهو ذاكر النية‪ ،‬صح‪ ،‬وإال‪ ،‬لم يحصل‬
‫غسل رجليه على االصح‪ .‬ولو أحرم بالصالة‪ ،‬ونوى الصالة ودفع غريم ه‪،‬‬
‫صحت صالته‪ .‬قاله في (الشامل) ولو نوى قطع الوض وء بعد الف راغ من ه‪،‬‬
‫لم يبطل على الصحيح‪ .‬وكذا في أثنائه على االصح‪ .‬ويس تأنف النية لما بقي‬
‫إن جوزنا تفريقها وإال اس تأنف الوض وء‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الف رض الث اني‪ :‬غسل‬
‫الوجه‪ ،‬ويجب اس تيعابه بالغسل وح ده‪ ،‬من مب دأ تس طيح الجبهة إلى منتهى‬
‫الذقن طوال‪ ،‬ومن االذن إلى االذن عرضا‪ ،‬وتدخل الغايت ان في حد الط ول‪،‬‬
‫وال ت دخالن في الع رض‪ ،‬فليست النزعت ان من الوج ه‪ ،‬وهم ا‪ :‬البياض ان‬
‫المكتنفان للناصية أعلى الجبينين‪ ،‬وال موضع الصلع‪ ،‬وهو‪ :‬ما انحسر عنه‬

‫] ‪[ 162‬‬
‫الشعر فوق ابتداء التسطيح‪ .‬وأما الصدغان وهما‪ :‬في جانبي االذن يتص الن‬
‫بالع ذارين (‪ )1‬من ف وق‪ ،‬فاالصح (‪ :)2‬أنهما ليسا من الوج ه‪ .‬ولو ن زل‬
‫الشعر فعم الجبهة أو بعض ها‪ ،‬وجب غسل ما دخل في الحد الم ذكور‪ ،‬وفي‬
‫وجه ضعيف‪ :‬ال (‪ )3‬يجب إال إذا عمه ا‪ .‬وموضع التح ذيف‪ :‬من ال رأس‪ ،‬ال‬
‫من الوجه على االص ح‪ .‬وهو ال ذي ينبت عليه الش عر الخفيف بين ابت داء‬
‫الع ذار والنزعة (‪ .)4‬وأما ش عور الوجه فقس مان‪ :‬حاص لة في حد الوج ه‪،‬‬
‫وخارجة عن ه‪ .‬والحاص لة ن ادرة الكثافة وغيره ا‪ .‬فالن ادرة‪ :‬كالح اجبين‪،‬‬
‫وااله داب‪ ،‬والش اربين‪ ،‬والع ذارين‪ ،‬وهم ا‪ :‬المحاذي ان لالذنين بين الص دغ‬
‫والعارض‪ ،‬فيجب غسل ظاهر ه ذه الش عور وباطنها مع البش رة تحتها وإن‬
‫كثفت‪ .‬ولنا وجه شاذ‪ :‬أنه ال يجب غسل منبت كثيفها‪ ،‬وغ ير الن ادرة‪ ،‬ش عر‬
‫الذقن والعارضين‪ ،‬وهما‪ :‬الشعران المنحطان عن مح اذاة االذنين‪ .‬ف ان ك ان‬
‫خفيفا‪ ،‬وجب غسل ظاهره وباطنه مع البشرة‪ ،‬وإن ك ان كثيف ا‪ ،‬وجب غسل‬
‫ظ اهر الش عر فق ط‪ ،‬وحكي ق ول ق ديم‪ ،‬وقيل وج ه‪ :‬إنه يجب غسل البش رة‬
‫أيضا‪ ،‬وليس بشئ‪ .‬ولو خف بعضه وكثف بعضه‪ ،‬فاالصح أن للخفيف حكم‬
‫الخفيف المتمحض‪ ،‬وللك ثيف حكم الك ثيف المتمحض‪ .‬والث اني‪ :‬للجميع حكم‬
‫الخفيف‪ .‬وأما ضبط الخفيف والكثيف‪ ،‬فالصحيح الذي عليه االك ثرون‪ ،‬وهو‬
‫ظ اهر النص‪ ،‬أن الخفي ف‪ :‬ما ت تراءى البش رة تحته في مجلس التخ اطب‪.‬‬
‫والكثيف‪ :‬ما يمنع الرؤية‪ .‬والثاني‪ :‬أن الخفيف‪ :‬ما يصل الم اء إلى منبته من‬
‫غ ير مبالغ ة‪ .‬والك ثيف‪ :‬ما ال يص له إال بمبالغ ة‪ ،‬ويلحق بالن ادر في حكمه‬
‫الم ذكور‪ ،‬لحية ام رأة‪ ،‬وخن ثى مش كل‪ ،‬وك ذا عنفقة الرجل الكثيفة على‬
‫‪.‬االصح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬هي كشعر الذقن‬

‫] ‪[ 163‬‬
‫القسم الث اني‪ :‬الخارجة عن حد الوجه من اللحي ة‪ ،‬والع ارض‪ ،‬والع ذار‪،‬‬
‫والسبال ط وال وعرض ا‪ ،‬واالظهر وج وب إفاضة الم اء عليه ا‪ ،‬وهو غسل‬
‫ظاهرها (‪ .)1‬والث اني‪ :‬ال يجب ش ئ‪ .‬وقي ل‪ :‬يجب غسل الوجه الب اطن من‬
‫الطبقة العلي ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬يجب غسل الس بال قطع ا‪ .‬والم ذهب االول‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫أص حابنا‪ :‬يجب غسل ج زء من رأس ه‪ ،‬ورقبت ه‪ ،‬وما تحت ذقنه مع الوج ه‪،‬‬
‫ليتحقق اس تيعابه‪ .‬ولو قطع أنف ه‪ ،‬أو ش فته‪ ،‬لزمه غسل ما ظهر ب القطع في‬
‫الوضوء‪ ،‬والغسل على االصح‪ .‬ولو خرج من وجهه سلعة (‪ )2‬ون زلت عن‬
‫حد الوج ه‪ ،‬لزمه غسل جميعها على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬في الن ازل ق والن‪.‬‬
‫ويجب غسل ما ظهر من حم رة الش فتين‪ ،‬ويس تحب غسل النزع تين‪ .‬ولو‬
‫خلق له وجهان‪ ،‬وجب غسلهما‪ ،‬ويس تحب أن يأخذ الم اء بيديه جميع ا‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬الفرض الثالث‪ :‬غسل اليدين مع المرفقين‪ ،‬فإن قطع من فوق المرف ق‪،‬‬
‫فال فرض عليه‪ ،‬ويستحب غسل باقي العضد‪ ،‬لئال يخلو العضو من طهارة‪.‬‬
‫وإن قطع من تحت المرف ق‪ ،‬وجب غسل ب اقي محل الف رض‪ .‬وإن قطع من‬
‫مفصل المرف ق‪ ،‬وجب غسل رأس العظم الب اقي على الم ذهب‪ ،‬وقي ل‪ :‬فيه‬
‫قوالن‪ .‬ولو كان له يدان من جانب‪ ،‬فتارة تتميز الزائدة عن االصلية‪ ،‬وت ارة‬
‫ال‪ .‬ف إن تم يزت وخ رجت من محل الف رض‪ ،‬إما من الس اعد‪ ،‬وإما من‬
‫المرفق‪ ،‬وجب غسلها مع االصلية‪ ،‬كاالصبع الزائدة‪ ،‬والسلعة‪ ،‬سواء ج اوز‬
‫طولها االصلية‪ ،‬أم ال‪ .‬وإن خ رجت من ف وق محل الف رض ولم تح اذ محل‬
‫الفرض‪ ،‬لم يجب غسل شئ منه ا‪ .‬وإن حاذت ه‪ ،‬وجب غسل المح اذي وح ده‬
‫على الصحيح المنصوص‪ .‬وإن لم تتميز‪ ،‬وجب غسلهما‬

‫] ‪[ 164‬‬
‫معا‪ .‬سواء خرجتا من المنكب‪ ،‬أو الكوع‪ ،‬أو الذراع‪ .‬ومن أم ارات الزائ دة‪،‬‬
‫أن تكون فاحشة القصر‪ ،‬واالخرى معتدلة‪ .‬ومنها نقص االص ابع‪ ،‬ومنها فقد‬
‫البطش وض عفه‪ .‬قلت‪ :‬ولو ط الت أظف اره وخ رجت عن رؤوس االص ابع‪،‬‬
‫وجب غسل الخارج على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ ،‬كالشعر النازل من اللحي ة‪.‬‬
‫ولو نبت على ذراعه‪ ،‬أو رجل ه‪ ،‬ش عر ك ثيف‪ ،‬وجب غسل ظ اهره وباطنه‬
‫مع البش رة تحت ه‪ ،‬لن دوره‪ .‬ولو توض أ‪ ،‬ثم قطعت ي ده‪ ،‬أو رجل ه‪ ،‬أو حلق‬
‫رأسه‪ ،‬لم يلزمه تطه ير ما انكش ف‪ .‬ف إن توض أ‪ ،‬لزمه غسل ما ظه ر‪ .‬وإن‬
‫حصل في ي ده ثقب‪ ،‬لزمه غسل باطن ه‪ ،‬النه ص ار ظ اهرا‪ .‬وإن لم يق در‬
‫االقطع والمريض على الوض وء‪ ،‬لزمه تحص يل من يوض ئه‪ ،‬إما متبرع ا‪،‬‬
‫وإما ب أجرة المثل إذا وج دها‪ .‬ف إن لم يجد من يوض ئه‪ ،‬أو وج ده ولم يجد‬
‫االج رة‪ ،‬أو وج دها فطلب أك ثر من أج رة المث ل‪ ،‬لزمه أن يص لي ب التيمم‪،‬‬
‫ويعيد‪ ،‬لندوره‪ .‬فان لم يقدر على التيمم‪ ،‬ص لى على حاله وأع اد‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الف رض الراب ع‪ :‬مسح ال رأس‪ ،‬وال واجب من ه‪ :‬ما ينطلق عليه االس م‪ ،‬ولو‬
‫بعض ش عرة‪ ،‬أو ق دره من البش رة (‪ .)1‬وفي وجه ش اذ‪ :‬يش ترط ثالث‬
‫شعرات‪ .‬وعلى ه ذا الش اذ‪ :‬ال يش ترط ق درها من البش رة إذا اقتصر عليه ا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يشترط‪ .‬وحيث اقتصر على البشرة يجوز‪ ،‬وإن كانت مستورة بالشعر‬
‫على الصحيح‪ .‬وشرط الشعر الممسوح‪ ،‬أن ال يخرج عن حد الرأس لو م د‪،‬‬
‫س بطا ك ان أو جع دا‪ ،‬وال يضر مجاوزته منبته على الص حيح‪ .‬ولو غسل‬
‫رأسه ب دل مس حه‪ ،‬أو ألقى عليه قط رة ولم تسل علي ه‪ ،‬أو وضع ي ده ال تي‬
‫عليها الماء‪ ،‬على رأسه ولم يمرها‪ ،‬أجزأه على الصحيح‪ .‬وال يستحب غسل‬
‫ال رأس قطع ا‪ ،‬وال يك ره على االص ح‪ ،‬بخالف الخ ف‪ ،‬ف إن غس له تع ييب‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وال تتعين اليد للمسح‪ ،‬بل يجوز بأصبع‪ ،‬أو خشبة‪ ،‬أو خرقة‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 165‬‬
‫غيره ا‪ .‬ويجزئه مسح غ يره ل ه‪ .‬والم رأة كالرجل في المس ح‪ .‬ولو ك ان له‬
‫رأسان أجزأه مسح أحدهما‪ .‬وقيل‪ :‬يجب مسح جزء من كل رأس‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الف رض الخ امس‪ :‬غسل ال رجلين مع الكع بين‪ .‬وهما العظم ان الناتئ ان عند‬
‫مفصل الس اق والق دم‪ .‬وحكي وج ه‪ :‬أنه ال ذي ف وق مشط الق دم‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا‬
‫الوجه شاذ منكر‪ ،‬بل غلط‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وحكم الرجل الزائدة ما سبق في الي د‪.‬‬
‫ومراد االصحاب بقولهم‪ :‬غسل الرجلين فرض‪ ،‬إذا لم يمسح على الخف‪ ،‬أو‬
‫أن االصل الغسل والمسح بدل‪ .‬فرع‪ :‬من اجتمع عليه حدثان‪ :‬أصغر‪ .‬وأكبر‪.‬‬
‫فيه أوجه‪ .‬الصحيح‪ :‬يكفيه غسل جميع الب دن بنية الغسل وح ده‪ ،‬وال ت رتيب‬
‫علي ه‪ .‬والث اني‪ :‬يجب نية الح دثين إن اقتصر على الغس ل‪ .‬والث الث‪ :‬يجب‬
‫وضوء مرتب‪ ،‬وغسل جميع البدن‪ .‬فإن شاء قدم الوضوء‪ ،‬وإن ش اء أخ ره‪.‬‬
‫والراب ع‪ :‬يجب وض وء م رتب‪ ،‬وغسل ب اقي الب دن (‪ .)1‬ه ذا كله إذا وقع‬
‫الحدثان معا‪ ،‬أو سبق االصغر‪ ،‬وإما إذا س بق االك بر‪ ،‬فطريق ان‪ .‬أص حهما‪:‬‬
‫ط رد الخالف‪ .‬والث اني‪ :‬القطع باالكتف اء بالغس ل‪ .‬ولو غسل جميع بدنه إال‬
‫رجلي ه‪ ،‬ثم أح دث‪ ،‬ف إن قلنا بالوجه الث الث‪ ،‬وجب وض وء كامل للح دث‪،‬‬
‫وغسل الرجلين للجنابة‪ ،‬يقدم أيهما شاء‪ ،‬فتكون الرجل مغسولة مرتين‪ .‬وإن‬
‫قلنا ب الرابع‪ ،‬وجب غسل ال رجلين بعد أعض اء الوض وء‪ ،‬ويك ون غس لهما‬
‫واقعا عن الح دث والجنابة جميع ا‪ .‬وإن قلنا بالص حيح االول‪ ،‬فعليه غسل‬
‫الرجلين عن الجنابة‪ ،‬وغسل سائر أعضاء الوض وء عن الح دث‪ ،‬ف ان ش اء‬
‫قدم الرجلين‪ ،‬وإن ش اء أخرهم ا‪ ،‬أو وس طهما‪ .‬وعلى ه ذا يك ون الم أتي به‬
‫وض وء خاليا عن غسل ال رجلين‪ ،‬فإنهما يغس الن عن الجنابة خاص ة‪ ،‬وال‬
‫‪،‬يختص هذا بالرجلين‬
‫] ‪[ 166‬‬
‫بل لو غسل الجنب من بدنه ما سوى الرأس وال رجلين‪ ،‬أو الي دين وال رأس‬
‫والرجلين‪ ،‬كان حكمه ما ذكرنا‪ .‬قلت‪ :‬الص حيح في الص ورة الم ذكورة‪ ،‬أنه‬
‫يجب ال ترتيب في أعض اء الوض وء الثالث ة‪ .‬وهو مخ ير في ال رجلين‪ ،‬كما‬
‫ذكرنا‪ .‬وقيل‪ :‬هو مخير في الجميع‪ ،‬وقيل‪ :‬يجب ال ترتيب في الجمي ع‪ ،‬فيجب‬
‫غسل الرجلين بعد االعضاء الثالثة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الفرض الس ادس‪ :‬ال ترتيب (‬
‫‪ :)1‬فلو تركه عمدا لم يصح وضوؤه‪ ،‬لكن يعتد بالوجه وما غسله بعده على‬
‫ال ترتيب‪ .‬ولو تركه ناس يا‪ ،‬فق والن‪ :‬المش هور الجديد ال يجزئ ه‪ .‬ولو غسل‬
‫أربعة أنفس أعض اءه دفعة باذن ه‪ ،‬لم يحصل إال الوجه على االصح (‪.)2‬‬
‫وعلى الث اني يحصل الجمي ع‪ .‬أما إذا غسل المح دث جميع بدن ه‪ ،‬ف إن أمكن‬
‫حص ول ال ترتيب‪ ،‬ب أن انغمس في الم اء ومكث زمانا يت أتى فيه ال ترتيب‬
‫أجزأه على الصحيح‪ .‬وإن لم يتأت‪ ،‬ب أن انغمس ولم يمكث‪ ،‬أو غسل أس افله‬
‫قبل أعاليه‪ ،‬لم يجزه على االص ح‪ .‬وال خالف في االعت داد بغسل الوجه في‬
‫الصورتين إذا قارنته النية‪ ،‬هذا كله إذا نوى رفع الحدث‪ .‬فان نوى الجناب ة‪،‬‬
‫فاالصح أنه كنية رفع الح دث‪ .‬والث اني ال يجزئه بح ال إال الوج ه‪ .‬قلت‪:‬‬
‫االصح عند المحققين في مسألة االنغماس بال مكث االجزاء (‪ .)3‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬إذا خ رج منه بلل يج وز أن يك ون منيا وم ذيا‪ ،‬واش تبه‪ ،‬ففيه أوج ه‪.‬‬
‫أح دها‪ :‬يجب الوض وء فق ط‪ ،‬فلو ع دل إلى الغس ل‪ ،‬ك ان كمح دث يغتس ل‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬يجب الوض وء‪ ،‬وغسل س ائر الب دن‪ ،‬وغسل ما أص ابه البل ل‪.‬‬
‫والث الث‪ ،‬وهو االص ح‪ :‬يتخ ير بين ال تزام حكم الم ني‪ ،‬وحكم الم ذي‪ .‬ف إن‬
‫اختار الوضوء وجب الترتيب فيه‪ ،‬وغسل ما أصابه‪ .‬وقيل‪ :‬ال يجب ان وليس‬
‫بشئ‪ ،‬ويجري هذا‬

‫] ‪[ 167‬‬
‫الخالف فيما إذا أولج خن ثى مش كل في دبر رج ل‪ ،‬فهما بتق دير ذك ورة‬
‫الخن ثى جنب ان‪ ،‬وإال فمح دثان‪ .‬وإذا توض آ‪ ،‬وجب عليهما ال ترتيب‪ ،‬وفيه‬
‫الوجه المتق دم‪ ،‬وليس بش ئ‪ .‬فص ل‪ :‬وأما س نن الوض وء‪ ،‬فكث يرة‪ :‬إح داها‪:‬‬
‫السواك‪ .‬وهو‪ :‬سنة مطلقا (‪ ،)1‬وال يك ره إال بعد ال زوال لص ائم (‪ .)2‬وفي‬
‫غ ير ه ذه الحالة مس تحب في كل وقت‪ .‬ويتأكد اس تحبابه في أح وال عند‬
‫الصالة وإن لم يكن متغ ير الفم‪ ،‬وعند الوض وء وإن لم يص ل‪ ،‬وعند ق راءة‬
‫القرآن‪ ،‬وعند اصفرار االسنان وإن لم يتغير الفم‪ ،‬وعند تغ ير الفم بن وم‪ ،‬أو‬
‫ط ول س كوت‪ ،‬أو ت رك أك ل‪ ،‬أو أكل ما له رائحة كريه ة‪ ،‬أو غ ير ذل ك‪.‬‬
‫ويحصل السواك بخرق ة‪ ،‬وكل خشن مزي ل‪ ،‬لكن الع ود أولى‪ ،‬واالراك منه‬
‫أولى‪ ،‬واالفضل أن يكون بيابس ندي بالماء‪ ،‬وال يحصل بأصبع خشنة على‬
‫أصح االوجه‪ .‬والثالث‪ :‬يحصل عند عدم العود‪ ،‬ونحوه‪ .‬ويس تحب أن يس تاك‬
‫عرضا‪ .‬قلت‪ :‬كره جماعة من أصحابنا االستياك طوال‪ .‬ولنا قول غريب‪ :‬أنه‬
‫ال يكره الس واك لص ائم بعد ال زوال‪ .‬ويس تحب أن يب دأ بج انب فمه االيمن‪،‬‬
‫وأن يعود الصبي الس واك ليألف ه‪ .‬وال ب أس أن يس تاك بس واك غ يره بإذن ه‪.‬‬
‫ويس تحب أن يمر الس واك على س قف حلقه إم رارا لطيف ا‪ ،‬وعلى كراسي‬
‫أضراس ه‪ .‬وين وي بالس واك الس نة‪ .‬ويسن الس واك أيضا عند دخوله بيت ه‪،‬‬
‫‪.‬واستيقاظه من نومه‪ ،‬للحديث الصحيح فيهما (‪ .)3‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 168‬‬
‫والثانية‪ :‬أن يقول في ابتداء وض وئه‪ :‬بسم هللا (‪ ،)1‬فلو نس يها في االبت داء‪،‬‬
‫أتى بها متى ذكرها قبل الفراغ‪ ،‬كما في الطعام‪ .‬فان تركها عمدا فهل يشرع‬
‫الت دارك ؟ فيه احتم ال‪ .‬قلت‪ :‬ق ول االم ام ال رافعي فيه احتم ال عجيب‪ ،‬فقد‬
‫ص رح أص حابنا بأنه يت دارك في العم د‪ ،‬وممن ص رح به المح املي في‬
‫(المجموع) والجرجاني في (التحري ر) وغيرهم ا‪ ،‬وقد أوض حته في (ش رح‬
‫المهذب) (‪ )2‬قال أصحابنا‪ :‬ويستحب التسمية في ابتداء كل أمر ذي ب ال من‬
‫العب ادات وغيرها ح تى عند الجم اع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الثالث ة‪ :‬غسل الكفين قبل‬
‫الوجه‪ .‬سواء قام من النوم وشك في نجاسة اليد وأراد غمس ي ده في االن اء‪،‬‬
‫أم لم يكن شئ من ذلك‪ ،‬لكن إن أراد غمس يديه في إناء قبل غسلهما‪ ،‬ك ره‬
‫إن لم ي تيقن طهارتهما (‪ .)3‬ف إن تيقنه ا‪ ،‬فوجه ان‪ .‬االصح ال يك ره الغمس‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وال تزول الكراهة إال بغسلهما ثالثا قبل الغمس‪ .‬نص عليه الب ويطي (‬
‫‪ ،)4‬وصرح به االصحاب للحديث الصحيح (‪ .)5‬وقال أصحابنا‪ :‬إذا كان‬

‫] ‪[ 169‬‬
‫الماء في إناء كبير‪ ،‬أو ص خرة مجوف ة‪ ،‬بحيث ال يمكن أن يصب منه على‬
‫يده‪ ،‬وليس معه ما يغترف به‪ ،‬استعان بغيره‪ ،‬أو أخذ الماء بفم ه‪ ،‬أو ط رف‬
‫ثوب نظيف ونح وه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الرابع ة‪ :‬المضمض ة‪ ،‬واالستنش اق‪ ،‬ثم أصل‬
‫هذه السنة يحصل بوص ول الم اء إلى الفم‪ ،‬واالن ف‪ .‬س واء ك ان بغرف ة‪ ،‬أو‬
‫أكثر‪ .‬وفي االفضل طريقان‪ .‬الصحيح‪ :‬أن فيه ق ولين‪ :‬أظهرهم ا‪ :‬الفصل بين‬
‫المضمضة واالستنش اق أفض ل‪ .‬والث اني‪ :‬الجمع بينهما أفض ل‪ ،‬والطريق‬
‫الث اني‪ :‬الفصل أفضل قطع ا‪ .‬وفي كيفيته وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬يتمض مض من‬
‫غرفة ثالث ا‪ ،‬ويستنشق من أخ رى ثالث ا‪ .‬والث اني‪ :‬بست غرف ات‪ ،‬وتق ديم‬
‫المضمضة على االستنشاق شرط على االص ح‪ .‬وقي ل‪ :‬مس تحب‪ .‬وفي كيفية‬
‫الجمع وجه ان‪ ،‬االص ح‪ :‬بثالث غرف ات‪ ،‬يتمض مض من كل غرف ة‪،‬‬
‫ويستنش ق‪ .‬والث اني‪ :‬بغرفة يتمض مض منها ثالث ا‪ ،‬ثم يستنشق منها ثالث ا‪،‬‬
‫وقيل (‪ :)1‬يتمض مض منها ثم يستنشق م رة‪ ،‬ثم ك ذلك ثانية وثالث ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الم ذهب من ه ذا الخالف‪ ،‬أن الجمع بثالث أفض ل‪ ،‬ك ذا قاله جماعة من‬
‫المحققين‪ ،‬واالحاديث الص حيحة مص رحة به (‪ )2‬وقد أوض حته في (ش رح‬
‫المه ذب) (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬الخامس ة‪ :‬المبالغة في المضمضة واالستنش اق‪،‬‬
‫فيبلغ ماء المضمضة أقصى الحنك‪ ،‬ووجهي االسنان‪ ،‬وتمر االصبع عليه ا‪،‬‬
‫ويص عد م اء االستنش اق بنفسه إلى الخيش وم مع إدخ ال االص بع اليس رى‪،‬‬
‫وإزالة ما هن اك من أذى‪ .‬ف إن ك ان ص ائما لم يب الغ فيهم ا‪ .‬قلت‪ :‬ولو جعل‬
‫‪.‬الماء في فيه ولم يدره‪ ،‬حصلت المضمضة على الصحيح‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 170‬‬
‫السادسة‪ :‬التكرار ثالثا في المغسول (‪ )1‬والممسوح المفروض والمس نون (‬
‫‪ ،)2‬ولنا قول شاذ‪ :‬أنه ال يكرر مسح الرأس‪ ،‬ووجه أشذ منه‪ :‬أنه ال يكرره‪،‬‬
‫وال مسح االذنين‪ .‬ولو شك هل غسل أو مسح م رة‪ ،‬أو م رتين‪ ،‬أم ثالثا ؟‬
‫أخذ باالقل على الص حيح‪ ،‬وقي ل‪ :‬ب االكثر‪ .‬قلت‪ :‬تك ره الزي ادة على ثالث‪،‬‬
‫وقي ل‪ :‬تح رم‪ ،‬وقي ل‪ :‬هي خالف االولى‪ ،‬والص حيح‪ :‬االول‪ ،‬وإنما تجب‬
‫الغسلة م رة‪ ،‬وإذا اس توعبت العض و‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الس ابعة‪ :‬تخليل ما ال يجب‬
‫إيصال الماء إلى منابته (‪ ،)3‬من شعور الوج ه‪ ،‬باالص ابع‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪:‬‬
‫أنه يجب التخليل‪ .‬قلت‪ :‬مراد قائله‪ ،‬وجوب إيص ال الم اء إلى المنبت‪ ،‬وليس‬
‫بشئ‪ ،‬وقد نقلوا االجم اع على خالف ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الثامن ة‪ :‬تق ديم اليمين على‬
‫اليسار في يديه ورجلي ه‪ .‬وأما االذن ان والخ دان‪ ،‬فيطه ران دفع ة‪ .‬ف ان ك ان‬
‫أقطع‪ ،‬قدم اليمين‪ .‬قلت‪ :‬والكفان‪ ،‬كاالذنين وفي البحر وجه شاذ‪ :‬أنه يستحب‬
‫تقديم االذن اليم نى‪ .‬ولو ق دم مسح االذن على مسح ال رأس‪ ،‬لم يحصل على‬
‫‪.‬الصحيح‪ .‬وهللا أعلم‬
‫] ‪[ 171‬‬
‫التاسعة‪ :‬تطويل الغرة (‪ )1‬والتحجيل‪ .‬فالغرة‪ :‬غسل مقدمات الرأس وصفحة‬
‫العنق مع الوج ه‪ .‬والتحجي ل‪ :‬غسل بعض العض دين مع ال ذراعين‪ ،‬وبعض‬
‫الساقين مع الرجلين‪ .‬وغايته‪ :‬استيعاب العضد والساق (‪ ،)2‬وقال كث يرون‪:‬‬
‫الغرة‪ :‬غسل بعض العضد والساق فقط‪ .‬والصحيح‪ :‬االول‪ .‬العاشرة‪ :‬استيعاب‬
‫الرأس بالمسح‪ .‬والسنة في كيفيت ه‪ :‬أن يضع يديه على مق دم رأس ه‪ ،‬ويلصق‬
‫سبابته باالخرى‪ ،‬وإبهاميه على صدغيه‪ ،‬ثم يذهب بهما إلى قفاه‪ ،‬ثم يردهما‬
‫إلى المبتدأ‪ ،‬فال ذهاب وال رد مس حة واح دة‪ .‬وه ذا االس تحباب لمن له ش عر‬
‫ينقلب بالذهاب والرد‪ ،‬ويصله البلل‪ .‬أما من ال شعر له أو له شعر ال ينقلب‪،‬‬
‫لصغره (‪ ،)3‬أو طوله‪ ،‬فيقتصر على الذهاب‪ .‬فلو رد‪ ،‬لم يحسب ثانية‪ ،‬ولو‬
‫لم يرد نزع ما على رأسه من عمامة أو غيرها‪ ،‬مسح ما يجب من ال رأس‪.‬‬
‫ة‪ ،‬واالفضل أن ال يقتصر على أقل من‬ ‫ويسن تتميم المسح على العمام‬
‫الناص ية‪ .‬وال يكفي االقتص ار على العمامة قطع ا‪ .‬الحادية عش رة‪ :‬مسح‬
‫االذنين ظاهرهما وباطنهما بم اء جدي د‪ .‬ولو أخذ بأص ابعه م اء لرأس ه‪ ،‬ثم‬
‫أمسك بعض أصابعه فلم يمسحه به ا‪ ،‬فمسح االذن بمائه ا‪ ،‬كفى النه جدي د‪،‬‬
‫ويمسح الصماخين بماء جديد على المشهور‪ .‬وفي قول ش اذ‪ :‬يكفي مس حهما‬
‫ببقية بلل االذن‪ .‬قلت‪ :‬ويمسح الصماخين ثالثا‪ ،‬ونقل وا‪ :‬أن ابن س ريج رحمه‬
‫هللا‪ ،‬كان يغسل أذنيه مع وجهه‪ ،‬ويمسحهما مع رأسه ومنفردتين احتياطا في‬
‫العمل بمذاهب‬

‫] ‪[ 172‬‬
‫العلم اء فيهم ا‪ ،‬وفعله ه ذا حس ن‪ .‬وقد غلط من غلطه فيه زاعما أن الجمع‬
‫بينهما لم يقل به أح د‪ .‬ودليل ابن س ريج‪ ،‬نص الش افعي واالص حاب على‬
‫اس تحباب غسل النزع تين مع الوج ه‪ ،‬مع أنهما يمس حان في ال رأس‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬الثانية عش رة‪ :‬مسح الرقب ة‪ .‬وهل هو س نة‪ ،‬أم أدب ؟ فيه وجه ان‪.‬‬
‫والس نة واالدب يش تركان في أصل االس تحباب‪ ،‬لكن الس نة يتأكد ش أنها‪،‬‬
‫واالدب دون ذلك‪ .‬ثم االكثرون‪ ،‬على أنه يمسح بباقي بلل الرأس‪ ،‬أو االذن‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بماء جديد‪ .‬قلت‪ :‬وذهب كثيرون من أصحابنا‪ ،‬إلى أنها ال تمسح‪ ،‬النه‬
‫لم يثبت فيها شئ أصال‪ ،‬ولهذا لم يذكره الشافعي ومتقدمو االص حاب‪ .‬وه ذا‬
‫هو الصواب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الثالثة عش رة‪ :‬تخليل أص ابع ال رجلين بخنصر ي ده‬
‫اليس رى من أس فل الرج ل‪ ،‬مبت دئا بخنصر الرجل اليم نى‪ ،‬خاتما بخنصر‬
‫اليسرى (‪ .)1‬وقيل‪ :‬يخلل ما بين كل أصبعين من أصابع رجليه بأص بع من‬
‫أصابع يده‪ ،‬ولم يذكر الجمهور تخليل أصابع الي دين‪ ،‬واس تحبه القاضي ابن‬
‫كج (‪ )2‬من أصحابنا‪ ،‬وورد فيه حديث‪ .‬قال الترم ذي (‪ :)3‬إنه حس ن‪ .‬فعلى‬
‫هذا تخليلها بالتشبيك بينها‪ .‬ولو كانت أص ابع رجليه ملتفة ال يصل الم اء ما‬
‫بينهما إال بالتخليل‪ ،‬وجب االيصال‪ .‬وإن كانت ملتحم ة‪ ،‬لم يجب فتقه ا‪ ،‬وال‬
‫‪.‬يستحب‪ .‬قلت‪ :‬بل ال يجوز‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 173‬‬
‫الرابعة عش رة‪ :‬ال دعوات على أعض اء الوض وء‪ ،‬فيق ول عند الوج ه‪ :‬اللهم‬
‫بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه‪ .‬وعند اليد اليمنى‪ :‬اللهم أعطني‬
‫كتابي بيميني‪ ،‬وحاسبني حسابا يسيرا‪ .‬وعند اليسرى‪ :‬اللهم ال تعطني كت ابي‬
‫بش مالي‪ ،‬وال من وراء ظه ري‪ .‬وعند ال رأس‪ :‬اللهم ح رم ش عري وبش ري‬
‫على النار‪ .‬وعند االذنين‪ :‬اللهم اجعل ني من ال ذين يس تمعون الق ول فيتبع ون‬
‫أحسنه‪ .‬وعند الرجلين‪ :‬اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل االقدام‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ه ذا ال دعاء‪ ،‬ال أصل ل ه‪ ،‬ولم ي ذكره الش افعي‪ ،‬والجمه ور (‪ .)1‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الخامسة عش رة‪ :‬ت رك االس تعانة‪ ،‬وهل تك ره االس تعانة ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الوجهان فيما إذا استعان بمن يصب عليه الماء‪ ،‬وأصحهما‪ :‬ال يك ره‪ .‬أما إذا‬
‫استعان بمن يغسل له االعضاء‪ ،‬فمكروه قطعا‪ .‬وإن اس تعان به في إحض ار‬
‫الماء‪ ،‬فال بأس ب ه‪ ،‬وال يق ال‪ :‬إنه خالف االولى‪ ،‬وحيث ك ان له ع ذر‪ ،‬فال‬
‫بأس باالستعانة مطلقا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬السادسة عشرة‪ :‬االصح أنه يس تحب ت رك‬
‫التنشيف‪ .‬والثاني‪ :‬ال يستحب‪ ،‬وال يكره‪ .‬والث الث‪ :‬يك ره (‪ )2‬والراب ع‪ :‬يك ره‬
‫في الصيف دون الشتاء‪ .‬والخامس‪ :‬يستحب‪ .‬السابعة عشرة‪ :‬أن ال ينفض يده‬
‫والنفض‪ :‬مك روه‪ .‬قلت‪ :‬في النفض أوج ه‪ .‬االرجح‪ :‬أنه مب اح‪ ،‬تركه وفعله‬
‫س واء‪ .‬والث اني‪ :‬مك روه‪ .‬والث الث‪ :‬تركه أولى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الثامنة عش رة‪ :‬في‬
‫مندوبات أخر‪ ،‬منها‪ :‬أن يقول بعد التسمية‪ :‬الحمد هلل‬

‫] ‪[ 174‬‬
‫الذي جعل الماء طهورا‪ ،‬وأن يستصحب النية في جميع االفعال‪ ،‬وأن يجمع‬
‫في النية بين القلب واللس ان‪ ،‬وأن يتعهد الم وقين (‪ )1‬بالس بابتين (‪،)2‬‬
‫ويح رك الخ اتم‪ ،‬ويتعهد ما يحت اج إلى االحتي اط‪ ،‬ويب دأ في الوجه ب أعاله‪،‬‬
‫وفي ال رأس بمقدم ه‪ ،‬وفي اليد والرجل ب أطراف االص ابع‪ ،‬إن ص به على‬
‫نفس ه‪ .‬وإن صب عليه غ يره‪ ،‬ب دأ ب المرفق والكعب‪ .‬وأن ال ينقص م اء‬
‫الوضوء عن مد‪ ،‬وأن ال يسرف‪ ،‬وال يزيد على ثالث م رات‪ ،‬وال يتكلم في‬
‫أثن اء الوض وء‪ ،‬وال يلطم وجهه بالم اء‪ ،‬وال يتوضأ في موضع يرجع إليه‬
‫رشاش الماء‪ ،‬وأن يمر يده على االعضاء‪ ،‬وأن يقول بعد الف راغ‪ :‬أش هد أن‬
‫ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه‪ ،‬وأش هد أن محم دا عب ده ورس وله‪ ،‬اللهم‬
‫اجعلني من التوابين‪ ،‬واجعلني من المتطهرين (‪ )3‬س بحانك اللهم وبحم دك‪،‬‬
‫أشهد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إلي ك‪ .‬واعلم أن معظم ه ذه الس نن‬
‫يجئ مثلها في الغسل‪ ،‬وفي التسمية وجه‪ :‬أنها ال تس تحب في الغس ل‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫التفريق اليس ير بين أعض اء الوض وء‪ ،‬ال يضر بال خالف‪ ،‬وك ذا الكث ير‪،‬‬
‫على الجديد المش هور‪ .‬والكث ير‪ :‬هو أن يمضي زمن يجف فيه المغس ول مع‬
‫اعتدال الهواء ومزاج الشخص‪ .‬والقليل‪ :‬دون ذلك‪ .‬وقيل‪ :‬تؤخذ القلة والكثرة‬
‫من الع رف‪ .‬وقي ل‪ :‬الكث ير‪ :‬مضي زمن يمكن فيه إتم ام الطه ارة‪ .‬وم دة‬
‫التفريق تعتبر من آخر المأتي به من أفعال الوضوء‪ .‬ولو فرق بع ذر‪ ،‬كنف اد‬
‫الم اء‪ ،‬لم يضر على الم ذهب‪ ،‬وقي ل‪ :‬فيه الق والن‪ .‬والنس يان ع ذر على‬
‫االصح‪ .‬وحيث جاز التفري ق‪ ،‬فب نى‪ ،‬ال يحت اج إلى تجديد النية في االص ح‪.‬‬
‫والمواالة في الغسل‪ ،‬كهي في الوضوء على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬ال يجب مطلقا‬
‫بال خالف‪ .‬قلت‪ :‬بقيت مسائل مهمة من صفة الوضوء‪ .‬منه ا‪ :‬غسل العي نين‪.‬‬
‫فيه‬

‫] ‪[ 175‬‬
‫أوجه‪ .‬أحدها‪ :‬س نة‪ .‬والث اني‪ :‬مس تحب‪ .‬والث الث‪ :‬ال يفع ل‪ ،‬وهو االصح عند‬
‫االص حاب‪ .‬ولو لم يكن لرجله كعب‪ ،‬أو لي ده مرف ق‪ ،‬اعت بر ق دره‪ ،‬ولو‬
‫تشققت رجله‪ ،‬فجعل في شقوقها شمعا أو حناء‪ ،‬وجب إزالة عينه‪ ،‬ف إن بقي‬
‫لون الحناء‪ ،‬لم يضر‪ ،‬وإن كان على العضو دهن مائع‪ ،‬فج رى‪ ،‬الم اء على‬
‫العضو‪ ،‬ولم يثبت‪ ،‬صح وضوؤه‪ ،‬ولو كان تحت أظفاره وسخ يمنع وصول‬
‫الماء‪ ،‬لم يصح وضوؤه على االصح‪ .‬ولو قدم المضمضة واالستنش اق على‬
‫غسل الك ف‪ ،‬لم يحسب الكف على االص ح‪ .‬ولو شك في غسل بعض‬
‫أعضائه في أثناء الطهارة‪ ،‬لم يحسب له‪ ،‬وبعد الف راغ ال يض ره الشك على‬
‫االصح‪ .‬ويشترط في غسل االعضاء‪ :‬جريان الم اء على العضو بال خالف‪.‬‬
‫ويرتفع الح دث عن كل عضو بمج رد غس له‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬يتوقف‬
‫على فراغ االعضاء‪ ،‬والصواب‪ :‬االول‪ .‬وبه قطع االصحاب‪ .‬ويس تحب لمن‬
‫يتوضأ أن يص لي عقبه ركع تين في أي وقت ك ان‪ .‬وهللا أعلم (‪ .)1‬ب اب‬
‫االس تنجاء (‪ )2‬االس تنجاء واجب‪ .‬ولقض اء الحاجة آداب‪ .‬منه ا‪ :‬أن يس تر‬
‫عورته عن العي ون بش جرة‪ ،‬أو بقية ج دار‪ ،‬ونحوهم ا‪ ،‬ف إن ك ان في بن اء‬
‫يمكن تس قيفه‪ ،‬كفى‪ ،‬ولو جلس في وسط عرصة دار واس عة‪ ،‬أو بس تان‪،‬‬
‫فليستر بق در م ؤخرة الرح ل‪ ،‬وليكن بينه وبينها ثالثة أذرع فما دونه ا‪ .‬ولو‬
‫أناخ راحلته وتستر بها‪ ،‬أو جلس في وهدة‪ ،‬أو نهر‪ ،‬أو أرخى ذيل ه‪ ،‬حصل‬
‫الغرض‪ .‬ومنها‪ :‬أن ال يس تقبل الش مس‪ ،‬وال القمر بفرج ه‪ ،‬ال في الص حراء‬
‫‪.‬وال في البنيان‪ .‬وهو نهي تنزيه (‪)3‬‬

‫] ‪[ 176‬‬
‫قال جماعة‪ :‬ويجتنب االستدبار أيضا‪ .‬والجمه ور‪ :‬اقتص روا على النهي عن‬
‫االستقبال‪ .‬ومنها‪ :‬إن كان في بناء‪ ،‬أو بين يديه ساتر‪ ،‬ف االدب أن ال يس تقبل‬
‫القبلة وال يستدبرها‪ .‬فإن كان في صحراء ولم يس تتر بش ئ‪ ،‬ح رم اس تقبالها‬
‫واستدبارها‪ ،‬وال يحرم ذلك في البناء (‪ .)1‬ومنه ا‪ :‬أن ال يتخلى في متح دث‬
‫الناس (‪ ،)2‬وأن ال يبول في الم اء الراكد الكث ير‪ ،‬والنهي عن القليل أشد (‬
‫‪ ،)3‬وفي الليل أشد‪ .‬وأن ال يبول في ثقب (‪ ،)4‬وأن ال يجلس تحت ش جرة‬
‫مثمرة لغائط‪ ،‬وال بول‪ ،‬وال يبول في مهب ريح‪ .‬وأن يعتمد في جلوسه على‬
‫رجله اليس رى‪ ،‬وأن يعد أحج ار االس تنجاء عن ده قبل جلوس ه‪ ،‬وأن ال‬
‫يس تنجي بالم اء‪ ،‬موضع قض اء الحاج ة‪ ،‬بل ينتقل عن ه‪ .‬ف إن ك ان يس تنجي‬
‫بالحجر‪ ،‬لم ينتقل‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا في غ ير اال خلية المتخ ذة ل ذلك‪ .‬أما اال خلي ة‪،‬‬
‫فال ينتقل منها للمشقة‪ ،‬والنه ال يناله رشاش‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأن ال يستصحب (‬
‫‪ )5‬ما فيه شئ من القرآن‪ ،‬أو ذكر هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 177‬‬
‫رسوله (ص)‪ ،‬كخاتم ودرهم ونحوهما‪ ،‬وال يختص هذا االدب بالبني ان‪ ،‬بل‬
‫يعم الصحراء على الصحيح‪ .‬فلو غفل عن نزع الخاتم ح تى اش تغل بقض اء‬
‫الحاجة‪ ،‬ضم كفه عليه‪ .‬وأن يقدم في ال دخول رجله اليس رى‪ ،‬وفي الخ روج‬
‫اليمنى (‪ ،)1‬وسواء في هذا االدب‪ ،‬الصحراء والبنيان على الصحيح‪ ،‬فيقدم‬
‫اليس رى إذا بلغ مقع ده في الص حراء‪ ،‬ويق دم اليم نى في انص رافه‪ ،‬وقي ل‪:‬‬
‫يختص بالبنيان‪ .‬وأن يستبرئ بتنحنح‪ ،‬ونتر ذكره عند انقطاع البول‪ ،‬ويك ره‬
‫حشو االحليل بقطن ونح وه‪ .‬قلت‪ :‬يك ره اس تقبال بيت المق دس‪ ،‬واس تدباره‪،‬‬
‫ببول أو غائط‪ ،‬وال يحرم‪ ،‬وال يكره الجماع مستقبل القبل ة‪ ،‬وال مس تدبرها‪،‬‬
‫ال في بناء وال في صحراء عندنا‪ .‬واستصحاب ما عليه ذكر هللا تعالى‪ .‬على‬
‫الخالء مكروه‪ ،‬ال حرام‪ .‬والسنة أن يقول عند دخول الخالء‪( :‬باسم هللا (‪،)2‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) (‪ .)3‬ويق ول إذا خ رج‪( :‬غفران ك‪،‬‬
‫الحمد هلل ال ذي أذهب ع ني االذى وعاف اني) (‪ .)4‬وس واء في ه ذا البني ان‬
‫والصحراء‪ ،‬وال يرفع ثوبه حتى يدنو من االرض‪ ،‬ويسبله عليه إذا ق ام قبل‬
‫انتص ابه‪ .‬ويك ره أن ي ذكر هللا تع الى‪ ،‬أو يتكلم بشئ قبل خروج ه‪ ،‬إال‬
‫لضرورة‪ .‬فإن عطس حمد هللا تعالى بقلبه‪ ،‬وال يحرك لسانه‪ ،‬وك ذا يفعل في‬
‫حال الجماع‪ ،‬والس نة أن يبعد عن الن اس‪ ،‬وأن يب ول في مك ان لين ال يرتد‬
‫عليه فيه بوله‪ .‬ويكره في قارعة الطري ق‪ )5( ،‬وعند القب ور‪ ،‬ويح رم الب ول‬
‫على القبر‪ .‬وفي المسجد‬

‫] ‪[ 178‬‬
‫فلو بال في إناء في المسجد فهو حرام على االص ح‪ .‬ويس تحب أن ال ي دخل‬
‫الخالء حافيا وال مكشوف الرأس‪ ،‬وأن ال ينظر إلى ما يخرج من ه‪ ،‬وال إلى‬
‫فرجه‪ ،‬وال إلى السماء‪ ،‬وال يعبث بيده‪ ،‬وال يك ره الب ول في االن اء‪ ،‬ويك ره‬
‫قائما بال ع ذر‪ ،‬ويك ره إطالة القع ود على الخالء‪ .‬وهللا أعلم (‪ .)1‬فصل فيما‬
‫يس تنجى منه إذا خ رج من الب دن نجس ال ينقض الطه ر‪ ،‬لم يج زئ فيه‬
‫الحج ر‪ .‬وأما الخ ارج ال ذي ينقض الطه ر‪ ،‬ف إن ك ان ريح ا‪ ،‬لم يجب‬
‫االس تنجاء‪ .‬وإن ك ان غ يره‪ ،‬وخ رج من منفتح غ ير الس بيلين‪ ،‬ففي إج زاء‬
‫الحجر فيه خالف‪ ،‬يأتي في الباب اآلتي إن شاء هللا تع الى وإن ك ان خارجا‬
‫من السبيلين‪ ،‬يوجب الطهارة الكبرى‪ ،‬كالمني‪ ،‬والحيض‪ ،‬وجب الغسل‪ ،‬وال‬
‫يمكن االقتصار على الحجر‪ .‬قلت‪ :‬قد صرح (‪ )2‬صاحب (الحاوي) وغ يره‪:‬‬
‫بج واز االس تنجاء ب الحجر من دم الحيض‪ .‬وفائدته فيمن انقطع حيض ها‬
‫واستنجت بالحجر‪ ،‬ثم تيممت لسفر أو مرض‪ ،‬ص لت وال إع ادة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وإن أوجب الصغرى‪ ،‬فإن لم يكن ملوثا كدود‪ ،‬وحصاة بال رطوبة‪ ،‬لم يجب‬
‫االس تنجاء على االظه ر‪ .‬قلت‪ :‬والبع رة اليابس ة‪ ،‬كالحص اة‪ ،‬وص رح به‬
‫‪.‬صاحب (الشامل) وآخرون‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 179‬‬
‫وإن كان ملوثا نادرا‪ ،‬كال دم‪ ،‬والقيح‪ ،‬والم ذي‪ ،‬فثالثة ط رق (‪ .)1‬الص حيح‬
‫ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬يجزئه الحج ر‪ .‬والث اني‪ :‬يتعين الم اء‪ .‬والث اني‪ :‬يج زئ‬
‫الحجر قطعا‪ .‬والث الث‪ :‬إن خ رج الن ادر مختلطا بالمعت اد‪ ،‬كفى الحج ر‪ .‬وإن‬
‫تمحض الن ادر‪ ،‬تعين الم اء‪ .‬وإن ك ان الخ ارج ملوثا معت ادا ولم يج اوز‬
‫المخ رج‪ ،‬فله االقتص ار على الحجر قطع ا‪ .‬وك ذا إن ج اوز المخ رج‪ ،‬ولم‬
‫يجاوز المعتاد على المذهب‪ ،‬وشذ بل غلط من قال‪ :‬فيه قول آخر‪ :‬أنه يتعين‬
‫الماء‪ .‬فإن جاوز المعتاد‪ ،‬ولم يخرج الغائط عن االليتين‪ ،‬أج زأ الحجر أيضا‬
‫على االظه ر‪ .‬وقي ل‪ :‬قطع ا‪ .‬وقي ل‪ :‬يتعين الم اء قطع ا‪ .‬والب ول‪ :‬كالغائ ط‪،‬‬
‫والحشفة‪ :‬كاالليتين‪ .‬وقال أبو إسحاق المروزي‪ :‬إذا جاوز البول الثقب‪ ،‬تعين‬
‫الماء قطع ا‪ .‬والم ذهب‪ :‬االول‪ .‬ولو ج اوز الغائط االلي تين‪ ،‬والب ول الحش فة‪،‬‬
‫تعين الماء قطعا لندوره‪ ،‬سواء المج اوز‪ ،‬وغ يره‪ .‬وقيل في غ ير المج اوز‪:‬‬
‫الخالف‪ ،‬وليس بش ئ‪ .‬وحيث اقتصر على الحجر فش رطه‪ :‬أن ال تنتقل‬
‫النجاسة عن الموضع ال ذي أص ابته عند الخ روج‪ ،‬وأن ال يجف ما على‬
‫المخ رج‪ .‬ف إن فقد أح دهما‪ ،‬تعين الم اء قطعا (‪ .)2‬وقي ل‪ :‬إن ك ان الج اف‬
‫بحيث يقلعه الحج ر‪ ،‬أج زأ الحج ر‪ .‬فصل فيما يس تنجى به غ ير الم اء وله‬
‫شروط‪ .‬أحدها‪ :‬أن يكون طاهرا‪ ،‬فلو استنجى بنجس‪ ،‬تعين بعده الم اء‪ ،‬على‬
‫الصحيح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يجزئه الحجر إن كان النجس جامدا‪ .‬الش رط الث اني‪:‬‬
‫أن يكون منش فا قالعا للنجاس ة‪ ،‬فال يج زئ زج اج‪ ،‬وقص ب‪ ،‬وحديد أملس‪،‬‬
‫وفحم رخو‪ ،‬وتراب متناثر‪ ،‬ويجزئ فحم وت راب ص لبان‪ .‬وقيل في ال تراب‬
‫والفحم‪ :‬قوالن مطلقا‪ ،‬وليس بش ئ‪ .‬وإن اس تنجى بما ال يقل ع‪ ،‬لم يجزئه وإن‬
‫أنقى‪ .‬فإن نقل النجاسة‪ ،‬تعين الماء‪ ،‬وإال أجزأ الحج ر‪ .‬ولو اس تنجى ب رطب‬
‫من‬

‫] ‪[ 180‬‬
‫حج ر‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬لم يجزئه على الص حيح‪ .‬الش رط الث الث‪ :‬أن ال يك ون‬
‫محترما‪ ،‬فال يجوز االستنجاء بمطعوم‪ ،‬ك الخبز‪ ،‬والعظم‪ .‬وال بما كتب عليه‬
‫علم‪ ،‬كحديث‪ ،‬وفقه‪ ،‬وفي ج زء الحي وان المتصل ب ه‪ ،‬كاليد والعقب‪ ،‬وذنب‬
‫حمار‪ ،‬وجهان‪ .‬الصحيح‪ :‬ال يج وز‪ .‬وقي ل‪ :‬يج وز بيد نفس ه‪ ،‬دون يد غ يره‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬عكس ه‪ .‬ويج وز بقطعة ذهب‪ ،‬وفض ة‪ ،‬وج وهر نفيس خش نة على‬
‫الصحيح‪ ،‬كما يجوز بالديباج قطعا (‪ .)1‬وإن استنجى بمح ترم‪ ،‬عص ى‪ ،‬وال‬
‫يجزئه على الص حيح‪ ،‬لكن يجزئه الحجر بع ده‪ ،‬إال أن ينقل النجاس ة‪ ،‬وأما‬
‫الجلد الطاهر‪ ،‬فاالظهر‪ :‬أنه إن كان مدبوغا‪ ،‬ج از االس تنجاء ب ه‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬يج وز مطلق ا‪ .‬والث الث‪ :‬ال يج وز مطلق ا‪ .‬ولو اس تنجى بحج ر‪ ،‬ثم‬
‫غسله ويبس‪ ،‬جاز االستنجاء ب ه‪ ،‬وإن اس تنجى بحج ر‪ ،‬فلم يبق على المحل‬
‫شئ‪ ،‬فاستعمل الث اني والث الث ولم يتلوث ا‪ ،‬ج از اس تعمالهما من غ ير غسل‬
‫على الصحيح‪ .‬فصل في كيفية االستنجاء‪ :‬إذا استنجى بجامد‪ ،‬وجب االنق اء‪،‬‬
‫واستيفاء بثالث مس حات ب أحرف حج ر‪ ،‬أو ما في معن اه‪ ،‬أو بأحج ار‪ .‬ولو‬
‫حصل االنق اء ب دون الثالث‪ ،‬وجب ثالث‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يكفي االنق اء‪ ،‬وهو‬
‫ش اذ‪ ،‬أو غل ط‪ .‬وإذا لم يحصل االنق اء بثالث‪ ،‬وجبت الزي ادة‪ .‬ف إن حصل‬
‫براب ع‪ ،‬اس تحب االتي ان بخ امس وال يجب‪ .‬وفي كيفية االس تنجاء أوج ه‪،‬‬
‫أصحها‪ :‬يمسح بكل حجر جميع المحل‪ ،‬فيضعه على مقدم الص فحة اليم نى‪،‬‬
‫وي ديره على الص فحتين إلى أن يصل موضع ابتدائ ه‪ ،‬ويضع الث اني على‬
‫مق دم الص فحة اليس رى‪ ،‬ويفعل مثل ذل ك‪ ،‬ويمسح بالث الث الص فحتين‬
‫والمسربة‪ .‬والوجه الثاني‪ :‬يمسح بحجر الصفحة اليم نى‪ ،‬وبالث اني اليس رى‪،‬‬
‫وبالث الث الوس ط‪ .‬والوجه الث الث أن يمسح ب االول من مق دم المس ربة إلى‬
‫آخره ا‪ .‬وبالث اني‪ ،‬من آخرها إلى أوله ا‪ ،‬ويحلق بالث الث‪ ،‬وه ذا الخالف في‬
‫االفضل على الص حيح‪ .‬فيج وز عند كل قائل الع دول إلى الكيفية االخ رى‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ال يجوز‪ .‬قلت‪ :‬وقيل‪ :‬يجوز العدول من الكيفية الثانية إلى االولى دون‬
‫‪.‬عكسه‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 181‬‬
‫وينبغي أن يضع الحجر على موضع ط اهر بق رب النجاس ة‪ ،‬ثم يم ره على‬
‫المحل‪ ،‬ويديره قليال قليال‪ .‬فإن أم ره ونقل النجاسة من موضع إلى موض ع‪،‬‬
‫تعين الماء‪ ،‬فإن أمر ولم يدره ولم ينقل‪ ،‬فالص حيح‪ :‬أنه يجزئ ه‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫بد من االدارة‪ .‬فرع‪ :‬المستحب أن يستنجي باليسار‪ .‬فإن استنجى بماء‪ ،‬صبه‬
‫باليمنى‪ ،‬ومسح باليسرى‪ .‬وإن استنجت ام رأة من ب ول‪ ،‬أو غائ ط‪ ،‬أو رجل‬
‫من غائط بالحجر‪ ،‬مسح بيس اره‪ ،‬ولم يس تعن بيمينه في ش ئ‪ .‬وإذا اس تنجى‬
‫الرجل من البول بجدار أو صخرة عظيمة ونحو ذلك‪ ،‬أمسك ال ذكر بيس اره‬
‫ومس حه على ثالث مواضع (‪ .)1‬وإذا اس تنجى بحجر ص غير‪ ،‬أمس كه بين‬
‫عقبيه‪ ،‬أو إبهامي رجليه‪ ،‬أو تحامل عليه إن أمكنه‪ ،‬والذكر في يس اره‪ .‬ف إن‬
‫لم يتمكن واض طر إلى إمس اك الحجر بي ده‪ ،‬أمس كه ب اليمنى‪ ،‬وأخذ ال ذكر‬
‫باليسرى‪ ،‬وحرك اليسار وحدها‪ .‬فإن حرك اليمنى‪ ،‬أو حركهما جميعا‪ ،‬ك ان‬
‫مس تنجيا ب اليمين‪ .‬وقي ل‪ :‬يأخذ ال ذكر ب اليمين‪ ،‬والحجر باليس ار ويحركه ا‪،‬‬
‫وليس بش ئ‪ .‬ف رع‪ :‬االفض ل‪ :‬أن يجمع في االس تنجاء بين الم اء والجام د‪،‬‬
‫ويقدم الجامد‪ .‬فإن اقتصر‪ ،‬فالماء أفضل‪ .‬فرع‪ :‬الخنثى المشكل في االستنجاء‬
‫من الغائط‪ ،‬كغيره‪ ،‬وليس له االقتص ار على الحجر في الب ول‪ ،‬إال إذا قلن ا‪:‬‬
‫من انفتح له دون المع دة مخ رج‪ ،‬مع انفت اح االص لي‪ ،‬ينتقض وض وؤه‬
‫بالخ ارج من ه‪ ،‬ويج وز له االقتص ار على الحج ر‪ .‬أما الرج ل‪ ،‬فمخ ير في‬
‫فرجيه‪ ،‬بين الماء والحجر‪ ،‬وكذا المرأة البكر‪ ،‬وكذا الثيب (‪ .)2‬ف إن مخ رج‬
‫بولها‪ ،‬فوق مدخل الذكر‪ .‬والغالب أنها إذا بالت‪ ،‬نزل البول‬

‫] ‪[ 182‬‬
‫إلى م دخل ال ذكر‪ .‬ف إن تحققت ذل ك‪ ،‬تعين الم اء‪ ،‬وإال‪ ،‬ج از الحجر على‬
‫الص حيح‪ .‬وال واجب على الم رأة‪ ،‬غسل ما يظهر إذا جلست على الق دمين‪.‬‬
‫وفي وجه ض عيف‪ :‬يجب على ال ثيب غسل ب اطن فرجه ا‪ .‬قلت‪ :‬ينبغي أن‬
‫يستنجي قبل الوضوء والتيمم‪ ،‬فإن ق دمهما على االس تنجاء‪ ،‬صح الوض وء‪،‬‬
‫دون التيمم‪ ،‬على أظهر االقوال‪ .‬والثاني‪ :‬يصحان‪ .‬والثالث‪ :‬ال يص حان‪ .‬ولو‬
‫تيمم وعلى يديه نجاسة‪ ،‬فهو كالتيمم قبل االستنجاء‪ ،‬وقيل‪ :‬يصح قطع ا‪ ،‬كما‬
‫لو تيمم مكشوف العورة (‪ .)1‬وإذا أوجبناه في ال دودة‪ ،‬والحص اة‪ ،‬والبع رة‪،‬‬
‫أجزأه الحجر على المذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه الق والن في ال دم وغ يره من الن ادر‪،‬‬
‫وهذا أشهر‪ ،‬وق ول الجمه ور‪ ،‬ولكن الص واب‪ :‬االول‪ .‬ولو وقع الخ ارج من‬
‫االنس ان على االرض‪ ،‬ثم ترشش منه شئ ف ارتفع إلى المح ل‪ ،‬أو أص ابته‬
‫نجاسة أخرى‪ ،‬تعين الم اء‪ ،‬لخروجه عما يعم به البل وى‪ .‬ويس تحب أن يب دأ‬
‫المستنجي بالماء (‪ )2‬بقبله‪ ،‬ويدلك ي ده بعد غسل ال دبر‪ ،‬وينضح فرج ه‪ ،‬أو‬
‫سراويله بعد االستنجاء دفعا للوسواس‪ .‬ويعتمد في غسل ال دبر على أص بعه‬
‫الوس طى‪ ،‬ويس تعمل من الم اء ما يغلب على الظن زوال النجاسة ب ه‪ ،‬وال‬
‫يتعرض للباطن‪ ،‬ولو غلب على ظنه زوال النجاسة‪ ،‬ثم شم من يده ريحه ا‪،‬‬
‫فهل يدل على بقاء النجاسة في المحل كما هي في اليد‪ ،‬أم ال ؟ فيه وجهان‪،‬‬
‫أص حهما‪ :‬ال (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ب اب االح داث (‪ )4‬الح دث (‪ )5‬يطلق على ما‬
‫‪:‬يوجب الوضوء‪ ،‬وعلى ما يوجب الغسل‪ .‬فيقال‬

‫] ‪[ 183‬‬
‫حدث أكبر‪ ،‬وحدث أص غر‪ ،‬وإذا أطل ق‪ ،‬ك ان الم راد االص غر غالب ا‪ ،‬وهو‬
‫مرادنا هنا (‪ .)1‬وال ينتقض الوضوء عن دنا بخ ارج من غ ير الس بيلين‪ ،‬وال‬
‫بقهقهة المصلي‪ ،‬وال بأكل لحم الجزور‪ ،‬وال بأكل ما مس ته الن ار‪ ،‬وفي لحم‬
‫الجزور قول ق ديم ش اذ‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الق ديم وإن ك ان ش اذا في الم ذهب‪ ،‬فهو‬
‫قوي في ال دليل‪ ،‬ف إن فيه ح ديثين ص حيحين ليس عنهما ج واب ش اف‪ .‬وقد‬
‫اخت اره جماعة من محققي أص حابنا المح دثين‪ ،‬وقد أوض حت كل ذلك‬
‫مبسوطا في شرح (المهذب) (‪ )2‬وهذا الق ديم مما اعتقد رجحان ه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وإنما ينتقض بأحد أربعة (‪ )3‬أم ور‪ .‬االول‪ :‬الخ ارج من أحد الس بيلين‪ ،‬عينا‬
‫ك ان‪ ،‬أو ريح ا‪ ،‬من قبل الرجل والم رأة‪ ،‬أو دبرهم ا‪ ،‬ن ادرا ك ان‪ ،‬كال دم‬
‫والحصى‪ ،‬أو معتادا نجس العين‪ ،‬أو طاهرها‪ ،‬كالدود والحص ى‪ ،‬إال الم ني‬
‫(‪ ،)4‬فال ينقض الوضوء بخروجه‪ ،‬وإنما‬

‫] ‪[ 184‬‬
‫ي وجب الغس ل‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه ي وجب الوض وء أيض ا‪ ،‬ودبر الخن ثى‬
‫المش كل‪ ،‬كغ يره‪ .‬ف إن خ رج (‪ )1‬شئ من قبليه (‪ ،)2‬نقض‪ .‬وإن خ رج من‬
‫أحدهما‪ ،‬فله حكم المنفتح تحت المعدة‪ .‬فرع‪ :‬إذا انسد الس بيل المعت اد وانفتح‬
‫ثقبه تحت المع دة‪ ،‬وخ رج منه المعت اد‪ ،‬وهو الب ول والغائ ط‪ ،‬نقض قطع ا‪،‬‬
‫وإن خ رج ن ادر‪ ،‬ك دم ودود وريح‪ ،‬نقض على االظه ر‪ .‬وإن انفتح ف وق‬
‫المعدة مع انس داد المعت اد‪ ،‬أو تحتها مع انفتاح ه‪ ،‬لم ينقض الخ ارج المعت اد‬
‫من ه‪ ،‬على االظهر ف إن نقض‪ ،‬ففي الن ادر الق والن‪ ،‬وإن انفتح فوقها مع‬
‫انفتاح االصلي‪ ،‬لم ينقض قطع ا‪ .‬قلت‪ :‬ذهب كث يرون من االص حاب إلى أن‬
‫فيه طريقين‪ .‬الثاني‪ :‬على قولين‪ .‬والمذهب‪ :‬أن ال ريح‪ ،‬من الخ ارج المعت اد‪،‬‬
‫وم رادهم بتحت المع دة‪ :‬ما تحت الس رة‪ ،‬وبفوقه ا‪ :‬الس رة‪ ،‬ومحاذاته ا‪ ،‬وما‬
‫فوقها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وحيث نقضنا‪ ،‬فهل يجوز االقتص ار في الخ ارج منه على‬
‫الحجر ؟ فيه ثالثة أق وال‪ .‬وقي ل‪ :‬أوج ه‪ ،‬االظه ر‪ :‬ال‪ .‬والث الث‪ :‬يج وز في‬
‫المعت اد دون الن ادر‪ ،‬واالص ح‪ :‬أنه ال يجب الوض وء بمس ه‪ ،‬وال الغسل‬
‫بااليالج فيه‪ ،‬وال يحرم النظر إليه إذا كان ف وق الس رة‪ ،‬أو محاذيا له ا‪ ،‬وال‬
‫يثبت ب االيالج فيه شئ من أحك ام ال وطئ قطع ا‪ ،‬س وى الغسل على وج ه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يثبت المهر وسائر أحك ام ال وطئ‪ .‬قلت‪ :‬لو أخ رجت دودة رأس ها من‬
‫فرج ه‪ ،‬ثم رجعت‪ ،‬انتقض على االصح (‪ ،)3‬والخن ثى الواض ح‪ :‬إذا خ رج‬
‫من فرجه الزائد شئ‪ ،‬فله حكم منفتح تحت المع دة‪ .‬ولو خ رج من أحد قبلي‬
‫مشكل‪ ،‬فكذلك على المذهب‪ .‬و‪ :‬ينتقض قطعا وقيل‪ :‬عكسه‪ .‬ومن له ذك ران‪،‬‬
‫ينتقض بكل منهما‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الناقض الثاني‪ :‬زوال العقل‪ ،‬فإن كان بالجنون‬
‫واالغماء والسكر‪ ،‬نقض بكل‬
‫] ‪[ 185‬‬
‫حال‪ .‬والسكر الناقض‪ :‬ما ال شعور معه دون أوائل النشوة‪ .‬وحكي وج ه‪ :‬أن‬
‫الس كر ال ينقض بح ال‪ ،‬وهو غل ط‪ .‬وأما الن وم‪ ،‬فحقيقت ه‪ :‬اس ترخاء الب دن‪،‬‬
‫وزوال االستشعار‪ ،‬وخفاء كالم من عنده‪ .‬وليس في معناه النع اس‪ ،‬وح ديث‬
‫النفس‪ ،‬فإنهما ال ينقضان بحال‪ ،‬ف إن ن ام ممكنا مقع ده من مق ره‪ ،‬لم ينقض‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن اس تند إلى ما يس قط بس قوطه‪ ،‬نقض‪ ،‬وليس بش ئ‪ ،‬وإن ن ام غ ير‬
‫ممكن مقع ده‪ ،‬نقض‪ .‬وفي ق ول‪ :‬ال ينقض الن وم على هيئة من هيئ ات‬
‫الصالة‪ ،‬وإن لم يكن في صالة‪ .‬وفي قول‪ :‬ال ينقض في الص الة كيف ك ان‪.‬‬
‫وفي ق ول‪ :‬ال ينقض الن وم قائم ا‪ .‬وفي ق ول‪ :‬ينقض وإن ك ان ممكنا مقع ده‪.‬‬
‫وه ذه أق وال ش اذة‪ .‬قلت‪ :‬ال ف رق عن دنا بين قليل الن وم وكث يره‪ .‬ولو ن ام‬
‫محتبي ا‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬ال ينتقض‪ .‬والث الث‪ :‬ينتقض وض وء نحيف‬
‫االل يين دون غ يره‪ .‬ولو ن ام ممكنا مقعدته (‪ )1‬ف زالت إح دى أليتيه عن‬
‫االرض‪ ،‬فإن كان قبل االنتباه‪ ،‬انتقض‪ ،‬وإن كان بعده‪ ،‬أو معه‪ ،‬أو ش ك‪ ،‬لم‬
‫ينتقض‪ .‬ولو ش ك‪ ،‬هل ن ام أم نعس ؟ أو هل ن ام ممكنا أم ال ؟ لم ينتقض‪.‬‬
‫ولو نام على قفاه ملصقا مقعده باالرض‪ ،‬انتقض‪ ،‬ولو ك ان مس تثفرا بش ئ‪،‬‬
‫انتقض أيضا على المذهب‪ .‬قال الشافعي‪ ،‬واالصحاب‪ :‬يستحب الوض وء من‬
‫النوم ممكنا للخروج من الخالف (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬الناقض الثالث‪ :‬لمس بشرة‬
‫ام رأة مش تهاة‪ ،‬ف إن لمس ش عرا‪ ،‬أو س نا‪ ،‬أو ظف را‪ ،‬أو عض وا مبانا من‬
‫ام رأة‪ ،‬أو بش رة ص غيرة لم تبلغ حد الش هوة‪ ،‬لم ينتقض وض وؤه‪ ،‬على‬
‫االصح‪ .‬وإن لمس محرما بنسب‪ ،‬أو رض اع‪ ،‬أو مص اهرة‪ ،‬لم ينتقض على‬
‫االظهر‪ .‬وإن لمس ميتة‪ ،‬أو عجوزا ال تشتهى‪ ،‬أو عضوا أشل‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 186‬‬
‫زائدا‪ ،‬أو لمس بغير شهوة‪ ،‬أو عن غ ير قص د‪ ،‬انتقض على الص حيح (‪)1‬‬
‫في جميع ذلك‪ ،‬وينتقض وضوء الملموس على االظهر‪ .‬والمرأة كالرجل في‬
‫انتق اض طهرها بلمس ها من الرجل ما ينقضه منه ا‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنها ال‬
‫تزال ملموسة‪ ،‬ف إذا لمست رجال‪ ،‬ك ان في انتقاض ها الق والن‪ ،‬وليس بش ئ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ولو التقت بش رتا رجل وام رأة بحركة منهم ا‪ ،‬انتقض تا قطعا وليس‬
‫فيهما ملموس‪ .‬ولو لمس الشيخ الفاقد للشهوة شابة‪ ،‬أو لمست الفاقدة للش هوة‬
‫ش ابا‪ ،‬أو الش ابة ش يخا ال يش تهى‪ ،‬انتقض على االص ح‪ .‬والمراه ق‪،‬‬
‫والخص ي‪ ،‬والع نين‪ ،‬ينقض ون وينتقض ون‪ .‬ولو لمس الرجل أم رد حسن‬
‫الص ورة بش هوة‪ ،‬لم ينتقض على الص حيح‪ .‬ولو شك هل هو المس أو‬
‫ملموس ؟ فهو ملموس‪ ،‬أو هل لمس محرما‪ ،‬أو أجنبية ؟ فمح رم‪ .‬ولو لمس‬
‫محرما بشهوة‪ ،‬فكلمسها بغير شهوة‪ .‬ولمس اللس ان‪ ،‬ولحم االس نان‪ ،‬واللمس‬
‫ب ه‪ ،‬ينتقض قطع ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الن اقض الراب ع‪ :‬مس ف رج اآلدمي‪ ،‬فينتقض‬
‫الوضوء إذا مس ببطن كفه فرج آدمي‪ ،‬من نفس ه‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬ذكر أو أن ثى‪،‬‬
‫ص غير أو كب ير‪ ،‬حي أو ميت‪ ،‬قبال ك ان الممس وس‪ ،‬أو دب را‪ .‬وفي ف رج‬
‫الص غير‪ ،‬والميت‪ ،‬وجه ض عيف‪ ،‬وفي ال دبر ق ول ش اذ‪ :‬أنه ال ينتقض‪.‬‬
‫والم راد بال دبر‪ :‬ملتقى المنف ذ‪ ،‬ومس محل الجب ينقض قطعا إن بقي شئ‬
‫شاخص‪ ،‬فإن لم يبق شئ‪ ،‬نقض أيضا على الصحيح‪ ،‬ومس الذكر المقطوع‬
‫(‪ )2‬واالشل‪ ،‬والمس باليد الش الء‪ ،‬وناس يا‪ ،‬ن اقض على الص حيح‪ .‬ولو مس‬
‫بباطن أصبع زائدة‪ ،‬إن كانت على اس تواء االص ابع‪ ،‬نقضت على االص ح‪،‬‬
‫وإال‪ ،‬فال‪ ،‬على االصح‪ .‬ولو كان له كفان عاملتان‪ ،‬نقض كل واحدة منهما (‬
‫‪ .)3‬وإن ك انت إح داهما عامل ة‪ ،‬نقض ت‪ ،‬دون االخ رى‪ .‬وقي ل‪ :‬في الزائ دة‬
‫خالف مطلق ا‪ .‬وال ينقض مس دبر البهيمة قطع ا‪ ،‬وال قبله ا‪ ،‬على الجديد‬
‫المشهور‪ .‬قلت‪ :‬أطلق االص حاب الخالف في ف رج البهيم ة‪ ،‬ولم يخص وا به‬
‫القبل‪ .‬فإن‬

‫] ‪[ 187‬‬
‫قلن ا‪ :‬ال ينقض مس ه‪ ،‬فأدخل ي ده في فرجه ا‪ ،‬لم ينقض على االص ح‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬هذا كله في المس ببطن كفه‪ ،‬فإن مس برؤوس االصابع‪ ،‬أو بما بينها‪،‬‬
‫أو بحرفه ا‪ ،‬أو ح رف الك ف‪ ،‬لم ينتقض على االص ح‪ .‬ومن نقض ب رؤوس‬
‫االصابع قال‪ :‬باطن الك ف‪ :‬ما بين االظف ار والزند ط وال‪ .‬ومن لم ينقض به‬
‫يقول‪ :‬هو القدر المنطبق إذا وضعت إحدى اليدين على االخ رى‪ ،‬مع تحامل‬
‫يس ير‪ .‬وأما الممس وس فرج ه‪ ،‬فال ينتقض قطع ا‪ .‬قلت‪ :‬وقي ل‪ :‬فيه ق والن‪،‬‬
‫كالملموس‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬إذا مس الخنثى المشكل فرج واض ح‪ ،‬فحكمه ما‬
‫سبق‪ ،‬وإن مس فرجي نفسه‪ ،‬انتقض‪ ،‬أو أحدهما‪ ،‬فال‪ .‬وإن مس أح دهما‪ ،‬ثم‬
‫صلى الصبح‪ ،‬ثم توضأ‪ ،‬ثم مس اآلخ ر‪ ،‬ثم ص لى الظه ر‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه ال‬
‫يجب قضاء واحدة منهما‪ .‬والثاني‪ :‬يجب قضاؤهما‪ ،‬ولو مس أحدهما وصلى‬
‫الصبح‪ ،‬ثم مس اآلخر‪ ،‬وصلى الظهر من غ ير وض وء‪ ،‬أع اد الظهر قطعا‬
‫فق ط‪ ،‬أما إذا مس الواضح خن ثى‪ ،‬ف إن مس منه ما له مثل ه‪ ،‬انتقض‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫فال ينتقض (‪ )1‬وض وء الرجل بمس ذكر الخن ثى والم رأة بفرج ه‪ ،‬وال‬
‫عكس‪ .‬ه ذا إذا لم يكن بين الم اس والخن ثى محرمي ة‪ ،‬أو غيرها مما يمنع‬
‫النقض‪ ،‬وحيث نقض نا الواض ح‪ ،‬ف الخنثى ممس وس ال ملم وس‪ ،‬ولو مس‬
‫المشكل فرجي مش كل‪ ،‬أو ف رج نفس ه‪ ،‬وذكر مش كل‪ ،‬انتقض‪ .‬ولو مس أحد‬
‫ف رجي مش كل‪ ،‬لم ينتقض‪ .‬ولو مس أحد المش كلين ف رج ص احبه‪ ،‬ومس‬
‫اآلخر ذكر االول‪ ،‬انتقض أح دهما ال بعين ه‪ ،‬لكن لكل واحد منهما أن‬
‫يص لي‪ ،‬الن االص ل‪ :‬الطه ارة‪ .‬من القواعد ال تي يب نى عليها كث ير من‬
‫االحك ام‪ ،‬استص حاب حكم اليقين‪ ،‬واالع راض عن الشك (‪ ،)2‬فلو تيقن‬
‫الطهارة‪ ،‬وشك في الحدث‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 188‬‬
‫عكسه‪ ،‬عمل باليقين فيهما‪ .‬ولو ظن الحدث بعد يقين الطهارة‪ ،‬فكالش ك‪ ،‬فله‬
‫الصالة‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أنه إذا شك في الحدث خ ارج الص الة‪ ،‬وجب الوض وء‪،‬‬
‫وهذا شاذ‪ ،‬بل غلط‪ .‬ومن هذا الباب ما إذا مس الخنثى فرجه مرتين‪ ،‬وشك‪،‬‬
‫هل الممس وس ثانيا االول‪ ،‬أم اآلخر ؟ أو شك من ن ام قاع دا‪ ،‬ثم تمايل‬
‫وانتب ه‪ ،‬أيهما ك ان أس بق ؟ أو شك هل ما رآه‪ ،‬رؤي ا‪ ،‬أم ح ديث نفس ؟ أو‬
‫هل لمس البشرة‪ ،‬أم الشعر ؟ فال يلزمه الوضوء في جميع ه ذا‪ .‬وك ذا الشك‬
‫في الح دث االك بر‪ .‬ولو تيقن بعد طل وع الش مس ح دثا‪ ،‬وطه ارة‪ ،‬ولم يعلم‬
‫اس بقهما‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪ ،‬وق ول االك ثرين‪ :‬أنه إن ك ان قبل طل وع‬
‫الشمس محدثا‪ ،‬فهو اآلن متطه را‪ ،‬وإن ك ان متطهر ف اآلن مح دث إن ك ان‬
‫ممن يعت اد تجديد الوض وء‪ ،‬وإال فمتطهر أيض ا‪ ،‬وإن لم يعلم ما ك ان قبل‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬وجب الوضوء‪ .‬والوجه الث اني‪ :‬أنه على ما ك ان قبل طل وع‬
‫الشمس‪ ،‬وال نظر إلى ما بع ده‪ ،‬ف إن لم يعلم ما ك ان قبل ه‪ ،‬وجب الوض وء‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬ال نظر إلى ما قبل الطل وع‪ ،‬بل يجب الوض وء بكل ح ال‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬غلط صريح‪ ،‬وكيف يؤمر بالعمل بما تيقن بطالنه ؟ ! والوجه‬
‫الث الث‪ :‬هو الص حيح عند جماع ات من محققي أص حابنا‪ .‬وفيه وجه راب ع‪:‬‬
‫يعمل بغلبة الظن‪ ،‬وقد أوضحت دالئله في ش رح (المه ذب) (‪ .)1‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فرع في بيان الخنثى المشكل لزوال إشكاله صور‪ .‬منها‪ :‬خروج الب ول‪ .‬ف إن‬
‫بال بفرج الرجال وحده‪ ،‬فهو رجل‪ ،‬أو بفرج النساء‪ ،‬فامرأة‪ .‬فإن بال بهم ا‪،‬‬
‫فوجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال داللة فيه‪ .‬وأصحهما‪ :‬ي دل للس ابق إن اتفق انقطاعهم ا‪،‬‬
‫وللمتأخر إن اتفق ابتداؤهما‪ ،‬فإن سبق واحد وتأخر آخر‪ ،‬فللسابق‪ ،‬فإن اتفقا‬
‫فيهما وزاد أحدهما‪ ،‬أو زرق بهما‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 189‬‬
‫رش ش‪ ،‬فال داللة على االص ح‪ ،‬وعلى الث اني‪ :‬يعمل ب الكثرة‪ ،‬ويجعل‬
‫ب التزريق رجال‪ ،‬وبالترش يش ام رأة‪ .‬ف إن اس توى ق درهما‪ ،‬أو زرق بواحد‬
‫ورشش بآخر‪ ،‬فال داللة‪ .‬ومنها خروج المني والحيض في وقتهما‪ .‬فإن أمنى‬
‫بفرج الرجال‪ ،‬فرجل‪ ،‬أو بفرج النساء‪ ،‬أو حاض‪ ،‬فامرأة بشرط تكرره‪ .‬فإن‬
‫أمنى منهما‪ ،‬فوجهان‪ :‬أحدهما‪ :‬ال دالل ة‪ .‬واالصح أنه إن أم نى منهما بص فة‬
‫مني الرجال‪ ،‬فرجل‪ ،‬أو بصفة مني النساء‪ ،‬ف امرأة‪ .‬ف إن أم نى من أح دهما‬
‫بصفة‪ ،‬ومن اآلخر بالصفة االخرى‪ ،‬فال داللة‪ .‬وحكي وجه‪ :‬أنه ال داللة في‬
‫المني (‪ )1‬مطلقا وهو ش اذ‪ .‬ومنها خ روج الول د‪ ،‬وهو يفيد القطع باالنوث ة‪،‬‬
‫فيق دم على جميع العالم ات‪ .‬ولو تع ارض الب ول ب الحيض‪ ،‬أو الم ني‪،‬‬
‫فاالصح‪ :‬ال داللة‪ .‬والث اني يق دم الب ول‪ .‬ومنها نب ات اللحي ة‪ ،‬ونه ود الث دي‪،‬‬
‫وتفاوت االضالع‪ .‬والصحيح أنه ال داللة فيها‪ .‬والثاني‪ :‬ت دل اللحية (‪ ،)2‬أو‬
‫نقص ان ض لع من الج انب االيسر لل ذكورة‪ ،‬والنه ود وتس اوي االض الع‬
‫لالنوثة‪ .‬وال يدل ع دم اللحية والنه ود في وقتهما على االنوثة وال ذكورة بال‬
‫خالف‪ .‬ومنها المي ل‪ .‬ف إذا ق ال‪ :‬أميل إلى النس اء‪ ،‬فرج ل‪ ،‬أو إلى الرج ال‪،‬‬
‫ف امرأة‪ ،‬بش رط العجز عن االم ارات الس ابقة‪ ،‬فإنها مقدمة على المي ل‪ .‬وال‬
‫يرجع إليه إال بعد بلوغه وعقل ه‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يقبل ق ول المم يز ثم يتعلق‬
‫باختياره‪ .‬ف روع أح دها‪ :‬إذا بلغ ووجد من نفسه أحد الميلين‪ ،‬لزمه أن يخ بر‬
‫‪.‬به‪ .‬فإن أخر‪ ،‬عصى‬

‫] ‪[ 190‬‬
‫الثاني‪ :‬يحرم عليه أن يخبر بالتشهي‪ ،‬وإنما يخبر عما يجده‪ .‬الثالث‪ :‬إذا قال‪:‬‬
‫أميل إليهما‪ ،‬أو ال أميل إلى واحد منهما‪ ،‬استمر االش كال‪ .‬الراب ع‪ :‬إذا أخ بر‬
‫بميل‪ ،‬لزم ه‪ ،‬وال يقبل رجوعه إال أن يخ بر بال ذكورة‪ ،‬ثم يل د‪ ،‬أو يظهر به‬
‫حم ل‪ ،‬فيبطل قول ه‪ ،‬كما لو حكم بشئ من العالم ات الظ اهرة‪ ،‬ثم ظهر‬
‫الحمل‪ ،‬ف إن ذلك يبط ل‪ .‬الخ امس‪ :‬لو حكمنا بقول ه‪ ،‬ثم ظه رت عالمة غ ير‬
‫الحمل‪ ،‬فيحتمل أن يرجع إليها‪ ،‬ويحتمل أن يبقى على قول ه‪ .‬قلت‪ :‬االحتم ال‬
‫الث اني‪ ،‬هو الص واب‪ ،‬وظ اهر كالم االص حاب‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬وإذا أخ بر‬
‫بميله‪ ،‬عملنا به فيما له وعليه‪ ،‬وال نرده لتهم ة‪ ،‬كما لو أخ بر ص بي ببلوغه‬
‫لالمك ان‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل يح رم على المح دث جميع أن واع الص الة‪،‬‬
‫والس جود‪ ،‬والط واف‪ ،‬ومس المص حف‪ ،‬وحمل ه‪ ،‬ويح رم مس حاش ية‬
‫المص حف‪ ،‬وما بين س طوره‪ ،‬وحمله بالعالقة قطعا ويح رم مس الجلد على‬
‫الص حيح‪ [ ،‬والغالف‪ ،‬والص ندوق ] (‪ )1‬والخريط ة‪ ،‬إذا ك ان فيهن‬
‫المص حف‪ ،‬على االص ح‪ .‬ولو قلب أوراقه بع ود‪ ،‬ح رم على االص ح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قطع العراقيون بالجواز‪ ،‬وهو‪ :‬الراجح‪ ،‬فإنه غير حامل وال م اس (‪ .)2‬ولو‬
‫لف كمه على ي ده‪ ،‬وقلب به ال ورق‪ ،‬ح رم عند الجمه ور‪ ،‬وهو الص واب‪.‬‬
‫‪.‬وقيل‪ :‬وجهان‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 191‬‬
‫وال يحرم حمل المصحف في جملة متاع‪ ،‬على االصح‪ .‬وكتابة الق رآن على‬
‫شئ بين يديه من غ ير مس‪ ،‬وال حمل ج ائزة على االص ح‪ ،‬ويج وز مس‬
‫الت وراة‪ ،‬واالنجي ل‪ ،‬وما نس خت (‪ )1‬تالوته من الق رآن‪ ،‬وحملها على‬
‫الص حيح‪ .‬وال يح رم مس ح ديث رس ول هللا (ص)‪ ،‬وحمل ه‪ ،‬ولكن االولى‪،‬‬
‫التطهر ل ه‪ .‬وأما ما كتب عليه شئ من الق رآن‪ ،‬ال للدراس ة‪ ،‬كال دراهم‬
‫االحدية‪ ،‬والثياب‪ ،‬والعمامة‪ ،‬والطعام‪ ،‬والحيط ان‪ ،‬وكتب الفق ه‪ ،‬واالص ول‪،‬‬
‫فال يحرم مسه‪ ،‬وال حمله على الص حيح‪ .‬وك ذا ال يح رم كتب التفس ير على‬
‫االصح‪ .‬وقيل‪ :‬إن كان القرآن أكثر‪ ،‬حرم قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬إن ك ان الق رآن بخط‬
‫متميز‪ ،‬حرم الحمل قطعا‪ .‬قلت‪ :‬مقتضى هذا الكالم‪ ،‬أن االصح‪ :‬أنه ال يحرم‬
‫إذا كان القرآن أكثر‪ ،‬وهذا منكر‪ .‬بل الص واب‪ :‬القطع ب التحريم‪ ،‬الن ه‪ ،‬وإن‬
‫لم يسم مصحفا‪ ،‬ففي معن اه‪ .‬وقد ص رح به ذا ص احب (الح اوي) وآخ رون‪.‬‬
‫ونقله صاحب (البحر) عن‬

‫] ‪[ 192‬‬
‫االص حاب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويح رم على الب الغ مس‪ ،‬وحمل الل وح المكت وب فيه‬
‫ق رآن‪ ،‬للدراسة على الص حيح‪ ،‬وال يجب على ال ولي والمعلم منع الص بي‬
‫المم يز من مس المص حف والل وح الل ذين يتعلم منهم ا‪ ،‬وحملهما على‬
‫االصح‪ .‬وال يحرم أكل الطعام‪ ،‬وهدم الحائط المنقوش ب القرآن‪ .‬قلت‪ :‬ويك ره‬
‫إحراق الخشبة المنقوشة به (‪ .)1‬ويكره كتابته على الحيطان‪ ،‬سواء المس جد‬
‫وغيره‪ ،‬وعلى الثياب‪ ،‬ويح رم كتابته بشئ نجس‪ .‬ولو ك ان على بعض ب دن‬
‫المتطهر نجاس ة‪ ،‬ح رم مس المص حف بموض عها‪ ،‬وال يح رم بغ يره على‬
‫المذهب‪ .‬ومن لم يجد م اء‪ ،‬وال تراب ا‪ ،‬يص لي لحرمة ال وقت‪ ،‬ويح رم عليه‬
‫مس المصحف وحمله‪ .‬ولو خ اف على المص حف من غ رق‪ ،‬أو ح رق‪ ،‬أو‬
‫نجاسة‪ ،‬أو كافر‪ ،‬ولم يتمكن من الطهارة‪ ،‬أخ ذه مع الح دث للض رورة (‪.)2‬‬
‫‪.‬وهللا أعلم (‪ .)3‬باب الغسل (‪ )4‬موجباته أربعة‬
‫] ‪[ 193‬‬
‫االول‪ :‬الموت‪ .‬ويأتي في الجنائز إن ش اء هللا تع الى (‪ .)1‬والث اني‪ :‬الحيض‪.‬‬
‫ثم وجوبه بخروج ال دم‪ ،‬أم بانقطاعه ؟ أم الخ روج م وجب عند االنقط اع ؟‬
‫فيه أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬الث الث (‪ .)2‬والنف اس‪ ،‬ك الحيض في الغسل ومعظم‬
‫االحكام‪ .‬والثالث‪ :‬إذا ألقت الحامل ول دا‪ ،‬أو علق ة‪ ،‬أو مض غة‪ ،‬ولم تر دم ا‪،‬‬
‫وال بلال‪ ،‬لزمها الغسل على االص ح‪ .‬والراب ع‪ :‬الجناب ة‪ ،‬وهي ب أمرين‪:‬‬
‫الجماع‪ ،‬واالنزال‪ .‬أما الجماع‪ ،‬فتغييب قدر الحشفة في أي فرج كان‪ ،‬س واء‬
‫غيب في قبل (‪ )3‬ام رأة‪ ،‬أو بهيم ة‪ ،‬أو دبرهم ا‪ ،‬أو دبر رج ل‪ ،‬أو خن ثى‬
‫صغير‪ ،‬أو كب ير حي‪ ،‬أو ميت‪ .‬ويجب على الم رأة ب أي ذكر دخل فرجه ا‪،‬‬
‫ح تى ذكر البهيم ة‪ ،‬والميت‪ ،‬والص بي‪ .‬وعلى الرجل الم ولج في دب ره‪ .‬وال‬
‫يجب إع ادة غسل الميت الم ولج فيه على االص ح‪ .‬قلت‪ :‬ويص ير الص بي‬
‫والمجنون المولجان‪ [ ،‬و ] (‪ )4‬المولج فيهما‪ ،‬جنبين بال‬

‫] ‪[ 194‬‬
‫خالف‪ .‬ف إن اغتسل الص بي وهو مم يز‪ ،‬صح غس له‪ ،‬وال يجب إعادته إذا‬
‫بل غ‪ .‬ومن كمل منهما قبل االغتس ال‪ ،‬وجب عليه الغس ل‪ .‬وعلى ال ولي أن‬
‫يأمر الصبي المميز بالغسل في الحال‪ ،‬كما يأمره بالوض وء‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ه ذا‬
‫كله إذا غيب قدر الحشفة‪ ،‬فإن غيب دونها‪ ،‬لم يتعلق به حكم على الصحيح‪.‬‬
‫ولنا وج ه‪ :‬أن تغ ييب ق در الحش فة من مقطوعها ال ي وجب الغس ل‪ ،‬وإنما‬
‫يوجبه تغييب جميع الباقي‪ ،‬إن كان ق در الحش فة فص اعدا‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الوجه‬
‫مشهور‪ ،‬وهو الراجح عند كثير من العراقيين‪ ،‬ونقله صاحب (الح اوي) عن‬
‫نص الشافعي رحمه هللا‪ ،‬ولكن االول‪ :‬أصح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو لف على ذك ره‬
‫خرقة فأولج ه‪ ،‬وجب الغسل على أصح االوج ه‪ ،‬وال يجب في الث اني‪.‬‬
‫والث الث إن ك انت الخرقة خش نة‪ ،‬وهي ال تي تمنع وص ول بلل الف رج إلى‬
‫ال ذكر‪ ،‬وتمنع وص ول الح رارة من أح دهما إلى اآلخ ر‪ ،‬لم يجب‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫وجب‪ .‬قلت‪ :‬قال صاحب (البحر)‪ :‬وتجري ه ذه االوجه في إفس اد الحج ب ه‪،‬‬
‫وينبغي أن تج ري في جميع االحك ام‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ولو أولج خن ثى في‬
‫فرج خنثى أو دبره‪ ،‬أو أولج كل واحد منهما في فرج صاحبه‪ ،‬أو دبره‪ ،‬فال‬
‫غسل‪ ،‬وال وضوء على أحد‪ ،‬إال من نزع ال ذكر من دب ره‪ ،‬فعليه الوض وء‪،‬‬
‫لخروج خارج من دب ره‪ .‬قلت‪ :‬وك ذا إذا ن زع من قبل ه‪ .‬وقلن ا‪ :‬المنفتح تحت‬
‫المعدة ينتقض الخارج منه مع انفت اح االص لي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو أولج الخن ثى‬
‫في بهيم ة‪ ،‬أو ام رأة‪ ،‬أو دبر رج ل‪ ،‬فال غسل على أح د‪ .‬وعلى الم رأة‬
‫الوضوء بالنزع منها‪ .‬وكذلك الوض وء على الخن ثى‪ ،‬والرجل الم ولج فيه (‬
‫‪ .)1‬ولو أولج رجل في فرج خنثى‪ ،‬فال غسل‪ ،‬وال وضوء عليهما‪ ،‬الحتمال‬
‫أنه‬

‫] ‪[ 195‬‬
‫رج ل‪ .‬ولو أولج رجل في ف رج خن ثى‪ ،‬والخن ثى في ف رج ام رأة‪ ،‬ف الخنثى‬
‫جنب‪ ،‬والرجل والم رأة غ ير جن بين‪ ،‬وعلى الم رأة الوض وء ب النزع (‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬إذا أولج ذكرا أشل‪ ،‬وجب عليهما الغسل على الم ذهب‪ .‬ولو اس تدخلت‬
‫ذكرا مقطوعا‪ ،‬فوجهان‪ ،‬كمسه‪ .‬ولو ك ان لرجل ذك ران يب ول بهم ا‪ ،‬ف أولج‬
‫أح دهما‪ ،‬وجب الغس ل‪ ،‬ولو ك ان يب ول بأح دهما‪ ،‬وجب الغسل لو ك ان‬
‫بإيالج ه‪ ،‬وال يتعلق ب اآلخر حكم في نقض الطه ارة (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬االمر‬
‫الثاني‪ :‬الجنابة بإنزال المني‪ .‬وسواء خرج من المخ رج المعت اد‪ ،‬أو ثقبة في‬
‫الصلب‪ ،‬أو الخصية على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬الخارج من غ ير المعت اد‪ ،‬له حكم‬
‫المنفتح الم ذكور في ب اب االح داث (‪ ،)3‬فيع ود فيه الخالف والتفص يل‪.‬‬
‫والصلب هنا كالمعدة هناك‪ .‬ثم للمني خواص ثالث‪ .‬أحدها‪ :‬رائح ة‪ ،‬كرائحة‬
‫العجين‪ ،‬والطلع رطبا‪ ،‬وكرائحة بياض البيض يابسا‪ .‬الثانية‪ :‬التدفق بدفعات‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬التلذذ بخروجه‪ ،‬واستعقابه فتور الذكر‪ ،‬وانكسار الشهوة‪ .‬وال يش ترط‬
‫اجتم اع الخ واص‪ ،‬بل واح دة منهن تكفي في كونه منيا بال خالف‪ .‬وله‬
‫ص فات أخ ر‪ ،‬كالبي اض والثخانة في م ني الرج ل‪ ،‬والرقة واالص فرار في‬
‫مني المرأة في حال االعتدال‪ .‬وليست هذه الصفات من خواص ه‪ ،‬فع دمها ال‬
‫ينفي ه‪ ،‬ووجودها ال يقتض يه‪ .‬فلو زالت الثخانة والبي اض لم رض‪ ،‬أو خ رج‬
‫‪،‬على لون الدم لكثرة الجماع‬

‫] ‪[ 196‬‬
‫وجب الغسل اعتم ادا على بعض الخ واص‪ .‬وحكي وج ه‪ :‬أنه ال يجب بها‬
‫على لون ال دم‪ ،‬وهو ش اذ‪ .‬ولو تنبه من نوم ه‪ ،‬فلم ير إال الثخانة والبي اض‪،‬‬
‫فال غسل‪ ،‬الن الودي يشارك الم ني فيهم ا‪ ،‬بل يتخ ير بين جعله منيا وم ذيا‬
‫على ظاهر المذهب‪ ،‬وفيه الخالف السابق في آخر صفة الوض وء‪ .‬ف إن قلنا‬
‫بالم ذهب‪ ،‬فغلب على ظنه الم ني‪ ،‬لك ون الم ذي ال يليق بحال ه‪ ،‬أو لت ذكر‬
‫جماع‪ ،‬قال إم ام الح رمين‪ :‬يحتمل أن تستص حب الطه ارة‪ ،‬وأن يحمل على‬
‫الظن‪ .‬واالحتمال االول مقتضى كالم معظم االصحاب‪ .‬ولو أن زل فاغتس ل‪،‬‬
‫ثم خرجت بقية المني‪ ،‬وجب الغسل ثانيا قطعا‪ .‬سواء خرجت قبل البول‪ ،‬أو‬
‫بع ده‪ .‬ف رع‪ :‬الم رأة‪ ،‬كالرجل في وج وب الغسل بخ روج منيه ا‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين والغ زالي‪ :‬ال تع رف منيها إال بالتل ذذ‪ .‬وق ال االك ثرون تص ريحا‬
‫وتعريضا‪ :‬يطرد في معرفة منيها الخ واص الثالث‪ ،‬كالرج ل‪ .‬ولو اغتس لت‬
‫من جماع‪ ،‬ثم خرج منها مني الرجل‪ ،‬لزمها الغسل على المذهب بش رطين‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬أن تك ون ذات ش هوة دون الص غيرة‪ .‬والث اني‪ :‬أن تقضي ش هوتها‬
‫بذلك الجماع‪ ،‬كنائمة ومكرهة‪ .‬فإن اختل شرط‪ ،‬لم يجب الغسل قطعا‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫إذا استدخلت منيا في قبلها أو دبرها‪ ،‬لم يلزمها الغسل على الم ذهب‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫ال يجب الغسل من غسل الميت على الجديد المش هور‪ ،‬وال بجن ون وإغم اء‬
‫على المذهب‪ .‬قلت‪ :‬لو رأى المني في ثوبه‪ ،‬أو فراش ال ينام فيه غيره‪ ،‬ولم‬
‫يذكر احتالما‪ ،‬لزمه الغسل‪ ،‬على الصحيح المنصوص‪ ،‬وبه قطع الجمه ور‪.‬‬
‫ق ال أص حابنا‪ :‬ويجب إع ادة كل ص الة ال يحتمل ح دوث الم ني بع دها‪.‬‬
‫ويس تحب إع ادة كل ص الة يحتمل كونه فيه ا‪ .‬ثم إن الش افعي واالص حاب‬
‫‪:‬أطلقوا المسألة‪ .‬وقال الماوردي (‪)1‬‬

‫] ‪[ 197‬‬
‫ه ذا إذا رأى الم ني في ب اطن الث وب‪ ،‬ف إن رآه في ظ اهره‪ ،‬فال غس ل‪،‬‬
‫الحتمال إصابته من غيره‪ .‬وإن ك ان ين ام معه في الف راش من يج وز ك ون‬
‫المني منه‪ ،‬لم يلزمه الغسل‪ ،‬ويستحب أن يغتس ال‪ ،‬ولو أحس بانتق ال الم ني‬
‫ونزول ه‪ ،‬فأمسك ذك ره‪ ،‬فلم يخ رج منه شئ في الح ال‪ ،‬وال علم خروجه‬
‫بع ده‪ ،‬فال غسل عن دنا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬يح رم على الجنب ما يح رم على‬
‫المح دث (‪ ،)1‬وش يئآن‪ :‬ق راءة الق رآن‪ ،‬واللبث في المس جد‪ .‬فأما الق رآن‪،‬‬
‫فيحرم‪ ،‬وإن ك ان بعض آية على قصد الق رآن (‪ ،)2‬فلو لم يجد الجنب م اء‬
‫وال ترابا‪ ،‬فهل يباح له قراءة الفاتحة في ص الته ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬يح رم‬
‫كما يحرم ما زاد عليها قطع ا‪ ،‬وي أتي بالتس بيح ال ذي ي أتي به من ال يحسن‬
‫الق راءة‪ ،‬النه ع اجز ش رعا‪ .‬قلت‪ :‬االصح (‪ )3‬ال ذي قطع به جم اهير‬
‫العراقيين‪ :‬أنه يجب عليه قراءة الفاتح ة‪ ،‬النه مض طر إليه ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو‬
‫قرأ شيئا منه ولم يقصد القرآن‪ ،‬جاز‪ ،‬كقوله‪ :‬بسم هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬أو قال‪* :‬‬
‫(س بحان ال ذي س خر لنا ه ذا وما كنا له مق رنين) (‪ * )4‬على قصد س نة‬
‫الركوب‪ .‬ولو جرى هذا على لسانه ولم يقصد قرآنا وال ذكرا‪ ،‬جاز‪ .‬ويح رم‬
‫على الح ائض والنفس اء ما يح رم على الجنب من الق راءة على الم ذهب‪،‬‬
‫وأثبت جماعة من المحققين قوال قديما أنها ال تحرم‪ .‬قلت‪ :‬ولو ك ان فم غ ير‬
‫الجنب والحائض نجسا‪ ،‬ففي تحريم القراءة عليه‬

‫] ‪[ 198‬‬
‫وجه ان‪ ،‬االصح يك ره وال يح رم‪ .‬وال تك ره الق راءة في الحم ام‪ .‬ويج وز‬
‫للح ائض والجنب ق راءة ما يس تحب تالوت ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما اللبث في‬
‫المسجد‪ ،‬فحرام على الجنب‪ ،‬وال يحرم عليه العبور‪ ،‬لكن يك ره إال لغ رض‬
‫(‪ ،)1‬بأن يكون المسجد طريقه إلى مقصده‪ ،‬أو أقرب الط ريقين إلي ه‪ ،‬وفي‬
‫وجه‪ :‬إنما يجوز العبور إذا لم يكن طريق سواه‪ ،‬وليس بشئ‪ .‬ويحرم ال تردد‬
‫في جوانبه‪ ،‬فإنه كالمكث‪ .‬ويج وز المكث للض رورة‪ ،‬ب أن ن ام في المس جد‪،‬‬
‫فاحتلم ولم يمكن الخروج‪ ،‬الغالق الباب‪ ،‬أو خوف العس س‪ ،‬أو غ يره على‬
‫النفس‪ ،‬أو الم ال‪ .‬ويجب أن ي تيمم إن وجد غ ير ت راب المس جد‪ ،‬وال ي تيمم‬
‫بترابه (‪ .)2‬قلت‪ :‬يجوز لغير الجنب (‪ )3‬والح ائض الن وم في المس جد (‪،)4‬‬
‫نص عليه الش افعي في (االم) واالص حاب رحمهم هللا‪ .‬ولو احتلم في مس جد‬
‫له بابان‪ ،‬أحدهما أقرب‪ ،‬فاالولى أن يخرج منه‪ ،‬فإن عدل إلى آخر لغرض‪،‬‬
‫لم يكره‪ ،‬وإن لم يكن غرض‪ ،‬لم يكره على االص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬فضل‬
‫م اء الجنب والح ائض طه ور ال كراهة في اس تعماله‪ .‬ويج وز للجنب أن‬
‫يجامع‪ ،‬وأن ينام‪ ،‬ويأك ل‪ ،‬ويش رب‪ ،‬لكن يسن أن ال يفعل ش يئا من ذلك إال‬
‫بعد غسل فرجه والوضوء‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬ال يستحب ه ذا الوض وء‪ ،‬و‬
‫(ك ذا) غسل الف رض للح ائض والنفس اء‪ ،‬النه ال يفي د‪ ،‬ف إذا انقطع دمه ا‪،‬‬
‫ص ارت ك الجنب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في كيفية الغس ل‪ :‬أقله ش يئان‪ :‬أح دهما‪:‬‬
‫الني ة‪ ،‬وهي واجب ة‪ ،‬وتق دم ذكر فروعها في ص فة الوض وء‪ .‬وال يج وز أن‬
‫يتأخر عن أول الغسل المفروض‪ ،‬فإن اقترنت به‪ ،‬كفى‪ ،‬وال ثواب له في‬

‫] ‪[ 199‬‬
‫السنن المتقدمة‪ .‬وإن تقدمت على المفروض وعزبت قبله‪ ،‬فوجهان‪ ،‬كما في‬
‫الوضوء‪ ،‬ثم إن نوى رفع الجنابة‪ ،‬أو رفع الحدث عن جميع البدن‪ ،‬أو نوت‬
‫الحائض رفع ح دث الحيض‪ ،‬صح الغسل (‪ .)1‬وإن ن وى رفع الح دث‪ ،‬ولم‬
‫يتعرض للجنابة وال غيره ا‪ ،‬صح غس له على االصح (‪ ،)2‬ولو ن وى رفع‬
‫الحدث االصغر متعمدا‪ ،‬لم يصح غسله على االصح‪ ،‬وإن غلط‪ ،‬فظن حدثه‬
‫االصغر‪ ،‬لم ترتفع الجنابة عن غير أعضاء الوضوء‪ .‬وفي أعضاء الوضوء‬
‫وجهان‪ ،‬أحدهما‪ :‬ال يرتفع‪ ،‬وأصحهما‪ :‬يرتفع عن الوجه واليدين وال رجلين‪،‬‬
‫دون ال رأس على االص ح‪ ،‬ولو ن وى اس تباحة ما يتوقف عن الغس ل‪،‬‬
‫كالصالة‪ ،‬والط واف‪ ،‬وق راءة الق رآن‪ ،‬أج زأه‪ .‬ولو ن وت الح ائض اس تباحة‬
‫الوطئ‪ ،‬صح على االصح‪ .‬وإن نوى ما ال يستحب له الغسل‪ ،‬لم يصح‪ .‬وإن‬
‫نوى ما يستحب له‪ ،‬كالعبور في المسجد‪ ،‬واالذان‪ ،‬وغسل الجمع ة‪ ،‬والعي د‪،‬‬
‫لم يجزه على االصح‪ ،‬كما سبق في الوض وء‪ .‬ولو ن وى الغسل المف روض‪،‬‬
‫أو فريضة الغسل‪ ،‬أجزأه قطعا‪ .‬الثاني‪ :‬اس تيعاب جميع الب دن بالغس ل‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما ظهر من صماخي االذنين‪ ،‬والشقوق في البدن‪ ،‬وك ذا ما تحت القلفة‬
‫(‪ )3‬من االقل ف‪ ،‬وما ظهر من أنف المج دوع على االصح فيهم ا‪ ،‬وك ذا ما‬
‫يبدو‪ ،‬من الثيب إذا قعدت لقضاء الحاجة‪ ،‬على أصح االوجه‪ ،‬وعلى الثاني‪:‬‬
‫ال يجب غسل ما وراء ملتقى الش فرين‪ ،‬وعلى الث الث‪ :‬يجب في غسل‬
‫الحيض والنفاس خاصة‪ ،‬الزالة دمهما‪ ،‬وال يجب ما وراء ما ذكرناه قطع ا‪،‬‬
‫وال المضمضة‪ ،‬واالستنشاق‪ .‬ويجب إيصال الماء (‪ )4‬جميع الشعور ال تي (‬
‫‪ )5‬على البشرة‪ ،‬وإلى منابتها‪ ،‬وإن كثفت‪ ،‬وال يجب غسل شعر نبت في‬

‫] ‪[ 200‬‬
‫العين‪ ،‬ويسامح ببطن العقد التي على الش عرات على االص ح‪ ،‬وعلى وج ه‪،‬‬
‫يجب قطعها‪ [ .‬قلت‪ :‬هذا الذي صححه‪ ،‬هو الذي ص ححه ص احب (البح ر)‬
‫والصحيح‪ :‬أنه ال يعفى عنه‪ ،‬النه يمكن قطعها بال خالف‪ ،‬وهو ظ اهر نص‬
‫الش افعي والجمه ور‪ ،‬وقد أوض حته في ش رح (المه ذب)‪ .‬وهللا أعلم ] (‪.)1‬‬
‫ويجب نقض الظف ائر إن لم يصل الم اء إلى باطنها إال ب النقض‪ ،‬وال يجب‬
‫إن وص ل‪ .‬أما أكمل الغسل فيحصل ب أمور‪ .‬االول‪ :‬أن يغسل ما على بدنه‬
‫من أذى أوال‪ ،‬كالمني ونحوه من القذر الط اهر‪ ،‬وك ذا النجس‪ .‬وتق ديم إزالة‬
‫النجاسة شرط لصحة الغسل‪ .‬فلو غسل غس لة واح دة بنية الح دث والنجس‪،‬‬
‫‪.‬طهر عن النجس‪ .‬وال يطهر عن الحدث على المذهب (‪)2‬‬

‫] ‪[ 201‬‬
‫قلت‪ :‬االصح أنه يطهر عن الح دث أيض ا‪ ،‬وقد تق دم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا قلن ا‪:‬‬
‫الغس لة الواح دة تكفي عن الح دث والنجس‪ ،‬ك ان تق ديم إزالة النجاسة من‬
‫الكمال‪ .‬وإن قلنا‪ :‬ال يكفي‪ ،‬لم تكن االزالة من الكم ال‪ ،‬وال من االرك ان‪ ،‬بل‬
‫تكون شرطا‪ ،‬خالفا لكثير من أصحابنا‪ ،‬حيث ق الوا‪ :‬واجب ات الغسل ثالث ة‪:‬‬
‫غسل النجاسة إن كانت‪ ،‬والنية‪ ،‬واالستيعاب‪ .‬الثاني‪ :‬أن يتوض أ‪ ،‬كما يتوضأ‬
‫للص الة‪ .‬وتحصل س نة الوض وء س واء أخر غسل الق دمين إلى الف راغ‪ ،‬أو‬
‫فعله بعد مسح الرأس واالذن‪ .‬وأيهما أفضل‪ ،‬قوالن‪ .‬المشهور أنه ال ي ؤخر‪.‬‬
‫ثم إن تجردت الجنابة عن الحدث‪ ،‬فالوضوء مندوب‪ .‬وإن اجتمعا‪ ،‬فقد قدمنا‬
‫في آخر ب اب ص فة الوض وء الخالف في اندراجه في الغس ل‪ ،‬ف إن قلنا‬
‫بالمذهب‪ :‬أنه يندرج‪ ،‬فالوضوء من دوب‪ ،‬ويعد من س نن الغس ل‪ .‬وإن أوجبنا‬
‫الوض وء‪ ،‬امتنع ع ده من س نن الغس ل‪ ،‬فإنه ال ص ائر إلى أن (‪ )1‬ي أتي‬
‫بوضوءين‪ ،‬بل يقتصر على وضوء‪ .‬ف إن ش اء قدمه على الغس ل‪ ،‬وإن ش اء‬
‫أخ ره‪ .‬وعلى ه ذا ال بد من إف راد الوض وء بالني ة‪ .‬وإذا قلنا باالن دراج‪ ،‬ال‬
‫يحتاج إلى إفراده بنية‪ .‬قلت‪ :‬المختار أنه إن تجردت الجنابة‪ ،‬ن وى بوض وئه‬
‫سنة الغسل‪ ،‬وإن اجتمعا‪ ،‬نوى به رفع الحدث االصغر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬واعلم أنه‬
‫يتص ور تج رد الجنابة في ص ور‪ .‬منها أن ي ولج في بهيمة أو دبر رج ل‪.‬‬
‫ومنها أن يلف على ذكره خرقة ويولج ه‪ ،‬وإذا قلن ا‪ :‬إنه يجب الغس ل‪ .‬ومنها‬
‫إذا أن زل المتوضئ الم ني بنظ ر‪ ،‬أو فك ر‪ ،‬أو في الن وم قاع دا‪ .‬وأما جم اع‬
‫المرأة بال حائل‪ ،‬فيقع به الحدثان على الصحيح‪ ،‬وقيل‪ :‬تقتضي الجنابة فقط‪،‬‬
‫‪.‬ويكون اللمس مغمورا‬

‫] ‪[ 202‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تتعهد مواضع االنعطاف‪ ،‬وااللتواء‪ ،‬كاالذنين‪ ،‬وغض ون البطن‪،‬‬
‫ومنابت الشعر‪ .‬ويخلل أصول الشعر بالماء قبل إفاضته‪ .‬الرابع‪ :‬يفيض الماء‬
‫على رأسه‪ ،‬ثم على شقه االيمن‪ ،‬ثم االيسر‪ ،‬ويكون غسل جميع البدن ثالثا‪،‬‬
‫كالوضوء‪ ،‬فإن اغتسل في نهر ونحوه‪ ،‬انغمس ثالث مرات‪ ،‬وي دلك في كل‬
‫م رة ما يصل ي ده‪ .‬وال يس تحب تجديد الغسل على الص حيح‪ .‬الخ امس‪ :‬إذا‬
‫اغتسلت عن حيض‪ ،‬أو نفاس‪ ،‬يسن لها أن تأخذ طيبا وتجعله في قطن ة‪ ،‬أو‬
‫نحوها‪ ،‬وتدخلها فرجها (‪ ،)1‬والمسك أولى من غ يره‪ .‬ف إن لم تج ده‪ ،‬فطيبا‬
‫آخر‪ ،‬ف إن لم تج د‪ ،‬فطين ا‪ ،‬ف إن لم تفع ل‪ ،‬فالم اء ك اف (‪ .)2‬الس ادس‪ :‬م اء‬
‫الوضوء والغسل غير مقدر‪ ،‬ويستحب أن ال ينقص م اء الوض وء عن م د‪،‬‬
‫وماء الغسل عن صاع تقريبا‪ .‬قلت‪ :‬االصح المد هن ا‪ :‬رطل وثلث بالبغ دادي‬
‫على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬رطالن‪ .‬والص اع أربعة أم داد‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الس ابع‪:‬‬
‫يس تحب أن يستص حب النية إلى آخر الغس ل‪ ،‬وأن ال يغتسل في الم اء‬
‫الراكد‪ ،‬وأن يقول بعد الف راغ‪( :‬أش هد أن ال إله إال هللا وح ده ال ش ريك ل ه‪،‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) وقد تقدم في باب صفة الوضوء سنن كثيرة‬
‫ت دخل هن ا‪ .‬قلت‪ :‬ال يج وز الغسل بحض رة الن اس إال مس تور الع ورة (‪.)3‬‬
‫ويجوز في الخلوة‬

‫] ‪[ 203‬‬
‫مكش وفها‪ ،‬والس تر أفض ل‪ .‬ولو ت رك المغتسل المضمضة واالستنش اق‪ ،‬أو‬
‫الوض وء‪ ،‬ق ال الش افعي واالص حاب رحمهم هللا‪ :‬فقد أس اء‪ ،‬ويس تحب أن‬
‫يتدارك ذل ك‪ ،‬وال يجب ت رتيب في أعض اء المغتس ل‪ ،‬لكن يس تحب الب داءة‬
‫بأعضاء الوضوء ثم بالرأس وأعالي البدن‪ .‬ولو أحدث في أثناء غسله‪ ،‬ج از‬
‫أن يتمه‪ ،‬وال يمنع الحدث صحته‪ ،‬لكن ال يصلي ح تى يتوضأ (‪ .)1‬ويج وز‬
‫الغسل من إنزال المني قبل البول‪ ،‬واالفضل بعده لئال يخرج بعده م ني‪ .‬وال‬
‫يجب غسل داخل العين‪ ،‬وحكم اس تحبابه على ما س بق في الوض وء‪ .‬ولو‬
‫غسل بدنه إال ش عرة أو ش عرات ثم نتفه ا‪ ،‬ق ال الم اوردي‪ :‬إن ك ان الم اء‬
‫وصل أصلها‪ ،‬أجزأه‪ ،‬وإال لزمه إيصاله إليه‪ .‬وفي فتاوى ابن الصباغ‪ :‬يجب‬
‫غسل ما ظه ر‪ ،‬وهو االص ح‪ .‬وفي (البي ان) وجه ان (‪ .)2‬أح دهما‪ :‬يجب‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬ال لف وات ما يجب غس له‪ ،‬كمن توضأ وت رك رجله فقطعت‪ .‬وهللا‬
‫‪.‬أعلم‬

‫] ‪[ 205‬‬
‫كت اب ال تيمم (‪ )1‬وفيه ثالثة أب واب‪ .‬االول‪ :‬فيما يبيح ه‪ .‬وإنما يب اح ب العجز‬
‫عن استعمال الماء بتعذره‪ ،‬أو بعسره‪ ،‬لخوف ضرر ظاهر‪ .‬وأس باب العجز‬
‫سبعة‪ .‬أحدها‪ :‬فقد الماء‪ .‬وللمس افر فيه أربعة أح وال‪ .‬أح دها‪ :‬أن ي تيقن ع دم‬
‫الماء حوله‪ ،‬كبعض رمال البوادي‪ ،‬في تيمم وال يحت اج إلى طلب الم اء على‬
‫االصح (‪ .)2‬الثاني‪ :‬أن يجوز وجوده تجويزا بعي دا‪ ،‬أو قريب ا‪ ،‬فيجب تق ديم‬
‫الطلب قطع ا‪ .‬ويش ترط في الطلب أن يك ون بعد دخ ول وقت الص الة (‪.)3‬‬
‫‪،‬وله أن يطلب بنفسه‬

‫] ‪[ 206‬‬
‫ويكفيه طلب من أذن له على الصحيح (‪ ،)1‬وال يكفيه طلب من لم يأذن له‬
‫قطعا (‪ .)2‬والطلب‪ :‬أن يفتش رحل ه‪ ،‬ف إذا لم يج د‪ ،‬نظر يمين ا‪ ،‬وش ماال‪،‬‬
‫وق داما‪ ،‬وخلف ا‪ ،‬إن اس توى موض عه‪ ،‬ويخص مواضع الخض رة‪ ،‬واجتم اع‬
‫الطير بمزيد احتياط‪ .‬وإن لم يستو الموضع‪ ،‬نظر‪ ،‬إن خ اف على نفس ه‪ ،‬أو‬
‫ماله‪ ،‬لو ت ردد‪ ،‬لم يجب ال تردد‪ ،‬وإن لم يخ ف‪ ،‬وجب ال تردد إلى حد يلحقه‬
‫غوث الرفاق مع ما هم عليه من التش اغل بش غلهم‪ ،‬والتف اوض في أق والهم‪.‬‬
‫ويختلف ذلك باس تواء االرض واختالفها ص عودا وهبوط ا‪ ،‬ف إن ك ان معه‬
‫رفق ة‪ ،‬وجب س ؤالهم إلى أن يس توعبهم‪ ،‬أو يض يق ال وقت فال يبقى إال ما‬
‫يسع تلك الص الة في االص ح‪ .‬وفي وج ه‪ :‬إلى أن يبقى ما يسع ركع ة‪ .‬وفي‬
‫وج ه‪ :‬يس توعبهم وإن خ رج ال وقت (‪ .)3‬قلت‪ :‬ق ال أص حابنا‪ :‬وال يجب أن‬
‫يطلب من كل واحد من الرفقة بعين ه‪ ،‬بل ين ادي فيهم‪ :‬من معه م اء ؟ من‬
‫يجود بالماء ؟ ونحوه‪ .‬ح تى ق ال البغ وي وغ يره‪ :‬لو قلت الرفق ة‪ ،‬لم يطلب‬
‫من كل واحد بعين ه‪ ،‬ولو بعث الن ازلون ثقة يطلب لهم‪ ،‬كف اهم كلهم‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ومتى عرف معهم م اء‪ ،‬وجب اس تيهابه على االص ح‪ .‬ه ذا كله إذا لم‬
‫يسبق منه تيمم وطلب‪ .‬فإن سبق‪ ،‬نظر‪ ،‬إن جرى أمر يحتمل بسببه حص ول‬
‫ماء‪ ،‬بأن انتقل من موضعه‪ ،‬أو طلع ركب‪ ،‬أو سحابة‪ ،‬وجب الطلب أيض ا‪.‬‬
‫لكن كل موضع تيقن ب الطلب االول (‪ )4‬أن ال م اء في ه‪ ،‬ولم يحتمل حدوثه‬
‫فيه‪ ،‬لم يجب الطلب منه على‬

‫] ‪[ 207‬‬
‫المذهب‪ .‬وإن لم يجر االمر الم ذكور‪ ،‬نظ ر‪ ،‬ف إن ك ان تيقن ع دم الم اء‪ ،‬لم‬
‫يجب على االصح‪ ،‬وإن كان ظن ه‪ ،‬وجب على االص ح‪ ،‬لكنه أخف طلبا من‬
‫االول‪ .‬وسواء في هذا كله تخلل بين التيممين زمن طويل‪ ،‬أو قص ير‪ ،‬أو لم‬
‫يتخل ل‪ .‬الحالة الثالث ة‪ :‬أن ي تيقن وج ود الم اء حوالي ه‪ .‬وله ثالث م راتب‪.‬‬
‫االولى‪ :‬أن يك ون على مس افة ينتشر إليها الن ازلون للحطب والحش يش‬
‫والرعي‪ ،‬فيجب السعي إليه (‪ ،)1‬وال يجوز ال تيمم‪ .‬وه ذا ف وق حد الغ وث‬
‫الذي يقصده عند التوهم‪ .‬قال محمد بن يحيى‪ :‬لعله يقرب من نصف فرس خ‪.‬‬
‫المرتبة الثاني ة‪ :‬أن يك ون بعي دا‪ ،‬بحيث لو س عى إليه فاته ف رض ال وقت‪،‬‬
‫في تيمم على الم ذهب‪ ،‬بخالف ما لو (‪ )2‬ك ان واج دا للم اء‪ ،‬وخ اف ف وت‬
‫ال وقت لو توض أ‪ ،‬فإنه ال يج وز ال تيمم على الم ذهب‪ .‬وفي (الته ذيب) وجه‬
‫شاذ‪ :‬أنه يتيمم ويصلي في الوقت‪ ،‬ثم يتوضأ ويعي د‪ ،‬وليس بش ئ‪ .‬ثم االش به‬
‫بكالم االئمة‪ ،‬أن االعتبار في هذه المس افة من أول وقت الص الة الحاض رة‬
‫لو ك ان ن ازال في ذلك الموض ع‪ .‬وال ب أس ب اختالف الم واقيت في الط ول‬
‫والقص ر‪ ،‬وال ب اختالف المس افة في الس هولة والص عوبة‪ .‬ف إن ك ان ال تيمم‬
‫لفائتة أو نافل ة‪ ،‬اعت بر ب وقت الفريضة الحاض رة‪ ،‬وعلى ه ذا لو انتهى إلى‬
‫المنزل في آخر الوقت‪ ،‬والماء في حد القرب‪ ،‬وجب قص ده والوض وء وإن‬
‫فات الوقت‪ ،‬كما لو كان الماء في رحله‪ ،‬فإنه يتوضأ وإن فات الوقت‪ .‬قلت‪:‬‬
‫هذ ال ذي ذك ره االم ام ال رافعي‪ ،‬ونقله عن مقتضى كالم االص حاب‪ ،‬من‬
‫اعتبار أول ال وقت‪ ،‬ليس كما قال ه‪ ،‬بل الظ اهر من عب اراتهم‪ ،‬أن االعتب ار‬
‫ب وقت الطلب‪ .‬ه ذا هو المفه وم من [ عب اراتهم في ] (‪ )3‬كتبهم المش هورة‬
‫والمهجورة‪ ،‬وهو‬

‫] ‪[ 208‬‬
‫ظ اهر نص الش افعي رحمه هللا في (االم) وغ يره‪ ،‬ف إن عبارته وعب ارتهم‪:‬‬
‫وإن دل على م اء‪ ،‬ولم يخف ف وت ال وقت‪ ،‬وال ض ررا‪ ،‬لزمه طلب ه‪ .‬ه ذا‬
‫نصه ونص هم‪ ،‬وهو ص ريح‪ ،‬أو كالص ريح فيما قلت ه‪ ،‬وقد تتبعت ذلك‬
‫وأتقنت ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬المرتبة الثالث ة‪ :‬أن يك ون بين المرتب تين‪ ،‬فيزيد على ما‬
‫ينتشر إليه النازلون‪ ،‬ويقصر عن خروج الوقت‪ .‬فهل يجب قصده‪ ،‬أم يج وز‬
‫التيمم ؟ نص الشافعي رحمه هللا‪ ،‬أنه إن ك ان على يمين الم نزل أو يس اره‪،‬‬
‫وجب‪ .‬وإن كان صوب مقصده‪ ،‬لم يجب‪ ،‬فقيل بظاهر النصين‪ ،‬وقيل‪ :‬فيهما‬
‫قوالن‪ .‬والمذهب ج واز ال تيمم وإن علم وص وله إلى الم اء في آخر ال وقت‪.‬‬
‫وإذا ج از ذلك للس ائر إلى جهة الم اء‪ ،‬فالن ازل ال ذي عن يمينه أو يس اره‬
‫أولى‪ .‬والسائر وهو على يمينه أو يساره أولى‪ ،‬ه ذا في المس افر‪ .‬أما المقيم‪،‬‬
‫فال يجوز له التيمم وإن خاف فوت الوقت لو سعى إلى الم اء‪ ،‬النه ال بد له‬
‫من القضاء‪ .‬ثم إذا قلنا في المسافر بالمذهب‪ :‬وهو جواز ال تيمم مطلق ا‪ ،‬ف إن‬
‫تيقن وج ود الم اء آخر ال وقت‪ ،‬فاالفضل ت أخير الص الة ليؤديها بالوض وء‪.‬‬
‫وفي (التتمة) وجه شاذ‪ :‬أن تقديمها بالتيمم أفضل‪ ،‬لفض يلة أول ال وقت‪ .‬وإن‬
‫لم ي تيقن الم اء‪ ،‬ولكن رج ا‪ ،‬فق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬التق ديم أفض ل‪ .‬وموضع‬
‫الق ولين إذا اقتصر على ص الة واح دة‪ .‬أما إذا ص لى ب التيمم أول ال وقت‪،‬‬
‫وبالوضوء مرة أخرى آخره‪ ،‬فهو النهاية في إحراز الفض يلة (‪ .)1‬وإن ظن‬
‫عدم الماء‪ ،‬أو تساوى احتمال وج وده وعدم ه‪ ،‬فالتق ديم أفضل قطع ا‪ .‬وربما‬
‫وقع في كالم بعضهم نقل القولين‪ ،‬فيما إذا لم يظن الوجود‪ .‬وال وث وق به ذا‬
‫النقل‪ .‬قلت‪ :‬قد صرح الش يخ أبو حام د‪ ،‬وص احب (الح اوي) و (المح املي)‬
‫وآخ رون بجري ان الق ولين فيما إذا تس اوى االحتم ال‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما تعجيل‬
‫المتوضئ وغيره الصالة في أول الوقت منفردا‪ ،‬وتأخيرها النتظار‬
‫] ‪[ 209‬‬
‫الجماع ة‪ ،‬ففيه ثالثة ط رق‪ .‬قي ل‪ :‬التق ديم أفض ل‪ ،‬وقي ل‪ :‬الت أخير‪ ،‬وقي ل‪:‬‬
‫وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬قطع معظم العراق يين‪ ،‬ب أن الت أخير للجماعة أفض ل‪ .‬ومعظم‬
‫الخراسانيين‪ ،‬بأن التقديم منفردا أفضل‪ .‬وقال جماعة‪ :‬هو ك التيمم‪ .‬ف إن تيقن‬
‫الجماعة آخر الوقت‪ ،‬فالتأخير أفضل‪ .‬وإن ظن عدمها‪ ،‬فالتقديم أفض ل‪ .‬وإن‬
‫رجاها‪ ،‬فقوالن‪ .‬وينبغي أن يتوسط فيقال‪ :‬إن فحش التأخير‪ ،‬فالتقديم أفض ل‪.‬‬
‫وإن خ ف‪ ،‬فالت أخير أفض ل‪ .‬وموضع الخالف‪ ،‬إذا اقتصر على ص الة‪ .‬فأما‬
‫إذا صلى أول الوقت منفردا‪ ،‬وآخره مع الجماع ة‪ ،‬فهو النهاية في الفض يلة‪،‬‬
‫وقد جاء به الحديث‪ ،‬في صحيح مسلم) (‪ )1‬وغ يره‪ .‬ق ال ص احب (البي ان)‪:‬‬
‫ق ال أص حابنا‪ :‬والق والن في ال تيمم‪ ،‬يجري ان في م ريض عجز عن القي ام‪،‬‬
‫ورج اه آخر ال وقت‪ ،‬أو رجا العري ان الس ترة آخ ره‪ ،‬هل االفضل تق ديم‬
‫الص الة على حالهم ا‪ ،‬أم الت أخير ؟ ق ال‪ :‬وال ي ترك ال ترخص بالقصر في‬
‫السفر‪ .‬وإن علم إقامته آخر الوقت بال خالف‪ .‬قال‪ :‬ق ال ص احب (الف روع)‪:‬‬
‫إن خاف ف وت الجماع ة‪ ،‬لو أكمل الوض وء‪ ،‬فإدراكها أولى من االنحب اس‪،‬‬
‫الكماله‪ .‬وفي هذا نظر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الحالة الرابع ة‪ :‬أن يك ون الم اء حاض را‪،‬‬
‫بأن يزدحم مسافرون على بئر ال يمكن أن يس تقي منها إال واحد بعد واح د‪،‬‬
‫لضيق الموقف‪ ،‬أو اتحاد اآللة‪ ،‬فإن توقع حصول نوبته قبل خروج ال وقت‪،‬‬
‫لم يجز التيمم‪ .‬وإن علم أنها ال تحصل إال بعد الوقت‪ ،‬فنص الش افعي رحمه‬
‫هللا‪ ،‬أنه يجب الصبر ليتوضأ‪ .‬ونص في ع راة معهم ث وب واحد يتناوبون ه‪،‬‬
‫أنه يصبر ليستر عورته‪ ،‬ويص لي بعد ال وقت‪ .‬ونص في جماعة في موضع‬
‫ضيق ال يمكن أن يصلي فيه قائما إال واحد‪ ،‬أنه يصلي في الوقت‬

‫] ‪[ 210‬‬
‫قاعدا‪ ،‬إذا علم أن نوبته ال تحصل إال بعد الوقت‪ .‬وهذا يخ الف النص ين في‬
‫المسألتين السابقتين‪ ،‬فاالصح ما قاله أبو زيد وغ يره‪ :‬أن في الجميع ق ولين‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬يصلي في الوقت بالتيمم‪ ،‬وعاريا‪ ،‬وقاعدا‪ ،‬لحرمة ال وقت‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يصبر‪ ،‬للقدرة‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬تقرير النص ين‪ ،‬فيص بر للوض وء واللبس‪،‬‬
‫دون القيام‪ ،‬لسهولة أمره‪ .‬وقال كثيرون‪ :‬ال نص في مسألة الب ئر‪ ،‬ونص في‬
‫االخريين على ما سبق‪ ،‬وألحق وا الوض وء بالقي ام لحص ول ب دلهما‪ .‬فق الوا‪:‬‬
‫يتيمم في الوقت ويص لي‪ .‬وأج رى إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬ه ذا الخالف‬
‫فيما إذا الح للمسافر الماء‪ ،‬وال عائق دون ه‪ ،‬ولكن ض اق ال وقت‪ ،‬وعلم أنه‬
‫لو اشتغل به‪ ،‬فاته ال وقت‪ .‬وه ذا يقتضي إثب ات الخالف في المرتبة الثاني ة‪،‬‬
‫من الحالة الثالثة‪ ،‬وقد أشرنا إليه هناك‪ .‬قلت‪ :‬االصح من الط ريقين‪ ،‬إج راء‬
‫القولين في الجميع‪ .‬وأظهرهما‪ :‬يصلي في الوقت ب التيمم‪ ،‬وعاري ا‪ ،‬وقاع دا‪،‬‬
‫وال إع ادة على الم ذهب‪ .‬وفي (الته ذيب) في وج وب االع ادة‪ ،‬ق والن‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ف رع (‪ :)1‬إذا وجد الجنب‪ ،‬أو المح دث‪ ،‬ما ال يكفيه لطهارت ه‪ ،‬وجب‬
‫استعماله على االظهر‪ ،‬ثم يجب التيمم بعده للب اقي‪ ،‬فيغسل المح دث وجه ه‪،‬‬
‫ثم يديه على ال ترتيب‪ ،‬ويغسل الجنب من جس ده ما ش اء‪ .‬واالولى‪ :‬أعض اء‬
‫الوض وء‪ .‬ف إن ك ان مح دثا جنب ا‪ ،‬ووجد ما يكفي الوض وء وح ده‪ ،‬ف إن قلنا‬
‫بالمذهب‪ :‬أنه يدخل االصغر في االكبر‪ ،‬فهو ك الجنب المحض‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ال‬
‫يدخل‪ ،‬توضأ به عن االصغر‪ ،‬وتيمم عن الجنابة‪ ،‬يق دم أيهما ش اء‪ .‬ه ذا كله‬
‫إذا صلح الموجود للغس ل‪ ،‬ف إن لم يجد المح دث إال ثلج ا‪ ،‬أو ب ردا ال يق در‬
‫على إذابته‪ ،‬لم يجب استعماله على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬فيه القوالن‪ .‬فإن أوجبن ا‪،‬‬
‫تيمم عن الوجه والي دين‪ ،‬ثم مسح به ال رأس‪ ،‬ثم تيمم لل رجلين‪ .‬ه ذا كله إذا‬
‫وجد ترابا‪ .‬فإن لم يج ده‪ ،‬وجب اس تعمال الن اقص على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه‬
‫الق والن‪ .‬قلت‪ :‬ولو لم يجد إال ترابا ال يكفيه للوجه والي دين‪ ،‬وجب اس تعماله‬
‫على‬

‫] ‪[ 211‬‬
‫المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬فيه القوالن‪ .‬ولو لم يجد م اء‪ ،‬ووجد ما يش تري به بعض ما‬
‫يكفيه من الم اء‪ ،‬ففي وجوبه الق والن‪ .‬ف إن لم يجد م اء‪ ،‬وال تراب ا‪ ،‬ففي‬
‫وجوب ش راء بعض ما يكفي من الم اء‪ ،‬الطريق ان‪ .‬ولو تيمم‪ ،‬ثم رأى ما ال‬
‫يكفيه‪ ،‬فإن احتمل عنده أنه يكفيه‪ ،‬بطل تيممه‪ ،‬وإن علم بمج رد رؤيت ه‪ ،‬أنه‬
‫ال يكفيه‪ ،‬فعلى القولين في استعماله‪ .‬إن أوجبن اه‪ ،‬بط ل‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ولو ك ان‬
‫عليه نجاسات‪ ،‬ووجد ما يغسل بعضها‪ ،‬وجب على المذهب‪ ،‬ولو كان جنبا‪،‬‬
‫أو مح دثا‪ ،‬أو حائض ا‪ ،‬وعلى بدنه نجاس ة‪ ،‬ووجد ما يكفي أح دهما‪ ،‬تعين‬
‫للنجاس ة‪ ،‬فيغس لها ثم ي تيمم‪ .‬فلو تيمم ثم غس لها‪ ،‬ج از على االصح (‪،)1‬‬
‫وبقيت لهذه المس ألة ف روع‪ ،‬استقص يتها في ش رحي (المه ذب) و (التنبي ه)‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬فصل (‪ :)2‬إذا ك ان معه م اء يص لح لطهارت ه‪ ،‬فأتلفه بإراق ة‪ ،‬أو‬
‫ش رب‪ ،‬أو تنجيس‪ ،‬تيمم قطع ا‪ .‬ثم إن ك ان االتالف قبل ال وقت مطلق ا‪ ،‬أو‬
‫بعده لغرض‪ ،‬كش رب للحاج ة‪ ،‬أو غسل ث وب للنظاف ة‪ ،‬أو ت برد‪ ،‬أو اش تبه‬
‫االناآن واجتهد‪ ،‬ولم يظهر له ش ئ‪ ،‬فأراقهم ا‪ ،‬أو صب أح دهما في اآلخ ر‪،‬‬
‫فال إعادة عليه‪ .‬وإن ك ان بعد ال وقت لغ ير غ رض‪ ،‬فال إع ادة أيض ا‪ ،‬على‬
‫االصح‪ ،‬لفقده‪ .‬وقيل‪ :‬يجب لعصيانه قطع ا‪ .‬ولو اجت از بم اء في ال وقت‪ ،‬فلم‬
‫يتوض أ‪ ،‬فلما بعد من ه‪ ،‬ص لى ب التيمم‪ ،‬لم يعد على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه‬
‫الوجه ان‪ .‬وهو ش اذ‪ .‬ولو وهب الم اء في ال وقت‪ ،‬أو باعه من غ ير حاجة‬
‫للمتهب والمشتري‪ ،‬كعطش ونحوه‪ ،‬وال حاجة للب ائع إلى ثمن ه‪ ،‬ففي ص حة‬
‫البيع والهبة‪ ،‬وجهان‪ .‬االص ح‪ :‬ال يص حان‪ .‬ف إن ص ح‪ ،‬فحكمه في القض اء‪،‬‬
‫حكم االراق ة‪ .‬وإن لم يص ح‪ ،‬لم يصح تيمم ه‪ ،‬ما دام الم اء في يد المبت اع‬
‫والموه وب ل ه‪ ،‬وعليه االس ترداد‪ .‬ف إن لم يق در وتيمم‪ ،‬وجب القض اء‪ .‬وإن‬
‫أتلف في يده‪ ،‬فهو كاالراقة‪ .‬ثم في المقضي في الصور‪ ،‬ثالثة‬

‫] ‪[ 212‬‬
‫أوجه‪ .‬االصح‪ :‬تقضى الص الة ال تي ف وت الم اء في وقته ا‪ .‬والث اني‪ :‬تقضى‬
‫أغلب ما يؤديه بوضوء واح د‪ .‬والث الث‪ :‬تقضى كل ص الة ص الها ب التيمم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإذا وجب القضاء‪ ،‬ال يصح في الوقت بالتيمم‪ ،‬بل ي ؤخره إلى وج ود‬
‫الماء‪ ،‬أو حالة يسقط الفرض فيها بالتيمم‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬وإذا قلن ا‪ :‬ال يصح‬
‫هبة هذا الماء‪ ،‬وتلف في يد الموهوب ل ه‪ ،‬فال ض مان عليه على الم ذهب (‬
‫‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬السبب الثاني‪ :‬الخوف على نفسه‪ ،‬أو ماله‪ ،‬فإذا كان بقربه ما‬
‫يخ اف من قص ده على نفس ه‪ ،‬أو عض وه‪ ،‬من س بع‪ ،‬أو ع دو‪ .‬أو على ماله‬
‫الذي معه‪ ،‬أو المخلف في رحله‪ ،‬من غاصب‪ ،‬أو سارق‪ .‬أو كان في سفينة‪،‬‬
‫وخاف لو استقى من البحر‪ ،‬فله ال تيمم‪ .‬ولو خ اف من قص ده االنقط اع عن‬
‫رفقته‪ ،‬تيمم إن كان عليه منه ضرر‪ ،‬وك ذا إن لم يكن ض رر على االص ح‪.‬‬
‫ولو وهب الم اء لخادم ه‪ ،‬وجب قبوله على الص حيح‪ .‬ولو أع ير ال دلو‬
‫والرشاء‪ ،‬وجب قبوله قطعا‪ .‬وقيل‪ :‬إن زادت قيمة المستعار على ثمن الماء‪،‬‬
‫لم يجب قبوله‪ .‬ولو أق رض الم اء‪ ،‬وجب قبوله على الص حيح‪ .‬ولو وهب له‬
‫أجنبي ثمن الم اء‪ ،‬أو آلة االس تقاء‪ ،‬لم يجب قبول ه‪ .‬وك ذا لو وهبه االب‪ ،‬أو‬
‫االبن‪ ،‬على الص حيح‪ .‬ولو أق رض ثمن الم اء وهو معس ر‪ ،‬لم يجب قبول ه‪.‬‬
‫وكذا إن كان موسرا بم ال غ ائب على االص ح‪ .‬ولو بيع الم اء بنس يئة وهو‬
‫معس ر‪ ،‬لم يجب قبول ه‪ .‬وإن ك ان موس را‪ ،‬وجب على الص حيح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وص ورة المس ألة‪ ،‬أن يك ون االجل ممت دا إلى أن يصل إلى بلد مال ه‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ولو وجد ثمن الم اء‪ ،‬واحت اج إليه ل دين مس تغرق‪ ،‬أو نفقة حي وان‬
‫محترم مع ه‪ ،‬أو لمؤنة من م ؤن س فره‪ ،‬في ذهابه وإياب ه‪ ،‬لم يجب ش راؤه‪.‬‬
‫وإن فضل عن هذا‬
‫] ‪[ 213‬‬
‫كله‪ ،‬وجب الشراء إن بيع بثمن المثل‪ ،‬ويصرف إليه أي نوع ك ان معه من‬
‫الم ال‪ .‬وإن بيع بزي ادة‪ ،‬لم يجب الش راء وإن قلت الزي ادة‪ .‬وقي ل‪ :‬إن ك انت‬
‫مما يتغ ابن بمثله ا‪ ،‬وجب‪ ،‬وهو ض عيف‪ .‬ولو (‪ )1‬بيع نس يئة‪ ،‬وزيد بس بب‬
‫االجل ما يليق ب ه‪ ،‬فهو ثمن مثله على الص حيح‪ .‬وفي ض بط ثمن المثل‬
‫أوجه‪ .‬االصح‪ :‬أنه ثمنه في ذلك الموضع وتلك الحالة‪ .‬والثاني‪ :‬ثمن مثله في‬
‫ذلك الموض ع‪ ،‬في غ الب االوق ات‪ .‬والث الث‪ :‬أنه ق در أج رة نقله إلى ذلك‬
‫الموض ع‪ ،‬وهو ض عيف‪ .‬ولم يتق دم الغ زالي أحد باختي اره إي اه‪ .‬ولو بيع آلة‬
‫االس تقاء‪ ،‬أو أجرها بثمن المثل وأجرت ه‪ ،‬وجب القب ول‪ .‬ف إن زاد‪ ،‬لم يجب‪.‬‬
‫كذا قاله االصحاب‪ .‬ولو قيل‪ :‬يجب التحصيل ما لم يج اوز الزي ادة ثمن مثل‬
‫الماء‪ ،‬لك ان حس نا‪ .‬ولو لم يجد إال ثوبا وق در على ش ده في ال دلو ليس تقي‪،‬‬
‫لزمه ذل ك‪ .‬فلو لم يكن دلو وأمكن إدالؤه في الب ئر ليبت ل‪ ،‬ويعصر ما‬
‫يوضئه‪ ،‬لزمه‪ ،‬فلو لم يصل الم اء وأمكن ش قه‪ ،‬وشد بعضه ببعض‪ ،‬لزم ه‪.‬‬
‫هذا كله إذا لم يحصل في الثوب نقص يزيد على أكثر االمرين‪ :‬ثمن الم اء‪،‬‬
‫وأجرة الحبل‪ .‬السبب الثالث‪ :‬الحاجة إلى الم اء‪ ،‬لعطش ونح وه‪ .‬فيه مس ائل‪.‬‬
‫أحدها‪ :‬إذا وجد ماء واحتاج إليه لعطشه‪ ،‬أو عطش رفيقه‪ ،‬أو حيوان محترم‬
‫في الح ال‪ ،‬أو في الم آل بع وض‪ ،‬أو بغ يره‪ ،‬ج از ال تيمم (‪ .)2‬وذكر إم ام‬
‫الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ :‬ت رددا في ال تزود لعطش رفيق ه‪ .‬والم ذهب‪ :‬القطع‬
‫بجوازه‪ .‬وضبط الحاجة يقاس بما س يأتي في (الم رض الم بيح) إن ش اء هللا‬
‫تع الى‪ .‬وللعطش ان أن يأخ ذه من ص احبه قه را (‪ ،)3‬إذا لم يبذل ه‪ .‬وغ ير‬
‫المح ترم من الحي وان‪ ،‬هو الح ربي‪ ،‬والمرت د‪ ،‬والخ نزير‪ ،‬والكلب العق ور‪،‬‬
‫وسائر الفواسق الخمس‪ ،‬وما في معناها‪ .‬وال يكلف أن يتوضأ بالماء‪ ،‬ثم‬

‫] ‪[ 214‬‬
‫يجمعه ويشربه على الم ذهب‪ .‬ق ال أبو علي الزج اجي (‪ - )1‬بضم ال زاي ‪-‬‬
‫والماوردي وآخرون‪ :‬من كان معه م اءان‪ :‬ط اهر‪ ،‬ونجس‪ ،‬وعطش‪ ،‬توضأ‬
‫بالطاهر‪ ،‬وشرب النجس‪ .‬قلت‪ :‬ذكر الشاشي كالم الماوردي هذا‪ ،‬ثم أنك ره‪،‬‬
‫واختار‪ :‬أنه يشرب الطاهر وي تيمم‪ ،‬وه ذا هو الص حيح‪ ،‬وه ذا الخالف فيما‬
‫بعد دخول الوقت‪ ،‬أما قبله‪ ،‬فيشرب الطاهر بال خالف‪ .‬صرح به الماوردي‬
‫وغيره‪ .‬قال المتولي‪ :‬ولو كان يرجو وجود الم اء في غ ده وال يتحقق ه‪ ،‬فهل‬
‫له التزود (‪ )2‬؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬ج وازه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬المس ألة الثاني ة‪ :‬ق ال‬
‫الشافعي رحمه هللا‪ :‬إذا مات رجل له م اء ورفقته عط اش‪ ،‬ش ربوه ويمم وه‬
‫وأدوا ثمنه في ميراثه‪ .‬وصورة المسألة‪ :‬أنهم رجعوا إلى البلد‪ ،‬وأراد بالثمن‬
‫القيم ة‪ ،‬موضع االتالف ووقت ه‪ .‬وقي ل‪ :‬أراد مثل القيمة (‪ .)3‬الثالث ة‪ :‬إذا‬
‫أوص ى‪ ،‬أو وكل بص رف م اء إلى أولى الن اس ب ه‪ ،‬فحضر ميت‪ ،‬وجنب‪،‬‬
‫وح ائض‪ ،‬ومن على بدنه نجاس ة‪ ،‬ومح دث‪ ،‬ف الميت وص احب النجاسة‬
‫أوالهم‪ ،‬والميت أوالهما على االص ح‪ .‬فلو ك ان على الميت أيضا نجاس ة‪،‬‬
‫فهو أولى قطع ا‪ .‬وال يش ترط الس تحقاق الميت قب ول وارث‪ ،‬كما لو تط وع‬
‫انس ان بكفن ه‪ ،‬وفيه وجه ش اذ‪ :‬أنه يش ترط‪ .‬ولو م ات اثن ان‪ ،‬أح دهما قبل‬
‫اآلخر‪ ،‬وكان قبل موتهما ماء يكفي أحدهما‪ ،‬فاالول أولى‪ .‬فإن ماتا مع ا‪ ،‬أو‬
‫وجد الم اء بعد موتهم ا‪ ،‬فأفض لهما أولى‪ ،‬ف إن اس تويا أق رع بينهم ا‪ .‬أما إذا‬
‫‪.‬اجتمع الجنب والحائض‪ ،‬فثالثة أوجه‬

‫] ‪[ 215‬‬
‫االصح‪ :‬الحائض أولى‪ .‬والثاني‪ :‬الجنب‪ .‬والثالث‪ :‬سواء‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬إن طلب‬
‫أحدهما القسمة‪ ،‬واآلخر القرعة‪ ،‬فإن لم نوجب استعمال الناقص‪ ،‬أقرع‪ .‬وإن‬
‫أوجبناه‪ ،‬أقرع على االصح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يقسم‪ .‬وإن اتفقا على القسمة‪ ،‬جاز‬
‫إن أوجبنا استعمال الن اقص‪ ،‬وإال فال‪ .‬ولو اجتمع جنب ومح دث‪ ،‬ف إن ك ان‬
‫الم اء يكفي للوض وء دون الغس ل‪ ،‬فالمح دث أولى إن لم ن وجب اس تعمال‬
‫الن اقص‪ ،‬وإن أوجبن اه‪ ،‬فأوج ه‪ .‬االص ح‪ :‬المح دث أولى‪ .‬والث اني‪ :‬الجنب‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬س واء‪ .‬وإن لم يكف واح دا منهم ا‪ ،‬ف الجنب أولى إن أوجبنا‬
‫اس تعماله‪ ،‬وإال فهو كالمع دوم‪ .‬وإن كفى وفضل عن الوض وء شئ دون‬
‫الغس ل‪ ،‬ف الجنب أولى إن لم ن وجب اس تعمال الن اقص‪ ،‬وإن أوجبن اه‪ .‬فعلى‬
‫االوجه الثالث ة‪ .‬أص حها‪ :‬الجنب أولى‪ .‬ولو (‪ )1‬فضل عن كل واح د‪ ،‬أو لم‬
‫يفضل عن واح د‪ ،‬أو كفى الجنب دون المح دث‪ ،‬ف الجنب أولى قطع ا‪ .‬ولو‬
‫انتهى هؤالء المحت اجون إلى م اء مب اح‪ ،‬واس تووا في إح رازه وإثب ات اليد‬
‫علي ه‪ ،‬ملك وه بالس وية‪ ،‬وال يج وز الحد أن يب ذل نص يبه لغ يره‪ ،‬وإن ك ان‬
‫أحوج منه وإن كان ناقصا‪ ،‬إال إذا قلنا‪ :‬ال يجب اس تعمال الن اقص‪ .‬ك ذا قاله‬
‫إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ .‬وقال أكثر االصحاب‪ :‬إن المستحب تق ديم االح وج‬
‫فاالحوج كالوصية‪ ،‬وال منافاة بين الكالمين‪ .‬وأراد االصحاب‪ :‬أن المس تحب‬
‫تق ديم االح وج‪ ،‬وأنهم لو تن ازعوا‪ ،‬ك ان كما قاله إم ام الح رمين‪ .‬ويمكن أن‬
‫ين ازعهم في االس تحباب ويق ول‪ :‬ال يج وز الع دول عن م اء يتمكن منه‬
‫‪.‬للطهارة (‪)2‬‬
‫] ‪[ 216‬‬
‫السبب الرابع‪ :‬العجز بسبب الجه ل‪ ،‬ه ذا قد جعله الغ زالي س ببا‪ .‬ولقائل أن‬
‫يقول‪ :‬ليس هو سببا‪ ،‬فإن الس بب هو ظن الع دم‪ ،‬وذلك موج ود‪ .‬وأما قض اء‬
‫الصالة‪ ،‬ف أمر آخ ر‪ .‬والالئق ذك ره في آخر س بب الفق د‪ ،‬أو فيما يقضى من‬
‫الص لوات‪ .‬قلت‪ :‬بل له هنا وجه ظ اهر‪ ،‬ف إن من جملة ص وره‪ ،‬إذا أضل‬
‫راحلته أو ماءه‪ ،‬فهذا من وجه كالواجد‪ ،‬فيتوهم أنه ال يجوز له التيمم‪ ،‬ومن‬
‫وجه عادم‪ ،‬فلهذا ذكره الغزالي في (االس باب المبيح ة) لالق دام على ال تيمم‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬وفيه مس ائل‪ :‬االولى‪ :‬لو نسي الم اء في رحل ه‪ ،‬أو علم موضع‬
‫نزوله بئرا‪ ،‬فنسيها‪ ،‬وصلى بالتيمم‪ ،‬فطريقان‪ .‬أحدهما‪ :‬تجب االع ادة قطع ا‪.‬‬
‫وأصحهما‪ :‬على القولين‪ .‬الجديد المشهور وجوبها‪ ،‬كنس يان عضو الطه ارة‪،‬‬
‫وس اتر الع ورة‪ .‬ولو نسي ثمن الم اء‪ ،‬فكنس يان الم اء‪ .‬وقي ل‪ :‬يحتمل غ يره‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬لو أدرج في رحله م اء لم يعلم ب ه‪ ،‬ف تيمم وص لى‪ ،‬ثم علم‪ ،‬أو تيمم‪،‬‬
‫ثم علم بقربه ب ئرا لم يكن علمه ا‪ ،‬فطريق ان‪ .‬أح دهما‪ :‬ال إع ادة‪ .‬وأص حهما‬
‫على ق ولين‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال إع ادة (‪ .)1‬الثالث ة‪ :‬لو أضل الم اء في رحل ه‪،‬‬
‫وصلى بالتيمم‪ ،‬إن لم يمعن في الطلب‪ ،‬وجبت االعادة‪ .‬وإن أمعن ح تى ظن‬
‫‪.‬العدم‪ ،‬وجبت أيضا على االظهر‪ .‬وقيل‪ :‬االصح (‪)2‬‬

‫] ‪[ 217‬‬
‫الرابعة‪ :‬أضل رحله في الرحال‪ ،‬إن لم يمعن في الطلب‪ ،‬أع اد‪ ،‬وإن أمعن‪،‬‬
‫فالمذهب أنه ال إعادة‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬وقي ل‪ :‬إن وج ده قريب ا‪،‬‬
‫أع اد‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬الس بب الخ امس‪ :‬الم رض‪ ،‬وهو ثالثة أقس ام‪ .‬االول‪ :‬ما‬
‫يخ اف معه من الوض وء ف وت ال روح‪ ،‬أو ف وت عض و‪ ،‬أو منفعة عض و‪،‬‬
‫فبيح التيمم‪ .‬ولو خاف مرضا مخوف ا‪ ،‬تيمم على الم ذهب‪ .‬الث اني‪ :‬أن يخ اف‬
‫زيادة العلة‪ ،‬وهو ك ثرة ألم‪ ،‬وإن لم ت زد الم دة‪ ،‬أو يخ اف بطء ال برء‪ ،‬وهو‬
‫طول مدة المرض‪ .‬وإن لم يزد االلم‪ ،‬أو يخ اف ش دة الض نا‪ ،‬وهو الم رض‬
‫المدنف الذي يجعله زمنا‪ ،‬أو يخاف حصول شين قبيح‪ ،‬كالسواد على عضو‬
‫ظاهر‪ ،‬كالوجه وغيره‪ ،‬مما يبدو في حال المهن ة‪ ،‬ففي الجميع ثالث ط رق‪.‬‬
‫أصحها‪ :‬في المسألة قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬جواز التيمم‪ .‬والثاني‪ :‬ال يجوز قطع ا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬يجوز قطعا‪ .‬الثالث‪ :‬أن يخاف شيئا يس يرا‪ ،‬ك أثر الج دري‪ ،‬وس واد‬
‫قليل‪ .‬أو شينا قبيحا على غير االعضاء الظاهرة (‪ ،)1‬أو يكون به مرض ال‬
‫يخاف من استعمال الماء معه محذورا في العاقبة‪ .‬وإن كان يت ألم في الح ال‬
‫بجراحة‪ ،‬أو برد‪ ،‬أو ح ر‪ ،‬فال يج وز ال تيمم لشئ من ه ذا بال خالف‪ .‬ف رع‬
‫يجوز أن يعتمد في كون المرض مرخصا‪ .‬على معرفة نفسه إن كان عارفا‪.‬‬
‫‪،‬ويجوز اعتماد طبيب حاذق‪ ،‬بشرط االسالم (‪ ،)2‬والبلوغ‪ ،‬والعدالة‬

‫] ‪[ 218‬‬
‫ويعتمد العبد والمرأة‪ .‬ولنا وجه شاذ‪ :‬أنه يعتمد الصبي المراهق‪ ،‬أو الفاس ق‪.‬‬
‫ووجه ش اذ‪ :‬أنه ال بد من طبي بين‪ .‬ف رع‪ :‬إذا عمت العلة أعض اء الطه ارة‪،‬‬
‫اقتصر على ال تيمم‪ .‬وإن ك انت في البعض‪ ،‬غسل الص حيح‪ .‬وفي العلي ل‪،‬‬
‫كالم مذكور في (الجريح)‪ .‬قلت‪ :‬وإذا لم يوجد طبيب بش رطه‪ .‬ق ال أبو علي‬
‫السبخي‪ :‬ال يتيمم (‪ .)1‬وال فرق في ه ذا الس بب‪ ،‬بين الحاض ر‪ ،‬والمس افر‪،‬‬
‫والحدث االصغر‪ ،‬واالكبر‪ ،‬وال إعادة فيه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬السبب الس ادس‪ :‬إلق اء‬
‫الجبيرة‪ .‬وهي تكون لكس ر‪ ،‬أو انخالع‪ .‬فت ارة (‪ )2‬يحت اج إلى الجب يرة على‬
‫الكسر أو االنخالع‪ ،‬وت ارة ال يحت اج‪ ،‬ويعت بر في الحاجة ما تق دم في‬
‫الم رض‪ .‬فالحالة االولى‪ :‬إذا احت اج‪ ،‬ووضع الجب يرة‪ ،‬فإما أن يق در على‬
‫نزعها عند الطهارة من غير ضرر من االم ور المتقدمة في الم رض‪ ،‬وإما‬
‫أن ال يق در‪ ،‬ف إن لم يق در‪ ،‬لم يكلف ال نزع‪ .‬وي راعي في طهارته أم ورا‪.‬‬
‫االول‪ :‬غسل الص حيح‪ .‬وهو واجب على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬فعلى‬
‫المذهب‪ :‬يجب غسل ما يمكن حتى ما تحت أط راف الجب يرة من الص حيح‪،‬‬
‫بأن يضع خرقة مبلولة عليها‪ ،‬ويعص رها لتغسل تلك المواضع بالمتق اطر (‬
‫‪ .)3‬الث اني‪ :‬مسح الجب يرة بالم اء‪ ،‬وهو واجب على الص حيح المش هور‪.‬‬
‫وحكي قول ووجه‪ :‬أنه ال يجب‪ ،‬بل يكفي الغسل مع ال تيمم‪ .‬فعلى الص حيح‪:‬‬
‫إن كان جنبا‪ ،‬مسح م تى ش اء‪ ،‬وإن ك ان مح دثا‪ ،‬مسح إذا وصل إلى غسل‬
‫العضو الذي عليه الجب يرة‪ .‬ويجب اس تيعاب الجب يرة بالمسح على االص ح‪،‬‬
‫كالوجه في التيمم‪ .‬وعلى‬

‫] ‪[ 219‬‬
‫الث اني‪ :‬يكفي ما يقع عليه االس م‪ :‬كمسح ال رأس‪ ،‬والخ ف‪ ،‬وال تتق در م دة‬
‫المسح على الصحيح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬تتق در ثالثة أي ام للمس افر‪ ،‬وبي وم وليلة‬
‫للحاضر‪ .‬والخالف فيما إذا ت أتى ال نزع بعد الم دة المق درة بال ض رر‪ .‬ف إن‬
‫حصل ض رر‪ ،‬لم يجب قطع ا‪ .‬وإن ت أتى في كل طه ارة‪ ،‬وجب (‪ )1‬قطع ا‪.‬‬
‫الث الث‪ :‬ال تيمم في الوجه والي دين‪ .‬ففيه طريق ان‪ .‬أص حهما‪ :‬على ق ولين‪.‬‬
‫أظهرهم ا‪ :‬يجب‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬إن ك ان ما تحت الجب يرة‬
‫عليال‪ ،‬بحيث ال يجب غس له لو ظه ر‪ ،‬لم يجب ال تيمم‪ ،‬وإال وجب‪ .‬وإذا‬
‫وجب‪ ،‬فلو كانت الجبيرة على موضع التيمم‪ ،‬لم يجب مسحها ب التراب على‬
‫االصح‪ .‬ثم إن ك ان جنب ا‪ ،‬فاالصح أنه مخ ير‪ ،‬إن ش اء ق دم غسل الص حيح‬
‫على التيمم‪ ،‬وإن شاء أخره (‪ .)2‬وعلى الثاني‪ :‬يتعين تقديم الغسل‪ .‬وإن ك ان‬
‫محدثا‪ ،‬فثالثة أوجه‪ .‬هذان الوجهان في الجنب‪ .‬والثالث‪ :‬وهو الصحيح (‪،)3‬‬
‫أنه ال ينتقل من عضو حتى يتم طهارته‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬إن ك انت الجب يرة على‬
‫الوجه‪ ،‬وجب تقديم التيمم على غسل اليدين‪ .‬فإن شاء غسل ص حيح الوج ه‪،‬‬
‫ثم تيمم عن عليل ه‪ ،‬وإن ش اء عكس‪ .‬وإن ك انت على الي دين‪ ،‬وجب تق ديم‬
‫التيمم على مسح الرأس‪ ،‬وتأخيره عن غسل الوجه‪ .‬ولو كان على عض وين‬
‫أو ثالثة جب ائر‪ ،‬تع دد ال تيمم‪ .‬ف إن ك انت على الوجه جب يرة‪ ،‬وعلى اليد‬
‫جبيرة‪ ،‬غسل صحيح‪ ،‬الوج ه‪ ،‬وتيمم عن عليل ه‪ .‬ثم اليد ك ذلك‪ .‬وعلى الوجه‬
‫االول والث اني‪ ،‬يكفي تيمم واحد وإن تع ددت الجب ائر‪ .‬قلت‪ :‬ولو عمت‬
‫الجراحات أعضاءه االربعة‪ .‬قال القاضي أبو الطيب واالصحاب‪ :‬يكفيه تيمم‬
‫واحد عن الجمي ع‪ ،‬النه س قط ال ترتيب لس قوط الغس ل‪ .‬ق الوا‪ :‬ولو عمت‬
‫ال رأس‪ ،‬ولم تعم االعض اء الثالث ة‪ ،‬وجب غسل ص حيح االعض اء‪ ،‬وأربع‬
‫تيممات على ما ذكرن ا‪ .‬ق ال ص احب (البح ر)‪ :‬ف إذا تيمم في ه ذه الص ورة‬
‫أربع تيممات‪ ،‬وصلى‪ ،‬ثم حضرت فريضة أخرى‪ ،‬أعاد التيممات االربع ة‪،‬‬
‫وال يلزمه غسل صحيح الوجه‪ ،‬ويعيد ما بعده‪ .‬وهذا الذي ذكره في الغس ل‪،‬‬
‫فيه خالف‬

‫] ‪[ 220‬‬
‫سيأتي قريبا‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪ .‬قال ص احب (البي ان)‪ :‬وإذا ك انت الجراحة‬
‫في يديه‪ ،‬استحب أن تجعل كل يد كعضو‪ ،‬فيغسل وجهه‪ ،‬ثم صحيح اليمنى‪،‬‬
‫وتيمم عن جريحها‪ ،‬ثم يطهر اليسرى غسال وتيمم ا‪ ،‬وك ذا ال رجالن‪ .‬وه ذا‬
‫حس ن‪ ،‬الن تق ديم اليم نى س نة‪ ،‬ف إذا اقتصر على تيمم‪ ،‬فقد طهرهما دفع ة‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ثم ما ذكرناه االمور الثالثة‪ ،‬إنما يكفي بشرطين‪ .‬أح دهما‪ :‬أن الد‬
‫يأخذ تحت الجب يرة من الص حيح‪ ،‬إال ما ال بد منه لالستمس اك‪ .‬والث اني‪ :‬أن‬
‫يض عها على طه ر‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال يش ترط الوضع على طه ر‪ ،‬والص حيح‬
‫اشتراطه‪ .‬فيجب النزع‪ ،‬واستئناف الوضع على طهر إن أمكن‪ ،‬وإال فيترك‪،‬‬
‫ويجب القض اء بعد ال برء على الم ذهب‪ ،‬بخالف الوضع على طهر على‬
‫االظهر‪ ،‬هذا كله إذا لم يق در على ن زع الجب يرة عند الطه ر‪ ،‬ف إن ق در بال‬
‫ضرر‪ ،‬وجب النزع‪ ،‬وغسل الصحيح إن أمكن‪ ،‬ومسحه بالتيمم إن ك ان في‬
‫موضع ال تيمم ولم يمكن غس له‪ .‬الحالة الثاني ة‪ :‬أن ال يحت اج إلى الجب يرة‪،‬‬
‫ويخاف من إيصال الم اء‪ ،‬فيغسل الص حيح بق در االمك ان‪ ،‬ويتلطف بوضع‬
‫خرقة مبلولة‪ ،‬ويتحامل عليها‪ ،‬ليغسل بالمتقاطر باقي الص حيح‪ .‬ويلزمه ذلك‬
‫بنفس ه‪ ،‬أو ب أجرة‪ ،‬ك االقطع‪ .‬وفي افتق اره إلى ال تيمم الخالف الس ابق في‬
‫الحالة االولى‪ .‬وال يجب مسح موضع العلة بالم اء وإن ك ان ال يخ اف من ه‪.‬‬
‫كذا قاله االصحاب‪ .‬وللشافعي رضي هللا عنه‪ :‬نص سياقه يقتضي الوج وب‪.‬‬
‫وإذا أوجبنا التيمم‪ ،‬والعلة في محل التيمم‪ ،‬أمر ال تراب علي ه‪ .‬وك ذا لو ك ان‬
‫للجراحة أفواه منفتحة‪ ،‬وأمكن إمرار التراب عليه ا‪ ،‬وجب‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي‬
‫ذكره الرافعي من ثبوت خالف في وج وب ال تيمم‪ ،‬غل ط‪ .‬ولم أره الحد من‬
‫أصحابنا‪ ،‬فكأنه (‪ )1‬اشتبه عليه‪ .‬فالص واب‪ :‬الج زم بوج وب ال تيمم في ه ذه‬
‫الص ورة‪ ،‬لئال يبقى موضع الكسر بال طه ارة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الس بب الس ابع‪:‬‬
‫الجراح ة‪ .‬اعلم أن الجراحة قد تحت اج إلى لص وق‪ ،‬من خرق ة‪ ،‬وقطن ة‪،‬‬
‫ونحوهما‪ ،‬فيكون لها حكم الجبيرة في كل ما سبق‪ .‬وقد ال‬

‫] ‪[ 221‬‬
‫تحتاج‪ ،‬فيجب غسل الصحيح‪ ،‬والتيمم عن الج ريح‪ .‬وال يجب مسح الج ريح‬
‫بالم اء‪ ،‬وال يجب وضع اللص وق‪ ،‬أو الجب يرة علي ه‪ ،‬ليمسح عليها على‬
‫الص حيح‪ .‬وق ول الجمه ور‪ :‬وأوجبه الش يخ أبو محم د‪ .‬ويق رب منه من هو‬
‫متطهر وأرهقه ح دث‪ ،‬ومعه م اء يكفيه لما ع دا رجلي ه‪ ،‬ومعه خ ف‪،‬‬
‫فالص حيح ال ذي عليه االص حاب‪ ،‬أنه ال يلزمه لبس الخ ف‪ .‬وفيه احتم ال‬
‫المام الحرمين‪ .‬فرع‪ :‬إذا غسل الصحيح‪ ،‬وتيمم لمرض‪ ،‬أو كسر‪ ،‬أو جرح‪،‬‬
‫مع المسح على حائل‪ ،‬أو دونه إذا لم يكن‪ ،‬وصلى فريضة بطهارته‪ ،‬فله أن‬
‫يصلي بها ما شاء من النواف ل‪ ،‬وال بد من إع ادة ال تيمم للفريضة االخ رى‪.‬‬
‫وهل يجب إع ادة الوض وء إن ك ان مح دثا‪ ،‬أو الغسل إن ك ان جنبا ؟ فيه‬
‫طريقان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال يجب‪ .‬والث اني‪ :‬على ق ولين‪ .‬ف إن قلنا باالص ح‪ ،‬فليس‬
‫على الجنب غ ير ال تيمم إلى أن يح دث‪ ،‬وفي المح دث وجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫ك الجنب‪ .‬وأص حهما‪ :‬يجب أن يعيد مع ال تيمم كل عضو يجب ترتيبه على‬
‫العضو المجروح‪ .‬قلت‪ :‬بل االصح عند المحققين‪ :‬أنه ك الجنب‪ .‬ق ال البغ وي‬
‫وغ يره‪ :‬وإذا ك ان جنب ا‪ ،‬والجراحة في غ ير أعض اء الوض وء‪ ،‬فغسل‬
‫الصحيح‪ ،‬وتيمم للجريح‪ ،‬ثم أحدث قبل أن يصلي فريض ة‪ ،‬لزمه الوض وء‪،‬‬
‫وال يلزمه ال تيمم‪ ،‬الن تيممه عن غ ير أعض اء الوض وء‪ ،‬فال ي ؤثر فيه‬
‫الحدث‪ .‬ولو صلى فريضة‪ ،‬ثم أح دث‪ ،‬توضأ للنافل ة‪ ،‬وال ي تيمم‪ .‬وك ذا حكم‬
‫الف رائض كله ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو تطهر العليل كما ذكرنا ف برأ‪ ،‬وهو على‬
‫طهارته‪ ،‬غسل موضع العذر‪ ،‬جنبا ك ان أو مح دثا‪ ،‬ويغسل المح دث ما بعد‬
‫العليل بال خالف‪ .‬وفي اس تئنافهما الوض وء والغس ل‪ ،‬الق والن في ن ازع‬
‫الخف‪ .‬ولو تحقق ال برء بعد الطه ارة‪ ،‬بطل تيمم ه‪ ،‬ووجب غسل الموض ع‪.‬‬
‫وحكم االس تئناف ما ذكرن ا‪ .‬ولو ت وهم االن دمال‪ ،‬فرفع اللص وق‪ ،‬ف رآه لم‬
‫يندمل‪ ،‬لم يبطل تيممه على االصح‪ ،‬بخالف ت وهم وج ود الم اء‪ ،‬فإنه يبطل‬
‫التيمم‪ ،‬الن توهم الماء يوجب طلبه‪ .‬وتوهم االندمال‪ ،‬ال يوجب البحث عن ه‪.‬‬
‫كذا قاله االصحاب‪ .‬وتوقف إم ام الح رمين في ق ولهم‪ :‬ال يجب البحث‪ .‬وباهلل‬
‫التوفيق (‪)1‬‬

‫] ‪[ 222‬‬
‫الباب الثاني في كيفية التيمم له س بعة أرك ان‪ .‬ال ركن االول (‪ :)1‬ال تراب (‬
‫‪ .)2‬وش رطه أن يك ون ط اهرا خالص ا‪ ،‬غ ير مس تعمل‪ .‬ف التراب متعين‪،‬‬
‫ويدخل فيه جميع أنواعه‪ ،‬من االحمر‪ ،‬واالسود‪ ،‬واالصفر‪ ،‬واالغبر‪ ،‬وطين‬
‫ال دواة (‪ ،)3‬وطين االرم ني ال ذي يؤكل ت داويا وس فها‪ .‬والبطح اء‪ ،‬وهو‬
‫التراب الذي في مسيل الماء‪ .‬والس بخ‪ :‬ال ذي ال ينبت دون ال ذي يعل وه ملح‪.‬‬
‫ولو ض رب ي ده على ث وب‪ ،‬أو ج دار‪ ،‬ونحوهم ا‪ ،‬وارتفع غب ار‪ ،‬كفى‪.‬‬
‫وال تراب ال ذي أخرجته االرضة من م در‪ ،‬يج وز ال تيمم ب ه‪ ،‬ك التراب‬
‫المعج ون بالخل إذا ج ف‪ ،‬يج وز ال تيمم ب ه‪ ،‬وال يصح ال تيمم ب النورة‪،‬‬
‫والجص‪ ،‬وال زرنيخ‪ ،‬وس ائر المع ادن‪ ،‬وال ذريرة‪ ،‬واالحج ار المدقوق ة‪،‬‬
‫والقوارير المسحوقة‪ ،‬وشبهها‪ .‬وقيل‪ :‬يجوز في وجه بجميع ذلك وهو غل ط‪،‬‬
‫ولو أحرق التراب حتى صار رم ادا‪ ،‬أو س حق الخ زف‪ ،‬فص ار ناعم ا‪ ،‬لم‬
‫يجز ال تيمم ب ه‪ .‬ولو ش وى الطين وس حقه‪ ،‬ففي ال تيمم به وجه ان‪ .‬وك ذا لو‬
‫أصاب ال تراب ن ار‪ ،‬فاس ود‪ ،‬ولم يح ترق‪ ،‬فعلى ال وجهين‪ .‬قلت‪ :‬االصح في‬
‫االولى‪ ،‬الجواز‪ .‬والصحيح في االخ يرة (‪ )4‬القطع ب الجواز‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما‬
‫الرمل‪ ،‬فالمذهب‪ :‬أنه إن كان خشنا ال يرتفع منه غبار‪ ،‬لم يكف ض رب اليد‬
‫عليه‪ .‬وإن ارتفع‪ ،‬كفى‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن مطلقا (‪ .)5‬وأما كونه طاهرا‪ ،‬فال بد‬

‫] ‪[ 223‬‬
‫من ه‪ ،‬فال يصح بنجس مطلق ا‪ .‬ف إن ك ان على ظهر كلب ت راب‪ ،‬ف إن علم‬
‫التصاقه برطوبة عليه‪ ،‬من ماء‪ ،‬أو عرق‪ ،‬أو غيره‪ ،‬لم يجز التيمم ب ه‪ .‬وإن‬
‫علم انتف اء ذلك ج از‪ ،‬وإن لم يعلم واحد منهم ا‪ ،‬فعلى الق ولين في اجتم اع‬
‫االصل والظ اهر‪ .‬قلت‪ :‬ك ذا قاله جماعة من أص حابنا‪ :‬فيما إذا لم يعلم‪ ،‬أنه‬
‫على الق ولين‪ ،‬وهو مش كل‪ ،‬وينبغي أن يقطع بج واز ال تيمم به (‪ )1‬عمال‬
‫باالصل‪ ،‬وليس هنا ظاهر يعارض ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما كونه خالص ا‪ ،‬فيخ رج‬
‫منه المشوب بزعف ران‪ ،‬ودقي ق‪ ،‬ونحوهم ا‪ .‬وإن ك ثر المخال ط‪ ،‬لم يجز بال‬
‫خالف‪ .‬وكذا إن قل على الصحيح‪ .‬قال إم ام الح رمين‪ :‬الكث ير‪ :‬ما يظهر في‬
‫ال تراب‪ .‬والقلي ل‪ :‬ما ال يظه ر‪ .‬ولم أر لغ يره فيه ض بطا‪ .‬ولو اعت برت‬
‫االوصاف الثالثة كما في الماء‪ ،‬لكان مسلكا (‪ .)2‬وأما كونه غير مس تعمل‪،‬‬
‫فال بد منه على الصحيح‪ .‬والمستعمل‪ :‬ما لصق بالعضو‪ .‬وكذا ما تناثر عنه‪،‬‬
‫على االص ح‪ .‬ال ركن الث اني‪ :‬قصد ال تراب‪ .‬فال بد من ه‪ .‬فلو وقف في مهب‬
‫ريح‪ ،‬فسفت عليه ترابا‪ ،‬فأمر يده عليه بنية التيمم‪ ،‬إن كان وقف بغ ير ني ة‪،‬‬
‫لم يجزئ ه‪ .‬وإن قصد تحص يل ال تراب‪ ،‬لم يجزئه أيض ا‪ ،‬على االص ح‪ ،‬أو‬
‫االظهر‪ .‬ولو يممه غيره‪ .‬إن كان بغير إذنه‪ ،‬فكالوقوف في مهب الريح‪ .‬وإن‬
‫كان بإذنه لعذر‪ ،‬كقطع‪ ،‬وغيره‪ ،‬جاز‪ .‬وإن كان بغير عذر‪ ،‬ج از أيضا على‬
‫الصحيح‪ .‬الركن الثالث‪ :‬نقل التراب الممسوح به إلى العضو‪ .‬فإن ك ان على‬
‫الوجه تراب‪ ،‬فردده عليه‪ ،‬لم يجزئه‪ .‬وإن نقله منه إلى اليد‪ ،‬أو من اليد إليه‪،‬‬
‫أو أخذه من الوجه‪ ،‬ثم رده إلي ه‪ ،‬أو س فت ال ريح ترابا على كم ه‪ ،‬فمسح به‬
‫وجه ه‪ ،‬أو أخذ ال تراب من اله واء‪ ،‬بإث ارة ال ريح‪ ،‬ج از في كل ذلك على‬
‫االصح‪ .‬وإن نقله من عضو غير أعضاء التيمم إليه ا‪ ،‬ج از بال خالف‪ .‬وإن‬
‫‪.‬تمعك في التراب لعذر‪ ،‬جاز‪ .‬وكذا لغير عذر على االصح‬

‫] ‪[ 224‬‬
‫الركن الرابع‪ :‬النية‪ .‬فال بد منها‪ ،‬فإن نوى رفع الحدث‪ ،‬أو ن وى الجنب رفع‬
‫الجنابة‪ ،‬لم يصح تيممه على الصحيح‪ .‬وإن نوى استباحة الصالة‪ ،‬فله أربعة‬
‫أحوال‪ .‬أحدها‪ :‬أن ينوي استباحة الفرض والنفل معا‪ ،‬فيستبيحهما‪ ،‬وله التنفل‬
‫قبل الفريضة وبع دها‪ ،‬في ال وقت وبع ده‪ ،‬وفي وجه ض عيف‪ :‬ال يتنفل بعد‬
‫الوقت إن كانت الفريضة معين ة‪ .‬وال يش ترط تع يين الفريضة على االص ح‪.‬‬
‫فعلى هذا لو نوى الفرض مطلقا‪ ،‬صلى أية فريضة ش اء‪ .‬ولو ن وى معين ة‪،‬‬
‫فله أن يصلي غيرها‪ .‬الحال الثاني‪ :‬أن ينوي الفريض ة‪ ،‬س واء ك انت إح دى‬
‫الخمس‪ ،‬أو منذورة وال تخطر له النافلة‪ ،‬فتباح الفريض ة‪ .‬وك ذا النافلة قبلها‬
‫على االظهر‪ ،‬وبعدها على المذهب في الوقت‪ ،‬وكذا بعده على االص ح‪ .‬ولو‬
‫تيمم لفائتتين‪ ،‬أو منذورتين‪ ،‬استباح إح داهما على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬ال‬
‫يس تبيح ش يئا‪ .‬ولو تيمم لفائتة فلم يكن عليه ش ئ‪ .‬أو لفائتة الظه ر‪ ،‬فك انت‬
‫العصر‪ ،‬لم تصح‪ .‬قلت‪ :‬ولو (‪ )1‬ظن عليه فائتة‪ ،‬ولم يجزم به ا‪ ،‬ف تيمم له ا‪،‬‬
‫ثم ذكرها‪ ،‬قال المتولي والبغ وي والروي اني‪ :‬ال يص ح‪ .‬وص ححه الشاشي (‬
‫‪ ،)2‬وهو ضعيف‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الحال الثالث‪ :‬أن ين وي النف ل‪ ،‬فال يس تبيح به‬
‫الفرض على المشهور‪ .‬وقيل‪ :‬قطع ا‪ .‬ف إن أبحن اه‪ ،‬فالنفل أولى‪ ،‬وإال اس تباح‬
‫النفل على الصحيح‪ .‬ولو نوى مس المصحف‪ ،‬أو سجود التالوة‪ ،‬أو الش كر‪،‬‬
‫أو ن وى الجنب االعتك اف‪ ،‬أو ق راءة الق رآن‪ ،‬فهو كنية النف ل‪ ،‬فال يس تبيح‬
‫الفرض على المذهب‪ .‬ويستبيح ما نوى على الصحيح‪ .‬وعلى اآلخر يس تبيح‬
‫الجميع‪ .‬ولو تيمم لص الة الجن ازة‪ ،‬فهو كنية النفل على االص ح‪ .‬ولو تيممت‬
‫منقطعة الحيض الستباحة الوطئ‪ ،‬صح على‬

‫] ‪[ 225‬‬
‫االصح‪ ،‬ويكون كالتيمم للنافلة‪ .‬الحال الرابع‪ :‬أن ين وي الص الة فحس ب‪ ،‬فله‬
‫حكم التيمم للنفل على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬هو كمن ن وى النفل والف رض‬
‫معا‪ .‬أما إذا نوى ف رض ال تيمم‪ ،‬أو إقامة ال تيمم المف روض‪ ،‬فال يصح على‬
‫االصح‪ .‬قلت‪ :‬ولو نوى ال تيمم وح ده‪ ،‬لم يصح قطع ا‪ .‬ذك ره الم اوردي‪ .‬ولو‬
‫تيمم بنية اس تباحة الص الة‪ ،‬ظانا أن حدثه أص غر‪ ،‬فك ان أك بر‪ ،‬أو عكس ه‪،‬‬
‫صح قطعا‪ ،‬الن موجبهما واحد‪ .‬ولو تعمد ذلك‪ ،‬لم يصح في االص ح‪ .‬ذك ره‬
‫المتولي (‪ .)1‬ولو أجنب في سفره ونسي‪ ،‬وكان ي تيمم وقت ا‪ ،‬ويتوضأ وقت ا‪،‬‬
‫أعاد صلوات الوض وء فق ط‪ ،‬لما ذكرن ا‪ .‬وهللا أعلم (‪ .)2‬واعلم أنه ال يج وز‬
‫أن تت أخر النية عن أول فعل مف روض في ال تيمم‪ .‬وأول أفعاله المفروضة‬
‫نقل ال تراب‪ .‬ولو قارنته وع زبت قبل مسح شئ من الوج ه‪ ،‬لم يجزئه على‬
‫االصح‪ .‬ولو تقدمت على أول فعل مفروض‪ ،‬فهو كمثله في الوضوء‪ .‬الركن‬
‫الخامس‪ :‬مسح الوجه‪ .‬ويجب استيعابه‪ .‬وال يجب إيصال ال تراب إلى من ابت‬
‫الشعور التي يجب إيصال الماء إليها في الوضوء على المذهب (‪ .)3‬ويجب‬
‫إيص اله إلى ظ اهر ما استرسل من اللحية على االظه ر‪ ،‬كما في الوض وء‪.‬‬
‫الركن السادس‪ :‬مسح اليدين‪ .‬ويجب استيعابهما إلى الم رفقين على الم ذهب‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬أظهرهما هذا‪ ،‬والقديم يمسحهما إلى الكوعين‪ .‬واعلم أنه تكرر‬
‫لفظ الضربتين في االخبار‪ ،‬فجرت طائفة من االصحاب على‬

‫] ‪[ 226‬‬
‫الظاهر‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال يجوز النقص من ضربتين‪ ،‬ويج وز الزي ادة‪ .‬واالصح ما‬
‫قاله آخرون‪ :‬أن الواجب إيصال التراب‪ ،‬سواء حصل بضربة أو أكثر‪ ،‬لكن‬
‫يس تحب أن ال يزيد على ض ربتين‪ ،‬وال ينقص‪ .‬وقي ل‪ :‬يس تحب ثالث‬
‫ض ربات‪ .‬ض ربة للوج ه‪ ،‬وض ربتان للي دين‪ ،‬وهو ض عيف‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪:‬‬
‫وج وب الض ربتين‪ .‬نص علي ه‪ .‬وقطع به العراقي ون‪ ،‬وجماعة من‬
‫الخراس انيين‪ .‬وص ورة االقتص ار على ض ربة بخرقة ونحوه ا‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وصورة الض رب ليست متعين ة‪ .‬فلو وضع اليد على ت راب ن اعم وعلق بها‬
‫غب ار‪ ،‬كفى‪ .‬ويس تحب أن يب دأ ب أعلى الوج ه‪ .‬وأما الي دان‪ ،‬فيضع أص ابع‬
‫اليسرى سوى االبهام‪ ،‬على ظه ور أص ابع اليم نى س وى االبه ام‪ ،‬بحيث ال‬
‫تخ رج أنامل اليم نى عن مس بحة اليس رى‪ ،‬ويمرها على ظهر كفه اليم نى‪،‬‬
‫ف إذا بلغت الك وع‪ ،‬ضم أط راف أص ابعه إلى ح رف ال ذراع‪ .‬ويمرها إلى‬
‫المرفق‪ ،‬ثم ي دير كفه إلى بطن ال ذراع فيمرها عليه وإبهامه مرفوع ة‪ ،‬ف إذا‬
‫بلغ الكوع‪ ،‬مسح ببطن إبه ام اليس رى ظهر إبه ام اليم نى‪ ،‬ثم يضع أص ابع‬
‫اليم نى على اليس رى فيمس حها ك ذلك‪ .‬وه ذه الكيفية ليست واجب ة‪ ،‬لكنها‬
‫مستحبة على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬غير مستحبة‪ .‬وأما تفريق االص ابع‪ ،‬فيفعله في‬
‫الضربة الثانية‪ .‬وأما االولى‪ ،‬فاالص ح‪ ،‬وظ اهر الم ذهب‪ ،‬وال ذي نص عليه‬
‫الش افعي‪ ،‬وقاله االك ثرون‪ :‬أنه يس تحب التفريق فيه ا‪ .‬وق ال آخ رون‪ :‬ال‬
‫يس تحب‪ .‬ثم ق ال االك ثرون من ه ؤالء‪ :‬هو ج ائز‪ ،‬ح تى لو لم يف رق في‬
‫الثانية‪ ،‬كفاه التفريق في االولى بين االصابع‪ .‬وق ال قليل ون‪ ،‬منهم القف ال‪ :‬ال‬
‫يجوز‪ :‬ولو فعله‪ ،‬لم يصح تيممه‪ .‬ثم إذا فرق في الضربتين وجوزناه‪ ،‬أو في‬
‫الثانية وح دها‪ ،‬يس تحب تخليل االص ابع بعد مسح الي دين على الهيئة‬
‫الم ذكورة‪ ،‬ولو لم يف رق فيهما (‪ ،)1‬وف رق في االولى وح دها‪ ،‬وجب‬
‫التخلي ل‪ ،‬ثم يمسح إح دى الراح تين ب االخرى‪ .‬وهو مس تحب على االص ح‪،‬‬
‫وواجب على اآلخر‪ .‬والواجب إيصال التراب إلى الوجه واليدين كيف ك ان‪،‬‬
‫سواء حصل بيد‪ ،‬أو خرق ة‪ ،‬أو خش بة‪ .‬وال يش ترط إم رار اليد على العضو‬
‫على االصح‪ .‬ولو كان يمسح بيده فرفعها في أثناء العضو‪ ،‬ثم رده ا‪ ،‬ج از‪،‬‬
‫وال يفتقر إلى‬

‫] ‪[ 227‬‬
‫أخذ تراب جديد في االصح‪ .‬الركن السابع‪ :‬الترتيب‪ .‬فيجب تقديم الوجه على‬
‫اليدين‪ .‬فلو تركه ناسيا لم يصح على المذهب‪ ،‬كما في الوضوء‪ .‬وال يش ترط‬
‫ال ترتيب في أخذ ال تراب للعض وين على االص ح‪ .‬فلو ض رب يديه على‬
‫االرض‪ ،‬وأمكنه مسح الوجه بيمينه‪ ،‬ويمينه بيس اره‪ ،‬ج از‪ .‬ف رع‪ :‬لو أح دث‬
‫بعد أخذ ال تراب قبل مسح وجه ه‪ ،‬بطل أخ ذه‪ ،‬وعليه النقل ثاني ة‪ .‬ولو يممه‬
‫غيره حيث يجوز‪ ،‬فأحدث أحدهما بعد أخذ التراب قبل المسح‪ ،‬ق ال القاضي‬
‫حسين‪ :‬ال يضر‪ .‬وينبغي أن يبطل االخذ بحدث اآلمر‪ .‬ولو ض رب ي ده على‬
‫بشرة امرأة ينقض وعليها تراب‪ ،‬فإن كان كثيرا يمنع التق اء البش رتين صح‬
‫تيممه‪ .‬وإن لم يمنع‪ ،‬لم يصح‪ .‬وقي ل‪ :‬يصح أخ ذه للوج ه‪ .‬ف إن ض رب بع ده‬
‫لليد‪ ،‬بطل‪ .‬والصواب‪ :‬االول‪ .‬فرع‪ :‬للتيمم سنن س بق بعض ها في كيفية مسح‬
‫الوجه والي دين‪ ،‬وبقي منها التس مية‪ ،‬وتق ديم اليم نى على اليس رى‪ ،‬وإم رار‬
‫التراب على العضد على االصح‪ ،‬والمواالة على الم ذهب‪ ،‬وتخفيف ال تراب‬
‫المأخوذ إذا كان كثيرا‪ ،‬وأن ال يكرر المسح على المذهب‪ ،‬وأن ال يرفع اليد‬
‫عن العضو الممس وح ح تى يتم مس حه على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬هو‬
‫واجب‪ .‬وقد سبق‪ .‬وأن ي نزع خاتمه في الض ربة االولى‪ .‬قلت‪ :‬وأما الض ربة‬
‫الثانية‪ ،‬فيجب نزعه فيها‪ ،‬وال يكفي تحريكه‪ ،‬بخالف الوضوء‪ ،‬الن ال تراب‬
‫ال يدخل تحته‪ .‬ذكره صاحب (العدة) وغيره‪ .‬ومن مندوبات ه‪ :‬اس تقبال القبل ة‪.‬‬
‫وينبغي استحباب الشهادتين بعده‪ ،‬كالوضوء والغسل‪ .‬ولو كانت ي ده نجس ة‪،‬‬
‫وض رب بها على ت راب ومسح وجه ه‪ ،‬ج از في االص ح‪ .‬وال يج وز مسح‬
‫النجسة قطعا‪ ،‬كما ال يصح غسلها عن الوضوء مع بقاء النجاس ة‪ .‬ولو تيمم‪،‬‬
‫ثم وقع عليه نجاسة‪ ،‬لم يبطل على المذهب‪ ،‬وبه قطع االمام‪ .‬وقال المت ولي‪:‬‬
‫هو ك ردة الم تيمم‪ .‬ولو تيمم قبل االجته اد في القبل ة‪ ،‬ففي ص حته وجه ان‪،‬‬
‫‪.‬حكاهما الروياني‪ ،‬كما لو كان عليه نجاسة‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 228‬‬
‫الباب الثالث في أحك ام ال تيمم هي ثالث ة‪ .‬االول (‪ :)1‬أنه يبطل بما يبطل به‬
‫الوض وء (‪ .)2‬ثم هو قس مان‪ .‬أح دهما‪ :‬يج وز مع وج ود الم اء‪ ،‬ك تيمم‬
‫الم ريض‪ .‬والث اني‪ :‬ال يج وز إال مع عدم ه‪ ،‬أو الخ وف في تحص يله‪ ،‬أو‬
‫الحاجة إليه‪ ،‬وما أش به ه ذا‪ .‬ف االول‪ :‬ال ت ؤثر فيه رؤية الم اء‪ .‬وأما الث اني‪:‬‬
‫فيبطل بتوهم القدرة على الماء قبل الدخول في الصالة‪ ،‬كما إذا رأى س رابا‬
‫فتوهمه ماء‪ ،‬أو أطبقت بقربه غمامة‪ ،‬أو طلع عليه جماعة يج وز أن يك ون‬
‫معهم ماء‪ ،‬هذا إذا لم يق ارن الت وهم م انع من الق درة‪ ،‬ف إن قارن ه‪ ،‬لم يبطل‬
‫تيمم ه‪ ،‬كما إذا رأى ما يحت اج إليه للعطش‪ ،‬أو دونه حائ ل‪ ،‬من س بع‪ ،‬أو‬
‫عدو‪ ،‬أو قعر ب ئر يعلم ح ال رؤيته تع ذر تحص يله‪ ،‬أو س مع انس انا يق ول‪:‬‬
‫أودعني فالن ماء وهو يعلم غيبة فالن‪ ،‬وما أشبه هذا‪ .‬أما إذا رأى الماء في‬
‫الص الة‪ ،‬ف إن لم تكن مغنية عن القض اء‪ ،‬كص الة الحاضر ب التيمم‪ ،‬بطلت‬
‫على الص حيح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬يتمها (‪ )3‬ويعي د‪ .‬وإن ك انت مغنية كص الة‬
‫المسافر‪ ،‬فالمذهب المنصوص‪ :‬أنه ال تبطل صالته وال تيممه‪ .‬فلو ن وى في‬
‫أثن اء الص الة االقامة بعد وج دان الم اء‪ ،‬أو ن وى القصر ثم وجد الم اء‪ ،‬ثم‬
‫ن وى االئتم ام‪ ،‬بطلت ص الته على االصح فيهم ا‪ .‬وحيث لم تبطل وك انت‬
‫فريض ة‪ ،‬هل يج وز الخ روج منها ليتوضأ ؟ فيه أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬الخ روج‬
‫أفضل‪ .‬والثاني‪ :‬يج وز الخ روج‪ ،‬لكن االس تمرار أفض ل‪ .‬والث الث‪ :‬إن قلبها‬
‫‪،‬نفال وسلم من ركعتين‬

‫] ‪[ 229‬‬
‫فهو أفض ل‪ .‬وإن أراد إبطالها مطلق ا‪ ،‬فاالس تمرار أفض ل‪ .‬والراب ع‪ :‬يح رم‬
‫قطعها مطلقا‪ .‬والخامس‪ :‬إن ضاق الوقت‪ ،‬حرم الخروج‪ ،‬وإال لم يحرم‪ .‬قاله‬
‫إمام الحرمين (‪ ،)1‬وطرده في كل مصل‪ ،‬سواء المتيمم وغ يره‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا‬
‫ال ذي حك اه عن (‪ )2‬إم ام الح رمين اختي ار له لم يتقدمه به أح د‪ ،‬واع ترف‬
‫إمام الحرمين بهذا‪ ،‬وهو خالف المذهب‪ ،‬وخالف نص الش افعي رحمه هللا‪،‬‬
‫فقد نص في (االم) ونقله ص احب (التتم ة) والغ زالي في (البس يط) عن‬
‫االصحاب‪ :‬أنه يح رم على من تلبس بالفريضة في أول وقته ا‪ ،‬قطعها بغ ير‬
‫عذر‪ ،‬وقد أوضحت نقله‪ ،‬ودالئله في شرح (المه ذب)‪ ....‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا أتم‬
‫الفريضة بالتيمم‪ ،‬وبقي الماء الذي رآه إلى أن سلم‪ ،‬بطل تيممه‪ ،‬فال يس تبيح‬
‫به نافلة‪ ،‬حتى حكى الروياني عن وال ده‪ :‬أنه ال يس لم التس ليمة الثاني ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وفيما حكاه الروياني نظر‪ ،‬وينبغي أن يسلم الثانية‪ ،‬النها من جملة الص الة‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬وأما إذا فني الماء قبل سالمه‪ ،‬ولم يعلم حتى يس تبيح النافلة أيضا‬
‫(‪ ،)3‬وإن علم بفنائه قبل س المه‪ ،‬ففي بطالن تيممه ومنعه النافلة وجه ان‪.‬‬
‫قلت‪ :‬االصح‪ :‬منعه النافل ة‪ ،‬وبه قطع العراقي ون وجماعة من الخراس انيين‪..‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬أما إذا رأى الماء وهو في نافل ة‪ ،‬فأوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬إن ك ان ن وى‬
‫ع ددا‪ ،‬أتمه ولم ي زد‪ ،‬وإال اقتصر على ركع تين‪ .‬والث اني‪ :‬ال يزيد على‬
‫ركعتين وإن نواه‪ .‬والثالث‪ :‬له أن يزيد ما ش اء وإن لم ين وه‪ .‬والراب ع‪ :‬تبطل‬
‫ص الته‪ .‬الحكم الث اني ‪ -‬فيما ي ؤدى ب التيمم ‪ -‬ال يص لي ب التيمم الواحد إال‬
‫فريضة‬

‫] ‪[ 230‬‬
‫واحدة‪ ،‬وسواء كانت الفريضتان متفقتين أو مختلفتين‪ ،‬كصالتين‪ ،‬وطوافين‪،‬‬
‫أو ص الة وط واف‪ .‬أو مقض يتين‪ ،‬كظه رين‪ ،‬أو مكتوبة ومن ذورة‪ ،‬أو‬
‫منذورتين‪ ،‬فال يجوز الجمع بينهما بتيمم‪ .‬وفي قول أو وجه ض عيف‪ :‬يج وز‬
‫في من ذورتين‪ ،‬وفي من ذورة ومكتوب ة‪ ،‬وفي وجه ش اذ‪ :‬يج وز في ف وائت‬
‫وفائتة ومؤداة‪ .‬والصبي كالبالغ على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬الث اني‪ :‬يجمع‬
‫بين مكتوبتين بتيمم‪ .‬ويجوز أن يجمع بتيمم بين فريضة ونواف ل‪ .‬وأما ركعتا‬
‫الط واف‪ ،‬ف إن قلنا باالص ح‪ :‬إنهما س نة‪ ،‬فلهما حكم النواف ل‪ .‬وإن قلن ا‪:‬‬
‫واجبتان‪ ،‬لم يجز أن يجمع بينهما وبين الطواف الواجب على االصح‪ .‬وك ذا‬
‫ال يجمع بين خطبة الجمعة وصالتها على االص ح‪ .‬إذا ش رطنا الطه ارة في‬
‫الخطبة‪ .‬وأما صالة الجنازة‪ ،‬ففيها ثالثة ط رق‪ .‬أح دها‪ :‬في المس ألة ق والن‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬لها حكم النافلة مطلق ا‪ ،‬فيج وز الجمع بين ص لوات الجن ائز‪ ،‬وبين‬
‫جنائز ومكتوبة بتيمم واح د‪ .‬ويج وز ص التها قاع دا مع الق درة على القي ام‪،‬‬
‫ويجوز على الراحل ة‪ .‬والث اني‪ :‬لها حكم الف رائض‪ .‬فال يج وز شئ من ه ذا‪.‬‬
‫والطريق الثاني‪ :‬إن تعينت‪ ،‬فكالفرائض‪ ،‬وإال‪ ،‬فكالنواف ل‪ .‬والث الث‪ :‬لها حكم‬
‫النوافل مطلق ا‪ ،‬إال أنه ال يج وز القع ود فيه ا‪ ،‬والم ذهب‪ :‬أنه يج وز الجمع‬
‫بتيمم بكل حال‪ .‬ولو صلى على جنازتين صالة واحدة‪ ،‬فقي ل‪ :‬يج وز قطع ا‪،‬‬
‫وقي ل‪ :‬على الخالف‪ .‬ف رع‪ :‬إذا نسي ص الة من ص لوات‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك انت‬
‫متفق ة‪ ،‬كظهر من أس بوع‪ ،‬لزمه ظهر واح دة ب تيمم‪ .‬وإن نسي ص الة من‬
‫الخمس‪ ،‬لزمه الخمس‪ ،‬وكف اه تيمم واحد للجميع على الص حيح‪ .‬وعلى‬
‫الثاني‪ :‬يجب خمسة تيممات‪ .‬ثم قال الش يخ أبو علي‪ :‬الخالف تفريع على أن‬
‫تعيين الفريضة التي تيمم لها غير واجب‪ ،‬فإن أوجبناه‪ ،‬لزمه خمس تيممات‬
‫قطعا‪ .‬ويحتمل خالف ما ق ال أبو علي‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا المحكي عن أبي علي‪ ،‬قد‬
‫‪،‬حكاه الدارمي (‪ )1‬عن ابن المرزبان‬

‫] ‪[ 231‬‬
‫واختار الدارمي ط رد الخالف وإن أوجبنا التع يين‪ .‬وه ذا أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولو نسي صالتين مختلفتين من الخمس‪ ،‬لزمه الخمس‪ .‬فإن قلنا‪ :‬في الواحدة‬
‫يلزمه خمس تيمم ات‪ .‬فك ذا هنا (‪ .)1‬وإن قلنا يكفيه تيمم واح د‪ ،‬فق ال ابن‬
‫القاص‪ :‬ي تيمم لكل واح دة‪ ،‬ويقتصر على الخمس‪ .‬وق ال ابن الح داد‪ :‬يقتصر‬
‫على تيممين‪ ،‬ويزيد في الصلوات‪ ،‬فيصلي باالول الص بح والظهر والعصر‬
‫والمغرب‪ .‬وبالثاني‪ :‬الظهر والعصر والمغرب والعشاء‪ .‬قال االكثرون‪ :‬وهو‬
‫مخير‪ ،‬إن شاء عمل بقول ابن القاص‪ ،‬وإن شاء [ عمل ] بقول ابن الح داد‪.‬‬
‫فظ اهر كالم ابن الق اص في التلخيص‪ :‬أنه ال يج وز ما ذك ره ابن الح داد‪.‬‬
‫وحكي وج ه‪ :‬أنه ي تيمم تيممين‪ ،‬ويص لي بكل واحد الخمس‪ ،‬وهو ش اذ‪.‬‬
‫والمستحسن عند االصحاب‪ :‬طريقة ابن الح داد‪ .‬وعليها يفرع ون ما زاد من‬
‫المنسي‪ .‬ولها ضابط‪ ،‬وشرط‪ .‬فضابطها‪ :‬أن تزيد على قدر المنسي فيه عددا‬
‫ال ينقص عما تبقى من المنسي فيه بعد إس قاط المنس ي‪ ،‬وينقسم المجم وع‬
‫صحيحا على المنسي‪ .‬مثاله‪ :‬مسألتنا‪ ،‬المنسي صالتان‪ ،‬والمنسي فيه خمس‪،‬‬
‫تزي ده ثالث ة‪ ،‬النه ال تنقص عما يبقى من الخمس بعد إس قاط االث نين بل‬
‫تس اويه‪ .‬والمجم وع‪ :‬وهو ثماني ة‪ ،‬ينقسم على االث نين ص حيحا‪ .‬ولو ص لى‬
‫عشرا كما قاله الوجه الشاذ‪ ،‬أجزأه‪ ،‬وكان قد زاد خيرا لدخوله في الضابط‪.‬‬
‫وأما شرطها‪ :‬فأن يبتدئ من المنسي فيه بأية صالة ش اء‪ ،‬ويص لي بكل تيمم‬
‫ما تقتضيه القسمة‪ ،‬ويترك في كل مرة ما ابتدأ به في التي قبلها‪ ،‬وي أتي في‬
‫الم رة االخ يرة بما بقي من الص لوات‪ .‬ولو نسي ثالث ص لوات من ي وم‬
‫وليلة‪ ،‬فعلى طريقة ابن القاص‪ ،‬يصلي كل واح دة من الخمس ب تيمم‪ ،‬وعلى‬
‫الوجه الش اذ‪ :‬ي تيمم ثالث م رات‪ ،‬يص لي بكل واحد الخمس‪ ،‬وعلى طريقة‬
‫ابن الح داد‪ ،‬يقتصر على ثالث تيمم ات‪ ،‬ويص لي ب االول‪ :‬الص بح والظهر‬
‫والعصر‪ .‬وبالث اني‪ :‬الظهر والعصر والمغ رب‪ .‬وبالث الث‪ :‬العصر والمغ رب‬
‫‪.‬والعشاء‪ .‬وله مخالفة هذا الترتيب إذا وفى بالشرط‬

‫] ‪[ 232‬‬
‫أما إذا نسي ص التين متفق تين‪ ،‬فعليه أن يص لي كل واح دة من الخمس‬
‫مرتين‪ ،‬فعلى الوجه الضعيف في أول المسألة‪ :‬يجب لكل صالة تيمم‪ ،‬فيتيمم‬
‫عشر تيممات‪ .‬وعلى الصحيح‪ :‬يكفيه تيمم ان يص لي بكل واحد الخمس‪ ،‬وال‬
‫يكتفي بثمان ص لوات الحتم ال ك ون المنس يين‪ ،‬ص بحين أو عش اءين‪ ،‬وما‬
‫صالهما إال مرة مرة‪ .‬أما إذا لم يعلم‪ ،‬هل الفائتت ان مختلفت ان‪ ،‬أم متفقت ان ؟‬
‫فيلزمه االحوط‪ ،‬وهو أنهما متفقتان‪ .‬إما إذا ترك صالة مفروض ة‪ ،‬أو طوافا‬
‫مفروضا‪ ،‬واشتبه عليه‪ ،‬فيأتي بطواف‪ ،‬وبالصلوات الخمس بتيمم واحد على‬
‫الصحيح‪ .‬وعلى الضعيف‪ :‬بست تيممات‪ ،‬ولو ص لى منف ردا ب تيمم‪ ،‬ثم أراد‬
‫إعادتها مع جماعة ب ذلك ال تيمم‪ ،‬ج از إن قلن ا‪ :‬الثانية س نة‪ .‬وك ذا إن قلن ا‪:‬‬
‫الفرض (‪ )1‬إحداهما ال بعينها على الصحيح‪ ،‬كالمنسية‪ .‬ولو ص لى الف رض‬
‫بالتيمم على وجه‪ ،‬يجب معه القضاء‪ ،‬وأراد القضاء ب ذلك ال تيمم‪ .‬ف إن قلن ا‪:‬‬
‫الفرض االول جاز‪ .‬وإن قلنا‪ :‬الث اني أو كالهما ف رض‪ ،‬لم يج ز‪ ،‬وإن قلن ا‪:‬‬
‫أحدهما ال بعينه‪ ،‬جاز على الص حيح‪ .‬قلت‪ :‬ينبغي إذا قلن ا‪ :‬الثانية ف رض أن‬
‫يج وز‪ ،‬النه جمع بين ف رض ونافل ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬ال يج وز ال تيمم‬
‫لفريضة قبل وقته ا‪ ،‬فلو فع ل‪ ،‬لم يصح للف رض‪ ،‬وال للنفل أيضا على‬
‫المذهب‪ ،‬ولو جمع بين الصالتين بالتيمم‪ ،‬جاز على الص حيح‪ .‬ويك ون وقت‬
‫االولى‪ ،‬وقتا للثاني ة‪ .‬ولو تيمم للظهر فص الها‪ ،‬ثم تيمم للعصر ليجمعه ا‪،‬‬
‫ف دخل وقت العصر قبل فعله ا‪ ،‬بطل الجمع وال تيمم‪ .‬ووقت الفائتة بت ذكرها‪.‬‬
‫ولو تيمم لم ؤداة في أول وقته ا‪ ،‬وص الها به في آخ ره‪ ،‬ج از قطع ا‪ .‬نص‬
‫عليه‪ .‬قلت‪ :‬وفيه وجه مشهور في (الحاوي) وغيره‪ :‬أنه ال يجوز التأخير إال‬
‫بق در الحاج ة‪ ،‬كالمستحاض ة‪ .‬والف رق ظ اهر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو تيمم لفائتة‬
‫ض حوة‪ ،‬فلم يص لها ح تى دخلت الظه ر‪ ،‬فله أن يص لي به الظهر على‬
‫‪.‬االصح‪ ،‬ولو تيمم للظهر‪ ،‬ثم تذكر فائتة‪ ،‬قيل‪ :‬يستبيحها به قطعا‬

‫] ‪[ 233‬‬
‫وقي ل‪ :‬على ال وجهين‪ ،‬وهو االص ح‪ .‬ه ذا كله تفريع على االصح أن تع يين‬
‫الفريض ة‪ ،‬ليس بش رط‪ .‬ف إن ش رطناه‪ ،‬لم يصح غ ير ما ن واه‪ .‬أما النواف ل‪:‬‬
‫فمؤقتة وغيره ا‪ .‬أما المؤقت ة‪ :‬فك الرواتب مع الف رائض‪ ،‬وص الة العي د‪،‬‬
‫والكسوف‪ .‬وأوقاتها معروفة‪ .‬ووقت االستسقاء‪ ،‬االجتماع لها في الص حراء‪.‬‬
‫ووقت الجنازة‪ :‬انقضاء الغسل على االصح‪ ،‬والموت‪ ،‬على الثاني‪ ،‬فإن تيمم‬
‫لمؤقتة قبل وقته ا‪ ،‬لم يصح على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬وإن تيمم لها في‬
‫وقته ا‪ ،‬اس تباحها‪ ،‬وفي (‪ )1‬اس تباحة الف رض‪ ،‬الق والن المتق دمان‪ .‬ف إن‬
‫اس تباحه‪ ،‬فله ذلك إن ك ان تيممه في وقت الفريض ة‪ ،‬وإن ك ان قبل ه‪ ،‬فعلى‬
‫الوجهين في التيمم لفائتة ضحوة‪ .‬وأما غير المؤقتة‪ ،‬فيتيمم لها كل وقت‪ ،‬إال‬
‫وقت الكراهة‪ ،‬فال يصح فيه على االصح‪ .‬هذا كله تفريع على الم ذهب‪ ،‬في‬
‫أن التيمم للنافلة وح دها‪ ،‬ص حيح‪ .‬وفيه الوجه المتق دم في ال ركن الرابع من‬
‫الباب الث اني‪ .‬قلت‪ :‬ولو تيمم لنافلة ال س بب لها قبل وقت الكراه ة‪ ،‬لم تبطل‬
‫ب دخول وقت الكراه ة‪ ،‬بل يس تبيحها بع ده بال خالف‪ .‬ولو أخذ ال تراب قبل‬
‫وقت الفريض ة‪ ،‬ثم مسح الوجه في ال وقت‪ ،‬لم يص ح‪ ،‬الن أخذ ال تراب من‬
‫واجبات التيمم‪ ،‬فال يصح قبل الوقت‪ ،‬ولو تيمم ش اكا في ال وقت‪ ،‬وص ادفه‪،‬‬
‫لم يصح‪ .‬وكذا لو طلب شاكا في دخول الوقت‪ ،‬وص ادفه‪ ،‬لم يصح الطلب (‬
‫‪ .)2‬وكذا لو طلب شاكا في دخ ول ال وقت‪ ،‬فص ادفه (‪ ،)3‬لم يصح الطلب‪.‬‬
‫هللا أعلم‪ .‬الحكم الثالث‪ :‬قضاء الصالة لعذر ضربان‪ :‬عام‪ ،‬ون ادر‪ .‬فالع ام‪ :‬ال‬
‫قض اء مع ه‪ ،‬كص الة مس افر مح دث‪ ،‬أو جنب‪ ،‬ب التيمم ‪ -‬لع دم ما يجب‬
‫استعماله‪ ،‬إذا لم يكن سفر معصية‪ .‬وفي سفر المعصية أوجه‪ .‬االص ح‪ :‬يجب‬
‫‪.‬التيمم والقضاء‪ .‬والثاني‪ :‬يتيمم وال يقضي‪ .‬والثالث‪ :‬ال يجوز التيمم (‪)4‬‬

‫] ‪[ 234‬‬
‫وقصير السفر كطويله على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬في وجوب القضاء معه قوالن ‪-‬‬
‫وكصالة المريض ب التيمم‪ ،‬أو قاع دا‪ ،‬أو مض طجعا‪ ،‬والص الة بااليم اء في‬
‫شدة الخوف‪ .‬وأما النادر‪ :‬فقسمان‪ .‬قسم يدوم غالب ا‪ ،‬وقسم ال ي دوم‪ .‬فما ي دوم‬
‫يمنع القض اء‪ ،‬كاالستحاض ة‪ ،‬وس لس الب ول‪ ،‬والم ذي‪ ،‬والج رح الس ائل‪،‬‬
‫واسترخاء المقعد‪ ،‬ودوام خروج الح دث‪ ،‬س واء ك ان له ب دل‪ ،‬أم ال‪ .‬وما ال‬
‫ي دوم نوع ان‪ .‬ن وع معه ب دل‪ ،‬ون وع ال ب دل مع ه‪ ،‬فما ال ب دل معه ي وجب‬
‫القض اء‪ ،‬وذلك ص ور‪ .‬منه ا‪ :‬من لم يجد م اء‪ ،‬وال تراب ا‪ .‬وفيه أق وال‪.‬‬
‫المشهور‪ :‬وج وب الص الة بحسب حال ه‪ ،‬ووج وب القض اء‪ .‬والث اني‪ :‬تح رم‬
‫الصالة‪ .‬والثالث‪ :‬تستحب‪ ،‬ويجب القضاء على هذين‪ .‬والرابع‪ :‬تجب الص الة‬
‫بال قضاء‪ ،‬وإذا قلن ا‪ :‬يص لي‪ ،‬ال يج وز مس المص حف‪ ،‬وال ق راءة الق رآن‬
‫للجنب والح ائض‪ ،‬وال وطئ الح ائض‪ ،‬وإذا ق در على م اء أو ت راب في‬
‫الص الة‪ ،‬بطلت‪ .‬ومنه ا‪ :‬المرب وط على خش بة‪ ،‬ومن شد وثاقه ب االرض‪،‬‬
‫يصلي بااليم اء ويعي د‪ .‬وق ال الص يدالني (‪ .)1‬إن ص لى مس تقبل القبل ة‪ ،‬لم‬
‫يعد‪ ،‬وإال عاد‪ .‬قال‪ :‬وكذا الغريق يصلي على خشبة بااليم اء‪ .‬وذكر البغ وي‬
‫نحوه‪ .‬ومنها‪ :‬من على جرحه نجاسة يخ اف التلف من غس لها‪ ،‬أو حبس في‬
‫موضع وصلى فيه على النجاسة للض رورة‪ ،‬فتجب االع ادة على المش هور‪.‬‬
‫وفي القديم‪ :‬ال‬

‫] ‪[ 235‬‬
‫يجب إع ادة ص الة وجبت في ال وقت‪ ،‬وإن ك انت مختل ة‪ .‬وأما ما معه ب دل‬
‫فصور‪ :‬منها‪ :‬المقيم إذا تيمم لعدم الماء‪ ،‬فيجب عليه االعادة على المش هور‪،‬‬
‫الن فقد الماء في االقامة نادر‪ ،‬وإنما ال يجب القضاء على المسافر‪ ،‬الن فقد‬
‫الم اء فيه (‪ )1‬يعم‪ .‬ه ذا هو الض ابط عند االص حاب‪ ،‬وليس مخصوصا‬
‫بالسفر‪ ،‬أو االقامة‪ ،‬حتى لو أقام في مفازة‪ ،‬أو موضع يعدم فيه الماء غالب ا‪،‬‬
‫وط الت إقامته وص الته ب التيمم‪ ،‬فال إع ادة‪ .‬ولو دخل المس افر في طريقه‬
‫قرية‪ ،‬وعدم الم اء وص لى ب التيمم‪ ،‬وجبت االع ادة على االص ح‪ ،‬وإن ك ان‬
‫حكم السفر باقيا‪ .‬وأما قول االص حاب‪ :‬المقيم يقض ي‪ ،‬والمس افر ال يقض ي‪،‬‬
‫فمرادهم‪ :‬الغالب من حال المسافر والمقيم‪ ،‬وحقيقته ما ذكرناه‪ .‬ومنها‪ :‬ال تيمم‬
‫لع ذر في بعض االعض اء‪ ،‬ف إن لم يكن على العضو س اتر من جب يرة‪ ،‬أو‬
‫لص وق‪ ،‬فال إع ادة‪ .‬وإن ك ان س اتر من جب يرة ونحوه ا‪ ،‬فثالثة أق وال‪.‬‬
‫االظهر‪ :‬أنه إن وضعها على طهر‪ ،‬فال إعادة‪ ،‬وإال وجبت‪ .‬والث اني‪ :‬ال يعيد‬
‫مطلق ا‪ .‬والث الث‪ :‬يعي د‪ .‬وق ال ابن الوكيل (‪ )2‬من أص حابنا‪ :‬الخالف إذا لم‬
‫ي تيمم‪ .‬أما إذا قلن ا‪ :‬يجب ال تيمم‪ ،‬ف تيمم‪ ،‬فال إع ادة قطع ا‪ .‬والم ذهب ط رد‬
‫الخالف مطلق ا‪ .‬ه ذا كله إذا لم تكن الجب يرة على محل ال تيمم‪ ،‬ف إن ك انت‬
‫علي ه‪ ،‬أع اد بال خالف‪ .‬ومنه ا‪ :‬ال تيمم لش دة ال برد‪ ،‬واالظه ر‪ :‬أنه ي وجب‬
‫االعادة‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ .‬والثالث‪ :‬يجب على الحاضر دون المس افر‪ .‬أما الع اجز‬
‫عن ستر العورة‪ ،‬ففيه قوالن ووجه‪ .‬وقيل‪ :‬ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يصلي قائما‬
‫ويتم الركوع والسجود (‪ ،)3‬والثاني‪ :‬يصلي قاعدا‪ .‬وهل يتم‬

‫] ‪[ 236‬‬
‫الرك وع والس جود أم ي ومئ ؟ فيه ق والن‪ :‬والث الث‪ :‬يتخ ير بين االم رين‪.‬‬
‫ويج ري ه ذا الخالف فيما لو حبس في موضع نجس‪ ،‬لو س جد لس جد على‬
‫نجاسة‪ .‬وفيما لو وجد ثوبا طاهرا لو فرشه على النجاسة‪ ،‬لبقي عاريا‪ .‬وفيما‬
‫لو وجد العاري ثوبا نجسا‪ ،‬هل يصلي في ه‪ ،‬أم عاريا ؟ ثم إن قلن ا‪ :‬العري ان‬
‫ال يتم االركان‪ ،‬أعاد على الم ذهب‪ ،‬وفيه خالف من لم يجد م اء وال تراب ا‪.‬‬
‫وإن قلنا‪ :‬يتمه ا‪ ،‬فال إع ادة على الم ذهب‪ .‬س واء ك ان في الس فر أو الحضر‬
‫ممن يعتاد الع ري‪ ،‬أو ممن ال يعت اد الع ري‪ .‬وقي ل‪ :‬يجب على من ال يعت اد‬
‫الع ري‪ .‬قلت‪ :‬ولو لم يجد الم ريض من يحوله للقبل ة‪ ،‬لزمه الص الة بحسب‬
‫حاله‪ ،‬وتجب االعادة على المذهب‪ .‬قال الروياني‪ :‬وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬وهو ش اذ‪.‬‬
‫قال إمام الحرمين وغ يره‪ :‬ثم ما حكمنا من االع ذار‪ :‬بأنه دائم‪ ،‬وأس قطنا به‬
‫الفرض فزال بسرعة‪ ،‬فهو كدائم‪ ،‬وما حكمنا أنه (‪ )1‬ال يدوم فدام‪ ،‬فله حكم‬
‫ما لم ي دم إلحاقا لش اذ الجنس ب الجنس‪ .‬ثم كل ص الة أوجبناها في ال وقت‪،‬‬
‫وأوجبنا إعادتها‪ ،‬فهل الفرض االولى‪ ،‬أم الثاني ة‪ ،‬أم كالهم ا‪ ،‬أم إح داهما ال‬
‫بعينها ؟ فيه أربعة أق وال‪ .‬أظهره ا‪ :‬عند الجمه ور‪ :‬الثاني ة‪ .‬وعند القف ال‬
‫والفوراني وابن الصباغ‪ :‬كالهما‪ ،‬وهو أفقه‪ ،‬فإنه مكلف بهما ‪ -‬وهذه مس ائل‬
‫منثورة ال يس تحب (فيه ا) تجديد ال تيمم على الم ذهب ‪ -‬وبه قطع الجمه ور‪.‬‬
‫وفي المستظهري‪ :‬وجهان‪ .‬ويتصور في مريض وجريح ونحوهما ممن تيمم‬
‫مع وجود الم اء‪ ،‬إذا تيمم وص لى فرضا ثم أراد نفال‪ ،‬ويتص ور في م تيمم‪،‬‬
‫لع دم الم اء إذا ص لى فرضا ولم يف ارق موض عه‪ ،‬ولم ن وجب طلبا لتحققه‬
‫الع دم أو لم نوجبه ثانيا (‪ .)2‬وحكم اليد المقطوعة كهو في الوض وء‪ ،‬ح تى‬
‫إذا‬

‫] ‪[ 237‬‬
‫لم يبق شئ من محل الفرض‪ ،‬اس تحب مسح العض د‪ .‬ق ال ال دارمي‪ :‬وإذا لم‬
‫يكن مرفق‪ ،‬استطهر ح تى يعلم‪ .‬ولو وجد المس افر على الطريق خابية م اء‬
‫مس بلة‪ ،‬تيمم‪ ،‬وال يج وز الوض وء منه ا‪ ،‬النها انما توضع للش رب‪ .‬ذك ره‬
‫المت ولي‪ ،‬ونقله الروي اني عن االص حاب‪ .‬ولو منع من (‪ )1‬الوض وء إال‬
‫منكوس ا‪ ،‬فهل له االقتص ار على ال تيمم‪ ،‬أم عليه غسل الوجه لتمكنه منه ؟‬
‫فيه القوالن فيمن وجد بعض ما يكفيه‪ ،‬حك اه الروي اني عن وال ده‪ .‬ق ال‪ :‬وال‬
‫يلزمه قض اء الص الة إذا امتثل الم أمور على الق ولين‪ .‬وفي القض اء نظ ر‪،‬‬
‫لن دوره‪ ،‬لكن ال راجح ما ذك ره‪ ،‬النه في مع نى من غصب م اؤه فال (‪)2‬‬
‫قضاء‪ .‬قال صاحب (الح اوي) و (البح ر)‪ :‬لو م ات رجل معه م اء لنفسه ال‬
‫يكفيه لبدنه‪ ،‬فإن أوجبنا استعمال الناقص‪ ،‬لزم رفقته غسله ب ه‪ ،‬وإال يمم وه‪.‬‬
‫ف إن غس لوه ب ه‪ ،‬ض منوا قيمته لوارث ه‪ .‬ولو تيمم لم رض ف برأ في أثن اء‬
‫الصالة‪ ،‬فكرؤية الماء في صالة المس افر‪ .‬ولو تيمم عن جنابة أو حيض‪ ،‬ثم‬
‫أح دث‪ ،‬ح رم ما يح رم على مح دث‪ .‬وال يح رم ق راءة الق رآن‪ ،‬واللبث في‬
‫المسجد‪ .‬ولو تيمم جنب ف رأى م اء‪ ،‬ح رمت الق راءة‪ ،‬وكل ما ك ان حرام ا‪،‬‬
‫ح تى يغتس ل‪ .‬ق ال الجرج اني‪ :‬ليس أحد يصح إحرامه بص الة ف رض دون‬
‫نفل‪ ،‬إال من ع دم م اء وتراب ا‪ ،‬أو س ترة ط اهرة‪ ،‬أو ك ان على بدنه نجاسة‬
‫عجز عن إزالته ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ب اب مسح الخف (‪ )3‬وهو ج ائز بش رطين‪:‬‬
‫أح دهما‪ :‬لبسه على طه ارة كامل ة‪ .‬فلو غسل رجال فلبس خفه ا‪ ،‬ثم غسل‬
‫االخرى‪ ،‬لم يجز المسح‪ ،‬فلو نزع االولى ثم لبسها‪ ،‬كفاه‪ ،‬وجاز المسح بعده‬

‫] ‪[ 238‬‬
‫على الص حيح (‪ .)1‬وعلى الث اني‪ :‬ال بد من نزعهم ا‪ .‬ولو أدخل ال رجلين‬
‫س اقي الخفين بال غس ل‪ ،‬ثم غس لهما‪ ،‬ثم أدخلهما ق رار الخ ف‪ ،‬صح لبس ه‪،‬‬
‫وجاز المسح‪ .‬ولو لبس متطهرا‪ ،‬ثم أح دث قبل وص ول الرجل ق دم الخ ف‪،‬‬
‫أو مسح بشرطه‪ ،‬ثم أزال القدم من مقرها ولم يظهر من محل الفرض شئ‪،‬‬
‫ففي الص ورتين ثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬ج واز المسح في الثاني ة‪ ،‬ومنعه في‬
‫االولى‪ .‬والث اني‪ :‬يج وز فيهم ا‪ .‬والث الث‪ :‬ال يج وز فيهم ا‪ .‬ولو لبست‬
‫المستحاضة على وضوئها‪ ،‬ثم أحدثت بغير االستحاضة‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫ال يصح مسحها لضعف طهارة لبسها‪ .‬والصحيح‪ :‬المنصوص ج وازه‪ .‬فعلى‬
‫هذا لو انقطع دمها‪ ،‬وشفيت قبل المسح‪ ،‬لم يجز المسح على المذهب‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫فيه الوجه ان‪ .‬وحيث جوزن ا‪ ،‬فإنما يس تبيح بلبس ها المسح لما ش اءت من‬
‫النوافل‪ ،‬ولفريضة إن لم تكن صلت بوضوء اللبس فريضة‪ ،‬بأن أحدثت بعد‬
‫وضوئها ولبسها قبل أن تصلي تلك الفريضة وال غيرها من الفرائض‪ ،‬ف إن‬
‫أحدثت بعد فعل الفريضة‪ ،‬مسحت‪ ،‬واستباحت النواف ل‪ ،‬وال تس تبيح فريضة‬
‫مقض ية‪ ،‬وال م ؤداة تحض ر‪ .‬ف إن أرادت فريض ة‪ ،‬وجب ن زع الخ ف‪،‬‬
‫واستئناف اللبس بطهارة‪ .‬ولنا وجه شاذ أنها تس توفي م دة المسح يوما وليلة‬
‫حضرا‪ ،‬وثالثة سفرا‪ ،‬ولكن تعيد الوضوء والمسح لكل فريضة‪ .‬وفي مع نى‬
‫طه ارة المستحاض ة‪ ،‬طه ارة س لس الب ول‪ ،‬وكل من به ح دث دائم‪ ،‬وك ذا‬
‫الوض وء المض موم إليه ال تيمم لجراحة أو كس ر‪ ،‬فحكمهم حكمها بال ف رق‪.‬‬
‫وأما من محض التيمم بال وضوء‪ ،‬فإن كان بس بب غ ير إع واز الم اء‪ ،‬فهو‬
‫كالمستحاضة‪ .‬وإن كان لالعواز‪ ،‬فقال ابن س ريج‪ :‬هو كهي‪ .‬والص حيح‪ :‬أنه‬
‫ال يستبيح المسح أصال‪ .‬الشرط الث اني‪ :‬أن يك ون الملب وس ص الحا للمس ح‪،‬‬
‫‪:‬وصالحيته بأمور‬

‫] ‪[ 239‬‬
‫االول‪ :‬أن يستر محل ف رض غسل ال رجلين‪ ،‬فلو قصر عن محل الف رض‪،‬‬
‫لم يجز قطع ا‪ ،‬وفي المخ روق ق والن‪ .‬الق ديم‪ :‬ج واز المسح ما لم يتف احش‬
‫الخرق‪ ،‬بأن ال يتماسك في الرجل‪ ،‬وال يتأتى المشي عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬التف احش‪:‬‬
‫أن يبطل اسم الخ ف‪ .‬والجدي د‪ :‬االظهر ال يج وز إذا ظهر شئ من محل‬
‫الف رض وإن ق ل‪ .‬ولو تخ رقت البطانة أو الظ اهرة‪ ،‬ج از المسح إن ك ان‬
‫الباقي‪ ،‬ص فيقا‪ ،‬وإال فال على الص حيح‪ .‬ويق اس على ه ذا ما إذا تخ رق من‬
‫الظه ارة موض ع‪ ،‬ومن البطانة موضع آخر ال يحاذي ه‪ .‬أما الخف المش قوق‬
‫الق دم إذا شد محل الشق بالش رج‪ ،‬ف إن ظهر شئ مع الش د‪ ،‬لم يجز المس ح‪.‬‬
‫وإال جاز على الصحيح المنصوص‪ .‬فلو فتح الشرج‪ ،‬بطل المسح في الح ال‬
‫وإن لم يظهر شئ‪ .‬االمر الث اني‪ :‬أن يك ون قوي ا‪ ،‬بحيث يمكن متابعة المشي‬
‫عليه بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال (‪ ،)1‬فال‬
‫يج وز المسح على اللف ائف والج وارب المتخ ذة من ص وف ولب د‪ ،‬وك ذا‬
‫الج وارب المتخ ذة من الجلد ال ذي يلبس مع المكعب‪ ،‬وهي ج وارب‬
‫الص وفية‪ ،‬ال يج وز المسح عليها ح تى يك ون بحيث يمكن متابعة المشي‬
‫عليه ا‪ ،‬ويمنع نف وذ الم اء إن ش رطناه‪ ،‬إما لص فاقتها‪ ،‬وإما لتجليد الق دمين‬
‫والنعل على االس فل‪ ،‬أو االلص اق على المكعب‪ .‬وقي ل‪ :‬في اش تراط تجليد‬
‫القدم مع صفاقتها قوالن‪ .‬ولو تعذر المشي فيه لسعته المفرطة‪ ،‬أو ضيقه‪ ،‬لم‬
‫يجز المسح على االصح‪ .‬ولو تع ذر لغلظ ه‪ ،‬أو ثقل ه‪ ،‬كالخشب والحدي د‪ ،‬أو‬
‫لتحديد رأسه بحيث ال يس تقر على االرض‪ ،‬لم يج ز‪ .‬ولو اتخذ لطيفا من‬
‫خشب‪ ،‬أو حديد يتأتى المشي فيه‪ ،‬ج از قطع ا‪ .‬ولو لم يقع عليه اسم الخ ف‪،‬‬
‫ب أن لف على رجله قطعة أدم وش دها‪ ،‬لم يجز المس ح‪ .‬االمر الث الث‪ - :‬في‬
‫أوص اف مختلف فيها ‪ -‬ف الخف المغص وب‪ ،‬والمس روق‪ ،‬وخف ال ذهب أو‬
‫الفض ة‪ ،‬يصح المسح عليه على االص ح‪ .‬والخف من جلد كلب أو ميتة قبل‬
‫الدباغ‪ ،‬ال يجوز المسح عليه قطعا‪ ،‬ال لمس مصحف وال لغيره‪ .‬ولو وجدت‬
‫‪.‬في الخف شرائطه‪ ،‬إال أنه ال يمنع نفوذ الماء‪ ،‬لم يجز المسح على االصح‬

‫] ‪[ 240‬‬
‫واختار إمام الحرمين والغزالي‪ :‬الج واز‪ .‬قلت‪ :‬ولو لبس واسع ال رأس ي رى‬
‫من رأسه القدم‪ ،‬ج از المسح عليه على الص حيح‪ .‬ويج وز على خف زج اج‬
‫قطعا (‪ )1‬إذا أمكن متابعة المشي عليه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬الجرموق‪ :‬هو الذي‬
‫يلبس ف وق الخف لش دة ال برد غالب ا‪ .‬ف إذا لبس خفا ف وق خ ف‪ ،‬فله أربعة‬
‫أحوال‪ .‬أحدها‪ :‬أن يكون االعلى ص الحا للمسح عليه دون االس فل‪ ،‬لض عفه‪،‬‬
‫أو لخرقه‪ ،‬فالمسح على االعلى خاصة‪ .‬الثاني‪ :‬عكسه‪ ،‬فالمسح على االس فل‬
‫خاصة‪ .‬فلو مسح االعلى فوصل البلل إلى االسفل‪ ،‬ف إن قصد مسح االس فل‪،‬‬
‫أجزأه‪ .‬وكذا إن قصدهما على الص حيح‪ .‬وإن قصد االعلى‪ ،‬لم يج ز‪ .‬وإن لم‬
‫يقصد واحدا‪ ،‬بل قصد المسح في الجملة‪ ،‬أجزأه على االصح‪ ،‬لقصده إسقاط‬
‫ف رض الرجل بالمس ح‪ .‬الث الث‪ :‬أن ال يص لح واحد منهما فيتع ذر المس ح‪.‬‬
‫الراب ع‪ :‬أن يص لحا كالهم ا‪ ،‬ففي المسح على االعلى وح ده ق والن‪ :‬الق ديم‬
‫واالمالء (‪ )2‬ج وازه‪ ،‬والجدي د‪ :‬منع ه‪ .‬قلت‪ :‬االظهر عند الجمه ور الجدي د‪،‬‬
‫وصحح القاضي أبو الطيب في شرح (الفروع) القديم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فإن جوزنا‬
‫المسح على الجرم وق‪ ،‬فقد ذكر ابن س ريج فيه ثالثة مع ان‪ .‬أظهره ا‪ :‬أن‬
‫الجرموق بدل عن الخف‪ ،‬والخف بدل عن الرجل‪ .‬والثاني‪ :‬االس فل كلفاف ة‪،‬‬
‫واالعلى هو الخف‪ .‬والثالث‪ :‬أنهما كخف واح د‪ ،‬ف االعلى ظه ارة‪ ،‬واالس فل‬
‫بطانة‪ .‬وتتفرع على المعاني مسائل‪ .‬منها‪ :‬لو لبسهما معا على طهارة فأراد‬

‫] ‪[ 241‬‬
‫االقتصار على مسح االسفل‪ ،‬جاز على المعنى االول دون اآلخرين‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫لو لبس االس فل على طه ارة‪ ،‬واالعلى على ح دث‪ ،‬ففي ج واز المسح على‬
‫االعلى طريقان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال يج وز‪ .‬وأص حهما فيه وجه ان‪ .‬إن قلنا ب المعنى‬
‫االول أو الثاني (‪ :)1‬لم يجز‪ .‬وبالثالث‪ :‬يجوز‪ .‬فلو لبس االس فل بطه ارة‪ ،‬ثم‬
‫أح دث ومس حه‪ ،‬ثم لبس الجرم وق‪ ،‬فهل يج وز مس حه ؟ فيه طريق ان‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬يب نى على المع اني إن قلنا ب االول أو الث الث ج از‪ .‬وبالث اني‪ :‬ال‬
‫يج وز‪ .‬وقي ل‪ :‬يب نى الج واز على ه ذا الث اني‪ ،‬على أن مسح الخف يرفع‬
‫الحدث‪ ،‬أم ال ؟ إن قلنا‪ :‬يرفع‪ ،‬جاز‪ ،‬وإال فال‪ .‬الطريق الث اني‪ :‬القطع بالبن اء‬
‫على رفع الحدث‪ .‬وإذا جوزنا مسح االعلى في هذه المسألة‪ ،‬ق ال الش يخ أبو‬
‫علي‪ :‬ابتداء المدة من حين إحداث أول لبسه االس فل‪ ،‬وفي ج واز االقتص ار‬
‫على االس فل الخالف الس ابق‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو لبس االس فل على ح دث‪ ،‬وغسل‬
‫رجله فيه‪ ،‬ثم لبس االعلى على طهارة كاملة‪ ،‬فال يجوز مسح االسفل قطعا‪،‬‬
‫وال مسح االعلى إن قلنا بالمعنى االول‪ ،‬أو الثالث‪ .‬وبالث اني يج وز‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫لو تخ رق االعلى من ال رجلين جميع ا‪ ،‬أو نزعه منهما بعد مس حه وبقي‬
‫االس فل بحال ه‪ ،‬ف إن قلنا ب المعنى االول‪ ،‬لم يجب ن زع االس فل‪ ،‬بل يجب‬
‫مسحه‪ ،‬وهل يكفيه مسحه أم يجب استئناف الوضوء ؟ فيه القوالن في نازع‬
‫الخفين‪ .‬وإن قلنا بالمعنى الثالث‪ ،‬فال شئ عليه‪ .‬وإن قلنا بالثاني‪ ،‬وجب ن زع‬
‫االسفل أيضا وغسل الق دمين‪ .‬وفي اس تئناف الوض وء الق والن‪ ،‬فحصل من‬
‫الخالف في المسألة خمسة أقوال‪ .‬أحدها‪ :‬ال يجب ش ئ‪ .‬والث اني‪ :‬يجب مسح‬
‫االسفل فقط‪ .‬والثالث‪ :‬يجب المسح واستئناف الوض وء‪ .‬والراب ع‪ :‬يجب ن زع‬
‫الخفين وغسل الرجلين‪ .‬والخامس‪ :‬يجب ذلك مع استئناف الوض وء‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫لو (‪ )2‬تخرق االعلى من إحدى الرجلين أو نزعه‪ .‬فإن قلنا بالمعنى الث الث‪،‬‬
‫فال شئ عليه‪ .‬وإن قلنا بالث اني‪ ،‬وجب ن زع االس فل أيضا من ه ذه الرج ل‪،‬‬
‫ووجب نزعهما من الرجل االخرى‪ ،‬وغسل القدمين‪ .‬وفي استئناف الوضوء‬
‫القوالن‪ .‬وإن قلنا بالمعنى االول‪ ،‬فهل يلزمه نزع‬

‫] ‪[ 242‬‬
‫االعلى من الرجل االخ رى ؟ وجه ان‪ :‬أص حهما نعم‪ ،‬كمن ن زع إح دى‬
‫الخفين‪ .‬فإذا نزعه‪ ،‬عاد الق والن‪ :‬في أنه (ه ل) يجب اس تئناف الوض وء‪ ،‬أم‬
‫يكفيه مسح االس فل ؟ والث اني‪ :‬ال يلزمه ن زع الث اني‪ .‬وفي واجبه الق والن‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬مسح االسفل ال ذي ن زع أعاله‪ .‬والث اني اس تئناف الوض وء‪ ،‬ومسح‬
‫هذا االسفل‪ ،‬واالعلى من الرجل االخرى‪ .‬ومنها‪ :‬لو تخ رق االس فل منهم ا‪،‬‬
‫لم يضر على المعاني كلها‪ .‬فلو (‪ )1‬تخ رق من إح داهما‪ ،‬ف إن قلنا ب المعنى‬
‫الث اني أو الث الث‪ ،‬فال شئ علي ه‪ .‬وإن قلنا ب االول‪ ،‬وجب ن زع واحد من‬
‫الرجل االخرى‪ ،‬لئال يجمع بين الب دل والمب دل‪ ،‬قاله في (الته ذيب) وغ يره‪.‬‬
‫ولك أن تق ول‪ :‬ه ذا المع نى موج ود فيما إذا تخ رق االعلى من إح دى‬
‫الرجلين‪ ،‬وقد حكوا وجهين في وجوب نزعه من االخرى‪ ،‬فليحكم بطردهما‬
‫هنا‪ .‬ثم إذا نزع‪ ،‬ففي واجبه القوالن‪ .‬أحدهما‪ :‬مسح الخف الذي ن زع االعلى‬
‫من فوق ه‪ .‬والث اني‪ :‬اس تئناف الوض وء والمسح عليه وعلى االعلى ال ذي‬
‫تخرق االسفل تحته‪ .‬ومنها‪ :‬لو تخرق االس فل واالعلى من ال رجلين‪ ،‬أو من‬
‫إح داهما‪ ،‬ل زم (‪ )2‬ن زع الجميع على المع اني كله ا‪ ،‬لكن إن قلنا ب المعنى‬
‫الثالث‪ ،‬وكان الخرقان في موضعين غير متحاذيين‪ ،‬لم يضر كما تقدم بيانه‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬لو تخرق االعلى من رجل‪ ،‬واالسفل من االخرى‪ ،‬ف إن قلنا بالث الث‪،‬‬
‫فال شئ عليه‪ .‬وإن قلنا باالول‪ ،‬نزع االعلى المتخرق‪ ،‬وأعاد مسح ما تحته‪.‬‬
‫وهل يكفيه ذلك‪ ،‬أم يحتاج إلى استئناف الوضوء ماس حا عليه وعلى االعلى‬
‫من الرجل االخ رى ؟ فيه الق والن‪ .‬ه ذا كله تفريع على ج واز مسح‬
‫الجرم وق‪ .‬ف إن منعن اه‪ ،‬فأدخل ي ده بينهما ومسح الخف االس فل‪ ،‬ج از على‬
‫االص ح‪ .‬ولو تخ رق االس فالن‪ ،‬ف إن ك ان عند التخ رق على طه ارة لبسه‬
‫االس فل‪ ،‬مسح االعلى‪ ،‬النه ص ار أصال لخ روج االس فل عن ص الحيته‬
‫للمسح‪ .‬وإن كان محدثا‪ ،‬لم يجز مسح االعلى‪ ،‬كاللبس على حدث‪ .‬وإن ك ان‬
‫على طهارة مسح‪ ،‬فوجه ان‪ ،‬كما ذكرنا في التفريع على الق ديم‪ .‬أما إذا لبس‬
‫جرموقا في رجل‪ ،‬واقتصر على الخف في االخرى‪ ،‬فعلى الجديد‪ :‬ال يج وز‬
‫مسح الجرم وق‪ .‬وعلى الق ديم‪ :‬يب نى على المع اني الثالث ة‪ ،‬فعلى االول ال‬
‫يجوز‪ ،‬كما ال‬

‫] ‪[ 243‬‬
‫يجوز المسح في خف‪ ،‬وغسل الرجل االخ رى‪ .‬وعلى الث الث يج وز‪ ،‬وك ذا‬
‫على الثاني على االص ح‪ .‬قلت‪ :‬وإذا جوزنا المسح على الجرم وق‪ ،‬فك ذا إذا‬
‫لبس ثانيا وثالث ا‪ .‬ولو لبس الخف ف وق الجب يرة‪ ،‬لم يجز المسح عليه على‬
‫االص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في كيفية المسح أما أقل ه‪ ،‬فما ينطبق عليه اسم‬
‫المسح من محل فرض الغسل في الرج ل‪ ،‬إال أس فلها‪ ،‬فال يج وز االقتص ار‬
‫عليه على االظه ر‪ ،‬وقي ل‪ :‬يج وز قطع ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬ال يج وز‪ .‬وإال العقب‪ ،‬فال‬
‫يج زئ على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬هو أولى ب الجواز من االس فل‪ ،‬وقي ل‪ :‬أولى‬
‫ب المنع‪ .‬قلت‪ :‬وح رف الخف كأس فله‪ .‬قاله في (الته ذيب)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما‬
‫االكمل‪ :‬فمسح أعاله وأسفله‪ ،‬ولكن ليس استيعاب جميعه سنة على االص ح‪.‬‬
‫ويستحب مسح العقب على االظهر‪ ،‬وقي ل‪ :‬االص ح‪ ،‬وقي ل‪ :‬قطع ا‪ .‬ولو ك ان‬
‫عند المسح على أس فله نجاس ة‪ ،‬لم يجز المسح علي ه‪ .‬ويج زئ غسل الخف‬
‫عن مس حه على الص حيح‪ ،‬لكن يك ره‪ .‬ويك ره أيضا تك رار المسح على‬
‫الصحيح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يستحب تكراره ثالثا كالرأس‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬ال‬
‫تتعين اليد للمسح‪ ،‬بل يجوز بخرقة وخشبة وغيرهما‪ .‬ولو وضع ي ده المبتلة‬
‫ولم يمرها‪ ،‬أو قطر الماء عليه‪ ،‬أج زأه على الص حيح كما تق دم في ال رأس‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬فصل في حكم المسح‪ :‬يباح المسح على الخف للصالة‪ ،‬وسائر ما‬
‫يفتقر إلى الوضوء‪ .‬وله المسح إلى إحدى غاي ات أرب ع‪ :‬االولى‪ :‬مضي ي وم‬
‫وليلة للمقيم‪ ،‬وثالثة أيام بلياليهن (‪ )1‬للمسافر على‬

‫] ‪[ 244‬‬
‫المش هور الجدي د‪ .‬وفي الق ديم‪ :‬يج وز غ ير م ؤقت‪ .‬والتفريع على الجدي د‪.‬‬
‫وابت داء الم دة من الح دث بعد اللبس‪ .‬وأك ثر ما يمكن المقيم أن يص لي من‬
‫الف رائض الم ؤداة‪ ،‬ست ص لوات إن لم يجم ع‪ .‬ف إن جمع لمط ر‪ ،‬فس بع‪،‬‬
‫والمسافر ست عشرة‪ ،‬وب الجمع س بع عش رة‪ .‬وأما المقض يات فال تنحص ر‪.‬‬
‫واعلم أن المس افر إنما يمسح ثالثة أي ام إذا ك ان س فره ط ويال‪ ،‬وغ ير‬
‫معصية‪ ،‬فإن قصر س فره‪ ،‬مسح يوما وليل ة‪ ،‬وإن ك ان معص ية‪ ،‬مسح يوما‬
‫وليلة على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬ال يمسح ش يئا‪ .‬ويج زئ الوجه ان في‬
‫العاصي باالقامة‪ ،‬كالعبد الم أمور بالس فر إذا أق ام‪ .‬ف رع‪ :‬إذا لبس الخف في‬
‫الحضر‪ ،‬ثم سافر‪ ،‬ومسح في السفر‪ ،‬مسح مسح مسافر‪ ،‬س واء ك ان أح دث‬
‫في الحضر‪ ،‬أم ال‪ ،‬وسواء سافر بعد الح دث وخ روج وقت الص الة‪ ،‬أم ال‪،‬‬
‫وقال المزني (‪ :)1‬إن أحدث في الحضر‪ ،‬مسح مسح مقيم‪ .‬وقال أبو إس حاق‬
‫الم روزي‪ :‬إن خ رج ال وقت في الحضر ولم يص ل‪ ،‬ثم س افر‪ ،‬مسح مسح‬
‫مقيم‪ .‬أما إذا مسح في الحضر ثم س افر‪ ،‬فيتم مسح مقيم‪ .‬واالعتب ار في‬
‫المسح بتمام ه‪ ،‬فلو مسح إح دى الخفين في الحض ر‪ ،‬ثم س افر ومسح اآلخر‬
‫في السفر‪ ،‬فله مسح مسافر‪ ،‬النه تم مسحه في السفر‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي ج زم‬
‫به االمام الرافعي رحمه هللا في مسألة المسح على أحد الخفين في الحض ر‪،‬‬
‫هو الذي ذكره القاضي حسين وصاحب (التهذيب)‪ .‬لكن الص حيح المخت ار‪،‬‬
‫ما جزم به صاحب (التتم ة) واخت اره الشاش ي‪ :‬أنه يمسح مسح مقيم‪ ،‬لتلبسه‬
‫بالعبادة في الحضر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما إذا مسح في السفر ثم أقام‪ ،‬فإن ك ان بعد‬
‫مضي يوم وليلة فأكثر‪ ،‬فقد انقضت مدته‪ ،‬ويجزئه ما مض ى‪ .‬وإن ك ان قبل‬
‫‪:‬يوم وليلة‪ ،‬تممها‪ .‬وقال المزني‬

‫] ‪[ 245‬‬
‫يمسح ثلث ما بقي من ثالثة أيام ولياليهن مطلقا‪ .‬ولو شك الماسح في الس فر‬
‫أو الحضر في انقضاء مدت ه‪ ،‬وجب االخذ بانقض ائها‪ .‬ولو شك المس افر هل‬
‫ابتدأ المسح في الحضر‪ ،‬أم السفر ؟ أخذ بالحضر‪ ،‬فيقتصر على يوم وليل ة‪،‬‬
‫فلو مسح في اليوم الثاني شاكا‪ ،‬وصلى به‪ ،‬ثم علم في اليوم الث الث أنه ك ان‬
‫ابتدأ في السفر‪ ،‬لزمه إعادة ما صلى في الي وم الث اني‪ .‬وله المسح في الي وم‬
‫الثالث‪ ،‬فإن كان مسح في اليوم االول‪ ،‬واستمر على الطهارة فلم يح دث في‬
‫اليوم الثاني‪ ،‬فله أن يصلي في الثالث بذلك المس ح‪ ،‬النه ص حيح‪ .‬ف إن ك ان‬
‫أحدث في الث اني‪ ،‬ومسح ش اكا‪ ،‬وبقي على تلك الطه ارة‪ ،‬لم يصح مس حه‪،‬‬
‫فيجب إعادة المس ح‪ .‬وفي وج وب اس تئناف الوض وء الق والن في الم واالة‪.‬‬
‫وق ال ص احب (الش امل) يجزئه المسح مع الش ك‪ .‬والص حيح االول‪ .‬الغاية‬
‫الثانية‪ :‬نزع الخفين أو أحدهما‪ ،‬فإن وجد ذلك وهو على طهارة مس ح‪ ،‬لزمه‬
‫غسل ال رجلين‪ ،‬وال يلزمه اس تئناف الوض وء على االظه ر‪ .‬واختلف في‬
‫أصل الق ولين (‪ ،)1‬فقي ل‪ :‬بنفس يهما‪ ،‬وقي ل‪ :‬مبني ان على تفريق الوض وء‪،‬‬
‫وضعفه االصحاب‪ .‬وقيل‪ :‬على أن بعض الطهارة هل يختص باالنتقاض‪ ،‬أم‬
‫يلزمه من انتق اض بعض ها انتق اض جميعها ؟ وقي ل‪ :‬مبني ان على أن مسح‬
‫الخف يرفع الح دث عن الرج ل‪ ،‬أم ال ؟ ف إن قلن ا‪ :‬ال يرف ع‪ ،‬اقتصر على‬
‫غسل الرجلين‪ ،‬وإال استأنف الوضوء‪ .‬قلت‪ :‬االصح عند االصحاب أن مسح‬
‫الخف يرفع الح دث عن الرج ل‪ ،‬كمسح ال رأس‪ .‬ولو خ رج الخف عن‬
‫صالحية المسح‪ ،‬لض عفه‪ ،‬أو تخرقه (‪ ،)2‬أو غ ير ذل ك‪ ،‬فهو كنزع ه‪ .‬ولو‬
‫انقضت الم دة‪ ،‬أو ظه رت الرجل وهو في ص الة‪ ،‬بطلت‪ .‬فلو لم يبق من‬
‫المدة إال ما يسع ركعة‪ ،‬فافتتح ركع تين‪ ،‬فهل يصح االفتت اح وتبطل ص الته‬
‫عند انقض اء الم دة‪ ،‬أم ال تنعقد ؟ وجه ان في (البح ر) أص حهما‪ :‬االنعق اد‪.‬‬
‫وفائدتهما‪ :‬أنه لو اقتدى به إنسان عالم بحاله‪ ،‬ثم فارقه عند انقضاء‬

‫] ‪[ 246‬‬
‫الم دة‪ ،‬هل تصح ص الته‪ ،‬أم ال تنعقد ؟ فيه الوجه ان‪ ،‬وفيما لو أراد‬
‫االقتصار على ركعة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الغاية الثالثة‪ :‬أن يلزم الماسح غسل جناب ة‪،‬‬
‫أو حيض‪ ،‬أو نفاس‪ ،‬فيجب اس تئناف اللبس بع ده‪ .‬الغاية الرابع ة‪ :‬إذا نجست‬
‫رجله في الخف ولم يمكن غسلها فيه‪ ،‬وجب النزع لغسلها‪ .‬فإن أمكن غسلها‬
‫فيه فغسلها‪ ،‬لم يبطل المسح‪ .‬فرع‪ :‬س ليم ال رجلين إذا لبس خفا في إح داهما‪،‬‬
‫ال يصح مسحه‪ .‬فلو لم يكن له إال رجل‪ ،‬ج از المسح على خفه ا‪ ،‬ولو بقيت‬
‫من الرجل االخ رى بقي ة‪ ،‬لم يجز المسح ح تى يواريها بما يج وز المسح‬
‫عليه‪ .‬قلت‪ :‬لو كان إحدى رجليه عليل ة‪ ،‬بحيث ال يجب غس لها‪ ،‬فلبس الخف‬
‫في الصحيحة‪ ،‬قطع الدارمي بصحة المسح عليه‪ .‬وصاحب (البي ان) ب المنع‪.‬‬
‫وهو االص ح‪ ،‬النه يجب ال تيمم عن الرجل العليل ة‪ ،‬فهي كالص حيحة‪ .‬وهللا‬
‫‪.‬أعلم‬
‫] ‪[ 247‬‬
‫كتاب الحيض (‪ )1‬فيه خمسة أبواب‪ .‬االول‪ :‬في حكم الحيض واالستحاض ة‪.‬‬
‫أما سن الحيض‪ ،‬فأقله استكمال تسع سنين على الصحيح‪ ،‬وما رأته قبله‪ :‬دم‬
‫فس اد‪ .‬والث اني‪ :‬ب الطعن في أول التاس عة‪ .‬والث الث‪ :‬مضي نصف التاس عة‪.‬‬
‫والم راد‪ :‬الس نون القمرية على االوجه كله ا‪ .‬وه ذا الض بط للتق ريب على‬
‫االصح‪ .‬فلو ك ان بين رؤية ال دم واس تكمال التسع على الص حيح ما ال يسع‬
‫حيضا وطه را‪ ،‬ك ان ذلك ال دم حيض ا‪ ،‬وإال فال‪ .‬وس واء في سن الحيض‪،‬‬
‫البالد الح ارة‪ ،‬وغيرها على الص حيح‪ .‬وق ال الش يخ أبو محم د‪ :‬في الب اردة‬
‫وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬الوجه ال ذي حك اه أبو محم د‪ :‬هو أنه إذا وجد ذلك في البالد‬
‫الب اردة (‪ )2‬ال تي ال يعهد ذلك في مثله ا‪ ،‬فليس بحيض‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأقل‬
‫الحيض يوم وليلة على المذهب‪ ،‬وعليه التفريع‪ .‬وأكثره‪ :‬خمسة عشر‬

‫] ‪[ 248‬‬
‫يوما‪ .‬وغالب ه‪ :‬ست أو س بع‪ .‬وأقل الطهر بين حيض تين‪ :‬خمسة عشر يوم ا‪،‬‬
‫وغالبه‪ :‬تمام الشهر بعد الحيض‪ ،‬وال حد الك ثره‪ .‬ولو وج دنا ام رأة تحيض‬
‫على االطراد أقل من يوم وليلة‪ ،‬أو أكثر من خمسة عشر‪ ،‬أو بطهر أقل من‬
‫خمسة عشر‪ ،‬فثالثة أوجه‪ .‬االصح‪ :‬ال عبرة به‪ .‬والثاني‪ :‬يتبع ه‪ .‬والث الث‪ :‬إن‬
‫وافق ذلك م ذهب بعض الس لف‪ ،‬أتبعن اه‪ .‬وإال فال‪ .‬واالول‪ :‬هو المعتم د‪:‬‬
‫وعليه تفريع مس ائل الحيض‪ ،‬وي دل عليه االجم اع على أنها لو رأت النق اء‬
‫يوما‪ ،‬وال دم يوما على االس تمرار‪ ،‬ال نجعل كل نق اء طه را ك امال‪ .‬فص ل‪:‬‬
‫يحرم على الحائض ما يحرم على الجنب‪ ،‬وال يجب عليها قضاء الص الة (‬
‫‪ .)1‬ولو أرادت العبور في المسجد‪ ،‬فإن خافت تلويثه لعدم إحكامها الشد‪ ،‬أو‬
‫لغلبة ال دم‪ ،‬ح رم العب ور عليه ا‪ ،‬وال يختص ه ذا به ا‪ ،‬بل المستحاض ة‪،‬‬
‫والسلس‪ ،‬ومن به جراحة نضاخة‪ ،‬يح رم عليهم العب ور إذا خ افوا التل ويث‪.‬‬
‫فإن أمنت الحائض التلويث‪ ،‬جاز العبور على الصحيح‪ ،‬ك الجنب ومن عليه‬
‫نجاسة ال يخاف تلويثها‪ .‬ويح رم عليها الص وم‪ ،‬ويجب قض اؤه‪ .‬وهل يق ال‪:‬‬
‫إنه واجب ح ال الحيض ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬الص حيح ال ذي عليه المحقق ون‬
‫والجم اهير‪ :‬أنه ليس واجب ا‪ ،‬بل يجب القض اء ب أمر جدي د‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما‬
‫االستمتاع بالح ائض‪ ،‬فض ربان‪ .‬أح دهما‪ :‬الجم اع في الف رج‪ ،‬فيح رم ويبقى‬
‫تحريمه إلى أن ينقطع الحيض‪ ،‬وتغتسل‪ ،‬أو ت تيمم عند عجزها عن الغس ل‪.‬‬
‫فلو لم تجد ماء وال تراب ا‪ ،‬ص لت الفريض ة‪ ،‬وح رم وطؤها على الص حيح‪.‬‬
‫ومتى جامع في الحيض متعمدا عالما بالتحريم‪ ،‬فقوالن‪ .‬المشهور الجديد‪ :‬ال‬
‫غرم عليه‪ ،‬بل يستغفر هللا ويتوب‪ ،‬لكن يستحب أن يتصدق بدينار إن ج امع‬
‫في إقبال الدم‪ ،‬أو بنصف دينار إن جامع في‬

‫] ‪[ 249‬‬
‫إدباره والقول (‪ )1‬والق ديم‪ :‬يلزمه غرام ة‪ .‬وفيها ق والن‪ .‬المش هور منهما ما‬
‫قدمنا استحبابه في الجديد‪ .‬والثاني‪ :‬عتق رقبة بكل حال‪ .‬ثم الدينار ال واجب‪،‬‬
‫أو المس تحب‪ ،‬مثق ال االس الم من ال ذهب الخ الص‪ ،‬يص رف إلى الفق راء‬
‫والمس اكين‪ .‬ويج وز ص رفه إلى واح د‪ .‬وعلى ق ول الوج وب‪ :‬يجب على‬
‫ال زوج دون الزوج ة‪ .‬وفي الم راد بإقب ال ال دم وإدب اره‪ :‬وجه ان‪ .‬الص حيح‬
‫المع روف‪ :‬أن إقبال ه‪ :‬أوله وش دته‪ .‬وإدب اره‪ :‬ض عفه وقربه من االنقط اع‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬قول االستاذ أبي إسحاق االسفراييني‪ :‬إقباله‪ :‬ما لم ينقط ع‪ ،‬وإدب اره‪:‬‬
‫إذا انقطع ولم تغتسل‪ .‬أما إذا وطئها ناس يا‪ ،‬أو ج اهال التح ريم‪ ،‬أو الحيض‪،‬‬
‫فال شئ عليه قطعا‪ .‬وقيل‪ :‬يجئ وجه على القول (‪ )2‬القديم‪ :‬أنه يجب الغرم‪.‬‬
‫الضرب الثاني‪ :‬االستمتاع بغير الجماع‪ .‬وهو نوعان‪ .‬أحدهما‪ :‬االستمتاع بما‬
‫بين السرة والركبة‪ ،‬واالصح المنصوص‪ :‬أنه حرام (‪ ،)3‬والثاني‪ :‬ال يحرم‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬إن أمن على نفسه التعدي إلى الفرج ل ورع‪ ،‬أو لقلة (‪ )4‬ش هوة‪ ،‬لم‬
‫يحرم‪ ،‬وإال حرم‪ .‬وحكي الثاني (‪ )5‬قوال قديما‪ .‬النوع الثاني‪ :‬ما فوق الس رة‬
‫وتحت الركبة‪ ،‬وهو جائز‪ ،‬أصابه دم الحيض‪ ،‬أم لم يص به‪ .‬وفي وجه ش اذ‪:‬‬
‫يح رم االس تمتاع بالموضع المتلطخ بال دم‪ .‬ومن أحك ام الحيض‪ :‬أنه يجب‬
‫الغسل (‪ )6‬عند انقطاعه‪ ،‬وأنه يمنع صحة الطهارة ما دام الدم مس تمرا‪ ،‬إال‬
‫االغس ال المش روعة‪ ،‬لما ال يفتقر إلى طه ارة‪ ،‬ك االحرام‪ ،‬والوق وف‪ ،‬فإنها‬
‫تستحب للحائض‪ ،‬وإذا قلنا بالضعيف‪ :‬إن الحائض تقرأ القرآن‪ ،‬فلها أن‬

‫] ‪[ 250‬‬
‫تغتسل إذا أجنبت لتقرأ‪ .‬ومن أحك ام الحيض‪ :‬أنه ي وجب البل وغ‪ ،‬وتتعلق به‬
‫العدة واالستبراء‪ ،‬ويكون الطالق فيه ب دعيا‪ ،‬وحكم النف اس حكم الحيض إال‬
‫في إيجاب البلوغ وما بعده‪ .‬قلت‪ :‬ومن أحكامه‪ :‬منع وجوب ط واف ال وداع‪،‬‬
‫ومنع قطع التت ابع في ص وم الكف ارة‪ ،‬وق ول االم ام (‪ )1‬ال رافعي‪ :‬وحكم‬
‫النفاس حكم الحيض إال في إيج اب البل وغ‪ ،‬وما بع ده‪ ،‬يقتضي أن ال يك ون‬
‫الطالق فيه بدعيا‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل هو بدعي‪ ،‬الن المعنى المقتضي بدعيته‬
‫في الحيض موج ود في ه‪ ،‬وقد ص رح ال رافعي أيضا في كت اب (الطالق)‬
‫بكونه ب دعيا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا انقطع الحيض‪ ،‬ارتفع تح ريم الص وم وإن لم‬
‫تغتسل‪ ،‬وكذا الطالق‪ ،‬وسقوط قضاء الص الة‪ ،‬بخالف االس تمتاع وما يفتقر‬
‫إلى الطهارة‪ .‬قلت‪ :‬ومما يزول بانقطاع الحيض‪ ،‬تحريم العب ور في المس جد‬
‫إذا قلنا بتحريمه في زمن الحيض‪ ،‬ولنا وجه شاذ في (الح اوي) و (النهاي ة)‬
‫أنه ال ي زول تحريمه وليس بش ئ‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في االستحاضة (‪:)2‬‬
‫االستحاضة ضربان (‪ )3‬قد تطلق على كل دم تراه المرأة‪ ،‬غ ير دم الحيض‬
‫والنفاس‪ .‬س واء اتصل ب الحيض المج اوز أك ثره أم لم يتص ل‪ ،‬كال ذي ت راه‬
‫لس بع س نين مثال‪ .‬وقد تطلق على المتصل به خاص ة‪ ،‬ويس مى غ يره‪ :‬دم‬
‫‪،‬فساد‪ ،‬وال تختلف االحكام في جميع ذلك‪ ،‬والخارج حدث دائم‬

‫] ‪[ 251‬‬
‫كسلس البول‪ ،‬فال يمنع الصالة والصوم‪ ،‬ويجوز وطؤها‪ ،‬وإنما أثر الح دث‬
‫ال دائم‪ :‬االحتي اط في الطه ارة‪ ،‬وإزالة النجاس ة‪ ،‬فتغسل المستحاضة فرجها‬
‫قبل الوضوء أو التيمم (‪ ،)1‬وتحش وه بقطنة أو خرقة دفعا للنجاسة وتقليال‪.‬‬
‫فإن اندفع به ال دم‪ ،‬وإال ش دت مع ذلك خرقة في وس طها‪ ،‬وتلجمت ب أخرى‬
‫مش قوقة الط رفين‪ ،‬فكل ه ذا واجب‪ ،‬إال أن تت أذى بالشد أو تك ون ص ائمة‬
‫فتترك الحشو وتقتصر على الشد‪ .‬وسلس البول (‪ )2‬يدخل قطنة في إحليل ه‪،‬‬
‫ف إن انقط ع‪ ،‬وإال عصب (‪ )2‬مع ذلك رأس ال ذكر‪ .‬ثم تتوضأ المستحاضة‬
‫بعد االحتياط الذي ذكرناه‪ .‬ويلزمها تقديم ه ذا االحتي اط على الوض وء (‪،)3‬‬
‫ويجب الوض وء لكل فريض ة‪ ،‬ولها ما ش اءت من النوافل بعد الفريض ة‪،‬‬
‫ويجب أن تكون طهارتها بعد الوقت على الص حيح‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬تجزئها‬
‫الطهارة قبل الوقت إذا انطبق آخرها على أول الوقت‪ .‬وينبغي لها أن تب ادر‬
‫بالصالة عقب طهارتها‪ .‬فإن تطهرت في أول ال وقت‪ ،‬وص لت في آخ ره أو‬
‫بعده‪ .‬فإن كان تأخيرها لسبب الصالة‪ ،‬كاالذان‪ ،‬واالجتهاد في القبل ة‪ ،‬وس تر‬
‫الع ورة‪ ،‬وانتظ ار الجمعة والجماعة ونحوه ا‪ ،‬لم يض ر‪ ،‬وإال فثالثة أوج ه‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬المنع‪ .‬والثاني‪ :‬الج واز‪ .‬والث الث‪ :‬الج واز ما لم يخ رج ال وقت‪ .‬أما‬
‫تجديد غسل الفرج‪ ،‬وحش وه‪ ،‬وش ده لكل فريض ة‪ ،‬ف إن زالت العص ابة عن‬
‫موض عها زواال له وق ع‪ ،‬أو ظهر ال دم في جوانبه ا‪ ،‬وجب التجدي د‪ .‬وإن لم‬
‫ت زل‪ ،‬وال ظهر ال دم‪ ،‬أو زالت زواال يس يرا‪ ،‬وجب التجديد على االص ح‪.‬‬
‫‪،‬وقيل‪ :‬االظهر‪ .‬كما يجب تجديد الوضوء‬
‫] ‪[ 252‬‬
‫ويج ري الخالف فيما لو أح دثت ب ريح ونح وه قبل أن تص لي‪ ،‬فلو ب الت‪،‬‬
‫وجب التجديد قطع ا‪ .‬ولو خ رج منها ال دم بعد الشد لغلبة ال دم‪ ،‬لم يبطل‬
‫وضوؤها‪ .‬وإن كان لتقصيرها في الشد‪ ،‬بطل‪ ،‬وك ذا لو زالت العص ابة عن‬
‫موض عها لض عف الش د‪ ،‬وزاد خ روج ال دم بس ببه‪ .‬ولو (‪ )1‬اتفق ذلك في‬
‫ص الة‪ ،‬بطلت‪ ،‬وإن ك ان بعد فريض ة‪ ،‬ح رم النفل بع دها‪ .‬ف رع‪ :‬طه ارة‬
‫المستحاضة تبطل بالشفاء‪ ،‬وفي وجه شاذ‪ :‬لو اتصل الشفاء بآخر الوض وء‪،‬‬
‫لم يبط ل‪ ،‬وليس بش ئ‪ .‬ولو ش فيت في ص الة‪ ،‬بطلت على الم ذهب‪ .‬وم تى‬
‫انقطع دمها وهي تعت اد االنقط اع والع ود‪ ،‬أو ال تعت اده‪ ،‬لكن أخبرها به من‬
‫يعتمد من أهل البصر‪ ،‬نظر‪ ،‬إن كانت مدة االنقطاع يسيرة ال تسع الطه ارة‬
‫والصالة التي تطهرت لها‪ ،‬فلها الشروع في الصالة‪ .‬فلو امتد االنقطاع‪ ،‬بان‬
‫بطالن الطه ارة‪ ،‬ووجب قض اء الص الة‪ .‬وإن ك انت م دة االنقط اع تسع‬
‫الطهارة والصالة‪ ،‬لزمها إع ادة الوض وء بعد االنقط اع‪ .‬فلو ع اد ال دم على‬
‫خالف الع ادة‪ ،‬قبل االمك ان‪ ،‬لم يجب إع ادة الوض وء على االص ح‪ .‬لكن لو‬
‫ش رعت في الص الة بعد ه ذا االنقط اع‪ ،‬ولم تعد الوض وء‪ ،‬فع اد ال دم قبل‬
‫الفراغ‪ ،‬وجب إعادة الصالة على االص ح‪ .‬أما إذا انقطع دمها وهي ال تعت اد‬
‫االنقطاع والعود‪ ،‬ولم يخبرها أهل البصر بالعود‪ ،‬فيجب إعادة الوضوء‪ .‬فلو‬
‫عاد الدم قبل إمكان الوضوء والص الة‪ ،‬فاالصح أن وض وءها الس ابق يبقى‬
‫على صحته‪ .‬والثاني‪ :‬يجب إعادته‪ .‬ولو خالفت أمرنا‪ ،‬وش رعت في الص الة‬
‫من غير إعادة الوضوء بعد االنقط اع‪ ،‬ف إن لم يعد ال دم‪ ،‬لم تصح ص التها‪،‬‬
‫لظهور الشفاء‪ .‬وك ذا إن ع اد بعد مضي إمك ان الطه ارة والص الة‪ ،‬لتمكنها‬
‫من الصالة بال حدث‪ ،‬وكذا إن عاد قبل االمكان على االص ح‪ ،‬لترددها عند‬
‫الش روع‪ .‬ولو توض أت عند انقط اع دمها وهي ال ت دري أنه ش فاء‪ ،‬أم ال ؟‬
‫فسبيلها أن تنظر هل تعتاد االنقطاع‪ ،‬وتجري على مقتضى الحالين كما بينا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ولنا وجه شاذ‪ :‬أن المستحاضة ال تس تبيح النفل بح ال‪ .‬وإنما اس تباحت‬
‫الفريضة مع الح دث ال دائم للض رورة‪ .‬والص واب المع روف أنها تس تبيح‬
‫النوافل مس تقلة‪ ،‬وتبعا للفريضة ما دام ال وقت باقي ا‪ ،‬وبع ده أيضا على‬
‫‪:‬االصح‪ .‬والمذهب‬

‫] ‪[ 253‬‬
‫أن طهارتها تبيح الص الة وال ترفع الح دث‪ .‬والث اني‪ :‬ترفع ه‪ .‬والث الث‪)1( :‬‬
‫ترفع الماضي دون المق ارن والمس تقبل‪ .‬وإذا ك ان دمها ينقطع في وقت‪،‬‬
‫ويس يل في وقت‪ ،‬لم يجز أن تص لي وقت س يالنه‪ ،‬بل عليها أن تتوضأ‬
‫وتصلي في وقت انقطاعه‪ ،‬إال أن تخاف فوت ال وقت‪ ،‬فتتوضأ وتص لي في‬
‫س يالنه‪ .‬ف إن ك انت ترجو انقطاعه في آخر ال وقت‪ ،‬فهل االفضل أن تعجل‬
‫الص الة في أول ال وقت‪ ،‬أم تؤخرها إلى آخ ره ؟ فيه وجه ان م ذكوران في‬
‫(التتمة)‪ ،‬بن اء على الق ولين في مثله في ال تيمم‪ .‬ق ال ص احب (الته ذيب) لو‬
‫ك ان س لس الب ول‪ ،‬بحيث لو ص لى قائما س ال بول ه‪ ،‬ولو ص لى قاع دا‪،‬‬
‫استمس ك‪ ،‬فهل يص لي قائم ا‪ ،‬أم قاع دا ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬قاع دا حفظا‬
‫للطه ارة‪ ،‬وال إع ادة عليه على ال وجهين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الب اب الث اني في‬
‫المستحاضات هن أربع‪ :‬االولى‪ :‬المبتدأة المميزة وهي‪ :‬التي ت رى ال دم على‬
‫نوعين‪ ،‬أو أنواع‪ ،‬أحدها أق وى‪ ،‬ف ترد إلى التمي يز‪ ،‬فتك ون حائضا في أي ام‬
‫الق وي‪ ،‬مستحاضة في أي ام الض عيف‪ .‬وإنما يعمل ب التمييز بثالثة ش روط‪.‬‬
‫أحدها‪ :‬أن ال يزيد القوي على خمسة عشر يوما‪ ،‬والث اني‪ :‬أن ال ينقص عن‬
‫ي وم وليلة ليمكن جعله حيض ا‪ .‬والث الث‪ :‬أن ال ينقص الض عيف عن خمسة‬
‫عشر يوما ليمكن جعله طه را بين حيض تين‪ ،‬والم راد بخمسة عشر‬
‫الض عيف‪ ،‬أن ال (‪ )2‬تك ون متص لة فلو رأت يوما أس ود‪ ،‬وي ومين أحمر (‬
‫‪ ،)3‬وهكذا أبدا‪ ،‬فجملة الضعيف في الشهر تزيد على خمسة‬

‫] ‪[ 254‬‬
‫عشر‪ ،‬لكن ال يعد هذا تمي يزا لع دم إتص اله‪ .‬ه ذا ال ذي ذكرن اه من أن (‪)1‬‬
‫الش روط ثالثة هو الص حيح المع روف في الم ذهب‪ .‬ولنا وجه ان ش اذان‬
‫باش تراط ش رط راب ع‪ .‬أح دهما قاله ص احب (التتم ة)‪ :‬أنه يش ترط أننا يزيد‬
‫القوي والضعيف‪ ،‬على ثالثين يوما‪ .‬فإن زاد‪ ،‬سقط التمييز‪ .‬والثاني‪ :‬م ذكور‬
‫في (النهاية)‪ :‬أن الدمين إن كانا تسعين يوما فما دونها‪ ،‬عملنا ب التمييز‪ ،‬ف إن‬
‫جاوز تسعين‪ ،‬ابتدأت حيضة أخرى بعد التسعين‪ .‬وجعل دورها تسعين أب دا‪.‬‬
‫وفي المعت بر في الق وة والض عف وجه ان‪ .‬أص حهما هو ق ول العراق يين‬
‫وغيرهم‪ ،‬أن القوة تحصل بإحدى ثالث خصال‪ :‬اللون‪ ،‬والرائحة‪ ،‬والثخان ة‪.‬‬
‫فاالس ود أق وى من االش قر‪ .‬واالش قر أق وى من االص فر ومن االك در إذا‬
‫جعلناهما حيض ا‪ .‬وما له رائحة أق وى مما ال رائحة ل ه‪ .‬والثخين أق وى من‬
‫الرقيق‪ .‬ولو كان دمها بعضه موصوفا بص فة من الثالث‪ ،‬وبعضه خاليا عن‬
‫جميعها‪ ،‬فالقوي هو الموص وف بالص فة‪ .‬ولو ك ان للبعض ص فة‪ ،‬وللبعض‬
‫ص فتان‪ ،‬ف القوي ما له ص فتان‪ .‬ف إن (‪ )2‬ك ان للبعض ص فتان‪ ،‬وللبعض‬
‫ثالث‪ ،‬ف القوي ما له الثالث‪ .‬وإن وجد لبعضه ص فة‪ ،‬ولبعضه أخ رى‪،‬‬
‫ف القوي‪ :‬الس ابق منهم ا‪ .‬ك ذا ذك ره في (التتم ة) وهو موضع تأم ل‪ .‬والوجه‬
‫الث اني‪ :‬أن المعت بر في الق وة الل ون وح ده‪ ،‬وادعى إم ام الح رمين إتف اق‬
‫االص حاب على ه ذا الوج ه‪ ،‬واقتصر عليه أيضا الغ زالي‪ .‬والص حيح عند‬
‫االصحاب‪ :‬الوجه االول‪ .‬فرع إذا وجدت ش روط التمي يز‪ ،‬فت ارة يتق دم ال دم‬
‫القوي‪ ،‬وتارة الضعيف‪ .‬ف إن تق دم الق وي‪ ،‬نظ ر‪ .‬ف إن اس تمر بع ده ض عيف‬
‫واحد‪ ،‬بأن رأت خمسة سوادا‪ ،‬ثم حمرة مستمرة‪ ،‬فحيضها السواد‪ .‬والحم رة‬
‫طهر وإن ط ال زمانه ا‪ ،‬وفيه الوجه ان الش اذان المتق دمان عن (التتم ة) و‬
‫(النهاي ة) وإن وجد بع ده ض عيفان‪ ،‬وأمكن جعل أولهما مع الق وي حيضا (‬
‫‪ ،)3،‬بأن رأت خمسة سوادا‪ ،‬ثم خمسة حمرة‪ ،‬ثم صفرة مطبقة‬

‫] ‪[ 255‬‬
‫فطريق ان‪ .‬أح دهما‪ :‬القطع ب أن الق وي مع الض عيف االول حيض‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫وجهان‪ ،‬أحدهما‪ :‬هذا‪ .‬والثاني‪ :‬حيضها القوي وح ده‪ ،‬ف إن لم يمكن جعلهم ا‪،‬‬
‫بأن رأت خمسة سوادا‪ ،‬ثم أحد عشر حمرة‪ ،‬ثم صفرة مطبقة‪ ،‬فالمذهب‪ :‬أن‬
‫حيضها الس واد‪ .‬وقي ل‪ :‬فاق دة التمي يز‪ ،‬فكأنها رأت س تة عشر أس ود‪ .‬أما إذا‬
‫تقدم بعد القوي أضعف الضعيفين‪ ،‬فرأت سوادا‪ ،‬ثم ص فرة‪ ،‬ثم حم رة‪ ،‬فإنه‬
‫يبنى على ما إذا توسطت الحمرة‪ .‬فإن الحقناها بما بع ده‪ ،‬وقلن ا‪ :‬الحيض هو‬
‫السواد وحده‪ ،‬فهنا أولى‪ .‬وإن ألحقناها بالسواد‪ ،‬فحكمها كما إذا رأت سوادا‪،‬‬
‫ثم حمرة‪ ،‬ثم عاد السواد‪ .‬وذلك يعلم بما ذكرن اه من ش روط التمي يز‪ .‬أما إذا‬
‫تقدم الضعيف أوال‪ ،‬فإن أمكن الجمع بين القوي وما تقدمه‪ ،‬بأن رأت خمسة‬
‫حمرة‪ ،‬ثم خمسة سوادا‪ ،‬ثم حمرة مطبق ة‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬أن الحكم‬
‫لل ون‪ ،‬فحيض ها الس واد‪ ،‬وأما ما قبله وبع ده‪ ،‬فطهر والث اني‪ :‬يجمع بينهم ا‪،‬‬
‫فحيضها السواد وما قبله‪ .‬والث الث‪ :‬أنها فاق دة للتمي يز‪ .‬وإن لم يمكن الجم ع‪،‬‬
‫ب أن رأت خمسة حم رة‪ ،‬ثم أحد عشر س وادا‪ ،‬ف إن قلنا في حالة االمك ان‪،‬‬
‫حيضها السواد‪ ،‬فهنا أولى‪ .‬وإن قلنا باآلخرين‪ ،‬ففاقدة للتمي يز على الص حيح‬
‫المعروف‪ .‬وقيل‪ :‬حيضها الحمرة المتقدمة مراعاة لالولية‪ .‬فلو ص ار الس واد‬
‫ستة عش ر‪ ،‬ففاق دة للتمي يز باالتف اق‪ ،‬إال على الش اذ فإنه يق دم االولي ة‪ .‬وإذا‬
‫فرعنا على الصحيح وهو تقديم اللون‪ ،‬فرأت المبتدأة خمسة عشر حمرة‪ ،‬ثم‬
‫خمسة عشر س وادا‪ ،‬ت ركت الص وم والص الة في جميع الش هر‪ .‬ف إن زاد‬
‫السواد على خمسة عش ر‪ ،‬فقد ف ات التمي يز‪ ،‬ف يرد إلى ي وم وليلة في ق ول‪،‬‬
‫وإلى ست أو س بع في الق ول اآلخ ر‪ ،‬فت ترك الص الة والص وم أيضا بعد‬
‫الش هر يوما وليل ة‪ ،‬أو س تا‪ ،‬أو س بعا‪ .‬وال يتص ور مستحاضة ت ؤمر ب ترك‬
‫الص الة أح دا وثالثين يوما أو س تة أو س بعة وثالثين‪ ،‬إال ه ذه‪ .‬ف رع‪ :‬وإذا‬
‫بلغت المرأة سن الحيض‪ ،‬فرأت دما‪ ،‬لزمها ترك الصوم والص الة وال وطئ‬
‫بمجرد رؤية الدم على الصحيح‪ .‬وقيل‪ :‬ال يترك الصوم والصالة حتى ت رى‬
‫ال دم يوما وليل ة‪ .‬فعلى الص حيح لو انقطع ل دون ي وم وليل ة‪ ،‬ب ان أنه ليس‬
‫حيض ا‪ ،‬فتقضي الص الة‪ .‬واعلم أن المبتدئة المم يزة ال تش تغل بالص وم‬
‫والصالة عند انقالب الدم من القوة إلى الضعف‪ ،‬الحتمال انقطاع الض عيف‬
‫قبل مجاوزة خمسة عشر‪ ،‬فيكون الجميع‬

‫] ‪[ 256‬‬
‫حيض ا‪ ،‬فت تربص إلى انقض اء الخمسة عش ر‪ .‬ف إن انقضت وال دم مس تمر‪،‬‬
‫عرفنا أنها مستحاضة‪ ،‬فتقضي ص لوات ما زاد على ال دم الق وي‪ .‬ه ذا حكم‬
‫الشهر االول‪ .‬وأما الثاني وما بعده‪ ،‬فبانقالب ال دم تغتسل وتص لي وتص وم‪،‬‬
‫وال يخ رج ذلك على الخالف في ثب وت الع ادة بم رة‪ ،‬فلو اتفق الش فاء في‬
‫بعض االدوار‪ ،‬ف انقطع ال دم قبل مج اوزة الخمسة عش ر‪ ،‬فالض عيف حيض‬
‫مع الق وي‪ ،‬كالش هر االول‪ .‬وس واء في ك ون جميعه حيضا إذا لم يج اوز‪،‬‬
‫وتق دم الض عيف أو الق وي على الص حيح المع روف‪ .‬وعلى الش اذ إن تق دم‬
‫القوي‪ ،‬فالجميع حيض‪ ،‬وإن تقدم الضعيف‪ ،‬وبعده قوي وح ده‪ ،‬أو ق وي‪ ،‬ثم‬
‫ضعيف آخ ر‪ ،‬كمن رأت خمسة حم رة‪ ،‬ثم خمسة س وادا‪ ،‬ثم خمسة حم رة‪،‬‬
‫فحيضها في الصورة االولى‪ :‬الس واد‪ .‬وفي الثاني ة‪ :‬الس واد وما بع ده‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫مفهوم كالم االصحاب وما صرح به إمام الحرمين‪ :‬أن المراد ب انقالب ال دم‬
‫الق وي ض عيفا‪ ،‬أن تتمحض ض عيفا‪ ،‬ح تى لو بقيت خط وط من الس واد‪،‬‬
‫وظه رت خط وط من الحم رة‪ ،‬ال ينقطع حكم الحيض‪ ،‬وإنما ينقطع إذا لم‬
‫يبق شئ من السواد أصال‪ .‬المستحاضة الثانية‪ :‬مبتدأة ال تمييز لها بأن يكون‬
‫جميع دمها بص فة واح دة‪ ،‬أو يك ون قويا وض عيفا‪ ،‬وفقد ش رط من ش روط‬
‫التمييز‪ ،‬فينظر فيها‪ ،‬فإن لم تعرف وقت ابتداء ال دم‪ ،‬فحكمها حكم المتح يرة‬
‫‪ -‬ويأتي بيانه إن ش اء هللا تع الى ‪ -‬وإن عرفت ه‪ ،‬فق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬تحيض‬
‫يوما وليل ة‪ ،‬والث اني‪ :‬س تا أو س بعا وعلى ه ذا في الست أو الس بع وجه ان‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬للتخيير‪ ،‬فتحيض إن شاءت ستا وإن شاءت س بعا‪ ،‬وأص حهما ليس‬
‫للتخي ير‪ ،‬بل إن ك انت ع ادة النس اء س تا‪ ،‬تحيضت س تا‪ ،‬وإن ك انت س بعا‪،‬‬
‫فسبعا‪ .‬وفي النساء المعتبرات أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬نس اء عش يرتها من االب وين‪.‬‬
‫فإن لم يكن عشيرة‪ ،‬فنساء بلدها‪ .‬والثاني‪ :‬نساء العص بات خاص ة‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫نس اء بل دها وناحيته ا‪ ،‬ف إن ك انت المعت برات يحضن كلهن س تا أو س بعا‪،‬‬
‫أخ ذت ب ه‪ .‬وإن نقصت ع ادتهن كلهن عن س ت‪ ،‬أو زادت على س بع‪،‬‬
‫فوجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ت رد إلى ست في ص ورة النقص‪ ،‬وس بع في الزي ادة‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬ت رد إلى ع ادتهن‪ .‬ولو اختلفت ع ادتهن‪ ،‬فح اض بعض هن س تا‪،‬‬
‫وبعضهن سبعا‪ ،‬ردت إلى االغلب‪ .‬فإن استوى البعضان‪ ،‬أو حاض بعضهن‬
‫‪.‬دون ست‪ ،‬وبعضهن فوق سبع‪ ،‬ردت إلى الست‬

‫] ‪[ 257‬‬
‫ه ذا بي ان مردها في الحيض‪ .‬أما الطه ر‪ :‬ف إن قلن ا‪ :‬ت رد في الحيض إلى‬
‫غالب ه‪ ،‬فك ذا في الطه ر‪ ،‬ف ترد إلى ثالث وعش رين أو أربع وعش رين‪ .‬وإن‬
‫رددناها في الحيض إلى االق ل‪ ،‬فالص حيح أن طهرها تسع وعش رون تتمة‬
‫الشهر‪ .‬والث اني‪ :‬أنه ثالث وعش رون‪ ،‬أو أربع وعش رون‪ ،‬وقي ل‪ :‬على ه ذا‬
‫يتعين االربع والعشرون‪ .‬والصواب المعروف ترديده بين االربع والعش رين‬
‫والثالث والعش رين كما ذكرن ا‪ .‬والث الث‪ :‬وهو نص غ ريب للش افعي رحمه‬
‫هللا‪ :‬أنه أقل الطهر‪ .‬فعلى هذا دورها س تة عش ر‪ ،‬وهو ش اذ ض عيف‪ .‬واعلم‬
‫أن ابتداء مردها في الحيض في حين رأت الدم‪ ،‬سواء كان بصفة واحدة‪ ،‬أم‬
‫متميزا لفقد (‪ )1‬منه شرط التمييز‪ .‬ولنا وجه ض عيف عن ابن س ريج رحمه‬
‫هللا‪ :‬أنه إذا ابتدأ الضعيف‪ ،‬وجاوز القوي بعده أكثر الحيض‪ ،‬فابتداء حيضها‬
‫من أول القوي‪ .‬فرع‪ :‬غير المميزة ك المميزة في ت رك الص وم والص الة في‬
‫الش هر االول إلى تم ام خمسة عشر يوم ا‪ ،‬ف إن جاوزها ال دم‪ ،‬تبينا‬
‫االستحاض ة‪ ،‬ف إن رددناها إلى أقل الحيض‪ ،‬قضت ص لوات أربعة عشر‬
‫يوما‪ ،‬وإن رددناها إلى الست أو السبع‪ ،‬قضت صلوات تسعة أيام أو ثمانية‪.‬‬
‫وأما الشهر الثاني وما بعده‪ ،‬فإن وجدت فيه تمييزا بشرطه قبل تم ام الم رد‬
‫أو بعده‪ ،‬فهي في ذلك الدور‪ :‬مبت دأة مم يزة‪ .‬وإن اس تمر فقد التمي يز‪ ،‬وجب‬
‫عند مج اوزة الم رد‪ ،‬الغس ل‪ ،‬والص وم‪ ،‬والص الة‪ .‬ف إن ش فيت في بعض‬
‫الش هور‪ ،‬قبل مج اوزة خمسة عش ر‪ ،‬ب ان أنها غ ير مستحاضة في ذلك‬
‫الشهر‪ ،‬وجميع دمها فيه حيض‪ ،‬فتقضي ما ص امته في أي ام ال دم‪ .‬وتبينا أن‬
‫غسلها لم يصح‪ ،‬وال تأثم بالصوم والصالة والوطئ‪ ،‬فيما وراء الم رد‪ ،‬وإن‬
‫ك ان قد وقع في الحيض لجهله ا‪ .‬وإن لم تش ف‪ ،‬فهل يلزمها االحتي اط فيما‬
‫وراء المرد إلى تم ام خمسة عش ر‪ ،‬أم تك ون ط اهرا كس ائر المستحاض ات‬
‫الطاهرات ؟ قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬الثاني‪ .‬فإن قلن ا‪ :‬تحت اط‪ ،‬لم تحل لل زوج‪ ،‬إال‬
‫بعد خمسة عش ر‪ ،‬وال تقضي في ه ذه الم دة ف وائت الص وم والص الة‬
‫والط واف‪ .‬ويلزمها أداء الص وم والص الة والغسل لكل ص الة‪ ،‬وتقضي‬
‫الصوم كله‪ ،‬وال تقضي الصالة‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ال تحت اط‪ ،‬ص امت وص لت‪ ،‬وال‬
‫‪.‬تقضيهما‪ ،‬وال غسل عليها‪ ،‬ولها قضاء الفوائت‪ .‬ويباح وطؤها‬

‫] ‪[ 258‬‬
‫المستحاضة الثالثة‪ :‬المعت ادة غ ير المم يزة‪ ،‬ف ترد إلى عادته ا‪ .‬ولها ح االن‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن ال تختلف عادتها‪ ،‬فإن تكررت عادت حيض ها وطهرها م رارا‪،‬‬
‫ردت إليها في قدر الحيض‪ ،‬والطهر‪ ،‬ووقتها‪ .‬والصحيح‪ :‬أنه ال فرق بين أن‬
‫تكون عادتها‪ ،‬أن تحيض أياما من كل شهر‪ ،‬أو من كل سنة‪ ،‬وأكثر‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫ال يجوز أن يزيد الدور على تس عين يوم ا‪ ،‬وس نعيد المس ألة في النف اس إن‬
‫شاء هللا تعالى‪ .‬وإن لم تتكرر‪ .‬فاالصح‪ :‬أن العادة تثبت بم رة‪ .‬والث اني‪ :‬ال بد‬
‫من م رتين‪ .‬والث الث‪ :‬ال بد من ثالث م رات‪ .‬فلو ك انت تحيض خمس ا‪،‬‬
‫فحاضت في شهر س تا‪ ،‬ثم استحيضت بع ده‪ ،‬ف إن اثبتنا الع ادة بم رة‪ ،‬ردت‬
‫إلى الس ت‪ ،‬وإال‪ ،‬ف إلى الخمس‪ .‬ثم المعت ادة في الش هر االول من ش هور‬
‫استحاضتها‪ ،‬تتربص كالمبتدأة‪ ،‬لجواز انقطاع دمها على خمسة عش ر‪ ،‬ف إن‬
‫جاوزه ا‪ ،‬قضت ص لوات ما وراء الع ادة‪ .‬وأما الش هر الث اني وما بع ده‪،‬‬
‫فتغتسل وتص لي وتص وم عند مضي الع ادة‪ .‬وال يجئ هنا ق ول االحتي اط‬
‫المتق دم في المبت دأة‪ ،‬لق وة الع ادة‪ .‬الح ال الثاني ة‪ :‬أن تختلف عادته ا‪ ،‬ولها‬
‫ص ور‪ .‬منه ا‪ :‬أن تس تمر لها ع ادات مختلفة منتظمة ب أن ك انت تحيض في‬
‫شهر ثالثة‪ ،‬ثم في ش هر خمس ة‪ ،‬وفي ش هر س بعة‪ ،‬ثم في الرابع ثالث ة‪ ،‬ثم‬
‫في الخ امس خمس ة‪ ،‬وفي الس ادس س بعة‪ ،‬وهك ذا أب دا‪ ،‬فهل ت رد بعد‬
‫االستحاضة إلى ه ذه الع ادة ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ت رد‪ ،‬ويج ري الوجه ان‪،‬‬
‫س واء ك انت عادتها منتظمة على ه ذا ال ترتيب‪ ،‬أم على ت رتيب آخ ر‪ ،‬ب أن‬
‫كانت ترى خمس ة‪ ،‬ثم ثالث ة‪ ،‬ثم س بعا‪ ،‬ثم تع ود الخمس ة‪ .‬وس واء رأت كل‬
‫ق در م رة‪ ،‬كما ذكرن ا‪ ،‬أم م رتين‪ ،‬ب أن ت رى في ش هرين ثالثة ثالث ة‪ .‬وفي‬
‫ش هرين بع دهما خمسة خمس ة‪ ،‬وفي ش هرين بع دهما س بعة س بعة‪ .‬ثم محل‬
‫الوجهين إذا تكررت الع ادة ال دائرة‪ .‬فأما إذا رأت االق دار الثالث ة‪ ،‬في ثالثة‬
‫أدوار‪ ،‬ثم استحيضت في الرابع‪ ،‬فال خالف أنها ال ترد إلى االقدار‪ ،‬النا إن‬
‫أثبتنا الع ادة بم رة‪ ،‬ف االخير ينسخ ما قبل ه‪ ،‬وإن لم نثبتها بم رة‪ ،‬فالنه لم‬
‫تتكرر االقدار لتصير عادة‪ ،‬ولهذا قال االئم ة‪ :‬أقل ما تس تقيم فيه الع ادة في‬
‫المثال المذكور ستة أشهر‪ ،‬فإن رأت هذه االق دار م رتين‪ ،‬فأقله س نة‪ .‬ثم إذا‬
‫قلن ا‪ :‬ت رد إلى ه ذه الع ادة‪ ،‬فاستحض يت عقب ش هر الثالث ة‪ ،‬ردت في أول‬
‫شهور االستحاضة إلى الخمسة‪ .‬وفي‬
‫] ‪[ 259‬‬
‫الث اني‪ :‬إلى الس بعة‪ .‬وفي الث الث‪ :‬إلى الثالث ة‪ .‬وإن استحيضت بعد ش هر‬
‫الخمسة‪ ،‬ردت إلى السبعة‪ ،‬ثم الثالثة‪ ،‬ثم الخمسة‪ .‬وإن استحيضت بعد شهر‬
‫السبعة‪ ،‬ردت إلى الثالثة‪ ،‬ثم الخمسة‪ ،‬ثم السبعة‪ .‬وإن قلنا‪ :‬ال ترد إليه ا‪ ،‬فقد‬
‫ذكر الغزالي ثالثة أوجه‪ .‬أحدها‪ :‬ت رد إلى ما قبل االستحاضة أب دا‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫إلى القدر المش ترك بين الحيض تين الس ابقتين لالستحاض ة‪ .‬ف إن استحيضت‬
‫بعد ش هر الخمس ة‪ ،‬ردت إلى الثالث ة‪ .‬والث الث‪ :‬أنها كالمبت دأة‪ .‬ولم أر ه ذه‬
‫االوجه بعد البحث لغ يره‪ ،‬وال لش يخه‪ ،‬بل الم ذهب وال ذي عليه االص حاب‬
‫في كل الطرق‪ ،‬أنها ترد إلى القدر المتقدم على االستحاضة‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬هل‬
‫يجب عليها االحتياط فيما بين أقل العادات وأكثرها ؟ وجهان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‪.‬‬
‫كصاحبة العادة الواحدة‪ ،‬فإنها ال تحتاط بعد المرد‪ .‬والثاني‪ :‬يجب‪ .‬فعلى هذا‪،‬‬
‫يجتنبها الزوج في المثال المذكور إلى انقضاء السبعة‪ .‬ثم إن استحيضت بعد‬
‫ش هر الثالث ة‪ ،‬تحيضت من كل ش هر ثالثة أي ام‪ ،‬ثم تغتس ل‪ ،‬وتص لي‪،‬‬
‫وتص وم‪ .‬وتغتسل م رة أخ رى في آخر الخمس ة‪ ،‬وم رة أخ رى في آخر‬
‫الس بعة‪ .‬وتقضي ص وم الس بعة دون ص التها‪ .‬وإن استحيضت بعد ش هر‬
‫الخمس ة‪ ،‬تحيضت من كل ش هر خمس ة‪ .‬ثم تغتس ل‪ ،‬وتص لي‪ ،‬وتص وم‪،‬‬
‫وتغتسل م رة أخ رى في آخر الس ابع‪ ،‬وتقضي ص وم الس بعة‪ ،‬وتقضي‬
‫صلوات الي وم الراب ع‪ ،‬والخ امس‪ ،‬الحتم ال ع دم الحيض فيهم ا‪ ،‬ولم تصل‬
‫فيهم ا‪ .‬وإن استحيضت بعد ش هر الس بعة‪ ،‬تحيضت من كل ش هر س بعة‪،‬‬
‫واغتس لت في آخر الس ابع‪ ،‬وقضت ص يام الس بعة‪ ،‬وص لوات الراب ع‪،‬‬
‫والخ امس‪ ،‬والس ادس‪ ،‬والس ابع‪ .‬ه ذا كله إذا ذك رت الع ادة المتقدم ة‪ .‬ف إن‬
‫نسيتها‪ ،‬تحيضت من كل شهر ثالثة أيام‪ ،‬ثم تغتس ل‪ ،‬وتص لي‪ ،‬وتص وم‪ ،‬ثم‬
‫تغتسل في آخر الخ امس‪ ،‬وآخر الس ابع‪ .‬وتتوضأ فيما بينهما لكل فريض ة‪.‬‬
‫س واء قلن ا‪ :‬ت رد إلى الع ادة ال دائرة‪ ،‬أم ال ؟ ه ذا مقتضى كالم االص حاب‪.‬‬
‫وقال امام الحرمين‪ :‬ه ذا مخص وص بقولن ا‪ :‬ت رد إلى ال دائرة‪ .‬فأما إن قلن ا‪:‬‬
‫ت رد إلى ما قبل االستحاض ة‪ ،‬فقي ل‪ :‬هنا ت رد إلى أقل الع ادات‪ .‬وقي ل‪ :‬هي‬
‫كمبت دأة‪ .‬وقد تق دم ق والن في أمرها باالحتي اط إلى آخر الخمسة عش ر‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ .‬أن ال تكون تلك العادات منتظمة‪ .‬بل تتقدم هذه م رة‪ ،‬وه ذه‬
‫مرة‪ .‬فقال إمام الحرمين والغزالي إن لم نردها في حال االنتظ ام إلى الع ادة‬
‫الدائرة‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وترد إلى ما تقدم على االستحاضة‪ .‬وإن رددنا المنتظمة‬
‫] ‪[ 260‬‬
‫إلى الدائرة‪ ،‬فغير المنتظمة كناسية النوبة المتقدمة‪ ،‬فتحتاط كما س بق‪ .‬وذكر‬
‫غيرهما أوجها‪ ،‬أصحها‪ :‬الرد إلى ما تقدم في االستحاضة‪ ،‬بن اء على ثب وت‬
‫العادة بمرة‪ .‬والثاني‪ :‬ترد إلى المتقدم إن تكرر م رتين‪ ،‬أو ثالث ة‪ ،‬وإال ف إلى‬
‫االقل‪ .‬والثالث‪ ،‬أنها كالمبتدأة‪ .‬فإن قلنا باالصح‪ ،‬أو الثاني‪ ،‬احتاطت إلى آخر‬
‫أك ثر الع ادات‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬كالمبت دأة‪ ،‬ففي االحتي اط إلى آخر الخ امس عشر‬
‫الخالف المذكور في المبتدأة‪ .‬هذا إذا عرفت القدر المتقدم على االستحاضة‪،‬‬
‫ف إن نس يته‪ ،‬فوجه ان‪ .‬ق ال االك ثرون‪ :‬ت رد إلى أك ثر (‪ )1‬الع ادات‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫كالمبت دأة‪ ،‬فعلى الث اني في االحتي اط‪ ،‬الخالف الم ذكور في المبت دأة‪ ،‬فعلى‬
‫االول يجب االحتي اط إلى آخر أك ثر الع ادات‪ .‬وقي ل‪ :‬يس تحب وال يجب‪،‬‬
‫فحصل من المجم وع خالف في أنه ا‪ :‬هل تحت اط في الح ال الث اني‪ ،‬س واء‬
‫عرفت القدر المتقدم‪ ،‬أم نسيته ؟ وإذا احتاطت‪ ،‬فإلى آخر الخمسة عش ر‪ ،‬أو‬
‫آخر المقادير فيه‪ .‬وفي حالة االنتظام‪ ،‬سواء نسيت‪ ،‬أو علمت‪ ،‬الخالف‪ .‬لكن‬
‫الص حيح عند العلم في حالة االنتظ ام‪ ،‬أنها ال تحت اط‪ .‬والص حيح‪ :‬عند‬
‫النسيان‪ .‬وفي حالة عدم االنتظ ام‪ ،‬أنها تحت اط لكن إلى آخر االق دار‪ ،‬ال إلى‬
‫تمام الخمسة عشر‪ .‬هذا كله حكم الع ادة المختلفة ال دائرة‪ .‬ومن المختلف ة‪ ،‬أن‬
‫يكون في المتقدم من عادته ا‪ ،‬اختالف ق در أو وقت‪ .‬وتس مى‪ :‬المتنقل ة‪ .‬فمن‬
‫صورها‪ ،‬لو كانت تحيض أول كل ش هر خمسة وتطهر باقي ه‪ ،‬فحاضت في‬
‫دور أربعة من الخمسة‪ ،‬ثم استحيضت‪ ،‬فإن أثبتنا العادة بم رة‪ ،‬رددناها إلى‬
‫ما قبل االستحاض ة‪ ،‬وإال ف إلى الع ادة القديم ة‪ .‬ولو ك انت المس ألة بحاله ا‪،‬‬
‫فرأت في دور ستة‪ ،‬وفي دور بعده سبعة‪ ،‬ثم استحيض ت‪ ،‬ف إن أثبتنا الع ادة‬
‫بم رة‪ ،‬رددناها إلى الس بعة‪ .‬وإن لم نثبتها إال بثالث م رات‪ ،‬رددناها إلى‬
‫الخمسة‪ .‬وإن أثبتناها بمرتين‪ ،‬فاالصح‪ :‬ترد إلى الستة‪ .‬والثاني‪ :‬إلى الخمسة‪.‬‬
‫ولو كانت بحالها‪ ،‬فحاضت في دور الخمسة الثانية‪ ،‬فقد تغير وقت حيضها‪،‬‬
‫وص ار دورها المتق دم على ه ذه الخمسة خمسة وثالثين‪ ،‬خمسة حيض‪،‬‬
‫والباقي طهر‪ .‬فإن تكرر ه ذا‪ ،‬ب أن حاضت في ال دور اآلخر الخمسة الثالثة‬
‫هك ذا م رارا‪ ،‬ثم استحيض ت‪ ،‬ردت إلي ه‪ ،‬فتحيض من أول ال دم ال دائم‬
‫‪،‬الخمسة‪ ،‬وتطهر ثالثين‪ ،‬وهكذا أبدا‪ .‬وإن لم يتكرر‬

‫] ‪[ 261‬‬
‫بل اس تمر ال دم في ال دور االول من الخمسة الثاني ة‪ ،‬فوجه ان‪ .‬ق ال أبو‬
‫إسحاق‪ :‬ال تحيض (‪ )1‬في هذا الشهر‪ ،‬فإذا جاء الش هر الث اني‪ ،‬ابت دأت منه‬
‫دورها القديم حيضا وطهرا‪ .‬والصحيح‪ ،‬ق ول الجمه ور‪ :‬أنا نحيض ها خمسة‬
‫من ابتداء الدم المبتدئ من الخمسة الثاني ة‪ ،‬ثم إن اثبتنا الع ادة بم رة‪ ،‬حكمنا‬
‫ب الطهر ثالثين‪ ،‬وأقمنا عليه ال دور أب دا‪ .‬وإن لم نثبتها بم رة‪ ،‬فوجه ان‪.‬‬
‫أص حهما‪ :‬أن خمسة وعش رين بع دها طه ر‪ ،‬النه المتك رر‪ .‬والث اني‪ :‬أن‬
‫طهرها ب اقي الش هر ال غ ير‪ ،‬وتحيض الخمسة االولى من الش هر الث اني‪،‬‬
‫وتراعي عادتها القديمة قدرا ووقت ا‪ .‬ولو رأت الخمسة الثانية دم ا‪ ،‬وانقط ع‪،‬‬
‫وطه رت بقية الش هر‪ ،‬وع اد ال دم في أول الش هر‪ ،‬فقد ص ار دورها خمسة‬
‫وعشرين‪ ،‬ف إن تك رر ذل ك‪ ،‬ب أن رأت الخمسة االولى من الش هر بع ده دما‬
‫وطهرت عشرين‪ ،‬وهكذا مرارا‪ ،‬ثم استحيضت‪ ،‬ردت إلي ه‪ .‬وإن لم يتك رر‪،‬‬
‫ب أن رأت الخمسة االولى‪ ،‬فاس تمر‪ ،‬فالخمسة االولى حيض بال خالف‪ .‬وأما‬
‫الطهر‪ ،‬ف إن أثبتنا الع ادة بم رة‪ ،‬فهو عش رون‪ ،‬وإال فخمسة وعش رون‪ .‬ولو‬
‫كانت بحالها‪ ،‬فطهرت بعد خمستها المعهودة عشرين‪ ،‬وعاد الدم في الخمسة‬
‫االخ يرة‪ ،‬فقد تغ ير وقت حيض ها بالتق دم‪ ،‬وص ار دورها خمسة وعش رين‪،‬‬
‫ف إن تك رر ال دور‪ ،‬ب أن رأت الخمسة االخ يرة دم ا‪ ،‬وانقط ع‪ ،‬وطه رت‬
‫عشرين‪ ،‬وهكذا مرارا‪ ،‬ثم استحيضت‪ ،‬ردت إليه‪ .‬وإن لم يتكرر‪ ،‬بل استمر‬
‫الدم العائد‪ ،‬فأربعة أوجه في هذا ونظائره‪ .‬أصحها‪ :‬تحيض خمسة من أول ه‪،‬‬
‫وتطهر عش رين‪ ،‬وهك ذا أب دا‪ .‬والث اني‪ :‬تحيض خمس ة‪ ،‬وتطهر خمسة‬
‫وعشرين‪ .‬والثالث‪ :‬تحيض عش رة من ه‪ ،‬وتطهر خمسة وعش رين‪ ،‬ثم تحافظ‬
‫على الدور القديم‪ ،‬والرابع‪ :‬أن الخمسة االخيرة استحاضة‪ .‬وتحيض من أول‬
‫الش هر خمس ة‪ ،‬وتطهر خمسة وعش رين على عادتها القديم ة‪ .‬ولو ك انت‬
‫بحاله ا‪ ،‬وحاضت خمس تها‪ ،‬وطه رت أربعة عشر يوم ا‪ ،‬ثم ع اد ال دم‪،‬‬
‫واس تمر‪ ،‬فأربعة أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬أن يوما من أول ال دم العائ د‪ ،‬استحاض ة‪،‬‬
‫تكميال للطه ر‪ .‬وخمسة بع ده حيض‪ ،‬وخمسة عشر طه ر‪ ،‬وص ار دورها‬
‫عشرين‪ .‬والثاني‪ :‬أن اليوم االول استحاضة‪ ،‬والعش رة الباقية من الش هر مع‬
‫خمسة من الش هر بع ده حيض‪ ،‬ثم تطهر خمسة وعش رين‪ ،‬وتحافظ على‬
‫دورها القديم‪ .‬والثالث‪ :‬أن اليوم‬

‫] ‪[ 262‬‬
‫االول استحاضة‪ ،‬وبعده خمسة حيض وخمسة (‪ )1‬وعشرون طه ر‪ ،‬وهك ذا‬
‫أبدا‪ .‬والرابع‪ :‬جميع ال دم العائد إلى آخر الش هر‪ ،‬استحاض ة‪ .‬وتفتتح من أول‬
‫الشهر دورها القديم‪ .‬المستحاضة الرابعة‪ :‬المعتادة الذاكرة المميزة‪ .‬إن اتفقت‬
‫عادتها‪ ،‬والتمييز‪ ،‬ب أن ك انت تحيض خمسة من أول الش هر‪ ،‬وتطهر باقي ه‪،‬‬
‫فاستحيض ت‪ ،‬ورأت خمس ها س وادا‪ ،‬وب اقي الش هر حم رة‪ ،‬فحيض ها تلك‬
‫الخمسة‪ .‬وإن لم تتوافق الع ادة والتمي يز‪ ،‬ولم يتخلل بينهما أقل الطه ر‪ ،‬ب أن‬
‫كانت تحيض خمسة‪ ،‬فرأت في دور عشرة سوادا‪ ،‬ثم حمرة مستمرة‪ ،‬فثالثة‬
‫أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬تعمل بالتمييز‪ ،‬فحيضها العش رة‪ .‬والث اني‪ :‬بالع ادة‪ ،‬فحيض ها‬
‫خمسة من أول ه‪ .‬والث الث‪ :‬إن أمكن الجمع بينهم ا‪ ،‬عمل بال داللتين‪ ،‬وإال‬
‫سقطتا‪ ،‬وكانت كمبتدأة ال تمي يز له ا‪ ،‬وفيها الق والن‪ .‬مث ال إمك ان الجمع ما‬
‫ذكرنا من عشرة السواد‪ .‬وعدم إمكانه‪ ،‬بأن ترى خمستها حمرة‪ ،‬وأحد عشر‬
‫عقبها سوادا‪ .‬أما إذا تخلل بينهما أقل الطهر‪ ،‬بأن رأت عشرين فص اعدا دما‬
‫ض عيفا‪ ،‬ثم خمسة قوي ا‪ ،‬ثم ض عيفا‪ ،‬وعادتها القديمة خمس ة‪ ،‬فق در الع ادة‬
‫حيض للع ادة‪ ،‬والق وي حيض آخ ر‪ ،‬الن بينهما طه را ك امال‪ .‬ه ذا هو‬
‫الصحيح‪ .‬ومنهم من بنى هذه الصورة على السابقة‪ ،‬فقال‪ :‬إن قدمنا التمي يز‪،‬‬
‫فحيض ها خمسة الس واد‪ ،‬وطهرها المتق دم عليه خمسة وأربع ون‪ ،‬وص ار‬
‫دورها خمس ين‪ .‬وإن ق دمنا الع ادة فحيض ها من (‪ )2‬أول الش هر‪ ،‬خمس ة‪.‬‬
‫وبع دها‪ ،‬عش رون طه را‪ .‬وإن جمعن ا‪ ،‬فحيض ها الخمسة االولى بالع ادة‪،‬‬
‫وخمسة الس واد ب التمييز‪ .‬ف رع‪ :‬الع ادة ال تي ت رد إليها المعت ادة‪ ،‬ليس من‬
‫شرطها أن تكون عادة حيض وطهر صحيحين بال استحاض ة‪ ،‬بل قد تك ون‬
‫كذلك‪ ،‬وقد تكون مستفادة من التمي يز‪ ،‬ب أن ت رى المبت دأة خمسة س وادا‪ ،‬ثم‬
‫خمسة وعشرين حمرة‪ ،‬وهكذا مرارا‪ ،‬ثم يستمر الس واد والحم رة في بعض‬
‫الشهور‪ ،‬فقد عرفنا‪ ،‬أن عادتها خمسة من أول كل شهر‪ ،‬فترد إليه (‪ )3‬على‬
‫الصحيح المعروف‪ .‬وعلى الشاذ‪ :‬هي كمبتدأة غير‬

‫] ‪[ 263‬‬
‫مم يزة‪ .‬ولو ك انت بحاله ا‪ ،‬ف رأت في بعض االدوار عش رة س وادا‪ ،‬وب اقي‬
‫الشهر حمرة‪ ،‬ثم استمر السواد في الذي بعده‪ ،‬فقال االئمة‪ :‬فحيض ها عش رة‬
‫السواد‪ ،‬ومردها بعد ذلك عشرة‪ .‬ولو اعتادت خمسة سوادا‪ ،‬ثم اس تمر ال دم‪،‬‬
‫ثم رأت في بعض االدوار عش رة‪ ،‬ردت في ذلك ال دور إلى العش رة‪ .‬وفي‬
‫هاتين الص ورتين إش كاالن‪ .‬أح دهما‪ :‬أن الص ورة الثاني ة‪ ،‬ينبغي أن تخ رج‬
‫على الخالف في اجتماع العادة والتمي يز‪ .‬والث اني‪ :‬أن ردها إلى العش رة في‬
‫الصورة االولى‪ ،‬ط اهر إذا أثبتنا الع ادة بم رة‪ ،‬وإال فينبغي أال تكتفق بس بق‬
‫العشرة مرة‪ .‬قال الغزالي في الجواب عن هذا‪ :‬هذه عادة تمييزي ة‪ ،‬فتنس خها‬
‫مرة‪ ،‬فال يجري فيها الخالف كغير المستحاض ة‪ ،‬إذا تغ يرت عادتها القديمة‬
‫م رة‪ ،‬فإنا نحكم بالحالة الن اجزة‪ .‬وللمع ترض أن يق ول‪ :‬لم اختص الخالف‬
‫بغ ير التمييزية ؟ قلت‪ :‬قد نقل الخالف في ه ذه الص ورة وتخريجها على‬
‫الخالف في ثب وت الع ادة بم رة‪ ،‬جماعة كث يرة‪ .‬منهم‪ ،‬القاضي أبو الطيب‪،‬‬
‫والمحاملي‪ ،‬والسرخسي (‪ ،)1‬والشيخ أبو الفتح المقدسي وصاحب (البي ان)‬
‫وغ يرهم‪ .‬وقد أوض حت ذلك في (ش رح المه ذب) ونقلت فيه عب اراتهم‪.‬‬
‫وعجب من االمام الرافعي‪ ،‬كونه لم يذكر ه ذا الخالف‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في‬
‫الصفرة والكدرة الصفرة‪ :‬شئ كالصديد‪ ،‬تعل وه ص فرة‪ .‬والك درة‪ :‬شئ ك در‪.‬‬
‫وليسا على ل ون ال دماء‪ ،‬وهما حيض في أي ام الع ادة بال خالف (‪ .)2‬وفي‬
‫غيرها أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬أن لها حكم الس واد‪ .‬والث اني‪ :‬ليس لها حكم ه‪.‬‬
‫‪.‬والثالث‪ :‬إن سبق دم قوي‬

‫] ‪[ 264‬‬
‫من سواد‪ ،‬أو حمرة‪ ،‬فالصفرة‪ ،‬والكدرة بع ده حيض‪ ،‬وإال فال‪ .‬والراب ع‪ :‬إن‬
‫سبقهما دم قوي وتعقبهما قوي‪ ،‬فهما حيض‪ ،‬وإال فال‪ .‬وعلى الثالث والرابع‪:‬‬
‫يكفي في تقدم القوي وتأخره أي قدر مكان‪ ،‬ولو لحظة على االص ح‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫ال بد من يوم وليلة‪ .‬والمبت دأة في مردها على الق ولين‪ :‬االق ل‪ ،‬والغ الب‪ ،‬إذا‬
‫رأت الصفرة‪ ،‬والكدرة‪ ،‬كالمعتادة فيما وراء العادة على الصحيح الذي قطع‬
‫به الجمه ور‪ .‬وقي ل‪ :‬كأي ام الع ادة‪ .‬الب الب الث الث في المستحاضة المعت ادة‬
‫الناسية الناسية ض ربان‪ :‬مم يزة‪ ،‬وغيره ا‪ .‬ف المميزة‪ :‬ت رد إلى التمي يز على‬
‫الص حيح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬هي كغ ير مم يزة‪ ،‬أما غ ير المم يزة‪ ،‬فلها أح وال‪.‬‬
‫االول‪ :‬أن تنسى عادتها قدرا ووقتا‪ ،‬لغفلة‪ ،‬أو عل ة‪ ،‬أو جن ون‪ ،‬ونحو ذل ك‪،‬‬
‫وتس مى‪ :‬المتح يرة (‪ ،)1‬والمح يرة‪ ،‬وفي حكمها طريق ان‪ .‬جح دهما‪ :‬أنها‬
‫مأمورة باالحتي اط‪ .‬والث اني‪ :‬على ق ولين‪ .‬المش هور‪ :‬االحتي اط‪ .‬والث اني‪ :‬أنها‬
‫كالمبتدأة‪ ،‬فيكون فيما ترد إليها القوالن‪ ،‬إلى ي وم وليلة (‪ .)2‬والث اني‪ :‬س ت‪،‬‬
‫أو سبع‪ .‬وقيل‪ :‬ترد على ه ذا الق ول إلى ي وم وليلة قطع ا‪ .‬وعلى ه ذا الق ول‬
‫ابتداء حيضها أول الهالل‪ ،‬حتى لو أفاقت المجنونة في أثناء الشهر الهاللي‪،‬‬
‫كان باقي الشهر استحاضة‪ .‬هذا هو المع روف وق ول الجمه ور تفريعا على‬
‫هذا القول‪ .‬وقال القفال‪ :‬ابت داء حيض ها‪ ،‬من وقت االفاق ة‪ .‬ق ال االئم ة‪ :‬ق ول‬
‫القفال‪ :‬ضعيف‪ ،‬الحتمال االفاقة في الحيض‪ .‬وك ذا ق ول الجمه ور ض عيف‪،‬‬
‫الن تع يين أول الهالل تحكم‪ .‬وه ذا مما ض عف به أصل ه ذا الق ول‪ .‬وعلى‬
‫هذا القول‪ :‬في أمرها باالحتياط‪ ،‬في انقضاء الم رد إلى آخر الخمسة عش ر‪،‬‬
‫القوالن في المبتدأة‪ .‬ومتى أطلقنا الشهر في مس ائل المستحاض ات‪ ،‬أردنا به‬
‫ثالثين يوما‪ .‬س واء ك ان ابت داؤه من أول الهالل‪ ،‬أم ال‪ .‬وال نع ني به الش هر‬
‫الهاللي‪ ،‬إال في هذا الموضع‪ .‬وأما قول‬
‫] ‪[ 265‬‬
‫االحتياط وهو المعمول به‪ ،‬وعليه التفريع‪ ،‬فيجب االحتي اط في س تة أش ياء‪.‬‬
‫االول‪ :‬يح رم وطؤها أب دا على الص حيح‪ .‬وقي ل‪ :‬يب اح للض رورة‪ .‬فعلى‬
‫الصحيح‪ ،‬لو وطئ فال كف ارة قطع ا‪ .‬واالس تمتاع بغ ير ال وطئ لها فيه حكم‬
‫الحائض‪ .‬الثاني‪ :‬يحرم عليها‪ ،‬مس المص حف‪ ،‬والق راءة خ ارج الص الة إذا‬
‫حرمناها على الحائض‪ .‬وال تح رم في الص الة الفاتح ة‪ ،‬وال تح رم الس ورة‬
‫أيضا على االصح‪ .‬وحكمها في دخول المسجد‪ ،‬حكم الحائض‪ .‬الث الث‪ :‬يجب‬
‫عليها الص لوات الخمس أب دا‪ ،‬وال تح رم النوافل على االصح وقيل تح رم‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬يح رم غ ير الراتب ة‪ .‬ويج ري الخالف في نفل الص وم‪ ،‬والط واف‪.‬‬
‫ويجب الغسل لكل فريض ة‪ ،‬ويش ترط وقوعه في ال وقت‪ .‬وفي وجه ش اذ‪:‬‬
‫يج وز غس لها قبل ال وقت‪ ،‬إذا انطبق أول الص الة على أول ال وقت وآخر‬
‫الغسل‪ ،‬ويلزمها المب ادرة بالص الة عقب الغسل على وج ه‪ .‬واالصح أنها ال‬
‫تل زم‪ .‬لكن إن أخ رت‪ ،‬لزمها لتلك الص الة وض وء آخر إذا لم نج وز‬
‫للمستحاضة ت أخير الص الة عن الطه ارة‪ .‬الراب ع‪ :‬يجب عليها ص وم جميع‬
‫ش هر رمض ان‪ ،‬ويحسب لها منه خمسة عشر يوما على المنص وص وق ول‬
‫طائفة من االصحاب‪ .‬وأربعة عشر على قول أك ثرهم‪ .‬وت أولوا النص‪ ،‬على‬
‫ما إذا علمت أن دمها كان ينقطع في اللي ل‪ ،‬ف إن نقص الش هر‪ ،‬حصل على‬
‫االول أربعة عش ر‪ ،‬وعلى الث اني ثالثة عش ر‪ ،‬وق ال ص احب (المه ذب)‪:‬‬
‫تحصل أربعة عش ر‪ ،‬ووافقه ص احب (البي ان) وهو غل ط‪ .‬قلت‪ :‬لم يغلط‬
‫ص احب (المه ذب)‪ ،‬بل كالمه محم ول على ش هر ت ام‪ .‬وقد أوض حته في‬
‫ش رح (المه ذب)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما الص لوات الخمس‪ ،‬إذا أدته ا‪ ،‬فوجه ان‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬ال يجب قضاؤها‪ ،‬والص حيح عند الجمه ور‪ ،‬وج وب القض اء (‪.)1‬‬
‫وقطع به بعضهم‪ ،‬فعلى هذا تغتسل في أول وقت الصبح‪ ،‬وتص ليها‪ ،‬ثم بعد‬
‫طل وع الش مس تغتس ل‪ ،‬وتعي دها‪ .‬وال يش ترط الب دار باالع ادة بعد خ روج‬
‫الوقت‪ ،‬بل متى أعادتها‪ ،‬قبل انقضاء خمسة عشر‬

‫] ‪[ 266‬‬
‫يوما من أول الصبح‪ ،‬أجزأها‪ ،‬وال يشترط ت أخير جميع الص الة الثانية عن‬
‫ال وقت‪ .‬بل لو وقع بعض ها في آخر ال وقت‪ ،‬ج از بش رط أن يك ون دون‬
‫تكبيرة‪ ،‬إذا قلنا‪ :‬تلزم الصالة بإدراك تكبيرة‪ .‬أو دون ركعة‪ ،‬إذا قلنا‪ :‬ال تلزم‬
‫إال ب إدراك ركع ة‪ ،‬النه إن ف رض االنقط اع قبل الثاني ة‪ ،‬فقد اغتس لت‪،‬‬
‫وصلتها‪ ،‬واالنقط اع ال يتك رر وإن ف رض في أثنائه ا‪ .‬فال (‪ )1‬شئ عليه ا‪،‬‬
‫ك ذا قاله إم ام الح رمين فلك (‪ )2‬أن تق ول أش كاال‪ .‬الم رة الثاني ة‪ ،‬يتق دمها‬
‫الغسل‪ ،‬فإذا وقع بعضها في ال وقت‪ ،‬والغسل س ابق‪ ،‬ج از أن يقع االنقط اع‬
‫في أثن اء الغس ل‪ ،‬ويك ون الب اقي من وقت الص الة من حينئذ ق در ركعة أو‬
‫تكب يرة‪ ،‬فيجب أن ينظر إلى زمن الغسل س وى الج زء االول من ه‪ .‬وإلى‬
‫الج زء الواقع من الص الة في ال وقت‪ .‬ويق ال‪ :‬إن ك ان ذاك دون ما يل زم به‬
‫الصالة‪ ،‬جاز‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ ،‬وال يقتصر النظر على جزء الص الة‪ .‬ومعل وم أنه‬
‫ال يمكن أن يكون ذلك دون تكبيرة‪ ،‬ويبعد أن يكون دون ركع ة‪ .‬ه ذا الكالم‬
‫في الصبح‪ .‬وأما العصر‪ ،‬والعشاء‪ ،‬فيصليهما مرتين كذلك‪ .‬وأما الظهر‪ ،‬فال‬
‫يكفي وقوعها الم رة الثانية في أول وقت العص ر‪ ،‬وال وق وع المغ رب في‬
‫أول وقت العش اء‪ ،‬الحتم ال انقط اع الحيض في ال وقت المف روض‪ ،‬فيل زم‬
‫الظهر مع العصر‪ ،‬أو المغ رب مع العش اء‪ ،‬فيجب إع ادة الظهر في ال وقت‬
‫الذي يجوز إعادة العصر فيه‪ .‬وهو بعد ذهاب وقت العصر‪ ،‬وتعيد المغ رب‬
‫بعد ذه اب وقت العش اء‪ .‬ثم إذا أع ادت الظهر والعصر بعد المغ رب (‪،)3‬‬
‫نظ ر‪ ،‬إن ق دمتهما على أداء المغ رب‪ ،‬فعليها أن تغتسل للظه ر‪ ،‬وتتوضأ‬
‫للعص ر‪ ،‬وتغتسل للمغ رب‪ .‬وإنما كفى للظهر والعصر غس ل‪ ،‬الن دمها إن‬
‫انقطع قبل الغروب‪ ،‬فقد اغتسلت بعده‪ .‬وإن انقطع بعد الغروب‪ ،‬فليس عليها‬
‫ظهر‪ ،‬وال عصر‪ .‬وإنما لزمها إعادة الغسل للمغرب‪ ،‬الحتمال االنقط اع في‬
‫خالل الظه ر‪ ،‬أو العص ر‪ ،‬أو عقبيهم ا‪ .‬وهك ذا الحكم إذا قضت المغ رب‪،‬‬
‫والعشاء‪ ،‬قبل أداء الصبح بعد طلوع الفجر‪ .‬وحينئذ‪ ،‬تكون مصلية الصلوات‬
‫الخمس مرتين بثمانية أغس ال‪ ،‬ووض وءين‪ .‬وإن أخ رت الظه ر‪ ،‬والعص ر‪،‬‬
‫عن أداء المغرب‪ ،‬اغتسلت للمغ رب‪ ،‬وكفاها ذلك للظهر والعص ر‪ ،‬النه إن‬
‫انقطع حيضها قبل الغروب‪ ،‬لم تعد إلى إتمام‬

‫] ‪[ 267‬‬
‫م دة الطه ر‪ .‬وإن انقطع بع ده‪ ،‬لم يكن عليها ظهر وال عص ر‪ ،‬لكن تتوضأ‬
‫لكل واحدة منهما كسائر المستحاض ات‪ .‬وك ذا الق ول في المغ رب والعش اء‪،‬‬
‫إذا أخرتهما عن الصبح‪ .‬وحينئذ‪ ،‬تكون مصلية الخمس مرتين‪ .‬بالغسل س تا‪،‬‬
‫وبالوضوء أربعا‪ .‬ثم بالطريق الث اني‪ ،‬تخ رج عن عه دة الص لوات الخمس‪.‬‬
‫وأما ب الطريق االول‪ ،‬فقد أخ رت المغ رب والص بح‪ ،‬عن أول وقتهم ا‪،‬‬
‫لتقديمها القضاء عليهما‪ ،‬فتخ رج عن عه دة ما ع داهما‪ ،‬وأما هم ا‪ ،‬فقد ق ال‬
‫في (النهاي ة)‪ :‬إذا أخ رت الص لوات عن أول ال وقت‪ ،‬ح تى مضى ما يسع‬
‫الغسل‪ ،‬فتلك الصالة لم يكف فعلها م رة أخ رى‪ ،‬في آخر ال وقت‪ ،‬أو بع ده‪،‬‬
‫على التصوير السابق‪ .‬الحتمال طهرها في أول الوقت‪ ،‬ثم ح دوث الحيض‪،‬‬
‫فتجب الص الة‪ ،‬وتك ون المرت ان واقع تين في الحيض‪ .‬بل تحت اج إلى فعلها‬
‫م رتين أخ ريين بغس لين‪ .‬ويش ترط أن تك ون إح داهما بعد انقض اء وقت‬
‫الرفاهية‪ .‬والضرورة‪ ،‬قبل تمام خمسة عشر يوما من افتتاح الص الة‪ ،‬الم رة‬
‫االولى‪ .‬وتك ون الثاني ة‪ ،‬في أول الس ادس عش ر‪ ،‬من آخر الص الة‪ ،‬الم رة‬
‫االولى‪ ،‬فتخ رج عن العه دة بيقين‪ .‬ومع ه ذا كل ه‪ ،‬لو اقتص رت على أداء‬
‫الصلوات في أوائل أوقاتها‪ ،‬ولم تقض شيئا‪ ،‬حتى مضت خمسة عشر يوما‪،‬‬
‫أو مضى شهر‪ ،‬لم يجب عليها لكل خمسة عش ر‪ ،‬وإال قض اء ص لوات ي وم‬
‫وليلة‪ .‬الن القضاء ال يجب إال الحتمال االنقطاع‪ ،‬وال يتص ور االنقط اع في‬
‫الخمسة عش ر‪ ،‬إال م رة‪ .‬ويج وز أن يجب به قض اء ص التي جم ع‪ ،‬وهما‬
‫الظهر‪ ،‬والعصر‪ ،‬أو المغرب والعشاء‪ .‬فإذا أشكل الحال‪ ،‬أوجبنا قض اء ي وم‬
‫وليلة‪ ،‬كمن نسي صالة أو صالتين من خمس‪ .‬ولو كانت تصلي في أوس اط‬
‫االوقات‪ ،‬لزمها أن تقضي للخمسة عشر صلوات‪ ،‬يومين وليلتين‪ ،‬لجواز أن‬
‫يط رأ الحيض في وسط ص الة‪ ،‬فيبط ل‪ ،‬وينقطع في وسط أخ رى‪ ،‬فيجب‪.‬‬
‫ويج وز أن يكونا مثلين‪ .‬ومن فاتته ص التان متماثلت ان‪ ،‬لم تع رف عينهم ا‪،‬‬
‫لزمه صلوات يومين وليل تين‪ ،‬بخالف ما إذا ك انت تص لي في أول ال وقت‪،‬‬
‫فإنه لو فرض ابتداء الحيض في أثناء الص الة‪ ،‬لم يجب‪ ،‬النها لم ت درك من‬
‫ال وقت ما يس عها‪ .‬الخ امس‪ :‬إذا أرادت قض اء ص وم ي وم‪ ،‬فأقل ما يحصل‬
‫بصيام ثالثة‪ ،‬فتصوم يوما‪ ،‬وتفطر يوما‪ ،‬وتصوم الث الث‪ ،‬ثم الس ابع عش ر‪.‬‬
‫وال يتعين الثالث‪ ،‬للصوم الثاني‪ .‬وال السابع عشر‪ ،‬للصوم الثالث‪ .‬بل لها أن‬
‫تصوم بدل الثالث‪ ،‬يوما بعده إلى آخر‬

‫] ‪[ 268‬‬
‫الخامس عش ر‪ .‬وب دل الس ابع عش ر‪ ،‬يوما بع ده‪ ،‬إلى آخر تس عة وعش رين‬
‫يوما‪ .‬ولكن الشرط‪ ،‬أن يكون المخلف‪ ،‬من أول الس ادس عش ر‪ ،‬مثل ما بين‬
‫صومها االول‪ ،‬والثاني‪ ،‬أو أقل من ه‪ .‬فلو ص امت االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والث امن‬
‫عش ر‪ ،‬لم يج ز‪ ،‬الن المخلف من أول الس ادس عش ر‪ ،‬يوم ان‪ .‬وليس بين‬
‫الصومين االولين إال ي وم‪ .‬فلو ص امت االول‪ ،‬والراب ع‪ ،‬والث امن عش ر‪ ،‬أو‬
‫الس ابع عش ر‪ ،‬ج از‪ .‬ولو ص امت االول‪ ،‬والخ امس عش ر‪ ،‬فقد تخلل بين‬
‫الص ومين ثالثة عش ر‪ ،‬فلها أن تص وم التاسع والعش رين‪ ،‬ولها أن تص وم‬
‫يوما قبله‪ ،‬غير السادس عشر‪ .‬ولنا وجه شاذ‪ :‬أن يكفيها في صوم الي وم‪ ،‬أن‬
‫تصوم يومين‪ ،‬بينهما أربعة عشر‪ .‬وحكي هذا عن نص الش افعي رحمه هللا‪،‬‬
‫وهو قول من قال‪ :‬يحسب لها من رمض ان‪ ،‬خمسة عش ر‪ .‬وقطع الجم اهير‪:‬‬
‫بأنه ال يكفي اليومان‪ ،‬الحتمال ابتداء الحيض في اليوم االول‪ ،‬وانقطاعه في‬
‫الس ادس عش ر‪ .‬وت أولوا النص‪ ،‬على ما إذا علمت االبت داء واالنقط اع في‬
‫الليل‪ .‬أما إذا أرادت قضاء أكثر من يوم فتض عف ما عليه ا‪ ،‬وتزيد ي ومين‪،‬‬
‫فتصوم نصف الجموع متواليا متى شاءت‪ ،‬وتص وم النصف اآلخر من أول‬
‫الس ادس عش ر‪ .‬ف إذا أرادت ي ومين‪ ،‬ص امت ثالثة متوالية م تى ش اءت‪ .‬ثم‬
‫أفط رت تم ام خمسة عش ر‪ ،‬ثم ص امت الس ادس عش ر‪ ،‬والس ابع عش ر‪،‬‬
‫والثامن عشر‪ .‬وإن أرادت ثالثة‪ ،‬ص امت أربع ة‪ ،‬ثم أربع ة‪ ،‬أولها الس ادس‬
‫عش ر‪ .‬وإن أرادت أربعة عش ر‪ ،‬ص امت الش هر كل ه‪ .‬ولو أنها ص امت ما‬
‫عليها على ال والء م تى ش اءت من غ ير زي ادة‪ ،‬وأعادته من أول الس ابع‬
‫عشر‪ ،‬وصامت بينهما يومين مجتمعين‪ ،‬أو متف رقين‪ ،‬إما متص لين بالص وم‬
‫االول أو الثاني‪ ،‬وإما غير متصلين‪ ،‬لخ رجت عن (‪ )1‬العه دة‪ .‬ه ذا كله في‬
‫قضاء الصوم الذي ال تت ابع في ه‪ ،‬وأما المتت ابع‪ ،‬بن ذر‪ ،‬أو غ يره‪ .‬ف إن ك ان‬
‫قدرا يقع في شهر‪ ،‬صامته (‪ )2‬على الوالء‪ ،‬ثم صامته (‪ )3‬مرة أخ رى من‬
‫السابع عشر‪ .‬مثاله‪ :‬عليها يوم ان متتابع ان‪ .‬تص وم ي ومين‪ ،‬وتص وم الس ابع‬
‫عشر‪ ،‬والثامن عشر‪ ،‬وتصوم بينهما يومين متتابعين‪ .‬فإن كان عليها شهران‬
‫متتابعان‪ ،‬صامت مائة وأربعين يوما متوالية‪ .‬أما إذا أرادت تحص يل ص الة‬
‫فائتة‪ ،‬أو منذورة‪ ،‬فإن كانت‬

‫] ‪[ 269‬‬
‫واح دة‪ ،‬ص لتها بغسل م تى ش اءت ثم أمهلت زمانا يسع الغس ل‪ ،‬وتلك‬
‫الصالة‪ ،‬ثم تعيدها بغسل آخر‪ ،‬بحيث تقع في خمسة عشر‪ ،‬من أول الص الة‬
‫االولى‪ .‬وتمهل من أول السادس عشر قدر االمه ال االول‪ ،‬ثم تعي دها بغسل‬
‫آخر قبل تمام شهر من المرة االولى‪ .‬ويش ترط أن ال ي ؤخر الثالثة عن أول‬
‫الس ادس عشر أك ثر من الزم ان المتخلل بين آخر الم رة االولى‪ ،‬وأول‬
‫الثانية‪ ،‬كما ذكرنا في الص وم‪ .‬وإن أرادت ص لوات‪ .‬فلها طريق ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫أن تنزلها منزلة الصالة الواحدة فتصليها متوالية ثالث مرات كما ذكرنا في‬
‫الواح دة‪ .‬وتغتسل في كل م رة للص الة االولى‪ ،‬وتتوضأ لكل واح دة بع دها‪.‬‬
‫وسواء اتفقت الصلوات‪ ،‬أو اختلفت‪ .‬والطريق الثاني‪ :‬ينظر ما عليه ا‪ ،‬إن لم‬
‫تختلف‪ ،‬ضعفته وزادت صالتين‪ ،‬وصلت نصف الجملة متوالي ا‪ .‬ثم النصف‬
‫اآلخر من أول الس ادس عشر من أول الش روع في النصف االول‪ .‬مثال ه‪:‬‬
‫عليها خمس ص لوات ص بح‪ ،‬تض عفها‪ ،‬وتزيد ص التين‪ ،‬فتص لي س تا م تى‬
‫شاءت‪ ،‬وستا أول الس ادس عش ر‪ .‬وإن ك ان الع دد مختلف ا‪ ،‬ص لت ما عليها‬
‫بأنواعه متواليا م تى ش اءت‪ ،‬ثم ص لت ص التين‪ ،‬من كل ن وع مما عليه ا‪،‬‬
‫بش رط أن يقعا في خمسة عشر يوما من أول الش روع‪ .‬وتمهل من أول‬
‫السادس عشر زمانا يسع الصالة المفتتح بها‪ ،‬ثم تعيد ما عليها‪ ،‬على ترتيب‬
‫فعلها في المرة االولى‪ .‬مثاله‪ :‬عليها ظهران‪ ،‬وثالث أصباح‪ ،‬تصلي الخمس‬
‫متى شاءت‪ ،‬ثم تص لي بع دها في الخمسة عشر ص بحين وظه رين‪ ،‬وتمهل‬
‫من السادس عشر ما يسع ص بحا‪ ،‬ثم تعيد الخمس كما فعلت أوال‪ .‬وفي ه ذا‬
‫الطريق‪ ،‬تفتقر لكل صالة إلى غسل‪ ،‬بخالف الطريق االول‪ .‬وأما الط واف‪،‬‬
‫فكالص الة‪ ،‬واح دا ك ان‪ ،‬أو ع ددا‪ ،‬ويص لي مع كل ط واف ركعتيه ويكفي‬
‫غسل واحد للط واف وركعتيه إن لم ن وجب الركع تين‪ .‬ف إن أوجبناهم ا‪،‬‬
‫فاالصح‪ ،‬أنه يجب وضوء للركعتين بعد الطواف‪ .‬والث اني‪ :‬يجب غسل آخر‬
‫لهما‪ .‬والثالث‪ :‬ال يجب شئ‪ .‬السادس‪ :‬في عدة المتحيرة‪ .‬الصواب‪ :‬الذي عليه‬
‫الجماهير‪ ،‬أن ع دتها‪ ،‬ثالثة أش هر في الح ال (‪ .)1‬وفي وجه ش اذ‪ :‬تقعد إلى‬
‫‪.‬سن اليأس‪ ،‬ثم تعتد باالشهر‬

‫] ‪[ 270‬‬
‫فرع‪ :‬اعلم أن إمام الحرمين مال إلى رد المتحيرة إلى مرد المبتدأة في ق در‬
‫الحيض‪ ،‬وإن لم نجعل الهالل‪ ،‬ابت داء دوره ا‪ .‬ومما استش هد ب ه‪ ،‬مس ألة‬
‫عدتها‪ ،‬فإنها تدل على تقريب أمرها من المبتدأة في عدد الحيض‪ ،‬والطه ر‪.‬‬
‫وهذا توسط بين الق ول الض عيف‪ ،‬واالحتي اط الت ام‪ .‬وفيه تخفيق أمره ا‪ ،‬في‬
‫المحسوب من رمضان‪ ،‬فإن غاية حيضها على هذا‪ ،‬سبعة‪ ،‬يفسد به ثماني ة‪،‬‬
‫فيحصل لها من شهر رمضان الكامل‪ ،‬اثن ان وعش رون يوم ا‪ .‬وك ذا قض اء‬
‫الص وم‪ ،‬والص الة‪ ،‬فيكفيها على ه ذا‪ ،‬إذا أرادت ص وم ي وم‪ ،‬أن تص وم‬
‫يومين‪ ،‬بينهما سبعة‪ .‬لكن الذي عليه الجمهور‪ ،‬ما تق دم‪ .‬قلت‪ :‬قد أتقن االم ام‬
‫ال رافعي رحمه هللا‪ ،‬ب اب المتح يرة ولخص مقاص ده في أوراق قليل ة‪ .‬وقد‬
‫بس طت أنا في ش رح (المه ذب) جميع مس ائله‪ .‬وذك رت في ع دتها طريقة‬
‫أخرى‪ ،‬اختارها الدارمي‪ ،‬فيها إنكار على االصحاب في المذكور هنا‪ .‬وك ذا‬
‫في صومها المتتابع‪ ،‬وكذا في غ ير المتت ابع‪ .‬ومن جملة ذل ك‪ ،‬أن من عليها‬
‫صوم يومين‪ ،‬يحصل لها ذلك بص يام خمسة أي ام‪ .‬فتص وم االول‪ ،‬والث الث‪،‬‬
‫والسابع عشر‪ ،‬والتاسع عشر‪ .‬وتخلي الراب ع‪ ،‬والس ادس عش ر‪ ،‬يبقى بينهما‬
‫أحد عشر يوما‪ .‬تصوم منها يوما‪ ،‬أيها شاءت‪ .‬ثم بسط تفريع ذلك‪ ،‬وتقسيمه‪.‬‬
‫وعلى زوج المتح يرة‪ ،‬نفقته ا‪ .‬وال خي ار له في فسخ نكاحه ا‪ ،‬الن جماعها‬
‫متوقع‪ .‬بخالف الرتقاء‪ .‬وال تصح ص الة ط اهرة خلف متح يرة‪ ،‬وال ص الة‬
‫متحيرة خلف متحيرة على الصحيح‪ .‬وال يلزمها الكفارة بالجم اع‪ ،‬في نه ار‬
‫شهر رمضان على الصحيح‪ ،‬إن قلنا‪ :‬يجب على الم رأة‪ ،‬وال فدية عليها إذا‬
‫أفطرت الرضاع على الصحيح‪ ،‬إن أوجبناها على غيرها‪ .‬وال يصح جمعها‬
‫بين الص التين بالس فر أو المطر في وقت االولى (‪ .)2‬وإذا وجب عليها‬
‫صوم يوم‪ ،‬فشرعت في الصيام على التفصيل المتقدم‪ ،‬فص امت يوما ش كت‬
‫بعد فراغها منه‪ ،‬هل نوت صومه‪ ،‬أم ال ؟ حكم بصحته على الصحيح‪ ،‬النه‬
‫شك بعد الفراغ‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬ال يصح‪ .‬الن هذا‬

‫] ‪[ 271‬‬
‫الص يام‪ ،‬كي وم واح د‪ .‬فص ار كالشك في أثنائ ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الح ال الث اني‪:‬‬
‫للناس ية أن تحفظ زمن عادته ا‪ .‬وض ابطه‪ ،‬أن كل زمن تيقن فيه الحيض‪،‬‬
‫ثبت فيه أحك ام الحيض كله ا‪ .‬وكل زمن تيقن فيه الطه ر‪ ،‬ثبت في حكم‬
‫الطه ر‪ .‬لكن بها ح دث دائم‪ ،‬وكل زمن يحتمل الحيض والطه ر‪ ،‬فهي في‬
‫االستمتاع‪ ،‬كالحائض‪ .‬وفي لزوم العبادات‪ ،‬كالطاهر‪ .‬ثم إن كان ذلك ال زمن‬
‫محتمال لالنقط اع‪ ،‬وجب الغسل لكل فريض ة‪ ،‬ووجب االحتي اط على ما‬
‫يقتضيه الحال‪ .‬فإذا عينت ثالثين يوما‪ ،‬وق الت‪ :‬ك ان حيضي يبت دئ الوله ا‪،‬‬
‫وك ذا كل ثالثين بع دها‪ ،‬في وم وليلة من أول الثالثين حيض بيقين‪ .‬وبع ده‪،‬‬
‫يحتمل الحيض والطهر‪ .‬واالنقطاع إلى آخر الخمسة عش ر‪ ،‬وبع ده إلى آخر‬
‫الش هر‪ ،‬طهر بيقين‪ .‬وك ذا الحكم في كل ثالثين‪ ،‬والم راد بالش هر‪ ،‬في ه ذه‬
‫المس ائل‪ ،‬االي ام ال تي تعينها هي‪ ،‬ال الش هر الهاللي‪ .‬ولو عينت ثالثين‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬أعلم أن الدم كان ينقطع آخر كل شهر‪ ،‬فالنصف االول‪ ،‬طهر بيقين‪.‬‬
‫وبعده‪ ،‬يحتمل الحيض والطهر‪ ،‬دون االنقطاع‪ .‬وليلة الثالثين ويومها حيض‬
‫بيقين‪ .‬ولو ق الت‪ :‬كنت أخلط ش هرا بش هر‪ ،‬أي كنت في آخر كل ش هر‪،‬‬
‫[ وأول ما بع ده حائضا فلحظة من أول كل ش هر ] (‪ )1‬ولحظة من آخ ره‪،‬‬
‫حيض بيقين‪ .‬ولحظة من آخر الخامس عش ر‪ ،‬ولحظة من أول ليلة الس ادس‬
‫عش ر‪ ،‬طهر بيقين‪ .‬وما بين اللحظة من أول الش هر‪ ،‬واللحظة من آخر‬
‫الخ امس عش ر‪ ،‬يحتمل الحيض‪ ،‬والطه ر‪ ،‬واالنقط اع‪ .‬وما بين اللحظة من‬
‫أول ليلة السادس عشر‪ ،‬واللحظة من آخر الش هر‪ ،‬يحتملهما دون االنقط اع‪.‬‬
‫ولو ق الت‪ :‬كنت أخلط ش هرا بش هر طه را‪ ،‬فليس لها حيض بيقين‪ ،‬ولها‬
‫لحظتا طهر بيقين في أول كل ش هر‪ ،‬وآخ ره‪ .‬ثم ق در أقل الحيض بعد‬
‫اللحظتين‪ ،‬ال يمكن فيه االنقطاع‪ ،‬وبعده يحتمل‪ .‬ولو قالت‪ :‬كنت أخلط شهرا‬
‫بشهر حيضا‪ ،‬أو كنت اليوم الخامس حائضا‪ ،‬فلحظة من كل آخر شهر‪ ،‬إلى‬
‫آخر خمسة أي ام من ال ذي بع ده‪ ،‬حيض بيقين‪ ،‬ولحظة من آخر الخ امس‬
‫عشر‪ ،‬إلى آخر العشرين‪ ،‬طهر بيقين‪ ،‬وما بينهما‪ ،‬كما سبق‪ .‬الح ال الث الث‪:‬‬
‫أن تحفظ قدر عادتها‪ .‬وإنما تخرج الحافظة (‪ )2‬عن التحير‬
‫] ‪[ 272‬‬
‫بحفظ ق در ال دور وابتدائ ه‪ ،‬وق در الحيض‪ .‬إذ لو ق الت‪ :‬حيضي خمسة‬
‫وأضللتها في دوري‪ ،‬وال أعرف سوى هذا‪ ،‬فال فائدة في حفظه ا‪ ،‬الحتم ال‬
‫الحيض‪ ،‬والطه ر‪ ،‬واالنقط اع كل زم ان‪ .‬وك ذا لو ق الت‪ :‬حيضي خمس ة‪،‬‬
‫ودوري ثالثون‪ ،‬ال أع رف ابت داءه‪ .‬وك ذا لو ق الت‪ :‬حيضي خمسة وابت داؤه‬
‫يوم ك ذا‪ ،‬وال أع رف ق دره‪ .‬ف إن حفظتهما مع ق در الحيض‪ ،‬فإض اللها بعد‬
‫ذلك يكون الضالل الحيض‪ .‬واالضالل‪ ،‬قد يكون في كل ال دور‪ ،‬وقد يك ون‬
‫في بعضه‪ .‬فإن ك ان في كل ه‪ ،‬فكله يحتمل الحيض والطه ر‪ .‬وق در الحيض‪،‬‬
‫من أول ال دور‪ ،‬ال يحتمل االنقط اع [ وبع ده يحتمله ] (‪ .)1‬مثال ه‪ :‬ق الت‪:‬‬
‫دوري ثالث ون‪ ،‬أولها ك ذا‪ ،‬وحيضي عش رة‪ .‬فعش رة في أوله ا‪ ،‬ال يحتمل‬
‫االنقط اع‪ ،‬والب اقي يحتمل ه‪ ،‬والجمي ع‪ ،‬يحتمل الحيض والطه ر‪ .‬فلو ق الت‪:‬‬
‫حيضي إحدى عشرات الشهر‪ ،‬فهذه كاالولى‪ ،‬إال أن احتمال االنقط اع هن ا‪،‬‬
‫ال يكون إال في آخر كل عشرة‪ .‬ومثال االضالل في بعض ال دور أن تق ول‪:‬‬
‫أضللت عشرة‪ ،‬في عشرين من أول الشهر‪ ،‬فالعش رة االخ يرة‪ ،‬طهر بيقين‪،‬‬
‫والعشرون‪ ،‬تحتمل الحيض والطهر‪ .‬وال يمكن االنقط اع في االولى‪ ،‬ويمكن‬
‫في الثانية‪ .‬ولو قالت‪ :‬أضللت خمسة عشر‪ ،‬في عشرين من االول‪ ،‬فالعش رة‬
‫االخ يرة‪ ،‬طهر بيقين‪ .‬والخمسة الثاني ة‪ ،‬والثالث ة‪ ،‬حيض بيقين‪ .‬ف االولى‪،‬‬
‫تحتمل الحيض والطه ر‪ ،‬دون االنقط اع‪ .‬والرابع ة‪ ،‬تحتمل الجمي ع‪ ،‬ولو‬
‫ق الت‪ :‬حيضي خمس ة‪ .‬وكنت الي وم الث الث عشر ط اهرا‪ ،‬فخمسة من أول‬
‫الدور‪ ،‬تحتمل الحيض والطه ر‪ ،‬دون االنقط اع‪ .‬وما بع ده‪ ،‬تحتمل الجمي ع‪،‬‬
‫إلى آخر الث اني عش ر‪ .‬ثم الث الث عش ر‪ ،‬والرابع عش ر‪ ،‬والخ امس عش ر‪،‬‬
‫طهر بيقين‪ .‬ومن أول الس ادس عش ر‪ ،‬إلى آخر العش رين‪ ،‬تحتمل الحيض‬
‫والطهر دون االنقط اع‪ .‬ومنه إلى آخر الش هر‪ ،‬تحتمل الجمي ع‪ .‬وم تى ك ان‬
‫القدر الذي أضلته‪ ،‬زائ دا على نصف المضل في ه‪ ،‬حصل حيض بيقين‪ ،‬من‬
‫وسطه‪ ،‬وهو الزائد على النصف مع مثله‪ .‬فهذا ض ابطه وقد ذكرنا مثاله في‬
‫‪.‬قولها‪ :‬أضللت خمسة عشر‪ ،‬في عشرين‬

‫] ‪[ 273‬‬
‫الب اب الرابع في التلفيق إذا انقطع دمه ا‪ ،‬ف رأت يوما دم ا‪ ،‬ويوما نق اء‪ .‬أو‬
‫يومين‪ ،‬ويومين‪ .‬فتارة‪ ،‬يجاوز التقطع خمسة عشر‪ ،‬وتارة ال يجاوزه ا‪ .‬ف إن‬
‫لم يجاوزها‪ ،‬فقوالن‪ .‬أظهرهما عند االك ثرين‪ :‬أن الجمي ع‪ ،‬حيض‪ .‬ويس مى‪:‬‬
‫قول السحب‪ .‬والثاني‪ :‬حيضها ال دماء خاص ة‪ .‬وأما النق اء‪ ،‬فطه ر‪ .‬ويس مى‪:‬‬
‫ق ول التلفي ق‪ .‬وعلى ه ذا الق ول‪ :‬إنما نجعل النق اء طه را‪ ،‬في الص وم‪،‬‬
‫والصالة‪ ،‬والغسل ونحوها دون الع دة‪ .‬والطالق فيه ب دعي‪ .‬ثم الق والن‪ :‬إنما‬
‫هما في النق اء الزائد على الف ترة المعت ادة‪ .‬فأما الف ترة المعت ادة بين دفع تي‬
‫الدم‪ ،‬فحيض بال خالف‪ .‬قال إمام الحرمين في الفرق بين الفترة والنق اء‪ :‬دم‬
‫الحيض يجتمع في ال رحم‪ ،‬ثم ال رحم يقط ره ش يئا فش يئا‪ ،‬ف الفترة‪ :‬ما بين‬
‫ظهور دفعة‪ ،‬وانتهاء أخ رى من ال رحم إلى المنف ذ‪ .‬فما زاد على ذل ك‪ ،‬فهو‬
‫النقاء‪ .‬قال ال رافعي‪ :‬وربما ت ردد الن اظر‪ ،‬في أن مطلق الزائ د‪ ،‬هل يخ رج‬
‫عن الف ترة‪ ،‬الن تلك م دة يس يرة ؟ قلت‪ :‬الص حيح المعتمد في الف رق‪ ،‬أن‬
‫الفترة‪ :‬هي الحالة التي ينقطع فيها جريان الدم‪ ،‬ويبقى أثر‪ ،‬بحيث لو أدخلت‬
‫فرجها قطنة‪ ،‬لخرج عليها أثر ال دم من حم رة‪ ،‬أو ص فرة‪ ،‬أو ك درة‪ ،‬فه ذه‬
‫حالة حيض قطعا‪ ،‬ط الت‪ ،‬أم قص رت‪ .‬والنق اء‪ :‬أن يص ير فرجها بحيث لو‬
‫أدخلت القطن ة‪ ،‬لخ رجت بيض اء‪ ،‬فه ذا الض بط‪ ،‬هو ال ذي ض بطه االم ام‬
‫الش افعي رضي هللا عنه (‪ )1‬في (االم) والش يوخ الثالث ة‪ :‬أبو حامد‬
‫االس فراييني‪ ،‬وص احبه القاضي أبو الطيب‪ ،‬وص احبه الش يخ أبو إس حاق‬
‫الشيرازي في تعاليقهم‪ .‬فال مزيد علي ه‪ ،‬وال محيد عن ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وال ف رق‬
‫في جريان القولين بين أن يستوي قدر الدم والنقاء‪ ،‬أو يزيد أحدهما لو رأت‬
‫صفرة‪ ،‬أو كدرة بين سوادين‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنها في غير أيام العادة‪ ،‬ليست حيض ا‪،‬‬
‫فهي كالنق اء‪ .‬وإذا قلنا بالس حب‪ ،‬فش رطه ك ون النق اء محتوشا ب دمين في‬
‫‪.‬الخمسة عشر‪ .‬فإن لم يقع بينهما‪ ،‬فهو طهر بال خالف‬

‫] ‪[ 274‬‬
‫مثاله‪ :‬رأت (الدم) يوما‪ ،‬ويوما‪ ،‬إلى الثالث عشر‪ ،‬ولم يعد الدم في الخ امس‬
‫عش ر‪ ،‬ف الرابع عش ر‪ ،‬والخ امس عش ر‪ ،‬طهر قطع ا‪ ،‬الن النق اء فيهما لم‬
‫يتعقبه دم في الخمسة عش ر‪ .‬ف رع‪ :‬ال دماء المتفرق ة‪ ،‬إن بلغ مجموعها أقل‬
‫الحيض‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن بلغ االول‪ ،‬واآلخ ر‪ ،‬كل منهما أقل الحيض‪ ،‬فعلى‬
‫الق ولين‪ .‬وقي ل‪ :‬النق اء هنا حيض قطعا (‪ .)1‬وإنما الق والن‪ ،‬إذا لم يبلغ كل‬
‫ط رف االق ل‪ .‬وإن لم يبلغ واحد منهما االق ل‪ ،‬ب أن رأت نصف ي وم دم ا‪،‬‬
‫ونصفه نقاء‪ ،‬إلى آخر الخمسة عشر‪ ،‬فثالثة طرق‪ .‬أص حها‪ :‬ط رد الق ولين‪.‬‬
‫فعلى ق ول التلفي ق‪ :‬حيض ها أنص اف ال دم س بعة ونص ف‪ .‬وعلى الس حب‪،‬‬
‫حيضها أربعة عشر ونصف‪ ،‬فإن النصف االخير لم يحتوشه دمان‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫القطع بأن ال حيض أص ال‪ ،‬وكله دم فس اد‪ .‬والث الث‪ :‬أن توس طهما ق در أقل‬
‫الحيض متص ال‪ ،‬فعلى الق ولين‪ ،‬وإال ف الجميع دم فس اد‪ .‬وإن بلغ أح دهما‬
‫االقل‪ ،‬دون اآلخ ر‪ ،‬فثالثة ط رق‪ .‬أص حها‪ :‬ط رد الق ولين‪ .‬والث اني‪ :‬ما بلغه‬
‫حيض‪ ،‬وما س واه‪ ،‬دم فس اد‪ .‬والث الث‪ :‬إن بلغ االول أقل الحيض‪ ،‬ف الجميع‬
‫حيض‪ .‬وإن بلغ اآلخ ر‪ ،‬فهو حيض دون ما س واه‪ .‬ه ذا كله إذا بلغ مجم وع‬
‫الدماء أقل الحيض‪ .‬ف إن لم يبلغ ه‪ ،‬فطريق ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ط رد الق ولين‪ .‬ف إن‬
‫لفقنا‪ ،‬فال حيض‪ ،‬وكذا إن سحبنا‪ ،‬على االصح‪ .‬وعلى الضعيف‪ :‬الدم والنقاء‬
‫كله حيض‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬القطع ب أن ال حيض‪ .‬فحصل في المعت بر من‬
‫الدمين لنجعل ما بينهما حيضا على ق ول الس حب أوج ه‪ .‬أص حهما‪ :‬يش ترط‬
‫بلوغ مجموع الدماء ق در أقل الحيض‪ .‬والث اني‪ :‬يش ترط أن يك ون كل واحد‬
‫من ال دمين ق در أقل الحيض‪ ،‬ح تى لو رأت دما ناقصا عن االق ل‪ ،‬ودمين‬
‫آخرين غير ناقص ين‪ ،‬ف االول‪ :‬دم فس اد‪ ،‬واآلخ ران‪ ،‬وما بينهما من النق اء‪،‬‬
‫حيض‪ .‬والثالث‪ :‬ال يشترط‪ ،‬بل لو كان مجموع الدماء‪ ،‬نصف يوم‪ ،‬أو أق ل‪،‬‬
‫فهي وما بينهما من النق اء حيض‪ ،‬على ق ول التلفيق (‪ .)2‬قاله االنم اطي (‬
‫‪)3.‬‬

‫] ‪[ 275‬‬
‫والراب ع‪ :‬يش ترط بل وغ أولهم ا‪ ،‬وح ده أقل الحيض‪ .‬والخ امس‪ :‬يش ترط أن‬
‫يكون أح دهما أقل الحيض‪ .‬والس ادس‪ :‬يش ترط االقل في االول‪ ،‬أو االخ ير‪،‬‬
‫أو الوسط‪ .‬فرع‪ :‬إذا انقطع دم المبتدأة‪ ،‬فعند انقطاعه وهو ب الغ أقل الحيض‪،‬‬
‫يلزمها على القولين الغس ل‪ ،‬والص الة‪ ،‬والص وم‪ ،‬ولها الط واف‪ ،‬والجم اع‪.‬‬
‫وفي وجه‪ :‬ال يحل الجماع إذا قلنا بالسحب‪ .‬ثم إذا عاد الدم‪ ،‬تركت الص وم‪،‬‬
‫والص الة‪ ،‬والجم اع‪ ،‬وغيره ا‪ .‬وبينا على ق ول الس حب وق وع العب ادات‪،‬‬
‫والجم اع في الحيض‪ .‬لكن ال ت أثم‪ ،‬وتقضي الص وم‪ ،‬والط واف‪ ،‬دون‬
‫الص الة‪ .‬وعلى ق ول التلفي ق‪ :‬ما مض ى‪ ،‬ص حيح‪ ،‬وال قض اء‪ .‬وهك ذا حكم‬
‫االنقط اع الث اني‪ ،‬والث الث‪ ،‬وما بع دهما في الخمسة عش ر‪ .‬وفيه وجه ش اذ‬
‫ضعيف‪ :‬أن ما سوى االنقطاع االول‪ ،‬يبنى على أن الع ادة بم اذا ثبتت‪ .‬ف إذا‬
‫ثبتت‪ ،‬توقفنا في الغسل‪ ،‬وسائر العبادات ارتقابا للع ود‪ .‬وأما الش هر الث اني‪،‬‬
‫وما بع ده‪ ،‬فعلى ق ول التلفي ق‪ :‬ال يختلف الحكم‪ .‬وعلى الس حب‪ ،‬في ال دور‬
‫الثاني‪ ،‬طريقان‪ .‬أصحهما‪ :‬يب نى على الخالف في الع ادة‪ ،‬إن أثبتناها بم رة‪،‬‬
‫فقد عرفنا التقطع بالش هر االول‪ ،‬فال تغتس ل‪ ،‬وال تص لي وال تص وم‪ ،‬حمال‬
‫على ع ود ال دم‪ .‬ف إن لم يع د‪ ،‬ب ان أنها ك انت ط اهرة‪ ،‬فتقضي الص وم‪،‬‬
‫والصالة‪ .‬وإن لم نثبتها بم رة‪ ،‬فحكمها كما مضى في [ الش هر االول وفي ]‬
‫(‪ )1‬الشهر الثالث‪ .‬وما بعده‪ ،‬تثبت العادة بالمرتين السابقتين‪ .‬فال تغتسل عند‬
‫االنقط اع‪ ،‬وال تص لي‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ال تثبت الع ادة إال بثالث م رات‪ ،‬لم يخف‬
‫قياس ه‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬أن التقطع وإن تك رر م رات كث يرة‪ ،‬فحكم الم رة‬
‫االخيرة‪ ،‬حكم االولى‪ .‬قاله أبو زي د‪ .‬قلت‪ :‬قطع ب الطريق الث اني‪ ،‬الش يخ أبو‬
‫حامد‪ ،‬وصاحب (الشامل)‬

‫] ‪[ 276‬‬
‫وغيرهما‪ .‬وهو ظ اهر نصه في (االم) وهو االص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ه ذا كله إذا‬
‫كان االنقطاع بعد بلوغ الدم أقل الحيض‪ ،‬فإن رأت المبتدأة نصف يوم دم ا‪،‬‬
‫وانقط ع‪ ،‬وقلنا بط رد الق ولين‪ ،‬فعلى ق ول الس حب‪ ،‬ال غسل عليها عند‬
‫االنقطاع االول‪ ،‬وتتوضأ وتصلي‪ .‬وفي سائر االنقطاعات إذا بلغ مجموع ما‬
‫سبق دما ونقاء أقل الحيض‪ ،‬صار حكمها ما س بق في الحالة االولى‪ .‬وعلى‬
‫ق ول التلفي ق‪ :‬ال غسل في االنقط اع االول أيضا على االص ح‪ ،‬لش كنا في‬
‫الحيض‪ ،‬وفي سائر االنقطاعات إذا بلغ ما سبق من الدم وحده أقل الحيض‪،‬‬
‫يلزمها الغسل‪ ،‬وقضاء الصوم‪ ،‬والصالة‪ .‬وحكم الدور الثاني‪ ،‬والثالث‪ ،‬على‬
‫الق ولين جميع ا‪ .‬كما ذكرنا في الحالة االولى‪ .‬فصل إذا ج اوز ال دم بص فة‬
‫التلفي ق‪ ،‬الخمسة عش ر‪ ،‬ص ارت مستحاض ة‪ .‬كغيرها إذا ج اوز دمه ا‪ ،‬وال‬
‫ص ائر إلى االلتق اط من جميع الش هر وإن لم ي زد مبلغ ال دم على أك ثر‬
‫الحيض‪ .‬وإذا ص ارت مستحاض ة‪ ،‬ف الفرق بين حيض ها‪ ،‬واستحاض تها‪،‬‬
‫بالرجوع إلى العادة‪ ،‬أو التمييز‪ ،‬كغير ذات التلفيق‪ .‬وقال محمد (‪ )1‬بن بنت‬
‫الش افعي رحمهم هللا تع الى‪ :‬إن اتصل ال دم المج اوز‪ ،‬ب دم الخمسة عش ر‪،‬‬
‫فالحكم ك ذلك‪ .‬وإن انفصل بتخلل نق اء‪ ،‬فالمج اوز استحاض ة‪ .‬وجميع ما في‬
‫الخمسة عشر من الدماء‪ ،‬حيض‪ .‬وفي نقائها‪ ،‬الق والن‪ .‬مث ال المتص ل‪ :‬رأت‬
‫ستة دما‪ ،‬ثم ستة نقاء‪ ،‬ثم ستة دما‪ .‬ومثال غير المتصل‪ :‬رأت يوما‪ ،‬ويوم ا‪،‬‬
‫فالسادس عشر نقاء‪ ،‬هذا قول ابن بنت الشافعي‪ .‬وبه قال أبو بكر المحمودي‬
‫(‪ ،)2‬وغيره‪ .‬والصحيح‪ :‬أنها مستحاضة‬

‫] ‪[ 277‬‬
‫في الجميع‪ ،‬وعليه التفريع‪ .‬فالمستحاضات‪ ،‬خمس‪ .‬االولى‪ :‬المعت ادة الحافظة‬
‫عادتها‪ .‬وهي ضربان‪( :‬الضرب االول) ع ادة ال ينقطع فيه ا‪ .‬والث اني ع ادة‬
‫منقطعة‪ .‬فالتي ال ينقطع لها كل ع ادة‪ ،‬ت رد إليها عند االطب اق‪ .‬والمج اوزة‪،‬‬
‫ترد إليها عند التقطع والمج اوزة‪ .‬ثم على ق ول الس حب‪ :‬كل دم يقع في أي ام‬
‫العادة‪ ،‬وكل نقاء يتخلل دمين فيها‪ ،‬فهو حيض‪ .‬والنقاء الذي ال يتخل ل‪ ،‬ليس‬
‫بحيض‪ .‬وأي ام الع ادة‪ ،‬كالخمسة عشر عند ع دم المج اوزة‪ ،‬فال مع دل عن ه‪.‬‬
‫وعلى ق ول التلفي ق‪ :‬فيما يجعل حيض ا‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ق در عادتها من‬
‫ال دماء الواقعة في الخمسة عش ر‪ .‬ف إن لم تبلغ ال دماء في خمسة عشر ق در‬
‫عادتها‪ ،‬جعل الموجود فيها حيضا‪ .‬والثاني‪ :‬حيض ها ال دماء الواقعة في أي ام‬
‫الع ادة ال غ ير‪ .‬مثال ه‪ :‬ك انت تحيض خمسة متوالية من أول الش هر‪ ،‬فيقطع‬
‫دمها يوما يوما‪ ،‬فعلى السحب‪ :‬حيضها خمسة من أول الدور‪ .‬وعلى التلفيق‪:‬‬
‫من الخمسة عشر‪ ،‬حيضها االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والخ امس‪ ،‬والس ابع‪ ،‬والتاس ع‪.‬‬
‫وعلى التلفيق من الع ادة‪ :‬حيض ها االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والخ امس‪ .‬ولو ك انت‬
‫تحيض س تة‪ ،‬فعلى الس حب‪ :‬حيض ها خمس ة‪ ،‬وس قط الس ادس‪ ،‬النه ليس‬
‫محتوشا ب دمي حيض في أي ام الع ادة‪ .‬وعلى التلفيق من الخمسة عش ر‪:‬‬
‫حيضها أيام الدماء‪ ،‬آخرها الحادي عشر‪ .‬وعلى التلفيق من الع ادة‪ :‬حيض ها‬
‫االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والخ امس‪ .‬ولو انتقلت عادتها بتق دم‪ ،‬أو ت أخر‪ ،‬ثم‬
‫استحيض ت‪ ،‬ع اد الخالف كما ذكرنا في حالة االطب اق‪ .‬وك ذا الخالف فيما‬
‫تثبت به العادة‪ .‬مثال التقدم‪ :‬ك ان عادتها خمسة من ثالثين‪ ،‬ف رأت في بعض‬
‫االشهر يوم الثالثين دما‪ ،‬واليوم الذي بعده نقاء‪ ،‬وهكذا إلى أن انقطع دمها‪،‬‬
‫وجاوز الخمسة عش ر‪ ،‬ق ال أبو إس حاق‪ :‬حيض ها‪ ،‬أيامها القديم ة‪ ،‬وما قبلها‬
‫استحاضة‪ .‬فإن سحبنا‪ ،‬فحيض ها‪ ،‬الي وم الث اني‪ ،‬والث الث‪ ،‬والرابع (‪ .)1‬ق ال‬
‫الجمهور ‪ -‬وهو المذهب ‪ :-‬تنتقل العادة بمرة‪ .‬فإن سحبنا‪ ،‬فحيضها‬

‫] ‪[ 278‬‬
‫خمسة متوالي ة‪ .‬أوله ا‪ :‬الثالث ون‪ .‬وإن لفقنا من الع ادة‪ ،‬فحيض ها الثالث ون‪.‬‬
‫والث اني‪ ،‬والراب ع‪ ،‬إن لفقنا من الخمسة عش ر‪ ،‬ض ممنا إليها الس ادس‪،‬‬
‫والث امن‪ .‬ومث ال الت أخر‪ :‬أن ت رى في بعض االش هر‪ ،‬الي وم االول‪ :‬نق اء‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬دما‪ ،‬واستمر التقطع‪ .‬فعند أبي إسحاق‪ :‬الحكم كما سبق في الصورة‬
‫الس ابقة‪ .‬وعلى الم ذهب‪ :‬إن س حبنا‪ ،‬فحيض ها خمسة متوالي ة‪ ،‬أولها الث اني‪.‬‬
‫وإن لفقنا من العادة‪ ،‬فالثاني‪ ،‬والراب ع‪ ،‬والس ادس‪ .‬وه و‪ :‬إن خ رج عن (‪)1‬‬
‫الع ادة القديم ة‪ ،‬فبالت أخر انتقلت عادته ا‪ ،‬وص ار الث اني‪ :‬أوله ا‪ .‬والس ادس‪:‬‬
‫آخره ا‪ .‬وإن لفقنا من الخمسة عش ر‪ ،‬ض ممنا إليها الث امن‪ ،‬والعاش ر‪ .‬وقد‬
‫ص ار طهرها الس ابق على االستحاضة في ه ذه الص ورة‪ ،‬س تة وعش رين‪.‬‬
‫وفي صورة التقدم‪ ،‬أربعة وعشرين‪ .‬ولو لم يتقدم ال دم في المث ال الم ذكور‪،‬‬
‫وال تأخر‪ ،‬لكن تقطع‪ ،‬هو والنقاء يومين يومين‪ ،‬لم يعد خالف أبي إس حاق‪،‬‬
‫بل مب ني على الق ولين‪ .‬ف إن س حبنا‪ ،‬فحيض ها خمسة متوالي ة‪ .‬والس ادس‬
‫استحاض ة‪ ،‬كال دماء بع ده‪ .‬وإن لفقنا من الع ادة‪ ،‬فحيض ها االول‪ ،‬والث اني‪،‬‬
‫والخ امس‪ .‬وإن لفقنا من الخمس عش ر‪ ،‬ض ممنا إليها الس ادس‪ ،‬والتاس ع‪.‬‬
‫وحكي وجه ش اذ‪ :‬أن الخ امس ال يجعل حيض ا‪ ،‬إذا لفقنا من الع ادة‪ ،‬وال‬
‫التاسع‪ ،‬إذا لفقنا من الخمسة عشر‪ ،‬النهما ضعفا باتصالهما بدم االستحاضة‪.‬‬
‫ويج رى ه ذا الوجه في كل نوبة دم يخ رج بعض ها عن أي ام الع ادة‪ ،‬إن‬
‫اقتصرنا عليها‪ ،‬أو عن الخمسة عشر‪ ،‬إن اعتبرناها‪ .‬هذا بيان حيض ها‪ .‬فأما‬
‫ق در طهرها بع ده‪ ،‬إلى اس تئناف حيضة أخ رى‪ ،‬فينظ ر‪ ،‬إن ك ان التقط ع‪،‬‬
‫بحيث ينطبق ال دم على أول ال دور‪ ،‬فهو ابت داء الحيضة االخ رى‪ .‬وإن لم‬
‫ينطبق‪ ،‬فابتداؤها أق رب ن وب ال دماء إلى ال دور‪ ،‬تق دمت أو ت أخرت‪ ،‬ف إن‬
‫اس تويا في التق دم‪ ،‬والت أخر‪ ،‬فابت داء حيض ها النوبة المت أخرة‪ ،‬ثم قد يتفق‬
‫التق دم والت أخر في بعض أدوار االستحاض ة‪ ،‬دون بعض‪ .‬وطرائق معرفة‬
‫ذلك‪ ،‬أن تأخذ نوبة دم ونق اء‪ ،‬وتطلب ع ددا ص حيحا يحصل من مض روب‬
‫مجموع النوبتين فيه مقدار دورها‪ ،‬فإن وجدته‪ ،‬فاعلم انطباق ال دم على أول‬
‫الدور‪ ،‬وإال‪ ،‬فاضربه في عدد يكون الحاصل منه‪ ،‬أقرب إلى دورها‪ ،‬زائ دا‬
‫كان‪ ،‬أو ناقصا‪ .‬واجعل حيضها الث اني‪ ،‬أق رب ال دماء إلى أول ال دور‪ ،‬ف إن‬
‫استوى‬

‫] ‪[ 279‬‬
‫طرف الزيادة والنقص‪ ،‬فاالعتب ار بالزائ د‪ .‬مثال ه‪ :‬عادتها خمسة من ثالثين‪،‬‬
‫وتقطعا يوما يوما‪ ،‬وجاوز‪ ،‬فنوبة الدم‪ ،‬يوم‪ ،‬ونوبة النقاء‪ ،‬مثله‪ .‬وتجد ع ددا‬
‫إذا ضربت االثنين في ه‪ ،‬بلغ ثالثين‪ ،‬وهو خمسة عش ر‪ ،‬فيعلم انطب اق ال دم‪،‬‬
‫على أول دورها أبدا‪ ،‬ما دام التقطع بهذه الصفة‪ .‬ولو كانت المسألة بحاله ا‪،‬‬
‫وانقطع يومين يومين‪ ،‬فال تجد عددا يحصل من ضرب أربعة‪ ،‬فيه ثالث ون‪.‬‬
‫ف اطلب ما يق رب الحاصل فيه من الض رب في ه‪ ،‬من ثالثين‪ ،‬وهنا ع ددان‪،‬‬
‫س بعة وثماني ة‪ .‬أح دهما‪ :‬يحصل منه ثمانية وعش رون‪ .‬واآلخ ر‪ :‬اثن ان‬
‫وثالثون‪ .‬فاستوى طرفا الزيادة والنقص‪ ،‬فخذ بالزيادة‪ ،‬واجعل أول الحيضة‬
‫االخ رى‪ ،‬الث الث والثالثين‪ .‬وحينئ ذ‪ ،‬يع ود خالف أبي إس حاق‪ ،‬لت أخر‬
‫الحيض‪ ،‬فحيضها عن ده في ال دور الث اني‪ ،‬هو الي وم الث الث‪ ،‬والراب ع‪ ،‬فقط‬
‫على القولين‪ .‬وأما على المذهب‪ ،‬فإن سحبنا‪ ،‬فحيضها خمسة متوالية‪ .‬أولها‪:‬‬
‫الثالث‪ .‬وإن لفقنا من الع ادة‪ ،‬فحيض ها الث الث‪ ،‬والراب ع‪ ،‬والس ابع‪ .‬وإن لفقنا‬
‫من الخمسة عشر‪ ،‬ضممنا إليها الثامن‪ ،‬والحادي عشر‪ .‬ثم في الدور الثالث‪،‬‬
‫ينطبق الدم على أول الدور‪ ،‬فال يبقى خالف أبي إسحاق‪ ،‬ويكون الحكم كما‬
‫ذكرنا في الدور االول‪ .‬وفي الدور الرابع‪ ،‬يت أخر الحيض‪ ،‬ويع ود الخالف‪.‬‬
‫وعلى ه ذا أب دا‪ .‬ولو ك انت المس ألة بحاله ا‪ ،‬ورأت ثالثة أي ام دم ا‪ ،‬وأربعة‬
‫نقاء‪ ،‬فمجموع النوبتين‪ ،‬س بعة‪ .‬وال تجد ع ددا إذا ض ربت الس بعة في ه‪ ،‬بلغ‬
‫ثالثين‪ ،‬فاض ربه في أربع ة‪ ،‬لتبلغ ثمانية وعش رين‪ .‬واجعل أول الحيضة‬
‫الثانية‪ ،‬التاسع والعشرين‪ .‬وقد تقدم الحيض على أول الدور‪ .‬فعلى قياس أبي‬
‫إسحاق ما قبل الدور‪ ،‬استحاض ة‪ ،‬وحيض ها الي وم االول فقط على الق ولين‪.‬‬
‫وقياس المذهب‪ ،‬ال يخفى‪ .‬ولو كانت عادتها ستة من ثالثين‪ ،‬ويقطع الدم في‬
‫بعض االدوار‪ ،‬ستة ستة‪ ،‬وجاوز‪ ،‬ففي الدور االول حيض ها‪ ،‬الس تة االولى‬
‫بال خالف‪ .‬وأما ال دور الث اني‪ ،‬فإنها ت رى س تة من أوله نق اء‪ ،‬وهي أي ام‬
‫العادة‪ .‬فعند أبي إسحاق‪ :‬ال حيض لها في هذا الدور أصال‪ ،‬وعلى الم ذهب‪،‬‬
‫وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬تحيضها الستة الثانية‪ ،‬على قولي السحب والتلفيق جميعا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حيضها الس تة االخ يرة من ال دور االول‪ .‬ويجئ ه ذا الوج ه‪ ،‬حيث‬
‫خال جميع أيام العادة عن الحيض‪ .‬هذا كل ه‪ ،‬إذا لم ينقص ال دم الموج ود في‬
‫زمن العادة عن أقل الحيض‪ .‬فإن نقص‪ ،‬بأن كانت عادتها يوما وليلة‪ ،‬فرأت‬
‫في بعض االدوار يوما دما‪ ،‬وليلة‬

‫] ‪[ 280‬‬
‫نقاء‪ .‬واستحيضت‪ ،‬فثالثة أوجه‪ ،‬على ق ول الس حب‪ :‬االص ح‪ ،‬ال حيض لها‬
‫في هذه الصورة‪ .‬والثاني‪ ،‬تعود إلى ق ول التلفي ق‪ .‬والث الث‪ :‬حيض ها االول‪،‬‬
‫والثاني‪ ،‬والليلة بينهم ا‪ .‬وأما على ق ول التلفي ق‪ ،‬فال حيض لها إن لفقنا على‬
‫الع ادة‪ .‬ف إن لفقنا من الخمسة عش ر‪ :‬حيض ها االول‪ ،‬والث اني‪ ،‬وجعلنا الليلة‬
‫بينهما طهرا‪ .‬قلت‪ :‬قوله‪ :‬ال حيض لها إن لفقنا من العادة‪ ،‬هو االصح‪ .‬وذكر‬
‫االم ام وجها آخر عن المحم ودي‪ :‬أنه تلفق من الخمسة عش ر‪ .‬وادعى في‬
‫(الوسيط) أنه ال طريق غ يره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الض رب الث اني‪ :‬الع ادة المتقطع ة‪.‬‬
‫فإذا استمرت لها عادة متقطعة قبل االستحاض ة‪ ،‬ثم استحيضت مع التقط ع‪،‬‬
‫نظر‪ ،‬إن كان التقطع بعد االستحاضة ك التقطع قبله ا‪ ،‬فمردها ق در حيض ها‬
‫على اختالف القولين‪ .‬مثاله‪ :‬كانت ترى ثالثة دما‪ ،‬وأربعة نقاء‪ ،‬وثالثة دما‪،‬‬
‫وتطهر عشرين‪ ،‬ثم استحيضت‪ ،‬والتقطع على هذه الصفة‪ ،‬فإن سحبنا‪ ،‬ك ان‬
‫حيضها قبل االستحاضة عشرة‪ ،‬وكذا بعدها‪ .‬وإن لفقنا‪ ،‬ك ان حيض ها س تة‪،‬‬
‫بتوسط بين نص فيها أربع ة‪ ،‬وك ذا اآلن‪ .‬ف إن اختلف التقط ع‪ ،‬ب أن تقطع في‬
‫المثال الم ذكور في بعض االدوار يوما يوم ا‪ ،‬ثم استحيض ت‪ ،‬ف إن س حبنا‪،‬‬
‫فحيض ها اآلن تس عة أي ام‪ .‬وإن لفقنا من الع ادة‪ ،‬فحيض ها االول‪ ،‬والث الث‪،‬‬
‫والتاسع‪ ،‬إذ ليس لها (‪ )1‬في أيام حيضها القديم على ه ذا الق ول دم‪ ،‬إال في‬
‫ه ذه الثالث ة‪ .‬وإن لفقنا من الخمسة عش ر‪ ،‬ض ممنا إليها الخ امس‪ ،‬والس ابع‪،‬‬
‫والحادي عشر‪ .‬المستحاضة الثانية‪ :‬المبتدأة‪ :‬قد تقدم أنها تصلي وتصوم عند‬
‫االنقطاع االول‪ .‬وكذا في سائر االنقطاع الواقع في خمسة عشر‪ .‬ف إذا ج اوز‬
‫دمها الخمسة عشر المنقطعة‪ ،‬علمت استحاضتها‪ .‬فإن قلنا‪ :‬ترد المبتدأة‪ ،‬إلى‬
‫يوم وليلة‪ ،‬وكان التقطع يوما يوما فحيضها ي وم وليل ة‪ ،‬والب اقي طه ر‪ .‬وإن‬
‫قلنا‪ :‬ترد إلى ست أو سبع‪ ،‬فإن سحبنا‪ ،‬ورددناها إلى س ت‪ ،‬فحيض ها خمسة‬
‫متوالي ة‪ ،‬الن الس ادس نق اء لم يحتوشه دم ان في الم رد‪ .‬وإن رددناها إلى‬
‫‪،‬سبع‪ ،‬فحيضها سبع متوالية‪ .‬وإن لفقناها من العادة‬

‫] ‪[ 281‬‬
‫ورددناها إلى س ت‪ ،‬فحيض ها االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والخ امس‪ .‬وإن رددناها إلى‬
‫سبع‪ ،‬ضممنا إليها السابع‪ .‬وإن لفقنا من الخمسة عش ر‪ ،‬ورددناها إلى س ت‪،‬‬
‫فحيضها ستة من أيام الدماء‪ .‬وإن رددناها إلى سبع‪ ،‬فحيضها سبعة من أي ام‬
‫الدماء‪ .‬وكل هذا على ما تق دم في المعت ادة‪ .‬وابت داء الحيضة الثاني ة‪ ،‬طريقه‬
‫ما ذكرناه في المعتادة‪ .‬ثم إن صامت‪ ،‬وصلت في أيام النقاء حتى جاوز الدم‬
‫الخمسة عشر‪ ،‬وتركتها في أيام الدم كما أمرناها‪ ،‬قضت صيام أيام ال دم بعد‬
‫الم رد‪ ،‬وص لواتها بال خالف‪ .‬وأما ص لوات أي ام النق اء‪ ،‬فال تقض يها‪ ،‬وال‬
‫تقضي صيامها أيضا إن لفقنا‪ .‬وكذا إن سحبنا على االظهر‪ .‬ويجري القوالن‬
‫في االدوار كلها‪ .‬خرج من هذا‪ ،‬أنا إن حكمنا بالتلفيق‪ ،‬لم تقض من الخمسة‬
‫عشر‪ ،‬إال صلوات سبعة أيام‪ ،‬وصيامها‪ .‬وإن رددنا المبتدأة إلى ي وم وليل ة‪،‬‬
‫وهي أيام ال دم س وى االولى‪ .‬وإن رددناها إلى س ت‪ ،‬أو س بع ف إن لفقنا من‬
‫العادة‪ ،‬وكان الرد إلى ست‪ ،‬قضت صيام خمسة أي ام وص لواتها‪ .‬وإن ردت‬
‫إلى س بع‪ ،‬قضت الص وم والص الة عن أربعة أي ام‪ .‬وإن لفقنا من الخمسة‬
‫عشر‪ ،‬وردت إلى ست‪ ،‬قضتهما عن يومين‪ .‬وإن ردت إلى س بع‪ ،‬فعن ي وم‬
‫واح د‪ .‬وأما إذا س حبنا‪ ،‬ف إن رددناها إلى ي وم‪ ،‬قضت ص لوات س بعة أي ام‪،‬‬
‫وهي أيام ال دماء س وى االول‪ .‬وفي الص وم‪ ،‬ق والن‪ .‬االظه ر‪ :‬تقضي ثمانية‬
‫فقط‪ .‬وهي أيام الدماء‪ .‬والثاني‪ :‬تقضي الخمسة عشر‪ .‬وإن رددناها إلى ست‪،‬‬
‫أو سبع‪ .‬فإن ردت إلى س ت‪ ،‬قضت ص لوات خمسة أي ام‪ .‬وهي أي ام ال دماء‬
‫ال تي لم تصل فيها بعد الم رد‪ .‬ف إن ردت إلى س بع‪ ،‬قضت ص لوات أربعة‬
‫أيام‪ .‬وأما الصوم‪ ،‬فعلى أحد القولين‪ :‬تقضي الخمسة عشر‪ .‬وعلى أظهرهما‪:‬‬
‫إن ردت إلى س ت‪ ،‬قضت ص يام عش رة أي ام‪ ،‬ثمانية منها أي ام ال دماء في‬
‫الخمسة عشر‪ ،‬ويومان نقاء وقعا في الم رد لت بين الحيض فيهم ا‪ .‬وإن ردت‬
‫إلى سبع‪ ،‬قضت صيام أحد عشر يوما‪ .‬المستحاضة الثالثة‪ :‬المبتدأة المم يزة‪.‬‬
‫تمييزها تارة يكون مع وجود شروط التمييز كلها‪ ،‬وت ارة بفقد بعض ها‪ .‬ف إن‬
‫فقد بأن رأت يوما دما أسود‪ ،‬ويوما أحمر‪ ،‬وهكذا إلى آخر الشهر‪ ،‬فقد ف ات‬
‫أحد الشروط‪ .‬وهو عدم مجاوزة القوي خمسة عشر‪ ،‬فلها حكم المبت دأة غ ير‬
‫مميزة‪ ،‬وقد تقدم‪ .‬وإن وج دت ش روط التمي يز كله ا‪ ،‬ف إن س حبنا‪ ،‬فحيض ها‬
‫الدماء القوية في الخمسة عش ر‪ ،‬مع النق اء المتخل ل‪ ،‬أو الض عيف المتخل ل‪.‬‬
‫‪.‬وإن لفقنا‪ ،‬فحيضها القوي دون ما تخلله‬

‫] ‪[ 282‬‬
‫مثاله‪ :‬رأت يوما سوادا‪ ،‬ويوما حمرة‪ ،‬إلى آخر الخمسة عش ر‪ ،‬ثم اس تمرت‬
‫الحمرة وح دها‪ ،‬متص لة‪ ،‬أو منقطع ة‪ ،‬ف إن س حبنا‪ ،‬فحيض ها جميع الخمسة‬
‫عشر‪ .‬وإن لفقنا‪ ،‬فأيام السواد الثمانية‪ .‬المستحاضة الرابعة‪ :‬المميزة المعتادة‪.‬‬
‫وقد تق دم الخالف في المم يزة المعت ادة ال تي ال تقطع في دمه ا‪ ،‬بل ي رجح‬
‫التمي يز‪ ،‬أو الع ادة‪ .‬وحكم ه ذه‪ ،‬حكم تلك بال ف رق‪ ،‬ف أي االم رين قلنا ب ه‪،‬‬
‫صارت كالمنفردة به‪ .‬المستحاضة الخامسة‪ :‬الناسية‪ .‬قد تنسى عادتها من كل‬
‫وج ه‪ ،‬وهي المتح يرة‪ ،‬وقد تنس اها من وجه دون وج ه‪ ،‬كما في حالة‬
‫االطب اق‪ ،‬ف المتحيرة يع ود فيها الق والن في حالة االطب اق‪ ،‬وإن قلن ا‪ :‬هي‬
‫كالمبتدأة‪ ،‬فحكمها ما تقدم في المبتدأة‪ .‬وإن قلنا بالمش هور‪ :‬إنها تحت اط‪ ،‬بنينا‬
‫أمرها على قولي التلفيق‪ .‬فإن س حبنا‪ ،‬احت اطت في أزمنة ال دم‪ ،‬من الوج وه‬
‫المذكورة في حالة االطباق بال فرق‪ .‬وتحتاط في زمن النقاء أيض ا‪ ،‬الن كل‬
‫زمن منه يحتمل الحيض‪ .‬لكن ال تؤمر بالغسل زمن النقاء‪ ،‬وال ت ؤمر أيضا‬
‫فيه بتجديد الوض وء‪ ،‬بل يكفيها لكل نق اء الغسل في أول ه‪ .‬وإن لفقن ا‪ ،‬فعليها‬
‫أن تحت اط في أي ام ال دم‪ ،‬وعند كل انقط اع‪ .‬وأما أزمنة النق اء‪ ،‬فهي ط اهر‬
‫فيها‪ ،‬في الجماع‪ ،‬وسائر االحكام‪ .‬وأما الناسية من وجه دون وج ه‪ ،‬فتحت اط‬
‫على ق ول التلفي ق‪ ،‬مع رعاية ما ت ذكره‪ .‬مثال ه‪ :‬ق الت‪ :‬أض للت خمسة في‬
‫العشرة االولى من الشهر وتقطع الدم والنقاء يوما يوما‪ ،‬واستحيض ت‪ ،‬ف إن‬
‫س حبنا‪ ،‬فالعاشر طه ر‪ ،‬النه نق اء لم يحتوشه دما حيض‪ .‬وال غسل في‬
‫الخمسة االولى‪ ،‬لتعذر االنقطاع‪ .‬ف إذا انقض ت‪ ،‬اغتس لت‪ .‬وال تغتسل بع دها‬
‫في أي ام النق اء‪ .‬وتغتسل في آخر الس ابع‪ ،‬والتاس ع‪ .‬وال تغتسل في أثنائهما‬
‫على الصحيح‪ ،‬وقول الجمه ور‪ .‬وإن لفقنا من الع ادة‪ ،‬ف الحكم ما ذكرنا على‬
‫قول السحب‪ .‬إال أنها ط اهر في أي ام النق اء في كل حكم‪ .‬وإنها تغتسل عقب‬
‫كل نوبة من ن وب ال دم في جميع الم دة‪ .‬وإن لفقنا من الخمسة عش ر‪،‬‬
‫فحيضها خمسة أيام‪ .‬وهي‪ :‬االول‪ ،‬والث الث‪ ،‬والخ امس‪ ،‬والس ابع‪ ،‬والتاس ع‪،‬‬
‫على تق دير انطب اق الحيض على الخمسة االولى‪ .‬وعلى تق دير ت أخره إلى‬
‫الخمسة الثانية‪ ،‬فليس لها في‬
‫] ‪[ 283‬‬
‫الخمسة الثاني ة‪ ،‬إال يوما دم‪ .‬وهم ا‪ :‬الس ابع‪ ،‬والتاس ع‪ ،‬فتضم إليها الح ادي‬
‫عشر‪ ،‬والثالث عشر‪ ،‬والخامس عشر‪ .‬فهي إذا حائض في السابع‪ ،‬والتاسع‪،‬‬
‫لتيقن دخولهما في كل تقدير‪ .‬الباب الخ امس في النف اس أك ثره‪ ،‬س تون يوما‬
‫على المشهور‪ .‬وحكى أبو عيسى الترمذي‪ ،‬عن الش افعي (‪ :)1‬أنه أربع ون‪.‬‬
‫وغالبه‪ :‬أربعون‪ .‬وال حد القل ه‪ ،‬بل يثبت حكم النف اس لما وجدت ه‪ ،‬وإن ق ل‪.‬‬
‫وق ال الم زني‪ :‬أقل ه‪ :‬أربعة أي ام‪ .‬وس واء في حكم النف اس‪ ،‬ك ان الولد كامل‬
‫الخلقة‪ ،‬أو ناقصها‪ ،‬أو حيا أو ميتا ولو ألقت مضغة‪ ،‬أو علقة‪ .‬وقال القوابل‪:‬‬
‫إنه مبتدأ خلق آدمي‪ ،‬فالدم الموجود بعده‪ ،‬نفاس‪ .‬فص ل‪ :‬ما ت راه الحامل من‬
‫الدم على ترتيب أدوارها‪ ،‬فيه قوالن‪ .‬الق ديم‪ :‬أنه دم فس اد‪ .‬والجديد االظه ر‪:‬‬
‫أنه (‪ )2‬حيض‪ .‬وس واء ما ت راه قبل حركة الحمل وبع دها‪ ،‬على الم ذهب‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬القوالن فيما بعد الحركة‪ ،‬فأما قبلها‪ ،‬فحيض قطعا‪ .‬ثم على الق ديم‪ :‬هو‬
‫حدث دائم‪ ،‬كسلس البول‪ .‬وعلى الجديد‪ :‬يحرم فيه الص وم‪ ،‬والص الة‪ .‬وتثبت‬
‫جميع أحكام الحيض‪ ،‬إال أنه ال تنقضي به العدة (‪ .)3‬وال يحرم فيه الطالق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬عدم انقضاء العدة به‪ ،‬متفق عليه إذا ك ان عليها ع دة واح دة لص احب‬
‫الحمل‪ .‬فإن كان (لها) عدتان‪ ،‬ففي انقض اء إح داهما ب الحيض على الحم ل‪،‬‬
‫خالف‪ .‬وتفصيله يأتي في كت اب (الع دة) إن ش اء هللا تع الى‪ .‬وقد نبهت عليه‬
‫‪.‬هنا في شرحي (المهذب) و (التنبيه)‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 284‬‬
‫وعلى الجدي د‪ ،‬إذا رأت ال دم‪ ،‬ثم ول دت بعد خمسة عشر يوم ا‪ ،‬فهو حيض‬
‫قطعا‪ .‬وكذا إن ولدت قبل الخمسة عشر‪ ،‬أو متصال ب آخر ال دم على االصح‬
‫فيهما‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يكون دم فساد‪ ،‬وليس بنفاس بال خالف‪ ،‬الن النفاس‪ ،‬ال‬
‫يسبق الوالدة‪ ،‬بل هو عند الفقه اء‪ :‬ال دم الخ ارج عقب ال والدة‪ .‬وقطع معظم‬
‫االص حاب‪ ،‬ب أن ما يب دو عند الطل ق‪ ،‬ليس بنف اس‪ .‬وق الوا‪ :‬ابت داء النف اس‬
‫يحسب من وقت انفصال الول د‪ ،‬وليس هو حيضا أيضا على الص حيح‪ .‬وفي‬
‫وجه ش اذ‪ :‬أنه نف اس‪ .‬وفي وج ه‪ :‬حيض‪ .‬وأما ال دم الخ ارج مع الول د‪ ،‬ففيه‬
‫أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬أنه كالخ ارج قبل ال والدة‪ .‬والث اني‪ :‬أنه نف اس‪ .‬والث الث‪ :‬أنه‬
‫كالخ ارج بين الت وأمين‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬إنه نف اس‪ ،‬وجب به الغس ل‪ ،‬وبطل به‬
‫الص وم‪ ،‬وإن لم تر بع ده دما أص ال‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ليس بنف اس‪ ،‬لم يجب به‬
‫الغسل‪ ،‬ولم يبطل الصوم‪ .‬فحصل من الخالف المذكور في هذه المسائل‪ ،‬أن‬
‫في ابت داء م دة النف اس‪ ،‬أوجه ا‪ .‬أح دها‪ :‬من وقت ال دم الب ادئ عند الطل ق‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬من الخ ارج مع ظه ور الول د‪ .‬والث الث وهو االص ح‪ :‬من انفص ال‬
‫الولد‪ .‬وحكى إمام الحرمين وجها‪ :‬أنها لو ولدت ولم تر ال دم أيام ا‪ ،‬ثم ظهر‬
‫الدم‪ ،‬فابتداء مدة النفاس‪ ،‬تحسب من وقت خروج الدم‪ ،‬ال من وقت ال والدة‪.‬‬
‫فهذا وجه رابع‪ .‬وموضعه‪ ،‬إذا كانت االيام المتخللة‪ ،‬دون أقل الطهر‪ .‬فصل‪:‬‬
‫في الدم الذي ت راه بين الت وأمين‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ليس بنف اس‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫نف اس‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ليس بنف اس‪ ،‬فق ال االك ثرون‪ :‬يب نى على دم الحام ل‪ .‬ف إن‬
‫جعلن اه حيض ا‪ ،‬فه ذا أولى‪ ،‬وإال‪ ،‬فق والن‪ .‬وفي كالم بعض االص حاب‪ :‬ما‬
‫يقتضي كونه دم فس اد‪ ،‬مع قولن ا‪ :‬الحامل تحيض‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬هو نف اس‪ ،‬فما‬
‫بعد الولد الثاني معه‪ ،‬نفاس واحد‪ ،‬أم نفاسان ؟ وجهان‪ .‬االصح‪ :‬نفاسان‪ .‬وال‬
‫تبالي مجاوزة الدم ستين من الوالدة االولى‪ .‬الث اني‪ :‬نف اس واح د‪ .‬فعلى ه ذا‬
‫إذا زاد الدم على س تين من الولد االول‪ ،‬فهي مستحاض ة‪ .‬ق ال الص يدالني‪:‬‬
‫موضع ال وجهين‪ ،‬إذا ك انت الم دة المتخللة بين ال دمين دون الس تين‪ ،‬ف إن‬
‫بلغت ستين‪ ،‬فالثاني‪ :‬نفاس آخر قطعا‪ .‬وقال الشيخ أبو محمد‪ :‬ال ف رق‪ .‬قلت‪:‬‬
‫االصح‪ ،‬قول الص يدالني‪ .‬ولم يحكه االم ام ال رافعي على وجه ه‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬ق ال الص يدالني‪ :‬اتفق أئمتنا في ه ذه الص ورة‪ ،‬أنها تس تأنف بعد‬
‫الولد‬

‫] ‪[ 285‬‬
‫الثاني نفاسا‪ .‬إذا كان بينهما ستون‪ .‬واختار إمام الحرمين هذا‪ .‬وضعف ق ول‬
‫وال ده أبي محم د‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا ول دت الث اني بعد الس تين‪ ،‬وقلنا باتخ اذ‬
‫النفاس‪ ،‬فما بعده استحاضة‪ .‬ولو سقط عضو من الولد‪ ،‬وباقيه مجتن‪ ،‬ورأت‬
‫بينهما دما‪ ،‬ففي كونه نفاسا‪ ،‬الوجهان في الدم بين التوأمين‪ .‬فصل‪ :‬إذا جاوز‬
‫دم النفساء ستين‪ ،‬فقد اختلط نفاسها باستحاضتها‪ .‬وطريق التمييز بينهم ا‪ ،‬ما‬
‫تقدم في الحيض‪ .‬هذا هو الصحيح المعروف‪ .‬وفي وجه‪ :‬نفاس ها س تون‪ .‬وما‬
‫بعدها استحاضة إلى تمام طهرها المعتاد‪ ،‬أو المردود إليه إن ك انت مبت دأة‪،‬‬
‫وما بعده حيض‪ .‬في وجه ثالث‪ :‬نفاسها‪ ،‬ستون‪ .‬وما بعدها حيض متصل به‪.‬‬
‫واتفق الجمه ور على تض عيف ه ذين ال وجهين‪ ،‬والتفريع على الص حيح‪.‬‬
‫والمستحاضات‪ :‬خمس‪ .‬االولى‪ :‬المعتادة‪ .‬فإن كانت معتادة أربعين مثال‪ ،‬كان‬
‫نفاسها اآلن أربعين‪ .‬ولها في الحيض حاالن‪ .‬أحدهما‪ :‬أن تكون معت ادة في ه‪،‬‬
‫فطهرها بعد االربعين‪ ،‬ق در عادتها في الطه ر‪ ،‬ثم تحيض ق در عادتها في‬
‫الحيض‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن تك ون مبت دأة في ه‪ ،‬فتجعل الق در ال ذي ت رد إليه‬
‫المبت دأة في الطه ر‪ ،‬طه را لها بعد االربعين‪ .‬وال ذي ت رد إليه في الحيض‪،‬‬
‫حيضا لها بع ده‪ .‬ثم الخالف فيما تثبت به الع ادة‪ ،‬وفيما تق دم من الع ادة‬
‫والتمي يز إذا اجتمعا يج ري هنا كما في الحيض‪ .‬ولو ول دت م رارا ولم تر‬
‫دما‪ ،‬ثم ولدت‪ ،‬واستحيضت‪ ،‬لم يكن عدم النفاس ع ادة‪ ،‬بل هي مبت دأة في ه‪،‬‬
‫ك التي لم تلد أص ال‪ .‬المستحاضة الثانية والثالث ة‪ :‬المبت دأة المم يزة‪ ،‬وغ ير‬
‫المميزة‪ .‬أما غير المميزة‪ ،‬ف ترد إلى لحظة على االظه ر‪ .‬وإلى أربعين على‬
‫الثاني‪ .‬هذا هو الم ذهب‪ .‬وفي ق ول غ ريب‪ :‬ت رد إلى س تين‪ .‬وفي وج ه‪ :‬إلى‬
‫اللحظة جزم ا‪ .‬ثم إن ك انت ه ذه النفس اء معت ادة في الحيض حسب لها بعد‬
‫م رد النف اس طهرها ثم حيض ها المعت ادان‪ .‬وإن ك انت مبت دأة في ه‪ ،‬أقمنا‬
‫طهرها ثم حيض ها على ما تقتض يه ح ال المبت دأة‪ .‬وأما المم يزة‪ ،‬ف ترد إلى‬
‫التمييز بشرطه‪ .‬كالحائض‪ ،‬وشرط تمييز‬

‫] ‪[ 286‬‬
‫النفس اء‪ ،‬أن ال يزيد الق وي على س تين يوم ا‪ .‬وال ض بط في أقل ه‪ ،‬وال أقل‬
‫الض عيف‪ .‬المستحاضة الرابع ة‪ :‬المعت ادة المم يزة‪ .‬تق دم حكمها هنا في‬
‫المعتادة‪ .‬المستحاضة الخامسة‪ :‬الناس ية لع ادة نفاس ها‪ ،‬فيها الق والن‪ ،‬كناس ية‬
‫الحيض‪ .‬فعلى قول ترد إلى مرد المبتدأة‪ .‬ورجحه إمام الح رمين هن ا‪ .‬وعلى‬
‫قول‪ :‬تؤمر باالحتياط‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬إن كانت مبتدأة في الحيض أيض ا‪ ،‬وجب‬
‫االحتياط أبدا‪ .‬وكذا‪ ،‬إن كانت معت ادة في الحيض ناس ية عادته ا‪ .‬وإن ك انت‬
‫ذاك رة لع ادة الحيض‪ ،‬فهي كناس ية وقت الحيض‪ ،‬العارفة بق دره‪ .‬وقد س بق‬
‫بيانها‪ .‬فرع‪ :‬إذا انقطع دم النفساء‪ ،‬فله حاالن‪ .‬أح دهما‪ :‬أن ال يج اوز س تين‪،‬‬
‫فينظر‪ ،‬إن لم تبلغ م دة النق اء بين ال دمين أقل الطه ر‪ ،‬ب أن رأت يوما دم ا‪،‬‬
‫ويوما نقاء‪ ،‬فأزمنة ال دم نف اس قطع ا‪ .‬وفي النق اء‪ ،‬الق والن‪ ،‬ك الحيض‪ .‬وإن‬
‫بلغت ه‪ ،‬ب أن رأت عقب ال والدة دما أيام ا‪ ،‬ثم رأت النق اء خمسة عشر‬
‫فصاعدا‪ ،‬ثم عاد الدم‪ ،‬فاالصح‪ ،‬أن العائد دم حيض‪ .‬والثاني‪ :‬أنه نف اس‪ .‬ولو‬
‫ول دت ولم تر ال دم خمسة عشر يوما فص اعدا‪ ،‬ثم رأت ه‪ ،‬فعلى ه ذين‬
‫ال وجهين‪ .‬ف إن جعلن اه حيض ا‪ ،‬فال نف اس لها أص ال‪ .‬وفي ه ذه الص ورة‬
‫االخ يرة‪ :‬لو نقص العائد في الص ورتين عن أقل الحيض‪ ،‬فاالص ح‪ ،‬أنه دم‬
‫فس اد‪ .‬والث اني‪ :‬أنه نف اس‪ ،‬لتع ذر جعله حيض ا‪ .‬ولو زاد العائد على أك ثر‬
‫الحيض‪ ،‬فهي مستحاض ة‪ .‬فينظ ر‪ ،‬أهي معت ادة‪ ،‬أم مبت دأة ؟ ويحكم بما‬
‫تقتضيه الحال‪ .‬وإن جعلنا العائد نفاسا‪ ،‬فمدة النقاء على الق ولين في التلفي ق‪.‬‬
‫إن سحبنا‪ ،‬فنفاس‪ .‬وإن لفقنا‪ ،‬فطهر‪ .‬ه ذا هو الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬هو طهر على‬
‫القولين‪ .‬الحال الثاني‪ :‬أن تجاوز س تين‪ .‬ف إن بلغ زمن النق اء في الس تين أقل‬
‫الطه ر‪ ،‬ثم ج اوز العائ د‪ ،‬فالعائد حيض قطعا (‪ ،)1‬وال يجئ فيه الخالف‬
‫المذكور في الحال االول‪ .‬وإن لم تبلغه‪ ،‬فإن كانت مبت دأة مم يزة‪ ،‬ردت إلى‬
‫التمي يز‪ .‬وإن لم تكن مم يزة‪ ،‬فعلى الق ولين في المبت دأة‪ .‬وإن ك انت معت ادة‪،‬‬
‫ردت إلى العادة‪ .‬وفي‬

‫] ‪[ 287‬‬
‫االحوال يراعى قوال التلفيق‪ .‬فإن سحبنا‪ ،‬فالدماء في أي ام الم رد مع النق اء‪،‬‬
‫نف اس‪ .‬وإن لفقن ا‪ ،‬فتلفق من أي ام الم رد‪ ،‬أم من أي ام الس تين ؟ فيه الخالف‬
‫الم ذكور في الحيض‪ .‬قلت‪ :‬والص فرة‪ ،‬والك درة‪ ،‬في النف اس‪ ،‬كهي في‬
‫الحيض وفاقا وخالف ا‪ ،‬ه ذا هو الم ذهب‪ .‬وبه ص رح الف وراني‪ ،‬والبغ وي‪،‬‬
‫وصاحب (العدة)‪ ،‬وغيرهم‪ .‬وقطع الماوردي‪ :‬بأنها نفاس قطعا‪ ،‬الن ال والدة‬
‫شاهد للنفاس‪ ،‬بخالف الحيض‪ .‬وإذا انقطع دم النفساء‪ ،‬واغتسلت‪ ،‬أو تيممت‬
‫حيث يج وز‪ ،‬فلل زوج وطؤها في الح ال بال كراه ة‪ .‬ح تى ق ال ص احب‬
‫(الشامل) و (البحر)‪ :‬لو رأت الدم بعد الوالدة ساعة‪ ،‬وانقطع‪ ،‬لزمه الغس ل‪،‬‬
‫‪.‬وحل الوطئ‪ .‬فإن خافت عود الدم‪ ،‬استحب له التوقف احتياطا‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 289‬‬
‫كتاب الصالة (‪ )1‬فيه سبعة أبواب‪ .‬الباب االول في الم واقيت (‪ )2‬أما وقت‬
‫الظه ر‪ ،‬في دخل ب الزوال‪ .‬وهو زي ادة في الظل بعد اس تواء الش مس‪ ،‬أو‬
‫حدوثه‪ ،‬إن لم يكن عند االس تواء (‪ )3‬ظ ل‪ .‬وذلك يتص ور في بعض البالد‪،‬‬
‫‪،‬كمكة‬

‫] ‪[ 290‬‬
‫وصنعاء اليمن‪ ،‬في أطول أيام السنة‪ .‬ويخرج وقتها إذا ص ار ظل الش خص‬
‫مثله س وى الظل ال ذي ك ان عند ال زوال‪ ،‬إن ك ان ظ ل‪ ،‬وما بين الط رفين‬
‫وقت اختيار‪ .‬وأما العصر‪ ،‬في دخل وقته ا‪ ،‬بخ روج وقت الظهر بال خالف‪،‬‬
‫ويمتد إلى غ روب الش مس‪ .‬وفي وجه ض عيف قاله االص طخري‪ :‬يخ رج‬
‫وقته ا‪ ،‬إذا ص ار ظل الشئ مثلي ه‪ .‬وعلى الص حيح‪ :‬لها أربعة أوق ات (‪،)1‬‬
‫وقت فض يلة‪ ،‬وهو االول‪ .‬ووقت اختي ار‪ ،‬إلى أن يص ير ظله مثلي ه‪ .‬وبع ده‬
‫جواز بال كراهة‪ ،‬إلى اصفرار الشمس‪ .‬ومن االصفرار‪ ،‬إلى الغروب‪ :‬وقت‬
‫كراهة‪ ،‬يكره تأخيرها إليه‪ .‬وأما المغرب‪ ،‬فيدخل وقتها بغ روب الش مس بال‬
‫خالف (‪ .)2‬واالعتبار بسقوط قرصها‪ ،‬وهو ظاهر في الص حاري‪ .‬وأما في‬
‫العمران‪ ،‬وقلل (‪ )3‬الجبال‪ ،‬فاالعتب ار‪ ،‬ب أن ال ي رى شئ من ش عاعها على‬
‫الجدران‪ ،‬ويقبل الظالم من المشرق‪ .‬وفي آخر وقتها قوالن‪ .‬الق ديم‪ :‬أنه يمتد‬
‫إلى مغيب الش فق‪ .‬والجدي د‪ :‬أنه إذا مضى ق در وض وء وس تر ع ورة (‪،)4‬‬
‫وأذان‪ ،‬وإقامة‪ ،‬وخمس ركعات (‪ ،)5‬انقضى الوقت‪ .‬وما‬

‫] ‪[ 291‬‬
‫ال بد منه من شرائط الصالة‪ ،‬ال يجب تقديمه على ال وقت‪ ،‬فيج وز الت أخير‬
‫بعد الغروب بقدر اشتغاله بها‪ .‬واالعتبار في جميع ذل ك‪ ،‬بالوسط المعت دل (‬
‫‪ .)1‬ويحتمل أيضا أكل لقم يكسر بها ح دة الج وع (‪ .)2‬وفي وج ه‪ :‬ما يمكن‬
‫تقديمه على ال وقت‪ ،‬كالطه ارة‪ ،‬والس ترة‪ ،‬يس قط من االعتب ار‪ .‬وفي وج ه‪:‬‬
‫يعت بر ثالث ركع ات‪ ،‬ال خمس‪ .‬وهما ش اذان‪ ،‬والص واب االول‪ .‬ثم على‬
‫الجديد‪ :‬لو ش رع في المغ رب في ال وقت المض بوط‪ ،‬فهل له اس تدامتها إلى‬
‫انقضاء الوقت ؟ إن قلنا‪ :‬الصالة التي يقع بعضها في الوقت‪ ،‬وبعضها بع ده‬
‫أداء وأنه يجوز تأخيرها إلى أن يخرج عن ال وقت بعض ها‪ ،‬فله ذلك قطع ا‪.‬‬
‫وإن لم نج وز ذلك في س ائر الص لوات‪ ،‬ففي المغ رب وجه ان‪ .‬أص حهما‪:‬‬
‫يج وز م دها إلى مغيب الش فق‪ .‬والث اني‪ :‬منعه كغيرها (‪ .)3‬ثم االظهر من‬
‫القولين‪ ،‬الجدي د‪ .‬واخت ار طائفة من االص حاب‪ ،‬الق ديم‪ ،‬ورجح وه‪ ،‬وعن دهم‬
‫‪.‬المسألة مما يفتى فيه على القديم‬

‫] ‪[ 292‬‬
‫قلت‪ :‬االحاديث الصحيحة (‪ ،)1‬مصرحة بما قاله في القديم‪ ،‬وتأويل بعضها‬
‫متع ذر‪ ،‬فهو الص واب‪ .‬وممن اخت اره من أص حابنا‪ ،‬ابن خزيمة (‪،)2‬‬
‫والخطابي‪ ،‬والبيهقي (‪ ،)3‬والغزالي في (االحي اء) والبغ وي في (الته ذيب)‬
‫وغ يرهم (‪ .)4‬وهللا أعلم‪ .‬وأما العش اء‪ ،‬في دخل وقتها بمغيب الش فق‪ .‬وهو‬
‫الحمرة‪ .‬وق ال الم زني‪ :‬البي اض‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬ي دخل وقتها ب زوال‬
‫الحمرة‪ ،‬والصفرة‪ .‬ق ال‪ :‬والش مس إذا غ ربت‪ ،‬تعقبها حم رة‪ ،‬ثم ت رق ح تى‬
‫تنقلب ص فرة‪ ،‬ثم يبقى البي اض‪ .‬ق ال‪ :‬وبين غ روب الش مس‪ ،‬إلى زوال‬
‫الص فرة‪ ،‬كما بين الص بح الص ادق‪ ،‬وطل وع ق رن الش مس‪ .‬وبين زوال‬
‫الصفرة‪ ،‬إلى انمحاق البي اض‪ ،‬ق ريب مما بين الص بح الص ادق‪ ،‬والك اذب‪.‬‬
‫ه ذا ق ول إم ام الح رمين‪ .‬وال ذي عليه المعظم‪ ،‬وي دل علي ه‪ ،‬نص الش افعي‬
‫رضي هللا عنه‪ :‬أنه الحمرة‪ .‬ثم غ روب الش فق‪ ،‬ظ اهر‪ ،‬في معظم الن واحي‪.‬‬
‫أما الساكنون بناحية تقصر لياليهم‪ ،‬وال يغيب عنهم الشفق‪ ،‬فيصلون‬

‫] ‪[ 293‬‬
‫العشاء إذا مضى من الزمان قدر ما يغيب فيه الشفق في أقرب البالد إليهم‪.‬‬
‫وأما وقت االختيار للعشاء‪ ،‬فيمتد إلى ثلث الليل على االظه ر‪ .‬وإلى نص فه‪،‬‬
‫على الثاني (‪ .)1‬ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني على الص حيح‪.‬‬
‫وقال االصطخري‪ :‬يخرج الوقت بذهاب وقت االختي ار‪ .‬وأما وقت الص بح‪،‬‬
‫في دخل بطل وع الفجر الص ادق‪ .‬ويتم ادى وقت االختي ار‪ ،‬إلى أن يس فر‪.‬‬
‫والجواز إلى طلوع الشمس على الص حيح‪ .‬وعند االص طخري يخ رج وقت‬
‫الج واز باالس فار‪ .‬فعلى الص حيح‪ ،‬للص بح أربعة أوق ات‪ ،‬فض يلة أول ه‪ ،‬ثم‬
‫اختيار إلى االسفار‪ ،‬ثم جواز بال كراهة إلى طلوع الحم رة‪ ،‬ثم كراهة وقت‬
‫طلوع الحم رة إذا لم يكن ع ذر‪ .‬قلت‪ :‬م ذهبنا‪ ،‬وم ذهب جم اهير العلم اء أن‬
‫صالة الصبح من صلوات النهار‪ .‬ويكره أن يقال للمغرب‪ :‬عشاء‪ ،‬وأن يق ال‬
‫للعش اء‪ :‬عتمة (‪ .)2‬واالختي ار‪ .‬أن يق ال للص بح‪ :‬الفج ر‪ ،‬أو الص بح‪ .‬وهما‬
‫أولى من الغ داة‪ .‬وال تق ول‪ :‬الغ داة مك روه‪ .‬ويك ره الن وم قبل العش اء (‪،)3‬‬
‫والحديث بعدها لغ ير ع ذر‪ ،‬إال في خ ير (‪ .)4‬واختلف العلم اء في الص الة‬
‫الوس طى‪ .‬فنص الش افعي رضي هللا عنه (‪ :)5‬أنها الص بح (‪ .)6‬وق ال‬
‫صاحب (الحاوي)‪ :‬نص الشافعي أنها الصبح‪ .‬وصحت االحاديث‪ ،‬أنها‬

‫] ‪[ 294‬‬
‫العصر (‪ .)1‬ومذهبه‪ ،‬إتباع الحديث‪ ،‬فص ار مذهب ه‪ :‬أنها العص ر‪ .‬ق ال‪ :‬وال‬
‫يكون في المس ألة ق والن‪ .‬كما وهم بعض أص حابنا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬تجب‬
‫الصالة بأول الوقت وجوبا موسعا (‪ ،)2‬بمعنى أنه ال يأثم‬
‫] ‪[ 295‬‬
‫بتأخيرها إلى آخ ره‪ .‬فلو أخرها من غ ير ع ذر‪ ،‬فم ات في أثن اء ال وقت‪ ،‬لم‬
‫ي أثم بتأخيرها على االص ح‪ ،‬بخالف الحج (‪ .)1‬ولو وقع بعض الص الة في‬
‫ال وقت‪ ،‬وبعض ها خ ارج ال وقت‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك ان الواقع في ال وقت ركعة‬
‫فصاعدا‪ ،‬فاالصح‪ :‬أن جميع الصالة أداء‪ .‬والثاني‪ :‬جميعها قض اء‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫ما في ال وقت أداء‪ ،‬وما بع ده قض اء‪ .‬وإن ك ان الواقع في ال وقت أقل من‬
‫ركعة‪ ،‬فالمذهب الجزم بأن الجميع قضاء‪ .‬وقي ل‪ :‬هو كالركع ة‪ .‬وحيث قلن ا‪:‬‬
‫الجميع قضاء‪ ،‬أو الخارج‪ ،‬لم يجز للمسافر قصر تلك الصالة على قولنا‪ :‬ال‬
‫يجوز قصر المقض ية‪ .‬ولو أراد ت أخير الص الة إلى حد يخ رج بعض ها عن‬
‫ال وقت‪ ،‬إن قلن ا‪ :‬كلها قض اء‪ ،‬أو البعض‪ ،‬لم يجز قطع ا‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬الجميع‬
‫أداء‪ ،‬لم يجز أيضا على المذهب‪ .‬وفيه ترديد ج واب للش يخ أبي محم د‪ .‬ولو‬
‫شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها‪ ،‬فمدها بتطويل الق راءة ح تى‬
‫خرج الوقت‪ ،‬لم يأثم قطعا‪ .‬وال يكره على االصح‪ .‬قلت‪ :‬وفي تعليق القاضي‬
‫حس ين‪ ،‬وج ه‪ :‬أنه ي أثم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬تعجيل الص الة في أول ال وقت‬
‫أفضل‪ ،‬وفيما يحصل به فض يلة أول ه‪ ،‬أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬يحصل ب أن يش تغل‬
‫أول دخ ول ال وقت بأس باب الص الة‪ ،‬كالطه ارة‪ ،‬واالذان‪ ،‬وغيرهم ا‪ ،‬ثم‬
‫يصلي‪ .‬وال يشترط على هذا تقديم ستر الع ورة‪ ،‬على االص ح‪ .‬وش رطه أبو‬
‫محمد‪ .‬وال يضر الشغل الخفيف‪ ،‬كأكل لقم‪ ،‬وكالم قص ير‪ .‬وال يكلف العجلة‬
‫على خالف العادة‪ .‬والوجه الثاني‪ :‬يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت‪ .‬كذا‬
‫أطلقه جماعة‪ .‬وقال آخ رون‪ :‬إلى نصف وقت االختي ار‪ .‬والث الث‪ :‬ال يحصل‬
‫إال إذا ق دم قبل ال وقت ما يمكنه تقديمه من االس باب‪ ،‬لتنطبق الص الة على‬
‫أول‬

‫] ‪[ 296‬‬
‫ال وقت‪ .‬وعلى ه ذا قي ل‪ :‬ال ين ال الم تيمم فض يلة االولي ة‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الوجه‬
‫الث الث‪ ،‬غلط ص ريح‪ .‬مخ الف للس نة المستفيضة عن رس ول هللا (ص)‪.‬‬
‫والص واب‪ :‬االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وه ذا الم ذكور من فض يلة التعجي ل‪ ،‬هو في‬
‫الص بح‪ ،‬والعص ر‪ ،‬والمغ رب‪ ،‬على االطالق‪ .‬وأما العش اء‪ ،‬فتعجيلها أيضا‬
‫أفضل على االظه ر‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬تأخيرها أفض ل‪ ،‬ما لم يج اوز وقت‬
‫االختيار‪ ،‬وأما الظهر‪ ،‬فيستحب فيها التعجيل‪ ،‬في غير شدة الحر بال خالف‬
‫(‪ .)1‬وفي شدة الحر‪ ،‬يس تحب االب راد على الص حيح المع روف‪ .‬وفيه وجه‬
‫شاذ‪ :‬أن االبراد رخصة‪ .‬وأنه لو تحمل المشقة‪ ،‬وصلى في أول الوقت‪ ،‬كان‬
‫أفضل‪ .‬والصواب‪ :‬أن االبراد س نة‪ .‬وه و‪ :‬أن ي ؤخر إقامة الجماعة عن أول‬
‫الوقت في المسجد (‪ )2‬ال ذي يأتيه الن اس من بع د‪ ،‬بق در ما يقطع للحيط ان‬
‫ظل يمشي فيه طالب الجماعة‪ .‬وال يؤخر عن النصف االول من الوقت‪ .‬فلو‬
‫قربت منازلهم من المسجد‪ ،‬أو حضر جماعة في موضع ال ي أتيهم غ يرهم‪،‬‬
‫ال ي بردون على االظه ر‪ .‬وك ذا لو أمكنه المشي إلى المس جد في ظ ل‪ ،‬أو‬
‫ص لى في بيته منف ردا فال إب راد على االص ح‪ .‬ويختص باس تحباب االب راد‬
‫ب البالد الح ارة على االصح المنص وص‪ ،‬وال تلحق الجمعة ب الظهر‪ ،‬في‬
‫االبراد على االصح‪ .‬فصل‪ :‬إذا اش تبه عليه وقت ص الة‪ ،‬لغيم‪ ،‬أو حبس في‬
‫مظلم‪ ،‬أو غيرهم ا‪ ،‬اجتهد في ه‪ ،‬واس تدل بال درس‪ ،‬واالعم ال‪ ،‬واالوراد‪،‬‬
‫وشبهها‪ .‬ومن االمارات‪ ،‬صياح الديك المجرب إصابة صياحه الوقت‪ .‬وك ذا‬
‫أذان الم ؤذنين في ي وم الغيم إذا ك ثروا‪ ،‬وغلب على الظن ‪ -‬لك ثرتهم ‪ -‬أنهم‬
‫ال يخط ؤون‪ .‬واالعمى يجتهد في ال وقت كالبص ير‪ .‬وإنما يجته دان‪ ،‬إذا لم‬
‫يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن‬

‫] ‪[ 297‬‬
‫مشاهدة‪ .‬فلو ق ال‪ :‬رأيت الفجر طالع ا‪ ،‬أو الش فق غارب ا‪ ،‬لم يجز االجته اد‪،‬‬
‫ووجب قب ول قول ه‪ .‬ف إن أخ بر عن اجته اد‪ ،‬لم يجز للبص ير الق ادر على‬
‫االجتهاد تقليده‪ .‬ويجوز لالعمى على االصح‪ .‬والمؤذن الثقة العالم بالمواقيت‬
‫في ي وم الص حو‪ ،‬ك المخبر عن مش اهدة‪ .‬وفي الغيم‪ ،‬كالمجته د‪ .‬وحكى في‬
‫(التهذيب) وجهين في تقليد المؤذن‪ ،‬من غ ير ف رق بين البص ير‪ ،‬واالعمى‪.‬‬
‫وق ال‪ :‬االص ح‪ :‬الج واز‪ .‬وذهب إليه ابن س ريج‪ .‬والتفص يل المتق دم‪ ،‬أق رب‪.‬‬
‫واختاره الروي اني‪ ،‬وغ يره‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ ،‬ما ص ححه ص احب (الته ذيب)‪.‬‬
‫وقد نقله عن نص الشافعي‪ ،‬وبه قال الشيخ أبو حامد‪ .‬وصححه البن دنيجي (‬
‫‪ ،)1‬وصاحب (العدة) وغيرهم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وحيث لزم االجته اد‪ ،‬فص لى بال‬
‫اجتهاد‪ ،‬وجبت االعادة وإن صادف الوقت‪ .‬وإذا لم تكن داللة‪ ،‬أو كانت‪ ،‬فلم‬
‫يغلب على ظنه ش ئ‪ ،‬ص بر إلى أن يغلب على قلبه دخ ول ال وقت‪.‬‬
‫واالحتياط‪ :‬أن يؤخر إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر‪ ،‬خرج ال وقت‪ .‬ولو‬
‫قدر على الصبر إلى استيقان دخول ال وقت‪ ،‬ج از االجته اد على الص حيح‪،‬‬
‫ك االواني‪ .‬قلت‪ :‬لو علم المنجم دخ ول ال وقت بالحس اب‪ .‬حكى ص احب‬
‫(البي ان)‪ :‬أن الم ذهب‪ :‬أنه يعمل به بنفس ه‪ ،‬وال يعمل به غ يره‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فرع‪ :‬حيث جاز االجتهاد‪ ،‬فصلى به‪ ،‬إن لم يتبين الحال‪ ،‬فال شئ عليه‪ .‬وإن‬
‫بان وقوع ص الته في ال وقت أو بع ده‪ ،‬فال قض اء علي ه‪ .‬لكن الواقعة بع ده‪،‬‬
‫قضاء على االصح‪ .‬فلو كان مسافرا‪ ،‬وقصرها‪ ،‬وجب إعادتها تامة‪ .‬إذا قلنا‪:‬‬
‫ال يج وز قصر القض اء‪ .‬وإن ب ان وقوعها قبل ال وقت‪ ،‬وأدرك ه‪ ،‬وجبت‬
‫االعادة‪ .‬وإال‪ ،‬فق والن‪ .‬المش هور‪ :‬وجوبه ا‪ ،‬ومثل ه ذا الخالف‪ ،‬والتفص يل‪،‬‬
‫‪.‬يجري فيمن اشتبه عليه شهر رمضان‬

‫] ‪[ 298‬‬
‫قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬لو أخبره ثقة‪ ،‬أن ص الته وقعت قبل ال وقت‪ ،‬إن أخ بره‬
‫عن علم ومشاهدة‪ ،‬وجبت االع ادة‪ ،‬وإن أخ بره عن اجته اد‪ ،‬فال‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فصل في وقت أصحاب االسباب المانعة من وجوب الص الة‪ :‬وهي‪ :‬الص با‪،‬‬
‫والكفر‪ ،‬والجنون‪ ،‬واالغماء‪ ،‬والحيض‪ ،‬والنف اس‪ .‬ولها ثالثة أح وال‪ .‬االول‪:‬‬
‫أن توجد في أول ال وقت‪ ،‬ويخلو عنها آخ ره‪ ،‬ب أن تطهر عن حيض‪ ،‬أو‬
‫نفاس في آخر الوقت‪ ،‬فينظر‪ ،‬إن بقي من الوقت ق در ركع ة‪ ،‬لزمها ف رض‬
‫الوقت‪ .‬والمعتبر في الركعة‪ ،‬أخف ما يقدر عليه أح د‪ .‬وش رط الوج وب‪ :‬أن‬
‫تمتد السالمة من المانع قدر إمكان الطه ارة‪ ،‬وتلك الص الة‪ .‬ف إن ع اد م انع‬
‫قبل ذلك‪ ،‬لم يجب‪ .‬مثاله‪ :‬بلغ الصبي في آخر وقت العصر‪ ،‬ثم جن‪ ،‬أو أفاق‬
‫المجن ون‪ ،‬ثم ع اد جنون ه‪ ،‬أو طه رت‪ .‬ثم جنت‪ ،‬أو أف اقت مجنون ة‪ ،‬ثم‬
‫حاضت‪ ،‬فإن مضى في حال السالمة ما يسع طهارة وأربع ركعات‪ ،‬وجبت‬
‫العصر‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬هذا إذا كان الباقي من الوقت قدر ركع ة‪ .‬ف إن ك ان ق در‬
‫تكبيرة‪ ،‬أو فوقها دون ركعة‪ ،‬ففي وجوب الفرض‪ ،‬قوالن‪ .‬االظهر‪ :‬الوجوب‬
‫بالشرط المتقدم في الركع ة‪ .‬ويس توي في الوج وب‪ ،‬ب إدراك الركع ة‪ ،‬أو ما‬
‫دونها‪ ،‬جميع الص لوات‪ .‬ف إن ك انت المدركة ص بحا‪ ،‬أو ظه را‪ ،‬أو مغرب ا‪،‬‬
‫قصر الوج وب عليه ا‪ .‬وإن ك انت عص را‪ ،‬أو عش اء‪ ،‬وجب مع العصر‬
‫الظهر‪ ،‬ومع العشاء المغرب‪ .‬وبماذا يجب الظهر ؟ ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬يجب‬
‫بما يجب به العصر‪ .‬وهو ركعة قبل الغروب على قول‪ ،‬وتكبيرة على قول‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ال يجب إال ب إدراك أربع ركع ات زائ دة على ما يجب به العص ر‪،‬‬
‫وتكون االربع للظهر‪ ،‬والركعة أو التكب يرة للعص ر‪ ،‬على الص حيح‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫االربع للعصر‪ .‬والركع ة‪ ،‬أو التكب يرة‪ ،‬للظه ر‪ .‬وتظهر فائ دة ال وجهين‪ ،‬في‬
‫المغ رب مع العش اء‪ ،‬ف إن المغ رب معه ا‪ ،‬ك الظهر مع العص ر‪ .‬ف إن قلن ا‪:‬‬
‫باالظهر‪ ،‬وجبت المغرب بما تجب العشاء‪ .‬وإن قلنا‪ :‬بالثاني‪ .‬وقلنا‪ :‬الركعات‬
‫االربع الزائ دة للظه ر‪ ،‬اعتبرنا هنا ثالث ركع ات للمغ رب‪ ،‬مع ما تل زم به‬
‫العشاء‪ .‬وإن قلنا‪ :‬االربع للعصر‪ ،‬اعتبرنا أربعا للعشاء‪ .‬وهل يعتبر مع القدر‬
‫المذكور للزوم الصالة الواحدة‪ ،‬أو صالتي الظهر‬
‫] ‪[ 299‬‬
‫والعصر والمغرب‪ ،‬والعشاء‪ ،‬إدراك زمن الطهارة ؟ ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال‪.‬‬
‫وإذا جمعت (‪ )1‬االق وال‪ ،‬حصل فيما يل زم به كل ص الة من إدراك آخر‬
‫وقته ا‪ ،‬أربعة أق وال‪ .‬أظهره ا‪ :‬ق در تكب يرة‪ .‬والث اني‪ :‬تكب يرة‪ ،‬وطه ارة‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬ركعة‪ .‬والرابع‪ :‬ركعة وطهارة‪ .‬وفيما يلزم به الظه ر‪ ،‬مع العص ر‪،‬‬
‫ثمانية أقوال‪ .‬هذه االربعة‪ .‬والخامس‪ :‬قدر أربع ركعات وتكب يرة‪ .‬والس ادس‪:‬‬
‫ه ذا‪ ،‬وزمن طه ارة‪ .‬والس ابع‪ :‬ق در خمس ركع ات‪ .‬والث امن‪ :‬ه ذا‪ ،‬وزمن‬
‫طه ارة‪ .‬وفيما يل زم المغ رب‪ ،‬مع العش اء‪ ،‬اثنا عشر ق وال‪ ،‬ه ذه الثماني ة‪.‬‬
‫والتاس ع‪ :‬ثالث ركع ات وتكب يرة‪ .‬والعاش ر‪ :‬ه ذا وزمن طه ارة‪ .‬والح ادي‬
‫عش ر‪ :‬أربع ركع ات‪ .‬والث اني عش ر‪ :‬ه ذا وزمن طه ارة‪ .‬ف رع‪ :‬جميع ما‬
‫ذكرناه‪ ،‬هو فيما إذا ك ان زوال الع ذر قبل أداء ص الة ال وقت‪ .‬وه ذا يك ون‬
‫ح ال من س وى الص بي‪ ،‬من أص حاب االس باب‪ ،‬فإنها كما تمنع الوج وب‪،‬‬
‫تمنع الص حة‪ .‬وأما الص بي إذا ص لى وظيفة ال وقت‪ ،‬ثم بلغ قبل خ روج‬
‫ال وقت‪ ،‬فيس تحب له أن يعي دها‪ .‬وال تجب االع ادة على الص حيح‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫تجب‪ .‬قاله ابن س ريج‪ :‬س واء قل الب اقي من ال وقت‪ ،‬أم ك ثر‪ .‬والث الث‪ :‬قاله‬
‫االص طخري‪ :‬إن بل غ‪ ،‬وقد بقي من ال وقت ما يسع تلك الص الة‪ ،‬وجبت‬
‫االعادة‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬أما إذا بلغ بالسن في أثنائه ا‪ ،‬فالص حيح‪ ،‬وظ اهر النص‪،‬‬
‫وما عليه الجمهور‪ :‬أنه يجب إتمامه ا‪ ،‬ويس تحب االع ادة‪ .‬والث اني‪ :‬يس تحب‬
‫االتمام‪ ،‬وتجب االعادة‪ .‬والثالث قاله االص طخري‪ :‬إن بقي ما يسع الص الة‪،‬‬
‫وجبت االعادة‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬هذا كله في غير الجمعة‪ .‬أما إذا صلى الظهر ي وم‬
‫الجمعة‪ ،‬ثم بلغ‪ ،‬وأمكنته الجمعة‪ .‬فإن قلنا‪ :‬في سائر الصلوات‪ ،‬تجب االعادة‬
‫(‪ ،)2‬وجبت الجمع ة‪ .‬وإال‪ ،‬فالص حيح‪ :‬أنها ال تجب‪ ،‬كالمس افر‪ ،‬والعبد إذا‬
‫صليا الظهر‪ ،‬ثم زال عذرهما‪ ،‬وأمكنتهما الجمع ة‪ ،‬ال تلزمهما قطع ا‪ .‬الح ال‬
‫الث اني‪ :‬أن يخلو أول ال وقت من االع ذار الم ذكورة‪ ،‬ثم يط رأ ما يمكن أن‬
‫يط رأ‪ ،‬وهو الحيض‪ ،‬والنف اس‪ ،‬والجن ون‪ ،‬واالغم اء‪ ،‬وال يتص ور طري ان‬
‫الكفر المسقط لالع ادة‪ .‬ف إذا حاضت في أثن اء ال وقت‪ ،‬قبل أن تص لي‪ ،‬نظر‬
‫في القدر‬

‫] ‪[ 300‬‬
‫الماضي من ال وقت‪ .‬إن ك ان ق درا يسع تلك الص الة‪ ،‬وجب القض اء‪ ،‬إذا‬
‫طه رت على الم ذهب‪ .‬وخ رج ابن س ريج ق وال‪ :‬أنه ال يجب إال إذا أدركت‬
‫جميع الوقت‪ .‬ثم على المذهب المعت بر‪ :‬أخف ما يمكن من الص الة‪ .‬ح تى لو‬
‫طولت صالتها‪ ،‬فحاضت فيه ا‪ ،‬وقد مضى من ال وقت ما يس عها لو خفقه ا‪،‬‬
‫وجب القضاء‪ .‬ولو كان الرجل مس افرا‪ ،‬فط رأ عليه جن ون‪ ،‬أو إغم اء‪ ،‬بعد‬
‫ما مضى من وقت الصالة المقصورة ما يسع ركعتين‪ ،‬لزمه قض اؤها‪ ،‬النه‬
‫لو قصر‪ ،‬يمكنه أداؤه ا‪ .‬وال يعت بر مع إمك ان فعله ا‪ ،‬إمك ان الطه ارة‪ ،‬النه‬
‫يمكن تق ديمها قبل ال وقت‪ ،‬إال إذا لم يجز تق ديم طه ارة ص احب الواقع ة‪.‬‬
‫كالمتيمم‪ ،‬والمستحاض ة‪ .‬قلت‪ :‬ذكر في (التتم ة) في اش تراط زمن الطه ارة‪،‬‬
‫لمن يمكنه تقديمها‪ ،‬وجهين‪ ،‬وهما كالخالف في آخر ال وقت‪ .‬وال ف رق‪ ،‬فإنه‬
‫وإن أمكن التق ديم‪ ،‬فال يجب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما إذا ك ان الماضي من ال وقت ال‬
‫يسع تلك الصالة‪ ،‬فال يجب على المذهب‪ .‬وبه قطع الجماهير‪ .‬وقال أبويحيى‬
‫البلخي‪ ،‬وغ يره من أص حابنا‪ :‬حكم أول ال وقت‪ ،‬حكم آخ ره‪ .‬فيجب القض اء‬
‫بإدراك ركعة‪ ،‬أو تكبيرة على االظهر‪ .‬وغلطه االص حاب‪ .‬أما العص ر‪ ،‬فال‬
‫يجب بإدراك الظه ر‪ ،‬وال العش اء‪ ،‬ب إدراك المغ رب‪ .‬ولو أدرك جميع وقتها‬
‫على الص حيح ال ذي عليه الجم اهير‪ .‬وق ال البلخي (‪ )1‬إذا أدرك من وقت‬
‫الظهر ثماني ركعات‪ ،‬ثم طرأ العذر‪ ،‬لزمه الظهر والعصر جميعا‪ .‬كما يلزم‬
‫االولى‪ ،‬بإدراك الثانية‪ ،‬وهو غلط‪ ،‬الن وقت الظهر‪ ،‬ال يص لح للعص ر‪ ،‬إال‬
‫إذا ص ليت الظهر جمع ا‪ .‬واعلم أن الحكم بوج وب الص الة‪ ،‬إذا أدرك من‬
‫وقتها ما يس عها‪ ،‬ال يختص بأول ه‪ .‬بل لو ك ان الم درك من وس طه‪ ،‬ل زمت‬
‫الصالة‪ .‬مثل أن أفاق المجنون في أثناء الوقت‪ ،‬وع اد جنونه في ال وقت‪ ،‬أو‬
‫بلغ صبي‪ ،‬ثم جن‪ ،‬أو أفاقت مجنونة‪ ،‬ثم‬

‫] ‪[ 301‬‬
‫حاضت‪ .‬وقد تلزم الظهر بإدراك أول وقت العص ر‪ ،‬كما تل زم ب آخره‪ ،‬ب أن‬
‫أفاق مغمى علي ه‪ ،‬بعد أن مضى من وقت العصر ما يسع الظهر والعص ر‪.‬‬
‫فإن كان مقيما‪ ،‬فالمعتبر قدر ثمان ركع ات‪ .‬وإن ك ان مس افرا يقص ر‪ ،‬كف اه‬
‫ق در أرب ع‪ .‬وتق اس المغ رب مع العش اء في جميع ما ذكرن اه‪ ،‬ب الظهر مع‬
‫العص ر‪ .‬الح ال الث الث‪ :‬أن يعم الس بب جميع وقت الرفاهي ة‪ ،‬ووقت‬
‫الضرورة‪ ،‬وهو الوقت ال ذي يج وز فيه الجم ع‪ .‬أما الحيض‪ ،‬والنف اس‪ .‬فإنه‬
‫يمنع وج وب الص الة‪ ،‬وجوازه ا‪ ،‬وال قض اء‪ .‬وأما الك افر االص لي‪ ،‬فهو‬
‫مخاطب بالصالة وغيرها من فروع الشرع على الصحيح‪ .‬لكن إذا أس لم‪ ،‬ال‬
‫يجب عليه قض اء ص الة أي ام الكفر بال خالف‪ .‬وأما المرت د‪ ،‬فيجب عليه‬
‫قضاء صلوات أيام ال ردة‪ .‬وأما الص بي‪ ،‬فال تجب عليه الص الة‪ ،‬أداء (‪،)1‬‬
‫وال قض اء‪ .‬وال ي ؤمر أحد ممن ال تجب عليه الص الة بفعله ا‪ ،‬إال الص بي‪،‬‬
‫والصبية‪ ،‬فإنه يؤمر بها إذا بلغ س بع س نين‪ ،‬ويض رب على تركه ا‪ ،‬إذا بلغ‬
‫عشرا‪ .‬ق ال االئم ة‪ :‬فيجب على اآلب اء‪ ،‬واالمه ات‪ ،‬تعليم االوالد‪ ،‬الطه ارة‪،‬‬
‫والصالة‪ ،‬والش رائع‪ ،‬بعد الس بع‪ .‬والض رب على تركها بعد العش ر‪ .‬وي ؤمر‬
‫بالص وم إن أطاق ه‪ ،‬كما ي ؤمر بالص الة‪ .‬وأج رة تعليم الف رائض في م ال‬
‫الصبي‪ .‬فإن لم يكن له مال‪ ،‬فعلى االب‪ .‬فإن لم يكن‪ ،‬فعلى االم‪ .‬وهل يج وز‬
‫أن يعطي االجرة من مال الصبي‪ ،‬على تعليم ما سوى الفاتحة‪ ،‬والف رائض‪،‬‬
‫من القرآن‪ ،‬واالدب ؟ وجهان‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ ،‬في مال الص بي‪ .‬وه ذا كله إذا‬
‫كان الصبي‪ ،‬والصبية‪ ،‬مميزين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما من زال عقل ه‪ ،‬بجن ون‪ ،‬أو‬
‫أغمي علي ه‪ ،‬فال تجب عليه الص الة‪ ،‬وال قض اؤها‪ ،‬س واء قل الجن ون‬
‫واالغماء‪ ،‬أو كثر‪ ،‬إذا استغرق الوقت‪ .‬ولو زال عقله بسبب محرم‪ ،‬كش رب‬
‫مس كر‪ ،‬أو دواء مزيل للعق ل‪ ،‬وجب القض اء‪ .‬ه ذا إذا تن اول ال دواء لغ ير‬
‫حاجة‪ ،‬وعلم أنه يزيل العقل‪ ،‬وعلم أن الشراب مسكر‪ .‬فإن لم يعلم‬

‫] ‪[ 302‬‬
‫كون الشراب مسكرا أو كون الدواء مزيال‪ ،‬فال قض اء‪ ،‬كاالغم اء‪ .‬ولو علم‬
‫أن جنسه مس كر‪ ،‬وظن أن ذلك الق در ال يس كر‪ ،‬وجب القض اء‪ ،‬لتقص يره‪.‬‬
‫ولو وثب من موضع‪ ،‬لحاجة‪ ،‬فزال عقله‪ ،‬فال قضاء‪ .‬وإن فعله عبث ا‪ ،‬وجب‬
‫القضاء‪ .‬فرع‪ :‬لو ارتد‪ ،‬ثم جن‪ ،‬ثم أفاق وأس لم‪ ،‬وجب قض اء أي ام الجن ون‪،‬‬
‫وما قبلها‪ ،‬تغليطا علي ه‪ .‬ولو س كر‪ ،‬ثم جن‪ ،‬وجب قض اء الم دة ال تي ينتهي‬
‫إليها السكر‪ .‬وفيما بعدها من مدة الجنون‪ ،‬وجهان‪ .‬االصح‪ :‬ال يجب القضاء‪،‬‬
‫ولو ارتدت‪ ،‬ثم حاضت‪ .‬أو سكرت‪ ،‬ثم حاضت‪ ،‬لم تقض أي ام الحيض‪ .‬ولو‬
‫شربت دواء حتى حاضت‪ ،‬لم يلزمها القضاء‪ .‬وكذلك لو ش ربت دواء ح تى‬
‫ألقت جنينا‪ ،‬ونفست‪ ،‬لم يجب القضاء على الص حيح‪ ،‬الن ت رك الص الة في‬
‫حق الح ائض والنفس اء عزيم ة‪ .‬والحاص ل‪ ،‬أن من لم ي ؤمر ب الترك‪ ،‬ال‬
‫يستحيل أن ي ؤمر بالقض اء‪ .‬ف إذا لم ي ؤمر‪ ،‬ك ان تخفيف ا‪ .‬ومن أمر ب الترك‪،‬‬
‫فامتثل االم ر‪ ،‬ال يتوجه أم ره بالقض اء‪ ،‬إال الح ائض‪ ،‬فإنها م أمورة ب ترك‬
‫الص وم‪ ،‬وبقض ائه‪ .‬وهو خ ارج عن القي اس‪ ،‬للنص‪ .‬فصل في االوق ات‬
‫المكروهة وهي خمسة (‪ :)2( )1‬أحدها‪ :‬عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر‬
‫رمح (‪ )3‬على الصحيح‪ .‬وعلى الشاذ‪ :‬تزول الكراهة‪ ،‬بطلوع قرص الشمس‬
‫بتمامه‪ .‬والثاني‪ :‬استواء الشمس‪ .‬والثالث‪ :‬عند االص فرار ح تى يتم غروبه ا‪.‬‬
‫‪.‬والرابع‪ :‬بعد صالة الصبح حتى تطلع الشمس‬
‫] ‪[ 303‬‬
‫والخ امس‪ :‬بعد العصر ح تى تغ رب‪ .‬وفي ه ذين الوق تين إذا ق دم الص بح‬
‫والعصر في أول الوقت‪ ،‬طال وقت الكراهة‪ ،‬وإذا أخرهما‪ ،‬قص ر‪ .‬ه ذا هو‬
‫المع روف الك ثر االص حاب‪ :‬أن االوق ات خمسة كما ذكرن ا‪ .‬وفي الص بح‪،‬‬
‫وجهان آخران‪ .‬أحدهما‪ :‬تكره الصالة بعد طلوع الفجر‪ ،‬س وى ركع تي س نة‬
‫الص بح‪ .‬س واء ص لى الص بح‪ ،‬وس نتها‪ ،‬أم ال‪ .‬ق ال ص احب (الش امل) ه ذا‬
‫الوجه‪ :‬هو ظاهر المذهب‪ .‬وقطع به صاحب (التتمة) والثاني‪ :‬يكره ذلك لمن‬
‫ص لى الس نة‪ ،‬وإن لم يصل الفريض ة‪ .‬والص حيح‪ :‬ما س بق‪ .‬وهو الموافق‬
‫لكالم الجمهور‪ .‬فرع‪ :‬النهي والكراهة في ه ذه االوق ات‪ ،‬إنما هو في ص الة‬
‫ليس لها سبب (‪ ،)1‬فأما ما لها سبب‪ ،‬فال كراهة‪ .‬والمراد بقولهم‪ :‬صالة لها‬
‫سبب‪ ،‬أي‪ :‬سبب متقدم على ه ذه االوق ات‪ ،‬أو مق ارن له ا‪ ،‬وال تي ال س بب‬
‫لها‪ ،‬هي التي ليس لها س بب متق دم‪ ،‬وال مق ارن‪ .‬وقد يفسر ق ولهم‪ :‬ال س بب‬
‫لها‪ ،‬بأن الشارع لم يخصها بوضع وشرعية‪ ،‬بل هي التي يأتي بها االنس ان‬
‫ابت داء‪ .‬فمن ذوات االس باب‪ ،‬الفائت ة‪ ،‬فإنه يج وز في ه ذه االوق ات‪ ،‬قض اء‬
‫الفرائض‪ ،‬والسنن‪ ،‬والنوافل التي اتخ ذها االنس ان وردا ل ه‪ .‬وتج وز ص الة‬
‫الجن ازة‪ ،‬وس جود التالوة‪ ،‬وس جود الش كر‪ ،‬وركعتا الط واف‪ ،‬وص الة‬
‫الكس وف‪ .‬ولو تطهر في ه ذه االوق ات‪ ،‬ص لى ركع تين‪ .‬وال تك ره ص الة‬
‫االستس قاء فيها على االصح (‪ .)2‬وعلى الث اني‪ :‬تك ره‪ ،‬كص الة االس تخارة‪.‬‬
‫وقد يمنع االول الكراهة في ص الة االس تخارة‪ .‬ويك ره ركعتا االح رام على‬
‫االصح‪ .‬وأما تحية المس جد‪ ،‬ف إن اتفق دخوله لغ رض‪ ،‬كإعتك اف‪ ،‬أو درس‬
‫علم‪ ،‬أو انتظار صالة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬لم تكره‪ .‬وإن دخل ال لحاجة‪ ،‬بل ليصلي‬
‫التحية فقط‪ ،‬فوجهان‪ ،‬أقيسهما‪ :‬الكراهة‪ .‬كما لو أخر الفائتة ليقضيها في ه ذه‬
‫االوق ات (‪ .)3‬ومن االص حاب‪ ،‬من لم يفص ل‪ ،‬ويجعل في التحية وجهين‬
‫على‬

‫] ‪[ 304‬‬
‫االطالق‪ .‬وينسب الق ول بالكراهة إلى أبي عبد هللا الزب يري (‪ .)1‬قلت‪ :‬ه ذه‬
‫الطريقة غلط‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو فاتته راتبة‪ ،‬أو نافلة اتخذها وردا‪ ،‬فقضاها في‬
‫ه ذه االوق ات‪ ،‬فهل له المداومة على مثلها في وقت الكراهة ؟ وجه ان‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬نعم‪ ،‬للح ديث الص حيح أن رس ول هللا (ص) فاته ركعتا الظه ر‪،‬‬
‫فقض اهما بعد العص ر‪ ،‬وداوم عليهما بعد العصر (‪ .)2‬وأص حهما‪ :‬ال‪ .‬وتلك‬
‫الصالة من خصائص رسول هللا (ص)‪ .‬فرع (‪ :)3‬الص الة المنهي عنها في‬
‫هذه االوقات‪ ،‬يستثنى منها زم ان‪ ،‬ومك ان‪ .‬أما الزم ان‪ ،‬فعند االس تواء ي وم‬
‫الجمعة‪ ،‬وال يلحق به باقي االوق ات ي وم الجمعة على االص ح‪ .‬ف إن ألحقن ا‪،‬‬
‫ج از التنفل ي وم الجمعة في االوق ات الخمسة لكل أح د‪ .‬وإن قلنا باالص ح‪،‬‬
‫فهل يجوز التنفل لكل أحد عند االستواء ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬نعم‪ .‬والث اني‪،‬‬
‫ال يجوز لمن ليس في الج امع‪ .‬وأما من في الج امع‪ ،‬ففيه وجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫يجوز مطلقا والثاني‪ :‬يجوز بش رط أن يبك ر‪ ،‬ثم يغلبه النع اس‪ .‬وقي ل‪ :‬يكفي‬
‫النعاس بال تبك ير‪ .‬وأما المك ان‪ ،‬فمكة ‪ -‬زادها هللا ش رفا ‪ -‬ال تك ره الص الة‬
‫فيها في شئ في هذه االوقات‪ ،‬س واء ص الة الط واف‪ ،‬وغيره ا‪ .‬وقي ل‪ :‬إنما‬
‫يباح ركعتا الطواف‪ .‬والصواب‪ ،‬االول‪ .‬والمراد بمك ة‪ ،‬جميع الح رم‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫‪.‬إنما يستثنى نفس المسجد الحرام‪ .‬والصواب المعروف هو االول‬

‫] ‪[ 305‬‬
‫ف رع‪ :‬م تى ثبتت الكراهة فتح رم بالص الة المكروهة (‪ )1‬لم تنعقد على‬
‫االصح‪ .‬كصوم العيد‪ .‬وتنعقد على الثاني‪ .‬كالص الة في الحم ام‪ .‬ولو ن ذر أن‬
‫يصلي في هذه االوقات‪ ،‬فإن قلن ا‪ :‬تنعقد الص الة‪ ،‬صح ن ذره‪ ،‬وإال فال‪ .‬وإذا‬
‫صح ن ذره‪ ،‬ف االولى أن يص لي في وقت آخ ر‪ ،‬كمن ن ذر أن يض حي بش اة‬
‫يذبحها بس كين مغص وب‪ ،‬يصح ن ذره‪ ،‬وي ذبحها بغ ير مغص وب‪ .‬ولو ن ذر‬
‫صالة مطلقة‪ ،‬فله فعلها في ه ذه االوق ات قطع ا‪ ،‬ف إن لها س ببا‪ .‬قلت‪ :‬النهي‬
‫عن الصالة في هذه االوقات حيث أثبتناه مكروها (‪ ،)2‬كراهة تح ريم على‬
‫االص ح‪ .‬وبه قطع الم اوردي في (االقن اع) وص احب (ال ذخائر) وآخ رون‪:‬‬
‫وهو مقتضى النهي في االحاديث الصحيحة (‪ .)3‬والث اني‪ :‬كراهة تنزيه وبه‬
‫قطع أبو علي البندنيجي‪ .‬وهللا أعلم‪ [ .‬وقول بعض المت أخرين‪ :‬أنه ال يح رم‪،‬‬
‫شاذ متروك‪ ،‬علته أنه مخالف لما صرح به كثيرون‪ ،‬واقتض اه كالم الب اقين‬
‫] (‪ .)4‬الب اب الث اني في االذان (‪ )5‬االذان واالقامة س نتان على أصح‬
‫‪:‬االوجه‪ ،‬وفرضا كفاية على الثاني‪ .‬والثالث‬

‫] ‪[ 306‬‬
‫هما سنة في غير الجمعة‪ ،‬وفرضا كفاية فيها‪ .‬فإذا قلنا‪ :‬سنة‪ ،‬ف اتفق أهل بلد‬
‫على تركها‪ ،‬لم يقاتلوا على االصح‪ ،‬كسائر الس نن‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ف رض كفاي ة‪،‬‬
‫قوتلوا على تركها بال خالف‪ .‬وإنما يس قط االثم عنهم‪ ،‬بإظهارها في البل دة‪،‬‬
‫أو القري ة‪ ،‬بحيث يعلم جميع أهله ا‪ ،‬أنه قد أذن فيها لو أص غوا‪ .‬ففي القرية‬
‫الصغيرة‪ ،‬يكفي في موض ع‪ ،‬وفي البلد الكب ير‪ ،‬ال بد منه في مواض ع‪ .‬وإذا‬
‫قلن ا‪ :‬االذان ف رض كفاية في الجمع ة‪ ،‬فقي ل‪ :‬ال واجب‪ ،‬هو ال ذي بين ي دي‬
‫الخطيب‪ .‬وقيل‪ :‬يس قط الوج وب ب االذان الم أتي به لص الة الجمع ة‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن بين يدي الخطيب‪ .‬أما ما يؤذن له فال خالف أنه ي ؤذن للجماعة االولى‬
‫من صلوات الرجال في كل مكتوبة م ؤداة‪ .‬ف إن فقد بعض ه ذه القي ود‪ ،‬ففيه‬
‫تفصيل‪ .‬أما المنفرد في الصحراء‪ ،‬أو بلد‪ ،‬فيؤذن على المذهب والمنصوص‬
‫في الجديد‪ .‬وقيل‪ :‬ال ي ؤذن في الق ديم‪ .‬وفي وج ه‪ :‬إن رجا حض ور جماع ة‪،‬‬
‫أذن‪ ،‬وإال فال‪ .‬ه ذا إذا لم يبلغ المنف رد أذان الم ؤذنين‪ ،‬ف إن بلغ ه‪ ،‬ف الخالف‬
‫م رتب‪ ،‬وأولى ب أن ال ي ؤذن‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ال ي ؤذن‪ ،‬فهل يقيم ؟ وجه ان‪.‬‬
‫أص حهما‪ :‬نعم‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ي ؤذن‪ ،‬فهل يرفع ص وته ؟ نظ ر‪ ،‬إن ص لى في‬
‫مسجد أقيمت فيه جماعة‪ ،‬وانصرفوا‪ ،‬لم يرفع‪ ،‬لئال يوهم دخول وقت صالة‬
‫أخرى‪ .‬وإال فوجهان‪ .‬االصح‪ :‬يرف ع‪ .‬والث اني‪ :‬إن رجا جماع ة‪ ،‬رف ع‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫فال‪ .‬أما إذا أقيمت جماعة في مس جد‪ ،‬فحضر ق وم‪ ،‬ف إن لم يكن له إم ام‬
‫راتب‪ ،‬لم يكره لهم إقامة الجماعة فيه‪ ،‬وإن كان‪ ،‬ك رهت على االصح (‪.)1‬‬
‫‪،‬وإذا أقاموا جماعة مكروهة‬

‫] ‪[ 307‬‬
‫أو غ ير مكروه ة‪ ،‬فق والن‪ .‬أح دهما‪ :‬ال يسن لهم االذان‪ .‬وأظهرهم ا‪ :‬يس ن‪،‬‬
‫وال يرفع فيه الصوت‪ ،‬لخوف اللبس‪ .‬وسواء كان المسجد مطروقا‪ ،‬أو غ ير‬
‫مطروق‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬حيث قلنا في الجماعة الثانية‪ ،‬في المسجد ال ذي‬
‫أقيم فيه جماع ة‪ ،‬وأذان ال راتب‪ :‬ال يرفع الص وت‪ ،‬ال نع ني به أنه يح رم‬
‫الرفع‪ ،‬بل نعني به أن االولى أن ال يرفع‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬المنفرد ال يرفع صوته‪،‬‬
‫فال نعني به أن االولى أن ال يرف ع‪ ،‬ف إن الرفع أولى في حق ه‪ .‬ولكن نع ني‪،‬‬
‫أنه يعتد بأذانه دون الرفع (‪ .)1‬أما جماعة النس اء‪ ،‬ففيها اق وال‪ :‬المش هور‬
‫المنصوص في (االم) و (المختصر)‪ :‬يستحب لهن االقام ة‪ ،‬دون االذان‪ .‬فلو‬
‫أذنت على هذا‪ ،‬ولم ترفع صوتها‪ ،‬لم يكره‪ .‬وكان ذك را هلل تع الى‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫ال أذان‪ ،‬وال إقامة‪ .‬والثالث‪ :‬يستحبان معا‪ .‬ولو صلت امرأة منفردة‪ .‬إن قلن ا‪:‬‬
‫الرجل المنف رد‪ .‬ال ي ؤذن‪ ،‬فهي أولى‪ .‬وإال‪ ،‬فعلى ه ذه االق وال ال ترفع‬
‫صوتها بحال‪ ،‬فوق ما تسمع صواحبها‪ .‬ويحرم عليها الزيادة على ذلك (‪.)2‬‬
‫أما غير الفرائض الخمس‪ ،‬فال أذان لها‪ ،‬وال إقامة‪ .‬سواء كانت من ذورة‪ ،‬أو‬
‫س نة‪ ،‬س واء سن لها الجماع ة‪ ،‬كالعي دين‪ ،‬والكس وفين‪ ،‬واالستس قاء‪ ،‬أم لم‬
‫يسن‪ ،‬كالضحى‪ .‬لكن ينادى للعيد‪ ،‬والكسوف‪ ،‬واالستس قاء‪ :‬الص الة جامع ة‪.‬‬
‫وك ذا ين ادى لل تراويح‪ ،‬إذا ص ليت جماع ة‪ .‬وفي اس تحباب ه ذا الن داء في‬
‫الجن ازة‪ ،‬وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ ،‬ال يس تحب‪ .‬وبه قطع كث يرون‪ ،‬وهو‬
‫المنص وص في (االم)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما الفريضة الفائت ة‪ ،‬فيقيم لها بال خالف‪.‬‬
‫وفي االذان ثالثة أقوال‪ :‬الجديد االظهر‪ :‬ال يؤذن‪ ،‬والق ديم‪ :‬ي ؤذن‪ ،‬والث الث‪:‬‬
‫نصه في (االمالء) إن رجا اجتماع‬

‫] ‪[ 308‬‬
‫جماعة يص لون مع ه‪ ،‬أذن‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ق ال االئم ة‪ :‬االذان في الجدي د‪ ،‬حق‬
‫ال وقت‪ .‬وفي الق ديم‪ ،‬حق الفريض ة‪ .‬وفي (االمالء) حق الجماع ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫االظهر‪ :‬أنه ي ؤذن للفائت ة‪ .‬وقد ثبت ذلك في الص حيح (‪ )1‬عن فعل رس ول‬
‫هللا (ص)‪ .‬وص ححه كث ير من أص حابنا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا أقيمت الفائتة‬
‫جماعة‪ ،‬سقط القول الثالث‪ .‬ولو قضى فوائت‪ ،‬فعلى التوالي أقام لكل واح دة‬
‫قطعا بال خالف‪ .‬وال يؤذن لغير االولى قطعا‪ .‬وفي االولى هذه االقوال‪ .‬ولو‬
‫والى بين فريضة الوقت‪ ،‬ومقضية‪ ،‬فإن قدم فريضة الوقت‪ ،‬أذن له ا‪ ،‬وأق ام‬
‫للمقضية‪ .‬وإن قدم المقضية‪ ،‬أقام لها‪ .‬وفي االذان لها‪ ،‬االق وال‪ .‬وأما فريضة‬
‫ال وقت‪ ،‬فق ال إم ام الح رمين‪ :‬إن قلن ا‪ :‬ي ؤذن للمقض ية‪ ،‬لم ي ؤذن لفريضة‬
‫الوقت‪ ،‬وإال أذن‪ .‬واالص ح‪ :‬أنه ال ي ؤذن لفريضة ال وقت بعد المقض ية بكل‬
‫ح ال‪ .‬قلت‪ :‬إال أن يؤخرها عن المقض ية‪ ،‬بحيث يط ول الفصل بينهم ا‪ ،‬فإنه‬
‫ي ؤذن للحاض رة قطعا بكل ح ال‪ .‬ك ذا قاله أص حابنا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما إذا جمع‬
‫بين صالتي الجمع‪ ،‬بسفر‪ ،‬أو مط ر‪ ،‬ف إن ق دم الثانية إلى وقت االولى‪ ،‬أذن‬
‫لالولى‪ ،‬وأقام للثانية‪ .‬وإن أخر االولى إلى وقت الثانية‪ ،‬أقام لكل واحدة‪ ،‬وال‬
‫يؤذن للثانية‪ .‬وفي االذان لالولى‪ ،‬االقوال في الفائتة‪ .‬واالظهر‪ :‬ال يؤذن‪ .‬قال‬
‫إمام الح رمين‪ :‬وينق دح أن يق ال‪ :‬ي ؤذن له ا‪ ،‬وإن لم ي ؤذن للفائت ة‪ .‬قلت‪ :‬بل‬
‫االظهر‪ ،‬أنه يؤذن‪ .‬ففي (ص حيح مس لم) (‪ )2‬عن ج ابر رضي هللا عن ه‪ ،‬أن‬
‫رس ول هللا (ص)‪ :‬جمع بين المغ رب والعش اء بالمزدلفة في وقت الثاني ة‪.‬‬
‫بأذان‪ ،‬وإقامتين‪ ،‬وهو مقدم عند العلم اء على رواية أس امة‪ ،‬وابن عم ر‪ :‬أنه‬
‫صالهما‬

‫] ‪[ 309‬‬
‫بإقامتين‪ ،‬النه زيادة (‪ )1‬ثقة حفظ ما لم يحفظ غ يره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وخ رج أبو‬
‫الحسين بن القط ان من أص حابنا وجه ا‪ :‬أنه ي ؤذن لكل واح دة من ص التي‬
‫الجمع‪ ،‬قدم‪ ،‬أو أخر‪ .‬قلت‪ :‬قال إمام الحرمين‪ :‬ال سبيل إلى توالي أذانين‪ ،‬إال‬
‫في ص ورة على ق ول‪ .‬وهي إذا ص لى فائتة قبيل ال زوال‪ ،‬وأذن لها على‬
‫قول‪ ،‬فلما فرغ منها‪ ،‬زالت الشمس‪ ،‬فأراد إقامة الظهر‪ ،‬أذن ال محال ة‪ .‬ه ذا‬
‫كالم االمام‪ .‬ويتصور التوالي قطعا فيما لو أخروا الم ؤداة إلى آخر ال وقت‪،‬‬
‫ف أذنوا له ا‪ ،‬وص لوها‪ ،‬ثم دخلت فريضة أخ رى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في ص فة‬
‫االذان فيه مس ائل‪ :‬االولى‪ :‬االذان‪ ،‬مث نى‪ ،‬واالقامة ف رادى‪ .‬والم راد‪ :‬معظم‬
‫االذان مثنى‪ .‬وإال‪ ،‬فقول‪ :‬ال إله إال هللا‪ ،‬في آخ ره م رة‪ ،‬والتكب ير في أول ه‪،‬‬
‫أربع مرات‪ .‬فكذا الم راد‪ ،‬معظم االقام ة‪ ،‬ف إن التكب ير في أوله ا‪ ،‬وآخره ا‪،‬‬
‫ولفظ االقامة بالتثنية على المذهب والمنصوص في الجديد‪ .‬وق ال‪ :‬في الق ديم‬
‫يق ول ه ذه الكلم ات م رة‪ .‬وقي ل‪ :‬إنما أف رد في الق ديم االقامة دون التكب ير‪.‬‬
‫وللش افعي ق ول‪ :‬أنه إن رجع في االذان‪ ،‬ث نى جميع كلم ات االقام ة‪ ،‬وإال‪،‬‬
‫‪.‬أفردها‪ .‬واختاره محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصحابنا‬

‫] ‪[ 310‬‬
‫الثاني ة‪ :‬يس تحب ترتيل االذان‪ ،‬وإدراج االقام ة‪ .‬فالترتي ل‪ :‬تب يين كلماته بال‬
‫بطء يجاوز الحد‪ .‬واالدراج‪ :‬أن يحدرها بال فص ل‪ .‬الثالث ة‪ :‬يرجع في أذان ه‪.‬‬
‫وهو أن يأتي بالشهادتين مرتين مرتين‪ ،‬بصوت مخفوض‪ ،‬ثم يرفعه‪ ،‬ويأتي‬
‫بهما مرتين م رتين‪ .‬وال ترجيع‪ ،‬س نة‪ .‬لو تركه لم يفسد أذانه على الص حيح‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المشهور‪ .‬الرابعة‪ :‬التثويب‪ :‬أن يق ول في أذان الص بح بعد الحيعل تين‪:‬‬
‫الص الة خ ير من الن وم‪ ،‬م رتين‪ ،‬وهو س نة على الم ذهب ال ذي قطع به‬
‫االكثرون‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ :‬القديم الذي يفتى به‪ :‬أنه سنة‪ .‬والجديد‪ :‬ليس سنة‪ .‬ثم‬
‫ظاهر إطالق الغزالي‪ ،‬وغيره‪ ،‬أن التثويب‪ ،‬يشمل االذان ال ذي قبل الفج ر‪،‬‬
‫والذي بعده‪ .‬وصرح في (التهذيب) بأنه إذا ثوب في االذان االول‪ ،‬ال يث وب‬
‫في الث اني على االص ح‪ .)1( .‬ثم إن التث ويب ليس بش رط‪ .‬هك ذا ص رح به‬
‫االصحاب‪ .‬وقال إمام الحرمين‪ :‬في اش تراطه احتم ال‪ .‬وهو ب الخالف‪ ،‬أولى‬
‫من الترجيع‪ .‬الخامس ة‪ :‬ينبغي أن ي ؤذن ويقيم قائما مس تقبل القبل ة‪ .‬فلو ت رك‬
‫القيام واالستقبال مع الق درة‪ ،‬صح أذانه وإقامت ه‪ ،‬على االص ح‪ ،‬لكن يك ره‪،‬‬
‫إال إذا كان مسافرا‪ ،‬فال بأس بأذانه راكبا‪ ،‬وعلى الثاني‪ :‬ال يعتد بهم ا‪ .‬قلت‪:‬‬
‫أذان المضطجع‪ ،‬كالقاع د‪ .‬إال أنه أشد كراه ة‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬ال يصح وإن‬
‫صح أذان القاع د‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬السادس ة‪ :‬يسن (‪ )2‬االلتف ات في الحيعل تين‪،‬‬
‫يمينا‪ ،‬وشماال‪ ،‬فيلوي رأسه‪ ،‬وعنقه‪ ،‬وال يحول صدره عن القبل ة‪ ،‬وال يزيل‬
‫قدمه عن مكانها‪ .‬وفي كيفية االلتواء‪ ،‬ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‪ ،‬يلتفت عن يمينه‪،‬‬
‫فيق ول‪ :‬حي على الص الة‪ ،‬حي على الص الة‪ .‬ثم يلتفت عن يس اره‪ ،‬فيق ول‪:‬‬
‫حي على الفالح‪ ،‬حي على الفالح‪ .‬والث اني‪ :‬يلتفت عن يمين ه‪ ،‬فيق ول‪ :‬حي‬
‫على الص الة‪ ،‬ثم يع ود إلى القبل ة‪ ،‬ثم يلتفت عن يمين ه‪ ،‬فيق ول‪ :‬حي على‬
‫الصالة‪ ،‬ثم يلتفت عن يساره‪ ،‬فيقول‪ :‬حي‬

‫] ‪[ 311‬‬
‫على الفالح‪ ،‬ثم يس تقبل القبل ة‪ ،‬ثم يلتفت عن يس اره‪ ،‬فيق ول‪ :‬حي على‬
‫الفالح‪ ،‬والث الث‪ ،‬ق ول القف ال‪ :‬يقسم كل حيعلة على الجه تين‪ ،‬فيق ول‪ :‬حي‬
‫على الصالة‪ ،‬مرة عن يمينه‪ ،‬ثم مرة عن يس اره‪ .‬ثم حي على الفالح‪ ،‬م رة‬
‫عن يمينه‪ ،‬ثم مرة عن يساره‪ .‬ويس تحب االلتف ات في االقامة على االص ح‪،‬‬
‫وال يستحب على الثاني‪ ،‬إال أن يكبر المسجد‪ ،‬ويحتاج إليه‪ .‬قلت‪ :‬وإذا ش رع‬
‫في االقامة في موضع‪ ،‬تممها في ه‪ ،‬وال يمشي في أثنائها قاله أص حابنا‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬السابعة‪ :‬ينبغي أن يبالغ في رفع الصوت ما لم يجه ده‪ .‬وأما االج زاء‪،‬‬
‫فإن كان يؤذن لنفسه‪ ،‬أجزأه أن يسمع نفسه على قول الجمه ور‪ .‬وق ال إم ام‬
‫الحرمين‪ :‬االقتصار على إس ماع النفس‪ ،‬يمنع ك ون الم أتي به أذانا وإقام ة‪،‬‬
‫فل يزد عليه ق در ما يس مع من عن ده‪ .‬والخالف المتق دم في المنف رد‪ ،‬أنه هل‬
‫يرفع ص وته ؟ هو على ق ول الجمه ور‪ ،‬في أنه هل يس تحب الرفع ؟ وعلى‬
‫ق ول إم ام الح رمين‪ :‬هل يعتد به بال رفع ؟‪ .‬أما إذا أذن لجماع ة‪ ،‬فثالثة‬
‫أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬ال يج زئ االس رار بشئ من ه‪ ،‬لف وات االعالم‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫بأس باالسرار‪ .‬كاالسرار بقراءة صالة جهري ة‪ .‬والث الث‪ :‬ال ب أس باالس رار‬
‫بالكلمة‪ ،‬والكلمتين‪ ،‬وال يجزئ االسرار بالجميع‪ .‬وأما االقامة‪ ،‬فال يكفي فيها‬
‫إسماع النفس على االصح أيضا‪ .‬لكن الرفع فيها أخفض من االذان‪ .‬الثامن ة‪:‬‬
‫ت رتيب كلم ات االذان ش رط‪ .‬فلو عكس‪ ،‬لم يصح أذان ه‪ .‬لكن يب نى على‬
‫المنتظم منه‪ .‬ولو ترك بعض الكلم ات في خالل ه‪ ،‬أتى ب المتروك‪ .‬وأع اد ما‬
‫بعده‪ .‬التاسعة‪ :‬المواالة بين كلماته‪ ،‬مأمور بها‪ ،‬ف إن س كت بينهما يس يرا‪ ،‬لم‬
‫يض ر‪ .‬وإن ط ال‪ ،‬ففي بطالن أذانه ق والن‪ .‬ولو تكلم بينها كالما يس يرا‪ ،‬لم‬
‫يضر على الم ذهب‪ .‬وت ردد الش يخ أبو محمد في تنزيل الكالم اليس ير ‪ -‬إذا‬
‫رفع به الصوت ‪ -‬منزلة السكوت الطويل‪ .‬وإن تكلم طويال‪ ،‬فق والن مرتب ان‬
‫على الس كوت الطوي ل‪ .‬وأولى ب البطالن‪ .‬ولو خ رج في أثن اء االذان عن‬
‫أهليت ه‪ ،‬بإغم اء أو ن وم‪ ،‬ف إن زال عن ق رب‪ ،‬لم يض ر‪ .‬وإن ط ال‪ ،‬فعلى‬
‫القولين‪ .‬واعلم أن العراقيين جوزوا البناء في‬
‫] ‪[ 312‬‬
‫جميع هذه الصور‪ ،‬مع طول الفصل‪ .‬وحكوه عن نص الش افعي رحمه هللا (‬
‫‪ .)1‬لكن االشبه‪ ،‬وجوب االستئناف عند الفصل الطوي ل‪ ،‬وحمل النص على‬
‫الفصل اليس ير‪ ،‬ومع الط ول على أحد الق ولين يس تحب االس تئناف‪ .‬وك ذا‬
‫يس تحب في الس كوت والكالم الكث يرين إذا لم نوجب ه‪ ،‬وال يس تحب إذا كانا‬
‫يس يرين‪ ،‬ويس تحب أن ال يتكلم في أذانه بشئ أصال فلو عطس‪ ،‬حمد هللا‬
‫تع الى في نفس ه‪ ،‬ويب ني‪ .‬ولو س لم عليه إنس ان‪ ،‬أو عطس‪ ،‬لم يجب ه‪ ،‬ولم‬
‫يشمته حتى يفرغ‪ .‬فإن أجاب ه‪ ،‬أو ش مته‪ ،‬أو تكلم بمص لحة‪ ،‬لم يك ره‪ .‬وك ان‬
‫تاركا للمستحب‪ .‬ولو رأى أعمى يخاف وقوعه في بئر‪ ،‬وجب إنذاره‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫إذا لم نحكم ببطالن االذان بالفصل المتخل ل‪ ،‬فله أن يب ني عليه بنفس ه‪ .‬وال‬
‫يجوز لغيره على المذهب أو المشهور‪ .‬فرع‪ :‬لو ارتد بعد فراغه من االذان‪،‬‬
‫ثم أس لم‪ ،‬وأق ام‪ ،‬ج از‪ .‬لكن المس تحب‪ ،‬أن ال يص لي بأذان ه‪ ،‬وإقامت ه‪ ،‬بل‬
‫يعيدهما غيره‪ ،‬الن ردته تورث شبهة في حال ه‪ .‬ولو ارتد في خالل االذان‪،‬‬
‫لم يصح بن اؤه عليه في ال ردة‪ .‬ف إن أس لم وب نى علي ه‪ ،‬فالم ذهب‪ :‬أنه إن لم‬
‫يطل الفصل‪ ،‬جاز البناء‪ .‬وإال فقوالن‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن مطلق ا‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪.‬‬
‫وإذا جوزنا له البناء‪ ،‬ففي بناء غيره الخالف المتق دم في الف رع ال ذي قبل ه‪.‬‬
‫وكذا لو مات في خالل االذان‪ .‬فصل في صفة الم ؤذن وآداب ه‪ :‬وش رطه أن‬
‫يك ون‪ ،‬مس لما‪ ،‬ع اقال‪ ،‬ذك را‪ .‬وإذا نطق بالش هادتين في االذان‪ ،‬إن ك ان‬
‫عيسويا (‪ ،)2‬لم يحكم بإسالمه‪ .‬وإن كان غيره‪ ،‬حكم بإسالمه على الصحيح‬
‫ال ذي قطع به االك ثرون‪ .‬وال يصح أذان الس كران على الص حيح‪ ،‬ويصح‬
‫أذان من هو في أول النش وة‪ .‬وال يصح أذان الم رأة‪ ،‬والخن ثى المش كل‪،‬‬
‫للرجال على الصحيح الذي قطع به الجمهور‪ .‬وأما‬

‫] ‪[ 313‬‬
‫أذانها لنفس ها‪ ،‬أو جماعة نس اء‪ ،‬فتق دم حكم ه‪ .‬ويصح أذان الص بي المم يز‬
‫على الصحيح المعروف في المذهب‪ .‬قلت‪ :‬قال صاحب (الش امل) و (الع دة)‬
‫وغيرهما‪ :‬يكره أذان الصبي‪ ،‬ما لم يبلغ‪ .‬كما يك ره أذان الفاس ق‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وأما آدابه‪ :‬فيستحب أن يكون متطه را‪ ،‬ف إن أذن‪ ،‬أو أق ام مح دثا‪ ،‬أو جنب ا‪،‬‬
‫كره‪ .‬وصح أذانه‪ .‬والكراهة في الجنب أشد‪ ،‬وفي االقامة أش د‪ .‬ويس تحب أن‬
‫يك ون ص يتا‪ ،‬حسن الص وت‪ ،‬وأن ي ؤذن على موضع ع ال‪ .‬من من ارة أو‬
‫سطح‪ ،‬ونحوهم ا‪ .‬وأن يجعل أص بعيه في ص ماخي أذني ه‪ .‬وأن يك ون ع دال‬
‫وه و‪ :‬الثق ة‪ ،‬وأن يك ون من أوالد من جعل رس ول هللا (ص) أو بعض‬
‫أصحابه االذان فيهم‪ ،‬إذا وجد‪ ،‬وكان عدال صالحا ل ه‪ .‬وأن يص لي الم ؤذن‪.‬‬
‫ومن سمع االذان على رسول هللا (ص) بعد االذان‪ .‬ثم يقول‪ :‬اللهم رب ه ذه‬
‫الدعوة التام ة‪ ،‬والص الة القائم ة‪ ،‬آت محم دا الوس يلة‪ ،‬والفض يلة‪ ،‬والدرجة‬
‫الرفيع ة‪ ،‬وابعثه مقاما محم ودا ال ذي وعدته (‪ .)1‬وأن يجيب كل من س مع‬
‫االذان‪ .‬وإن ك ان جنب ا‪ ،‬أو حائض ا‪ ،‬فيق ول‪ :‬مثل ق ول الم ؤذن في جميع‬
‫االذان‪ ،‬واالقام ة‪ ،‬إال في الحيعل تين‪ ،‬فإنه يق ول‪ :‬ال ح ول وال ق وة إال باهلل‪.‬‬
‫وإال في كلم تي االقام ة‪ .‬فيق ول‪ :‬أقامها هللا‪ ،‬وأدامه ا‪ ،‬وجعل ني من ص الحي‬
‫أهلها‪ .‬وإال في التثويب‪ ،‬فيقول‪ :‬ص دقت وب ررت‪ .‬وفي وج ه‪ ،‬يق ول‪ :‬ص دق‬
‫رس ول هللا (ص)‪ ،‬الص الة خ ير من الن وم‪ .‬ف إن ك ان في ق راءة‪ ،‬أو ذك ر‪،‬‬
‫اس تحب قطعهما ليجيب‪ .‬ولو ك ان في ص الة‪ ،‬لم يجب ح تى يف رغ‪ ،‬ف إن‬
‫أج اب‪ ،‬ك ره على االظه ر‪ ،‬لكن ال تبطل ص الته إن أج اب بما اس تحببناه‪،‬‬
‫النها أذكار‪ .‬فلو ق ال‪ :‬حي على الص الة‪ ،‬أو الص الة خ ير من الن وم‪ ،‬بطلت‬
‫صالته‪ ،‬النه كالم‪ .‬قلت‪ :‬وكذا لو قال‪ :‬صدقت وبررت (‪ ،)2‬تبط ل‪ .‬ص رح‬
‫به القاضي حس ين‪ ،‬وغ يره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو أج اب في خالل الفاتح ة‪ ،‬وجب‬
‫‪.‬استئنافها‪ ،‬الن االجابة في الصالة غير محبوبة‬

‫] ‪[ 314‬‬
‫قلت‪ :‬ويستحب للمجيب‪ ،‬أن يجيب في كل كلمة عقبه ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تجب‬
‫أن يق ول من س مع أذان المغ رب‪ :‬اللهم ه ذا إقب ال ليل ك‪ ،‬وإدب ار نه ارك‪،‬‬
‫وأصوات دعاتك‪ :‬فاغفر لي (‪ .)1‬ويستحب الدعاء بين االذان واالقام ة‪ .‬وأن‬
‫يتحول المؤذن إلى موضع آخر لالقامة‪ .‬فرع‪ :‬االذان‪ ،‬واالمام ة‪ ،‬كالهما فيه‬
‫فضل‪ ،‬وأيهما أفضل‪ ،‬فيه أوجه‪ .‬أص حها وهو المنص وص‪ :‬االمامة أفض ل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬االذان‪ .‬والثالث‪ :‬هما سواء‪ .‬والرابع‪ :‬إن علم من نفسه القيام بحق وق‬
‫االمامة‪ ،‬وجمع خصالها‪ ،‬فهي أفضل‪ ،‬وإال‪ ،‬فاالذان‪ .‬قاله أبو علي الط بري‪،‬‬
‫والقاضي ابن كج‪ ،‬والقاضي حس ين‪ ،‬والمس عودي (‪ .)2‬قلت‪ :‬ك ذا رجح‬
‫الرافعي أيضا في كتابه (المح رر) االمام ة‪ ،‬واالص ح‪ :‬ت رجيح االذان‪ ،‬وهو‬
‫ق ول أك ثر أص حابنا‪ .‬وقد نص الش افعي رحمه هللا في (االم) على كراهة‬
‫االمامة‪ ،‬فقال‪ :‬أحب االذان‪ ،‬لق ول رس ول هللا (ص)‪( :‬اللهم اغفر للم ؤذنين)‬
‫وأك ره االمامة للض مان وما على االم ام فيه ا‪ ،‬ه ذا نص ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما‬
‫الجمع بين االذان‪ ،‬واالمام ة‪ ،‬فليس بمس تحب‪ .‬وأغ رب ابن كج‪ ،‬فق ال‪:‬‬
‫االفضل لمن ص لح لهم ا‪ ،‬الجمع بينهم ا‪ .‬ولعله أراد االذان لق وم‪ ،‬واالمامة‬
‫آلخ رين‪ .‬قلت‪ :‬ص رح بكراهة الجمع بينهم ا‪ ،‬الش يخ أبو محم د‪ ،‬والبغ وي‪.‬‬
‫وصرح باس تحباب جمعهم ا‪ ،‬أبو علي الط بري‪ ،‬والم اوردي‪ ،‬والقاضي أبو‬
‫الطيب‪ ،‬وادعى االجماع عليه‪ ،‬فحصل ثالثة أوجه‪ .‬االصح‪ :‬اس تحبابه‪ ،‬وفيه‬
‫‪.‬حديث حسن في الترمذي (‪ .)3‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 315‬‬
‫فرع‪ :‬يستحب للم ؤذن‪ ،‬التط وع ب االذان‪ ،‬ف إن لم يتط وع‪ ،‬رزقة االم ام من‬
‫مال المصالح‪ .‬وهو خمس خمس الفئ‪ ،‬والغنيم ة‪ .‬وك ذا أربعة أخم اس الفئ‪،‬‬
‫إذا قلن ا‪ :‬إنها للمص الح‪ .‬وإنما يرزقه عند الحاج ة‪ ،‬وعلى ق درها‪ .‬ولو وجد‬
‫فاس قا يتط وع‪ ،‬وأمينا ال يتط وع‪ ،‬فله أن ي رزق االمين على الص حيح‪ .‬ولو‬
‫وجد أمينا يتط وع‪ ،‬وأمينا أحسن منه ص وتا ال يتط وع‪ ،‬فهل يجز أن يرزقه‬
‫؟ وجهان‪ .‬قال ابن س ريج‪ :‬نعم‪ .‬والقف ال‪ :‬ال‪ .‬قلت‪ :‬ق ول ابن س ريج أصح إن‬
‫رآه االمام مصلحة‪ ،‬لظهور تفاوتهم ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا ك ان في البلد مس اجد‪،‬‬
‫فإن لم يمكن جمع الناس في مسجد واحد‪ ،‬رزق عددا من الم ؤذنين‪ ،‬يحصل‬
‫بهم الكفاي ة‪ .‬ويت أدي الش عار‪ .‬وإن أمكن‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يجمع وي رزق‬
‫واحدا‪ .‬والثاني‪ ،‬يرزق الجميع‪ ،‬لئال تتعطل المساجد‪ .‬قلت‪ :‬هذا الثاني‪ ،‬أصح‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬فلو لم يكن في بيت الم ال س عة‪ ،‬ب دأ ب االهم‪ .‬وهو رزق م ؤذن‬
‫الج امع‪ .‬وأذان ص الة الجمع ة‪ ،‬أهم من غ يره‪ .‬ولالم ام أن ي رزق من م ال‬
‫نفسه‪ .‬ويجوز للواحد من الرعية‪ .‬وحينئ ذ‪ ،‬ال حجر ف يرزق كم ش اء‪ ،‬وم تى‬
‫شاء‪ .‬وأما االستئجار على االذان‪ ،‬ففيه أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يجوز لالمام من بيت‬
‫الم ال‪ ،‬ومن م ال نفس ه‪ ،‬وآلح اد الن اس من أهل المحلة وغ يرهم‪ ،‬من م ال‬
‫نفسه‪ .‬والثاني‪ :‬ال يصح االستئجار مطلق ا‪ .‬والث الث‪ :‬يج وز لالم ام‪ ،‬ومن أذن‬
‫له‪ :‬وال يج وز آلح اد الن اس‪ :‬وإذا جوزنا لالم ام االس تئجار من بيت الم ال‪،‬‬
‫فإنما يج وز حيث يج وز ال رزق‪ ،‬خالف ا‪ ،‬ووفاق ا‪ .‬ق ال في (الته ذيب) وإذا‬
‫اس تأجر‪ ،‬من بيت الم ال‪ ،‬لم (‪ )1‬يفتقر إلى بي ان الم دة‪ ،‬بل يكفي أن يق ول‪:‬‬
‫استأجرتك لتؤذن في ه ذا المس جد في أوق ات الص الة‪ ،‬كل ش هر بك ذا‪ .‬ولو‬
‫اس تأجر من م ال نفس ه‪ ،‬أو اس تأجر واحد من الرعي ة‪ ،‬ففي اش تراط بي ان‬
‫الم دة‪ ،‬وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬أص حهما‪ :‬االش تراط‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬واالقامة ت دخل في‬
‫االستئجار لالذان‪ .‬وال يجوز االستئجار لالقامة إذ ال كلفة‬

‫] ‪[ 316‬‬
‫فيه ا‪ ،‬بخالف االذان‪ .‬وليست ه ذه الص ور بص افية عن االش كال‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫يستحب أن يكون للمسجد مؤذنان‪ .‬ومن فوائدهما‪ :‬أن ي ؤذن أح دهما للص بح‬
‫قبل الفجر‪ ،‬واآلخر بعده‪ .‬وتجوز الزيادة على اثنين‪ .‬والمس تحب أن ال ي زاد‬
‫على أربعة‪ .‬قلت‪ :‬هذا الذي ذكره من استحباب عدم الزيادة على أربعة‪ ،‬قاله‬
‫أبو علي الط بري‪ .‬وأنك ره كث يرون من أص حابنا‪ .‬وق الوا‪ :‬إنما الض بط‬
‫بالحاج ة‪ ،‬ورؤية المص لحة‪ .‬ف إن رأى االم ام المص لحة في الزي ادة على‬
‫أربع ة‪ ،‬فعل ه‪ .‬وإن رأى االقتص ار على اث نين‪ ،‬لم ي زد‪ .‬وه ذا هو االصح‬
‫المنصوص‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا ترتب لالذان اثن ان فص اعدا‪ ،‬فالمس تحب‪ :‬أن ال‬
‫يتراسلوا‪ .‬بل إن اتسع الوقت‪ ،‬تجبوا فيه‪ .‬فإن تنازعوا االبت داء‪ ،‬أق رع بينهم‪،‬‬
‫وإن ضاق الوقت‪ .‬فإن كان المسجد كب يرا‪ ،‬أذن وا متف رقين في أقط اره‪ .‬وإن‬
‫ك ان ص غيرا وقف وا مع ا‪ ،‬وأذن وا‪ .‬وه ذا إذا لم ي ؤد اختالف االص وات إلى‬
‫تهويش‪ .‬فإن أدى‪ ،‬لم يؤذن إال واحد‪ .‬فإن تنازعوا‪ ،‬أقرع‪ .‬وأما االقام ة‪ ،‬ف إن‬
‫أذنوا على الترتيب‪ ،‬ف االول‪ :‬أولى به ا‪ ،‬إن ك ان هو الم ؤذن ال راتب‪ ،‬أو لم‬
‫يكن هناك م ؤذن راتب‪ .‬إن ك ان االول غ ير ال راتب‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أن ال راتب‬
‫أولى‪ ،‬والث اني‪ :‬االول أولى‪ .‬ولو أق ام في ه ذه الص ورة‪ ،‬غ ير من له والية‬
‫االقامة‪ ،‬اعتد به‪ ،‬على الصحيح المعروف‪ .‬وعلى الشاذ‪ :‬ال يعتد باالقامة من‬
‫غ ير الس ابق ب االذان‪ .‬تخريجا من ق ول الش افعي رحمه هللا‪ :‬ال يج وز أن‬
‫يخطب واحد‪ ،‬ويصلي آخر‪ .‬أما إذا أذنوا معا‪ ،‬ف إن اتفق وا على إقامة واح د‪،‬‬
‫وإال أق رع‪ .‬وال يقيم في المس جد الواحد إال واح د‪ ،‬إال إذا لم تحصل الكفاية‬
‫بواح د‪ .‬وقي ل‪ :‬ال ب أس أن يقيم وا معا إذا لم ي ؤد إلى الته ويش‪ .‬ف رع‪ :‬وقت‬
‫االذان منوط بنظر المؤذن‪ ،‬ال يحتاج فيه إلى مراجعة االمام‪ .‬ووقت االقامة‪،‬‬
‫منوط باالم ام‪ ،‬وإنما يقيم الم ؤذن بإش ارته‪ .‬ف رع ذك ره االم ام ال رافعي في‬
‫أوقات الصالة وأشار إلى أنه هنا أنسب قال‪ :‬ص الة الص بح تختص ب االذان‬
‫بأمور‪ .‬منها‪ :‬أنه يج وز تق ديم أذانها على دخ ول ال وقت‪ .‬وذكر في (البي ان)‬
‫وجها‪ :‬أنه إن جرت عادة أهل بلد بتأخير‬

‫] ‪[ 317‬‬
‫باالذان‪ ،‬بعد طلوع الفجر‪ ،‬لم يق دم أذانه ا‪ [ ،‬على دخ ول ال وقت ] (‪ )1‬لئال‬
‫يلتبس‪ .‬وه ذا غ ريب‪ .‬ثم في وقت ج واز التق ديم أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬يق دم في‬
‫الشتاء لسبع بقي من الليل‪ .‬وفي الصيف‪ :‬لنصف سبع‪ .‬وهذا الضبط‪ ،‬تق ريب‬
‫ال تحديد‪ .‬والثاني‪ :‬يدخل بذهاب وقت االختيار‪ ،‬للعش اء‪ .‬وهو ثلث اللي ل‪ ،‬أو‬
‫نصفه‪ .‬والثالث‪ :‬وقته‪ :‬النصف االخ ير من اللي ل‪ ،‬وال يج وز قبل ه‪ .‬والراب ع‪:‬‬
‫جميع الليل وقت ل ه‪ .‬ولم يف رق ص احب (الته ذيب) بين الش تاء‪ ،‬والص يف‪.‬‬
‫واعت بر الس بع مطلقا تقريب ا‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬الوجه الث الث‪ .‬واعتمد من رجح‬
‫االول‪ :‬ح ديثا ب اطال محرف ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما االقامة للص بح‪ ،‬فال يج وز قبل‬
‫الفجر بال خالف‪ .‬ويسن أن يؤذن للصبح م رتين (‪ .)2‬في ؤذن أحد الم ؤذنين‬
‫قبل الفجر‪ ،‬واآلخر بعده‪ .‬ويجوز أن يقتصر على مرة قبل الصبح‪ ،‬أو بعده‪،‬‬
‫أو بعض الكلم ات قبل الص بح‪ ،‬وبعض ها بع ده‪ .‬وإذا اقتصر على م رة‪،‬‬
‫فاالولى أن يكون بعد الصبح على المعه ود في س ائر الص لوات‪ .‬قلت‪ :‬بقيت‬
‫فروع تتعلق باالذان‪ .‬يكره التثويب في غير الص بح‪ .‬ق ال في (الته ذيب)‪ :‬لو‬
‫زاد في االذان ذكرا‪ ،‬أو زاد في عدده‪ ،‬لم يفسد أذانه‪ .‬قال غيره‪ :‬يس تحب أن‬
‫يجمع المؤذن‪ ،‬كل تكبيرتين بنفس واحد‪ .‬وأما باقي االلف اظ‪ ،‬فيف رد كل كلمة‬
‫بصوت‪ ،‬لطول لفظها‪ ،‬بخالف التكبير‪ .‬قال صاحب (العدة)‪ :‬وإذا ك انت ليلة‬
‫مطيرة‪ ،‬أو ذات ريح وظلمة‪ ،‬يستحب أن يقول‪ :‬إذا فرغ من أذانه‪ :‬أال صلوا‬
‫في رح الكم‪ .‬ف إن قاله في أثن اء االذان بعد الحيعل ة‪ ،‬فال ب أس‪ .‬وك ذا قاله‬
‫الصيدالني‪ ،‬والبندنيجي‪ ،‬والشاشي‪ ،‬وغ يرهم‪ .‬واس تبعد إم ام الح رمين‪ ،‬قوله‬
‫في أثن اء االذان‪ ،‬وليس هو ببعي د‪ ،‬بل هو الح ق‪ ،‬والس نة‪ .‬فقد نص عليه‬
‫الشافعي رضي‬

‫] ‪[ 318‬‬
‫هللا عنه في آخر أب واب االذان‪ ،‬في (االم)‪ :‬وقد ثبت في (الص حيحين) (‪)1‬‬
‫عن ابن عب اس (‪ )2‬رضي هللا عنهم ا‪ ،‬أنه ق ال لمؤذنه في ي وم مط ير‪ .‬إذا‬
‫قلت‪ :‬أشهد أن محمدا رسول هللا‪ ،‬فال تقل‪ :‬حي على الصالة‪ .‬وقل‪ :‬صلوا في‬
‫بيوتكم‪ .‬وكأن الن اس اس تنكروا ذل ك‪ .‬فق ال‪ :‬أتعجب ون من ذا ؟ ! قد (‪ )3‬فعل‬
‫ذا‪ ،‬من هو خير مني ‪ -‬يعني الن بي (ص) ‪ -‬ويك ره أن يك ون االعمى مؤذنا‬
‫وحده‪ ،‬فإن كان معه بصير‪ ،‬لم يكره‪ .‬ويسن أن يكون االذان بقرب المس جد‪.‬‬
‫ويكره قوله‪ :‬حي على خير العمل‪ .‬ولو لقن االذان‪ ،‬ص ح‪ .‬ولو أذن بالعجمية‬
‫وهن اك من يحسن بالعربي ة‪ ،‬لم يص ح‪ ،‬وإال‪ ،‬فيص ح‪ .‬ولو ق ال‪ :‬هللا االك بر‪،‬‬
‫ص ح‪ .‬وتركه في الس فر أخف من الحض ر‪ .‬وت رك الم رأة االقامة أخف من‬
‫ت رك الرج ل‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الب اب الث الث في اس تقبال القبلة (‪ )4‬وهو ش رط‬
‫لصحة الفريضة‪ ،‬إال في شدة خ وف القت ال المب اح‪ ،‬وس ائر وج وه الخ وف‪.‬‬
‫وشرط لصحة النافلة‪ ،‬إال في الخوف‪ ،‬والسفر المب اح‪ .‬والع اجز‪ ،‬ك المريض‬
‫ال يجد من يوجه ه‪ .‬والمرب وط على خش بة‪ ،‬يص لي حيث توج ه‪ .‬وال يج وز‬
‫فعل الفريضة على الراحل ة‪ ،‬من غ ير ض رورة‪ ،‬ف إن خ اف انقطاعا عن‬
‫رفقته لو ن زل له ا‪ ،‬أو خ اف على نفس ه‪ ،‬أو مال ه‪ ،‬فله أن يص ليها على‬
‫الراحل ة‪ ،‬وتجب االع ادة‪ ،‬وال تصح المن ذورة‪ ،‬وال الجن ازة‪ ،‬على الراحل ة‪،‬‬
‫على المذهب فيهما‪ .‬وتقدم‬

‫] ‪[ 319‬‬
‫بيانهما في التيمم (‪ .)1‬فرع‪ :‬شرط الفريضة أن يك ون مص ليها مس تقرا‪ .‬فال‬
‫تصح من الماشي المستقبل‪ ،‬وال من ال راكب المخل بقي ام‪ ،‬أو اس تقبال‪ .‬ف إن‬
‫اس تقبل‪ ،‬وأتم االرك ان في ه ودج‪ ،‬أو س رير‪ ،‬أو نحوهما على دابة واقف ة‪،‬‬
‫ص حت الفريض ة‪ ،‬على االصح ال ذي قطع به االك ثرون‪ .‬منهم‪ :‬ص احبا‬
‫(المعتمد) و (التهذيب)‪ ،‬وصاحبا (التتمة)‪ ،‬و (البحر)‪ ،‬وغ يرهم‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫يصح‪ .‬وبه قطع إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ .‬فإن ك انت الدابة س ائرة‪ ،‬لم تصح‬
‫الفريضة على االصح المنص وص‪ .‬وتصح الفريضة في الس فينة الجاري ة‪،‬‬
‫والزورق المشدود على الساحل قطعا‪ .‬وكذا في السرير الذي يحمله رجال (‬
‫‪ ،)2‬وفي االرجوحة المش دودة بالحب ال‪ ،‬وال زورق الج اري‪ ،‬للمقيم ببغ داد‬
‫ونحوه‪ ،‬على االصح في الثالثة‪ .‬فص ل‪ :‬يج وز التنفل ماش يا‪ ،‬وعلى الراحلة‬
‫سائرة إلى جهة مقصده في السفر الطويل (‪ .)3‬وكذا القصير‪ ،‬على المذهب‪.‬‬
‫وال يج وز في الحضر على الص حيح‪ ،‬بل لها فيه حكم الفريضة في كل‬
‫شئ‪ ،‬إال القيام‪ .‬وق ال االص طخري‪ :‬يج وز لل راكب‪ ،‬والماشي في الحض ر‪،‬‬
‫مترددا في جهة مقصده‪ .‬واختار القفال‪ :‬الجواز‪ ،‬بش رط االس تقبال في جميع‬
‫الص الة‪ ،‬وحيث ج ازت النافلة على الراحل ة‪ ،‬فجميع النوافل س واء على‬
‫الص حيح ال ذي عليه االك ثرون‪ .‬وعلى الض عيف‪ :‬ال تج وز ص الة العي د‪،‬‬
‫والكس وف‪ ،‬واالستس قاء‪ .‬أما راكب الس فينة‪ ،‬فال يج وز تنفله فيها إلى غ ير‬
‫القبلة‪ ،‬لتمكنه‪ .‬نص عليه الشافعي رضي هللا عنه‪ .‬وكذا من تمكن في ه ودج‬
‫على داب ة‪ ،‬على الص حيح‪ .‬واس تثنى ص احب (الع دة) مالح الس فينة ال تي‬
‫‪.‬يسيرها‪ .‬وجوز تنفله‪ ،‬حيث توجه لحاجة‬

‫] ‪[ 320‬‬
‫قلت‪ :‬واستثناه أيضا صاحب (الحاوي) وغيره‪ ،‬وال بد منه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫إذا لم يتمكن المتنفل راكب ا‪ ،‬من إتم ام الرك وع‪ ،‬والس جود‪ ،‬واالس تقبال في‬
‫جميع صالته‪ ،‬ففي وجوب االستقبال عند االحرام‪ ،‬أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬إن سهل‪،‬‬
‫وجب‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬فالس هل‪ :‬ب أن تك ون الدابة واقف ة‪ ،‬وأمكن انحرافه عليها (‬
‫‪ ،)1‬أو تحريفها‪ ،‬أو كانت سائرة وبيده زمامها‪ ،‬وهي سهلة‪ .‬وغ ير الس هل‪:‬‬
‫أن تكون مقطورة‪ ،‬أو صعبة‪ .‬والثاني‪ :‬ال يجب أصال‪ .‬والثالث‪ :‬يجب مطلق ا‪.‬‬
‫فإن تعذر‪ ،‬لم تصح ص الته‪ .‬والراب ع‪ :‬إن ك انت الدابة عند االح رام متوجهة‬
‫إلى القبلة‪ ،‬أو إلى طريقه‪ ،‬أح رم كما ه و‪ .‬وإن ك انت إلى غيرهم ا‪ ،‬لم يجز‬
‫االحرام إال إلى القبلة‪ .‬واالعتبار باس تقبال ال راكب دون الداب ة‪ ،‬فلو اس تقبل‬
‫عند التحرم‪ ،‬أجزأه بال خالف وإن كانت الدابة منحرفة عن القبل ة‪ ،‬واقفة أو‬
‫س ائرة‪ .‬وإذا ش رطنا االس تقبال عند االح رام‪ ،‬لم نش ترطه عند الس الم على‬
‫االصح‪ ،‬وال يش ترط فيما س واهما من أرك ان الص الة‪ ،‬ولكن يش ترط ل زوم‬
‫جهة المقصد في جميعها‪ ،‬إذا لم يستقبل القبلة‪ .‬وتتبع ما يع رض في الطريق‬
‫من معاطف‪ .‬وال يشترط سلوكه في نفس الطريق‪ ،‬بل الشرط جهة المقص د‪.‬‬
‫فرع‪ :‬ليس لراكب التعاسيف (‪ ،)3‬ت رك االس تقبال في شئ من نافلت ه‪ .‬وهو‬
‫الهائم الذي يستقبل تارة‪ ،‬ويستدبر تارة‪ ،‬وليس له مقصد معل وم‪ .‬فلو ك ان له‬
‫مقصد معل وم (‪ ،)4‬لكن لم يسر في طريق معين‪ ،‬فله التنفل مس تقبال جهة‬
‫مقصده على‬

‫] ‪[ 321‬‬
‫االظهر‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬ال‪ ،‬النه لم يسلك طريقا مضبوطا‪ ،‬فقد ال يؤدي سيره‬
‫إلى مقصده‪ .‬فرع‪ :‬إذا انحرف المص لي على االرض‪ ،‬عن القبل ة‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن‬
‫استدبرها‪ ،‬أو تحول إلى جهة أخرى عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن فعله ناس يا‪،‬‬
‫أو ع اد إلى االس تقبال على ق رب‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬وإن ع اد بعد ط ول الفص ل‪،‬‬
‫بطلت على االص ح‪ .‬ككالم الناس ي‪ .‬وإن أماله غ يره عن القبلة قه را‪ ،‬فع اد‬
‫إلى االستقبال بعد الطول‪ ،‬بطلت‪ .‬وكذا على الق رب‪ ،‬على االص ح‪ ،‬لن دوره‪.‬‬
‫كما لو أك ره على الكالم‪ ،‬فإنها تبطل على الص حيح‪ ،‬لن دوره‪ .‬ولو انح رف‬
‫المتنفل ماش يا عن مقص ده‪ ،‬أو ح رف دابت ه‪ ،‬ف إن ك ان إلى جهة القبل ة‪ ،‬لم‬
‫يضره‪ .‬وإن كان إلى غيرها عمدا‪ ،‬بطلت صالته (‪ ،)1‬وإن ك ان ناس يا‪ ،‬أو‬
‫غالطا ظن أن ال ذي توجه إليه طريق ه‪ ،‬وع اد على ق رب‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬وإن‬
‫طال‪ ،‬بطلت على االصح‪ .‬ولو انحرف بجماح الدابة‪ ،‬وط ال الزم ان‪ ،‬بطلت‬
‫على الصحيح‪ ،‬كاالمالة قه را‪ .‬وإن قص ر‪ ،‬لم تبطل على الم ذهب‪ .‬وبه قطع‬
‫الجمه ور‪ ،‬لعم وم الجم اح‪ .‬وإذا لم تبطل في ص ورة النس يان‪ ،‬ف إن ط ال‬
‫الزم ان‪ ،‬س جد للس هو‪ .‬وإن قص ر‪ ،‬فوجه ان‪ .‬المنص وص‪ :‬ال يس جد‪ .‬وفي‬
‫صورة الجماح أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يسجد‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ .‬والث الث‪ :‬إن ط ال‪ ،‬س جد‪،‬‬
‫وإال فال‪ .‬وهذا تفريع على المشهور أن النفل يدخله سجود السهو‪ .‬فرع‪ :‬ه ذا‬
‫الذي قدمناه‪ ،‬هو في استقبال الراكب على سرج‪ ،‬ونح وه‪ ،‬وليس عليه وضع‬
‫الجبهة على عرف الدابة‪ ،‬وال على السرج‪ ،‬واالك اف‪ ،‬بل ينح ني للرك وع‪،‬‬
‫والسجود‪ ،‬إلى طريقه‪ .‬والسجود‪ ،‬أخفض من الركوع‪ .‬قال إمام‬

‫] ‪[ 322‬‬
‫الح رمين‪ :‬الفصل بينهما عند التمكن محت وم‪ .‬والظ اهر‪ :‬أنه ال يجب مع ذلك‬
‫أن تبلغ غاية وسعه في االنحناء‪ .‬وأما سائر االرك ان‪ ،‬فكيفيتها ظ اهرة‪ .‬وأما‬
‫الراكب في مرقد ونحوه‪ ،‬مما يس هل فيه االس تقبال‪ ،‬وإتم ام االرك ان‪ ،‬فعليه‬
‫االس تقبال في جميع الص الة‪ ،‬وإتم ام االرك ان في جميع الص الة (‪ )1‬على‬
‫االصح‪ ،‬كراكب السفينة‪ .‬والثاني‪ :‬ال يشترط‪ .‬وهو منص وص‪ .‬وأما الماش ي‪،‬‬
‫ففيه أقوال‪ .‬أظهرها‪ :‬أنه يشترط أن يركع‪ ،‬ويسجد على االرض‪ ،‬وله التشهد‬
‫ماش يا‪ .‬والث اني‪ :‬يش ترط التش هد أيضا قاع دا‪ ،‬وال يمشي إال حالة القي ام‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬ال يش ترط اللبث ب االرض في ش ئ‪ ،‬وي ومئ ب الركوع والس جود‪،‬‬
‫كالراكب‪ .‬وأما اس تقباله‪ ،‬ف إن قلنا ب القول الث اني‪ ،‬وجب عند االح رام‪ ،‬وفي‬
‫جميع الصالة غير القيام‪ .‬وإن قلنا ب االول‪ ،‬اس تقبل في االح رام‪ ،‬والرك وع‪،‬‬
‫والسجود‪ ،‬وال يجب عند الس الم على االص ح‪ .‬وإن قلنا بالث الث‪ ،‬لم يش ترط‬
‫االس تقبال في غ ير حالة االح رام‪ ،‬والس الم‪ .‬وحكمه فيهما حكم راكب بي ده‬
‫الزمام‪ .‬وإذا لم نوجب اس تقبال القبل ة‪ ،‬ش رطنا مالزمة جهة مقص ده‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫يشترط أن يكون ما يالقي بدن المصلي على الراحل ة‪ ،‬وثياب ه‪ ،‬من الس رج‪،‬‬
‫وغيره‪ ،‬ط اهرا‪ .‬ولو ب الت الداب ة‪ ،‬أو وطئت نجاس ة‪ ،‬أو ك ان على الس رج‬
‫نجاس ة‪ ،‬فس ترها‪ ،‬وص لى علي ه‪ ،‬لم يض ر‪ .‬ولو أوطأها ال راكب نجاس ة‪ ،‬لم‬
‫يضر أيضا على االص ح‪ .‬ولو وطئ مصل ماش يا‪ ،‬نجاسة عم دا‪ ،‬بطلت‬
‫ص الته‪ ،‬وال يكلف التحفظ واالحتي اط في المش ي‪ .‬ولو انتهى إلى نجاسة‬
‫يابسة‪ ،‬ولم يجد عنها معدال‪ ،‬قال إمام الحرمين‪ :‬هذا فيه احتم ال‪ .‬ف إن ك انت‬
‫رطب ة‪ ،‬فمشى عليه ا‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬ف رع‪ :‬يش ترط في ج واز النفل راكبا‬
‫وماشيا دوام الس فر‪ ،‬فلو بلغ الم نزل في خالل الص الة‪ ،‬اش ترط إتمامها إلى‬
‫القبلة متمكن ا‪ .‬وي نزل إن ك ان راكب ا‪ .‬ولو دخل بلد إقامت ه‪ ،‬فعليه ال نزول‪،‬‬
‫وإتمام الصالة مستقبال بأول دخوله البنيان (‪ ،)2‬إال إذا‬

‫] ‪[ 323‬‬
‫جوزنا للمقيم التنفل على الراحل ة‪ ،‬وك ذا لو ن وى االقامة بقري ة‪ .‬ولو مر‬
‫بقرية مجتازا‪ ،‬فله إتم ام الص الة راكب ا‪ ،‬ف إن ك ان له بها أه ل‪ ،‬فهل يص ير‬
‫مقيما ب دخولها ؟ ق والن‪ .‬إن قلن ا‪ :‬يص ير‪ ،‬وجب ال نزول واالتم ام مس تقبال‪.‬‬
‫قلت‪ :‬االظهر‪ ،‬ال يصير‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وحيث أمرناه بالنزول‪ ،‬ف ذلك عند تع ذر‬
‫البناء على الداب ة‪ ،‬فلو أمكن االس تقبال‪ ،‬وإتم ام االرك ان عليها وهي واقف ة‪،‬‬
‫جاز‪ .‬ويشترط االحتراز عن االفعال ال تي ال يحت اج إليه ا‪ .‬فلو ركض الدابة‬
‫للحاج ة‪ ،‬فال ب أس‪ .‬ولو أجراها بال ع ذر‪ ،‬أو ك ان ماش يا‪ ،‬فع دا بال ع ذر‪،‬‬
‫بطلت ص الته على االص ح‪ .‬فصل في اس تقبال المص لي على االرض‪ :‬وله‬
‫أحوال‪ ..‬أحدها‪ :‬أن يصلي في جوف الكعبة‪ ،‬فتصح الفريضة‪ ،‬والنافلة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ق ال أص حابنا‪ :‬والنفل فيها أفضل منه خارجه ا‪ .‬وك ذا الف رض إن لم ي رج‬
‫جماع ة‪ ،‬ف إن رجاه ا‪ ،‬فخارجها أفضل (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬ثم له أن يس تقبل أي‬
‫جدار شاء‪ .‬وله استقبال الباب‪ ،‬إن ك ان م ردودا‪ ،‬أو مفتوح ا‪ ،‬وله عتبة ق در‬
‫ثلثي ذراع تقريب ا‪ .‬ه ذا هو الص حيح‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أنه يش ترط في العتب ة‪ ،‬أن‬
‫تكون بقدر قامة المصلي ط وال وعرض ا‪ .‬ووج ه‪ :‬أنه يكفي شخوص ها ب أي‬
‫قدر كان‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬لو انه دمت الكعبة ‪ -‬والعي اذ باهلل ‪ -‬وبقي موض عها‬
‫عرصة‪ ،‬فوقف‬

‫] ‪[ 324‬‬
‫خارجها‪ ،‬وصلى إليها‪ ،‬جاز‪ .‬فإن صلى فيها‪ ،‬فله حكم السطح‪ .‬الحال الثالث‪:‬‬
‫وهو أن يقف على س طحها‪ ،‬ف إن لم يكن بين يديه شئ ش اخص‪ ،‬لم يصح‬
‫على الصحيح‪ .‬وإن كان ش اخص من نفس الكعب ة‪ ،‬فله حكم العتب ة‪ .‬إن ك ان‬
‫ثل ثي ذراع‪ ،‬ج از‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ ،‬على الص حيح‪ .‬وفيه الوجه ان اآلخ ران‪ .‬ولو‬
‫وضع بين يديه متاعا‪ ،‬واستقبله‪ ،‬لم يكف‪ .‬ولو استقبل بقية حائ ط‪ ،‬أو ش جرة‬
‫ثابتة‪ ،‬جاز‪ .‬ولو جمع تراب العرصة‪ ،‬واستقبله‪ ،‬أو حفر حف رة ووقف فيه ا‪،‬‬
‫أو وقف في آخر الس طح‪ ،‬أو العرص ة‪ ،‬وتوجه إلى الج انب اآلخر وهو‬
‫مرتفع عن موقفه‪ ،‬جاز‪ .‬ولو استقبل حشيشا نابتا عليها‪ ،‬أو خش بة‪ ،‬أو عصا‬
‫مغ روزة غ ير مس مرة‪ ،‬لم يكف على االص ح‪ .‬وإن ك انت العصا مثبت ة‪ ،‬أو‬
‫مس مرة‪ ،‬كفت قطع ا‪ .‬لكن ق ال إم ام الح رمين‪ :‬إن خ رج بعض بدنه عن‬
‫محاذاته ا‪ ،‬ك ان على الخالف اآلتي‪ ،‬فيمن خ رج بعض بدنه عن مح اذاة‬
‫الكعبة‪ .‬قلت‪ :‬لم يجزم إم ام الح رمين بأنه يك ون على ذلك الخالف‪ .‬بل ق ال‪:‬‬
‫في هذا‪ ،‬ت ردد ظ اهر عن دي‪ .‬وظ اهر كالم االص حاب‪ :‬القطع بالص حة في‬
‫مس ألة العص ا‪ ،‬النه يعد مس تقبال‪ ،‬بخالف مس ألة ط رف ال ركن‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الح ال الراب ع‪ :‬أن يص لي عند ط رف ركن الكعب ة‪ ،‬وبعض بدنه يحاذي ه‪،‬‬
‫وبعضه يخرج عنه‪ ،‬فال تصح صالته على االصح‪ .‬ولو وقف االم ام بق رب‬
‫الكعبة عند المقام‪ ،‬أو غيره‪ ،‬ووقف القوم خلفه مستديرين بالبيت‪ ،‬ج از‪ .‬ولو‬
‫وقف وا في أخري ات المس جد‪ ،‬وامتد صف طوي ل‪ ،‬ج از‪ .‬وإن وقف وا بقرب ه‪،‬‬
‫وامتد الصف‪ ،‬فصالة الخارجين عن مح اذاة الكعبة باطل ة‪ .‬الح ال الخ امس‪:‬‬
‫أن يصلي بمكة خارج المسجد‪ .‬فإن عاين الكعبة‪ ،‬كمن يصلي على جبل أبي‬
‫قبيس (‪ ،)1‬صلى إليها‪ .‬ولو بنى محرابه على العي ان‪ ،‬ص لى إليه أب دا‪ ،‬وال‬
‫يحتاج في كل صالة إلى المعاينة‪ .‬وفي معنى المعاين‪ :‬من نشأ بمك ة‪ ،‬وتيقن‬
‫إصابة الكعبة وإن لم يشاهدها حال الصالة‪ ،‬فإن لم يعاين‪ ،‬وال تيقن‬

‫] ‪[ 325‬‬
‫االص ابة‪ ،‬فله اعتم اد االدل ة‪ ،‬والعمل باالجته اد‪ ،‬إن ح ال بينه وبين الكعبة‬
‫حائل أصلي‪ ،‬كالجبل‪ .‬وك ذا إن ك ان الحائل طارئ ا‪ ،‬كالبن اء‪ ،‬على االص ح‪،‬‬
‫للمش قة في تكليف المعاين ة‪ .‬الح ال الس ادس‪ :‬أن يص لي بالمدين ة‪ ،‬فمح راب‬
‫رسول هللا (ص) (‪ ،)1‬ن ازل منزلة الكعب ة‪ .‬فمن يعاين ه‪ ،‬يس تقبله‪ ،‬ويس وي‬
‫محرابه علي ه‪ ،‬بن اء على العي ان‪ ،‬أو االس تدالل‪ ،‬كما ذكرنا في الكعب ة‪ .‬وال‬
‫يجوز العدول عنه باالجته اد بح ال‪ .‬وفي مع نى المدين ة‪ ،‬س ائر البق اع ال تي‬
‫صلى فيها رسول هللا (ص)‪ ،‬إذا ضبط المحراب‪ .‬وكذا المحاريب المنصوبة‬
‫في بالد المس لمين‪ ،‬وفي الطريق ال تي هي ج ادتهم‪ ،‬يتعين اس تقبالها‪ ،‬وال‬
‫يجوز االجتهاد‪ .‬وكذا القرية الصغيرة‪ ،‬إذا نشأ فيها قرون من المس لمين‪ .‬وال‬
‫اعتم اد على عالمة بطريق ين در م رور الن اس ب ه‪ ،‬أو يس توي م رور‬
‫المسلمين والكفار به‪ ،‬أو بقرية خربة‪ ،‬ال يدرى‪ ،‬بناها المس لمون‪ ،‬أو الكف ار‬
‫؟ بل يجتهد‪ .‬ثم هذه المواضع التي منعنا االجتهاد فيها في الجهة‪ ،‬هل يجوز‬
‫في التيامن‪ ،‬والتياسر‪ .‬إن كان مح راب رس ول هللا (ص) ؟ ال يج وز بح ال‪.‬‬
‫ولو تخيل ح اذق‪ ،‬في معرفة القبلة في ه‪ ،‬تيامن ا‪ ،‬أو تياس را‪ ،‬فليس له ذل ك‪،‬‬
‫وخياله باط ل‪ .‬وأما س ائر البالد‪ ،‬فيج وز على االصح ال ذي قطع به‬
‫االكثرون‪ ،‬والثاني‪ :‬ال يجوز‪ .‬والثالث‪ :‬ال يجوز في الكوفة خاص ة‪ .‬والراب ع‪:‬‬
‫ال يج وز في الكوفة والبص رة‪ ،‬لك ثرة من دخلهما من الص حابة رضي هللا‬
‫عنهم‪ .‬الحال السابع‪ :‬إذا كان بموضع ال يقين في ه‪ .‬اعلم أن الق ادر على يقين‬
‫القبل ة‪ ،‬ال يج وز له االجته اد‪ .‬وفيمن اس تقبل حجر الكعبة مع تمكنه منه ا‪،‬‬
‫وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬المن ع‪ ،‬الن كونه من ال بيت‪ ،‬غ ير مقط وع ب ه‪ .‬بل هو‬
‫مظن ون‪ .‬ثم اليقين‪ ،‬قد يحصل بالمعاين ة‪ ،‬وبغيره ا‪ .‬كالناشئ بمك ة‪ ،‬الع ارف‬
‫يقينا بأم ارات‪ .‬وكما ال يج وز االجته اد مع الق درة على اليقين‪ ،‬ال يج وز‬
‫اعتماد قول غيره‪ .‬وأما غير القادر على اليقين‪ ،‬ف إن وجد من يخ بره بالقبلة‬
‫عن علم‪ ،‬اعتمده‪ ،‬ولم‬
‫] ‪[ 326‬‬
‫يجتهد‪ ،‬بش رط عدالة المخ بر‪ ،‬يس توي فيه الرجل والم رأة والعب د‪ .‬وال يقبل‬
‫ك افر قطع ا‪ ،‬وال فاس ق‪ ،‬وال ص بي‪ ،‬وال مم يز على الص حيح فيهم ا‪ .‬ثم قد‬
‫يكون الخبر صحيح (‪ )1‬صرح لفظ‪ ،‬وقد يكون دالل ة‪ ،‬ك المحراب المعتم د‪.‬‬
‫وس واء في العمل ب الخبر‪ ،‬أهل االجته اد وغ يرهم‪ .‬ح تى االعمى‪ ،‬يعتمد‬
‫المحراب إذا عرفه باللمس حيث يعتمده البصير‪ ،‬وكذا البص ير في الظلم ة‪.‬‬
‫وقال ص احب (الع دة)‪ :‬إنما يعتمد االعمى على المس‪ ،‬في مح راب رآه قبل‬
‫العمى‪ .‬ف إن لم يكن ش اهده‪ ،‬لم يعتم ده‪ .‬ولو اش تبه عليه مواضع لمس ها‪ ،‬فال‬
‫شك أنه يصبر‪ ،‬حتى يخبره غيره صريحا‪ .‬ف إن خ اف ف وت ال وقت‪ ،‬ص لى‬
‫على حسب حاله‪ ،‬وأعاد‪ .‬ه ذا كل ه‪ ،‬إذا وجد من يخ بره عن علم‪ ،‬وهو ممن‬
‫يعتمد قول ه‪ .‬أما إذا لم يجد الع اجز من يخ بره‪ ،‬فت ارة يق در على االجته اد‪،‬‬
‫وتارة ال يقدر‪ .‬فإن قدر‪ ،‬لزم ه‪ ،‬واس تقبل ما ظنه القبل ة‪ .‬وال يصح االجته اد‬
‫إال بأدلة القبلة‪ .‬وهي كثيرة فيها كتب مصنفة‪ .‬وأضعفها‪ ،‬الرياح‪ ،‬الختالفه ا‪.‬‬
‫وأقواها‪ ،‬القطب‪ ،‬وهو نجم ص غير في بن ات نعش الص غرى‪ ،‬بين الفرق دين‬
‫والجدي‪ ،‬إذا جعله الواقف خلف أذنه اليم نى‪ ،‬ك ان مس تقبال القبل ة‪ ،‬إن ك ان‬
‫بناحية الكوفة (‪ ،)2‬وبغ داد (‪ ،)3‬وهم دان‪ ،‬وق زوين (‪ ،)4‬وطبرس تان‪،‬‬
‫وجرج ان‪ ،‬وما واالها (‪ .)5‬وليس للق ادر على االجته اد‪ ،‬تقليد غ يره‪ .‬ف إن‬
‫فعل‪ ،‬وجب قضاء الصالة‪ .‬وسواء خاف خروج الوقت‪ ،‬أم لم يخف ه‪ .‬لكن إن‬
‫‪،‬ضاق الوقت‪ ،‬صلى كيف كان‬

‫] ‪[ 327‬‬
‫وتجب االعادة‪ .‬هذا هو الصحيح‪ ،‬وفيه وجه البن سريج‪ :‬أنه يقلد عند خوف‬
‫الفوات‪ .‬وفي وجه ثالث‪ :‬يص بر إلى أن تظهر القبل ة‪ ،‬وإن ف ات ال وقت‪ .‬ولو‬
‫خفيت الدالئل على المجتهد‪ ،‬لغيم‪ ،‬أو ظلمة‪ ،‬أو تعارض أدلة‪ ،‬فثالثة ط رق‪.‬‬
‫أص حها‪ :‬ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال يقل د‪ .‬والث اني‪ :‬يقل د‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬يقل د‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬يص لي بال تقليد كيف ك ان‪ ،‬ويقض ي‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬يقل د‪ ،‬لم يلزمه‬
‫االعادة على الصحيح‪ ،‬وقول الجمهور‪ .‬قال إمام الح رمين‪ :‬ه ذه الط رق إذا‬
‫ضاق الوقت‪ ،‬وقبل ضيقه‪ ،‬يصبر‪ ،‬وال يقلد قطع ا‪ ،‬لع دم الحاج ة‪ .‬ق ال‪ :‬وفيه‬
‫احتمال من التيمم أول الوقت‪ .‬أما إذا لم يقدر على االجته اد‪ ،‬ف إن عجز عن‬
‫تعلم أدلة القبل ة‪ ،‬ك االعمى‪ ،‬والبص ير ال ذي ال يع رف االدل ة‪ ،‬وال له أهلية‬
‫معرفتها‪ ،‬وجب عليه تقليد مكلف‪ ،‬مسلم‪ ،‬عدل‪ ،‬عارف باالدل ة‪ ،‬س واء في ه‪،‬‬
‫الرجل‪ ،‬والمرأة‪ ،‬والعبد‪ .‬وفي وجه شاذ‪ :‬له تقليد صبي مميز‪ .‬والتقليد‪ :‬قب ول‬
‫قوله المس تند إلى االجته اد‪ .‬فلو ق ال بص ير‪ :‬رأيت القطب‪ ،‬أو رأيت الخلق‬
‫العظيم من المسلمين يصلون إلى هنا‪ ،‬كان االخذ به‪ ،‬قب ول خ بر‪ ،‬ال تقلي دا‪.‬‬
‫ولو اختلف عليه اجته اد مجته دين‪ ،‬قلد من ش اء منهما على الص حيح‪.‬‬
‫واالولى تقليد االوثق واالعلم‪ .‬وقي ل‪ :‬يجب ذل ك‪ .‬وقي ل‪ :‬يص لي م رتين إلى‬
‫الجه تين‪ ،‬وأما المتمكن من تعلم أدلة القبلة فيب نى على أن تعلمها ف رض‬
‫كفاية‪ ،‬أم عين ؟ واالصح‪ :‬فرض عين‪ .‬قلت‪ :‬المخت ار ما قاله غ يره‪ ،‬أنه إن‬
‫أراد سفرا‪ ،‬ففرض عين‪ ،‬لعموم حاجة المسافر إليها‪ ،‬وكثرة االش تباه علي ه‪،‬‬
‫وإال ففرض كفاية‪ ،‬إذا لم ينقل أن النبي (ص) ثم السلف‪ ،‬ألزموا آحاد الناس‬
‫بذلك‪ ،‬بخالف أركان الص الة وش روطها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ليس بف رض‬
‫عين‪ ،‬ص لى بالتقلي د‪ ،‬وال يقضي ك االعمى‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ف رض عين‪ ،‬لم يجز‬
‫التقليد‪ .‬فإن قلد‪ ،‬قضى لتقص يره‪ .‬وإن ض اق ال وقت عن التعلم‪ ،‬فهو كالع الم‬
‫إذا تحير‪ .‬وتق دم الخالف في ه‪ .‬ف رع‪ :‬المص لي باالجته اد‪ ،‬إذا ظهر له الخطأ‬
‫في االجتهاد‪ ،‬له أحوال‪ .‬أحدها‪ :‬أن يظهر قبل الشروع في الصالة‪ ،‬فإن تيقن‬
‫الخطأ في اجتهاده‪ ،‬أعرض عنه‪ ،‬واعتمد الجهة التي يعلمها‪ ،‬أو يظنها اآلن‪.‬‬
‫وإن لم ي تيقن‪ ،‬بل ظن أن الص واب جهة أخ رى‪ .‬ف إن ك ان دليل االجته اد‬
‫‪،‬الثاني عنده أوضح من االول اآلن‬

‫] ‪[ 328‬‬
‫اعتمد الث اني‪ .‬وإن ك ان االول أوض ح‪ ،‬اعتم ده‪ .‬وإن تس اويا‪ ،‬فله الخي ار‬
‫فيهم ا‪ ،‬على االص ح‪ .‬وقي ل‪ :‬يص لي إلى الجه تين م رتين‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن‬
‫يظهر الخطأ بعد الف راغ من الص الة‪ .‬ف إن تيقن ه‪ ،‬وجبت االع ادة على‬
‫االظهر‪ ،‬سواء تيقن الص واب أيض ا‪ ،‬أم ال‪ .‬وقي ل‪ :‬الق والن إذا تيقن الخط أ‪،‬‬
‫وتيقن الصواب‪ .‬أما إذا لم يتيقن الصواب‪ ،‬فال إعادة قطعا‪ .‬والمذهب‪ :‬االول‪.‬‬
‫ولو تيقن الخطأ ال ذي قل ده االعمى‪ ،‬فهو ك تيقن خطأ المجته د‪ .‬وأما إذا لم‬
‫يتيقن الخطأ‪ ،‬بل ظنه‪ ،‬فال إع ادة علي ه‪ .‬فلو ص لى أربع ص لوات‪ ،‬إلى أربع‬
‫جهات‪ ،‬باجتهادات‪ ،‬فال إع ادة على الص حيح‪ .‬وعلى وجه ش اذ‪ :‬يجب إع ادة‬
‫االربع‪ .‬وقيل‪ :‬يجب إعادة غير االخيرة‪ .‬ويجري ه ذا الخالف‪ ،‬س واء أوجبنا‬
‫تجديد االجتهاد‪ ،‬أم لم نوجبه ففعله‪ .‬الح ال الث الث‪ :‬أن يظهر الخطأ في أثن اء‬
‫الصالة‪ .‬وهو ضربان‪ .‬أحدهما‪ :‬يظهر الص واب مقترنا بظه ور الخط أ‪ .‬ف إن‬
‫كان الخطأ متيقن ا‪ ،‬بنين اه على الق ولين في تيقن الخطأ بعد الف راغ‪ .‬ف إن قلنا‬
‫بوج وب االع ادة‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬وإال فوجه ان‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬أص حهما‪:‬‬
‫ينحرف إلى جهة الصواب‪ ،‬ويتم صالته‪ .‬والثاني‪ :‬تبط ل‪ .‬وإن لم يكن الخطأ‬
‫متيقن ا‪ ،‬بل مظنون ا‪ ،‬فعلى ه ذين ال وجهين‪ ،‬أو الق ولين‪ ،‬االص ح‪ :‬ينح رف‪،‬‬
‫ويب ني‪ .‬وعلى ه ذا‪ :‬االصح لو ص لى أربع ركع ات‪ ،‬إلى أربع جه ات‪،‬‬
‫باجتهادات‪ ،‬فال إعادة كالص لوات‪ ،‬وخص ص احب (الته ذيب) ال وجهين بما‬
‫إذا كان الدليل الث اني أوضح من االول‪ .‬ق ال‪ :‬ف إن اس تويا‪ ،‬تمم ص الته إلى‬
‫الجهة االولى‪ ،‬وال إعادة‪ .‬الضرب الثاني‪ :‬أن ال يظهر الص واب مع الخط أ‪،‬‬
‫فإن عجز عن الصواب باالجتهاد على القرب‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬إن ق در عليه‬
‫على الق رب‪ ،‬فهل ينح رف ويب ني‪ ،‬أم يس تأنف ؟ فيه خالف م رتب على‬
‫الضرب االول‪ ،‬وأولى باالستئناف‪ .‬قلت‪ :‬الصواب هن ا‪ ،‬وج وب االس تئناف‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬مثاله‪ ،‬عرف أن قبلته يسار المشرق‪ ،‬فذهب الغيم‪ ،‬وظهر ك وكب‬
‫ق ريب من االف ق‪ ،‬هو مس تقبله‪ ،‬فعلم الخطأ يقين ا‪ ،‬ولم يعلم الص واب‪ ،‬إذ‬
‫يحتمل كون‬

‫] ‪[ 329‬‬
‫الكوكب في المش رق‪ ،‬ويحتمل المغ رب‪ .‬لكن يع رف الص واب على ق رب‪،‬‬
‫فإنه يرتفع‪ ،‬فيعلم أنه مشرق‪ ،‬أو ينحط‪ ،‬فيعلم أنه مغرب‪ ،‬ويعرف به القبل ة‪.‬‬
‫وقد يعجز عن ذلك ب أن يطبق الغيم عقب الك وكب‪ .‬ف رع في المطل وب‬
‫باالجتهاد‪ :‬قوالن‪ .‬أح دهما‪ :‬جهة الكعب ة‪ .‬وأظهرهم ا‪ :‬عينه ا‪ .‬اتفق العراقي ون‬
‫والقفال على تصحيحه‪ .‬ولو ظهر الخطأ في التي امن‪ ،‬أو التياس ر‪ ،‬ف إن ك ان‬
‫ظهوره باالجتهاد‪ ،‬وظهر بعد الفراغ‪ ،‬لم ي ؤثر قطع ا‪ .‬وإن ك ان في أثنائه ا‪،‬‬
‫انحرف‪ ،‬وأتمها قطعا‪ .‬وإن كان ظهور باليقين‪ ،‬وقلنا‪ :‬الف رض جهة الكعب ة‪،‬‬
‫فكذلك‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬عينه ا‪ ،‬ففي وج وب االع ادة بعد الف راغ‪ ،‬واالس تئناف في‬
‫االثن اء‪ ،‬الق والن‪ .‬ق ال ص احب (الته ذيب) وغ يره‪ :‬وال يس تيقن الخطأ في‬
‫االنحراف مع البعد عن مكة‪ ،‬وإنما يظن‪ .‬ومع الق رب يمكن ال تيقن‪ ،‬والظن‪.‬‬
‫وه ذا كله كالتوسط بين اختالف أطلقه أص حابنا العراقي ون‪ :‬أنه هل ي تيقن‬
‫الخطأ في االنحراف من غير معاينة الكعبة‪ ،‬من غ ير ف رق بين الق رب من‬
‫مكة والبعد ؟ فقالوا‪ :‬قال الشافعي رحمه هللا‪ :‬ال يتص ور إال بالمعاين ة‪ .‬وق ال‬
‫بعض االصحاب‪ :‬يتصور‪ .‬فرع‪ :‬إذا صلى باجتهاد‪ ،‬ثم أراد فريضة أخ رى‪،‬‬
‫حاضرة‪ ،‬أو فائتة‪ ،‬وجب إعادة االجتهاد على االصح (‪ .)1‬ثم قيل الوجهان‪،‬‬
‫إذا لم يفارق موضعه‪ .‬ف إن فارقه وجب إعادته قطع ا‪ ،‬ك التيمم‪ .‬ولكن الف رق‬
‫ظاهر‪ ،‬وال يحتاج إلى تجديد االجته اد للنافلة قطعا ولو رأى اجته اد رجلين‬
‫إلى جه تين‪ ،‬عمل كل باجته اده‪ ،‬وال يقت دي بص احبه‪ .‬ولو اجتهد جماع ة‪،‬‬
‫واتفق اجته ادهم ف أمهم أح دهم‪ ،‬ثم تغ ير اجته اد م أموم‪ ،‬لزمه المفارق ة‪،‬‬
‫وينحرف إلى الجهة الثانية‪ .‬وهل له البناء‪ ،‬أم عليه االستئناف ؟ فيه الخالف‬
‫المتقدم في تغير االجتهاد في أثناء الصالة‪ ،‬وهل هو مفارق بع ذر‪ ،‬أو بغ ير‬
‫ع ذر لتركه كم ال البحث ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو‬
‫تغير اجتهاد االمام‪ ،‬انحرف إلى الجهة الثانية‪ ،‬بانيا أو مستأنفا‪ ،‬على‬

‫] ‪[ 330‬‬
‫الخالف‪ .‬ويفارقه الم أمومون‪ .‬ولو اختلف اجته اد رجلين في التي امن‪،‬‬
‫والتياس ر‪ ،‬والجهة الواح دة‪ ،‬ف إن أوجبنا على المجتهد رعاية ذل ك‪ ،‬فهو‬
‫كاالختالف في الجهة‪ ،‬فال يقتدي أحدهما ب اآلخر‪ ،‬وإال فال ب أس‪ .‬ولو ش رع‬
‫المقلد في الصالة بالتقليد‪ ،‬فقال له عدل‪ :‬أخطأ بك فالن‪ ،‬فله حاالن‪ .‬أحدهما‪:‬‬
‫أن يكون قوله عن اجتهاد‪ .‬فإن كان قول االول أرجح عنده‪ ،‬لزي ادة عدالت ه‪،‬‬
‫أو هدايته لالدلة‪ ،‬أو مثله‪ ،‬أو لم يعرف هل هو مثل ه‪ ،‬أم ال ؟ لم يجب العمل‬
‫بقول الثاني‪ .‬وهل تجوز العمل به ؟ يبني على أن المقلد إذا وجد مجته دين‪،‬‬
‫هل يجب االخذ بأعلمهما‪ ،‬أم يتخير ؟ فإن قلن ا‪ :‬ب االول‪ ،‬لم يج ز‪ ،‬وإال‪ ،‬ففيه‬
‫خالف‪ .‬قلت‪ :‬الصحيح‪ :‬أنه ال يجوز‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن ك ان الث اني أرجح‪ ،‬فهو‬
‫كتغير اجتهاد البصير‪ ،‬فينحرف‪ .‬ويجئ الخالف في أنه يب ني‪ ،‬أم يس تأنف ؟‬
‫ولو ق ال له المجتهد الث اني بعد الف راغ من الص الة‪ ،‬لم يل زم االع ادة قطعا‬
‫وإن كان الثاني أرجح‪ ،‬كما لو تغ ير اجته اده بعد الف راغ‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن‬
‫يخبر عن علم‪ ،‬ومعاينه‪ ،‬فيجب الرجوع إلى قوله وإن كان قول االول أقوى‬
‫عنده‪ .‬ومن هذا القبيل‪ ،‬أن يق ول لالعمى‪ :‬أنت مصل إلى الش مس‪ ،‬واالعمى‬
‫يعلم أن قبلته إلى غ ير الش مس‪ ،‬فيل زم االس تئناف على االظه ر‪ .‬ولو ق ال‬
‫الثاني‪ :‬أنت على الخطأ قطعا‪ ،‬وجب قبوله قطعا‪ .‬وسواء أخ بره ه ذا الق اطع‬
‫بالخطأ عن الص واب‪ ،‬متيقنا أو مجته دا‪ ،‬يجب قبوله (‪ ،)1‬الن تقليد االول‬
‫بطل بقطع ه ذا‪ .‬وكل الم ذكور في الح الين‪ ،‬مف روض فيما إذا أخ بر الث اني‬
‫بالخطأ والصواب‪ :‬جميعا‪ .‬ف إن أخ بره عن الخطأ وح ده‪ ،‬على ص ورة يجب‬
‫قبولها‪ ،‬ولم يخبر هو‪ ،‬وال‬

‫] ‪[ 331‬‬
‫غيره بالصواب‪ ،‬فهو كاختالف المجتهدين عليه في أثناء الص الة‪ .‬وقد س بق‬
‫في الف رع (‪ .)1‬الب اب الرابع في ص فة الص الة (‪ )2‬الص الة تش تمل على‬
‫أرك ان وس نن تس مى‪ :‬أبعاض ا‪ ،‬وس نن ال تس مى أبعاض ا‪ .‬فاالرك ان المتفق‬
‫عليه ا‪ ،‬س بعة عشر (‪ .)3‬الني ة‪ ،‬والتكب ير‪ ،‬والقي ام‪ ،‬والق راءة‪ ،‬والرك وع‪.‬‬
‫والطمأنينة في ه‪ ،‬واالعت دال‪ ،‬والطمأنينة في ه‪ ،‬والس جود‪ ،‬والطمأنية فيه‬
‫والجلوس بين السجدتين‪ ،‬والطمأنينة‬

‫] ‪[ 332‬‬
‫فيه‪ ،‬والقعود في آخر الصالة‪ ،‬والتشهد فيه‪ ،‬والص الة على الن بي (ص) فيه‬
‫والس الم‪ ،‬وترتيبها هك ذا‪ .‬ومن ف رض فيها الم واالة‪ ،‬ونية الخ روج ألحقهما‬
‫باالركان‪ .‬وضم ص احب (التلخيص) والقف ال‪ ،‬إلى االرك ان اس تقبال القبل ة‪.‬‬
‫ومن االص حاب‪ ،‬من جعل نية الص الة ش رطا‪ .‬والك ثرون على أنها ركن‪،‬‬
‫وهو الصحيح‪ .‬وأما االبعاض‪ ،‬فستة‪ .‬أحدها‪ :‬القنوت في الص بح‪ ،‬وفي ال وتر‬
‫في النصف الثاني من شهر رمضان‪ .‬والثاني‪ :‬القيام للقنوت‪ .‬والثالث‪ :‬التشهد‬
‫االول‪ .‬والرابع‪ :‬الجلوس له‪ .‬والخامس‪ :‬الصالة على الن بي (ص) في التش هد‬
‫االول‪ ،‬إذا قلن ا‪ :‬تس ن‪ .‬والس ادس (‪ :)1‬والص الة على آل الن بي (ص) في‬
‫التش هد االول‪ ،‬واآلخ ر‪ ،‬إذا قلن ا‪ :‬هي س نة فيهم ا‪ .‬وأما الس نن ال تي ليست‬
‫أبعاضا‪ ،‬فما يشرع سوى ما ق دمناه‪ .‬فصل في الني ة‪ :‬يجب مقارنتها التكب ير‪.‬‬
‫وفي كيفية المقارنة‪ ،‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يجب أن يبتدئ النية بالقلب‪ ،‬مع ابتداء‬
‫التكبير باللسان‪ ،‬ويفرغ منه ا‪ ،‬مع فراغه من ه‪ .‬وأص حهما‪ :‬ال يجب ه ذا‪ ،‬بل‬
‫ال يجوز لئال يخلو أول التكبير عن تمام النية‪ .‬فعلى هذا قي ل‪ :‬يجب أن تق دم‬
‫النية على التكبير‪ ،‬ولو بشئ يسير‪ .‬والصحيح ال ذي قاله االك ثرون‪ :‬ال يجب‬
‫ذلك‪ ،‬بل االعتبار بالمقارنة‪ .‬وسواء ق دم‪ ،‬أم لم يق دم‪ ،‬يجب استص حاب النية‬
‫إلى انقضاء التكبير على االصح وعلى الثاني‪ ،‬ال يجب‪ .‬والنية‪ :‬هي القص د‪،‬‬
‫فيحضر المصلي في ذهنه ذات الصالة‪ ،‬وما يجب التعرض له من صفاتها‪،‬‬
‫كالظهرية‪ ،‬والفرضية‪ ،‬وغيرهما‪ .‬ثم يقصد ه ذه العل وم‪ ،‬قص دا مقارنا الول‬
‫التكبير (‪ .)2‬وال يجب استصحاب النية بعد التكبير‪ ،‬ولكن يشترط‬

‫] ‪[ 333‬‬
‫أن ال يأتي بمناقض لها‪ .‬ولو نوى في أثناء الص الة‪ ،‬الخ روج منه ا‪ ،‬بطلت‪.‬‬
‫وإن تردد في أن يخرج‪ ،‬أو يستمر‪ ،‬بطلت‪ .‬والم راد ب التردد‪ :‬أن يط رأ شك‬
‫من اقض للج زم‪ .‬وال ع برة بما يج ري في الفك ر‪ ،‬أنه لو ت ردد في الص الة‪،‬‬
‫كيف يك ون الح ال‪ ،‬ف إن ذلك مما يبتلى به الموس وس‪ .‬وقد يقع ذلك في‬
‫االيمان باهلل تعالى‪ ،‬فال مباالة بذلك‪ ،‬قاله امام الحرمين‪ .‬ولو نوى في الركعة‬
‫االولى‪ ،‬الخروج في الثانية‪ ،‬أو علق الخروج بشئ يوجد في ص الته قطع ا‪،‬‬
‫بطلت في الح ال على الص حيح‪ ،‬وعلى الش اذ‪ :‬ال تبطل في الح ال‪ ،‬بل لو‬
‫رفض هذا التردد قبل االنتهاء إلى الغاية المنوية‪ ،‬صحت ص الته‪ .‬ولو علق‬
‫الخروج بدخول ش خص ونح وه‪ ،‬مما يحتمل حص وله في الص الة‪ .‬وعدم ه‪،‬‬
‫بطلت في الحال على االصح‪ ،‬كما لو دخل في الص الة هك ذا‪ ،‬فإنه ال ينعقد‬
‫بال خالف‪ ،‬وكما لو علق به الخ روج من االس الم‪ ،‬فإنه يكفر في الح ال‬
‫قطعا‪ .‬والثاني‪ :‬ال تبطل في الحال‪ .‬وهل تبطل بوجود الصفة إذا وجدت وهو‬
‫ذاهل عن التعليق ؟ وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال‪ ،‬وأصحهما‪ ،‬وقول االكثرين‪ :‬تبط ل‪.‬‬
‫ق ال إم ام الح رمين‪ :‬ويظهر على ه ذا‪ ،‬أن يق ال‪ :‬ت بين بالص فة بطالنها من‬
‫حين التعلي ق‪ .‬أما إذا وج دت‪ ،‬وهو ذاكر للتعلي ق‪ .،‬فتبطل قطع ا‪ .‬ولو ن وى‬
‫فريضة‪ ،‬أو سنة راتبة‪ ،‬ثم نوى فيها فريضة أخ رى‪ ،‬أو راتب ة‪ ،‬بطلت ال تي‬
‫كان فيها‪ ،‬ولم تحصل المنوية‪ .‬وفي بقاء أصل الصالة نافلة قوالن ن ذكرهما‬
‫إن شاء هللا تعالى‪ .‬ولو تردد الصائم في الخ روج من ص ومه‪ ،‬أو علقة على‬
‫دخول شخص ونحوه‪ ،‬لم يبطل على المذهب الذي قطع به الجماهير‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫وجهان‪ .‬ولو جزم نية الخروج من ه‪ ،‬لم يبطل على االص ح‪ ،‬ك الحج‪ ،‬فإنه ال‬
‫يبطل قطعا‪ .‬ولو شك في صالته‪ ،‬هل أتى بكم ال الني ة‪ ،‬أم تركه ا‪ ،‬أو ت رك‬
‫بعض ش روطها ؟ نظر إن ت ذكر أنه أتى بكمالها قبل أن يح دث ش يئا على‬
‫الشك وقصر الزم ان‪ ،‬لم تبطل ص الته وإن ط ال‪ ،‬بطلت على االصح‬
‫النقطاع نظمها‪ .‬وإن تذكر بعد أن أتى على الشك بركن فعلي‪ ،‬كالركوع‪ ،‬أو‬
‫الس جود‪ ،‬بطلت‪ .‬وإن أتى بق ولي‪ ،‬ك القراءة‪ ،‬والتش هد‪ ،‬بطلت أيضا على‬
‫االصح المنصوص‪ ،‬والذي قطع به العراقيون‪ .‬قلت‪ :‬قال الماوردي‪ :‬لو شك‪،‬‬
‫هل ن وى ظه را‪ ،‬أو عص را ؟ لم يجزئه عن واح دة‪ ،‬ف إن تيقنه ا‪ ،‬فعلى‬
‫التفصيل الم ذكور‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع في كيفية النية أما الفريض ة‪ ،‬فيجب فيها‬
‫‪.‬قصد أمرين بال خالف‬

‫] ‪[ 334‬‬
‫أح دهما‪ :‬فعل الص الة‪ ،‬لتمت از عن س ائر االفع ال‪ .‬وال يكفي إحض ار نفس‬
‫الصالة بالب ال‪ ،‬غ افال عن الفع ل‪ .‬والث اني‪ :‬تع يين الص الة الم أتي به ا‪ ،‬وال‬
‫تجزئه نية فريضة ال وقت عن نية الظه ر‪ ،‬أو العصر على االص ح‪ ،‬الن‬
‫الفائتة ال تي يت ذكرها تش اركها في كونها فريضة ال وقت‪ .‬وال تصح الظهر‬
‫بنية الجمعة على الص حيح الص واب‪ .‬وال تصح الجمعة بنية مطلق الظه ر‪،‬‬
‫وال تصح بنية الظهر المقصورة إن قلنا‪ :‬إنها صالة بحيالها‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ظهر‬
‫مقصورة‪ ،‬صحت‪ .‬واختلفوا في اعتبار أمور س وى ه ذين االم رين‪ .‬أح دها‪:‬‬
‫الفرضية‪ ،‬وهو شرط على االصح عند االكثرين‪ ،‬سواء ك ان الن اوي بالغ ا‪،‬‬
‫أو ص بيا‪ .‬وس واء ك انت الص الة قض اء‪ ،‬أم أداء‪ .‬الث اني‪ :‬االض افة إلى هللا‬
‫تع الى‪ ،‬ب أن يق ول‪ :‬هلل‪ ،‬أو فريضة هللا‪ .‬واالص ح‪ :‬أنه ال يش ترط‪ .‬الث الث‪:‬‬
‫القض اء‪ ،‬واالداء‪ ،‬االص ح‪ :‬أنه ال يش ترط‪ ،‬بل تصح أداء بنية القض اء‪،‬‬
‫وعكس ه‪ .‬ولك أن تق ول‪ :‬الخالف في اش تراط نية االداء في االداء‪ ،‬ونية‬
‫القض اء في القض اء‪ ،‬ظ اهر‪ .‬أما الخالف في ص حة االداء بنية القض اء‬
‫وعكسه‪ ،‬فليس بظاهر‪ ،‬النه إن جرت هذه النية على لسانه‪ ،‬أو في قلبه‪ ،‬ولم‬
‫يقصد حقيقة معناها‪ ،‬فينبغي أن تصح قطع ا‪ .‬وإن قصد حقيقة معن اه‪ ،‬فينبغي‬
‫أن ال يصح قطعا‪ ،‬لتالعبه‪ .‬قلت‪ :‬مراد االصحاب بقولهم‪ :‬يصح القض اء بنية‬
‫االداء‪ )1( ،‬وعكسه‪ ،‬من‬

‫] ‪[ 335‬‬
‫نوى ذلك جاهل الوقت لغيم‪ ،‬ونح وه‪ .‬واالل زام ال ذي ذك ره ال رافعي‪ ،‬حكمه‬
‫صحيح‪ ،‬ولكن ليس هو مرادهم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الرابع‪ :‬التعرض الستقبال القبلة‪،‬‬
‫وعدد الركعات‪ .‬المذهب‪ :‬أنه ال يش ترط‪ .‬وقي ل‪ :‬يش ترط‪ ،‬وهو غل ط‪ .‬لكن لو‬
‫نوى الظهر ثالثا‪ ،‬أو خمسة‪ ،‬لم تنعقد‪ .‬وأما النافلة‪ ،‬فضربان‪ .‬أحدهما‪ :‬ما لها‬
‫وقت‪ ،‬أو س بب‪ ،‬فيش ترط فيها نية فعل الص الة‪ ،‬والتع يين‪ .‬فين وي ص الة‬
‫االستسقاء‪ ،‬أو الخس وف‪ ،‬أو عيد الفط ر‪ ،‬أو النح ر‪ ،‬أو الض حى‪ ،‬وغيره ا‪.‬‬
‫وفي الرواتب‪ ،‬يعين باالضافة‪ .‬فيقول‪ :‬سنة الفجر‪ ،‬أو راتبة الظه ر‪ ،‬أو س نة‬
‫العشاء‪ ،‬وفي وجه ضعيف‪ :‬يكفي فيما ع دا ركع تي الفجر من ال رواتب‪ ،‬نية‬
‫أصل الصالة‪ ،‬لتأكد ركعتي الفجر‪ ،‬ف ألحقت ب الفرائض‪ .‬وأما ال وتر‪ ،‬فين وي‬
‫س نة ال وتر‪ ،‬وال يض يفها إلى العش اء‪ ،‬النها مس تقلة‪ .‬ف إن أوتر ب أكثر من‬
‫واح دة‪ ،‬ن وى ب الجميع ال وتر‪ ،‬كما ين وي في جميع ركع ات ال تراويح‪ .‬وفي‬
‫وجه‪ :‬ينوي بما قبل الواحدة‪ ،‬صالة اللي ل‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ين وي به س نة ال وتر‪.‬‬
‫وفي وج ه‪ :‬مقدمة ال وتر‪ .‬والظ اهر‪ :‬أن ه ذه االوجه في االولوي ة‪ ،‬دون‬
‫االش تراط‪ .‬وفي اش تراط نية النفلية في ه ذا الض رب‪ ،‬واالداء‪ ،‬والقض اء‪،‬‬
‫واالضافة إلى هللا تعالى‪ ،‬الخالف المتقدم في الفريضة (‪ .)1‬الضرب الثاني‪:‬‬
‫النوافل (‪ )2‬المطلقة‪ .‬فيكفي فيها نية فعل الص الة‪ .‬ولم ي ذكروا هنا خالفا في‬
‫اش تراط التع رض للنفلي ة‪ .‬ويمكن أن يق ال‪ :‬مقتضى اش تراط الفرض ية في‬
‫الفرض‪ ،‬اشتراط النفلية هنا‪ .‬قلت‪ :‬الصواب‪ ،‬الجزم بع دم اش تراط النفلية في‬
‫‪.‬الضربين‪ .‬وال وجه لالشتراط في االول‪ .‬وهللا أعلم‬
‫] ‪[ 336‬‬
‫فرع‪ :‬النية في جميع العبادات معتبرة بالقلب‪ .‬وال يكفي فيها نطق اللسان مع‬
‫غفلة القلب‪ ،‬وال يش ترط وال يضر مخالفته القلب‪ .‬كمن قصد بقلبه الظه ر‪،‬‬
‫وجرى لسانه بالعصر‪ ،‬انعقد ظهره‪ .‬ولنا وجه شاذ‪ :‬أنه يشترط نطق اللسان‪،‬‬
‫وهو غلط‪ .‬ولو عقب النية بقوله‪ :‬إن شاء هللا تعالى‪ ،‬بالقلب‪ ،‬أو باللسان‪ ،‬فإن‬
‫قصد به التبرك‪ ،‬ووقوع الفعل بمشيئة هللا تعالى‪ ،‬لم يضر‪ .‬وإن قصد الشك‪،‬‬
‫لم تصح صالته (‪ .)1‬فرع‪ :‬من أتى بما ينافي الفريضة‪ ،‬دون النفلية في أول‬
‫ص الته‪ ،‬أو في أثنائه ا‪ ،‬وبطل فرض ه‪ ،‬هل تبقى ص الته نافل ة‪ ،‬أم تبطل ؟‬
‫قوالن‪ .‬اختلف في االصح منهما االصحاب بحسب الصور‪ .‬فمنها‪ :‬إذا تح رم‬
‫بالظهر قبل الزوال‪ ،‬ف إن ك ان عالما بحقيقة الح ال‪ ،‬ف االظهر‪ :‬البطالن‪ .‬وإن‬
‫جهل‪ ،‬فاالظهر‪ :‬انعقادها نافلة‪ .‬ومثله‪ :‬لو وجد المسبوق االم ام راكع ا‪ ،‬ف أتى‬
‫ببعض تكب يرة االح رام في الرك وع‪ ،‬ال ينعقد الف رض‪ .‬ف إن ك ان عالما‬
‫بتحريمه‪ ،‬ف االظهر‪ :‬البطالن‪ ،‬وإال ف االظهر‪ :‬انعقادها نفال‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو أح رم‬
‫بفريضة منف ردا‪ ،‬ثم أقيمت جماع ة‪ ،‬فس لم من ركع تين لي دركها‪ ،‬ف االظهر‪:‬‬
‫ص حتها نفال‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو وجد المص لي قاع دا خفة في ص الته‪ ،‬فلم يقم‪ ،‬أو‬
‫أح رم الق ادر على القي ام ب الفرض قاع دا‪ ،‬أو قلب المص لي فرضه نفال بال‬
‫س بب‪ ،‬ف االظهر‪ :‬البطالن في الثالث ة‪ .‬فصل في تكب يرة االح رام أما الق ادر‬
‫عليها‪ ،‬فيتعين عليه كلمة التكبير‪ .‬وال يجزئ ما قرب منها‪ ،‬ك‍‪ :‬الرحمن أجل‪،‬‬
‫والرب أعظم‪ ،‬أو‪ :‬ال رحمن ال رحيم أك بر‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬يجزئ ه‪ :‬ال رحمن‬
‫أكبر‪ ،‬أو‪ :‬الرحيم أكبر‪ .‬ولو ق ال‪ :‬هللا االك بر‪ ،‬أج زأه على المش هور‪ .‬كما لو‬
‫قال‪ :‬هللا أكبر من كل شئ‪ ،‬أو‪ :‬هللا أكبر‬

‫] ‪[ 337‬‬
‫وأجل وأعظم‪ .‬ولو ق ال‪ :‬هللا الجليل أك بر‪ ،‬أج زأه على الص حيح‪ .‬ويج ري‬
‫الخالف‪ ،‬فيما إذا أدخل بين كلمتي التكبير لفظا آخر من ص فات هللا تع الى‪،‬‬
‫بشرط أن يقل لفظه‪ ،‬كقوله‪ :‬هللا عزوجل أكبر‪ .‬فإن طال‪ ،‬كقوله‪ :‬هللا ال ذي ال‬
‫إله إال هو الملك القدوس أك بر‪ ،‬لم يجزئه قطع ا‪ ،‬لخروجه عن اسم التكب ير‪،‬‬
‫ولو ق ال‪ :‬أك بر هللا‪ ،‬أو‪ :‬االك بر هللا‪ ،‬لم تنعقد ص الته على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫قوالن‪ .‬وقيل‪ :‬ال ينعقد االول‪ .‬وفي الثاني الطريقان‪ .‬ويجب االحتراز في لفظ‬
‫التكبير‪ ،‬عن وقفة بين كلمتيه‪ ،‬وعن زيادة تغير المعنى‪ ،‬بأن يقول‪ :‬هللا أكبر‪،‬‬
‫بمد همزة هللا‪ .‬أو‪ :‬هللا أكبار‪ ،‬أو يزيد واوا ساكنة‪ ،‬أو متحركة بين الكلم تين‪.‬‬
‫وال يضر المد في موضعه‪ ،‬ويجب أن يك بر بحيث يس مع نفس ه‪ ،‬ويجب أن‬
‫يكبر قائما حيث يجب القيام‪ .‬وال يجزئه ترجمة التكب ير بغ ير لس ان الع رب‬
‫مع الق درة علي ه‪ .‬أما الع اجز عن كلمة التكب ير‪ ،‬أو بعض ها‪ ،‬فله ح االن‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن ال يمكنه كسب القدرة‪ .‬فإن كان بخرس‪ ،‬أو نحوه‪ ،‬ح رك لس انه‪،‬‬
‫وشفتيه‪ ،‬ولهاته بالتكبير قدر إمكانه‪ ،‬وإن ك ان ناطقا ال يطاوعه لس انه‪ ،‬أتى‬
‫بترجمة التكب ير‪ ،‬وال يع دل إلى ذكر آخ ر‪ .‬ثم جميع اللغ ات في الترجمة‬
‫سواء‪ ،‬فيتخير بينها على الصحيح‪ .‬وقيل‪ :‬إن أحسن السريانية‪ ،‬أو العبراني ة‪،‬‬
‫تعينت‪ ،‬لش رفها ب إنزال الكت اب به ا‪ .‬والفارس ية بع دهما أولى من التركي ة‪،‬‬
‫والهندية‪ .‬الحال الثاني‪ :‬أن يمكنه القدرة بتعلم‪ ،‬أو نظر في موضع كتب عليه‬
‫لفظ التكبير‪ ،‬فيلزمه ذلك‪ .‬ولو كان ببادي ة‪ ،‬أو موضع ال يجد فيه من يعلم ه‪،‬‬
‫لزمه الس ير إلى قرية يتعلم بها على االص ح‪ .‬والث اني‪ :‬يكفيه الترجم ة‪ .‬وال‬
‫يج وز في أول ال وقت لمن أمكنه التعلم في آخ ره‪ .‬وإذا ص لى بالترجمة في‬
‫الح ال االول‪ ،‬فال إع ادة‪ .‬وأما الح ال الث اني‪ ،‬ف إن ض اق ال وقت عن التعلم‬
‫لبالدة ذهن ه‪ ،‬أو قلة ما أدركه من ال وقت‪ ،‬فال إع ادة أيض ا‪ .‬وإن أخر التعلم‬
‫مع التمكن‪ ،‬وضاق الوقت‪ ،‬ص لى بالترجم ة‪ ،‬وتجب االع ادة على الص حيح‬
‫والصواب‪ .‬قلت‪ :‬ومن فروع الفصل‪ ،‬ما ذكره صاحب (التلخيص) والبغوي‪،‬‬
‫واالصحاب‪ .‬أنه لو كبر لالحرام أربع تكبيرات‪ ،‬أو أك ثر‪ ،‬دخل في الص الة‬
‫باالوتار‪ ،‬وبطلت باالشفاع‪ .‬وصورته‪ ،‬أن ينوي بكل تكبيرة‪ ،‬افتتاح الصالة‪،‬‬
‫ولم ينو‬

‫] ‪[ 338‬‬
‫الخروج عن الصالة بين كل تكبيرتين‪ .‬فباالولى‪ :‬دخل في الصالة‪ .‬وبالثانية‪:‬‬
‫خرج‪ .‬وبالثالثة‪ :‬دخل‪ .‬وبالرابعة‪ :‬خرج‪ .‬وبالخامسة‪ :‬دخل‪ .‬وبالسادسة‪ :‬خ رج‪.‬‬
‫وهكذا أبدا‪ .‬الن من افتتح صالة‪ ،‬ثم نوى افتتاح ص الة‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬ولو‬
‫نوى افتت اح الص التين بين كل تكب يرتين‪ ،‬فبالنية يخ رج‪ ،‬وب التكبير ي دخل‪،‬‬
‫ولو لم ينو ب التكبيرة الثانية وما بع دها افتتاح ا‪ ،‬وال خروج ا‪ ،‬صح دخوله‬
‫ب االولى‪ ،‬وب اقي التكب يرات ذكر ال تبطل به الص الة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬رفع‬
‫الي دين عند تكب يرة االح رام س نة‪ .‬والم ذهب‪ :‬أنه يرفعهما بحيث تح اذي‬
‫أطراف أصابعه أعلى أذنيه‪ ،‬وإبهام اه ش حمتي أذني ه‪ ،‬وكف اه منكبي ه‪ ،‬وه ذا‬
‫معنى قول الشافعي واالصحاب رحمهم هللا (‪ )1‬عنهم‪ :‬يرفعهما حذو منكبيه‪.‬‬
‫وأما حكاية الغ زالي‪ :‬فيه ثالثة أق وال‪ ،‬فمنك رة‪ .‬ولو ك ان أقطع الي دين‪ ،‬أو‬
‫واح دة من المعص م‪ ،‬رفع الس اعد‪ .‬وإن قطع من المرف ق‪ ،‬رفع العضد على‬
‫االص ح‪ .‬ولو لم يمكنه الرفع إال بزي ادة على المش روع‪ ،‬أو نقص‪ ،‬أتى‬
‫ب الممكن‪ .‬ف إن ق در عليهم ا‪ ،‬أتى بالزي ادة‪ .‬قلت‪ :‬يس تحب أن يك ون كفه إلى‬
‫القبلة عند الرفع‪ ،‬قاله في (التتمة) ويستحب الرفع لكل مصل‪ ،‬ق ائم‪ ،‬وقاع د‪،‬‬
‫مفترض‪ ،‬ومتنفل‪ ،‬إمام‪ ،‬ومأموم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وفي وقت الرفع‪ ،‬أوجه‪ .‬أح دها‪:‬‬
‫يرفع غ ير مك بر‪ ،‬ثم يبت دئ التكب ير مع إرس ال الي دين‪ ،‬وينهيه مع انتهائ ه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يرفع غ ير مك بر‪ ،‬ثم يك بر‪ ،‬وي داه قارت ان‪ ،‬ثم يرس لهما‪ .‬وص ححه‬
‫البغ وي‪ .‬والث الث‪ :‬يبت دئ الرفع مع ابت داء التكب ير‪ ،‬وينهيهما مع ا‪ .‬والراب ع‪:‬‬
‫يبتدئهما مع ا‪ ،‬وينهي التكب ير مع انته اء االرس ال‪ .‬والخ امس وهو االص ح‪:‬‬
‫يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير وال استحباب في االنتهاء (‪ ،)2‬فإن ف رغ من‬
‫التكبير قبل تمام الرفع‪ ،‬أو ب العكس‪ ،‬أتم الب اقي‪ .‬وإن ف رغ منهم ا‪ ،‬حط يديه‬
‫ولم يستدم الرف ع‪ .‬ولو ت رك رفع الي دين‪ ،‬ح تى أتى ببعض التكب ير‪ ،‬رفعهما‬
‫في الباقي‪ ،‬فإن أتمه‪ ،‬لم يرفع بعده‪ .‬ويستحب كشف الي دين عند الرف ع‪ ،‬وأن‬
‫يفرق‬

‫] ‪[ 339‬‬
‫أص ابعهما تفريقا وس طا‪ ،‬وأن ال يقصر التكب ير بحيث ال يفهم‪ ،‬وال يمططه‬
‫بأن يبالغ في م ده‪ ،‬بل ي أتي به مبين ا‪ .‬واالولى في ه‪ :‬الح ذف على الص حيح‪.‬‬
‫وعلى الشاذ‪ :‬المد أولى‪ .‬فرع‪ :‬السنة بعد التكبير‪ ،‬حط اليدين‪ ،‬ووضع اليم نى‬
‫على اليس رى‪ ،‬فيقبض بكفه اليم نى‪ ،‬ك وع اليس رى‪ ،‬وبعض رس غها‪،‬‬
‫وساعدها‪ .‬قال القفال‪ :‬ويتخير بين بسط أصابع اليمنى في ع رض المفص ل‪،‬‬
‫وبين نش رها في ص وب الس اعد‪ .‬ثم يضع يديه كما ذكرنا تحت ص دره‪،‬‬
‫وفوق سرته‪ ،‬على الصحيح‪ .‬وعلى الش اذ‪ :‬تحت س رته‪ .‬واختلف وا في أنه إذا‬
‫أرسل يديه‪ ،‬هل يرسلهما إرس اال بليغا ثم يس تأنف رفعهما إلى تحت ص دره‬
‫ووضع اليم نى على اليس رى‪ ،‬أم يرس لهما إرس اال خفيفا إلى تحت ص دره‬
‫فحس ب‪ ،‬ثم يضع ؟‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬الث اني‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في القي ام‪ :‬اعلم‬
‫أن القي ام‪ ،‬أو ما يق وم مقام ه‪ ،‬ركن في الص الة‪ ،‬ويق وم القع ود مقامه في‬
‫النافل ة‪ ،‬وفي الفريضة عند العج ز‪ .‬ويش ترط في القي ام‪ ،‬االنتص اب‪ .‬وهل‬
‫يشترط االستقالل‪ ،‬بحيث ال يس تند ؟ فيه أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬وهو الم ذكور في‬
‫(التهذيب) وغيره‪ :‬ال يشترط‪ .‬فلو استند إلى جدار‪ ،‬أو انس ان‪ ،‬بحيث لو رفع‬
‫السناد لسقط‪ ،‬ص حت ص الته مع الكراه ة‪ .‬والث اني‪ :‬يش ترط‪ ،‬وال يصح مع‬
‫االسناد عند الق درة بح ال‪ .‬والث الث‪ :‬يج وز إن ك ان بحيث لو رفع الس ناد لم‬
‫يسقط‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬هذا في استناد ال يسلب اسم القيام‪ .‬فإن استند متكئ ا‪ ،‬بحيث‬
‫لو رفع قدميه عن االرض المكنه البقاء‪ ،‬فهذا معلق نفسه بشئ وليس بق ائم‪.‬‬
‫أما إذا لم يقدر على االستقالل‪ ،‬فيجب أن ينتصب متكئا على الص حيح‪ .‬وفي‬
‫وجه ش اذ‪ :‬ال يلزمه القي ام في ه ذا الح ال‪ ،‬بل له الص الة قاع دا‪ .‬وأما‬
‫االنتصاب المشروط‪ ،‬فال يخل به إطراق الرأس‪ ،‬وإنما المعتبر‪ ،‬نصب فقار‬
‫الظهر‪ ،‬فليس للق ادر أن يقف م ائال إلى اليمين‪ ،‬أو اليس ار‪ ،‬زائال عن س نن‬
‫القي ام‪ ،‬وال أن يقف منحنيا في حد ال راكعين‪ .‬ف إن لم يبلغ انحن اؤه حد‬
‫الرك وع‪ ،‬لكن ك ان إليه أق رب منه إلى االنتص اب‪ ،‬لم يصح على االص ح‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ولو لم يقدر على النهوض للقيام إال بمعين‪ ،‬ثم ال يتأذى بالقيام‪ ،‬لزمه‬

‫] ‪[ 340‬‬
‫أن يستعين بمن يقيمه‪ .‬فإن لم يجد متبرعا‪ ،‬لزمه االستئجار ب أجرة المثل إن‬
‫وجدها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬هذا في القادر على االنتص اب‪ .‬فأما الع اجز‪ ،‬كمن تق وس‬
‫ظه ره لزمان ة‪ ،‬أو ك بر‪ ،‬وص ار في حد ال راكعين‪ ،‬فيلزمه القي ام‪ .‬ف إذا أراد‬
‫الرك وع‪ ،‬زاد في االنحن اء إن ق در علي ه‪ .‬ه ذا هو الص حيح ال ذي قطع به‬
‫العراقيون‪ ،‬وصاحب (التتمة) و (الته ذيب) ونص عليه الش افعي (‪ .)1‬وق ال‬
‫إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ :‬يلزمه أن يصلي قاعدا‪ .‬قاال‪ :‬فإن قدر عند الرك وع‬
‫على االرتف اع إلى حد ال راكعين‪ ،‬لزم ه‪ .‬ولو عجز عن الرك وع والس جود‪،‬‬
‫دون القيام‪ ،‬لعلة بظهره تمنع االنحناء‪ ،‬لزمه القيام‪ .‬ويأتي بالركوع والسجود‬
‫بحسب الطاق ة‪ ،‬فيح ني ص لبه ق در االمك ان‪ .‬ف إن لم يط ق‪ ،‬ح نى رقبت ه‪،‬‬
‫ورأس ه‪ ،‬ف إن احت اج فيه إلى شئ يعتمد علي ه‪ ،‬أو إلى أن يميل إلى جنب ه‪،‬‬
‫لزمه ذلك‪ .‬فإن لم يطق االنحناء أصال‪ ،‬أومأ إليهم ا‪ .‬قلت‪ :‬وإذا أمكنه القي ام‪،‬‬
‫واالضطجاع‪ ،‬ولم يمكنه القعود‪ ،‬قال صاحب (التهذيب) يأتي ب القعود قائم ا‪،‬‬
‫النه قع ود وزي ادة‪ .‬واعلم بأنه (‪ )2‬يك ره للص حيح أن يق وم على إح دى‬
‫رجلي ه‪ ،‬ويص ح‪ .‬ويك ره أن يلصق الق دمين‪ ،‬بل يس تحب التفريق بينهم ا‪،‬‬
‫وتطويل القيام عندنا‪ ،‬أفضل من تطويل الركوع والسجود‪ ،‬وتطويل الس جود‬
‫أفضل من تطويل الركوع‪ .‬وإذا طول الثالثة زيادة على ما يجوز االقتص ار‬
‫علي ه‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أن الجميع يك ون واجب ا‪ .‬والث اني‪ :‬يقع ما زاد س نة‪ ،‬ومثله‬
‫الخالف في مسح جميع الرأس‪ ،‬وفي البعير المخ رج في الزك اة عن خمس‪،‬‬
‫وفي البدنة المض حي بها ب دال عن ش اة من ذورة (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫عجز عن القيام في صالة الفرض‪ ،‬عدل إلى القعود‪ ،‬وال ينقص ثواب ه‪ ،‬النه‬
‫معذور‪ .‬وال نعني بالعجز‪ ،‬عدم تأتي القيام‪ ،‬بل خوف الهالك‪ ،‬أو‬

‫] ‪[ 341‬‬
‫زيادة المرض‪ ،‬أو لحوق مشقة ش ديدة‪ ،‬أو خ وف الغ رق‪ ،‬ودوران ال رأس‪،‬‬
‫في حق راكب السفينة‪ .‬قلت‪ :‬الذي اختاره إم ام الح رمين في ض بط العج ز‪:‬‬
‫أن يلحقه بالقي ام مش قة ت ذهب خش وعه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو جلس للغ زاة رقيب‬
‫ي رقب الع دو‪ ،‬فأدركته الص الة‪ ،‬ولو ق ام ل رآه الع دو‪ ،‬أو جلس الغ زاة في‬
‫مكمن‪ ،‬ولو ق اموا رآهم الع دو وفسد الت دبير‪ ،‬فلهم الص الة قع ودا‪ .‬وتجب‬
‫االعادة لندوره‪ .‬قلت‪ :‬قال صاحب (التتمة) في غير الرقيب‪ :‬إن خاف لو ق ام‬
‫أن يقصده الع دو‪ ،‬وص لى قاع دا‪ ،‬أجزأته على الص حيح‪ .‬ولو ص لى الكمين‬
‫في وه دة قع ودا‪ ،‬ففي ص حتها ق والن‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم إذا قعد المع ذور‪ ،‬ال‬
‫يتعين لقعوده هيئة‪ ،‬بل يجزئه جميع هيئات القعود‪ .‬لكن يكره االقعاء في هذا‬
‫القعود‪ ،‬وفي جميع قعدات الصالة‪ .‬وفي المراد باالقعاء ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‪:‬‬
‫أنه الجل وس على ال وركين‪ ،‬ونصب الفخ ذين‪ ،‬والركب تين‪ ،‬وضم إليه أبو‬
‫عبي د‪ :‬أن يضع يديه على االرض‪ .‬والث اني‪ :‬أن يف رش رجلي ه‪ ،‬ويضع إليه‬
‫على عقبي ه‪ ،‬والث الث‪ :‬أن يضع يديه على االرض‪ ،‬ويقعد على أط راف‬
‫أصابعه‪ .‬قلت‪ :‬الصواب‪ ،‬هو االول‪ .‬وأما الثاني‪ :‬فغلط‪ .‬فقد ثبت في (ص حيح‬
‫مسلم) (‪ :)1‬أن االقعاء سنة نبينا (ص) وفسره العلماء بما قاله الث اني‪ .‬ونص‬
‫على اس تحبابه الش افعي رحمه هللا في (الب ويطي) و (االمالء) في الجل وس‬
‫بين السجدتين‪ .‬ق ال العلم اء‪ :‬فاالقع اء ض ربان‪ .‬مك روه‪ ،‬وغ يره‪ .‬ف المكروه‪:‬‬
‫الم ذكور في الوجه االول‪ ،‬وغ يره‪ :‬الث اني‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وفي االفضل من‬
‫هيئات القعود‪ ،‬قوالن‪ ،‬ووجهان‪ .‬أحد القولين‪ :‬وهو أصح‬

‫] ‪[ 342‬‬
‫الجميع‪ :‬يقعد مفترشا‪ .‬وثانيهم ا‪ :‬متربع ا‪ .‬وأحد ال وجهين‪ :‬متورك ا‪ .‬وثانيهم ا‪:‬‬
‫ناصبا ركبته اليمنى‪ ،‬جالسا على رجله اليس رى‪ .‬ويج ري الخالف في قع ود‬
‫النافل ة‪ .‬وأما رك وع القاع د‪ ،‬فأقله أن ينح ني ق در ما يح اذي وجهه ما ق دام‬
‫ركبتيه من االرض (‪ .)1‬وأكمل ه‪ ،‬أن ينح ني بحيث تح اذي جبهته موضع‬
‫س جوده‪ .‬وأما س جوده‪ ،‬فكس جود الق ائم‪ .‬ه ذا إذا ق در القاعد على الرك وع‬
‫والسجود‪ ،‬فإن عجز لعلة بظهره‪ ،‬أو غيرها‪ ،‬فعل الممكن من االنحن اء‪ .‬ولو‬
‫ق در القاعد على الرك وع‪ ،‬وعجز عن وضع الجبهة على االرض نظ ر‪ ،‬إن‬
‫قدر على أقل ركوع القاعد وأكمله‪ ،‬من غير زيادة‪ ،‬أتى ب الممكن‪ ،‬م رة عن‬
‫الركوع‪ ،‬ومرة عن السجود‪ ،‬وال يضر استواؤهما‪ .‬وإن قدر على زيادة على‬
‫كم ال الرك وع‪ ،‬وجب االقتص ار في االنحن اء للرك وع على ق در الكم ال‪،‬‬
‫ليتميز عن السجود‪ .‬ويلزمه أن يق رب جبهته من االرض للس جود‪ ،‬أك ثر ما‬
‫يقدر عليه‪ .‬ح تى ق ال االص حاب‪ :‬لو ق در أن يس جد على ص دغه‪ ،‬أو عظم‬
‫رأسه ال ذي ف وق الجبه ة‪ ،‬وعلم أنه إذا فعل ذلك ك انت جبهته أق رب إلى‬
‫االرض‪ ،‬لزمه ذلك‪ .‬قلت‪ :‬قال الشافعي رحمه هللا في (االم) واالص حاب‪ :‬لو‬
‫ق در أن يص لي قائما منف ردا‪ ،‬وإذا ص لى مع الجماعة احت اج أن يص لي‬
‫بعضها من قعود‪ ،‬فاالفضل‪ :‬أن يصلي منفردا‪ .‬فإن صلى مع الجماعة‪ ،‬وقعد‬
‫في بعضها‪ ،‬ص حت‪ .‬ولو ك ان بحيث لو اقتصر على ق راءة الفاتح ة‪ ،‬أمكنه‬
‫القيام‪ ،‬وإذا زاد‪ ،‬عجز‪ ،‬صلى بالفاتحة‪ .‬فلو شرع في الس ورة‪ ،‬فعج ز‪ ،‬قع د‪.‬‬
‫وال يلزمه قطع السورة ليركع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع فيما إذا عجز عن القع ود قد‬
‫ذكرنا أن العجز عن القي ام‪ ،‬يتحقق بتع ذره‪ ،‬أو لح وق مش قة ش ديدة‪ ،‬أو‬
‫غيرهما مما قدمناه‪ .‬ق ال الجمه ور‪ :‬والعجز عن القع ود‪ ،‬يحصل بما يحصل‬
‫به العجز عن القيام‪ .‬وقال إمام الحرمين‪ :‬ال يكفي ذلك‪ ،‬بل يش ترط فيه ع دم‬
‫تص ور القع ود‪ ،‬أو خيفة الهالك‪ ،‬أو الم رض الطوي ل‪ ،‬إلحاقا له ب المرض‬
‫‪.‬المبيح للتيمم‪ .‬وفي كيفية صالته‪ ،‬وجهان‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‬

‫] ‪[ 343‬‬
‫أص حهما‪ :‬يض طجع (‪ )1‬على جنبه االيمن‪ ،‬مس تقبال بوجهه ومق دم بدنه‬
‫القبلة‪ ،‬كالميت في لحده‪ .‬فلو خالف‪ ،‬واضطجع على جنبه االيسر‪ ،‬ص ح‪ ،‬إال‬
‫أنه ترك السنة‪ .‬والث اني‪ :‬أنه يس تلقي على ظه ره‪ ،‬ويجعل رجليه إلى القبل ة‪،‬‬
‫ويرفع وسادته قليال‪ .‬وهذا الخالف في الق ادر على االض طجاع واالس تلقاء‪.‬‬
‫فإن لم يقدر إال على أحدهما‪ ،‬أتى ب ه‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬ه ذا الخالف في‬
‫الكيفية الواجبة‪ ،‬بخالف الخالف السابق في كيفية القعود‪ ،‬فإنه في االفض ل‪،‬‬
‫الختالف اس تقبال به ذا دون ذاك‪ .‬وفي المس ألة‪ ،‬وجه ث الث‪ :‬أنه يض طجع‬
‫على جنبه‪ ،‬وأخمص اه إلى القبل ة‪ .‬ثم إذا ص لى على هيئة من ه ذه الهيئ ات‪،‬‬
‫وق در على الرك وع والس جود‪ ،‬أتى بهم ا‪ ،‬وإال أومأ بهما منحني ا‪ ،‬وق رب‬
‫جبهته من االرض بحسب االمكان‪ ،‬وجعل السجود أخفض من الركوع‪ .‬ف إن‬
‫عجز عن االش ارة ب الرأس أومأ بطرف ه‪ .‬ف إن عجز عن تحريك االجف ان‪،‬‬
‫أجرى أفعال الصالة على قلبه‪ .‬ف إن اعتقل لس انه‪ ،‬أج رى الق رآن واالذك ار‬
‫على قلب ه‪ .‬وما دام ع اقال‪ ،‬ال تس قط عنه الص الة‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أنه تس قط‬
‫الص الة‪ ،‬إذا عجز عن االيم اء ب الرأس‪ .‬وهو م ذهب أبي حنيفة (‪)3( )2‬‬
‫رحمه هللا‪ .‬وهو شاذ‪ .‬والمعروف في الم ذهب‪ :‬ما ق دمناه‪ .‬ف رع‪ :‬الق ادر على‬
‫القيام‪ ،‬إذا أصابه رمد‪ ،‬وقال له طبيب موثوق به‪ :‬إن‬
‫] ‪[ 344‬‬
‫صليت مستلقيا‪ ،‬أو مضطجعا‪ ،‬أمكن مداواتك‪ ،‬وإال خيف عليك العمى‪ ،‬جاز‬
‫له االضطجاع واالستلقاء على االصح‪ .‬ولو قال‪ :‬إن ص ليت قاع دا‪ ،‬أمكنت‪.‬‬
‫فق ال إم ام الح رمين‪ :‬يج وز القع ود قطع ا‪ .‬ومفه وم كالم غ يره‪ :‬أنه على‬
‫الوجهين‪ .‬فرع‪ :‬لو عجز في أثناء ص الته عن القي ام‪ ،‬قعد وب نى‪ .‬ولو ص لى‬
‫قاعدا‪ ،‬فقدر على القيام في أثنائها‪ ،‬قام وبنى‪ .‬وكذا لو صلى مضطجعا‪ ،‬فقدر‬
‫على القيام‪ ،‬أو القعود‪ ،‬أتى بالمقدور‪ ،‬وبنى‪ .‬ثم إذا تب دل الح ال ب النقص إلى‬
‫الكمال‪ ،‬بأن ق در القاعد على القي ام لخفة الم رض‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إذا اتفق ذلك قبل‬
‫القراءة‪ ،‬قام وقرأ قائما‪ .‬وكذا إن كان في أثناء القراءة‪ ،‬قام وقرأ بقية الفاتحة‬
‫في حال القيام‪ .‬ويجب ترك القراءة في النهوض إلى أن ينتصب معت دال‪ .‬فلو‬
‫قرأ في نهوضه بعض الفاتح ة‪ ،‬فعليه إعادت ه‪ .‬وإن ق در بعد الفاتحة (‪ )1‬قبل‬
‫الركوع‪ ،‬لزمه القي ام ليه وي منه إلى الرك وع‪ .‬وال يلزمه الطمأنينة في ه ذا‬
‫القيام‪ ،‬النه ليس مقصودا لنفسه‪ .‬ويستحب في هذه االح وال‪ ،‬أن يعيد الفاتحة‬
‫ليقع في ح ال الكم ال‪ .‬ولو وجد الخفة في ركوعه قاع دا‪ ،‬ف إن ك ان قبل‬
‫الطمأنين ة‪ ،‬لزمه االرتف اع إلى حد ال راكعين عن قي ام‪ .‬وال يج وز أن يرتفع‬
‫قائما‪ ،‬ثم يرك ع‪ ،‬لئال يزيد ركوع ا‪ .‬ولو فعل ه‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن ك ان بعد‬
‫الطمأنينة‪ ،‬فقد تم ركوعه‪ ،‬وال يلزمه االنتقال إلى رك وع الق ائمين‪ .‬ولو وجد‬
‫الخفة في االعت دال عن الرك وع قاع دا‪ ،‬ف إن ك ان قبل الطمأنين ة‪ ،‬لزمه أن‬
‫يقوم‪ ،‬ليعت دل ويطمئن‪ .‬وإن ك ان بع دها‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يلزمه أن يق وم‬
‫ليس جد عن قي ام‪ .‬وأص حهما‪ :‬ال يلزمه لئال يط ول االعت دال‪ ،‬وهو ركن‬
‫قص ير‪ .‬ف إن اتفق ذلك في الركعة الثانية من الص بح قبل القن وت‪ ،‬لم يقنت‬
‫قاع دا‪ .‬ف إن فع ل‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬بل يق وم‪ ،‬ويقنت‪ .‬أما إذا تب دل الح ال من‬
‫الكم ال إلى النقص‪ ،‬ب أن عجز في أثن اء الص الة‪ ،‬فينتقل إلى الممكن‪ .‬ف إن‬
‫اتفق العجز في أثن اء الفاتح ة‪ ،‬وجب إدامة الق راءة في هوي ه‪ .‬ف رع‪ :‬يج وز‬
‫فعل النافلة قاعدا مع القدرة على القيام‪ .‬لكن ثوابها يكون نصف ثواب القائم‪.‬‬
‫ولو تنفل مضطجعا‪ ،‬مع القدرة على القيام‪ ،‬والقع ود‪ ،‬ج از على االص ح‪ .‬ثم‬
‫المضطجع في الفريضة‪ ،‬يأتي بالركوع والسجود‪ ،‬إذا قدر‬

‫] ‪[ 345‬‬
‫عليهم ا‪ .‬وهنا الخالف في ج واز االض طجاع يج ري في االقتص ار على‬
‫االيم اء‪ .‬لكن االصح منع االقتص ار على االيم اء‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬ما‬
‫عن دي أن من ج وز االض طجاع‪ ،‬يج وز االقتص ار في االرك ان الذكري ة‪،‬‬
‫كالتش هد‪ ،‬والتكب ير‪ ،‬وغيرهما على ذكر القلب‪ .‬ثم يس توي فيما ذكرن اه‪،‬‬
‫النوافل كله ا‪ ،‬الراتب ة‪ ،‬وغيره ا‪ ،‬على الص حيح‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬ال تج وز‬
‫ص الة العي د‪ ،‬والكس وف‪ ،‬واالستس قاء قاع دا مع الق درة‪ ،‬كالجن ازة‪ .‬فص ل‪:‬‬
‫يس تحب للمص لي إذا ك بر‪ ،‬أن يق ول دع اء االس تفتاح (‪ ،)1‬وهو (وجهت‬
‫وجهي للذي فطر السموات واالرض حنيفا مسلما وما أنا من المش ركين‪ .‬إن‬
‫صالتي‪ ،‬ونسكي‪ ،‬ومحياي‪ ،‬ومماتي‪ ،‬هلل رب العالمين‪ ،‬ال شريك له‪ ،‬وب ذلك‬
‫أمرت وأنا من المسلمين (‪ .))2‬وال يزيد االمام على ه ذا‪ ،‬إذا لم يعلم رضى‬
‫المأمومين بالزيادة‪ .‬فإن علم رضاهم‪ ،‬أو كان المص لي منف ردا‪ ،‬اس تحب أن‬
‫يقول بعده‪( :‬اللهم أنت الملك ال إله إال أنت سبحانك وبحمدك‪ ،‬أنت ربي وأنا‬
‫عبدك ظلمت نفسي‪ ،‬واعترفت ب ذنبي‪ ،‬ف اغفر لي ذن وبي جميعا إنه ال يغفر‬
‫ال ذنوب إال أنت‪ ،‬واه دني الحسن االخالق ال يه دي الحس نها إال أنت‪،‬‬
‫واص رف ع ني س يئها ال يص رف ع ني س يئها إال أنت‪ ،‬لبيك وس عديك‪،‬‬
‫والخير كله في ي ديك‪ ،‬والشر ليس إلي ك‪ ،‬أنا بك وإلي ك‪ ،‬تب اركت وتع اليت‪،‬‬
‫اس تغفرك وأت وب إليك (‪ ))3‬وق ال جماعة من أص حابنا‪ ،‬منهم‪ :‬أبو إس حاق‬
‫الم روزي‪ ،‬والقاضي أبو حام د‪ :‬الس نة أن يق ول‪( :‬س بحانك اللهم وبحم دك‪،‬‬
‫وتب ارك اس مك‪ ،‬وتع الى ج دك‪ ،‬وال إله غ يرك) (‪ .)4‬ثم يق ول‪( :‬وجهت‬
‫وجهي‪ )...‬إلى آخره‪ .‬ومن ترك دعاء االستفتاح‬

‫] ‪[ 346‬‬
‫عمدا‪ ،‬أو سهوا‪ ،‬حتى ش رع في التع وذ‪ ،‬لم يعد إلي ه‪ ،‬وال يتداركه في ب اقي‬
‫الركعات‪ .‬ولو أدرك مسبوق االمام في التشهد االخ ير‪ ،‬وك بر‪ ،‬وقع د‪ ،‬فس لم‬
‫االمام الول قعوده‪ ،‬قام‪ ،‬وال يأتي بدعاء االس تفتاح‪ ،‬لف وات محل ه‪ .‬ولو س لم‬
‫االم ام قبل قع وده‪ ،‬ال يقع د‪ ،‬وي أتي ب دعاء االس تفتاح‪ .‬وس واء في دع اء‬
‫االستفتاح الفريض ة‪ ،‬وجميع النواف ل‪ .‬قلت‪ :‬ذكر الش يخ أبو حامد في تعليق ه‪:‬‬
‫أنه إذا ت رك دع اء االس تفتاح‪ ،‬وتع وذ‪ ،‬ع اد إليه من التع وذ‪ .‬والمع رف في‬
‫المذهب‪ :‬أنه ال يأتي به كما تقدم‪ .‬لكن لو خالف ف أتى ب ه‪ ،‬لم تبطل ص الته‪،‬‬
‫النه ذكر‪ ،‬قال صاحب (التهذيب) ولو أحرم مس بوق‪ ،‬ف أمن عقيب إحرام ه‪،‬‬
‫أمن مع ه‪ ،‬وأتى ب دعاء االس تفتاح‪ ،‬الن الت أمين يس ير‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪:‬‬
‫يستحب بعد دعاء االستفتاح‪ ،‬أن يتع وذ (‪ )1‬فيق ول‪ :‬أع وذ باهلل من الش يطان‬
‫ال رجيم (‪ .)2‬وق ال بعض أص حابنا‪ :‬يق ول‪( :‬أع وذ باهلل الس ميع العليم من‬
‫الشيطان ال رجيم)‪ .‬ويحصل التع وذ‪ ،‬بكل ما اش تمل على االس تعاذة باهلل من‬
‫الش يطان ال رجيم‪ .‬وال يجهر به في الص الة الس رية‪ ،‬وال في الجهرية أيضا‬
‫على االظه ر‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬يس تحب الجهر فيه ا‪ ،‬كالتس مية‪ ،‬والت أمين‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬أنه يتخ ير بين الجه ر‪ ،‬واالس رار‪ ،‬وال ت رجيح‪ .‬وقي ل‪ :‬يس تحب‬
‫االسرار قطعا‪ .‬ثم المذهب‪ :‬أنه يستحب تعوذ في كل ركعة‪ ،‬وهو في الركعة‬
‫االولى آكد‪ .‬وه ذا نص الش افعي (‪ .)3‬رضي هللا عن ه‪ .‬واخت اره القاضي أبو‬
‫الطيب‪ ،‬وإمام الحرمين‪ ،‬والروياني‪ ،‬وغ يرهم‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬أح دهما‪ :‬ه ذا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يتعوذ في االولى فق ط‪ .‬ف إن تركه فيها عم دا‪ ،‬أو س هوا‪ ،‬أتى به في‬
‫‪:‬الثانية‪ .‬فصل‪ :‬ثم بعد التعوذ يقرأ‪ .‬وللمصلي حاالن‬

‫] ‪[ 347‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يقدر على قراءة الفاتح ة‪ .‬والث اني‪ :‬ال يق در‪ .‬فأما الق ادر‪ ،‬فيتعين‬
‫عليه قراءتها في القيام‪ ،‬أو ما يقع بدال عن ه‪ .‬وال يق وم مقامها ترجمته ا‪ .‬وال‬
‫غيرها من القرآن‪ .‬ويستوي في تعين الفاتح ة‪ ،‬االم ام‪ ،‬والم أموم‪ ،‬والمنف رد‪،‬‬
‫في الس رية‪ ،‬والجهري ة‪ .‬ولنا ق ول (‪ .)1‬ض عيف‪ .‬أنها ال تجب على الم أموم‬
‫في الجهرية‪ [ .‬ووجه شاذ‪ :‬أنها ال تجب عليه في السرية أيضا‪ .‬ف إذا قلن ا‪ :‬ال‬
‫يقرأ الم أموم في الجهرية ]‪ )2( ،‬فلو ك ان أص م‪ ،‬أو بعي دا ال يس مع ق راءة‬
‫االمام‪ ،‬لزمته القراءة على االصح‪ .‬ولو جهر االم ام في الس رية‪ ،‬أو عكس‪،‬‬
‫فاالصح وظ اهر النص‪ :‬أن االعتب ار بفعل االم ام‪ .‬والث اني‪ :‬بص فة أصل‬
‫الص الة‪ .‬وإذا لم يق رأ الم أموم‪ ،‬هل يس تحب له التع وذ ؟ وجه ان‪ ،‬النه ذكر‬
‫س ري‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬ال يس تحب‪ ،‬لع دم الق راءة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬يق رأ‬
‫الم أموم في الجهري ة‪ ،‬فال يجهر بحيث يغلب جه ره‪ ،‬بل يسر بحيث يس مع‬
‫نفسه لو كان سميعا‪ ،‬فإن هذا أدنى القراءة‪ .‬ويستحب لالمام على هذا الق ول‪:‬‬
‫أن يس كت بعد الفاتحة ق در ق راءة الم أموم له ا‪ .‬واعلم أن الفاتحة واجبة في‬
‫كل ركعة إال في ركعة المس بوق إذا أدرك االم ام راكع ا‪ ،‬فإنه ال يق رأ في‬
‫ركعته‪ ،‬وتصح‪ .‬وهل يقال‪ :‬يحملها عنه االمام‪ ،‬أم لم تجب أصال ؟ وجهان (‬
‫‪ .)3‬قلت‪ :‬أص حهما‪ :‬االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪( :‬بسم هللا ال رحمن ال رحيم) آية‬
‫كاملة من أول الفاتحة بال خالف‪ .‬وأما باقي السور‪ ،‬سوى (براءة) فالمذهب‪:‬‬
‫أنها آية كاملة من أول كل سورة أيضا‪ .‬وفي‬

‫] ‪[ 348‬‬
‫ق ول‪ :‬أنها بعض آي ة‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬أح دهما‪ :‬ليست بق رآن في أوائله ا‪.‬‬
‫وأظهرهما‪ :‬أنها ق رآن‪ .‬والس نة‪ :‬أن تجهر بالتس مية في الص الة الجهرية في‬
‫الفاتح ة‪ ،‬وفي الس ورة بع دها‪ .‬ف رع‪ :‬تجب ق راءة الفاتحة بجميع حروفها‬
‫وتشديداتها‪ .‬فلو أسقط منها حرفا‪ ،‬أو خفف مشددا‪ ،‬أو أبدل حرفا بحرف‪ ،‬لم‬
‫تصح قراءته‪ .‬وسواء فيه الضاد‪ ،‬وغ يره‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال يضر إب دال الض اد‬
‫بالظاء (‪ .)1‬واللحن فيها لحنا يحيل المعنى‪ ،‬كضم ت اء (أنعمت) أو كس رها‪،‬‬
‫أو كسر ك اف (إي اك) لم يجزئ ه‪ ،‬وتبطل ص الته إن تعم د‪ .‬ويجب إع ادة‬
‫القراءة‪ ،‬إن لم يتعمد‪ .‬وتجزئ بالقراءات الس بع‪ .‬وتصح ب القراءة الش اذة‪ ،‬إن‬
‫لم يكن فيها تغي ير مع نى‪ ،‬وال زي ادة ح رف‪ ،‬وال نقص انه (‪ .)2‬ف رع‪ :‬يجب‬
‫ترتيب في قراءة الفاتحة‪ .‬فلو ق دم م ؤخرا‪ ،‬إن تعم د‪ ،‬بطلت قراءت ه‪ ،‬وعليه‬
‫استئنافها‪ .‬وإن سها‪ ،‬لم يعتد بالمؤخر‪ ،‬ويبني على المرتب‪ .‬إال أن‬

‫] ‪[ 349‬‬
‫يطول‪ ،‬فيس تأنف الق راءة‪ .‬ولو أخل ب ترتيب التش هد‪ ،‬نظ ر‪ .‬إن غ ير تغي يرا‬
‫مبطال للمع نى‪ ،‬لم يحسب ما ج اء ب ه‪ .‬وإن تعم ده‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬وإن لم‬
‫يبطل المعنى‪ ،‬أج زأه على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه ق والن‪ .‬وينبغي أن يق ال في‬
‫الفاتحة أيضا‪ :‬إن غير الترتيب تغييرا يبطل المعنى‪ ،‬بطلت صالته كالتشهد‪.‬‬
‫فرع‪ :‬تجب المواالة بين كلمات الفاتحة‪ .‬ف إن أخل به ا‪ ،‬فله ح االن‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫أن يك ون عام دا‪ ،‬فينظ ر‪ .‬إن س كت في أثن اء الفاتح ة‪ ،‬أو ط الت (‪ )1‬م دة‬
‫الس كوت‪ ،‬ب أن يش عر بقطعه الق راءة أو إعراضه عنها مخت ارا‪ ،‬أو لع ائق‪،‬‬
‫بطلت قراءت ه‪ ،‬ول زم اس تئنافها على الص حيح‪ .‬وعلى الش اذ المنق ول عن‬
‫العراقيين‪ :‬ال تبطل (‪ .)2‬ف إن قص رت م دة الس كوت‪ ،‬لم ي ؤثر قطعه ا‪ .‬وإن‬
‫نوى قطع القراءة‪ ،‬ولم يسكت‪ ،‬لم تبطل قطعا‪ .‬ولو (‪ )3‬نوى قطعها‪ ،‬وسكت‬
‫يس يرا‪ ،‬بطلت قراءته على الص حيح ال ذي قطع به االك ثرون‪ .‬ولو أتى‬
‫بتسبيح‪ ،‬أو تهليل في أثنائها‪ ،‬أو قرأ آية أخرى‪ ،‬بطلت قراءت ه‪ ،‬قل ذل ك‪ ،‬أم‬
‫كثر‪ .‬هذا فيما ال يؤمر به المصلي‪ .‬فأما ما أمر به في الص الة‪ ،‬ويتعلق (‪)4‬‬
‫بمص لحتها‪ ،‬كت أمين الم أموم لت أمين االم ام‪ ،‬وس جوده للتالوة‪ ،‬وفتحه عليه‬
‫القراءة‪ ،‬وسؤاله الرحمة عند قراءته آيتها‪ ،‬واالستعاذة من العذاب عند قراءة‬
‫آيته‪ ،‬فإذا وقع في أثناء الفاتحة‪ ،‬لم تبطل المواالة على االص ح‪ .‬وه ذا تفريع‬
‫على الصحيح في استحباب ه ذه االم ور للم أموم‪ ،‬وعلى وج ه‪ :‬ال يس تحب‪.‬‬
‫وال يطرد الخالف في كل مندوب‪ ،‬فإن الحمد عند العطاس مندوب وإن كان‬
‫في الص الة‪ ،‬ولو فعل ه‪ ،‬قطع الم واالة‪ .‬ولكن يختص بالمن دوبات المختصة‬
‫بالصالة لمصلحتها‪ .‬الحال الثاني‪ :‬أن يخل ب المواالة ناس يا‪ .‬وتق دم علي ه‪ ،‬أن‬
‫من ترك الفاتحة ناسيا‪ ،‬فيه قوالن‪ .‬المشهور الجدي د‪ :‬أنه ال يجزئ ه‪ ،‬وال يعتد‬
‫له بتلك الركعة‪ .‬بل إن تذكر بعد ما رك ع‪ ،‬ع اد إلى القي ام وق رأ‪ .‬وإن ت ذكر‬
‫‪،‬بعد قيامه إلى الركعة الثانية‬

‫] ‪[ 350‬‬
‫صارت (الثانية) أواله‪ ،‬ولغت االولى‪ .‬والقديم‪ :‬أنه تجزئه صالته‪ .‬وأما ت رك‬
‫الم واالة ناس يا‪ ،‬فالص حيح ال ذي اتفق عليه الجمه ور‪ ،‬ونقل وه عن نص‬
‫الش افعي رحمه هللا (‪ :)1‬أنه ال يض ر‪ .‬وله البن اء‪ ،‬س واء قلن ا‪ :‬يع ذر ب ترك‬
‫الفاتحة ناسيا‪ ،‬أم ال‪ .‬ومال إمام الحرمين‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬إلى أن الم واالة تنقطع‬
‫بالنسيان إذا قلنا‪ :‬ال يعذر به في ترك الفاتحة‪ .‬فرع‪ :‬من ال يق در على ق راءة‬
‫الفاتح ة‪ ،‬يلزمه كسب الق درة بتعلم‪ ،‬أو توسل إلى مص حف‪ ،‬يقرؤها من ه‪،‬‬
‫بش راء‪ ،‬أو إج ارة‪ ،‬أو اس تعارة (‪ .)2‬ف إن ك ان في لي ل‪ ،‬أو ظلم ة‪ ،‬لزمه‬
‫تحصيل السراج عند االمك ان‪ .‬فلو امتنع من ذلك عند االمك ان‪ ،‬لزمه إع ادة‬
‫كل صالة صالها قبل أن يقرأها‪ .‬ف إن تع ذرت الفاتحة لتع ذر التعلم‪ ،‬لض يق‬
‫الوقت‪ ،‬أو بالدته‪ ،‬أو ع دم المعلم والمص حف‪ ،‬أو غ ير ذلك لم يجز ترجمة‬
‫الفاتحة‪ ،‬بل ينظر إن (‪ )3‬أحسن قرآنا غير الفاتحة‪ ،‬لزمه قراءة س بع آي ات‪،‬‬
‫وال يجزئه دون س بع وإن ك انت آي ات ط واال‪ .‬وهل يش ترط مع ذلك أن ال‬
‫ينقص حروف كل اآليات عن حروف الفاتحة ؟ فيه أوجه‪ .‬أص حها‪ :‬يش ترط‬
‫أن يك ون جملة اآلي ات الس بع‪ ،‬بق در ح روف الفاتح ة‪ .‬وال يمتنع أن يجعل‬
‫آيتين مقام آية‪ .‬والث اني‪ :‬أنه يجب أن يع دل ح روف كل آية من ح روف آية‬
‫من الفاتحة على الترتيب‪ ،‬فتكون مثلها‪ ،‬أو أطول‪ .‬والثالث‪ :‬يكفي س بع آي ات‬
‫ناقصات الحروف‪ ،‬كما يكفي صوم يوم قصير عن طويل‪ .‬ثم إن أحسن سبع‬
‫آيات متوالية بالشرط المذكور‪ ،‬لم يجز‬

‫] ‪[ 351‬‬
‫الع دول إلى المتفرق ة‪ .‬وإن لم يحسن اال متفرق ة‪ ،‬أتى به ا‪ .‬واس تدرك إم ام‬
‫الح رمين‪ ،‬فق ال‪ :‬لو ك انت اآلية المف ردة ال تفيد مع نى منظوما إذا ق رئت‬
‫وحدها‪ ،‬كقوله تع الى‪( * :‬ثم نظ ر) * (‪ .)1‬فيظهر أن ال ن أمره بق راءة ه ذه‬
‫اآليات المتفرق ة‪ ،‬ونجعله كمن ال يحسن ق راءة أص ال‪ .‬قلت‪ :‬قد قطع جماعة‬
‫ب أن تجزئه اآلي ات المتفرقة وإن ك ان يحسن المتوالي ة‪ ،‬س واء فرقها من‬
‫سورة‪ ،‬أو سور‪ .‬منهم‪ :‬القاضي أبو الطيب‪ ،‬وأبو علي البن دنيجي‪ ،‬وص احب‬
‫(البي ان) وهو المنص وص في (االم) وهو االص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما لو ك ان‬
‫الذي يحسنه دون السبع‪ ،‬كآية أو آيتين‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬يق رأ ما يحس نه‪،‬‬
‫ويأتي بالذكر عن الباقي‪ .‬والث اني‪ :‬يك رر ما يحفظه ح تى يبلغ ق در الفاتح ة‪.‬‬
‫أما الذي ال يحسن شيئا من القرآن‪ ،‬فيجب عليه أن يأتي بال ذكر‪ ،‬كالتس بيح‪،‬‬
‫والتهلي ل‪ .‬وفي ال ذكر ال واجب أوج ه‪ .‬أح دها‪ :‬يتعين أن يق ول‪ :‬س بحان هللا‪،‬‬
‫والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا أك بر‪ ،‬وال ح ول وال ق وة إال باهلل (‪.)2‬‬
‫ويكفيه ه ذه الكلم ات الخمس‪ .‬والث اني‪ :‬أنها تتعين‪ ،‬ويجب معها كلمت ان من‬
‫الذكر‪ ،‬ليصير سبعة أنواع مقام سبع آيات‪ .‬والمراد بالكلمات‪ ،‬أن واع ال ذكر‪،‬‬
‫ال ألفاظ مفردة‪ .‬والثالث‪ :‬وهو االصح‪ :‬أنه ال يتعين شئ من الذكر‪ .‬ولكن هل‬
‫يش ترط أن ال ينقص ح روف ما أتى به من ح روف الفاتحة ؟ وجه ان‪.‬‬
‫االصح‪ :‬يشبرط‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬وال يراعي هنا إال الحروف‪ ،‬بخالف ما‬
‫إذا أحسن قراءة غير الفاتحة‪ ،‬فإنه يراعي اآلي ات‪ .‬وفي الح روف‪ ،‬الخالف‪.‬‬
‫وقال في (التهذيب)‪ :‬يجب سبعة أن واع من ال ذكر‪ .‬يق ام كل ن وع مق ام آي ة‪،‬‬
‫وهذا أقرب‪ .‬وهل الدعاء المحض‪ ،‬كالذكر ؟ فيه تردد للشيخ أبي محمد‪ .‬ق ال‬
‫إم ام الح رمين‪ :‬واالش به أن ما يتعلق ب أمور اآلخ رة‪ ،‬يق وم دون ما يتعلق‬
‫بالدنيا (‪ .)3‬ويشترط أن ال يقصد بالذكر المأتي به ش يئا آخر س وى البدلي ة‪،‬‬
‫كمن استفتح‪ ،‬أو تعوذ على قصد تحصيل سنتهما‪ .‬ولكن ال يشترط قصد‬

‫] ‪[ 352‬‬
‫البدلية فيهم ا‪ ،‬وال في غيرهما من االذك ار على االص ح‪ .‬أما إذا لم يحسن‬
‫ش يئا من الق رآن‪ ،‬وال ال ذكر‪ ،‬فعليه أن يق وم بق در الفاتح ة‪ ،‬ثم يرك ع‪ .‬ولو‬
‫أحسن بعض الفاتحة‪ ،‬ولم يحسن ب دال‪ ،‬وجب تكرير ما أحسن ق در الفاتح ة‪.‬‬
‫وإن أحسن لباقيها بدال‪ ،‬فوجهان‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬أح دهما‪ :‬يك رره‪ .‬وأص حهما‪:‬‬
‫يأتي به‪ ،‬وببدل الباقي‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬لو أحسن النصف الث اني من الفاتحة دون‬
‫االول‪ ،‬أتى بال ذكر ب دال عن النصف االول‪ ،‬ثم ي أتي بالنصف الث اني‪ .‬فلو‬
‫عكس‪ ،‬لم يجز على الص حيح‪ .‬وأما إذا قلن ا‪ :‬يك رر ما يحس نه‪ ،‬فيك رر‬
‫المحفوظ مرة بدال‪ ،‬ومرة أصال‪ .‬ولو كان يحسن النصف االول‪ ،‬كرره على‬
‫الوجه االول‪ ،‬وأما على االص ح‪ :‬في أتي ب ه‪ ،‬ثم بال ذكر ب دال‪ .‬ه ذا كله إذا‬
‫اس تمر العج ز‪ ،‬فلو تمكن من ق راءة الفاتحة في أثن اء الص الة‪ ،‬بتلقين‪ ،‬أو‬
‫مصحف‪ ،‬أو غيرهما‪ ،‬فإن كان قبل الشروع في البدل‪ ،‬لزمه قراءة الفاتح ة‪.‬‬
‫وكذا إن كان في أثناء البدل على الصحيح‪ .‬وعلى الض عيف‪ :‬يلزمه أن يق رأ‬
‫الفاتح ة‪ ،‬بق در ما بقي‪ .‬وإن ك ان بعد الرك وع‪ ،‬فقد مضت تلك الركعة على‬
‫الصحة‪ ،‬وال يجوز الرجوع‪ .‬وإن كان بعد الفراغ من الب دل‪ ،‬وقبل الرك وع‪،‬‬
‫فالمذهب‪ :‬أنه ال يلزمه قراءة الفاتحة‪ ،‬كما إذا قدر المكفر على االعتاق‪ ،‬بعد‬
‫فراغه من الص وم‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬ف رع‪ :‬يس تحب لكل من ق رأ الفاتحة في‬
‫الص الة‪ ،‬أو خ ارج الص الة‪ ،‬أن يق ول‪ :‬عقب فراغه منه ا‪ :‬آمين‪ ،‬بالم د‪ ،‬أو‬
‫القصر‪ ،‬بال تشديد فيهم ا‪ .‬ويس تحب أن يفصل بينهم ا‪ ،‬وبين (وال الض الين)‬
‫بسكته لطيفة‪ ،‬ليميزها عن القرآن‪ .‬ويستوي في استحبابها‪ ،‬االمام‪ ،‬والمأموم‪،‬‬
‫والمنفرد‪ .‬ويجهر بها االمام‪ ،‬والمنف رد‪ ،‬في الص الة الجهري ة‪ ،‬تبعا للق راءة‪.‬‬
‫وأما المأموم‪ ،‬فالمذهب‪ :‬أنه يجهر‪ .‬وقيل‪ :‬ق والن‪ .‬وقي ل‪ :‬إن لم يجهر االم ام‪،‬‬
‫جهر لينبهه‪ .‬وإال‪ ،‬فقوالن‪ .‬وقيل‪ :‬إن كثر القوم‪ ،‬جهروا‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ويس تحب‬
‫أن يكون تأمين المأموم‪ ،‬مع تأمين االمام‪ ،‬ال قبله‪ ،‬وال بعده‪ .‬ف إن فات ه‪ ،‬أمن‬
‫عقب تأمينه‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬لو ترك التأمين‪ ،‬حتى اشتغل بغ يره‪ ،‬ف ات‪،‬‬
‫ولم يعد إليه‪ .‬وفي (الحاوي) وغيره وجه ض عيف‪ :‬أنه ي أتي به ما لم يرك ع‪.‬‬
‫قال في (االم)‪ :‬ف إن ق ال‪ :‬آمين رب الع المين‪ ،‬ك ان حس نا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫‪،‬يسن لالمام‪ ،‬والمنفرد‪ ،‬قراءة شئ بعد الفاتحة في صالة الصبح‬

‫] ‪[ 353‬‬
‫واالوليين من س ائر الص لوات‪ .‬ويحصل أصل االس تحباب‪ ،‬بق راءة شئ من‬
‫القرآن (‪ ،)1‬ولكن سورة كاملة‪ ،‬أفضل‪ .‬حتى أن السورة القصيرة‪ ،‬أولى من‬
‫ق درها من طويلة (‪ .)2‬وهل تسن الس ورة في الركعة الثالث ة‪ ،‬والرابعة ؟‬
‫ق والن‪ .‬الق ديم وبه أف تى االك ثرون‪ :‬ال تس ن‪ .‬والجدي د‪ :‬تس ن‪ ،‬لكنها تك ون‬
‫أقص ر‪ .‬وال يفضل الركعة االولى على الثانية بزي ادة الق راءة‪ ،‬وال الثالثة‬
‫على الرابعة‪ ،‬على االصح فيهما‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي ص ححه‪ ،‬هو الراجع عند‬
‫جماهير االصحاب‪ .‬لكن االص ح‪ :‬التفض يل‪ .‬فقد صح فيه الح ديث‪ ،‬واخت اره‬
‫ون‪ ،‬ونقله القاضي أبو الطيب‪ ،‬عن عامة‬ ‫القاضي أبو الطيب‪ ،‬والمحقق‬
‫أص حابنا الخراس انيين‪ .‬لكن القاضي أبو الطيب‪ .‬خص الخالف‪ ،‬بتفض يل‬
‫االولى على الثانية‪ ،‬ونقل االتف اق‪ ،‬على اس تواء الثالثة والرابع ة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ويستحب أن يقرأ في الصبح‪ ،‬بطوال المفصل‪ ،‬ك‍ (الحج رات) وفي الظه ر‪،‬‬
‫بقريب من الصبح‪ .‬وفي العصر والعش اء بأوس اط المفص ل‪ .‬وفي المغ رب‪،‬‬
‫بقصاره (‪ ،)3‬ويسن في صبح يوم الجمعة‪ ،‬أن يقرأ في االولى‪( :‬آلم تنزيل)‬
‫وفي الثاني ة‪( :‬هل أتى) بكمالهما (‪ .)4‬وأما الم أموم‪ ،‬فال يق رأ الس ورة فيما‬
‫يجهر في االم ام إذا س معه‪ ،‬بل يس تمعه‪ ،‬وإن ك انت الص الة س رية‪ ،‬أو‬
‫جهري ة‪ ،‬ولم يس مع الم أموم قراءته لبع ده‪ ،‬أو ص ممه‪ ،‬قرأها على االص ح‪.‬‬
‫قلت‪ :‬لو قرأ السورة‪ ،‬ثم قرأ الفاتحة‪ ،‬لم تحسب السورة‪ ،‬على المذهب‬
‫] ‪[ 354‬‬
‫والمنصوص‪ .‬وذكر إمام الحرمين‪ ،‬والشيخ نصر المقدسي في االعتداد به ا‪،‬‬
‫وجهين‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬والم رأة ال تجهر ب القراءة في موضع فيه رج ال‬
‫أجانب‪ .‬فإن كانت خالية‪ ،‬أو عندها نس اء‪ ،‬أو رج ال مح ارم‪ ،‬جه رت‪ ..‬وفي‬
‫وج ه‪ :‬تسر مطلق ا‪ .‬وحيث قلن ا‪ :‬تس ر‪ ،‬فجه رت‪ ،‬ال تبطل ص التها على‬
‫الص حيح‪ .‬والخن ثى‪ ،‬ك المرأة (‪ .)1‬وأما نوافل النه ار المطلق ة‪ ،‬فيسر فيها‬
‫قطعا‪ .‬وأما نوافل الليل‪ ،‬فقال صاحب (التتمة) يجهر‪ .‬وق ال القاضي حس ين‪،‬‬
‫وص احب (الته ذيب)‪ :‬يتوسط بين الجهر واالس رار (‪ ،)2‬وهو االص ح‪.‬‬
‫ويستثنى ما إذا كان عنده مص لون‪ ،‬أو ني ام يه وش عليهم‪ ،‬فيس ر‪ .‬ويس تثنى‬
‫ال تراويح‪ ،‬فيجهر فيه ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل (‪ :)3‬يس تحب للق ارئ في الص الة‪،‬‬
‫وخارجها‪ ،‬إذا مر بآية رحمة‪ ،‬أن يسأل الرحم ة‪ :‬أو بآية ع ذاب‪ ،‬أن يس تعيذ‬
‫منه‪ .‬أو بآية تسبيح‪ ،‬أن يس بح‪ .‬أو بآية مثل أن يتفك ر‪ .‬وإذا ق رأ * (أليس هللا‬
‫بأحكم الحاكمين) * (‪ .)4‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬وأنا على ذلك من الشاهدين‪ .‬وإذا ق رأ *‬
‫(فب أي ح ديث بع ده يؤمن ون) * (‪ .)5‬ق ال‪ :‬آمنا باهلل‪ .‬والم أموم‪ ،‬يفعل ذلك‬
‫لقراءة االمام على الصحيح‪ .‬فصل في الرك وع أقل ه‪ ،‬أن ينح ني بحيث تن ال‬
‫راحتاه ركبتيه‪ ،‬ولو أراد‬

‫] ‪[ 355‬‬
‫وضعهما عليهما‪ ،‬وهذا عند اعتدال الخلقة‪ ،‬وس المة الي دين والركب تين‪ .‬ولو‬
‫انخنس‪ ،‬وأخ رج ركبتي ه‪ ،‬وهو مائل منتص ب‪ ،‬وص ار بحيث لو مد يديه‬
‫لنالت راحتاه ركبتي ه‪ ،‬لم يكن ذلك ركوع ا‪ ،‬الن نيلهما لم يحصل باالنحن اء‪.‬‬
‫قال إمام الحرمين‪ :‬ولو م زج االنحن اء به ذه الهيئة الم ذكورة‪ ،‬وك ان التمكن‬
‫من وضع الراحتين على الركبتين بهما جميع ا‪ ،‬لم يكن ركوعا أيض ا‪ .‬ثم إن‬
‫لم يقدر على االنحناء إلى الحد المذكور إال بمعين‪ ،‬أو باعتماد على شئ‪ ،‬أو‬
‫بأن ينحني على شقه‪ ،‬لزمه ذل ك‪ ،‬ف إن لم يق در‪ ،‬انح نى الق در الممكن‪ ،‬ف إن‬
‫عجز‪ ،‬أومأ بطرفه من (‪ )1‬قيام‪ .‬هذا بيان ركوع القائم‪ ،‬وأما ركوع القاع د‪،‬‬
‫فقد تق دم بي ان أقل ه‪ ،‬وأكمله في فصل القي ام‪ .‬وتجب الطمأنينة في الرك وع‪.‬‬
‫وأقلها‪ :‬أن يصبر حتى تستقر أعضاؤه في هيئة الركوع‪ ،‬وينفصل هويه عن‬
‫ارتفاعه من ه‪ .‬فلو ج اوز حد أقل الرك وع‪ ،‬ف زاد في اله وي‪ ،‬ثم ارتف ع‪،‬‬
‫والحرك ات متص لة‪ ،‬لم تحصل الطمأنين ة‪ ،‬وال يق وم زي ادة اله وي مق ام‬
‫الطمأنينة‪ ،‬ويشترط أن ال يقصد بهويه غير الركوع‪ .‬فلو قرأ في ص الته آية‬
‫سجدة‪ ،‬فهوى ليسجد للتالوة‪ ،‬ثم بدا له بعد ما بلغ حد الراكعين أن يركع‪ ،‬لم‬
‫يعتد ب ذلك عن الرك وع‪ ،‬بل يجب عليه أن يع ود إلى القي ام‪ ،‬ثم يرك ع‪ .‬وأما‬
‫أكمل الركوع‪ ،‬فأمران‪ .‬أح دهما‪ :‬في الهيئ ة‪ .‬والث اني‪ :‬في ال ذكر‪ .‬أما الهيئ ة‪:‬‬
‫فأن ينحني بحيث يستوي ظهره‪ ،‬وعنقه ويمدهما كالصفيحة‪ ،‬وينصب ساقيه‬
‫إلى الحق و‪ ،‬وال يث ني ركبتي ه‪ ،‬ويضع يديه على ركبتي ه‪ ،‬ويأخ ذهما بهم ا‪،‬‬
‫ويف رق بين أص ابعه حينئ ذ‪ ،‬ويوجهها نحو القبل ة‪ ،‬ف إن ك انت إح دى يديه‬
‫مقطوعة‪ ،‬أو عليل ة‪ ،‬فعل ب االخرى ما ذكرن ا‪ ،‬ف إن لم يمكنه وض عهما على‬
‫ركبتيه‪ ،‬أرسلهما‪ .‬ويجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه‪ ،‬وال تجافي الم رأة‪ ،‬وال‬
‫الخنثى‪ .‬االمر الثاني‪ :‬الذكر‪ :‬فيستحب أن يكبر للركوع‪ ،‬ويبتدئ به في ابتداء‬
‫الهوي‪ .‬وهل يمد التكبير ؟ قوالن‪ .‬القديم‪ :‬ال يمده‪ ،‬بل يحذفه‪ .‬والجديد‬

‫] ‪[ 356‬‬
‫الصحيح‪ :‬يستحب مده إلى تمام الهوي‪ ،‬حتى ال يخلو ج زء من ص الته عن‬
‫ذكر‪ .‬ويجري القوالن في جميع تكبيرات االنتق االت‪ ،‬هل يم دها إلى ال ركن‬
‫المنتقل إليه‪ ،‬أم ال ؟‪ .‬ويستحب أن يرفع يديه إذا ابتدأ التكبير‪ ،‬وتقدمت ص فة‬
‫الرف ع‪ .‬ويس تحب أن يق ول في ركوع ه‪ :‬س بحان ربي العظيم‪ ،‬ثالث م رات‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬ويضيف إليه‪ :‬وبحمده (‪ .)1‬واالفضل‪ ،‬أن يق ول بع ده‪ :‬اللهم لك‬
‫ركعت‪ ،‬وبك آمنت‪ ،‬ولك أس لمت‪ ،‬خشع (ل ك) س معي‪ ،‬وبص ري‪ ،‬ومخي‪،‬‬
‫وعظمي‪ ،‬وعص بي‪ ،‬وش عري‪ ،‬وبش ري‪ ،‬وما اس تقلت به ق دمي هلل رب‬
‫العالمين (‪ .)2‬وهذا أتم الكمال‪ .‬ثم الزيادة على ثالث تسبيحات‪ ،‬إنما تس تحب‬
‫للمنف رد‪ .‬وأما االم ام‪ ،‬فال يزيد على ثالث‪ .‬وقي ل‪ :‬خمس‪ ،‬إال أن يرضى‬
‫المأمومون بالتطويل‪ ،‬فيس توفي الكم ال‪ .‬وتك ره ق راءة الق رآن في الرك وع‪،‬‬
‫والسجود‪ .‬قلت‪ :‬ق ال أص حابنا‪ :‬يس تحب أن ال يصل تكب يرة الرك وع‪ ،‬ب آخر‬
‫السورة‪ .‬بل يسكت بينهما سكتة لطيفة‪ ،‬ويبت دئ التكب ير قائما مع ابت داء رفع‬
‫اليدين‪ .‬فإن ترك رفع اليدين ح تى ف رغ من التكب ير‪ ،‬لم يرفعهم ا‪ ،‬وإن ذكر‬
‫قبل فراغ ه‪ ،‬رف ع‪ ،‬ولو ك ان أقطع الكفين‪ ،‬لم يبلغ بيديه ركبتي ه‪ ،‬لئال يغ ير‬
‫هيئة الرك وع‪ .‬ذك ره الم اوردي‪ ،‬وغ يره‪ .‬ق الوا‪ :‬ويس تحب رفع الي دين في‬
‫تكب يرة االح رام‪ ،‬والرك وع‪ ،‬والرفع من ه‪ ،‬لكل مصل ق ائم‪ ،‬وقاع د‪،‬‬
‫ومضطجع‪ ،‬وم وم‪ .‬ونص عليه في (االم) ق ال أص حابنا‪ :‬وأقل ما يحصل به‬
‫ال ذكر في الرك وع‪ ،‬تس بيحة واح دة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في االعت دال عن‬
‫الركوع‪ :‬وهو ركن‪ ،‬لكنه غير مقصود لنفسه‪ ،‬واالعت دال ال واجب‪ :‬أن يع ود‬
‫بعد ركوعه إلى الهيئة التي كان عليها قبل الرك وع‪ ،‬س واء ص لى قائم ا‪ ،‬أو‬
‫قاعدا (‪ .)3‬فلو ركع عن قيام‪ ،‬فسقط في ركوعه‪ ،‬نظر‪ ،‬إن لم‬
‫] ‪[ 357‬‬
‫يطمئن في ركوع ه‪ ،‬لزمه أن يع ود إلى الرك وع‪ ،‬ويطمئن‪ ،‬ثم يعت دل من ه‪.‬‬
‫وإن ك ان اطم أن‪ ،‬فيعت دل قائما ويس جد‪ .‬ولو رفع الراكع رأس ه‪ ،‬ثم س جد‪،‬‬
‫وشك هل تم اعتداله ؟ وجب أن يعتدل قائما‪ ،‬ويعيد السجود‪ .‬واعلم أنه تجب‬
‫الطمأنينة في االعت دال‪ ،‬ك الركوع‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬في قل بي من‬
‫الطمأنينة في االعت دال ش ئ‪ ،‬وفي كالم غ يره ما يقتضي ت رددا فيه ا‪.‬‬
‫والمعروف الص واب وجوبه ا‪ .‬ويجب أن ال يقصد بارتفاعه ش يئا آخ ر‪ .‬فلو‬
‫رأى في ركوعه حي ة‪ ،‬فرفع فزعا منه ا‪ ،‬لم يعتد ب ه‪ .‬ويجب أن ال يط ول‬
‫االعت دال‪ ،‬ف إن طول ه‪ ،‬ففي بطالن ص الته خالف ي ذكر في ب اب س جود‬
‫الس هو‪ ،‬إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ويس تحب عند االعت دال‪ ،‬رفع الي دين ح ذو‬
‫المنكبين‪ ،‬على ما تقدم من ص فة الرف ع‪ ،‬ويك ون ابت داء رفعهم ا‪ ،‬مع ابت داء‬
‫رفع ال رأس‪ .‬ف إذا اعت دل قائم ا‪ ،‬حطهم ا‪ .‬ويس تحب أن يق ول في ارتفاعه‬
‫لالعتدال‪ :‬سمع هللا لمن حمده‪ .‬ف إذا اس توى قائم ا‪ ،‬ق ال‪ :‬ربنا لك الحم د‪ ،‬أو‪:‬‬
‫ربنا ولك الحمد مل ء الس موات‪ ،‬ومل ء االرض‪ ،‬ومل ء ما ش ئت من شئ‬
‫بع د‪ .‬يس توي في اس تحباب ه ذين ال ذكرين‪ ،‬االم ام‪ ،‬والم أموم‪ ،‬والمنف رد‪.‬‬
‫ويس تحب لغ ير االم ام وله إذا رضي الق وم أن يزي د‪ ،‬فيق ول‪ :‬أهل الثن اء‬
‫والمج د‪ ،‬حق ما ق ال العب د‪ ،‬كلنا لك عب د‪ ،‬ال م انع لما أعطيت‪ ،‬وال معطي‬
‫لما منعت‪ ،‬وال ينفع ذا الجد منك الجد (‪ .)1‬ويك ره لالم ام ه ذه الزي ادة‪ ،‬إال‬
‫برض اهم‪ .‬قلت‪ :‬هك ذا يقوله أص حابنا في كتب الم ذهب‪ :‬حق ما ق ال العب د‪،‬‬
‫كلنا لك عبد‪ .‬والذي في (صحيح مسلم) وغيره من كتب الحديث‪ ،‬أن رس ول‬
‫هللا (ص)‪ ،‬ك ان يق ول‪ :‬أحق ما ق ال العب د‪ ،‬وكلنا لك عب د‪ .‬بزي ادة ألف في‬
‫(أحق) وواو في (وكلنا) (‪ )2‬وكالهما حسن‪ .‬لكن ما ثبت في الحديث‪ ،‬أولى‪.‬‬
‫‪،‬قال الشافعي واالصحاب رحمهم هللا (‪ :)3‬ولو قال من حمد هللا‪ :‬سمع له‬

‫] ‪[ 358‬‬
‫ب دل‪ :‬س مع هللا لمن حم ده‪ ،‬أج زأه‪ ،‬ولكن االولى‪ :‬س مع هللا لمن حم ده‪ .‬ق ال‬
‫الشافعي واالصحاب‪ :‬يق ول في الرف ع‪ :‬ربنا لك الحم د‪ .‬وإن ش اء ق ال‪ :‬اللهم‬
‫ربنا لك الحمد‪ ،‬أو‪ :‬لك الحمد ربن ا‪ .‬واالول‪ :‬أولى‪ .‬ق ال ص احب (الح اوي)‪:‬‬
‫يجهر االمام ب‍‪ :‬سمع هللا لمن حم ده‪ ،‬ويسر ب‍‪ :‬ربنا لك الحم د‪ .‬ويسر الم أموم‬
‫بهما جميع ا‪ .‬ولو أتى ب الركوع ال واجب‪ ،‬فعرضت علة منعته االنتص اب‪،‬‬
‫سجد من ركوعه‪ ،‬وسقط االعتدال‪ ،‬لتعذره‪ .‬فلو زالت العلة قبل بل وغ جبهته‬
‫لالرض‪ ،‬وجب أن يرتف ع‪ ،‬وينتصب قائم ا‪ ،‬ويعت دل‪ ،‬ثم يس جد‪ ،‬وإن زالت‬
‫بعد وضع جبهته على االرض‪ ،‬لم يرجع إلى االعتدال‪ ،‬بل س قط عن ه‪ ،‬ف إن‬
‫خالف‪ ،‬فعاد إليه قبل تمام سجوده‪ ،‬فإن كان عالما بتحريم ه‪ ،‬بطلت ص الته‪،‬‬
‫وإن كان جاهال‪ ،‬لم تبطل‪ .‬ويع ود إلى الس جود‪ .‬ق ال ص احب (التتم ة)‪ :‬ولو‬
‫ترك االعتدال عن الركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬في النافلة‪ ،‬ففي صحتها وجهان‪ ،‬بناء‬
‫على صالتها مضطجعا مع قدرته على القي ام‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في القن وت‪:‬‬
‫وهو مستحب بعد الرفع من الركوع‪ ،‬في الركعة الثانية من الص بح‪ .‬وك ذلك‬
‫الركعة االخ يرة من ال وتر في النصف االخ ير من ش هر رمض ان‪ .‬ولفظ ه‪:‬‬
‫(اللهم اه دني فيمن ه ديت‪ ،‬وع افني فيمن ع افيت‪ ،‬وتول ني فيمن ت وليت‪،‬‬
‫وب ارك لي فيما أعطيت‪ ،‬وق ني شر ما قض يت‪ ،‬فإنك تقض ي‪ ،‬وال يقضى‬
‫عليه‪ ،‬وإنه ال يذل من واليت‪ ،‬تباركت ربنا وتع اليت) ه ذا هو الم روي عن‬
‫الن بي (ص) (‪ .)1‬وزاد العلم اء في ه‪( :‬وال يعز من ع اديت) قبل (تب اركت‬
‫وتعاليت) وبعده‪( :‬فلك الحمد على ما قضيت‪ ،‬أستغفرك‪ ،‬وأتوب إليك)‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قال جمهور (‪ )2‬أصحابنا‪ :‬ال بأس بهذه الزيادة‪ .‬وقال أبو حامد‪ ،‬والبندنيجي‪،‬‬
‫وآخ رون‪ :‬مس تحبة‪ .‬واتفق وا على تغليط القاضي أبو الطيب‪ ،‬في إنك ار (ال‬
‫‪.‬يعز من عاديت) وقد جاءت في رواية البيهقي (‪ .)3‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 359‬‬
‫فإن ك ان إمام ا‪ ،‬لم يخص نفس ه‪ ،‬بل ي ذكر بلفظ الجم ع‪ .‬وهل تسن الص الة‬
‫على الن بي (ص) بع ده ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬تسن (‪ .)1‬وهل تتعين ه ذه‬
‫الكلمات في القنوت ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬تتعين‪ ،‬ككلم ات التش هد‪ .‬والص حيح‬
‫الذي قطع به الجم اهير‪ :‬ال تتعين‪ .‬وعلى ه ذا‪ ،‬لو قنت بما ج اء عن عمر (‬
‫‪ )2‬رضي هللا عن ه‪ ،‬ك ان حس نا (‪ .)3‬وحكي وجه عن أبي علي بن أبي‬
‫هريرة (‪ :)4‬أنه ال يقنت في الصبح‪ ،‬وهذا غريب‪ ،‬وغل ط‪ .‬أما غ ير الص بح‬
‫‪:‬من الفرائض ففيها ثالثة أقوال‪ .‬المشهور‬

‫] ‪[ 360‬‬
‫أنه إن نزل ‪ -‬والعياذ باهلل ‪ -‬بالمسلمين نازلة (‪ ،)1‬كالوب اء والقح ط‪ ،‬قنت وا‪.‬‬
‫وإال فال‪ ،‬والثاني‪ :‬يقنتون مطلق ا‪ .‬والث الث‪ :‬ال يقنت ون مطلقا (‪ .)2‬ثم مقتضى‬
‫كالم االكثرين‪ ،‬أن الكالم‪ ،‬والخالف‪ ،‬في غير الصبح‪ ،‬إنما هو في الج واز‪.‬‬
‫ومنهم من يش عر إي راده باالس تحباب‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ ،‬اس تحبابه‪ .‬وص رح به‬
‫ص احب (الع دة) ونقله نص الش افعي في (االمالء)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم االم ام في‬
‫صالة الصبح‪ ،‬هل يجهر بالقنوت ؟ وجهان‪ .‬أص حهما‪ :‬الجه ر‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪،‬‬
‫كالتش هد‪ ،‬وال دعوات وأما المنف رد‪ ،‬فيسر به قطع ا‪ .‬ذك ره البغ وي‪ .‬وأما‬
‫المأموم‪ ،‬فإن قلنا‪ :‬ال يجهر االمام‪ ،‬قنت‪ .‬وإن قلنا‪ :‬يجهر‪ ،‬فاالصح أنه يؤمن‪،‬‬
‫وال يقنت‪ .‬والثاني‪ :‬يتخير بين التأمين‪ ،‬والقنوت‪ .‬فعلى االصح‪ :‬هل يؤمن في‬
‫الجميع ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ ،‬ي ؤمن في الق در ال ذي هو دع اء‪ .‬وأما الثن اء‪،‬‬
‫فيشاركه فيه‪ ،‬أو يسكت‪ .‬والثاني‪ :‬يؤمن في الجميع‪ .‬فإن كان ال يسمع االم ام‬
‫لبعد‪ ،‬أو غيره وقلن ا‪ :‬لو س مع المن‪ ،‬فهنا وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يقنت‪ ،‬والث اني‪:‬‬
‫يؤمن كالوجهين في قراءة السورة إذا لم يسمع االمام‪ .‬وأما غ ير الص بح إذا‬
‫قنت فيه ا‪ ،‬ف الراجح أنها كلها كالص بح س رية ك انت‪ ،‬أو جهري ة‪ .‬ومقتضى‬
‫إيراده في (الوس يط) أنه يسر في الس رية‪ ،‬وفي الجهرية الخالف‪ .‬وهل يسن‬
‫رفع الي دين في القن وت‪ ،‬ومسح الوجه بهما إذا ف رغ ؟ فيه أوج ه‪ .‬أص حها‪:‬‬
‫يستحب الرف ع‪ ،‬دون المسح (‪ .)3‬والث اني‪ :‬يس تحبان‪ .‬والث الث‪ :‬ال يس تحبان‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ال يستحب مسح غير وجهه قطعا‪ .‬بل نص جماعة على كراهته‪ .‬ولو‬

‫] ‪[ 361‬‬
‫قنت بآية من القرآن ينوي بها القنوت‪ .‬وقلنا‪ :‬ال يتعين له لفظ‪ ،‬ف إن تض منت‬
‫اآلية دع اء‪ ،‬أو ش بهه‪ ،‬ك ان قنوت ا‪ .‬وإن لم تتض منه كآية ال دين‪ ،‬و (تبت)‬
‫فوجه ان‪ .‬حكاهما في (الح اوي) الص حيح‪ :‬ال يك ون قنوت ا‪ .‬ولو قنت قبل‬
‫الركوع‪ ،‬ف إن ك ان مالكيا ي رى ذل ك‪ ،‬أج زأه‪ .‬وإن ك ان ش افعيا ال ي راه‪ ،‬لم‬
‫يحسب على الصحيح‪ ،‬بل يعيده بعد الرفع من الركوع‪ .‬وهل يسجد للس هو ؟‬
‫وجهان‪ .‬االصح المنصوص في (االم)‪ :‬يس جد‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في الس جود‬
‫(‪ :)1‬وهو ركن‪ ،‬وله أق ل‪ ،‬وأكم ل‪ .‬أما أقل ه‪ ،‬ففيه مس ائل‪ .‬إح داها‪ :‬يجب أن‬
‫يضع على االرض من الجبه ة‪ ،‬ما يقع عليه االس م‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال يكفي‬
‫بعض الجبهة‪ .‬وهو شاذ منكر‪ .‬وال يجزئ عن الجبهة‪ ،‬الجبين ان‪ ،‬وهما جانبا‬
‫الجبه ة‪ .‬والص حيح‪ ،‬أنه ال يكفي في وضع الجبهة االمس اس‪ ،‬بل يجب أن‬
‫يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه‪ ،‬حتى تستقر جبهته‪ .‬فلو سجد‬
‫على قطن‪ ،‬أو حشيش‪ ،‬أو شئ محشو بهما‪ ،‬وجب أن يتحامل ح تى ينكبس‪،‬‬
‫ويظهر أثره على يد لو فرضت تحت ذلك المحشو‪ ،‬فإن لم يفعل‪ ،‬لم يجزئه‪.‬‬
‫وقال إمام الحرمين‪ :‬عندي أنه يكفي إرخ اء رأس ه‪ ،‬وال يقل ه‪ .‬وال حاجة إلى‬
‫التحامل كيف ف رض محل الس جود‪ .‬وهل يجب وضع الي دين والركب تين‬
‫والق دمين على موضع الس جود ؟ ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال يجب (‪ .)2‬ف إن‬
‫أوجبن اه‪ ،‬كفى وضع ج زء من كل واحد منه ا‪ .‬واالعتب ار في الي د‪ ،‬بب اطن‬
‫الك ف‪ ،‬وفي ال رجلين‪ ،‬ببط ون االص ابع‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ال يجب‪ ،‬اعتمد على ما‬
‫شاء منهما‪ ،‬ويرفع ما شاء‪ .‬وال يمكنه أن يسجد‬

‫] ‪[ 362‬‬
‫مع رفع الجمي ع‪ .‬ه ذا هو الغ الب‪ ،‬أو المقط وع ب ه‪ .‬قلت‪ :‬االظه ر‪ :‬وج وب‬
‫الوضع‪ .‬قال الشيخ أبو حامد في تعليقه‪ :‬إذا قلنا‪ :‬ال يجب وض عها‪ ،‬فلو أمكنه‬
‫أن يسجد على الجبهة وحدها‪ ،‬أجزأه‪ ،‬وكذا قال صاحب (العدة)‪ :‬لو لم يضع‬
‫ش يئا منه ا‪ ،‬أج زأه‪ .‬ومن ص ور رفعها كلها إذا رفع الركب تين‪ ،‬والق دمين‪،‬‬
‫ووضع ظهر الكفين‪ ،‬أو حرفهما‪ ،‬فإنه في حكم رفعهما‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وال يجب‬
‫وضع االنف على االرض‪ .‬قلت‪ :‬وحكى ص احب (البي ان) ق وال غريبا أنه‬
‫وفا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويجب أن يكشف من‬ ‫يجب وضع االنف مع الجبهة مكش‬
‫الجبهة ما يقع عليه االسم‪ ،‬فيباشر به موضع الس جود‪ .‬وإنما يحصل الكشف‬
‫إذا لم يحل بينه وبين موضع الس جود حائل متصل به يرتفع بارتفاع ه‪ ،‬فلو‬
‫س جد على ط رف عمامت ه‪ ،‬أو ذيله المتح رك بحركت ه‪ ،‬لم يص ح‪ .‬وإن لم‬
‫يتح رك بحركته قياما وقع ودا‪ ،‬أج زأه‪ .‬قلت‪ :‬لو ك ان على جبهته جراح ة‪،‬‬
‫فعصبها‪ ،‬وسجد على العص ابة‪ ،‬أج زأه‪ ،‬وال إع ادة عليه على الم ذهب‪ .‬النه‬
‫إذا س قطت االع ادة مع االيم اء للع ذر‪ ،‬فهنا أولى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا أوجبنا‬
‫وضع الركبتين والقدمين‪ ،‬لم يجب كشفهما قطع ا‪ ،‬وإذا أوجبنا وضع الكفين‪،‬‬
‫لم يجب كشفهما أيضا على االظهر‪ .‬فإذا أوجبن اه‪ ،‬كفى كشف بعض من كل‬
‫واحد منهم ا‪ .‬المس ألة الثاني ة‪ :‬إذا وضع الجبه ة‪ ،‬وس ائر االعض اء على‬
‫االرض‪ ،‬فله ثالث ص ور‪ .‬إح داها‪ :‬أن يك ون أعاليه أعلى من أس افله (‪،)1‬‬
‫‪،‬بأن يضع رأسه على ارتفاع‬

‫] ‪[ 363‬‬
‫فيصير رأسه أعلى من حقوه‪ ،‬فال يجزئه‪ ،‬لع دم اسم الس جود‪ ،‬كما لو أكب‪،‬‬
‫ومد رجلي ه‪ ،‬الث اني‪ :‬أن تك ون االس افل أعلى من االع الي (‪ ،)1‬فه ذه هيئة‬
‫التنكيس‪ ،‬وهي المطلوبة‪ ،‬ومهما كان المكان مس تويا‪ ،‬ك ان الحقو أعلى‪ .‬ولو‬
‫ك ان موضع ال رأس مرتفع ا‪ ،‬قليال‪ ،‬فقد ترتفع أس افله‪ ،‬وتحصل ه ذه الهيئة‬
‫أيضا‪ .‬الثالث ة‪ :‬أن تتس اوى أعاليه وأس افله‪ ،‬الرتف اع موضع الجبه ة‪ ،‬وع دم‬
‫رفعه االس افل‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنها ال تج زئ‪ .‬وإذا تع ذرت الهيئة المطلوبة‬
‫لمرض‪ ،‬أو غيره‪ ،‬فهل يلزمه وضع وس ادة ونحوه ا‪ ،‬ليضع الجبهة عليه ا‪،‬‬
‫أم يكفي إنه اء ال رأس إلى الحد الممكن من غ ير وضع الجبهة على شئ ؟‬
‫وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬عند الغزالي‪ :‬الوجوب‪ .‬واالشبه بكالم االك ثرين‪ :‬االكتف اء‬
‫بإنه اء ال رأس‪ .‬ولو عجز عن وضع الجبهة على االرض‪ ،‬وق در على‬
‫وض عها‪ ،‬على وس ادة مع النكس‪ ،‬لزمه ذلك بال خالف‪ .‬ولو عجز عن‬
‫االنحناء‪ ،‬أشار بالرأس‪ ،‬ثم ب الطرف‪ ،‬على ما تق دم نظ يره‪ .‬المس ألة الثالث ة‪:‬‬
‫تجب الطمأنينة في الس جود‪ ،‬ويجب أن ال يقصد بهويه غ ير الس جود‪ ،‬فلو‬
‫سقط إلى االرض من االعت دال قبل قصد اله وي‪ ،‬لم يحس ب‪ ،‬بل يع ود إلى‬
‫االعتدال‪ ،‬ويسجد منه‪ .‬ولو هوى ليسجد‪ ،‬فسقط على االرض بجبهته‪ ،‬نظ ر‪،‬‬
‫إن وضع جبهته على االرض بنية االعتماد‪ ،‬لم يحسب عن السجود‪ ،‬وإن لم‬
‫تحدث هذه النية‪ ،‬حسب‪ .‬ولو هوى ليس جد‪ ،‬فس قط على جنب ه‪ ،‬ف انقلب وأتى‬
‫بصورة السجود‪ ،‬فإن قصد السجود‪ ،‬اعتد ب ه‪ ،‬وإن قصد االس تقامة‪ ،‬لم يعتد‬
‫‪.‬به‬

‫] ‪[ 364‬‬
‫قلت‪ :‬إذا قصد االس تقامة‪ ،‬له ح االن‪ .‬أح دهما‪ :‬أن يقص دها‪ ،‬قاص دا ص رف‬
‫ذلك عن الس جود‪ ،‬فال يجزئه قطع ا‪ ،‬وتبطل ص الته‪ ،‬النه زاد فعال ال ي زاد‬
‫مثله في الص الة عام دا‪ .‬قاله إم ام الح رمين‪ ،‬وغ يره‪ .‬والث اني‪ :‬أن يقصد‬
‫االس تقامة‪ ،‬وال يقصد ص رفه عن الس جود‪ ،‬بل يغفل عن ه‪ ،‬فال يجزئه أيضا‬
‫على الص حيح المنص وص‪ ،‬ولكن ال تبطل ص الته‪ ،‬بل يكفيه أن يعت دل‬
‫جالسا‪ ،‬ثم يسجد‪ .‬وال يلزمه أن يقوم ليسجد من قي ام على الظ اهر‪ ،‬فلو ق ام‪،‬‬
‫ك ان زائ دا قياما متعم دا‪ ،‬فتبطل ص الته‪ .‬ه ذا بي ان الح التين‪ .‬ولو لم يقصد‬
‫السجود‪ ،‬وال االستقامة‪ ،‬أج زأه ذلك عن الس جود قطع ا‪ .‬والعجب من االم ام‬
‫الرافعي‪ ،‬في كونه ترك استيفاء هذه الزي ادة ال تي ألحقته ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫وأما أكمل الس جود‪ ،‬فالس نة أن يك ون أول ما يقع على االرض من الس اجد‬
‫ركبتيه‪ ،‬ثم يديه‪ ،‬ثم أنفه‪ ،‬وجبهته‪ ،‬ويبتدئ التكب ير‪ ،‬مع ابت داء اله وي‪ ،‬وهل‬
‫يم ده‪ ،‬أو يحذفه ؟ فيه الق والن المتق دمان‪ .‬وال يرفع اليد مع التكب ير هن ا‪.‬‬
‫ويس تحب أن يق ول في س جوده‪( :‬س بحان ربي االعلى) ثالثا وه ذا أدنى‬
‫الكم ال‪ .‬واالفضل أن يق ول بع ده‪( :‬اللهم لك س جدت‪ ،‬وبك آمنت‪ ،‬ولك‬
‫أس لمت‪ ،‬س جد وجهي لل ذي خلقه وص وره‪ ،‬وشق س معه وبص ره‪ ،‬بحوله‬
‫وقوته‪ ،‬تبارك هللا أحسن الخالقين) (‪ )1‬واالمام يقتصر على التس بيح‪ ،‬إال أن‬
‫يرضوا‪ .‬ويستحب للمف رد‪ ،‬أن يجتهد في ال دعاء في س جوده‪ ،‬وأن يضع كل‬
‫س اجد‪ ،‬االنف مع الجبهة مكش وفا‪ ،‬وأن يف رق بين ركبتي ه‪ .‬ويرفع الرجل‬
‫مرفقيه عن جنبي ه‪ ،‬وبطنه عن فخذي ه‪ ،‬والم رأة تضم بعها إلى بعض‪ .‬وأن‬
‫يضع الس اجد يديه على االرض‪ ،‬بإزالة منكبي ه‪ ،‬وأص ابعه ملتصق بعض ها‬
‫إلى بعض‪ ،‬مستطيلة إلى جهة القبلة‪ ،‬وسنة أصابع اليدين‪ ،‬إذا كانت منشورة‬
‫في جميع الص الة‪ ،‬التف ريج المقتص د‪ ،‬إال في حالة الس جود‪ ،‬فإنه يلص قها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإال في التشهد‪ ،‬فإن الصحيح‪ :‬أن أصابع اليس رى‪ ،‬تك ون كهيئاتها في‬
‫‪.‬السجود‪ .‬وكذا أصابعهما في الجلوس بين السجدتين‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 365‬‬
‫ويرفع الس اجد ذراعيه عن االرض‪ ،‬وال يفترش هما‪ ،‬وينصب الق دمين‪،‬‬
‫ويوجه أص ابعهما إلى القبل ة‪ ،‬وإنما يحصل توجيهه ا‪ ،‬بالتحامل عليه ا‪،‬‬
‫واالعتماد على بطونها‪ .‬وق ال في (النهاي ة) ال ذي ص ححه االئم ة‪ :‬أن يضع‬
‫أط راف االص ابع على االرض من غ ير تحام ل‪ .‬واالول‪ :‬أص ح‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫أص حابنا‪ :‬ويس تحب أن يف رق بين الق دمين‪ .‬ق ال القاضي أبو الطيب‪ :‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬يكون بينهما شبر‪ .‬ويستحب أن يقول في سجوده‪( :‬س بوح‪ ،‬ق دوس‬
‫رب المالئكة والروح) (‪ )1‬وأن يبرز قدميه من ذيله في السجود‪ ،‬ويكش فهما‬
‫إذا لم يكن عليهما خ ف‪ .‬ويك ره أن يجمع في س جود‪ ،‬أو غ يره من أح وال‬
‫الص الة‪ ،‬ش عره‪ ،‬أو ثياب ه‪ ،‬لغ ير حاج ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬ف إذا ف رغ من‬
‫السجود‪ ،‬رفع فاعت دل جالسا بين الس جدتين‪ .‬وه ذا االعت دال‪ ،‬واجب‪ .‬ويجب‬
‫الطمأنينة في ه‪ ،‬ويجب أن ال يقصد ب الرفع ش يئا آخ ر‪ .‬وينبغي أن ال يط ول‬
‫الجلوس‪ ،‬ويس تحب أن يرفع رأسه مك برا‪ .‬والس نة‪ :‬أن يجلس مفترش ا‪ ،‬على‬
‫المشهور‪ .‬وفي قول شاذ ض عيف‪ :‬يض جع قدمي ه‪ ،‬ويجلس على ص دورهما‪.‬‬
‫ويستحب أن يضع يديه على فخذيه‪ ،‬قريبا من ركبتيه‪ ،‬منش ورتي االص ابع‪.‬‬
‫ولو انعطفت أطرافها على الركب ة‪ ،‬فال ب أس‪ .‬ولو تركهما على االرض من‬
‫ج انبي فخذي ه‪ ،‬ك ان كإرس الهما في القي ام‪ .‬ويس تحب أن يق ول في جلوس ه‪:‬‬
‫(اللهم اغفر لي‪ ،‬وارحم ني واج برني‪ ،‬وع افني‪ ،‬وارزق ني‪ ،‬واه دني) (‪.)2‬‬
‫فصل‪ :‬ثم يسجد السجدة الثانية‪ ،‬مثل االولى‪ ،‬في واجباتها (‪ ،)3‬ومن دوباتها‪.‬‬
‫وإذا رفع من الس جدة الثاني ة‪ ،‬ك بر‪ .‬ف إن ك انت س جدة ال يعقبها تش هد‪،‬‬
‫فالمذهب‪ :‬أنه يسن أن يجلس عقبها جلسة لطيف ة‪ ،‬تس مى‪ :‬جلسة االس تراحة‪.‬‬
‫وفي ق ول‪ :‬ال تسن ه ذه الجلس ة‪ ،‬بل يق وم من الس جود‪ .‬وقي ل‪ :‬إن ك ان‬
‫بالمصلي‬
‫] ‪[ 366‬‬
‫ضعف لكبر‪ ،‬أو غيره‪ ،‬جلس‪ ،‬وإال فال‪ .‬فإن قلنا‪ :‬ال يجلس‪ ،‬ابتدأ التكب ير مع‬
‫ابتداء الرف ع‪ ،‬وف رغ منه مع اس توائه قائم ا‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬يجلس‪ ،‬ففي التكب ير‪،‬‬
‫أوج ه‪ .‬أص حها عند جمه ور االص حاب‪ :‬أنه يرفع مك برا‪ ،‬ويم ده إلى أن‬
‫يس توي قائم ا‪ .‬ويخفف الجلسة ح تى ال يخلو ج زء من ص الته عن ذك ر‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬يرفع غ ير مك بر‪ ،‬ويبت دئ ب التكبير جالس ا‪ ،‬ويم ده إلى أن يق وم‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬يرفع مك برا‪ ،‬وإذا جلس‪ ،‬قطع ه‪ ،‬وق ام بال تكب ير‪ .‬وال يجمع بين‬
‫تكب يرتين‪ ،‬بال خالف‪ .‬والس نة في ه ذه الجلس ة‪ :‬االف تراش‪ .‬وس واء ق ام من‬
‫الجلس ة‪ ،‬أو من الس جدة‪ ،‬يسن أن يق وم معتم دا بيديه من االرض‪ .‬قلت‪:‬‬
‫اختلف أص حابنا في جلسة االس تراحة على وجهين‪ .‬الص حيح‪ :‬أنها جلسة‬
‫مستقلة يفصل بين الركعتين كالتش هد‪ .‬والث اني‪ :‬أنها من الركعة الثاني ة‪ .‬ق ال‬
‫القاضي أبو الطيب‪ ،‬وغيره‪ :‬يكره أن يقدم إحدى رجليه ح ال القي ام‪ ،‬ويعتمد‬
‫عليها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في التشهد (‪ )1‬والجلوس له‪ :‬هما ض ربان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫أن يقعا في آخر الصالة‪ .‬وهما فرضان‪ .‬والثاني‪ :‬في أثنائها‪ ،‬وهما سنتان‪ ،‬ثم‬
‫ال يتعين للقع ود هيئة لالج زاء‪ ،‬بل كيف قع د‪ ،‬أج زأه‪ .‬لكن الس نة في قع ود‬
‫آخر الص الة‪ ،‬الت ورك‪ .‬وفي أثنائه ا‪ ،‬االف تراش‪ .‬واالف تراش‪ :‬أن يضع رجله‬
‫اليس رى‪ ،‬بحيث يلي ظهرها االرض‪ ،‬ويجلس عليه ا‪ ،‬وينصب اليم نى‪،‬‬
‫ويضع أط راف أص ابعها على االرض متوجهة إلى القبل ة‪ .‬والت ورك‪ :‬أن‬
‫يخ رج رجليه وهما على هيئة االف تراش‪ ،‬من جهة يمين ه‪ ،‬ويمكن وركه من‬
‫االرض‪ .‬وإذا جلس المسبوق في آخر صالة االمام‪ ،‬فثالثة أوجه‪ .‬الصحيح (‬
‫‪ )2‬المنصوص الذي قطع به الجماهير‪ :‬يفترش‪ .‬والثاني‪ :‬يتورك‪ .‬والثالث‪ :‬إن‬
‫كان جلوسه محل تشهد للمسبوق‪ ،‬اف ترش‪ ،‬وإال ت ورك‪ ،‬الن جلوسه بمج رد‬
‫المتابعة‪ ،‬فيتابع في الهيئة‪ .‬وإذا جلس من عليه سجود سهو في آخر صالته‪،‬‬
‫افترش على الصحيح‪ ،‬وتورك على الثاني‪ .‬والسنة في التش هدين جميع ا‪ :‬أن‬
‫يضع يده اليسرى‪ ،‬على فخذه اليسرى‪ ،‬واليمنى‪ ،‬على فخ ذه اليم نى‪ ،‬وينشر‬
‫أصابع‬

‫] ‪[ 367‬‬
‫اليسرى‪ ،‬ويجعلها قريبة من طرف الركبة‪ ،‬بحيث يساوي رؤوس ها الركب ة‪.‬‬
‫وهل يفرجه ا‪ ،‬أو يض مها ؟ وجه ان‪ .‬االش هر‪ :‬يف رج تفريجا مقتص دا‪ ،‬وال‬
‫يؤمر بالتفريج الف احش في موضع م ا‪ .‬والث اني‪ :‬يض مها ليتوجه إلى القبل ة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ه ذا الث اني‪ ،‬أصح (‪ .)1‬وقد نقل الش يخ أبو حامد في تعليقه اتف اق‬
‫االص حاب علي ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما اليد اليم نى‪ ،‬فيض عها على ط رف الركبة‬
‫اليم نى‪ ،‬ويقبض خنص رها‪ ،‬وبنص رها‪ ،‬ويرسل المس بحة‪ )2( .‬وفيما يفعل‬
‫باالبه ام والوس طى ثالثة أق وال‪ .‬أح دها‪ :‬يقبض الوس طى مع الخنصر‬
‫والبنص ر‪ ،‬ويرسل االبه ام (‪ )3‬مع المس بحة‪ .‬والث اني‪ :‬يحلق بين االبه ام‬
‫والوس طى‪ .‬وفي كيفية التحلي ق‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬يحلق بينهما برأس يهما‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬يضع أنملة الوس طى بين عق دتي االبه ام‪ .‬والق ول الث الث‪ ،‬وهو‬
‫االظه ر‪ :‬أنه يقبض هما أيض ا‪ .‬وفي كيفية وضع االبه ام على ه ذا‪ ،‬وجه ان‪.‬‬
‫أص حهما‪ :‬يض عها بجنب المس بحة‪ ،‬كأنه عاقد ثالثة وخمس ين‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يض عها على أص بعه الوس طى‪ ،‬كأنه عاقد ثالثة وعش رين‪ .‬وكيف فعل من‬
‫هذه الهيئات‪ ،‬فقد أتى بالسنة‪ .‬قاله ابن الصباغ‪ ،‬وغيره‪ :‬وعلى االقوال كله ا‪،‬‬
‫يس تحب أن يرفع مس بحته في كلمة الش هادة‪ ،‬إذا بلغ هم زة‪( :‬إال هللا) وهل‬
‫يحركها عند الرفع ؟ وجهان‪ .‬االصح‪ :‬ال يحركه ا‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه يش ير‬
‫بها في جميع التش هد‪ .‬قلت‪ :‬وإذا قلنا باالص ح‪ :‬إنه ال يحركها فحركه ا‪ ،‬لم‬
‫تبطل صالته على الصحيح‪ .‬وتكره االشارة بمسبحة اليسرى‪ ،‬ح تى لو ك ان‬
‫أقطع اليمنى‪ ،‬لم يشر‬

‫] ‪[ 368‬‬
‫بمس بحة اليس رى‪ ،‬الن س نتها‪ ،‬البسط دائم ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬التش هد ال ذي‬
‫يعقبه السالم‪ ،‬واجب‪ ،‬كما تقدم (‪ ،)1‬وتجب فيه الص الة على الن بي (ص)‪.‬‬
‫وفي الصالة على آل النبي (ص) قوالن‪ .‬وقيل‪ :‬وجهان‪ .‬الص حيح المش هور‪:‬‬
‫أنها س نة والث اني‪ :‬واجب ة‪ .‬وهل تسن الص الة على الن بي (ص) في التش هد‬
‫االول ؟ قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬تسن وأما الص الة على اآلل في ه‪ ،‬ف إن لم نوجبها‬
‫في التش هد االخ ير لم تسن وإال‪ ،‬فعلى الق ولين في الص الة على آل الن بي‬
‫(ص)‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ال تسن الص الة على الن بي (ص) في االول‪ ،‬وال في‬
‫القنوت‪ ،‬فأتى بها في أحدهما‪ ،‬أو أوجبنا الصالة على اآلل في االخ يرة‪ ،‬ولم‬
‫نسنها في االول‪ ،‬فأتى بها فيه‪ ،‬فقد نقل ركنا إلى غير موض عه‪ .‬وفي بطالن‬
‫الص الة ب ذلك‪ ،‬كالم ي أتي في ب اب س جود الس هو‪ ،‬إن ش اء هللا تع الى‪ .‬وآل‬
‫الن بي (ص)‪ :‬بنو هاش م‪ ،‬وبنو المطلب‪ .‬نص عليه الش افعي رحمه هللا (‪.)2‬‬
‫وفي وج ه‪ :‬أنهم كل المس لمين‪ .‬ف رع في أكمل التش هد‪ ،‬وأقله أما أكمل ه‪ ،‬فما‬
‫رواه ابن عباس رضي هللا عنهما (التحيات‪ ،‬المباركات‪ ،‬الصلوات‪ ،‬الطيبات‬
‫هلل‪ ،‬سالم عليك أيها النبي ورحمة هللا وبركات ه‪ ،‬س الم علينا وعلى عب اد هللا‬
‫الصالحين‪ ،‬أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأشهد أن محمدا رس ول هللا‪ .‬هك ذا رواه‬
‫الشافعي (‪ ،)3‬ورواه غيره (‪( )4‬السالم عليك أيها النبي السالم علينا‪ ،‬وعلى‬
‫عباد هللا الصالحين) بااللف والالم‪ .‬ولو تشهد بما رواه ابن مس عود (‪ ،)5‬أو‬
‫(‪ )6‬بتشهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه (‪ ،)7‬جاز‪ .‬لكن‬

‫] ‪[ 369‬‬
‫االول أفض ل‪ .‬وتش هد ابن مس عود (التحي ات هلل‪ ،‬والص لوات‪ ،‬والطيب ات‪،‬‬
‫السالم عليك‪ )...‬وذكره كما تقدم‪ .‬إال أن في آخ ره (وأش هد أن محم دا عب ده‬
‫ورسوله)‪ .‬وتشهد عمر (التحي ات هلل‪ ،‬الزاكي ات هلل‪ ،‬الطيب ات هلل‪ ،‬الص لوات‬
‫هلل‪ ،‬السالم عليك‪ ...‬وذكره ك ابن مس عود‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أن االفض ل‪ :‬أن يق ول‪:‬‬
‫(التحيات المباركات الزاكيات‪ ،‬والصلوات والطيب ات هلل‪ ،‬الس الم علي ك‪)....‬‬
‫ذكره ليك ون جامعا لها كله ا‪ .‬وق ال جماعة من أص حابنا‪ :‬يس تحب أن يق ول‬
‫قبل التحيات‪( :‬باسم هللا‪ ،‬وباهلل‪ ،‬التحيات هلل)‪ .‬ويروى (بسم هللا خير االسماء)‬
‫والص حيح ال ذي عليه جم اهيرهم‪ :‬أنه ال يق دم التس مية‪ .‬وأما أقل ه‪ ،‬فنص‬
‫الشافعي رحمه هللا‪ ،‬وأكثر االص حاب (‪ ،)1‬أن ه‪( :‬التحي ات هلل‪ ،‬س الم عليك‬
‫أيها النبي ورحمة هللا وبركاته‪ ،‬سالم علينا وعلى عباد هللا الصالحين‪ ،‬أش هد‬
‫أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محمدا رسوله)‪ .‬هكذا نقله العراقيون (‪ ،)2‬والروياني‪،‬‬
‫وكذا نقله البغ وي‪ .‬إال أنه ق ال‪( :‬وأش هد أن محم دا رس وله)‪ .‬ونقله ابن كج‪،‬‬
‫والصيدالني‪ ،‬وأسقطا كلمة‪( :‬وبركاته) وقاال‪( :‬وأشهد أن محمدا رسول هللا)‪.‬‬
‫وقال ابن سريج رحمه هللا‪ :‬أقله‪( :‬التحيات هلل‪ ،‬سالم عليك أيها الن بي‪ ،‬س الم‬
‫على عب اد هللا الص الحين‪ ،‬أش هد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محم دا رس وله)‪.‬‬
‫وأسقط بعضهم‪ :‬السالم الثاني‪ .‬وقال بعضهم‪( :‬سالم عليك أيها الن بي‪ ،‬وعلى‬
‫‪:‬عباد هللا الصالحين)‪ .‬وأسقط بعضهم‪( :‬الصالحين)‪ .‬وقال بعضهم‬

‫] ‪[ 370‬‬
‫واختاره الحليمي (‪ .)1‬قلت‪ :‬وروي‪( :‬سالم علي ك) و (س الم علين ا) وروي‪:‬‬
‫(السالم) ب االلف والالم فيهم ا‪ ،‬وه ذا أك ثر في رواي ات الح ديث‪ ،‬وفي كالم‬
‫الش افعي‪ :‬واتفق أص حابنا على ج واز االم رين هن ا‪ ،‬بخالف س الم التحل ل‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬واالفضل هنا‪ ،‬االلف والالم‪ ،‬لكثرته‪ ،‬وزيادته‪ ،‬وموافقته سالم التحلل‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬أقل الص الة على الن بي (ص)‪ ،‬أن يق ول‪( :‬اللهم صل على‬
‫محمد) أو (ص لى هللا على محم د) أو (ص لى هللا على رس وله)‪ .‬وفي وج ه‪:‬‬
‫يكفي (ص لى هللا عليه (‪ .))2‬وأقل الص الة على اآلل‪ :‬أن يق ول‪( :‬وآل ه)‬
‫وأكملها أن يقول‪( :‬اللهم صل على محمد‪ ،‬وعلى آل محمد‪ ،‬كما صليت على‬
‫إب راهيم‪ ،‬وعلى آل إب راهيم‪ ،‬وب ارك على محم د‪ ،‬وعلى آل محم د‪ ،‬كما‬
‫باركت على إبراهيم‪ ،‬وعلى آل إبراهيم‪ ،‬إنك حميد مجيد)‪ .‬ويس تحب ال دعاء‬
‫بعد ذل ك‪ .‬وله أن ي دعو بما ش اء من أمر ال دنيا‪ ،‬واآلخ رة‪ ،‬وأم ور اآلخ رة‬
‫أفضل‪ .‬وعن الشيخ أبي محمد‪ :‬أنه كان يتردد في مثل‪ :‬اللهم ارزق ني جارية‬
‫ص فتها ك ذا‪ ،‬ويميل إلى المن ع‪ ،‬وأنه يبطل الص الة‪ .‬والص واب ال ذي عليه‬
‫الجم اهير ج واز الجمي ع‪ .‬لكن ما ورد في االخب ار أحب من غ يره‪ .‬ومن ه‪:‬‬
‫(اللهم اغفر لي ما ق دمت‪ ،‬وما أخ رت‪ ،‬وما أس ررت‪ ،‬وما أعلنت وما‬
‫أسرفت ‪ -‬وفيه أيضا (وما أعلنت) مق دم على (ما أس ررت) ‪ -‬وما أنت أعلم‬
‫به م ني‪ ،‬أنت المق دم‪ ،‬وأنت الم ؤخر‪ ،‬ال إله إال أنت)‪ .‬وأيض ا‪( :‬اللهم (إني)‬
‫أع وذ بك من ع ذاب الن ار‪ ،‬وع ذاب الق بر‪ ،‬وفتنة المحي ا‪ ،‬والمم ات‪ ،‬وفتنة‬
‫المس يح ال دجال) (‪ .)3‬وأيض ا‪( :‬اللهم إني أع وذ بك من الم أثم والمغ رم)‪.‬‬
‫وأيضا‪( :‬اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا‪ ،‬ال يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬فاغفر‬
‫لي مغفرة من‬

‫] ‪[ 371‬‬
‫عن دك‪ ،‬وارحم ني إنك أنت الغف ور ال رحيم) (‪ .)1‬ثم الص حيح ال ذي عليه‬
‫الجمهور‪ ،‬أن الدعاء مستحب لالمام‪ ،‬وغيره‪ .‬لكن االفضل‪ ،‬أن يكون الدعاء‬
‫أقل من التش هد والص الة على الن بي (ص)‪ ،‬النه تبع لهم ا‪ .‬ف إن زاد‪ ،‬لم‬
‫يضر‪ .‬إال أن يكون إماما‪ ،‬فيكره التطويل‪ .‬والوجه الثاني‪ :‬المس تحب لالم ام‪،‬‬
‫أن ال يدعو‪ ،‬ويستحب للمنفرد الدعاء‪ .‬وال بأس بتطويله‪ ،‬هذا كله في التشهد‬
‫االخ ير‪ .‬أما االول‪ :‬فيك ره فيه ال دعاء‪ ،‬بل ال يزيد على لفظ التش هد‪ ،‬إال‬
‫الصالة على النبي (ص) إذا قلنا‪ :‬هي سنة فيه‪ ،‬وعلى اآلل على وج ه‪ .‬قلت‪:‬‬
‫إطالة التش هد االول مكروه ة‪ ،‬كما ذك ر‪ .‬فلو طول ه‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ ،‬ولم‬
‫يسجد للس هو‪ ،‬س واء طوله عم دا‪ ،‬أم س هوا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ال يج وز لمن‬
‫عرف التش هد بالعربي ة‪ ،‬أن يع دل إلى ترجمت ه‪ ،‬ف إن عج ز‪ ،‬أتى بترجمت ه‪.‬‬
‫والصالة على النبي (ص)‪ ،‬وعلى اآلل‪ ،‬إذا أوجبناها‪ ،‬كالتشهد‪ .‬وأما ما ع دا‬
‫الواجب ات من االلف اظ المش روعة في الص الة‪ ،‬إذا عجز عنها بالعربي ة‪،‬‬
‫فقسمان‪ .‬دعاء‪ ،‬وغيره‪ .‬فأما الدعاء المأثور‪ ،‬ففيه ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬تجوز‬
‫الترجمة عنه لمن ال يحسن العربي ة‪ ،‬وال يج وز لمن يحس نها‪ ،‬ف إن ت رجم‪،‬‬
‫بطلت صالته‪ .‬والثاني‪ :‬يجوز لمن أحسنها‪ ،‬ولغيره‪ .‬والثالث‪ :‬ال يج وز لواحد‬
‫منهم ا‪ .‬وال يج وز أن يخ ترع دع وة بالعجمية ي دعو بها قطع ا‪ .‬وأما س ائر‬
‫االذك ار‪ ،‬كالتش هد االول‪ ،‬والقن وت‪ ،‬وتكب يرات االنتق االت‪ ،‬والتس بيحات‪،‬‬
‫فأوجه‪ .‬أحدها‪ :‬يجوز أن يأتي بترجمتها العاجز‪ .‬والثاني‪ :‬ال يج وز‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫يترجم لما يجبر بالسجود‪ ،‬دون غيره‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ :‬الج واز للع اجز‪ ،‬ومنعه‬
‫في القادر‪ .‬ثم إذا قام من التشهد االول‪ ،‬قام مك برا‪ .‬وهل يم ده ؟ فيه الق والن‬
‫السابقان في فصل الركوع‪ .‬ثم ق ال جمه ور أص حابنا‪ :‬ال يرفع يديه في ه ذا‬
‫القيام‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أنه يستحب رفع اليدين‬

‫] ‪[ 372‬‬
‫فيه‪ ،‬كما يستحب في الركوع‪ ،‬والرفع منه‪ .‬وحكاه صاحب (المهذب) وغ يره‬
‫عن أبي بكر بن المن ذر (‪ ،)1‬وأبي علي الط بري‪ .‬وه ذا الوج ه‪ ،‬هو‬
‫الصحيح‪ ،‬أو الصواب‪ .‬فقد ثبت ذلك في صحيح البخاري) (‪ )2‬وغ يره‪ ،‬عن‬
‫رس ول هللا (ص) ونص عليه الش افعي رحمه هللا‪ .‬وقد أطنبت في إيض احه‬
‫في شرح (المه ذب) (‪ .)3‬واعلم أن في الص الة الرباعي ة‪ ،‬اثن تين وعش رين‬
‫تكبيرة‪ .‬وفي الثالثي ة‪ ،‬س بع عش رة‪ .‬وفي الثنائي ة‪ ،‬إح دى عش رة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فصل في السالم (‪ :)4‬قد تقدم أنه ركن‪ .‬وأقله‪ :‬السالم عليكم‪ .‬ولو قال‪ :‬س الم‬
‫علكم‪ ،‬بالتنوين‪ ،‬أج زأه على االص ح‪ .‬قلت‪ :‬االصح عند الجمه ور‪ :‬ال يجزئه‬
‫وهو المنص وص‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ق ال‪ :‬عليكم الس الم‪ ،‬أج زأه على الم ذهب‪.‬‬
‫وال يج زئ‪ :‬س الم علي ك‪ ،‬وال‪ :‬س المي عليكم‪ ،‬وال‪ :‬س الم هللا عليكم‪ ،‬وال‪:‬‬
‫سالم عليهم‪ .‬وإن قال شيئا من ذلك متعمدا‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬إال قول ه‪ :‬الس الم‬
‫عليهم‪ .‬النه دعاء لغائب‪ .‬وهل يجب أن ينوي بسالمه الخروج من الصالة ؟‬
‫وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ال يجب (‪ .)5‬فإن قلن ا‪ :‬يجب‪ ،‬لم يجب تع يين الص الة في‬
‫نية الخ روج‪ ،‬ولو عين غ ير ما هو فيه عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬وإن ك ان‬
‫سهوا‪ ،‬سجد للسهو‪ ،‬وسلم ثانيا‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬ال‬

‫] ‪[ 373‬‬
‫تجب نية الخ روج‪ ،‬ال يضر الخطأ في التع يين‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬يجب‪ ،‬فيجب أن‬
‫ين وي مقترنا بالتس ليمة االولى‪ ،‬ف إن ق دمها على الس الم‪ ،‬أو س لم بال ني ة‪،‬‬
‫بطلت صالته‪ .‬ولو نوى قبل السالم الخروج عنده‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ ،‬لكن ال‬
‫يكفيه‪ ،‬بل تجب النية مع الس الم‪ .‬ويجب على المص لي‪ ،‬أن يوقع الس الم في‬
‫حالة القع ود‪ .‬أما أكمل الس الم‪ ،‬ف أن يق ول‪ :‬الس الم عليكم ورحمة هللا‪ .‬ويسن‬
‫تسليمه ثانية‪ ،‬على المشهور (‪ .)1‬وفي قول ق ديم‪ :‬ال يزيد على واح دة‪ .‬وفي‬
‫قول قديم آخر‪ :‬يسلم غير االم ام واح دة‪ .‬وك ذا االم ام إن قل الق وم‪ .‬وال لغط‬
‫عندهم‪ ،‬وإال‪ ،‬فتسليمتين‪ .‬فإذا قلنا‪ :‬يسلم واحدة‪ ،‬جعلها تلقاء وجهه‪ .‬وإن قلن ا‪:‬‬
‫تسليمتين‪ ،‬فاحداهما عن يمينه‪ ،‬واالخرى عن يساره‪ .‬ويبتدئ بالسالم مستقبل‬
‫القبلة‪ ،‬ثم يلتفت بحيث ينقضي (‪ )2‬الس الم مع تم ام االلتف ات‪ ،‬ويلتفت ح تى‬
‫ي رى من كل ج انب خ ده الواح د‪ ،‬على الص حيح‪ .‬وقي ل‪ :‬خ داه‪ .‬ويس تحب‬
‫لالمام‪ ،‬أن ينوي بالتسليمة االولى‪ ،‬السالم على من على يمينه من المالئك ة‪،‬‬
‫ومسلمي الجن‪ ،‬واالنس‪ .‬وبالثانية‪ ،‬من على يساره منهم‪ .‬وينوي المأموم مثل‬
‫ذلك‪ .‬ويختص بشئ آخر‪ ،‬وهو أنه إن كان عن يمين االمام‪ ،‬ن وى بالتس ليمة‬
‫الثاني ة‪ ،‬ال رد على االم ام‪ ،‬وإن ك ان عن يس اره ينويه ب االولى‪ .‬وإن ك ان‬
‫محاذيا ل ه‪ ،‬ن واه بأيتهما ش اء‪ ،‬وب االولى أفض ل‪ .‬ويس تحب أن ين وي بعض‬
‫الم أمومين‪ ،‬ال رد على بعض‪ .‬وأما المنف رد‪ ،‬فين وي بهما الس الم‪ ،‬على من‬
‫على جانبيه من المالئك ة‪ ،‬ويس تحب لكل منهم‪ ،‬أن ين وي بالتس ليمة االولى‪،‬‬
‫الخروج من الصالة‪ ،‬إذا لم نوجبها‪ .‬قلت‪ :‬السنة‪ :‬أن يكثر من ذكر هللا تع الى‬
‫عقب الص الة‪ ،‬وقد ج اءت في بي ان ما يس تحب من ال ذكر‪ ،‬أح اديث كث يرة‬
‫صحيحة (‪ .)3‬أوضحتها في كتاب (االذكار)‬

‫] ‪[ 374‬‬
‫ويسن الدعاء بعد السالم سرا (‪ ،)1‬إال أن يكون إماما يريد تعليم الحاضرين‬
‫الدعاء‪ ،‬فيجهر‪ .‬قال أصحابنا ويستحب إذا أراد أن يتنفل عقب الفريضة‪ ،‬أن‬
‫ينتقل إلى بيته‪ ،‬فإن لم يكن‪ ،‬فإلى موضع آخر (‪ .)2‬ويستحب إذا كان يصلي‬
‫وراءه نس اء‪ ،‬أن يمكث في مص اله ح تى ينص رفن‪ .‬وإذا أراد االنص راف‪،‬‬
‫فإن كان له حاجة عن يمينه‪ ،‬أو عن يساره‪ ،‬انصرف إلى جهة حاجته‪ ،‬وإن‬
‫لم يكن حاج ة‪ ،‬فجهة اليمين أفض ل‪ .‬وإذا س لم االم ام التس ليمة االولى‪ ،‬فقد‬
‫انقطعت متابعة الم أموم‪ ،‬وهو بالخي ار‪ ،‬إن ش اء س لم في الح ال‪ ،‬وإن ش اء‬
‫اس تدام الجل وس للتع وذ‪ ،‬وال دعاء‪ ،‬وأط ال ذل ك‪ .‬ولو اقتصر االم ام على‬
‫تسليمة‪ ،‬استحب للمأموم تسليمتان‪ .‬ويستحب للمصلي‪ ،‬الخش وع في ص الته‪،‬‬
‫وأن ي ديم نظ ره إلى موضع س جوده (‪ .)3‬ق ال بعض أص حابنا‪ :‬يك ره له‬
‫تغميض عينيه‪ .‬والمختار‪ :‬أنه ال يكره إن لم يخف ضررا‪ .‬وينبغي أن ي دخل‬
‫‪.‬فيها بنشاط‪ ،‬وفراغ قلبه من الشواغل‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 375‬‬
‫فص ل‪ :‬من فاتته ص الة فريض ة‪ ،‬وجب قض اؤها‪ ،‬وينبغي أن يقض يها على‬
‫الفور‪ ،‬فإن أخرها‪ ،‬ففيه كالم نذكره في الحج‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪ .‬ف إن قضى‬
‫فائتة الليل بالليل‪ ،‬جه ر‪ ،‬وإن قضى فائتة النه ار بالنه ار‪ ،‬أس ر‪ ،‬وإن قضى‬
‫فائتة النه ار ليال‪ ،‬أو عكس‪ ،‬فاالعتب ار ب وقت القض اء على االص ح‪ .‬وعلى‬
‫الث اني‪ ،‬ب وقت الف وائت‪ .‬قلت‪ :‬ص الة الص بح‪ ،‬وإن ك انت نهاري ة‪ ،‬فهي في‬
‫القضاء جهرية‪ ،‬ولوقتها‪ ،‬حكم الليل (‪ )1‬في الجهر‪ ،‬وإطالقهم محم ول على‬
‫ه ذا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تحب في قض اء الص لوات‪ ،‬ال ترتيب‪ .‬وال يجب في‬
‫قضائها‪ ،‬وال بين فريضة الوقت‪ ،‬والمقضية‪ .‬ف إن دخل وقت فريضة وت ذكر‬
‫فائتة‪ ،‬فإن اتسع وقت الحاضرة‪ ،‬استحب البداءة بالفائت ة‪ ،‬وإن ض اق‪ ،‬وجب‬
‫تقديم الحاضرة‪ .‬ولو ت ذكر الفائتة بعد ش روعه في الحاض رة‪ ،‬أتمه ا‪ ،‬ض اق‬
‫الوقت‪ ،‬أم اتسع‪ ،‬ثم يقضي الفائتة‪ .‬ويستحب أن يعيد الحاض رة بع دها‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ولو شرع في الفائتة معتقدا أن في ال وقت س عة‪ ،‬فب ان ض يقه‪ ،‬وجب قطعها‬
‫والشروع في الحاضرة على الصحيح‪ ،‬وعلى الشاذ‪ :‬يجب إتمام الفائتة‪ .‬ولو‬

‫] ‪[ 376‬‬
‫تذكر فائتة وهناك جماعة يصلون في الحاضرة‪ ،‬والوقت متسع‪ ،‬فاالولى أن‬
‫يصلي الفائتة أوال منفردا‪ ،‬الن الترتيب مختلف في وجوب ه‪ ،‬والقض اء خلف‬
‫االداء مختلف في جوازه‪ ،‬فاستحب الخ روج من الخالف‪ .‬ولو فاته ص لوات‬
‫ال يع رف ق درها‪ ،‬ويعلم أنها ال تنقص عن عشر ص لوات‪ ،‬وال تزيد على‬
‫عشرين‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يلزمه العش ر‪ .‬وأص حهما‪ :‬العش رون‪ .‬واعلم أن‬
‫الصالة تشتمل على ف رائض‪ ،‬وس نن‪ ،‬كما س بق‪ .‬ولها ش روط س يأتي بيانها‬
‫في بابها‪ ،‬إن شاء هللا تع الى‪ .‬ق ال ص احب (الته ذيب)‪ :‬ش روط الص الة قبل‬
‫الشروع فيها‪ ،‬خمسة‪ :‬الطهارة عن الحدث والنجس‪ ،‬وستر العورة‪ ،‬واستقبال‬
‫القبلة‪ ،‬والعلم بدخول الوقت يقينا أو ظنا‪ ،‬باالجتهاد ونح وه‪ .‬والخ امس‪ :‬العلم‬
‫بفرضية الصالة ومعرفة أعمالها‪ .‬قال‪ :‬فإن جهل فرض ية أصل الص الة‪ ،‬أو‬
‫علم أن بعض الص لوات فريض ة‪ ،‬لكن لم يعلم فرض ية الص الة ال تي ش رع‬
‫فيه ا‪ ،‬لم تصح ص الته‪ .‬وك ذا إذا لم يع رف فرض ية الوض وء‪ .‬أما إذا علم‬
‫فرضية الصالة‪ ،‬ولم يعلم أركانه ا‪ ،‬فله ثالثة أح وال‪ .‬أح دها‪ :‬أن يعتقد جميع‬
‫أفعالها س نة‪ .‬والث اني‪ :‬أن يعتقد بعض ها فرض ا‪ ،‬وبعض ها س نة‪ ،‬وال يع رف‬
‫تمييزه ا‪ ،‬فال تصح ص الته قطع ا‪ .‬ص رح به القاضي حس ين‪ ،‬وص احب‬
‫(التتمة) و (التهذيب)‪ .‬الثالث‪ :‬أن يعتقد جميع أفعالها فرضا‪ ،‬فوجهان حكاهما‬
‫القاضي حسين‪ ،‬وص احب (الته ذيب) أح دهما‪ :‬ال تصح ص الته‪ ،‬النه ت رك‬
‫معرفة ذلك‪ ،‬وهي واجبة وأصحهما‪ :‬تص ح‪ .‬وبه قطع ص احب (التتم ة) النه‬
‫ليس فيه أك ثر من أنه أدى س نة باعتق اد الف رض‪ ،‬وذلك ال ي ؤثر‪ .‬ق ال في‬
‫(التهذيب)‪ :‬فإن لم نص حح ص الته‪ ،‬ففي ص حة وض وئه في ه ذه الص ورة‪،‬‬
‫وجهان‪ .‬هك ذا ذك روا ه ذه المس ائل‪ ،‬ولم يفرق وا بين الع امي وغ يره‪ .‬وق ال‬
‫الغ زالي في (الفت اوى)‪ :‬الع امي ال ذي ال يم يز ف رائض ص الته من س ننها‪،‬‬
‫تصح صالته بشرط أن ال يقصد التنفل بما هو فرض‪ .‬ف إن ن وى التنفل ب ه‪،‬‬
‫لم يعتد به‪ ،‬فإذا غفل عن التفصيل‪ ،‬فنية الجملة في االبتداء كافي ة‪ .‬ه ذا كالم‬
‫الغ زالي‪ ،‬وهو الظ اهر ال ذي يقتض يه ظ واهر أح وال الص حابة رضي هللا‬
‫عنهم‪ ،‬فمن بع دهم‪ .‬ولم ينقل عن الن بي (ص) أنه أل زم االع راب ذل ك‪ ،‬وال‬
‫‪.‬أمر بإعادة صالة من ال يعلم هذا‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 377‬‬
‫الباب الخامس في شروط (‪ )1‬الصالة والمنهي عنه فيها وشروطها ثمانية (‬
‫‪ .)2‬أحدها‪ :‬استقبال القبل ة‪ .‬والث اني‪ :‬العلم ب دخول ال وقت أو ظن ه‪ .‬وقد تق دم‬
‫ذكرهما في بابيهما‪ .‬الثالث‪ :‬طهارة الحدث‪ .‬وتقدم في كت اب (الطه ارة) بي ان‬
‫حصولها‪ .‬فلو لم يكن متطهرا عند إحرامه لم تنعقد صالته‪ ،‬عام دا ك ان‪ ،‬أو‬
‫ساهيا‪ .‬وإن أحرم متطه را‪ ،‬ثم أح دث باختي اره‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬عم دا ك ان‬
‫حدثه‪ ،‬أو سهوا‪ ،‬علم بالصالة‪ ،‬أم نسيها‪ .‬وإن أحدث بغير اختياره‪ ،‬بأن سبقه‬
‫الح دث‪ ،‬بطلت طهاراته بال خالف (‪ ،)3‬وبطلت ص الته أيضا على‬
‫المشهور الجديد‪ ،‬وال تبطل على القديم‪ ،‬سواء كان الحدث أصغر‪ ،‬أو أك بر‪،‬‬
‫بل يتطه ر‪ ،‬ويب ني على ص الته‪ .‬ف إن ك ان حدثه في الرك وع مثال‪ ،‬فق ال‬
‫الص يدالني‪ :‬يجب أن يع ود إلى الرك وع‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬إن لم يكن‬
‫اطمأن‪ ،‬وجب العود إلى الرك وع‪ .‬وإن ك ان اطم أن‪ ،‬فالظ اهر‪ :‬أنه ال يع ود‬
‫إليه‪ .‬ثم إذا ذهب من سبقه الحدث ليتوضأ ويبني‪ ،‬لزمه أن يسعى في تقريب‬
‫الزمان‪ ،‬وتقليل االفعال بحسب االمك ان‪ ،‬وليس له بعد تطه ره أن يع ود إلى‬
‫الموضع الذي كان فيه‪ ،‬إن قدر على الص الة في أق رب من ه‪ ،‬إال أن يك ون‬
‫إماما لم يس تخلف‪ ،‬أو مأموما يقصد فض يلة الجماع ة‪ ،‬فلهما الع ود‪ .‬وما ال‬
‫يستغنى عنه من الذهاب إلى الماء واستقائه ونحوه‪ ،‬فال بأس به‪ .‬وال يشترط‬
‫فيه العدو‪ ،‬والبدار الخارج عن االقتصاد‪ .‬ويشترط أن ال يتكلم إال إذا احت اج‬
‫إليه في تحصيل الماء‪ ،‬ولو أخرج تمام الحدث االول متعمدا‪ ،‬لم يمنع البن اء‬
‫على المنصوص في‬
‫] ‪[ 378‬‬
‫القديم‪ ،‬وبه قطع الجمهور‪ .‬وقال إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ :‬يمنع‪ ،‬ولو أح دث‬
‫ح دثا آخ ر‪ ،‬ففي منعه البن اء‪ ،‬وجه ان‪ .‬ه ذا كله تفريع الق ديم‪ ،‬ه ذا كله في‬
‫ص احب (طه ارة الرفاهي ة)‪ .‬أما المستحاضة ومن في معناه ا‪ ،‬فال يضر‬
‫حدثها المقارن وال الحادث على تفصيله السابق‪ .‬فرع‪ :‬ما س وى الح دث من‬
‫االسباب المناقضة للصالة‪ ،‬إذا طرأ فيها‪ ،‬أبطلها قطعا إن كان باختي اره‪ ،‬أو‬
‫بغير اختياره‪ ،‬إذا نسب فيه إلى تقصير‪ ،‬كمن مسح خف ه‪ ،‬فانقضت مدته في‬
‫الص الة‪ ،‬أو دخل فيها وهو ي دافع الح دث‪ ،‬ويعلم أنه ال يق در على التماسك‬
‫إلى فراغها‪ .‬ولو تخرق خف الماسح‪ ،‬فاالصح‪ :‬أنه على قولي سبق الح دث‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬تبطل قطع ا‪ .‬أما إذا ط رأ من اقض‪ ،‬ال باختي اره‪ ،‬وال بتقص يرة‪ ،‬ف إن‬
‫أزاله في الحال‪ ،‬كمن انكش فت عورت ه‪ ،‬فس ترها في الح ال‪ ،‬أو وقعت عليه‬
‫نجاسة يابس ة‪ ،‬فنفض ها في الح ال‪ ،‬أو ألقى الث وب ال ذي وقعت عليه في‬
‫الح ال‪ ،‬فص الته ص حيحة‪ .‬وإن نحاها بي ده‪ ،‬أو كم ه‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن‬
‫احتاج في إزالته إلى زمن‪ ،‬بأن ينجس ثوبه‪ ،‬أو بدنه نجاسة يجب غسلها‪ .‬أو‬
‫أبع دت ال ريح ثوب ه‪ ،‬فعلى ق ولي س بق الح دث‪ .‬ولو خ رج من جرحه دم‬
‫متدفق‪ ،‬ولم يلوث بشرته‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ .‬الش رط الراب ع‪ :‬طه ارة النجس‪.‬‬
‫النجاسة قسمان‪ .‬واقعة في مظنة العفو‪ ،‬وغيره ا‪ .‬أما الواقعة في غ ير مظنة‬
‫العفو‪ ،‬فيجب االحتراز منها في الثوب‪ ،‬والب دن‪ ،‬والمك ان (‪ .)1‬ف إن أص اب‬
‫ثوبه نجاسة وع رف موض عها‪ ،‬فطريق إزالته ا‪ ،‬الغسل كما س بق‪ .‬فلو قطع‬
‫موضعها‪ ،‬أجزأه‪ .‬ويلزمه ذلك إذا تعذر الغسل‪ ،‬وأمكن ستر العورة بالظ اهر‬
‫منه‪ ،‬ولم ينقص من قيمته بالقطع أكثر من أجرة الث وب‪ .‬ف إن (‪ )2‬لم يع رف‬
‫موضع النجاسة من البدن‪ ،‬أو الثوب‪ ،‬واحتمل وجودها في كل ج زء‪ ،‬وجب‬
‫غسل‬

‫] ‪[ 379‬‬
‫الجمي ع‪ ،‬وال يجزئه التح ري‪ .‬فلو شق الث وب نص فين‪ ،‬لم يج زئ التح ري‬
‫فيهما‪ .‬ولو أصاب شئ رطب طرفا من ه ذا الث وب‪ ،‬لم ينجس ال رطب‪ ،‬النا‬
‫ال نتيقن نجاسة موضع االصابة‪ .‬ولو غسل إحدى نصفيه في ح ال اتص اله‪،‬‬
‫ثم غسل النصف اآلخر‪ ،‬فهو كما لو تيقن نجاسة الجميع‪ ،‬وغسله هكذا‪ .‬وفيه‬
‫وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال يطهر حتى يغسل النصفين دفعة واح دة‪ .‬وأص حهما‪ :‬أنه‬
‫إن غسل مع النصف الثاني القدر الذي يج اوره من االول‪ ،‬طهر الك ل‪ .‬وإن‬
‫اقتصر على النصفين‪ ،‬فقد طهر الطرفان‪ ،‬وبقي المنتصف نجسا في صورة‬
‫اليقين‪ ،‬ومجتنبا في الص ورة االولى‪ .‬ولو نجس أحد موض عين منحص رين‪،‬‬
‫أو مواض ع‪ ،‬وأش كل عليه كأحد كمي ه‪ ،‬ف أدى اجته اده إلى نجاسة أح دهما‪،‬‬
‫فغسله‪ ،‬وصلى فيه‪ ،‬لم تصح صالته عل االص ح‪ .‬فلو فصل أحد الكمين عن‬
‫الثوب‪ ،‬صارا ك الثوبين‪ .‬ف إن غسل ما ظنه نجس ا‪ ،‬وص لى في ه‪ ،‬ج از‪ .‬وإن‬
‫صلى فيما ظنه طاهرا‪ ،‬جاز‪ .‬ويجري الوجهان فيما إذا نجست إح دى يدي ه‪،‬‬
‫أو أحد أصابعه‪ ،‬وغسل ما ظن نجاسته‪ ،‬وصلى‪ .‬وفيما لو اجتهد في ث وبين‪،‬‬
‫وغسل النجس‪ ،‬وصلى فيهما معا‪ .‬لكن االصح هنا‪ ،‬الجواز‪ .‬بخالف الكمين‪،‬‬
‫لض عف أثر االجته اد في الث وب الواح د‪ .‬ولو غسل أحد الكمين باالجته اد‪،‬‬
‫وفصله عن الثوب‪ ،‬فجواز الص الة فيما لم يغس له‪ ،‬على الخالف‪ .‬ولو غسل‬
‫أحد الثوبين باالجتهاد‪ ،‬جازت الصالة في كل واحد منهما وح ده بال خالف‪.‬‬
‫ولو اشتبه ثوبان‪ ،‬أو أثواب بعضها طاهر‪ ،‬وبعضها نجس‪ ،‬اجتهد كما س بق‬
‫في االواني‪ .‬ف إن لم يظهر له ش ئ‪ ،‬وأمكنه غسل واحد ليص لي في ه‪ ،‬لزمه‬
‫ذل ك‪ ،‬وإال فهو كمن لم يجد إال ثوبا نجس ا‪ .‬ون ذكره في الش رط الخ امس إن‬
‫شاء هللا تعالى‪ .‬قلت‪ :‬ولنا وج ه‪ ،‬أن يص لي الص الة تلك في كل ث وب م رة‪.‬‬
‫والصحيح المعروف‪ :‬أنه يترك الثياب‪ ،‬ويصلي عريانا‪ .‬وتجب االع ادة وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ولو ظن طه ارة أحد الث وبين‪ ،‬وص لى في ه‪ ،‬ثم تغ ير اجته اده‪ ،‬عمل‬
‫بمقتضى االجتهاد الثاني على االصح‪ ،‬كالقبلة‪ .‬قلت‪ :‬وال يجب إع ادة واح دة‬
‫من الصالتين ‪ -‬وك ذا لو ك ثرت الثي اب‪ ،‬والص لوات ‪ -‬باالجته اد المختل ف‪،‬‬
‫كما قلنا في القبل ة‪ .‬ولو تلف أحد الث وبين المش تبهين قبل االجته اد‪ ،‬لم يصل‬
‫‪.‬في اآلخر على االصح‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 380‬‬
‫فرع‪ :‬ما لبسه المصلي‪ ،‬يجب أن يك ون ط اهرا‪ ،‬وأن ال يالقي ش يئا نجس ا‪،‬‬
‫سواء تح رك بحركته في قيامه وقع وده‪ ،‬أو لم يتح رك بعض أطرافه كذنابة‬
‫العمام ة‪ .‬فلو أص اب ط رف العمامة ال ذي ال يتح رك أرضا نجس ة‪ ،‬بطلت‬
‫ص الته‪ .‬ولو قبض ط رف حب ل‪ ،‬أو ث وب‪ ،‬أو ش ده في ي ده‪ ،‬أو رجل ه‪ ،‬أو‬
‫وس طه‪ ،‬وطرفه اآلخر نجس‪ ،‬أو متصل بالنجاس ة‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪:‬‬
‫تبطل صالته‪ .‬والثاني‪ :‬ال تبطل‪ .‬والثالث‪ :‬إن كان الط رف نجس ا‪ ،‬أو متصال‬
‫بعين النجاس ة‪ ،‬ب أن ك ان في عنق كلب‪ ،‬بطلت‪ .‬وإن ك ان متصال بط اهر‪،‬‬
‫وذلك الطاهر متصال بنجاسة‪ ،‬بأن شد في ساجور (‪ ،)1‬أو خرقة‪ ،‬وهما في‬
‫عنق كلب‪ ،‬أو ش ده في عنق حم ار عليه حمل نجس‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬واالوجه‬
‫جارية‪ ،‬سواء تح رك الط رف بحركت ه‪ ،‬أم ال‪ ،‬ك ذا قاله الجمه ور‪ .‬وقطع به‬
‫إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬ومن تابعهما ب البطالن إذا تح رك‪ ،‬وخص وا‬
‫الخالف‪ ،‬بما ال يتح رك‪ .‬وقطع البغ وي ب البطالن في ص ورة الش د‪ ،‬وخص‬
‫الخالف بصورة القبض باليد‪ .‬وقال أكثر االصحاب‪ :‬إن كان الكلب ص غيرا‪،‬‬
‫أو ميتا‪ ،‬وطرف الحبل مشدود به‪ ،‬بطلت الصالة قطعا‪ .‬وإن كان كبيرا حيا‪،‬‬
‫بطلت على االص ح‪ .‬وإن ك ان الحبل مش دودا في موضع ط اهر من س فينة‬
‫فيها نجاسة‪ ،‬فإن كانت صغيرة تنجر بجره‪ ،‬فهي كالكلب‪ .‬وإن كانت كب يرة‪.‬‬
‫لم تبطل على الص حيح‪ .‬كما لو شد في ب اب دار فيها نجاس ة‪ ،‬واتفقت‬
‫الطوائف على أنه لو جعل رأس الحبل تحت رجل ه‪ ،‬ص حت ص الته في‬
‫جميع الصور‪ .‬فرع‪ :‬من انكسر عظمه‪ ،‬فج بره بعظم ط اهر‪ ،‬فال ب أس (‪.)2‬‬
‫وإن ج بره بعظم نجس‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك ان محتاجا إلى الج بر ولم يجد عظما‬
‫طاهرا يقوم مقامه (‪ ،)3‬فهو معذور (‪ ،)4‬وليس عليه نزع ه‪ .‬وإن لم يحتج‬
‫إليه‪ ،‬أو وجد طاهرا يقوم مقام ه‪ ،‬وجب نزعه إن لم يخف الهالك‪ ،‬وال تلف‬
‫عضو‪ ،‬وال ش يئا من المح ذورات الم ذكورة في ب اب ال تيمم‪ .‬ف إن لم يفع ل‪،‬‬
‫أجبره السلطان‪ ،‬وال تصح صالته معه‪ .‬وال مباالة‬

‫] ‪[ 381‬‬
‫ب االلم ال ذي يج ده‪ ،‬وال يخ اف من ه‪ .‬وال ف رق بين أن يكتسي اللحم‪ ،‬أو ال‬
‫يكتسيه‪ .‬ومال إمام الح رمين‪ ،‬إلى أنه إذا اكتسى اللحم‪ ،‬لم يجب ال نزع‪ ،‬وإن‬
‫كان ال يخاف الهالك‪ ،‬وهو مذهب أبي حنيفة‪ ،‬ووجه شاذ لنا‪ .‬وإن خاف من‬
‫ال نزع الهالك‪ ،‬أو ما في معن اه‪ ،‬لم يجب ال نزع على الص حيح‪ .‬وإذا أوجبنا‬
‫النزع‪ ،‬فمات قبله‪ ،‬لم ينزع على الصحيح المنصوص‪ ،‬سواء استتر ب اللحم‪،‬‬
‫أم ال‪ .‬وقي ل‪ :‬إن اس تتر‪ ،‬لم ي نزع قطع ا‪ .‬وعلى الش اذ‪ :‬يجب ال نزع‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫يس تحب‪ .‬وم داواة الج رح بال دواء النجس‪ ،‬وخياطته بخيط نجس‪ ،‬كالوصل‬
‫بعظم نجس‪ ،‬فيجب النزع حيث يجب نزع العظم‪ .‬وك ذا لو شق موض عا من‬
‫بدنه‪ ،‬وجعل فيه دما‪ .‬وك ذا لو وشم (‪ )1‬ي ده بالعظ ام (‪ ،)2‬أو غيره ا‪ ،‬فانه‬
‫ينجس عند الغرز‪ .‬وفي تعليق الفراء (‪ ،)3‬أنه يزال الوشم ب العالج‪ .‬ف إن لم‬
‫يمكن إال بالجرح‪ ،‬ال يجرح‪ ،‬وال إثم عليه بعد التوبة‪ .‬والوادي) (‪ )4‬وص لى‬
‫خارجه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬وصل المرأة شعرها بشعر نجس‪ ،‬أو بش عر آدمي‪،‬‬
‫حرام قطعا‪ ،‬النه يحرم االنتفاع بشئ منه‪ ،‬لكرامته‪ ،‬بل يدفن شعره‪ ،‬وغيره‪.‬‬
‫وسواء في هذين‪ ،‬المزوجة‪ ،‬وغيرها‪ .‬وأما الشعر الطاهر لغير اآلدمي‪ ،‬ف إن‬
‫لم تكن ذات زوج‪ ،‬وال سيد‪ ،‬ح رم الوصل به على الص حيح‪ .‬وعلى الث اني‪:‬‬
‫يكره (‪ .)4‬وإن كانت ذات زوج‪ .‬أو سيد‪ ،‬فثالثة أوجه‪ .‬أص حها‪ :‬إن وص لت‬
‫بإذنه‪ ،‬جاز‪ ،‬وإال ح رم (‪ .)5‬والث اني‪ :‬يح رم مطلق ا‪ .‬والث الث‪ :‬ال يح رم‪ ،‬وال‬
‫‪،‬يكره مطلقا‪ .‬وأما تحمير الوجنة‬
‫] ‪[ 382‬‬
‫فإن كانت خلية من الزوج‪ ،‬أو الس يد‪ ،‬أو ك ان أح دهما‪ ،‬وفعلته بغ ير إذن ه‪،‬‬
‫فهو حرام‪ ،‬وإن كان باذنه‪ ،‬فجائز على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ ،‬كالوص ل‪.‬‬
‫وأما الخض اب بالس واد‪ ،‬وتطريف االص ابع‪ ،‬ف ألحقوه ب التحمير‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬ويق رب منه تجعيد الش عر‪ ،‬وال ب أس بتص فيف الط رر‪ ،‬وتس وية‬
‫االص داغ‪ .‬وأطلق االص حاب الق ول باس تحباب الخض اب بالحن اء لها بكل‬
‫ح ال‪ .‬وينبغي أن تك ون ه ذه االم ور‪ ،‬على تفص يل ن ذكره في (فصل س نن‬
‫االحرام) إن شاء هللا تعالى‪ .‬وأما الوشم‪ ،‬فحرام مطلق ا‪ .‬والوش ر‪ :‬وهو تحديد‬
‫طرف االسنان وترقيقها‪ ،‬كالوصل بشعر ط اهر (‪ .)1‬ف رع‪ :‬يجب أن يك ون‬
‫ما يالقي بدن المصلي‪ ،‬وثوبه‪ ،‬وتحته‪ ،‬وفوق ه‪ ،‬وجوانب ه‪ ،‬ط اهرا‪ .‬فلو وقف‬
‫بحيث يمسه في ص الته ج دار‪ ،‬أو س قف نجس‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬ولو ص لى‬
‫على بساط تحته نجاسة‪ ،‬أو على ط رف منه نجاس ة‪ ،‬أو على س رير قوائمه‬
‫على نجاسة‪ ،‬لم يضر‪ ،‬سواء تحرك ذلك الموضع بحركت ه‪ ،‬أم ال‪ .‬ولو نجس‬
‫أحد البيتين‪ ،‬واشتبه‪ ،‬تحرى‪ ،‬كالثوبين‪ .‬وإن اشتبه مكان من بيت‪ ،‬أو بس اط‪،‬‬
‫لم يجز التح ري على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬يج وز‪ ،‬كما لو اش تبه ذلك في‬
‫الص حراء‪ .‬ولو ك ان ما يالقي بدنه وثيابه ط اهرا‪ ،‬وما يح اذي ص دره‪ ،‬أو‬
‫بطنه‪ ،‬أو شيئا من بدنه في سجوده‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬نجس ا‪ ،‬ص حت ص الته على‬
‫االص ح‪ .‬ولو بسط على النجاسة ثوبا مهلهل النس ج‪ ،‬وص لى علي ه‪ ،‬ف إن‬
‫حصلت مماسة النجاسة من الفرج‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وإن لم تحصل‪ ،‬وحصلت‬
‫المحاذاة‪ ،‬فعلى الوجهين‪ .‬فرع في م واطن ورد الش رع ب النهي عن الص الة‬
‫فيها‪ :‬أح دها‪ :‬المزبلة (‪ ،)2‬والمج زرة (‪ .)3‬والنهي فيهما لنجاسة الموض ع‪.‬‬
‫فلو ف رش ثوب ا‪ ،‬أو بس اطا ط اهرا‪ ،‬ص حت ص الته‪ ،‬ولكن تك ره بس بب‬
‫النجاسة تحت ه‪ .‬الث اني‪ :‬قارعة الطري ق‪ ،‬للنهي عنها معني ان‪ .‬أح دهما‪ :‬غلبة‬
‫النجاسة‪ ،‬والثاني‪ :‬اشتغال القلب بسب مرور الناس‪ .‬فإن قلنا ب المعنى االول‪:‬‬
‫جرى النهي‬

‫] ‪[ 383‬‬
‫في جواد الطرق في البراري‪ .‬وإن قلنا بالثاني‪ :‬فال‪ .‬وفي ص حة الص الة في‬
‫الشوارع مع غلبة النجاسة‪ ،‬القوالن المتق دمان في ب اب االجته اد‪ ،‬لتع ارض‬
‫االصل‪ ،‬والظاهر‪ .‬فإن صححناها‪ ،‬فالنهي للتنزي ه‪ ،‬وإال‪ ،‬فللتح ريم‪ .‬فلو بسط‬
‫شيئا طاهرا‪ ،‬ص حت الص الة قطع ا‪ ،‬وتبقى الكراهة لش غل القلب‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫بطن الوادي‪ .‬والنهي عنه للخوف السالب للخشوع‪ ،‬بسبب س يل يتوق ع‪ .‬ف إن‬
‫لم يتوقع س يل‪ ،‬فيحتمل أن يق ال‪ :‬ال كراه ة‪ ،‬ويحتمل الكراهة لمطلق النهي‪.‬‬
‫قلت‪ :‬اتبع االم ام ال رافعي الغ زالي‪ ،‬وإم ام الح رمين‪ ،‬في إثب ات النهي عن‬
‫الص الة في بط ون االودية مطلق ا‪ ،‬ولم يجئ في ه ذا نهي أص ال‪ .‬والح ديث‬
‫الذي جاء فيه ذكر المواطن الس بعة (‪ ،)1‬ليس فيه ال وادي‪ ،‬بل فيه المق برة‬
‫ب دال من ه‪ .‬ولم يصب من ذكر ال وادي (‪ ،)2‬وح ذف المق برة‪ .‬والح ديث من‬
‫أصله ضعيف‪ ،‬ضعفه الترم ذي وغ يره‪ .‬وإنما الص واب‪ ،‬ما ذك ره الش افعي‬
‫رحمه هللا‪ ،‬فإنه يكره (‪ )3‬الصالة في واد خاص‪ .‬هو الذي نام (في ه) رس ول‬
‫هللا (ص) ومن معه عن الص بح ح تى ف اتت‪ .‬وق ال‪( :‬اخرج وا بنا من ه ذا‬
‫الوادي (‪ )،)4‬وصلى خارجه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الرابع‪ :‬الحم ام‪ .‬قي ل‪ :‬س بب النهي‪،‬‬
‫كثرة النجاسة‪ ،‬والوسخ‪ .‬وقيل‪ :‬النه م أوى الش يطان‪ .‬وفي المس لخ‪ ،‬وجه ان‪.‬‬
‫إن قلنا بالسبب االول‪ ،‬لم يكره‪ ،‬وإال كره‪ ،‬وهو االصح‪ .‬وتصح الصالة بكل‬
‫‪.‬حال‪ ،‬في المسلخ‪ ،‬والحمام إذا حكم بطهارته‬

‫] ‪[ 384‬‬
‫الخامس‪ :‬ظهر الكعبة وس بق تفص يله في ب اب االس تقبال‪ .‬الس ادس‪ :‬أعط ان‬
‫االبل‪ .‬وفسره الشافعي رحمه هللا‪ ،‬بالمواضع التي تنحى إليها االبل الش اربة‪،‬‬
‫ليشرب غيرها‪ .‬فإذا اجتمعت‪ ،‬سيقت‪ ،‬فتكره الص الة في أعط ان االب ل‪ ،‬وال‬
‫تك ره في م راح الغنم‪ ،‬وه و‪ :‬مأواها ليال‪ .‬وقد يتص ور في الغنم مثل عطن‬
‫االب ل‪ .‬وحكمه حكم مراحه ا‪ .‬وحكم م أوى االبل ليال‪ ،‬حكم عطنه ا‪ .‬لكن‬
‫الكراهية في العطن‪ ،‬أش د‪ .‬وم تى ص لى في العطن‪ ،‬أو الم راح‪ ،‬ونجس‬
‫بالبول‪ ،‬أو البع ر‪ ،‬أو غيرهم ا‪ ،‬لم تصح ص الته‪ ،‬وإال ص حت مع افتراقهما‬
‫في الكراهة‪ .‬السابع‪ :‬المقبرة‪ .‬وتكره الصالة فيها بكل حال‪ .‬ثم إن كانت غ ير‬
‫منبوشة‪ ،‬أو بسط عليها طاهرا‪ ،‬صحت صالته‪ .‬وإن علم أن موضع ص الته‬
‫منبوش‪ ،‬لم تصح‪ .‬وإن شك في نبشه‪ ،‬صحت على االظه ر‪ .‬ويك ره اس تقبال‬
‫الق بر في الص الة (‪ .)1‬القسم الث اني‪ :‬النجاسة الواقعة في مظنة العف و‪ .‬وهو‬
‫أضرب‪ .‬االول‪ :‬االثر الباقي على محل االستنجاء بعد الحجر‪ ،‬يعفى عنه مع‬
‫نجاس ته‪ .‬فلو القى م اء قليال‪ ،‬نجس ه‪ .‬ولو حمله مصل بطلت ص الته على‬
‫االص ح‪ .‬ويج ري الوجه ان فيما إذا حمل من على ثوبه نجاسة معفو عنها (‬
‫‪ .)2‬ويقرب منه ا‪ ،‬الوجه ان فيما لو ع رق‪ ،‬وتل وث بمحل النجو غ يره‪ .‬لكن‬
‫االصح هن ا‪ ،‬العف و‪ ،‬لعسر االح تراز (‪ .)3‬بخالف حمل غ يره‪ .‬ولو حمل‬
‫حيوانا ال نجاسة عليه‪ ،‬صحت صالته‪ .‬وإن تنجس منفذه بالخارج‪ ،‬فوجهان‪.‬‬
‫االصح عند إم ام الح رمين‪ ،‬المقط وع به في (التتم ة)‪ :‬ال تصح ص الته‪.‬‬
‫واالصح عند الغزالي‪ :‬صحتها‪ .‬قلت‪ :‬االول‪ :‬أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو وقع ه ذا‬
‫الحيوان في ماء قليل‪ ،‬أو مائع آخر‪ ،‬وخرج حيا‪ ،‬لم ينجسه على‬

‫] ‪[ 385‬‬
‫االصح‪ ،‬للمشقة في صيانة الماء والمائع‪ .‬ولو حمل بيضة صار حشوها دما‬
‫‪ ،‬وظاهرها طاهر‪ ،‬أو حمل عنق ودا اس تحال ب اطن حباته خم را‪ ،‬وال رشح‬
‫على ظاهره ا‪ ،‬لم تصح ص الته على االص ح‪ .‬ويج ري الوجه ان في كل‬
‫استتار خلقي‪ .‬ولو حمل قارورة مصممة الرأس برص اص‪ ،‬أو نح وه‪ ،‬وفيها‬
‫نجاسة‪ ،‬لم تصح صالته على الصحيح‪ .‬ولو صممها بخرق ة‪ ،‬بطلت ص الته‬
‫قطعا‪ .‬ولو صممها بشمع‪ ،‬قي ل‪ :‬إنه كالرص اص‪ .‬وقي ل‪ :‬كالخرق ة‪ .‬ولو حمل‬
‫حيوانا م ذبوحا بعد غسل ال دم وغ يره من موضع ال ذبح وغ يره‪ ،‬لم تصح‬
‫قطعا (‪ .)1‬الضرب الثاني‪ :‬طين الشوارع‪ .‬فتارة يعلم نجاسته‪ ،‬وتارة يظنه ا‪،‬‬
‫وتارة ال قطعا يعلمها‪ ،‬وال يظنها‪ .‬فالثالث‪ :‬ال يضر‪ .‬والمظنون في ه‪ ،‬الق والن‬
‫الس ابقان في ب اب االجته اد‪ .‬والنجس‪ ،‬يعفى قليل ه‪ ،‬دون كث يره‪ .‬والقلي ل‪ :‬ما‬
‫يتعذر االحتراز منه‪ .‬والرجوع فيه إلى الع ادة‪ .‬ويختلف ب الوقت‪ ،‬وبموض عه‬
‫في (‪ )2‬الب دن‪ .‬وذكر االئمة له تقريب ا‪ ،‬فق الوا‪ :‬القلي ل‪ ،‬ما ال ينسب ص احبه‬
‫إلى س قطة‪ ،‬أو كب وة‪ ،‬أو قلة تحف ظ‪ .‬ف إن نس ب‪ ،‬فكث يرة‪ .‬ولو أص اب أس فل‬
‫الخف‪ ،‬أو النعل نجاسة‪ ،‬فدلكه ب االرض ح تى ذهبت أجزاؤه ا‪ ،‬ففي ص حة‬
‫صالته فيه قوالن‪ .‬الجديد االظه ر‪ :‬ال يصح مطلق ا‪ .‬والق ديم‪ :‬يصح بش روط‪.‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يكون للنجاسة جرم يلتصق ب ه‪ .‬أما الب ول ونح وه‪ ،‬فال يكفي دلكه‬
‫بح ال‪ .‬والث اني‪ :‬أن يدلكه في ح ال الجف اف‪ ،‬وما دام رطبا ال يكفي ال دلك‬
‫قطعا‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يكون حص ول النجاسة بالمشي من غ ير تعم د‪ .‬فلو تعمد‬
‫تلطيخ الخف بها‪ ،‬وجب الغسل قطع ا‪ .‬والق والن جاري ان فيما أص اب أس فل‬
‫الخف وأطرافه من طين الشوارع ‪ -‬المتيقن النجاسة ‪ -‬الكث ير ال ذي ال يعفى‬
‫عنه وسائر النجاسة الغالبة في الطرق‪ ،‬كالروث‪ ،‬وغ يره‪ .‬الض رب الث الث‪:‬‬
‫دم البراغيث (‪ .)3‬يعفى عن قليله في الثوب‪ ،‬والب دن‪ .‬وفي كث يره‪ ،‬وجه ان‪.‬‬
‫‪،‬أصحهما‪ :‬العفو (‪ .)4‬ويجري الوجهان‪ ،‬في دم القمل‬

‫] ‪[ 386‬‬
‫والبعوض‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬وفي ونيم الذباب‪ ،‬وبول الخف اش‪ .‬ولو ك ان قليال‬
‫فع رق‪ ،‬وانتشر اللطخ بس ببه‪ ،‬فعلى ال وجهين‪ .‬وفي ض بط القلي ل‪ ،‬والكث ير‪،‬‬
‫خالف‪ .‬ففي ق ول ق ديم‪ :‬القلي ل‪ :‬ق در دين ار‪ .‬وفي ق ديم آخ ر‪ :‬ما دون الك ف‪.‬‬
‫وعلى الجدي د‪ ،‬وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬الكث ير‪ :‬ما يظهر للن اظر من غ ير تأمل‬
‫وإمعان طلب‪ .‬والقليل‪ ،‬دونه‪ .‬وأصحهما‪ :‬الرجوع إلى العادة‪ ،‬فما يقع التلطخ‬
‫به غالبا‪ ،‬ويعسر االحتراز عنه‪ ،‬فقليل‪ .‬فعلى االول‪ :‬ال يختلف ذلك باختالف‬
‫االوقات‪ ،‬والبالد‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يعتبر الوسط المعت دل‪ ،‬وال‬
‫يعتبر من االوقات‪ ،‬والبالد ما يندر ذلك فيه‪ ،‬أو يتفاحش‪ .‬وأصحهما‪ :‬يختلف‬
‫باختالف االوقات والبالد ويجتهد المص لي هل هو قليل أم كث ير ؟ ف إن شك‬
‫ففيه احتماالن المام الحرمين‪ .‬أرجحهما‪ ،‬وهو ال ذي قطع به الغ زالي‪ :‬أن له‬
‫حكم القلي ل‪ ،‬والث اني‪ :‬له حكم الكث ير‪ .‬الض رب الراب ع‪ :‬دم الب ثرات (‪،)1‬‬
‫‪.‬وقيحها‪ ،‬وصديدها (‪ ،)2‬كدم البراغيث‬

‫] ‪[ 387‬‬
‫فيعفى عن قليله قطعا‪ ،‬وعن كثيره على االصح‪ .‬ولو عصر بثرة‪ ،‬فخرج ما‬
‫فيها‪ ،‬عفي عنه على االصح‪ .‬ولو أصابه دم غ يره‪ ،‬من آدمي‪ ،‬أو بهيم ة‪ ،‬أو‬
‫غيرهما‪ ،‬فإن كان كث يرا فال عف و‪ .‬وإن ك ان قليال‪ ،‬فق والن‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪.‬‬
‫أظهرهم ا‪ :‬العف و‪ .‬ولو أص ابه شئ من دم نفس ه‪ ،‬ال من الب ثرات‪ ،‬بل من‬
‫ال دماميل والق روح‪ ،‬وموضع الفصد والحجام ة‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما وه و‪.‬‬
‫مقتضى كالم االك ثرين‪ :‬أنه ك دم الب ثرات‪ .‬والث اني‪ :‬وهو االولى‪ ،‬واخت اره‬
‫القاضي ابن كج‪ ،‬والش يخ أبو محم د‪ ،‬وإم ام الح رمين‪ :‬أنه ال يلتحق ب دم‬
‫الب ثرات‪ .‬بل إن ك ان مما ي دوم مثلها غالب ا‪ ،‬فهي ك دم االستحاض ة‪ .‬وس بق‬
‫حكمه في باب الحيض‪ .‬وإن كان مما ال ي دوم غالب ا‪ ،‬فهو ك دم االجن بي‪ ،‬ال‬
‫يعفى عن كث يره وفي قليله الخالف‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬أنه ك دم الب ثرات‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬وحكم القيح‪ ،‬والص ديد‪ ،‬حكم ال دم في جميع ما ذكرن اه‪ .‬وأما الق روح‪،‬‬
‫والنفاطات ف إن ك ان له رائحة كريه ة‪ ،‬فهو نجس‪ ،‬وإال فطريق ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫القطع بالطه ارة‪ .‬والث اني‪ :‬على ق ولين‪ .‬قلت‪ :‬الم ذهب‪ ،‬طهارت ه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الضرب الخامس‪ :‬إذا صلى وعلى ثوبه‪ ،‬أو بدن ه‪ ،‬أو موضع ص الته نجاسة‬
‫غ ير معفو عنه ا‪ ،‬وهو ال ي دري‪ ،‬ف إن لم يكن علمه ا‪ ،‬وجبت االع ادة على‬
‫االظهر (‪ .)2‬وإن علمها ثم نس يها‪ ،‬وجبت قطع ا‪ .‬وقي ل‪ :‬على الق ولين‪ .‬وإذا‬
‫أوجبنا االعادة‪ ،‬وجبت إع ادة كل ص الة تيقن أنه ص الها مع النجاس ة‪ .‬وإذا‬
‫‪.‬احتمل أنها حدثت بعد ما صلى‪ ،‬فال شئ عليه‬
‫] ‪[ 388‬‬
‫الض رب الس ادس‪ :‬في أن واع متفرق ة‪ ،‬منه ا‪ :‬النجاسة ال تي تستص حبها‬
‫المستحاضة‪ ،‬وسلس الب ول‪ .‬ومنها إذا ك ان على جرحه دم كث ير يخ اف من‬
‫إزالته‪ .‬ومنها‪ ،‬إذا تلطخ سالحه بالدم في صالة شدة الخ وف‪ .‬ومنه ا‪ :‬الش عر‬
‫ال ذي ينتف وال يخلو عنه ثوبه وبدن ه‪ ،‬وحكم ه‪ ،‬حكم دم ال براغيث‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫القدر الذي ال يدركه الطرف من الب ول‪ ،‬والخم ر‪ ،‬وغ ير ال دم‪ .‬وفيه خالف‬
‫تقدم في أول (كتاب الطهارة)‪ .‬قلت‪ :‬إذا كان على جرحه دم كث ير زائد على‬
‫ما يعفى عن ه‪ ،‬وخ اف من غس له‪ ،‬ص لى ب ه‪ ،‬وجبت االع ادة على الجديد‬
‫االظهر (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬الشرط الخامس‪ :‬س تر الع ورة (‪ .)2‬ويجب في غ ير‬
‫الص الة في غ ير الخل وة‪ ،‬وفي الخل وة أيضا على االصح (‪ .)3‬وهو ش رط‬
‫لصحة الصالة في الخلوة‪ ،‬وغيرها‪ .‬ف إن تركه مع الق درة‪ ،‬بطلت‪ .‬قلت‪ :‬ولو‬
‫صلى في س ترة‪ ،‬ثم علم بعد الف راغ أنه ك ان فيها خ رق ت بين منه الع ورة‪،‬‬
‫وجبت إعادة الصالة على المذهب‪ ،‬سواء ك ان علمه ا‪ ،‬ثم نس يها‪ ،‬أم لم يكن‬
‫علمها‪ .‬وهو ش بيه بمن علم النجاسة بعد الف راغ‪ .‬ولو احتمل ح دوث الخ رق‬
‫بعد الس الم‪ ،‬فال إع ادة قطع ا‪ .‬ويج وز كشف الع ورة في الخل وة‪ ،‬في غ ير‬
‫‪.‬صالة للحاجة‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 389‬‬
‫وع ورة الرج ل‪ ،‬ح را ك ان أو عب دا (‪ :)1‬ما بين الس رة والركبة على‬
‫الصحيح‪ .‬وفي وجه‪ :‬الركبة‪ ،‬والسرة‪ ،‬عورة‪ .‬وفي وجه‪ :‬الركبة عورة‪ ،‬دون‬
‫الس رة‪ .‬وفي وجه ش اذ منكر قاله االص طخري‪ :‬إن ع ورة الرج ل‪ ،‬القبل‬
‫والدبر فقط‪ .‬قلت‪ :‬لنا وجه ض عيف مش هور‪ :‬أن الس رة ع ورة دون الركب ة‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬وأما المرأة‪ ،‬فإن كانت حرة‪ ،‬فجميع بدنها ع ورة (‪ ،)2‬إال الوجه‬
‫والكفين‪ .‬ظهرهما‪ ،‬وبطنهما‪ ،‬إلى الكوعين‪ .‬ولنا ق ول‪ ،‬وقيل وج ه‪ :‬أن ب اطن‬
‫قدمها ليس بعورة‪ .‬وق ال الم زني‪ :‬ليس الق دمان بع ورة‪ .‬وإن ك انت أم ة‪ ،‬أو‬
‫مكاتبة‪ ،‬أو مستولدة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو بعضها رقيقا‪ ،‬ففيها ثالثة أوجه‪ .‬أص حها‪:‬‬
‫عورتها كعورة الرجل‪ .‬والثاني‪ :‬كعورة الحرة‪ ،‬إال رأسها‪ ،‬فإنه ليس بعورة‪،‬‬
‫والث الث‪ :‬ما ينكشف في ح ال خ دمتها‪ ،‬وتص رفها‪ ،‬ك الرأس‪ ،‬والرقب ة‪،‬‬
‫والس اعد‪ ،‬وط رف الس اق‪ ،‬فليس بع ورة‪ .‬وما ع داه ع ورة‪ .‬وأما الخن ثى‬
‫المشكل‪ ،‬فإن كان رقيق ا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬ع ورة االمة كع ورة الرج ل‪ ،‬فال يلزمه أن‬
‫يستر إال ما بين السرة‪ ،‬والركبة‪ .‬وإن كان حرا أو رقيقا‪ ،‬وقلنا‪ :‬ع ورة االمة‬
‫أك ثر من ع ورة الرج ل‪ ،‬وجب س تر الزي ادة على ع ورة الرجل أيض ا‪،‬‬
‫الحتمال االنوثة‪ .‬فلو خالف‪ ،‬فلم يستر إال ما بين السرة والركب ة‪ ،‬فهل تصح‬
‫صالته ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬أص حهما‪ :‬ال تص ح‪ .‬الن الس تر ش رط‪ .‬وش ككنا في‬
‫حصوله‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع في صفة السترة والستر‪ :‬ويجب س تر الع ورة‪ ،‬بما‬
‫يحول بين الن اظر ول ون البش رة‪ ،‬فال يكفي الث وب الرقيق ال ذي يش اهد من‬
‫ورائه سواد البش رة وبياض ها‪ ،‬وال الغليظ المهلهل النسج ال ذي يظهر بعض‬
‫الع ورة من فرج ه‪ .‬ولو س تر الل ون‪ ،‬ووصف حجم البش رة‪ ،‬فال ب أس‪ .‬وال‬
‫وقف في ماء صاف‪ ،‬لم تصح صالته‪ ،‬إال إذا‬

‫] ‪[ 390‬‬
‫غلبت الخضرة لتراكم الماء‪ .‬فإن انغمس إلى عنق ه‪ ،‬ومنعت الخض رة رؤية‬
‫لون البشرة‪ ،‬صحت صالته‪ .‬ولو صلى في ماء كدر‪ ،‬ص حت على االص ح‪.‬‬
‫وصورة الصالة في الماء‪ ،‬أن يتمكن من الركوع والسجود‪ ،‬أو يص لي على‬
‫جنازة‪ .‬ولو طين عورته‪ ،‬فاستتر اللون‪ ،‬أجزأه على الص حيح ال ذي قطع به‬
‫الجماهير‪ ،‬سواء وجد ثوبا أم ال‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬لو لم يجد ثوبا ونح وه‪ ،‬وأمكنه‬
‫التطين‪ ،‬وجب على االصح‪ .‬وأما صفة الستر‪ ،‬فقال االصحاب‪ :‬الستر يعت بر‬
‫من فوق‪ ،‬ومن الجوانب‪ ،‬وال يعتبر من أسفل الذيل واالزار‪ .‬ح تى لو ص لى‬
‫في قميص متسع الذيل‪ ،‬وكان على طرف س طح ي رى عورته من نظر إليه‬
‫من أس فل‪ ،‬ج از‪ ،‬ك ذا قاله االص حاب‪ .‬وتوقف في ص ورة الس طح إم ام‬
‫الح رمين‪ ،‬والشاش ي‪ .‬ولو ص لى في قميص واسع الجيب‪ ،‬ت رى عورته من‬
‫االعلى في الرك وع‪ ،‬أو الس جود‪ ،‬وغيرهما من أح وال الص الة‪ ،‬لم تصح‬
‫ص الته‪ .‬وطريق ه‪ ،‬أن ي زر جيب ه‪ ،‬أو يشد وس طه‪ ،‬أو يس تر موضع الجيب‬
‫بشئ يلقيه على عاتقي ه‪ ،‬أو نحو ذل ك‪ .‬وك ذا لو لم يكن واسع الجيب‪ ،‬لكن‬
‫كان على صدر القميص أو ظه ره خ رق يب دو منه الع ورة‪ ،‬فال بد من شئ‬
‫مما ذكرناه‪ .‬ولو كان الجيب بحيث ترى العورة منه في الركوع‪ ،‬والس جود‪،‬‬
‫ولكن يمنع منها لحيته‪ ،‬أو شعر رأسه‪ ،‬صحت صالته على االص ح‪ .‬كما لو‬
‫ك ان على إزاره ثقب‪ ،‬فجمع عليه الث وب بي ده‪ ،‬فلو س تر الثقب بي ده‪ ،‬فعلى‬
‫الوجهين في اللحية‪ .‬ولو كان القميص بحيث يظهر منه العورة عند الركوع‪،‬‬
‫وال يظهر في القي ام‪ ،‬فهل تنعقد ص الته ؟ ثم إذا رك ع‪ ،‬تبط ل‪ ،‬أم ال تنعقد‬
‫أصال ؟ فيه ه ذان الوجه ان‪ .‬وفائ دة الخالف‪ ،‬فيما لو اقت دى به غ يره قبل‬
‫الرك وع‪ ،‬وفيما لو ألقى ثوبا على عاتقه قبل الرك وع‪ .‬واعلم أنه يش ترط في‬
‫الس اتر‪ ،‬أن يش مل المس تور‪ ،‬إما ب اللبس ك الثوب والجل د‪ ،‬وإما بغ يره‪،‬‬
‫كالتطين‪ .‬فأما الفس طاط الض يق ونح وه‪ ،‬فال ع برة ب ه‪ ،‬النه ال يعد مش تمال‬
‫عليه‪ .‬ولو وقف في جب‪ ،‬وصلى على جنازة‪ ،‬فإن ك ان واسع ال رأس تظهر‬
‫منه العورة‪ ،‬لم تجز‪ .‬وإن كان ضيق الرأس‪ ،‬فقال في (التتم ة) (‪ :)1‬تج وز‪.‬‬
‫‪.‬ومنهم من قال‪ :‬ال تجوز‬

‫] ‪[ 391‬‬
‫قلت‪ :‬االص ح‪ :‬الج واز‪ .‬ولو حفر في االرض حف رة‪ ،‬ووقف فيها لص الة‬
‫الجنازة‪ ،‬إذا رد التراب بحيث س تر الع ورة‪ ،‬ج از‪ ،‬وإال فك الجب‪ .‬ولو س تر‬
‫بزجاج يرى منه لون البشرة‪ ،‬لم يصح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬إذا لم يجد المص لي‬
‫ما يس تر الع ورة‪ ،‬ص لى عاريا وتق دم في آخر ب اب (ال تيمم) كيفية ص الته‬
‫والقضاء‪ .‬ولو حضر جمع من العراة‪ ،‬فلهم أن يصلوا جماعة‪ .‬ويقف إم امهم‬
‫وسطهم‪ ،‬كجماعة النس اء‪ .‬وهل يسن للع راة الجماع ة‪ ،‬أم االصح االولى أن‬
‫يصلوا فرادى ؟ ق والن‪ :‬الق ديم‪ :‬االنف راد أفض ل‪ .‬والجدي د‪ :‬الجماعة أفض ل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬هك ذا حكى جماعة عن الجدي د‪ .‬والمخت ار ما حك اه المحقق ون عن‬
‫الجديد‪ :‬أن الجماعة واالنفراد سواء‪ .‬وصورة المسألة إذا ك انوا بحيث يت أتى‬
‫نظر بعض هم إلى بعض‪ ،‬فلو ك انوا عمي ا‪ ،‬أو في ظلم ة‪ ،‬اس تحبت لهم‬
‫الجماعة بال خالف‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو كان فيهم البس أمهم‪ ،‬ووقفوا خلفه ص فا‬
‫واحدا‪ .‬فإن خالفوا‪ ،‬فأمهم عار‪ ،‬واقت دى به الالبس‪ ،‬ج از‪ .‬ولو اجتمع رج ال‬
‫ونس اء‪ ،‬لم يص لوا مع ا‪ ،‬ال في ص ف‪ ،‬وال في ص فين‪ .‬بل يص لي الرج ال‪،‬‬
‫وتكون النساء جالسات خلفهم‪ ،‬مستدبرات القبل ة‪ .‬ثم يص لي النس اء‪ ،‬ويجلس‬
‫الرجال خلفهم مس تدبرين‪ .‬ف رع‪ :‬إذا وجد المص لي ما يس تر بعض الع ورة‪،‬‬
‫لزمه ستر الممكن بال خالف‪ .‬فإن كان الموج ود يكفي الس وأتين‪ ،‬ب دأ بهم ا‪،‬‬
‫وال يعدل إلى غيرهما‪ .‬فإن كان يكفي إحداهما فق ط‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬الص حيح‬
‫المنصوص‪ :‬أنه يستر القبل‪ ،‬رجال ك ان أو ام رأة‪ .‬والث اني‪ :‬ال دبر‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫يتخير‪ .‬قلت‪ :‬ولنا وجه ذكره القاضي حسين‪ :‬أن المرأة تستر القب ل‪ ،‬والرجل‬
‫الدبر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬أما الخنثى المشكل‪ ،‬فإن وجد ما يس تر قبليه ودب ره‪ ،‬س تر‪.‬‬
‫ف إن لم يجد إال ما يس تر واح دا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬يس تر القب ل‪ ،‬س تر أي قبليه ش اء‪.‬‬
‫‪،‬واالولى أن يستر آلة الرجال‬

‫] ‪[ 392‬‬
‫إن كان هناك امرأة‪ .‬وآلة النساء‪ ،‬إن كان هناك رجل (‪ .)1‬ثم ما ذكرن اه من‬
‫تقديم السوأتين‪ ،‬أو إحداهما على الفخذ وغ يره‪ ،‬ومن تق ديم إح دى الس وأتين‬
‫على االخ رى‪ :‬هل هو على االس تحباب ؟ أم على االش تراط‪ .‬وجه ان‪.‬‬
‫أص حهما‪ :‬الث اني‪ .‬وهو مقتضى كالم االك ثرين‪ .‬ف رع‪ :‬لو ك انت أمة تص لي‬
‫مكشوفة الرأس‪ ،‬فعتقت خالل الصالة‪ ،‬فإن لم تقدر على الس ترة‪ ،‬مضت في‬
‫صالتها كالعاجز‪ .‬فإن كانت قادرة على الس ترة‪ ،‬ولم تش عر بق درتها عليه ا‪،‬‬
‫أو لم تشعر بالعتق حتى فرغت من الص الة‪ ،‬ففي وج وب االع ادة‪ ،‬الق والن‬
‫فيمن صلى بالنجاسة جاهال‪ .‬وقيل‪ :‬يجب قطع ا‪ .‬وإن علمت الس ترة والعت ق‪،‬‬
‫فإن كان الخمار قريبا‪ ،‬فطرحته على رأس ها‪ ،‬أو طرحه غيره ا‪ ،‬مضت في‬
‫صالتها‪ .‬وإن كان بعي دا‪ ،‬أو احت اجت في الس تر إلى أفع ال كث يرة‪ ،‬ومضى‬
‫مدة في التكشف‪ ،‬ففيه القوالن في سبق الح دث‪ .‬ف إن قلنا بالق ديم‪ :‬إنها تب ني‪،‬‬
‫فلها الس عي في طلب الس اتر‪ ،‬كما تس عى في طلب الم اء‪ .‬وإن وقفت ح تى‬
‫أتيت به‪ ،‬نظر‪ ،‬إن وصلها في المدة التي ك انت تص له لو س عت‪ ،‬فال ب أس‪،‬‬
‫وإن زادت‪ ،‬فوجهان‪ .‬االصح‪ :‬ال يج وز‪ ،‬وتبطل ص التها‪ .‬وينبغي أن يط رد‬
‫ه ذا الخالف والتفص يل في طلب الم اء عند س بق الح دث‪ ،‬وإن لم ي ذكروه‬
‫هناك‪ .‬ولو دخل الع اري في الص الة ثم وجد الس ترة في خالله ا‪ ،‬فحكمه ما‬
‫ذكرناه في (االمة) تعتق وهي واجدة للسترة‪ .‬قلت‪ :‬إذا ك انت الس ترة قريب ة‪،‬‬
‫إال أنه ال يمكن تناولها إال باس تدبار القبل ة‪ ،‬بطلت ص التها إذا لم يناولها‬
‫غيرها‪ ،‬قاله في (الشامل)‪ .‬ولو قال المته‪ :‬إن صليت صالة ص حيحة‪ ،‬ف أنت‬
‫ح رة قبله ا‪ ،‬فص لت كاش فة ال رأس ع اجزة‪ ،‬ص حت‪ ،‬وعتقت‪ .‬أو ق ادرة‪،‬‬
‫ص حت‪ ،‬وال عتق لل دور (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع في مس ائل منث ورة‪ :‬ليس‬
‫للعاري أخذ الثوب من مالكه قهرا (‪ .)3‬فلو‬

‫] ‪[ 393‬‬
‫وهبه له‪ ،‬لم يلزمه قبوله (‪ )1‬على الصحيح‪ .‬وفي وجه‪ :‬يلزمه قبوله للص الة‬
‫فيه‪ .‬ثم له رده على الواهب قه را‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يلزمه قبول ه‪ ،‬وليس له ال رد‪.‬‬
‫ولو أعاره‪ ،‬لزمه قبوله‪ .‬فإن لم يقبل‪ ،‬وصلى عاري ا‪ ،‬لم تصح ص الته‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه ال يجب قب ول العاري ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو باع ه‪ ،‬أو أج ره‪،‬‬
‫فهو كبيع الماء‪ .‬وقد ذكرناه في التيمم‪ .‬وإقراض الثوب‪ ،‬كإقراض الثمن‪ .‬ولو‬
‫احتاج إلى شراء الثوب‪ ،‬والماء‪ ،‬ولم يقدر إال على أحدهما‪ ،‬اش ترى الث وب‪.‬‬
‫ولو أوصى بثوبه الولى الن اس به في ذلك الموض ع‪ ،‬ف المرأة أولى من‬
‫الخن ثى‪ ،‬والخن ثى أولى من الرج ل‪ .‬وإذا لم يجد إال ثوبا نجس ا‪ ،‬ولم يجد ما‬
‫يغسله به‪ ،‬فق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬يص لي عاريا بال إع ادة‪ .‬والث اني‪ :‬يص لي فيه‬
‫وتجب االعادة‪ .‬ولو لم يجد إال ثوب حري ر‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه يص لي في ه‪ ،‬النه‬
‫يب اح للحاج ة‪ .‬قلت‪ :‬ويجب لبسه لس تر الع ورة عن االبص ار بال خالف‪.‬‬
‫وكذلك يجب لبس الثوب النجس‪ ،‬للستر عنها‪ .‬وفي الخلوة‪ ،‬إذا أوجبنا الس تر‬
‫فيه ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تحب أن يص لي الرجل في أحسن ما يج ده من ثياب ه‪.‬‬
‫ويتعمم‪ .‬ويتقمص‪ ،‬ويرت دي‪ .‬ف إن اقتصر على ث وبين‪ ،‬فاالفضل قميص‬
‫ورداء‪ ،‬أو قميص وس راويل‪ .‬ف إن اقتصر على واح د‪ ،‬ف القميص أولى‪ .‬ثم‬
‫االزار‪ ،‬ثم الس راويل‪ ،‬ثم الث وب الواحد إن ك ان واس عا‪ ،‬التحف به وخ الف‬
‫بين طرفي ه‪ .‬وإن ك ان ض يقا‪ ،‬عق ده ف وق س رته‪ ،‬ويجعل على عاتقه ش يئا‪.‬‬
‫ويس تحب أن تص لي الم رأة في قميص س ابغ‪ ،‬وخم ار‪ ،‬وتتخذ جلبابا كثيفا‬
‫فوق ثيابها يتجافى عنه ا‪ ،‬وال ي بين حجم أعض ائها‪ .‬قلت‪ :‬لو لم يجد الع اري‬
‫إال ثوبا لغ يره‪ ،‬ح رم عليه لبس ه‪ ،‬بل يص لي عاريا وال يعي د‪ .‬ولو لم يجد‬
‫سترة‪ ،‬ووجد حشيشا يمكنه عمل سترة منه‪ ،‬لزمه ذلك‪ .‬ولو كان‬

‫] ‪[ 394‬‬
‫محبوسا في موضع نجس‪ ،‬ومعه ث وب ال يكفي الع ورة‪ ،‬وس تر النجاس ة‪،‬‬
‫فقوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬يبسطه على النجاسة‪ ،‬ويصلي عاريا‪ ،‬وال إعادة‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫يصلي فيه على النجاسة‪ ،‬ويعي د‪ .‬ولو ك ان معه ث وب‪ ،‬فأتلف ه‪ ،‬أو خرقه بعد‬
‫دخول الوقت لغير حاجة‪ ،‬عص ى‪ ،‬ويص لي عاري ا‪ .‬وفي االع ادة‪ ،‬الوجه ان‬
‫فيمن أراق الماء في الوقت سفها وصلى بالتيمم‪ .‬ويكره أن يص لي في ث وب‬
‫فيه صور‪ ،‬ويكره أن يصلي الرجل ملثم ا‪ ،‬والم رأة متنقب ة‪ ،‬وأن يغطي ف اه‬
‫إال أن يتثاءب‪ ،‬فإن السنة حينئذ‪ ،‬أن يضع ي ده على فم ه‪ .‬ويك ره أن يش تمل‬
‫الص ماء‪ ،‬وأن يش تمل اش تمال اليه ود‪ ،‬فالص ماء‪ :‬أن يجلل بدنه ب الثوب‪ ،‬ثم‬
‫يرفع طرفيه على عاتقه االيس ر‪ ،‬واش تمال اليه ود ك ذلك‪ ،‬إال أنه ال يرفع‬
‫طرفيه‪ .‬وقيل‪ :‬هما بمع نى‪ .‬والم راد بهم ا‪ ،‬الث اني‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬الش رط‬
‫الس ادس‪ :‬الس كوت عن الكالم‪ .‬للمتكلم في الص الة‪ ،‬ح االن‪ .‬أح دهما‪ :‬بغ ير‬
‫عذر‪ .‬فينظر‪ ،‬إن نطق بح رف واح د‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ .‬إال إذا ك ان مفهم ا‪،‬‬
‫كقول ه‪( :‬ق) (ش) فإنه تبط ل‪ .‬وإن نطق بح رفين‪ ،‬بطلت‪ .‬أفهم‪ ،‬أم ال‪ ،‬الن‬
‫الكالم مفهم‪ ،‬وغ يره‪ .‬ولو نطق بح رف‪ ،‬وم ده بع ده‪ ،‬فاالص ح‪ :‬البطالن‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ال‪ .‬والثالث‪ :‬قاله إم ام الح رمين‪ :‬إن أتبعه بص وت غفل ال يقع على‬
‫ص ورة الم د‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬وإن أتبعه بحقيقة الم د‪ ،‬بطلت‪ .‬وفي التنحنح أوج ه‪.‬‬
‫أصحها وبه قطع الجمه ور‪ :‬إن ب ان منه حرف ان‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪.‬‬
‫والثاني‪ ،‬ال تبطل وإن بان حرفان‪ .‬وحكي هذا عن نص الش افعي رحمه هللا‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬إن ك ان فمه مطبق ا‪ ،‬لم تبط ل‪ ،‬وإن فتح ه‪ ،‬وب ان حرف ان‪ ،‬بطلت‪،‬‬
‫وإال‪ ،‬فال‪ .‬وحيث أبطلن ا‪ ،‬ف ذلك إذا ك ان بغ ير ع ذر‪ .‬ف إن ك ان مغلوب ا‪ ،‬فال‬
‫ب أس‪ .‬ولو تع ذرت الق راءة‪ ،‬إال ب التنحنح‪ ،‬تنحنح‪ ،‬وهو مع ذور (‪ .)1‬وإن‬
‫أمكنت القراءة‪ ،‬وتعذر الجه ر‪ ،‬إال ب التنحنح‪ ،‬فليس بع ذر على االص ح‪ .‬ولو‬
‫تنحنح االم ام‪ ،‬وظهر منه حرف ان‪ ،‬فهل للم أموم أن ي دوم على متابعته ؟‬
‫وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬نعم‪ .‬الن االصل بقاء العب ادة‪ ،‬والظ اهر أنه مع ذور‪ .‬وأما‬
‫‪،‬الضحك‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والنفخ‬

‫] ‪[ 395‬‬
‫واالنين‪ ،‬ف إن ب ان منه حرف ان‪ ،‬بطلت‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬وس واء بكى ؟ لل دنيا‪ ،‬أو‬
‫لآلخرة‪ .‬الحال الثاني‪ :‬في الكالم بعذر‪ .‬فمن س بق لس انه إلى الكالم من غ ير‬
‫قص د‪ ،‬أو غلبه الض حك‪ ،‬أو الس عال‪ ،‬فب ان منه حرف ان‪ ،‬أو تكلم ناس يا‪ ،‬أو‬
‫جاهال بتحريم الكالم‪ ،‬ف إن ك ان ذلك يس يرا‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ ،‬وإن ك ثرت‪،‬‬
‫بطلت على االص ح‪ .‬والرج وع في القلة والك ثرة‪ ،‬إلى الع رف‪ .‬والجهل‬
‫بتحريم الكالم‪ ،‬إنما هو عذر في حق قريب العهد باالسالم‪ .‬ف إن ط ال عه ده‬
‫به‪ ،‬بطلت صالته‪ ،‬لتقص يره في التعلم‪ .‬ولو علم تح ريم الكالم‪ ،‬ولم يعلم أنه‬
‫يبطل الص الة‪ ،‬لم يكن ع ذرا‪ .‬ولو جهل ك ون التنحنح مبطال‪ ،‬فهو مع ذور‬
‫على االصح‪ ،‬لخفاء حكمه على العوام‪ .‬ولو علم أن جنس الكالم محرم‪ ،‬ولم‬
‫يعلم أن ما أتى به محرم‪ ،‬فهو مع ذور على االص ح‪ .‬ولو أك ره على الكالم‪،‬‬
‫فقوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬تبطل‪ ،‬لندوره‪ ،‬وكما لو أك ره أن يص لي بال وض وء‪ ،‬أو‬
‫قاعدا‪ ،‬فإنه تجب االعادة قطعا‪ .‬ولو تكلم لمص لحة الص الة‪ ،‬ب أن ق ام االم ام‬
‫في موضع القعود‪ ،‬فقال المأموم‪ :‬اقعد‪ ،‬بطلت صالته‪ ،‬وليس هو بعذر‪ ،‬ف إن‬
‫طريقه التسبيح‪ ،‬ولو أشرف انسان على الهالك‪ ،‬ف أراد ان ذاره وتنبيه ه‪ ،‬ولم‬
‫يحصل ذلك إال ب الكالم‪ ،‬وجب الكالم‪ ،‬وتبطل ص الته على االص ح‪ .‬ولو‬
‫خاطب النبي (ص) في عصره مصليا‪ ،‬لزمه الجواب بالنطق في الحال‪ ،‬وال‬
‫تبطل صالته‪ ،‬ولو قال‪ :‬آه‪ ،‬من خوف الن ار‪ ،‬بطلت ص الته على الص حيح‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬م تى ن اب الرجل المص لي شئ في ص الته‪ ،‬ب أن رأى أعمى يقع في‬
‫بئر‪ ،‬أو اس تأذنه انس ان في ال دخول‪ ،‬أو أراد إعالم غ يره أم را‪ ،‬فالس نة أن‬
‫يس بح‪ ،‬والم رأة تص فق في جميع ذل ك‪ .‬والتص فيق‪ :‬أن تض رب بطن كفها‬
‫اليمنى‪ ،‬على ظهر كفها اليسرى‪ .‬وقيل‪ :‬تضرب أك ثر أص ابعها اليم نى على‬
‫ظهر أصابعها اليسرى‪ .‬وقيل‪ :‬تضرب أصبعين على ظهر الك ف‪ .‬والمع اني‬
‫متقارب ة‪ .‬واالول‪ :‬أش هر‪ .‬وينبغي أن ال تض رب بطن كف على بطن ك ف‪.‬‬
‫ف إن فعلت ذلك على وجه اللعب‪ ،‬بطلت ص التها‪ ،‬لمنافات ه‪ .‬ف رع‪ :‬الكالم‬
‫المبطل عند ع دم الع ذر‪ ،‬هو ما س وى الق رآن‪ ،‬وال ذكر‪ ،‬وال دعاء‪ ،‬وما في‬
‫معناه ا‪ .‬فلو أتى بشئ من نظم الق رآن قاص دا الق راءة‪ ،‬أو الق راءة مع شئ‬
‫آخر‪ ،‬كتنبيه االمام‪ ،‬أو غيره‪ ،‬أو الفتح على من أرتج عليه‪ ،‬أو تفهيم‬

‫] ‪[ 396‬‬
‫أمر كقوله لجماعة يستأذنون في الدخول‪( * :‬أدخلوها بسالم آمنين) (‪.* )1‬‬
‫أو يق ول‪( * :‬يا يح يى خذ الكت اب بق وة) * (‪ .)2‬وما أش به ذل ك‪ ،‬لم تبطل‬
‫صالته (‪ ،)3‬سواء كان قد انتهى في قراءته إلى تلك اآلية‪ ،‬أو أنشأ قراءتها‬
‫حينئ ذ‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه إذا قصد مع الق راءة ش يئا آخ ر‪ ،‬بطلت ص الته‪،‬‬
‫وليس بشئ‪ .‬ولو قصد االفهام واالعالم فق ط‪ ،‬بطلت ص الته بال خالف‪ .‬ولو‬
‫أتى بكلم ات ال يوجد في الق رآن على نظمه ا‪ ،‬وتوجد مفرداته ا‪ ،‬كقول ه‪( :‬يا‬
‫إب رهيم) (س الم) (كن) بطلت ص الته‪ ،‬ولم يكن لها حكم الق رآن بح ال‪ .‬وأما‬
‫االذك ار‪ ،‬والتس بيحات‪ ،‬واالدعية بالعربي ة‪ ،‬فال يض ر‪ ،‬س واء المس نون‪،‬‬
‫وغيره‪ .‬لكن ما فيه خطاب مخلوق غير رسول هللا (ص)‪ ،‬يجب اجتنابه‪ .‬فلو‬
‫س لم على إنس ان‪ ،‬أو رد عليه الس الم بلفظ الخط اب‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وي رد‬
‫الس الم باالش ارة بي ده‪ ،‬أو رأسه ولو ق ال‪ :‬عليه الس الم‪ ،‬لم يض ر‪ .‬ولو ق ال‬
‫للعاطس‪ :‬يرحمه هللا‪ ،‬لم يضر‪ .‬ولو ق ال‪ :‬يرحمك هللا‪ ،‬بطلت على المش هور‪.‬‬
‫فرع‪ :‬السكوت اليس ير في الص الة‪ ،‬ال يضر بح ال‪ ،‬وك ذا الكث ير عم دا‪ ،‬إن‬
‫كان لعذر‪ ،‬بأن نسي ش يئا‪ ،‬فس كت ليت ذكره‪ ،‬على الم ذهب‪ .‬وك ذا إن س كت‬
‫لغير عذر‪ ،‬على االصح‪ .‬وإن (‪ )4‬سكت كث يرا ناس يا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬عم ده مبط ل‪،‬‬
‫فطريق ان‪ .‬أح دهما‪ :‬القطع بأنه ال يض ر‪ .‬والث اني‪ :‬على ال وجهين‪ .‬واعلم أن‬
‫إشارة االخرس المفهمة‪ ،‬كالنطق في البيع وغ يره من العق ود‪ .‬وال تبطل بها‬
‫الصالة على الصحيح‪ .‬الشرط السابع‪ :‬الكف عن االفعال الكثيرة‪ .‬اعلم أن ما‬
‫ليس من أفع ال الص الة‪ ،‬ض ربان‪ .‬أح دهما‪ :‬من جنس ها‪ .‬والث اني‪ :‬ليس من‬
‫جنس ها‪ .‬ف االول‪ :‬إذا فعله ناس يا‪ ،‬ال تبطل ص الته‪ ،‬كمن زاد ركوع ا‪ ،‬أو‬
‫سجودا‪ ،‬أو ركعة‪ .‬وإن تعمده‪ ،‬بطلت‪ ،‬سواء قل‪ ،‬أم كثر‪ .‬وأما‬

‫] ‪[ 397‬‬
‫الثاني‪ :‬ف اتفقوا على أن الكث ير من ه‪ ،‬يبطل الص الة‪ .‬والقلي ل‪ :‬ال يبط ل‪ .‬وفي‬
‫ض بط القليل والكث ير‪ ،‬أوج ه‪ .‬أح دها‪ :‬القلي ل‪ :‬ما ال يسع زمانه فعل ركع ة‪.‬‬
‫والكث ير‪ :‬ما يس عها‪ .‬والث اني‪ :‬كل عمل ال يحت اج فيه إلى كلتا يدي ه‪ ،‬كرفع‬
‫العمامة‪ ،‬وحل أنشوطة السراويل‪ ،‬فقليل‪ .‬وما احتاج (‪ ،)1‬كتكوير العمام ة‪،‬‬
‫وعقد االزار والس راويل‪ ،‬فكث ير‪ .‬والث الث‪ :‬القلي ل‪ :‬ما ال يظن النظر إليه أن‬
‫فاعله ليس في الصالة‪ .‬والكثير‪ :‬ما يظن أنه ليس فيها‪ .‬وضعف هذا‪ :‬بأن من‬
‫رآه يحمل صبيا‪ ،‬أو يقتل حية‪ ،‬أو عقرب ا‪ ،‬يتخيل أنه ليس في ص الة‪ ،‬وه ذا‬
‫ال يضر قطعا‪ .‬والراب ع‪ ،‬وهو االصح وق ول االك ثرين‪ :‬أن الرج وع فيه إلى‬
‫العادة‪ .‬فال يضر ما يعده الن اس قليال‪ ،‬كاالش ارة ب رد الس الم‪ ،‬وخلع النع ل‪،‬‬
‫ولبس الث وب الخفي ف‪ ،‬ونزع ه‪ ،‬ونحو ذل ك‪ .‬ثم ق الوا‪ :‬الفعلة الواح دة (‪،)2‬‬
‫كالخطوة والض ربة‪ ،‬قليل قطع ا‪ .‬والثالث‪ :‬كث ير قطع ا‪ .‬واالثنت ان‪ :‬من القليل‬
‫على االصح‪ .‬ثم أجمع وا على أن الكث ير‪ ،‬إنما يبطل إذا ت والى‪ .‬ف إن تف رق‪،‬‬
‫بأن خطا خطوة‪ ،‬ثم بعد زمن خطا أخ رى‪ ،‬أو خط وتين ثم خط وتين بينهما‬
‫زمن‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنهما قليل‪ ،‬وتكرر ذلك (‪ )3‬مرات فهي كثيرة‪ ،‬لم يضر قطع ا‪.‬‬
‫وحد التفريق‪ :‬أن يعد الثاني منقطعا عن االول‪ .‬وق ال في (الته ذيب)‪ :‬عن دي‬
‫أن يكون بينهما قدر ركع ة‪ .‬ثم الم راد بالفعلة الواح دة ال تي ال تبط ل‪ ،‬ما لم‬
‫يتفاحش‪ ،‬ف إن أف رطت كالوثبة الفاحش ة‪ ،‬أبطلت قطع ا‪ .‬وك ذا ق ولهم‪ :‬الثالث‬
‫المتوالية‪ ،‬تبطل‪ .‬أراد‪ :‬والخطوات ونحوها‪ .‬فأما الحرك ات الخفيف ة‪ ،‬كتحريك‬
‫االصابع في سبحة‪ ،‬أو حكة‪ ،‬أو حل وعقد (‪ ،)4‬فاالصح‪ :‬أنها‬

‫] ‪[ 398‬‬
‫ال تضر وإن كثرت متوالية‪ .‬والث اني‪ :‬تبطل كغيره ا‪ .‬ونص الش افعي رحمه‬
‫هللا‪ :‬أنه لو كان يعد اآلي ات في ص الته عق دا بالي د‪ ،‬لم تبط ل‪ ،‬ولكن االولى‬
‫تركه‪ .‬وجميع ما ذكرنا إذا تعمد الفعل الكثير‪ ،‬فأما إذا فعله ناسيا‪ ،‬فالمذهب‪،‬‬
‫وال ذي قطع به الجمه ور‪ :‬أن الناسي كالعام د‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه الوجه ان في كالم‬
‫الناسي‪ .‬وقيل‪ :‬أول حد الكثرة‪ ،‬ال يؤثر‪ .‬وما زاد‪ ،‬وانتهى إلى السرف‪ ،‬فعلى‬
‫ال وجهين‪ .‬ه ذا كله حكم الفعل في غ ير ش دة الخ وف‪ .‬أما فيه ا‪ ،‬فيحتمل‬
‫الركض والعدو‪ ،‬للحاجة‪ .‬وفي غ ير الحاجة كالم ي أتي في بابها إن ش اء هللا‬
‫تعالى (‪ .)1‬وإن قرأ الق رآن من المص حف في الص الة‪ ،‬لم يض ر‪ ،‬بل يجب‬
‫ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما س بق‪ .‬ولو قلب االوراق أحيان ا‪ ،‬لم يض ر‪ .‬ولو‬
‫نظر في مكتوب غير القرآن‪ ،‬وردد ما فيه في نفس ه‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ .‬ولنا‬
‫وج ه‪ :‬أن ح ديث النفس إذا ك ثر‪ ،‬أبطل الص الة‪ ،‬وهو ش اذ‪ .‬ف رع‪ :‬يس تحب‬
‫للمصلي أن يكون بين يديه سترة‪ ،‬من جدار‪ ،‬أو سارية‪ ،‬أو غيرهم ا‪ .‬وي دنو‬
‫منها بحيث ال يزيد بينهما على ثالثة أذرع وإن ك ان في ص حراء‪ ،‬غ رز‬
‫عصا ونحوه ا‪ ،‬أو جمع ش يئا من رحل ه‪ ،‬أو متاع ه‪ .‬وليكن ق در م ؤخرة‬
‫الرحل‪ ،‬فإن لم يجد شيئا شاخصا‪ ،‬خط بين يديه خطا‪ ،‬أو بسط مصلى‪ .‬وقال‬
‫إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ :‬ال ع برة بالخ ط‪ .‬والص واب‪ ،‬ما أطبق عليه‬
‫الجمه ور‪ ،‬وهو االكتف اء بالخط كما إذا اس تقبل ش يئا شاخص ا‪ .‬قلت‪ :‬وق ال‬
‫جماع ة‪ :‬في االكتف اء بالخ ط‪ ،‬ق والن للش افعي‪ .‬ق ال في (الق ديم) و (س نن)‬
‫حرملة (‪ :)2‬يستحب‪ .‬ونفاه في (الب ويطي) الض طراب الح ديث (‪ )3‬ال وارد‬
‫‪.‬فيه وضعفه (‪)4‬‬

‫] ‪[ 399‬‬
‫واختلف في صفة الخط‪ .‬فقيل‪ :‬يجعل مثل الهالل‪ .‬وقي ل‪ :‬يمد ط وال إلى جهة‬
‫القبلة‪ .‬وقيل‪ :‬يمده يمينا وشماال‪ .‬والمختار استحباب الخط‪ ،‬وأن يكون ط وال‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ثم إذا صلى إلى سترة‪ ،‬منع غيره من الم رور بينه وبين الس ترة‪.‬‬
‫وك ذا ليس لغ يره أن يمر بينه وبين الخط على الص حيح‪ .‬وق ول الجمه ور‪:‬‬
‫كالعص ا‪ .‬وهل هو منع تح ريم‪ ،‬أو تنزيه ؟ وجه ان‪ .‬الص حيح‪ :‬منع تح ريم‪.‬‬
‫وللمصلي أن يدفعه‪ ،‬ويضربه على الم رور‪ ،‬وإن أدى إلى قتل ه‪ .‬ولو لم يكن‬
‫سترة‪ ،‬أو ك انت‪ ،‬وتباعد منه ا‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه ليس له ال دفع لتقص يره‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وال يح رم حينئذ الم رور بين يدي ه‪ ،‬لكن االولى ترك ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو وجد‬
‫الداخل فرجة في الصف االول‪ ،‬فله أن يمر بين ي دي الصف الث اني‪ ،‬ويقف‬
‫فيه ا‪ ،‬لتقص ير أص حاب الث اني بتركه ا‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬والنهي عن‬
‫الم رور‪ ،‬واالمر بال دفع‪ ،‬إذا وجد الم ار س بيال س واه‪ ،‬ف إن لم يجد وازدحم‬
‫الناس‪ ،‬فال نهي عن المرور‪ ،‬وال يشرع الدفع‪ .‬وتابع الغزالي إمام الح رمين‬
‫على ه ذا‪ ،‬وهو مش كل‪ .‬ففي الح ديث الص حيح في (البخ اري) (‪ )1‬خالف ه‪.‬‬
‫‪،‬وأكثر كتب االصحاب‬

‫] ‪[ 400‬‬
‫للشافعي رحمه هللا‪ :‬أن االعتبار في الفصل‪ ،‬بالمجلس‪ .‬فإن لم يفارق ه‪ ،‬س جد‬
‫وإن طال الزمان‪ .‬وإن فارق ه‪ ،‬لم يس جد وإن ق رب الزم ان‪ .‬لكن ه ذا الق ول‬
‫شاذ‪ .‬وال ذي اعتم ده االص حاب‪ ،‬الع رف‪ .‬ق الوا‪ :‬وال تضر مفارقة المجلس‪،‬‬
‫واستدبار القبلة‪ .‬هذا كله تفريع على قولنا‪ :‬سجود الس هو قبل الس الم‪ .‬أما إذا‬
‫قلنا‪ :‬بعده‪ .‬فينبغي أن يسجد على قرب‪ ،‬فإن طال الفصل‪ ،‬ع اد الخالف‪ .‬وإذا‬
‫س جد‪ ،‬فال يحكم ب العود إلى الص الة بال خالف‪ .‬هل يتح رم للس جدتين‪،‬‬
‫ويتشهد‪ ،‬ويسلم ؟ قال إمام الح رمين‪ :‬حكمة حكم س جود التالوة‪ .‬ثم إذا رأينا‬
‫التشهد‪ ،‬فوجهان‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن الصحيح المش هور‪ :‬أنه يتش هد بعد الس جدتين‬
‫كس جود التالوة‪ .‬والث اني‪ :‬يتش هد قبلهم ا‪ ،‬ليليهما الس الم‪ .‬قلت‪ :‬ه ذه مس ائل‬
‫منثورة من الباب‪ .‬منها أن السهو في الصالة النفل‪ ،‬كالفرض على الم ذهب‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬طريقان‪ .‬الجديد كذلك‪ ،‬وفي القديم‪ ،‬قوالن‪ .‬أحدهما‪ :‬ك ذلك‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫يسجد‪ ،‬حكاه القاضي أبو الطيب‪ ،‬وصاحبا (الش امل) و (المه ذب)‪ .‬ولو س لم‬
‫من الص الة وأح رم ب أخرى‪ ،‬ثم تيقن أنه ت رك ركنا من االولى‪ ،‬لم تنعقد‬
‫الثاني ة‪ .‬وأما االولى‪ ،‬ف إن قصر الفصل ب ني عليه ا‪ .‬وإن ط ال‪ ،‬وجب‬
‫اس تئنافها‪ .‬ولو جلس للتش هد في الرباعي ة‪ ،‬وش ك‪ :‬هل هو التش هد االول‪ ،‬أم‬
‫الثاني‪ ،‬فتشهد شاكا‪ ،‬ثم قام‪ ،‬فبان الحال‪ ،‬سجد للسهو‪ ،‬س واء ب ان أنه االول‪،‬‬
‫أو اآلخر‪ ،‬النه وإن بان االول‪ ،‬فقد قام شاكا في زيادة ه ذا القي ام‪ .‬وأن ب ان‬
‫الح ال وهو بعد في التش هد االول‪ ،‬فال س جود‪ .‬ولو ن وى المس افر القص ر‪،‬‬
‫وص لى أربع ركع ات ناس يا‪ ،‬ونسي في كل ركعة س جدة‪ ،‬حص لت له‬
‫الركعتان‪ ،‬ويسجد للسهو‪ ،‬وقد تمت صالته‪ ،‬فيس لم‪ ،‬وال يلزمه االتم ام‪ ،‬النه‬
‫لم ين وه‪ .‬وك ذا لو ص لى الجمعة أربعا ناس يا‪ ،‬ونسي من كل ركعة س جدة‪،‬‬
‫سجد للسهو‪ ،‬وسلم‪ .‬ولو سها سهوين‪ ،‬أحدهما بزيادة‪ ،‬واآلخر بنقص‪ ،‬وقلن ا‪:‬‬
‫يس جد للزي ادة بعد الس الم‪ ،‬وللنقص قبل ه‪ ،‬س جد هنا قبله على االص ح‪ .‬وبه‬
‫قطع المتولي‪ .‬والثاني‪ .‬بعده‪ .‬وبه قطع البندنيجي قال‪ :‬وكذا الزيادة المتوهمة‪،‬‬
‫كمن شك في ع دد الركع ات‪ .‬ولو أراد القن وت في غ ير الص بح لنازلة (‪)1‬‬
‫‪.‬وقلنا به‪ ،‬فنسيه لم يسجد للسهو على االصح‬

‫] ‪[ 401‬‬
‫ذكره في (البحر)‪ .‬ولو دخل في صالة ثم ظن أنه ما كبر لالحرام‪ ،‬فاستأنف‬
‫التكبير والصالة‪ ،‬ثم علم أنه كان كبر أوال‪ ،‬فإن علم بعد فراغه من الص الة‬
‫الثانية‪ ،‬لم يفسد االولى‪ ،‬وتمت بالثانية‪ .‬وإن علم قبل ف راغ الثاني ة‪ ،‬ع اد إلى‬
‫االولى‪ ،‬فأكمله ا‪ ،‬وس جد للس هو في الح الين‪ .‬نقله في (البح ر) عن نص‬
‫الشافعي وغيره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬السجدة الثانية‪ :‬سجدة التالوة‪ ،‬وهي س نة‪ ،‬وع دد‬
‫السجدات أربع عشرة على الجديد الصحيح‪ .‬ليس منها (ص) ومنها‪ :‬سجدتان‬
‫في (الحج) (‪ .)1‬وثالث في المفصل‪ .‬وقال في الق ديم‪ :‬إح دى عش رة‪ ،‬أس قط‬
‫س جدات المفص ل‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أن الس جدات خمس عش رة‪ ،‬ضم إليها س جدة‬
‫(ص)‪ ،‬وهذا قول ابن سريج‪ .‬والص حيح المنص وص المع روف‪ :‬أنها ليست‬
‫من ع زائم الس جود (‪ ،)2‬وإنما هي س جدة ش كر‪ ،‬ف إن س جد فيها خ ارج‬
‫الص الة فحس ن‪ .‬قلت‪ :‬ق ال أص حابنا‪ :‬يس تحب أن يس جد في (ص) خ ارج‬
‫الص الة‪ .‬وهو م راد االم ام ال رافعي بقول ه‪ :‬حسن وهللا أعلم‪ .‬ولو س جد في‬
‫(ص) في الصالة جاهال‪ ،‬أو ناسيا‪ ،‬لم تبطل صالته‪ .‬وإن كان عامدا‪ ،‬بطلت‬
‫على االص ح‪ .‬قلت‪ :‬ويس جد للس هو الناسي والجاه ل‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو س جد‬
‫إمامه في (ص) لكونه يعتق دها (‪ ،)3‬لم يتابعه بل يفارقه أو ينتظ ره قائم ا‪.‬‬
‫وإذا انتظره قائما‪ ،‬فهل يسجد للسهو ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬االصح ال يس جد‪ ،‬الن‬
‫‪،‬المأمون ال سجود لسهوه‪ .‬ووجه السجود‬

‫] ‪[ 402‬‬
‫ساكتة عن تقييد المنع بما إذا وجد سواه سبيال‪ .‬قلت‪ :‬الص واب‪ ،‬أنه ال ف رق‬
‫بين وجود السبيل وعدمه‪ .‬فحديث البخاري‪ ،‬صريح في المن ع‪ .‬ولم ي رد شئ‬
‫يخالف ه‪ ،‬وال في كتب الم ذهب لغ ير االم ام ما يخالف ه‪ .‬وق ال أص حابنا‪ :‬وال‬
‫تبطل الصالة بمرور شئ بين يدي المصلي‪ ،‬سواء مر رج ل‪ ،‬أو ام رأة‪ ،‬أو‬
‫كلب‪ ،‬أو حمار‪ ،‬أو غير ذلك‪ .‬وإذا صلى إلى سترة‪ ،‬فالسنة أن يجعلها مقابلة‬
‫ليمينه‪ ،‬أو ش ماله‪ ،‬وال يص مد له ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الش رط الث امن‪ :‬االمس اك عن‬
‫االكل‪ .‬فلو أكل شيئا‪ ،‬وإن ق ل‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال تبطل بالقلي ل‪،‬‬
‫وهو غل ط‪ .‬ولو ك ان بين أس نانه شئ فابتلع ه‪ ،‬أو ن زلت نخامة من رأسه‬
‫فابتلعها عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬ف إن أكل مغلوب ا‪ ،‬ب أن ج رى الريق بب اقي‬
‫الطعام‪ ،‬أو نزلت النخامة ولم يمكنه إمس اكها‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬وإن أكل ناس يا‪ ،‬أو‬
‫جاهال بالتحريم‪ ،‬فإن قل‪ ،‬لم تبطل‪ .‬وإن ك ثر‪ ،‬بطلت على االص ح‪ .‬وتع رف‬
‫القلة والكثرة بالعرف‪ .‬ولو وصل شئ إلى جوفه بغير مض غ‪ ،‬وابتالع‪ ،‬ب أن‬
‫وضع في فمه س كرة ف ذابت (‪ ،)1‬ون زلت إلى جوف ه‪ ،‬بطلت ص الته على‬
‫االصح‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬تبطل بكل ما يبطل الصوم‪ .‬واعلم أن المضغ وحده‪ ،‬فعل‬
‫يبطل الكثير منه‪ .‬وإن لم يصل شئ إلى الجوف‪ ،‬حتى لو كان يمضغ علك ا‪،‬‬
‫بطلت صالته‪ .‬وإن لم يمضغه‪ ،‬وكان جديدا يذوب‪ ،‬فهو كالس كرة‪ .‬وإن ك ان‬
‫‪.‬مستعمال‪ ،‬لم تبطل صالته‪ ،‬كما لو أمسك في فمه إجاصة (‪)2‬‬

‫] ‪[ 403‬‬
‫فصل‪ :‬وللمحدث المكث في المسجد (‪ .)1‬قلت‪ :‬وك ذا الن وم بال كراه ة‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬وتقدم حكم مكث الجنب والحائض‪ ،‬وعبورهما‪ .‬وه ذا في حق المس لم‪،‬‬
‫أما الكافر‪ ،‬فال يمكن من دخول حرم مكة بح ال‪ ،‬س واء مس اجده‪ ،‬وغيره ا‪.‬‬
‫وله دخول مساجد غير الحرم‪ ،‬بإذن مسلم‪ .‬وليس له دخولها‪ ،‬بغير إذن على‬
‫الص حيح (‪ .)2‬ف إن فعل ه‪ ،‬ع زر‪ .‬ق ال في (الته ذيب)‪ :‬لو جلس فيه الح اكم‬
‫للحكم‪ ،‬فلل ذمي دخوله للمحاكمة بغ ير إذن‪ ،‬وي نزل جلوسه منزلة إذن ه‪ .‬وإذا‬
‫استأذن لنوم‪ ،‬أو أكل‪ ،‬فينبغي أن ال يأذن ل ه‪ .‬وإن اس تأذن لس ماع ق رآن‪ ،‬أو‬
‫علم‪ ،‬أذن له‪ ،‬رجاء إسالمه‪ .‬ه ذا كله إذا لم يكن جنب ا‪ ،‬ف إن ك ان‪ ،‬فهل يمنع‬
‫من المكث ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‪ .‬والك افرة الحائض ة‪ ،‬تمنع حيث تمنع‬
‫المس لمة‪ ،‬وك ذا الص بيان‪ ،‬والمج انين‪ ،‬يمنع ون من دخول ه‪ .‬قلت‪ :‬وال يمنع‬
‫الجنب‪ ،‬والح ائض‪ ،‬من دخ ول المص لى ال ذي ليس بمس جد على الم ذهب‪.‬‬
‫وذكر ال دارمي في ب اب ص الة العي د‪ ،‬في تحريم ه‪ ،‬وجهين‪ .‬وأجراهما في‬
‫منع الكافر منه بغير إذن‪ .‬وقد ذكرت جمال من الفوائد المتعلقة بالمس جد في‬
‫ب اب ما ي وجب الغس ل‪ ،‬من ش رح (المه ذب)‪ .‬وأنا أش ير إلى أح رف من‬
‫بعضها‪ ،‬فيكره نقش المسجد‪ ،‬واتخاذ الشرفات له‪ .‬وال بأس بإغالقه في غير‬
‫وقت الصالة‪ .‬والبصاق في المسجد خطيئ ة‪ .‬ف إن خ الف فبص ق‪ ،‬فقد ارتكب‬
‫النهي‪ ،‬فكفارتها دفنه في رمل المسجد‪ ،‬وترابه‪ .‬ولو مسحه بيده‪ ،‬أو غيره ا‪،‬‬
‫ك ان أفض ل‪ .‬ويك ره لمن أكل ثوم ا‪ ،‬أو بص ال‪ ،‬أو غيرهما مما له رائحة‬
‫كريه ة‪ ،‬دخ ول المس جد بال ض رورة‪ ،‬ما لم ي ذهب ريح ه‪ .‬ويك ره غ رس‬
‫الشجر فيه‪ .‬فإن غرس‪ ،‬قطعه االمام‪ .‬قال الصيمري (‪ :)3‬ويك ره حفر الب ئر‬
‫فيه‪ ،‬ويكره عمل الصنائع‪ ،‬وال‬

‫] ‪[ 404‬‬
‫بأس باالكل والش رب في ه‪ ،‬والوض وء إذا لم يت أذ به الن اس (‪ .)1‬ويق دم في‬
‫دخ ول المس جد رجله اليم نى‪ ،‬وفي الخ روج‪ ،‬اليس رى‪ ،‬وي دعو بال دعوات‬
‫المشهورة فيه‪ .‬ولحائط المسجد من خارجه حرمة المسجد في كل ش ئ‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬الباب السادس في السجدات ال تي ليست من ص لب الص الة هن ثالث‪.‬‬
‫االولى‪ :‬سجود السهو (‪ ،)2‬وهو سنة (‪ ،)3‬ليس ب واجب‪ ،‬وال ذي يقتض يه‪،‬‬
‫شيئان‪ :‬ترك مأمور‪ ،‬وارتكاب منهي (‪ .)4‬أما ترك الم أمور‪ ،‬فقس مان‪ .‬ت رك‬
‫ركن وغيره‪ .‬أما ال ركن‪ ،‬فال يكفي عنه الس جود‪ ،‬بل البد من تدارك ه‪ .‬ثم قد‬
‫يقتضي‬

‫] ‪[ 405‬‬
‫الحال‪ ،‬السجود بعد التدارك‪ ،‬وقد ال يقتضيه‪ .‬كما سيأتي إن ش اء هللا تع الى‪.‬‬
‫وأما غير الركن‪ ،‬فأبعاض‪ ،‬وغيره ا‪ .‬فاالبع اض‪ :‬تق دم بيانها في أول ص فة‬
‫الصالة‪ ،‬وهي مجبورة بالسجود إن ترك واحدة منها سهوا قطعا‪ .‬وك ذلك إن‬
‫تركه عم دا على االصح (‪ .)1‬وأما غ ير االبع اض من الس نن‪ ،‬فال يس جد‬
‫لتركها‪ .‬هذا هو الصحيح المشهور المعروف‪ .‬ولنا قول قديم ش اذ‪ :‬أنه يس جد‬
‫لترك كل مس نون‪ ،‬ذك را ك ان‪ ،‬أو (‪ )2‬عمال‪ .‬ووجه ه‪ :‬أن من نسي التس بيح‬
‫في الركوع والسجود‪ ،‬سجد‪ .‬وأما المنهي‪ ،‬فقسمان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال تبطل الصالة‬
‫بعم ده‪ .‬كااللتف ات‪ ،‬والخط وة‪ ،‬والخط وتين (‪ .)3‬والث اني‪ :‬تبطل بعم ده‪،‬‬
‫كالكالم‪ ،‬والركوع الزائد‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬فاالول‪ :‬أن ال يقتضي س هوه الس جود‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يقتضيه إذا لم تبطل الص الة‪ .‬وقولن ا‪ :‬إذا لم تبطل الص الة‪ ،‬اح تراز‬
‫من كث ير الفع ل‪ ،‬واالك ل‪ ،‬والكالم‪ ،‬فإنها تبطل الص الة بعم دها‪ .‬وك ذلك‬
‫بسهوها على االص ح‪ ،‬فال س جود‪ .‬واح تراز من الح دث أيض ا‪ ،‬ف إن عم ده‬
‫وسهوه يبطالن الصالة وال سجود‪ .‬فرع‪ :‬االعتدال عن الركوع ركن قصير‪،‬‬
‫أمر المصلي بتخفيفه‪ .‬فلو أطاله عم دا بالس كوت‪ ،‬أو القن وت‪ ،‬أو ب ذكر آخر‬
‫ليس ب ركن‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها عند إم ام الح رمين وقطع به ص احب‬
‫(الته ذيب)‪ :‬تبطل ص الته‪ ،‬إال حيث ورد الش رع بالتطويل ب القنوت‪ ،‬أو في‬
‫صالة التسبيح‪ .‬والثاني‪ :‬ال تبطل‪ .‬والثالث‪ :‬إن قنت عمدا في اعتداله في غير‬
‫‪.‬موضعه‪ ،‬بطلت‪ .‬وإن طول بذكر آخر ال يقصد القنوت‪ ،‬لم تبطل‬

‫] ‪[ 406‬‬
‫قلت‪ :‬ثبت في (ص حيح مس لم) (‪ )1‬أن الن بي (ص)‪ ،‬ط ول االعت دال ج دا‪.‬‬
‫فالراجح دليال (‪ ،)2‬جواز إطالته بالذكر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو نقل ركنا ذكريا إلى‬
‫ركن طويل‪ ،‬ب أن ق رأ الفاتح ة‪ ،‬أو بعض ها‪ ،‬في الرك وع‪ ،‬أو الجل وس‪ ،‬آخر‬
‫الص الة‪ ،‬أو ق رأ التش هد‪ ،‬أو بعضه في القي ام عم دا‪ ،‬لم تبطل ص الته على‬
‫االص ح‪ .‬وقي ل‪ :‬ال تبطل قطع ا‪ .‬ويج ري ه ذا الخالف فيما لو نقله إلى‬
‫االعتدال‪ ،‬ولم يطل‪ ،‬بأن قرأ الفاتح ة‪ ،‬أو بعض التش هد‪ .‬فلو اجتمع المعني ان‬
‫بطول االعتدال بالفاتحة‪ ،‬أو التشهد‪ ،‬بطلت على االص ح‪ .‬وقي ل‪ :‬قطع ا‪ .‬وأما‬
‫الجلوس بين الس جدتين‪ ،‬ففيه وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬أنه ركن قص ير‪ ،‬وبه قطع‬
‫الشيخ أبو محمد‪ ،‬وص احب (الته ذيب) وغيرهم ا‪ .‬والث اني‪ :‬طوي ل‪ ،‬قاله ابن‬
‫سريج‪ ،‬والجمهور‪ .‬ف إن قلنا به ذا‪ ،‬فال ب أس بتطويل ه‪ .‬وإن قلنا ب االول‪ ،‬ففي‬
‫تطويله عم دا الخالف الم ذكور في االعت دال‪ .‬وإذا قلنا في ه ذه الص ور‬
‫ببطالن الص الة بعم ده‪ ،‬فلو ف رض ذلك س هوا‪ ،‬س جد للس هو‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬ال‬
‫تبطل‪ ،‬فهل يسجد للس هو ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬ال‪ ،‬كس ائر ما ال يبطل عم ده‪.‬‬
‫وأصحهما‪ :‬يس جد‪ .‬وتس تثنى ه ذه الص ورة عن قولن ا‪ :‬ما ال يبطل عم ده‪ ،‬ال‬
‫‪.‬يسجد لسهوه (‪)3‬‬
‫] ‪[ 407‬‬
‫فصل‪ :‬الترتيب واجب في أركان الص الة‪ .‬ف إن تركه عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪.‬‬
‫وإن تركه سهوا‪ ،‬لم يعتد بما فعله بعد المتروك‪ ،‬ح تى ي أتي بما ترك ه‪ .‬ف إن‬
‫تذكر السهو قبل فعل مثل المتروك‪ ،‬اشتغل عند التذكر بالمتروك‪ ،‬وإن تذكر‬
‫بعد فعل مثله في ركعة أخرى‪ ،‬تمت الركعة السابقة به‪ ،‬ولغا ما بينهما‪ .‬ه ذا‬
‫إذا ع رف عين الم تروك‪ ،‬وموض عه‪ .‬ف إن لم يع رف‪ ،‬أخذ ب أدنى الممكن‪،‬‬
‫وأتى بالباقي‪ .‬وفي االحوال كلها يسجد للسهو‪ ،‬إال إذا وجب االستئناف‪ ،‬ب أن‬
‫ترك ركنا‪ ،‬وأشكل عينه‪ ،‬وجوز أن يكون النية‪ ،‬أو تكبيرة االح رام‪ .‬وإال إذا‬
‫كان المتروك‪ ،‬هو السالم‪ ،‬فإنه إذا تذكر قبل ط ول الفص ل‪ ،‬س لم وال حاجة‬
‫إلى س جود الس هو‪ .‬ولو ت ذكر في قي ام الركعة الثاني ة‪ ،‬أنه ت رك س جدة من‬
‫االولى‪ ،‬فال بد من االتيان بها عند ت ذكره‪ .‬ثم إن لم يكن جلس عقب الس جدة‬
‫المفعولة‪ ،‬فهل يكفيه أن يسجد عن قيام‪ ،‬أم ال بد أن يجلس مطمئنا‪ ،‬ثم يسجد‬
‫؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬الث اني‪ .‬ف إن ك ان جلس عقب الس جدة المفعولة ‪ -‬وقصد‬
‫به الجلسة بين الس جدتين ‪ -‬ثم غف ل‪ ،‬فق ام‪ ،‬فالم ذهب أنه يكفيه الس جود عن‬
‫قيام‪ .‬وقيل على ال وجهين‪ .‬وإن قصد بجلس ته االس تراحة‪ ،‬فاالصح أنه يكفيه‬
‫السجود عن قي ام‪ ،‬ويجزئه جلسة االس تراحة عن ال واجب‪ .‬كما لو جلس في‬
‫التشهد االخير يظنه االول‪ ،‬فإنه يجزئه عن االخير‪ .‬والث اني‪ :‬يجب الجل وس‬
‫مطمئن ا‪ .‬ولو ش ك‪ ،‬هل جلس ؟ فهو كما إذا لم يجلس‪ .‬أما إذا ت ذكر بعد‬
‫س جوده في الركعة الثانية تركه س جدة من االولى‪ ،‬فينظ ر‪ ،‬إن ت ذكر بعد‬
‫السجدتين مع ا‪ ،‬أو في الثانية منهم ا‪ ،‬فقد تم بما فعله ركعته االولى‪ ،‬ولغا ما‬
‫بينهم ا‪ .‬ثم إن ك ان جلس في االولى بنية الجلسة بين الس جدتين‪ ،‬أو بنية‬
‫االس تراحة إذا قلن ا‪ :‬تج زئ عن ال واجب‪ ،‬فتمامها بالس جدة االولى‪ .‬وإن لم‬
‫يجلس‪ ،‬أو جلس لالستراحة‪ ،‬وقلنا‪ :‬ال يج زئ‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬لو ت ذكر في القي ام‬
‫والحالة هذه‪ ،‬يجلس‪ ،‬ثم يسجد‪ ،‬فتمام الركعة االولى هنا بالسجدة الثانية‪ .‬وإن‬
‫قلنا هن اك‪ :‬يس جد عن قي ام‪ ،‬فتمامها بالس جدة االولى‪ .‬ويب نى على ه ذا‬
‫الخالف‪ ،‬ما إذا تذكر بعد السجدة االولى في‬

‫] ‪[ 408‬‬
‫الركعة الثانية‪ .‬فإن قلنا باالول‪ ،‬فركعته غ ير تام ة‪ ،‬فيس جد س جدة‪ ،‬ثم يق وم‬
‫إلى ركعة ثاني ة‪ .‬وإن قلنا بالث اني‪ ،‬فركعته تام ة‪ ،‬فيق وم إلى ثاني ة‪ .‬ف رع‪ :‬لو‬
‫تذكر في جلوس الركعة الرابعة‪ ،‬أنه ترك أربع س جدات‪ ،‬فله أربعة أح وال‪.‬‬
‫حال‪ :‬يحسب له ثالث ركعات إال سجدتين‪ ،‬وحال‪ :‬ركعت ان وح ال‪ :‬ركعت ان‬
‫إال سجدة‪ .‬فلو تيقن ثنتين من الثالثة‪ ،‬وثن تين من الرابع ة‪ ،‬ص حت الركعت ان‬
‫االولي ان‪ ،‬وحص لت الثالث ة‪ ،‬لكن ال س جود فيه ا‪ ،‬وال فيما بع دها‪ .‬فيس جد‬
‫س جدتين لتتم‪ ،‬ثم يق وم إلى ركعة رابع ة‪ .‬وهك ذا الحكم‪ ،‬لو ت رك س جدة من‬
‫االولى‪ ،‬وسجدة من الثانية‪ ،‬وسجدتين من الرابعة‪ .‬وك ذا لو ت رك واح دة من‬
‫الثانية‪ ،‬وواح دة من الثالث ة‪ ،‬وثن تين من الرابع ة‪ .‬أما إذا ت رك من كل ركعة‬
‫س جدة‪ ،‬فيحصل ركعت ان‪ ،‬فيتم االولى بالثاني ة‪ ،‬والثالثة بالرابع ة‪ .‬ومثله لو‬
‫ترك ثن تين من الثاني ة‪ ،‬وثن تين من االولى أو الثالث ة‪ ،‬أو ثن تين من الثاني ة‪،‬‬
‫وواحدة من االولى‪ ،‬وأخ رى من الثالث ة‪ ،‬أو ثن تين من الثاني ة‪ ،‬وواح دة من‬
‫الثالث ة‪ ،‬وأخ رى من الرابع ة‪ ،‬أو ثن تين من االولى‪ ،‬وثن تين من ركع تين‬
‫بعدهما غير متواليتين‪ ،‬أو واحدة من االولى‪ ،‬وواحدة من الثانية‪ ،‬وثنتين من‬
‫الثالث ة‪ ،‬أو واح دة من الثاني ة‪ ،‬وثن تين من الثالث ة‪ ،‬وواح دة من الرابع ة‪،‬‬
‫فيحصل في كل هذه الصور‪ ،‬ركعتان‪ ،‬ويق وم في أتي بركع تين‪ .‬أما إذا ت رك‬
‫من االولى واح دة‪ ،‬ومن الثانية ثن تين‪ ،‬ومن الرابعة واح دة‪ ،‬أو من االولى‬
‫ثنتين‪ ،‬ومن الثانية واحدة‪ ،‬ومن الرابعة أخرى‪ .‬وكذا كل صورة ت رك ثن تين‬
‫من ركعة‪ ،‬وثنتين من ركعتين غير متوالي تين‪ ،‬فيحصل ركعت ان إال س جدة‪.‬‬
‫فيس جدها ثم ي أتي بركع تين‪ .‬ه ذا كله إذا ع رف مواضع الس جدات‪ .‬ف إن لم‬
‫يعرف‪ ،‬أخذ باالشد‪ ،‬فيأتي بسجدة‪ ،‬ثم ركعتين‪ .‬وقال الشيخ أبو محمد‪ :‬يلزمه‬
‫س جدتان‪ ،‬ثم ركعت ان‪ .‬وهو غلط ش اذ‪ .‬ه ذا كله إذا ك ان قد جلس عقب‬
‫السجدات المفعوالت كلهن‪ ،‬على قصد الجلوس بين السجدتين‪ ،‬أو على قصد‬
‫جلسة االستراحة‪ ،‬إذا قلنا‪ :‬تجزئ عن الواجب‪ ،‬أو قلنا‪ :‬إن القي ام يق وم مق ام‬
‫الجلس ة‪ .‬فأما إذا لم يجلس في بعض الركع ات‪ ،‬أو لم يجلس في غ ير‬
‫الرابع ة‪ ،‬وقلنا باالص ح‪ :‬إن القي ام ال يكفي عن الجلس ة‪ ،‬فال يحسب ما بعد‬
‫السجدة المفعولة إلى أن يجلس‪ .‬حتى لو تذكر أنه ترك من كل ركعة سجدة‪،‬‬
‫ولم يجلس إال في االخ يرة‪ ،‬أو جلس بنية االس تراحة‪ ،‬أو جلس في الثانية‬
‫بنية التشهد االول‪ ،‬وقلنا‪ :‬الفرض ال يتأدى بالنف ل‪ ،‬لم يحصل له مما فعل إال‬
‫ركعة ناقصة‬

‫] ‪[ 409‬‬
‫سجدة‪ .‬ثم هذا الجلوس الذي تذكر في ه‪ ،‬يق وم مق ام الجل وس بين الس جدتين‪.‬‬
‫فيسجد‪ ،‬ثم يقوم فيأتي بثالث ركعات‪ .‬أما إذا تذكر أنه ت رك س جدة من أربع‬
‫ركعات‪ ،‬فإن علم أنها من االخيرة‪ ،‬سجدها‪ ،‬واستأنف التشهد إن كان تش هد‪،‬‬
‫وإن علمها من غير االخيرة‪ ،‬أو شك‪ ،‬لزمه ركعة‪ .‬وإن تذكر ترك سجدتين‪،‬‬
‫فإن كانتا من الركعة االخيرة‪ ،‬كفاه سجدتان وإن كانتا من غير االخيرة‪ .‬فإن‬
‫كانتا من ركعة‪ ،‬لزمه ركع ة‪ .‬وإن كانتا من ركع تين‪ ،‬فقد يكفيه ركع ة‪ ،‬ب أن‬
‫يكونا من ركعتين متواليتين‪ .‬وقد يحتاج إلى ركعتين‪ ،‬بأن يكونا من ركع تين‬
‫غير متواليتين‪ .‬فإن أش كل االم ر‪ ،‬لزمه ركعت ان‪ .‬وإن ت رك ثالث س جدات‪،‬‬
‫فقد يقتضي الح ال حص ول ثالث ركع ات إال س جدة‪ ،‬ب أن تك ون ثنت ان من‬
‫االولى‪ ،‬أو الثانية‪ ،‬أو الثالث ة‪ ،‬وواح دة من الرابع ة‪ .‬فيس جد س جدة‪ ،‬ثم يق وم‬
‫فيأتي بركعة‪ .‬وقد يقتضي حصول ثالث إال سجدتين‪ ،‬ب أن تك ون س جدة من‬
‫االولى‪ ،‬وثنتان من الرابعة‪ .‬وقد يقتضي حص ول ركع تين فق ط‪ ،‬ب أن يك ون‬
‫الثالث‪ ،‬من الثالث االولي ات‪ .‬ف إن أش كل‪ ،‬لزمه ه ذا االشد (‪ .)1‬وإن ت رك‬
‫خمس سجدات‪ ،‬فقد تحصل ركعتان إال سجدتين بأن تكون‬

‫] ‪[ 410‬‬
‫واحدة من االولى‪ ،‬وثنتان من الثانية‪ ،‬وثنتان من الرابع ة‪ .‬وقد يحصل ركعة‬
‫فقط بأن يترك سجدة من االولى‪ ،‬وثنتين من الثانية‪ ،‬وثنتين من الثالث ة‪ .‬ف إن‬
‫أشكل‪ ،‬لزمه ثالث ركعات‪ .‬وقال في (المهذب)‪ :‬يلزمه س جدتان‪ ،‬وركعت ان‪،‬‬
‫وهو غل ط‪ .‬ولو ت رك ست س جدات‪ ،‬حصل ركعة فق ط‪ .‬وإن ت رك س بعا‪،‬‬
‫حصل ركعة إال سجدة‪ .‬وإن ت رك ثماني ا‪ ،‬حصل ركعة إال س جدتين‪ .‬ثم ه ذا‬
‫الحكم يط رد لو ت ذكر الس هو في المس ائل الم ذكورة بعد الس الم‪ ،‬ولم يطل‬
‫الفصل‪ .‬فإن طال‪ ،‬وجب االستئناف‪ ،‬ويسجد للسهو في جميع مسائل الفصل‪.‬‬
‫ويمكن عدها من قسم ترك المأمور ‪ -‬الن الترتيب م أمور ب ه‪ ،‬فتركه عم دا‬
‫مبط ل‪ ،‬فس هوه يقتضي الس جود ‪ -‬ومن ارتك اب المنهي‪ ،‬النه إذا ت رك‬
‫الترتيب‪ ،‬فقد زاد في االفعال‪ ،‬واالركان‪ .‬فرع‪ :‬تق دم أن ف وات التش هد االول‬
‫يقتضي سجود السهو‪ .‬فإذا نهض من الركعة الثانية ناس يا للتش هد‪ ،‬أو جلس‪،‬‬
‫ولم يقرأ التشهد‪ ،‬ونهض ناسيا‪ ،‬ثم تذكر‪ ،‬فتارة يتذكر بعد االنتص اب قائم ا‪،‬‬
‫وت ارة قبل ه‪ .‬ف إن ك ان بع ده‪ ،‬لم تجز الع ودة إلى القع ود على الص حيح‬
‫المعروف‪ .‬وفي وجه‪ :‬يجوز الع ود ما لم يش رع في الق راءة‪ .‬واالولى‪ :‬أن ال‬
‫يع ود‪ .‬وه ذا الوج ه‪ :‬ش اذ منك ر‪ .‬فعلى الص حيح‪ :‬إن ع اد متعم دا عالما‬
‫بتحريم ه‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن ع اد ناس يا‪ ،‬لم تبط ل‪ ،‬وعليه أن يق وم عند‬
‫ت ذكره ويس جد للس هو‪ .‬وإن ع اد ج اهال بتحريم ه‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه كالناس ي‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬كالعام د‪ .‬ه ذا حكم المنف رد‪ .‬واالم ام في معن اه‪ ،‬فال يرجع بعد‬
‫االنتصاب‪ .‬وال يجوز للمأموم أن يتخلف للتش هد‪ .‬ف إن فع ل‪ ،‬بطلت ص الته‪.‬‬
‫فإن نوى مفارقته ليتشهد‪ ،‬جاز وك ان مفارقا بع ذر‪ .‬ولو انتصب مع االم ام‪،‬‬
‫فعاد االمام‪ ،‬لم يجز للمأموم العود‪ ،‬بل ينوي مفارقته‪ .‬وهل يجوز أن ينتظره‬
‫قائما حمال على أنه عاد ناسيا ؟ وجهان س بق مثلهما في التنحنح‪ .‬قلت‪ :‬ف إن‬
‫عاد المأموم مع االمام‪ ،‬عالما ب التحريم‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن ع اد ناس يا‪ ،‬أو‬
‫ج اهال‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬ولو قعد الم أموم‪ ،‬فانتصب االم ام ثم ع اد‪ ،‬ل زم الم أموم‬
‫‪.‬القيام‪ ،‬النه توجه عليه بانتصاب االمام‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 411‬‬
‫ولو قعد االمام للتشهد االول‪ ،‬وقام المأموم ناسيا‪ ،‬أو نهض ا‪ ،‬فت ذكر االم ام‪،‬‬
‫فع اد قبل االنتص اب وانتصب الم أموم‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬يجب على‬
‫المأموم العود إلى التشهد لمتابعة االمام‪ .‬فإن لم يعد‪ ،‬بطلت صالته‪ ،‬ص ححه‬
‫الش يخ أبو حام د‪ ،‬ومت ابعوه‪ ،‬وقطع به ص احب (الته ذيب)‪ .‬والث اني‪ :‬يح رم‬
‫الع ود‪ .‬والث الث‪ :‬يج وز‪ ،‬وال يجب‪ .‬ولو ق ام الم أموم قاص دا‪ ،‬فقد قطع إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬بأنه يح رم الع ود‪ .‬كما لو ركع قبل االم ام‪ ،‬أو رفع رأسه قبله‬
‫عمدا‪ ،‬يحرم العود‪ .‬ف إن ع اد‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬النه زاد ركنا عم دا‪ .‬فلو فعل‬
‫ذلك سهوا‪ ،‬بأن سمع صوتا‪ ،‬فظن أن االمام ركع‪ ،‬فركع‪ ،‬فبان أنه لم يركع‪،‬‬
‫فقال إمام الحرمين‪ :‬في ج واز الرك وع‪ ،‬وجه ان‪ .‬وق ال ص احب (الته ذيب)‬
‫وآخرون‪ :‬في وجوب الرجوع‪ ،‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يجب‪ .‬فإن لم يرج ع‪ ،‬بطلت‬
‫صالته‪ .‬واالصح‪ :‬أنه ال يجب‪ ،‬بل يتخير بين الرج وع وعدم ه‪ .‬ولل نزاع في‬
‫صورة قصد القيام‪ ،‬مجال ظاهر‪ ،‬الن أصحابنا العراقيين أطبقوا على أنه لو‬
‫ركع قبل االم ام عم دا‪ ،‬اس تحب له أن يرجع إلى القي ام ل يركع مع االم ام‪،‬‬
‫فجعل وه مس تحبا‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن يت ذكر قبل االنتص اب‪ .‬فق ال الش افعي‪،‬‬
‫واالص حاب رحمهم هللا‪ :‬يرجع إلى التش هد‪ .‬والم راد باالنتص اب‪ ،‬االعت دال‬
‫واالستواء‪ ،‬هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور‪ .‬وفي وج ه‪ :‬الم راد ب ه‪:‬‬
‫أن يص ير إلى ح ال هي أرفع من حد أقل الرك وع‪ .‬ثم إذا ع اد قبل‬
‫االنتصاب‪ ،‬هل يسجد للسهو ؟ ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال يس جد‪ .‬وق ال كث ير من‬
‫االصحاب‪ ،‬منهم القفال‪ :‬إن صار إلى القيام أقرب منه إلى القع ود‪ ،‬ثم ع اد‪،‬‬
‫سجد‪ .‬وإن ك ان إلى القع ود أق رب‪ ،‬أو ك انت نس بته إليهما على الس واء‪ ،‬لم‬
‫يسجد‪ ،‬النه إذا صار إلى القيام أقرب فقد أتى بفعل يغ ير نظم الص الة‪( ،‬و)‬
‫لو تعمده في غير موضعه‪ ،‬أبطل الصالة‪ .‬وقال الشيخ أبو محمد‪ ،‬وآخ رون‪:‬‬
‫إن ع اد قبل أن ينتهي إلى حد ال راكعين‪ ،‬لم يس جد‪ .‬وإن ع اد بعد االنته اء‬
‫إليه‪ ،‬سجد‪ .‬والمراد بحد الركوع‪ :‬أكمله‪ ،‬ال أقله‪ .‬بل لو قرب في ارتفاعه من‬
‫حد أكمل الركوع‪ ،‬ولم يبلغه‪ ،‬فهو في حد الراكعين‪ ،‬صرح به في (النهاية)‪.‬‬
‫وهذه العبارة‪ ،‬مع عبارة القفال ورفقته‪ ،‬متقاربتان‪ ،‬واالولى أوفى بالغرض‪،‬‬
‫وهي أظهر من إطالق القولين‪ ،‬وبها قطع في (الته ذيب) وهي كالتوسط بين‬
‫القولين‪ ،‬وحملهما على الحالين‪ .‬ثم جميع ما ذكرناه في الحالتين‪ ،‬هو فيما إذا‬
‫‪،‬ترك التشهد االول‬

‫] ‪[ 412‬‬
‫ونهض ناسيا‪ .‬فأما إذا تعمد ذلك‪ ،‬ثم عاد قبل االنتصاب واالعتدال‪ ،‬فإن عاد‬
‫بعد ما صار إلى القيام أقرب‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن ع اد قبل ه‪ ،‬لم تبط ل‪ .‬ولو‬
‫كان يصلي قاعدا‪ ،‬فافتتح القراءة بعد الركعتين‪ ،‬فإن كان على ظن أنه ف رغ‬
‫من التش هد‪ ،‬وج اء وقت الثالث ة‪ ،‬لم يعد بعد ذلك إلى ق راءة التش هد على‬
‫االصح‪ .‬وإن سبق لسانه إلى القراءة وهو عالم بأنه لم يتشهد‪ ،‬فله الع ود إلى‬
‫قراءة التش هد‪ .‬وت رك القن وت يق اس بما ذكرن اه في التش هد‪ ،‬ف إذا نس يه‪ ،‬ثم‬
‫ت ذكر بعد وضع الجبهة على االرض‪ ،‬لم يجز الع ود‪ .‬وإن ك ان قبل ه‪ ،‬فله‬
‫العود‪ .‬ثم إن عاد بعد بلوغه حد الراكعين‪ ،‬سجد للسهو‪ .‬وإن ك ان قبل ه‪ ،‬فال‪.‬‬
‫فرع‪ :‬إذا جلس في الركعة االخيرة عن قيام ظانا أنه أتى بالسجدتين‪ ،‬فتشهد‪،‬‬
‫ثم ذكر الحال بعد التشهد‪ ،‬لزمه تدارك السجدتين‪ ،‬ثم إعادة التش هد‪ ،‬ويس جد‬
‫للسهو‪ .‬وال يختص ه ذا الحكم بالركعة االخ يرة‪ ،‬بل لو اتفق ذلك في الركعة‬
‫الثانية من صالة رباعية‪ ،‬أو ثالثية‪ ،‬فكذلك يتدارك السجدتين‪ ،‬ويعيد التشهد‪،‬‬
‫ويسجد للسهو في موضعه‪ ،‬إال أن إعادة التش هد هنا س نة‪ .‬ولو اتفق ذلك في‬
‫ركعة ال يعقبها تشهد‪ ،‬فإذا تذكر‪ ،‬تدارك السجدتين‪ ،‬وق ام‪ ،‬ثم يس جد للس هو‪.‬‬
‫أما إذا جلس بعد السجدتين في الركعة االولى‪ ،‬أو الثالثة من الرباعية‪ ،‬وقرأ‬
‫التشهد‪ ،‬أو بعضه‪ ،‬ثم ت ذكر‪ ،‬فيس جد للس هو‪ ،‬النه زاد قع ودا ط ويال‪ .‬فلو لم‬
‫يطل‪ ،‬لم يسجد‪ .‬والتطويل‪ :‬أن يزيد على جلسة االستراحة (‪ .)1‬أما إذا ت رك‬
‫السجدة الثانية وتشهد‪ ،‬ثم تذكر‪ ،‬فيتدارك السجدة الثانية‪ ،‬ويعيد التش هد‪ .‬وهل‬
‫يسجد للسهو ؟ وجهان‪ .‬الصحيح‪ :‬السجود‪ .‬ولو لم يتشهد‪ ،‬لكن طول الجلوس‬
‫بين السجدتين‪ ،‬سجد للس هو أيضا على االص ح‪ .‬أما إذا جلس عن قي ام‪ ،‬ولم‬
‫يتشهد‪ ،‬ثم تذكر‪ ،‬فيشتغل بالسجدتين وما بعدهما‪ ،‬على ترتيب ص الته‪ .‬ثم إن‬
‫طال جلوسه‪ ،‬سجد للسهو‪ .‬وإن لم يط ل‪ ،‬بل ك ان في حد جلسة االس تراحة‪،‬‬
‫لم يسجد‪ ،‬الن تعم ده في غ ير موض عه ال يبطل الص الة‪ ،‬بخالف الرك وع‪،‬‬
‫والسجود‪ ،‬والقيام‪ .‬فرع‪ :‬إذا ق ام إلى خامسة في رباعية ناس يا‪ ،‬ثم ت ذكر قبل‬
‫السالم‪ ،‬فعليه أن يعود إلى الجلوس‪ ،‬ويسجد للسهو‪ ،‬ويسلم‪ ،‬س واء ت ذكر في‬
‫قيام الخامسة‪ ،‬أو‬
‫] ‪[ 413‬‬
‫ركوعها‪ ،‬أو سجودها‪ .‬وإن تذكر بعد الجل وس فيه ا‪ ،‬س جد للس هو‪ ،‬ثم س لم‪.‬‬
‫وأما التشهد‪ ،‬فإن ت ذكر بعد الجل وس‪ ،‬والتش هد في الخامس ة‪ ،‬لم يع ده‪ ،‬وإن‬
‫تذكر قبل التشهد في الخامسة‪ ،‬ولم يكن تشهد في الرابع ة‪ ،‬فال بد من ه‪ ،‬وإن‬
‫تشهد في الرابعة‪ ،‬كفاه‪ ،‬ولم يحتج إلى إعادته على الص حيح‪ .‬ه ذا إن تش هد‬
‫بنية التش هد االخ ير‪ ،‬ف إن ك ان بنية االول‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬إذا ك ان بنية االخ ير‬
‫يحت اج إلى إعادت ه‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال‪ ،‬ففيه الخالف في ت أدي الف رض بنية‬
‫النف ل‪ .‬قلت‪ :‬االص ح‪ :‬أنه ال يحت اج إلى إعادت ه‪ ،‬وبه قطع كث يرون‪ ،‬أو‬
‫االك ثرون‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ت رك الرك وع‪ ،‬ثم ت ذكره في الس جود‪ ،‬فهل يجب‬
‫الرج وع إلى القي ام ل يركع من ه‪ ،‬أم يكفيه أن يق وم راكعا ؟ وجه ان البن‬
‫سريج‪ .‬قلت‪ :‬أصحهما‪ :‬االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في قاعدة متكررة في أب واب‬
‫الفقه وهي أنا إذا تيقنا وجود شئ أو عدمه‪ ،‬ثم شككنا في تغيره وزواله عما‬
‫كان علي ه‪ ،‬فإنا نستص حب اليقين ال ذي ك ان‪ ،‬ونط رح الش ك‪ ،‬ف إذا شك في‬
‫ترك مأمور ينجبر تركه بالس جود‪ ،‬وهو االبع اض‪ ،‬فاالص ل‪ ،‬أنه لم يفعل ه‪،‬‬
‫فيسجد للسهو‪ ،‬قال في (التهذيب)‪ :‬هذا إذا كان الشك في ترك م أمور معين‪،‬‬
‫فأما إذا شك‪ ،‬هل ترك مأمورا‪ ،‬أم ال ؟ فال يسجد كما لو ش ك‪ :‬هل س ها‪ ،‬أم‬
‫ال ؟ ولو شك في ارتك اب منهي‪ ،‬كالس الم والكالم ناس يا‪ ،‬فاالصل أنه لم‬
‫يفعل‪ ،‬وال سجود‪ .‬ولو تيقن السهو‪ ،‬وشك هل سجد له‪ ،‬أم ال ؟ فليس جد‪ ،‬الن‬
‫االصل عدم السجود‪ .‬ولو شك‪ ،‬هل سجد للسهو س جدة‪ ،‬أم س جدتين ؟ س جد‬
‫أخرى‪ .‬قلت‪ :‬ولو تيقن السهو‪ ،‬وشك هل هو ترك م أمور‪ ،‬أو ارتك اب منهي‬
‫؟ سجد‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ش ك‪ ،‬هل ص لى ثالث ا‪ ،‬أم أربع ا‪ ،‬أخذ باالق ل‪ ،‬وأتى‬
‫بالباقي‪ ،‬وسجد للسهو‪ .‬وال ينفعه الظن‪ ،‬وال أثر لالجتهاد في هذا الب اب‪ .‬وال‬
‫يجوز العمل فيه بق ول غ يره‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬أنه يج وز الرج وع إلى ق ول‬
‫‪.‬جمع كثير كانوا يرقبون صالته‬

‫] ‪[ 414‬‬
‫وك ذلك االم ام إذا ق ام إلى ركعة ظنها رابع ة‪ ،‬وعند الق وم أنها خامس ة‪،‬‬
‫فنبهوه‪ ،‬ال يرجع إلى قولهم وفي وجه شاذ‪ :‬يرجع إن كثر ع ددهم‪ .‬واختلف وا‬
‫في سبب السجود‪ ،‬إذا شك‪ :‬هل صلى ثالثا‪ ،‬أم أربعا ؟ فقال الشيخ أبو محمد‬
‫وطائف ة‪ :‬المعتمد في ه‪ ،‬الخ بر‪ ،‬وال يظهر معن اه‪ .‬واخت اره إم ام الح رمين‪،‬‬
‫والغ زالي‪ .‬وق ال القف ال‪ ،‬والش يخ أبو علي‪ ،‬وص احب (الته ذيب) وآخ رون‪:‬‬
‫س ببه‪ :‬ال تردد في الركعة ال تي ي أتي به ا‪ ،‬هل هي رابع ة‪ ،‬أم زائ دة ت وجب‬
‫الس جود ؟ وه ذا ال تردد‪ ،‬يقتضي الج بر بالس جود‪ .‬قلت‪ :‬الث اني أص ح‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬فلو زال التردد قبل السالم‪ ،‬وعرف أن التي يأتي بها رابعة‪ ،‬لم يس جد‬
‫على االول‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يسجد‪ .‬وضبط أص حاب ه ذا الوجه ص ورة الشك‬
‫وزواله فقالوا‪ :‬إن كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زوال ه‪ ،‬ما ال بد‬
‫منه على كل احتم ال‪ ،‬فال يس جد للس هو‪ .‬ف إن ك ان زائ دا على بعض‬
‫االحتماالت‪ ،‬سجد‪ .‬مثاله‪ :‬شك في قيامه في الظهر‪ ،‬أن تلك الركعة ثالث ة‪ ،‬أم‬
‫رابعة ؟ فركع وس جد على ه ذا الش ك‪ ،‬وهو على ع زم القي ام إلى ركعة‬
‫أخرى أخذا باليقين‪ ،‬ثم تذكر قبل القيام أنها ثالثة‪ ،‬أو رابعة‪ ،‬فال يس جد‪ ،‬الن‬
‫ما فعله على الشك ال بد منه على التقديرين‪ .‬فإن لم يت ذكر ح تى ق ام‪ ،‬س جد‬
‫للس هو وإن تيقن أن ال تي ق ام إليها رابع ة‪ ،‬الن احتم ال الزي ادة‪ ،‬وكونها‬
‫خامس ة‪ ،‬ك ان ثابتا حين ق ام‪ .‬قلت‪ :‬ولو شك المس بوق‪ ،‬هل أدرك رك وع‬
‫االم ام‪ ،‬أم ال ؟ فس يأتي في بابه إن ش اء هللا تع الى‪ ،‬النه ال تحسب له ه ذه‬
‫الركعة‪ .‬قال الغزالي في (الفتاوى)‪ :‬فعلى هذا يسجد للسهو‪ ،‬كما لو شك‪ ،‬هل‬
‫صلى ثالثا‪ ،‬أم أربعا ؟ هذا الذي قاله الغزالي ظ اهر‪ .‬وال يق ال‪ :‬يتحمله عنه‬
‫االمام‪ ،‬الن هذا الشخص بعد سالم االمام شاك في ع دد ركعات ه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬إذا شك في أثن اء الص الة في ع دد الركع ات‪ ،‬أو في فعل ركن‪،‬‬
‫فاالص ل‪ :‬أنه لم يفع ل‪ ،‬فيجب البن اء على اليقين‪ ،‬كما تق دم‪ .‬وإن وقع ه ذا‬
‫الشك بعد السالم‪ ،‬فالمذهب‪ :‬أنه ال شئ عليه‪ ،‬وال أثر لهذا الش ك‪ .‬وقي ل‪ :‬فيه‬
‫ثالثة أقوال‪ .‬أحدها‪ :‬هذا‪ .‬والثاني‪ :‬يجب االخذ باليقين‪ .‬فإن كان الفصل قريبا‪،‬‬
‫‪،‬بنى‪ .‬وإن طال‪ ،‬استأنف‪ .‬والثالث‪ :‬إن قرب الفصل‪ ،‬وجب البناء‪ .‬وإن طال‬

‫] ‪[ 415‬‬
‫فال شئ عليه‪ .‬وأما ضبط ط ول الفص ل‪ ،‬فيحت اج إليه هنا وفيما إذا تيقن أنه‬
‫ترك ركنا‪ ،‬وذكره بعد السالم‪ .‬وفي قدره قوالن‪ .‬أظهرهما‪ ،‬نصه في (االم)‪:‬‬
‫يرجع فيه إلى الع رف‪ .‬والث اني‪ ،‬نصه في (الب ويطي)‪ :‬أن الطويل ما يزيد‬
‫على قدر ركع ة‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أن الطوي ل‪ :‬ق در الص الة ال تي هو فيه ا‪ .‬ثم إذا‬
‫جوزنا البن اء‪ ،‬فال ف رق بين أن يتكلم بعد الس الم‪ ،‬أو يخ رج من المس جد‬
‫ويستدبر القبلة‪ ،‬وبين أن ال يفعل ذلك‪ .‬ولنا وجه ض عيف‪ :‬أن الق در المنق ول‬
‫عن رس ول هللا (ص) في الفصل محتم ل‪ .‬ف إن زاد‪ ،‬فال‪ .‬والمنق ول‪ :‬أنه‬
‫(ص)‪ ،‬قام‪ ،‬ومضى إلى ناحية المسجد‪ ،‬وراجع ذا اليدين‪ ،‬وس أل الجماع ة‪،‬‬
‫فأجابوا‪ .‬فصل‪ :‬ال يتكرر السجود بتك رر الس هو‪ ،‬بل يكفي س جدتان في آخر‬
‫الصالة‪ ،‬سواء تكرر ن وع‪ ،‬أو ان واع‪ .‬ق ال االئم ة‪ :‬ال تتع دد حقيقة الس جود‪.‬‬
‫وقد تتعدد صورته في مواضع‪ .‬منها‪ :‬المسبوق إذا سجد مع االم ام‪ ،‬يعيد في‬
‫آخر صالته على المشهور‪ .‬ومنها‪ :‬لو سها االمام في ص الة الجمع ة‪ ،‬فس جد‬
‫للس هو‪ ،‬ثم ب ان قبل الس الم خ روج وقت الظه ر‪ ،‬فالمش هور‪ :‬أنهم يتمونها‬
‫ظهرا‪ ،‬ويعيدون سجود الس هو‪ ،‬الن االول‪ ،‬لم يقع في آخر الص الة‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫لو ظن أنه سها في صالته‪ ،‬فس جد للس هو‪ ،‬ثم ب ان قبل الس الم أنه لم يس ه‪،‬‬
‫فاالصح‪ :‬أنه يسجد للسهو ثانيا‪ ،‬النه زاد سجدتين سهوا‪ .‬والث اني‪ :‬ال يس جد‪،‬‬
‫ويكون الس جود ج ابرا لنفسه ولغ يره‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو س ها المس افر في الص الة‬
‫المقصورة‪ ،‬فسجد للسهو‪ ،‬ثم نوى االتمام قبل السالم‪ ،‬أو صار مقيما بانتهاء‬
‫السفينة إلى دار االقامة‪ ،‬وجب إتمام الصالة‪ ،‬ويعيد السجود قطعا‪ .‬ومنها‪ :‬لو‬
‫سجد للسهو‪ ،‬ثم سها قبل الس الم بكالم‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬ففي وج ه‪ :‬يعيد الس جود‪.‬‬
‫واالصح‪ :‬ال يعيده كما لو تكلم‪ ،‬أو سلم ناسيا بين سجدتي الس هو‪ ،‬أو فيهم ا‪،‬‬
‫فإنه ال يعيده قطعا‪ ،‬النه ال يؤمن وقوع مثله في المعاد فيتسلس ل‪ .‬ولو س جد‬
‫‪،‬للسهو ثالثا‪ ،‬لم يسجد لهذا السهو‪ .‬وكذا لو شك‪ ،‬هل سجد للسهو سجدة‬

‫] ‪[ 416‬‬
‫أم سجدتين‪ ،‬فأخذ باالقل‪ ،‬وسجد أخرى‪ ،‬ثم تحقق أنه كان سجد سجدتين‪ ،‬لم‬
‫يعد السجود‪ .‬ومنها‪ :‬لو ظن سهوه ب ترك القن وت مثال‪ ،‬فس جد ل ه‪ ،‬فب ان قبل‬
‫السالم أن سهوه بغيره‪ ،‬أعاد السجود على وجه‪ ،‬النه لم يجبر ما يحتاج إلى‬
‫الج بر‪ .‬واالص ح‪ :‬أنه ال يعي ده‪ ،‬النه قصد ج بر الخل ل‪ .‬قلت‪ :‬ولو ش ك‪ ،‬هل‬
‫سها‪ ،‬أم ال ؟ فجهل وسجد للسهو‪ ،‬أمر بالسجود ثانيا لهذه الزيادة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فصل‪ :‬إذا سها الم أموم خلف االم ام‪ ،‬لم يس جد‪ ،‬ويتحمل االم ام س هوه‪ .‬ولو‬
‫سها بعد سالم االمام‪ ،‬لم يتحمل‪ ،‬النقطاع القدوة‪ ،‬وكذا المأموم المواف ق‪ ،‬إذا‬
‫تكلم ساهيا عقب سالم االمام‪ .‬وكذا المنفرد إذا سها في ص الته‪ ،‬ثم دخل في‬
‫جماعة‪ ،‬وجوزنا ذلك‪ ،‬فال يتحمل االمام سهوه ذل ك‪ .‬أما إذا ظن الم أموم أن‬
‫االمام سلم‪ ،‬فسلم‪ ،‬ثم بان أنه لم يسلم‪ ،‬فسلم معه‪ ،‬فال سجود عليه‪ ،‬النه س ها‬
‫في حال القدوة‪ .‬ولو تيقن في التش هد أنه ت رك الرك وع أو الفاتحة من ركعة‬
‫ناسيا‪ ،‬فإذا سلم االمام‪ ،‬لزمه أن يأتي بركعة أخرى‪ ،‬وال يس جد للس هو‪ ،‬النه‬
‫سها في حال االقتداء‪ .‬ولو سلم االمام‪ ،‬فسلم المسبوق س هوا‪ ،‬ثم ت ذكر‪ ،‬ب نى‬
‫على صالته‪ ،‬وس جد‪ ،‬الن س هوه بعد انقط اع الق دوة‪ .‬ولو ظن المس بوق أن‬
‫االمام سلم‪ ،‬بأن سمع ص وتا ظنه س المه‪ ،‬فق ام ليت دارك ما علي ه‪ ،‬وك ان ما‬
‫عليه ركعة مثال‪ ،‬ف أتى بها وجلس‪ ،‬ثم علم أن االم ام لم يس لم بعد ت بين أن‬
‫ظنه كان خطأ‪ ،‬فهذه الركعة غير معتد بها‪ .‬النها مفعولة في غير موض عها‪،‬‬
‫فإن وقت التدارك بعد انقطاع القدوة‪ ،‬فإذا سلم االمام‪ ،‬ق ام إلى الت دارك‪ ،‬وال‬
‫يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة‪ .‬ولو كانت المس ألة بحاله ا‪ ،‬فس لم االم ام وهو‬
‫ق ائم‪ ،‬فهل يج وز له أن يمضي في ص الته‪ ،‬أم يجب عليه أن يع ود إلى‬
‫القع ود‪ ،‬ثم يق وم ؟ وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬أص حهما‪ :‬الث اني‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف إن جوزنا‬
‫المضي‪ ،‬فال بد من إعادة القراءة‪ .‬فلو سلم االم ام في قيام ه‪ ،‬لكنه لم يعلم به‬
‫ح تى أتم الركع ة‪ .‬إن جوزنا المض ي‪ ،‬فركعته محس وبة‪ ،‬وال يس جد للس هو‪.‬‬
‫وإن قلنا‪ :‬عليه القعود‪ ،‬لم يحسب‪ ،‬ويسجد للسهو للزيادة بعد سالم‬

‫] ‪[ 417‬‬
‫االمام‪ .‬ولو ك انت المس ألة بحاله ا‪ ،‬وعلم في القي ام أن االم ام لم يس لم بع د‪،‬‬
‫فق ال إم ام الح رمين‪ :‬إن رج ع‪ ،‬فهو الوج ه‪ ،‬وإن أراد أن يتم ادى وين وي‬
‫االنف راد قبل س الم االم ام‪ ،‬ففيه الخالف في قطع الق دوة‪ .‬ف إن منعن اه‪ ،‬تعين‬
‫الرجوع‪ .‬وإن جوزناه‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يجب الرج وع‪ .‬الن نهوضه غ ير‬
‫معتد به‪ ،‬ف يرجع‪ ،‬ثم يقطع الق دوة إن ش اء‪ .‬والث اني‪ :‬ال يجب الرج وع‪ ،‬الن‬
‫النه وض ليس مقص ودا لعين ه‪ ،‬وإنما المقص ود‪ ،‬القي ام فما بع ده‪ .‬ه ذا كالم‬
‫االمام‪ .‬فلو لم يرد قطع القدوة‪ ،‬فمقتضى كالم االمام‪ :‬وجوب الرجوع‪ .‬وق ال‬
‫الغ زالي‪ :‬هو مخ ير‪ ،‬إن ش اء رج ع‪ ،‬وإن ش اء انتظر قائما س الم االم ام‪.‬‬
‫وج واز االنتظ ار قائما مش كل‪ ،‬للمخالفة الظ اهرة‪ .‬ف إن ك ان ق رأ قبل ت بين‬
‫الح ال‪ ،‬لم يعتد بقراءته في جميع ه ذه االح وال‪ ،‬بل عليه اس تئنافها‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الصحيح‪ :‬وجوب الرجوع في الحالتين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬إذا س ها االم ام في‬
‫ص الته‪ ،‬لحق س هوه الم أموم ويس تثنى ص ورتان‪ .‬إح داهما‪ :‬إذا ب ان االم ام‬
‫مح دثا‪ ،‬فال يس جد لس هوه‪ ،‬وال يتحمل عن الم أموم أيض ا‪ .‬الثاني ة‪ :‬أن يعلم‬
‫سبب سجود االمام‪ ،‬وي تيقن غلطه في ظن ه‪ ،‬كما إذا ظن االم ام ت رك بعض‬
‫االبع اض‪ ،‬والم أموم يعلم أنه لم ي ترك‪ ،‬فال يوافقه إذا س جد‪ .‬ثم إذا س جد‬
‫االمام في غير الصورتين‪ ،‬لزم المأموم موافقته فيه‪ .‬فإن تركه عم دا‪ ،‬بطلت‬
‫صالته‪ .‬وسواء عرف المأموم سهو االمام‪ ،‬أم لم يعرف ه‪ .‬فم تى س جد االم ام‬
‫في آخر صالته سجدتين‪ ،‬وجب على المأموم متابعت ه‪ ،‬حمال على أنه س ها‪،‬‬
‫بخالف ما لو قام وأتى بركعة خامس ة‪ ،‬فإنه ال يتابع ه‪ ،‬حمال على أنه ت رك‬
‫ركنا من ركعة‪ ،‬النه لو تحقق الحال هناك لم يجز متابعته‪ ،‬الن الم أموم أتم‬
‫صالته يقينا‪ .‬قلت‪ :‬ولو كان المأموم مسبوقا بركع ة‪ ،‬أو ش اكا في ت رك ركن‬
‫كالفاتحة‪ ،‬فقام االمام إلى الخامسة‪ ،‬لم يجز للم أموم متابعته فيه ا‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولو لم يسجد االمام إال س جدة‪ ،‬س جد الم أموم أخ رى‪ ،‬حمال على أنه نس ي‪.‬‬
‫ولو ترك االمام السجود لس هوه‪ ،‬س جد الم أموم على الص حيح المنص وص‪.‬‬
‫وخرج قول‪ :‬أنه ال يسجد‪ .‬ولو سلم االمام‪ ،‬ثم ع اد إلى الس جود‪ ،‬نظ ر‪ ،‬ف إن‬
‫س لم الم أموم معه ناس يا‪ ،‬وافقه في الس جود‪ .‬ف إن لم يوافق ه‪ ،‬ففي بطالن‬
‫صالته وجهان بناء على ال وجهين فيمن س لم ناس يا للس جود فع اد إلي ه‪ :‬هل‬
‫يعود إلى حكم الصالة ؟ وإن‬

‫] ‪[ 418‬‬
‫سلم المأموم عمدا مع علمه بالسهو‪ ،‬لم يلزمه متابعته‪ .‬ولو لم يسلم الم أموم‪،‬‬
‫فعاد االمام ليس جد‪ ،‬ف إن ع اد بعد أن س جد الم أموم للس هو‪ ،‬لم يتابع ه‪ ،‬النه‬
‫قطع صالته عن صالته بالسجود‪ .‬وإن عاد قبل أن يسجد المأموم‪ ،‬فاالصح‪:‬‬
‫أنه ال يجوز متابعته‪ ،‬بل يسجد منفردا‪ .‬والثاني‪ :‬يلزمه متابعته‪ .‬فإن لم يفعل‪،‬‬
‫بطلت ص الته‪ .‬ولو س بق االم ام ح دث بعد ما س ها‪ ،‬أتم الم أموم ص الته‪،‬‬
‫وسجد للسهو‪ .‬تفريعا على الصحيح المنصوص‪ .‬قلت‪ :‬ولو س ها الم أموم‪ ،‬ثم‬
‫سبق االمام حدث‪ ،‬لم يسجد المأموم‪ ،‬الن االم ام حمل ه‪ .‬وإن ق ام االم ام إلى‬
‫خامسة س اهيا‪ ،‬فن وى الم أموم مفارقته بعد بل وغ االم ام في ارتفاعه حد‬
‫الراكعين‪ ،‬سجد الم أموم للس هو‪ .‬وإن نواها قبل ه‪ ،‬فال س جود‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو‬
‫كان االمام حنفيا‪ ،‬وجوزنا االقتداء به‪ ،‬فس لم قبل أن يس جد للس هو‪ ،‬لم يس لم‬
‫معه الم أموم‪ ،‬بل يس جد قبل الس الم‪ ،‬وال ينتظر س جود االم ام‪ ،‬النه فارقه‬
‫بسالمه‪ .‬ولو كان المأموم مسبوقا‪ ،‬وسها االمام بعد ما لحقه‪ ،‬وسجد في آخر‬
‫صالته‪ ،‬لزم المسبوق أن يسجد معه على الص حيح المنص وص المع روف‪.‬‬
‫وعلى الشاذ‪ :‬ال يسجد‪ .‬فعلى الصحيح‪ :‬إذا سجد مع ه‪ ،‬يعيد الس جود في آخر‬
‫صالة نفسه على االظهر‪ .‬فإن لم يس جد االم ام‪ ،‬لم يس جد المس بوق في آخر‬
‫ص الة االم ام‪ .‬وهل يس جد في آخر ص الة نفسه ؟ فيه الخالف المتق دم في‬
‫المأموم المواف ق‪ ،‬إذا لم يس جد االم ام‪ :‬هل يس جد ؟ أما إذا س ها االم ام قبل‬
‫اقتداء المسبوق‪ ،‬فهل يلحق المسبوق حكم سهوه ؟ وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال‪ .‬فعلى‬
‫ه ذا إن لم يس جد االم ام‪ ،‬لم يس جد هو أص ال‪ .‬وإن س جد‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه ال‬
‫يس جد مع ه‪ .‬والث اني‪ :‬يس جد مع ه‪ ،‬لكن ال يعي ده في آخر ص الته‪ .‬والوجه‬
‫الثاني وهو االصح‪ :‬يلحقه حكم سهوه‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬إن سجد االمام‪ ،‬سجد معه‪.‬‬
‫وهل يعيده في آخر صالته ؟ فيه القوالن‪ .‬وإن لم يسجد االمام‪ ،‬سجد هو في‬
‫آخر صالته على الصحيح المنصوص‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬المس بوق يعيد الس جود في‬
‫آخر صالته‪ ،‬فاقتدى به بعد انفراده مسبوق آخر‪ ،‬وب اآلخر آخ ر‪ ،‬فكل واحد‬
‫منهم يسجد لمتابعته إمامه‪ ،‬ثم يسجد في آخر صالة نفسه‪ .‬ولو سها المسبوق‬
‫في تدارك ه‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬ال يس جد لس هو االم ام في آخر ص الة نفس ه‪ ،‬س جد‬
‫لسهوه سجدتين‪ .‬وإن قلنا‪ :‬يسجد لسهو االمام في آخرها‪ ،‬فكم‬
‫] ‪[ 419‬‬
‫يس جد ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬س جدتان‪ .‬والث اني‪ :‬أرب ع‪ .‬ولو انف رد المص لي‬
‫بركعة من رباعية‪ ،‬وسها فيها‪ ،‬ثم اقتدى بمسافر‪ ،‬وجوزنا االقتداء في أثن اء‬
‫الصالة‪ ،‬وسها إمام ه‪ ،‬ثم ق ام إلى الرابع ة‪ ،‬وس ها فيه ا‪ ،‬فكم يس جد في آخر‬
‫صالته ؟ فيه أوجه‪ .‬االصح‪ .‬سجدتان‪ .‬والثاني‪ :‬أربع‪ .‬والثالث‪ :‬ست‪ .‬فإن ك ان‬
‫سجد االمام‪ ،‬فال بد أن يسجد معه‪ ،‬فيكون قد أتى في صالته بثم ان س جدات‬
‫للسهو على الوجه الثالث‪ .‬وكذا المس بوق إذا اقت دى بمس افر‪ ،‬وس ها االم ام‪،‬‬
‫وسجد معه المسبوق‪ ،‬ثم صار االمام متما قبل أن يسلم‪ ،‬فأتم‪ ،‬وأع اد س جود‬
‫السهو‪ ،‬وأعاد معه المسبوق‪ ،‬ثم قام إلى الرابع ة‪ ،‬وس ها فيه ا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬يس جد‬
‫أربع س جدات‪ ،‬فقد أتى بثم اني س جدات‪ .‬ف إن س ها بع دها بكالم‪ ،‬أو غ يره‪،‬‬
‫وفرعنا على أنه إذا سها بعد سجود السهو‪ ،‬يسجد‪ ،‬صارت السجدات عشرا‪.‬‬
‫وقد يزيد عدد السجود على هذا تفريعا على الوجوه الضعيفة‪ .‬قلت‪ :‬إذا قلن ا‪:‬‬
‫يسجد سجدتين للجميع‪ ،‬فهل هما عن سهوه في انفراده‪ ،‬وس هو إمامه أم عن‬
‫س هو إمامه فق ط‪ ،‬أم عن س هوه فقط ؟ فيه ثالثة أوجه حكاها ص احب‬
‫(البيان)‪ .‬الصحيح المشهور‪ :‬االول‪ ،‬فإن قلنا‪ :‬عن أحدهما فقط‪ ،‬فن وى اآلخر‬
‫عالما‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وإن قلنا‪ :‬عنهما‪ ،‬فنوى أحدهما‪ ،‬لم تبط ل‪ ،‬لكنه ت ارك‬
‫لسجود االخير‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في كيفية سجود السهو ومحل ه‪ :‬أما كيفيت ه‪،‬‬
‫فهو سجدتان (‪ )1‬بينهما جلسة‪ ،‬يسن في هيئتها االف تراش‪ ،‬وبع دهما إلى أن‬
‫يسلم‪ ،‬يتورك‪ .‬وكتب االص حاب س اكتة عن ال ذكر فيهما (‪ ،)2‬وذلك يش عر‬
‫ب أن المحب وب فيه ا‪ ،‬هو المحب وب في س جدات ص لب الص الة‪ ،‬كس ائر ما‬
‫‪.‬سكتوا عنه من واجبات السجود ومحبوباته‬

‫] ‪[ 420‬‬
‫وس معت بعض االئمة يحكي‪ :‬أنه يس تحب أن يق ول فيهم ا‪ :‬س بحان من ال‬
‫ين ام‪ ،‬وال يس هو (‪ .)1‬وه ذا الئق بالح ال‪ .‬وفي محله ثالثة أق وال‪ .‬أظهره ا‪:‬‬
‫قبل الس الم‪ .‬والث اني‪ :‬إن س ها بزي ادة‪ ،‬س جد بعد الس الم‪ ،‬وإن س ها بنقص‪،‬‬
‫سجد قبله‪ .‬والثالث‪ :‬أنه يتخير‪ ،‬إن شاء قبله‪ ،‬وإن شاء بعده (‪ .)2‬واالول‪ :‬هو‬
‫الجديد‪ .‬واآلخران‪ :‬قديمان‪ .‬ثم هذا الخالف في االجزاء على المذهب‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫في االفضل‪ .‬ثم إذا قلن ا‪ :‬قبل الس الم‪ ،‬فس لم قبل أن يس جد‪ ،‬نظ ر‪ ،‬ف إن س لم‬
‫عامدا‪ ،‬فوجهان‪ .‬االصح‪ :‬أنه فوت السجود‪ .‬والث اني‪ :‬إن قصر الفصل س جد‪،‬‬
‫وإال‪ ،‬فال‪ .‬وإذا سجد‪ ،‬فال يك ون عائ دا إلى الص الة بال خالف (‪ ،)3‬بخالف‬
‫ما إذا سلم ناس يا وس جد‪ ،‬ف إن فيه خالف ا‪ ،‬وإن س لم ناس يا‪ ،‬وط ال الزم ان‪،‬‬
‫فقوالن‪ .‬الجديد االظهر‪ :‬ال يسجد‪ .‬والقديم‪ :‬يسجد‪ ،‬وإن لم يط ل‪ ،‬وت ذكر على‬
‫ق رب‪ ،‬ف إن ب دا له أن ال يس جد‪ ،‬ف ذاك‪ ،‬والص الة ماض ية على الص حة‪،‬‬
‫وحصل التحلل بالسالم على الص حيح‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يس لم م رة أخ رى‪ .‬وذلك‬
‫السالم غير معتد به‪ ،‬وإن أراد أن يسجد (‪ ،)4‬فالصحيح المنص وص ال ذي‬
‫قطع به الجمهور‪ :‬أنه يسجد‪ .‬والث اني‪ :‬ال يس جد‪ .‬وإذا قلنا بالص حيح هن ا‪ ،‬أو‬
‫بالق ديم عند ط ول الفص ل‪ ،‬فس جد‪ ،‬فهل يك ون عائ دا إلى حكم الص الة ؟‬
‫وجهان‪ .‬أرجحهما عند ص احب (الته ذيب)‪ :‬ال يك ون عائ دا‪ .‬وأرجحهما عند‬
‫االكثرين‪ :‬يكون عائدا‪ .‬وبه قال أبو زيد‪ ،‬وصححه القف ال‪ ،‬وإم ام الح رمين‪،‬‬
‫والغزالي في (الفتاوى) والروياني‪ ،‬وغيرهم‪ .‬ويتفرع على الوجهين‪ ،‬مسائل‪.‬‬
‫منها‪ :‬لو تكلم عامدا‪ ،‬أو أحدث في السجود‪ ،‬بطلت صالته على الوجه‬

‫] ‪[ 421‬‬
‫الث اني‪ ،‬وال تبطل على االول‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو ك ان الس هو في ص الة جمع ة‪،‬‬
‫وخ رج ال وقت وهو في الس جود‪ ،‬ف اتت الجمعة على الوجه الث اني‪ ،‬دون‬
‫االول‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو ك ان مس افرا يقص ر‪ ،‬ون وى االتم ام في الس جود‪ ،‬لزمه‬
‫االتم ام على الوجه الث اني‪ ،‬دون االول‪ .‬ومنه ا‪ :‬هل يك بر لالفتت اح ؟ وهل‬
‫يتشهد (‪ )1‬؟ إن قلنا بالوجه الثاني‪ :‬لم يك بر‪ ،‬ولم يتش هد‪ ،‬وإن قلنا ب االول‪،‬‬
‫ك بر‪ ،‬وفي التش هد‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال يتش هد‪ .‬وق ال في (الته ذيب)‪:‬‬
‫والصحيح‪ :‬أنه يس لم‪ ،‬س واء قلنا بتش هد‪ ،‬أم ال‪ .‬وأما حد ط ول الفص ل‪ ،‬ففيه‬
‫الخالف المتق دم فيمن ت رك ركنا ناس يا ثم ت ذكر بعد الس الم أو شك في ه‪.‬‬
‫واالصح‪ :‬الرجوع إلى العرف‪ .‬وحاول إمام الح رمين ض بط الع رف‪ ،‬فق ال‪:‬‬
‫إذا مضى زمن يغلب على الظن‪ ،‬أنه أضرب عن السجود قصدا‪ ،‬أو نسيانا‪،‬‬
‫فهذا طويل‪ ،‬وإال فقصير‪ .‬ق ال‪ :‬وه ذا إذا لم يف ارق المجلس‪ ،‬ف إن ف ارق‪ ،‬ثم‬
‫ت ذكر على ق رب الزم ان‪ ،‬ففيه احتم ال عن دي‪ ،‬الن الزم ان ق ريب‪ ،‬لكن‬
‫مفارقته المجلس تغلب على الظن االض راب عن الس جود‪ .‬ق ال‪ :‬ولو س لم‪،‬‬
‫وأحدث‪ ،‬ثم انغمس في ماء على ق رب الزم ان‪ ،‬فالظ اهر أن الح دث فاصل‬
‫وإن لم يطل الزمان‪ .‬وقد نقل قول‬

‫] ‪[ 422‬‬
‫أنه يعتقد أن إمامه زاد في صالته جاهال‪ .‬وحكى صاحب (البحر) وجها‪ :‬أنه‬
‫يتابع االم ام في س جود (ص)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومواضع الس جدات بينة ال خالف‬
‫فيها‪ ،‬إال التي في (حم السجدة) فاالص ح‪ :‬أنها عقب * (ال يس أمون) (‪.* )1‬‬
‫والثاني‪ :‬عقب * (إن كنتم إياه تعبدون) (‪ .* )2‬فرع‪ :‬يسن السجود للق ارئ (‬
‫‪ ،)3‬والمستمع له (‪ ،)4‬سواء كان القارئ في الصالة‪ ،‬أم ال‪ .‬وفي وجه شاذ‪:‬‬
‫ال يسجد المستمع لقراءة من في الصالة‪ .‬ويسن للمستمع إلى قراءة المح دث‬
‫(‪ ،)5‬والصبي‪ ،‬والكافر‪ ،‬على االصح‪ .‬وس واء س جد الق ارئ‪ ،‬أم لم يس جد‪،‬‬
‫يسن للمستمع السجود‪ ،‬لكنه إذا سجد كان آكد‪ .‬ه ذا هو الص حيح ال ذي قطع‬
‫به الجمه ور‪ .‬وق ال الص يدالني‪ :‬ال يسن له الس جود إذا لم يس جد الق ارئ‪،‬‬
‫واختاره إمام الحرمين‪ .‬وأما الذي ال يستمع‪ ،‬بل يسمع عن غ ير قص د‪ ،‬ففيه‬
‫أوجه‪ .‬الصحيح المنصوص‪ :‬أنه يستحب له‪ ،‬وال يتأكد في حقه تأكده في حق‬
‫المس تمع‪ .‬والث اني‪ :‬أنه كالمس تمع‪ .‬والث الث‪ :‬ال يسن له الس جود أص ال‪ .‬أما‬
‫المصلي‪ ،‬فإن كان منفردا سجد لقراءة نفس ه‪ .‬فلو لم يس جد فرك ع‪ ،‬ثم ب دا له‬
‫أن يسجد‪ ،‬لم يجز‪ .‬فلو كان قبل بلوغه حد الراكعين‪ ،‬جاز‪ .‬ولو هوى لسجود‬
‫التالوة‪ ،‬ثم بدا له فرجع‪ ،‬جاز‪ ،‬كما لو ق رأ بعض التش هد االول ولم يتمم ه‪،‬‬
‫فإنه يجوز‪ .‬ولو أصغى المنفرد بالصالة لقراءة قارئ في الصالة أو غيرها‪،‬‬
‫لم يس جد‪ ،‬النه ممن وع من االص غاء‪ ،‬ف إن س جد‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإن ك ان‬
‫المصلي إماما‪ ،‬فهو كالمنفرد فيما ذكرناه‪ .‬وال يكره له ق راءة آية لس جدة‪ ،‬ال‬
‫في الصالة الجهرية‪ ،‬وال في‬

‫] ‪[ 423‬‬
‫السرية‪ .‬وإذا سجد االم ام‪ ،‬س جد الم أموم‪ .‬فلو لم يفع ل‪ ،‬بطلت ص الته (‪.)1‬‬
‫وإذا لم يس جد االم ام‪ ،‬لم يس جد الم أموم‪ .‬ولو فع ل‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬ويحسن‬
‫القضاء (‪ )2‬إذا فرغ وال يتأكد‪ .‬ولو سجد االمام ولم يعلم الم أموم ح تى رفع‬
‫االم ام رأسه من الس جود‪ ،‬لم يس جد‪ .‬وإن علم وهو بعد في الس جود‪ ،‬س جد‪.‬‬
‫وإن كان المأموم في الهوي‪ ،‬ورفع االمام رأسه‪ ،‬رجع معه ولم يسجد‪ ،‬وكذا‬
‫الض عيف ال ذي ه وى مع االم ام لس جود التالوة‪ ،‬فرفع االم ام رأس ه‪ ،‬قبل‬
‫انتهائه إلى االرض لبطء حركت ه‪ ،‬يرجع مع ه‪ ،‬وال يس جد‪ .‬أما إذا ك ان‬
‫المص لي مأموم ا‪ ،‬فال يس جد لق راءة نفس ه‪ .‬بل يك ره له ق راءة الس جدة‪ .‬وال‬
‫يسجد لقراءة غير االمام‪ ،‬بل يكره له االصغاء إليها‪ .‬ولو سجد لقراءة نفسه‪،‬‬
‫أو قراءة غير إمامه‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬فرع‪ :‬إذا قرأ آي ات الس جدات في مك ان‬
‫واحد‪ ،‬سجد لكل واحدة‪ ،‬فلو كرر اآلية الواح دة في المجلس الواح د‪ ،‬نظ ر‪،‬‬
‫إن لم يس جد للم رة االولى‪ ،‬كف اه س جود واح د‪ ،‬وإن س جد لالولى‪ ،‬فثالثة‬
‫أوج ه‪ .‬االص ح‪ :‬يس جد م رة أخ رى‪ ،‬لتج دد الس بب‪ .‬والث اني‪ :‬يكفيه االولى‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬إن طال الفصل‪ ،‬س جد أخ رى‪ ،‬وإال فتكفيه االولى‪ .‬ولو ك رر اآلية‬
‫الواحدة في الصالة‪ ،‬فإن ك ان في ركع ة‪ ،‬فك المجلس الواح د‪ ،‬وإن ك ان في‬
‫ركعتين‪ ،‬فكالمجلسين‪ .‬ولو قرأ مرة في الص الة‪ ،‬وم رة خارجها في المجلس‬
‫الواحد‪ ،‬وسجد لالولى‪ ،‬فلم أر فيه نصا لالص حاب‪ ،‬وإطالقهم يقتضي ط رد‬
‫الخالف في ه‪ .‬فصل في ش رائط س جود التالوة وكيفيته أما ش روطه‪ ،‬فيفتقر‬
‫إلى ش روط الص الة‪ ،‬كطه ارة الح دث‪ ،‬والنجس‪ ،‬وس تر الع ورة‪ ،‬واس تقبال‬
‫القبلة‪ ،‬وغيرها بال خالف‪ .‬وأما كيفيت ه‪ ،‬فله ح االن‪ .‬ح ال في غ ير الص الة‪.‬‬
‫وحال فيها‪ .‬فاالول‪ :‬ينوي ويكبر لالفتتاح‪ ،‬ويرفع يديه في هذه التكبيرة ح ذو‬
‫منكبيه‪ ،‬كما‬

‫] ‪[ 424‬‬
‫يفعل في تكبيرة االفتتاح في الصالة‪ ،‬ثم يك بر أخ رى لله وي من غ ير رفع‬
‫الي د‪ .‬ثم تكب ير اله وي مس تحب ليس بش رط‪ .‬وفي تكب يرة االفتت اح‪ ،‬أوج ه‪.‬‬
‫أص حها‪ :‬أنها ش رط‪ .‬والث اني‪ :‬مس تحبة‪ .‬والث الث‪ :‬ال تش رع أص ال‪ .‬قاله أبو‬
‫جعفر الترمذي (‪ .)1‬وهو شاذ منكر‪ .‬قلت‪ :‬قد قاله أيضا ص احب (الته ذيب)‬
‫و (التتمة) وأنكره إمام الحرمين‪ ،‬وغيره‪ .‬قال االمام‪ :‬ولم أر لهذا ذك را‪ ،‬وال‬
‫أصال‪ .‬وهذا الذي قاله االمام‪ ،‬هو االصوب‪ ،‬فلم يذكر جمهور أص حابنا ه ذا‬
‫القيام‪ ،‬وال ثبت فيه شئ مما يحتج به‪ .‬فاالختي ار ترك ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تحب‬
‫أن يق ول في س جوده‪( :‬س جد وجهي لل ذي خلقه وص وره‪ ،‬وشق س معه‬
‫وبص ره‪ ،‬بحوله وقوت ه)‪ .‬وأن يق ول‪( :‬اللهم اكتب لي بها عن دك أج را‪،‬‬
‫واجعلها لي عندك ذخرا‪ ،‬وضع عني بها وزرا‪ ،‬واقبلها مني‪ ،‬كما قبلتها من‬
‫عبدك داود (ص) (‪ )3( )2‬ولو ق ال ما يق ول في س جود ص الته‪ ،‬ج از‪ .‬ثم‬
‫يرفع رأسه مكبرا‪ ،‬كما يرفع من سجود الصالة‪ .‬وهل يش ترط الس الم ؟ فيه‬
‫قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬يشترط‪ ،‬فعلى هذا في اشتراط التشهد وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬ال‬
‫يشترط‪ .‬ومن االصحاب من يقول‪ :‬في اشتراط السالم والتشهد‪ ،‬ثالثة أوج ه‪.‬‬
‫أص حها‪ :‬يش ترط الس الم دون التش هد‪ .‬وإذا قلن ا‪ :‬التش هد ليس بش رط‪ ،‬فهل‬
‫‪.‬يستحب ؟ وجهان‪ .‬حكاهما في (النهاية)‬

‫] ‪[ 425‬‬
‫قلت‪ :‬االص ح‪ :‬ال يس تحب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن يس جد للتالوة في‬
‫الصالة‪ ،‬فال يك بر لالفتت اح‪ ،‬لكن يس تحب التكب ير لله وي إلى الس جود‪ ،‬من‬
‫غير رفع اليدين‪ ،‬فكذا يكبر عند رفع الرأس كما يفعل في س جدات الص الة‪.‬‬
‫ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه ال يك بر لله وي‪ ،‬وال للرف ع‪ ،‬قاله ابن أبي هري رة‪.‬‬
‫ويس تحب أن يق ول في س جوده ما ق دمناه‪ .‬وإذا رفع رأسه ق ام‪ ،‬وال يجلس‬
‫لالستراحة‪ .‬ويستحب أن يقرأ شيئا‪ ،‬ثم يرك ع‪ .‬وال بد من انتص ابه قائم ا‪ ،‬ثم‬
‫يركع‪ .‬فإن الهوي من قي ام‪ ،‬واجب‪ .‬فص ل‪ :‬ينبغي أن يس جد عقب ق راءة آية‬
‫سجدة‪ ،‬أو استماعها‪ .‬فإن أخر‪ ،‬وقصر الفصل‪ ،‬سجد‪ .‬وإن طال‪ ،‬ف اتت‪ .‬وهل‬
‫تقضى ؟ ق والن‪ .‬حكاهما ص احب (التق ريب) أظهرهما ‪ -‬وبه قطع‬
‫الصيدالني‪ ،‬وآخرون‪ :‬ال تقضى‪ ،‬النها لع ارض‪ ،‬فأش بهت ص الة الكس وف‪.‬‬
‫وضبط طول الفصل‪ ،‬يؤخذ مما تقدم في سجود السهو‪ .‬ولو كان الق ارئ‪ ،‬أو‬
‫المس تمع‪ ،‬مح دثا عند التالوة ف إن تطهر على ق رب‪ ،‬س جد‪ .‬وإال‪ ،‬فالقض اء‬
‫على الخالف‪ .‬ولو كان يصلي‪ ،‬فقرأ قارئ آية سجدة‪ ،‬فإذا فرغ من ص الته‪،‬‬
‫هل يقضي س جود التالوة ؟ الم ذهب‪ :‬أنه ال يقض يه‪ ،‬وبه قطع الشاشي‬
‫وغيره‪ ،‬واختاره إمام الحرمين‪ ،‬الن قراءة غ ير إمام ه‪ ،‬ال تقتضي س جوده‪.‬‬
‫وإذا لم نجز ما يقتضي الس جود أداء‪ ،‬فالقض اء بعي د‪ .‬وق ال ص احب‬
‫(التق ريب)‪ :‬وفيه الق والن المتق دمان‪ .‬وق ال ص احب (الته ذيب)‪ :‬يحسن أن‬
‫يقضي وال يتأك د‪ ،‬كما يجيب الم ؤذن إذا ف رغ من الص الة‪ .‬قلت‪ :‬إذا ق رأ‬
‫السجدة في الصالة قبل الفاتحة‪ ،‬س جد‪ ،‬بخالف ما لو قرأها في الرك وع‪ ،‬أو‬
‫الس جود‪ ،‬فإنه ال يس جد‪ .‬ولو ق رأ الس جدة‪ ،‬فه وى ليس جد‪ ،‬فش ك‪ ،‬هل ق رأ‬
‫الفاتحة ؟ فإنه يس جد للتالوة‪ ،‬ثم يع ود إلى القي ام‪ ،‬فيق رأ الفاتح ة‪ .‬ولو ق رأ‬
‫خارج الص الة الس جدة بالفارس ية‪ ،‬ال يس جد عن دنا‪ .‬وإذا س جد المس تمع مع‬
‫القارئ‪ ،‬ال يرتبط به‪ ،‬وال ينوي االقتداء به‪ ،‬وله الرفع من السجود قبله‪ .‬ولو‬
‫أراد أن يقرأ آية‪ ،‬أو آيتين فيهما سجدة‪ ،‬ليسجد‪ ،‬فلم أر فيه كالما الص حابنا‪.‬‬
‫وفي كراهته خالف للس لف‪ ،‬أوض حته في كت اب (آداب الق رآن) ومقتضى‬
‫مذهبنا‪ :‬أنه إن كان‬

‫] ‪[ 426‬‬
‫في غير الوقت المنهي عن الص الة في ه‪ ،‬وفي غ ير الص الة‪ ،‬لم يك ره‪ .‬وإن‬
‫كان في الصالة‪ ،‬أو في وقت كراهتها‪ ،‬ففيه الوجهان فيمن دخل المس جد في‬
‫هذه االوقات ال لغرض سوى صالة التحية‪ .‬واالص ح‪ :‬أنه يك ره له الص الة‪.‬‬
‫هذا إذا لم يتعلق بالقراءة المذكورة غ رض س وى الس جود‪ ،‬ف إن تعل ق‪ ،‬فال‬
‫كراهة مطلقا قطع ا‪ ،‬ولو ق رأ آية س جدة في الص الة‪ ،‬فلم يس جد‪ ،‬وس لم‪،‬‬
‫يستحب أن يس جد ما لم يطل الفص ل‪ .‬ف إن ط ال‪ ،‬ففيه الخالف المتق دم‪ .‬ولو‬
‫سجد للتالوة قبل بل وغ الس جدة ولو بح رف‪ ،‬لم يصح س جوده‪ .‬ولو ق رأ بعد‬
‫السجدة آيات‪ ،‬ثم سجد جاز ما لم يطل الفصل‪ .‬ولو قرأ سجدة‪ ،‬فس جد‪ ،‬فق رأ‬
‫في سجوده سجدة أخرى‪ ،‬ال يسجد ثانيا على الصحيح المع روف‪ .‬وفيه وجه‬
‫ش اذ‪ :‬حك اه في (البح ر) أنه يس جد‪ .‬ق ال ص احب (البح ر)‪ :‬إذا ق رأ االم ام‬
‫الس جدة في ص الة س رية‪ ،‬اس تحب ت أخير الس جود إلى فراغه من الص الة‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقد استحب أصحابنا للخطيب إذا قرأ سجدة‪ ،‬أن يترك الس جود لما فيه‬
‫من كلفة النزول عن المنبر والصعود (‪ .)1‬قال‪ :‬ولو ق رأ الس جدة في ص الة‬
‫الجنازة‪ ،‬لم يسجد فيها‪ .‬وهل يسجد بعد الفراغ ؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ال يسجد‪.‬‬
‫وأصلهما أن القراءة التي ال تشرع‪ ،‬هل يسجد لتالوتها ؟ وجهان‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫السجدة الثالثة‪ :‬سجدة الشكر‪ :‬سجود الشكر سنة عند مفاجأة نعمة (‪ ،)2‬أو‬

‫] ‪[ 427‬‬
‫اندفاع نقمة (‪ ،)1‬من حيث ال يحتسب‪ ،‬وك ذا إذا رأى مبتلى ببلية (‪ ،)2‬أو‬
‫بمعصية (‪ .)3‬وال يسن عند استمرار النعم‪ .‬وإذا سجد لنعم ة‪ ،‬أو ان دفاع بلية‬
‫ال تتعلق بغيره‪ ،‬استحب إظهار السجود‪ .‬وإن سجد لبلية في غيره‪ ،‬وصاحب‬
‫البلية غير معذور‪ ،‬كالفاس ق‪ ،‬أظهر الس جود بين يديه لعله يت وب‪ .‬وإن ك ان‬
‫معذورا‪ ،‬كصاحب الزمانة‪ ،‬أخفاه كيال (‪ )4‬يتأذى‪ .‬ويفتقد س جود الش كر إلى‬
‫ش روط الص الة‪ .‬وكيفيته ككيفية س جود التالوة خ ارج الص الة‪ .‬وال يج وز‬
‫سجود الش كر في الص الة بح ال‪ .‬قلت‪ :‬ق ال أص حابنا‪ :‬لو س جد في الص الة‬
‫للش كر‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬فلو ق رأ آية س جدة ليس جد بها للش كر‪ ،‬ففي ج واز‬
‫السجود‪ ،‬وجهان‪ .‬في (الشامل) و (البيان) أص حهما‪ :‬يح رم‪ ،‬وتبطل ص الته‪.‬‬
‫وهما ك الوجهين‪ ،‬فيمن دخل المس جد في وقت النهي ليص لي التحي ة‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬في ج واز س جود الش كر على الراحلة بااليم اء (‪ )5‬وجه ان‪.‬‬
‫كالتنفل مض طجعا مع الق درة‪ .‬ولو س جد للتالوة على الراحل ة‪ ،‬إن ك ان في‬
‫ص الة نافل ة‪ ،‬ج از قطعا تبعا له ا‪ ،‬وإال‪ ،‬فعلى ال وجهين في س جدة الش كر‪.‬‬
‫أصحهما‪ :‬الج واز فيهم ا‪ ،‬وبه قطع ص احب (الته ذيب) و (الع دة) والخالف‬
‫فيمن اقتصر على االيماء‪ ،‬ف إن ك ان في مرق د‪ ،‬وأتم الس جود‪ ،‬ج از قطع ا‪.‬‬
‫وأما الماشي في السفر فيسجد على االرض على الصحيح‬

‫] ‪[ 428‬‬
‫قلت‪ :‬ق ال في (الته ذيب)‪ :‬لو تص دق ص احب ه ذه النعمة أو ص لى ش كرا‪،‬‬
‫فحسن (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬لو خضع إنس ان هلل تع الى‪ ،‬فتق رب بس جدة من‬
‫غير سبب‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه ح رام‪ ،‬ك التقرب برك وع مف رد ونح وه‪ .‬وص ححه‬
‫إمام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬وغيرهم ا‪ ،‬وقطع به الش يخ أبو محم د‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يجوز‪ ،‬قاله صاحب (التقريب) ق ال‪ :‬وإذا ف اتت س جدة الش كر‪ ،‬ففي قض ائها‬
‫الخالف في قضاء النوافل الراتبة‪ .‬وقطع غ يره بع دم القض اء‪ .‬قلت‪ :‬وس واء‬
‫في ه ذا الخالف في تح ريم الس جدة‪ ،‬ما يفعل بعد ص الة وغ يره‪ .‬وليس من‬
‫ه ذا ما يفعله كث يرون من الجهلة الظ المين (‪ ،)2‬من الس جود بين ي دي‬
‫المشايخ‪ ،‬فإن ذلك حرام قطعا بكل حال‪ ،‬س واء ك ان إلى القبل ة‪ ،‬أو غيره ا‪.‬‬
‫وس واء قصد الس جود هلل تع الى‪ ،‬أو غف ل‪ .‬وفي بعض ص وره ما يقتضي‬
‫الكفر عافانا هللا تع الى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الب اب الس ابع في ص الة التط وع اختلف‬
‫اصطالح االصحاب في تطوع الصالة‪ .‬فمنهم من يفسره بما لم ي رد فيه نقل‬
‫بخصوصيته‪ ،‬بل ينش ؤه االنس ان ابت داء‪ .‬وه ؤالء ق الوا‪ :‬ما ع دا الف رائض‪،‬‬
‫ثالثة أقسام‪ ،‬س نن‪ ،‬وهي ال تي واظب عليها رس ول هللا (ص)‪ .‬ومس تحبات‪،‬‬
‫وهي التي فعلها أحيانا‪ ،‬ولم ي واظب عليه ا‪ .‬وتطوع ات‪ ،‬وهي ال تي ذكرن ا‪.‬‬
‫ومنهم من ي رادف بين لفظي النافلة والتط وع‪ ،‬ويطلقهما على ما س وى‬
‫الف رائض‪ .‬قلت‪ :‬ومن أص حابنا من يق ول‪ :‬الس نة‪ ،‬والمس تحب‪ ،‬والمن دوب‪،‬‬
‫‪،‬والتطوع‬

‫] ‪[ 429‬‬
‫والنفل والم رغب في ه‪ ،‬والحس ن‪ ،‬كلها بمع نى واح د‪ .‬وهو ما رجح الش رع‬
‫فعله على تركه‪ ،‬وجاز تركه (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬واختلف أصحابنا في ال رواتب‬
‫ما هي ؟ فقيل‪ :‬هي النوافل الموقتة ب وقت مخص وص‪ ،‬وعد منها ال تراويح‪،‬‬
‫وصالة العيدين‪ ،‬والضحى‪ .‬وقيل‪ :‬هي السنن التابعة للفرائض (‪ .)2‬واعلم أن‬
‫ما س وى ف رائض الص الة‪ ،‬قس مان‪ .‬ما يسن له الجماعة كالعي دين‪،‬‬
‫والكس وفين‪ ،‬واالستس قاء‪ .‬ولها أب واب معروف ة‪ ،‬وما ال يسن فيه الجماع ة‪،‬‬
‫وهي رواتب مع الفرائض وغيرها‪ ،‬فأما الرواتب‪ ،‬فالوتر وغيره‪ ،‬وأما غير‬
‫ال وتر‪ ،‬ف اختلف االص حاب في ع ددها‪ ،‬فق ال االك ثرون‪ :‬عشر ركع ات‪،‬‬
‫ركعتان قبل الصبح‪ ،‬وركعتان قبل الظه ر‪ ،‬وركعت ان بع دها‪ ،‬وركعت ان بعد‬
‫المغرب‪ ،‬وركعتان بعد العش اء‪ .‬ومنهم من نقص ركع تي العش اء‪ .‬نص عليه‬
‫في (الب ويطي) وبه ق ال الخض ري‪ .‬ومنهم من زاد على العشر ركع تين‬
‫أخ ريين قبل الظه ر‪ .‬ومنهم من زاد على ه ذا أربعا قبل العص ر‪ .‬ومنهم من‬
‫زاد على ه ذا آخ ريين بعد الظه ر‪ .‬فه ذه خمسة أوجه الص حابنا‪ ،‬وليس‬
‫خالفهم في أصل االس تحباب‪ ،‬بل إن المؤكد من ال رواتب م اذا ؟ مع أن‬
‫االس تحباب يش مل الجمي ع‪ .‬وله ذا ق ال ص احب (المه ذب) وجماع ة‪ :‬أدنى‬
‫الكمال‪ :‬عشر ركعات‪ ،‬وهو وجه االول‪ .‬وأتم الكم ال‪ :‬ثم اني عش رة ركع ة‪،‬‬
‫‪.‬وهو الوجه الخامس‪ .‬وفي استحباب ركعتين قبل المغرب وجهان‬

‫] ‪[ 430‬‬
‫وباالستحباب قال أبو إسحاق الطوسي (‪ ،)1‬وأبو زكريا السكري (‪ .)2‬قلت‪:‬‬
‫الصحيح‪ ،‬استحبابهما‪ ،‬ففي مواضع من (صحيح البخ اري) عن (‪ )3‬عبد هللا‬
‫(‪ )4‬بن مغفل (‪ )5‬رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي (ص) قال‪( :‬ص لوا قبل ص الة‬
‫المغرب) قال في الثالث ة‪ :‬لمن ش اء‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬ال وتر س نة‪ .‬ويحصل‬
‫بركعة‪ ،‬وبثالث‪ ،‬وبخمس‪ ،‬وبسبع‪ ،‬وبتسع‪ ،‬وبإحدى عشرة‪ ،‬فهذا أكثره على‬
‫االصح‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬أكثره ثالث عشرة‪ .‬وال يجوز الزيادة على أكثره على‬
‫االص ح‪ .‬ف إن زاد‪ ،‬لم يصح وت ره (‪ .)6‬وإذا زاد على ركع ة‪ ،‬ف أوتر بثالث‬
‫فأكثر موصولة‪ ،‬فالصحيح‪ :‬أن له أن يتشهد تش هدا واح دا في االخ يرة‪ ،‬وله‬
‫تشهد آخر في التي قبلها‪ .‬وفي وجه‪ :‬ال يجزئ االقتص ار على تش هد واح د‪.‬‬
‫وفي وجه‪ :‬ال يجوز لمن أوتر بثالث‪ ،‬أن يتشهد تشهدين‬

‫] ‪[ 431‬‬
‫بتس ليمة‪ .‬ف إن فع ل‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬بل يقتصر على تش هد أو يس لم في‬
‫التشهدين‪ .‬وهذان الوجه ان منك ران‪ ،‬والص واب ج واز ذلك كل ه‪ .‬ولكن‪ :‬هل‬
‫االفضل تش هد ؟ أم تش هدان ؟ فيه أوج ه‪ .‬أرجحها عند الروي اني‪ :‬تش هد‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬تشهدان‪ .‬والثالث‪ :‬هما في الفضيلة سواء‪ .‬أما إذا زاد على تش هدين‪،‬‬
‫وجلس في كل ركع تين‪ ،‬واقتصر على تس ليمة في الركعة االخ يرة‪،‬‬
‫فالصحيح‪ :‬أنه ال يج وز‪ ،‬النه خالف المنق ول‪ .‬والث اني‪ :‬يج وز كنافلة كث يرة‬
‫الركعات‪ .‬أما إذا أراد االيتار بثالث ركعات‪ ،‬فهل االفضل فصلها بسالمين‪،‬‬
‫أم وص لها بس الم‪ .‬فيه أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬الفصل أفض ل‪ .‬والث اني‪ :‬الوص ل‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬إن كان منفردا‪ ،‬فالفصل‪ ،‬وإن صالها بجماعة‪ ،‬فالوص ل‪ .‬والراب ع‪:‬‬
‫عكسه‪ .‬وهل الثالث الموصولة أفضل من ركعة فردة ؟ فيه أوجه‪ .‬الصحيح‪:‬‬
‫أن الثالث أفضل‪ .‬والثاني‪ :‬الفردة‪ .‬قال في (النهاي ة)‪ :‬وغال ه ذا القائل فق ال‪:‬‬
‫الفردة أفضل من إح دى عش رة ركعة موص ولة‪ .‬والث الث‪ :‬إن ك ان منف ردا‪،‬‬
‫فالفردة‪ .‬وإن كان إماما‪ ،‬فالثالث الموصولة‪ .‬فرع في وقت ال وتر‪( :‬في وقت‬
‫الوتر) وجهان‪ .‬الصحيح‪ :‬أنه من حين يصلي العشاء‪ ،‬إلى طلوع الفجر‪ .‬ف إن‬
‫أوتر قبل فعل العشاء‪ ،‬لم يصح وتره‪ ،‬سواء تعم د‪ ،‬أو س ها وظن أنه ص لى‬
‫العشاء‪ ،‬أو صالها ظانا أنه متطهر‪ ،‬ثم أحدث فتوضأ وصلى الوتر‪ ،‬ثم ب ان‬
‫أنه كان محدثا في العشاء‪ ،‬ف وتره باط ل‪ .‬والوجه الث اني‪ :‬ي دخل وقت ال وتر‬
‫بدخول وقت العشاء‪ ،‬وله أن يصليه قبلها‪ .‬ولو صلى العشاء‪ ،‬ثم أوتر بركعة‬
‫قبل أن يتنفل‪ ،‬صح وتره على الصحيح‪ .‬وقي ل‪ :‬ال يصح ح تى يتقدمه نافل ة‪،‬‬
‫فإذا لم يصح وترا‪ ،‬كان تطوع ا‪ .‬ك ذا قاله إم ام الح رمين‪ .‬وينبغي أن يك ون‬
‫على الخالف فيمن ص لى الظهر قبل ال زوال غالط ا‪ ،‬هل تبطل ص الته‪ ،‬أم‬
‫تكون نفال ؟ والمستحب أن يكون الوتر آخر صالة الليل‪ .‬ف إن ك ان ال تهجد‬
‫له‪ ،‬فينبغي أن يوتر بعد فريضة العشاء وراتبتها‪ ،‬ويك ون وت ره آخر ص الة‬
‫اللي ل‪ ،‬وإن ك ان له تهج د‪ ،‬فاالفضل أن ي ؤخر ال وتر‪ ،‬ك ذا قاله العراقي ون‪.‬‬
‫وق ال إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ :‬اخت ار الش افعي رحمه هللا‪ ،‬تق ديم ال وتر‪.‬‬
‫فيجوز أن يحمل‬

‫] ‪[ 432‬‬
‫نقلهما على من ال يعتاد قيام الليل‪ .‬ويج وز أن يحمل على اختالف ق ول‪ ،‬أو‬
‫وجه‪ .‬واالمر فيه قريب‪ ،‬وكل شائع‪ .‬وإذا أوتر قبل أن ين ام‪ ،‬ثم ق ام وتهج د‪،‬‬
‫لم يعد الوتر على الصحيح المعروف‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬يص لي في أول قيامه‬
‫ركعة يشفعه‪ ،‬ثم يتهجد ما ش اء‪ ،‬ثم ي وتر ثاني ا‪ ،‬ويس مى ه ذا‪ :‬نقض ال وتر‪.‬‬
‫والص حيح المنص وص في (االم) و (المختص ر)‪ :‬أن ال وتر يس مى‪ :‬تهج دا‪:‬‬
‫وقيل‪ :‬الوتر غير التهجد‪ .‬فرع‪ :‬إذا اس تحببنا الجماعة في ال تراويح‪ ،‬يس تحب‬
‫الجماعة أيضا في ال وتر بع دها‪ .‬وأما في غ ير رمض ان‪ ،‬فالم ذهب‪ :‬أنه ال‬
‫يستحب فيه الجماعة‪ .‬وقيل‪ :‬في استحبابها‪ ،‬وجه ان مطلق ا‪ .‬حك اه أبو الفضل‬
‫بن عب دان‪ .‬ف رع‪ :‬يس تحب القن وت في ال وتر في النصف االخ ير من ش هر‬
‫رمضان‪ ،‬فإن أوتر بركع ة‪ ،‬قنت فيه ا‪ ،‬وإن أوتر ب أكثر‪ ،‬قنت في االخ يرة‪.‬‬
‫ولنا وج ه‪ :‬أنه يقنت في جميع رمض ان‪ ،‬ووج ه‪ :‬أنه يقنت في جميع الس نة‪.‬‬
‫قاله أربعة من أئمة أصحابنا‪ :‬أبو عبد هللا الزب يري‪ ،‬وأبو الوليد النيس ابوري‬
‫(‪ ،)1‬وأبو الفضل بن عبدان‪ )2( ،‬وأبو منصور بن مهران (‪ .)3‬والصحيح‪:‬‬
‫اختص اص االس تحباب بالنصف الث اني من رمض ان‪ ،‬وبه ق ال جمه ور‬
‫االص حاب‪ .‬وظ اهر نص الش افعي رحمه هللا‪ ،‬كراهة القن وت في غ ير ه ذا‬
‫النصف‪ .‬ولو ت رك القن وت في موضع نس تحبه‪ ،‬س جد للس هو‪ ،‬ولو قنت في‬
‫غير النصف االخير من رمضان ‪ -‬وقلنا‪ :‬ال يس تحب ‪ -‬س جد للس هو‪ .‬وحكى‬
‫الروياني وجها‪ :‬أنه يجوز القنوت في جميع السنة بال كراهة‪ ،‬وال يسجد‬
‫] ‪[ 433‬‬
‫للس هو بتركه في غ ير النص ف‪ .‬ق ال‪ :‬وه ذا اختي ار مش ايخ طبرس تان‪،‬‬
‫واستحس نه‪ .‬وفي موضع القن وت في ال وتر‪ ،‬أوج ه‪ ،‬أص حها‪ :‬بعد الرك وع‪.‬‬
‫ونص عليه في س نن حرملة (‪ .)1‬والث اني‪ :‬قبل الرك وع‪ ،‬قاله ابن س ريج‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬يتخير بينهما‪ .‬وإذا قدمه‪ ،‬فاالصح أنه يقنت بال تكبير‪ .‬والثاني‪ :‬يكبر‬
‫بعد القراءة‪ ،‬ثم يقنت‪ .‬ولفظ القنوت‪ :‬هو ما تقدم في قنوت الص بح‪ .‬واس تحب‬
‫االصحاب أن يضم إليه قنوت عمر (‪ )2‬رضي هللا عنه‪( :‬اللهم إنا نستعينك‪،‬‬
‫ونستغفرك‪ ،‬ونستهديك‪ ،‬ونؤمن بك‪ ،‬ونتوكل عليك‪ ،‬ونثني عليك الخير كل ه‪،‬‬
‫نشكرك وال نكفرك‪ ،‬ونخلع ونترك من يفجرك‪ .‬اللهم إياك نعبد‪ ،‬ولك نص لي‬
‫ونس جد‪ ،‬وإليك نس عى ونحفد (‪ ،)3‬نرجو رحمت ك‪ ،‬ونخشى ع ذابك‪ ،‬إن‬
‫عذابك بالكفار ملحق (‪ .)4‬اللهم عذب كفرة أهل الكت اب ال ذين يص دون عن‬
‫س بيلك‪ ،‬ويك ذبون رس لك‪ ،‬ويق اتلون أولي اءك‪ ،‬اللهم اغفر للمؤم نين‬
‫والمؤمنات‪ ،‬والمسلمين والمس لمات‪ ،‬وأص لح ذات بينهم‪ ،‬وألف بين قل وبهم‪،‬‬
‫واجعل في قلوبهم االيمان والحكمة‪ ،‬وثبتهم على ملة رس ولك‪ ،‬وأوزعهم أن‬
‫يوف وا بعه دك ال ذي عاه دتهم علي ه‪ ،‬وانص رهم على ع دوك وع دوهم‪ ،‬إله‬
‫الحق‪ ،‬واجعلنا منهم)‪ .‬وهل االفضل أن يقدم قنوت عمر على قنوت الصبح‪،‬‬
‫أم ي ؤخره ؟ وجه ان‪ .‬ق ال الروي اني‪ :‬يقدم ه‪ ،‬وعليه العمل ونقل القاضي أبو‬
‫الطيب عن شيوخهم‪ ،‬تأخيره‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ :‬تأخيره‪ ،‬الن قنوت الصبح ث ابت‬
‫عن الن بي (ص) في ال وتر‪ .‬وينبغي أن يق ول‪( :‬اللهم ع ذب الكف رة) للحاجة‬
‫إلى التعميم في أزماننا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ق ال الروي اني‪ :‬ق ال ابن الق اص‪ :‬يزيد في‬
‫القنوت (ربنا ال تؤاخذنا) إلى آخر‬

‫] ‪[ 434‬‬
‫السورة (‪ )1‬واستحسنه (‪ .)2‬وحكم الجهر بالقنوت‪ ،‬ورفع اليدين وغيرهم ا‪،‬‬
‫على ما تقدم في الصبح‪ .‬ويستحب لمن أوتر بثالث‪ ،‬أن يقرأ بعد الفاتحة في‬
‫االولى‪( * :‬سبح) *‪ .‬وفي الثانية‪( * :‬قل يا أيها الكافرون) *‪ .‬وفي الثالث ة‪* :‬‬
‫(قل هو هللا أح د) *‪ .‬والمع وذتين (‪ .)3‬فصل في النوافل ال تي يسن فيها‬
‫الجماع ة‪ :‬اعلم أن أفضل النوافل مطلق ا‪ ،‬العي دان (‪ ،)4‬ثم الكس وفان‪ ،‬ثم‬
‫االستس قاء (‪ .)5‬وأما ال تراويح‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬ال يسن فيها الجماع ة‪ ،‬ف الرواتب‬
‫أفضل منه ا‪ ،‬وإن قلن ا‪ :‬يسن فيه ا‪ ،‬فك ذلك على االص ح‪ .‬والث اني‪ :‬ال تراويح‬
‫أفضل (‪ .)6‬قلت‪ :‬كسوف الشمس أفضل من خسوف القمر‪ ،‬ذكره الم اوردي‬
‫وغ يره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬ومن التط وع ال ذي ال يسن له الجماع ة‪ ،‬ص الة‬
‫الضحى‪ .‬وأقلها‪ :‬ركعتان‪ ،‬وأفض لها‪ :‬ثم ان‪ ،‬وأكثره ا‪ :‬اثنا عش ر‪ ،‬ويس لم من‬
‫كل ركع تين‪ .‬ووقتها من حين ترتفع الش مس إلى االس تواء‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬وقت الضحى من طلوع الشمس‪ .‬ويستحب تأخيرها إلى ارتفاعه ا‪.‬‬
‫قال الماوردي‪ :‬ووقتها المخت ار إذا مضى ربع النه ار‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومنه تحية‬
‫‪،‬المسجد بركعتين‪ ،‬ولو صلى الداخل فريضة‪ ،‬أو وردا‪ ،‬أو سنة‬

‫] ‪[ 435‬‬
‫ونوى التحية معها‪ ،‬حصال جميعا‪ .‬وكذا إن لم ينوه ا‪ .‬ويج وز أن يط رد فيه‬
‫الخالف المذكور فيمن ن وى غسل الجناب ة‪ :‬هل يحصل له الجمعة والعيد إذا‬
‫لم ينوهما ؟ (‪ )1‬ولو صلى ال داخل على جن ازة‪ ،‬أو س جد لتالوة‪ ،‬أو ش كر‪،‬‬
‫أو ص لى ركعة واح دة‪ ،‬لم يحصل التحية على الص حيح‪ .‬قلت‪ :‬ومن تك رر‬
‫دخوله المسجد في الساعة الواحدة مرارا‪ .‬قال المح املي في كتابه (اللب اب)‪:‬‬
‫أرجو أن يجزئه التحية م رة‪ .‬وق ال ص احب (التتم ة)‪ :‬لو تك رر دخول ه‪،‬‬
‫يس تحب التحية كل م رة‪ ،‬وهو االص ح‪ .‬ق ال المح املي‪ :‬وتك ره التحية في‬
‫ح الين‪ .‬أح دهما‪ :‬إذا دخل واالم ام في المكتوب ة‪ .‬والث اني‪ :‬إذا دخل المس جد‬
‫الحرام‪ ،‬فال يشتغل بها عن الطواف‪ .‬ومما يحت اج إلى معرفت ه‪ ،‬أنه لو جلس‬
‫في المسجد قبل التحية‪ ،‬وطال الفصل‪ ،‬لم يأت بها كما سيأتي‪ :‬أنه ال يش رع‬
‫قض اؤها‪ .‬وإن لم يط ل‪ ،‬فال ذي قاله االص حاب‪ :‬أنها تف وت ب الجلوس‪ ،‬فال‬
‫يفعلها‪ .‬وذكر االمام أبو الفضل بن عب دان في كتابه المص نف في العب ادات‪:‬‬
‫أنه لو نسي التحية وجلس‪ ،‬ف ذكر بعد س اعة‪ ،‬ص الها‪ .‬وه ذا غ ريب‪ .‬وفي‬
‫(صحيح البخاري) (‪ )2‬و (مسلم) ما يؤي ده في ح ديث ال داخل ي وم الجمع ة‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ومنه ركعتا االح رام‪ ،‬وركعتا الط واف‪ ،‬إذا لم نوجبهم ا‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ومنه ركعتان عقب الوضوء‪ ،‬ينوي بهما سنة الوضوء‪ .‬ومنه سنة الجمعة‬

‫] ‪[ 436‬‬
‫قبلها أربع ركع ات‪ ،‬وبع دها أرب ع‪ .‬ك ذا قاله ابن الق اص في (المفت اح)‬
‫وآخ رون‪ .‬ويحصل أيضا بركع تين قبله ا‪ ،‬وركع تين بع دها‪ .‬والعم دة فيما‬
‫بعدها‪ ،‬حديث (صحيح مسلم) (‪ )1‬وإذا صليتم الجمعة فص لوا بع دها أربع ا)‬
‫وفي (الص حيحين) (‪ )2‬أن الن بي (ص) ك ان يص لي بع دها ركع تين‪ .‬وأما‬
‫قبله ا‪ ،‬فالعم دة في ه‪ ،‬القي اس على الظه ر‪ .‬ويس تأنس فيه بح ديث (س نن ابن‬
‫ماجه) (‪ :)3‬أن النبي (ص)‪ ،‬كان يصلي قبلها أربعا‪ .‬وإس ناده ض عيف ج دا‪.‬‬
‫ومنه ركعتا االستخارة‪ .‬ثبت في (صحيح البخ اري) (‪ .)4‬ومنه ركعتا ص الة‬
‫الحاج ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬أوكد ما ال تسن له الجماع ة‪ :‬الس نن ال رواتب‪.‬‬
‫وأفضل ال رواتب‪ :‬ال وتر‪ ،‬وركعتا الفج ر‪ .‬وأفض لهما‪ :‬ال وتر على الجديد‬
‫الصحيح (‪ .)5‬والقديم‪ :‬سنة الفجر‪ .‬وفي وج ه‪ :‬هما س واء‪ .‬ف إذا قلنا بالجدي د‪،‬‬
‫فالصحيح الذي عليه الجمه ور‪ :‬أن س نة الفجر تلي ال وتر في الفض يلة‪ .‬وفي‬
‫وجه قاله أبو إسحاق‪ :‬أن صالة الليل تقدم على سنة الفج ر‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الوجه‬
‫‪:‬قوي‪ .‬ففي (صحيح مسلم) (‪ )6‬أن رسول هللا (ص)‪ ،‬قال‬

‫] ‪[ 437‬‬
‫وفي رواية (الصالة في ج وف )أفضل الصالة بعد الفريضة‪ ،‬صالة الليل(‬
‫الليل)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم أفضل الصلوات بعد الرواتب المذكورة‪ ،‬الضحى‪ .‬ثم ما‬
‫يتعلق بفع ل‪ ،‬كركع تي الط واف‪ ،‬وركع تي االح رام‪ ،‬وتحية المس جد (‪.)1‬‬
‫فص ل‪ :‬ال تراويح‪ ،‬عش رون ركعة بعشر تس ليمات‪ .‬قلت‪ :‬فلو ص لى أربعا‬
‫بتسليمة‪ ،‬لم يصح‪ .‬ذكره القاضي حسين في (الفتاوى) النه خالف المش روع‬
‫(‪ .)2‬وين وي ال تراويح‪ ،‬أو قي ام رمض ان‪ .‬وال يصح بنية مطلق ة‪ ،‬بل ين وي‬
‫ركع تين من ال تراويح في كل تس ليمة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ق ال الش افعي رحمه هللا‪:‬‬
‫ورأيت أهل المدينة يقومون بتسع وثالثين‪ ،‬منها ثالث للوتر‪ .‬ق ال أص حابنا‪:‬‬
‫ليس لغ ير أهل المدينة ذل ك‪ .‬واالفضل في ال تراويح الجماعة على االص ح‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬االظه ر‪ ،‬وبه ق ال االك ثرون‪ .‬والث اني‪ :‬االنف راد أفض ل‪ .‬ثم ق ال‬
‫العراقيون‪ ،‬والصيدالني‪ ،‬وغ يرهم‪ :‬الخالف فيمن يحفظ الق رآن‪ ،‬وال يخ اف‬
‫الكسل عنه ا‪ ،‬وال تختل الجماعة في المس جد بتخلف ه‪ .‬ف إن فقد بعض ه ذا‪،‬‬
‫فالجماعة أفضل قطعا‪ .‬وأطلق جماعة ثالثة أوجه‪ ،‬ثالثها‪ :‬هذا الفرق‪ .‬ويدخل‬
‫وقت التراويح بالفراغ من ص الة العش اء‪ .‬فص ل‪ :‬التطوع ات ال تي ال تتعلق‬
‫بسبب‪ ،‬وال وقت‪ ،‬ال حصر العدادها‪ ،‬وال لركعات الواحدة منها‪ .‬فإذا ش رع‬
‫في تطوع‪ ،‬ولم ينو عددا‪ ،‬فله أن يسلم من‬

‫] ‪[ 438‬‬
‫ركعة‪ ،‬وله أن يسلم من ركعتين فصاعدا‪ .‬ولو صلى عددا ال يعلمه‪ ،‬ثم سلم‪،‬‬
‫ص ح‪ .‬نص عليه في (االمالء)‪ .‬ولو ن وى ركع ة‪ ،‬أو ع ددا قليال‪ ،‬أو كث يرا‪،‬‬
‫فله ذل ك‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه ال يج وز أن يزيد على ثالث عش رة بتس ليمة‬
‫واحدة‪ ،‬وهو غلط‪ .‬ثم إذا نوى عددا‪ ،‬فله أن يزيد‪ ،‬وله أن ينقص‪ .‬فمن أحرم‬
‫بركعة‪ ،‬فله جعلها عشرا‪ .‬أو بعشر‪ ،‬فله جعلها واحدة‪ ،‬بشرط تغيير النية قبل‬
‫الزيادة‪ ،‬والنقص ان‪ .‬فلو زاد أو نقص قبل تغ ير النية عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬نوى ركعتين‪ ،‬فقام لثالثة بنية الزيادة‪ ،‬جاز‪ .‬ولو قام قبلها عمدا‪ ،‬بطلت‬
‫صالته‪ .‬وإن ق ام ناس يا‪ ،‬ع اد وس جد للس هو وس لم‪ .‬فلو ب دا له في القي ام أن‬
‫يزيد‪ .‬فهل يشترط الع ود إلى القع ود ثم يق وم من ه‪ ،‬أم له المضي ؟ وجه ان‪.‬‬
‫أصحهما‪ :‬االول‪ ،‬ثم يسجد للسهو في آخر ص الته‪ .‬ولو زاد ركع تين س هوا‪،‬‬
‫ثم نوى إكم ال أرب ع‪ ،‬ص لى ركع تين أخ ريين‪ .‬وما س ها به ال يحس ب‪ .‬ولو‬
‫نوى أربعا‪ ،‬ثم غير نيته‪ ،‬وسلم عن ركعتين‪ ،‬جاز‪ .‬ولو س لم قبل تغي ير النية‬
‫عمدا‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وإن سلم ساهيا‪ ،‬أتم أربعا‪ ،‬وسجد للس هو‪ .‬فلو أراد بعد‬
‫السالم أن يقتصر على الركعتين‪ ،‬سجد للسهو وسلم ثانيا‪ ،‬فإن س المه االول‬
‫غير محسوب‪ .‬ثم إن تطوع بركعة‪ ،‬فال بد من التشهد‪ .‬وإن زاد على ركعة‪،‬‬
‫فله أن يقتصر على تشهد في آخر صالته‪ .‬وهذا التشهد ركن‪ .‬وله أن يتش هد‬
‫في كل ركعتين‪ ،‬كما في الفرائض الرباعية‪ .‬فإن كان العدد وترا‪ ،‬فال بد من‬
‫التش هد في االخ يرة أيض ا‪ .‬وهل له أن يتش هد في كل ركعة ؟ ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬فيه احتم ال‪ ،‬والظ اهر ج وازه‪ .‬واعلم أن تج ويز التش هد في كل‬
‫ركعة‪ ،‬لم يذكره غ ير االم ام‪ ،‬والغ زالي‪ .‬وفي كالم كث ير من االص حاب ما‬
‫يقتضي منع ه‪ .‬قلت‪( :‬الص حيح المخت ار)‪ ،‬منع ه‪ ،‬فإنه اخ تراع ص ورة في‬
‫الصالة ال عهد بها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما االقتص ار على تش هد في آخر الص الة‪،‬‬
‫فال خالف في ج وازه‪ .‬وأما التش هد في كل ركع تين‪ ،‬ف ذكره العراقي ون‬
‫وغ يرهم‪ ،‬وق الوا‪ :‬هو االفض ل‪ ،‬وإن ج از االقتص ار على تش هد‪ .‬وذكر‬
‫صاحب (التتمة)‪ ،‬و (التهذيب) وجماعة‪ :‬أنه ال يج وز الزي ادة على تش هدين‬
‫بحال‪ .‬وال يجوز أن يكون بين التشهدين أكثر من الركعتين‪ ،‬إن كان‬

‫] ‪[ 439‬‬
‫العدد شفعا وإن كان وترا‪ ،‬لم يجز بينهما أكثر من ركع ة‪ .‬والم ذهب‪ :‬ج واز‬
‫الزيادة كما قدمناه‪ .‬وحكى صاحب (البي ان) وجه ا‪ :‬أنه ال يجلس إال في آخر‬
‫الصالة‪ ،‬وهو شاذ منكر‪ .‬ثم إن صلى بتشهد‪ ،‬قرأ السورة في الركعات كلها‪،‬‬
‫وإن ص لى بتش هدين‪ ،‬فهل يق رأ فيما بعد التش هد االول ؟ فيه الق والن في‬
‫الفرائض‪ ،‬واالفضل‪ :‬أن يسلم من كل ركعتين‪ ،‬سواء ك ان بالليل أو بالنه ار‬
‫(‪ .)1‬ولو نوى صالة تطوع‪ ،‬ولم ينو ركعة‪ ،‬وال ركعت ان (‪ ،)2‬فهل يج وز‬
‫االقتصار على ركعة ؟ قال صاحب (التتم ة)‪ :‬فيه وجه ان‪ ،‬بن اء على ما لو‬
‫ن ذر ص الة مطلق ة‪ ،‬هل يخ رج عن ن ذره بركع ة‪ ،‬أم ال بد من ركع تين ؟‬
‫وينبغي أن يقطع بالجواز‪ .‬قلت‪ :‬إنما ذكر صاحب (التتمة) ال وجهين في أن ه‪:‬‬
‫هل يكره االقتصار على ركعة‪ ،‬أم ال يكره ؟ وج زم ب الجواز‪ ،‬كما ج زم به‬
‫سائر االصحاب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في أوقات النوافل الراتبة‪ :‬وهي ض ربان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬راتبة تس بق الفريضة في دخل وقتها ب دخول وقت الفريض ة‪ ،‬ويبقى‬
‫جوازها ما بقي وقت الفريض ة‪ .‬ووقت اختيارها ما قبل الفريض ة‪ .‬ولنا وجه‬
‫شاذ‪ :‬أن س نة الص بح يبقى وقت أدائها إلى زوال الش مس‪ .‬الض رب الث اني‪:‬‬
‫الرواتب التي بعد الفريضة‪ ،‬ويدخل وقتها بفعل الفريض ة‪ ،‬ويخ رج بخ روج‬
‫وقتها‪ .‬ولنا قول شاذ‪ :‬أن الوتر يبقى أداء إلى أن يصلي الص بح‪ .‬والمش هور‪:‬‬
‫أنه يخرج بطلوع الفج ر‪ .‬ف رع‪ :‬النافلة قس مان‪ .‬أح دهما‪ :‬غ ير مؤقت ة‪ ،‬وإنما‬
‫تفعل لسبب عارض‪ ،‬كصالة الكسوفين‪ ،‬واالستس قاء‪ ،‬وتحية المس جد‪ .‬وه ذا‬
‫ال مدخل للقضاء فيه‪ .‬والثاني‪ :‬مؤقتة‪ ،‬كالعي د‪ ،‬والض حى‪ ،‬وال رواتب التابعة‬
‫للفرائض‪ .‬وفي قض ائها أق وال‪ .‬وأظهره ا‪ :‬تقض ى‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪ .‬والث الث‪ :‬ما‬
‫‪،‬استقل‪ ،‬كالعيد‬

‫] ‪[ 440‬‬
‫والضحى‪ ،‬قضي‪ .‬وما كان تبعا كالرواتب‪ ،‬فال‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬تقضى‪ ،‬فالمش هور‬
‫أنها تقضى أبدا‪ .‬والثاني‪ :‬تقضى صالة النه ار‪ .‬ما لم تغ رب شمس ه‪ ،‬وف ائت‬
‫الليل ما لم يطلع فجره‪ .‬فيقضي ركع تي الفجر ما دام النه ار باقي ا‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫يقضي كل ت ابع ما لم يصل فريضة مس تقبلة‪ ،‬فيقضي ال وتر ما لم يصل‬
‫الصبح‪ ،‬ويقضي سنة الصبح ما لم يصل الظهر‪ ،‬والب اقي على ه ذا المث ال‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬على هذا االعتب ار‪ ،‬ب دخول وقت المس تقبلة‪ ،‬ال بفعله ا‪ .‬قلت‪ :‬يس تحب‬
‫عن دنا فعل ال رواتب‪ ،‬في الس فر‪ ،‬كالحض ر‪ .‬والس نة‪ :‬أن يض طجع بعد س نة‬
‫الفجر قبل الفريضة‪ .‬فإن لم يفعل‪ ،‬فصل بينهما‪ ،‬لحديث [ عن عائشة رضي‬
‫هللا عنها ] (‪( ،)1‬أن الن بي (ص)‪ ،‬ك ان إذا ص لى س نة الفج ر‪ ،‬ف إن كنت‬
‫مستيقظة‪ ،‬حدثني‪ ،‬وإال اضطجع ح تى ي ؤذن بالص الة) رواه البخ اري (‪.)2‬‬
‫والسنة‪ ،‬أن يخفف السورة فيهما‪ .‬ففي (ص حيح مس لم) (‪ )3‬أن الن بي (ص)‪،‬‬
‫كان يقرأ في االولى بعد الفاتحة‪( * ،‬قولوا آمنا باهلل‪ .)4( * )...‬اآلي ات‪ .‬وفي‬
‫‪.‬الثانية‪( * :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا‪)5( * )...‬‬
‫] ‪[ 441‬‬
‫وفي رواية (‪ :)1‬أنه ق رأ في االولى‪( * :‬قل يا أيها الك افرون) *‪ .‬وفي‬
‫الثاني ة‪( * :‬قل هو هللا أح د) * فكالهما س نة‪ .‬ونص في (الب ويطي) على‬
‫الثانية‪ .‬وفي سنة المغرب‪( * :‬قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو هللا أح د)‬
‫*‪ .‬وكذا في ركع تي االس تخارة‪ ،‬وتحية المس جد‪ .‬وتط وع اللي ل‪ ،‬أفضل من‬
‫تطوع النهار (‪ .)2‬فإن أراد أحد نصفي اللي ل‪ ،‬فالنصف الث اني أفض ل‪ ،‬وإن‬
‫أراد أحد الثالثه‪ )3( ،‬فاالوسط وأفضل منه السدس الراب ع‪ ،‬والخ امس‪ .‬ثبت‬
‫ذلك في (الص حيحين) (‪ .)4‬ويك ره قي ام الليل كله دائم ا‪ ،‬وينبغي أن ال يخل‬
‫بص الة في الليل وإن قلت‪ .‬والنفل في ال بيت أفضل من المس جد (‪ ،)5‬كما‬
‫‪.‬قدمناه‬

‫] ‪[ 442‬‬
‫ويستحب لمن قام لتهجد‪ ،‬أن يوقظ له من يطمع بتهجده إذا لم يخف ضررا‪.‬‬
‫ويستحب المحافظة على الركعتين في المسجد‪ ،‬إذا قدم من س فر‪ ،‬لالح اديث‬
‫‪.‬الصحيحة في كل ذلك‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 443‬‬
‫كت اب ص الة الجماعة (‪ )1‬اعلم أن أرك ان الص الة وش روطها‪ ،‬ال تختلف‬
‫بالجماع ة‪ ،‬واالنف راد‪ ،‬لكن الجماعة أفض ل‪ .‬فالجماعة ف رض عين في‬
‫الجمع ة‪ ،‬وأما في غيرها من المكتوب ات‪ ،‬ففيها أوج ه‪ .‬االص ح‪ :‬أنها ف رض‬
‫كفاية (‪ .)2‬والث اني‪ :‬س نة‪ .‬والث الث‪ :‬ف رض عين قاله من أص حابنا‪ ،‬ابن‬
‫المنذر‪ ،‬وابن خزيمة‪ .‬وقي ل‪ :‬إنه ق ول للش افعي رحمه هللا‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ف رض‬
‫كفاية‪ ،‬فإن امتنع أهل قرية من إقامتها‪ ،‬قاتلهم االمام‪ ،‬ولم يسقط الح رج‪ ،‬إال‬
‫إذا أقاموه ا‪ ،‬بحيث يظهر ه ذا الش عار بينهم‪ .‬ففي القرية الص غيرة يكفي‬
‫إقامتها في موضع‪ ،‬وفي الكبيرة‪ ،‬والبالد‪ ،‬تقام في المح ال‪ .‬فلو أطبق وا على‬
‫إقامتها في البيوت‪ ،‬قال أبو إس حاق‪ :‬ال يس قط الف رض‪ .‬وخالفه بعض هم‪ ،‬إذا‬
‫ظه رت في االس واق (‪ .)3‬وإن قلن ا‪ :‬إنها س نة فتركوه ا‪ ،‬لم يق اتلوا على‬
‫‪.‬االصح‬
‫] ‪[ 444‬‬
‫قلت‪ :‬قول أبي إسحاق أصح‪ .‬ولو أق ام الجماعة طائفة يس يرة من أهل البل د‪،‬‬
‫وأظهروها في كل البل د‪ ،‬ولم يحض رها جمه ور المقيمين بالبل د‪ ،‬حص لت‬
‫الجماعة‪ ،‬وال إثم على المتخلفين‪ .‬كما إذا ص لى على الجن ازة طائفة يس يرة‪.‬‬
‫وأما أهل البوادي‪ ،‬فقال إمام الحرمين‪ :‬عندي فيهم نظر‪ ،‬فيجوز أن يق ال‪ :‬ال‬
‫يتعرضون لهذا الفرض‪ ،‬ويجوز أن يق ال‪ :‬يتعرض ون له إذا ك انوا س اكنين‪.‬‬
‫قال‪ :‬وال شك أن المسافرين ال يتعرض ون له ذا الف رض‪ ،‬وك ذا إذا قل ع دد‬
‫س اكني قرية (‪ .)1‬ه ذا كالم االم ام‪ .‬والمخت ار أن أهل الب وادي الس اكنين‪،‬‬
‫كأهل القرية‪ ،‬للحديث الصحيح (‪ )2‬ما من ثالثة في قري ة‪ ،‬أو ب دو‪ ،‬ال تق ام‬
‫فيهم الصالة‪ ،‬إال قد استحوذ عليهم الش يطان)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ه ذا حكم الرج ال‪.‬‬
‫وأما النساء‪ ،‬فال تف رض عليهن الجماع ة‪ ،‬ال ف رض عين‪ ،‬وال كفاي ة‪ .‬ولكن‬
‫يس تحب لهن‪ .‬ثم فيه وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬كاس تحبابها للرج ال‪ .‬وأص حهما‪ :‬ال‬
‫يتأكد في حقهن‪ ،‬كتأك دها في حق الرج ال‪ .‬فال يك ره لهن تركه ا‪ ،‬ويك ره‬
‫تركها للرج ال‪ ،‬مع قولن ا‪ :‬هي لهم س نة‪ .‬والمس تحب أن تقف إم امتهن (‪)3‬‬
‫وس طهن‪ ،‬وجم اعتهن في ال بيوت أفض ل‪ .‬ف إن أردن حض ور المس جد مع‬
‫الرجال‪ ،‬كره للشواب‪ ،‬دون العج ائز‪ .‬وإمامة الرج ال لهن‪ ،‬أفضل من إمامة‬
‫النساء‪ ،‬لكن ال‬

‫] ‪[ 445‬‬
‫يجوز أن يخلو بهن غير محرم (‪ .)1‬قلت‪ :‬الخالف في كون الجماعة فرض‬
‫كفاي ة‪ ،‬أم عين‪ ،‬أم س نة‪ ،‬هو في المكتوب ات المؤدي ات‪ ،‬أما المن ذورة‪ ،‬فال‬
‫يشرع فيها الجماعة‪ .‬وقد ذكره الرافعي في أثناء كالمه في ب اب االذان‪ ،‬في‬
‫مسألة‪ ،‬ال يؤذن لمن ذورة‪ .‬وأما المقض ية‪ ،‬فليست الجماعة فيها ف رض عين‪،‬‬
‫وال كفاية قطعا‪ ،‬ولكنها سنة قطعا‪ .‬وفي الصحيح (‪ :)2‬أن رس ول هللا (ص)‬
‫ص لى بأص حابه الص بح جماعة حين ف اتتهم ب الوادي‪ .‬وأما القض اء خلف‬
‫االداء وعكس ه‪ ،‬فج ائز عن دنا‪ ،‬كما س يأتي إن ش اء هللا تع الى‪ .‬لكن االولى‬
‫االنفراد للخروج من خالف العلماء‪ .‬وأما النوافل‪ ،‬فقد س بق في ب اب ص الة‬
‫التط وع ما يش رع فيه الجماع ة‪ ،‬منه ا‪ ،‬وما ال يش رع‪ .‬ومع نى ق ولهم‪ :‬ال‬
‫يشرع‪ ،‬ال تستحب فلو صلى هذا النوع جماعة ج از‪ ،‬وال يق ال مك روه‪ ،‬فقد‬
‫تظاهرت االحاديث الصحيحة على ذلك‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬إذا ص لى الرجل‬
‫في بيته برفيق ه‪ ،‬أو زوجت ه‪ ،‬أو ول ده‪ ،‬ح از فض يلة الجماع ة‪ ،‬لكنها في‬
‫المسجد أفضل‪ .‬وحيث كان الجمع من المساجد أك ثر‪ ،‬فهو أفض ل‪ .‬ولو ك ان‬
‫بقربه مسجد قليل الجمع‪ ،‬وبالبعد مسجد كثير الجمع‪ ،‬فالبعيد أفض ل‪ ،‬إال في‬
‫ح التين‪ .‬إح داهما‪ :‬أن تتعطل جماعة الق ريب بعدوله عن ه‪ ،‬لكونه إمام ا‪ ،‬أو‬
‫يحضر الن اس بحض وره‪ ،‬ف القريب أفض ل‪ .‬والث اني‪ :‬أن يك ون إم ام البعيد‬
‫مبتدعا‪ ،‬كالمعتزلي (‪ )3‬وغيره‪ ،‬قال المحاملي وغ يره‪ :‬وك ذا لو ك ان االم ام‬
‫‪،‬حنفيا (‪)4‬‬

‫] ‪[ 446‬‬
‫النه ال يعتقد وج وب بعض االرك ان‪ ،‬بل ق ال أبو إس حاق‪ :‬الص الة منف ردا‬
‫أفضل من الص الة خلف الحنفي وه ذا تفريع على ص حة الص الة خلف‬
‫الحنفي (‪ .)1‬ولنا وجه‪ :‬أن رعاية مسجد الجوار‪ ،‬أفضل بكل حال‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫أدرك المسبوق االمام قبل السالم‪ ،‬أدرك فضيلة الجماعة على الصحيح الذي‬
‫قطع به الجمهور (‪ .)2‬وقال الغزالي‪ :‬ال يدرك إال ب إدراك ركع ة‪ .‬وهو ش اذ‬
‫ض عيف‪ .‬ف رع‪ :‬يس تحب المحافظة على إدراك التكب يرة االولى مع االم ام‪.‬‬
‫وفيما يدركها به‪ ،‬أوجه‪ .‬أص حها‪ :‬ب أن يش هد تكب يرة االم ام‪ ،‬ويش تغل عقبها‬
‫بعقد ص الته‪ .‬ف إن أخر لم ي دركها‪ .‬والث اني‪ :‬ب أن ي درك الرك وع االول‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن يدرك شيئا من القي ام‪ .‬والراب ع‪ :‬أن يش غله أمر دني وي لم ي درك‬
‫بالركوع‪ .‬وإن منعه عذر‪ ،‬أو سبب‬

‫] ‪[ 447‬‬
‫للصالة‪ ،‬كالطه ارة أدرك ب ه‪ .‬قلت‪ :‬وذكر القاضي حس ين وجها خامس ا‪ :‬أنه‬
‫يدركها ما لم يشرع االمام في الفاتحة‪ .‬قال الغ زالي في (البس يط) في الوجه‬
‫الثاني‪ :‬والث الث‪ ،‬هما فيمن لم يحضر إح رام االم ام‪ ،‬فأما من حضر وأخ ر‪،‬‬
‫فقد فاتته فضيلة التكبيرة‪ ،‬وإن أدرك الركعة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو خاف فوت ه ذه‬
‫التكبيرة (‪ ،)1‬فقد قال أبو إسحاق‪ :‬يستحب أن يس رع‪ ،‬لي دركها‪ ،‬والص حيح‬
‫ال ذي قطع به الجم اهير‪ :‬أنه ال يس رع‪ ،‬بل يمشي بس كينة‪ ،‬كما لو لم يخف‬
‫فوتها‪ .‬فص ل‪ :‬يس تحب لالم ام أن يخفف الص الة من غ ير ت رك االبع اض‪،‬‬
‫والهيئات‪ .‬فإن رضي القوم بالتطويل (‪ ،)2‬وكانوا منحصرين‪ ،‬ال يدخل فيهم‬
‫غيرهم‪ ،‬فال بأس بالتطويل‪ .‬ولو ط ول االم ام‪ ،‬فله أح وال‪ .‬منه ا‪ :‬أن يص لي‬
‫في مسجد سوق‪ ،‬أو محلة‪ ،‬فيطول‪ ،‬ليلحق آخرون تكثر بهم الجماع ة‪ ،‬فه ذا‬
‫مك روه‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن ي ؤم في مس جد يحض ره رجل ش ريف‪ ،‬فيط ول ليلحق‬
‫الشريف‪ ،‬فيكره أيضا‪ .‬ومنها‪ :‬أن يحس في صالته بمجئ رجل يريد االقتداء‬
‫به‪ .‬فإن كان االمام‬

‫] ‪[ 448‬‬
‫راكع ا‪ ،‬فهل ينتظ ره لي درك الرك وع ؟ فيه ق والن‪ :‬أظهرهما عند إم ام‬
‫الح رمين‪ ،‬وآخ رين‪ :‬ال ينتظ ره‪ ،‬والث اني‪ :‬ينتظ ره بش رط أن ال يفحش‬
‫التطويل‪ ،‬وأن يكون المسبوق داخل المسجد حين االنتظار‪ .‬فإن ك ان خارجه‬
‫لم ينتظ ره قطعا وبش رط أن يقصد به التق رب إلى هللا تع الى‪ ،‬ف إن قصد‬
‫التودد واستمالته‪ ،‬فال ينتظره قطع ا‪ .‬وه ذا مع نى ق ولهم‪ :‬ال يم يز بين داخل‬
‫وداخل‪ .‬وقيل‪ :‬إن عرف ال داخل بعين ه‪ ،‬لم ينتظ ره‪ ،‬وإال انتظ ره‪ .‬وقي ل‪ :‬إن‬
‫ك ان مالزما للجماع ة‪ ،‬انتظ ره‪ ،‬وإال فال‪ .‬واختلف وا في كيفية الق ولين‪ .‬فق ال‬
‫معظم االصحاب‪ :‬ليس الق والن في اس تحباب االنتظ ار‪ ،‬بل أح دهما‪ :‬يك ره‪،‬‬
‫وأظهرهما‪ :‬ال يك ره‪ .‬وقي ل‪ :‬أح دهما‪ ،‬يس تحب‪ .‬والث اني‪ :‬ال يس تحب‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫أحدهما يستحب‪ .‬والثاني‪ :‬يكره‪ .‬وقيل‪ :‬ال ينتظره ق وال واح دا‪ .‬وإنما الق والن‬
‫في االنتظ ار في القي ام‪ .‬وقي ل‪ :‬إن لم يضر االنتظ ار بالم أمومين‪ ،‬ولم يشق‬
‫عليهم‪ ،‬انتظر قطع ا‪ ،‬وإال ففيه الق والن‪ .‬وحيث قلن ا‪ :‬ال ينتظ ر‪ ،‬ف انتظر‪ ،‬لم‬
‫تبطل صالته على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬في بطالنها قوالن‪ .‬ولو أحس بالداخل في‬
‫التش هد االخ ير‪ ،‬فهو ك الركوع‪ .‬وإن أحس به في س ائر االرك ان كالقي ام‬
‫والسجود‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬لم ينتظره على المذهب الذي قطع به الجمهور‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫هو كالركوع‪ .‬وقيل‪ :‬القيام‪ ،‬كالركوع‪ ،‬دون غيره‪ .‬وحيث قلنا‪ :‬ال ينتظر‪ ،‬ففي‬
‫البطالن ما س بق (‪ .)1‬قلت‪ :‬الم ذهب أنه يس تحب انتظ اره في الرك وع‬
‫والتشهد االخير بالشروط الم ذكورة‪ ،‬ويك ره في غيرهم ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪:‬‬
‫من صلى صالة من الخمس منف ردا ثم أدرك جماعة يص لونها‪ ،‬اس تحب أن‬
‫يعي دها معهم‪ .‬ولنا وجه ش اذ منك ر‪ :‬أنه يعيد الظهر والعش اء فق ط‪ .‬ووج ه‪:‬‬
‫يعيدهما مع المغرب‪ .‬ولو صلى جماعة‪ ،‬ثم أدرك جماعة أخرى‪ ،‬فاالصح‬

‫] ‪[ 449‬‬
‫عند جماهير االص حاب‪ :‬يس تحب االع ادة ك المنفرد‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪ .‬فعلى ه ذا‬
‫تك ره إع ادة الص بح والعصر دون غيرهم ا‪ .‬والث الث‪ :‬إن ك ان في الجماعة‬
‫الثانية زيادة فضيلة لكون االم ام أعلم أو أورع‪ ،‬أو الجمع أك ثر‪ ،‬أو المك ان‬
‫أشرف‪ ،‬اس تحب االع ادة وإال فال‪ .‬والراب ع‪ :‬يس تحب إع ادة ما ع دا الص بح‬
‫والعصر‪ .‬وإذا استحببنا االعادة لمن ص لى منف ردا‪ ،‬أو جماع ة‪ ،‬ففي فرضه‬
‫ق والن‪ ،‬ووجه ان (‪ .)1‬أظهر الق ولين وهو الجدي د‪ :‬فرضه االولى‪ .‬والق ديم‪:‬‬
‫فرضه إحداهما ال بعينه ا‪ .‬وهللا تع الى يحتسب بما ش اء منهم ا‪ ،‬وربما قي ل‪:‬‬
‫يحتسب بأكملهما‪ .‬وأحد الوجهين كالهما فرض‪ .‬والث اني‪ :‬إن ص لى منف ردا‪،‬‬
‫ف الفرض الثانية لكماله ا‪ .‬ثم إن فرعنا على غ ير الجدي د‪ ،‬ن وى الف رض في‬
‫الم رة الثاني ة‪ .‬وإن ك انت الص الة مغربا أعادها ك المرة االولى‪ .‬وإن فرعنا‬
‫على الجديد‪ ،‬فوجهان‪ .‬االصح الذي قاله االكثرون‪ :‬ينوي بها الفرض أيض ا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬اختاره إمام الحرمين‪ :‬ينوي الظهر والعصر‪ .‬وال يتع رض للف رض‬
‫فإن كانت الصالة مغربا‪ .‬فالصحيح‪ :‬أنه يعيدها كالمرة االولى (‪ .)2‬والث اني‪:‬‬
‫يستحب أن يقوم إلى ركعة أخرى إذا سلم االمام‪ .‬قلت‪ :‬الراجح‪ :‬اختي ار إم ام‬
‫الحرمين‪ .‬ويستحب لمن ص لى إذا رأى من يص لي تلك الفريضة وح ده‪ ،‬أن‬
‫يص ليها معه ليحصل له فض يلة الجماع ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬ال رخصة في‬
‫ترك الجماعة‪ ،‬سواء قلنا سنة‪ ،‬أو فرض كفاية إال من عذر عام‪ ،‬أو خاص‪،‬‬
‫فمن العام‪ :‬المطر ليال كان أو نهارا (‪ .)3‬ومنه الريح العاصفة‬

‫] ‪[ 450‬‬
‫في الليل دون النه ار‪ .‬وبعض االص حاب يق ول‪ :‬ال ريح العاص فة في الليلة‬
‫المظلمة‪ ،‬وليس ذلك على سبيل اشتراط الظلمة‪ .‬ومنه الوحل الشديد وس يأتي‬
‫في الجمعة إن شاء هللا تعالى‪ .‬ومن ه‪ ،‬الس موم‪ ،‬وش دة الحر في الظه ر‪ .‬ف إن‬
‫أقاموا الجماعة ولم يبردوا‪ ،‬أو أبردوا‪ ،‬أو بقي الحر الشديد‪ ،‬فله التخلف عن‬
‫الجماعة‪ .‬ومنه شدة ال برد س واء في الليل والنه ار‪ .‬ومن االع ذار الخاص ة‪:‬‬
‫الم رض‪ ،‬وال يش ترط بلوغه ح دا يس قط القي ام في الفريض ة‪ ،‬بل يعت بر أن‬
‫يلحقه مش قة كمش قة الماشي في المط ر‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يك ون ممرض ا‪ ،‬وي أتي‬
‫تفص يله في (الجمع ة) إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يخ اف على نفس ه‪ ،‬أو‬
‫ماله‪ ،‬أو على من يلزمه ال ذب عنه من س لطان‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬ممن يظلم ه‪ ،‬أو‬
‫يخ اف من غ ريم يحبس ه‪ ،‬أو يالزمه وهو معس ر‪ ،‬فله التخل ف‪ .‬وال ع برة‬
‫بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه‪ ،‬بل عليه الحضور ويوفيه ذلك‬
‫الحق‪ .‬ويدخل في الخوف على المال‪ ،‬ما إذا كان خبزه في التن ور‪ ،‬أو ق دره‬
‫على الن ار‪ ،‬وليس هن اك من يتعه دهما‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يك ون عليه قص اص لو‬
‫ظفر به المس تحق لقتل ه‪ ،‬وك ان يرجو العفو مجان ا‪ ،‬أو على م ال لو غيب‬
‫وجهه أياما‪ ،‬فله التخلف بذلك‪ .‬وفي معن اه حد الق ذف دون حد الزن ا‪ ،‬وما ال‬
‫يقبل العفو‪ .‬واستشكل إمام الحرمين جواز التغيب لمن عليه قصاص‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫أن يدافع أحد االخب ثين‪ ،‬أو ال ريح (‪ .)1‬وتك ره الص الة في ه ذه الح ال‪ ،‬بل‬
‫يس تحب أن يف رغ نفس ه‪ ،‬ثم يص لي وإن ف اتت الجماع ة‪ .‬فلو خ اف ف وت‬
‫الوقت‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬يقدم الصالة‪ .‬والث اني‪ :‬االولى أن يقضي حاجت ه‪،‬‬
‫وإن ف ات ال وقت‪ ،‬ثم يقض ي‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه إذا ض اق عليه االمر‬
‫بالمدافعة‪ ،‬وس لبت خش وعه‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬قاله الش يخ أبو زي د‪ ،‬والقاضي‬
‫‪.‬حسين‬

‫] ‪[ 451‬‬
‫ومنه ا‪ :‬أن يك ون به ج وع‪ ،‬أو عطش ش ديد‪ ،‬وحضر الطع ام والش راب‪،‬‬
‫وتاقت نفسه إلي ه‪ ،‬فيب دأ باالكل والش رب‪ .‬ق ال االص حاب‪ :‬وليس الم راد أن‬
‫يس توفي الش بع‪ ،‬بل يأكل لقما يكسر ح دة جوع ه‪ .‬إال أن يك ون الطع ام مما‬
‫يؤتى عليه مرة واحدة‪ ،‬كالسويق‪ ،‬واللبن‪ .‬فإن خاف فوت ال وقت لو اش تغل‪،‬‬
‫فوجهان‪ ،‬كمدافعة االخبثين‪ .‬ومنها‪ :‬أن يكون عاريا ال لب اس (‪ )1‬ل ه‪ ،‬فيع ذر‬
‫في التخل ف‪ ،‬س واء وجد ما يس تر الع ورة‪ ،‬أم ال‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يريد الس فر‬
‫وترتحل الرفق ة‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يك ون ناشد ض الة يرجو الظف ر‪ ،‬إن ت رك‬
‫الجماعة‪ ،‬أو وجد من غصب مال ه‪ ،‬وأراد اس ترداده من ه‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يك ون‬
‫أكل بص ال‪ ،‬أو كراثا (‪ ،)2‬أو نحوهم ا‪ ،‬ولم يمكنه إزالة الرائحة بغسل‬
‫ومعالجة‪ ،‬فإن كان مطبوخا فال‪ .‬ومنها‪ :‬غلبة النوم (‪ .)3‬قلت‪ :‬أما الثلج‪ ،‬ف إن‬
‫‪.‬بل الثوب فعذر‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬قال في (الحاوي)‪ :‬والزلزلة عذر‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 452‬‬
‫ب اب ص فة االئمة ص فة االئمة ض ربان‪ ،‬مش روطة‪ ،‬ومس تحبة‪ .‬فأما‬
‫المش روطة‪ ،‬فص الة االم ام ت ارة تك ون باطلة في اعتق اد االم ام والم أموم‪،‬‬
‫وت ارة تك ون ص حيحة‪ .‬ف االول كص الة المح دث‪ ،‬والجنب‪ ،‬ومن على ثوبه‬
‫نجاسة‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فال يجوز لمن علم حاله االقت داء ب ه‪ ،‬وك ذلك الك افر ال‬
‫يج وز االقت داء ب ه‪ .‬ولو ص لى‪ ،‬لم يصر بالص الة مس لما على المش هور‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬إذا صلى في دار الحرب‪ ،‬صار مسلما‪ .‬ه ذا إذا لم يس مع منه كلمتا‬
‫الش هادتين‪ ،‬ف إن س معتا‪ ،‬حكم بإس المه على الص حيح (‪ .)1‬فأما إذا ك انت‬
‫ص الة االم ام ص حيحة في اعتق اده دون اعتق اد الم أموم‪ ،‬أو ب العكس‪ ،‬فله‬
‫ص ورتان‪ .‬إح داهما‪ :‬أن يك ون ذلك الختالفهما في الف روع االجتهادي ة‪ .‬ب أن‬
‫مس الحنفي فرجه‪ ،‬وصلى‪ ،‬ولم يتوضأ‪ ،‬أو ترك االعتدال‪ ،‬أو الطمأنينة‪ ،‬أو‬
‫قرأ غ ير الفاتح ة‪ ،‬ففي ص حة ص الة الش افعي خلف ه‪ ،‬وجه ان‪ .‬ق ال القف ال‪:‬‬
‫يصح‪ .‬وقال الشيخ أبو حامد‪ :‬ال يصح‪ .‬وه ذا هو االصح عند االك ثرين‪ .‬وبه‬
‫قطع الروياني في (الحلية) والغزالي في (الفت اوى)‪ .‬ولو ص لى على وجه ال‬
‫يص ححه‪ ،‬والش افعي يص ححه‪ ،‬ب أن احتجم‪ ،‬وص لى‪ ،‬فعند القف ال‪ :‬ال يصح‬
‫اقتداء الشافعي به‪ .‬وعند أبي حام د‪ :‬يص ح‪ ،‬اعتب ارا باعتق اد الم أموم‪ .‬وق ال‬
‫االودني (‪ ،)2‬والحليمي من أص حابنا‪ :‬إذا أم ولي االم ر‪ ،‬أو نائبه ف ترك‬
‫البسملة‪ .‬والمأموم يرى وجوبها‪ ،‬صحت صالته خلفه عالما كان‪ ،‬أو عامي ا‪،‬‬
‫وليس له المفارقة لما فيه من الفتنة‪ ،‬وه ذا حس ن‪ .‬أما إذا حافظ الحنفي على‬
‫جميع ما يعتقد الشافعي وجوبه‪ ،‬واش تراطه‪ ،‬فيصح اقت داء الش افعي به على‬
‫الصحيح الذي قطع به الجمهور‪ .‬وق ال االس تاذ أبو إس حاق االس فراييني‪ :‬ال‬
‫يصح‪ .‬ولو شك‪ ،‬هل أتى بالواجبات‪ ،‬أم ال ؟ فاالصح‪ :‬أنه كما‬

‫] ‪[ 453‬‬
‫إذا علم إتيانه به ا‪ .‬والث اني‪ :‬أنه كما إذا علم تركه ا‪ ،‬فالحاصل في اقت داء‬
‫الشافعي بالحنفي‪ ،‬أربعة أوجه‪ .‬أحدها‪ :‬الصحة‪ .‬والث اني‪ :‬البطالن‪ .‬واالص ح‪:‬‬
‫إن حافظ على الواجب ات‪ ،‬أو ش ككنا‪ ،‬ص ح‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬والراب ع‪ :‬إن حاف ظ‪،‬‬
‫ص ح‪ .‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ولو اقت دى الحنفي بالش افعي‪ ،‬فص لى الش افعي على وجه‬
‫يصح عنده‪ ،‬وال يصح عند الحنفي‪ ،‬بأن احتجم‪ ،‬ففي ص حة اقتدائه الخالف‪.‬‬
‫وإذا صححنا اقتداء أح دهما ب اآلخر‪ ،‬فص لى الش افعي الص بح خلف حنفي‪،‬‬
‫ومكث الحنفي بعد الرك وع قليال‪ ،‬وأمكنه أن يقنت في ه‪ ،‬فع ل‪ ،‬وإال تابع ه‪.‬‬
‫ويسجد للسهو‪ ،‬إن اعتبرنا اعتقاد الم أموم‪ ،‬وإن اعتبرنا اعتق اد االم ام‪ ،‬فال‪.‬‬
‫ولو صلى الحنفي خلف الشافعي الصبح‪ ،‬فترك االمام القنوت ساهيا‪ ،‬وس جد‬
‫للس هو‪ ،‬تابعه الم أموم‪ ،‬وإن ت رك االم ام س جود الس هو‪ ،‬س جد الم أموم إن‬
‫اعتبرنا اعتقاد االمام‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬الصورة الثانية‪ :‬أن ال يك ون الختالفهما في‬
‫الف روع‪ ،‬فال يج وز لمن يعتقد بطالن ص الة غ يره أن يقت دي ب ه‪ ،‬ك رجلين‬
‫اختلف اجتهادهما في القبلة‪ ،‬أو في إناءين‪ :‬طاهر‪ ،‬ونجس‪ ،‬فلو كثرت اآلنية‬
‫والمجتهدون‪ ،‬واختلف وا ب أن ك انت ثالث ة‪ :‬ط اهران‪ ،‬ونجس‪ ،‬فظن كل رجل‬
‫طهارة واحد فحسب‪ ،‬وأم كل واحد في صالة فثالثة أوج ه‪ ،‬الص حيح‪ :‬ق ول‬
‫ابن الح داد واالك ثرين‪ :‬تصح لكل واحد ما أم في ه‪ ،‬واالقت داء االول يبطل‬
‫الثاني‪ .‬والثاني‪ :‬قول صاحب (التلخيص)‪ :‬ال يصح االقت داء أص ال‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫قول أبي إسحاق المروزي‪ :‬يصح االقتداء االول إن اقتصر عليه‪ .‬فإن اقت دى‬
‫ثاني ا‪ ،‬لزمه إعادتهم ا‪ .‬أما إذا ظن طه ارة اث نين‪ ،‬فيصح اقت داؤه مس تعمل‬
‫المظنون طهارته بال خالف‪ .‬وال يصح بالث الث بال خالف‪ .‬ولو ك انت اآلنية‬
‫خمسة‪ ،‬والنجس منها واحد‪ ،‬فظن كل واحد طهارة واحد‪ ،‬ولم يظن شيئا من‬
‫االربع ة‪ ،‬وأم كل واحد في ص الة‪ ،‬فعند ص احب (التلخيص) والم روزي‪:‬‬
‫يجب عليهم إعادة ما اقتدوا به‪ .‬وعند ابن الحداد‪ :‬يجب إعادة االقتداء االخير‬
‫فقط‪ .‬وقال بعض االصحاب‪ :‬ه ذه االوجه إنما هي فيما إذا س مع ص وت من‬
‫خمسة أنفس وتناكروه‪ .‬فأما اآلنية‪ :‬فال تبطل إال االقت داء االخ ير بال خالف‪.‬‬
‫ولو ك ان النجس من اآلنية الخمسة اث نين‪ ،‬ص حت ص الة كل واحد منهم‬
‫خلف اثنين‪ ،‬وبطلت خلف اثنين‪ .‬ولو كان النجس ثالثة‪ ،‬ص حت خلف واحد‬
‫‪.‬فحسب‪ .‬هذا قول ابن الحداد‪ ،‬وال يخفى قول اآلخرين‬

‫] ‪[ 454‬‬
‫الحال الثاني‪ :‬أن تكون صالة االم ام ص حيحة في اعتق اد االم ام والم أموم‪،‬‬
‫فتارة يغني عن القض اء‪ ،‬وت ارة ال يغ ني‪ .‬ف إن لم تغن كمن لم يجد م اء وال‬
‫ترابا‪ ،‬لم يجز االقتداء به للمتوضئ وال للمتيمم الذي ال يقض ي‪ .‬وهل يج وز‬
‫لمن هو في مثل حاله ؟ وجه ان‪ .‬الص حيح‪ :‬ال‪ .‬ومثل ه‪ :‬المقيم الم تيمم لع دم‬
‫الم اء‪ ،‬ومن أمكنه أن يتعلم الفاتحة فلم يتعلم ثم ص لى لحرمة ال وقت‪،‬‬
‫والع اري‪ ،‬والمرب وط على خش بة إذا أوجبنا عليهم االع ادة‪ .‬وإن أغنت عن‬
‫القضاء‪ .‬ف إن ك ان مأموم ا‪ ،‬لم يصح االقت داء ب ه‪ .‬ولو رأى رجلين يص ليان‬
‫جماعة‪ ،‬وشك أيهما االمام‪ ،‬لم يجز االقتداء بواحد منهما حتى يت بين االم ام‪.‬‬
‫ولو اعتقد كل واحد من المصلين أنه م أموم‪ ،‬لم تصح ص التهما‪ .‬وإن اعتقد‬
‫أنه إمام‪ ،‬ص حت‪ .‬ولو شك كل واحد أنه إم ام‪ ،‬أم م أموم‪ ،‬بطلت ص التهما‪.‬‬
‫وإن شك أح دهما‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وأما اآلخ ر‪ ،‬ف إن ظن أنه إم ام ص حت‪،‬‬
‫وإال‪ ،‬فال‪ .‬وإن كان غير م أموم‪ ،‬فت ارة يخل ب القراءة‪ ،‬وت ارة ال يخ ل‪ ،‬ف إن‬
‫أخل ب أن ك ان أمي ا‪ ،‬ففي ص حة اقت داء الق ارئ ب ه‪ ،‬ثالثة أق وال‪ .‬الجديد‬
‫االظهر‪ :‬ال تصح‪ .‬والقديم‪ :‬إن كانت سرية‪ ،‬صح‪ ،‬وإال فال‪ .‬والث الث‪ :‬مخ رج‬
‫أنه يصح مطلقا‪ .‬هكذا نقل الجمهور‪ .‬وأنكر بعضهم الثالث‪ ،‬وعكس الغزالي‪،‬‬
‫فجعل الثاني ثالثا‪ ،‬والثالث ثانيا‪ ،‬والصواب‪ :‬االول‪ .‬قلت‪ :‬هذه االق وال جارية‬
‫سواء علم المأموم كون االمام أميا‪ ،‬أم ال هكذا قاله الشيخ أبو حامد‪ ،‬وغيره‪.‬‬
‫وهو مقتضى اطالق الجمهور‪ .‬وقال صاحب (الح اوي)‪ :‬االق وال إذا لم يعلم‬
‫كونه أميا‪ ،‬فإن علم لم يصقطعا‪ ،‬والص حيح أنه ال ف رق‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬والم راد‬
‫ب االمي‪ :‬من ال يحسن الفاتحة أو بعض ها‪ ،‬لخ رس أو غ يره‪ ،‬في دخل فيه‬
‫االرت (‪ .)1‬وهو الذي ي دغم (‪ )2‬حرفا بح رف في غ ير موضع االدغ ام (‬
‫‪ .)3‬وقال في (التهذيب)‪ :‬هو الذي يبدل الراء بالتاء‪ .‬وااللثغ‪ :‬وهو الذي يبدل‬
‫‪،‬حرفا بحرف‬
‫] ‪[ 455‬‬
‫كالسين بالثاء‪ ،‬والراء ب الغين‪ ،‬ومن في لس انه رخ اوة تمنعه التش ديد‪ .‬واعلم‬
‫أن الخالف المذكور في اقت داء الق ارئ ب االمي هو فيمن لم يطاوعه لس انه‪،‬‬
‫ه‪ .‬فأما إذا مضى زمن وقصر‬ ‫أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن التعلم في‬
‫ب ترك التعلم‪ ،‬فال يصح االقت داء به بال خالف‪ ،‬الن ص الته حينئذ مقض ية‪،‬‬
‫كصالة من لم يجد ماء وال ترابا‪ .‬ويصح اقتداء أمي ب أمي مثل ه‪ .‬ولو حضر‬
‫رجالن‪ ،‬كل واحد منهما يحسن بعض الفاتحة إن كان ما يحس نه ذا‪ ،‬يحس نه‬
‫ذاك‪ ،‬ج از اقت داء كل واحد بص احبه‪ ،‬وإن أحسن كل واحد غ ير ما يحس نه‬
‫اآلخر‪ ،‬فاقتداء أحدهما باآلخر‪ ،‬كاقتداء القارئ باالمي‪ .‬وعليه يخ رج االرت‬
‫ب االلثغ‪ ،‬وعكسه الن كل واحد ق ارئ ما ال يحس نه ص احبه‪ .‬وتك ره إم ام‬
‫التمتام‪ ،‬والفأفاء‪ ،‬واالقت داء يصح بهم ا‪ .‬قلت‪ :‬التمت ام‪ ،‬من يك رر الت اء (‪،)1‬‬
‫والفأفاء (‪ ،)2‬من يكرر الفاء‪ ،‬ويتردد فيها‪ ،‬وهو بهمزتين بعد الفاءين‪ ،‬بالمد‬
‫في آخ ره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وتك ره إمامة من يلحن في الق راءة ثم ينظ ر‪ :‬إن ك ان‬
‫لحنا ال يغير المعنى كرفع الهاء من الحمد هلل‪ ،‬صحت ص الته‪ ،‬وص الة من‬
‫اقتدى به‪ .‬وإن كان يغير‪ ،‬كضم تاء أنعمت عليهم‪ ،‬أو كسرها‪ ،‬تبطله‪ .‬كقوله‪:‬‬
‫الصراط المستقين‪ .‬فإن ك ان يطاوعه لس انه‪ ،‬ويمكنه التعلم‪ ،‬لزمه ذل ك‪ .‬ف إن‬
‫قصر‪ ،‬وضاق الوقت‪ ،‬صلى وقضى‪ ،‬وال يجوز االقتداء به‪ .‬وإن لم يطاوعه‬
‫لسانه‪ ،‬أو لم يمض ما يمكن التعلم في ه‪ ،‬ف إن ك ان في الفاتح ة‪ ،‬فص الة مثله‬
‫خلفه صحيحة‪ ،‬وصالة صحيح اللس ان خلف ه‪ ،‬ص الة ق ارئ خلف أمي‪ .‬وإن‬
‫كان في غير الفاتحة‪ ،‬صحت صالته‪ ،‬وصالة من خلفه قال إم ام الح رمين‪:‬‬
‫ولو قيل‪ :‬ليس لهذا الالحن قراءة غير الفاتحة مما يلحن في ه‪ ،‬لم يكن بعي دا‪،‬‬
‫النه يتكلم بما ليس بقرآن بال ض رورة‪ ،‬أما إذا لم يخل االم ام ب القراءة ف إن‬
‫كان رجال‪ ،‬صح اقتداء الرجال والنساء ب ه‪ ،‬وإن ك انت ام رأة‪ ،‬صح اقت داء‬
‫النس اء به ا‪ ،‬ولم يصح اقت داء الرج ال‪ ،‬وال الخن ثى‪ .‬وإن ك ان خن ثى‪ ،‬ج از‬
‫‪.‬اقتداء المرأة به‪ .‬وال يجوز اقتداء الرجل وال خنثى آخر به‬

‫] ‪[ 456‬‬
‫فرع‪ :‬حيث حكمنا بصحة االقتداء فال بأس أن يكون االمام متيمما‪ ،‬أو ماسح‬
‫خف‪ ،‬والمأموم متوضئا غاسال رجله‪ .‬ويج وز اقت داء الس ليم بس لس الب ول‪،‬‬
‫والط اهرة بالمستحاضة غ ير المتح يرة على االص ح‪ .‬كما يج وز قطعا بمن‬
‫اس تنجى باالحج ار‪ ،‬ومن على ثوب ه‪ ،‬أو بدنه نجاسة معفو عنه ا‪ .‬ويصح‬
‫صالة القائم خلف القاعد‪ ،‬أو القائم والقاعد خلف المضطجع‪ .‬ف رع‪ :‬جميع ما‬
‫تق دم فيما إذا ع رف الم أموم ح ال االم ام في الص فات المش روطة وج ودا‬
‫وع دما‪ .‬فأما إذا ظن ش يئا‪ ،‬فب ان خالف ه‪ ،‬فله ص ور‪ .‬منه ا‪ :‬إذا اقت دى رجل‬
‫بخنثى مشكل‪ ،‬وجب القضاء‪ ،‬فلو لم يقض حتى بان الخنثى رجال‪ ،‬لم يسقط‬
‫القض اء على االظه ر‪ .‬ويج ري الق والن فيما إذا اقت دى خن ثى ب امرأة‪ ،‬ولم‬
‫يقض حتى بان امرأة‪ ،‬وفيما إذا اقتدى خنثى بخنثى‪ ،‬ولم يقض المأموم حتى‬
‫بان امرأة واالمام رجال (‪ .)1‬ومنها‪ :‬لو اقت دى بمن ظنه متطه را‪ ،‬فب ان بعد‬
‫الصالة محدثا أو جنب ا‪ ،‬فال قض اء على الم أموم‪ .‬ولنا ق ول‪ :‬إن ك ان االم ام‬
‫عالما بحدثه‪ ،‬لزم المأموم القضاء وإال‪ ،‬فال‪ .‬والمشهور المعروف ال ذي قطع‬
‫به االص حاب‪ :‬أن ال قض اء مطلق ا‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الق ول الش اذ نقله ص احب‬
‫(التلخيص) قال القفال في شرح (التلخيص) ق ال أص حابنا‪ :‬ه ذا النقل غل ط‪.‬‬
‫وال يختلف م ذهب الش افعي‪ ،‬أنه ال إع ادة على الم أموم مطلق ا‪ ،‬وإنما حكى‬
‫الشافعي مذهب مالك‪ :‬أنه تجب االعادة إن‬

‫] ‪[ 457‬‬
‫تعمد االم ام‪ ،‬وليس م ذهبا ل ه‪ .‬والص واب‪ :‬إثب ات الق ول كما نقله ص احب‬
‫(التلخيص) وقد نص عليه الش افعي في (الب ويطي)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ه ذا إذا لم‬
‫يعرف المأموم حدث االمام أصال‪ .‬فإن علم ولم يتفرقا‪ ،‬ولم يتوضأ ثم اقت دى‬
‫به ناسيا‪ ،‬وجبت االعادة قطعا‪ .‬وهذا كله في غير ص الة الجمع ة‪ .‬ف إن ك ان‬
‫فيها‪ ،‬ففيه كالم يأتي في بابها إن شاء هللا تع الى‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو اقت دى بمن ظنه‬
‫قارئا فب ان أمي ا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬ال تصح ص الة الق ارئ خلف االمي‪ ،‬ففي االع ادة‬
‫وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬تجب‪ .‬قطع به في (الته ذيب)‪ ،‬وهو مقتضى كالم‬
‫االكثرين‪ ،‬سواء كانت الصالة سرية‪ ،‬أو جهري ة‪ .‬ولو اقت دى بمن ال يع رف‬
‫حاله في جهري ة‪ ،‬فلم يجه ر‪ ،‬وجبت االع ادة‪ .‬نص عليه في (االم) وقاله‬
‫العراقي ون‪ ،‬الن الظ اهر أنه لو ك ان قارئا لجه ر‪ .‬فلو س لم وق ال‪ :‬أس ررت‬
‫ونس يت الجه ر‪ ،‬لم تجب االع ادة‪ ،‬لكن تس تحب (‪ .)1‬ولو ب ان في أثن اء‬
‫الصالة ذكورة الخنثى‪ ،‬ففي بطالن صالة المأموم الرجل‪ ،‬الق والن‪ ،‬كما بعد‬
‫الفراغ‪ .‬ولو بان في أثنائها كونه جنبا‪ ،‬أو محدثا‪ ،‬فال قضاء ويجب أن ينوي‬
‫المفارقة في الحال‪ ،‬ويبني‪ .‬ولو بان أميا‪ ،‬وقلنا‪ :‬ال تجب االعادة‪ ،‬فكالمح دث‬
‫وإال‪ ،‬فك الخنثى‪ .‬ومنها لو اقت دى بمن ظنه رجال‪ ،‬فب ان ام رأة‪ ،‬أو خن ثى‪،‬‬
‫وجبت االعادة‪ .‬وقيل‪ :‬ال تجب إذا بان خنثى وهو شاذ‪ .‬ولو ظنه مسلما‪ ،‬فبان‬
‫ك افرا يتظ اهر بكف ره ك اليهودي‪ ،‬وجب القض اء‪ .‬وإن ك ان يخفيه ويظهر‬
‫االسالم‪ ،‬كالزنديق‪ ،‬والمرتد‪ ،‬لم يجب القضاء على االص ح‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي‬
‫ص ححه هو االق وى دليال‪ .‬لكن ال ذي ص ححه الجمه ور‪ ،‬وج وب القض اء‪.‬‬
‫وممن صححه الشيخ أبو حام د‪ ،‬والمح املي‪ ،‬والقاضي أبو الطيب‪ ،‬والش يخ‬
‫نصر المقدسي‪ ،‬وصاحبا (الحاوي) و (العدة) وغيرهم ونقله الشيخ أبو حامد‬
‫عن نص الش افعي رضي هللا عن ه‪ .‬ق ال ص احب (الح اوي)‪ :‬وهو م ذهب‬
‫‪.‬الشافعي وعامة أصحابه‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 458‬‬
‫ولو بان على بدن االم ام أو ثوبه نجاسة (‪ ،)1‬ف إن ك انت خفي ة‪ ،‬فهو كمن‬
‫بان محدثا‪ ،‬وإن كانت ظاهرة‪ ،‬فقال إمام الحرمين‪ :‬عن دي فيه احتم ال‪ ،‬النه‬
‫من جنس ما يخفى‪ .‬قلت‪ :‬وقطع صاحب (التتمة) و (التهذيب) وغيرهما‪ ،‬بأن‬
‫النجاسة كالحدث‪ .‬ولم يفرقوا بين الخفية وغيرها‪ ،‬وأشار إمام الحرمين‪ ،‬إلى‬
‫أنها إذا كانت ظاهرة‪ ،‬فهي كمسألة الزنديق (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬وقال المزني‪ :‬ال‬
‫يجب القضاء إذا بان كافرا‪ ،‬أو امرأة‪ .‬قلت‪ :‬ولو بان مجنونا‪ ،‬وجبت االع ادة‬
‫على المأموم‪ .‬فلو كان له حالة جن ون‪ ،‬وحالة إفاق ة‪ ،‬أو ح ال إس الم‪ ،‬وح ال‬
‫ردة‪ ،‬واقت دى به ولم ي در في أي حاليه ك ان‪ ،‬فال إع ادة‪ ،‬لكن يس تحب‪ .‬ولو‬
‫صلى خلف من يجهل إسالمه‪ ،‬فال إعادة‪ ،‬لكن يستحب‪ .‬ولو صلى خلف من‬
‫أسلم‪ ،‬فق ال بعد الف راغ‪ :‬لم أكن أس لمت حقيق ة‪ ،‬أو أس لمت ثم ارت ددت‪ ،‬فال‬
‫إعادة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬يصح االقت داء بالص بي المم يز في الف رض والنف ل‪،‬‬
‫ولكن البالغ أولى منه‪ .‬ويصح بالعبد بال كراهة‪ ،‬لكن الحر أولى‪ ،‬هذا إذا أما‬
‫في غ ير الجمع ة‪ .‬وإمامة االعمى ص حيحة‪ ،‬وهو والبص ير س واء على‬
‫الص حيح المنص وص ال ذي قطع به الجمه ور‪ .‬والث اني‪ :‬البص ير أولى‪،‬‬
‫واخت اره أبو إس حاق الش يرازي‪ .‬والث الث‪ :‬االعمى أولى‪ ،‬قاله أبو إس حاق‬
‫‪.‬المروزي‪ ،‬واختاره الغزالي (‪)3‬‬

‫] ‪[ 459‬‬
‫فصل في الصفات المستحبة في االمام‪ :‬االسباب التي يترجح (‪ )1‬بها االم ام‬
‫س تة‪ :‬الفق ه‪ ،‬والق راءة‪ ،‬وال ورع‪ ،‬والس ن‪ ،‬والنس ب‪ ،‬والهج رة‪ .‬فأما الفقه‬
‫والقراءة‪ ،‬فظاهران‪ .‬وأما الورع‪ ،‬فليس المراد منه مجرد العدالة (‪ ،)2‬بل ما‬
‫يزيد عليه من حسن الس يرة والعف ة‪ .‬وأما الس ن‪ ،‬ف المعتبر سن مضى في‬
‫االسالم (‪ ،)3‬فال يق دم ش يخ أس لم الي وم‪ ،‬على ش اب نشأ في االس الم‪ ،‬وال‬
‫على ش اب أس لم أمس‪ .‬والص حيح‪ :‬أنه ال تعت بر الش يخوخة‪ ،‬بل النظر إلى‬
‫تفاوت السن‪ ،‬وأشار بعضهم إلى اعتبارها‪ .‬وأما النسب‪ ،‬فنسب قريش معتبر‬
‫بال خالف‪ .‬وفي غ يرهم وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬يعت بر كل نسب يعت بر في‬
‫الكفاءة‪ ،‬كالعلم اء‪ ،‬والص لحاء‪ .‬فعلى ه ذا الهاش مي والمطل بي‪ ،‬يق دمان على‬
‫س ائر ق ريش‪ ،‬وس ائر ق ريش يق دمون على س ائر الع رب‪ ،‬وس ائر الع رب‬
‫يقدمون على العجم‪ .‬والثاني‪ :‬ال يعتبر ما عدا قريشا‪ .‬وأما الهجرة‪ ،‬فيق دم من‬
‫ه اجر إلى رس ول هللا (ص) على من لم يه اجر‪ .‬ومن تق دمت هجرته على‬
‫من تأخرت‪ .‬وك ذلك الهج رة بعد رس ول هللا (ص) من دار الح رب إلى دار‬
‫االسالم‪ ،‬معتبرة وأوالد من ه اجر‪ ،‬أو تق دمت هجرت ه‪ ،‬مق دمون على أوالد‬
‫غيرهم‪ .‬ويتفرع على هذه المقدمة مسائل‪ .‬ف إذا اجتمع ع دل وفاس ق‪ ،‬فالع دل‬
‫أولى باالمامة‪ ،‬وإن اختص الفاسق بزي ادة الفقه والق راءة وس ائر الخص ال‪،‬‬
‫بل تك ره الص الة خلف الفاسق وتك ره أيضا خلف المبت دع ال ذي ال يكفر‬
‫ببدعته‪ .‬وأما الذي يكفر ببدعته‪ ،‬فال يج وز االقت داء ب ه‪ .‬وحكمه ما تق دم في‬
‫غيره من الكفار‪ .‬وعد صاحب‬

‫] ‪[ 460‬‬
‫من يق ول بخلق الق رآن‪ ،‬أو ينفي ش يئا من ص فات هللا تع الى‪) ،‬االفص اح(‬
‫ك افرا‪ .‬وك ذا جعل الش يخ أبو حام د‪ ،‬ومت ابعوه‪ ،‬والمعتزلة ممن يكف ر‪.‬‬
‫والخوارج‪ ،‬ال يكف رون‪ .‬ويحكى الق ول بتكف ير من يق ول بخلق الق رآن‪ ،‬عن‬
‫الش افعي‪ .‬وأطلق القف ال‪ ،‬وكث يرون من االص حاب‪ ،‬الق ول بج واز االقت داء‬
‫بأهل الب دع‪ ،‬وأنهم ال يكف رون‪ .‬ق ال ص احب (الع دة)‪ :‬وهو ظ اهر م ذهب‬
‫الش افعي‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي قاله القف ال‪ ،‬وص احب (الع دة) هو الص حيح‪ ،‬أو‬
‫الص واب‪ .‬فقد ق ال الش افعي رحمه هللا‪ :‬أقبل ش هادة أهل االه واء‪ ،‬إال‬
‫الخطابية‪ ،‬النهم يرون الشهادة ب الزور لم وافقيهم‪ .‬ولم ي زل الس لف والخلف‬
‫على الص الة خلف المعتزل ة‪ ،‬وغ يرهم‪ ،‬ومن اكحتهم‪ ،‬وم وارثتهم‪ ،‬وإج راء‬
‫أحك ام المس لمين عليهم‪ .‬وقد ت أول االم ام الحافظ الفقي ه‪ ،‬أبو بكر ال بيهقي‪،‬‬
‫وغيره من أصحابنا المحققين‪ ،‬ما جاء عن الشافعي وغيره من العلم اء‪ ،‬من‬
‫تكف ير القائل بخلق الق رآن على كف ران النعم‪ ،‬ال كفر الخ روج من المل ة‪،‬‬
‫وحملهم على هذا التأويل‪ ،‬ما ذكرته من إجراء أحك ام المس لمين عليهم‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬وفي االورع‪ ،‬مع االفقه واالق رأ وجه ان‪ .‬ق ال الجمه ور‪ :‬هما مق دمان‬
‫عليه‪ .‬وقال الشيخ أبو محمد‪ ،‬وصاحب (التتمة) و (الته ذيب)‪ :‬يق دم عليهم ا‪،‬‬
‫واالول أصح‪ .‬ولو اجتمع من ال يقرأ إال ما يكفي الصالة ولكنه ص احب فقه‬
‫كثير‪ ،‬وآخر يحسن القرآن كله وهو قليل الفقه‪ ،‬فالصحيح المنص وص ال ذي‬
‫قطع به الجم اهير‪ :‬أن االفقه أولى‪ ،‬والث اني‪ :‬هما س واء‪ .‬فأما من جمع الفقه‬
‫والقراءة‪ ،‬فهو مقدم على المنفرد بأحدهما قطعا‪ .‬والفق ه‪ ،‬والق راءة‪ ،‬يق دم كل‬
‫واحد منهما على النس ب‪ ،‬والس ن‪ ،‬والهج رة‪ .‬وعن بعض االص حاب ق ول‬
‫مخرج‪ :‬أن السن يقدم على الفقه‪ ،‬وهو ش اذ‪ .‬وإذا اس تويا في الفقه والق راءة‪،‬‬
‫ففيه طرق‪ .‬قال الشيخ أبو حامد‪ ،‬وجماعة‪ :‬ال خالف في تق ديم السن والنسب‬
‫على الهجرة‪ .‬فلو تعارض سن ونسب‪ ،‬كشاب قرش ي‪ ،‬وش يخ غ ير قرش ي‪،‬‬
‫فالجدي د‪ :‬تق ديم الش يخ‪ ،‬والق ديم‪ :‬الش اب‪ .‬ورجح جماعة ه ذا الق ديم‪ ،‬وعكس‬
‫صاحبا (التتمة) و (التهذيب) فقاال‪ :‬الهجرة مقدمة على النسب والسن‪ .‬وفيهما‬
‫الق والن‪ .‬وق ال آخ رون‪ ،‬منهم ص احب (المه ذب)‪ :‬الجدي د‪ :‬يق دم الس ن‪ ،‬ثم‬
‫النسب‪ ،‬ثم الهجرة‪ ،‬والقديم‪ :‬يقدم النسب‪ ،‬ثم الهجرة‪ ،‬ثم السن‪ .‬أما إذا تس اويا‬
‫في جميع الصفات المذكورات‪ ،‬فيقدم بنظافة‬

‫] ‪[ 461‬‬
‫الثوب والبدن عن االوساخ‪ ،‬وبطيب الصنعة‪ ،‬وحسن الص وت‪ ،‬وما أش بهها‬
‫من الفضائل‪ .‬وحكى االصحاب عن بعض متقدمي العلماء‪ ،‬أنهم ق الوا‪ :‬يق دم‬
‫أحسنهم‪ .‬واختلفوا في معناه‪ .‬فقيل‪ :‬أحسنهم وجه ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬أحس نهم ذك را بين‬
‫الن اس‪ .‬ق ال في (التتم ة)‪ :‬تق دم نظافة الث وب‪ ،‬ثم حسن الص وت‪ ،‬ثم حسن‬
‫الص ورة (‪ .)1‬ف رع‪ :‬ال والي في محل واليت ه‪ ،‬أولى من غ يره‪ ،‬وإن اختص‬
‫ذلك الغير بالخصال ال ذي س بقت‪ .‬ويق دم ال والي على إم ام المس جد‪ ،‬ومالك‬
‫الدار‪ ،‬ونحوهما‪ ،‬إذا أذن المالك في إقامة الجماعة في ملكه‪ .‬فلو أذن ال والي‬
‫في تق دم غ يره‪ ،‬فال ب أس‪ .‬ثم ي راعى في ال والة تف اوت الدرج ة‪ ،‬فاالم ام‬
‫االعظم‪ ،‬أولى من غيره‪ ،‬ثم االعلى ف االعلى من ال والة والحك ام‪ .‬ولنا ق ول‬
‫شاذ‪ :‬أن المالك أولى من ال والي‪ .‬والمش هور‪ ،‬تق ديم ال والي‪ .‬ولو اجتمع ق وم‬
‫في موضع ممل وك ليس فيهم وال‪ ،‬فس اكن الموضع بحق أولى بالتق ديم‪،‬‬
‫والتقدم من االجانب‪ ،‬فإن لم يكن أهال للتقدم‪ ،‬فهو أولى بالتقديم‪ ،‬س واء ك ان‬
‫الس اكن عب دا أس كنه س يده‪ ،‬أو ح را مالك ا‪ ،‬أو مس تعيرا‪ ،‬أو مس تأجرا‪ .‬ولو‬
‫كانت الدار مشتركة بين شخصين وهما حاض ران‪ ،‬أو أح دهما‪ ،‬والمس تعير‬
‫من اآلخر‪ ،‬فال يتقدم غيرهما إال بإذنهما‪ ،‬وال أحدهما إال بإذن اآلخر‪ .‬فإن لم‬
‫يحضر إال أح دهما‪ ،‬فهو االح ق‪ .‬ولو اجتمع مالك ال دار والمس تأجر‪،‬‬
‫فاالصح‪ :‬أن المستأجر أولى‪ ،‬والثاني‪ :‬المالك‪ .‬ولو اجتمع المعير والمستعير‪،‬‬
‫فاالص ح‪ :‬أن المع ير أولى‪ ،‬والث اني‪ :‬المس تعير‪ .‬ولو حضر الس يد وعب ده‬
‫الساكن‪ ،‬فالسيد أولى قطعا‪ ،‬سواء المأذون له في التجارة وغيره‪ .‬ولو حضر‬
‫السيد والمكاتب في دار المكاتب‪ ،‬فالمكاتب أولى‪ .‬ولو حضر قوم في مس جد‬
‫له إمام راتب‪ ،‬فهو أولى من غيره‪ .‬فإن لم يحضر إمام ه‪ ،‬اس تحب أن يبعث‬
‫‪.‬إليه ليحضر‪ .‬فإن خيف فوات أول الوقت‪ ،‬استحب أن يتقدم غيره‬

‫] ‪[ 462‬‬
‫قلت‪ :‬تق دم غ يره مس تحب إن لم يخف فتن ة‪ ،‬ف إن خيفت‪ ،‬ص لوا ف رادى‪.‬‬
‫ويستحب لهم أن يعيدوا معه إن حضر بعد ذلك‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل في شروط‬
‫االقتداء وآدابه‪ :‬فأما الشروط‪ ،‬فسبعة‪ :‬أحدها‪ :‬أن ال يتقدم المأموم على االمام‬
‫في جهة القبلة (‪ .)1‬فإن تقدم‪ ،‬لم تنعقد صالته على الجديد االظهر‪ .‬ولو تقدم‬
‫في خالله ا‪ ،‬بطلت‪ .‬والق ديم‪ :‬أنها تنعق د‪ .‬والمس تحب للم أموم أن يت أخر عن‬
‫موقف االم ام قليال (‪ )2‬إن ك ان وح ده‪ .‬ف إن ائتم اثن ان فص اعدا‪ ،‬اص طفوا‬
‫خلفه‪ .‬ولو تساوى االم ام والم أموم‪ ،‬ص حت ص الته‪ .‬واالعتب ار في التق دم‪،‬‬
‫والمساواة بالعقب (‪ ،)3‬فلو استويا في العقب‪ ،‬وتق دمت أص ابع الم أموم‪ ،‬لم‬
‫يضر‪ .‬وإن تأخرت أص ابع الم أموم عن أص ابع االم ام‪ ،‬وتق دم عقب ه‪ ،‬فعلى‬
‫القولين‪ .‬وقيل‪ :‬تصح قطع ا‪ .‬وفي الوس يط‪ :‬أن االعتب ار ب الكعب‪ .‬والص حيح‪:‬‬
‫االول‪ .‬هذا فيمن بعد عن الكعبة‪ .‬فإن صلوا في المس جد الح رام‪ ،‬فالمس تحب‬
‫أن يقف االم ام خلف المق ام‪ ،‬ويقف الن اس مس تديرين بالكعب ة‪ ،‬ف إن ك ان‬
‫بعض هم أق رب إليه ا‪ ،‬نظ ر‪ :‬إن ك ان متوجها إلى الجهة ال تي توجه إليها‬
‫االمام‪ ،‬ففيه القوالن القديم‪ ،‬والجديد‪ ،‬وإن كان متوجها إلى غيرها‪ ،‬فالمذهب‬
‫صحة صالة المأموم قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬على الق ولين‪ .‬ولو وقف االم ام والم أموم‬
‫داخل الكعبة‪ ،‬فإن كان وجه المأموم إلى ظهر االم ام‪ ،‬أو وجهه إلى وجه ه‪،‬‬
‫أو ظهره إلى ظهره‪ ،‬وليس المأموم أقرب إلى الج دار‪ ،‬صح اقت داؤه‪ ،‬وك ذا‬
‫إن كان أقرب إلى الجدار على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬على القولين‪ .‬وإن كان ظهره‬
‫إلى وجه االم ام فعلى الق ولين‪ .‬ولو وقف االم ام في الكعب ة‪ ،‬والم أموم‬
‫خارجها‪ ،‬جاز وله التوجه إلى أي جهة شاء ولو وقفا‬

‫] ‪[ 463‬‬
‫بالعكس‪ ،‬جاز أيضا‪ ،‬لكن إن توجه إلى الجهة ال تي توجه إليها االم ام‪ ،‬ع اد‬
‫القوالن‪ .‬فرع‪ :‬إذا لم يحضر مع االم ام إال ذك ر‪ ،‬فليقف عن يمينه بالغا ك ان‬
‫أو صبيا‪ ،‬ولو وقف عن يساره‪ ،‬أو خلفه‪ ،‬لم تبطل صالته‪ .‬ف إن ج اء م أموم‬
‫آخر‪ ،‬وقف عن يساره وأح رم‪ .‬ثم إن أمكن تق دم االم ام‪ ،‬وت أخر الم أمومين‬
‫لسعة المكان من الجانبين‪ ،‬تقدم‪ ،‬أو تأخر‪ ،‬أو أيهما أولى ؟ وجهان‪ .‬الصحيح‬
‫الذي قطع به االكثرون‪ :‬تأخرهما‪ .‬والثاني‪ :‬تقدمه‪ .‬قاله القف ال‪ ،‬النه يبصر ما‬
‫بين يديه‪ .‬فإن لم يمكن إال التقدم‪ ،‬أو التأخر لضيق المكان من أحد الج انبين‪،‬‬
‫فعل الممكن‪ ،‬وهذا في القيام‪ .‬أما إذا لحق الثاني في التشهد‪ ،‬أو السجود‪ ،‬فال‬
‫تقدم وال ت أخر ح تى يقوم وا‪ .‬ولو حضر معه في االبت داء رجالن‪ ،‬أو رجل‬
‫وص بي‪ ،‬اص طفا خلفه (‪ .)1‬ولو لم يحضر معه إال إن اث‪ ،‬ص فهن خلف ه‪،‬‬
‫س واء الواح دة‪ ،‬وجم اعتهن‪ .‬وإن حضر معه رجل وام رأة‪ ،‬ق ام الرجل عن‬
‫يمين ه‪ ،‬والم رأة خلف الرج ل‪ .‬وإن حضر معه ام رأة ورجالن‪ ،‬أو رجل‬
‫وصبي‪ ،‬ق ام ال رجالن‪ ،‬أو الرجل والص بي خلف االم ام ص فا‪ ،‬وق امت هي‬
‫خلفهم ا‪ .‬وإن ك ان معه رج ل‪ ،‬وام رأة‪ ،‬وخن ثى‪ ،‬وقف الرجل عن يمين ه‪،‬‬
‫والخنثى خلفهما‪ ،‬والم رأة خلف الخن ثى‪ .‬وإن حضر رج ال وص بيان‪ ،‬وقف‬
‫الرجال خلف االم ام في ص ف‪ ،‬أو ص فوف‪ .‬والص بيان خلفهم‪ ،‬وفي وج ه‪:‬‬
‫يقف بين كل رجلين صبي ليتعلم وا أفع ال الص الة‪ .‬ولو حضر معهم نس اء‪،‬‬
‫أخر صف النس اء عن الص بيان‪ .‬ه ذا كله إذا لم يكن الرج ال ع راة‪ ،‬ف إن‬
‫كانوا‪ ،‬وقف إمامهم وس طهم وص اروا ص فا‪ .‬وأما النس اء الخلص‪ ،‬إذا أقمن‬
‫جماع ة‪ ،‬فقد ق دمنا في ب اب س تر الع ورة كيف يقفن‪ .‬وأن إم امتهن تقف‬
‫وس طهن‪ .‬قلت‪ :‬ولو ص لى خن ثى بنس اء‪ ،‬تق دم عليهن‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وكل ه ذا‬
‫اس تحباب‪ ،‬ومخالفته ال تبطل الص الة‪ .‬ف رع‪ :‬إذا دخل رج ل‪ ،‬والجماعة في‬
‫الصالة‪ ،‬كره أن يقف منفردا (‪ ،)2‬بل‬

‫] ‪[ 464‬‬
‫إن وجد فرجة (‪ ،)1‬أو سعة (‪ )2‬في الصف‪ ،‬دخلها‪ .‬وله أن يخ رق الصف‬
‫إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف قدامه‪ ،‬لتقصيرهم بتركه ا‪ .‬فلو (‪ )3‬لم‬
‫يجد في الصف سعة‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يقف منف ردا‪ ،‬وال يج ذب إلى نفسه‬
‫أحدا‪ ،‬نص عليه في (البويطي) والثاني ‪ -‬وهو قول أك ثر االص حاب ‪ :-‬يجر‬
‫إلى نفسه واحدا‪ .‬ويستحب للمج رور‪ ،‬أن يس اعده‪ .‬وإنما يج ره بعد إحرام ه‪.‬‬
‫ولو وقف منفردا‪ ،‬صحت صالته‪ .‬الشرط الثاني‪ :‬العلم باالفعال الظ اهرة من‬
‫صالة االمام‪ .‬وهذا ال بد منه نص عليه الشافعي‪ ،‬واتفق عليه االص حاب‪ .‬ثم‬
‫العلم قد يك ون بمش اهدة االم ام‪ ،‬أو مش اهدة بعض الص فوف‪ ،‬وقد يك ون‬
‫بسماع صوت االمام‪ ،‬أو صوت الم ترجم في حق االعمى‪ ،‬والبص ير‪ :‬ال ذي‬
‫ال يشاهد لظلمة أو غيرها‪ ،‬وقد يكون بهداية غ يره إذا ك ان أعمى‪ ،‬أو أصم‬
‫في ظلمة‪ .‬الشرط الثالث‪ :‬اجتم اع االم ام والم أموم في الموق ف‪ .‬ولهما ثالثة‬
‫أح وال‪ .‬االول‪ :‬إذا كانا في مس جد‪ ،‬صح االقت داء‪ ،‬ق ربت المس افة بينهما أم‬
‫بع دت لك بر المس جد‪ ،‬وس واء اتحد البن اء أم اختل ف‪ ،‬كص حن المس جد‪،‬‬
‫وص فته‪ ،‬أو منارته وس رداب في ه‪ ،‬أو س طحه وس احته‪ ،‬بش رط أن يك ون‬
‫الس طح من المس جد‪ ،‬فلو ك ان مملوك ا‪ ،‬فهو كملك متصل بالمس جد‪ ،‬وقف‬
‫أح دهما في ه‪ ،‬واآلخر في المس جد‪ .‬وس يأتي في القسم الث الث إن ش اء هللا‬
‫تعالى‪ .‬وشرط البناءين في المسجد‪ ،‬أن يكون باب أح دهما ناف ذا إلى اآلخ ر‪.‬‬
‫وإال‪ ،‬فال يع دان مس جدا واح دا‪ .‬وإذا حصل ه ذا الش رط‪ ،‬فال ف رق بين أن‬
‫يك ون الب اب بينهما مفتوح ا‪ ،‬أو م ردودا مغلق ا‪ ،‬أو غ ير مغل ق‪ .‬وفي وجه‬
‫ض عيف‪ :‬إن ك ان مغلق ا‪ ،‬لم يجز االقت داء‪ .‬ووجه مثله فيما إذا ك ان أح دهما‬
‫على السطح‪ ،‬وباب المرقى مغلقا‪ .‬ولو كانا في مسجدين‪ ،‬يحول بينهما‬

‫] ‪[ 465‬‬
‫نهر‪ ،‬أو طريق‪ ،‬أو حائط المسجد من غير باب نافذ من أحدهما إلى اآلخر‪،‬‬
‫فهو كما إذا وقف أحدهما في مسجد‪ ،‬واآلخر في مل ك‪ .‬وس يأتي إن ش اء هللا‬
‫تعالى‪ .‬وإن كان في المسجد نه ر‪ ،‬ف إن حفر النهر بعد المس جد‪ ،‬فهو مس جد‬
‫فال يضر‪ ،‬وإن حفر قبل مصيره مسجدا‪ ،‬فهما مسجدان غ ير متص لين‪ .‬ق ال‬
‫الش يخ أبو محم د‪ :‬لو ك ان في ج وار المس جد مس جد آخر منف رد بإم ام‪،‬‬
‫ومؤذن‪ ،‬وجماعة‪ ،‬فلكل واحد مع اآلخر حكم الملك المتصل بالمسجد‪ .‬وه ذا‬
‫كالضابط الفارق بين المسجد والمسجدين‪ .‬فظ اهره يقتضي تغ اير الحكم‪ ،‬إذا‬
‫انفرد باالمور المذكورة‪ ،‬وإن كان باب أحدهما نافذا إلى اآلخ ر‪ .‬قلت‪ :‬ال ذي‬
‫صرح به كثيرون‪ ،‬منهم الش يخ أبو حام د‪ ،‬وص احب (الش امل) و (التتم ة)‪،‬‬
‫وغ يرهم‪ :‬أن المس اجد ال تي يفتح بعض ها إلى بعض‪ ،‬لها حكم مس جد واحد‬
‫وهو الص واب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما رحبة المس جد‪ ،‬فع دها االك ثرون من ه‪ ،‬ولم‬
‫يذكروا فرقا بين أن يكون بينها وبين المسجد طريق أم ال‪ .‬وقال ابن كج‪ :‬إن‬
‫انفصلت‪ ،‬فهي كمسجد آخر‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬أن يك ون في غ ير مس جد‪ ،‬وهو‬
‫ض ربان‪ :‬أح دهما‪ :‬أن يك ون في فض اء (‪ )1‬فيج وز االقت داء‪ ،‬بش رط أن ال‬
‫يزيد ما بينهما على ثالث مائة ذراع تقريبا (‪ )2‬على االصح‪ .‬وعلى الث اني‪:‬‬
‫تحديد (‪ .)3‬وهذا التقدير (‪ )4‬مأخوذ من الع رف (‪ )5‬على الص حيح‪ ،‬وق ول‬
‫الجمهور‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬مما بين الص فين في ص الة الخ وف (‪ .)6‬ولو وقف‬
‫خلف االمام صفان‪ ،‬أو شخصان‪ ،‬أحدهما وراء اآلخ ر‪ ،‬فالمس افة الم ذكورة‬
‫‪،‬تعتبر بين الصف االخير‪ ،‬أو الصف االول‬
‫] ‪[ 466‬‬
‫أو الش خص االخ ير واالول‪ ،‬ولو ك ثرت الص فوف‪ ،‬وبلغ ما بين االم ام‬
‫واالخير فرسخا‪ ،‬جاز‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يعت بر بين االم ام والصف االخ ير إذا لم‬
‫تكن الصفوف القريبة من االمام متص لة على الع ادة‪ .‬وه ذا الوجه ش اذ‪ .‬ولو‬
‫حال بين االمام والمأموم‪ ،‬أو الصفين نهر يمكن العبور من أحد طرفيه‪ ،‬إلى‬
‫اآلخر بال س باحة‪ ،‬ب الوثوب‪ ،‬أو الخ وض‪ ،‬أو العب ور على جس ر‪ ،‬صح‬
‫االقت داء‪ .‬وإن ك ان يحت اج إلى س باحة‪ ،‬أو ك ان بينهما ش ارع مط روق‪ ،‬لم‬
‫يضر على الصحيح‪ .‬وسواء في الحكم المذكور‪ ،‬كان الفضاء مواتا أو وقف ا‪،‬‬
‫أو ملكا‪ ،‬أو بعضه مواتا‪ ،‬وبعضه ملكا‪ ،‬أو بعضه (‪ )1‬وقفا‪ .‬وفي وجه ش اذ‪:‬‬
‫يشترط في الساحة المملوكة‪ ،‬اتصال الص فوف‪ ،‬وفي وج ه‪ :‬يش ترط ذلك إن‬
‫كانت لشخصين‪ ،‬والصحيح أنه ال يش ترط مطلق ا‪ .‬وس واء في ه ذا كله ك ان‬
‫الفضاء محوطا عليه أو مسقفا‪ ،‬كالبيوت الواس عة أو غ ير مح وط‪ .‬الض رب‬
‫الثاني‪ :‬أن يكونا في غير فضاء فإذا وقف أحدهما في صحن دار أو ص فتها‬
‫واآلخر في بيت‪ ،‬فموقف المأموم‪ ،‬قد يكون عن يمين االم ام أو يس اره‪ ،‬وقد‬
‫يك ون خلف ه‪ .‬وفيه طريقت ان‪ .‬إح داهما‪ :‬قالها القف ال وأص حابه‪ ،‬وابن كج‪،‬‬
‫وحكاها أبو علي في (االفص اح) عن بعض االص حاب‪ :‬أنه يش ترط فيما إذا‬
‫وقف من أحد الج انبين‪ ،‬أن يتصل الصف من البن اء ال ذي فيه االم ام‪ ،‬إلى‬
‫البناء الذي فيه المأموم (‪ ،)2‬بحيث ال تبقى فرجة (‪ )3‬تسع واقفا‪ ،‬فإن بقيت‬
‫فرجة ال تسع واقفا (‪ ،)4‬لم يضر على الصحيح (‪ .)5‬ولو ك ان بينهما عتبة‬
‫عريضة تسع واقفا‪ ،‬اشترط وقوف مصل فيها وإن لم يمكن الوقوف عليه ا‪،‬‬
‫فعلى ال وجهين في الفرجة اليس يرة‪ .‬وأما إذا وقف خلف االم ام‪ ،‬ففي ص حة‬
‫االقتداء وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬البطالن‪ .‬وأصحهما‪ :‬الجواز إذا اتصلت المص فوف‬
‫وتالحقت‪ .‬ومعنى اتصالها‪ ،‬أن يقف رجل‪ ،‬أو صف في آخر البناء الذي فيه‬
‫‪،‬االمام‪ ،‬ورجل‪ ،‬أو صف في أول البناء الذي فيه المأموم‬

‫] ‪[ 467‬‬
‫بحيث ال يك ون بينهما أك ثر من ثالثة أذرع‪ .‬والثالث للتق ريب‪ .‬فلو زاد (‪)1‬‬
‫م اال يت بين في الحس بال ذرع‪ ،‬لم يض ر‪ .‬وه ذا الق در‪ ،‬هو المش روع بين‬
‫الصفين‪ .‬وإذا وجد هذا الش رط‪ ،‬فلو ك ان في بن اء الم أموم بيت عن اليمين‪،‬‬
‫أو الشمال‪ ،‬اعتبر االتصال بتواصل المن اكب‪ .‬ه ذه طريق ة‪ .‬الطريقة الثاني ة‪:‬‬
‫طريقة أص حاب أبي إس حاق الم روزي‪ ،‬ومعظم العراق يين‪ ،‬واختارها أبو‬
‫علي الطبري‪ :‬أنه ال يشترط اتصال الصف في اليمين واليسار‪ ،‬وال اتص ال‬
‫الص فوف في المواقف خلف ه‪ ،‬بل المعت بر‪ :‬الق رب والبعد على الض بط‬
‫المذكور في الصحراء‪ .‬قلت‪ :‬الطريقة الثانية‪ :‬أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ه ذا إذا ك ان‬
‫بين البن اءين ب اب ناف ذ‪ ،‬فوقف بحذائه ص ف‪ ،‬أو رج ل‪ ،‬أو لم يكن ج دار‬
‫أصال كالصحن مع الصفة‪ ،‬فلو ح ال حائل يمنع االس تطراق والمش اهدة‪ ،‬لم‬
‫يصح االقت داء باتف اق الطريق تين‪ ،‬وإن منع االس تطراق دون المش اهدة‬
‫كالمشبك‪ ،‬لم يصح على االصح‪ .‬وإذا صح اقت داء الواقف في البن اء اآلخ ر‪،‬‬
‫إما بشرط‪ ،‬وإما دونه‪ ،‬صحت صالة الصفوف (‪ )2‬خلفه تبعا ل ه‪ ،‬وإن ك ان‬
‫بينهم وبين البناء الذي فيه االم ام ج دار‪ ،‬وتك ون الص فوف مع ه ذا الواقف‬
‫كالم أمومين مع االم ام‪ ،‬ح تى ال تصح ص الة من بين يدي ه‪ ،‬إن ت أخر عن‬
‫س مت موقف االم ام‪ ،‬إذا لم يج وز تق دم الم أموم على االم ام‪ .‬ق ال القاضي‬
‫حس ين‪ :‬وال يج وز أن يتق دم تكب يرهم على تكب يره‪ .‬أما إذا وقف االم ام في‬
‫صحن الدار‪ ،‬والمأموم في مكان عال من س طح‪ ،‬أو ط رف ص فة مرتفع ة‪،‬‬
‫أو ب العكس‪ ،‬فبم اذا يحصل االتص ال ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪ ،‬ق ول الش يخ أبي‬
‫محمد‪ :‬إن كان رأس الواقف في السفل يحاذي ركبة الواقف في العل و‪ ،‬صح‬
‫االقت داء‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬والث اني‪ :‬وهو الص حيح ال ذي قطع به الجم اهير‪ ،‬إن‬
‫حاذى رأس االسفل قدم االعلى‪ ،‬صح‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬قال إم ام الح رمين‪ :‬االول‬
‫مزيف ال وجه له‪ ،‬واالعتبار‪ ،‬بمعتدل القامة‪ .‬حتى لو كان قصيرا‪ ،‬أو قاع دا‬
‫فلم يحاذ‪ ،‬ولو قام فيه معتدل القامة‪ ،‬لحصلت المح اذاة‪ ،‬كفى‪ .‬وحيث ال يمنع‬
‫االنخفاض القدوة‪ ،‬وكان بعض ال ذين يحصل بهم االتص ال على س رير‪ ،‬أو‬
‫متاع‪ ،‬وبعضهم‬

‫] ‪[ 468‬‬
‫على االرض‪ ،‬لم يضر‪ .‬ولو كانا في البحر‪ ،‬واالمام في سفينة‪ ،‬والمأموم في‬
‫أخرى وهما مكش وفتان‪ ،‬فالص حيح‪ ،‬أنه يصح االقت داء إذا لم ي زد ما بينهما‬
‫على ثالث مائة ذراع‪ ،‬كالصحراء‪ ،‬وتكون السفينتان كدكتين في الص حراء‪،‬‬
‫يقف االم ام على إح داهما‪ ،‬والم أموم على االخ رى‪ .‬وق ال االص طخري‪:‬‬
‫يشترط أن تكون سفينة االمام مش دودة بس فينة الم أموم‪ .‬والجمه ور على أنه‬
‫ليس بشرط‪ .‬وإن كانتا مسقفتين‪ ،‬فهما كالدارين‪ ،‬والس فينة ال تي فيها بي وت‪،‬‬
‫كالدار ذات ال بيوت‪ .‬وحكم الم دارس‪ ،‬والرباط ات‪ ،‬والخان ات‪ ،‬حكم ال دور‪.‬‬
‫والس رادقات في الص حراء‪ ،‬كالس فينة المكش وفة‪ ،‬والخي ام ك البيوت‪ .‬الح ال‬
‫الث الث‪ :‬أن يك ون أح دهما في المس جد‪ ،‬واآلخر خارجه فمن ذل ك‪ ،‬أن يقف‬
‫االمام في مسجد‪ ،‬والمأموم في م وات متصل ب ه‪ .‬ف إن لم يكن بينهما حائ ل‪،‬‬
‫جاز‪ ،‬إذا لم تزد المس افة على ثالث مائة ذراع‪ ،‬ويعت بر من آخر المس جد (‬
‫‪ )1‬على االصح‪ .‬وعلى الثاني‪ ،‬من آخر صف في المس جد (‪ .)2‬ف إن لم يكن‬
‫فيه إال االمام‪ ،‬فمن موقفه (‪ .)3‬وعلى الث الث‪ ،‬من ح ريم المس جد بينه وبين‬
‫الموات‪ .‬وحريم ه‪ :‬الموضع المتصل ب ه‪ ،‬المهيأ لمص لحته‪ ،‬كانص باب الم اء‬
‫إليه‪ ،‬وطرح القمامات فيه‪ ،‬ولو كان بينهما ج دار المس جد‪ ،‬لكن الب اب النافذ‬
‫بينهما مفتوح‪ ،‬فوقف بحذائه‪ ،‬جاز‪ ،‬ولو اتصل صف ب الواقف في المح اذاة‪،‬‬
‫وخرجوا عن المحاذاة‪ ،‬جاز‪ ،‬ولو لم يكن في الجدار باب‪ ،‬أو كان‪ ،‬ولم يقف‬
‫بحذائه بل ع دل عن ه‪ ،‬فالص حيح ال ذي عليه الجمه ور‪ :‬أنه يمنع ص حة‬
‫االقت داء‪ .‬وق ال أبو إس حاق الم روزي‪ :‬ال يمن ع‪ .‬وأما الحائل غ ير ج دار‬
‫المس جد‪ ،‬فيمنع بال خالف‪ .‬ولو ك ان بينهما ب اب مغل ق‪ ،‬فهو كالج دار‪ ،‬النه‬
‫يمنع االس تطراق والمش اهدة‪ .‬وإن ك ان م ردودا غ ير مغل ق‪ ،‬فهو م انع من‬
‫المشاهدة دون االستطراق‪ ،‬أو كان بينهما مشبك‪ ،‬فهو م انع من االس تطراق‬
‫دون المشاهدة‪ .‬ففي الص ورتين‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما عند االك ثرين‪ :‬أنه م انع‬
‫هذا كله في‬

‫] ‪[ 469‬‬
‫الم وات‪ .‬فلو وقف الم أموم في ش ارع متصل بالمس جد‪ ،‬فهو ك الموات على‬
‫الص حيح‪ .‬وعلى الث اني يش ترط اتص ال الصف من المس جد ب الطريق‪ .‬ولو‬
‫وقف في ح ريم المس جد‪ ،‬فقد ذكر في (‪( )1‬الته ذيب) (‪ :)2‬أنه ك الموات‪،‬‬
‫وذكر أن الفضاء المتصل بالمسجد لو ك ان مملوك ا‪ ،‬فوقف الم أموم في ه‪ ،‬لم‬
‫يصح اقت داؤه ح تى يتصل الصف من المس جد بالفض اء‪ .‬وك ذلك يش ترط‬
‫اتص ال الصف من س طح المس جد‪ ،‬بالس طح الممل وك‪ ،‬وك ذلك لو وقف في‬
‫دار مملوكة متص لة بالمس جد‪ ،‬يش ترط االتص ال ب أن يقف واحد في آخر‬
‫المس جد متصل بعتبة ال دار‪ ،‬وآخر في ال دار متصل بالعتبة بحيث ال يك ون‬
‫بينهما موقف رجل‪ .‬وهذا الذي ذكره في الفض اء‪ ،‬مش كل‪ .‬وينبغي أن يك ون‬
‫كالموات‪ .‬وأما ما ذك ره في مس ألة ال دار‪ ،‬فهو الص حيح‪ .‬وق ال أبو إس حاق‬
‫الم روزي‪ :‬ج دار المس جد ال يمن ع‪ ،‬كما ق ال في الم وات‪ .‬وق ال أبو علي‬
‫الطبري‪ :‬ال يشترط اتصال الصفوف إذا لم يكن حائل‪ .‬ويج وز االقت داء‪ ،‬إذا‬
‫ك ان في حد الق رب‪ .‬الش رط الراب ع‪ :‬نية االقت داء‪ .‬فمن ش روط االقت داء‪ ،‬أن‬
‫ين وي الم أموم الجماع ة‪ ،‬أو االقت داء (‪ ،)3‬وإال فال تك ون ص الته ص الة‬
‫جماعة‪ ،‬وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه (‪ ،)4‬فإن ت رك‬
‫نية االقتداء‪ ،‬انعقدت ص الته على االصح (‪ .)5‬وعلى ه ذا لو شك في أثن اء‬
‫ص الته في نية االقت داء‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ت ذكر قبل أن يح دث فعال على متابعة‬
‫االمام‪ ،‬لم يضر‪ ،‬وإن تذكر بعد أن أحدث فعال على متابعت ه‪ ،‬بطلت ص الته‬
‫(‪ ،)6‬النه في حال الشك‪ ،‬له حكم المنفرد‪ ،‬وليس له‬

‫] ‪[ 470‬‬
‫المتابعة‪ .‬ح تى لو ع رض ه ذا الشك في التش هد االخ ير‪ ،‬ال يج وز أن يقف‬
‫سالمه على سالم االمام (‪ .)1‬وهذا الذي ذكرنا من بطالن صالته بالمتابعة‪،‬‬
‫هو إذا انتظر ركوعه وس جوده ل يركع ويس جد مع ه‪ .‬فأما إذا اتفق انقض اء‬
‫فعله‪ ،‬مع انقضاء فعله فهذا ال يبطل قطع ا‪ .‬النه ال يس مى متابع ة‪ .‬والم راد‪:‬‬
‫االنتظار الكثير‪ .‬فأما اليسير‪ ،‬فال يضر‪ .‬وهل تجب نية االقتداء في الجمعة ؟‬
‫وجهان‪ .‬الصحيح‪ :‬وجوبها‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ ،‬النها ال تصح إال بجماعة‪ ،‬فلم يحتج‬
‫إليها‪ .‬فرع‪ :‬ال يجب على المأموم أن يعين في نيته االمام (‪ ،)2‬بل يكفي نية‬
‫االقتداء باالمام الحاضر (‪ ،)3‬فلو عين فأخطأ‪ ،‬بأن نوى االقتداء بزيد‪ ،‬فبان‬
‫عمرا‪ ،‬لم تصح صالته (‪ .)4‬كما لو عين الميت في صالة الجن ازة وأخط أ‪،‬‬
‫ال تصح‪ .‬ولو نوى االقتداء بالحاضر‪ ،‬واعتقد زيدا فكان غ يره‪ ،‬ففي ص حته‬
‫وجه ان‪ .‬كما لو ق ال‪ :‬بعتك ه ذا الف رس‪ ،‬فك ان بغال‪ .‬قلت‪ :‬االرجح ص حة‬
‫االقت داء‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬اختالف نية االم ام والم أموم فيما يأتي ان به من‬
‫الص الة‪ ،‬ال يمنع ص حة االقت داء‪ ،‬فيج وز أن يقت دي الم ؤدي بالقاض ي‪،‬‬
‫‪.‬وعكسه‪ ،‬والمفترض‪ ،‬بالمتنفل وعكسه (‪)5‬‬

‫] ‪[ 471‬‬
‫فرع‪ :‬ال يشترط لصحة االقت داء أن ين وي االم ام االمام ة‪ ،‬س واء اقت دى به‬
‫الرجال‪ ،‬أو النس اء‪ .‬وحكى أبو الحسن العب ادي (‪ ،)1‬عن أبي حفص الب اب‬
‫شامي (‪ ،)2‬والقفال‪ :‬أنه تجب نية االمامة على االمام‪ .‬وأش عر كالمه بأنهما‬
‫يشترطانها في صحة االقتداء‪ ،‬وهذا شاذ منكر‪ ،‬والص حيح المع روف ال ذي‬
‫قطع به الجماهير‪ ،‬أنها‪ :‬ال تجب‪ .‬لكن هل تكون صالته ص الة جماعة ين ال‬
‫بها فض يلة الجماعة إذا لم ينوها ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال يناله ا‪ ،‬النه لم‬
‫ينوها‪ .‬وق ال القاضي حس ين‪ :‬فيمن ص لى منف ردا‪ ،‬واقت دى (‪ )3‬به جمع ولم‬
‫يعلم بهم‪ ،‬ين ال فض يلة الجماع ة‪ ،‬النهم نالوها بس ببه‪ ،‬وه ذا كالتوسط بين‬
‫الوجهين‪ .‬ومن فوائد الوجهين‪ ،‬أنه إذا لم ينو االمامة في صالة الجمع ة‪ ،‬هل‬
‫تصح جمعت ه‪ .‬االص ح‪ :‬أنها ال تص ح‪ .‬ولو ن وى االمامة وعين في نيته‬
‫المقت دي‪ ،‬فب ان خالف ه‪ ،‬لم يض ر‪ ،‬الن غلطه ال يزيد على تركه ا‪ .‬الش رط‬
‫الخ امس‪ :‬توافق نظم الص التين في االفع ال واالرك ان (‪ ،)4‬فلو اختلفت‬
‫صالتا االمام والمأموم في االفعال الظاهرة‪ ،‬بان اقتدى مفترض بمن يص لي‬
‫جن ازة‪ ،‬أو كس وفا‪ ،‬لم تصح على الص حيح (‪ .)5‬وتصح على الث اني‪ ،‬وهو‬
‫قول القفال‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬إذا اقت دى بمص لي الجن ازة‪ ،‬ال يتابعه في التكب يرات‬
‫واالذك ار بينه ا‪ ،‬بل إذا ك بر االم ام الثاني ة‪ ،‬يتخ ير بين إخ راج نفسه من‬
‫المتابعة‪ ،‬وبين انتظار سالم االمام‪ .‬وإذا اقت دى بمص لي الكس وف‪ ،‬تابعه في‬
‫الرك وع االول‪ .‬ثم إن ش اء رفع رأسه معه وفارق ه‪ ،‬وإن ش اء انتظ ره‪ .‬ق ال‬
‫إمام الحرمين‪ :‬وإنما قلنا‪ :‬ينتظره في الركوع إلى أن يعود إليه‬

‫] ‪[ 472‬‬
‫االم ام‪ ،‬ويعت دل معه عن ركوعه الث اني‪ ،‬وال ينتظ ره بعد الرفع لما فيه من‬
‫تطويل الركن القصير‪ .‬أما إذا اتفقت الصالتان في االفع ال الظ اهرة‪ ،‬فينظر‬
‫إن اتفق عددهما كالظهر‪ ،‬خلف العصر‪ ،‬أو العشاء‪ ،‬جاز االقتداء‪ .‬وإن ك ان‬
‫ع دد ركع ات االم ام أق ل‪ ،‬ك الظهر خلف الص بح‪ ،‬ج از‪ .‬وإذا تمت ص الة‬
‫االمام‪ ،‬قام المأموم وأتم ص الة نفسه كالمس بوق‪ .‬ويت ابع االم ام في القن وت‪.‬‬
‫ولو أراد مفارقته عند اش تغاله ب القنوت‪ ،‬ج از‪ .‬وإذا اقت دى في الظهر‬
‫ب المغرب‪ ،‬وانتهى االم ام إلى الجل وس االخ ير‪ ،‬تخ ير الم أموم في المتابعة‬
‫والمفارقة ك القنوت‪ .‬وإن ك ان ع دد ركع ات الم أموم أق ل‪ ،‬كالص بح خلف‬
‫الظهر‪ ،‬فالمذهب جوازه وقيل‪ :‬قوالن‪ ،‬أظهرهم ا‪ :‬ج وازه‪ .‬والث اني‪ :‬بطالن ه‪.‬‬
‫فإذا صححنا‪ ،‬وقام االمام إلى الثالث ة‪ ،‬تخ ير الم أموم‪ ،‬إن ش اء فارقه وس لم‪،‬‬
‫وإن شاء انتظره ليسلم مع ه‪ .‬قلت‪ :‬انتظ اره أفض ل‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن أمكنه أن‬
‫يقنت في الثاني ة‪ ،‬ب أن وقف االم ام يس يرا‪ ،‬قنت‪ .‬وإال فال شئ علي ه‪ .‬وله أن‬
‫يخرج عن متابعته ليقنت‪ .‬ولو صلى المغرب خلف الظه ر‪ ،‬ف إذا ق ام االم ام‬
‫إلى الرابعة‪ ،‬لم يتابعه بل يفارقه‪ ،‬ويتش هد ويس لم‪ .‬وهل له أن ي ترك التش هد‬
‫وينتظ ره ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬له ذلك كما قلنا في المقت دي بالص بح خلف‬
‫الظهر‪ .‬والثاني‪ :‬وهو المذهب عند إمام الح رمين‪ ،‬ليس له ذل ك‪ ،‬النه يح دث‬
‫تش هدا لم يفعله االم ام‪ .‬ولو ص لى العش اء خلف ال تراويح‪ ،‬ج از‪ .‬ف إذا س لم‬
‫االمام ق ام إلى ب اقي ص الته‪ ،‬واالولى أن يتمها منف ردا‪ .‬فلو ق ام االم ام إلى‬
‫ركعتين أخريين من التراويح‪ ،‬فنوى االقتداء به ثاني ا‪ ،‬ففي ج وازه الق والن‪،‬‬
‫فيمن أحرم منفردا ثم اقتدى في أثنائهما‪ .‬واختلف أص حابنا في المقت دي بمن‬
‫يص لي العيد أو االستس قاء‪ ،‬هل هو كمن يص لي الص بح ؟ أم كمن يص لي‬
‫الجن ازة والكس وف ؟ قلت‪ :‬الص حيح‪ :‬أنه كالص بح‪ ،‬وبه قطع ص احب‬
‫(التتمة)‪ .‬وإذا كبر االمام التكبيرات الزائدة‪ ،‬ال يتابعه الم أموم‪ ،‬ف إن تابعه لم‬
‫يضره‪ ،‬الن االذكار ال تضر‪ .‬ولو صلى العيد خلف الصبح المقضية‪ ،‬ج از‪،‬‬
‫ويكبر التكبيرات الزائدة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الشرط السادس‪ :‬الموافقة (‪ .)1‬فإذا ت رك‬
‫االمام شيئا من أفعال الصالة‪ ،‬نظر‬

‫] ‪[ 473‬‬
‫إن ت رك فرض ا‪ ،‬فق ام في موضع القع ود‪ ،‬أو ب العكس ولم يرج ع‪ ،‬لم يجز‬
‫للمأموم متابعته‪ ،‬النه إن تعمد‪ ،‬فص الته باطل ة‪ ،‬وإن س ها‪ ،‬ففعله غ ير معتد‬
‫به وإن لم يبطله ا‪ .‬ولو ت رك س نة وك ان في االش تغال بها تخلف ف احش‪،‬‬
‫كس جود التالوة‪ ،‬والتش هد االول‪ ،‬لم ي أت بها الم أموم‪ ،‬ف إن فعله ا‪ ،‬بطلت‬
‫ص الته‪ ،‬ولو ت رك االم ام س جود الس هو‪ ،‬أتى به الم أموم‪ ،‬النه يفعله بعد‬
‫انقطاع الق دوة‪ ،‬ول ذلك يس لم التس ليمة الثانية إذا تركها االم ام‪ .‬فأما إذا ك ان‬
‫التخلف لها يس يرا‪ ،‬كجلسة االس تراحة‪ ،‬فال ب أس‪ ،‬كما ال ب أس بزيادتها في‬
‫غير موضعها‪ .‬وكذا ال بأس بتخلفه للقن وت‪ ،‬إذا لحقه على ق رب‪ ،‬ب أن لحقه‬
‫في الس جدة االولى (‪ .)1‬الش رط الس ابع‪ :‬المتابع ة‪ ،‬فيجب على الم أموم‬
‫متابعت ه‪ ،‬فال يتق دم في االفع ال‪ .‬والم راد من المتابع ة‪ :‬أن يج ري على أثر‬
‫االمام‪ ،‬بحيث يكون بت داؤه بكل واحد منه ا‪ ،‬مت أخرا عن ابت داء االم ام به (‬
‫‪ ،)2‬ومتقدما على فراغه منه‪ .‬فلو خالف‪ ،‬فله أحوال‪ .‬االول‪ :‬أن يقارنه‪ ،‬فإن‬
‫قارنه في تكب يرة االح رام‪ ،‬أو ش ك‪ ،‬هل قارن ه‪ ،‬أو ظن أنه ت أخر‪ ،‬فب ان‬
‫مقارنته‪ ،‬لم تنعقد‪ .‬ويش ترط ت أخر جميع تكب يرة الم أموم‪ ،‬عن جميع تكب يرة‬
‫االمام‪ .‬ويستحب لالمام أن ال يكبر حتى يسووا الصفوف‪ ،‬ويأمرهم به ملتفتا‬
‫يمينا وش ماال‪ .‬وإذا ف رغ الم ؤذن من االقام ة‪ ،‬ق ام الن اس فاش تغلوا بتس وية‬
‫الصفوف‪ .‬وأما ما عدا التكبير‪ ،‬فغير السالم تجوز المقارنة فيه‪ ،‬ولكن تكره‪،‬‬
‫وتفوت بها فضيلة الجماعة‪ ،‬وفي السالم وجهان‪ .‬أص حهما‪ :‬جوازه ا‪ .‬الح ال‬
‫الثاني‪ :‬أن يتخلف عن االمام‪ ،‬فإن تخلف بغير عذر‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن تخلف ب ركن‬
‫واحد‪ ،‬لم تبطل ص الته على االص ح‪ ،‬وإن تخلف برك نين بطلت قطعا (‪.)3‬‬
‫‪،‬ومن صور التخلف بغير عذر‪ ،‬أن يركع االمام وهو في قراءة السورة‬

‫] ‪[ 474‬‬
‫فيشتغل باتمامها‪ ،‬وكذا التخلف لالشتغال بتسبيحات الرك وع والس جود‪ .‬وأما‬
‫بي ان ص ور التخلف ب ركن‪ ،‬فيحت اج إلى معرفة ال ركن الطويل والقص ير‪،‬‬
‫فالقصير‪ :‬االعتدال عن الركوع‪ ،‬وكذا الجلوس بين الس جدتين على االص ح‪.‬‬
‫والطويل‪ :‬ما عداهما‪ .‬ثم الطويل‪ ،‬مقص ود في نفس ه‪ .‬وفي القص ير وجه ان‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬مقصود في نفسه وبه قال االك ثرون‪ ،‬وم ال االم ام إلى الج زم ب ه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ال بل تابع لغيره‪ .‬وبه قطع في (التهذيب)‪ .‬فإذا ركع االمام‪ ،‬ثم ركع‬
‫الم أموم وأدركه في ركوعه فليس ه ذا تخلفا ب ركن‪ ،‬فال تبطل به الص الة‬
‫قطع ا‪ .‬فلو اعت دل االم ام‪ ،‬والم أموم بعد ق ائم‪ ،‬ففي بطالن ص الته وجه ان‪،‬‬
‫اختلفوا في مأخذهما‪ ،‬فقيل‪ :‬مأخذهما‪ :‬ال تردد في أن االعت دال ركن مقص ود‬
‫أم ال ؟ إن قلنا‪ :‬مقصود فقد فارق االمام ركنا‪ ،‬واشتغل بركن آخر مقص ود‪،‬‬
‫فتبطل ص الة المتخل ف‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬غ ير مقص ود‪ ،‬فهو كما لو لم يف رغ من‬
‫الرك وع‪ ،‬الن ال ذي هو فيه تبع ل ه‪ ،‬فال تبطل ص الته‪ .‬وقي ل‪ :‬مأخ ذهما‬
‫الوجهان‪ ،‬في أن التخلف بركن يبطل أم ال ؟ إن قلنا‪ :‬يبطل فقد تخلف بركن‬
‫الرك وع تاما فتبطل ص الته‪ ،‬وإن قلن ا‪ :‬ال‪ ،‬فما دام في االعت دال‪ ،‬لم يكمل‬
‫ال ركن الث اني‪ ،‬فال تبط ل‪ .‬قلت‪ :‬االصح ال تبط ل‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا ه وى إلى‬
‫السجود ولم يبلغه‪ ،‬والمأموم بعد ق ائم‪ ،‬فعلى المأخذ االول ال تبطل ص الته‪،‬‬
‫النه لم يشرع في ركن مقصود‪ ،‬وعلى الثاني‪ :‬تبطل‪ ،‬الن ركن االعت دال قد‬
‫تم‪ .‬هكذا ذكره إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ .‬وقياسه‪ ،‬أن يق ال‪ :‬إذا ارتفع عن حد‬
‫الركوع‪ ،‬والم أموم بعد في القي ام‪ ،‬فقد حصل التخلف ب ركن‪ ،‬وإن لم يعت دل‬
‫االم ام‪ ،‬فتبطل الص الة عند من يجعل التخلف ب ركن مبطال‪ .‬أما إذا انتهى‬
‫االمام (‪ )1‬إلى السجود‪ ،‬والمأموم بعد في القيام‪ ،‬فتبطل صالته قطع ا‪ .‬ثم إذا‬
‫اكتفينا بابت داء اله وي عن االعت دال‪ ،‬وابت داء االرتف اع عن حد الرك وع‪،‬‬
‫ف التخلف برك نين‪ :‬هو أن يتم لالم ام ركن ان‪ ،‬والم أموم بعد فيما قبلهم ا‪،‬‬
‫وبركن‪ :‬هو أن يتم لالمام الركن الذي سبق والم أموم بعد فيما قبل ه‪ ،‬وإن لم‬
‫يكتف بذلك‬

‫] ‪[ 475‬‬
‫فللتخلف ش رط آخ ر‪ ،‬وهو أن ال يالبس مع تمامهم ا‪ ،‬أو تمامه ركنا آخ ر‪.‬‬
‫ومقتضى كالم ص احب (الته ذيب) ت رجيح البطالن فيما إذا تخلف ب ركن‬
‫كامل مقصود‪ ،‬كما إذا استمر في الركوع حتى اعتدل االمام وسجد‪ .‬هذا كله‬
‫في التخلف بغير عذر‪ .‬أما االعذار فأنواع‪ .‬منه ا‪ :‬الخ وف‪ ،‬وس يأتي في بابه‬
‫إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يك ون الم أموم بطئ الق راءة (‪ ،)1‬واالم ام‬
‫سريعها‪ ،‬فيركع قبل أن يتم المأموم الفاتحة‪ ،‬فوجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يتابعه ويسقط‬
‫عن الم أموم باقيه ا‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬لو اش تغل بإتمامه ا‪ ،‬ك ان متخلفا بال ع ذر‪.‬‬
‫والصحيح الذي قطع به صاحب (التهذيب) وغيره‪ ،‬أنه ال يسقط بل عليه أن‬
‫يتمه ا‪ ،‬ويس عى خلف االم ام على نظم ص الته ما لم يس بقه ب أكثر من ثالثة‬
‫أرك ان مقص ودة‪ ،‬ف إن زاد على الثالثة فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يخ رج نفسه عن‬
‫المتابعة لتع ذر الموافق ة‪ .‬وأص حهما‪ :‬له أن ي دوم على متابعت ه‪ .‬وعلى ه ذا‬
‫وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يراعي نظم صالته‪ ،‬ويجري على أثره‪ .‬وبهذا أفتى القف ال‪.‬‬
‫وأص حهما‪ :‬يوافقه فيما هو في ه‪ ،‬ثم يقضي ما فاته بعد س الم االم ام‪ .‬وه ذان‬
‫الوجهان‪ ،‬كالقولين في مسألة الزحام (‪ .)2‬ومنه ا‪ :‬أخذ التق دير بثالثة أرك ان‬
‫مقصودة‪ ،‬فإن القولين في مسألة الزحام‪ ،‬إنما هما إذا ركع االمام في الثانية‪.‬‬
‫وقبل ذلك ال يوافقه‪ ،‬وإنما يكون التخلف قبله بالس جدتين والقي ام‪ .‬ولم يعت بر‬
‫الجلوس بين السجدتين على مذهب من يق ول‪ :‬هو غ ير مقص ود‪ ،‬وال يجعل‬
‫التخلف بغير المقص ود م ؤثرا‪ .‬وأما من ال يف رق بين المقص ود وغ يره‪ ،‬أو‬
‫يف رق ويجعل الجل وس مقص ودا‪ ،‬أو ركنا ط ويال‪ ،‬فالقي اس على أص له‪،‬‬
‫التق دير بأربعة أرك ان أخ ذا من مس ألة الزح ام‪ .‬ولو اش تغل الم أموم ب دعاء‬
‫االس تفتاح‪ ،‬فلم يتم الفاتحة ل ذلك‪ ،‬فركع االم ام‪ ،‬فيتم الفاتحة كبطئ الق راءة‪.‬‬
‫وكان هذا في الم أموم المواف ق‪ .‬أما المس بوق إذا أدرك االم ام قائما وخ اف‬
‫ركوع ه‪ ،‬فينبغي أن ال يق رأ االس تفتاح‪ ،‬بل يب ادر إلى الفاتح ة‪ ،‬ف إن ركع‬
‫االم ام في أثن اء الفاتحة فأوج ه‪ .‬أح دها‪ :‬يركع معه وتس قط ب اقي الفاتح ة‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬يتمها‪ .‬وأصحها‪ :‬أنه إن لم يقرأ شيئا من‬

‫] ‪[ 476‬‬
‫االستفتاح‪ ،‬قطع الفاتحة وركع‪ ،‬ويكون مدركا للركع ة‪ .‬وإن ق رأ ش يئا من ه‪،‬‬
‫لزمه بقدره من الفاتحة لتقصيره‪ .‬وهذا هو االصح عند القف ال‪ ،‬والمعت برين‪،‬‬
‫وبه قال أبو زيد‪ .‬فإن قلنا‪ :‬عليه إتمام الفاتحة‪ ،‬فتخلف ليقرأ ك ان تخلفا بع ذر‬
‫(‪ ،)1‬فإن لم يتمها وركع مع االمام‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وإن قلنا‪ :‬يركع فاش تغل‬
‫بإتمامه ا‪ ،‬ك ان متخلفا بال ع ذر‪ .‬وإن س بقه االم ام ب الركوع‪ ،‬وق رأ ه ذا‬
‫المسبوق الفاتحة‪ ،‬ثم لحقه في االعتدال‪ ،‬لم يكن مدركا للركعة‪ .‬واالصح‪ :‬أنه‬
‫ال تبطل صالته إذا قلنا‪ :‬المتخلف (‪ )2‬بركن ال يبطل كما في غير المسبوق‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يبطل‪ ،‬النه ترك متابعة االمام فيما فاتت به ركع ة‪ ،‬فك ان ك التخلف‬
‫بركع ة‪ .‬ومنه ا‪ :‬الزح ام‪ ،‬وس يأتي في الجمع ة‪ ،‬إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫النسيان‪ .‬فلو ركع مع االمام‪ ،‬ثم تذكر أنه نسي الفاتحة‪ ،‬أو شك في قراءته ا‪،‬‬
‫لم يجز أن يعود‪ ،‬النه فات محل القراءة‪ ،‬ف إذا س لم االم ام‪ ،‬ق ام وت دارك ما‬
‫فاته‪ .‬ولو تذكر‪ ،‬أو شك بعد أن ركع االمام ولم يركع هو‪ ،‬لم تس قط الق راءة‬
‫بالنسيان‪ .‬وماذا يفعل ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يركع مع ه‪ ،‬ف إذا س لم االم ام‪ ،‬ق ام‬
‫فقضى ركعة‪ ،‬وأصحهما‪ :‬يتمها‪ ،‬وبه أف تى القف ال‪ .‬وعلى ه ذا‪ ،‬تخلفه تخلف‬
‫معذور على االصح‪ ،‬وعلى الثاني‪ :‬تخلف غ ير مع ذور لتقص يره بالنس يان‪.‬‬
‫الحال الثالث‪ :‬أن يتقدم على االمام بالركوع‪ ،‬أو غ يره من االفع ال الظ اهرة‬
‫فينظر إن لم يسبق بركن كام ل‪ ،‬ب أن ركع قبل االم ام‪ ،‬فلم يرفع ح تى ركع‬
‫االمام‪ ،‬لم تبطل صالته‪ ،‬عمدا كان أو سهوا‪ .‬وفي وجه شاذ‪ :‬تبطل إن تعمد‪.‬‬
‫فإذا قلنا‪ :‬ال تبط ل‪ ،‬فهل يع ود ؟ وجه ان‪ .‬المنص وص‪ ،‬وبه ق ال العراقي ون‪:‬‬
‫يستحب أن يعود إلى القيام ويركع معه‪ .‬والثاني‪ :‬وبه قطع ص احبا (النهاي ة)‬
‫و (التهذيب)‪ :‬ال يجوز‬

‫] ‪[ 477‬‬
‫العود‪ ،‬فإن ع اد‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬وإن فعله س هوا‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه مخ ير بين‬
‫العود والدوام‪ .‬والثاني‪ :‬يجب العود‪ ،‬ف إن لم يع د‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬وإن س بق‬
‫برك نين فص اعدا‪ ،‬بطلت ص الته إن ك ان عام دا عالما بتحريم ه‪ .‬وإن ك ان‬
‫ساهيا‪ ،‬أو جاهال‪ ،‬لم تبط ل‪ ،‬لكن ال يعتد بتلك الركع ة‪ ،‬في أتي بها بعد س الم‬
‫االمام‪ ،‬وال يخفى بيان التقدم بركنين من قي اس ما ذكرن اه (‪ )1‬في التخل ف‪.‬‬
‫ومثل أئمتنا العراقي ون ذل ك‪ ،‬بما إذا ركع قبل االم ام‪ ،‬فلما أراد االم ام أن‬
‫يرك ع‪ ،‬رف ع‪ ،‬فلما أراد أن يرف ع‪ ،‬س جد‪ ،‬فلم يجتمعا في الرك وع‪ ،‬وال في‬
‫االعت دال‪ ،‬وه ذا يخ الف ذلك القي اس‪ ،‬فيج وز أن يق در مثله في التخل ف‪،‬‬
‫ويج وز أن يخص ذلك بالتق دم‪ ،‬الن المخالفة فيه أفحش‪ .‬وإن س بق ب ركن‬
‫مقصود‪ ،‬ب أن ركع قبل االم ام‪ ،‬ورفع واالم ام في القي ام ثم وقف ح تى رفع‬
‫االم ام‪ ،‬واجتمعا في االعت دال‪ ،‬فق ال الص يدالني‪ ،‬وجماع ة‪ :‬تبطل ص الته‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فإن سبق بركن غير مقصود كاالعتدال‪ ،‬ب أن اعت دل وس جد‪ ،‬واالم ام‬
‫بعد في الرك وع‪ ،‬أو س بق ب الجلوس بين الس جدتين‪ ،‬ب أن رفع رأسه من‬
‫السجدة االولى‪ ،‬وجلس وسجد الثانية واالمام بعد في االولى‪ ،‬فوجهان‪ .‬وق ال‬
‫العراقي ون‪ ،‬وآخ رون‪ :‬التق دم ب ركن ال يبطل ك التخلف ب ه‪ .‬وه ذا أص ح‪،‬‬
‫وأش هر‪ .‬وحكي عن نص الش افعي رضي هللا عنه (‪ .)2‬ه ذا في االفع ال‬
‫الظ اهرة‪ ،‬فأما تكب يرة االح رام‪ ،‬فالس بق بها مبطل كما تق دم‪ ،‬وأما الفاتحة‬
‫والتشهد‪ ،‬ففي السبق بهما أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬ال يض ر‪ ،‬بل يجزئ ان‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫تبطل الصالة‪ .‬والثالث‪ :‬ال تبطل‪ .‬ويجب إعادتهما مع قراءة االمام أو بع دها‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬المس بوق إذا أدرك االم ام راكعا (‪ ،)3‬يك بر لالفتت اح‪ ،‬وليس له أن‬
‫يشتغل بالفاتحة بل يهوي للرك وع ويك بر له تكب يرة أخ رى‪ .‬وك ذا لو أدركه‬
‫‪،‬قائما‬
‫] ‪[ 478‬‬
‫فكبر‪ ،‬فركع االمام بمجرد تكبيره‪ ،‬فلو اقتصر في الح الين على تكب يرة‪ ،‬فله‬
‫أح وال‪ .‬أح دها‪ :‬أن ين وي بها تكب يرة االفتت اح‪ ،‬فتصح ص الته بش رط أن‬
‫يوقعها في حال القيام (‪ .)1‬الثاني‪ :‬ينوي تكبيرة الرك وع فال تنعقد ص الته (‬
‫‪ .)2‬الث الث‪ :‬ينويهم ا‪ ،‬فال تنعقد فرضا وال نفال أيضا على الص حيح (‪.)3‬‬
‫الرابع‪ :‬ال ينوي واحدا منهما‪ ،‬بل يطلق التكب يرة‪ .‬فالص حيح المنص وص في‬
‫(االم) وقطع به الجمهور‪ :‬ال تنعقد‪ .‬والثاني‪ :‬تنعقد لقرينة االفتتاح‪ ،‬ومال إليه‬
‫إمام الحرمين‪ .‬فرع‪ :‬إذا أخرج المأموم نفسه عن متابعة االمام‪ ،‬فالمذهب أنه‬
‫ال تبطل صالته‪ ،‬سواء فارق بعذر‪ ،‬أو بغيره‪ ،‬هذا جملت ه‪ .‬وتفص يله‪ :‬أن في‬
‫بطالن الصالة بالمفارقة ط ريقين‪ .‬أح دهما‪ :‬ال تبط ل‪ .‬والث اني‪ :‬على ق ولين‪.‬‬
‫أصحهما‪ :‬ال تبطل‪ .‬واختلفوا في موضع الق ولين‪ ،‬على ط رق‪ .‬أص حها‪ :‬هما‬
‫فيمن فارق بغير عذر‪ .‬فأما المعذور‪ ،‬فيجوز قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬هما في المع ذور‪.‬‬
‫فأما غيره‪ ،‬فتبطل صالته قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬هما فيهم ا‪ ،‬واخت اره الحليمي‪ .‬وق ال‬
‫إمام الحرمين‪ :‬واالعذار كثيرة‪ ،‬وأقرب معتبرا‪ ،‬أن يقال‪ :‬كل ما ج وز ت رك‬
‫الجماعة ابت داء‪ ،‬ج وز المفارق ة‪ .‬وألحق وا ب ه‪ ،‬ما إذا ت رك االم ام س نة‬
‫مقص ودة‪ ،‬كالتش هد االول‪ ،‬والقن وت‪ .‬وأما إذا لم يص بر على ط ول الق راءة‬
‫لض عف‪ ،‬أو ش غل‪ ،‬فاالص ح‪ :‬أنه ع ذر‪ .‬ه ذا كله إذا قطع الم أموم الق دوة‬
‫واالم ام بعد في الص الة‪ .‬أما إذا انقطعت بح دث االم ام‪ ،‬ونح وه‪ ،‬فال تبطل‬
‫‪.‬صالة المأموم قطعا بكل حال‬

‫] ‪[ 479‬‬
‫فرع‪ :‬إذا أقيمت الجماعة وهو في الصالة منفردا‪ ،‬نظر‪ ،‬إن كان في فريضة‬
‫الوقت‪ ،‬فقد قال الشافعي رضي هللا عن ه‪ :‬أحببت أن يكمل ركع تين‪ ،‬ويس لم‪،‬‬
‫فتك ون له نافل ة‪ ،‬ويبت دئ الص الة مع االم ام‪ .‬ومعن اه‪ :‬أن يقطع الفريضة‬
‫ويقلبها نفال‪ .‬وفيه وفي نظ ائره خالف ق دمناه في مس ائل النية في ص فة‬
‫الص الة‪ .‬ثم ه ذا فيما إذا ك انت الص الة ثالثي ة‪ ،‬أو رباعي ة‪ ،‬ولم يصل بعد‬
‫ركع تين‪ .‬ف إن ك انت ذات ركع تين‪ ،‬أو ذات ثالث‪ ،‬أو أرب ع‪ ،‬وقد ق ام إلى‬
‫الثالثة‪ ،‬فإنه يتمها‪ ،‬ثم يدخل في الجماعة‪ ،‬وإن كان في فائتة‪ ،‬لم يس تحب أن‬
‫يقتصر على ركع تين ليص لي تلك الفائتة جماع ة‪ ،‬الن الفائتة ال يش رع لها‬
‫الجماعة‪ ،‬بخالف ما لو شرع في فائتة في ي وم غيم‪ ،‬فانكشف الغيم‪ ،‬وخ اف‬
‫فوت الحاضرة‪ ،‬فإنه يسلم عن ركع تين‪ ،‬ويش تغل بالحاض رة‪ .‬قلت‪ :‬قول ه‪ :‬ال‬
‫يشرع لها الجماعة‪ ،‬يحمل على التفصيل ال ذي ذكرته في أول كت اب ص الة‬
‫الجماع ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن ك ان في نافل ة‪ ،‬وأقيمت الجماع ة‪ ،‬ف إن لم يخش‬
‫فوته ا‪ ،‬أتمه ا‪ .‬وإن خش يه‪ ،‬قطعها ودخل في الجماع ة‪ .‬فأما إذا لم يس لم من‬
‫صالته التي أحرم بها منفردا‪ ،‬بل اقتدى في خاللها‪ ،‬فالمذهب ج وازه‪ .‬وه ذا‬
‫جملت ه‪ .‬فأما تفص يله‪ ،‬ففي ص حة ه ذا االقت داء‪ ،‬طريق ان‪ .‬أح دهما‪ :‬القطع‬
‫ببطالنه‪ .‬وتبطل به الص الة‪ .‬وأص حهما‪ ،‬وأش هرهما‪ :‬فيه ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪:‬‬
‫ج وازه‪ .‬ثم اختلف وا في موضع الق ولين على ط رق‪ ،‬فقي ل‪ :‬هما فيما إذا لم‬
‫يركع المنفرد في انفراده‪ .‬فإن ركع‪ ،‬لم يجز قطع ا‪ .‬وقي ل‪ :‬هما بعد ركوع ه‪.‬‬
‫فأما قبله‪ ،‬فيجوز قطع ا‪ .‬وقي ل‪ :‬هما إذا اتفقا في الركع ة‪ ،‬ف إن اختلف ا‪ ،‬فك ان‬
‫االم ام في ركع ة‪ ،‬والم أموم في أخ رى متق دما‪ ،‬أو مت أخرا‪ ،‬لم يجز قطع ا‪.‬‬
‫والطريق الرابع الص حيح‪ :‬أن الق ولين في جميع االح وال‪ .‬وإذا ص ححنا‬
‫االقت داء على االطالق‪ ،‬فاختلفا في الركع ة‪ ،‬قعد الم أموم في موضع قع ود‬
‫االمام‪ ،‬وق ام في موضع قيام ه‪ ،‬ف إن تمت ص الته أوال‪ ،‬لم يت ابع االم ام في‬
‫الزيادة‪ ،‬بل إن ش اء فارق ه‪ ،‬وإن ش اء انتظ ره في التش هد‪ ،‬وط ول ال دعاء‪،‬‬
‫وسلم معه‪ .‬فإن تمت صالة االمام أوال‪ ،‬قام الم أموم‪ ،‬وأتم ص الته كما يفعل‬
‫المسبوق‪ ،‬وإذا سها المأموم قبل االقت داء‪ ،‬لم يتحمل عنه االم ام‪ ،‬بل إذا س لم‬
‫االمام‪ ،‬سجد هو‬

‫] ‪[ 480‬‬
‫لسهوه‪ ،‬وإن سها بعد االقتداء‪ ،‬حمل عنه‪ .‬وإن س ها االم ام قبل االقت داء‪ ،‬أو‬
‫بع ده‪ ،‬لحق الم أموم ويس جد مع ه‪ ،‬ويعيد في آخر ص الته على االظهر‬
‫كالمسبوق‪ .‬فرع‪ :‬من أدرك االم ام في الرك وع‪ ،‬ك ان م دركا للركع ة‪ .‬وق ال‬
‫محمد بن إس حاق بن خزيم ة‪ ،‬وأبو بكر الص بغي (‪ - )1‬بكسر الص اد‬
‫المهملة‪ ،‬وإسكان الباء الموحدة‪ ،‬وب الغين المعجم ة‪ ،‬كالهما من أص حابنا ‪:-‬‬
‫ال يدرك الركعة ب ادراك الرك وع‪ .‬وه ذا ش اذ منك ر‪ ،‬والص حيح ال ذي عليه‬
‫الن اس‪ ،‬وأطبق عليه االئم ة‪ :‬إدراكه ا‪ ،‬لكن يش ترط أن يك ون ذلك الرك وع‬
‫محسوبا لالم ام‪ ،‬ف إن لم يكن‪ ،‬ففيه تفص يل ن ذكره في الجمع ة‪ ،‬إن ش اء هللا‬
‫تعالى‪ .‬ثم المراد بإدراك الرك وع‪ ،‬أن يلتقي هو وإمامه في حد أقل الرك وع‪.‬‬
‫حتى لو كان هو في اله وي‪ ،‬واالم ام في االرتف اع‪ ،‬وقد بلغ هويه حد االقل‬
‫قبل أن يرتفع االم ام عن ه‪ ،‬ك ان م دركا‪ ،‬وإن لم يلتقيا في ه‪ ،‬فال‪ .‬هك ذا قاله‬
‫جميع االصحاب‪ .‬ويش ترط أن يطمئن قبل ارتف اع االم ام عن الحد المعت بر‪.‬‬
‫هكذا ص رح به في (البي ان) وبه أش عر كالم كث ير من النقل ة‪ ،‬وهو الوج ه‪،‬‬
‫وإن كان االكثرون لم يتعرضوا له‪ .‬ولو كبر‪ ،‬وانح نى‪ ،‬وش ك‪ ،‬هل بلغ الحد‬
‫المعتبر قبل ارتفاع االمام عنه ؟ فوجهان‪ .‬وقيل‪ :‬ق والن‪ .‬أص حهما‪ :‬ال يك ون‬
‫م دركا‪ .‬والث اني‪ :‬يك ون‪ .‬فأما إذا أدركه فيما بعد الرك وع‪ ،‬فال يك ون م دركا‬
‫للركعة قطعا‪ ،‬وعليه أن يتابعه في الركن الذي أدركه فيه وإن لم يحسب له‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وإذا أدركه في التش هد االخ ير‪ ،‬لزمه متابعته في الجل وس‪ ،‬وال يلزمه‬
‫أن يتش هد معه قطع ا‪ ،‬ويسن (‪ )2‬له ذلك على الص حيح المنص وص‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬المس بوق إذا أدرك االم ام في الرك وع‪ .‬فقد ذكرنا أنه يك بر‬
‫للرك وع بعد تكب يرة االفتت اح‪ ،‬فلو أدركه في الس جدة االولى‪ ،‬أو الثاني ة‪ ،‬أو‬
‫التش هد‪ ،‬فهل يك بر لالنتق ال إليه ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‪ ،‬الن ه ذا غ ير‬
‫محسوب له‪ ،‬بخالف‬

‫] ‪[ 481‬‬
‫الرك وع‪ ،‬ويخ الف ما لو أدركه في االعت دال فما بع ده فإنه ينتقل معه من‬
‫ركن إلى ركن مك برا‪ ،‬وإن لم يكن محس وبا‪ ،‬النه لموافقة االم ام‪ .‬ول ذلك‬
‫نق ول‪ :‬يوافقه في ق راءة التش هد‪ ،‬وفي التس بيحات‪ ،‬على االص ح‪ .‬وإذا ق ام‬
‫المسبوق بعد سالم االمام‪ ،‬فإن ك ان الجل وس ال ذي ق ام منه موضع جل وس‬
‫المس بوق‪ ،‬ب أن أدركه في الثالثة من رباعي ة‪ ،‬أو ثانية (‪ )1‬المغ رب‪ ،‬ق ام‬
‫مك برا‪ .‬ف إن لم يكن موضع جلوس ه‪ ،‬ب أن أدركه في االخ يرة‪ ،‬أو الثانية من‬
‫الرباعية‪ ،‬قام بال تكبير على االصح‪ .‬ثم إذا لم يكن موضع جلوس ه‪ ،‬لم يجز‬
‫المكث بعد سالم االمام‪ .‬فإن مكث‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وإن كان موضع جلوس ه‪،‬‬
‫لم يضر المكث‪ .‬والسنة للمسبوق‪ :‬أن يقوم عقب تسليمتي االمام‪ ،‬ف إن الثانية‬
‫من الص الة‪ ،‬ويج وز أن يق وم عقب االولى‪ .‬وإن ق ام قبل تمامه ا‪ ،‬بطلت‬
‫صالته إن تعمد القيام‪ .‬وما يدركه المسبوق أول صالته‪ ،‬وما يفعله بعد سالم‬
‫االمام آخره ا‪ ،‬ح تى لو أدرك ركعة من المغ رب‪ ،‬ف إذا ق ام التم ام الب اقي‪،‬‬
‫يجهر في الثانية ويتش هد‪ ،‬ويسر في الثالث ة‪ .‬ولو أدرك ركعة من الص بح‪،‬‬
‫وقنت مع االم ام‪ ،‬أع اد القن وت في الركعة ال تي ي أتي به ا‪ .‬ونص الش افعي‬
‫رحمه هللا أنه لو أدرك ركعتين من رباعي ة‪ ،‬ثم ق ام للت دارك‪ ،‬يق رأ الس ورة‬
‫في الركعتين‪ ،‬فقيل‪ :‬هذا تفريع على قوله‪ :‬يس تحب ق راءة الس ورة في جميع‬
‫الركع ات‪ ،‬وقي ل‪ :‬هو تفريع على الق ولين جميعا لئال تخلو ص الته عن‬
‫السورة‪ .‬قلت‪ :‬الث اني‪ ،‬أص ح‪ .‬وحكي ق ول غ ريب‪ :‬أنه يجه ر‪ .‬والجماعة في‬
‫الصبح‪ ،‬أفضل من غيرها‪ ،‬ثم العشاء‪ ،‬ثم العصر‪ ،‬لالحاديث الصحيحة‪ .‬ولو‬
‫ك ان للمس جد إم ام راتب‪ ،‬ك ره لغ يره إقامة الجماعة في ه‪ ،‬قبله أو بع ده إال‬
‫بإذن ه‪ ،‬ف إن ك ان المس جد مطروق ا‪ ،‬فال ب أس‪ .‬وقد س بقت المس ألة في ب اب‬
‫االذان‪ .‬ويكره أن يؤم الرجل قوما وأكثرهم له ك ارهون‪ ،‬ف إن كرهه االق ل‪،‬‬
‫أو النصف‪ ،‬لم تكره إمامته‪ .‬والمراد أن يكرهوه لمعنى م ذموم في الش رع (‬
‫‪ ،)2‬فإن لم يكن كذلك‪ ،‬فالعتب عليهم وال كراهة‪ .‬وقال القفال‪ :‬إنما يكره إذا‬
‫لم ينصبه االمام‪ ،‬فإن نصبه فال يبالي بكراهة‬

‫] ‪[ 482‬‬
‫أكثرهم‪ .‬والصحيح ال ذي عليه الجمه ور‪ :‬أنه ال ف رق بين من نص به االم ام‬
‫وغيره (‪ .)1‬وأما إذا كان بعض المأمومين يكره أهل المسجد حض وره‪ ،‬فال‬
‫يكره له الحضور‪ ،‬الن غيره ال يرتبط ب ه‪ ،‬نص عليه الش افعي واالص حاب‬
‫(‪ )2‬ويكره أن يكون موقف االمام أعلى من موقف الم أموم‪ ،‬وك ذا عكسه (‬
‫‪ ،)3‬فإن احتاج االمام إلى االستعالء ليعلمهم صفة الصالة‪ ،‬أو المأموم ليبلغ‬
‫القوم تكبير االمام‪ ،‬استحب (‪ .)4‬وأفضل صفوف الرجال (‪ ،)5‬أولها‪ ،‬ثم ما‬
‫ق رب من ه‪ ،‬وك ذلك النس اء الخلص‪ ،‬ف إن ك ان النس اء مع الرج ال‪ ،‬فأفضل‬
‫‪.‬صفوفهن آخرها (‪ .)6‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 483‬‬
‫كت اب ص الة المس افر ص الة المس افر كغ يره‪ ،‬إال أن له ال ترخص بالقصر‬
‫والجمع‪ ،‬فالقصر جائز باالجم اع‪ .‬والس بب المج وز ل ه‪ ،‬الس فر الطويل (‪)1‬‬
‫المباح (‪ .)2‬فأما الس فر القص ير‪ ،‬فال بد فيه من ربط القصد بمقصد معل وم‪،‬‬
‫فال رخصة لهائم ال يدري أين يتوجه‪ ،‬وإن طال سفره‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أن اله ائم‬
‫إذا بلغ مسافة القصر له القصر‪ ،‬وهو شاذ منكر‪ .‬أما ابت داء الس فر‪ ،‬فيع رف‬
‫بتفصيل الموضع الذي منه االرتحال‪ .‬فإن ارتحل من بل دة لها س ور مختص‬
‫بها (‪ ،)3‬فال بد من مجاوزته وإن ك ان داخل الس ور م زارع‪ ،‬أو مواضع‬
‫خربة‪ ،‬الن جميع داخل السور مع دود من نفس البل د‪ ،‬محس وب من موضع‬
‫االقامة‪ ،‬ف إذا ف ارق الس ور‪ ،‬ت رخص إن لم يكن خارجه دور متالص قة‪ ،‬أو‬
‫مق ابر‪ ،‬ف إن ك انت‪ ،‬فوجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬أنه ي ترخص بمفارقة الس ور‪ ،‬وال‬
‫يش ترط مفارقة ال دور والمق ابر‪ ،‬وبه ذا قطع الغ زالي‪ ،‬وكث يرون‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يشترط مفارقتها‪ ،‬وهو موافق‬

‫] ‪[ 484‬‬
‫لظاهر نص الشافعي‪ .‬وأما إذا لم يكن للبلد س ور‪ ،‬أو ك ان في غ ير ص وب‬
‫مقص ده‪ ،‬فابت داء س فره بمفارقة العم ران ح تى ال يبقى بيت متصل وال‬
‫منفصل‪ .‬والخراب ال ذي يتخلل العم ارات‪ ،‬مع دود من البل د‪ ،‬ك النهر الحائل‬
‫بين ج انبي البل د‪ ،‬فال ي ترخص ب العبور من ج انب إلى ج انب‪ .‬ف إن ك انت‬
‫أط راف البل دة خرب ة‪ ،‬وال عم ارة وراءه ا‪ ،‬فق ال العراقي ون‪ ،‬والش يخ أبو‬
‫محمد‪ :‬ال بد من مجاوزتها‪ .‬وقال الغزالي‪ ،‬وص احب (الته ذيب)‪ :‬ال يش ترط‬
‫مجاوزته ا‪ ،‬النه ليس موضع إقام ة‪ .‬وه ذا الخالف فيما إذا ك انت بقايا‬
‫الحيطان قائمة‪ ،‬ولم يتخذوا الخراب مزارع العمران‪ ،‬وال هج روه بالتحويط‬
‫على العامر والخراب‪ ،‬ف إن لم يكن ك ذلك‪ ،‬لم يش ترط مجاوزتها بال خالف‪.‬‬
‫وال يشترط مجاوزة البساتين‪ ،‬والمزارع المتصلة بالبلد‪ ،‬وإن كانت محوطة‪،‬‬
‫إال إذا كان فيها قصور أو دور يسكنها مالكها (‪ )1‬بعض فصول السنة‪ ،‬فال‬
‫بد من مجاوزتها حينئذ‪ .‬ولنا وجه في (التتمة)‪ :‬أنه يشترط مجاوزة البساتين‪،‬‬
‫والمزارع المضافة إلى البلدة مطلقا‪ ،‬وهو شاذ ضعيف‪ .‬هذا حكم البلدة‪ .‬وأما‬
‫القري ة‪ ،‬فلها حكم البل دة في جميع ما ذكرن اه‪ .‬وال يش ترط فيها مج اوزة‬
‫البساتين‪ ،‬وال الم زارع المحوط ة‪ ،‬ه ذا هو الص واب ال ذي قاله العراقي ون‪.‬‬
‫وشذ الغزالي عن االصحاب فقال‪ :‬إن كانت المزارع‪ ،‬أو البس اتين محوط ة‪،‬‬
‫اش ترط مجاوزته ا‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪ :‬ال يش ترط مج اوزة الم زارع‬
‫المحوطة‪ ،‬وال البساتين غير المحوطة‪ ،‬ويشترط مجاوزة البساتين المحوطة‪.‬‬
‫ولو ك ان قريت ان ليس بينهما انفص ال‪ ،‬فهما كمحل تين‪ ،‬فيجب مجاورتهما‬
‫جميعا‪ .‬قال االمام‪ :‬وفيه احتمال‪ ،‬فلو كان بينهما انفصال فجاوز قريت ه‪ ،‬كفى‬
‫وإن كانتا في غاية التق ارب على الص حيح‪ .‬وق ال ابن س ريج‪ :‬إذا تقاربت ا‪،‬‬
‫اشترط مفارقتهما‪ .‬ولو جمع سور قرى متفاصلة‪ ،‬لم يشترط مجاوزة السور‪.‬‬
‫وكذا لو قدر ذلك في بل دتين متق اربتين‪ .‬وله ذا قلنا أوال‪ :‬إن ارتحل من بل دة‬
‫لها سور مختص بها‪ .‬وأما المقيم في الصحارى‪ ،‬فال بد له من مفارقة البقعة‬
‫التي فيها رحله وينسب إليه‪ .‬فإن سكن واديا‪ ،‬وسافر في عرض ه‪ ،‬فال بد من‬
‫مجاوزة عرض الوادي‪ ،‬نص عليه‬

‫] ‪[ 485‬‬
‫الشافعي رحمه هللا‪ .‬قال االصحاب‪ :‬وهذا على الغالب في اتساع الوادي‪ .‬فإن‬
‫أف رطت الس عة‪ ،‬لم يش ترط إال مج اوزة الق در ال ذي يعد موضع نزول ه‪ ،‬أو‬
‫موضع الحلة (‪ )1‬ال تي هو فيه ا‪ .‬كما لو س افر في ط ول ال وادي‪ .‬وق ال‬
‫القاضي أبو الطيب‪ :‬كالم الش افعي مج رى على إطالق ه‪ ،‬وجانبا ال وادي‪،‬‬
‫كسور البلد‪ .‬ولو كان نازال في ربوة‪ ،‬فال بد أن يهب ط‪ ،‬وإن ك ان في وه دة‪،‬‬
‫فال بد أن يص عد‪ ،‬وه ذا عند االعت دال كما ذكرنا في ال وادي‪ .‬وال ف رق في‬
‫اعتبار مجاوزة عرض الوادي‪ ،‬والصعود والهبوط‪ ،‬بين المنف رد في خيم ة‪،‬‬
‫ومن في أهل خي ام على التفص يل الم ذكور‪ .‬أما (‪ )2‬إذا ك ان في أهل خي ام‬
‫ك االعراب واالك راد‪ ،‬فإنما ي ترخص إذا ف ارق الخي ام‪ ،‬مجتمعة ك انت‪ ،‬أو‬
‫متفرق ة‪ ،‬إذا ك انت حلة واح دة وهي بمنزلة أبنية البل د‪ .‬وال يش ترط مفارقته‬
‫لحلة أخرى‪ ،‬بل الحلتان كالقريتين‪ .‬وضبط الصيدالني التفرق الذي ال يؤثر‪،‬‬
‫ب أن يكون وا بحيث يجتمع ون للس مر في ن اد واح د‪ ،‬ويس تعين بعض هم من‬
‫بعض‪ .‬فإن كانوا بهذه الحال ة‪ ،‬فهي حلة واح دة‪ .‬ويعت بر مع مج اوزة الخي ام‬
‫مج اوزة مرافقه ا‪ ،‬كمط رح الرم اد‪ ،‬وملعب الص بيان‪ ،‬والن ادي‪ ،‬ومع اطن‬
‫االب ل‪ ،‬فإنها (‪ )3‬من جملة مواضع إق امتهم‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أنه ال يعت بر‬
‫مفارقه الخيام‪ ،‬بل يكفي مفارقة خيمته‪ .‬فرع‪ :‬إذا فارق المسافر بنيان البل دة‪،‬‬
‫ثم رجع إليها لحاج ة‪ ،‬فله أح وال‪ .‬أح دها‪ :‬أن ال يك ون له بتلك البل دة إقامة‬
‫أص ال‪ ،‬فال يص ير مقيما ب الرجوع‪ ،‬وال بالحص ول فيه ا‪ .‬الث اني‪ :‬أن تك ون‬
‫وطنه‪ ،‬فليس له الترخص في رجوعه‪ ،‬وإنما ي ترخص إذا فارقها ثاني ا‪ .‬ولنا‬
‫وجه‪ :‬أنه يترخص ذاهبا‪ ،‬وهو شاذ منك ر‪ .‬الث الث‪ :‬أن ال تك ون وطن ه‪ ،‬لكنه‬
‫أقام بها مدة‪ ،‬فهل له الترخص في رجوعه ؟‬

‫] ‪[ 486‬‬
‫وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬نعم‪ ،‬ص ححه إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬وقطع به في‬
‫(التتمة)‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ ،‬وقطع به في (التهذيب) وحيث حكمنا بأنه ال ي ترخص‬
‫إذا عاد‪ ،‬فلو نوى العود ولم يعد بعد‪ ،‬لم يترخص‪ ،‬وص ار بالنية مقيم ا‪ ،‬وال‬
‫فرق بين حالتي الرجوع والحص ول في البل دة‪ ،‬في ال ترخص وعدم ه‪ .‬ه ذا‬
‫كله إذا لم يكن من موضع الرجوع إلى الوطن‪ ،‬مسافة القص ر‪ .‬ف إن ك انت‪،‬‬
‫فهو مسافر مستأنف فيترخص‪ .‬فصل في انتهاء السفر الذي يقطع ال ترخص‬
‫ويحصل ب أمور‪ :‬االول‪ :‬الع ود إلى ال وطن‪ ،‬والض بط في ه‪ :‬أن يع ود إلى‬
‫الموضع ال ذي ش رطنا مفارقته في إنش اء الس فر من ه‪ .‬وفي مع نى ال وطن‪:‬‬
‫الوص ول إلى الموضع ال ذي يس افر إليه إذا ع زم على االقامة فيه الق در‬
‫الم انع من ال ترخص‪ ،‬فلو لم ينو االقامة به ذلك الق در‪ ،‬لم ينته س فره‬
‫بالوصول إليه على االظهر‪ .‬ولو حصل في طريقه في قري ة‪ ،‬أو بل دة له بها‬
‫أهل وعشيرة‪ ،‬فهل ينتهي سفره بدخولها ؟ قوالن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ال‪ .‬ولو مر في‬
‫طريق سفره بوطنه‪ ،‬ب أن خ رج من مكة إلى مس افة القص ر‪ ،‬ون وى أنه إذا‬
‫رجع إلى مكة‪ ،‬خرج إلى موضع آخر من غير إقام ة‪ ،‬فالم ذهب ال ذي قطع‬
‫به الجمهور‪ :‬أنه يصير مقيما بدخولها‪ .‬وقال الصيدالني وغيره‪ :‬فيه القوالن‪،‬‬
‫كبلد أهله‪ .‬فعلى أحدهما‪ :‬الع ود إلى ال وطن ال ي وجب انته اء الس فر‪ ،‬إال إذا‬
‫ك ان عازما على االقام ة‪ .‬االمر الث اني‪ :‬نية االقام ة‪ .‬ف إذا ن وى في طريقه‬
‫االقامة مطلقا‪ ،‬انقطع سفره‪ ،‬فال يقصر‪ .‬فلو أنشأ الس ير بعد ذل ك‪ ،‬فهو س فر‬
‫جديد‪ ،‬فال يقصر إال إذا توجه إلى مرحلتين‪ .‬هذا إذا نوى االقامة في موضع‬
‫يصلح لها من بلدة‪ ،‬أو قرية‪ ،‬أو واد يمكن الب دوي ال نزول فيه لالقام ة‪ .‬فأما‬
‫المفازة ونحوه ا‪ ،‬ففي انقط اع الس فر بنية االقامة فيها ق والن‪ .‬أظهرهما عند‬
‫الجمهور‪ :‬انقطاعه‪ .‬ولو نوى إقامة ثالثة أيام فأقل‪ ،‬لم يصر مقيما قطعا وإن‬
‫نوى أكثر من ثالثة‪ ،‬قال الشافعي وجمهور االصحاب‪ :‬إن ن وى إقامة أربعة‬
‫أيام‪ ،‬صار مقيما‪ .‬وذلك يقتضي أن نية دون االربعة ال تقطع السفر وإن زاد‬
‫على ثالثة‪ ،‬وقد صرح به كثيرون‪ ،‬واختلف وا في أن االربعة كيف تحسب ؟‬
‫على وجهين في (الته ذيب) وغ يره‪ ،‬أح دهما‪ :‬يحسب منها يوما ال دخول‬
‫والخروج‪ ،‬كما‬

‫] ‪[ 487‬‬
‫يحسب يوم الح دث‪ ،‬وي وم ن زع الخف من م دة المس ح‪ .‬وأص حهما (‪ :)1‬ال‬
‫يحسبان (‪ ،)2‬فعلى االول‪ ،‬لو دخل يوم الس بت وقت ال زوال بنية الخ روج‬
‫يوم االربعاء وقت ال زوال‪ ،‬ص ار مقيم ا‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬ال يص ير (مقيم ا)‪،‬‬
‫وإن دخل ض حوة الس بت‪ ،‬وخ رج عش ية االربع اء‪ .‬وق ال إم ام الح رمين‪،‬‬
‫والغزالي‪ :‬متى ن وى إقامة زائ دة على ثالثة أي ام‪ ،‬ص ار مقيم ا‪ .‬وه ذا ال ذي‬
‫قااله‪ ،‬موافق لما قاله الجمهور‪ ،‬النه ال يمكن زيادة على الثالثة غ ير ي ومي‬
‫ال دخول والخ روج‪ ،‬بحيث ال يبلغ االربع ة‪ ،‬ثم االي ام المحتملة مع دودة مع‬
‫لياليه ا‪ .‬وإذا ن وى ما ال يحتم ل‪ ،‬ص ار مقيما في الح ال‪ .‬ولو دخل ليال‪ ،‬لم‬
‫يحسب بقية الليلة‪ ،‬ويحسب الغد‪ .‬وجميع ما ذكرن اه في غ ير المح ارب‪ ،‬أما‬
‫المحارب‪ ،‬إذا نوى إقامة قدر يصير غيره به مقيما‪ ،‬ففيه ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪:‬‬
‫أنه كغ يره‪ .‬والث اني‪ :‬يقصر أب دا‪ .‬قلت‪ :‬ولو ن وى العبد إقامة أربعة أي ام‪ ،‬أو‬
‫الزوج ة‪ ،‬أو الجيش‪ ،‬ولم ينو الس يد‪ ،‬وال ال زوج‪ ،‬وال االم ير‪ ،‬ففي ل زوم‬
‫االتمام في حقهم‪ ،‬وجهان‪ .‬االقوى‪ :‬أن لهم القصر‪ ،‬النهم ال يستقلون‪ ،‬ف نيتهم‬
‫كالعدم (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬االمر الثالث‪ :‬صورة االقام ة‪ ،‬ف إذا ع رض له ش غل‬
‫في بلدة‪ ،‬أو قرية‪ ،‬فأقام له‪ ،‬فله ح االن‪ .‬أح دهما (‪ :)4‬أن يرجو ف راغ ش غله‬
‫ساعة فساعة‪ ،‬وهو على نية االرتحال عند فراغه‪ .‬والثاني‪ :‬يعلم أن ش غله ال‬
‫ينقضي في ثالثة أيام‪ ،‬غير يومي الدخول‬
‫] ‪[ 488‬‬
‫والخ روج‪ ،‬كالتفق ه‪ ،‬والتج ارة الكث يرة‪ ،‬ونحوهم ا‪ ،‬ف االول‪ :‬له القصر إلى‬
‫أربعة أيام على ما س بق تفص يله‪ .‬وفيما بعد ذلك طريق ان‪ .‬الص حيح منهم ا‪:‬‬
‫فيه ثالثة أقوال‪ .‬أحدها‪ :‬يجوز القصر أب دا‪ ،‬س واء فيه المقيم على القت ال‪ ،‬أو‬
‫الخ وف من القت ال‪ ،‬والمقيم لتج ارة وغيرهم ا‪ .‬والث اني‪ :‬ال يج وز القصر‬
‫أصال‪ .‬والثالث وهو االظهر‪ :‬يجوز ثمانية عشر (‪ )1‬يوما فقط‪ ،‬وقيل‪ :‬س بعة‬
‫عشر‪ ،‬وقيل‪ :‬تسعة عشر‪ ،‬وقيل‪ :‬عشرين‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬أن ه ذه االق وال‬
‫في (المحارب) ويقطع بالمنع في غيره‪ .‬وأما الحال الثاني‪ :‬فإن كان محاربا‪،‬‬
‫وقلنا في الحال االول‪ :‬ال يقصر‪ ،‬فهنا أولى‪ .‬وإال فقوالن‪ .‬أح دهما‪ :‬ي ترخص‬
‫أبدا‪ .‬والثاني‪ :‬ثمانية عشر (‪ .)2‬وإن كان غير مح ارب‪ ،‬كالمتفق ه‪ ،‬والت اجر‪،‬‬
‫‪.‬فالمذهب أنه ال يترخص أصال‪ .‬وقيل‪ :‬هو كالمحارب‪ ،‬وهو غلط‬

‫] ‪[ 489‬‬
‫فصل‪ :‬وأما كون السفر طويال‪ ،‬فال بد منه‪ .‬والطوي ل‪ :‬ثمانية وأربع ون ميال‬
‫بالهاشمي (‪ ،)1‬وهي ستة عشر فرسخا‪ ،‬وهي أربعة برد (‪ ،)2‬وهي مسيرة‬
‫يومين معتدلين‪ .‬فالميل‪ :‬أربعة آالف خطوة‪ ،‬والخطوة‪ :‬ثالثة أقدام‪ .‬وهل ه ذا‬
‫الضبط تحدي د‪ ،‬أم تق ريب ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬تحدي د‪ .‬وحكي ق ول ش اذ‪ :‬أن‬
‫القصر يج وز في الس فر القص ير‪ ،‬بش رط الخ وف‪ .‬والمع روف‪ :‬االول‪.‬‬
‫واس تحب الش افعي رحمه هللا أن ال يقصر إال في ثالثة أي ام‪ ،‬للخ روج من‬
‫خالف أبي حنيفة (‪ )3‬في ض بطه ب ه‪ .‬والمس افة في البحر مثل المس افة في‬
‫‪.‬البر وإن قطعها في لحظة‪ .‬فإن شك فيها‪ ،‬اجتهد (‪)4‬‬

‫] ‪[ 490‬‬
‫قلت‪ :‬ولو حبستهم الريح فيه‪ ،‬ق ال ال دارمي‪ :‬هو كاالقامة في ال بر بغ ير نية‬
‫االقام ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬واعلم أن مس افة الرج وع ال تحس ب‪ ،‬فلو قصد موض عا‬
‫على مرحلة بنية أن ال يقيم فيه‪ ،‬فليس له القصر‪ ،‬ال ذاهبا‪ ،‬وال راجعا‪ ،‬وإن‬
‫ك ان يناله مش قة مرحل تين متوالي تين‪ ،‬النه ال يس مى س فرا ط ويال‪ .‬وحكى‬
‫الحناطي وجها‪ :‬أنه يقصر إذا ك ان ال ذهاب والرج وع مرحل تين‪ ،‬وهو ش اذ‬
‫منكر‪ .‬ويشترط عزمه في االبتداء على قطع مسافة القصر‪ ،‬فلو خرج لطلب‬
‫آبق‪ ،‬أو غريم‪ ،‬وينصرف متى لقيه وال يع رف موض عه‪ ،‬لم ي ترخص‪ ،‬وإن‬
‫ط ال س فره كما قلنا في اله ائم‪ :‬ف إذا وج ده وع زم على الرج وع إلى بل ده‬
‫وبينهما مسافة القص ر‪ ،‬ي رخص إذا ارتحل عن ذلك الموض ع‪ .‬فلو ك ان في‬
‫ابتداء السفر يعلم موضعه‪ ،‬وأنه ال يلق اه قبل مرحل تين‪ ،‬ت رخص‪ ،‬فلو ن وى‬
‫مسافة القصر‪ ،‬ثم ن وى أنه إن وجد الغ ريم رج ع‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ن وى ذلك قبل‬
‫مفارقة عمران البلد‪ ،‬لم يترخص‪ ،‬وبعد مفارقة العمران‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما‪:‬‬
‫يترخص ما لم يجده‪ ،‬فإذا وجده‪ ،‬صار مقيما‪ .‬وكذا لو نوى قصد موضع في‬
‫مسافة القصر‪ ،‬ثم نوى االقامة في بلد وسط الطريق‪ ،‬ف إن ك ان من مخرجه‬
‫إلى المقصد الثاني مسافة القصر‪ ،‬ي ترخص‪ ،‬وإن ك ان أق ل‪ ،‬ت رخص أيضا‬
‫على االصح ما لم يدخله‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا إذا ن وى االقامة أربعة أي ام‪ ،‬ف إن ن وى‬
‫دونه ا‪ ،‬فهو س فر واح د‪ ،‬فله القصر في جميع طريق ه‪ ،‬وفي البلد ال ذي في‬
‫الوسط‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬إذا سافر العبد بسير المولى‪ ،‬والمرأة بسير ال زوج‪،‬‬
‫والجندي بسير االم ير‪ ،‬وال يعرف ون مقص دهم‪ ،‬لم يجز لهم ال ترخص (‪.)1‬‬
‫فلو ن ووا مس افة القصر (‪ ،)2‬فال ع برة بنية العب د‪ ،‬والم رأة‪ ،‬وتعت بر نية‬
‫الجندي‪ ،‬النه ليس تحت يد االمير وقهره‪ ،‬فإن عرفوا مقص دهم فن ووا‪ ،‬فلهم‬
‫القصر‪ .‬قلت‪ :‬وإذا أسر الكفار رجال‪ ،‬فساروا به ولم يعلم أين يذهبون به‪ ،‬لم‬

‫] ‪[ 491‬‬
‫يقص ر‪ .‬وإن س ار معهم ي ومين‪ ،‬قصر بعد ذل ك‪ .‬نص عليه الش افعي رحمه‬
‫هللا‪ .‬فلو علم البلد ال ذي ي ذهبون به إلي ه‪ ،‬ف إن ك ان نيته أنه إن تمكن من‬
‫اله رب ه رب‪ ،‬لم يقصر (‪ )1‬قبل مرحل تين‪ .‬وإن ن وى قصد ذلك البل د‪ ،‬أو‬
‫غيره ‪ -‬وال معصية في قص ده ‪ -‬قصر في الح ال إن ك ان بينهما مرحلت ان‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬لو كان لمقص ده (‪ )2‬طريق ان‪ ،‬يبلغ أح دهما مس افة القصر‬
‫دون اآلخر‪ ،‬فسلك االبعد‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك ان لغ رض ك االمن‪ ،‬أو الس هولة‪ ،‬أو‬
‫زيادة‪ ،‬أو عيادة‪ ،‬ت رخص (‪ .)3‬وك ذا لو قصد الت نزه على الم ذهب‪ .‬وت ردد‬
‫الشيخ أبو محمد في اعتباره وإن لم يكن غرض سوى الترخص‪ ،‬فطريق ان‪.‬‬
‫أص حهما‪ :‬على ق ولين‪ .‬أظهرهما (‪ :)4‬ال ي ترخص‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬ال‬
‫ي ترخص قطع ا‪ .‬ولو بلغ بكل واحد المس افة‪ ،‬فس لك االبعد لغ ير غ رض‪،‬‬
‫ترخص في جميعه قطعا‪ .‬فرع‪ :‬إذا خرج إلى بلد والمسافة طويلة‪ ،‬ثم ب دا له‬
‫في أثناء الس فر أن يرج ع‪ ،‬انقطع س فره (‪ ،)5‬فال يج وز القصر ما دام في‬
‫ذلك الموض ع‪ .‬ف إذا فارق ه‪ ،‬فهو س فر جدي د‪ .‬فإنما يقصر إذا توجه منه إلى‬
‫مرحلتين‪ ،‬سواء رجع إلى وطنه‪ ،‬أو استمر إلى مقصده االول‪ ،‬أو غيرهم ا‪.‬‬
‫ولو خ رج إلى بلد ال يقصر إليه الص الة‪ ،‬ثم ن وى مجاوزته إلى ما يقصر‬
‫إليه الصالة‪ ،‬فابتداء سفره‪ ،‬من حين غير الني ة‪ ،‬فإنما ي ترخص إذا ك ان من‬
‫ذلك الموضع إلى المقصد الث اني مرحلت ان‪ .‬ولو خ رج إلى س فر طويل بنية‬
‫االقامة في كل مرحلة أربعة أي ام‪ ،‬لم ي ترخص‪ .‬فص ل‪ :‬وأما ك ون الس فر‬
‫مباحا‪ ،‬فمعناه‪ :‬أنه ليس بمعصية‪ ،‬سواء كان‬

‫] ‪[ 492‬‬
‫طاعة‪ ،‬أو تجارة‪ ،‬وال ي ترخص في س فر المعص ية (‪ ،)1‬كه رب العبد من‬
‫مواله‪ ،‬والمرأة من الزوج‪ ،‬والغريم مع الق درة على االداء‪ ،‬والمس افر لقطع‬
‫الطريق‪ ،‬أو للزنى‪ ،‬أو قتل ال برئ‪ .‬وأما العاصي في س فره‪ ،‬وهو أن يك ون‬
‫السفر مباحا‪ ،‬ويرتكب المعاصي في طريق ه‪ ،‬فله ال ترخص‪ .‬ولو أنشأ س فرا‬
‫مباح ا‪ ،‬ثم جعله معص ية‪ ،‬فاالصح أنه ال ي ترخص (‪ .)2‬ولو أنشأ س فر‬
‫معصية‪ ،‬ثم تاب وغير قصده من غير تغيير صوب السفر‪ ،‬ق ال االك ثرون‪:‬‬
‫ابت داء س فره من ذلك الموض ع‪ .‬إن ك ان منه إلى مقص ده مس افة القص ر‪،‬‬
‫ترخص‪ ،‬وإال فال‪ .‬وقيل‪ :‬في الترخص وجهان‪ ،‬كما لو نوى مباح ا‪ ،‬ثم جعله‬
‫معصية‪ .‬ثم العاصي بسفره‪ ،‬ال يقص ر‪ ،‬وال يفط ر‪ ،‬وال يتنفل على الراحل ة‪،‬‬
‫وال يجمع بين الص التين‪ ،‬وال يمسح ثالثة أي ام‪ ،‬وله أن يمسح يوما وليل ة‪،‬‬
‫على الصحيح‪ .‬والثاني‪ :‬ال يمسح أصال‪ .‬وليس له أكل الميتة عند االضطرار‬
‫على الم ذهب (‪ ،)3‬وبه قطع الجم اهير من العراق يين وغ يرهم‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ال يجوز تغليظا عليه‪ ،‬النه ق ادر على اس تباحتها بالتوب ة‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬الج واز‪ .‬كما يج وز للمقيم العاصي على الص حيح ال ذي عليه‬
‫الجمهور‪ .‬وفي وجه شاذ‪ :‬ال يج وز للمقيم العاصي لقدرته على التوب ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وال تسقط الجمعة عن العاصي بسفره‪ ،‬وفي تيممه خالف تقدم في بابه‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ومما ألحق بس فر المعص ية‪ ،‬أن يتعب االنس ان نفس ه‪ ،‬ويع ذب دابته‬
‫بالركض‬

‫] ‪[ 493‬‬
‫من غير غرض‪ .‬ذكر الصيدالني أنه ال يحل له ذلك‪ .‬ولو ك ان يتنقل من بلد‬
‫إلى بلد من غير غرض صحيح‪ ،‬لم يترخص‪ .‬قال الش يخ أبو محم د‪ :‬الس فر‬
‫لمج رد رؤية البالد والنظر إليه ا‪ ،‬ليس من االغ راض الص حيحة‪ .‬فص ل‪:‬‬
‫القصر (‪ )1‬ج ائز في كل ص الة رباعية م ؤداة (‪ )2‬في الس فر أدرك وقتها‬
‫فيه‪ .‬فأما المغرب‪ ،‬والصبح‪ ،‬فال قصر فيهما باالجم اع‪ .‬وأما المقض ية‪ ،‬ف إن‬
‫فاتت في الحضر وقضاها في السفر‪ ،‬لم يقصر‪ ،‬خالفا للمزني‪ .‬وإن شك هل‬
‫ف اتت في الس فر‪ ،‬أو الحضر ؟ لم يقصر أيضا (‪ .)3‬وإن ف اتت في الس فر‪،‬‬
‫فقضاها فيه‪ ،‬أو في الحض ر‪ ،‬فأربعة أق وال‪ .‬أظهره ا‪ :‬إن قضى في الس فر‪،‬‬
‫قصر‪ ،‬وإال فال‪ .‬والثاني‪ :‬يتم فيهما‪ ،‬والثالث‪ :‬يقصر فيهما‪ .‬والرابع‪ :‬إن قضى‬
‫ذلك في السفر‪ ،‬قصر‪ ،‬وإن قضى في الحضر‪ ،‬أو سفر آخر‪ ،‬أتم‪ .‬ف إن قلن ا‪:‬‬
‫يتم فيهم ا‪ ،‬فش رع في الص الة بنية القص ر‪ ،‬فخ رج ال وقت في أثنائه ا‪ ،‬فهو‬
‫مبني على أن الصالة التي يقع بعضها في الوقت أداء أم قضاء‪ .‬والص حيح‪:‬‬
‫أنه إن وقع في ال وقت ركع ة‪ ،‬ف أداء‪ ،‬وإن ك ان دونه ا‪ ،‬فقض اء‪ .‬ف إن قلن ا‪:‬‬
‫قض اء‪ ،‬لم يقص ر‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬أداء‪ ،‬قصر على الص حيح‪ .‬وق ال ص احب‬
‫(التلخيص)‪ :‬يتم‪ .‬ف رع‪ :‬إذا س افر في أثن اء ال وقت‪ ،‬وقد مضى منه ما يمكن‬
‫فعل الص الة في ه‪ ،‬ف النص أن له القص ر‪ .‬ونص فيما إذا أدركت من أول‬
‫الوقت قدر االمكان‪ ،‬ثم حاض ت‪ ،‬أنه يلزمها القض اء‪ ،‬وك ذا س ائر أص حاب‬
‫العذر‪ .‬فقال االصحاب‪ :‬في المسألتين طريقان‪ .‬أح دهما وهو الم ذهب‪ :‬العمل‬
‫بظ اهر النص ين‪ ،‬والث اني‪ :‬فيهما ق والن‪ .‬أح دهما‪ :‬يل زم الح ائض الص الة‪،‬‬
‫ويجب على المسافر االتمام‪ .‬والثاني‪ :‬ال يلزمها الصالة‪ ،‬ويج وز له القص ر‪.‬‬
‫وقال أبو الطيب بن سلمة (‪ :)4‬إن سافر وقد‬

‫] ‪[ 494‬‬
‫بقي من الوقت أربع ركعات لم يقص ر‪ .‬وإن بقي أك ثر‪ ،‬قص ر‪ .‬والجمه ور‪:‬‬
‫على أنه ال فرق‪ .‬أما إذا سافر وقد بقي أقل من قدر الصالة‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬كلها‬
‫أداء‪ ،‬قص ر‪ ،‬وإال فال‪ .‬وإن مضى من ال وقت دون ما يسع الص الة وس افر‪،‬‬
‫قال إم ام الح رمين‪ :‬ينبغي أن يمتنع القصر إن قلن ا‪ :‬تمتنع لو مضى ما يسع‬
‫الص الة‪ ،‬بخالف ما لو حاضت بعد مضي الق در الن اقص‪ ،‬فإنه ال يلزمها‬
‫الصالة على المذهب‪ ،‬الن عروض السفر ال ينافي إتمام الصالة‪ ،‬وعروض‬
‫الحيض ينافيه‪ .‬قلت‪ :‬هذا الذي ذكره االم ام‪ ،‬ش اذ م ردود‪ ،‬فقد ص رحوا بأنه‬
‫يقصر هنا بال خالف‪ .‬ونقل القاضي أبو الطيب‪ :‬إجم اع المس لمين‪ :‬أنه‬
‫يقصر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬للقصر أربع شروط‪ :‬أحدها‪ :‬أن ال يقتدي بمتم‪ ،‬فإن‬
‫فعله ولو في لحظ ة‪ ،‬لزمه االتم ام‪ .‬واالقت داء في لحظة يتص ور من وج وه‪.‬‬
‫منها أن ي درك االم ام في آخر ص الته‪ ،‬أو يح دث االم ام عقب اقتدائه‬
‫وينص رف‪ .‬ولو ص لى الظهر خلف من يقضي الص بح‪ ،‬مس افرا ك ان أو‬
‫مقيم ا‪ ،‬لم يجز القصر على االص ح‪ .‬ولو ص لى الظهر خلف من يص لي‬
‫الجمعة‪ ،‬فالمذهب‪ :‬أنه ال يجوز القصر مطلق ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬إن قلن ا‪ :‬الجمعة ظهر‬
‫مقص ورة‪ ،‬قص ر‪ ،‬وإال فهي كالص بح‪ .‬قلت‪ :‬وس واء ك ان إم ام الجمع ة‪،‬‬
‫مسافرا‪ ،‬أو مقيما‪ ،‬فهذا حكم ه‪ .‬ولو ن وى الظهر مقص ورة خلف من يص لي‬
‫العصر مقصورة‪ ،‬جاز‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم المقتدي تارة يعلم حال إمام ه‪ ،‬وتح رة‬
‫يجهلها‪ .‬فإن علم‪ ،‬نظر‪ ،‬إن علمه مقيما‪ ،‬أو ظنه‪ ،‬لزمه االتمام‪ .‬فلو اقت دى به‬
‫ون وى القص ر‪ ،‬انعق دت ص الته‪ ،‬ولغت نية القص ر‪ .‬بخالف المقيم ين وي‬
‫القصر‪ ،‬ال تنعقد صالته‪ ،‬النه ليس من أهل القصر‪ ،‬والمسافر من أهل ه‪ ،‬فلم‬
‫يضره نية القصر‪ .‬كما لو شرع في الصالة بنية القصر‪ ،‬ثم نوى االتمام‪ ،‬أو‬
‫صار مقيما‪ .‬وإن علمه‪ ،‬أو ظنه مسافرا‪ ،‬أو علم أو‬

‫] ‪[ 495‬‬
‫ظن أنه نوى القصر‪ ،‬فله أن يقصر خلفه‪ ،‬وكذا إن لم يدر أنه نوى القص ر‪،‬‬
‫وال يلزم االتم ام به ذا ال تردد‪ ،‬الن الظ اهر من ح ال المس افر القص ر‪ .‬ولو‬
‫ع رض ه ذا ال تردد في أثن اء الص الة‪ ،‬لم يل زم االتم ام‪ .‬ولو لم يع رف نيته‬
‫فعلق عليها‪ ،‬فنوى إن قصر‪ ،‬قصرت‪ ،‬وإن أتم‪ ،‬أتممت‪ ،‬فوجهان‪ :‬أص حهما‪:‬‬
‫ج واز التعلي ق‪ ،‬ف إن أتم االم ام‪ ،‬أتم‪ ،‬وإن قص ر‪ ،‬قص ر‪ .‬فلو فس دت ص الة‬
‫االمام‪ ،‬أو أفسدها ثم ق ال‪ :‬كنت ن ويت القص ر‪ ،‬فللم أموم القص ر‪ .‬وإن ق ال‪:‬‬
‫كنت نويت االتمام‪ ،‬لزمه االتمام‪ .‬وإن انصرف ولم يظهر للم أموم ما ن واه‪،‬‬
‫فاالص ح‪ :‬ل زوم االتم ام‪ .‬قاله أبو إس حاق‪ .‬والث اني‪ :‬ج واز القص ر‪ ،‬قاله ابن‬
‫س ريج‪ .‬أما إذا لم يعلم‪ ،‬ولم يظن أنه مس افر‪ ،‬أو مقيم‪ ،‬بل ش ك‪ ،‬فيلزمه‬
‫االتمام وإن بان االمام مسافرا قاصرا‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أنه إذا ب ان قاص را‪ ،‬ج از‬
‫القصر وهو ش اذ‪ .‬ف رع‪ :‬إذا اقت دى بمقيم‪ ،‬أو مس افر متم‪ ،‬ثم فس دت ص الة‬
‫االمام‪ ،‬أو بان محدثا‪ ،‬أو فسدت صالة المأموم‪ ،‬فاستأنفها‪ ،‬لزمه االتمام‪ .‬ولو‬
‫اقتدى بمن ظنه مس افرا‪ ،‬فب ان مقيم ا‪ ،‬لزمه االتم ام‪ ،‬لتقص يره‪ ،‬ف إن ش عار‬
‫المس افر ظ اهر‪ .‬وإن ب ان أنه مقيم مح دث‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ب ان كونه مقيما أوال‪،‬‬
‫لزم االتمام‪ .‬وإن بان كونه محدثا أوال أو بانا معا‪ ،‬فطريقان‪ .‬أش هرهما‪ :‬على‬
‫وجهين‪ .‬أصحهما‪ :‬له القصر‪ .‬والطريق الثاني‪ :‬له القصر قطع ا‪ ،‬إذ ال ق دوة‪.‬‬
‫ولو شرع في الصالة مقيما‪ ،‬ثم بان أنه محدث‪ ،‬ثم س افر وال وقت ب اق‪ ،‬فله‬
‫القصر‪ ،‬لعدم الشروع الصحيح‪ .‬بخالف ما لو ش رع فيها مقيم ا‪ ،‬ثم ع رض‬
‫سبب مفسد‪ ،‬فإنه يلزمه االتمام‪ ،‬اللتزامه ذلك بالشروع الصحيح‪ .‬ولو اقت دى‬
‫بمقيم‪ ،‬ثم بان حدث المأموم‪ ،‬فله القص ر‪ .‬وك ذا لو اقت دى بمن يعرفه مح دثا‬
‫ويظنه مقيم ا‪ ،‬فله القص ر‪ ،‬النه لم يصح ش روعه‪ .‬ف رع‪ :‬الم ذهب الص حيح‬
‫الجديد‪ :‬أنه يجوز أن يستخلف االمام إذا فسدت ص الته بح دث أو غ يره من‬
‫يتم بالمأمومين‪ .‬وسيأتي بيان هذا في باب الجمعة‪ ،‬إن شاء هللا تعالى‪ .‬فإذا أم‬
‫مسافر مسافرين ومقيمين‪ ،‬ففسدت صالته برعاف (‪ ،)1‬أو‬
‫] ‪[ 496‬‬
‫سبق حدث‪ ،‬فاستخلف مقيما‪ ،‬لزم المس افرين المقت دين االتم ام‪ .‬ك ذا قطع به‬
‫االص حاب‪ .‬ويجئ فيه وج ه‪ ،‬النا س نذكر وجها في مس ائل االس تخالف إن‬
‫ش اء هللا تع الى‪ :‬أنه يجب عليهم نية االقت داء بالخليف ة‪ .‬فعلى ه ذا إنما يل زم‬
‫االتم ام إذا ن ووا االقت داء‪ .‬وإنما ف رع االص حاب على الص حيح‪ ،‬أن نية‬
‫االقتداء بالخليفة ال تجب‪ .‬وأما االمام الذي سبقه الح دث والرع اف‪ ،‬فظ اهر‬
‫نص الش افعي رحمه هللا‪ ،‬يقتضي وج وب إتمام ه‪ .‬واختلف وا في معن اه‪،‬‬
‫فالصحيح ما قاله أبو إسحاق المروزي‪ ،‬واالكثرون‪ :‬أن مراده‪ ،‬أن يعود بعد‬
‫غسل الدم‪ ،‬ويقتدي بالخليفة‪ ،‬إما بن اء على الق ول الق ديم‪ ،‬وإما اس تئنافا على‬
‫الجديد‪ ،‬فيلزمه االتمام‪ ،‬النه اقتدى بمقيم في بعض ص الته‪ .‬ف إن لم يقتد ب ه‪،‬‬
‫لم يلزمه االتمام‪ .‬وقي ل‪ :‬يجب االتم ام ع اد أو لم يع د‪ ،‬عمال بظ اهر النص‪،‬‬
‫الن فرعه متم‪ ،‬فهو أولى‪ ،‬وغلطه االص حاب‪ .‬وقي ل‪ :‬إن ه ذا تفريع على‬
‫الق ديم‪ ،‬إن س بق الح دث ال يبطله ا‪ ،‬فيك ون الراعف في انص رافه في حكم‬
‫المؤتم بخليفته المقيم‪ .‬وضعفه االصحاب أيض ا‪ ،‬ف إن البن اء إنما يج وز على‬
‫الق ديم‪ ،‬واالس تخالف ال يج وز على الق ديم‪ .‬وقي ل‪ :‬م راده أن يحس االم ام‬
‫بالرعاف قبل خروج الدم‪ ،‬فيستخلف‪ ،‬ثم يخ رج فيلزمه االتم ام‪ ،‬النه ص ار‬
‫مقتديا بمقيم في جزء من صالته‪ .‬وضعفه المحاملي وغ يره‪ ،‬النه اس تخالف‬
‫قبل العذر‪ ،‬وليس بجائز‪ .‬وقال الشيخ أبو محم د‪ :‬االحس اس به ع ذر‪ .‬وم تى‬
‫حضر إم ام حاله أكم ل‪ ،‬ج از اس تخالفه‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا كله إذا اس تخلف االم ام‬
‫مقيما‪ .‬فلو لم يستخلف‪ ،‬وال استخلف المأمومون‪ ،‬بنوا على صالتهم ف رادى‪.‬‬
‫وجاز للمس افرين منهم‪ ،‬والراع ف‪ ،‬القصر قطع ا‪ .‬وك ذا لو اس تخلف االم ام‬
‫مس افرا‪ ،‬أو اس تخلفه الق وم‪ ،‬قصر المس افرون والراع ف‪ .‬فلو لم يس تخلف‬
‫االمام الراعف‪ ،‬واستخلف القوم مقيما‪ ،‬فوجهان‪ .‬حكاهما صاحب (الح اوي)‬
‫أحدهما‪ :‬أنه كاستخالف الراعف على ما مضى‪ .‬وأص حهما‪ :‬يج وز للراعف‬
‫هنا القصر بال خالف إذا لم يقتد ب ه‪ ،‬النه ليس فرعا ل ه‪ .‬ولو اس تخلف‬
‫المقيم ون مقيم ا‪ ،‬والمس افرون مس افرا‪ ،‬ج از‪ .‬وللمس افرين القصر خلف‬
‫إمامهم‪ ،‬وكذا لو تفرق وا ثالث ف رق أو أك ثر‪ ،‬وأم كل فرقة إم ام‪ .‬نص عليه‬
‫الش افعي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الش رط الث اني‪ :‬نية القص ر‪ .‬فال بد منها عند ابت داء‬
‫الصالة‪ .‬وال يجب استدامة‬

‫] ‪[ 497‬‬
‫ذكرها‪ ،‬لكن يشترط االنفكاك عما يخالف الجزم به ا‪ .‬فلو ن وى القصر أوال‪،‬‬
‫ثم نوى االتمام‪ ،‬أو تردد بين القصر واالتم ام‪ ،‬أو شك هل ن وى القص ر‪ ،‬ثم‬
‫ذكر في الح ال أنه ن واه‪ ،‬لزمه االتم ام‪ .‬ولو اقت دى بمس افر علم أو ظن أنه‬
‫نوى القصر‪ ،‬فصلى ركعتين‪ ،‬ثم قام االمام إلى ثالثة‪ ،‬نظر‪ ،‬إن علم أنه نوى‬
‫االتمام‪ ،‬لزمه االتمام‪ ،‬وإن علم أنه ساه‪ ،‬بأن ك ان حنفيا ال ي رى االتم ام‪ ،‬لم‬
‫يلزمه االتم ام (‪ ،)1‬ويتخ ير‪ ،‬إن ش اء خ رج عن متابعت ه‪ ،‬وس جد للس هو‪،‬‬
‫وسلم‪ ،‬وإن ش اء انتظ ره ح تى يع ود‪ .‬فلو أراد أن يتم أتم‪ ،‬لكن ال يج وز أن‬
‫يقت دي باالم ام في س هوه‪ ،‬النه غ ير محس وب ل ه‪ .‬وال يج وز االقت داء بمن‬
‫علمنا أنه ما هو فيه غير محسوب له‪ ،‬كالمسبوق إذا أدرك من آخر الص الة‬
‫ركعة‪ ،‬فقام االمام سهوا إلى ركعة زائدة‪ ،‬لم يكن للمس بوق أن يقت دي به في‬
‫ت دارك ما علي ه‪ .‬فلو شك هل ق ام س اهيا أم متم ا‪ ،‬لزمه االتم ام‪ .‬ولو ن وى‬
‫القصر وصلى ركعتين‪ ،‬ثم قام إلى ثالثة‪ ،‬نظر‪ ،‬إن ح دث ما ي وجب االتم ام‬
‫كنية االتمام‪ ،‬أو االقامة‪ ،‬أو حصوله بدار االقامة في السفينة‪ ،‬فقام لذلك‪ ،‬فقد‬
‫فعل واجبه‪ .‬فإن لم يحدث شئ من ذلك‪ ،‬وق ام عم دا‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬كما لو‬
‫ق ام المقيم الم ذكور إلى ركعة خامس ة‪ ،‬أو ق ام المتنفل إلى ركعة زائ دة قبل‬
‫تغيير النية‪ .‬وإن قام سهوا‪ ،‬ثم ذكر‪ ،‬لزمه أن يعود‪ ،‬ويس جد للس هو‪ ،‬ويس لم‪.‬‬
‫فلو ب دا له بعد الت ذكر أن يتم‪ ،‬ع اد إلى القع ود‪ ،‬ثم نهض متم ا‪ .‬وفي وجه‬
‫ض عيف‪ :‬له أن يمضي في قيام ه‪ .‬فلو ص لى ثالث ة‪ ،‬ورابع ة‪ ،‬س هوا‪ ،‬وجلس‬
‫للتشهد‪ ،‬فتذكر‪ ،‬سجد للسهو وهو قاصر‪ ،‬وركعتاه الزائدتان غير محسوبتين‪.‬‬
‫فلو نوى االتمام‪ ،‬لزمه أن يقوم ويصلي ركعتين أخريين‪ ،‬ويسجد للس هو في‬
‫آخر صالته‪ .‬الشرط الثالث‪ :‬أن يك ون مس افرا من أول الص الة إلى آخره ا‪.‬‬
‫فلو نوى االقامة في أثنائها‪ ،‬أو انتهت به السفينة إلى دار االقامة‪ ،‬أو س ارت‬
‫به من دار االقامة في اثنائه ا‪ ،‬أو ش ك‪ ،‬هل ن وى االقام ة‪ ،‬أم ال ؟ أو دخل‬
‫بل دا وشك هل هو مقص وده‪ ،‬أم ال ؟ لزمه االتم ام‪ .‬الش رط الراب ع‪ :‬العلم‬
‫‪،‬بجواز القصر‪ .‬فلو جهل جوازه فقصر‪ ،‬لم يصح‬

‫] ‪[ 498‬‬
‫لتالعب ه‪ ،‬نص عليه في (االم)‪ .‬قلت‪ :‬ويلزمه إع ادة ه ذه الص الة أربع ا‪،‬‬
‫اللزامه االتم ام‪ .‬والص ورة فيمن ن وى الظهر مطلق ا‪ ،‬ثم س لم من ركع تين‬
‫عمدا‪ .‬أما لو نوى جاهل القصر الظهر ركعتين متالعب ا‪ ،‬فيعي دها مقص ورة‬
‫إذا علم القصر بعد ش روعه‪ .‬وهللا أعلم ] (‪ .)1‬ب اب الجمع بين الص التين‬
‫يجوز الجمع بين الظهر والعصر‪ ،‬وبين المغ رب والعش اء‪ ،‬تق ديما في وقت‬
‫االولى‪ ،‬أو ت أخيرا في وقت الثاني ة‪ ،‬في الس فر الطويل (‪ .)2‬وال يج وز في‬
‫القص ير على االظه ر‪ .‬واالفضل للس ائر في وقت االولى أن يؤخرها إلى‬
‫الثانية‪ ،‬وللنازل في وقتها‪ ،‬تقديم الثانية‪ .‬وال يجوز الجمع في سفر المعصية‪،‬‬
‫وال جمع الص بح إلى غيره ا‪ ،‬وال العصر إلى المغ رب‪ .‬وأما (‪ )3‬الحج اج‬
‫من أهل اآلفاق‪ ،‬فيجمعون بين الظهر والعصر (‪ )4‬بعرفة في وقت الظه ر‪،‬‬
‫‪،‬وبين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء‬

‫] ‪[ 499‬‬
‫وذلك الجمع بسبب السفر على المذهب الصحيح‪ .‬وقي ل‪ :‬بس بب النس ك‪ .‬ف إن‬
‫قلنا باالول‪ ،‬ففي جمع المكي القوالن‪ ،‬الن س فره قص ير‪ ،‬وال يجمع الع رفي‬
‫بعرف ة‪ ،‬وال الم زدلفي بمزدلف ة‪ ،‬النه وطن ه‪ .‬وهل يجمع كل واحد منهما‬
‫بالبقعة االخرى‪ ،‬فيه القوالن كالمكي‪ .‬وإن قلنا بالثاني‪ ،‬جاز الجمع لجميعهم‪.‬‬
‫ومن االص حاب (‪ )1‬يق ول‪ :‬في جمع المكي ق والن‪ .‬الجدي د‪ :‬منع ه‪ .‬والق ديم‪:‬‬
‫جوازه‪ .‬وعلى القديم في العرفي والمزدلفي‪ ،‬وجهان‪ .‬والم ذهب‪ :‬منع جميعهم‬
‫على االطالق‪ .‬وحكم الجمع في البقعتين‪ ،‬حكمه في س ائر االس فار‪ .‬ويتخ ير‬
‫في التقديم والتأخير‪ ،‬واالختيار‪ :‬التقديم بعرفة‪ ،‬والت أخير بمزدلف ة‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫جمع المسافر في وقت االولى‪ ،‬اش ترط ثالثة أم ور‪ .‬أح دها‪ :‬ال ترتيب‪ ،‬فيب دأ‬
‫ب االولى‪ .‬فلو ب دأ بالثاني ة‪ ،‬لم يص ح‪ .‬وتجب إعادتها بعد االولى‪ .‬ولو ب دأ‬
‫ب االولى‪ ،‬ثم ص لى الثاني ة‪ ،‬فب ان فس اد االولى‪ ،‬فالثانية فاس دة أيض ا‪ .‬االمر‬
‫الث اني‪ :‬نية الجم ع‪ .‬والم ذهب‪ :‬أنها تش ترط‪ .‬ويكفي حص ولها عند االح رام‬
‫باالولى‪ ،‬أو في اثنائها‪ ،‬أو مع التحلل منها‪ ،‬وال يكفي بعد التحل ل‪ .‬ولنا ق ول‬
‫شاذ (‪ :)2‬أنها تشترط عند االحرام ب االولى‪ ،‬ووج ه‪ :‬أنها تج وز في اثنائه ا‪.‬‬
‫وال تج وز مع التحل ل‪ ،‬ووج ه‪ :‬أنها تج وز بعد (‪ )3‬التحلل قبل االح رام‬
‫بالثاني ة‪ .‬وهو ق ول خرجه الم زني للش افعي‪ .‬ووجه آخر الص حابنا‪ ،‬وهو‬
‫مذهب المزني‪ :‬أن نية الجمع ال تشترط أصال‪ .‬قلت‪ :‬ق ال ال دارمي‪ :‬لو ن وى‬
‫الجمع‪ ،‬ثم ن وى تركه في أثن اء االولى‪ ،‬ثم ن وى الجمع ثاني ا‪ ،‬ففيه الق والن‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬االمر الثالث‪ :‬المواالة‪ .‬والصحيح المشهور‪ :‬اشتراطها (‪ .)4‬وقال‬

‫] ‪[ 500‬‬
‫االص طخري‪ ،‬وأبو علي الثقفي‪ :‬يج وز الجمع وإن ط ال الفصل بين‬
‫الص التين ما لم يخ رج وقت االولى‪ .‬وحكى عن نصه في (االم)‪ :‬أنه إذا‬
‫ص لى المغ رب في بيته بنية الجم ع‪ ،‬وأتى المس جد فص لى العش اء‪ ،‬ج از‪.‬‬
‫والمعروف‪ :‬اشتراط المواالة‪ ،‬فال يجوز الفصل الطوي ل‪ ،‬وال يضر اليس ير‪.‬‬
‫ق ال الص يدالني‪ :‬حد أص حابنا اليس ير بق در االقام ة‪ .‬واالصح ما قاله‬
‫العراقي ون‪ :‬أن الرج وع في الفصل إلى الع ادة‪ .‬وقد تقتضي الع ادة إحتم ال‬
‫زيادة على قدر االقام ة‪ ،‬وي دل عليه أن جمه ور االص حاب‪ ،‬ج وزوا الجمع‬
‫بين الصالتين بالتيمم‪ ،‬وق الوا‪ :‬ال يضر الفصل بينهما ب الطلب وال تيمم‪ ،‬لكن‬
‫يخفف الطلب‪ .‬ومنع أبو إس حاق الم روزي جمع الم تيمم للفصل ب الطلب‪.‬‬
‫وم تى ط ال الفص ل‪ ،‬امتنع ضم الثانية إلى االولى‪ ،‬ويتعين تأخيرها إلى‬
‫وقتها‪ ،‬سواء طال بعذر‪ ،‬كالسهو‪ ،‬واالغماء‪ ،‬أو بغيره‪ .‬ولو جمع فت ذكر بعد‬
‫فراغه منهما أنه ت رك ركنا من االولى‪ ،‬بطلتا جميع ا‪ ،‬وله إعادتهما جامع ا‪.‬‬
‫ولو تذكر تركه من الثانية‪ ،‬فإن قرب الفصل تدارك ومضت الصالتان على‬
‫الص حة‪ .‬وإن ط ال‪ ،‬بطلت الثاني ة‪ ،‬وتع ذر الجمع لط ول الفصل بالثانية‬
‫الباطلة‪ ،‬فيعيدها في وقته ا‪ .‬فلو لم ي در أنه ت رك من االولى‪ ،‬أم من الثاني ة‪،‬‬
‫لزمه إعادتهما الحتمال الترك من االولى‪ .‬وال يج وز الجمع على المش هور‪.‬‬
‫وفي قول شاذ‪ :‬يجوز كما لو أقيمت جمعتان في بلد‪ ،‬ولم يعلم السابقة منهما‪،‬‬
‫يج وز إع ادة الجمعة في ق ول‪ .‬ه ذا كله إذا جمع في وقت االولى‪ ،‬فلو جمع‬
‫في وقت الثاني ة‪ ،‬لم يش ترط ال ترتيب وال الم واالة‪ ،‬وال نية الجمع ح ال‬
‫الصالة على الصحيح‪ .‬وتشترط الثالثة على الثاني‪ ،‬فعلى االشتراط‪ ،‬لو أخل‬
‫بواحد منها‪ ،‬ص ارت االولى قض اء‪ ،‬فال يج وز قص رها إن لم نج وز قصر‬
‫القضاء‪ .‬قال االصحاب‪ :‬ويجب أن ينوي في وقت االولى ك ون الت أخير بنية‬
‫الجمع‪ .‬فلو أخر بغير نية حتى خرج ال وقت‪ ،‬أو ض اق بحيث لم يبق منه ما‬
‫تك ون الص الة فيه أداء‪ ،‬عص ى‪ ،‬وص ارت االولى قض اء‪ .‬ف رع‪ :‬إذا جمع‬
‫تقديما‪ ،‬فصار في أثناء االولى أو قبل الشروع في الثانية مقيما بنية االقامة‪،‬‬
‫أو وصول السفينة دار االقامة‪ ،‬بطل الجمع‪ ،‬فيتعين تأخير الثانية إلى وقتها‪،‬‬
‫‪.‬وأما االولى فصحيحة‪ .‬فلو صار مقيما في أثناء الثانية‪ ،‬فوجهان‬

‫] ‪[ 501‬‬
‫أحدهما‪ :‬يبطل الجمع‪ ،‬كما يمتنع القصر باالقامة في أثنائه ا‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬هل‬
‫تك ون الثانية نفال‪ ،‬أم تبطل ؟ فيه الخالف كنظ ائره‪ .‬وأص حهما‪ :‬ال يبطل‬
‫الجمع ص يانة لها عن البطالن بعد االنعق اد‪ ،‬بخالف القص ر‪ ،‬ف إن وج وب‬
‫االتم ام‪ ،‬ال يبطل فرض ية ما مضى من ص الته‪ .‬أما إذا ص ار مقيما بعد‬
‫الف راغ من الثاني ة‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬االقامة في أثنائها ال ت ؤثر‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال‬
‫فوجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬ال يبطل الجم ع‪ ،‬كما لو قصر ثم أق ام‪ .‬ثم ق ال ص احب‬
‫(التهذيب) وآخرون‪ :‬الخالف فيما إذا أق ام بعد فراغه من الص التين‪ ،‬إما في‬
‫وقت االولى‪ ،‬وإما في وقت الثانية قبل مضي إمك ان فعله ا‪ .‬ف إن ك ان بعد‬
‫إمك ان فعله ا‪ ،‬لم تجب إعادتها بال خالف‪ .‬وص رح إم ام الح رمين بجري ان‬
‫الخالف مهما بقي من وقت الثانية ش ئ‪ .‬ه ذا كله إذا جمع تق ديما‪ .‬فلو جمع‬
‫في وقت الثاني ة‪ ،‬فص ار مقيما بعد فراغه منهم ا‪ ،‬لم يض ر‪ .‬وإن ك ان قبل‬
‫الف راغ‪ ،‬ص ارت االولى قض اء‪ .‬فص ل‪ :‬يج وز الجمع بين الظهر والعص ر‪،‬‬
‫وبين المغرب والعش اء‪ ،‬بع ذر المط ر‪ .‬ولنا ق ول ش اذ ض عيف‪ ،‬حك اه إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬أنه يج وز بين المغ رب والعش اء في وقت المغ رب دون الظهر‬
‫والعص ر‪ ،‬وهو م ذهب مالك (‪ .)1‬وق ال الم زني‪ :‬ال يج وز مطلق ا‪ ،‬وس واء‬
‫عن دنا ق وي المطر وض عيفه إذا بل الث وب‪ ،‬والش فان‪ ،‬مطر وزي ادة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الشفان ‪ -‬بفتح الشين المعجمة‪ ،‬وتش ديد الف اء‪ ،‬وآخ ره ن ون (‪ - )2‬وهو ب رد‬
‫ريح فيه ن دوة‪ ،‬وك ذا قاله أهل اللغ ة‪ .‬وهو تص ريح بأنه ليس بمط ر‪ ،‬فضال‬
‫عن كونه مط را وزي ادة‪ ،‬فك أن ال رافعي قلد ص احب (الته ذيب) في إطالق‬
‫هذه العبارة المنكرة‪ .‬وصوابه أن يقال‪ :‬الشفان له حكم المطر‪ ،‬لتضمنه القدر‬
‫المبيح من المطر‪ ،‬وهو ما يبل الث وب‪ ،‬وهو موج ود في الش فان‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫والثلج‪ ،‬وال برد‪ ،‬إن كانا ي ذوبان‪ ،‬فك المطر‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬ال‬
‫يرخص ان بح ال‪ .‬ثم ه ذه الرخصة لمن يص لي جماعة في مس جد يأتيه من‬
‫بع د‪ ،‬ويت أذى ب المطر في إتيان ه‪ .‬فأما من يص لي في بيته منف ردا‪ ،‬أو في‬
‫جماعة‪ ،‬أو مشى‬

‫] ‪[ 502‬‬
‫إلى المس جد في كن‪ ،‬أو ك ان المس جد في ب اب داره‪ ،‬أو ص لى النس اء في‬
‫بي وتهن جماع ة‪ ،‬أو حضر جميع الرج ال في المس جد‪ ،‬وص لوا أف رادا‪ ،‬فال‬
‫يجوز الجمع على االص ح‪ .‬وقي ل‪ :‬على االظه ر‪ .‬ثم إن أراد الجمع في وقت‬
‫االولى‪ ،‬فش روطه كما تق دمت في جمع الس فر‪ .‬وإن أراد ت أخير االولى إلى‬
‫الثاني ة‪ ،‬كالس فر‪ ،‬لم يجز على االظهر الجدي د‪ ،‬ويج وز على الق ديم‪ .‬ف إذا‬
‫جوزناه‪ ،‬قال العراقيون‪ :‬يصلي االولى مع الثاني ة‪ ،‬س واء اتصل المط ر‪ ،‬أو‬
‫انقط ع‪ .‬وق ال في (الته ذيب)‪ :‬إذا انقطع قبل دخ ول وقت الثاني ة‪ ،‬لم يجز‬
‫الجم ع‪ ،‬ويص لي االولى في آخر وقته ا‪ ،‬كالمس افر إذا أخر بنية الجم ع‪ ،‬ثم‬
‫أقام قبل دخول وقت الثانية‪ ،‬وقتضى هذا أن يق ال‪ :‬لو انقطع في وقت الثانية‬
‫قبل فعله ا‪ ،‬امتنع الجم ع‪ ،‬وص ارت االولى قض اء‪ ،‬كما لو ص ار مقيم ا‪.‬‬
‫وعكس ص احب (االبان ة) ما قاله االص حاب‪ ،‬واتفق وا علي ه‪ ،‬فق ال‪ :‬يج وز‬
‫الجمع في وقت الثاني ة‪ .‬وفي ج وازه في وقت االولى‪ ،‬وجه ان‪ .‬وه ذا نقل‬
‫منك ر‪ .‬وأما إذا جمع في وقت االولى‪ ،‬فال بد من وج ود المطر في أول‬
‫الصالتين‪ ،‬ويشترط وج وده أيضا عند التحلل من االولى على االصح ال ذي‬
‫قاله أبو زيد‪ ،‬وقطع به العراقيون‪ ،‬وصاحب (التهذيب) وغيرهم‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫يش ترط‪ .‬ونقله في (النهاي ة) عن معظم االص حاب‪ .‬وال يضر انقطاعه فيما‬
‫س وى ه ذه االح وال الثالث‪ .‬ه ذا هو الص واب ال ذي نص عليه الش افعي‪،‬‬
‫وقطع به االصحاب في طرقهم‪ .‬ونقل في (النهاية) عن بعض المص نفين أنه‬
‫قال‪ :‬في انقطاعه في أثناء الثانية‪ ،‬أو بعدها مع بقاء الوقت‪ ،‬الخالف المتق دم‬
‫في طريان االقامة في جمع الس فر‪ .‬وض عفه‪ ،‬وأنك ره‪ ،‬وق ال‪ :‬إذا لم يش ترط‬
‫دوام المطر في االولى‪ ،‬ف أولى أن ال يش ترط في الثانية وما بع دها‪ .‬وذكر‬
‫القاضي ابن كج عن بعض االص حاب‪ :‬أنه لو افتتح الص الة االولى وال‬
‫مطر‪ ،‬ثم مطرت في أثنائه ا‪ ،‬ففي ج واز الجم ع‪ ،‬الق والن في نية الجمع في‬
‫أثن اء االولى‪ .‬واخت ار ابن الص باغ ه ذه الطريق ة‪ ،‬والص حيح المش هور ما‬
‫ق دمناه‪ .‬ف رع‪ :‬يج وز الجمع بين ص الة الجمعة والعصر للمط ر‪ ،‬ف إذا ق دم‬
‫العصر‪ ،‬فال بد من وجود المطر في االحوال الثالثة كما تقدم‪ .‬ق ال ص احب‬
‫(البيان)‪ :‬وال يشترط وجوده في الخطبتين‪ ،‬وقد ين ازع فيه ذهابا إلى جعلهما‬
‫ب دل الركع تين‪ .‬ق ال‪ :‬وإن أراد ت أخير الجمعة إلى وقت العص ر‪ ،‬ج از إذا‬
‫‪.‬جوزنا تأخير الظهر‪ ،‬فيخطب في وقت العصر ويصلي‬

‫] ‪[ 503‬‬
‫فرع‪ :‬المعروف في المذهب‪ :‬أنه ال يجوز الجمع بالمرض‪ ،‬وال الخوف‪ ،‬وال‬
‫الوحل‪ .‬وقال جماعة من أصحابنا‪ :‬يج وز ب المرض‪ ،‬والوح ل‪ .‬ممن قاله من‬
‫أصحابنا‪ :‬أبو سليمان الخطابي‪ ،‬والقاضي حسين‪ ،‬واستحسنه الروياني‪ .‬فعلى‬
‫هذا‪ ،‬يستحب أن يراعي االرفق بنفسه‪ ،‬فإن ك ان يحم مثال في وقت الثاني ة‪،‬‬
‫[ ق دمها إلى االولى بالش رائط المتقدم ة‪ ،‬وإن ك ان يحم في وقت االولى‪،‬‬
‫أخرها إلى الثانية ] (‪ .)1‬قلت‪ :‬القول‪ :‬بجواز الجمع بالمرض ظاهر مختار (‬
‫‪ .)2‬فقد ثبت في (ص حيح مس لم) (‪ :)3‬أن الن بي (ص)‪( ،‬جمع بالمدينة من‬
‫غير خ وف وال مط ر)‪ .‬وقد حكى الخط ابي‪ ،‬عن القفا الكب ير الشاش ي‪ ،‬عن‬
‫أبي إس حاق الم روزي‪ :‬ج واز الجمع في الحضر للحاجة من غ ير اش تراط‬
‫الخوف‪ ،‬والمطر‪ ،‬والم رض‪ ،‬وبه ق ال ابن المن ذر من أص حابنا‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫فرع‪ :‬إذا جمع الظهر والعصر‪ ،‬صلى سنة الظهر‪ ،‬ثم سنة العصر‪ ،‬ثم ي أتي‬
‫بالفريض تين‪ .‬وفي جمع العش اء والمغ رب‪ ،‬يص لي الفريض تين‪ ،‬ثم س نة‬
‫المغرب‪ ،‬ثم سنة العشاء‪ ،‬ثم الوتر‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا ال ذي قاله االم ام ال رافعي في‬
‫المغ رب والعش اء‪ ،‬ص حيح‪ ،‬وأما في الظهر والعص ر‪ ،‬فش اذ ض عيف‪،‬‬
‫والصواب الذي قاله المحققون‪ :‬أنه يصلي سنة الظهر التي قبله ا‪ ،‬ثم يص لي‬
‫الظهر‪ ،‬ثم العصر‪ ،‬ثم سنة الظهر التي بعدها‪ ،‬ثم سنة العص ر‪ .‬وكيف يصح‬
‫سنة الظهر التي بعدها‪ ،‬قبل فعلها‪ ،‬وقد تقدم أن وقتها يدخل بفعل الظهر ؟ !‬
‫وكذا سنة العصر ال يدخل وقتها إال ب دخول وقت العص ر‪ ،‬وال ي دخل وقت‬
‫‪.‬العصر المجموعة إلى الظهر‪ ،‬إال بفعل الظهر الصحيحة‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 504‬‬
‫فصل‪ :‬الرخص المتعلقة بالس فر الطوي ل‪ ،‬أرب ع‪ :‬القص ر‪ ،‬والفط ر‪ ،‬والمسح‬
‫على الخف ثالثة أي ام ولي اليهن‪ ،‬والجمع على االظه ر‪ .‬وال تي تج وز في‬
‫القصر أيضا أرب ع‪ :‬ت رك الجمع ة‪ ،‬وأكل الميتة ‪ -‬وليس مختصا بالس فر ‪-‬‬
‫والتنفل على الراحلة على المش هور‪ ،‬وال تيمم‪ ،‬وإس قاط الف رض به على‬
‫الص حيح فيهما (‪ .)1‬فص ل‪ :‬القصر أفضل من االتم ام على االظه ر‪ .‬وعلى‬
‫الث اني‪ :‬االتم ام‪ .‬وفي وج ه‪ :‬هما س واء‪ .‬واس تثنى االص حاب ص ورا من‬
‫الخالف‪ .‬منه ا‪ :‬إذا ك ان الس فر دون ثالثة أي ام‪ ،‬فاالتم ام أفضل قطع ا‪ .‬نص‬
‫عليه‪ ،‬وقد تق دم‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يجد من نفسه كراهة القصر (‪ ،)2‬فيك اد يك ون‬
‫رغبة عن الس نة‪ ،‬فالقصر له ذا أفضل قطع ا‪ ،‬بل يك ره له االتم ام إلى أن‬
‫تزول تلك الكراهة‪ .‬وكذلك القول في جميع الرخص في هذه الحال ة‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫المالح الذي يسافر في البحر‪ ،‬ومعه أهله وأوالده في سفينة‪ ،‬فإن االفضل له‬
‫االتمام‪ .‬نص عليه في (االم)‪ .‬وفيه خروج من الخالف‪ ،‬فإن أحمد‪ ،‬ال يج وز‬
‫له القصر‪ .‬قلت‪ :‬ومنها ما حكاه صاحب (البيان) عن ص احب (الف روع)‪ :‬أن‬
‫الرجل إذا كان ال وطن ل ه‪ ،‬وعادته الس ير أب دا‪ ،‬فله القص ر‪ ،‬ولكن االتم ام‬
‫‪.‬أفضل‪ ،‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 505‬‬
‫واعلم‪ :‬أن ص وم رمض ان في الس فر لمن أطاق ه‪ ،‬أفضل من االفط ار على‬
‫المذهب‪ .‬قلت‪ :‬وترك الجمع أفضل بال خالف‪ ،‬فيصلي كل صالة في وقته ا‪،‬‬
‫للخ روج من الخالف‪ ،‬ف إن أبا حنيف ة‪ ،‬وجماعة من الت ابعين ال يجوزون ه‪.‬‬
‫وممن نص على أن تركه أفضل‪ :‬الغزالي‪ ،‬وصاحب (التتمة)‪ .‬ق ال الغ زالي‬
‫في (البس يط)‪ :‬ال خالف أن ت رك الجمع أفض ل‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬وإذا جم ع‪،‬‬
‫كانت الصالتان أداء‪ ،‬سواء جمع في وقت االولى‪ ،‬أو الثانية‪ .‬ولنا وجه ش اذ‬
‫في (الوس يط) وغ يره‪ :‬أن الم ؤخرة تك ون قض اء‪ .‬وغسل الرجل أفضل من‬
‫مسح الخف‪ ،‬إال إذا تركه رغبة عن السنة‪ ،‬أو شك في جوازه كما تقدم ومن‬
‫فروع هذا الكتاب‪ ،‬لو نوى الكافر‪ ،‬أو الصبي السفر إلى مس افة القص ر‪ ،‬ثم‬
‫أس لم‪ ،‬وبلغ في أثن اء الطري ق‪ ،‬فلهما القصر في بقيت ه‪ .‬ولو ن وى مس افران‬
‫إقامة أربعة أيام‪ ،‬وأحدهما يعتقد انقط اع القصر به ا‪ ،‬كالش افعي‪ ،‬واآلخر ال‬
‫يعتقده كالحنفي‪ ،‬كره لالول أن يقتدي بالث اني‪ .‬ف إن اقت دى‪ ،‬ص ح‪ .‬ف إذا س لم‬
‫االمام من ركعتين‪ ،‬ق ام الم أموم التم ام ص الته‪ .‬وال يج وز القصر في البلد‬
‫للخوف‪ ،‬وال يقصر الصالة في الخ وف إلى ركع ة‪ .‬وفي ح ديث ابن عب اس‬
‫في (مسلم)‪( :‬فرضت الصالة في السفر ركعتين‪ ،‬وفي الخوف ركعة) معناه‪:‬‬
‫‪.‬ركعة مع االمام‪ ،‬وينفرد المأموم بأخرى‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 507‬‬
‫كت اب ص الة الجمعة (‪ )1‬فيه ثالثة أب واب‪ [ :‬الب اب االول ] في ش روطها‬
‫اعلم أن صالة الجمعة فرض عين‪ .‬وحكى ابن كج وجها‪ :‬أنها فرض كفاي ة‪.‬‬
‫وحكي قوال‪ ،‬وغلطوا حاكيه (‪ ،)2‬ق ال الروي اني‪ :‬ال يج وز حكاية ه ذا عن‬
‫الش افعي رحمه هللا‪ .‬واعلم أن الجمعة ك الفرائض الخمس في االرك ان‬
‫والش روط‪ ،‬إال أنها تختص بثالثة أش ياء‪ .‬أح دها‪ :‬اش تراط أم ور زائ دة‬
‫‪.‬لصحتها‪ .‬والثاني‪ :‬اشتراط أمور زائدة لوجوبها‬

‫] ‪[ 508‬‬
‫والثالث‪ :‬آداب تشرع فيها‪ .‬وهذا الب اب لش روط الص حة‪ .‬وهي س تة‪ :‬االول‪:‬‬
‫الوقت‪ :‬فال تقضى الجمعة على صورتها (‪ )1‬باالتفاق‪ ،‬ووقته ا‪ :‬وقت الظهر‬
‫(‪ .)2‬ولو خرج الوقت‪ ،‬أو شكوا في خروجه‪ ،‬لم يشرعوا فيه ا‪ .‬ولو بقي من‬
‫ال وقت ما ال يسع خطب تين وركع تين يقتصر فيهما على ما ال بد من ه‪ ،‬لم‬
‫يش رعوا فيه ا‪ ،‬بل يص لون الظهر (‪ .)3‬نص عليه في (االم)‪ .‬ولو ش رعوا‬
‫فيها في الوقت‪ ،‬ووقع بعض ها خارج ه‪ ،‬ف اتت الجمعة قطع ا‪ ،‬ووجب عليهم‬
‫إتمامها ظه را على الم ذهب‪ .‬وفيه ق ول مخ رج‪ :‬أنه يجب اس تئناف الظه ر‪.‬‬
‫فعلى الم ذهب‪ ،‬يسر ب القراءة من حينئ ذ‪ ،‬وال يحت اج إلى تجديد نية الظهر‬
‫على االصح‪ .‬وإن قلنا بالمخرج‪ ،‬فهل تبطل ص الته‪ ،‬أم تنقلب نفال ؟ ق والن‬
‫م ذكوران في نظ ائره‪ ،‬تق دما في أول (ص فة الص الة) ولو شك هل خ رج‬
‫الوقت وهو في الص الة ؟ أتمها جمعة على الص حيح‪ ،‬وظه را على الث اني‪.‬‬
‫ولو قام المسبوق الذي أدرك ركعة ليأتي بالثانية‪ ،‬فخرج الوقت قبل س المه‪،‬‬
‫أتمها ظه را على االص ح‪ ،‬وجمعة على الث اني‪ .‬ولو س لم االم ام والق وم‬
‫التسليمة االولى في الوقت‪ ،‬والثانية خارجه‪ ،‬صحت جمعتهم‪ .‬ولو سلم االمام‬
‫االولى خارج الوقت‪ ،‬فاتت جمعة الجميع‪ .‬ولو سلم االمام وبعض المأمومين‬
‫االولى في الوقت‪ ،‬وسلمها بعض الم أمومين خارج ه‪ ،‬فمن س لمها خارج ه‪،‬‬
‫فظاهر المذهب بطالن صالتهم‪ .‬وأما االمام ومن س لم معه في ال وقت‪ ،‬ف إن‬
‫بلغ وا ع ددا تصح بهم الجمع ة‪ ،‬ص حت لهم‪ ،‬وإال فهو ش بيه بمس ألة‬
‫االنفض اض (‪ .)4‬ثم س المه وس المهم خ ارج ال وقت‪ ،‬إن ك ان مع العلم‬
‫بالحال‪ ،‬تعذر بن اء الظهر عليه قطع ا‪ ،‬لبطالن الص الة‪ ،‬إال أن يغ يروا النية‬
‫إلى النفل ويسلموا‪ ،‬ففيه ما سبق‪ .‬وإن‬

‫] ‪[ 509‬‬
‫كان عن جهل منه‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ .‬وهل يب ني‪ ،‬أم يس تأنف ؟ فيه الخالف‬
‫ال ذي ذكرن اه‪ .‬الش رط الث اني‪ :‬دار االقام ة‪ ،‬فيش ترط لص حة الجمعة دار‬
‫االقامة‪ ،‬وهي االبنية التي يستوطنها العدد الذين يصلون الجمع ة‪ ،‬س واء فيه‬
‫البالد‪ ،‬والقرى‪ ،‬واالس راب ال تي يتخ ذها وطنا (‪ ،)1‬وس واء فيه البن اء من‬
‫حجر‪ ،‬أو طين‪ ،‬أو خشب‪ .‬وأما أهل الخيام النازلون في الصحراء‪ ،‬ويتنقلون‬
‫في الشتاء (‪ )2‬وغيره‪ ،‬فال تصح جمعتهم فيها‪ ،‬فإن كانوا ال يفارقونها ش تاء‬
‫وال صيفا‪ ،‬فاالظهر أنها ال تصح‪ .‬والث اني‪ :‬تصح وتجب‪ .‬ولو انه دمت أبنية‬
‫القرية‪ ،‬أو البلد‪ ،‬فأقام أهلها على العمارة‪ ،‬لزمهم الجمعة فيه ا‪ ،‬س واء ك انوا‬
‫في مظال‪ ،‬أو غيرها‪ ،‬النه محل االستيطان‪ .‬وال يش ترط إقامتها في مس جد‪،‬‬
‫وال في كن‪ ،‬بل يج وز في فض اء مع دود من خطة البل د‪ ،‬فأما الموضع‬
‫الخارج عن البلد الذي (‪ )3‬انتهى إليه الخارج للسفر قصر‪ ،‬فال يج وز إقامة‬
‫الجمعة فيه‪ .‬الشرط الثالث‪ :‬أن ال يسبق الجمعة‪ ،‬وال يقارنها أخرى (‪ .)4‬قال‬
‫الشافعي‬

‫] ‪[ 510‬‬
‫رحمه هللا‪ :‬وال يجمع في مصر ‪ -‬وإن عظم‪ ،‬وك ثرت مس اجده ‪ -‬إال في‬
‫موضع واحد (‪ .)1‬وأما بغ داد‪ ،‬فقد دخلها الش افعي رحمه هللا وهم يقيم ون‬
‫الجمعة في موضعين‪ .‬وقيل‪ :‬في ثالثة‪ ،‬فلم ينكر عليهم‪ .‬واختلف أصحابنا في‬
‫أمرها على أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬أنه إنما ج ازت الزي ادة فيها على جمع ة‪ ،‬النها‬
‫بلدة كبيرة يشق اجتماعهم في موضع واح د‪ ،‬فعلى ه ذا تج وز الزي ادة على‬
‫الجمعة الواحدة في جميع البالد‪ ،‬إذا كثر الناس وعسر اجتماعهم‪ ،‬وبهذا قال‬
‫أبو العب اس‪ ،‬وأبو إس حاق‪ ،‬وهو ال ذي اخت اره أك ثر أص حابنا تص ريحا‬
‫وتعريضا‪ .‬وممن رجحه‪ :‬القاضي ابن كج‪ ،‬والحن اطي (‪ - )2‬بالح اء المهملة‬
‫المفتوح ة‪ ،‬وتش ديد الن ون ‪ -‬والقاضي الروي اني‪ ،‬والغ زالي‪ .‬والث اني‪ :‬إنما‬
‫جازت الزيادة فيها‪ ،‬الن نهرها يح ول بين جانبيها فيجعلها كبل دتين‪ .‬قاله أبو‬
‫الطيب ابن سلمة‪ .‬وعلى ه ذا ال يق ام في كل ج انب إال جمع ة‪ .‬وكل (‪ )3‬بلد‬
‫حال بين جانبيه نهر يحوج إلى السباحة‪ ،‬فهو كبغداد‪ .‬واع ترض علي ه‪ ،‬بأنه‬
‫لو كان الجانبان كبلدين‪ ،‬لقصر من عبر من أحدهما إلى اآلخر‪ ،‬وال تزم ابن‬
‫سلمة المسألة‪ ،‬وجوز القصر‪ .‬والثالث‪ :‬إنما جازت الزيادة‪ ،‬النها كانت ق رى‬
‫متفرقة‪ ،‬ثم اتصلت االبني ة‪ ،‬ف أجري عليها حكمها الق ديم‪ ،‬فعلى ه ذا‪ ،‬يج وز‬
‫تع دد الجمعة في كل بلد ه ذا ش أنه‪ .‬واع ترض عليه أبو حامد بما اع ترض‬
‫على الثاني‪ .‬ويجاب بما‬

‫] ‪[ 511‬‬
‫أجيب في الثاني‪ .‬وأشار إلى ه ذا الج واب ص احب (التق ريب)‪ .‬والراب ع‪ :‬أن‬
‫الزيادة ال تجوز بحال‪ ،‬وإنما لم ينكر الشافعي‪ ،‬الن المسألة اجتهادية‪ ،‬وليس‬
‫لمجتهد أن ينكر على المجته دين‪ .‬وه ذا ظ اهر نص الش افعي رحمه هللا‬
‫المتقدم‪ .‬واقتصر عليه الشيخ أبو حامد وطبقت ه‪ ،‬لكن المخت ار عند االك ثرين‬
‫ما ق دمناه‪ .‬وحيث منعنا الزي ادة على جمع ة‪ ،‬فعق دوا جمع تين‪ ،‬فله ص ور‪.‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تسبق إحداهما فهي الصحيحة‪ .‬والثانية‪ :‬باطلة‪ .‬وبم يع رف الس بق‬
‫؟ فيه ثالثة أوج ه‪ .‬أص حها‪ :‬ب االحرام (‪ .)1‬والث اني‪ :‬بالس الم‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫بالشروع في الخطبة‪ ،‬ولم يحك أكثر العراقيين هذا الثالث‪ .‬ف إذا قلنا ب االول‪،‬‬
‫فاالعتبار بالفراغ من تكبيرة االح رام‪ .‬فلو س بقت إح داهما بهم زة التكب يرة‪،‬‬
‫واالخرى ب الراء منه ا‪ ،‬فالص حيحة هي الس ابقة (‪ )2‬ب الراء‪ ،‬على االص ح‪.‬‬
‫وعلى الثاني‪ :‬السابقة بالهمزة‪ .‬ثم على اختالف االوجه‪ ،‬لو س بقت إح داهما‪،‬‬
‫وك ان الس لطان مع االخ رى‪ ،‬ف االظهر أن الس ابقة هي الص حيحة‪ ،‬وال أثر‬
‫للسلطان‪ .‬والثاني‪ :‬أن التي معها الس لطان‪ ،‬هي الص حيحة‪ .‬ولو دخلت طائفة‬
‫في الجمعة‪ ،‬فأخبروا أن طائفة سبقتهم (‪ )3‬بما ذكرنا‪ ،‬اس تحب لهم اس تئناف‬
‫الظه ر‪ .‬وهل لهم أن يتموها ظه را ؟ فيه الخالف الس ابق‪ ،‬فيما إذا خ رج‬
‫الوقت وهم في الجمعة‪ .‬الصورة الثاني ة‪ :‬أن تقع الجمعت ان مع ا‪ ،‬فباطلت ان (‬
‫‪ ،)4‬وتستأنف جمعة إن وسع ال وقت‪ .‬الثالث ة‪ :‬أن يش كل الح ال‪ ،‬وال ي دري‬
‫اقترنتا‪ ،‬أم سبقت إحداهما‪ ،‬فيعيدون‬
‫] ‪[ 512‬‬
‫الجمعة أيضا‪ ،‬الن االصل عدم جمعة مجزئة‪ .‬ق ال إم ام الح رمين (‪ :)1‬وقد‬
‫حكم االئمة بأنهم إذا أعادوا الجمعة‪ ،‬برئت ذمتهم‪ .‬وفيه إشكال الحتمال تقدم‬
‫إح داهما‪ ،‬فال تصح أخ رى‪ ،‬وال ت برأ ذمتهم به ا‪ .‬فس بيل اليقين‪ :‬أن يقيم وا‬
‫جمعة‪ ،‬ثم يصلوا ظهرا‪ .‬الرابع ة‪ :‬أن تس بق إح داهما بعينه ا‪ ،‬ثم تلتبس (‪،)2‬‬
‫فال تبرأ واحدة من الطائفتين عن العهدة‪ ،‬خالفا للمزني‪ .‬ثم ماذا عليهم ؟ فيه‬
‫طريق ان‪ .‬الم ذهب‪ :‬أن عليهم الظه ر‪ .‬والث اني‪ :‬على الق ولين في الص ورة‬
‫الخامسة‪ ،‬وبه قطع العراقيون‪ .‬الخامس ة‪ :‬أن تس بق إح داهما وال يتعين‪ ،‬ب أن‬
‫سمع مريضان‪ ،‬أو مسافران‪ ،‬تكبيرتين متالحق تين وهما خ ارج المس جدين‪،‬‬
‫ف أخبراهم بالح ال ولم يعرفا المتقدم ة‪ ،‬فال ت برأ واح دة منهما عن العه دة‪،‬‬
‫خالفا للم زني أيض ا‪ .‬وم اذا عليهم ؟ ق والن‪ .‬أظهرهما في (الوس يط)‪ :‬أنهم‬
‫يستأنفون الجمعة‪ ،‬والثاني‪ :‬يصلون الظهر‪ .‬قال أص حابنا (‪ :)3‬وهو القي اس‪.‬‬
‫قلت‪ :‬الثاني أصح‪ ،‬وصححه االكثرون وهللا أعلم‪ .‬ق ال أص حابنا العراقي ون‪:‬‬
‫لو كان االمام في إحدى الطائفتين في الص ور االربع االخ يرة‪ ،‬ت رتب على‬
‫الصورة االولى‪ .‬فإن قلنا‪ :‬التي فيها االمام هي الصحيحة مع العلم بتأخره ا‪،‬‬
‫فهنا أولى‪ ،‬وإال فال أثر لحض وره‪ .‬الش رط الراب ع‪ :‬الع دد‪ .‬فال تنعقد الجمعة‬
‫بأقل من أربعين‪ ،‬ه ذا هو الم ذهب الص حيح المش هور‪ .‬ونقل ص احب‬
‫(التلخيص) ق وال عن الق ديم‪ :‬أنها تنعقد بثالث ة‪ :‬إم ام‪ ،‬وم أمومين‪ .‬ولم يثبته‬
‫عامة االصحاب‪ .‬ويشترط في االربعين‪ :‬ال ذكورة‪ ،‬والتكلي ف‪ ،‬والحرية (‪،)4‬‬
‫واالقامة على سبيل التوطن‪ .‬وصفة التوطن‪ :‬أن ال يظعنوا‬

‫] ‪[ 513‬‬
‫عن ذلك الموضع ش تاء وال ص يفا‪ ،‬إال لحاج ة‪ .‬فلو ك انوا ي نزلون في ذلك‬
‫الموضع صيفا‪ ،‬ويرتحلون ش تاء‪ ،‬أو عكس ه‪ ،‬فليس وا مس توطنين‪ ،‬فال تنعقد‬
‫بهم‪ .‬وفي انعقادها بالمقيم الذي لم يجعل الموضع وطنا له‪ ،‬خالف نذكره في‬
‫الباب الثاني إن شاء هللا تع الى‪ .‬وتنعقد بالمرضى على المش هور‪ .‬وفي ق ول‬
‫ش اذ‪ :‬ال تنعقد بهم‪ ،‬كالعبي د‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬ص فة الص حة ش رط خ امس‪ .‬ثم‬
‫الص حيح‪ ،‬أن االم ام من جملة االربعين‪ .‬والث اني أنه (‪ )1‬يش ترط أن يك ون‬
‫زائدا عن (‪ )2‬االربعين‪ .‬وحكى الروياني هذا الخالف قولين‪ .‬الث اني‪ ،‬الق ديم‬
‫(‪ .)3‬فرع‪ :‬العدد المعتبر في الصالة ‪ -‬وهو االربع ون ‪ -‬معت بر في الكلم ات‬
‫الواجبة من الخطب تين‪ ،‬واس تماع الق وم له ا‪ .‬فلو حضر الع دد‪ ،‬ثم انفض وا‬
‫كلهم‪ ،‬أو بعض هم‪ ،‬وبقي دون أربعين (‪ ،)4‬فت ارة ينقص ون قبل الخطب ة‪،‬‬
‫وت ارة فيه ا‪ ،‬وت ارة بع دها‪ ،‬وت ارة في الص الة‪ ،‬ف إن انفض وا قبل افتت اح‬
‫الخطبة‪ ،‬لم يبتدأ بها حتى يجتمع أربع ون‪ ،‬وإن ك ان في أثنائه ا‪ ،‬فال خالف‬
‫أن ال ركن الم أتي به في غيبتهم غ ير محس وب‪ ،‬بخالف ما إذا نقص الع دد‬
‫في الصالة‪ ،‬ف إن فيها خالف ا‪ ،‬الن كال يص لي لنفس ه‪ ،‬فس ومح بنقص الع دد‬
‫فيه ا‪ .‬والخطيب ال يخطب لنفس ه‪ ،‬إنما الغ رض‪ :‬اس تماع الن اس‪ ،‬فما ج رى‬
‫وال مستمع‪ ،‬فات فيه الغرض‪ ،‬فلم يحتم ل‪ .‬ثم إن ع ادوا قبل ط ول الفص ل‪،‬‬
‫بنى على خطبته‪ ،‬وبعد طوله‪ ،‬ق والن يع بر عنهما ب أن الم واالة في الخطبة‬
‫واجبة‪ ،‬أم ال ؟ واالظهر‪ :‬أنها واجبة‪ ،‬فيجب االستئناف‪ .‬والثاني‪ :‬غير واجبة‬
‫فيب ني‪ .‬وب نى جماعة الق ولين‪ ،‬على أن الخطب تين ب دل من الركع تين فيجب‬
‫االستئناف‪ ،‬أم ال‪ ،‬فال وال ف رق بين ف وات الم واالة بع ذر أو بغ يره‪ .‬ولو لم‬
‫‪،‬يعد االولون‪ ،‬واجتمع بدلهم أربعون‬

‫] ‪[ 514‬‬
‫وجب اس تئناف الخطب ة‪ ،‬ط ال الفصل أم قص ر‪ .‬أما إذا انفض وا بعد ف راغ‬
‫الخطب ة‪ ،‬ف إن ع ادوا قبل ط ول الفص ل‪ ،‬ص لى الجمعة بتلك الخطب ة‪ .‬وإن‬
‫ع ادوا بعد طول ه‪ ،‬ففي اش تراط الم واالة بين الخطبة والص الة‪ ،‬ق والن‪.‬‬
‫االظهر‪ :‬االشتراط‪ .‬فال يمكن الصالة بتلك الخطبة‪ .‬وعلى الثاني‪ :‬يصلي بها‪.‬‬
‫ثم نقل الم ازني‪ ،‬أن الش افعي ق ال‪ :‬أحببت أن تبت دئ الخطب ة‪ ،‬ثم يص لي‬
‫الجمعة‪ ،‬فإن لم يفعل‪ ،‬صلى بهم الظهر‪ .‬واختلف االصحاب في معناه‪ ،‬فق ال‬
‫ابن سريج‪ ،‬والقفال‪ ،‬واالكثرون‪ :‬يجب أن يعيد الخطبة‪ ،‬ويصلي بهم الجمعة‬
‫لتمكن ه‪ .‬ق الوا‪ :‬ولفظ الش افعي‪ :‬أوجبت‪ ،‬ولكنه ص حف‪ .‬ومنهم من ق ال‪ :‬أراد‬
‫بأحببت‪ :‬أوجبت‪ .‬قالوا‪ :‬وقوله‪ :‬صلى بهم الظهر‪ ،‬محم ول على ما إذا ض اق‬
‫ال وقت‪ .‬وق ال أبو إس حاق‪ :‬ال يجب إع ادة الخطب ة‪ ،‬لكن يس تحب‪ ،‬وتجب‬
‫الجمعة للقدرة (‪ .)1‬وقال أبو علي في (االفص اح)‪ :‬ال تجب إع ادة الخطب ة‪،‬‬
‫وال الجمعة‪ ،‬ولكن يس تحبان عمال بظ اهر النص‪ .‬ودليل الث اني والث الث في‬
‫ترك الخطبة‪ ،‬خوف االنفضاض ثانيا‪ ،‬فسقطت به ذا الع ذر‪ ،‬وحصل خالف‬
‫في وجوب إقامة الجمعة‪ ،‬كما اختصره الغزالي‪ ،‬فقال‪ :‬إن ش رطنا الم واالة‪،‬‬
‫ولم تعد الخطب ة‪ ،‬أتم المنفض ون‪ .‬وهل ي أثم الخطيب ؟ ق والن‪ .‬قلت‪ :‬االصح‬
‫قول ابن سريج‪ ،‬ومتابعيه‪ ،‬وأن الخطيب ي أثم إذا لم يع د‪ ،‬وهللا أعلم‪ .‬وس واء‬
‫طال الفصل والخطيب ساكت‪ ،‬أو مستمر في الخطبة‪ ،‬ثم لما عادوا أع اد ما‬
‫ج رى من واجبها في ح ال االنفض اض‪ .‬أما إذا أح رم بالع دد المعت بر‪ ،‬ثم‬
‫حضر أربع ون آخ رون وأحرم وا‪ ،‬ثم انفض االول ون‪ ،‬فال يض ر‪ ،‬بل يتم‬
‫الجمعة‪ ،‬سواء كان الالحقون سمعوا الخطبة‪ ،‬أم ال‪ .‬قال إم ام الح رمين‪ :‬وال‬
‫يمتنع (‪ )2‬عندي أن يقال‪ :‬عندي (‪ )3‬يش ترط بق اء أربعين س معوا الخطب ة‪،‬‬
‫فال تس تمر الجمعة إذا ك ان الالحق ون لم يس معوها‪ .‬فأما إذا انفض وا ولحق‬
‫أربعون على االتصال فقد ق ال في (الوس يط)‪ :‬تس تمر الجمع ة‪ .‬لكن يش ترط‬
‫هنا أن يكون الالحقون سمعوا الخطبة‪ .‬أما إذا انفضوا فنقص العدد في ب اقي‬
‫‪:‬الصالة‪ ،‬ففيه خمسة أقوال منصوصة ومخرجة‪ .‬أظهرها‬

‫] ‪[ 515‬‬
‫تبطل الجمعة ويشترط العدد في جميعها‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬لو أح رم االم ام‪ ،‬وتبطأ‬
‫المقتدون (‪ ،)1‬ثم أحرموا‪ ،‬فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه‪ ،‬فال جمع ة‪ .‬وإن‬
‫لم يتأخروا عن ركوعه (‪ ،)2‬فق ال القف ال‪ :‬تصح الجمع ة‪ .‬وق ال الش يخ أبو‬
‫محم د‪ :‬يش ترط أن ال يط ول الفصل بين إحرامه وإح رامهم‪ .‬وق ال إم ام‬
‫الحرمين‪ :‬الش رط أن يتمكن وا من إتم ام الفاتح ة‪ ،‬ف إذا حصل ذل ك‪ ،‬لم يضر‬
‫الفص ل‪ ،‬وه ذا هو االصح عند الغ زالي‪ .‬والق ول الث اني‪ :‬إن بقي اثن ان مع‬
‫االمام‪ ،‬أتم الجمعة‪ ،‬وإال بطلت‪ .‬والثالث‪ :‬إن بقي معه واحد‪ ،‬لم تبطل‪ ،‬وه ذه‬
‫الثالثة منصوصة‪ .‬االوالن في الجدي د‪ .‬والث الث‪ :‬الق ديم‪ .‬ويش ترط في الواحد‬
‫واالثنين‪ :‬كونهما بصفة الكمال‪ .‬وقال صاحب (التقريب)‪ :‬في اشتراط الكمال‬
‫احتم ال‪ ،‬النا اكتفينا باسم الجماع ة‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا االحتم ال حك اه ص احب‬
‫(الح اوي) وجها محققا الص حابنا‪ ،‬ح تى لو بقي ص بيان‪ ،‬أو ص بي‪ ،‬كفى‪.‬‬
‫والصحيح‪ :‬اشتراط الكم ال‪ .‬ق ال في (النهاي ة)‪ :‬احتم ال ص احب (التق ريب)‬
‫غير معتد به‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬والراب ع‪ :‬ال تبطل وإن بقي واح دة (‪ .)3‬والخ امس‪:‬‬
‫إن ك ان االنفض اض في الركعة االولى بطلت الجمع ة‪ .‬وإن ك ان بع دها‪ ،‬لم‬
‫تبط ل‪ ،‬ويتم االم ام الجمعة وح ده‪ ،‬وك ذا من معه إن بقي معه أح د‪ .‬الش رط‬
‫الخامس‪ :‬الجماعة (‪ .)4‬فال تصح الجمعة بالعدد ف رادى‪ .‬وش روط الجماع ة‪:‬‬
‫على ما سبق في غير الجمعة (‪ .)5‬وال يش ترط حض ور الس لطان‪ ،‬وال إذنه‬
‫فيه ا‪ .‬وحكى في (البي ان) ق وال ق ديما‪ :‬إنها ال تصح إال خلف االم ام‪ ،‬أو من‬
‫أذن له‪ ،‬وهو شاذ منكر‪ .‬ثم المام الجمعة أحوال‪ .‬أح دها‪ :‬أن يك ون عب دا‪ ،‬أو‬
‫‪،‬مسافرا‪ ،‬فإن تم به العدد‪ ،‬لم تصح الجمعة‬

‫] ‪[ 516‬‬
‫وإن تم بغ يره (‪ ،)1‬ص حت على الم ذهب (‪ .)2‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪:‬‬
‫الصحة‪ .‬والثاني‪ :‬البطالن‪ .‬هذا إذا ص ليا الجمعة قبل أن يص ليا الظه ر‪ .‬ف إن‬
‫كانا صليا ظهر يومهما‪ ،‬فهما متنفالن بالجمعة‪ .‬وفي الجمعة خلفهما ما ي أتي‬
‫في المتنفل‪ .‬الحال الث اني‪ :‬أن يك ون ص بيا‪ ،‬أو متنفال‪ ،‬ف إن تم الع دد ب ه‪ ،‬لم‬
‫تصح‪ ،‬وإن تم دونه‪ ،‬ص حت على االظهر (‪ )3‬عند االك ثرين‪ .‬واتفق وا على‬
‫أن الج واز في المتنفل أظهر منه في الص بي‪ ،‬النه من أهل الف رض وال‬
‫نقص في ه‪ .‬الح ال الث الث‪ :‬أن يص لوا الجمعة خلف من يص لي ص بحا‪ ،‬أو‬
‫عصرا‪ ،‬فكالمتنفل‪ .‬وقيل‪ :‬تصح قطعا‪ ،‬النه يص لي فرض ا‪ .‬ولو ص لوها (‪)4‬‬
‫خلف مسافر يقصر الظه ر‪ ،‬ج از إن قلنا (‪ :)5‬الجمعة ظهر مقص ورة‪ .‬وإن‬
‫قلنا‪ :‬صالة على حيالها‪ ،‬فكالصبح‪ .‬الحال الرابع‪ :‬إذا ب ان االم ام بعد الص الة‬
‫جنبا أو محدثا‪ ،‬فإن تم العدد به‪ ،‬لم تصح‪ .‬وإن تم دون ه‪ ،‬ف االظهر‪ :‬الص حة‪.‬‬
‫نص عليه في (االم)‪ ،‬وص ححه العراقي ون‪ ،‬وأك ثر أص حابنا‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫تصح‪ ،‬الن الجماعة شرط‪ ،‬واالم ام غ ير مص ل‪ ،‬بخالف س ائر الص لوات‪،‬‬
‫ف إن الجماعة فيها ليست ش رطا‪ .‬وغايته أنهم ص لوها ف رادى‪ .‬والمنع هنا‬
‫أقوى منه في مسألة االقتداء بالصبي‪ .‬وقال االك ثرون المرجح ون لالول‪ :‬ال‬
‫نسلم أن حدث االمام يمنع صحة الجماع ة‪ ،‬وثب وت حكمها في حق الم أموم‬
‫الجاهل بحاله‪ .‬وقالوا‪ :‬ال يمنع نيل فضيلة الجماعة في س ائر الص لوات‪ ،‬وال‬
‫غيره من أحكام الجماع ة‪ .‬وعلى االظه ر‪ ،‬ق ال ص احب (البي ان)‪ :‬لو ص لى‬
‫‪.‬الجمعة بأربعين‪ ،‬فبان أن المأمومين محدثون‪ ،‬صحت صالة االمام (‪)6‬‬

‫] ‪[ 517‬‬
‫بخالف ما لو ب انوا عبي دا‪ ،‬أو نس اء‪ ،‬ف إن ذلك مما يس هل االطالع علي ه‪.‬‬
‫وقي اس من ي ذهب إلى المنع ‪ 0‬أن ال تصح جمعة االم ام لبطالن الجماع ة‪.‬‬
‫الح ال الخ امس‪ :‬إذا ق ام االم ام في غ ير الجمعة إلى ركعة زائ دة س هوا‪،‬‬
‫فاقتدى به إنسان فيها‪ ،‬وأدرك جميع الركعة‪ ،‬فإن كان عالما بسهوه‪ ،‬لم تنعقد‬
‫صالته على االصح‪ .‬وإن كان جاهال‪ ،‬حس بت له الركع ة‪ ،‬ويب ني عليها بعد‬
‫سالم االم ام وإن لم تكن تلك الركعة محس وبة لالم ام كالمح دث‪ .‬بخالف ما‬
‫لو بان االمام كافرا‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬النهما ليسا أهال لالمامة بح ال‪ .‬وعلى الوجه‬
‫الثاني (‪ :)1‬تنعقد الص الة‪ ،‬وال تحسب ه ذه الركعة للم أموم‪ .‬فلو ج رى ه ذا‬
‫في الجمعة‪ ،‬فإن قلنا‪ :‬في غير الجمعة ال يدرك به الركع ة‪ ،‬لم ي درك به هنا‬
‫الجمعة‪ ،‬وال تحسب عن الظهر أيضا‪ ،‬وإن قلن ا‪ :‬ي دركها في غ ير الجمع ة‪،‬‬
‫فهل تحسب ه ذه الركعة عن الجمعة ؟ وجه ان بن اء على الق ولين في‬
‫المحدث‪ .‬واختار ابن الحداد‪ :‬أنها ال تحسب‪ .‬واعلم أن االص حاب لم ي ذكروا‬
‫في المحدث إذا لم تحصل الجمعة‪ :‬أن صالة المقتدي به منعقدة‪ ،‬وإن الم أتي‬
‫به يحسب عن الظهر‪ ،‬ح تى لو ت بين الح ال قبل س الم االم ام أو بع ده على‬
‫ق رب‪ ،‬يتمها ظه را إذا جوزنا بن اء الظهر على الجمع ة‪ .‬ومقتضى التس وية‬
‫بين الفص لين‪ :‬االنعق اد واالحتس اب عن الظه ر‪ .‬ف رع‪ :‬إذا أدرك المس بوق‬
‫ركوع االمام في ثانية الجمع ة‪ ،‬ك ان م دركا للجمع ة‪ .‬ف إذا س لم االم ام‪ ،‬أتى‬
‫بثانية (‪ ،)2‬وإذا أدركه بعد ركوعه ا‪ ،‬لم ي درك الجمع ة‪ ،‬ويق وم بعد س الم‬
‫االمام إلى أربع للظهر (‪ ،)3‬وكيف ينوي هذا المدرك بعد‬

‫] ‪[ 518‬‬
‫الرك وع ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ين وي الجمعة موافقة لالم ام (‪ .)1‬والث اني‪:‬‬
‫الظه ر‪ ،‬النها الحاص لة (‪ .)2‬فلو ص لى مع االم ام ركع ة‪ ،‬ثم ق ام فص لى‬
‫أخ رى‪ ،‬وعلم في التش هد أنه ت رك س جدة من إح دى الركع تين‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن‬
‫علمها من الثانية‪ ،‬فهو مدرك للجمعة‪ ،‬فيسجد سجدة‪ ،‬ويعيد التش هد‪ ،‬ويس جد‬
‫للس هو ويس لم‪ .‬وإن علمها من االولى‪ ،‬أو ش ك‪ ،‬لم يكن م دركا للجمع ة‪،‬‬
‫وحص لت له ركعة من الظه ر‪ ،‬ولو أدركه في الثاني ة‪ ،‬وشك هل س جد معه‬
‫سجدة‪ ،‬أم س جدتين ؟ ف إن لم يس لم االم ام‪ ،‬س جد بعد س جدة أخ رى‪ ،‬وك ان‬
‫مدركا للجمعة‪ .‬وإن سلم االمام‪ ،‬لم يدرك الجمعة‪ ،‬فيسجد ويتم الظهر‪ .‬أما ذا‬
‫أدرك في غ ير الجمعة االم ام في رك وع غ ير محس وب‪ ،‬كرك وع االم ام‬
‫المح دث‪ ،‬ورك وع االم ام (‪ )3‬الس اهي بزي ادة ركع ة‪ ،‬وقلن ا‪ :‬إنه لو أدركها‬
‫كلها‪ ،‬حسبت‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ال يكون مدركا للركعة‪ .‬والث اني‪ :‬ي دركها‪.‬‬
‫فلو أدرك ركوع ثانية الجمع ة‪ ،‬فب ان االم ام مح دثا‪ ،‬وقلن ا‪ :‬لو أدرك الركعة‬
‫بكمالها مع المح دث في الجمعة حس بت‪ ،‬فعلى ه ذين ال وجهين‪ ،‬االص ح‪ :‬ال‬
‫يدرك الجمعة‪ .‬فصل‪ :‬إذا خرج االمام عن الصالة بحدث تعمده‪ ،‬أو سبقه‪ ،‬أو‬
‫بسبب غيره‪ ،‬أو بال سبب‪ ،‬فإن كان في غير الجمعة‪ ،‬ففي جواز االستخالف‬
‫قوالن‪ .‬أظهرهما الجديد‪ :‬يجوز (‪ .)4‬والقديم‪ :‬ال يجوز‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أنه يج وز‬
‫بال خالف في غ ير الجمع ة‪ .‬وإنما الق والن في الجمع ة‪ ،‬والم ذهب‪ :‬ط رد‬
‫القولين في جميع الص لوات‪ .‬ف إن لم نج وز االس تخالف‪ ،‬أتم الق وم ص التهم‬
‫ف رادى‪ .‬وإن جوزن اه‪ ،‬فيش ترط ك ون الخليفة ص الحا المامة الق وم‪ .‬فلو‬
‫استخلف المامة الرجال امرأة‪ ،‬فهو‬

‫] ‪[ 519‬‬
‫لغ و‪ ،‬وال تبطل ص التهم إال أن يقت دوا به ا‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬ويش ترط‬
‫حص ول االس تخالف على ق رب‪ .‬فلو فعل وا على االنف راد ركن ا‪ ،‬امتنع‬
‫االستخالف بعده‪ .‬وهل يشترط كون الخليفة ممن اقت دى باالم ام قبل حدثه ؟‬
‫ق ال االك ثرون من العراق يين‪ ،‬وغ يرهم‪ :‬إن اس تخلف في الركعة االولى أو‬
‫الثالثة (‪ )1‬من الرباعية من لم يقتد به‪ ،‬ج از‪ ،‬النه ال يخ الفهم في ال ترتيب‪،‬‬
‫وإن اس تخلفه في الثاني ة‪ ،‬أو االخ يرة‪ ،‬لم يج ز‪ ،‬النه يحت اج إلى القي ام‪،‬‬
‫ويحتاجون إلى القعود‪ .‬وأطلق جماعة اشتراط ك ون الخليفة ممن اقت دى ب ه‪.‬‬
‫وبه قطع إم ام الح رمين‪ ،‬وزاد فق ال‪ :‬لو أمر االم ام أجنبيا فتق دم‪ ،‬لم يكن‬
‫خليف ة‪ ،‬بل عاقد لنفسه ص الة‪ ،‬ج از على ت رتيب نفسه فيه ا‪ .‬فلو اقت دى به‬
‫الق وم‪ ،‬فهو اقت داء منف ردين في أثن اء الص الة‪ .‬وقد س بق الخالف فيه في‬
‫موضعه‪ ،‬الن قدوتهم انقطعت بخروج االمام عن الصالة‪ .‬وال يش ترط ك ون‬
‫الخليفة مقت ديا في االولى‪ ،‬بل يج وز اس تخالف المس بوق‪ .‬ثم عليه مراع اة‬
‫نظم ص الة االم ام‪ ،‬فيقعد في موضع قع وده‪ ،‬ويق وم في موضع قيام ه‪ ،‬كما‬
‫كان يفعل لو لم يخرج عن الص الة‪ ،‬ح تى لو لحق االم ام في ثانية الص بح‪،‬‬
‫ثم أحدث االمام فيها‪ ،‬واس تخلفه‪ ،‬قنت وقعد فيها للتش هد‪ ،‬ثم يقنت في الثانية‬
‫لنفسه‪ .‬ولو سها قبل اقتدائه‪ ،‬أو بعده‪ ،‬سجد في آخر صالة االمام‪ ،‬وأع اد في‬
‫آخر صالة نفسه على االظهر‪ .‬وإذا تمت صالة االمام‪ ،‬قام لتدارك ما علي ه‪.‬‬
‫وهم بالخيار‪ ،‬إن شاؤوا فارقوه وسلموا‪ ،‬وإن شاؤوا صبروا جلوسا ليس لموا‬
‫معه‪ .‬هذا كله إذا عرف المسبوق نظم صالة االمام‪ ،‬فإن لم يعرف‪ ،‬فق والن‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬وجهان‪ .‬قلت‪ :‬أرجحهما دليال (‪ :)2‬أنه ال يصح‪ .‬وق ال الش يخ أبو علي‬
‫السنجي‪ :‬أصحهما‪ :‬ج وازه (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ف إن جوزن ا‪ ،‬راقب الق وم إذا أتم‬
‫الركعة‪ ،‬فإن هموا بالقيام‪ ،‬ق ام‪ ،‬وإال قع د‪ .‬وس هو الخليفة قبل ح دث االم ام‪،‬‬
‫يحمله االمام‪ .‬وسهوه بعده يقتضي السجود عليه‬

‫] ‪[ 520‬‬
‫وعلى القوم‪ .‬وسهو القوم قبل حدث االمام [ يحمله االمام وسهوه بعده ] (‪)1‬‬
‫وبعد االس تخالف‪ ،‬محم ول‪ ،‬وبينهما غ ير محم ول‪ ،‬بل يس جد الس اهي بعد‬
‫سالم الخليف ة‪ .‬ه ذا كله في غ ير الجمع ة‪ .‬أما االس تخالف في الجمع ة‪ ،‬ففيه‬
‫الق والن‪ .‬ف إن لم نج وزه‪ :‬فالم ذهب أنه إن أح دث في االولى‪ ،‬أتم الق وم‬
‫ص التهم ظه را‪ .‬وإن أح دث في الثاني ة‪ ،‬أتمها جمعة من أدرك معه ركع ة‪.‬‬
‫ولنا ق ول‪ :‬أنهم يتمونها جمعة في الح الين‪ .‬ووج ه‪ :‬أنهم يتمونها ظه را في‬
‫الح الين‪ .‬وإن جوزنا االس تخالف‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن اس تخلف من لم يقتد ب ه‪ ،‬لم‬
‫يصح‪ ،‬ولم يكن لذلك الخليفة أن يصلي الجمعة‪ ،‬النه ال يج وز ابت داء جمعة‬
‫بعد جمعة‪ .‬وفي ص حة ظهر ه ذا الخليف ة‪ ،‬خالف مب ني على أن الظهر هل‬
‫تصح قبل ف وات الجمع ة‪ ،‬أم ال ؟ ف إن قلن ا‪ :‬ال تص ح‪ ،‬فهل تبقى نفال ؟ فيه‬
‫القوالن‪ .‬فإن قلنا‪ :‬ال تبقى فاقتدى به الق وم‪ ،‬بطلت ص التهم‪ .‬وإن ص ححناها‬
‫وك ان ذلك في الركعة االولى‪ ،‬فال جمعة لهم‪ .‬وفي ص حة الظهر خالف‬
‫مب ني على ص حة الظهر بنية الجمع ة‪ .‬وإن ك ان في الركعة الثانية واقت دوا‬
‫ب ه‪ ،‬ك ان ه ذا اقت داء طارئا على االنف راد‪ .‬وفيه الخالف الج اري في س ائر‬
‫الصلوات‪ .‬وفيه شئ آخر‪ ،‬وهو االقت داء في الجمعة بمن يص لي الظه ر‪ ،‬أو‬
‫النافل ة‪ ،‬وفيه الخالف المتق دم‪ .‬أما إذا اس تخلف من اقت دى به قبل الح دث‪،‬‬
‫فينظر‪ ،‬إن لم يحضر الخطبة‪ ،‬فوجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال يصح اس تخالفه‪ ،‬كما لو‬
‫استخلف بعد الخطبة من لم يحضرها ليصلي بهم‪ ،‬فإنه ال يجوز‪ .‬وأصحهما‪:‬‬
‫الج واز‪ .‬ونقل الص يدالني في ه ذا الخالف ق ولين‪ :‬المنع عن الب ويطي‪،‬‬
‫والجواز عن أكثر الكتب‪ .‬والخالف في مجرد حضور الخطب ة‪ .‬وال يش ترط‬
‫سماعها (‪ )2‬بال خالف‪ ،‬وصرح به االصحاب‪ .‬وإن كان حضر الخطبة‪ ،‬أو‬
‫لم يحضرها‪ ،‬وجوزنا اس تخالفه‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن اس تخلف من أدرك معه الركعة‬
‫االولى‪ ،‬جاز وتمت لهم (‪ )3‬الجمعة‪ ،‬سواء أحدث االمام في االولى‬

‫] ‪[ 521‬‬
‫أم الثانية‪ .‬وفي وجه شاذ ضعيف‪ :‬أن الخليفة يصلي الظهر‪ ،‬والق وم يص لون‬
‫الجمعة‪ .‬وإن استخلف من أدركه في الثانية‪ ،‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬إن قلن ا‪ :‬ال‬
‫يج وز اس تخالف من لم يحضر الخطب ة‪ ،‬لم يجز اس تخالف ه ذا المس بوق‪،‬‬
‫وإال‪ ،‬فقوالن‪ .‬أظهرهما‪ - :‬وبه قطع االكثرون ‪ -‬الجواز‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬يص لون‬
‫الجمع ة‪ .‬وفي الخليفة وجه ان (‪ .)1‬أح دهما‪ :‬يتمها جمع ة‪ .‬والث اني‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح المنصوص‪ :‬ال يتمها جمعة‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬يتمها ظه را على الم ذهب‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬ق والن‪ .‬أح دهما‪ :‬يتمها ظه را‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬هل تبط ل‪ ،‬أم‬
‫تنقلب نفال ؟ ق والن‪ .‬ف إن أبطلناه ا‪ ،‬امتنع اس تخالف المس بوق‪ .‬وإذا جوزنا‬
‫االستخالف‪ ،‬والخليفة مسبوق‪ ،‬يراعي نظم ص الة االم ام‪ ،‬فيجلس إذا ص لى‬
‫ركعة ويتش هد‪ ،‬ف إذا بلغ موضع الس الم‪ ،‬أش ار إلى الق وم‪ ،‬وق ام إلى ركعة‬
‫أخرى إن قلنا‪ :‬إنه مدرك للجمعة‪ ،‬وإلى ثالث إن قلنا‪ :‬صالته ظه ر‪ .‬والق وم‬
‫بالخيار إن شاؤوا فارقوه وسلموا‪ ،‬وإن شاؤوا ثبتوا جالسين حتى يس لم بهم‪.‬‬
‫ولو دخل مسبوق واقتدى به في الركعة الثانية ال تي اس تخلف فيه ا‪ ،‬ص حت‬
‫له الجمعة وإن لم تصح للخليف ة‪ ،‬نص عليه الش افعي رحمه هللا‪ .‬ق ال‬
‫االصحاب‪ :‬هو تفريع على صحة الجمعة خلف مصلي الظهر‪ .‬وتصح جمعة‬
‫ال ذين أدرك وا مع االم ام االول ركعة بكل ح ال‪ ،‬النهم لو انف ردوا بالركعة‬
‫الثاني ة‪ ،‬ك انوا م دركين للجمع ة‪ ،‬فال يضر اقت داؤهم فيها بمص لي الظهر أو‬
‫النفل‪ .‬فرع‪ :‬هل تشترط نية القدوة بالخليفة في الجمعة وغيرها من الصلوات‬
‫؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬ال يش ترط (‪ .)2‬والث اني‪ :‬يش ترط‪ ،‬النهم بح دث االول‬
‫صاروا منفردين‪ .‬وإذا لم يس تخلف االم ام‪ ،‬ق دم الق وم واح دا باالش ارة‪ .‬ولو‬
‫تق دم واحد بنفس ه‪ ،‬ج از‪ ،‬وتق ديم الق وم أولى من اس تخالف االم ام‪ ،‬النهم‬
‫المصلون‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬ولو ق دم االم ام واح دا‪ ،‬والق وم آخ ر‪ ،‬ف أظهر‬
‫االحتمالين‪ :‬أن من قدمه‬

‫] ‪[ 522‬‬
‫الق وم أولى‪ .‬فلو لم يس تخلف االم ام‪ ،‬وال الق وم‪ ،‬وال تق دم أح د‪ ،‬ف الحكم ما‬
‫ذكرناه تفريعا على منع االستخالف‪ .‬قال االصحاب‪ :‬ويجب على القوم تقديم‬
‫(‪ )1‬واحد إن كان خروج االم ام في الركعة االولى ولم يس تخلف‪ .‬وإن ك ان‬
‫في الثانية‪ ،‬لم يجب التقديم‪ ،‬ولهم االنفراد بها كالمس بوق (‪ .)2‬وقد حكينا في‬
‫الص ورتين خالف ا‪ ،‬تفريعا على منع االس تخالف‪ ،‬فيتجه عليه الخالف في‬
‫وجوب التقديم وعدمه‪ .‬فرع‪ :‬هذا كله إذا أحدث في أثناء الص الة‪ .‬فلو أح دث‬
‫بين الخطبة والصالة‪ ،‬فأراد أن يستخلف من يصلي‪ ،‬إن جوزنا االس تخالف‬
‫في الص الة‪ ،‬ج از‪ ،‬وإال‪ ،‬فال يج وز‪ ،‬بل إن اتسع ال وقت‪ ،‬خطب بهم آخر‬
‫وصلى‪ ،‬وإال صلوا الظه ر‪ .‬وق ال بعض االص حاب‪ :‬إن جوزنا االس تخالف‬
‫في الصالة‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال ففيه الخالف‪ .‬وعكس الشيخ أبو محمد فقال‪ :‬إن‬
‫لم نجوزه في الصالة‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال ففيه الخالف‪ .‬والم ذهب‪ :‬اس تواؤهما‪.‬‬
‫ثم إذا جوزنا‪ ،‬فش رطه أن يك ون الخليفة س مع الخطب ة‪ ،‬على الم ذهب‪ ،‬وبه‬
‫قطع الجمه ور‪ ،‬الن من لم يس مع‪ ،‬ليس من أهل الجمع ة‪ .‬وله ذا‪ ،‬لو ب ادر‬
‫أربع ون من الس امعين بعد الخطب ة‪ ،‬فعق دوا الجمع ة‪ ،‬انعق دت لهم‪ ،‬بخالف‬
‫غ يرهم‪ .‬وإنما يص ير غ ير الس امع من أهل الجمع ة‪ ،‬إذا دخل في الص الة‪.‬‬
‫وحكى صاحب (التتمة) وجهين في اس تخالف من لم يس مع‪ .‬ولو أح دث في‬
‫أثناء الخطبة‪ ،‬وشرطنا الطه ارة فيه ا‪ ،‬فهل يج وز االس تخالف ؟ إن منعن اه‬
‫في الصالة‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال‪ ،‬فالصحيح جوازه كالصالة‪ .‬فرع‪ :‬لو ص لى مع‬
‫االمام ركعة من الجمعة‪ ،‬ثم فارقه بعذر‪ ،‬أو بغ يره‪ ،‬وقلن ا‪ :‬ال تبطل الص الة‬
‫بالمفارق ة‪ ،‬أتمها جمعة كما لو أح دث االم ام‪ .‬ف رع‪ :‬إذا تمت ص الة االم ام‪،‬‬
‫ولم تتم ص الة الم أمومين‪ ،‬ف أرادوا اس تخالف من يتم بهم‪ ،‬إن لم نج وز‬
‫االس تخالف لالم ام‪ ،‬لم يجز لهم‪ ،‬وإال‪ ،‬ف إن ك ان في الجمع ة‪ ،‬ب أن ك انوا‬
‫مسبوقين‪ ،‬لم يجز‪ ،‬الن الجمعة ال تنشأ بعد جمعة‪ .‬وإن كان في غيرها‪ ،‬ب أن‬
‫كانوا مسبوقين‪ ،‬أو مقيمين‪ ،‬وهو مسافر‪ ،‬فاالصح‪ :‬المنع‪ ،‬الن‬
‫] ‪[ 523‬‬
‫الجماعة حص لت‪ ،‬وإذا أتموها (‪ )1‬ف رادى ن الوا فض لها‪ .‬فص ل‪ :‬إذا منعته‬
‫الزحمة في الجمعة الس جود على االرض مع االم ام في الركعة االولى‪،‬‬
‫نظر‪ ،‬إن أمكنه أن يسجد على ظهر إنسان (‪ ،)2‬أو رجل ه‪ ،‬لزمه ذلك (‪،)3‬‬
‫على الصحيح الذي قطع به الجمهور‪ .‬وفيه وجه شاذ‪ :‬يتخير‪ ،‬إن ش اء س جد‬
‫على الظه ر‪ ،‬وإن ش اء ص بر ليس جد على االرض‪ .‬ثم ق ال جم اهير‬
‫االصحاب‪ :‬إنما يسجد على ظهر غيره‪ ،‬إذا قدر على رعاية هيئة الساجدين‪،‬‬
‫بأن يك ون على موضع مرتف ع‪ .‬ف إن لم يكن‪ ،‬فالم أتي به ليس بس جود‪ .‬وفيه‬
‫وجه ض عيف‪ ،‬أنه ال يضر ارتف اع الظه ر‪ ،‬والخ روج عن هيئة الس اجدين‬
‫للعذر‪ .‬وإذا تمكن من السجود على ظهر غ يره فلم يس جد‪ ،‬فهو تخلف بغ ير‬
‫ع ذر على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬بع ذر‪ .‬ولو لم يتمكن من الس جود على‬
‫االرض وال على الظهر‪ ،‬ف أراد أن يخ رج عن المتابعة له ذا الع ذر‪ ،‬ويتمها‬
‫ظه را‪ ،‬ففي ص حتها ق والن‪ ،‬النها ظهر قبل ف وات الجمع ة‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬ويظهر منعه من االنف راد‪ ،‬الن إقامة الجمعة واجب ة‪ ،‬ف الخروج‬
‫‪،‬منها عمدا مع توقع إدراكها ال (‪ )4‬وجه له (‪ .)5‬فأما إذا دام على المتابعة‬

‫] ‪[ 524‬‬
‫فما يصنع ؟ فيه أوجه‪ .‬الصحيح‪ :‬أنه ينتظر التمكن‪ .‬والثاني‪ ،‬ي ومئ الس جود‬
‫أقصى ما يمكنه كالمريض‪ .‬والثالث‪ :‬يتخير بيهما (‪ .)1‬ف إذا قلن ا‪ :‬بالص حيح‪،‬‬
‫فله حاالن‪ .‬أحدهما‪ :‬يتمكن من السجود قبل ركوع االمام في الثانية‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫ال يتمكن إلى ركوع ه‪ .‬ففي الح ال االول يس جد عند تمكن ه‪ ،‬ف إذا ف رغ من‬
‫س جوده‪ ،‬فلالم ام أح وال أربع ة‪ .‬أح دها‪ :‬أن يك ون بعد في القي ام‪ ،‬فيفتتح‬
‫القراءة‪ ،‬فإن أتمها ركع معه‪ ،‬وج رى على متابعت ه‪ ،‬وال ب أس به ذا التخلف‬
‫للع ذر‪ .‬وإن ركع االم ام قبل إتمامه ا‪ ،‬فهل له حكم المس بوق ؟ وجه ان‪ .‬وقد‬
‫بينا حكم المسبوق في باب (صالة الجماعة‪ .‬قلت‪ :‬أصحهما عند الجمهور‪ :‬له‬
‫حكمه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬لالم ام أن يك ون في الرك وع‪ .‬فاالصح عند‬
‫الجمهور‪ :‬أنه يدع القراءة‪ ،‬ويركع معه‪ ،‬النه لم يدرك محله ا‪ ،‬فس قطت عنه‬
‫كالمسبوق‪ .‬والثاني‪ :‬يلزمه قراءتها‪ ،‬ويسعى وراء االمام‪ ،‬وهو متخلف بعذر‪.‬‬
‫الح ال الث الث‪ :‬أن يك ون فارغا من الرك وع ولم يس لم‪ ،‬ف إن قلنا في الح ال‬
‫الثاني‪ :‬هو كالمسبوق‪ ،‬تابع االمام فيما هو في ه‪ ،‬وال يك ون محس وبا ل ه‪ ،‬بل‬
‫يقوم عند سالم االمام إلى ركعة ثانية‪ .‬وإن قلنا‪ :‬ليس هو كالمس بوق‪ ،‬اش تغل‬
‫بترتيب صالة نفسه‪ .‬وقيل‪ :‬يتعين متابعة االمام قطعا‪ .‬الحال الرابع‪ :‬أن يكون‬
‫االمام متحلال من صالته‪ ،‬فال يكون مدركا للجمعة‪ ،‬النه لم يتم له ركعة قبل‬
‫سالم االمام‪ ،‬بخالف ما لو رفع رأسه من السجود‪ ،‬ثم سلم االمام في الحال‪.‬‬
‫قال إمام الح رمين‪ :‬وإذا جوزنا له التخل ف‪ ،‬وأمرن اه بالجري ان على ت رتيب‬
‫ص الة (‪ )2‬نفس ه‪ ،‬فالوجه أن يقتصر على الف رائض‪ ،‬فعس اه ي درك االم ام‪،‬‬
‫ويحتمل أن يج وز االتي ان بالس نن مع االقتص ار على الوسط منه ا‪ .‬الح ال‬
‫الثاني للمأموم‪ :‬أن ال يتمكن من الس جود ح تى ركع االم ام في الثاني ة‪ ،‬وفيه‬
‫‪.‬قوالن‬

‫] ‪[ 525‬‬
‫أظهرهم ا‪ :‬يتابعه ف يركع مع ه‪ .‬والث اني‪ :‬ال يركع معه بل يس جد‪ ،‬وي راعي‬
‫ترتيب صالة نفسه‪ .‬فإن قلنا باالول‪ ،‬فتارة يوافق ما أمرن اه‪ ،‬وت ارة يخ الف‪.‬‬
‫ف إن وافق وركع مع ه‪ ،‬ف أي الرك وعين يحتسب ؟ وجه ان‪ .‬وقي ل‪ :‬ق والن‪.‬‬
‫أصحهما عند االصحاب‪ :‬بالركوع االول‪ .‬والثاني‪ :‬بالثاني‪ .‬فإن قلنا‪ :‬بالث اني‪،‬‬
‫حصلت له الركعة الثانية بكمالها‪ .‬فإذا س لم االم ام‪ ،‬ضم إليها أخ رى‪ ،‬وتمت‬
‫جمعة بال خالف‪ .‬وإن قلنا‪ :‬باالول‪ ،‬حصلت ركعة ملفقة من رك وع االولى‪،‬‬
‫وسجود الثاني ة‪ .‬وفي إدراك الجمعة بالملفق ة‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ت درك‪ .‬أما‬
‫إذا خالف ما أمرناه‪ ،‬فاشتغل بالسجود وترتيب نفسه‪ ،‬فإن فعل ذلك مع علمه‬
‫ب أن واجبه المتابع ة‪ ،‬ولم ينو مفارقت ه‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬ويلزمه االح رام‬
‫بالجمعة إن أمكنه إدراك االمام في الرك وع‪ .‬وإن ن وى مفارقت ه‪ ،‬فقد أخ رج‬
‫نفسه عن المتابعة بغير عذر‪ .‬وفي بطالن الص الة ب ه‪ ،‬ق والن س بقا‪ .‬ف إن لم‬
‫تبطل‪ ،‬لم تصح جمعته‪ .‬وفي صحة ظهره‪ ،‬خالف مب ني على أن الجمعة إذا‬
‫تع ذر إتمامه ا‪ ،‬هل يج وز إتمامها ظه را ؟ وعلى أن الظهر هل تصح قبل‬
‫ف وات الجمعة ؟ وإن فعل ذلك ناس يا أو ج اهال‪ ،‬فما أتى به من الس جود‪ ،‬ال‬
‫يعتد ب ه‪ ،‬وال تبطل ص الته‪ .‬ثم إن ف رغ واالم ام بعد في الرك وع لزمه‬
‫متابعته‪ .‬فإن تابعه وركع معه‪ ،‬فالتفريع كما سبق لو لم يس جد‪ ،‬وإن لم يركع‬
‫معه‪ ،‬أو كان االمام فرغ من الركوع‪ ،‬نظر‪ ،‬إن راعى ترتيب نفسه‪ ،‬بأن قام‬
‫بعد السجدتين‪ ،‬وقرأ‪ ،‬وركع‪ ،‬وسجد‪ ،‬فالمفهوم من كالم االكثرين أنه ال يعتد‬
‫له بشئ مما يأتي به على غير المتابعة‪ .‬وإذا سلم االمام‪ ،‬سجد سجدتين لتمام‬
‫الركعة‪ ،‬وال يكون مدركا للجمعة‪ ،‬الن على هذا الق ول ال ذي عليه التفري ع‪،‬‬
‫نأمره بالمتابعة بكل حال‪ .‬وكما ال يحسب له الس جود واالم ام راك ع‪ ،‬لك ون‬
‫فرضه المتابع ة‪ ،‬وجب أن ال يحسب واالم ام في ركن بعد الرك وع‪ .‬وق ال‬
‫الصيدالني‪ ،‬وإمام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ :‬إذا فعل ه ذا الم ذكور‪ ،‬تم له منهما‬
‫جميعا ركعة‪ ،‬لكن فيها نقصانان‪ .‬أحدهما‪ :‬التلفيق‪ ،‬ف إن ركوعها من االولى‪،‬‬
‫وسجودها من الثانية‪ ،‬وفي الملفقة الخالف‪ .‬والثاني‪ :‬نقصها بالقدوة الحكمية‪،‬‬
‫فإنه لم يتابع االم ام في معظم ركعته متابعة حس ية‪ ،‬بل حكمي ة‪ .‬وفي إدراك‬
‫الجمعة بالركعة الحكمي ة‪ ،‬وجه ان‪ ،‬كالملفق ة‪ ،‬أص حهما‪ :‬االدراك‪ ،‬وليس‬
‫الخالف في مطلق القدوة الحكمية‪ ،‬ف إن الس جود في ح ال قي ام االم ام‪ ،‬ليس‬
‫على حقيقة المتابعة‪ ،‬وال خالف أن الجمعة تدرك به‪ .‬هذا‬

‫] ‪[ 526‬‬
‫كله إذا ج رى على ت رتيب نفسه بعد فراغه من الس جدتين الل تين لم يعتد‬
‫بهما‪ .‬فأما إذا فرغ منهما واالمام ساجد‪ ،‬فتابعه في س جدتيه‪ ،‬فه ذا هو ال ذي‬
‫ن أمره به في ه ذه الحالة على ه ذا الق ول‪ ،‬فتحس بان ل ه‪ ،‬ويك ون الحاصل‬
‫ركعة ملفقة‪ ،‬وإن وجد االم ام في التش هد‪ ،‬وافق ه‪ .‬ف إذا س لم‪ ،‬س جد س جدتين‬
‫وتمت له الركعة (‪ ،)1‬وال جمعة ل ه‪ ،‬النه لم يتم له ركعة واالم ام في‬
‫الصالة‪ .‬وكذا يفعل لو وج ده قد س لم‪ .‬ه ذا كله إذا قلن ا‪ :‬يت ابع االم ام‪ .‬أما إذا‬
‫قلن ا‪ :‬ال يتابعه بل يس جد وي راعي ت رتيب نفس ه‪ ،‬فله ح االن‪ .‬أح دهما‪ :‬أن‬
‫يخالف ما أمرناه‪ ،‬ف يركع مع االم ام‪ .‬ف إن تعم د‪ ،‬بطلت ص الته‪ ،‬ويلزمه أن‬
‫يحرم بالجمعة إن أمكنه إدراك االمام في الرك وع‪ ،‬وإن ك ان (‪ )2‬ناس يا‪ ،‬أو‬
‫جاهال يعتقد أن الواجب عليه الركوع مع االمام‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ ،‬ولم يعتد‬
‫بركوعه‪ .‬فإذا س جد معه بعد الرك وع‪ ،‬حس بت له الس جدتان على الص حيح‪.‬‬
‫وعلى الش اذ‪ ،‬ال يعتد بهم ا‪ .‬فعلى الص حيح‪ ،‬تحصل ركعة ملفق ة‪ .‬وفي‬
‫االدراك بها‪ ،‬الوجهان‪ .‬الحال الثاني‪ :‬أن يوافق ما أمرناه‪ ،‬فيسجد‪ ،‬فهذه قدوة‬
‫حكمية‪ .‬وفي االدراك بها‪ ،‬الوجهان‪ .‬فإذا ف رغ من الس جود‪ ،‬فلالم ام ح االن‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬أن يك ون فارغا من الرك وع‪ ،‬إما في الس جود‪ ،‬وإما في التش هد‪،‬‬
‫فوجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬يج ري على ت رتيب نفس ه‪ ،‬فيق وم‪ ،‬ويق رأ‪ ،‬ويرك ع‪.‬‬
‫وأصحهما‪ :‬يلزمه متابعة االمام فيما هو فيه‪ ،‬فإذا سلم االمام‪ ،‬اشتغل بت دارك‬
‫ما عليه‪ ،‬وبه ذا قطع كث ير من أص حابنا العراق يين وغ يرهم‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬لو‬
‫كان االم ام عند فراغه من الس جود قد ه وى للس جود فتابع ه‪ ،‬فقد والى بين‬
‫أربع سجدات‪ :‬فهل المحسوب التمام الركعة االولى‪ ،‬الس جدتان االولي ان‪ ،‬أم‬
‫االخريان ؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬االوليان‪ .‬والثاني‪ :‬االخريان‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬يع ود‬
‫الخالف في الملفق ة‪ .‬الح ال الث اني‪ :‬لالم ام أن يك ون راكعا بع د‪ .‬فهل عليه‬
‫متابعته‪ ،‬وتسقط عنه‬
‫] ‪[ 527‬‬
‫القراءة كالمسبوق ؟ أو يشتغل بترتيب [ صالة ] (‪ )1‬نفسه فيق رأ ؟ وجه ان‬
‫كما ذكرنا تفريعا على الق ول االول‪ .‬فعلى االول‪ ،‬يس لم مع ه‪ ،‬وتتم جمعت ه‪.‬‬
‫وعلى الثاني‪ :‬يقرأ ويسعى ليلحق ه‪ ،‬وهو م درك للجمع ة‪ .‬ف رع‪ :‬إذا لم يتمكن‬
‫المزح وم من الس جود ح تى س جد االم ام في الثاني ة‪ ،‬تابعه في الس جود بال‬
‫خالف‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ال واجب متابعة االم ام‪ ،‬فالحاصل ركعة ملفقة (‪ ،)2‬وإال‬
‫فغير ملفقة‪ ،‬أما إذا لم يتمكن من السجود ح تى تش هد االم ام‪ ،‬فيس جد‪ .‬ثم إن‬
‫أدرك االمام قبل السالم‪ ،‬أدرك الجمع ة‪ ،‬وإال فال‪ .‬قلت‪ :‬ق ال إم ام الح رمين‪:‬‬
‫لو رفع المزح وم رأسه من الس جدة الثاني ة‪ ،‬فس لم االم ام قبل أن يعت دل‬
‫المزحوم‪ ،‬ففيه احتمال‪ .‬قال‪ :‬والظاهر‪ :‬أنه مدرك للجمعة (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬أما‬
‫إذا ك ان الزح ام في س جود الركعة الثاني ة‪ ،‬وقد ص لى االولى مع االم ام‪،‬‬
‫فيسجد م تى تمكن قبل س الم االم ام‪ ،‬أو بع ده‪ ،‬وجمعته ص حيحة‪ .‬ف إن ك ان‬
‫مسبوقا‪ ،‬لحقه في الثانية‪ .‬فإن تمكن قبل سالم االمام‪ ،‬سجد وأدرك ركعة من‬
‫الجمعة‪ ،‬وإال فال جمعة له‪ .‬أما إذا زحم عن ركوع االولى حتى ركع االم ام‬
‫في الثانية‪ ،‬فيركع‪ .‬ق ال االك ثرون‪ :‬ويعتدله بالركعة الثاني ة‪ ،‬وتس قط االولى‪.‬‬
‫ومنهم من ق ال‪ :‬الحاصل ركعة ملفق ة‪ .‬ف رع‪ :‬إذا عرضت حالة في الص الة‬
‫تمنع من وقوعها جمعة في صور الزحام وغيرها‪ ،‬فهل تتم صالته ظه را ؟‬
‫قوالن (‪ )4‬يتعلقان بأصل‪ .‬وهو‪ :‬أن الجمعة ظهر‬

‫] ‪[ 528‬‬
‫مقصورة‪ ،‬أم صالة على حيالها ؟ وفيه قوالن اقتض اهما (‪ )1‬كالم الش افعي‬
‫(‪ .)2‬قلت‪ :‬أظهرهما‪ :‬صالة بحيالها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فإن قلنا‪ :‬ظهر مقصورة‪ ،‬فإذا‬
‫فات بعض شروط الجمعة‪ ،‬أتمها ظهرا كالمسافر إذا فات شرط قصره‪ .‬وإن‬
‫قلن ا‪ :‬ف رض على حيال ه‪ ،‬فهل يتمها ؟ وجه ان‪ .‬والص حيح مطلق ا‪ :‬أنه يتمها‬
‫ظه را‪ .‬لكن هل يش ترط أن يقصد قلبها ظه را‪ ،‬أم تنقلب بنفس ها ظه را ؟‬
‫وجهان في (النهاية)‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ :‬ال يشترط‪ ،‬وهو مقتضى كالم الجمهور‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬ال يتمها ظه را‪ ،‬فهل تبط ل‪ ،‬أم تبقى نفال ؟ فيه الق والن‬
‫السابقان فيمن صلى الظهر قبل الزوال ونظائرها‪ .‬قال إم ام الح رمين‪ :‬ق ول‬
‫البطالن‪ ،‬ال ينتظم تفريعه إذا أمرناه في صورة الزح ام بشئ فامتث ل‪ ،‬فليكن‬
‫ذلك مخصوصا بما إذا خ الف‪ .‬ف رع‪ :‬التخلف بالنس يان‪ ،‬هل هو ك التخلف‬
‫بالزح ام ؟ قي ل‪ :‬فيه وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬نعم‪ ،‬لع ذره‪ .‬والث اني‪ :‬ال لن دوره‬
‫وتفريطه‪ .‬والمفهوم من كالم االك ثرين‪ ،‬أن فيه تفص يال‪ .‬ف إن ت أخر س جوده‬
‫عن سجدتي االمام بالنسيان‪ ،‬ثم سجد في حال قيام االم ام‪ ،‬فحكمه كالزح ام‪،‬‬
‫وك ذا لو ت أخر لم رض‪ .‬وإن بقي ذاهال ح تى ركع االم ام في الثاني ة‪،‬‬
‫فطريقان‪ .‬أحدهما‪ :‬كالمزحوم‪ ،‬فيركع معه على ق ول‪ ،‬وي راعي ت رتيب نفسه‬
‫في ق ول‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬يتبعه ق وال واح دا‪ ،‬النه مقصر فال يج وز ت رك‬
‫المتابعة‪ .‬قال الروياني‪ :‬ه ذا الطريق أظه ر‪ .‬ف رع‪ :‬الزح ام يج ري في جميع‬
‫الصلوات‪ ،‬وإنما يذكرونه في الجمع ة‪ ،‬الن الزحمة فيها أك ثر‪ ،‬والنه يجتمع‬
‫فيها وجوه من االشكال ال يجري في غيرها‪ ،‬مثل‬

‫] ‪[ 529‬‬
‫ة‪ ،‬والحكمية وبنائها على أنها ظهر‬ ‫الخالف في إدراك الجمعة بالملفق‬
‫مقص ورة‪ ،‬أم ال ؟ والن الجماعة فيها ش رط‪ ،‬وال يمكن المفارقة ما دام‬
‫يتوقع إدراك الجمعة‪ ،‬بخالف سائر الصلوات‪ .‬إذا عرفت ذلك‪ ،‬فإذا زحم في‬
‫سائر الصلوات‪ ،‬فلم يمكنه السجود ح تى ركع االم ام في الثاني ة‪ ،‬فالم ذهب‪:‬‬
‫أنه على القولين‪ .‬وقيل‪ :‬يركع معه قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬ي راعي ت رتيب نفسه قطع ا‪.‬‬
‫الشرط السادس‪ :‬الخطبة‪ .‬فمن شرائط الجمع ة‪ :‬تق ديم خطب تين (‪ .)1‬وأرك ان‬
‫الخطبة خمس ة‪ .‬أح دها‪ :‬حمد هللا تع الى (‪ ،)2‬ويتعين لفظ الحم د‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫الص الة على رس ول هللا (ص) (‪ ،)3‬ويتعين لفظ الص الة‪ .‬وحكي في‬
‫(النهاي ة) عن كالم بعض االص حاب‪ :‬ما ي وهم أنهما ال يتعين ان‪ ،‬ولم ينقله‬
‫وجها مجزوما ب ه‪ .‬الث الث‪ :‬الوص ية ب التقوى‪ ،‬وهل يتعين لفظ الوص ية ؟‬
‫وجهان‪ .‬الصحيح المنصوص‪ :‬ال يتعين‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬وال خالف أنه ال‬
‫يكفي االقتصار على التح ذير من االغ ترار بال دنيا وزخارفه ا‪ ،‬ف إن ذلك قد‬
‫يتواصى به منك رو الش رائع‪ ،‬بل ال بد من الحمل على طاعة هللا تع الى‪،‬‬
‫والمنع من المعاص ي‪ .‬وال يجب في الموعظة كالم طوي ل‪ ،‬بل لو ق ال‪:‬‬
‫أطيعوا هللا كفى‪ ،‬وأبدى االمام فيه احتماال‪ ،‬وال ت ردد في أن كلم تي الحم د‪،‬‬
‫والصالة‪ ،‬كافيتان‪ .‬ولو قال‪ :‬والصالة على محمد‪ ،‬أو على الن بي‪ ،‬أو رس ول‬
‫هللا‪ ،‬كفى‪ .‬ولو قال‪ :‬الحمد لل رحمن‪ ،‬أو ال رحيم‪ ،‬فمقتضى كالم الغ زالي‪ :‬أنه‬
‫ال يكفيه‪ ،‬ولم أره مسطورا‪ ،‬وليس هو ببعيد كما في كلمة‬

‫] ‪[ 530‬‬
‫التكب ير (‪ .)1‬ثم ه ذه االرك ان الثالث ة‪ ،‬ال بد منها في كل واح دة من‬
‫الخطبتين‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أن الصالة على الن بي (ص) في إح داهما كافي ة‪ ،‬وهو‬
‫شاذ‪ .‬الراب ع‪ :‬ال دعاء للمؤم نين (‪ ،)2‬وهو ركن على الص حيح‪ .‬والث اني‪ :‬ال‬
‫يجب‪ ،‬وحكي عن نصه في (االمالء)‪ .‬وإذا قلنا بالص حيح‪ ،‬فهو مخص وص‬
‫بالثانية‪ .‬فلو دعا في االولى لم يحسب‪ ،‬ويكفي ما يقع عليه االس م‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬وأرى أنه يجب أن يك ون متعلقا ب أمور اآلخ رة‪ ،‬وأنه ال ب أس‬
‫بتخصيصه بالسامعين‪ ،‬بأن (‪ )3‬يق ول‪ :‬رحمكم هللا‪ .‬الخ امس‪ :‬ق راءة الق رآن‪.‬‬
‫وهي ركن على المشهور‪ .‬وقي ل‪ :‬على الص حيح‪ .‬والث اني‪ :‬ليست ب ركن‪ ،‬بل‬
‫مستحبة‪ .‬فعلى االول أقلها آي ة‪ ،‬نص عليه الش افعي رحمه هللا‪ ،‬س واء ك انت‬
‫وعدا‪ ،‬أو وعيدا‪ ،‬أو حكما‪ ،‬أو قص ة‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬وال يبعد االكتف اء‬
‫بشطر آية طويلة‪ .‬وال شك أنه لو قال‪( :‬ثم نظر) (‪ )4‬لم يكف‪ ،‬وإن عد آي ة‪،‬‬
‫بل يشترط كونها مفهمة‪ .‬واختلفوا في محل القراءة على ثالثة أوجه‪ .‬أصحها‬
‫ونص عليه في (االم)‪ :‬تجب في إح داهما ال بعينه ا‪ .‬والث اني‪ :‬تجب فيهم ا‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬تجب في االول خاص ة‪ ،‬وهو ظ اهر نصه في (المختص ر)‪:‬‬
‫ويس تحب أن يق رأ في الخطبة س ورة (ق)‪ .‬قلت‪ :‬ق ال ال دارمي‪ :‬يس تحب أن‬
‫تك ون ق راءة (ق) (‪ )5‬في الخطبة االولى‪ .‬والم راد‪ ،‬قراءتها بكماله ا‪،‬‬
‫الشتمالها على أنواع المواعظ‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو ق رأ آية س جدة‪ ،‬ن زل وس جد‪.‬‬
‫‪،‬فلو كان المنبر عاليا‪ ،‬لو نزل لطال الفصل‬

‫] ‪[ 531‬‬
‫لم يتركه (‪ ،)1‬لكن يسجد عليه إن أمكنه‪ ،‬وإال ترك السجود‪ .‬فلو نزل وطال‬
‫الفص ل‪ ،‬ففيه الخالف المتق دم في الم واالة‪ .‬وال ت دخل الق راءة في االرك ان‬
‫الم ذكورة‪ .‬ح تى لو ق رأ آية فيها موعظ ة‪ ،‬وقصد إيقاعها عن الجه تين‪ ،‬لم‬
‫يجزئ‪ ،‬وال يجوز أن يأتي بآيات تش تمل على االرك ان المطلوب ة‪ ،‬الن ذلك‬
‫ال يسمى خطبة‪ .‬ولو أتى ببعضها في ضمن آية لم يمتنع‪ .‬وهل يشترط ك ون‬
‫الخطبة كلها (‪ )2‬بالعربية ؟ وجه ان‪ .‬الص حيح‪ :‬اش تراطه‪ ،‬ف إن لم يكن فيهم‬
‫من يحسن العربي ة‪ ،‬خطب بغيره ا‪ .‬ويجب أن يتعلم كل واحد منهم الخطبة‬
‫العربية (‪ ،)4( )3‬كالع اجز عن التكب ير بالعربي ة‪ .‬ف إن مضت م دة إمك ان‬
‫التعلم ولم يتعلم وا‪ ،‬عص وا كلهم‪ ،‬وال جمعة لهم‪ .‬ف رع ش روط الخطبة س تة‬
‫أح دها‪ :‬ال وقت‪ .‬وهو ما بعد ال زوال (‪ ،)5‬فال يصح تق ديم شئ منها علي ه‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬تق ديم الخطب تين على الص الة‪ .‬الث الث‪ :‬القي ام فيهما مع الق درة‪ ،‬ف إن‬
‫عجز عن القيام‪ ،‬فاالولى أن يستنيب‪ .‬ولو خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز‪،‬‬
‫جاز كالصالة‪ .‬ويجوز االقتداء به‪ ،‬سواء‬
‫] ‪[ 532‬‬
‫قال‪ :‬ال أس تطيع‪ ،‬أو س كت‪ ،‬الن الظ اهر أنه إنما قعد لعج زه‪ ،‬ف إن ب ان أنه‬
‫كان قادرا‪ ،‬فهو كما لو بان االمام جنب ا‪ ،‬ولنا وج ه‪ :‬أنه تصح الخطبة قاع دا‬
‫مع الق درة على القي ام وهو ش اذ‪ .‬الراب ع‪ :‬الجل وس بينهم ا‪ ،‬وتجب الطمأنينة‬
‫فيه‪ ،‬فلو خطب قاعدا لعج زه‪ ،‬لم يض طجع بينهما للفص ل‪ ،‬بل يفصل بينهما‬
‫بس كتة (‪ ،)1‬والس كتة واجبة على االص ح‪ .‬ولنا وجه ش اذ‪ :‬أن الق ائم أيضا‬
‫يكفيه الفصل بينهما بسكتة‪ .‬الخامس‪ :‬هل يشترط في ص حة الخطبة الطه ارة‬
‫عن الحدث‪ ،‬والنجس في الب دن والث وب والمك ان‪ ،‬وس تر الع ورة ؟ ق والن‪.‬‬
‫الجدي د‪ :‬اش تراط كل ذل ك‪ .‬ثم قي ل‪ :‬الخالف مب ني على أنهما ب دل من‬
‫الركع تين‪ ،‬أم ال ؟ وقي ل‪ :‬على أن الم واالة في الخطبة ش رط‪ ،‬أم ال ؟ ف إن‬
‫شرطنا المواالة‪ ،‬شرطنا الطهارة‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ثم قال صاحب (التتمة)‪ :‬يط رد‬
‫الخالف في اشتراط الطهارة عن الحدث االصغر والجنابة‪ ،‬وخصه صاحب‬
‫(الته ذيب) بالح دث االص غر‪ ،‬ق ال‪ :‬فأما الجنب‪ ،‬فال تحسب خطبته ق وال‬
‫واح دد‪ ،‬الن الق راءة ش رط‪ ،‬وال تحسب ق راءة الجنب‪ ،‬وه ذا أوض ح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الص حيح‪ ،‬أو الص واب‪ ،‬ق ول ص احب (التتم ة) وقد ج زم به ال رافعي في‬
‫(المح رر) وقطع الش يخ أبو حام د‪ ،‬والم اوردي‪ ،‬وآخ رون‪ :‬بأنه لو ب ان لهم‬
‫بعد ف راغ الجمعة أن إم امهم (‪ )2‬ك ان جنب ا‪ ،‬أج زأتهم‪ .‬ونقله أبو حام د‪،‬‬
‫والم اوردي‪ ،‬واالص حاب عن نصه في (االم)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم إذا ش رطنا‬
‫الطهارة‪ ،‬فسبقه حدث في الخطبة‪ ،‬لم يعتد بما يأتي به في حال الحدث‪ .‬وفي‬
‫بناء غيره عليه الخالف الذي سبق‪ .‬فلو تطهر وعاد‪ ،‬وجب االس تئناف‪ ،‬وإن‬
‫طال الفصل وشرطنا المواالة‪ ،‬فإن لم يطل‪ ،‬أو لم نشرط المواالة‪ ،‬فوجه ان‪.‬‬
‫‪.‬أصحهما‪ :‬االستئناف‬

‫] ‪[ 533‬‬
‫الس ادس‪ :‬رفع الص وت‪ ،‬فلو خطب س را بحيث لم يس مع غ يره‪ ،‬لم تحسب‬
‫على الص حيح المع روف‪ .‬وفي وج ه‪ :‬تحسب وهو غل ط‪ .‬فعلى الص حيح‪،‬‬
‫الشرط أن يسمع أربعين من أهل الكمال‪ .‬فلو رفع صوته قدر ما يبلغ‪ ،‬ولكن‬
‫كانوا كلهم أو بعض هم ص ما‪ ،‬فوجه ان‪ .‬الص حيح‪ :‬ال تص ح‪ ،‬كما لو بع دوا‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬تص ح‪ ،‬كما لو حلف ال يكلم فالن ا‪ ،‬فكلمه بحيث يس مع‪ ،‬فلم يس مع‬
‫لص ممه‪ ،‬حنث (‪ ،)1‬وكما لو س معوا الخطب ة‪ ،‬ولم يفهم وا معناه ا‪ ،‬فإنها‬
‫تصح‪ .‬وينبغي للقوم أن يقبلوا بوج وههم إلى االم ام‪ ،‬وينص توا‪ ،‬ويس معوا (‬
‫‪ .)2‬واالنص ات‪ :‬هو الس كوت‪ .‬واالس تماع‪ :‬هو ش غل الس مع بالس ماع‪ .‬وهل‬
‫االنص ات ف رض‪ ،‬والكالم ح رام ؟ فيه ق والن‪ .‬الق ديم و (االمالء)‪ :‬وج وب‬
‫االنص ات‪ ،‬وتح ريم الكالم‪ .‬والجدي د‪ :‬أنه س نة‪ ،‬والكالم ليس بح رام‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫يجب االنص ات قطع ا‪ .‬والجمه ور أثبت وا الق ولين‪ .‬وهل يح رم الكالم على‬
‫الخطيب ؟ فيه طريقان‪ .‬الم ذهب‪ :‬ال يح رم قطع ا‪ .‬والث اني‪ :‬على الق ولين‪ .‬ثم‬
‫جميع ه ذا الخالف في الكالم ال ذي ال يتعلق به غ رض مهم ن اجز‪ .‬فأما إذا‬
‫رأى أعمى يقع في بئر‪ ،‬أو عقربا تدب على إنس ان‪ ،‬فأن ذره‪ ،‬أو علم إنس انا‬
‫شيئا من الخير‪ ،‬أو نهاه عن منك ر‪ ،‬فه ذا ليس بح رام بال خالف‪ .‬نص عليه‬
‫الش افعي رحمه هللا‪ ،‬واتفق االص حاب على التص ريح ب ه‪ .‬لكن يس تحب أن‬
‫يقتصر على االشارة‪ ،‬وال يتكلم ما أمكن االستغناء عن ه‪ .‬ه ذا كله في الكالم‬
‫في أثن اء الخطب ة‪ .‬ويج وز الكالم قبل ابت داء االم ام بالخطب ة‪ ،‬وبعد الف راغ‬
‫منهما‪ .‬فأما في الجلوس بين الخطب تين‪ ،‬فطريق ان‪ ،‬قطع ص احب (المه ذب)‬
‫‪.‬والغزالي‪ ،‬بالجواز‪ .‬وأجرى المحاملي‪ ،‬وابن الصباغ‪ ،‬وآخرون فيه الخالف‬

‫] ‪[ 534‬‬
‫ويجوز للداخل في أثناء الخطبة‪ ،‬أن يتكلم ما لم يأخذ لنفسه مكان ا‪ .‬والق والن‬
‫فيما بعد قعوده‪ .‬فرع‪ :‬إذا قلنا بالقديم‪ ،‬فينبغي للداخل في أثناء الخطب ة‪ ،‬أن ال‬
‫يسلم‪ ،‬فإن سلم‪ ،‬حرمت إجابته باللف ظ‪ ،‬ويس تحب باالش ارة كما في الص الة‪.‬‬
‫وفي تش ميت الع اطس ثالثة أوج ه‪ ،‬الص حيح المنص وص‪ :‬تحريم ه‪ ،‬ك رد‬
‫السالم‪ .‬والثاني‪ :‬استحبابه‪ .‬والث الث‪ :‬يج وز وال يس تحب‪ .‬ولنا وج ه‪ :‬أنه ي رد‬
‫السالم‪ ،‬النه واجب‪ ،‬وال يشمت العاطس‪ ،‬النه سنة‪ .‬فال ي ترك لها االنص ات‬
‫الواجب‪ .‬وفي وجوب االنصات على من ال يسمع الخطبة‪ ،‬وجهان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫ال يجب‪ .‬ويستحب أن يشتغل بالذكر‪ ،‬والتالوة‪ .‬وأصحهما‪ :‬يجب‪ ،‬نص عليه‪،‬‬
‫وقطع به كث يرون‪ .‬وق الوا‪ :‬البعيد بالخي ار بين االنص ات‪ ،‬وبين ال ذكر‬
‫والتالوة‪ .‬ويح رم عليه كالم اآلدم يين‪ ،‬كما يح رم على الق ريب‪ .‬ه ذا تفريع‬
‫على القديم‪ .‬فأما إذا قلنا بالجدي د‪ ،‬فيج وز رد الس الم‪ ،‬والتش ميت بال خالف‪.‬‬
‫ثم رد في الس الم ثالثة أوج ه‪ .‬أص حها عند ص احب (الته ذيب)‪ :‬وجوب ه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬استحبابه‪ .‬والثالث‪ :‬جوازه بال استحباب‪ .‬وقطع إم ام الح رمين‪ ،‬بأنه‬
‫ال يجب الرد‪ .‬واالصح‪ :‬استحباب التش ميت‪ .‬وحيث حرمنا الكالم فتكلم‪ ،‬أثم‪،‬‬
‫وال تبطل جمعته بال خالف‪ .‬ف رع‪ :‬ق ال الغ زالي‪ :‬هل يح رم الكالم على من‬
‫عدا االربعين ؟ فيه القوالن‪ .‬وهذا التق دير بعيد في نفس ه‪ ،‬ومخ الف لما نقله‬
‫االصحاب‪ .‬أما بعده في نفسه‪ ،‬فالن كالمه مف روض في الس امعين للخطب ة‪.‬‬
‫وإذا حضر جماعة يزي دون على أربعين‪ ،‬فال يمكن أن يق ال‪ :‬تنعقد الجمعة‬
‫ب أربعين منهم على التع يين‪ ،‬فيح رم الكالم عليهم قطع ا‪ .‬والخالف في حق‬
‫الباقين (‪ ،)1‬بل الوجه‪ :‬الحكم بانعقاد الجمعة بهم‪ ،‬أو ب أربعين منهم ال على‬
‫التع يين‪ .‬وأما مخالفته لنقل االص حاب‪ ،‬فالنك (‪ )2‬ال تجد لالص حاب إال‬
‫إطالق ق ولين في الس امعين‪ ،‬ووجهين في حق غ يرهم كما س بق‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫صعد الخطيب المنبر‪ ،‬فينبغي (‪ )3‬لمن ليس في صالة (‪ )4‬من‬

‫] ‪[ 535‬‬
‫الحاضرين‪ ،‬أال يفتتحها‪ ،‬سواء كان صلى السنة‪ ،‬أم ال‪ ،‬ومن كان في ص الة‬
‫خففها‪ ،‬والف رق بين الكالم ‪ -‬حيث قلن ا‪ :‬ال ب أس به وإن ص عد المن بر ما لم‬
‫تبتدئ الخطبة ‪ -‬وبين الصالة انقطع الكالم‪ ،‬هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة‪،‬‬
‫بخالف الصالة‪ ،‬فإنه قد يفوت سماع أول الخطبة إلى أن يتمها‪ .‬قلت‪ :‬وسواء‬
‫في المنع من افتتاح الصالة في حال الخطبة من يسمعها‪ ،‬وغيره‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولو دخل في أثناء الخطبة‪ ،‬استحب له أن يصلي التحية‪ ،‬ويخففه ا‪ .‬فلو ك ان‬
‫ما صلى السنة‪ ،‬صالها وحصلت التحية‪ .‬ولو دخل واالمام في آخر الخطبة‪،‬‬
‫لم يص ل‪ ،‬لئال يفوته أول الجمعة مع االم ام‪ ،‬وس واء في اس تحباب التحي ة‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬يجب االنصات‪ ،‬أم ال ؟ فرع‪ :‬في أمور اختلف في إيجابها في الخطب ة‪.‬‬
‫منها‪ :‬كونها بالعربية‪ ،‬وتقدم بيانه‪ .‬ومنها‪ :‬نية الخطبة وفرضيتها‪ ،‬اش ترطهما‬
‫القاضي حس ين‪ .‬ومنه ا‪ :‬ال ترتيب بين الكلم ات الثالث‪ ،‬ف أوجب ص احب‬
‫(التهذيب) وغيره‪ ،‬أن يبدأ بالحم د‪ ،‬ثم الص الة‪ ،‬ثم الوص ية‪ .‬وال ت رتيب بين‬
‫القراءة والدعاء‪ ،‬وال بينهما وبين غيرهما‪ .‬وقطع صاحب (العدة) وآخ رون‪:‬‬
‫بأنه ال يجب في شئ من االلف اظ أص ال‪ .‬ق الوا‪ :‬لكن االفضل الرعاي ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قطع صاحب (الحاوي) وكثيرون من العراقيين‪ ،‬بأنه ال يجب ال ترتيب ونقله‬
‫‪.‬في (الحاوي) عن نص الشافعي رحمه هللا‪ ،‬وهو االصح‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 536‬‬
‫فرع في سنن الخطبة فمنها‪ :‬أن يكون على من بر‪ ،‬والس نة أن يك ون المن بر‬
‫على يمين الموضع (‪ )1‬الذي يصلي فيه االمام‪ .‬ويك ره المن بر الكب ير ال ذي‬
‫يضيق على المصلين‪ ،‬إذا لم يكن المسجد متسع الخط ة‪ ،‬ف إن لم يكن من بر‪،‬‬
‫خطب على موضع مرتف ع‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يس لم على من عند المن بر إذا انتهى‬
‫إليه‪ .‬ومنه ا‪ :‬إذا بلغ في ص عوده الدرجة ال تي تلي موضع القع ود ‪ -‬ويس مى‬
‫ذلك الموضع‪ :‬المستراح ‪ -‬أقبل على الناس بوجهه‪ ،‬وس لم عليهم‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن‬
‫يجلس بعد الس الم على المس تراح‪ .‬ومنه ا‪ :‬أنه إذا جلس‪ ،‬اش تغل الم ؤذن‬
‫باآلذان‪ ،‬ويديم االمام الجل وس إلى ف راغ الم ؤذن‪ .‬ق ال ص احب (االفص اح)‬
‫والمحاملي‪ :‬المستحب‪ ،‬أن يكون المؤذن للجمعة واحدا‪ .‬وأشار إليه الغ زالي‪،‬‬
‫وفي كالم بعض االصحاب (‪ ،)2‬إشعار باستحباب تعديد الم ؤذنين‪ .‬ومنه ا‪:‬‬
‫أن تكون الخطبة بليغة غير مؤلفة من الكلمات المبتذل ة‪ ،‬وال من الكلم ات (‬
‫‪ )3‬الغريبة الوحشية‪ ،‬بل قريبة من االفهام‪ .‬ومنها‪ :‬أن ال يطولها وال يخففها‪،‬‬
‫بل تكون متوسطة‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يس تدبر القبل ة‪ ،‬ويس تقبل الن اس في خطبتي ه‪،‬‬
‫وال يلتفت يمينا وال شماال‪ .‬ولو خطب مستدبر الن اس‪ ،‬ج از على الص حيح‪.‬‬
‫وعلى الثاني‪ :‬ال يجزئه‪ .‬قلت‪ :‬وطرد الدارمي هذا الوجه‪ ،‬فيما إذا استدبروه‪،‬‬
‫أو خالفوه‪ ،‬وهو الهيئة‬

‫] ‪[ 537‬‬
‫المش روعة في ذل ك‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومنه ا‪ :‬أنه يس تحب أن يك ون جلوسه بين‬
‫الخطبتين قدر سورة (االخالص) نص عليه‪ .‬وفيه وجه‪ :‬أنه يجب ه ذا الق در‬
‫وحكي عن نصه‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يعتمد على س يف‪ ،‬أو عص ا‪ ،‬أو نحوهم ا‪ .‬ق ال‬
‫في (الته ذيب)‪ :‬يقبضه بي ده اليس رى‪ .‬ولم ي ذكر االك ثرون بأيتهما يقبض ه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ق ال القاضي حس ين في تعليقه كما ق ال في (الته ذيب)‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ويشغل يده االخرى بحرف المنبر‪ ،‬فإن لم يجد شيئا‪ ،‬سكن يده (‪ )1‬وجس ده‪،‬‬
‫بأن يجعل اليمنى على اليسرى‪ ،‬أو يقرهما مرسلتين‪ .‬والغ رض‪ ،‬أن يخش ع‪،‬‬
‫وال يعبث بهما‪ .‬ومنها‪ :‬أنه ينبغي للقوم أن يقبلوا على الخطيب مس تمعين‪ ،‬ال‬
‫يش تغلون بشئ آخ ر‪ ،‬ح تى يك ره الش رب للتل ذذ‪ ،‬وال ب أس به للعطش‪ ،‬ال‬
‫للخطيب‪ ،‬وال للقوم‪ .‬ومنها‪ :‬أن يأخذ في ال نزول بعد الف راغ‪ ،‬ويأخذ الم ؤذن‬
‫في االقامة‪ ،‬ويبت در ليبلغ المح راب مع ف راغ المقيم‪ .‬قلت‪ :‬يك ره في الخطبة‬
‫أمور ابتدعها الجهلة‪ .‬منها‪ :‬التفاتهم في الخطبة الثانية (‪ ،)2‬والدق على درج‬
‫المن بر في ص عوده‪ ،‬وال دعاء إذا انتهى (‪ )3‬إلى ص عوده قبل أن يجلس‪.‬‬
‫وربما توهموا أنها ساعة االجابة‪ ،‬وهذا‬

‫] ‪[ 538‬‬
‫جه ل‪ ،‬ف إن س اعة االجابة إنما هي بعد جلوس ه‪ ،‬كما س يأتي إن ش اء هللا‬
‫تع الى‪ .‬ومنه ا‪ :‬المجازفة في أوص اف الس الطين في ال دعاء لهم‪ .‬وأما أصل‬
‫الدعاء للسلطان‪ ،‬فقد ذكر صاحب (المهذب) وغيره‪ :‬أنه مك روه‪ .‬واالختي ار‪:‬‬
‫أنه ال ب أس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وص فه (‪ ،)1‬وال نحو ذل ك‪ ،‬فإنه‬
‫يستحب الدعاء بصالح والة االمر‪ .‬ومنها‪ :‬مبالغتهم في االس راع في الخطبة‬
‫الثانية‪ [ .‬وأما االحتباء (‪ )2‬واالمام يخطب‪ ،‬فقال صاحب (البيان)‪ :‬ال يك ره‪.‬‬
‫والص حيح‪ :‬أنه مك روه‪ .‬فقد صح في (س نن أبي داود) (‪ )3‬والترم ذي‪ ،‬أن‬
‫رس ول هللا (ص)‪ ،‬نهى عن االحتب اء واالم ام يخطب)‪ ،‬ق ال الترم ذي (‪:)4‬‬
‫ح ديث حس ن‪ .‬وق ال الخط ابي من أص حابنا‪ :‬نهى عن ه‪ ،‬النه يجلب الن وم‬
‫فيعرض طهارته للنقض‪ ،‬ويمنعه اس تماع الخطبة ] (‪ .)5‬ويس تحب إذا ك ان‬
‫المن بر واس عا‪ ،‬أن يق وم على يمين ه‪ ،‬قاله القاضي حس ين‪ ،‬وص احب‬
‫(التهذيب)‪ .‬ويكره للخطيب أن يشير بيده‪ .‬فق ال (‪ )6‬في (الته ذيب)‪ :‬يس تحب‬
‫أن يختم الخطبة بقول ه‪ :‬اس تغفر هللا لي ولكم‪ .‬وذكر ص احبا (الع دة) و‬
‫(البي ان)‪ :‬أنه يس تحب للخطيب إذا وصل إلى (‪ )7‬المن بر‪ ،‬أن يص لي تحية‬
‫المسجد‪ ،‬ثم يصعده‪ .‬وهذا الذي قااله‪ ،‬غ ريب‪ ،‬وش اذ‪ ،‬وم ردود‪ ،‬فإنه خالف‬
‫ظ اهر المنق ول عن فعل رس ول هللا (ص)‪ ،‬والخلف اء الراش دين‪ ،‬فمن (‪)8‬‬
‫بع دهم‪ .‬ولو أغمي على الخطيب‪ ،‬ق ال في (الته ذيب) في بن اء غ يره على‬
‫خطبت ه‪ ،‬الق والن في االس تخالف في الص الة‪ ،‬ف إن لم نج وزه‪ ،‬اس تؤنفت‬
‫الخطبة‪ ،‬وإن جوزناه‪ ،‬اشترط أن يكون ال ذي يب ني س مع أول الخطب ة‪ .‬ه ذا‬
‫‪.‬كالمه في (التهذيب)‪ .‬والمختار‪ ،‬أنه ال يجوز البناء هنا‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 539‬‬
‫الب اب الث اني فيمن تلزمه الجمعة لوجوبها خمسة ش روط‪ :‬أح دها‪ :‬التكلي ف‪،‬‬
‫فال جمعة على صبي وال مجنون‪ .‬قلت‪ :‬والمغمى علي ه‪ ،‬ك المجنون‪ ،‬بخالف‬
‫السكران‪ ،‬فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الثاني‪ :‬الحري ة‪ ،‬فال‬
‫جمعة على عبد قن‪ ،‬أو م دبر‪ ،‬أو مك اتب‪ [ .‬قلت‪ :‬ويس تحب إذا أذن الس يد‬
‫حض ورها‪ ،‬وال يجب‪ .‬وهللا أعلم ] (‪ .)1‬الث الث‪ :‬ال ذكورة‪ ،‬فال جمعة على‬
‫ام رأة وال خن ثى (‪ .)2‬الراب ع‪ :‬االقام ة‪ ،‬فال جمعة على مس افر (‪ ،)3‬لكن‬
‫يستحب ل ه‪ ،‬وللعب د‪ ،‬وللص بي‪ ،‬حض ورها إذا أمكن‪ .‬الخ امس‪ :‬الص حة‪ ،‬فال‬
‫جمعة على مريض ولو فاتت بتخلفه لنقصان العدد‪ ،‬ثم من ال تجب عليه‪ ،‬ال‬
‫تنعقد به إال الم ريض‪ .‬وفيه أيضا ق ول ش اذ‪ ،‬ق دمناه في الش رط الرابع‬
‫للجمع ة‪ .‬وفي مع نى الم رض‪ ،‬أع ذار ت أتي قريبا إن ش اء هللا تع الى‪ ،‬ولكن‬
‫تنعقد لجميعهم‪ ،‬ويج زيهم عن الظهر إال المجن ون‪ ،‬فال يصح فعل ه‪ .‬ثم إذا‬
‫حضر الصبيان والنساء‪ ،‬والعبي د‪ ،‬والمس افرون‪ ،‬الج امع‪ ،‬فلهم االنص راف‪،‬‬
‫ويص لون الظه ر‪ .‬وخ رج ص احب (التلخيص) وجها في العب د‪ ،‬أنه تلزمه‬
‫الجمعة إذا حض ر‪ .‬وق ال في (النهاي ة)‪ :‬وه ذا غلط باتف اق االص حاب‪ .‬فأما‬
‫المريض‪ ،‬فقد أطلق كث يرون أنه ال يج وز له االنص راف بعد حض وره‪ ،‬بل‬
‫تلزمه الجمعة‪ .‬وقال إمام الح رمين‪ :‬إن حضر قبل ال وقت‪ ،‬فله االنص راف‪،‬‬
‫وإن دخل الوقت وقامت الص الة‪ ،‬لزمته الجمع ة‪ .‬ف إن ك ان يتخلل زمن بين‬
‫دخول الوقت‪ ،‬والصالة‪ ،‬فإن لم يلحقه مزيد مشقة في االنتظ ار‪ ،‬لزم ه‪ ،‬وإال‬
‫فال‪ ،‬وه ذا التفص يل حس ن‪ ،‬وال يبعد أن يك ون كالم المطلقين م نزال علي ه‪.‬‬
‫وألحقوا بالمرضى‪ ،‬أصحاب االعذار الملحقة‬

‫] ‪[ 540‬‬
‫ب المرض‪ ،‬وق الوا‪ :‬إذا حض روا‪ ،‬ل زمتهم الجمع ة‪ .‬وال يبعد أن يكون وا على‬
‫التفص يل الم ذكور أيض ا‪ ،‬إن لم ي زد ض رر المع ذور بالص بر إلى إقامة‬
‫الجمعة‪ ،‬فاالمر كذلك‪ ،‬وإال فله االنصراف وإقامة الظهر في منزله‪ .‬هذا كله‬
‫إذا لم يشرعوا في الجمعة‪ ،‬فإن أحرم ال ذين ال تل زمهم الجمعة بالجمع ة‪ ،‬ثم‬
‫أرادوا االنصراف‪ ،‬قال في (البيان)‪ :‬ال يجوز ذلك للمسافر والمريض‪ ،‬وفي‬
‫العبد والم رأة وجه ان حكاهما الص يمري (‪ .)1‬قلت‪ :‬االص ح‪ ،‬أنه ال يج وز‬
‫لهما‪ ،‬الن صالتهما انعقدت عن فرضهما‪ ،‬فيتعين إتمامها‪ .‬وقد ق دمنا أن من‬
‫دخل في فرض الول الوقت‪ ،‬لزمه إتمامه على الم ذهب والمنص وص‪ ،‬فهنا‬
‫أولى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬كل ما أمكن تص وره في الجمعة من االع ذار‬
‫المرخصة في ترك الجماعة‪ ،‬يرخص في ت رك الجمع ة‪ .‬أما الوحل الش ديد‪،‬‬
‫ففيه ثالثة أوجه‪ .‬الصحيح‪ :‬أنه عذر في ترك الجمعة والجماعة‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬في الجماعة دون الجمعة‪ .‬حكاه صاحب (العدة) وقال‪ :‬به أف تى أئمة‬
‫طبرستان‪ .‬أما التمريض‪ ،‬فإن كان للمريض من يتعهده‪ ،‬ويقوم بأمره‪ ،‬نظر‪،‬‬
‫إن كان قريبا وهو مشرف على الموت‪ ،‬أو غ ير مش رف لكن يس تأنس ب ه‪،‬‬
‫فله التخلف عن الجمعة ويحضر عن ده‪ ،‬وإن لم يكن اس تئناس‪ ،‬فليس له‬
‫التخلف على الصحيح‪ .‬وإن ك ان أجنبي ا‪ ،‬لم يجز التخلف بح ال‪ .‬والممل وك‪،‬‬
‫والزوجة‪ ،‬وكل من له مصاهرة‪ ،‬والصديق‪ ،‬كالقريب‪ .‬وإن لم يكن للم ريض‬
‫متعهد‪ ،‬فقال إمام الحرمين‪ :‬إن ك ان يخ اف عليه الهالك لو غ اب عن ه‪ ،‬فهو‬
‫عذر‪ ،‬سواء كان الم ريض قريب ا‪ ،‬أو أجنبي ا‪ ،‬الن انق اذ المس لم من الهالك‪،‬‬
‫ف رض كفاي ة‪ ،‬وإن ك ان يلحقه ض رر ظ اهر ال يبلغ دفعه مبلغ ف روض‬
‫‪.‬الكفايات‪ ،‬ففيه أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬أنه عذر أيضا‪ .‬والثاني‪ :‬ال‬
‫] ‪[ 541‬‬
‫والثالث (‪ :)1‬أنه عذر في القريب دون االجنبي‪ .‬ولو كان له متعه د‪ ،‬لكن لم‬
‫يف رغ لخدمت ه‪ ،‬الش تغاله بش راء االدوي ة‪ ،‬أو الكفن‪ ،‬وحفر الق بر إذا ك ان‬
‫م نزوال ب ه‪ ،‬فهو كما لو لم يكن متعه د‪ .‬ف رع‪ :‬يجب على ال زمن الجمعة إذا‬
‫وجد مركوب ا‪ ،‬ملكا أو بإج ارة‪ ،‬أو إع ارة ولم يشق عليه الرك وب‪ ،‬وك ذا‬
‫الشيخ الضعيف‪ .‬ويجب على االعمى إذا وجد قائدا متبرع ا‪ ،‬أو ب أجرة‪ ،‬وله‬
‫مال‪ ،‬وإال فقد أطلق االكثرون‪ :‬أنها ال تجب عليه‪ .‬وق ال القاضي حس ين‪ :‬إن‬
‫ك ان يحسن المشي بالعصا من غ ير قائ د‪ ،‬لزم ه‪ .‬ف رع‪ :‬من بعضه ح ر‪،‬‬
‫وبعضه عب د‪ ،‬ال جمعة علي ه‪ ،‬وفيه وجه ش اذ‪ :‬أنه إذا ك ان بينه وبين س يده‬
‫مهاي أة‪ ،‬لزمه الجمعة الواقعة في نوبت ه‪ ،‬وال تنعقد به بال خالف‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫الغريب إذا قام ببل د‪ ،‬واتخ ذه وطن ا‪ ،‬ص ار له حكم أهله في وج وب الجمعة‬
‫وانعقادها ب ه‪ ،‬وإن لم يتخ ذه وطن ا‪ ،‬بل عزمه الرج وع إلى بل ده بعد م دة ‪-‬‬
‫يخ رج بها من كونه مس افرا ‪ -‬قص يرة‪ ،‬أو طويل ة‪ ،‬كالمتفق ه‪ ،‬والت اجر (‪)2‬‬
‫لزمه الجمعة‪ ،‬وال تنعقد به على االصح‪ .‬ف رع‪ :‬القرية إذا ك ان فيها أربع ون‬
‫من أهل الكمال‪ ،‬لزمهم الجمعة‪ .‬ف إن أقاموها في ق ريتهم‪ ،‬ف ذاك‪ .‬وإن دخل وا‬
‫المصر فصلوها في ه‪ ،‬س قط الف رض عنهم (‪ ،)3‬وك انوا مس يئين‪ ،‬لتعطيلهم‬
‫الجمعة في قريتهم‪ .‬وفيه وجه (‪ :)4‬أنهم غير مس يئين (‪ ،)5‬الن أبا حنيفة (‬
‫‪ )6‬ال يجوز جمعة في قرية‪ ،‬ففيما فعلوه‪ ،‬خروج من‬

‫] ‪[ 542‬‬
‫الخالف‪ ،‬وهو ض عيف‪ .‬وإن لم يكن فيها أربع ون من أهل الكم ال‪ ،‬فلهم‬
‫حاالن‪ .‬أحدهما‪ :‬يبلغهم الن داء من موضع تق ام فيه جمعة من بل د‪ ،‬أو قري ة‪،‬‬
‫فتجب عليهم الجمعة‪ .‬والمعتبر نداء مؤذن ع الي الص وت يقف على ط رف‬
‫البلد من الج انب ال ذي يلي تلك القري ة‪ ،‬وي ؤذن على عادت ه‪ ،‬واالص وات‬
‫هادئة‪ ،‬والرياح راكدة‪ .‬فإذا سمع صوته من القرية من أصغى إليه‪ ،‬ولم يكن‬
‫أص م‪ ،‬وال ج اوز س معه حد الع ادة‪ ،‬وجبت الجمعة على أهله ا‪ .‬وفي وج ه‪:‬‬
‫المعتبر أن يقف المؤذن في وسط البل د‪ ،‬ووجه يقف في الموضع ال ذي تق ام‬
‫فيه الجمع ة‪ .‬وهل يعت بر أن يقف على موضع ع ال كمن ارة أو س ور ؟‬
‫وجهان‪ .‬قال االكثرون‪ :‬ال يعتبر‪ .‬وق ال القاضي أبو الطيب‪ :‬س معت ش يوخنا‬
‫يقول ون‪ :‬ال يعت بر إال بطبرس تان‪ ،‬فإنها بين أش جار وغي اض تمنع بل وغ‬
‫الصوت‪ .‬أما إذا كانت قرية على قلة جبل يسمع أهلها الن داء لعلوه ا‪ ،‬بحيث‬
‫لو ك انت على اس تواء االرض لما س معوا‪ ،‬أو ك انت قرية في وه دة من‬
‫االرض ال يس مع أهلها الن داء النخفاض ها‪ ،‬بحيث لو ك انت على اس تواء‬
‫لس معوا‪ ،‬فوجه ان‪ .‬أص حهما (‪ )1‬وبه ق ال [ القاضي أبو الطيب‪ :‬ال تجب‬
‫الجمعة في الص ورة االولى‪ ،‬وتجب في الثاني ة‪ ،‬اعتب ارا بتق دير االس تواء (‬
‫‪ .)2‬والثاني‪ :‬وبه قال ] (‪ )3‬الشيخ أبو حامد‪ :‬عكسه‪ ،‬اعتب ارا بنفس الس ماع‪.‬‬
‫أما إذا لم يبلغ الن داء أهل القري ة‪ ،‬فال جمعة عليهم‪ .‬وأما أهل الخي ام إذا‬
‫لزموا موضعا‪ ،‬ولم يفارقوه‪ ،‬وقلنا‪ :‬ال يصلون الجمعة موضعهم‪ ،‬فهم‬

‫] ‪[ 543‬‬
‫كأهل القرى‪ .‬وإذ لم يبلغوا أربعين‪ ،‬إن سمعوا النداء‪ ،‬ل زمتهم الجمع ة‪ ،‬وإال‬
‫فال‪ .‬قلت‪ :‬وإذا س مع أهل القرية الناقص ون عن االربعين الن داء من بل دين‪،‬‬
‫فأيهما حض روا ج از‪ ،‬واالولى حض ور أكثرهما جماع ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫العذر المبيح ترك الجمعة يبيحه وإن طرأ بعد الزوال‪ ،‬إال السفر‪ ،‬فإنه يحرم‬
‫إنش اؤه بعد ال زوال‪ .‬وهل يج وز بعد الفجر وقبل ال زوال ؟ ق والن‪ .‬ق ال في‬
‫القديم وحرملة‪ :‬يجوز‪ .‬وفي الجدي د‪ :‬ال يج وز‪ ،‬وهو االظهر عند العراق يين‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬يج وز ق وال واح دا‪ .‬ه ذا في الس فر المب اح‪ .‬أما الطاعة واجبا ك ان‬
‫كالحج‪ ،‬أو مندوبا‪ ،‬فال يجوز بعد ال زوال‪ ،‬وأما قبل ه‪ ،‬فقطع كث ير من أئمتنا‬
‫بج وازه‪ .‬ومقتضى كالم العراق يين‪ ،‬أنه على الخالف كالمب اح‪ .‬وحيث قلن ا‪:‬‬
‫يح رم‪ ،‬فله ش رطان‪ .‬أح دهما‪ :‬أننا ينقطع عن الرفق ة‪ ،‬وال يناله ض رر في‬
‫تخلفه للجمعة‪ .‬فإن انقطع‪ ،‬وف ات س فره ب ذلك‪ ،‬أو ناله ض رر‪ ،‬فله الخ روج‬
‫بعد الزوال بال خالف‪ .‬كذا قاله االصحاب‪ .‬وقال الشيخ أبو حاتم القزوي ني (‬
‫‪ :)1‬في جوازه بعد الزوال لخوف االنقطاع عن الرفقة‪ ،‬وجهان (‪ .)2‬الشرط‬
‫الثاني‪ :‬أن ال يمكنه (‪ )3‬صالة الجمعة في منزله‪ ،‬أو طريقه‪ .‬فإن‬

‫] ‪[ 544‬‬
‫أمكنت‪ ،‬فال منع بحال‪ .‬قلت‪ :‬االظهر (‪ )1‬تحريم السفر المباح‪ ،‬والطاعة قبل‬
‫الزوال‪ ،‬وحيث حرمناه بعد الزوال‪ ،‬فسافر‪ ،‬كان عاصيا‪ ،‬فال يترخص ما لم‬
‫تفت الجمعة‪ .‬ثم حيث كان فواتها‪ ،‬يكون ابت داء س فره‪ ،‬قاله القاضي حس ين‪،‬‬
‫وص احب (الته ذيب) وهو ظ اهر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬المع ذورون في ت رك‬
‫الجمع ة‪ ،‬ض ربان‪ .‬أح دهما‪ :‬يتوقع زوال ع ذره‪ ،‬كالعب د‪ ،‬والم ريض يتوقع‬
‫الخف ة‪ ،‬فيس تحب له ت أخير الظهر إلى الي أس من إدراك الجمع ة‪ ،‬الحتم ال‬
‫تمكنه منه ا‪ .‬ويحصل الي أس برفع االم ام رأسه من الرك وع الث اني على‬
‫الصحيح‪ .‬وعلى الشاذ‪ :‬يراعى تصور االدراك في حق كل واحد‪ ،‬ف إذا ك ان‬
‫منزله بعي دا‪ ،‬ف انتهى ال وقت إلى حد لو أخذ في الس عي لم ي درك الجمع ة‪،‬‬
‫حصل الفوات في حقه‪ .‬الضرب الث اني‪ :‬من ال يرجو زوال ع ذره ك المرأة‪،‬‬
‫والزمن‪ ،‬ف االولى أن يص لي الظهر في أول ال وقت‪ ،‬لفض يلة االولي ة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ه ذا اختي ار أص حابنا الخراس انيين‪ ،‬وهو االص ح‪ .‬وق ال العراقي ون‪ :‬ه ذا‬
‫الضرب كاالول‪ ،‬فيس تحب لهم ت أخير الظه ر‪ ،‬الن الجمعة ص الة الك املين‬
‫فق دمت‪ .‬واالختي ار التوس ط‪ .‬فيق ال‪ :‬إن ك ان ه ذا الش خص جازما بأنه ال‬
‫يحضر الجمعة وإن تمكن منها‪ ،‬استحب تقديم الظهر‪ .‬وإن كان لو تمكن‪ ،‬أو‬
‫نشط حض رها‪ ،‬اس تحب الت أخير‪ ،‬كالض رب االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإذا اجتمع‬
‫معذورون‪ ،‬استحب لهم الجماعة في ظهرهم على االصح (‪ )2‬قال‬

‫] ‪[ 545‬‬
‫الش افعي رحمه هللا‪ :‬واس تحب لهم إخف اء الجماعة لئال يتهم وا‪ .‬ق ال‬
‫االصحاب‪ :‬هذا إذا كان عذرهم خفيا‪ ،‬فإن كان ظاهرا‪ ،‬فال تهم ة‪ .‬ومنهم من‬
‫اس تحب االخف اء مطلق ا‪ .‬ثم إذا ص لى المع ذور الظهر قبل ف وات الجمع ة‪،‬‬
‫صحت ظهره‪ .‬فلو زال عذره وتمكن من الجمعة‪ ،‬لم تلزم ه‪ ،‬إال في الخن ثى‬
‫إذا ص لى الظه ر‪ ،‬ثم ب ان رجال‪ ،‬وتمكن من الجمع ة‪ ،‬فتلزم ه‪ .‬والمس تحب‬
‫له ؤالء‪ ،‬حض ور الجمعة بعد فعلهم الظه ر‪ .‬ف إن ص لوا الجمع ة‪ ،‬ففرض هم‬
‫الظهر على االظه ر‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬يحتسب هللا تع الى بما ش اء‪ .‬أما إذا زال‬
‫العذر في أثن اء الظه ر‪ ،‬فق ال القف ال‪ :‬هو كرؤية الم تيمم الم اء في الص الة‪.‬‬
‫وهذا يقتضي خالفا في بطالن الظهر‪ ،‬ك الخالف في بطالن ص الة الم تيمم‪.‬‬
‫وذكر الشيخ أبو محمد وجهين هنا‪ .‬والمذهب‪ ،‬استمرار صحة الظه ر‪ .‬وه ذا‬
‫الخالف‪ ،‬تفريع على إبطال ظهر غير المع ذور إذا ص الها قبل ف وات وقت‬
‫الجمع ة‪ .‬ف إن لم نبطله ا‪ ،‬فالمع ذور أولى‪ .‬ف رع‪ :‬من ال ع ذر ل ه‪ ،‬إذا ص لى‬
‫الظهر قبل ف وات الجمع ة‪ ،‬لم تصح ظه ره على الجدي د‪ ،‬وهو االظه ر‪،‬‬
‫وتصح على القديم (‪ ،)1‬ق ال االص حاب‪ :‬الق والن مبني ان على أن الف رض‬
‫االصلي يوم الجمعة م اذا ؟ فالجدي د‪ :‬أنه الجمع ة‪ .‬والق ديم‪ :‬أنه الظه ر‪ ،‬وأن‬
‫الجمعة بدل‪ .‬ثم قال أبو إسحاق المروزي‪ :‬لو ترك جميع أهل البلدة الجمعة‪،‬‬
‫وصلوا الظهر‪ ،‬أثموا كلهم‪ ،‬وصحت ظهرهم على الق ولين‪ .‬وإن الخالف في‬
‫ترك آحادهم الجمعة مع إقامتها بجماعة‪ .‬والص حيح ال ذي قاله غ يره‪ :‬أنه ال‬
‫ف رق‪ ،‬وأن ظهرها ال تصح على الجدي د‪ ،‬النهم ص لوها وف رض الجمعة‬
‫متوجه إليهم‪ .‬ف إذا فرعنا على الجديد في أصل المس ألة‪ ،‬ف االمر بحض ور‬
‫الجمعة قائم‪ .‬فإن حضرها‪ ،‬ف ذاك‪ ،‬وإن ف اتت‪ ،‬قضى الظه ر‪ .‬وهل يك ون ما‬
‫فعله أوال ب اطال‪ ،‬أم تنقلب نفال ؟ فيه الق والن في نظ ائره‪ .‬وإن قلنا بالق ديم‪،‬‬
‫فالمذهب وال ذي قطع به االك ثرون‪ :‬أن االمر بحض ور الجمعة ق ائم أيض ا‪.‬‬
‫ومعنى صحة الظهر‪ ،‬االعتداد بها‬

‫] ‪[ 546‬‬
‫في الجمعة‪ ،‬بحيث لو فاتت الجمعة أجزأته‪ .‬وقيل‪ :‬في سقوط االمر بحضور‬
‫الجمعة‪ ،‬ق والن‪ .‬وبه ذا قطع إم ام الح رمين‪ ،‬والغ زالي‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ال يس قط‬
‫االمر‪ ،‬أو قلنا‪ :‬يسقط‪ ،‬فصلى الجمعة‪ ،‬ففي الفرض منهما طريق ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫الف رض أح دهما ال بعين ه‪ ،‬ويحتسب هللا تع الى بما ش اء منهم ا‪ .‬والطريق‬
‫الثاني‪ :‬فيه أربعة أقوال‪ .‬أحدها‪ :‬الفرض‪ :‬الظهر‪ .‬والث اني‪ :‬الجمع ة‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫كالهما فرض‪ .‬والرابع‪ :‬أحدهما ال بعينه‪ ،‬كالطريق االول‪ .‬هذا كله إذا صلى‬
‫الظهر قبل فوات الجمع ة‪ .‬ف إن ص الها بعد رك وع االم ام في الثاني ة‪ ،‬وقبل‬
‫سالمه‪ ،‬فقال ابن الصباغ‪ :‬ظاهر كالم الشافعي بطالنها‪ ،‬يع ني على الجدي د‪.‬‬
‫ومن أصحابنا من جوزها‪ .‬وإذا امتنع أهل البلدة جميعا من الجمع ة‪ ،‬وص لوا‬
‫الظهر‪ ،‬فالفوات بخروج الوقت أو ضيقه‪ ،‬بحيث ال يسع إال الركعتين‪ .‬الباب‬
‫الث الث في كيفية إقامة الجمعة بعد ش رائطها الجمعة ركعت ان كغيرها في‬
‫االركان‪ ،‬وتمتاز بأمور مندوبة‪ .‬أح دها‪ :‬الغسل ي وم الجمعة س نة‪ ،‬ووقته بعد‬
‫الفجر على المذهب (‪ .)1‬وانف رد في (النهاي ة) بحكاية وج ه‪ :‬أنه يج زئ قبل‬
‫الفجر كغسل العيد‪ ،‬وهو شاذ منكر‪ .‬ويستحب تقريب الغسل من ال رواح إلى‬
‫الجمعة‪ .‬ثم الصحيح‪ :‬إنما يستحب لمن يحضر الجمعة والث اني‪ :‬يس تحب لكل‬
‫أحد كغسل العيد‪ .‬ف إذا قلنا بالص حيح‪ ،‬فهو مس تحب لكل حاض ر‪ ،‬س واء من‬
‫تجب علي ه‪ ،‬وغ يره‪ .‬قلت‪ :‬وفيه وج ه‪ :‬أنه إنما يس تحب لمن تجب عليه‬
‫وحض رها‪ ،‬ووجه لمن تجب عليه وإن لم يحض رها لع ذر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو‬
‫‪.‬أحدث بعد الغسل‪ ،‬لم يبطل الغسل‪ ،‬فيتوضأ‬

‫] ‪[ 547‬‬
‫قلت‪ :‬وكذا لو أجنب بجماع أو غ يره‪ ،‬ال يبط ل‪ ،‬فيغتسل للجناب ة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ق ال الص يدالني‪ ،‬وعامة االص حاب‪ :‬إذا عجز عن الغسل لنف اد الم اء بعد‬
‫الوضوء‪ ،‬أو لقروح (‪ )1‬في بدنه‪ ،‬تيمم وجاز الفضيلة‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪:‬‬
‫هذا الذي قالوه‪ ،‬هو الظ اهر‪ ،‬وفيه احتم ال‪ .‬ورجح الغ زالي ه ذا االحتم ال‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬من االغس ال المس نونة‪ ،‬أغس ال الحج‪ ،‬وغسل العي دين‪ ،‬وي أتي في‬
‫مواض عها إن ش اء هللا تع الى‪ .‬وأما الغسل من غسل الميت‪ ،‬ففيه ق والن‪.‬‬
‫الق ديم‪ :‬أنه واجب‪ ،‬وك ذا الوض وء من مس ه‪ .‬والجدي د‪ :‬اس تحبابه‪ ،‬وهو‬
‫المشهور‪ .‬فعلى هذا‪ ،‬غسل الجمع ة‪ ،‬والغسل من غسل الميت‪ ،‬آكد االغس ال‬
‫المسنونة‪ ،‬وأيهما آكد ؟ قوالن‪ .‬الجديد‪ :‬الغسل من غسل الميت آك د‪ .‬والق ديم‪:‬‬
‫غسل الجمعة وهو الراجح عند صاحب (التهذيب)‪ ،‬والروي اني‪ ،‬واالك ثرين‪.‬‬
‫ورجح ص احب (المه ذب) وآخ رون الجدي د‪ .‬وفي وج ه‪ :‬هما س واء‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الصواب‪ ،‬الجزم بترجيح غسل الجمعة‪ ،‬لكثرة االخبار الصحيحة في ه‪ .‬وفيها‬
‫الحث العظيم علي ه‪ ،‬كقوله (ص)‪( :‬غسل الجمعة واجب) (‪ )2‬وقوله (ص)‪:‬‬
‫(من ج اء منكم إلى الجمعة فليغتس ل) (‪ .)3‬وأما الغسل من غسل الميت‪ ،‬فلم‬
‫يصح فيه شئ أصال (‪ .)4‬ثم من فوائد الخالف‪ ،‬ولو حضر إنسان معه ماء‪،‬‬
‫يدفعه الحوج‬

‫] ‪[ 549‬‬
‫الن اس وهن اك رجالن‪ ،‬أح دهما يري ده لغسل الجمع ة‪ ،‬واآلخر للغسل من‬
‫غسل الميت‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما الك افر إذا أس لم‪ ،‬ف إن ك ان وجب عليه غسل‬
‫بجناب ة‪ ،‬أو حيض‪ ،‬لزمه الغسل وال يجزئه غس له في الكفر على االص ح‪،‬‬
‫كما سبق في موض عه‪ .‬وإال‪ ،‬اس تحب له الغسل لالس الم‪ .‬وق ال ابن المن ذر‪:‬‬
‫يجب‪ .‬ووقت الغس ل‪ ،‬بعد االس الم على الص حيح‪ ،‬وعلى الوجه الض عيف‪:‬‬
‫يغتسل قبل االس الم‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الوجه غلط ص ريح‪ ،‬والعجب ممن حك اه‪،‬‬
‫فكيف بمن قال ه‪ ،‬وقد أش بعت الق ول في إبطال ه‪ ،‬والش ناعة على قائله في‬
‫(شرح المهذب) وكيف ي ؤمر بالبق اء على الكفر ليفعل غسال ال يصح منه ؟‬
‫! وهللا أعلم‪ .‬ومن االغس ال المس نونة‪ ،‬الغسل لالفاقة من الجن ون واالغم اء‪.‬‬
‫وقد تق دم في ب اب الغسل حكاية وجه في وجوبهم ا‪ .‬والص حيح‪ :‬أنهما س نة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬الغسل من الحجامة‪ ،‬والخروج من الحم ام‪ .‬ذكر ص احب (التلخيص)‬
‫عن القديم اس تحبابهما‪ ،‬واالك ثرون لم ي ذكروهما‪ .‬ق ال ص احب (الته ذيب)‪:‬‬
‫قيل‪ :‬الم راد بغسل الحم ام‪ ،‬إذا تن ور‪ .‬ق ال‪ :‬وعن دي أن الم راد به أن ي دخل‬
‫‪.‬الحمام فيعرق‪ ،‬فيستحب أن ال يخرج غير غسل‬
‫] ‪[ 550‬‬
‫قلت‪ :‬وقيل‪ :‬الغسل من الحمام‪ ،‬هو أن يصب عليه م اء عند إرادته الخ روج‬
‫تنظفا‪ ،‬كما اعت اده الخ ارجون من ه‪ .‬والمخت ار‪ :‬الج زم باس تحباب الغسل من‬
‫الحجامة والحمام‪ .‬فقد نقل صاحب (جمع الجوامع) في منصوصات الش افعي‬
‫أنه ق ال‪ :‬أحب الغسل من الحجامة والحم ام‪ ،‬وكل أمر غ ير الجس د‪ ،‬وأش ار‬
‫الش افعي‪ ،‬إلى أن حكمت ه‪ ،‬أن ذلك يغ ير الجسد ويض عفه‪ ،‬والغسل يش ده‬
‫وينعش ه‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬يس تحب الغسل لكل اجتم اع‪ ،‬وفي كل ح ال تغ ير‬
‫رائحة الب دن (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬االمر الث اني‪ :‬اس تحباب البك ور إلى الج امع‪،‬‬
‫والساعة االولى أفضل من الثانية‪ ،‬ثم الثالثة فما بعدها‪ .‬وتعتبر الس اعات من‬
‫طل وع الفجر على االص ح‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬من طل وع الش مس‪ .‬والث الث‪ :‬من‬
‫ال زوال‪ .‬ثم‪ ،‬ليس الم راد على االوجه بالس اعات االربع والعش رين‪ ،‬بل‬
‫ترتيب الدرجات‪ ،‬وفضل السابق على ال ذي يلي ه‪ ،‬لئال يس توي في الفض يلة‬
‫رجالن ج اءا في ط رفي س اعة‪ .‬واالمر الث الث‪ :‬ال تزين‪ ،‬فيس تحب ال تزين‬
‫للجمع ة‪ ،‬بأخذ الش عر‪ ،‬والظف ر‪ ،‬والس واك‪ ،‬وقطع الرائحة الكريه ة‪ ،‬ويلبس‬
‫أحسن الثياب‪ ،‬وأوالها البيض‪ .‬فإن لبس مصبوغا‪ ،‬فما صبغ غزل ه‪ ،‬ثم نسج‬
‫كالبرد‪ ،‬ال ما صبغ منسوجا‪ .‬ويسحب أن يتطيب بأطيب ما عن ده‪ ،‬ويس تحب‬
‫أن يزيد االم ام في حسن الهيئ ة‪ ،‬ويتعمم‪ ،‬ويرت دي‪ .‬ويس تحب لكل من قصد‬
‫الجمع ة‪ ،‬المشي على س كينة ما لم يضق ال وقت‪ ،‬وال يس عى إليه ا‪ ،‬وال إلى‬
‫غيرها من الصلوات‪ ،‬وال يركب في جمعة‪ ،‬وال عيد‪ ،‬وال جنازة‪ ،‬وال عيادة‬
‫مريض‪ ،‬إال لعذر‪ .‬وإذا ركب‪ ،‬سيرها على سكون‪ .‬االمر الرابع‪ :‬يستحب أن‬
‫يقرأ في الركعة االولى من ص الة الجمعة بعد (الفاتح ة)‪ :‬س ورة (الجمع ة)‪.‬‬
‫وفي الثانية‪( :‬المنافقين) (‪ .)2‬وفي قول قديم‪ :‬إنه يقرأ في االولى‪( :‬س بح اسم‬
‫‪.‬ربك االعلى)‪ .‬وفي الثانية‪( :‬هل أتاك حديث الغاشية)‬

‫] ‪[ 551‬‬
‫قلت‪ :‬عجب من االمام ال رافعي رحمه هللا‪ ،‬كيف جعل المس ألة ذات ق ولين‪،‬‬
‫ق ديم وجديد ؟ ! والص واب‪ :‬أنهما س نتان‪ .‬فقد ثبت كل ذلك في (ص حيح‬
‫مسلم) (‪ )1‬من فعل رس ول هللا (ص)‪ ،‬فك ان يق رأ ه اتين في وقت‪ ،‬وه اتين‬
‫ه‪ ،‬أن الربيع رحمه هللا‪ ،‬وهو راوي الكتب‬ ‫في وقت‪ .‬ومما يؤيد ما ذكرت‬
‫الجديدة قال‪ :‬سألت الشافعي رحمه هللا عن ذلك‪ ،‬فذكر أنه يختار (الجمعة) و‬
‫(المن افقين) ولو ق رأ (س بح) و (هل أت اك) ك ان حس نا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فلو نسي‬
‫س ورة (الجمع ة) في االولى‪ ،‬قرأها مع (المن افقين) في الثاني ة‪ ،‬ولو ق رأ‬
‫(المنافقين) في االولى‪ ،‬ق رأ (الجمع ة) في الثاني ة‪ .‬قلت‪ :‬وال يعيد (المن افقين)‬
‫في الثانية‪ .‬وقوله‪ :‬لو نسي (الجمع ة) في االولى‪ ،‬معن اه‪ :‬تركه ا‪ ،‬س واء ك ان‬
‫ناسيا‪ ،‬أو عام دا‪ ،‬أو ج اهال‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ينبغي لل داخل أن يح ترز عن‬
‫تخطي رقاب الناس (‪ )2‬إال إذا كان إماما‪ ،‬أو كان بين يديه فرجة ال يص لها‬
‫بغير تخ ط‪ .‬وال يج وز أن يقيم أح دا ليجلس موض عه‪ ،‬ويج وز أن يبعث من‬
‫يأخذ له موضعا‪ ،‬ف إذا ج اء ينحي المبع وث‪ .‬وإن ف رش لرجل ث وب‪ ،‬فج اء‬
‫آخر‪ ،‬لم يجز أن يجلس عليه‪ ،‬وله أن ينحيه ويجلس مكانه‪ .‬قال في (البيان)‪:‬‬
‫وال يرفع ه‪ ،‬لئال ي دخل في ض مانه‪ .‬ويس تحب لمن حضر قبل الخطبة أن‬
‫يشتغل بذكر هللا عزوجل‪ .‬وقراءة القرآن‪ ،‬والص الة على رس ول هللا (ص)‪،‬‬
‫ويس تحب االكث ار منها ي وم الجمع ة‪ ،‬وليلة الجمع ة‪ .‬ويك ثر ال دعاء يومه ا‪،‬‬
‫رج اء أن يص ادف س اعة االجاب ة‪ .‬قلت‪ :‬اختلف في س اعة االجابة على‬
‫مذاهب كثيرة (‪ .)3‬والصواب منها‪ :‬ما‬

‫] ‪[ 552‬‬
‫ثبت في (ص حيح مس لم) (‪ )1‬أن الن بي (ص) ق ال‪ :‬هي ما بين أن يجلس‬
‫االم ام إلى أن تقضى الص الة (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تحب ق راءة س ورة‬
‫(الكهف) يومها وليلتها‪ .‬وال يصل صالة الجمعة بصالة‪ ،‬بل يفصل ب التحول‬
‫إلى مكان‪ ،‬أو بكالم ونحوه‪ .‬فرع‪ :‬يكره البيع بعد الزوال (‪ ،)3‬وقبل الصالة‪.‬‬
‫ف إذا ظهر االم ام على المن بر‪ ،‬وش رع الم ؤذن في االذان‪ ،‬ح رم ال بيع‪ .‬ولو‬
‫تبايع اثنان أحدهما من أهل فرض الجمعة دون اآلخ ر‪ ،‬أثما جميعا (‪ .)4‬وال‬
‫‪.‬يكره البيع قبل الزوال‪ .‬وإذا حرم فباع‪ ،‬صح بيعه‬

‫] ‪[ 553‬‬
‫قلت‪ :‬غير البيع من الصنائع والعقود وغيرها في مع نى ال بيع (‪ .)1‬ولو أذن‬
‫قبل جلوس االمام على المنبر‪ ،‬لم يحرم ال بيع‪ .‬وحيث حرمنا ال بيع‪ ،‬فهو في‬
‫حق من جلس له في غير المسجد‪ .‬أما إذا سمع الن داء‪ ،‬فق ام يقصد الجمع ة‪،‬‬
‫فبايع في طريقه وهو يمشي‪ ،‬أو قعد في الجامع وباع‪ ،‬فال يح رم‪ .‬ص رح به‬
‫ص احب (التتم ة) وهو ظ اهر‪ ،‬الن المقص ود أن ال يت أخر عن الس عي إلى‬
‫الجمعة‪ ،‬لكن ال بيع في المس جد مك روه ي وم الجمعة وغ يره‪ ،‬على االظه ر‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ال ب أس على العج ائز حض ور الجمعة (‪ )2‬إذا أذن‬
‫أزواجهن‪ ،‬ويحترزن عن الطيب والتزين‪ .‬قلت‪ :‬يكره أن يشبك بين أصابعه‪،‬‬
‫أو يعبث حال ذهابه إلى الجمعة وانتظاره لها‪ ،‬وكذلك سائر الص لوات‪ .‬ق ال‬
‫الشافعي في (االم) واالصحاب‪ :‬إذا قعد إنسان في الجامع في موضع االمام‪،‬‬
‫أو في طريق الن اس‪ ،‬أمر بالقي ام‪ .‬وك ذا لو قعد ووجهه إلى الن اس والمك ان‬
‫ض يق‪ ،‬أمر ب التحول (‪ ،)3‬وإال فال‪ .‬ق ال في (البي ان)‪ :‬وإذا ق رأ االم ام في‬
‫الخطبة (إن هللا ومالئكته يص لون على الن بي‪ .)4( )...‬ج از للمس تمع أن‬
‫‪.‬يصلي على النبي صلى هللا عليه وسلم ويرفع بها صوته (‪ .)5‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 555‬‬
‫كت اب ص الة الخ وف (‪ )1‬اعلم أن ليس الم راد به ذه الترجمة أن الخ وف‬
‫يقتضي ص الة مس تقلة‪ ،‬كقولن ا‪ :‬ص الة العي د‪ ،‬وال أنه ي ؤثر في تغ ير ق در‬
‫الصالة‪ ،‬و (‪ )2‬وقتها‪ ،‬كقولنا‪ :‬صالة السفر‪ .‬وإنما الم راد أنه ي ؤثر في كيفية‬
‫إقامة الفرائض‪ [ ،‬بل في إقامتها بالجماعة ] (‪ ،)3‬واحتمال أمور فيها كانت‬
‫ال تحتم ل‪ .‬ثم هو في االك ثر ال ي ؤثر في إقامة مطلق الف رائض‪ ،‬بل في‬
‫إقامتها بالجماعة كما نفصله إن شاء هللا تعالى‪ .‬وقال المزني‪ :‬صالة الخ وف‬
‫منسوخة (‪ ،)4‬ومذهبنا‪ :‬أنها باقية (‪ .)5‬وهي أربعة أنواع (‪ .)6‬االول‪ :‬صالة‬
‫‪.‬بطن نخل (‪)7‬‬

‫] ‪[ 556‬‬
‫وهي‪ :‬أن يجعل االم ام الن اس فرق تين‪ .‬فرقة في وجه الع دو‪ ،‬وفرقة يص لي‬
‫بها (‪ )1‬جميع الص الة‪ ،‬س واء كنت (‪ )2‬ركع تين‪ ،‬أو ثالث ا‪ ،‬أو أربع ا‪ ،‬ف إذا‬
‫س لم بهم‪ ،‬ذهب وا إلى وجه الع دو‪ ،‬وج اءت الفرقة االخ رى فص لى بهم تلك‬
‫الصالة مرة ثانية‪ ،‬تكون له نافلة ولهم فريضة‪ .‬وإنما يندب إلى هذه الص الة‬
‫بثالثة شروط‪ :‬أن يكون العدو في غير القبلة‪ ،‬وأن يكون في المسلمين ك ثرة‬
‫والعدو قليل‪ ،‬وأن يخاف هجومهم على المسلمين في الص الة‪ .‬وه ذه االم ور‬
‫ليست شرطا للصحة‪ ،‬فإن الصالة على هذا الوجه تجوز بغ ير خ وف‪ .‬وإنما‬
‫المراد أن الصالة هكذا إنما يندب إليها وتختار بهذه الشروط‪ .‬الن وع الث اني‪:‬‬
‫صالة عسفان (‪ .)3‬وهي‪ :‬أن يرتبهم االمام صفين ويحرم ب الجميع‪ ،‬فيص لوا‬
‫معه إلى أن ينتهي إلى االعت دال عن رك وع االولى‪ ،‬ف إذا س جد‪ ،‬س جد معه‬
‫الصف الثاني‪ ،‬ولم يسجد الصف االول‪ ،‬بل يحرسونهم (‪ )4‬قيام ا‪ ،‬ف إذا ق ام‬
‫االم ام والس اجدون‪ ،‬س جد أهل الصف االول ولحق وه‪ ،‬وق رأ الجميع معه‬
‫وركع وا واعت دلوا‪ ،‬ف إذا س جد‪ ،‬س جد معه الصف الحارس ون في الركعة‬
‫االولى‪ ،‬وح رس اآلخ رون‪ ،‬ف إذا جلس للتش هد‪ ،‬س جدوا‪ ،‬ولحق وه وتش هدوا‬
‫كلهم معه وسلم بهم‪ .‬هذه الكيفية ذكرها الشافعي رحمه هللا في (المختص ر)‪.‬‬
‫واختلف االص حاب‪ ،‬فأخذ كث يرون به ا‪ ،‬منهم أص حاب القف ال‪ ،‬وت ابعهم‬
‫الغ زالي‪ ،‬وق الوا‪ :‬هي منقولة عن فعل الن بي (ص) ومن معه بعس فان (‪،)5‬‬
‫وقال الشيخ أبو حامد ومن تابعه‪ :‬ما ذكره الشافعي خالف الثابت في الس نة‪،‬‬
‫فإن الثابت أن الصف االول سجدوا معه في الركعة االولى‪ ،‬والصف الث اني‬
‫سجدوا معه الثانية‪ ،‬والشافعي عكس ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬والمذهب ما ثبت في‬

‫] ‪[ 557‬‬
‫الخبر‪ ،‬الن الشافعي رحمه هللا قال‪ :‬إذا رأيتم قولي مخالفا للسنة فاطرحوه (‬
‫‪ .)1‬واعلم أن الشافعي لم يقل‪ :‬إن الكيفية التي ذكرها هي صالة النبي (ص)‬
‫بعسفان‪ ،‬بل قال‪ :‬وهذا نحو صالة الن بي (ص) بعس فان‪ ،‬فأش به تج ويزه كل‬
‫واحد منهما‪ .‬وقد ص رح به الروي اني وص احب (الته ذيب) وغيرهم ا‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الصحيح المخت ار‪ :‬ج واز االم رين‪ ،‬وهو م راد الش افعي‪ ،‬فإنه ذكر الح ديث‬
‫كما ثبت في الصحيح‪ ،‬ثم ذكر الكيفية المذكورة‪ ،‬فأش ار إلى جوازهم ا‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬ثم الم ذهب الص حيح المنص وص المش هور‪ :‬أن الحراسة في الس جود‬
‫خاصة (‪ ،)2‬وأن الجميع يركع ون مع ه‪ ،‬وفيه وج ه‪ :‬أنهم يحرس ون في‬
‫الركوع أيضا‪ ،‬وهو شاذ منكر‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬لهذه الصالة ثالثة ش روط‪ .‬أن‬
‫يكون العدو في جهة القبلة‪ ،‬وأن يكون على جبل‪ ،‬أو مستو (‪ )3‬من االرض‬
‫ال يس ترهم شئ عن أبص ار المس لمين‪ ،‬وأن يك ون في المس جد (‪ )4‬ك ثرة‪،‬‬
‫لتسجد طائفة وتحرس أخرى‪ ،‬وال يمتنع أن يزيد على صفين‪ ،‬بل يج وز أن‬
‫يرتبهم صفوفا كثيرة‪ ،‬ثم يح رس ص فإن كما س بق‪ ،‬وال يش ترط أن يح رس‬
‫جميع من في الص ف‪ ،‬بل لو حرست فرقت ان من صف واحد على المناوبة‬
‫في الركعتين‪ ،‬جاز‪ .‬فلو تولى الحراسة في الركعتين طائفة واحدة‪ ،‬ففي‬

‫] ‪[ 558‬‬
‫صالة هذه الطائفة وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬الص حة‪ ،‬وبه قطع جماع ة‪ .‬ف رع‪ :‬لو‬
‫تأخر الحارسون أوال إلى الصف الثاني في الركعة الثانية‪ ،‬وتق دمت الطائفة‬
‫الثانية ليحرس وا‪ ،‬ج از إذا لم تك ثر أفع الهم‪ ،‬وذلك ب أن يتق دم كل واحد من‬
‫الصف الثاني خطوتين‪ ،‬ويت أخر كل واحد من الصف االول خط وتين وينفذ‬
‫كل واحد بين رجلين‪ .‬وهل ه ذا التق دم أفض ل‪ ،‬أم مالزمة كل واحد مكانه ؟‬
‫وجهان‪ .‬قال الصيدالني‪ ،‬والمس عودي‪ ،‬والغ زالي‪ ،‬وآخ رون‪ :‬التق دم أفض ل‪.‬‬
‫وقال العراقي ون‪ :‬المالزمة أفض ل‪ .‬ولفظ الش افعي على ه ذا أدل‪ ،‬وه ذا كله‬
‫بن اء على ما ذك ره الش افعي‪ :‬أن الصف االول يح رس في االول‪ .‬فأما على‬
‫اختي ار أبي حام د‪ :‬أن الصف االول يس جدون في االولى (‪ ،)1‬ف إن في‬
‫الركعة الثانية يتق دم الصف الث اني‪ ،‬ويت أخر االول فتك ون الحراسة في‬
‫الركع تين ممن خلف الصف االول‪ ،‬وك ذلك ورد الخ بر‪ .‬قلت‪ :‬ثبت في‬
‫(ص حيح مس لم) (‪ )2‬تق دم الصف الث اني‪ ،‬وت أخر االول‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الن وع‬
‫الثالث‪ :‬صالة ذات الرقاع (‪ .)3‬وهي‪ :‬ت ارة تك ون في ص الة ذات ركع تين‪،‬‬
‫إما الص بح‪ ،‬وإما مقص ورة‪ ،‬وت ارة في ذات ثالث‪ ،‬أو أرب ع‪ .‬فأما ذات‬
‫ركعتين (‪ ،)4‬فيفرق االم ام الن اس فرق تين‪ ،‬فرقة في وجه الع دو‪ ،‬وينح از‬
‫بفرقة إلى حيث ال يبلغهم سهام العدو‪ ،‬فيفتح بهم الصالة ويصلي بهم ركعة‪.‬‬
‫هذا القدر اتفقت عليه الرواي ات‪ .‬وفيما يفعل بعد ذلك روايت ان‪ .‬إح داهما‪ :‬أنه‬
‫إذا ق ام االم ام إلى الثاني ة‪ ،‬خ رج المقت دون عن متابعت ه‪ ،‬وأتم وا النفس هم‬
‫الركعة الثانية‪ ،‬وتشهدوا وسلموا وذهبوا إلى وجه العدو‪ ،‬وجاء (‪ )5‬أولئك‬

‫] ‪[ 559‬‬
‫فاقتدوا به في الثانية‪ .‬ويطيل االم ام القي ام إلى لح وقهم‪ ،‬ف إذا لحق وه‪ ،‬ص لى‬
‫بهم الثانية‪ ،‬فإذا جلس للتشهد قاموا وأتموا الثانية وهو ينتظرهم‪ ،‬فإذا لحقوه‪،‬‬
‫سلم بهم‪ .‬هذه رواية سهل بن أبي حيثمة (‪ )1‬عن ص الة رس ول هللا (ص) (‬
‫‪ .)2‬وأما الثانية‪ :‬فهي أن االم ام إذا ق ام إلى الثاني ة‪ ،‬ال (‪ )3‬يتم المقت دون به‬
‫الصالة‪ ،‬بل يذهبون إلى مكان إخوانهم وجاه العدو وهم في الص الة فيقف ون‬
‫سكوتا‪ ،‬وتجئ تلك الطائفة فتصلي مع االمام ركعته الثانية‪ .‬فإذا س لم‪ ،‬ذهبت‬
‫إلى وجه العدو‪ ،‬وجاء االولون إلى مكان الصالة‪ ،‬وأتموا [ النفسهم‪ ،‬وذهبوا‬
‫إلى وجه العدو وج اءت الطائفة االخ رى إلى مك ان الص الة وأتم وا ] (‪.)4‬‬
‫وهذه رواية ابن عمر (‪ .)5‬ثم إن الشافعي رحمه هللا‪ ،‬اخت ار الرواية االولى‬
‫لس المتها من ك ثرة المخالف ة‪ ،‬والنها أح وط المر الح رب‪ .‬وللش افعي ق ول‬
‫قديم‪ :‬أنه إذا صلى االمام بالطائفة الثانية الركعة الثانية‪ ،‬تشهد بهم وس لم‪ ،‬ثم‬
‫هم يقومون إلى تمام صالتهم‪ ،‬كالمسبوق‪ ،‬وقول آخ ر‪ :‬أنهم يقوم ون إذا بلغ‬
‫االم ام موضع الس الم ولم يس لم بع د‪ .‬وهل تصح الص الة على ص فة رواية‬
‫ابن عمر ؟ قوالن‪ .‬المشهور‪ :‬الصحة‪ ،‬لصحة الحديث وعدم المع ارض‪ ،‬وال‬
‫يصح قول اآلخر‪ :‬إنه منسوخ‪ ،‬ف إن النسخ يحت اج إلى دلي ل‪ .‬وإقامة الص الة‬
‫على الوجه المذكور ليست عزيمة ال بد منها‪ ،‬بل لو صلى بطائف ة‪ ،‬وص لى‬
‫غيره بالباقين‪ ،‬أو صلى بعض هم‪ ،‬أو كلهم منف ردين‪ ،‬ج از قطع ا‪ ،‬لكن ك ان‬
‫أص حاب رس ول هللا (ص) ال يس محون ب ترك فض يلة الجماع ة‪ ،‬ف أمر هللا‬
‫سبحانه وتعالى بترتبهم هكذا‪ ،‬لتحصل طائفة فضيلة التكبير معه‪ ،‬واالخ رى‬
‫فضيلة التسليم معه‪ .‬وهذا النوع موضعه إذا كان العدو في غير جهة القبل ة‪،‬‬
‫‪.‬أو فيها وبينهم وبين المسلمين حائل يمنع رؤيتهم لو هجموا‬

‫] ‪[ 560‬‬
‫ف رع‪ :‬الطائفة االولى ين وون مفارقة االم ام إذا ق اموا معه إلى الثاني ة‪،‬‬
‫وانتص بوا قيام ا‪ .‬ولو ف ارقوه بعد رفع ال رأس من الس جود‪ ،‬ج از‪ ،‬واالول‬
‫أولى‪ .‬وأما الطائفة الثاني ة‪ ،‬ف إذا ق اموا إلى ركعتهم الثاني ة‪ ،‬ال ينف ردون عن‬
‫االمام‪ ،‬كذا قاله الجمه ور‪ .‬وفيه شئ ي أتي إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ف رع‪ :‬إذا ق ام‬
‫االمام إلى الثانية‪ ،‬هل يقرأ في انتظاره مجئ الطائفة الثانية‪ ،‬أم ي ؤخر ليق رأ‬
‫معهم ؟ فيه ثالث ط رق‪ .‬أص حها‪ :‬على ق ولين‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬يق رأ الفاتحة‬
‫والس ورة بع دها‪ ،‬ف إذا ج اؤوا ق رأ من الس ورة (‪ )1‬ق در الفاتحة وس ورة‬
‫قصيرة‪ ،‬ثم رك ع‪ .‬والث اني‪ :‬ال يق رأ ش يئا‪ ،‬بل يش تغل بما ش اء من التس بيح‪،‬‬
‫وسائر االذكار‪ .‬والطريق الثاني‪ :‬يقرأ‪ ،‬قوال واح دا‪ .‬والث الث‪ :‬إن أراد ق راءة‬
‫سورة طويلة بعد الفاتحة‪ ،‬ق رأ وم دها‪ ،‬وإن أراد قص يرة‪ ،‬انتظ رهم‪ .‬ولو لم‬
‫ينتظ رهم وأدرك وه في الرك وع‪ ،‬أدرك وا الركع ة‪ .‬وهل يتش هد في انتظ اره‬
‫فراغ الثانية من ركعتهم إذا قلنا‪ :‬يفارقونه‪ ،‬قبل التشهد ؟ فيه طرق‪ .‬المذهب‪:‬‬
‫أنه يتشهد‪ ،‬وقيل‪ :‬فيه الطريقان االوالن في القراءة (‪ .)2‬قلت‪ :‬قال أص حابنا‪:‬‬
‫إذا قلنا‪ :‬ال يتش هد‪ ،‬اش تغل في م دة االنتظ ار بالتس بيح وغ يره من االذك ار‪،‬‬
‫ويس تحب لالم ام أن يخفف االولى‪ ،‬ويس تحب للط ائفتين التخفيف فيما‬
‫ينفردون به‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬لو صلى االمام بهم هذه الص الة في االمن هل‬
‫تصح ؟ أما صالة‬

‫] ‪[ 561‬‬
‫االمام‪ ،‬ففيها طريقان‪ .‬أحدهما‪ :‬صحيحة قطعا‪ ،‬وقال االك ثرون‪ :‬في ص حتها‬
‫قوالن‪ ،‬النه ينتظ رهم بغ ير ع ذر‪ .‬وأما الطائفة االولى ففي ص حة ص التها‬
‫القوالن فيمن فارق بغير عذر‪ .‬وأما الطائفة الثاني ة‪ :‬ف إن قلن ا‪ :‬ص الة االم ام‬
‫تبط ل‪ ،‬بطل اقت داؤهم‪ ،‬وإال‪ ،‬انعق د‪ ،‬ثم تب نى ص التهم إذا ق اموا إلى الثانية‬
‫على خالف يأتي أنهم منفردون به ا‪ ،‬أم في حكم االقت داء ؟ إن قلنا ب االول‪،‬‬
‫ففيها ق والن مبني ان على أص لين‪ .‬أح دهما‪ :‬االنف راد بغ ير ع ذر‪ ،‬والث اني‪:‬‬
‫االقتداء بعد االنفراد‪ .‬وإن قلنا‪ :‬بالثاني‪ ،‬بطلت صالتهم‪ ،‬النهم انفردوا بركعة‬
‫وهم في القدوة‪ .‬ولو فرضت الصالة في االمن على رواية ابن عم ر‪ ،‬بطلت‬
‫صالة المأموين قطعا‪ .‬فرع‪ :‬إذا صلى المغرب في الخ وف‪ ،‬ج از أن يص لي‬
‫بالطائفة االولى ركع ة‪ ،‬وبالثانية ركع تين‪ ،‬وعكس ه‪ .‬وأيهما أفضل ؟ فيه‬
‫ق والن‪ ،‬أظهرهم ا‪ :‬ب االولى ركع تين (‪ ،)1‬ومنهم من قطع ب ه‪ .‬ف إن قلن ا‪:‬‬
‫باالولى ركعة‪ ،‬فارقته إذا ق ام إلى الثاني ة‪ ،‬وتتم لنفس ها‪ ،‬كما ذك راه في ذات‬
‫الركع تين‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬ب االولى ركع تين‪ ،‬ج از أن ينتظر الثانية في التش هد‬
‫االول‪ ،‬وجاز أن ينتظرهم في القيام الثالث‪ .‬وأيهما أفضل ؟ قوالن‪ .‬أظهرهما‬
‫(‪ :)2‬االنتظار في القيام‪ .‬وعلى هذا هل يق رأ الفاتح ة‪ ،‬أم يص بر إلى لح وق‬
‫الطائفة الثانية ؟ فيه الخالف المتقدم‪ .‬فرع‪ :‬إذا كانت صالة الخوف رباعي ة‪،‬‬
‫ب أن ك انت في الحض ر‪ ،‬أو أرادوا االتم ام في الس فر‪ ،‬فينبغي لالم ام أن‬
‫يف رقهم فرق تين‪ ،‬ويص لي بكل طائفة ركع تين‪ ،‬ثم هل االفضل أن ينتظر‬
‫الثانية في التش هد االول‪ ،‬أم في القي ام الث الث ؟ فيه الخالف المتق دم في‬
‫المغرب‪ .‬ويتشهد بكل طائفة بال خالف‪ .‬فلو ف رقهم أربع ف رق‪ ،‬وص لى بكل‬
‫فرقة ركع ة‪ ،‬ب أن ص لى ب االولى ركع ة‪ ،‬ثم فارقته (‪ ،)3‬وص لت ثالثا‬
‫وس لمت‪ ،‬وانتظر قائما فراغها وذهابها ومجئ الثاني ة‪ ،‬ثم ص لى بالثانية‬
‫الثاني ة‪ ،‬وانتظر جالسا في التش هد االول‪ ،‬أو قائما في الثالث ة‪ ،‬وأتم وا‬
‫‪،‬النفسهم‪ ،‬ثم صلى بالثالثة الثالثة‬

‫] ‪[ 562‬‬
‫وانتظ روا في قي ام الرابع ة‪ ،‬وأتم وا النفس هم‪ ،‬ثم ص لى بالرابعة الرابع ة‪،‬‬
‫وانتظ رهم في التش هد‪ ،‬ف أتموا وس لم بهم‪ ،‬ففي ج وازه ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪:‬‬
‫الجواز‪ ،‬فعلى هذا قال إم ام الح رمين‪ :‬ش رطه الحاج ة‪ ،‬ف إن لم تكن حاج ة‪،‬‬
‫فهو كفعلهم في ح ال االختي ار‪ .‬وعلى ه ذا الق ول تك ون الطائفة الرابع ة‪،‬‬
‫كالثانية في ذات الركعتين‪ ،‬فيعود الخالف في أنهم يفارقونه قبل التش هد‪ ،‬أو‬
‫يتشهدون معه‪ ،‬أو يقوم ون بعد س الم االم ام إلى ما عليهم‪ ،‬وتتش هد الطائفة‬
‫الثانية معه على االصح‪ .‬وعلى الثاني تفارقه قبل التش هد‪ ،‬وعلى ه ذا الق ول‬
‫تصح ص الة االم ام والطائفة الرابع ة‪ ،‬وفي الطوائف الثالث الق والن فيمن‬
‫فارق االمام بغير عذر‪ .‬وأما إذا قلنا‪ :‬ال يج وز ذل ك‪ ،‬فص الة االم ام باطل ة‪.‬‬
‫ق ال جمه ور االص حاب‪ :‬تبطل باالنتظ ار الواقع في الركعة الثالث ة‪ ،‬وهو‬
‫ظاهر نص الشافعي رحمه هللا‪ ،‬وقال ابن س ريج‪ :‬ب الواقع في الرابع ة‪ .‬فعلى‬
‫قول الجمهور‪ :‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬تبطل بمعنى الطائفة الثانية‪ .‬والثاني‪ :‬بمع نى‬
‫قدر ركعة من انتظاره الثاني‪ .‬وأما صالة المأمومين‪ ،‬فص الة الطائفة االولى‬
‫والثانية صحيحة‪ ،‬النهم فارقوه قبل بطالن ص الته‪ ،‬وص الة الرابعة باطل ة‪،‬‬
‫إن علمت بطالن ص الة االم ام‪ ،‬وإال فال‪ .‬والثالثة كالرابعة على ق ول‬
‫الجمهور‪ ،‬وكاالولين على قول ابن سريج‪ .‬قلت‪ :‬جزم االمام الرافعي بصحة‬
‫ص الة الطائفة االولى والثانية على ه ذا الق ول‪ ،‬وليس هو ك ذلك‪ ،‬بل فيهما‬
‫الق والن فيمن ف ارق بغ ير ع ذر‪ ،‬كما قلنا في الطوائف الثالث على ق ول‬
‫صحة صالة االمام‪ .‬وهذا ال بد منه‪ ،‬وصرح به جماعة من أصحابنا‪ .‬وحكى‬
‫القاضي أبو الطيب وص احب (الش امل) وآخ رون وجها ض عيفا أن المبطل‬
‫للطائفة الرابعة أن تعلم أنه انتظ ار رابع وإن جهلت كونه مبطال‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولو فرقهم في المغرب ثالث فرق‪ ،‬وصلى بكل فرقة ركعة‪ ،‬وقلنا‪ :‬ال يجوز‬
‫ذلك‪ ،‬فصالة جميع الطوائف ص حيحة عند ابن س ريج‪ .‬وأما عند الجمه ور‪،‬‬
‫فتبطل الثالثة إن علموا بطالن صالة االمام‪ .‬وإذا اختص رت الرباعي ة‪ ،‬قلت‬
‫(‪ :)1‬ففيها أربعة أقوال‪ .‬أظهرها‪ :‬صحة صالة االمام والقوم جميعا‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫ص حة ص الة االم ام‪ ،‬والطائفة الرابعة فق ط‪ .‬والث الث‪ :‬بطالن ص الة االم ام‬
‫وصحة صالة الطائفة االولى‬

‫] ‪[ 563‬‬
‫والثاني ة‪ .‬والف رق في حق الثالثة والرابعة بين أن يعلم وا بطالن ص الة‬
‫االمام‪ ،‬أم ال‪ .‬والرابع‪ :‬صحة الثالثة ال محالة‪ ،‬والب اقي‪ ،‬ك القول الث الث وهو‬
‫قول ابن سريج‪ .‬قلت‪ :‬وقول خامس‪ :‬وهو بطالن ص الة الجمي ع‪ .‬ولو ف رقهم‬
‫فرقتين فصلى بفرقة ركعة‪ ،‬بالثانية ثالثا‪ ،‬أو عكسه‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬ص حت‬
‫صالة االمام وجميعهم بال خالف‪ ،‬وكانت مكروهة‪ ،‬ويسجد االم ام والطائفة‬
‫الثانية سجود السهو‪ ،‬للمخالفة باالنتظار في غ ير موض عه‪ .‬هك ذا ص رح به‬
‫أصحابنا‪ .‬ونقله ص احب (الش امل) عن نص الش افعي رحمه هللا ق ال‪ :‬وه ذا‬
‫يدل على أنه إذا ف رقهم أربع ف رق‪ .‬وقلن ا‪ :‬ال تبطل ص التهم‪ ،‬فعليهم س جود‬
‫الس هو‪ .‬وق ال ص احب (التتم ة)‪ :‬ال خالف في ه ذه الص ورة أن الص الة‬
‫مكروهة‪ ،‬الن الش رع ورد بالتس وية بين الط ائفتين ق ال‪ :‬وهل تصح ص الة‬
‫االم ام‪ ،‬أم ال ؟ إن قلن ا‪ :‬إذا ف رقهم أربع ف رق تص ح‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال‪ ،‬فقد‬
‫انتظر في غ ير موض عه‪ ،‬فيك ون كمن قنت في غ ير موض عه‪ .‬ق ال‪ :‬وأما‬
‫المأمومون‪ ،‬فعلى التفصيل فيما إذا فرقهم أربع فرق‪ ،‬وه ذا ال ذي قاله ش اذ‪،‬‬
‫والصواب ق دمناه عن نص الش افعي واالص حاب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬لو ك ان‬
‫الخ وف في بلد وحض رت ص الة الجمع ة‪ ،‬فالم ذهب والمنص وص‪ :‬أن لهم‬
‫يص لوها على هيئة ص الة ذات الرق اع‪ ،‬وقي ل‪ :‬في جوازها ق والن‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫وجهان‪ .‬ثم للجواز شرطان‪ .‬أحدهما‪ :‬أن يخطب بجميعهم‪ ،‬ثم يفرقهم فرقتين‪،‬‬
‫أو يخطب بفرق ة‪ ،‬ويجعل منها مع كل واحد من الفرق تين أربعين فص اعدا‪.‬‬
‫فأما لو خطب بفرقة وص لى ب أخرى‪ ،‬فال يج وز‪ .‬والث اني أن تك ون الفرقة‬
‫االولى أربعين فص اعدا‪ ،‬فلو نقصت عن االربعين‪ ،‬لم تنعقد الجمع ة‪ .‬ولو‬
‫نقصت الفرقة الثانية عن أربعين‪ ،‬فطريقان‪ .‬أح دهما‪ :‬ال يض ر‪ .‬والث اني‪ :‬أنه‬
‫كالخالف في االنفضاض‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ :‬ال يض ر‪ ،‬وبه قطع البن دنيحي (‪.)1‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬أما لو خطب بهم‪ ،‬ثم أراد أن يص لي بهم ص الة عس فان‪ ،‬فهي‬
‫أولى بالجواز من ص الة ذات الرق اع‪ .‬وال تج وز كص الة بطن نخ ل‪ ،‬إذ ال‬
‫‪.‬تقام جمعة بعد جمعة‬

‫] ‪[ 564‬‬
‫ف رع‪ :‬ص الة ذات الرق اع أفضل من ص الة بطن نخل على االص ح‪ ،‬النها‬
‫أعدل بين الطائفتين‪ ،‬والنها ص حيحة باالتف اق‪ .‬وتلك ص الة مف ترض خلف‬
‫متنفل‪ ،‬وفي صحته خالف للعلماء (‪ .)1‬والثاني ‪ -‬وهو ق ول أبي إس حاق ‪:-‬‬
‫بطن النخل أفض ل‪ ،‬لتحصل لكل طائفة فض يلة الجماعة بالتم ام‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫سها بعض المأمومين في صالة ذات الرق اع على الرواية المخت ارة‪ ،‬نظ ر‪،‬‬
‫إن سهت الطائفة االولى في الركعة االولى‪ ،‬فسهوها محمول‪ ،‬النها مقتدي ة‪،‬‬
‫وسهوها في الثانية غير محمول‪ ،‬النقطاعها عن االمام‪ .‬وفي ابتداء االنقطاع‬
‫وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬من االنتص اب قائم ا‪ .‬والث اني‪ :‬من رفع االم ام رأسه من‬
‫السجود الثاني‪ ،‬فعلى ه ذا لو رفع رأسه وهم بعد في الس جود فس هوا‪ ،‬فغ ير‬
‫محمول‪ .‬ولك أن تقول‪ :‬قد نصوا على أنهم ينوون المفارقة عند رفع الرأس‪،‬‬
‫أو االنتصاب‪ ،‬فال مع نى للخالف في ابت داء االنقط اع‪ ،‬بل ينبغي أن تقتصر‬
‫على وقت نية المفارقة‪ .‬وأما الطائفة الثانية‪ ،‬فسهوها في الركعة االولى غير‬
‫محمول‪ ،‬وفي الثانية محمول على االص ح‪ ،‬ويج ري الوجه ان في المزح وم‬
‫في الجمعة إذا سها في وقت تخلفه‪ ،‬وأجروهما فيمن صلى منفردا‪ ،‬فس ها ثم‬
‫اقتدى وتممها مأموما وجوزن اه‪ ،‬واس تبعد االم ام ه ذا‪ ،‬وق ال‪ :‬الوج ه‪ :‬القطع‬
‫بأن حكم السهو ال يرتفع بالقدوة الالحقة‪ .‬هذا إذا قلنا‪ :‬الطائفة الثانية يقومون‬
‫للركعة الثانية إذا جلس االمام للتشهد‪ ،‬فأما إذا قلنا بالق ديم‪ :‬إنهم يقوم ون بعد‬
‫س المه‪ ،‬فس هوهم في الثانية غ ير محم ول قطع ا‪ ،‬كالمس بوق‪ .‬أما إذا س ها‬
‫االمام‪ ،‬فينظر‪ ،‬إن س ها في الركعة االولى‪ ،‬لحق س هوه الط ائفتين‪ ،‬ف االولى‬
‫تس جد إذا تمت ص التهم‪ ،‬فلو س ها بعض هم في ركعته الثاني ة‪ ،‬فهل يقتصر‬
‫على س جدتين‪ ،‬أم يس جد أربعا ؟ فيه الخالف المتق دم في باب ه‪ ،‬واالصح‬
‫سجدتان‪ .‬والطائفة الثانية يسجدون مع االم ام في آخر ص الته‪ .‬وإن س ها في‬
‫الركعة‬

‫] ‪[ 565‬‬
‫الثانية‪ ،‬لم يلحق سهوه الطائفة االولى‪ ،‬وتس جد الثانية معه في آخر ص الته‪.‬‬
‫ولو س ها في انتظ اره إي اهم‪ ،‬فهل يلحقهم ذلك الس هو ؟ فيه الخالف المتق دم‬
‫في أنه هل يحمل س هوهم والحالة ه ذه ؟ ف رع‪ :‬هل يجب حمل الس الح في‬
‫صالة ذات الرقاع‪ ،‬وعسفان‪ ،‬وبطن نخل ؟ فيه طرق‪ .‬أصحها‪ :‬على ق ولين‪.‬‬
‫أظهرهم ا‪ :‬يس تحب (‪ .)1‬والث اني‪ :‬القطع باالس تحباب‪ .‬والث الث‪ :‬بااليج اب‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬أن ما يدفع به عن نفسه‪ ،‬كالسيف والسكين يجب‪ ،‬وما ي دفع به عن‬
‫نفسه وغ يره‪ ،‬ك الرمح والق وس (‪ ،)2‬ال يجب‪ .‬وللخالف ش روط‪ .‬أح دها‬
‫طه ارة المحم ول‪ ،‬ف النجس كالس يف ال ذي عليه دم‪ ،‬أو س قي س ما نجس ا‪،‬‬
‫والنبل المريش ب ريش ما ال يؤكل لحم ه‪ ،‬أو ب ريش ميت ة‪ ،‬ال يج وز حمل ه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ال يك ون مانعا بعض أرك ان الص الة‪ ،‬ف إن ك ان كالبيضة المانعة‬
‫من مباشرة الجبه ة‪ ،‬لم يحمل بال خالف (‪ .)3‬الث الث‪ :‬أن ال يت أذى به أح د‪،‬‬
‫ك الرمح في وسط الق وم فيك ره‪ .‬الراب ع‪ :‬أن يخ اف من وضع الس الح خطر‬
‫على سبيل االحتمال (‪ ،)4‬فأما إذا تع رض للهالك ظ اهرا لو ترك ه‪ ،‬فيجب‬
‫االخذ قطعا (‪ .)5‬واعلم أن االص حاب ترجم وا المس ألة بحمل الس الح (‪.)6‬‬
‫قال إمام الحرمين‪ :‬وليس الحمل متعينا‪ ،‬بل لو وضع‬

‫] ‪[ 566‬‬
‫السيف عن يديه‪ ،‬وكان مد اليد إليه في الس هولة‪ ،‬كم دها إليه وهو محم ول‪،‬‬
‫كان ذلك في حكم الحمل قطعا (‪ .)1‬ق ال ابن كج‪ :‬يقع الس الح على الس يف‪،‬‬
‫والسكين‪ ،‬والقوس‪ ،‬والرمح‪ ،‬والنشاب ونحوه ا‪ .‬فأما ال ترس وال درع‪ ،‬فليس‬
‫بس الح‪ .‬وإذا أوجبنا حمل الس الح فترك ه‪ ،‬لم تبطل ص الته قطعا (‪ .)2‬قلت‪:‬‬
‫ويجوز ترك السالح للعذر بمرض‪ ،‬أو أذى من مطر أو غيره (‪ .)3‬قال في‬
‫(المختصر)‪ :‬أكره أن يصلي صالة الخ وف‪ ،‬يع ني ص الة ذات الرق اع بأقل‬
‫من ثالثة‪ ،‬وفي وج ه‪ :‬الع دو ثالث ة‪ ،‬والثالثة أقل الطائف ة‪ .‬ولو ص لى بواحد‬
‫واحد‪ ،‬جاز‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬النوع الرابع‪ :‬ص الة ش دة الخ وف‪ .‬ف إذا التحم القت ال‬
‫ولم يتمكنوا من تركه بحال‪ ،‬لقلتهم‪ ،‬وك ثرة الع دو‪ ،‬أو اش تد الخ وف وإن لم‬
‫يلتحم القتال‪ ،‬فلم يأمنوا أن يركبوا أكتافهم‪ ،‬لو (‪ )4‬ول وا عنهم‪ ،‬أو انقس موا‪،‬‬
‫ص لوا بحسب االمك ان‪ ،‬وليس لهم الت أخير عن ال وقت‪ .‬ويص لون ركبانا‬
‫ومشاة‪ ،‬ولهم ت رك اس تقبال القبلة إذا لم يق دروا عليه ا‪ ،‬ويج وز اقت داء (‪)5‬‬
‫بعضهم ببعض مع اختالف الجهة‪ ،‬كالمصلين حول الكعبة وفيه ا‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬وصالة الجماعة في هذه الحالة أفضل من االنفراد‪ ،‬كحالة االمن (‬
‫‪ .)6.‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 567‬‬
‫وإنما يعفى عن ترك استقبال القبلة إذا كان بسبب الع دو (‪ ،)1‬فلو انح رف‬
‫عن القبلة بجم اح الداب ة‪ ،‬وط ال الزم ان‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬وإذا لم يتمكن من‬
‫إتمام الركوع والسجود‪ ،‬اقتصروا على االيماء بهما وجعلوا الس جود أخفض‬
‫من الركوع‪ ،‬وال يجب على الماشي استقبال القبلة في الركوع وال الس جود‪،‬‬
‫وال التح رم‪ ،‬وال وضع الجبهة على االرض‪ ،‬فإنه يخ اف الهالك‪ ،‬بخالف‬
‫المتنفل في السفر‪ ،‬ويجب االحتراز عن الص ياح بكل ح ال بال خالف (‪،)2‬‬
‫فإنه ال حاجة إليه‪ ،‬وال بأس باالعمال القليلة‪ ،‬فانها محتملة في غير الخوف‪،‬‬
‫ففيه أولى‪ .‬وأما االفع ال الكث يرة‪ ،‬كالطعن ات‪ ،‬والض ربات المتوالي ة‪ ،‬فهي‬
‫مبطلة إن لم يحتج إليها (‪ ،)3‬ف إن احت اج‪ ،‬فثالثة أوج ه‪ .‬أص حها عند‬
‫االك ثرين وبه ق ال ابن س ريج‪ ،‬والقف ال‪ :‬ال تبط ل‪ .‬والث اني‪ :‬تبط ل‪ .‬حك اه‬
‫العراقيون عن ظاهر النص‪ .‬والثالث‪ :‬تبطل إن ك ان في ش خص واح د‪ ،‬وال‬
‫تبطل في أش خاص‪ ،‬وع بر بعض هم عن االوجه ب االقوال‪ .‬ف رع‪ :‬لو تلطخ‬
‫سالحه بالدم (‪ ،)4‬فينبغي أن يلقيه (‪ ،)5‬أو يجعله في قرابه تحت ركابه إلى‬
‫أن يف رغ من ص الته إن احتمل الح ال ذل ك‪ ،‬ف إن احت اج إلى إمس اكه‪ ،‬فله‬
‫إمساكه (‪ ،)6‬ثم هل يقضي نقل إمام الحرمين عن االص حاب‪ ،‬أنه يقضي (‬
‫‪ )7‬لندور عذره ثم منعه‪ ،‬وق ال‪ :‬تلطخ الس الح بال دم من االع ذار العامة في‬
‫حق المقاتل‪ ،‬وال سبيل إلى تكليفه تنحية السالح‪ ،‬فتلك النجاسة ضرورية في‬
‫حقه كنجاسة‬

‫] ‪[ 568‬‬
‫المستحاضة في حقه ا‪ ،‬ثم جعل المس ألة على ق ولين مرت بين على الق ولين‬
‫فيمن ص لى في موضع تنجس‪ ،‬وه ذه الص ورة أولى بع دم القض اء اللح اق‬
‫الشرع القتال بسائر مسقطات القضاء في سائر المحتمالت‪ ،‬كاستدبار القبلة‪،‬‬
‫وااليماء بالركوع والسجود‪ .‬فرع‪ :‬تقام ص الة العي دين‪ ،‬والكس وفين في ش دة‬
‫الخوف‪ ،‬النه يخ اف فوتهم ا‪ ،‬وال تق ام ص الة االستس قاء (‪ .)1‬ف رع‪ :‬تج وز‬
‫صالة شدة الخوف في كل ما ليس بمعصية (‪ )2‬من أنواع القتال‪ ،‬وال تجوز‬
‫في المعصية‪ ،‬فتجوز في قتال الكفار‪ ،‬والهل العدل في قتال البغ اة‪ ،‬وللرفقة‬
‫(‪ )3‬في قطاع الطريق‪ ،‬وال تجوز للبغاة والقطاع‪ ،‬ولو قصد نفس رج ل‪ ،‬أو‬
‫حريمه‪ ،‬أو نفس غيره‪ ،‬أو حريمه‪ ،‬وأشغل بالدفع‪ ،‬ص لى ه ذه الص الة‪ .‬ولو‬
‫قصد ماله‪ ،‬نظر‪ ،‬إن كان حيوانا‪ ،‬فكذلك‪ ،‬وإال فق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬جوازه ا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ال‪ .‬أما إذا ولوا ظهورهم الكفار منهزمين‪ ،‬فننظر‪ ،‬إن كان يحل لهم‬
‫ذلك بأن يكون في مقابلة كل مسلم أكثر من كافرين‪ ،‬أو ك ان متحرفا لقت ال‪،‬‬
‫أو متحيزا إلى فئة‪ ،‬جازت هذه الص الة‪ ،‬وإال فال‪ ،‬النه معص ية‪ .‬ولو انه زم‬
‫الكفار وتبعهم المسلمون‪ ،‬بحيث لو ثبت وا وأكمل وا الص الة‪ ،‬ف اتهم الع دو‪ ،‬لم‬
‫تجز هذه الص الة‪ ،‬وإن خ افوا كمينا أو ك رتهم‪ ،‬ج ازت‪ .‬ف رع‪ :‬الرخصة في‬
‫هذا النوع ال تختص بالقتال‪ ،‬بل يتعلق بالخوف مطلقا‪ .‬فلو هرب في س يل (‬
‫‪ ،)4‬أو حريق ولم يجد مع دال عن ه‪ ،‬أو ه رب من س بع‪ ،‬فله ص الة ش دة‬
‫الخوف‪ .‬والمديون المعسر العاجز عن بينة االعس ار وال يص دقه المس تحق‪،‬‬
‫ولو ظفر به حبس ه‪ ،‬له أن يص ليها هارب ا‪ ،‬على الم ذهب‪ .‬وحكي عن‬
‫(االمالء) أن من طلب ال ليقت ل‪ ،‬بل ليحبس أو يؤخذ منه ش ئ‪ :‬ال يص ليها‪.‬‬
‫ولو كان عليه قصاص‬

‫] ‪[ 569‬‬
‫يرجو العفو عنه (‪ )1‬إذا س كن الغض ب‪ ،‬ق ال االص حاب‪ :‬له أن يه رب‬
‫ويص لي ص الة ش دة الخ وف في هرب ه‪ ،‬واس تبعد االم ام ج واز هربه به ذا‬
‫التوق ع‪ .‬ف رع‪ :‬المح رم إذا ض اق وقت وقوفه (‪ ،)2‬وخ اف ف وت الحج‪ ،‬إن‬
‫صلى متمكنا‪ ،‬فيه أوجه للقفال‪ .‬أحدها‪ :‬يؤخر الصالة ويحصل الوق وف‪ ،‬الن‬
‫قضاء الحج صعب‪ .‬والثاني‪ :‬يصلي صالة شدة (‪ )3‬الخوف فيحصل الصالة‬
‫والحج‪ .‬والث الث‪ :‬تجب الص الة على االرض مس تقرا‪ ،‬ويف وت الحج‪ ،‬لعظم‬
‫حرمة الصالة‪ ،‬وال يصلي صالة الخوف‪ ،‬النه محصل ال هارب‪ ،‬ويشبه أن‬
‫يك ون ه ذا الوجه أوفق لكالم االئم ة‪ .‬قلت‪ :‬ه ذا الوجه ض عيف‪ ،‬والص واب‬
‫االول‪ ،‬فإنا جوزنا تأخير الصالة المور ال تقارب المشقة فيها ه ذه المش قة‪،‬‬
‫كالتأخير للجمع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬لو رأوا سوادا إبال أو شجرا‪ ،‬فظنوه عدوا‪،‬‬
‫فصلوا صالة شدة الخوف‪ ،‬فبان الحال‪ ،‬وجب القضاء على االظهر (‪ ،)4‬ثم‬
‫قيل‪ :‬القوالن فيما إذا أخبرهم بالعدو ثقة وغلط‪ .‬ف إن لم يكن إال ظنهم‪ ،‬وجب‬
‫القضاء قطعا‪ .‬وقي ل‪ :‬الق والن فيما إذا ك انوا في دار الح رب لغلبة الخ وف‪،‬‬
‫فإن كانوا في دار االسالم‪ ،‬وجب القضاء قطعا‪ .‬والمذهب جريان القولين في‬
‫جميع االحوال‪ .‬ولو تحققوا الع دو‪ ،‬فص لوا ص الة ش دة الخ وف‪ ،‬ثم ب ان أنه‬
‫كان دونهم حائل من خندق‪ ،‬أو ماء‪ ،‬أو ن ار (‪ ،)5‬أو ب ان أنه ك ان بق ربهم‬
‫حصن يمكنهم التحصن به‪ ،‬أو ظنوا أن بإزاء كل مسلم أك ثر من مش ركين‪،‬‬
‫فصلوها منهزمين‪ ،‬ثم ب ان خالف ذل ك‪ ،‬فحيث أجرينا في الص ورة الس ابقة‬
‫القولين (‪ ،)6‬جريا في هذه ونظائرها‪ ،‬وقيل‪ :‬يجب القضاء هنا‬

‫] ‪[ 570‬‬
‫قطعا‪ .‬قال صاحب (التهذيب)‪ :‬ولو صلوا في ه ذه االح وال ص الة عس فان‪،‬‬
‫اطرد القوالن‪ .‬ولو صلوا صالة ذات الرقاع ‪ -‬ف إن جوزناها في ح ال االمن‬
‫‪ -‬فهنا أولى‪ ،‬وإال ج رى الق والن (‪ .)1‬ف رع‪ :‬لو ك ان يص لي متمكنا على‬
‫االرض مستقبل القبل ة‪ ،‬فح دث خ وف في أثن اء الص الة ف ركب‪ ،‬فطريق ان‪.‬‬
‫أح دهما‪ :‬على ق ولين‪ .‬أح دهما‪ :‬تبطل ص الته فيس تأنف‪ .‬والث اني‪ :‬ال تبطل‬
‫فيب ني‪ .‬والطريق الث اني وهو الم ذهب (‪ :)2‬أنه إن لم يكن مض طرا إلى‬
‫الرك وب وك ان يق در على القت ال وإتم ام الص الة راجال‪ ،‬ف ركب احتياط ا‪،‬‬
‫وجب االستئناف‪ .‬وإن اضطر بنى‪ .‬وعلى هذا‪ :‬إن قل فعله في ركوب ه‪ ،‬ب نى‬
‫بال خالف‪ ،‬وإن كثر‪ ،‬فعلى الوجهين في العمل الكث ير للحاج ة‪ .‬أما إذا ك ان‬
‫يصلي راكبا صالة شدة الخوف‪ ،‬فأمن ونزل‪ ،‬فنص الش افعي أنه يب ني وهو‬
‫الم ذهب (‪ .)3‬وقي ل‪ :‬إن حصل في نزوله فعل قلي ل‪ ،‬ب نى‪ ،‬وإن ك ثر‪ ،‬فعلى‬
‫ال وجهين‪ .‬ق ال ص احب (الش امل) وغ يره‪ :‬يش ترط في بن اء الن ازل أن ال‬
‫يس تدبر القبلة في نزول ه‪ ،‬ف إن اس تدبر‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬قلت‪ :‬ص رح أيضا‬
‫القاضي أبو الطيب وص احب (المه ذب) وآخ رون بأنه إذا اس تدبر القبلة في‬
‫نزوله‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬وهذا متفق عليه‪ .‬واتفقوا على أنه إذا لم يستدبرها‪ ،‬بل‬
‫انح رف يمينا وش ماال‪ ،‬فهو مك روه ال تبطل ص الته‪ ،‬وعلى أنه إذا أمن‪،‬‬
‫‪.‬وجب النزول في الحال‪ ،‬فإن أخر‪ ،‬بطلت (‪ .)4‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 571‬‬
‫ب اب ما يج وز لبسه للمح ارب وغ يره وما ال يج وز يج وز للرجل لبس‬
‫الحرير (‪ )1‬في حال مفاجأة (‪ )2‬القتال إذا لم يجد غيره (‪ ،)3‬وكذلك يجوز‬
‫أن يلبس منه ما هو وقاية القتال‪ ،‬كالديباج (‪ )4‬الصفيق الذي ال يق وم غ يره‬
‫مقامه (‪ ،)5‬وفي وجه‪ :‬يجوز اتخاذ القباء ونحوه‪ ،‬مما يصلح في الحرب من‬
‫الحرير‪ ،‬ولبسه فيها على االطالق‪ ،‬لما فيه من حسن الهيئة وزينة االس الم‪،‬‬
‫كتحلية السيف‪ ،‬والصحيح تخصيصه بحالة الضرورة‪ .‬فرع‪ :‬للش افعي رحمه‬
‫هللا (‪ )6‬تعالى نصوص مختلفة في جواز استعمال االعيان النجس ة‪ .‬فقيل في‬
‫أن واع اس تعمالها كلها ق والن‪ .‬والم ذهب‪ :‬التفص يل‪ ،‬فال يج وز في الث وب‬
‫والب دن إال للض رورة‪ ،‬ويج وز في غيرهما إن ك انت نجاسة مخفف ة‪ ،‬ف إن‬
‫ك انت مغلظة ‪ -‬وهي نجاسة الكلب والخ نزير ‪ -‬فال‪ .‬وبه ذا الطريق ق ال أبو‬
‫بكر الفارسي (‪ )7‬والقف ال وأص حابه‪ .‬فال يج وز لبس جلد الكلب والخ نزير‬
‫في حال االختيار‪ ،‬الن الخنزير ال يجوز االنتف اع به في حياته بح ال‪ ،‬وك ذا‬
‫الكلب‪ ،‬إال في أغ راض مخصوص ة‪ ،‬فبعد موتهما أولى‪ .‬ويج وز االنتف اع‬
‫بالثي اب النجسة ولبس ها في غ ير الص الة ونحوه ا‪ ،‬ف إن فاجأته ح رب‪ ،‬أو‬
‫خ اف على نفسه لح ر‪ ،‬أو ب رد‪ ،‬ولم يجد غ ير جلد الكلب والخ نزير‪ ،‬ج از‬
‫لبسهما‪ .‬وهل يجوز لبس جلد الشاة الميتة‪ ،‬وسائر الميتات في حال االختي ار‬
‫؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬التحريم‪ .‬ويجوز أن يلبس هذه الجلود فرسه وأداته‪ ،‬وال‬
‫يجوز استعمال جلد الكلب والخنزير في ذلك وال غيره‪ ،‬ولو‬

‫] ‪[ 572‬‬
‫جلل كلبا‪ ،‬أو خنزيرا‪ .‬بجلد كلب‪ ،‬أو خنزير‪ ،‬جاز على االصح‪ ،‬الس توائهما‬
‫في غلظ النجاسة (‪ .)1‬وأما تس ميد االرض بالزب ل‪ ،‬فج ائز‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الحرمين‪ :‬ولم يمنع منه أحد‪ .‬وفي كالم الص يدالني ما يقتضي الخالف فيه (‬
‫‪ )2‬ويج وز االستص باح بال دهن النجس على المش هور (‪ ،)3‬وس واء نجس‬
‫بعارض‪ ،‬أو ك ان نجس العين‪ ،‬ك ودك الميت ة‪ ،‬ودخ ان النجاس ة‪ ،‬نجس على‬
‫االصح (‪ ،)4‬فإن نجسناه عفي عن‬

‫] ‪[ 573‬‬
‫قليله‪ ،‬والذي يصيبه في االستصباح قليل‪ ،‬ال ينجس غالب ا‪ .‬فصل فيما يج وز‬
‫لبسه في ح ال االختي ار وما ال يج وز ؟ ويح رم على الرجل والخن ثى لبس‬
‫الحرير والديباج‪ ،‬ويج وز للنس اء‪ .‬وفي تحريمه على الخن ثى احتم ال‪ .‬والقز‬
‫كالحرير‪ ،‬على المذهب‪ .‬ونقل االمام االتفاق عليه‪ .‬وحكي في إباحته وجهان‪.‬‬
‫وفي المركب من الحرير وغيره طريقان‪ .‬المذهب والذي قطع به الجمه ور‪:‬‬
‫أنه إن كان الحرير أكثر وزنا‪ ،‬حرم‪ ،‬وإن كان غ يره أك ثر‪ ،‬لم يح رم‪ ،‬وإن‬
‫استويا‪ ،‬لم يحرم على االصح‪ .‬والطريق الثاني قاله القفال‪ :‬إن ظهر الحرير‪،‬‬
‫حرم وإن قل وزنه‪ ،‬وإن استتر‪ ،‬لم يحرم وإن كثر وزنه‪ .‬ف رع‪ :‬يج وز لبس‬
‫المطرف والمط رز بال ديباج‪ ،‬بش رط االقتص ار على ع ادة التطري ف‪ ،‬ف إن‬
‫جاوزها‪ ،‬حرم‪ ،‬ويش رط (‪ )1‬أن ال يج اوز الط راز ق در أربع أص ابع‪ ،‬ف إن‬
‫جاوز‪ ،‬حرم (‪ .)2‬الترقيع بالديباج‪ ،‬كالتطريز‪ .‬ولو خاط ثوبا بإبريس م‪ ،‬ج از‬
‫لبسه‪ ،‬بخالف الدرع المنسوجة بقليل الذهب‪ ،‬فإنه حرام لك ثرة الخيالء في ه‪.‬‬
‫ولو حشا القباء أو الجبة بالحرير‪ ،‬جاز على الصحيح المنصوص الذي قطع‬
‫به الجمهور (‪ .)3‬ولو كانت بطانة الجبة حريرا‪ ،‬ح رم لبس ها‪ .‬ف رع‪ :‬تح ريم‬
‫الحرير على الرجال ال يختص ب اللبس‪ ،‬بل افتراش ه‪ ،‬والت دثر ب ه‪ ،‬واتخ اذه‬
‫س ترا‪ ،‬وس ائر وج وه االس تعمال‪ ،‬ح رام‪ .‬وفي وجه ش اذ‪ :‬يج وز للرج ال‬
‫الجل وس على الحري ر‪ ،‬وهو منكر وغل ط‪ ،‬ويح رم على النس اء اف تراش‬
‫‪.‬الحرير على االصح‬

‫] ‪[ 574‬‬
‫قلت‪ :‬االص ح‪ ،‬ج واز افتراش هن‪ ،‬وبه قطع العراقي ون‪ ،‬والمت ولي‪ ،‬وغ يره‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬وهل للولي إلباس الصبي الحرير ؟ فيه أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يجوز قبل‬
‫سبع سنين‪ ،‬ويحرم بعدها‪ ،‬وبه قطع البغوي‪ .‬والثاني‪ :‬يجوز مطلقا‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫يح رم مطلق ا‪ .‬قلت‪ :‬االصح الج واز مطلق ا‪ ،‬ك ذا ص ححه المحقق ون‪ ،‬منهم‬
‫ال رافعي في (المح رر) وقطع به الف وراني‪ .‬ق ال ص احب (البي ان)‪ :‬هو‬
‫المشهور‪ .‬ونص الشافعي واالصحاب‪ :‬على تزيين الص بيان ي وم العيد بحلي‬
‫ال ذهب‪ ،‬والمص بغ‪ ،‬ويلحق به الحرير (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬يج وز لبس‬
‫الحرير في موضع الض رورة ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬إذا فاجأته الح رب‪ ،‬أو احت اج‬
‫لح ر‪ ،‬أو ب رد‪ ،‬ويج وز للحاجة ك الجرب‪ .‬وفيه وج ه‪ :‬أنه ال يج وز‪ ،‬وهو‬
‫منكر‪ .‬ويج وز ل دفع القمل في الس فر‪ ،‬وك ذا في الحضر على االص ح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قال أص حابنا‪ :‬يج وز لبس الكت ان‪ ،‬والقطن‪ ،‬والص وف‪ ،‬والخ ز‪ ،‬وإن ك انت‬
‫نفيسة غالية االثمان‪ ،‬الن نفاستها بالصنعة‪ .‬قال صاحب (البيان)‪ :‬يحرم على‬
‫الرجل لبس الثوب المزعفر‪ .‬ونقل ال بيهقي وغ يره عن الش افعي رحمه هللا‪:‬‬
‫أنه نهى الرجل عن [ المزعفر‪ ،‬وأباح له المعصفر‪ .‬قال البيهقي‪ :‬والص واب‬
‫إثبات نهي الرجل عن ] (‪ )2‬المعصفر أيضا‪ ،‬لالحاديث الصحيحة فيه‪ .‬قال‪:‬‬
‫وبه قال الحليمي‪ .‬ق ال‪ :‬ولو بلغت أحاديثه الش افعي‪ ،‬لق ال به ا‪ ،‬وقد أوص انا‬
‫بالعمل‬
‫] ‪[ 575‬‬
‫بالح ديث الص حيح‪ .‬ق ال الش يخ أبو الفتح نصر المقدسي (‪ :)1‬يح رم تنجيد‬
‫ال بيوت بالثي اب المص ورة وبغ ير المص ورة‪ ،‬س واء فيه الحرير وغ يره‪،‬‬
‫والصواب في غير الحرير والمصور الكراهة دون التح ريم (‪ .)3( )2‬ق ال‬
‫صاحب (التهذيب)‪ :‬ولو بسط فوق الديباج ثوب قطن وجلس علي ه‪ ،‬أو جلس‬
‫على جبة محشوة بالحرير‪ ،‬جاز‪ ،‬ولو حشا المخدة بإبريسم‪ ،‬ج از اس تعمالها‬
‫على الصحيح‪ ،‬كما قلنا في الجبة‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬وظاهر كالم االئمة أن‬
‫من لبس ثوبا ظهارته وبطانته قطن‪ ،‬وفي وسطه حرير منسوج‪ ،‬جاز‪ .‬ق ال‪:‬‬
‫وفيه نظر‪ .‬ويكره أن يمشي في نعل واحدة‪ ،‬أو خف واحد‪ ،‬ويك ره أن يتنعل‬
‫قائما‪ .‬والمستحب في لبس النعل وشبهه‪ ،‬أن يبدأ باليمين‪ ،‬ويبدأ بخلع اليسار‪،‬‬
‫وال يكره لبس خ اتم الرص اص والحديد والنح اس على الص حيح‪ ،‬وبه قطع‬
‫في (التتمة)‪ .‬ويجوز لبس خاتم الفضة للرجل في يمينه (‪ ،)4‬يساره‪ ،‬كالهما‬
‫سنة‪ ،‬لكن اليمين أفضل على الصحيح المختار‪ .‬ويجوز للرجال والنساء لبس‬
‫الث وب االحمر واالخضر وغيرهما من المص بوغات بال كراه ة‪ ،‬إال ما‬
‫ذكرنا في المزعفر والمعص فر للرج ال‪ .‬ق ال ص احب (التتم ة) و (البح ر)‪:‬‬
‫يكره لبس الثي اب الخش نة لغ ير غ رض ش رعي‪ ،‬ويح رم إطالة الث وب عن‬
‫الكعبين للخيالء‪ ،‬ويكره لغ ير الخيالء‪ ،‬وال ف رق في ذلك بين ح ال الص الة‬
‫وغيره ا‪ ،‬والس راويل واالزار في حكم الث وب‪ .‬وله لبس العمامة بعذبة‬
‫وبغيرها‪ ،‬وحكم إطالة عذبتها حكم إطالة‬

‫] ‪[ 576‬‬
‫الثوب‪ .‬فقد روينا في (سنن أبي داود) والنسائي وغيرهما بإسناد حسن (‪،)2‬‬
‫أن النبي (ص) قال‪( :‬االس بال في االزار والقميص والعمام ة‪ ،‬من جر ش يئا‬
‫‪.‬خيالء لم ينظر هللا إليه (يوم القيامة)‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 577‬‬
‫كت اب ص الة العي دين (‪ )1‬هي س نة على الص حيح المنص وص (‪ .)2‬وعلى‬
‫الث اني‪ :‬ف رض كفاية (‪ .)3‬ف إن اتفق أهل بلد على تركه ا‪ ،‬قوتل وا إن قلن ا‪:‬‬
‫ف رض كفاي ة‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬س نة‪ ،‬لم يق اتلوا على االصح (‪ ،)4‬وي دخل وقتها‬
‫بطلوع الشمس‪ .‬واالفضل تأخيرها إلى أن ترتفع قدر رمح (‪ ،)5‬كذا صرح‬
‫به كث ير من االص حاب‪ ،‬منهم ص احب (الش امل) و (المه ذب) والروي اني‬
‫ومقتضى كالم جماع ة‪ ،‬منهم‪ :‬الص يدالني‪ ،‬وص احب (الته ذيب) أنه ي دخل‬
‫باالرتف اع (‪ ،)6‬واتفق وا على خ روج ال وقت ب الزوال‪ .‬قلت‪ :‬الص حيح‪ ،‬أو‬
‫االصح‪ ،‬دخ ول وقتها ب الطلوع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬الم ذهب والمنص وص في‬
‫الكتب الجديدة كلها‪ ،‬أن صالة العيد تشرع‬

‫] ‪[ 578‬‬
‫للمنفرد في بيته أو غيره‪ ،‬وللمسافر والعبد والمرأة (‪ ،)1‬وقي ل‪ :‬فيه ق والن‪.‬‬
‫الجديد‪ :‬هذا‪ .‬والق ديم‪ :‬أنه يش ترط فيها ش روط الجمعة من اعتب ار الجماع ة‪،‬‬
‫والعدد بصفات الكم ال‪ ،‬وغيرهم ا‪ ،‬إال أنه يج وز فعلها خ ارج البل د‪ ،‬ومنهم‬
‫من منعه‪ ،‬ومنهم من جوزها بدون االربعين على هذا‪ ،‬وخطبتها بع دها‪ .‬ولو‬
‫ت ركت الخطب ة‪ ،‬لم تبطل الص الة‪ .‬وإذا قلنا بالم ذهب‪ ،‬فص الها المنف رد‪ ،‬لم‬
‫يخطب على الص حيح‪ .‬وإن ص الها مس افرون‪ ،‬خطب إم امهم‪ .‬فصل في‬
‫ص فة ص الة العيد هي‪ :‬ركعت ان‪ .‬ص فتها في االرك ان والس نن والهي آت‬
‫كغيرها‪ ،‬وينوي بها صالة العيد‪ .‬هذا أقلها‪ ،‬واالكمل أن يقرأ دعاء االستفتاح‬
‫عقب االح رام‪ ،‬كغيره ا‪ ،‬ثم يك بر في االولى س بع تكب يرات س وى تكب يرة‬
‫االحرام والركوع‪ .‬وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام من السجود والهوي‬
‫إلى الركوع‪ .‬وقال المزني‪ :‬التكبيرات في االولى ست‪ .‬ولنا قول ش اذ منك ر‪:‬‬
‫أن دع اء االس تفتاح يك ون بعد ه ذه التكب يرات‪ ،‬ويس تحب أن يقف بين كل‬
‫تكبيرتين من الزوائد ق در ق راءة آية ال طويلة وال قص يرة‪ ،‬يهلل هللا تع الى‬
‫ويكبره ويمجده‪ .‬هذا لفظ الشافعي‪ .‬قال االكثرون‪ :‬يقول‪( :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد‬
‫هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا أك بر) ولو زاد‪ ،‬ج از‪ .‬ق ال الص يدالني عن بعض‬
‫االصحاب‪ :‬يقول‪( :‬ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد بيده‬
‫الخ ير وهو على كل شئ ق دير) (‪ .)2‬وق ال ابن الص باغ‪ :‬لو ق ال ما اعت اده‬
‫الن اس‪( :‬هللا أك بر كب يرا‪ .‬والحمد هلل كث يرا‪ ،‬وس بحان هللا بك رة وأص يال‪،‬‬
‫‪.‬وصلى هللا على محمد وآله وسلم كثيرا) كان حسنا (‪)3‬‬

‫] ‪[ 579‬‬
‫قلت‪ :‬وقال االم ام أبو عبد هللا محمد بن عبد هللا بن مس عود المس عودي (‪)1‬‬
‫من أصحابنا يقول‪( :‬سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬وتبارك اسمك‪ ،‬وتع الى ج دك‪،‬‬
‫وجل ثناؤك‪ ،‬وال إله غيرك)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وال يأتي به ذا ال ذكر عقب الس ابعة‬
‫والخامسة في الثانية‪ ،‬بل يتعوذ عقب السابعة‪ ،‬وكذا عقب الخامسة‪ ،‬إن قلن ا‪:‬‬
‫يتعوذ في كل ركعة‪ ،‬وال يأتي به بين تكب يرة االح رام واالولى من الزوائ د‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وأما في الركعة الثاني ة‪ ،‬فق ال إم ام الح رمين‪ :‬ي أتي به قبل االولى من‬
‫الخمس‪ ،‬والمخت ار ال ذي يقتض يه كالم االص حاب أنه ال ي أتي به كما في‬
‫االولى‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم يق رأ الفاتح ة‪ ،‬ثم يق رأ بع دها في االولى‪( :‬ق)‪ .‬وفي‬
‫الثاني ة‪( :‬اق تربت الس اعة)‪ .‬قلت‪ :‬وثبت في (ص حيح مس لم) (‪ )2‬أن الن بي‬
‫(ص) قرأ فيهما (سبح اسم ربك االعلى) و (وهل أتاك) فهو سنة أيضا‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬فرع‪ :‬يستحب رفع الي دين في التكب يرات الزوائ د‪ ،‬ويضع اليم نى على‬
‫اليسرى بين كل تكب يرتين‪ .‬وفي (الع دة) ما يش عر بخالف في ه‪ .‬ولو شك في‬
‫عدد التكبيرات‪ ،‬أخذ باالقل (‪ ،)3‬ولو كبر ثماني تكب يرات‪ ،‬وشك هل ن وى‬
‫التح ريم (‪ )4‬بواح دة منها ؟ فعليه اس تئناف الص الة (‪ ،)5‬ولو شك في‬
‫التكبيرة التي نوى التحريم (‪ )6‬بها‪ ،‬جعلها االخيرة‪ ،‬وأعاد الزوائد (‪ .)7‬ولو‬
‫‪،‬صلى خلف من يكبر ثالثا أو ستا‬

‫] ‪[ 580‬‬
‫تابعه‪ ،‬وال يزيد عليه على االظهر (‪ .)1‬ولو ترك الزوائد‪ ،‬لم يسجد للس هو‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويجهر ب القراءة والتكب يرات‪ ،‬ويسر بال ذكر بينهما (‪ .)2‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬لو نسي التكب يرات الزوائد في ركع ة‪ ،‬فت ذكر في الرك وع أو بع ده‪،‬‬
‫مضى في صالته ولم يكبر‪ ،‬ف إن ع اد إلى القي ام ليك بر‪ ،‬بطلت ص الته‪ .‬فلو‬
‫تذكرها قبل الركوع وبعد القراءة‪ ،‬فقوالن‪ .‬الجديد االظه ر‪ :‬ال يك بر‪ ،‬لف وات‬
‫محله‪ .‬والقديم‪ :‬يكبر‪ ،‬لبقاء القي ام‪ ،‬وعلى الق ديم‪ :‬لو ت ذكر في أثن اء الفاتح ة‪،‬‬
‫قطعها وكبر‪ ،‬ثم استأنف القراءة‪ .‬وإذا ت دارك التكب ير بعد الفاتح ة‪ ،‬اس تحب‬
‫استئنافها‪ ،‬وفيه وجه ضعيف‪ :‬أنه يجب‪ ،‬ولو أدرك االم ام في أثن اء الق راءة‬
‫وقد ك بر بعض التكب يرات‪ ،‬فعلى الجدي د‪ ،‬ال يك بر ما فات ه‪ .‬وعلى الق ديم‪:‬‬
‫يك بر‪ ،‬ولو أدركه راكع ا‪ ،‬ركع مع ه‪ ،‬وال يك بر باالتف اق‪ ،‬ولو أدركه في‬
‫الركعة الثانية‪ ،‬كبر معه خمسا على الجديد‪ ،‬فإذا ق ام إلى ثانيت ه‪ ،‬ك بر أيضا‬
‫خمسا‪ .‬فصل في خطبة العيد‪ :‬فإذا فرغ االمام من صالة العيد‪ ،‬صعد المنبر‪،‬‬
‫وأقبل على الناس بوجهه وسلم‪ .‬وهل يجلس قبل الخطبة ؟ وجهان‪ .‬الص حيح‬
‫المنص وص‪ :‬يجلس كخطبة الجمعة (‪ .)3‬ثم يخطب خطب تين‪ ،‬أركانهما‬
‫كأركانهما في الجمعة (‪ ،)4‬ويق وم فيهم ا‪ ،‬ويجلس بينهم ا‪ ،‬كالجمع ة‪ ،‬لكن‬
‫يجوز هنا القع ود فيهما مع الق درة على القي ام‪ .‬ويس تحب أن يعلمهم في عيد‬
‫الفطر أحكام ص دقة الفط ر‪ ،‬وفي االض حى أحك ام االض حية‪ .‬ويس تحب أن‬
‫يفتح الخطبة االولى بتسع تكب يرات متوالي ات‪ ،‬والثانية بس بع‪ .‬ولو أدخل‬
‫‪،‬بينهما الحمد والتهليل والثناء‪ ،‬جاز‬

‫] ‪[ 581‬‬
‫وذكر بعضهم‪ :‬أن صفتها‪ ،‬كالتكبيرات المرسلة والمقي دة ال تي س نذكرها إن‬
‫ش اء هللا تع الى‪ .‬قلت‪ :‬نص الش افعي وكث يرون من االص حاب على أن ه ذه‬
‫التكب يرات ليست من الخطب ة‪ ،‬وإنما هي مقدمة له ا‪ ،‬ومن ق ال منهم‪ :‬تفتتح‬
‫الخطبة ب التكبيرات‪ ،‬يحمل كالمه على موافقة النص ال ذي ذكرت ه‪ ،‬الن‬
‫افتتاح الشئ قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفس ه‪ ،‬فاحفظ ه ذا فانه‬
‫مهم خفي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬يس تحب للن اس اس تماع الخطب ة‪ .‬ومن دخل واالم ام‬
‫يخطب‪ ،‬فإن كان في المصلى‪ ،‬جلس واستمع‪ ،‬ولم يصل التحية‪ ،‬ثم إن ش اء‬
‫صلى صالة العيد في الص حراء‪ ،‬وإن ش اء ص الها إذا رجع إلى بيته (‪،)1‬‬
‫وإن كان في المسجد‪ ،‬استحب له التحية‪ ،‬ثم قال أبو إسحاق‪ :‬لو صلى العيد‪،‬‬
‫كان أولى‪ ،‬وحصلت (‪ )2‬التحي ة‪ ،‬كمن دخل المس جد وعليه مكتوبة ففعله ا‪،‬‬
‫ويحصل بها التحي ة‪ ،‬وق ال ابن أبي هري رة‪ :‬يص لي التحي ة‪ ،‬وي ؤخر ص الة‬
‫العيد إلى ما بعد الخطبة‪ ،‬واالول أصح عند االكثرين‪ .‬ولو خطب االمام قبل‬
‫الص الة‪ ،‬فقد أس اء وفي االعت داد بخطبته احتم ال الم ام الح رمين‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الص واب وظ اهر نصه في (االم)‪ :‬أنه ال يعتد به ا‪ ،‬كالس نة الراتبة بعد‬
‫الفريضة إذا قدمها‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬صالة العيد تجوز في الص حراء‪ ،‬وفي‬
‫الج امع‪ ،‬وأيهما أفضل ؟ إن ك ان بمك ة‪ ،‬فالمس جد أفضل قطع ا‪ .‬وألحق به‬
‫الصيدالني‪ :‬بيت المقدس (‪ .)3‬وإن كان بغيرهما‪ ،‬فإن كان عذر‪ ،‬كمط ر‪ ،‬أو‬
‫ثلج‪ ،‬فالمسجد أولى‪ ،‬وإال‪ ،‬فإن ضاق‬

‫] ‪[ 582‬‬
‫المس جد‪ ،‬فالص حراء أفضل (‪ ،)1‬بل يك ره فعلها في المس جد‪ .‬ف إن ك ان‬
‫واسعا‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما وبه قطع العراقيون‪ ،‬وصاحب (التهذيب) وغ يره‪:‬‬
‫المسجد أولى‪ .‬والثاني‪ :‬الصحراء‪ .‬وإذا خرج االم ام إلى الص حراء اس تخلف‬
‫من يص لي بض عفة الن اس (‪ .)2‬وإذا ص لى في المس جد وحضر الحيض‪،‬‬
‫وقفن بباب المسجد‪ ،‬وهذا الفصل تفريع على المذهب في جواز ص الة العيد‬
‫في غ ير البل د‪ ،‬وجوازها من غ ير ش روط الجمع ة‪ ،‬وفيه الخالف المتق دم‪.‬‬
‫فصل في الس نن المس تحبة ليلة العيد ويوم ه‪ :‬فيس تحب التكب ير المرسل‬
‫بغروب الشمس في العيدين جميع ا‪ ،‬كما س يأتي بيانه في فصل التكب يرات (‬
‫‪ ،)3‬إن شاء هللا تعالى‪ .‬ويستحب استحبابا متأكدا‪ ،‬إحياء ليلتي العيد بالعب ادة‬
‫(‪ .)4‬قلت‪ :‬وتحصل فضيلة االحياء بمعظم الليل‪ ،‬وقي ل‪ :‬تحصل بس اعة‪ .‬وقد‬
‫نقل الش افعي رحمه هللا في (االم) (‪ )5‬عن جماعة من خي ار أهل المدينة ما‬
‫يؤي ده‪ .‬ونقل القاضي حس ين عن ابن عب اس‪ :‬أن إحي اء ليلة العيد أن يص لي‬
‫العش اء في جماع ة‪ ،‬ويع زم أن يص لي الص بح في جماع ة‪ ،‬والمخت ار ما‬
‫قدمته‪ .‬ق ال الش افعي رحمه هللا‪ :‬وبلغنا أن ال دعاء يس تجاب في خمس لي ال‪.‬‬
‫ليلة الجمعة‪ ،‬والعيدين‪ ،‬وأول رجب‪ ،‬ونصف شعبان‪ .‬قال الشافعي‪ :‬وأستحب‬
‫كل ما حكيته في هذه‬

‫] ‪[ 583‬‬
‫الليالي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬يسن الغسل للعيدين‪ ،‬ويجوز بعد الفجر قطعا‪ ،‬وك ذا‬
‫قبله على االظهر‪ ،‬وعلى هذا هل يجوز في جميع الليل‪ ،‬أم يختص بالنصف‬
‫الثاني ؟ وجهان‪ .‬قلت‪ :‬االصح‪ :‬اختصاصه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويستحب التطيب ي وم‬
‫العيد‪ ،‬والتنظف بحلق الشعر‪ ،‬وقلم الظفر‪ ،‬وقطع الرائحة الكريهة‪ ،‬ويستحب‬
‫أن يلبس أحسن ما يجده من الثي اب‪ ،‬وأفض لها ال بيض‪ ،‬ويتعمم‪ .‬ف إن لم يجد‬
‫إال ثوبا‪ ،‬اس تحب أن يغس له للجمعة والعيد ويس توي في اس تحباب جميع ما‬
‫ذكرن اه‪ ،‬القاعد في بيت ه‪ ،‬والخ ارج إلى الص الة‪ ،‬ه ذا حكم الرج ال‪ .‬وأما‬
‫النساء‪ ،‬فيكره لذوات الجمال والهيئة الحضور‪ ،‬ويستحب للعج ائز‪ ،‬ويتنظفن‬
‫بالم اء‪ ،‬وال يتطيبن‪ ،‬وال يلبسن ما يش هرهن من الثي اب‪ ،‬بل يخ رجن في‬
‫بذلتهن‪ .‬وفي وجه شاذ‪ :‬ال يخرجن مطلق ا‪ .‬ف رع‪ :‬الس نة لقاصد العيد المش ي‪.‬‬
‫فإن ضعف لكبر‪ ،‬أو مرض‪ ،‬فله الركوب‪ ،‬وللق ادر الرك وب في الرج وع (‬
‫‪ )1‬ويس تحب للق وم أن يبك روا إلى ص الة العيد (‪ )2‬إذا ص لوا الص بح‪،‬‬
‫ليأخ ذوا مجالس هم وينتظ روا الص الة‪ .‬والس نة لالم ام أن ال يخ رج إال في‬
‫الوقت الذي يص لي في ه‪ ،‬ف إذا وصل (‪ )3‬المص لى ش رع في ص الة العي د‪،‬‬
‫ويس تحب لالم ام أن ي ؤخر الخ روج في عيد الفطر قليال‪ ،‬ويعجل في‬
‫االض حى‪ .‬ويك ره لالم ام التنفل (‪ )4‬قبل ص الة العيد وبع دها‪ ،‬وال يك ره‬
‫للمأموم قبلها وال يكره (‪ )5‬بع دها‪ ،‬ويس تحب في عيد الفطر أن يأكل ش يئا‪،‬‬
‫‪.‬قبل خروجه إلى الصالة‪ ،‬وال يأكل في االضحى حتى يصلي ويرجع‬
‫] ‪[ 584‬‬
‫قلت‪ :‬ويس تحب أن يك ون الم أكول تم را (‪ )1‬إن أمكن‪ ،‬ويك ون وت را‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬وينادى لها‪ :‬الصالة جامعة‪ ،‬قال ص احب (الع دة) ولو ن ودي له ا‪ :‬حي‬
‫على الصالة‪ ،‬جاز‪ ،‬بل هو مس تحب‪ .‬قلت‪ :‬ليس كما ق ال‪ ،‬فقد ق ال الش افعي‬
‫رضي هللا عنه‪ :‬ين ادي‪ :‬الص الة جامع ة‪ ،‬ف إن ق ال‪ :‬هلم وا إلى الص الة‪ ،‬فال‬
‫بأس‪ ،‬قال‪ :‬وأحب أن يتوقى ألف اظ االذان‪ .‬وق ال ال دارمي‪ :‬لو ق ال حي على‬
‫الص الة‪ ،‬ك ره‪ ،‬النه من االذان‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬صح أن الن بي (ص) ك ان‬
‫يذهب إلى العيد في طريق‪ ،‬ويرجع في آخر (‪ ،)2‬واختلف في سببه‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫لتبرك أهل الطريقين‪ ،‬وقيل‪ :‬ليستفتى منهما‪ ،‬وقيل‪ :‬ليتص دق على فقرائهم ا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ليزور قبور أقاربه فيهم ا‪ ،‬وقي ل‪ :‬ليش هد له الطريق ان‪ ،‬وقي ل‪ :‬ل يزداد‬
‫غيظ المنافقين‪ ،‬وقيل‪ :‬لئال تكثر الزحم ة‪ ،‬وقي ل‪ :‬يقصد أط ول الط ريقين في‬
‫الذهاب‪ ،‬وأقصرهما في الرجوع‪ ،‬وهذا أظهره ا‪ ،‬ثم من ش ارك في المع نى‬
‫استحب ذلك له‪ ،‬وكذا من لم يشارك على الصحيح الذي اخت اره االك ثرون‪،‬‬
‫وسواء فيه االمام والم أموم‪ .‬قلت‪ :‬وإذا لم يعلم الس بب‪ ،‬اس تحب التأسي (‪)3‬‬
‫‪.‬قطعا‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 585‬‬
‫فصل‪ :‬قد قدمنا في قضاء صالة العيد وغيرها من النوافل الراتبة إذا ف اتت‪،‬‬
‫قولين‪ .‬وتقدم الخالف في اشتراط شرائط الجمعة فيها‪ .‬فلو ش هد ع دالن ي وم‬
‫الثالثين من رمضان قبل الزوال برؤية الهالل في الليلة الماض ية‪ ،‬أفط روا‪.‬‬
‫فإن بقي من الوقت ما يمكن جمع الناس والصالة فيه‪ ،‬ص لوها وك انت أداء‬
‫(‪ .)1‬وإن شهدوا بعد غ روب الش مس ي وم الثالثين‪ ،‬لم تقبل ش هادتهم‪ ،‬إذ ال‬
‫فائ دة فيها إال المنع من ص الة العي د‪ ،‬فال يص غى إليه ا‪ ،‬ويص لون من الغد‬
‫العيد أداء‪ ،‬هكذا قال االئمة واتفقوا عليه‪ .‬وفي قولهم‪ :‬ال فائدة إال ترك صالة‬
‫العيد إشكال‪ ،‬بل لثبوت الهالل فوائد أخ ر‪ .‬كوق وع الطالق والعتق المعلقين‪،‬‬
‫وابتداء العدة منه‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فوجب أن نقب ل‪ ،‬له ذه الفوائ د‪ .‬ولعل م رادهم‬
‫بعدم االصغاء في صالة العيد وجعلها فائتة‪ ،‬ال عدم القب ول على االطالق (‬
‫‪ .)2‬قلت‪ :‬م رادهم فيما يرجع إلى الص الة خاصة قطع ا‪ ،‬فأما الحق وق‬
‫واالحكام المتعلقة بالهالل‪ ،‬كأجل الدين‪ ،‬والعتق‪ ،‬والمولى‪ ،‬والعدة‪ ،‬وغيرها‪،‬‬
‫فثبت قطعا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فلو شهدوا قبل الغ روب بعد ال زوال‪ ،‬أو قبله بيس ير‪،‬‬
‫بحيث ال يمكن فيه الصالة‪ ،‬قبلت الشهادة في الفطر قطعا‪ ،‬وصارت الصالة‬
‫فائتة على المذهب‪ ،‬وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬أح دهما‪ :‬ه ذا‪ .‬والث اني‪ :‬يفعل من الغد أداء‬
‫لعظم حرمتها‪ .‬فإن قلنا بالمذهب‪ ،‬فقض اؤها مب ني على قض اء النواف ل‪ .‬ف إن‬
‫قلنا‪ :‬ال تقضى‪ ،‬لم يقض العيد‪ .‬وإن قلنا‪ :‬تقض ى‪ ،‬ب نى على أنها كالجمعة في‬
‫الش رائط‪ ،‬أم ال‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬نعم‪ ،‬لم تقض‪ ،‬وإال قض يت‪ ،‬وهو الم ذهب من‬
‫حيث الجملة‪ .‬وهل لهم أن‬

‫] ‪[ 586‬‬
‫يصلوها في بقية يومهم ؟ وجهان‪ ،‬بن اء على أن فعلها في الح ادي والثالثين‬
‫إداء أم قضاء‪ .‬إن قلن ا‪ :‬أداء‪ ،‬فال‪ .‬وإن قلن ا‪ :‬قض اء وهو الص حيح‪ ،‬ج از‪ .‬ثم‬
‫هل هو أفض ل‪ ،‬أم الت أخير إلى ض حوة الغ د‪ .‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬التق ديم‬
‫أفض ل‪ ،‬ه ذا إذا أمكن جمع الن اس في ي ومهم لص غر البل دة‪ .‬ف إن عس ر‪،‬‬
‫فالتأخير أفضل قطعا (‪ .)1‬وإذا قلنا‪ :‬يص لونها في الح ادي والثالثين قض اء‪،‬‬
‫فهل يج وز تأخيرها ؟ عنه ق والن‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ج وازه أب دا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنما يجوز في بقية شهر العي د‪ .‬ولو ش هد اثن ان قبل الغ روب‪ ،‬وع دال‬
‫بعده‪ ،‬فقوالن‪ .‬وقيل‪ :‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬االعتب ار ب وقت الش هادة‪ ،‬وأظهرهم ا‪:‬‬
‫بوقت التع ديل‪ ،‬فيص لون من الغد بال خالف أداء‪ .‬ه ذا كله إذا وقع االش تباه‬
‫وف وات العيد لجميع الن اس‪ .‬ف إن وقع ذلك الف راد‪ ،‬لم يجز إال ق والن‪ ،‬منع‬
‫القض اء وج وازه أب دا‪ .‬ف رع‪ :‬إذا وافق ي وم العيد ي وم جمع ة‪ ،‬وحضر أهل‬
‫القرى ال ذين يبلغهم الن داء لص الة العي د‪ ،‬وعلم وا أنهم لو انص رفوا لف اتتهم‬
‫الجمع ة‪ ،‬فلهم أن ينص رفوا‪ ،‬وي تركوا الجمعة في ه ذا الي وم على الص حيح‬
‫‪.‬المنصوص في القديم والجديد (‪ .)2‬وعلى الشاذ‪ :‬عليهم الصبر للجمعة‬

‫] ‪[ 587‬‬
‫فصل في تكب ير العي د‪ :‬وهو قس مان‪ .‬أح دهما‪ :‬في الص الة والخطبة وقد‬
‫مضى‪ .‬والثاني‪ :‬في غيرهما‪ ،‬وهو ضربان‪ .‬مرسل‪ ،‬ومقي د‪ .‬فالمرسل ال يقيد‬
‫بحال‪ ،‬بل يؤتى به في المساجد والمنازل والطرق ليال ونهارا‪ .‬والمقيد يؤتى‬
‫به في أدب ار الص الة خاص ة‪ .‬فالمرسل مش روع في العي دين جميع ا‪ ،‬وأول‬
‫وقته في العي دين بغ روب الش مس ليلة العي د‪ ،‬وفي آخر وقته طريق ان‪.‬‬
‫أصحهما‪ :‬على ثالثة أقوال‪ .‬أظهره ا‪ :‬يك برون إلى أن يح رم االم ام بص الة‬
‫العيد‪ .‬والثاني‪ :‬إلى أن يخرج االمام إلى الصالة‪ .‬والثالث‪ :‬إلى أن يفرغ منها‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬إلى أن يف رغ من الخطب تين‪ .‬والطريق الث اني‪ :‬القطع ب القول االول‪.‬‬
‫ويرفع الن اس أص واتهم بالمرسل في ليل تي العي دين ويوميهما إلى الغاية‬
‫الم ذكورة في المن ازل‪ ،‬والمس اجد‪ ،‬واالس واق (‪ ،)1‬والط رق‪ ،‬في الس فر‬
‫والحضر‪ ،‬في طريق المص لى‪ ،‬وبالمص لى‪ .‬ويس تثنى منه الح اج‪ ،‬فال يك بر‬
‫ليلة االضحى‪ ،‬بل ذكره (‪ )2‬التلبية‪ .‬وتكبير ليلة الفطر آكد من ليلة االضحى‬
‫على الجدي د‪ ،‬وفي الق ديم عكس ه‪ ،‬وأما المقي د‪ ،‬فيش رع في االض حى‪ ،‬وال‬
‫يشرع في الفطر على االصح عند االكثرين (‪ .)3‬وقيل‪ :‬على الجدي د‪ ،‬وعلى‬
‫الث اني‪ :‬يس تحب عقب المغ رب والعش اء والص بح (‪ .)4‬وحكم الف وائت‬
‫والنوافل في هذه المدة على ه ذا الوجه يق اس بما ن ذكره إن ش اء هللا تع الى‬
‫في االضحى‪ .‬وأما االضحى‪ ،‬فالناس فيه قسمان‪ .‬حجاج‪ ،‬وغيرهم‪ .‬فالحج اج‬
‫يبت دؤون التكب ير عقب ظهر ي وم النح ر‪ ،‬ويختمونه عقب الص بح آخر أي ام‬
‫التشريق (‪ .)5‬وأما غير الحجاج‪ ،‬ففيهم طريقان‪ .‬أصحهما‪ :‬على ثالثة أقوال‪.‬‬
‫أظهره ا‪ :‬أنهم كالحج اج‪ .‬والث اني‪ :‬يبت دؤون عقب المغ رب ليلة النحر إلى‬
‫صبح الثالث من‬

‫] ‪[ 588‬‬
‫أي ام التش ريق‪ .‬والث الث‪ :‬عقب ص بح (‪ )1‬من ي وم عرفة ويختمونه عقب‬
‫العصر آخر أي ام التش ريق‪ .‬ق ال الص يدالني وغ يره (‪ :)2‬وعليه العمل في‬
‫االمص ار‪ .‬قلت‪ :‬وهو االظهر عند المحققين‪ ،‬للح ديث (‪ .)3‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫والطريق الث اني‪ :‬القطع ب القول االول‪ .‬ولو فاتته فريضة في ه ذه االي ام‪،‬‬
‫فقضاها [ في غيرها‪ ،‬لم يكبر‪ .‬ولو فاتته في غير هذه االيام أو فيها فقض اها‬
‫فيها ] (‪ ،)4‬ك بر على االظه ر‪ .‬ويك بر عقب النوافل الراتب ة‪ ،‬ومنها ص الة‬
‫العيد‪ ،‬وعقب النافلة المطلقة‪ ،‬وعقب الجنازة على الم ذهب في الجمي ع‪ .‬وإذا‬
‫اختصرت فقيل‪ :‬أربعة أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يكبر عقب كل صالة مفعولة في ه ذه‬
‫االيام‪ .‬والث اني‪ :‬يختص ب الفرائض المفعولة فيه ا‪ ،‬م ؤداة ك انت أو مقض ية‪.‬‬
‫والث الث‪ :‬يختص بفرائض ها مقض ية ك انت أو م ؤداة‪ .‬والراب ع‪ :‬ال يك بر إال‬
‫عقب مؤداتها والسنن الراتبة‪ .‬ولو نسي التكبير خلف الصالة فتذكر والفصل‬
‫قريب‪ ،‬كبر وإن فارق مص اله‪ .‬فلو ط ال الفص ل‪ ،‬ك بر أيضا على االص ح‪.‬‬
‫والمس بوق إنما يك بر إذا أتم ص الة نفس ه‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬وجميع ما‬
‫ذكرناه هو في التكبير الذي يرفع به ص وته ويجعله ش عارا‪ .‬أما لو اس تغرق‬
‫عمره بالتكبير في نفسه‪ ،‬فال منع منه‪ .‬فرع‪ :‬صفة هذا التكبير أن يك بر ثالثا‬
‫نسقا على المذهب‪ .‬وحكي ق ول ق ديم أنه يك بر م رتين‪ .‬ق ال الش افعي رحمه‬
‫هللا‪ :‬وما زاد من ذكر هللا‪ ،‬فحس ن‪ .‬واستحسن في (االم) أن تك ون زيادت ه‪:‬‬
‫(أهلل أك بر كب يرا‪ ،‬والحمد هلل كث يرا‪ ،‬وس بحان هللا بك رة وأص يال‪ ،‬ال إله إال‬
‫هللا‪ ،‬وال نعبد إال إياه‪ ،‬مخلص ين له ال دين ولو ك ره الك افرون‪ ،‬ال إله إال هللا‬
‫وحده‪ ،‬صدق وعده ونصر عبده وهزم االحزاب (‪ )5‬وحده‪ ،‬ال إله إال هللا‬

‫] ‪[ 589‬‬
‫وأهلل أكبر)‪ .‬وق ال في الق ديم‪ :‬بعد الثالث‪( :‬أهلل أك بر كب يرا (‪ ،)1‬والحمد هلل‬
‫كثيرا (‪ ،)2‬أهلل أكبر على ما هدانا‪ ،‬والحمد هلل على ما أبالنا وأوالن ا)‪ .‬ق ال‬
‫صاحب (الشامل) والذي يقوله الناس ال بأس به أيض ا‪ ،‬وه و‪( :‬أهلل أك بر هللا‬
‫أكبر هللا أك بر‪ ،‬ال إله إال هللا وأهلل أك بر أهلل أك بر وهلل الحم د)‪ .‬قلت‪ :‬هو (‪)3‬‬
‫الذي ذكره صاحب (الشامل) نقله صاحب (البحر) عن نص الش افعي رحمه‬
‫هللا في (البويطي) وقال‪ :‬والعمل علي ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬يس توي في التكب ير‬
‫المرسل والمقي د‪ ،‬المنف رد والمص لي جماع ة‪ ،‬والرجل والم رأة‪ ،‬والمقيم‬
‫والمس افر‪ .‬قلت‪ :‬لو ك بر االم ام على خالف اعتق اد الم أموم‪ ،‬فك بر من ي وم‬
‫عرفة والم أموم ال ي رى التكب ير في ه‪ ،‬أو عكس ه‪ ،‬فهل يوافق في التكب ير‬
‫وترك ه‪ ،‬أم يتبع اعتق اد نفسه ؟ وجه ان‪ .‬االص ح‪ :‬اعتق اد نفس ه‪ ،‬بخالف ما‬
‫‪.‬قدمناه في تكبير نفس الصالة (‪ .)4‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 591‬‬
‫كتاب صالة الكس وف (‪ )1‬يطلق الكس وف والخس وف على الش مس والقمر‬
‫جميعا (‪ .)2‬وصالة كس وف الش مس والقمر س نة مؤك دة‪ ،‬وتسن في أوق ات‬
‫الكراهة وغيره ا‪ .‬وأقلها أن يح رم بنية ص الة الكس وف‪ ،‬ويق رأ الفاتح ة‪،‬‬
‫ويركع ثم يرف ع‪ ،‬فيق رأ الفاتحة ثم يركع ثاني ا‪ ،‬ثم يرفع ويطمئن‪ ،‬ثم يس جد‪،‬‬
‫فهذه ركعة‪ ،‬ثم يص لي ركعة ثانية ك ذلك (‪ ،)3‬فهي ركعت ان‪ ،‬في كل ركعة‬
‫قيامان وركوعان‪ ،‬ويقرأ الفاتحة في كل‬

‫] ‪[ 592‬‬
‫قي ام (‪ .)1‬فلو تم ادى الكس وف‪ ،‬فهل يزيد ركوعا ثالثا ؟ وجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫يزيد ثالثا ورابعا وخامس ا‪ ،‬ح تى ينجلي الكس وف‪ ،‬قاله ابن خزيم ة‪،‬‬
‫والخط ابي‪ ،‬وأبو بكر الض بعي من أص حابنا‪ ،‬لالح اديث ال واردة‪ :‬أن الن بي‬
‫(ص) ص لى ركع تين‪ ،‬في كل ركعة أربع ركوع ات‪ ،‬وروي خمس‬
‫ركوعات‪ ،‬وال محمل له إال التمادي‪ ،‬وأص حهما‪ :‬ال تج وز الزي ادة‪ ،‬كس ائر‬
‫الصلوات‪ .‬روايات الركوعين أشهر وأصح‪ ،‬فيؤخذ بها‪ ،‬كذا قاله االئمة‪ ،‬ولو‬
‫كان في القيام االول‪ ،‬فانجلى الكسوف‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ .‬وهل له أن يقتصر‬
‫على قومة واحدة‪ ،‬ورك وع واحد في كل ركعة ؟ وجه ان بن اء على الزي ادة‬
‫عند التمادي‪ ،‬إن جوزنا الزيادة‪ ،‬ج از النقص ان بحسب م دة الكس وف‪ ،‬وإال‬
‫فال‪ .‬ولو سلم من الصالة والكسوف باق‪ ،‬فهل له أن يستفتح صالة الكس وف‬
‫مرة أخرى ؟ وجهان خرجوهما على جواز زي ادة ع دد الرك وع‪ ،‬والم ذهب‬
‫المتبع‪ .‬وأكملها أن يقرأ في القيام االول بعد الفاتحة وسوابقها سورة (البقرة)‬
‫أو مق دارها إن لم يحس نها‪ ،‬وفي الث اني‪( :‬آل عم ران) أو مق دارها‪ .‬وفي‬
‫الث الث‪( :‬النس اء) أو ق درها‪ .‬وفي الراب ع‪( :‬المائ دة) أو ق درها‪ .‬وكل ذلك بعد‬
‫الفاتح ة‪ .‬ه ذه رواية الب ويطي‪ ،‬ونقل الم زني في (المختص ر)‪ :‬أنه يق رأ في‬
‫االول (البقرة) أو قدرها إن لم يحفظها‪ .‬وفي الثاني قدر مائتي آية من سورة‬
‫(البقرة)‪ .‬وفي الثالث‪ :‬قدر مائة (‪ )2‬آية وخمسين آية منها‪ ،‬وفي الرابع‪ :‬ق در‬
‫مائة آية منه ا‪ ،‬وه ذه الرواية هي ال تي قطع بها االك ثرون‪ ،‬وليس تا على‬
‫‪،‬االختالف المحقق‬

‫] ‪[ 593‬‬
‫بل االمر فيه على التقريب‪ ،‬وهما متقاربتان‪ .‬قلت‪ :‬وفي استحباب التعوذ في‬
‫ابت داء الق راءة في القومة الثاني ة‪ ،‬وجه ان حكاهما في (الح اوي)‪ ،‬وهما‬
‫الوجه ان في الركعة الثاني ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما ق در مكثه في الرك وع‪ ،‬فينبغي‬
‫أن يس بح في الرك وع االول ق در مائة آية من (البق رة) وفي الث اني‪ :‬ق در‬
‫ثمانين منها‪ ،‬وفي الثالث‪ :‬قدر سبعين‪ .‬وفي الرابع‪ :‬قدر خمسين (‪ ،)1‬واالمر‬
‫فيه على التق ريب‪ .‬ويق ول في االعت دال من (‪ )2‬كل رك وع‪( :‬س مع هللا لمن‬
‫حمده) و (ربنا لك الحمد) (‪ )3‬وهل يطول السجود في هذه‬

‫] ‪[ 594‬‬
‫الصالة ؟ قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬ال يطوله كما ال يطول التشهد‪ ،‬وال الجلوس بين‬
‫السجدتين‪ .‬والثاني‪ :‬يطول‪ .‬نقله البويطي‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والمزني‪ ،‬عن الش افعي‬
‫(‪ .)1‬قلت‪ :‬الص حيح المخت ار (‪ ،)2‬أنه يط ول الس جود (‪ )3‬وقد ثبت في‬
‫إطالته أحاديث كثيرة في (الص حيحين) عن جماعة من الص حابة‪ .‬ولو قي ل‪:‬‬
‫إنه يتعين الجزم به‪ ،‬لكان قوال ص حيحا‪ ،‬الن الش افعي رضي هللا عنه ق ال‪:‬‬
‫ما صح فيه الحديث‪ ،‬فهو قولي ومذهبي‪ .‬فإذا قلنا بإطالت ه‪ ،‬فالمخت ار فيها ما‬
‫قاله ص احب (الته ذيب) (‪ )4‬أن الس جود االول ك الركوع االول‪ ،‬والس جود‬
‫الث اني‪ ،‬ك الركوع الث اني‪ .‬وق ال الش افعي رحمه هللا في الب ويطي‪ :‬إنه نحو‬
‫الركوع الذي قبله‪ .‬وأما الجلسة بين السجدتين‪ ،‬فقد قطع (‪ )5‬الرافعي بأنه ال‬
‫يطولها‪ .‬ونقل الغزالي االتفاق على أنه ال يطوله ا‪ .‬وقد صح في ح ديث عبد‬
‫هللا بن عم رو بن الع اص رضي هللا عنهما أن الن بي (ص) س جد فلم يكد‬
‫يرف ع‪ ،‬ثم رفع فلم يكد يس جد‪ ،‬ثم س جد فلم يكد يرف ع‪ ،‬ثم فعل في الركعة‬
‫‪،‬االخرى مثل ذلك (‪ .)6‬وأما االعتدال بعد الركوع الثاني‬

‫] ‪[ 595‬‬
‫فال يطول بال خالف‪ ،‬وكذا التش هد‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬يس تحب الجماعة في‬
‫صالة الكسوفين‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أن الجماعة فيها ش رط‪ ،‬ووج ه‪ :‬أنها ال تق ام إال‬
‫في جماعة واح دة كالجمع ة‪ ،‬وهما ش اذان (‪ .)1‬ويس تحب أن ين ادي له ا‪:‬‬
‫الص الة جامع ة‪ .‬وأن يص لي في الج امع‪ ،‬وأن يخطب بعد الص الة خطب تين‬
‫كخطبتي الجمعة (‪ )2‬في االركان والشرائط (‪ ،)3‬سواء ص لوها جماعة في‬
‫مصر‪ ،‬أو صالها المس افرون في الص حراء‪ .‬ويحث االم ام الن اس في ه ذه‬
‫الخطبة على التوبة من المعاصي وعلى فعل الخ ير‪ .‬قلت‪ :‬ويحرض هم على‬
‫االعتاق والصدقة‪ ،‬ويحذرهم الغفلة واالغترار‪ .‬ففي (ص حيح البخ اري) (‪)4‬‬
‫عن أس ماء رضي هللا عنه ا‪ ،‬أن الن بي (ص) أمر بالعتاقة في كس وف‬
‫الشمس‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومن صلى منفردا‪ ،‬لم يخطب‪ .‬ويس تحب الجهر ب القراءة‬
‫في كسوف القمر‪ ،‬واالسرار في الشمس‪ ،‬هذا هو المعروف‪ .‬وقال الخطابي‪:‬‬
‫ال ذي يجئ على م ذهب الش افعي رحمه هللا‪ :‬أنه يجهر في الش مس‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫المس بوق إذا أدرك االم ام في الرك وع االول من الركعة االولى‪ ،‬فقد أدرك‬
‫الص الة‪ ،‬وإن أدركه في الرك وع االول من الركعة الثاني ة‪ ،‬فقد أدرك‬
‫الركعة‪ ،‬فإذا سلم االمام‪ ،‬قام فصلى ركعة بركوعين‪ .‬ولو أدركه في الركوع‬
‫الثاني من إحدى الركع تين‪ ،‬فالم ذهب ال ذي نص عليه في الب ويطي‪ ،‬واتفق‬
‫االص حاب على تص حيحه‪ ،‬أنه ال يك ون م دركا لشئ من الركع ة‪ .‬وحكى‬
‫صاحب (التقريب) قوال آخر أنه بإدراك الركوع الثاني يك ون م دركا للقومة‬
‫التي قبله‪ ،‬فعلى هذا لو أدرك الرك وع الث اني من االول‪ ،‬وس لم االم ام‪ ،‬ق ام‬
‫وقرأ وركع واعتدل وجلس وتشهد‬
‫] ‪[ 596‬‬
‫وس لم‪ ،‬وال يس جد‪ ،‬الن إدراك الرك وع إذا حصل القي ام ال ذي قبل ه‪ ،‬ك ان‬
‫السجود بعده محسوبا ال محالة‪ .‬وعلى المذهب‪ :‬لو أدركه في القيام الثاني ال‬
‫يكون م دركا لشئ من الركعة أيض ا‪ .‬فص ل‪ :‬تف وت ص الة كس وف الش مس‬
‫بأمرين‪ .‬أحدهما‪ :‬انجالء جميعها‪ ،‬فإن انجلى البعض فله الشروع في الصالة‬
‫للب اقي‪ ،‬كما لو لم ينكسف إال ذلك الق در‪ .‬ولو ح ال س حاب وشك في‬
‫االنجالء‪ ،‬ص لى‪ .‬ولو ك انت الش مس تحت غم ام‪ ،‬فظن الكس وف‪ ،‬لم يصل‬
‫ح تى يس تيقن‪ .‬قلت‪ :‬ق ال ال دارمي وغ يره‪ :‬وال يعمل في كس وفها بق ول‬
‫المنجمين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬الث اني‪ :‬أن تغ رب كاس فة‪ ،‬فال يص لي‪ .‬وتف وت ص الة‬
‫خسوف القمر بأمرين‪ .‬أحدهما‪ :‬االنجالء كما سبق‪ .‬والث اني‪ :‬طل وع الش مس‪.‬‬
‫فإذا طلعت وهو بعد خاسف‪ ،‬لم يصل‪ .‬ولو غاب في الليل خاسفا‪ ،‬صلى كما‬
‫لو استتر بغم ام‪ .‬ولو طلع الفجر وهو خاس ف‪ ،‬أو خسف بعد الفج ر‪ ،‬ص لى‬
‫على الجديد‪ .‬وعلى هذا لو شرع في الصالة بعد الفجر‪ ،‬فطلعت الش مس في‬
‫أثنائه ا‪ ،‬لم تبطل ص الته‪ ،‬كما لو انجلى الكس وف في االثن اء (‪ .)1‬وق ال‬
‫القاضي ابن كج‪ :‬ه ذان الق والن فيما إذا غ اب خاس فا بين الفجر وطل وع‬
‫الش مس‪ ،‬فأما إذا لم يغب وبقي خاس فا‪ ،‬فيج وز الش روع في الص الة بال‬
‫خالف‪ .‬قلت‪ :‬ص رح ال دارمي وغ يره بجري ان الق ولين في الح الين‪ .‬ق ال‬
‫صاحب (البحر)‪ :‬ولو ابتدأ الخسوف بعد طلوع الشمس‪ ،‬لم يصل قطعا‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬إذا اجتمعت ص التان في وقت‪ ،‬ق دم ما يخ اف فوته (‪ ،)2‬ثم‬
‫‪.‬االوكد‬

‫] ‪[ 597‬‬
‫فلو اجتمع عيد وكسوف‪ ،‬أو جمعة وكس وف‪ ،‬وخيف ف وت العيد أو الجمعة‬
‫لضيق وقتها‪ ،‬قدمت‪ ،‬وإن لم يخف‪ ،‬فاالظهر‪ :‬يق دم الكس وف‪ .‬والث اني‪ :‬العيد‬
‫والجمعة‪ ،‬لتأكدهما‪ ،‬وباقي الف رائض كالجمع ة‪ .‬ولو اجتمع كس وف ووتر أو‬
‫تراويح‪ ،‬قدم الكسوف (‪ )1‬مطلقا‪ ،‬النها أفض ل‪ .‬ولو اجتمع جن ازة وكس وف‬
‫أو عيد‪ ،‬قدم الجنازة (‪ ،)2‬ويشتغل االمام بعدها بغيرها‪ ،‬وال يشيعها‪ ،‬فلو لم‬
‫تحضر الجن ازة‪ ،‬أو حض رت ولم يحضر ال ولي‪ ،‬أف رد االم ام جماعة‬
‫ينتظ رون الجن ازة واش تغل هو بغيره ا‪ .‬ولو حض رت جن ازة وجمعة ولم‬
‫يضق ال وقت‪ ،‬ق دمت الجن ازة‪ .‬وإن ض اق ال وقت‪ ،‬ق دمت الجمعة على‬
‫المذهب‪ .‬وقال الشيخ أبو محمد‪ :‬تقدم الجنازة‪ ،‬الن الجمعة لها بدل‪ .‬ف رع‪ :‬إذا‬
‫اجتمع العيد والكسوف‪ ،‬خطب لهما بعد الصالتين خطبتين ي ذكر فيهما العيد‬
‫والكسوف (‪ .)3‬ولو اجتمع جمعة وكس وف‪ ،‬واقتضى الح ال تق ديم الجمع ة‪،‬‬
‫خطب لها‪ ،‬ثم صلى الجمعة‪ ،‬ثم الكسوف‪ ،‬ثم خطب له ا‪ .‬وإن اقتضى تق ديم‬
‫الكسوف‪ ،‬بدأ بها‪ ،‬ثم خطب للجمعة خطبتين يذكر فيهما شأن الكس وف‪ ،‬وال‬
‫تحت اج إلى أربع خطب‪ ،‬ويقصد ب الخطبتين الجمعة خاص ة‪ .‬وال يج وز أن‬
‫يقصد الجمعة والكس وف‪ ،‬النه تش ريك بين ف رض ونف ل‪ ،‬بخالف العيد‬
‫‪.‬والكسوف‪ ،‬فإنه يقصدهما جميعا بالخطبتين‪ ،‬النهما سنتان (‪)4‬‬

‫] ‪[ 598‬‬
‫فرع‪ :‬اعترضت طائفة على قول الشافعي‪ :‬اجتمع عيد وكسوف‪ ،‬وقالت‪ :‬هذا‬
‫محال‪ ،‬فإن الكسوف ال يقع إال في الث امن والعش رين‪ ،‬أو التاسع والعش رين‬
‫فأجاب االصحاب بأجوبة‪ .‬أحدها‪ :‬أن هذا قول المنجمين‪ ،‬وأما نحن‪ ،‬فنج وز‬
‫الكسوف في غيرهما‪ ،‬فإن هللا تعالى على كل شئ ق دير‪ .‬وقد نقل مثل ذل ك‪،‬‬
‫فقد صح أن الشمس كسفت يوم م ات إب رهيم ابن رس ول هللا (ص)‪ ،‬وروى‬
‫الزب ير بن بك ار (‪ )2‬في (االنس اب)‪ :‬أنه ت وفي في العاشر من ش هر ربيع‬
‫االول‪ .‬وروى البيهقي مثله عن الواق دي (‪ .)3‬وك ذا اش تهر أن قتل الحس ين‬
‫رضي هللا عنه كان يوم عاشوراء‪ .‬وروى ال بيهقي عن أبي قبيل (‪ )4‬أنه لما‬
‫قتل الحسين‪ ،‬كسفت الش مس‪ .‬الث اني‪ :‬أن وق وع العيد في الث امن والعش رين‬
‫يتصور بأن يشهد شاهدان على‬

‫] ‪[ 599‬‬
‫نقصان رجب‪ ،‬وآخران على نقصان ش عبان ورمض ان‪ ،‬وك انت في الحقيقة‬
‫كاملة‪ ،‬فيقع العيد في الثامن والعشرين‪ .‬الثالث‪ :‬لو لم يقع ذلك‪ ،‬لكان تص وير‬
‫الفقيه له حس نا‪ ،‬ليت درب باس تخراج الف روع الدقيقة (‪ .)1‬فصل ما س وى‬
‫الكسوفين من اآليات‪ ،‬كالزالزل والصواعق والرياح الش ديدة‪ ،‬ال يص لى لها‬
‫جماعة‪ ،‬لكن يستحب الدعاء والتضرع‪ .‬ويستحب لكل أحد أن يصلي منف ردا‬
‫لئال يكون غافال‪ .‬وروى الشافعي‪ :‬أن عليا كرم هللا وجه ه‪ ،‬ص لى في زلزلة‬
‫جماعة‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬إن صح قلت به‪ ،‬فمن االص حاب من ق ال‪ :‬ه ذا ق ول‬
‫آخر ل ه‪ ،‬في الزلزلة وح دها‪ ،‬ومنهم من عممه في جميع اآلي ات‪ .‬قلت‪ :‬لم‬
‫يصح ذلك عن علي رضي هللا عن ه‪ ،‬ق ال الش افعي واالص حاب‪ :‬يس تحب‬
‫للنساء غير ذوات الهيئات صالة الكس وف مع االم ام‪ ،‬وأما ذوات الهيئ ات‪،‬‬
‫فيصلين في البيوت منفردات‪ .‬قال الشافعي‪ :‬فإن اجتمعن‪ ،‬فال ب أس‪ ،‬إال أنهن‬
‫‪.‬ال يخطبن‪ ،‬فإن قامت واحدة وعظتهن وذكرتهن‪ ،‬فال بأس‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 601‬‬
‫كتاب صالة االستس قاء (‪ )1‬الم راد باالستس قاء‪ :‬س ؤال هللا تع الى أن يس قي‬
‫عباده عند حاجتهم‪ ،‬وله أن واع‪ .‬أدناه ا‪ :‬ال دعاء بال ص الة وال خلف ص الة‪،‬‬
‫ف رادى أو مجتمعين ل ذلك‪ ،‬وأوس طها‪ :‬ال دعاء خلف الص لوات‪ ،‬وفي خطبة‬
‫الجمعة ونحو ذل ك‪ .‬وأفض لها‪ :‬االستس قاء بركع تين وخطب تين‪ .‬ويس توي في‬
‫استحباب االستس قاء أهل الق رى واالمص ار والب وادي والمس افرون‪ ،‬ويسن‬
‫لهم جميعا الص الة والخطب ة‪ .‬ولو انقطعت المي اه ولم يمس إليها حاجة في‬
‫ذلك ال وقت‪ ،‬لم يستس قوا‪ ،‬ولو انقطعت عن طائفة من المس لمين واحت اجت‪،‬‬
‫‪.‬استحب لغيرهم أن يصلوا ويستسقوا لهم‪ ،‬ويسألوا الزيادة النفسهم (‪)2‬‬

‫] ‪[ 602‬‬
‫فرع‪ :‬إذا استسقوا فسقوا‪ ،‬فذاك‪ ،‬وإن (‪ )1‬تأخرت االجابة‪ ،‬استس قوا وص لوا‬
‫ثانيا وثالثا حتى يسقيهم هللا تعالى (‪ .)2‬وهل يعودون من الغد‪ ،‬أم يص ومون‬
‫ثالثة أي ام قبل الخ روج كما يفعل ون في الخ روج االول ؟ ق ال في‬
‫(المختصر)‪ :‬من الغد‪ .‬وفي القديم‪ :‬يصومون‪ ،‬فقيل‪ :‬قوالن‪ .‬أظهرهما‪ :‬االول‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬على ح الين‪ .‬ف إن لم يشق على الن اس‪ ،‬ولم ينقطع وا عن مص الحهم‬
‫عادوا غدا وبعد بغد‪ ،‬وإن اقتضى الحال الت أخير أيام ا‪ ،‬ص اموا‪ .‬قلت‪ :‬ونقل‬
‫القاضي أبو الطيب عن عامة االص حاب‪ :‬أن المس ألة على ق ول واح د‪ ،‬نقل‬
‫المزني الجواز‪ ،‬والق ديم االس تحباب (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ثم جم اهير االص حاب‬
‫قطع وا باس تحباب تكرير االستس قاء كما ذكرن ا‪ ،‬لكن االس تحباب في الم رة‬
‫االولى آك د‪ .‬وحكي وج ه‪ :‬أنهم ال يفعل ون ذلك إال م رة‪ .‬ف رع‪ :‬لو ت أهبوا‬
‫للخ روج للص الة‪ ،‬فس قوا قبل موعد الخ روج‪ ،‬خرج وا للوعظ وال دعاء‬
‫والشكر‪ .‬وهل يصلون ش كرا ؟ فيه طريق ان‪ .‬قطع االك ثرون بالص الة‪ ،‬وهو‬
‫المنص وص في (االم) (‪ .)4‬وحكى إم ام الح رمين والغ زالي وجهين‪.‬‬
‫‪:‬أصحهما‬
‫] ‪[ 603‬‬
‫هذا‪ .‬والثاني‪ :‬ال يصلون‪ .‬وأج ري الوجه ان فيما إذا لم تنقطع المي اه وأرادوا‬
‫أن يصلوا لالس تزادة‪ .‬فص ل‪ :‬في آداب ه ذه الص الة‪ :‬منه ا‪ :‬أن ي أمر االم ام‬
‫الناس بص وم ثالثة أي ام قبل ي وم الخ روج (‪ )1‬وب الخروج عن المظ الم في‬
‫الدم والعرض والمال‪ ،‬وبالتقرب إلى هللا تعالى بما يستطيعون من الخير‪ ،‬ثم‬
‫يخرجون في اليوم الرابع صياما (‪ ،)2‬في ثياب بذل ة‪ ،‬وتخشع بال زينة وال‬
‫طيب‪ ،‬لكن يتنظف ون بالم اء والس واك وقطع الرائحة الكريه ة‪ .‬ويس تحب‬
‫إخراج الص بيان والمش ايخ‪ ،‬ومن ال هيئة لها من النس اء‪ ،‬ويس تحب إخ راج‬
‫البهائم على االصح (‪ .)3‬وعلى الثاني‪ :‬ال يستحب‪ ،‬فلو أخ رجت‪ ،‬فال ب أس‪.‬‬
‫وأما خروج أهل الذمة‪ ،‬فنص الشافعي رحمه هللا على كراهيت ه‪ ،‬والمنع منه‬
‫إن حض روا مستس قى للمس لمين‪ ،‬وإن تم يزوا ولم يختلط وا بالمس لمين‪ ،‬لم‬
‫يمنع وا (‪ .)4‬وحكى الروي اني وجه ا‪ :‬أنهم يمنع ون وإن تم يزوا‪ ،‬إال أن‬
‫يخرجوا في غ ير ي وم المس لمين‪ .‬ومن اآلداب أن ي ذكر كل واحد من الق وم‬
‫في نفسه ما فعل من‬

‫] ‪[ 604‬‬
‫خير‪ ،‬فيجعله ش افعا‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يستس قى باالك ابر وأهل الص الح‪ ،‬ال س يما‬
‫أق ارب رس ول هللا (ص)‪ .‬فص ل‪ :‬الس نة أن يص ليها في الص حراء‪)1( ،‬‬
‫وينادي لها‪ :‬الصالة جامعة‪ ،‬ويصلي ركعتين‪ ،‬يكبر في االولى سبع تكبيرات‬
‫زائ دة‪ ،‬وفي الثانية خمس ا‪ ،‬ويجهر فيهما ب القراءة‪ ،‬ويق رأ في االولى بعد‬
‫(الفاتح ة)‪( :‬ق)‪ .‬وفي الثاني ة‪( :‬اق تربت)‪ .‬وق ال بعض االص حاب‪ :‬يق رأ في‬
‫إح داهما‪( :‬إنا أرس لنا نوح ا) وليكن في الثانية وفي االولى (ق)‪ .‬ونص‬
‫الشافعي رحمه هللا‪ :‬أنه يقرأ فيهما ما يق رأ في العي د‪ ،‬وإن ق رأ (إنا أرس لنا)‬
‫ك ان حس نا‪ .‬وه ذا يقتضي أن ال خالف في المس ألة‪ ،‬وأن كال س ائغ‪ ،‬ومنهم‬
‫من قال‪ :‬في االحب خالف‪ .‬واالصح‪ :‬أنه يق رأ ما يق رأ في العي د‪ .‬وأما وقت‬
‫ه ذه الص الة‪ ،‬فقطع الش يخ أبو علي وص احب (الته ذيب) بأنه وقت ص الة‬
‫العي د‪ ،‬واس تغرب إم ام الح رمين ه ذا‪ ،‬وذكر الروي اني وآخ رون‪ :‬أن وقتها‬
‫يبقى بعد الزوال ما لم يصل العصر‪ ،‬وصرح ص احب (التتم ة) ب أن ص الة‬
‫االستس قاء ال تختص ب وقت‪ ،‬بل أي وقت ص لوها من ليل أو نه ار‪ ،‬ج از‪،‬‬
‫وقد ق دمنا عن االئمة وجهين في كراهة ص الة االستس قاء في االوق ات‬
‫المكروه ة‪ ،‬ومعل وم أن االوق ات المكروهة غ ير داخلة في حكم (‪ )2‬وقت‬
‫صالة العيدين (‪ ،)3‬وال مع انضمام ما بين الزوال والعصر إليه‪ ،‬فيل زم أن‬
‫ال يك ون وقت االستس قاء منحص را (‪ )4‬في ذل ك‪ ،‬وليس لحامل أن يحمل‬
‫ال وجهين في الكراهة على قض ائها‪ ،‬فانها ال تقض ى‪ .‬قلت‪ :‬ليس بالزم ما‬
‫قال ه‪ ،‬فقد تق دم أن االص ح‪ :‬دخ ول وقت العيد بطل وع الش مس‪ ،‬وهو وقت‬
‫كراه ة‪ ،‬وممن ق ال بانحص ار وقت االستس قاء في وقت العي د‪ ،‬الش يخ أبو‬
‫حامد‪ ،‬والمحاملي‪ ،‬ولكن الصحيح الذي نص عليه الشافعي‪ ،‬وقطع به‬

‫] ‪[ 605‬‬
‫االك ثرون‪ ،‬وص ححه ال رافعي في (المح رر) والمحقق ون‪ :‬أنها ال تختص‬
‫ب وقت‪ ،‬كما ال تختص بي وم‪ .‬وممن قطع به ص احبا (الح اوي) و (الش امل)‬
‫ونقله صاحب (الشامل) وصاحب (جمع الجوامع) عن نص الش افعي رضي‬
‫هللا عنه‪ .‬وقال إمام الح رمين‪ :‬لم أر التخص يص لغ ير الش يخ أبي علي‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬يس تحب أن يخطب خطب تين بعد الص الة (‪ ،)1‬وأركانهما‬
‫وش رائطهما كما تق دم في العيد (‪ .)2‬لكن تخالفها في أم ور‪ .‬منه ا‪ :‬أنه يب دل‬
‫التكبيرات المشروعة في أولهما باالستغفار (‪ )3‬فيقول‪( :‬أستغفر هللا ال ذي ال‬
‫إله إال هو الحي القي وم وأت وب إلي ه)‪ .‬ويختم كالمه باالس تغفار‪ ،‬ويك ثر منه‬
‫في الخطبة‪ ،‬ومن قوله‪( :‬استغفروا ربكم إنه كان غفارا‪ )...‬اآلي ة‪ .‬ن وح‪.10 :‬‬
‫ولنا وجه حك اه في (البي ان) عن المح املي‪ :‬أنه يك بر هنا في ابت داء الخطبة‬
‫كالعيد‪ ،‬والمع روف االول‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن يس تقبل القبلة في الخطبة الثاني ة‪ ،‬كما‬
‫سنذكره إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ومنه ا‪ :‬أنه يس تحب أن ي دعو في االولى‪( :‬اللهم‬
‫اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجلال س حا طبقا دائم ا‪ ،‬اللهم اس قنا‬
‫الغيث وال تجعلنا من الق انطين‪ ،‬اللهم إن بالعب اد والبالد من الالواء والجهد‬
‫والض نك ما ال نش كو إال إلي ك‪ ،‬اللهم أنبت لنا ال زرع‪ ،‬وأدر لنا الض رع‪،‬‬
‫واس قنا من برك ات الس ماء‪ ،‬وأنبت لنا من برك ات االرض‪ ،‬اللهم ارفع عنا‬
‫الجهد والجوع والعري‪ ،‬واكشف عنا من البالء ما ال يكشفه غيرك‪ ،‬اللهم إنا‬
‫نستغفرك إنك كنت غفارا‪ ،‬فأرسل السماء علينا مدرارا) ويكون في‬

‫] ‪[ 606‬‬
‫الخطبة االولى وص در الثاني ة‪ ،‬مس تقبل الن اس‪ ،‬مس تدبر القبل ة‪ ،‬ثم يس تقبل‬
‫القبلة‪ ،‬ويبالغ في الدعاء سرا وجهرا‪ ،‬وإذا أسر دعا الن اس س را‪ ،‬ويرفع ون‬
‫أيديهم في الدعاء‪ .‬وفي الحديث أن الن بي (ص) استس قى وأش ار بظهر كفيه‬
‫إلى السماء‪ .‬قال العلماء‪ :‬الس نة لكل من دعا لرفع بالء‪ ،‬أن يجعل ظهر كفيه‬
‫إلى السماء‪ ،‬وإذا س أل ش يئا جعل بطن (‪ )1‬كفيه إلى الس ماء‪ .‬قلت‪ :‬الح ديث‬
‫المذكور (‪ ،)2‬في (صحيح مس لم) (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ق ال الش افعي رحمه هللا‪:‬‬
‫وليكن من دع ائهم في ه ذه الحالة (اللهم أنت أمرتنا ب دعائك‪ ،‬ووع دتنا‬
‫إجابت ك‪ ،‬وقد دعون اك كما أمرتن ا‪ ،‬فأجبنا كما وع دتنا‪ ،‬اللهم امنن علينا‬
‫بمغفرة ما قارفنا‪ ،‬وإجابتك في سقيانا وس عة رزقن ا)‪ .‬ف إذا ف رغ من ال دعاء‬
‫أقبل بوجهه على الن اس وحثهم على طاعة هللا‪ ،‬وص لى على الن بي (ص)‪،‬‬
‫ودعا للمؤم نين والمؤمن ات‪ ،‬وق رأ آية أو آي تين‪ ،‬ويق ول‪( :‬أس تغفر هللا لي‬
‫ولكم)‪ .‬هذا لفظ الشافعي رضي هللا عنه‪ .‬ويستحب عند تحوله إلى القبل ة‪ ،‬أن‬
‫يح ول رداءه‪ .‬وهل ينكسه مع التحويل ؟ ق والن‪ .‬الجدي د‪ :‬نعم‪ .‬والق ديم‪ :‬ال‪.‬‬
‫فالتحوي ل‪ :‬أن يجعل ما على عاتقه االيمن على عاتقه االيس ر‪ ،‬وب العكس‪.‬‬
‫والتنكيس‪ :‬أن يجعل أعاله أس فله‪ ،‬وم تى جعل الط رف االس فل ال ذي على‬
‫ش قه االيسر على عاتقه االيمن‪ ،‬والط رف االس فل ال ذي على ش قه االيمن‬
‫على عاتقه االيسر‪ ،‬حصل التحويل والتنكيس جميعا‪ ،‬هذا في الرداء المربع‪،‬‬
‫فأما المق ور والمثلث‪ ،‬فليس فيه إال التحوي ل‪ .‬ويفعل الن اس ب أرديتهم كفعل‬
‫االمام تفاؤال بتغ ير الح ال إلى الخص ب‪ ،‬ويتركونها محولة إلى أن ي نزعوا‬
‫الثياب‪ .‬قلت‪ :‬قال الش افعي‪ ،‬واالص حاب رحمهم هللا تع الى‪ :‬إذا ت رك االم ام‬
‫االستسقاء‪ ،‬لم يتركوه (‪ )4‬الناس (‪ .)5‬ولو خطب قبل الصالة‪ ،‬قال صاحب‬

‫] ‪[ 607‬‬
‫يج وز وتصح الخطبة والص الة (‪ ،)1‬ويحتج لها بما ثبت في ‪):‬التتمة(‬
‫الحديث الص حيح الص ريح في (س نن أبي داود) (‪ )2‬وغ يره أن رس ول هللا‬
‫(ص) خطب ثم صلى‪ .‬وفي صحيحي (البخ اري) (‪ )3‬و (مس لم) أن رس ول‬
‫هللا (ص) خ رج يستس قي ف دعا‪ ،‬واس تقبل القبلة وح ول رداءه‪ ،‬ثم ص لى‬
‫ركع تين‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬وإذا ك ثرت االمط ار وتض ررت بها المس اكن‬
‫والزروع‪ ،‬فالس نة أن يس ألوا هللا تع الى دفعه (اللهم حوالينا وال علين ا)‪ .‬ق ال‬
‫الشافعي واالصحاب‪ :‬وال يشرع لذلك صالة‪ ،‬ويستحب أن ي برز الول مطر‬
‫يقع في الس نة‪ ،‬ويكشف من (‪ )4‬بدنه ما ع دا عورته ليص يبه المط ر‪ ،‬وأن‬
‫يغتسل في الوادي إذا سال‪ ،‬أو يتوضأ (‪ ،)5‬ويسبح عند الرعد والبرق‪ ،‬وال‬
‫يتبع بصره البرق‪ .‬والسنة أن يق ول عند ن زول المط ر‪( :‬اللهم ص يبا نافع ا)‬
‫رواه البخاري (‪ )6‬في (ص حيحه)‪ .‬وفي رواية ابن ماجه (‪( :)7‬س يبا نافع ا)‬
‫مرتين أو ثالثا‪ ،‬فيستحب الجمع بينهما‪ .‬وقد أوضحت ذلك مع زوائد ونفائس‬
‫تتعلق به في كتاب (االذكار) الذي ال يستغني متدين عن معرفة مثله‪ .‬ويكره‬
‫سب ال ريح‪ ،‬ف إن كرهه ا‪ ،‬س أل هللا تع الى الخ ير‪ ،‬واس تعاذ من الش ر‪ .‬وفي‬
‫(صحيح مسلم) (‪ )8‬أن النبي (ص) [ ك ان ] إذا عص فت ال ريح ق ال‪( :‬اللهم‬
‫إني أس ألك خيره ا‪ ،‬وخ ير ما فيه ا‪ ،‬وخ ير ما أرس لت ب ه‪ ،‬وأع وذ بك من‬
‫شرها‪ ،‬وشر ما فيها‪ ،‬وشر ما أرسلت به) ويستحب أن يقول بعد‬

‫] ‪[ 608‬‬
‫المطر‪( :‬مطرنا بفضل هللا ورحمت ه)‪ .‬ويس تحب ال دعاء عند ن زول المط ر‪،‬‬
‫ويشكر هللا تعالى عليه‪ .‬ويكره أن يقول‪ :‬مطرنا بنوء (‪ )1‬كذا‪ ،‬ف إن اعتقد أن‬
‫‪.‬النوء هو الممطر الفاعل حقيقة‪ ،‬كفر فصار مرتدا‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 609‬‬
‫كتاب الجن ائز (‪ )1‬يس تحب لكل واحد ذكر الم وت‪ .‬قلت‪ :‬ويس تحب االكث ار‬
‫منه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويستعد له بالتوبة‪ ،‬ورد المظالم إلى أهله ا‪ ،‬والم ريض آك د‪.‬‬
‫ويس تحب له الص بر على الم رض‪ ،‬وت رك االنين ما أط اق‪ ،‬ويس تحب‬
‫التداوي‪ ،‬ويستحب لغيره عيادته إن ك ان مس لما‪ ،‬ف إن ك ان ذميا له قرابة أو‬
‫جوار أو نحوهما‪ ،‬استحبت‪ ،‬وإال جازت‪ ،‬فإن رأى العائد عالمة البرء‪ ،‬دعا‬
‫(‪ )2‬وانص رف‪ ،‬وإن رأى خالف ذل ك‪ ،‬رغبه في التوبة والوص ية‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ويس تحب للعائد أن يطيب نفس الم ريض وال يط ول القع ود‪ ،‬وال يواصل‬
‫العي ادة‪ ،‬بل تك ون غبا (‪ ،)3‬وال تك ره العي ادة في وقت إال أن يشق على‬
‫‪.‬المريض‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 610‬‬
‫فصل في آداب المحتض ر‪ :‬يس تقبل به القبل ة‪ .‬وفي كيفيته وجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫يلقاه (‪ )1‬على قفاه وأخمصاه إلى القبلة‪ .‬والث اني وهو الص حيح المنص وص‬
‫وبه قطع العراقيون (‪ )2‬وصححه االك ثرون (‪ :)3‬يض جع على جنبه االيمن‬
‫مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد‪ ،‬فإن لم يمكن لضيق الموضع‪ ،‬أو س بب‬
‫آخر‪ ،‬فعلى قفاه (‪ ،)4‬ووجهه وأخمص اه إلى القبل ة‪ .‬ويس تحب أن يلقن كلمة‬
‫الش هادة (‪ ،)5‬وال يلح الملقن وال يواجهه بق ول‪ :‬ق ل‪( :‬ال إله إال هللا) بل‬
‫يذكرها بين يديه ليذكر‪ .‬أو يق ول‪ :‬ذكر هللا تع الى مب ارك‪ ،‬فن ذكر هللا تع الى‬
‫جميعا [ ويقول‪( ] :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا أكبر) فإذا (‬
‫‪ )6‬قالها مرة ال تع اد عليه ما لم يتكلم بع دها (‪ ،)7‬ويس تحب أن يلقنه غ ير‬
‫الورثة‪ ،‬فإن لم يحضر غيرهم‪ ،‬لقنه أشفقهم عليه‪ .‬قلت‪ :‬هكذا ق ال الجمه ور‪،‬‬
‫يلقنه كلمة الش هادة (ال إله إال هللا)‪ .‬وذهب جماع ات من أص حابنا إلى أنه‬
‫يلقن أيض ا‪ :‬محم دا رس ول هللا‪ .‬ممن ص رح ب ه‪ ،‬القاضي أبو الطيب‪،‬‬
‫والماوردي‪ ،‬وسليم الرازي (‪ ،)8‬ونصر المقدسي‪ ،‬وأبو العباس‬

‫] ‪[ 611‬‬
‫الجرج اني‪ ،‬والشاشي في (المعتم د) واالول أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويس تحب أن‬
‫يق رأ عن ده (‪( )1‬يس)‪ .‬واس تحب جعض الت ابعين س ورة (الرع د) أيض ا‪.‬‬
‫وينبغي له أن يحسن ظنه باهلل تع الى‪ ،‬ويس تحب لمن عن ده‪ ،‬تحس ين ظنه‬
‫وتطميعه في رحمة هللا تعالى‪ .‬فإذا مات غمضت عيناه‪ ،‬وشد لحياه بعص ابة‬
‫عريض ة‪ ،‬ويربطها ف وق رأس ه‪ ،‬ويلين مفاص له‪ ،‬فيمد س اعده إلى عض ده‬
‫ويرده‪ ،‬وي رد س اقه إلى فخ ذه‪ ،‬وفخ ذه إلى بطن ه‪ ،‬ويردهما ويلين أص ابعه‪،‬‬
‫وينزع ثيابه التي مات فيها‪ ،‬ويستر جميع بدنه بثوب خفيف‪ ،‬وال يجمع عليه‬
‫أطب اق الثي اب‪ ،‬ويجعل أط راف الث وب الس اتر تحت رأسه ورجليه لئال‬
‫ينكشف‪ ،‬ويوضع على بطنه شئ ثقيل‪ ،‬كسيف‪ ،‬أو مرآة‪ ،‬أو نحوهما‪ .‬فإن لم‬
‫يكن‪ ،‬فطين رطب‪ ،‬ويصان المصحف عن ه‪ ،‬ويس تقبل به القبلة كالمحتض ر‪،‬‬
‫ويوضع على شئ مرتف ع‪ ،‬كس رير ونح وه‪ ،‬ويت ولى ه ذه االم ور أرفق‬
‫محارمه بأسهل ما يقدر عليه‪ .‬قلت‪ :‬يتواله الرجال من الرج ال‪ ،‬والنس اء من‬
‫النساء‪ ،‬فإن تواله الرجال من النساء (‪ )2‬المحارم‪ ،‬أو النس اء من الرج ال (‬
‫‪ )3‬المحارم‪ ،‬جاز‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ويبادر إلى قضاء دينه وتنفيذ وصيته إن تيسر‬
‫في الحال‪ .‬قلت‪ :‬يكره تم ني الم وت لضر ن زل ب ه‪ ،‬ف إن ك ان ال بد متمني ا‪،‬‬
‫فليقل‪( :‬اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي‪ ،‬وتوفني إذا كانت الوف اة خ يرا‬
‫لي) (‪ .)4‬فإن‬

‫] ‪[ 612‬‬
‫ك ان تمنيه مخافة فتنة في دينه فال ب أس‪ .‬ويك ره للم ريض ك ثرة الش كوى‪،‬‬
‫وتكره الكراهة (‪ )1‬على تناول الدواء‪ .‬ويستحب للناس أن يقولوا عند الميت‬
‫خيرا‪ .‬ويجوز الهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه‪ ،‬ثبتت فيه االح اديث (‪،)2‬‬
‫وصرح به ال دارمي‪ .‬ويك ره نعيه بنعي الجاهلي ة‪ ،‬وال ب أس ب االعالم بموته‬
‫للص الة عليه وغيره ا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ب اب غسل الميت يس تحب المب ادرة إلى‬
‫غسله وتجهيزه إذا تحقق موته‪ ،‬بأن يموت بعلة‪ ،‬أو تظهر أم ارات الم وت‪،‬‬
‫بأن يسترخي قدماه‪ ،‬فال (‪ )3‬ينتصبا‪ ،‬أو يميل أنف ه‪ ،‬أو ينخسف ص دغاه‪ ،‬أو‬
‫تمتد جلدة وجهه‪ ،‬أو ينخلع كف اه من ذراعي ه‪ ،‬أو تتقلص خص يتاه إلى ف وق‬
‫مع تدلي الجل دة‪ ،‬وإن (‪ )4‬شك ب أن ال يك ون به عل ة‪ ،‬واحتمل أن يك ون به‬
‫س كتة‪ ،‬أو أظه رت أم ارات ف زع أو غ يره‪ ،‬أخر إلى ال تيقين (‪ )5‬بتغي ير‬
‫الرائحة أو غيره (‪ .)6‬فص ل‪ :‬غسل الميت ف رض كفاية (‪ ،)7‬وك ذا التكفين‬
‫والصالة عليه والدفن‬

‫] ‪[ 613‬‬
‫باالجماع‪ .‬وأقل الغس ل‪ :‬اس تيعاب الب دن م رة بعد إزالة النجاسة إن ك انت (‬
‫‪ .)1‬وفي اش تراط نية الغسل على الغاسل وجه ان‪ .‬أص حهما فيما ذك ره‬
‫الروي اني وغ يره‪ :‬ال يش ترط‪ .‬قلت‪ :‬ص ححه االك ثرون‪ ،‬وهو ظ اهر نص‬
‫الش افعي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو غسل الك افر مس لما‪ ،‬فالص حيح المنص وص‪ :‬أنه‬
‫يكفي‪ .‬ولو غرق إنسان‪ ،‬ثم ظفرنا به‪ ،‬لميكف ما سبق‪ ،‬بل يجب غس له على‬
‫الص حيح المنص وص (‪ .)2‬أما أكمل الغس ل‪ ،‬فيس تحب أن يحمل (‪ )3‬الميت‬
‫إلى موضع خ ال مس تور ال يدخله إال الغاس ل‪ ،‬ومن ال بد من معونته عند‬
‫الغسل‪ .‬وذكر الروياني وغ يره‪ :‬أن لل ولي أن ي دخل إن ش اء‪ ،‬وإن لم يغسل‬
‫ولم يعن‪ ،‬ويوضع على لوح أو سرير هيئ ل ه‪ ،‬ويك ون موضع رأسه أعلى‬
‫لينحدر الماء‪ ،‬ويغسل في قميص يلبسه عند إرادته (‪ )4‬غسله‪ .‬ولنا وجه‪ :‬أن‬
‫االولى أن يج رد‪ .‬والص حيح المع روف‪ :‬هو االول‪ .‬وليكن القميص باليا أو‬
‫سخيفا‪ .‬ثم إن كان القميص واسعا‪ ،‬أدخل يده في كمه‪ ،‬وغسل (‪ )5‬من تحته‪،‬‬
‫وإن ك ان ض يقا‪ ،‬فتق رأس ال دخاريض (‪ )6‬وأدخل ي ده فيه (‪ .)7‬ولو لم‬
‫يوجد‬

‫] ‪[ 614‬‬
‫قميص‪ ،‬أو لم يت أت غس له في ه‪ ،‬س تر منه ما بين الس رة والركب ة‪ ،‬وح رم‬
‫النظر إلي ه‪ .‬ويك ره للغاسل أن ينظر إلى شئ من بدنه إال لحاجة ب أن يريد‬
‫معرفة المغس ول‪ .‬وأما المعين‪ ،‬فال ينظر إال لض رورة‪ ،‬ويحضر م اء ب اردا‬
‫في إناء كبير ليغسل به‪ ،‬وهو أولى من المسخن‪ ،‬إال أن يحتاج إلى المس خن‬
‫لشدة البرد (‪ ،)1‬أو لوسخ‪ ،‬أو غيره‪ .‬وينبغي أن يبعد االناء ال ذي فيه الم اء‬
‫عن المغتسل‪ ،‬بحيث ال يصيبه رشاش الماء عند الغس ل‪ .‬ف رع‪ :‬ويعد الغاسل‬
‫قبل الغسل خرقتين نظيفتين‪ ،‬وأول ما يبدأ به بعد وضعه على المغتس ل‪ ،‬أن‬
‫يجلسه إجالسا رفيقا‪ ،‬بحيث ال يعتدل‪ ،‬ويكون م ائال إلى ورائ ه‪ ،‬ويضع ي ده‬
‫اليمنى على كتفه‪ ،‬وإبهامه في نقرة قفاه‪ ،‬لئال يميل رأسه‪ ،‬ويسند ظه ره إلى‬
‫ركبته اليمنى‪ ،‬ويمر يده اليسرى على بطنه إمرارا بليغا لتخ رج الفض الت‪،‬‬
‫ويك ون عن ده مجم رة فائحة ب الطيب‪ ،‬ويصب عليه المعين م اء كث يرا لئال‬
‫تظهر رائحة ما يخرج‪ ،‬ثم يرده إلى هيئة االس تلقاء‪ ،‬ويغسل بيس اره ‪ -‬وهي‬
‫ملفوفة بإح دى الخرق تين ‪ -‬دب ره وم ذاكره (‪ )3( )2‬وعانت ه‪ ،‬كما يس تنجي‬
‫الحي‪ ،‬ثم يلقي تلك الخرقة‪ ،‬ويغسل يده بماء وإشنان‪ .‬كذا ق ال الجمه ور‪ :‬إنه‬
‫يغسل الس وءتين معا بخرقة (‪ )4‬واح دة‪ .‬وفي (النهاي ة) و (الوس يط)‪ :‬أنه‬
‫يغسل كل سوءة بخرقة‪ ،‬وال شك‬

‫] ‪[ 615‬‬
‫أنه أبلغ في النظافة‪ ،‬ثم يتعهد ما على بدنه من قذر ونحوه‪ .‬ف رع‪ :‬ف إذا ف رغ‬
‫مما قدمناه‪ ،‬لف الخرقة االخرى على الي د‪ ،‬وأدخل أص بعه في في ه‪ ،‬وأمرها‬
‫على أس نانه بشئ من الم اء‪ ،‬وال يفتح أس نانه‪ ،‬وي دخل أص بعه في منخريه‬
‫بشئ من الماء ليزيل ما فيهما من أذى‪ .‬ثم يوضئه كوض وء الحي ثالثا ثالثا‬
‫مع المضمضة واالستنش اق‪ ،‬وال يكفي ما ق دمناه من إدخ ال االص بعين عن‬
‫المضمضة واالستنشاق‪ ،‬بل ذاك كالسواك‪ .‬هذا مقتضى كالم الجمهور‪ .‬وفي‬
‫(الش امل) وغ يره‪ :‬ما يقتضي االكتف اء‪ .‬واالول أص ح‪ .‬ويميل رأسه في‬
‫المضمضة واالستنش اق‪ ،‬لئال يصل الم اء باطن ه‪ .‬وهل يكفي وص ول الم اء‬
‫مقاديم الشفتين (‪ )1‬والمنخرين‪ ،‬أم يوصله إلى الداخل ؟ حكى إمام الحرمين‬
‫فيه ترددا‪ ،‬لخوف الفساد‪ ،‬وقطع بأن أسنانه لو كانت متراصة ال تفتح‪ .‬فرع‪:‬‬
‫فإذا فرغ من وضوئه‪ ،‬غسل رأسه‪ ،‬ثم لحيته‪ ،‬بالسدر والخطمي‪ ،‬وس رحهما‬
‫بمشط واسع االس نان إن كانا متلب دين‪ ،‬ويرفق لئال ينتف ش عر‪ ،‬ف إن انتتف‬
‫رده إليه (‪ .)2‬ثم يغسل ش قه االيمن المقبل من عنق ه‪ ،‬وص دره‪ ،‬وفخ ذه‪،‬‬
‫وس اقه‪ ،‬وقدم ه‪ .‬ثم يغسل ش قه االيسر ك ذلك‪ ،‬ثم يحوله إلى جنبه االيس ر‪،‬‬
‫فيغسل ش قه االيمن مما يلي القفا والظهر من الكتفين إلى الق دم‪ ،‬ثم يحوله‬
‫إلى جنبه االيمن‪ ،‬فيغسل ش قه االيسر ك ذلك‪ .‬ه ذا نص الش افعي في‬
‫(المختصر)‪ .‬وبه قال أكثر االصحاب‪ ،‬وحكى العراقيون وغيرهم قوال آخر‪:‬‬
‫أنه يغسل جانبه االيمن من مقدمه‪ ،‬ثم يحوله فيغسل جانب ظه ره االيمن‪ ،‬ثم‬
‫يلقيه على ظه ره فيغسل جانبه االيسر من مقدم ه‪ ،‬ثم يحوله فيغسل ج انب‬
‫ظه ره االيس ر‪ .‬ق الوا‪ :‬وكل واحد من ه ذين الط ريقين س ائغ‪ ،‬واالول أولى‪.‬‬
‫وقال إمام الحرمين‪ ،‬والغ زالي في آخ رين‪ :‬يض جع أوال على جنبه االيس ر‪،‬‬
‫فيصب الماء على شقه االيمن من رأسه إلى قدمه‪ ،‬ثم‬

‫] ‪[ 616‬‬
‫يض جع على جنبه االيمن‪ ،‬فيصب على ش قه االيس ر‪ .‬والجمه ور على ما‬
‫قدمناه‪ ،‬وعلى أن غسل ال رأس ال يع اد‪ ،‬بل يب دأ بص فحة العنق فما تحته ا‪،‬‬
‫وقد حصل غسل ال رأس أوال‪ .‬ويجب االح تراز عن كبه على الوج ه‪ .‬ثم‬
‫جميع ما ذكرناه غسلة واحدة‪ .‬وهذه الغسلة تكون بالم اء والس در والخطمي‪،‬‬
‫ثم يصب عليه الماء القراح‪ ،‬من قرنه إلى قدمه‪ .‬ويس تحب أن يغس له ثالث ا‪،‬‬
‫ف إن لم تحصل النظاف ة‪ ،‬زاد ح تى تحص ل‪ ،‬ف إن حصل بش فع‪ ،‬اس تحب‬
‫االيت ار‪ ،‬وهل يس قط الف رض بالغس لة المتغ يرة بالس در والخطمي ؟ فيه‬
‫وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬ال تحسب ه ذه الغس لة من الثالث قطع ا‪.‬‬
‫وهل تحسب الواقعة بع دها ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‪ ،‬الن الم اء إذا أص اب‬
‫المحل اختلط بما عليه من السدر وتغير به‪ .‬فعلى ه ذا‪ ،‬المحس وب ما يصب‬
‫عليه من الم اء الق راح بعد زوال الس در‪ ،‬فيغسل بعد زوال الس در ثالثا‬
‫بالقراح‪ .‬ويستحب أن يجعل في كل ماء قراح كافورا (‪ ،)1‬وهو في الغس لة‬
‫االخيرة آك د‪ .‬وليكن قليال ال يتف احش التغ ير ب ه‪ ،‬وقد يك ون ص لبا ال يق دح‬
‫التغير به‪ ،‬وإن كان فاحشا على المشهور‪ .‬ويعيد تل يين مفاص له بعد الغس ل‪.‬‬
‫ونقل الم زني إع ادة التل يين في أول وض عه على المغتس ل‪ .‬وأنك ره أك ثر‬
‫االصحاب‪ ،‬ثم ينشفه تنش يفا بليغ ا‪ .‬ف رع‪ :‬يتعهد الغاسل مسح بطن الميت في‬
‫كل م رة ب أرفق مما قبله ا‪ ،‬ف إن خ رجت منه نجاسة في آخر الغس الت‪ ،‬أو‬
‫بعدها‪ ،‬وجب غسل النجاسة قطعا بكل حال‪ .‬وهل يجب غيرها ؟ فيه أوج ه‪.‬‬
‫أص حها‪ :‬ال‪ .‬والث اني‪ :‬يجب إع ادة غس له‪ .‬والث الث‪ :‬يجب وض وؤه‪ .‬فعلى‬
‫االص ح‪ ،‬ال ف رق بين النجاسة الخارجة من الس بيلين (‪ )2‬وغيرهم ا‪ .‬وإن‬
‫أوجبنا الوضوء (‪ [ ،)3‬اختص بالخارجة من السبيلين‪ .‬وإن أوجبنا الغسل ]‬
‫(‪ ،)4‬ففي إع ادة الغسل كس ائر النجاس ات احتم ال‪ ،‬الم ام الح رمين‪ .‬قلت‪:‬‬
‫‪.‬الصحيح‪ ،‬الجزم بأنه ال يجب إعادة الغسل كسائر النجاسات وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 617‬‬
‫ولم يتعرض الجمهور للفرق بين أن تخ رج النجاسة قبل االدراج في الكفن‪،‬‬
‫أو بعده‪ ،‬وأشار ص احب (الع دة) إلى تخص يص الخالف في وج وب الغسل‬
‫والوض وء بما قبل االدراج‪ .‬قلت‪ :‬قد توافق ص احب (الع دة) والقاضي أبو‬
‫الطيب‪ ،‬والمحاملي‪ ،‬والسرخسي صاحب (االمالي)‪ :‬فجزموا باالكتف اء بغسل‬
‫النجاسة بعد االدراج‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو لمس رجل (‪ )1‬امرأة ميتة بعد غسلها‪،‬‬
‫فإن قلن ا‪ :‬يحب إع ادة الغسل أو الوض وء بخ روج النجاس ة‪ ،‬وجبا هن ا‪ .‬ك ذا‬
‫أطلقه في (التهذيب)‪ .‬وذكر غيره‪ :‬أنه تفريع على نقض طهر الملموس (‪.)2‬‬
‫وأما إذا قلن ا‪ :‬ال يجب إال غسل المح ل‪ ،‬فال يجب هنا ش ئ‪ ،‬ولو وطئت بعد‬
‫الغسل‪ ،‬فإن قلنا بإعادة الغسل‪ ،‬أو الوضوء للنجاس ة‪ ،‬وجب هنا الغس ل‪ .‬وإن‬
‫قلنا باالصح‪ ،‬لم يجب هنا شئ‪ .‬قلت‪ :‬كذا أطلقه االصحاب‪ ،‬وينبغي أن يكون‬
‫فيه خالف مب ني على نجاسة ب اطن فرجه ا‪ ،‬فإنها خ رجت على ال ذكر‪،‬‬
‫وتنجس بها ظ اهر الف رج‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل فيمن يغسل الميت‪ :‬االصل أن‬
‫يغسل الرجال الرجال‪ ،‬والنساء النساء‪ .‬وأولى الرج ال بالرجل (‪ ،)3‬أوالهم‬
‫بالصالة عليه‪ .‬وسيأتي ترتيبهم إن شاء هللا تعالى‪ .‬والنساء أولى بغسل المرأة‬
‫بكل ح ال‪ ،‬وليس للرجل غسل الم رأة إال الحد أس باب ثالث ة‪ .‬أح دها‪:‬‬
‫الزوجي ة‪ ،‬فله غسل زوجته المس لمة والذمية (‪ ،)4‬ولها غس له وإن ت زوج‬
‫اختها أو أربعا س واها على الص حيح‪ .‬الث اني‪ :‬المحرمي ة‪ ،‬وظ اهر كالم‬
‫الغزالي‪ ،‬تجويز الغسل للرجال المحارم مع وجود النساء‪ ،‬لكن لم أر لعامة‬

‫] ‪[ 618‬‬
‫االصحاب تصريحا ب ذلك‪ ،‬وإنما يتكلم ون في ال ترتيب‪ ،‬ويقول ون‪ :‬المح ارم‬
‫بعد النساء أولى (‪ .)1‬الثالث‪ :‬ملك اليمين‪ ،‬فللسيد غسل أمت ه‪ ،‬ومدبرت ه‪ ،‬وأم‬
‫ولده‪ ،‬ومكاتبته‪ ،‬الن كتابتها ترتفع بموتها‪ .‬فإن كن مزوجات‪ ،‬أو معتدات‪ ،‬لم‬
‫يكن له غسلهن‪ .‬قلت‪ :‬والمستبرأة كالمعتدة (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬للمرأة غسل‬
‫زوجها‪ ،‬ف إن طلقها رجعيا وم ات أح دهما في الع دة‪ ،‬لم يكن لآلخر غس له‪،‬‬
‫لتحريم النظر في الحياة‪ .‬وإلى متى تغسل زوجها ؟ فيه أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬أب دا‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬ما لم تنقض ع دتها ب أن تضع حمال عقيب موت ه‪ .‬والث الث‪ :‬ما لم‬
‫ي تزوج‪ .‬وإذا غسل أحد ال زوجين ص احبه‪ ،‬لف على ي ده خرقة وال يمس ه‪،‬‬
‫ف إن خ الف‪ ،‬ق ال القاضي حس ين‪ :‬يصح الغسل وال يب نى على الخالف في‬
‫انتق اض طهر الملم وس‪ .‬قلت‪ :‬وأما وض وء الغاس ل‪ ،‬فينتقض‪ ،‬قاله القاضي‬
‫‪.‬حسين (‪ .)3‬وهللا أعلم‬
‫] ‪[ 619‬‬
‫فرع‪ :‬هل لالمة‪ ،‬والم دبرة‪ ،‬وأم الول د‪ ،‬غسل الس يد ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ال‬
‫يج وز‪ .‬وليس للمكاتبة غس له بال خالف‪ ،‬النها ك انت محرمة علي ه‪ .‬قلت‪:‬‬
‫والمزوج ة‪ ،‬والمعت دة‪ ،‬والمس تبرأة‪ ،‬كالمكاتب ة‪ .‬ص رح به في (الته ذيب)‬
‫وغ يره‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬لو م ات رجل وليس هن اك إال ام رأة أجنبي ة‪ ،‬أو‬
‫ماتت امرأة وليس هناك إال رجل أجنبي‪ ،‬فوجهان‪ .‬أصحهما عند العراق يين‪،‬‬
‫والروياني‪ ،‬واالكثرين‪ :‬ال يغسل‪ ،‬بل ييمم ويدفن‪ .‬والث اني وهو ق ول القف ال‪،‬‬
‫ورجحه إمام الحرمين‪ ،‬والغزالي‪ :‬يغسل في ثيابه‪ ،‬ويلف الغاسل خرقة على‬
‫ي ده‪ ،‬ويغض طرفه ما أمكن ه‪ ،‬ف إن اض طر للنظ ر‪ ،‬نظر للض رورة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫حكى ص احب (الح اوي) ه ذا الث اني عن نص الش افعي رضي هللا عن ه‪،‬‬
‫وصححه‪ .‬وحكى صاحب (البيان) وغيره وجها ثالث ا‪ :‬أنه ي دفن‪ ،‬وال يغس ل‪،‬‬
‫وال ييمم‪ ،‬وهو ضعيف جدا‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬إذا مات الخنثى المش كل وليس‬
‫هن اك مح رم له من الرج ال أو النس اء‪ ،‬ف إن ك ان ص غيرا‪ ،‬ج از للرج ال‬
‫والنساء غسله‪ ،‬وكذا واضح الحال من االطفال‪ ،‬يجوز للف ريقين غس له‪ ،‬كما‬
‫يجوز مسه والنظر إليه‪ ،‬وإن كان الخنثى كبيرا‪ ،‬فوجهان‪ ،‬كمس ألة االجن بي‬
‫(‪ ،)1‬أحدهما‪ :‬ييمم ويدفن‪ .‬والثاني‪ :‬يغسل‪ .‬وفيمن يغسله أوجه‪ .‬أص حها وبه‬
‫قال أبو زيد‪ :‬يج وز للرج ال والنس اء جميعا غس له للض رورة‪ ،‬واستص حابا‬
‫لحكم الص غر‪ .‬والث اني‪ :‬أنه في حق الرج ال ك المرأة‪ ،‬وفي حق النس اء‬
‫كالرجل‪ ،‬أخذا باالحوط‪ .‬والثالث‪ :‬يش ترى من تركته جارية لتغس له‪ ،‬ف إن لم‬
‫يكن تركة‪ ،‬اشتريت من بيت المال‪ .‬ق ال االئم ة‪ :‬وه ذا ض عيف‪ ،‬الن إثب ات‬
‫الملك ابت داء لش خص بعد موته مس تبعد‪ ،‬ولو ثبت‪ ،‬فاالصح أن االمة ال‬
‫تغسل سيدها‪ .‬والمراد‬

‫] ‪[ 620‬‬
‫بالصغير‪ :‬من لم يبلغ حدا يشتهى مثله‪ ،‬وبالكبير من بلغه‪ .‬فص ل‪ :‬إذا ازدحم‬
‫الصالحون للغسل‪ ،‬فإن كان الميت رجال‪ ،‬غسله أقاربه على ترتيب صالتهم‬
‫علي ه‪ .‬وهل تق دم الزوجة عليهم ؟ (‪ )1‬وجه ان‪ .‬قلت‪ :‬وفيه ثالثة أوج ه‪.‬‬
‫أصحها‪ :‬يقدم رجال العص بات‪ ،‬ثم الرج ال االج انب‪ ،‬ثم الزوجة (‪،)3( )2‬‬
‫والثاني‪ :‬يقدم الرجال االقارب‪ ،‬ثم الزوج ة‪ ،‬ثم الرج ال االج انب‪ ،‬ثم النس اء‬
‫المح ارم‪ .‬والث الث‪ :‬تق دم الزوجة على الجمي ع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن ك ان الميت‬
‫امرأة‪ ،‬قدم النس اء في غس لها‪ ،‬وأوالهن نس اء القراب ة‪ ،‬واالولى منهن‪ ،‬ذات‬
‫رحم محرم (‪ ،)4‬فإن استوت اثنتان في المحرمية‪ ،‬فالتي في محل العصوبة‬
‫أولى‪ ،‬كالعمة مع الخال ة‪ ،‬والل واتي ال محرمية لهن‪ ،‬يق دم منهن االق رب‬
‫فاالقرب‪ ،‬وبعد نساء القرابة‪ ،‬تق دم االجنبي ات‪ ،‬ثم رج ال القراب ة‪ ،‬وت رتيبهم‬
‫كالصالة‪ .‬وهل يقدم الزوج على نساء القرابة ؟ وجهان‪ .‬االصح المنصوص‪:‬‬
‫يقدمن عليه‪ ،‬النهن أليق‪ .‬والث اني‪ :‬يق دم‪ ،‬النه ك ان ينظر إلى ما ال ينظ رن‪،‬‬
‫ويقدم الزوج على الرجال االقارب على االص ح‪ ،‬وكل من ق دمناه‪ ،‬فش رطه‬
‫االس الم‪ ،‬ف إن ك ان ك افرا‪ ،‬فكالمع دوم‪ ،‬ويق دم من بع ده ح تى يق دم المس لم‬
‫االجن بي على الق ريب الك افر‪ .‬ويش ترط أيضا أن ال يك ون ق اتال‪ ،‬ف إن قتل‬
‫بح ق‪ ،‬ب ني على إرثه من ه‪ ،‬ولو أن المق دم في الغسل س لمه لمن بع ده‪ ،‬فله‬
‫تعاطيه بشرط اتحاد الجنس‪ ،‬فليس للرجال‬

‫] ‪[ 621‬‬
‫كلهم التف ويض إلى النس اء‪ ،‬وال العكس‪ .‬فص ل‪ :‬إذا م ات المح رم ال يق رب‬
‫طيبا‪ ،‬وال يؤخذ شعره وظف ره‪ ،‬وال يلبس الرجل مخيط ا‪ ،‬وال يس تر رأس ه‪،‬‬
‫وال وجه المرأة‪ .‬وال بأس بالتخمير عند غسله‪ ،‬كما ال بأس بجلوس المح رم‬
‫عند العطار (‪ ،)1‬ولو ماتت معتدة محدة‪ ،‬ج از تطييبها على االص ح‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قال أصحابنا‪ :‬فلو طيب المحرم إنس ان‪ ،‬أو ألبسه مخيط ا‪ ،‬عصى وال فدي ة‪،‬‬
‫كما لو قطع عض وا من ميت‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فص ل‪ :‬غ ير المح رم من الم وتى‪،‬‬
‫هل يقلم ظف ره‪ ،‬ويؤخذ ش عر إبط ه‪ ،‬وعانت ه‪ ،‬وش اربه ؟ ق والن‪ .‬الق ديم‪ :‬ال‬
‫يفع ل‪ ،‬كما ال يختن‪ .‬والجدي د‪ :‬يفع ل‪ .‬والق والن في الكراه ة‪ ،‬وال خالف أن‬
‫ه ذه االم ور ال تس تحب‪ .‬قلت‪ :‬قلد االم ام ال رافعي الروي اني في قول ه‪ :‬ال‬
‫تس تحب بال خالف‪ ،‬وإنما الخالف في إثب ات الكراهة وع دمها‪ .‬وك ذا قاله‬
‫أيضا الش يخ أبو حام د‪ ،‬والمح املي‪ ،‬ولكن ص رح االك ثرون‪ ،‬أو الكث يرون‬
‫بخالفه‪ ،‬فقالوا‪ :‬الجديد‪ :‬أنه يستحب‪ .‬والقديم‪ :‬يكره‪ .‬ممن صرح بهذا‪ ،‬صاحب‬
‫(الحاوي) والقاضي أبو الطيب‪ ،‬والغزالي في (الوسيط) وغ يرهم‪ .‬وقطع أبو‬
‫العباس الجرجاني باالستحباب‪ ،‬وقال صاحب (الح اوي)‪ :‬الق ول الجدي د‪ :‬أنه‬
‫مس تحب‪ ،‬وتركه مك روه‪ .‬وعجب عن ال رافعي كيف يق ول ما ق ال‪ ،‬وه ذه‬
‫الكتب مشهورة‪ ،‬ال سيما (الوسيط)‪ .‬وأما االصح من القولين‪ ،‬فق ال جماع ة‪:‬‬
‫الق ديم هنا أص ح‪ ،‬وهو المخت ار‪ ،‬فلم ينقل عن الن بي (ص)‪ ،‬والص حابة فيه‬
‫شئ معتم د‪ ،‬وأج زاء الميت محترم ة‪ ،‬فال تنتهك به ذا‪ .‬وأما قول ه‪ :‬كما ال‬
‫يختن‪ ،‬فهذا هو المذهب الذي قطع به الجمهور‪ .‬وفيه وج ه‪ :‬أنه يختن‪ .‬ووجه‬
‫ثالث‪ :‬يختن البالغ دون الصبي‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فإذا قلنا بالجديد‪ ،‬يخير الغاسل في‬
‫شعر االبطين والعانة [ بين االخذ بالموسى‬
‫] ‪[ 622‬‬
‫أو بالنورة‪ ،‬وقي ل‪ :‬تتعين الن ورة في العانة ] (‪ .)1‬قلت‪ :‬الم ذهب‪ :‬أنه مخ ير‬
‫في الجميع‪ ،‬فأما الشارب فيقصه كالحياة‪ .‬قال المح املي وغ يره‪ :‬يك ره حلقه‬
‫في الحي والميت‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ويفعل هذه االمور قبل الغس ل‪ .‬ممن ص رح‬
‫به المحاملي‪ ،‬وصاحب (الشامل) وغيرهما‪ ،‬ولم يتعرض الجمهور لدفن هذه‬
‫االجزاء معه‪ .‬وقال صاحب (العدة)‪ :‬ما يأخ ذه منه ا‪ ،‬يصر في كفن ه‪ .‬ووافقه‬
‫القاضي حسين‪ ،‬وصاحب (التهذيب) في الش عر المنتتف في تس ريح ال رأس‬
‫واللحية كما تقدم‪ ،‬وقال به غيرهم‪ .‬وقال صاحب (الحاوي)‪ :‬االختيار عن دنا‪:‬‬
‫أنه ال يدفن معه‪ ،‬إذ ال أصل له‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وال يحلق رأسه بحال‪ ،‬وقي ل‪ :‬إن‬
‫ك ان له ع ادة بحلق ه‪ ،‬ففيه الخالف كالش ارب‪ ،‬وجميع ما ذكرن اه في ص فة‬
‫الغسل‪ ،‬هو في غير الشهيد‪ ،‬وسيأتي حكم الش هيد إن ش اء هللا تع الى‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫لو تح رق مس لم‪ ،‬بحيث لو غسل لته رأ‪ ،‬لم يغس ل‪ ،‬بل ييمم‪ ،‬ولو ك ان به‬
‫ق روح‪ ،‬وخيف (‪ )2‬عليه من غس له تس ارع البلى إليه بعد ال دفن‪ ،‬غس ل‪،‬‬
‫فالجميع ص ائرون إلى البلى‪ .‬قلت‪ :‬يج وز للجنب والح ائض غسل الميت بال‬
‫كراهة‪ .‬ولو ماتا غسال غسال واحدا‪ .‬وإذا رأى الغاسل من الميت ما يعجب ه‪،‬‬
‫استحب أن يتحدث به‪ ،‬وإن رأى ما يك ره‪ ،‬ح رم عليه ذك ره إال لمص لحة (‬
‫‪ ،)3‬وإذا (‪ )4‬كان للميتة شعر‪ ،‬فالسنة أن يجعل ثالث ذوائب‪ ،‬وتلقى خلفها‪،‬‬
‫وينبغي أن يك ون الغاسل (‪ )5‬مأمون ا‪ .‬ولو ك ان له زوجت ان أو أك ثر‪،‬‬
‫وتنازعن في غسله‪ ،‬أقرع بينهن‪ .‬ولو مات له (‪ )6‬زوجات في وقت‬

‫] ‪[ 623‬‬
‫به دم‪ ،‬أو غ رق‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬أق رع بينهن‪ ،‬فق دم من خ رجت قرعته ا‪ .‬ق ال‬
‫ال دارمي‪ :‬ق ال الش افعي رحمه هللا‪ :‬لو م ات رجل وهن اك نس اء مس لمات‪،‬‬
‫ورجال كفار‪ ،‬أمرت الكفار بغسله‪ ،‬وص لين علي ه‪ .‬وه ذا تفريع على ص حة‬
‫غسل الكافر‪ .‬قال الدارمي‪ :‬وإذا نشف المغس ول بث وب‪ ،‬ق ال أبو إس حاق‪ :‬ال‬
‫ينجس الثوب‪ ،‬سواء قلنا بنجاسة الميت‪ ،‬أم ال‪ .‬قال الدارمي‪ :‬وفيه نظر‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬باب التكفين تقدم أنه فرض كفاي ة‪ .‬ويس تحب في ل ون الكفن البي اض‪،‬‬
‫وجنسه في حق كل ميت‪ ،‬ما يجوز له لبسه في الحياة‪ ،‬فيجوز تكفين الم رأة‬
‫في الحري ر‪ ،‬لكن يك ره‪ ،‬ويح رم تكفين الرجل به (‪ .)1‬قلت‪ :‬ولنا وجه ش اذ‬
‫منكر‪ :‬أنه يح رم تكفين الم رأة في الحري ر‪ .‬وأما المزعف ر‪ ،‬والمعص فر‪ ،‬فال‬
‫يح رم تكفينها في ه‪ ،‬لكن يك ره على الم ذهب‪ .‬وفي وج ه‪ :‬ال يك ره‪ .‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬يعتبر في االكفان المباحة حال الميت‪ ،‬فإن كان مك ثرا‪ ،‬فمن جي اد‬
‫الثياب‪ ،‬وإن كان متوسطا‪ ،‬فأوسطها‪ ،‬وإن كان مقال‪ ،‬فخش نها‪ .‬ق الوا‪ :‬وتك ره‬
‫المغاالة فيه (‪ .)2‬قال القاضي حسين‪ ،‬وصاحب (التهذيب)‪ :‬والمغس ول أولى‬
‫من الجدي د‪ .‬واتفق وا على اس تحباب تحس ين الكفن في البي اض‪ ،‬والنظاف ة‪،‬‬
‫وسبوغه‪ ،‬وكثافته‪ ،‬ال في ارتفاعه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬أقل الكفن ثوب‪ ،‬وأكمله‬
‫للرجال ثالثة‪ ،‬وفي قدر الثوب الواجب‪ ،‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ما يس تر الع ورة‪،‬‬
‫ويختلف ب اختالف ع ورة المكفن في ال ذكورة واالنوث ة‪ .‬والث اني‪ :‬ما يس تر‬
‫‪.‬جميع بدنه إال رأس المحرم‪ ،‬ووجه المحرمة‬

‫] ‪[ 624‬‬
‫قلت‪ :‬أص حهما‪ :‬االول‪ .‬وص ححه الجمه ور‪ ،‬وهو ظ اهر النص (‪ .)1‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬وإذا كفن فيما ال يعم الرأس والرجلين‪ ،‬ستر ال رأس‪ .‬والث وب ال واجب‬
‫حق هلل تع الى ال تنفذ (‪ )2‬وص ية الميت بإس قاطه‪ [ .‬والث اني والث الث حق‬
‫للميت تنفذ وصيته بإسقاطهما ] (‪ .)3‬ولو لم يوص فقال بعض الورثة‪ :‬يكفن‬
‫بث وب‪ ،‬وبعض هم‪ :‬بثالث ة‪ ،‬فالم ذهب يكفن بثالث ة‪ .‬وقي ل‪ :‬وجه ان‪ .‬أح دهما‪:‬‬
‫بثوب‪ .‬وأصحهما‪ :‬بثالثة‪ ،‬ولو اتفقت الورثة على ثوب‪ ،‬ق ال في (الته ذيب)‪:‬‬
‫يجوز‪ .‬وفي (التتمة)‪ :‬انه على الخالف‪ .‬قلت‪ :‬ق ول (التتم ة) أقيس‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولو كان عليه دي ون مس تغرقة‪ ،‬فق ال الغرم اء‪ :‬ث وب‪ ،‬فث وب على االص ح‪.‬‬
‫فرع‪ :‬محل الكفن‪ :‬رأس مال التركة‪ ،‬يقدم على الديون والوصايا والم يراث‪،‬‬
‫لكن ال يب اع المره ون في الكفن‪ ،‬وال الج اني‪ ،‬وال ما وجبت فيه الزك اة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويلحق بالثالثة‪ ،‬المال ال ذي ثبت فيه حق الرج وع ب إفالس الميت‪ .‬وقد‬
‫ذكره الرافعي في أول الف رائض‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف إن لم ي ترك م اال‪ ،‬فكفنه على‬
‫من هو في نفقت ه‪ ،‬فعلى الق ريب كفن قريب ه‪ ،‬وعلى الس يد كفن عب ده‪ ،‬وأم‬
‫ولده‪ ،‬ومكاتبه‪ ،‬وسواء في أوالده كانوا صغارا (‪ ،)4‬أو‬

‫] ‪[ 625‬‬
‫كبارا‪ ،‬تجب عليه أكفانهم‪ ،‬النهم عاجزون ب الموت‪ ،‬ونفقة ع اجزهم واجب ة‪.‬‬
‫ويجب على الزوج كفنه ا‪ ،‬ومؤنة تجهيزها على االصح (‪ .)1‬فعلى ه ذا‪ ،‬لو‬
‫لم يكن للزوج مال‪ ،‬ففي مالها‪ .‬أما إذا لم يترك الميت م اال‪ ،‬وال ك ان له من‬
‫تلزمه نفقت ه‪ ،‬فيجب كفنه ومؤنة تجه يزه في بيت الم ال‪ ،‬كنفقت ه‪ .‬وهل يكفن‬
‫منه بثوب واحد‪ ،‬أم بثالثة ؟ وجهان‪ .‬أص حهما‪ :‬بث وب‪ .‬ف إن قلن ا‪ :‬ث وب‪ ،‬فلو‬
‫ترك ثوبا لم يزد من بيت مال‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬ثالث ة‪ ،‬كمت على االص ح‪ .‬وإذا لم‬
‫يكن في بيت الم ال م ال‪ ،‬فعلى عامة المس لمين الكفن ومؤنة التجه يز (‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ق ال القاضي حس ين‪ :‬إذا م ات وهو في نفقة غ يره‪ ،‬هل يلزمه تكفينه‬
‫بثالثة أث واب‪ ،‬أم بث وب ؟ وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬ث وب‪ .‬وقطع هو وص احب‬
‫(الته ذيب) بأنه إذا لم يكن في بيت الم ال م ال‪ ،‬ول زم المس لمين تكفين ه‪ ،‬ال‬
‫يجب أكثر من ثوب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬قدمنا أن االفضل في كفن الرجل ثالثة‬
‫أثواب‪ .‬فلو زيد إلى خمسة (‪ ،)3‬جاز‪ ،‬وال يستحب‪ .‬ويس تحب تكفين الم رأة‬
‫في خمسة‪ ،‬والخنثى‬

‫] ‪[ 626‬‬
‫ك المرأة‪ ،‬والزي ادة على الخمسة مكروهة على االطالق‪ .‬قلت‪ :‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬ق ال الش يخ أبو علي‪ :‬وليست الخمسة في حق الم رأة كالثالثة‬
‫للرج ل‪ ،‬ح تى (‪ :)1‬يج بر الورثة عليه ا‪ ،‬كما يج برون على الثالث ة‪ .‬ق ال‬
‫االم ام‪ :‬وه ذا متفق علي ه‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم إن كفن الرجل والم رأة في ثالث ة‪،‬‬
‫فالمس تحب ثالث لف ائف‪ .‬وإن كفن الرجل في خمس ة‪ ،‬فثالث لف ائف‪،‬‬
‫وقميص‪ ،‬وعمام ة‪ ،‬وتجعالن تحت اللف ائف‪ .‬وإن كفنت الم رأة في خمس ة‪،‬‬
‫فق والن‪ .‬الجدي د‪ :‬إزار وخم ار‪ ،‬وثالث لف ائف‪ .‬والق ديم وهو االظهر عند‬
‫االكثرين‪ :‬إزار وخمار وقميص ولفافت ان‪ .‬وه ذه المس ألة مما يف تى فيه على‬
‫القديم‪ .‬قلت‪ :‬قال الشيخ أبو حامد‪ ،‬والمح املي‪ :‬المع روف للش افعي في عامة‬
‫كتبه‪ ،‬أنه يكون فيها قميص‪ .‬قاال‪ :‬والقول اآلخر‪ :‬ال يع رف إال عن الم زني‪،‬‬
‫فعلى هذا ال ذي نقال‪ ،‬ال يك ون إثب ات القميص مختصا بالق ديم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم‬
‫ق ال الش افعي رحمه هللا‪ :‬يشد على ص درها ث وب‪ ،‬لئال تنتشر أكفانه ا‪،‬‬
‫واختلف فيه‪ .‬فقال أبو إسحاق‪ :‬هو ثوب سادس‪ ،‬ويحل عنها إذا وض عت في‬
‫القبر‪ .‬وق ال ابن س ريج‪ :‬يشد عليها ث وب من الخمسة وي ترك‪ ،‬واالول أصح‬
‫عند االصحاب‪ .‬وأما ترتيب الخمسة‪ ،‬فقال المحاملي وغ يره‪ :‬على ق ول أبي‬
‫إسحاق‪ :‬إن قلنا‪ :‬تقمص‪ ،‬شد عليها الم ئزر‪ ،‬ثم القميص‪ ،‬ثم الخم ار‪ ،‬ثم تلف‬
‫في ثوبين‪ ،‬ثم يشد السادس‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬ال تقمص‪ ،‬شد المئزر‪ ،‬ثم الخم ار‪ ،‬ثم‬
‫تلف في اللف ائف‪ ،‬ثم يشد عليها خرق ة‪ .‬وعلى ق ول ابن س ريج‪ :‬إن قلن ا‪:‬‬
‫تقمص‪ ،‬شد الم ئزر‪ ،‬ثم ال درع‪ ،‬ثم الخم ار‪ ،‬ثم يشد عليها الخرق ة‪ ،‬ثم تلف‬
‫في ثوب‪ .‬وإن قلنا‪ :‬ال تقمص‪ ،‬شد المئزر‪ ،‬ثم الخم ار‪ ،‬ثم تلف في ث وب‪ ،‬ثم‬
‫يشد عليها آخ ر‪ ،‬ثم تلف في الخ امس‪ .‬وإذا وقع التكفين في اللف ائف الثالث‪،‬‬
‫‪.‬ففيها وجهان‬

‫] ‪[ 627‬‬
‫أحدهما‪ :‬تكون متفاوتة فاالسفل (‪ ،)1‬يأخذ ما بين سرته وركبتي ه‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫من عنقه إلى كعبه‪ .‬والثالث‪ :‬يستر جميع بدنه‪ .‬وأصحهما‪ :‬تكون متساوية في‬
‫الطول والعرض‪ ،‬يأخذ كل واحد منهما جميع بدنه‪ .‬وال ف رق في التكفين في‬
‫الثالث‪ ،‬بين الرجل والم رأة‪ ،‬وإنما يفترق ان في الخمسة كما تق دم‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫يس تحب تبخ ير الكفن ب العود‪ ،‬إن لم يكن الميت محرم ا‪ ،‬فتنصب مبخ رة‪،‬‬
‫وتوضع االكف ان عليها ليص يبها دخ ان الع ود‪ ،‬ثم تبسط أحسن اللف ائف‬
‫وأوسعها‪ ،‬ويذر عليها حنوط (‪ ،)2‬وتبسط الثانية فوقها‪ ،‬ويذر عليها حن وط‬
‫(‪ ،)3‬وتبسط الثالثة التي تلي الميت فوقها‪ ،‬وي ذر عليها حن وط وك افور‪ ،‬ثم‬
‫يوضع الميت فوقها مس تلقيا‪ ،‬ويؤخذ ق در من القطن المحل وج‪ ،‬ويجعل عليه‬
‫حن وط وك افور‪ ،‬وي دس بين أليتيه ح تى يتصل بالحلقة ل يرد ش يئا يتع رض‬
‫للخروج‪ ،‬وال يدخله في باطن ه‪ ،‬وفيه وجه ض عيف‪ :‬أنه ال ب أس ب ه‪ ،‬ثم يسد‬
‫أليتيه ويس توثق ب أن يأخذ خرق ة‪ ،‬ويشق رأس ها‪ ،‬ويجعل وس طها عن أليتيه‬
‫وعانت ه‪ ،‬ويش دها ف وق الس رة ب أن ي رد ما يلي ظه ره إلى س رته‪ ،‬ويعطف‬
‫الش قين اآلخ رين علي ه‪ .‬ولو شد ش قا من كل رأس على فخ ذه‪ ،‬ومثله على‬
‫الفخذ الثانية‪ ،‬ج از‪ .‬وقي ل‪ :‬يش دها عليه بالخي ط‪ ،‬وال يشق طرفيه ا‪ ،‬ثم يأخذ‬
‫شيئا من القطن ويضع عليه قدرا من الك افور والحن وط‪ ،‬ويجعل على منافذ‬
‫الب دن (‪ )4‬من المنخ رين‪ ،‬واالذنين‪ ،‬والعي نين‪ ،‬والجراح ات الناف ذة‪ ،‬دفعا‬
‫للهوام‪ ،‬ويجعل الطيب على مساجده‪ ،‬وهي الجبهة‪ ،‬واالنف‪ ،‬وب اطن الكفين‪،‬‬
‫والركبتان‪ ،‬والقدمان‪ ،‬فيجعل الطيب على قطن‪ ،‬ويجعل على هذه المواضع‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يجعل عليها بال قطن‪ .‬ثم يلقى الكفن عليه ب أن يث ني من الث وب ال ذي‬
‫يلي‬

‫] ‪[ 628‬‬
‫الميت طرفه ال ذي يلي ش قه االيس ر‪ ،‬على ش قه االيمن‪ ،‬وال ذي يلي االيمن‬
‫على االيسر‪ ،‬كما يفعل الحي بالقباء‪ ،‬ثم يلف الثاني والثالث كذلك‪ .‬وفيه قول‬
‫آخر‪ :‬أنه يبدأ ب الطرف ال ذي يلي ش قه االيمن‪ .‬واالول أصح عند الجمه ور‪،‬‬
‫ومنهم من قطع ب ه‪ .‬وإذا لف الكفن علي ه‪ ،‬جمع الفاضل عند رأسه جمع‬
‫العمام ة‪ ،‬ورد على وجهه وص دره إلى حيث بل غ‪ ،‬وما فضل عند رجليه‬
‫يجعل على الق دمين والس اقين‪ .‬وينبغي أن يوضع الميت على االكف ان أوال‪،‬‬
‫بحيث إذا (‪ )1‬لف عليه ك ان الفاضل عند رأسه أك ثر‪ ،‬ثم تشد االكف ان عليه‬
‫بش داد‪ ،‬خيفة انتش ارها عند الحم ل‪ ،‬ف إذا وضع في الق بر‪ .‬ن زع‪ .‬وفي ك ون‬
‫الحن وط مس تحبا‪ ،‬أو واجب ا‪ ،‬وجه ان‪ .‬أص حهما‪ :‬مس تحب‪ .‬قلت‪ :‬م ذهبنا أن‬
‫الص بي الص غير ك الكبير في اس تحباب تكفينه في ثالثة أث واب‪ .‬وق ال‬
‫الصيمري‪ :‬ال يستحب أن يعد لنفسه كفنا لئال يحاسب علي ه‪ .‬وه ذا ال ذي قاله‬
‫صحيح‪ ،‬إال إذا كان من جهة يقطع بحله ا‪ ،‬أو من أثر بعض أهل الخ ير من‬
‫العلم اء‪ ،‬أو العب اد ونحو ذل ك‪ ،‬ف إن ادخ اره حس ن‪ .‬وقد صح عن بعض‬
‫‪.‬الصحابة فعله (‪ .)2‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 629‬‬
‫ب اب حمل الجن ازة ليس في حملها (‪ )1‬دن اءة وس قوط م روءة‪ ،‬بل هو بر‬
‫وإكرام للميت‪ ،‬وال يتواله إال الرجال‪ ،‬ذكرا كان الميت‪ ،‬أو أنثى‪ ،‬وال يجوز‬
‫الحمل على الهي آت [ المزري ة‪ ،‬وال على الهيئة ] (‪ )2‬ال تي يخشى منها‬
‫السقوط‪ .‬وللحمل كيفيتان‪ .‬إحداهما‪ :‬بين العمودين‪ ،‬وهو أن يتقدم رجل فيضع‬
‫الخش بتين الشاخص تين‪ ،‬وهما العم ودان على عاتقي ه‪ ،‬والخش بة المعترضة‬
‫بينهما على كتفه‪ ،‬ويحل مؤخر النعش رجالن‪ ،‬أح دهما من الج انب االيمن‪،‬‬
‫واآلخر من االيس ر‪ ،‬وال يتوسط الخش بتين الم ؤخرتين واح د‪ ،‬فإنه ال ي رى‬
‫موضع قدميه‪ ،‬فإن لم يستقل المقدم بالحمل‪ ،‬أعانه رجالن خارج العم ودين‪،‬‬
‫يضع كل واحد منهما واح دا على عاتق ه‪ ،‬فتك ون الجن ازة محمولة على‬
‫خمس ة‪ .‬والكيفية الثاني ة‪ :‬ال تربيع‪ ،‬وهو أن يتق دم رجالن‪ ،‬فيضع أح دهما‬
‫العم ود االيمن على عاتقه االيس ر‪ ،‬واآلخر العم ود االيسر على عاتقه‬
‫االيمن‪ ،‬وكذلك يحمل العمودين من آخرهما رجالن‪ ،‬فتكون الجنازة محمولة‬
‫بأربع ة‪ .‬ق ال الش افعي رضي هللا عن ه‪ :‬من أراد الت برك بحمل الجن ازة من‬
‫جوانبها االربعة‪ ،‬ب دأ ب العمود االيسر من مق دمها‪ ،‬فحمله على عاتقه االيمن‬
‫أيضا (‪ ،)3‬ثم يسلمه إلى غيره‪ ،‬ويأخذ العمود االيسر من مؤخره ا‪ ،‬فيحمله‬
‫على عاتقه االيمن أيض ا‪ ،‬ثم يتق دم فيع رض بين ي ديها لئال يك ون ماش يا‬
‫خلفها‪ ،‬فيأخذ العمود االيمن من مق دمها على عاتقه االيس ر‪ ،‬ثم يأخذ العم ود‬
‫االيمن من مؤخرها‪ ،‬وال شك أن هذا إنما يتأتى إذا حمل الجن ازة على هيئة‬
‫التربيع‪ .‬وكل واحدة من الكيفيتين جائزة‪ .‬قال بعض االصحاب‪ :‬واالفضل أن‬
‫يجمع بينهما‪ ،‬بأن يحمل ت ارة ك ذا‪ ،‬وت ارة ك ذا‪ ،‬ف إن اقتصر فأيهما أفضل ؟‬
‫فيه ثالثة أوجه‪ .‬الصحيح المع روف‪ :‬الحمل بين العم ودين أفض ل‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫التربيع‪ .‬والثالث‪ :‬هما سواء‪ .‬فصل‪ :‬المشي أمام الجنازة أفضل لل راكب (‪،)4‬‬
‫والماشي‪ ،‬واالفضل أن‬

‫] ‪[ 630‬‬
‫يكون قريبا منه ا‪ ،‬بحيث لو التفت رآها (‪ ،)1‬وال يتق دمها إلى المق برة‪ ،‬فلو‬
‫تقدم لم يكره‪ ،‬وهو بالخيار‪ ،‬إن شاء قام منتظرا لها‪ ،‬وإن ش اء قع د‪ .‬والس نة‬
‫االسراع بالجنازة‪ ،‬إال أن يخاف من االسراع تغ ير الميت‪ ،‬فيت أنى‪ .‬والم راد‬
‫باالس راع‪ :‬ف وق المشي المعت اد دون الخبب‪ ،‬ف إن خيف عليه تغ ير‪ ،‬أو‬
‫انفجار‪ ،‬أو انتفاخ‪ ،‬زيد في االسراع‪ .‬قلت‪ :‬ينبغي أن ال ي ركب في ذهابه مع‬
‫الجنازة إال لعذر (‪ ،)2‬وال بأس به في الرجوع‪ .‬وقد تقدم بيانه في الجمع ة‪.‬‬
‫ق ال أص حابنا‪ :‬وإن ك ان الميت ام رأة‪ ،‬اس تحب أن يتخذ لها ما يس ترها‪،‬‬
‫كالخيمة‪ ،‬والقب ة‪ .‬ق الوا‪ :‬وإتب اع الجن ائز س نة متأك دة في حق الرج ال‪ ،‬وأما‬
‫النساء فال يتبعن‪ .‬ثم قيل‪ :‬االتباع حرام عليهن‪ ،‬والص حيح أنه مك روه إذا لم‬
‫يتضمن حراما‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬وال يكره للمس لم اتب اع جن ازة قريبه الك افر (‬
‫‪ .)3‬ق ال الش افعي‪ ،‬وأص حابنا رحمهم هللا‪ :‬يك ره أن تتبع الجن ازة بن ار في‬
‫مجم رة أو غيره ا‪ ،‬ونقل ابن المن ذر وغ يره االجم اع علي ه‪ .‬وق ال بعض‬
‫أصحابنا‪ :‬ال يجوز ذلك‪ .‬والمذهب‪ :‬الكراهة‪ .‬وكذا يك ره أن يك ون عند الق بر‬
‫مجمرة‪ .‬وأما النياحة والصياح وراء الجنازة‪ ،‬فح رام ش ديد التح ريم‪ .‬ويك ره‬
‫اللغط في المشي معه ا‪ ،‬والح ديث في أم ور ال دنيا‪ ،‬بل المس تحب الفكر في‬
‫الم وت وما بع ده‪ ،‬وفن اء ال دنيا‪ ،‬ونحو ذل ك‪ .‬ق ال الش افعي وأص حابنا‪ :‬وإذا‬
‫مرت به جنازة ولم يرد ال ذهاب معه ا‪ ،‬لم يقم له ا‪ ،‬بل نص أك ثر أص حابنا‬
‫على كراهة القي ام‪ .‬ونقل المح املي إجم اع الفقه اء علي ه‪ ،‬وانف رد ص احب‬
‫(التتمة) باستحباب القيام لالحاديث الصحيحة فيه‪ ،‬ق ال الجمه ور‪ :‬االح اديث‬
‫‪.‬منسوخة‪ .‬وقد أوضحت ذلك في (شرح المهذب) (‪ .)4‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 631‬‬
‫باب الصالة على الميت تقدم أنها فرض كفاية‪ ،‬ويش ترط فيمن يص لى عليه‬
‫ثالثة أمور‪ ،‬أن يكون ميتا مسلما غير شهيد‪ ،‬فلو وجد بعض مس لم ولم يعلم‬
‫موته‪ ،‬لم يصل عليه‪ .‬وإن علم موته‪ ،‬صلي عليه وإن قل الموج ود‪ .‬ه ذا في‬
‫غ ير الش عر والظفر ونحوهم ا‪ ،‬وفي ه ذه االج زاء وجه ان‪ .‬أقربهما إلى‬
‫إطالق االك ثرين أنها كغيرها (‪ ،)1‬لكن ق ال في (الع دة)‪ :‬إن لم يوجد إال‬
‫شعرة واحدة‪ ،‬لم يصل عليها في ظاهر المذهب‪ .‬ومتى شرعت الص الة‪ ،‬فال‬
‫بد من الغسل والم واراة بخرقة (‪ .)2‬وأما ال دفن‪ ،‬فال يختص بما إذا علم‬
‫موت صاحبه‪ ،‬بل ما ينفصل من الحي من شعر وظفر وغيرهما يستحب له‬
‫دفنه‪ ،‬وكذلك يوارى دم الفصد‪ ،‬والحجامة‪ .‬والعلقة والمضغة تلقيهما الم رأة‪.‬‬
‫ولو وجد بعض ميت أو كله‪ ،‬ولم يعلم أنه مسلم‪ ،‬فإن ك ان في دار االس الم‪،‬‬
‫صلي علي ه‪ ،‬الن الغ الب فيها االس الم‪ .‬ثم م تى ص لى على العض و‪ ،‬ين وي‬
‫الصالة على جملة الميت‪ ،‬ال على العضو وحده‪ .‬فرع‪ :‬السقط (‪ )3‬له حاالن‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن يستهل أو يبكي ثم يموت‪ ،‬فهو‬

‫] ‪[ 632‬‬
‫ك الكبير‪ .‬الث اني‪ :‬أن ال ت تيقن حياته باس تهالل وال غ يره‪ ،‬فت ارة يع رى عن‬
‫أمارة‪ ،‬كاالختالج ونحوه‪ ،‬وتارة ال يعرى‪ ،‬فإن عري‪ ،‬نظر‪ ،‬إن لم يبلغ حدا‬
‫ينفخ فيه الروح‪ ،‬وهو أربعة أشهر فصاعدا‪ ،‬لم يصل عليه قطعا‪ ،‬وال يغسل‬
‫على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬في غسله قوالن‪ .‬وإن بلغ أربعة أشهر‪ ،‬ص لي عليه في‬
‫القديم‪ ،‬ولم يصل في الجديد‪ ،‬ويغسل على المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬والفرق أن‬
‫الغسل أوسع‪ ،‬فإن الذمي يغسل بال صالة‪ .‬أما إن اختلج‪ ،‬أو تحرك‪ ،‬فيص لى‬
‫عليه على االظهر (‪ .)1‬وقي ل‪ :‬قطع ا‪ .‬ويغسل على الم ذهب‪ ،‬وقي ل‪ :‬فيه‬
‫القوالن‪ .‬وما لم يظهر فيه خلقة آدمي يكفي فيه المواراة كيف كانت‪ ،‬وبعدها‬
‫(‪ )2‬حكم التكفين حكم الغس ل‪ .‬فصل ال تج وز الص الة على ك افر‪ ،‬حربيا‬
‫ك ان‪ ،‬أو ذمي ا‪ ،‬وال يجب على المس لمين غس لة‪ ،‬ذميا ك ان‪ ،‬أو حربي ا‪ ،‬لكن‬
‫يجوز‪ ،‬وأقاربه الكفار أولى بغس له من أقاربه المس لمين‪ .‬وأما تكفينه ودفن ه‪،‬‬
‫ف إن ك ان ذمي ا‪ ،‬وجب على المس لمين على االصح (‪ ،)3‬وف اء بذمت ه‪ ،‬كما‬
‫يجب إطعامه وكسوته في حياته‪ ،‬وإن كان حربيا‪ ،‬لم يجب تكفينه قطعا‪ ،‬وال‬
‫دفنه على المذهب (‪ .)4‬وقيل‪ :‬وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬يجب‪ .‬والثاني‪ :‬ال‪ ،‬بل يج وز‬
‫إغراء الكلب عليه‪ ،‬فإن دفن فلئال يت أذى الن اس بريح ه‪ ،‬والمرتد ك الحربي‪،‬‬
‫ولو اختلط م وتى المس لمين بالكف ار ولم يتم يزوا‪ ،‬وجب غسل جميعهم‬
‫والصالة عليهم‪ ،‬فإن صلى عليهم دفعة (‪ ،)5‬جاز‪ [ ،‬ويقصد المسلمين منهم‪.‬‬
‫وإن صلى عليهم واحدا واحدا‪ ،‬جاز ] (‪ ،)6‬وينوي الصالة عليه إن كان‬
‫] ‪[ 633‬‬
‫مس لما ويق ول‪( :‬اللهم اغفر له إن ك ان مس لما)‪ .‬قلت‪ :‬الص الة عليهم دفعة‬
‫أفض ل‪ ،‬واقتصر عليها الش افعي وجماعة من االص حاب‪ .‬واختالط الش هداء‬
‫بغيرهم كاختالط الكفار‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬الشهيد ال يغسل‪ ،‬وال يص لى عليه‬
‫(‪ .)1‬وقال المزني‪ :‬يصلى عليه وال فرق عن دنا بين الرجل والم رأة‪ ،‬والحر‬
‫والعبد‪ ،‬والبالغ والصبي‪ .‬ثم المراد بترك الصالة‪ ،‬أنها ح رام على الص حيح‪.‬‬
‫وعلى الث اني‪ :‬ال تجب‪ ،‬لكن تج وز‪ .‬وأما الغس ل‪ ،‬ف إن أدى إلى إزالة دم‬
‫الش هادة‪ ،‬فح رام قطع ا‪ ،‬وإال فح رام على الم ذهب‪ .‬وقيل كالص الة‪ .‬واسم‬
‫الشهيد قد يخصص في الفقه بمن ال يغسل وال يصلى علي ه‪ ،‬وقد يس مى كل‬
‫مقتول ظلما شهيدا وهو أظهر‪ ،‬وهو الذي (‪ )2‬نص عليه الشافعي رحمه هللا‬
‫في (المختصر) وعلى هذا‪ ،‬الشهيد نوعان‪ .‬أحدهما‪ :‬من ال يغسل وال يص لى‬
‫عليه‪ ،‬وهو من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال‪ ،‬سواء قتله كافر‪ ،‬أو‬
‫أص ابه س الح مس لم خط أ‪ ،‬أو ع اد إليه س الحه‪ ،‬أو س قط عن فرس ه‪ ،‬أو‬
‫رمحته دابة فمات‪ ،‬أو وجد قتيال عند انكشاف الحرب‪ ،‬ولم يعلم سبب موته‪،‬‬
‫س واء ك ان عليه أثر دم‪ ،‬أم ال‪ .‬أما إذا م ات في مع ترك الكف ار ال بس بب‬
‫القتال‪ ،‬بل بمرض‪ ،‬أو فجأة‪ ،‬فالمذهب أنه ليس بش هيد‪ ،‬وقي ل‪ :‬على وجهين‪.‬‬
‫ولو جرح في القتال وم ات بعد انقض ائه‪ ،‬ف إن قطع بموته من تلك الجراحة‬
‫وبقي فيه بعد انقضاء الحرب حياة مستقرة‪ ،‬فقوالن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬ليس بش هيد‪،‬‬
‫وسواء في جريان القولين أكل وتكلم وصلى‪ ،‬أم ال‪ ،‬طال الزم ان أم قص ر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن مات عن قرب‪ ،‬فق والن‪ ،‬وإن بقي أيام ا‪ ،‬فليس بش هيد قطع ا‪ .‬وأما‬
‫إذا انقضت‬

‫] ‪[ 634‬‬
‫الح رب وليس فيه إال حركة م ذبوح‪ ،‬فش هيد بال خالف‪ .‬وإن انقضت وهو‬
‫متوقع البق اء‪ ،‬فليس بش هيد بال خالف‪ .‬ولو دخل الح ربي دار االس الم فقتل‬
‫مس لما اغتي اال‪ ،‬فليس بش هيد على الص حيح‪ .‬ولو قتل أهل البغي رجال من‬
‫أهل الع دل‪ ،‬غسل وص لي عليه على االظه ر‪ .‬ويغسل الب اغي المقت ول‪،‬‬
‫ويصلى عليه قطعا‪ .‬ومن قتله قطاع الطريق‪ ،‬قيل‪ .‬ليس بشهيد قطع ا‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫كالعادل (‪ .)1‬النوع الثاني‪ :‬الشهداء العارون عن جميع االوصاف المذكورة‪،‬‬
‫ك المبطون‪ ،‬والمطع ون‪ ،‬والغري ق‪ ،‬والغ ريب‪ ،‬والميت عش قا‪ ،‬والميتة في‬
‫الطلق‪ ،‬ومن قتله مسلم‪ ،‬أو ذمي‪ ،‬أو باغ‪ ،‬في غير القتال‪ ،‬فهم كسائر الموت‬
‫يغسلون ويصلى عليهم‪ ،‬وإن ورد فيهم لفظ الشهادة‪ ،‬وك ذا المقت ول قصاصا‬
‫أو حدا ليس بشهيد‪ .‬وإذا قتل تارك الص الة‪ ،‬غسل وكفن وص لي عليه ودفن‬
‫في مقابر المسلمين‪ ،‬ورفع قبره كغ يره‪ ،‬كما يفعل بس ائر أص حاب الكب ائر‪،‬‬
‫هذا هو الصحيح‪ .‬وفي وجه‪ :‬ال يغسل‪ ،‬وال يصلى عليه‪ ،‬وال يكفن‪ ،‬ويطمس‬
‫قبره تغليطا عليه‪ .‬وأما قاطع الطريق‪ ،‬فيبنى أم ره على ص فة قتله وص لبه‪،‬‬
‫وفيه ق والن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬يقت ل‪ ،‬ثم يغسل ويص لى علي ه‪ ،‬ثم يص لب مكفن ا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يصلب‪ ،‬ثم يقتل‪ .‬وهل ي نزل بعد ثالثة أي ام‪ ،‬أم يبقى ح تى يته رأ ؟‬
‫وجه ان‪ .‬إن قلنا ب االول‪ ،‬أن زل فغسل وص لي علي ه‪ .‬وعلى الث اني‪ :‬ال يغسل‬
‫وال يص لى علي ه‪ .‬ق ال إم ام الح رمين‪ :‬وك ان ال يمتنع أن يقتل مص لوبا‪،‬‬
‫وينزل‪ ،‬فيغسل ويصلى عليه‪ ،‬ثم يرد‪ ،‬ولكن لم يذهب إليه أحد‪ .‬وق ال بعض‬
‫أصحابنا‪ :‬ال يغسل وال يصلى عليه على كل قول‪ .‬فرع‪ :‬لو استشهد جنب‪ ،‬لم‬
‫‪.‬يغسل على االصح (‪ ،)2‬وال يصلى عليه قطعا‬

‫] ‪[ 635‬‬
‫قلت‪ :‬ولو استش هدت ح ائض‪ ،‬ف إن قلن ا‪ :‬الجنب ال يغس ل‪ ،‬فهي أولى‪ ،‬وإال‬
‫فوجهان حكاهما صاحب (البحر) بن اء على أن غسل الح ائض يتعلق برؤية‬
‫ال دم‪ ،‬أم بانقطاع ه‪ ،‬أم بهما ؟ إن قلن ا‪ :‬برؤيت ه‪ ،‬فك الجنب‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو‬
‫أصابته نجاسة ال بسبب الشهادة‪ ،‬فاالصح أنها تغس ل‪ .‬والث اني‪ :‬ال‪ .‬والث الث‪:‬‬
‫إن أدى غسلها إلى إزالة أثر الشهادة‪ ،‬لم تغسل‪ ،‬وإال غسلت‪ .‬ف رع‪ :‬واالولى‬
‫أن يكفن الش هيد في ثيابه الملطخة بال دم (‪ ،)1‬ف إن لم يكن ما عليه س ابغا‪،‬‬
‫تمم‪ ،‬وإن أراد الورثة نزع ما عليه من الثياب وتكفينه في غيرها‪ ،‬ج از‪ .‬أما‬
‫الدرع‪ ،‬والجل د‪ ،‬والف راء‪ ،‬والخف اف‪ ،‬فت نزع‪ .‬فصل فيمن هو أولى بالص الة‬
‫على الميت‪ :‬وفي الولي والوالي ق والن‪ .‬الق ديم‪ :‬ال والي أولى‪ ،‬كما في س ائر‬
‫الص لوات‪ ،‬ثم إم ام المس جد‪ ،‬ثم ال ولي‪ .‬والجدي د‪ :‬ال ولي أولى‪ .‬قلت‪ :‬وهو‬
‫االظهر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬والم راد ب الولي‪ :‬الق ريب‪ ،‬فال يق دم غ يره‪ ،‬إال أن يك ون‬
‫القريب أن ثى‪ ،‬وهن اك ذكر أجن بي‪ ،‬فهو أولى‪ ،‬ح تى يق دم الص بي المراهق‬
‫على الم رأة القريب ة‪ .‬وك ذا الرجل أولى من الم رأة بإمامة النس اء في س ائر‬
‫الص لوات‪ .‬وأولى االق ارب‪ :‬االب‪ ،‬ثم الجد أب االب وإن عال‪ ،‬ثم االبن‪ ،‬ثم‬
‫ابن االبن وإن س فل‪ ،‬ثم االخ‪ .‬وهل يق دم االخ من االب وين على االخ من‬
‫االب ؟ فيه طريقان‪ .‬المذهب‪ :‬تقديم ه‪ .‬والث اني‪ :‬على ق ولين كوالية النك اح (‬
‫‪ .)2‬أظهرهما‪ :‬يقدم‪ .‬والثاني‪ :‬سواء‪ ،‬فعلى المذهب‪ :‬المقدم‬
‫] ‪[ 636‬‬
‫بع دهما ابن االخ من االب وين‪ ،‬ثم من االب‪ ،‬ثم (‪ )1‬من العم لالب وين‪ ،‬ثم‬
‫لالب‪ ،‬ثم ابن العم لالبوين‪ ،‬ثم عم االب‪ ،‬ثم بنوه (‪ ،)2‬ثم عم الجد‪ ،‬ثم بن وه‬
‫على ترتيب االرث‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬لو اجتمع ابناء عم‪ ،‬أح دهما أخ الم‪،‬‬
‫فعلى الط ريقين‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف إن لم يكن عص بة‪ ،‬ق دم المعت ق‪ .‬ق ال إم ام‬
‫الح رمين‪ :‬ولعل الظ اهر تقديمه على ذوي االرح ام (‪ .)3‬وله حق في ه ذا‬
‫الباب‪ ،‬فإذا لم يكن هناك عصبة بالنسب‪ ،‬وال بالوالء‪ ،‬ق دم أبو األم‪ ،‬ثم االخ‬
‫لالم‪ ،‬ثم الخال‪ ،‬ثم العم لالم‪ .‬ولو أوصى أن يص لي عليه أجن بي‪ ،‬فطريق ان‪.‬‬
‫المذهب‪ ،‬وبه قطع الجمهور‪ :‬يقدم الق ريب‪ .‬والث اني‪ :‬وجه ان‪ .‬أح دهما‪ :‬ه ذا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يق دم الموصى ل ه‪ ،‬ك الوجهين فيمن أوصى أجنبيا على أوالده ولهم‬
‫جد‪ .‬فرع‪ :‬إذا اجتمع اثنان في درجة‪ ،‬ك ابنين أو أخ وين‪ ،‬وتنازع ا‪ ،‬نص في‬
‫(المختص ر)‪ :‬أن االسن أولى ‪ -‬وق ال‪ :‬في س ائر الص لوات االفقه أولى‪ .‬ق ال‬
‫الجمه ور‪ :‬المس ألتان على ما نص علي ه‪ ،‬وه ذا هو الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬فيهما‬
‫ق والن ب التخريج‪ .‬والم راد باالس ن‪ :‬االك بر ‪ -‬وإن كانا ش ابين‪ ،‬وإنما يق دم‬
‫االسن إذا حمدت حاله‪ .‬أما الفاسق والمبتدع‪ ،‬فال‪ .‬ويش ترط بمضي السن في‬
‫االسالم كما سبق في سائر الصلوات‪ .‬ولو استوى اثن ان في درجة وأح دهما‬
‫رقيق‪ ،‬واآلخر حر‪ ،‬فالحر أولى‪ ،‬فإن كان أحدهما رقيقا فقيها‪ ،‬واآلخر ح را‬
‫‪.‬غير فقيه‪ ،‬فوجهان‪ .‬وقال في (الوسيط)‪ :‬لعل التسوية أولى (‪)4‬‬

‫] ‪[ 637‬‬
‫قلت‪ :‬االصح‪ ،‬تقديم الحر‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو كان االقرب رقيق ا‪ ،‬واالبعد ح را‪،‬‬
‫ك أخ رقي ق‪ ،‬وعم ح ر‪ ،‬فاالصح عند الجمه ور‪ :‬العم أولى‪ .‬والث اني‪ :‬االخ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬سواء‪ ،‬ولو استووا في كل شئ‪ ،‬فإن رضوا بتق دم واح د‪ ،‬ف ذاك‪ ،‬وإال‬
‫أقرع (‪ .)1‬فصل‪ :‬السنة أن يقف االمام عند عجيزة المرأة قطعا‪ ،‬وعند رأس‬
‫الرجل على الصحيح الذي قطع به الجمهور‪ .‬والثاني‪ :‬عند صدره‪ .‬ولو تق دم‬
‫على الجنازة الحاضرة‪ ،‬أو القبر‪ ،‬لم يصح على المذهب‪ .‬فرع‪ :‬إذا حض رت‬
‫جن ائز‪ ،‬ج از أن يص لي على كل واح دة ص الة‪ ،‬وهو االولى‪ ،‬وج از أن‬
‫يصلي على الجميع صالة واحدة‪ ،‬سواء كانوا ذكورا وإناثا‪ ،‬فإن ك انوا نوعا‬
‫واحدا‪ ،‬ففي كيفية وضعهم وجهان‪ .‬وقيل‪ :‬قوالن‪ .‬أص حهما‪ :‬يوضع بين ي دي‬
‫االمام في جهة القبلة بعض ها خلف بعض ليح اذي االم ام الجمي ع‪ .‬والث اني‪:‬‬
‫يوضع الجميع صفا واحدا‪ .‬رأس كل إنسان عند رجل اآلخر‪ ،‬ويجعل االم ام‬
‫جميعهم عن يمين ه‪ ،‬ويقف في مح اذاة اآلخ ر‪ [ .‬وإن اختلف الن وع‪ ،‬تعين‬
‫الوجه االول‪ .‬ومتى وضعوا كذلك‪ ،‬فمن يقدم إلى االمام ؟ ينظ ر‪ ،‬إن ج اؤوا‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬نظر ] (‪ ،)2‬إن اختلف النوع‪ ،‬قدم إليه الرجل‪ ،‬ثم الص بي‪ ،‬ثم‬
‫الخن ثى‪ ،‬ثم الم رأة‪ .‬ولو حضر جماعة من الخن اثى‪ ،‬وض عت ص فا واح دا‪،‬‬
‫لئال تتق دم ام رأة رجال‪ .‬وإن اتحد الن وع‪ ،‬ق دم إليه أفض لهم‪ ،‬والمعت بر فيه‬
‫الورع‪ ،‬والخص ال ال تي ت رغب في الص الة علي ه‪ ،‬ويغلب على الظن كونه‬
‫أق رب رحمة من هللا تع الى‪ ،‬وال يق دم بالحري ة‪ .‬وإن اس تووا في جميع‬
‫الخصال‪ ،‬وتنازع االولياء في التقديم‪ ،‬أقرع بينهم‪ ،‬وإن رضوا بتقديم واح د‪،‬‬
‫فذاك‪ .‬وأما إذا جاءت الجنائز متعاقبة‪ ،‬فيقدم إلى‬

‫] ‪[ 638‬‬
‫االمام أس بقها وإن ك ان المت أخر أفض ل‪ ،‬ه ذا إن اتحد الن وع‪ .‬فلو وض عت‬
‫امرأة‪ .‬ثم حضر رجل‪ ،‬أو صبي‪ ،‬نحيت ووضع الرجل أو الصبي بين ي دي‬
‫االمام‪ ،‬ولو وضع صبي‪ ،‬ثم حضر رج ل‪ ،‬فالص حيح أنه ال ينحى الص بي‪،‬‬
‫بل يقال لولي الرجل‪ :‬إما أن تجعل جنازتك وراء الصبي‪ ،‬وإما أن تنقله إلى‬
‫موضع آخ ر‪ .‬وعلى الش اذ‪ :‬الص بي ك المرأة‪ .‬ف إن قي ل‪ :‬ولي كل ميت أولى‬
‫بالصالة عليه‪ ،‬فمن يص لي على الجن ائز ص الة واح دة‪ ،‬قلن ا‪ :‬من لم ي رض‬
‫بصالة غ يره‪ ،‬ص لى على ميت ه‪ ،‬وإن رض وا جميعا بص الة واح دة‪ ،‬ص لى‬
‫ولي السابقة‪ ،‬رجال كان ميته أو امرأة‪ ،‬وإن حضروا مع ا‪ ،‬أق رع‪ .‬فصل في‬
‫كيفية الصالة أما أقله ا‪ ،‬فأركانها س بعة‪ .‬أح دها (‪ :)1‬الني ة‪ ،‬ووقتها ما س بق‬
‫في س ائر الص لوات‪ .‬وفي اش تراط الفرض ية الخالف المتق دم (‪ ،)2‬وهل‬
‫يش ترط التع رض لكونها ف رض كفاي ة‪ ،‬أم يكفي مطلق الف رض ؟ وجه ان‪.‬‬
‫أصحهما الث اني‪ .‬ثم إن ك ان الميت واح دا‪ ،‬ن وى الص الة علي ه‪ ،‬وإن حضر‬
‫م وتى‪ ،‬ن وى الص الة عليهم‪ ،‬وال حاجة إلى تع يين الميت ومعرفت ه‪ ،‬بل لو‬
‫نوى الصالة على من يصلي عليه االمام‪ ،‬جاز‪ ،‬ولو عين الميت وأخط أ‪ ،‬لم‬
‫تصح‪ .‬قلت‪ :‬هذا إذا لم يشر إلى الميت المعين‪ ،‬فإن أشار‪ ،‬صح في االص ح‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ويجب على المقتدي نية االقتداء‪ .‬الركن الثاني‪ :‬القيام‪ ،‬وال يج زئ‬
‫‪.‬عنه القعود مع القدرة على المذهب‪ ،‬كما سبق في التيمم‬

‫] ‪[ 639‬‬
‫الثالث‪ :‬التكبيرات االربع (‪ ،)1‬ولو كبر خمسا ساهيا‪ ،‬لم تبطل صالته‪ ،‬وال‬
‫مدخل لسجود الس هو في ه ذه الص الة‪ .‬وإن ك ان عام دا لم تبطل أيضا على‬
‫االصح الذي قاله االكثرون‪ .‬وقال ابن س ريج‪ :‬االح اديث ال واردة في تكب ير‬
‫الجنازة أربع ا‪ ،‬وخمسا هي من االختالف المب اح‪ ،‬والجميع س ائغ‪ .‬ولو ك بر‬
‫إمامه خمسا‪ ،‬فإن قلنا‪ :‬الزي ادة مبطل ة‪ ،‬فارقه (‪ ،)2‬وإال فال‪ ،‬ولكن ال يتابعه‬
‫فيها على االظهر‪ ،‬وهل يسلم في الحال‪ ،‬أم له انتظاره ليسلم معه ؟ وجهان‪.‬‬
‫أصحهما الثاني‪ .‬الرابع‪ :‬السالم‪ ،‬وفي وجوب نية الخروج مع ه‪ ،‬ما س بق في‬
‫سائر الصلوات‪ ،‬وال يكفي‪ :‬السالم علي ك‪ ،‬على الم ذهب‪ ،‬وفيه ت ردد ج واب‬
‫عن الش يخ أبي علي‪ .‬الخ امس‪ :‬ق راءة الفاتحة بعد التكب يرة االولى‪ ،‬فظ اهر‬
‫كالم الغزالي‪ ،‬أنه ينبغي أن تك ون الفاتحة عقب االولى متقدمة على الثاني ة‪،‬‬
‫لكن حكى الروي اني وغ يره عن نص ه‪ :‬أنه لو أخر قراءتها إلى التكب يرة‬
‫الثانية‪ ،‬ج از‪ .‬الس ادس‪ :‬الص الة على الن بي (ص) بعد الثاني ة‪ ،‬وفي وج وب‬
‫الصالة على اآلل‪ ،‬قوالن أو وجهان كسائر الصلوات‪ ،‬وه ذه أولى ب المنع (‬
‫‪)3.‬‬

‫] ‪[ 640‬‬
‫الس ابع‪ :‬ال دعاء للميت بعد التكب يرة الثالث ة‪ ،‬وفيه وجه (‪ :)1‬أنه ال يجب‬
‫تخصيص الميت بالدعاء‪ ،‬بل يكفي إرساله للمؤمنين (‪ )2‬وق در ال واجب من‬
‫الدعاء‪ ،‬ما ينطلق عليه االسم‪ .‬وأما االفضل‪ ،‬فسيأتي إن شاء هللا تعالى‪ .‬وأما‬
‫أكمل هذه الصالة‪ ،‬فلها سنن‪ .‬منها رفع الي دين في تكبيراتها االرب ع‪ ،‬ويجمع‬
‫يديه عقب كل تكب يرة‪ ،‬ويض عهما تحت ص دره كب اقي الص لوات‪ ،‬وي ؤمن‬
‫عقب الفاتح ة‪ ،‬وال يق رأ الس ورة على الم ذهب‪ ،‬وال دع اء االس تفتاح على‬
‫الصحيح‪ ،‬ويتعوذ على االص ح‪ ،‬ويسر ب القراءة في النه ار قطع ا‪ ،‬وك ذا في‬
‫الليل على الصحيح‪ .‬ونقل المزني في (المختص ر)‪ :‬أنه عقب التكب يرة الثانية‬
‫يحمد هللا تعالى‪ ،‬ويص لي على الن بي (ص)‪ ،‬وي دعو للمؤم نين والمؤمن ات‪،‬‬
‫فهذه ثالثة أشياء‪ ،‬أوسطها الص الة على الن بي (ص)‪ ،‬وهي ركن كما تق دم‪.‬‬
‫وأولها‪ ،‬الحمد وال خالف أنه ال يجب‪ ،‬وفي استحبابه وجه ان‪ .‬أح دهما وهو‬
‫مقتضى كالم االك ثرين‪ :‬ال يس تحب‪ .‬والث اني‪ :‬يس تحب‪ ،‬وج زم به ص احبا‬
‫(التتمة) و (التهذيب)‪ .‬قلت‪ :‬نقل إمام الحرمين اتف اق االص حاب على االول‪،‬‬
‫وأن ما نقله المزني غير سديد‪ ،‬وكذا قال جمهور أصحابنا المصنفين‪ ،‬ولكن‬
‫جزم جماعة باالستحباب‪ ،‬وهو االرجح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وأما ثالثها‪ ،‬وهو ال دعاء‬
‫للمؤم نين والمؤمن ات‪ ،‬فمس تحب عند الجمه ور‪ ،‬وحكى إم ام الح رمين فيه‬
‫ت رددا لالئم ة‪ .‬قلت‪ :‬وال يش ترط ت رتيب ه ذه الثالث ة‪ ،‬لكنه أولى‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ومن المسنونات‪ :‬إكثار الدعاء للميت في الثالثة‪ ،‬ويق ول‪( :‬اللهم ه ذا عب دك‪،‬‬
‫وابن عب ديك‪ ،‬خ رج من روح ال دنيا وس عتها ومحبوبه وأحبائه فيه ا‪ ،‬إلى‬
‫ظلمة‬

‫] ‪[ 641‬‬
‫الق بر وما هو القي ه‪ ،‬ك ان يش هد أن ال إله إال (‪ )1‬أنت‪ ،‬وأن محم دا عب دك‬
‫ورس ولك‪ ،‬وأنت أعلم ب ه‪ ،‬اللهم أنه (‪ )2‬ن زل بك وأنت خ ير م نزول ب ه‪،‬‬
‫وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه‪ ،‬وقد جئناك راغ بين إلي ك‪،‬‬
‫شفعاء له‪ ،‬اللهم إن كان محس نا ف زد في إحس انه‪ ،‬وإن ك ان مس يئا فتج اوز‬
‫عن ه‪ ،‬ولقه برحمتك رض اك‪ ،‬وقه فتنة الق بر وعذاب ه‪ ،‬وافسح له في ق بره‪،‬‬
‫وجاف االرض عن جنبي ه‪ ،‬ولقه برحمتك االمن من ع ذابك ح تى تبعثه إلى‬
‫جنتك يا أرحم ال راحمين)‪ .‬ه ذا نص الش افعي في (المختص ر) (‪ .)3‬وفيها‬
‫دعاء آخر‪ ،‬وعليه أكثر أهل خراسان‪ ،‬عن أبي هري رة رضي هللا عنه ق ال‪:‬‬
‫كان رسول هللا (ص) إذا صلى على جن ازة ق ال‪( :‬اللهم اغفر لحينا وميتن ا‪،‬‬
‫وش اهدنا وغائبن ا‪ ،‬وص غيرنا وكبيرن ا‪ ،‬وذكرنا وأنثان ا‪ ،‬اللهم من أحييته منا‬
‫فأحيه على االس الم‪ ،‬ومن توفيته منا فتوفه على االيم ان) (‪ )4‬ف إن ك ان‬
‫الميت امرأة‪ ،‬قال‪( :‬اللهم هذه أمتك وبنت عبديك) ويؤنث الكنايات‪ .‬قلت‪ :‬ولو‬
‫ذكرها على إرادة الشخص‪ ،‬لم يضر‪ .‬ق ال البخ اري‪ ،‬وس ائر الحف اظ‪ :‬أصح‬
‫دعاء الجنازة‪ ،‬حديث عوف بن مالك في (صحيح مسلم) (‪ )5‬وهو أن الن بي‬
‫(ص) ص لى على جن ازة فق ال‪( :‬اللهم اغفر ل ه‪ ،‬وارحم ه‪ ،‬وعاف ه‪ ،‬واعف‬
‫عنه‪ ،‬وأك رم نزل ه‪ ،‬ووسع مدخل ه‪ ،‬واغس له بالم اء والثلج وال برد‪ ،‬ونقه من‬
‫الخطايا‬

‫] ‪[ 642‬‬
‫كما نقيت الث وب االبيض من ال دنس‪ ،‬وأبدله دارا خ يرا من داره‪ ،‬وأهال‬
‫خيرا من أهله‪ ،‬وزوجا خ يرا من زوج ه‪ ،‬وأدخله الجن ة‪ ،‬وأع ذه من ع ذاب‬
‫الق بر وفتنت ه‪ ،‬ومن ع ذاب الن ار)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وإن ك ان طفال‪ ،‬اقتصر على‬
‫رواية أبي هري رة رضي هللا عن ه‪ ،‬ويضم إلي ه‪( :‬اللهم اجعله فرطا البوي ه‪،‬‬
‫وس لفا‪ ،‬وذخ را‪ ،‬وعظ ة‪ ،‬واعتب ارا‪ ،‬وش فيعا‪ ،‬وثقل به موازينهم ا‪ ،‬واف رغ‬
‫الص بر على قلوبهم ا‪ ،‬وال تفتنهما بع ده‪ ،‬وال تحرمهما أج ره) (‪ .)1‬وأما‬
‫التكب يرة الرابع ة‪ ،‬فلم يتع رض الش افعي في معظم كتبه ل ذكر عقبه ا‪ ،‬ونقل‬
‫البويطي عنه أنه يقول بعدها (‪ :)2‬اللهم ال تحرمنا أجره‪ ،‬وال تفتنا بعده) كذا‬
‫نقل الجمه ور عن ه‪ ،‬وه ذا ال ذكر ليس ب واجب قطع ا‪ ،‬وهو مس تحب على‬
‫المذهب‪ .‬وقيل‪ :‬في استحبابه وجهان‪ .‬أحدهما‪ :‬ال يس تحب‪ ،‬بل إن ش اء قال ه‪،‬‬
‫وإن شاء تركه‪ .‬قلت‪ :‬يسن تطويل الدعاء عقب الرابعة‪ ،‬وصح ذلك عن فعل‬
‫الن بي (ص) (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬وأما الس الم‪ ،‬ف االظهر أنه يس تحب تس ليمتان‪.‬‬
‫وقال في (االمالء)‪ :‬تس ليمة يب دأ بها إلى يمين ه‪ ،‬ويختمها ملتفتا إلى يس اره‪،‬‬
‫فيدير وجهه وهو فيها‪ ،‬هذا نصه‪ .‬وقيل‪ :‬يأتي بها تلق اء وجهه بغ ير التف ات‪.‬‬
‫قال إمام الح رمين‪ :‬وال شك أن ه ذا الخالف في ص فة االلتف ات يج ري في‬
‫‪.‬سائر الصلوات إذا قلنا‪ :‬يقتصر على تسليمة‬

‫] ‪[ 643‬‬
‫ثم قيل‪ :‬القوالن هنا في االقتص ار على تس ليمة‪ ،‬هما الق والن في االقتص ار‬
‫في س ائر الص لوات‪ .‬واالص ح‪ :‬أنهما مرتب ان عليهم ا‪ ،‬إن قلنا هن اك‬
‫باالقتصار‪ ،‬فهنا أولى‪ ،‬وإال فقوالن‪ ،‬فإن االقتصار هناك قول قديم‪ ،‬وهنا هو‬
‫قوله في (االمالء)‪ ،‬وهو جدي د‪ .‬وإذا اقتصر على تس ليمة‪ ،‬فهل يقتصر على‬
‫(الس الم عليكم) أم يزيد (ورحمة هللا ؟) فيه ت ردد حك اه أبو علي‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫المس بوق إذا أدرك االم ام في أثن اء ه ذه الص الة‪ ،‬ك بر ولم ينتظر تكب يرة‬
‫االم ام المس تقبلة‪ .‬ثم يش تغل عقب تكب يره بالفاتح ة‪ ،‬ثم ي راعي في االذك ار‬
‫ترتيب نفسه‪ ،‬فلو كبر المس بوق‪ ،‬فك بر االم ام الثانية مع فراغه من االولى‪،‬‬
‫ك بر مع الثاني ة‪ ،‬وس قطت عنه الق راءة‪ ،‬كما لو ركع االم ام في س ائر‬
‫الص لوات عقب تكب يره (‪ .)1‬ولو ك بر االم ام الثانية والمس بوق في أثن اء‬
‫الفاتح ة‪ ،‬فهل يقطع الق راءة ويوافق ه‪ ،‬أم يتمها ؟ وجه ان ك الوجهين فيما إذا‬
‫ركع االم ام والمس بوق في أثن اء الفاتح ة‪ ،‬أص حهما عند االك ثرين‪ :‬يقطع‬
‫ويتابعه‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬هل يتم الق راءة بعد التكب يرة النه محل الق راءة بخالف‬
‫الركوع‪ ،‬أم ال يتم ؟ فيه احتماالن لصاحب (الشامل)‪ .‬أصحهما‪ :‬الث اني‪ .‬ومن‬
‫فاته بعض التكب يرات‪ ،‬ت داركها بعد س الم االم ام‪ ،‬وهل يقتصر على‬
‫التكبيرات نسقا بال ذكر‪ ،‬أم يأتي بالذكر والدعاء ؟ قوالن‪ .‬أظهرهم ا‪ :‬الث اني‬
‫(‪ .)2‬قلت‪ :‬الق والن في الوج وب وعدم ه‪ ،‬ص رح به ص احب (البي ان) وهو‬
‫‪.‬ظاهر‪ .‬وهللا أعلم‬

‫] ‪[ 644‬‬
‫ويستحب أن ال ترفع الجنازة‪ ،‬حتى يتم المسبوقون ما عليهم‪ ،‬فلو رفعت‪ ،‬لم‬
‫تبطل صالتهم وإن حولت عن القبلة‪ ،‬بخالف ابتداء عقد الص الة‪ ،‬ال يحتمل‬
‫فيه ذلك والجن ازة حاض رة‪ .‬ف رع‪ :‬لو تخلف المقت دي فلم يك بر مع االم ام‬
‫الثانية أو الثالثة حتى ك بر االم ام التكب يرة المس تقبلة من غ ير ع ذر‪ ،‬بطلت‬
‫ص الته كتخلفه بركع ة‪ .‬فص ل‪ :‬الش رائط المعت برة في س ائر الص لوات‪،‬‬
‫كالطه ارة‪ ،‬وس تر الع ورة‪ ،‬واالس تقبال‪ ،‬وغيره ا‪ ،‬تعت بر في ه ذه الص الة‬
‫أيض ا‪ ،‬ويش ترط فيها تق ديم غسل الميت‪ ،‬ح تى لو م ات في ب ئر‪ ،‬أو مع دن‬
‫انهدم عليه‪ ،‬وتعذر إخراجه وغسله‪ ،‬لم يصل عليه‪ ،‬ذكره في (التتمة)‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ويجوز قبل التكفين مع الكراه ة‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وال يش ترط فيها الجماع ة‪ ،‬لكن‬
‫يستحب‪ ،‬وفي أقل ما يسقط فرض الكفاية في هذه الصالة‪ ،‬قوالن ووجه ان‪.‬‬
‫أحد القولين‪ :‬بثالثة‪ .‬والثاني‪ :‬بواحد‪ .‬وأحد الوجهين ب اثنين‪ .‬والث اني‪ :‬بأربع ة‪.‬‬
‫واالظهر عند الروياني وغيره‪ :‬سقوطه بواحد‪ .‬ومن اعتبر العدد ق ال‪ :‬س واء‬
‫صلوا فرادى أو جماعة‪ ،‬وإن ب ان ح دث االم ام‪ ،‬أو بعض الم أمومين‪ .‬ف إن‬
‫بقي الع دد المعت بر‪ ،‬س قط الف رض‪ ،‬وإال‪ ،‬فال‪ .‬ويس قط بص الة الص بيان‬
‫المميزين على االصح (‪ .)1‬وال يسقط بالنساء على الصحيح‪ .‬وقال كثيرون‪:‬‬
‫ال يسقط بهن قطعا وإن كثرن‪ .‬والخالف فيما إذا كان هن اك رج ال‪ ،‬ف إن لم‬
‫يكن رجل‪ ،‬صلين منف ردات وس قط الف رض بهن‪ .‬ق ال في (الع دة)‪ :‬وظ اهر‬
‫الم ذهب‪ :‬أنه ال يس تحب لهن الجماعة في جن ازة الرجل والم رأة‪ .‬وقي ل‪:‬‬
‫‪.‬يستحب في جنازة المرأة‬

‫] ‪[ 645‬‬
‫قلت‪ :‬إذا لم يحضر إال النس اء‪ ،‬توجه الف رض عليهن‪ ،‬وإذا حض رن مع‬
‫الرجال‪ ،‬لم يتوجه الفرض عليهن‪ ،‬فلو لم يحضر إال رجل ونساء‪ ،‬وقلن ا‪ :‬ال‬
‫يسقط الفرض إال بثالثة‪ ،‬توجه ال تيمم عليهن‪ ،‬والظ اهر أن الخن ثى في ه ذا‬
‫الفصل كالمرأة (‪ .)1‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬تجوز الصالة على الغائب بالنية وإن‬
‫كان في غير جهة القبلة والمصلي يستقبل القبلة‪ ،‬وس واء ك ان بينهما مس افة‬
‫القصر‪ ،‬أم ال ؟ بشرط أن يكون خارج البلد‪ ،‬فإن ك ان المص لي والميت في‬
‫بلد‪ ،‬فهل يجوز أن يصلي إذا لم يكن بين يديه ؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ال يجوز‪.‬‬
‫قال الشيخ أبو محمد‪ :‬وإذا شرطنا حضور الميت‪ ،‬اشترط أن ال يكون بينهما‬
‫أك ثر من ثالثمائة ذراع تقريب ا‪ .‬فص ل‪ :‬إذا ص لى على الجن ازة جماع ة‪ ،‬ثم‬
‫حضر آخرون‪ ،‬فلهم أن يصلوا عليها جماعة وفرادى‪ ،‬وصالتهم تقع فرضا‪.‬‬
‫ك االولين‪ .‬وأما من ص لى منف ردا‪ ،‬فال يس تحب له إعادتها في جماعة على‬
‫االصح (‪ ،)2‬وسواء حضر الذين لم يصلوا قبل الدفن‪ ،‬أو بعده‪ ،‬فإن الصالة‬
‫على القبر عندنا جائزة‪ ،‬ولو دفن بال صالة‪ ،‬أثم الدافنون‪ ،‬فإن تقديم الص الة‬
‫على الدفن واجب (‪ ،)3‬لكن ال ينبش‪ ،‬بل يص لون على ق بره‪ .‬وحكي أنه ال‬
‫يسقط الفرض بالصالة على الق بر‪ ،‬وهو منك ر‪ ،‬بل غل ط‪ .‬وإلى م تى تج وز‬
‫الصالة عليه (‪ )4‬؟ فيه أوجه‪ .‬أصحها‪ :‬يصلي عليه من كان من أهل فرض‬

‫] ‪[ 646‬‬
‫الصالة عليه يوم موته‪ ،‬وال يصلي غ يره‪ .‬ه ذا ق ول الش يخ أبي زي د‪ .‬وق ال‬
‫المحاملي وطائفة‪ :‬هذا الوجه بعبارة أخرى‪ ،‬فقالوا‪ :‬يصلي من ك ان من أهل‬
‫الص الة ي وم موت ه‪ .‬فعلى العب ارة االولى ال يص لي من ك ان ص بيا مم يزا‪،‬‬
‫وعلى الثانية يص لي‪ ،‬واالولى أش هر‪ ،‬والثانية عند الروي اني أص ح‪ .‬والوجه‬
‫الثاني‪ :‬يص لى عليه إلى ثالثة أي ام فق ط‪ .‬والث الث‪ :‬إلى ش هر فق ط‪ .‬والراب ع‪:‬‬
‫يصلى عليه ما بقي منه شئ في القبر‪ .‬فإن انمحقت االج زاء كله ا‪ ،‬فال‪ .‬ف إن‬
‫شك في االنمحاق‪ ،‬فاالصل البقاء‪ .‬وفيه احتمال الم ام الح رمين‪ .‬والخ امس‪:‬‬
‫يصلي أبدا‪ .‬هذا كله في غير قبر النبي (ص)‪ ،‬وال تجوز الصالة على ق بره‬
‫(ص) على االوجه االربعة قطع ا‪ ،‬وال على الخ امس على الص حيح‪ .‬وق ال‬
‫أبو الوليد النيسابوري (‪ :)1‬يجوز فرادى‪ ،‬ال جماع ة‪ .‬قلت‪ [ :‬بقي من الب اب‬
‫بقايا‪ ،‬منها‪ :‬أنه ] (‪ )2‬ال تكره الصالة على الميت في المسجد‪ .‬قال أصحابنا‪:‬‬
‫بل الصالة فيه أفضل (‪ ،)3‬للحديث الصحيح في قصة سهل بن بيض اء في‬
‫(ص حيح مس لم) (‪ .)4‬وأما الح ديث ال ذي رواه أبو داود (‪ )5‬وغ يره (من‬
‫صلى على جنازة في المسجد‪ ،‬فال شي له) فعنه ثالثة أجوبة‪ .‬أحدها‪ :‬ض عفه‬
‫(‪ .)6‬والث اني‪ :‬الموج ود في (س نن أبي داود) (فال شي علي ه)‪ .‬هك ذا هو في‬
‫أص ول س ماعنا على كثرته ا‪ ،‬وفي غيرها من االص ول المعتم دة (‪.)7‬‬
‫والثالث‪ :‬حمله‬

‫] ‪[ 647‬‬
‫على نقص ان أج ره إذا لم يتبعها لل دفن (‪ .)1‬ويس تحب أن تجعل ص فوف‬
‫الجنازة ثالثة فأكثر‪ ،‬للحديث الصحيح فيه‪ .‬واختالف نية االم ام والم أموم ال‬
‫تضر‪ .‬فلو نوى االمام الصالة على حاضر‪ ،‬والمأموم على غائب أو عكسه‪،‬‬
‫جاز‪ .‬ومن قتل نفسه غسل وصلي عليه‪ [ ،‬وإذا صلى على الجنازة م رة ] (‬
‫‪ )2‬ال ت ؤخر لزي ادة المص لين‪ ،‬وال النتظ ار أحد غ ير ال ولي‪ ،‬وال ب أس‬
‫بانتظ ار وليها إن لم يخف تغيره ا‪ .‬ق ال ص احب (البح ر)‪ :‬لو ص لى على‬
‫االموات الذين ماتوا في يومه‪ ،‬وغسلوا في البلد الفالني‪ ،‬وال يعرف عددهم‪،‬‬
‫جاز‪ .‬وقوله صحيح‪ ،‬لكن ال يختص ببل د‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ب اب ال دفن قد تق دم أنه‬
‫ف رض كفاي ة‪ .‬ويج وز في غ ير المق برة‪ ،‬لكن فيها أفض ل‪ .‬فلو ق ال بعض‬
‫الورثة‪ :‬يدفن في ملكه‪ ،‬وبعضهم‪ :‬في المقبرة المسبلة‪ ،‬دفن في المس بلة‪ .‬ولو‬
‫بادر بعضهم فدفنه في الملك‪ ،‬ك ان للب اقين نقله إلى المس بلة‪ ،‬واالولى أن ال‬
‫يفعلوا‪ .‬ولو أراد بعضهم دفنه في ملك نفسه‪ ،‬لم يلزم الباقين قبوله‪ .‬فلو ب ادر‬
‫إليه‪ ،‬قال ابن الصباغ‪ :‬لم يذكره االصحاب‪ ،‬وعندي‪ :‬أنه ال ينقل‪ ،‬فإنه هت ك‪،‬‬
‫وليس في بقائه إبطال حق الغير‪ .‬قلت‪ :‬وفي (التتمة) القطع بما قاله ص احب‬
‫(الش امل)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ولو اتفق وا على دفنه في ملك ه‪ ،‬ثم ب اعوه‪ ،‬لم يكن‬
‫للمشتري نقله‪ ،‬وله الخيار في فسخ البيع إن كان جاهال‪ .‬ثم إذا بلي‪ ،‬أو اتفق‬
‫نقله‪ ،‬فذلك الموضع للبائعين‪ ،‬أم للمشتري ؟ فيه وجهان سيأتي نظائرهما في‬
‫البيع إن ش اء هللا تع الى‪ .‬فص ل‪ :‬أقل ما يج زئ في ال دفن حف رة تكتم رائحة‬
‫الميت‪ ،‬وتحرسه عن الس باع لعسر نبش مثلها غالبا (‪ .)3‬أما االكم ل‪،‬‬
‫فيستحب توسيع القبر‪ ،‬وتعميقه قدر‬

‫] ‪[ 648‬‬
‫قامة وبس طة (‪ ،)1‬والم راد قامة رجل معت دل يق وم ويبسط ي ده مرفوع ة‪.‬‬
‫والقامة والبسطة‪ :‬ثالثة أذرع ونصف‪ ،‬وفيه وجه‪ :‬أنه قامة فق ط‪ ،‬وهي ثالثة‬
‫أذرع‪ ،‬والمعروف االول‪ .‬قلت‪ :‬وكذا قال المح املي (‪ :)2‬إن القامة والبس طة‬
‫ثالثة أذرع ونصف‪ .‬وقال الجمهور‪ :‬أربعة أذرع ونص ف‪ ،‬وهو الص واب (‬
‫‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬يج وز ال دفن في الشق واللحد فاللح د‪ :‬أن يحفر حائط‬
‫القبر مائال عن استوائه من أسفله قدر ما يوضع فيه الميت‪ ،‬وليكن من جهة‬
‫القبلة‪ .‬والشق‪ :‬أن يحفر وسطه كالنهر‪ ،‬ويبنى جانباه باللبن أو غيره‪ ،‬ويجعل‬
‫بينهما شق يوضع فيه الميت ويس قف‪ .‬وأيهما أفضل ؟ ف إن ك انت االرض‬
‫صلبة‪ ،‬فاللحد أفضل‪ ،‬وإال‪ ،‬فالشق‪ .‬فرع‪ :‬الس نة أن يوضع الميت عند أس فل‬
‫القبر‪ ،‬بحيث يكون رأسه عند رجل القبر‪ .‬ثم يسل من جهة رأسه سال رفيقا‪.‬‬
‫‪،‬وال يدخل القبر إال الرجال متى وجدوا‬

‫] ‪[ 649‬‬
‫رجال ك ان الميت أو ام رأة (‪ .)1‬وأوالهم بال دفن أوالهم بالص الة‪ ،‬إال أن‬
‫الزوج أحق بدفن زوجته‪ ،‬ثم بع ده المح ارم‪ ،‬االب‪ ،‬ثم الجد (‪ ،)2‬ثم االبن‪،‬‬
‫ثم ابن االبن ثم االخ‪ ،‬ثم ابن االخ‪ ،‬ثم العم‪ ،‬ف إن لم يكن أحد منهم‪ ،‬فعبي دها‬
‫وهم أحق من ب ني العم‪ ،‬النهم كالمح ارم في ج واز النظر ونح وه على‬
‫االصح (‪ .)3‬ف إن قلن ا‪ :‬إنهم كاالج انب‪ ،‬لم يتوجه تق ديمهم‪ ،‬ف إن لم يكن‬
‫عبي دها‪ ،‬فالخص يان أولى‪ ،‬لض عف ش هوتهم (‪ .)4‬ف إن لم يكون وا‪ ،‬ف ذوو‬
‫االرحام الذين ال محرمية لهم‪ ،‬فإن لم يكون وا‪ ،‬فأهل الص الح من االج انب‪.‬‬
‫قال إمام الحرمين‪ :‬وما رأى تقديم ذوي االرحام محتوم ا‪ ،‬بخالف المح ارم‪،‬‬
‫النهم كاالجانب في وجوب االحتجاب عنهم‪ .‬وقدم‬

‫] ‪[ 650‬‬
‫ص احب (الع دة) نس اء القرابة على الرج ال االج انب‪ ،‬وهو خالف النص‪،‬‬
‫وخالف المذهب المعروف‪ .‬ف رع‪ :‬إن اس تقل بوضع الميت في الق بر واح د‪،‬‬
‫بأن ك ان طفال‪ ،‬ف ذاك‪ ،‬وإال‪ ،‬فالمس تحب أن يك ون ع ددهم وت را‪ ،‬ثالث ة‪ ،‬أو‬
‫خمسة‪ ،‬على حسب الحاجة‪ ،‬وكذا ع دد الغاس لين‪ .‬ويس تحب أن يس تر الق بر‬
‫عند الدفن بثوب‪ ،‬رجال كان أو امرأة‪ ،‬والم رأة آك د‪ .‬واخت ار أبو الفضل بن‬
‫عب دان من أص حابنا‪ :‬أن االس تحباب مختص ب المرأة‪ ،‬والم ذهب االول‪.‬‬
‫ويستحب لمن يدخله القبر أن يق ول‪ :‬باسم هللا‪ ،‬وعلى ملة رس ول هللا (ص)‪.‬‬
‫ثم يقول‪ :‬اللهم أسلمه إليك االشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوان ه‪ ،‬وفارقه‬
‫من كان يحب قربه‪ ،‬وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وض يقه‪،‬‬
‫ونزل بك وأنت خير منزول به‪ ،‬إن عاقبته فبذنب ه‪ ،‬وإن عف وت عن ه‪ ،‬فأهل‬
‫العفو أنت‪ ،‬أنت غني عن عذابه‪ ،‬وهو فقير إلى رحمتك‪ ،‬اللهم تقبل حس نته‪،‬‬
‫واغفر سيئته‪ ،‬وأعذه من عذاب القبر‪ ،‬واجمع له برحمتك االمن من عذابك‪،‬‬
‫واكفه كل هول دون الجنة‪ ،‬اللهم واخلفه في تركته في الغابرين‪ ،‬وارفعه في‬
‫عليين‪ ،‬وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين‪ .‬وهذا ال دعاء نص عليه‬
‫الشافعي رحمه هللا في (المختصر) (‪ .)1‬ف رع‪ :‬إذا وضع في اللح د‪ ،‬اض جع‬
‫على جنبه االيمن مستقبل القبلة (‪ ،)2‬بحيث ال ينكب وال يستلقي‪ ،‬بأن يدنى‬
‫من جدار اللحد‪ ،‬ويسند ظهره بلبنة ونحوها‪ ،‬ووضعه مس تقبل القبلة واجب‪،‬‬
‫كذا قطع به الجمه ور‪ .‬ق الوا‪ :‬فلو دفن مس تدبرا أو مس تلقيا‪ ،‬نبش ووجه إلى‬
‫القبلة ما لم يتغ ير‪ ،‬ف إن تغ ير‪ ،‬لم ينبش‪ .‬وق ال القاضي أبو الطيب في كتابه‬
‫(المجرد)‪ :‬التوجيه إلى القبلة س نة‪ ،‬فلو ت رك اس تحب أن ينبش ويوج ه‪ ،‬وال‬
‫يجب (‪ .)3‬وأما االض جاع على اليمين‪ ،‬فليس ب واجب‪ .‬فلو وضع على‬
‫اليسار مستقبل القبلة‪ ،‬كره ولم ينبش‪ ،‬ولو ماتت ذمية في بطنها جنين‬
‫] ‪[ 651‬‬
‫مس لم ميت‪ ،‬جعل ظهرها إلى القبلة ليتوجه الج نين إلى القبل ة‪ ،‬الن وجه‬
‫الج نين على ما ذكر إلى ظهر االم‪ .‬ثم قي ل‪ :‬ت دفن ه ذه الم رأة بين مق ابر‬
‫المسلمين والكفار‪ .‬قي ل‪ :‬في مق ابر المس لمين‪ ،‬فت نزل منزلة ص ندوق الول د‪.‬‬
‫وقي ل‪ :‬ت دفن في مق ابر الكف ار‪ .‬قلت‪ :‬الص حيح من ه ذه االوجه االول‪ ،‬وبه‬
‫قطع االك ثرون (‪ ،)1‬منهم ص احب (الش امل)‪ ،‬والمس تظهري‪ ،‬وص احب‬
‫(البيان)‪ .‬ونقله صاحب (الح اوي) عن أص حابنا ق ال (‪ :)2‬وك ذلك إذا اختلط‬
‫موتى المسلمين بموتى المش ركين‪ .‬ق ال‪ :‬وحكي عن الش افعي أنها ت دفع إلى‬
‫أهل دينها ليتول وا غس لها ودفنه ا‪ .‬وقطع ص احب (التتم ة) بأنها ت دفن على‬
‫طرف مقابر المسلمين‪ ،‬وهذا وجه رابع‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فرع‪ :‬ويجعل تحت رأس‬
‫الميت لبنة أو حجر‪ ،‬ويفضى بخده االيمن إلي ه‪ ،‬أو إلى ال تراب‪ ،‬وال يوضع‬
‫تحت رأسه مخدة‪ .‬وال يفرش تحته ف راش‪ .‬حكى العراقي ون (‪ )3‬كراهة ذلك‬
‫عن نص الشافعي رحمه هللا‪ ،‬وقال في (الته ذيب)‪ :‬ال ب أس به (‪ ،)4‬ويك ره‬
‫أن يجعل في تابوت‪ ،‬إال إذا كانت االرض رخوة‪ ،‬أو ندية‪ ،‬وال تنفذ‬

‫] ‪[ 652‬‬
‫وصيته به إال في مثل هذه الحالة‪ ،‬ثم يكون التابوت من رأس الم ال‪ .‬ف رع‪:‬‬
‫إذا ف رغ من وض عه في اللح د‪ ،‬نصب اللبن على فتح اللح د‪ ،‬وتسد الف رج‬
‫بقطع اللبن مع الطين‪ ،‬أو ب اآلجر ونح وه (‪ ،)1‬ثم يح ثي كل من دنا ثالث‬
‫حثي ات من ال تراب (‪ )2‬بيديه جميع ا‪ ،‬ويس تحب أن يق ول مع االولى‪( :‬منها‬
‫خلقن اكم) ومع الثانية (وفيها نعي دكم) ومع الثالثة (ومنها نخ رجكم ت ارة‬
‫أخرى) (‪ )3‬ثم يهال بالمس احي‪ .‬ف رع‪ :‬المس تحب أن ال ي زاد في الق بر على‬
‫ترابه الذي خرج منه‪ ،‬وال يرفع إال قدر شبر ليعرف فيزار ويحترم‪ .‬قال في‬
‫(التتم ة)‪ :‬إال إذا م ات مس لم في بالد الكف ار‪ ،‬فال يرفع ق بره‪ ،‬بل يخفى لئال‬
‫يتعرضوا له إذا رجع المسلمون‪ .‬ويكره تجص يص الق بر‪ ،‬والكتاب ة‪ ،‬والبن اء‬
‫عليه (‪ .)4‬ولو بني عليه‪ ،‬هدم إن كانت المقبرة‬

‫] ‪[ 653‬‬
‫مسبلة‪ ،‬وإن كان القبر في ملكه‪ ،‬فال‪ .‬وأما تطيين القبر‪ ،‬فقال إمام الح رمين‪،‬‬
‫والغزالي‪ :‬ال يطين‪ ،‬ولم ي ذكر ذلك جم اهير االص حاب‪ .‬ونقل الترم ذي عن‬
‫الشافعي‪ :‬أنه ال بأس بالتطيين ويستحب أن يرش الم اء على الق بر‪ ،‬ويوضع‬
‫عليه حصى‪ ،‬وأن يوضع عند رأسه ص خرة‪ ،‬أو خش بة ونحوه ا‪ .‬قلت‪ :‬ق ال‬
‫صاحب (التهذيب)‪ :‬يكره أن يرش على القبر ماء الورد‪ ،‬ويكره أن يض رب‬
‫عليه مظل ة‪ ،‬وال ب أس بالمشي بالنعل بين القب ور‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬الم ذهب‬
‫الصحيح الذي عليه جمهور أص حابنا‪ :‬أن تس طيح الق بر أفضل من تس نيمه‪.‬‬
‫وق ال ابن أبي هري رة‪ :‬االفضل اآلن التس نيم‪ ،‬وتابعه الش يخ أبو محم د‪،‬‬
‫والغ زالي‪ ،‬والروي اني‪ ،‬وهو ش اذ ض عيف‪ .‬ف رع‪ :‬االنص راف عن الجن ازة‬
‫أربعة أقسام‪ .‬أحدها‪ :‬ينصرف عقيب الص الة‪ ،‬فله من االجر ق يراط‪ .‬الث اني‪:‬‬
‫أن يتبعها ح تى ت وارى ويرجع قبل إهالة ال تراب‪ .‬الث الث‪ :‬يقف إلى الف راغ‬
‫‪.‬من القبر وينصرف من غير دعاء‬

‫] ‪[ 654‬‬
‫الراب ع‪ :‬يقف بع ده عند الق بر ويس تغفر هللا تع الى للميت‪ ،‬وه ذا أقصى‬
‫ال درجات في الفض يلة‪ .‬وحي ازة الق يراط الث اني‪ ،‬تحصل لص احب القسم‬
‫الث الث‪ ،‬وهل تحصل للث اني ؟ حكى االم ام‪ ،‬فيه ت رددا‪ ،‬واخت ار الحص ول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وحكى صاحب (الحاوي) في هذا التردد وجهين (‪ ،)1‬وقال‪ :‬أصحهما‪:‬‬
‫ال تحصل إال ب الفراغ من دفن ه‪ ،‬وه ذا هو المخت ار‪ ،‬ويحتج له برواية‬
‫البخاري (حتى يفرغ من دفنها)‪ .‬ويحتج لآلخر برواية مسلم في (ص حيحه)‪:‬‬
‫(ح تى توضع في اللح د)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬ويس تحب أن يلقن الميت بعد‬
‫الدفن‪ ،‬فيقال‪ :‬يا عبد هللا ابن أمة هللا‪ ،‬أذكر ما خرجت عليه من الدنيا‪ ،‬شهادة‬
‫أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محم دا رس ول هللا‪ ،‬وأن الجنة ح ق‪ ،‬وأن الن ار ح ق‪،‬‬
‫وأن البعث ح ق‪ ،‬وأن الس اعة آتية ال ريب فيه ا‪ ،‬وأن هللا يبعث من في‬
‫القب ور‪ ،‬وأنك رض يت باهلل رب ا‪ ،‬وباالس الم دين ا‪ ،‬وبمحمد (ص) نبي ا‪،‬‬
‫وبالقرآن إماما‪ ،‬وبالكعبة قبلة‪ ،‬وبالمؤمنين إخوان ا‪ .‬ورد به الخ بر عن الن بي‬
‫‪(.‬ص) (‪)2‬‬

‫] ‪[ 655‬‬
‫قلت‪ :‬ه ذا التلقين اس تحبه جماع ات من أص حابنا‪ ،‬منهم‪ :‬القاضي حس ين‪،‬‬
‫وص احب (التتم ة) والش يخ نصر المقدسي في كتابه (الته ذيب) وغ يرهم‪،‬‬
‫ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا‪ .‬والحديث الوارد فيه ضعيف (‪،)1‬‬
‫لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم‪ .‬وقد‬
‫اعتضد هذا الحديث بشواهد من االحاديث الصحيحة‪ ،‬كح ديث (اس ألوا هللا (‬
‫‪ )2‬له التثبيت) ووصية عمرو بن الع اص (أقيم وا عند ق بري ق در ما تنحر‬
‫ج زور‪ ،‬ويقسم لحمها ح تى أس تأنس بكم‪ ،‬وأعلم م اذا أراجع به رسل ربي)‬
‫رواه مس لم في (ص حيحه) ولم ي زل أهل الش ام على العمل به ذا التلقين من‬
‫العصر االول‪ ،‬وفي زمن من يقت دى ب ه‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬ويقعد الملقن عند‬
‫رأس الق بر‪ ،‬وأما الطفل ونح وه‪ ،‬فال يلقن (‪ .)3‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬المس تحب‬
‫في حال االختيار‪ ،‬أن يدفن كل ميت في قبر فإن كثر الم وتى‪ ،‬وع ثر إف راد‬
‫كل ميت بقبر‪ ،‬دفن االثنان والثالثة في قبر (‪ ،)4‬ويقدم إلى‬

‫] ‪[ 656‬‬
‫القبلة أفض لهم‪ ،‬ويق دم االب على االبن وإن ك ان االبن (‪ )1‬أفضل من ه‪،‬‬
‫لحرمة االبوة‪ ،‬وكذا تقدم االم على البنت‪ ،‬وال يجمع بين النساء والرجال إال‬
‫عند تأكد الضرورة‪ ،‬ويجعل بينهما حاجز من تراب‪ ،‬ويقدم الرجل وإن كان‬
‫ابنا‪ ،‬فإن اجتمع رجل وام رأة وخن ثى وص بي‪ ،‬ق دم الرج ل‪ ،‬ثم الص بي‪ ،‬ثم‬
‫الخن ثى‪ ،‬ثم الم رأة‪ .‬وهل يجعل ح اجز ال تراب بين ال رجلين‪ ،‬وك ذا بين‬
‫الم رأتين‪ ،‬أم يختص ب اختالف الن وع ؟ ق ال العراقي ون‪ :‬ال يختص‪ ،‬بل يعم‬
‫الجميع‪ ،‬وأشار جماعة إلى االختصاص‪ .‬قلت‪ :‬الصحيح ق ول العراق يين‪ .‬وقد‬
‫نص عليه الشافعي في (االم)‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬فصل‪ :‬القبر محترم توقيرا للميت (‬
‫‪ ،)2‬فيكره الجلوس عليه‪ ،‬واالتكاء‪ ،‬ووطؤه إال لحاجة بأن ال يصل إلى قبر‬
‫ميته إال بوطئ ه‪ .‬قلت‪ :‬وك ذا يك ره االس تناد إلي ه‪ ،‬ق ال أص حابنا‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ف رع‪ :‬يس تحب للرج ال زي ارة القب ور (‪ ،)3‬وهل يك ره للنس اء ؟ وجه ان‪.‬‬
‫أح دهما‪ ،‬وبه قطع االك ثرون‪ :‬يك ره (‪ .)4‬والث اني‪ ،‬وهو االصح عند‬
‫الروياني‪ :‬ال‬

‫] ‪[ 657‬‬
‫يكره إذا أمنت من الفتنة (‪ .)1‬والسنة أن يقول الزائر‪ :‬س الم عليكم دار ق وم‬
‫مؤم نين‪ ،‬وإنا إن ش اء هللا (‪ )2‬بكم الحق ون (‪ ،)3‬اللهم ال تحرمنا أج رهم‪،‬‬
‫وال تفتنا بع دهم‪ .‬وينبغي للزائ ر‪ ،‬أن ي دنو من الق بر بق در ما ك ان ي دنو من‬
‫صاحبه في الحياة لو زاره‪ .‬وسئل القاضي أبو الطيب عن ق راءة الق رآن في‬
‫المقابر فق ال‪ :‬الث واب للق ارئ‪ ،‬ويك ون الميت كالحاض ر‪ ،‬ت رجى له الرحمة‬
‫والبركة‪ ،‬فيس تحب ق راءة الق رآن في المق ابر له ذا المع نى‪ ،‬وأيضا فال دعاء‬
‫‪.‬عقيب القراءة أقرب إلى االجابة (‪ ،)4‬والدعاء ينفع الميت‬

‫] ‪[ 658‬‬
‫ف رع‪ :‬ال يج وز نبش الق بر إال في مواض ع‪ .‬منه ا‪ :‬أن يبلى الميت ويص ير‬
‫ترابا‪ ،‬فيج وز نبشه ودفن غ يره‪ ،‬ويرجع في ذلك إلى أهل الخ برة‪ ،‬وتختلف‬
‫ب اختالف البالد واالرض‪ ،‬وإذا بلي الميت‪ ،‬لم يجز عم ارة ق بره وتس وية‬
‫التراب عليه في المقابر المس بلة‪ ،‬لئال يتص ور بص ورة الق بر الجديد فيمتنع‬
‫الناس من الدفن فيه‪ .‬ومنها‪ :‬أن يدفن إلى غ ير القبل ة‪ ،‬وقد س بق‪ .‬ومنه ا‪ :‬أن‬
‫ي دفن من يجب غس له بال غس ل‪ .‬فالم ذهب‪ :‬أنه يجب النبش ليغس ل‪ ،‬وحكي‬
‫ق ول‪ :‬أنه ال يجب‪ ،‬بل يك ره لما فيه من الهت ك‪ ،‬فعلى الم ذهب وجه ان‪،‬‬
‫الصحيح المقط وع به في (النهاي ة) و (الته ذيب)‪ :‬ينبش ما لم يتغ ير الميت‪.‬‬
‫والث اني‪ :‬ينبش ما دام فيه ج زء من عظم وغ يره‪ .‬ومنه ا‪ :‬إذا دفن في أرض‬
‫مغصوبة‪ ،‬يستحب لص احبها ترك ه‪ ،‬ف ان أبى‪ ،‬فله إخراجه وإن تغ ير وك ان‬
‫فيه هتك (‪ .)1‬ومنه ا‪ :‬لو كفن بث وب مغص وب أو مس روق‪ ،‬ففيه أوج ه‪،‬‬
‫أصحها (‪ :)2‬ينبش ل رد الث وب‪ ،‬كما ينبش ل رد االرض‪ .‬والث اني‪ :‬ال يج وز‬
‫نبشه‪ ،‬وينتقل صاحب الثوب إلى القيمة‪ ،‬النه كالتالف (‪ .)3‬والثالث‪ :‬إن تغير‬
‫الميت وك ان في النبش هت ك‪ ،‬لم ينبش‪ ،‬وإال نبش (‪ .)4‬ولو دفن في ث وب‬
‫‪.‬حرير‪ ،‬ففي نبشه هذا الخالف (‪)5‬‬

‫] ‪[ 659‬‬
‫قلت‪ :‬وفي ه ذا نظ ر‪ ،‬وينبغي أن يقطع بأنه ال ينبش‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو‬
‫دفن بال كفن‪ ،‬هل ينبش ليكفن‪ ،‬أم يترك حفظا لحرمته‪ ،‬واكتفاء بس تر الق بر‬
‫؟ وجهان‪ .‬أصحهما‪ :‬ي ترك‪ .‬ومنه ا‪ :‬لو وقع في الق بر خ اتم‪ ،‬أو غ يره‪ ،‬نبش‬
‫ورد (‪ .)1‬ولو ابتلع في حياته م اال‪ ،‬ثم م ات‪ ،‬وطلب ص احبه ال رد‪ ،‬شق‬
‫جوفه ويرد‪ .‬قال في (العدة)‪ :‬إال أن يض من الورثة مثله أو قيمت ه‪ ،‬فال ينبش‬
‫على االصح (‪ .)2‬وق ال القاضي أبو الطيب‪ :‬ال ينبش بكل ح ال‪ ،‬ويجب‬
‫الغ رم في تركت ه‪ .‬ولو ابتلع م ال نفسه وم ات‪ ،‬فهل يخ رج ؟ وجه ان‪ .‬ق ال‬
‫الجرج اني (‪ :)3‬االصح يخ رج‪ .‬قلت‪ :‬وص ححه أيضا العب دري‪ ،‬وص حح‬
‫الش يخ أبو حام د‪ ،‬والقاضي أبو الطيب في كتابه (المج رد) ع دم االخ راج‪،‬‬
‫وقطع به المح املي في (المقن ع) وهو مفه وم كالم ص احب (التنبي ه) وهو‬
‫االصح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬وحيث قلنا‪ :‬يشق جوفه ويخرج‪ ،‬فلو دفن قبل الشق‪ ،‬نبش‬
‫ك ذلك (‪ .)4‬قلت‪ :‬ق ال (‪ )5‬الم اوردي في (االحك ام الس لطانية)‪ :‬إذا لحق‬
‫االرض الم دفون فيها س يل أو ن داوة‪ ،‬فقد ج وز الزب يري نقله منه ا‪ ،‬وأب اه‬
‫غيره‪ ،‬وقول الزبيري أص ح‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ف رع‪ :‬إذا م ات في س فينة‪ ،‬إن ك ان‬
‫‪،‬بقرب الساحل‪ ،‬أو بقرب جزيرة‬

‫] ‪[ 660‬‬
‫انتظروا ليدفنوه في البر‪ ،‬وإال شدوه بين لوحين لئال ينتفخ وألق وه في البحر‬
‫ليلقيه البحر إلى الس احل لعله يع إلى ق وم يدفنون ه‪ ،‬ف إن ك ان أهل الس احل‬
‫كفارا‪ ،‬ثقل بشئ ليرسب‪ .‬قلت‪ :‬العجب من االمام ال رافعي مع جاللت ه‪ ،‬كيف‬
‫حكى ه ذه المس ألة على ه ذا الوج ه‪ ،‬وكأنه قلد فيه ص احبي (المه ذب) و‬
‫(المستظهري) في قولهما‪ :‬إن ك ان أهل الس احل كف ارا‪ ،‬ثقل ليرس ب‪ ،‬وه ذا‬
‫خالف نص الشافعي‪ ،‬وإنما هو مذهب المزني‪ ،‬الن الشافعي رحمه هللا قال‪:‬‬
‫يلقى بين لوحين ليقذفه البحر‪ .‬قال المزني‪ :‬هذا الذي قاله الش افعي‪ ،‬إذا ك ان‬
‫أهل الساحل مس لمين‪ ،‬ف إن ك انوا كف ارا‪ ،‬ثقل بشئ لي نزل إلى الق رار‪ .‬ق ال‬
‫أص حابنا‪ :‬ال ذي قاله الش افعي أولى‪ ،‬النه يحتمل أن يج ده مس لم فيدفنه إلى‬
‫القبلة‪ .‬وعلى قول المزني‪ :‬يتيقن ترك ال دفن‪ .‬ه ذا ال ذي ذكرته هو المش هور‬
‫في كتب االصحاب‪ ،‬وذكر الشيخ أبو حامد‪ ،‬وص احب (الش امل) وغيرهم ا‪:‬‬
‫أن الم زني ذكرها في (جامع ه) الكب ير‪ ،‬وأنكر القاضي أبو الطيب عليهم‬
‫وق ال‪ :‬إنما ذكرها الم زني في (جامع ه) كما قالها الش افعي في (االم)‪ .‬ق ال‬
‫الش افعي‪ :‬ف ان لم يجعل وه بين لوح تين ليقذفه الس احل‪ ،‬بل ثقل وه وألق وه في‬
‫البحر‪ ،‬رجوت أن يسعهم‪ ،‬كذا رأيته في (االم)‪ .‬ونقل االصحاب أنه ق ال‪ :‬لم‬
‫يأثموا‪ ،‬وهو بمعناه‪ .‬وإذا ألق وه بين ل وحين‪ ،‬أو في البح ر‪ ،‬وجب عليهم قبل‬
‫ذلك غسله وتكفين ه‪ ،‬والص الة عليه بال خالف‪ [ ،‬وقد أوض حت المس ألة في‬
‫(شرح المهذب) (‪)1‬‬

‫] ‪[ 661‬‬
‫بأبسط من ه ذا‪ ،‬وقد بقيت من ب اب ال دفن بقايا ] (‪ .)1‬ق ال الش افعي‬
‫واالص حاب رحمهم هللا‪ :‬يس تحب أن يجمع االق ارب في موضع واحد من‬
‫المق برة‪ .‬ومن س بق إلى موضع من المق برة المس بلة ليحف ره‪ ،‬فهو أحق من‬
‫غ يره‪ .‬ق ال أص حابنا‪ :‬ويح رم أن ي دفن في موضع فيه ميت ح تى يبلى وال‬
‫يبقى عظم وال غ يره‪ .‬ق الوا‪ :‬ف إن حفر فوجد عظام ه‪ ،‬أع اد الق بر ولم يتم‬
‫الحفر‪ .‬قال الش افعي رحمه هللا‪ :‬ف ان ف رغ من الق بر فظهر شئ من العظ ام‪،‬‬
‫جاز أن تجعل في جانب القبر ويدفن الثاني معه‪ .‬قال الش افعي واالص حاب‪:‬‬
‫ولو م ات له أق ارب دفع ة‪ ،‬وأمكنه دفن كل واحد في ق بر‪ ،‬ب دأ بمن يخشى‬
‫تغيره‪ ،‬ثم ال ذي يليه في التغ ير‪ .‬ف إن لم يخش تغ ير‪ ،‬ب دأ بأبي ه‪ ،‬ثم أم ه‪ ،‬ثم‬
‫االق رب ف االقرب‪ .‬ف إن كانا أخ وين‪ ،‬فأكبرهم ا‪ .‬ف إن كانتا زوج تين‪ ،‬أق رع‬
‫بينهما‪ .‬وال يدفن مسلم في مقبرة الكفار‪ ،‬وال كافر في مق برة المس لمين‪ .‬ق ال‬
‫أصحابنا‪ :‬وال يكره الدفن بالليل‪ .‬قالوا‪ :‬وهو مذهب العلم اء كاف ة‪ ،‬إال الحسن‬
‫البصري‪ .‬قالوا‪ :‬لكن المستحب‪ ،‬أن يدفن نهارا (‪ .)2‬ق ال الش افعي في (االم)‬
‫واالصحاب‪ :‬وال يكره الدفن في االوق ات ال تي نهي عن الص الة فيه ا‪ .‬ونقل‬
‫الشيخ أبو حام د‪ ،‬وص احب (الح اوي)‪ ،‬والش يخ نص ر‪ ،‬وغ يرهم‪ ،‬االجم اع‬
‫عليه‪ ،‬وبه أجابوا عن حديث‬

‫] ‪[ 662‬‬
‫عقبة بن عامر (‪ )1‬في (صحيح مسلم) (‪( :)2‬ثالث ساعات نهانا رسول هللا‬
‫(ص) عن الص الة فيهن‪ ،‬وأن نق بر فيهن موتان ا) وذكر وقت االس تواء‪،‬‬
‫والطلوع‪ ،‬والغروب‪ .‬وأجاب القاضي أبو الطيب‪ ،‬ثم ص احب (التتم ة)‪ ،‬ب أن‬
‫الحديث محمول على تح ري ذلك وقص ده‪ .‬ويك ره الم بيت في المق برة‪ .‬وأما‬
‫نقل الميت من بلد إلى بلد قبل دفنه‪ ،‬فقال صاحب (الحاوي) قال الشافعي‪ :‬ال‬
‫أحبه إال أن يكون بق رب مكة أو المدين ة‪ ،‬أو بيت المق دس‪ ،‬فنخت ار أن ينقل‬
‫إليها لفضل ال دفن فيه ا‪ .‬وق ال ص احب (الته ذيب)‪ ،‬والش يخ أبو نصر‬
‫البن دنيجي من العراق يين‪ :‬يك ره نقل ه‪ .‬وق ال القاضي حس ين‪ ،‬وأبو الف رج‬
‫الدارمي‪ ،‬وصاحب (التتمة)‪ :‬يحرم نقله‪ .‬قال القاضي وصاحب (التتمة)‪ :‬ولو‬
‫أوصى به‪ ،‬لم تنفذ وصيته‪ ،‬وهذا أصح‪ ،‬ف إن في نقله ت أخير دفنه وتعريضه‬
‫لهتك حرمته من وج وه‪ .‬ولو م اتت ام رأة في جوفها ج نين حي‪ ،‬ق ال‬
‫أص حابنا‪ :‬إن ك ان ي رجى حيات ه‪ ،‬شق جوفها وأخ رج ثم دفنت‪ ،‬وإال فثالثة‬
‫أوج ه‪ .‬الص حيح‪ :‬ال يشق جوفه ا‪ ،‬بل ي ترك ح تى يم وت الج نين ثم ت دفن‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يش ق‪ .‬والث الث‪ :‬يوضع عليه شئ ليم وت ثم ت دفن‪ ،‬وه ذا غلط (‪)3‬‬
‫وإن كان قد حكاه‬
‫] ‪[ 663‬‬
‫جماعة‪ ،‬وإنما ذكرته البين بطالن ه‪ .‬ق ال ص احب (الح اوي)‪ :‬ق ال الش افعي‬
‫رحمه هللا‪ :‬لو أن رفقة في س فر م ات أح دهم فلم ي دفنوه‪ ،‬نظ ر‪ ،‬إن ك ان‬
‫بطريق يخترقه (‪ )1‬المارة‪ ،‬أو بقرب قرية للمسلمين‪ ،‬فقد أساؤوا‪ ،‬وعلى من‬
‫بقربه من المس لمين دفن ه‪ .‬وإن ك ان بص حراء‪ ،‬أو موضع ال يمر به أح د‪،‬‬
‫أثم وا وعلى الس لطان مع اقبتهم‪ ،‬إال أن يخ افوا ‪ -‬لو اش تغلوا به ‪ -‬ع دوا‪،‬‬
‫فيختار أن يواروه ما أمكنهم‪ .‬فإن ترك وه‪ ،‬لم ي أثموا‪ ،‬النه موضع ض رورة‪.‬‬
‫ق ال الش افعي‪ :‬لو أن مجت ازين م روا بميت في ص حراء‪ ،‬ل زمهم القي ام به‬
‫رجال كان أو امرأة‪ .‬فإن تركوه أثموا‪ .‬ثم إن ك ان بثيابه ليس عليه أثر غسل‬
‫وال تكفين‪ ،‬وجب عليهم غسله وتكفينه والصالة عليه ودفن ه‪ .‬وإن ك ان عليه‬
‫أثر الغسل والكفن والحنوط‪ ،‬دفنوه‪ .‬فإن أرادوا الصالة عليه‪ ،‬صلوا بعد دفنه‬
‫على ق بره‪ ،‬الن الظ اهر أنه ص لي عليه [ وقد ألحقت في ه ذا الب اب أش ياء‬
‫كثيرة‪ ،‬وبقيت منها نفائس ومتممات استقصيتها في (ش رح المه ذب) تركتها‬
‫لكثرة االطالة ] (‪ .)2‬وهللا أعلم‪ .‬باب التعزية هي سنة‪ ،‬ويكره الجل وس لها (‬
‫‪ .)3‬ويس تحب أن يع زي جميع أهل الميت‪ ،‬الكب ير والص غير‪ ،‬والرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬لكن ال يعزي الشابة إال محارمه ا‪ ،‬وس واء في أصل ش رعيتها‪ ،‬ما‬
‫قبل الص الة وال دفن‪ ،‬وبع دهما‪ ،‬لكن تأخيرها إلى ما بعد ال دفن أحس ن‪،‬‬
‫الشتغال أهل الميت بتجهيزه‪ .‬قلت‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬إال أن يرى من أهل الميت‬
‫جزعا شديدا‪ ،‬فيختار تقديم‬

‫] ‪[ 664‬‬
‫التعزية ليص برهم‪ .‬وهللا أعلم‪ .‬ثم تمتد التعزية إلى ثالثة أي ام‪ ،‬وال يع زى‬
‫بعدها إال أن يكون المعزي‪ ،‬أو المعزى غائب ا‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يعزيه أب دا (‪،)1‬‬
‫وهو ش اذ‪ .‬والص حيح المع روف‪ ،‬االول‪ .‬ثم الثانية للتق ريب‪ .‬ف رع‪ :‬مع نى‬
‫التعزي ة‪ :‬االمر بالص بر والحمل عليه بوعد االج ر‪ ،‬والتح ذير من ال وزر‬
‫ب الجزع‪ ،‬وال دعاء للميت ب المغفرة‪ ،‬وللمص اب بج بر المص يبة‪ ،‬فيق ول في‬
‫تعزية المسلم بالمسلم‪ :‬أعظم هللا أجرك (‪ ،)2‬وأحسن عزاءك‪ ،‬وغفر لميتك‪.‬‬
‫وفي تعزية المس لم بالك افر‪ :‬أعظم هللا أج رك‪ ،‬وأخلف علي ك‪ ،‬أو ألهمك‬
‫الصبر‪ ،‬أو جبر مص يبتك ونح وه‪ .‬وفي تعزية الك افر بالمس لم (‪ :)3‬غفر هللا‬
‫لميتك‪ ،‬وأحسن عزاك‪ .‬ويجوز للمس لم أن يع زي ال ذمي بقريبه ال ذمي (‪،)4‬‬
‫‪.‬فيقول‪ :‬أخلف هللا عليك‪ ،‬وال نقص عددك‬
‫] ‪[ 665‬‬
‫فص ل‪ :‬يس تحب لج يران الميت‪ ،‬واالباعد من قرابت ه‪ ،‬تهيئة طع ام الهل‬
‫الميت‪ ،‬يشبعهم في ي ومهم وليلتهم‪ ،‬ويس تحب أن يلح عليهم في االك ل‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قال صاحب (الشامل) وأما إصالح أهل الميت طعاما‪ ،‬وجمعهم الناس عليه‪،‬‬
‫فلم ينقل فيه شئ‪ ،‬قال‪ :‬وهو بدعة غير مس تحبة‪ ،‬وهو كما ق ال‪ .‬ق ال غ يره‪:‬‬
‫ولو كان الميت في بلد‪ ،‬وأهله في غيره‪ ،‬يستحب لجيران أهله اتخاذ الطع ام‬
‫لهم‪ .‬ولو ق ال االم ام ال رافعي‪ :‬يس تحب لج يران أهل الميت‪ ،‬لك ان أحس ن‪،‬‬
‫لت دخل فيه ه ذه الص ورة‪ .‬وهللا أعلم‪ [ .‬ولو اجتمع نس اء ينحن‪ ،‬لم يجز أن‬
‫يتخذ لهن طعاما‪ ،‬فإنه إعانة على معص ية ] (‪ .)1‬فص ل‪ :‬البك اء على الميت‬
‫جائز قبل الموت وبعده‪ ،‬وقبله أولى (‪ .)2‬والندب حرام‪ ،‬وهو أن يعد شمائل‬
‫‪ )3(.‬الميت‪ ،‬فيقال‪ :‬واكهفاه‪ ،‬واجباله‪ ،‬ونحو ذلك‬

‫] ‪[ 666‬‬
‫والنياحة حرام‪ ،‬والجزع (‪ ،)1‬بض رب الخ د‪ ،‬وشق الث وب‪ ،‬ونشر الش عر‪،‬‬
‫حرام‪ ،‬وإذا فعل أهل الميت شيئا من ذلك‪ ،‬ال يع ذب الميت‪ ،‬والح ديث فيه (‬
‫‪ )2‬متأول على من أوصى (‪ )3‬بالنياحة عليه‪ .‬ب اب ت ارك الص الة (‪ )4‬وهو‬
‫ض ربان‪ .‬أح دهما‪ :‬تركها جح دا لوجوبها (‪ ،)5‬فهو مرتد (‪ )6‬تج ري عليه‬
‫أحكام‬

‫] ‪[ 667‬‬
‫المرتدين‪ ،‬إال أن يكون قريب عهد باالسالم‪ ،‬يجوز أن يخفى عليه وجوبه ا‪،‬‬
‫ويج ري ه ذا الحكم في جح ود كل حكم مجمع علي ه‪ .‬قلت‪ :‬أطلق االم ام‬
‫الرافعي الق ول بتكف ير جاحد المجمع علي ه‪ ،‬وليس هو على إطالق ه‪ ،‬بل من‬
‫جحد مجمعا عليه فيه نص (‪ ،)1‬وهو من أم ور االس الم الظ اهرة ال تي‬
‫يش ترك في معرفتها الخ واص والع وام‪ ،‬كالص الة‪ ،‬أو الزك اة‪ ،‬أو الحج‪ ،‬أو‬
‫تح ريم الخم ر‪ ،‬أو الزن ا‪ ،‬ونحو ذل ك‪ ،‬فهو ك افر‪ .‬ومن جحد مجمعا عليه ال‬
‫يعرفه إال الخواص‪ ،‬كاستحقاق بنت االبن السدس مع بنت الصلب‪ ،‬وتح ريم‬
‫نك اح المعت دة‪ ،‬وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادث ة‪ ،‬فليس بك افر‪،‬‬
‫للعذر‪ ،‬بل يعرف الصواب ليعتقده‪ .‬ومن جحد مجمعا عليه‪ ،‬ظ اهرا‪ ،‬ال نص‬
‫فيه‪ .‬ففي الحكم بتكفيره خالف يأتي إن شاء هللا تع الى بيانه في ب اب ال ردة‪،‬‬
‫وقد أوضح صاحب (الته ذيب) القس مين االولين في خطبة كتاب ه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫الضرب الثاني‪ :‬من تركها غ ير جاح د‪ ،‬وهو قس مان‪ .‬أح دهما‪ :‬ت رك لع ذر‪،‬‬
‫كالنوم‪ ،‬والنسيان‪ ،‬فعليه القضاء فقط‪ ،‬ووقته موسع‪ .‬والث اني‪ :‬ت رك بال ع ذر‬
‫تكاسال‪ ،‬فال يكفر على الصحيح‪ .‬وعلى الشاذ‪ :‬يكون مرتدا كاالول‪ ،‬فعلى‬

‫] ‪[ 668‬‬
‫الصحيح‪ :‬يقتل حدا‪ .‬وقال المزني‪ :‬يحبس ويؤدب وال يقتل‪ .‬ومتى يقتل ؟ فيه‬
‫أوجه‪ .‬الصحيح‪ :‬بترك صالة واحدة إذا ضاق وقتها‪ ،‬والثاني‪ :‬إذا ضاق وقت‬
‫الثانية‪ .‬والث الث‪ :‬إذا ض اق وقت الرابع ة‪ .‬والراب ع‪ :‬إذا ت رك أربع ص لوات‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬إذا ترك من الص لوات ق درا يظهر لنا به اعتي اده ال ترك وتهاونه‬
‫بالصالة‪ .‬والمذهب‪ :‬االول‪ .‬واالعتبار بإخراج الصالة عن وقت الض رورة (‬
‫‪ .)1‬فإذا ترك الظهر‪ ،‬لم يقتل حتى تغ رب الش مس‪ ،‬وإذا ت رك المغ رب‪ ،‬لم‬
‫يقتل حتى يطلع الفجر (‪ ،)3( )2‬حكاه الصيدالني وتابعه االئمة عليه‪ .‬وعلى‬
‫االوجه كلها‪ :‬ال يقتل حتى يس تتاب (‪ .)4‬وهل يكفي االس تتابة في الح ال‪ ،‬أم‬
‫يمهل ثالثة أيام ؟ قوالن‪ .‬قال في (العدة)‪ :‬المذهب أنه ال يمهل‪ .‬والقوالن في‬
‫االس تحباب‪ :‬على الم ذهب‪ .‬وقي ل‪ :‬في االيج اب‪ .‬ف رع‪ :‬الص حيح‪ :‬أنه يقتل‬
‫بالسيف ضربا كالمرتد‪ .‬وفي وجه‪ :‬ينخس بحديدة ويقال‪ :‬ص ل‪ ،‬ف إن ص لى‪،‬‬
‫وإال كرر عليه [ النخس ] ح تى يم وت‪ .‬وفي وج ه‪ :‬يض رب بالخشب ح تى‬
‫يص لي أو يم وت (‪ .)5‬وأما غسل المقت ول ل ترك الص الة ودفنه والص الة‬
‫عليه‪ ،‬فتقدم بيانها في الصالة على الميت‪ .‬فرع‪ :‬إذا أراد السلطان قتله فق ال‪:‬‬
‫صليت في بيتي‪ ،‬ترك (‪ .)6‬فرع‪ :‬ت ارك الوض وء يقتل على الص حيح (‪.)7‬‬
‫ولو امتنع من صالة الجمعة وقال‪ :‬أص ليها ظه را‪ ،‬بال ع ذر‪ ،‬لم يقت ل‪ ،‬قاله‬
‫الغزالي في فتاويه‪ ،‬النه ال يقتل بترك الص وم‪ ،‬فالجمعة أولى‪ ،‬الن لها ب دال‬
‫‪.‬وتسقط بأعذار كثيرة‬

‫] ‪[ 669‬‬
‫قلت‪ :‬قد ج زم االم ام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل ب ترك الجمعة وإن ك ان‬
‫يصليها ظه را‪ ،‬النه ال يتص ور قض اؤها‪ ،‬وليست الظهر قض اء عنه ا‪ .‬وقد‬
‫اخت ار ه ذا غ ير الشاشي (‪ ،)1‬واستقص يت الكالم عليه في أول كت اب‬
‫الصالة‪ ،‬من شرح (المهذب)‪ .‬ولو قتل إنسان تارك الصالة في مدة االمهال‪،‬‬
‫قال صاحب (البيان)‪ :‬بأثم وال ض مان عليه كقاتل المرتد (‪ .)2‬وس يأتي كالم‬
‫الرافعي فيه في كتاب الجنايات إن شاء هللا تعالى‪ .‬وإن ت رك الص الة وق ال‪:‬‬
‫تركتها ناسيا‪ ،‬أو للبرد‪ ،‬أو عدم الماء‪ ،‬أو لنجاسة كانت علي‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫االعذار‪ ،‬صحيحة كانت أو باطلة‪ ،‬قال صاحب (التتمة)‪ :‬يقال له‪ :‬صل‪ ،‬ف ان‬
‫امتنع‪ ،‬لم يقتل على المذهب‪ ،‬الن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت‪ ،‬ولم‬
‫يتحقق ذلك‪ ،‬وفي وجه‪ :‬أنه يقتل لعن اده‪ .‬ق ال‪ :‬ولو ق ال‪ :‬تعم دت تركه ا‪ ،‬وال‬
‫أريد أن أصليها‪ ،‬قتل قطعا‪ .‬وإن قال‪ :‬تعمدت تركها بال عذر‪ .،‬ولم يق ل‪ :‬وال‬
‫أصليها‪ ،‬قتل أيضا على المذهب‪ ،‬لتحقق جنايته‪ .‬وفيه وجه‪ :‬أنه ال يقتل ما لم‬
‫يصرح باالمتناع من القضاء‪ .‬واعلم أن قضاء من ترك الصالة بع ذر‪ ،‬على‬
‫التراخي على الم ذهب‪ ،‬ومن ت رك بغ ير ع ذر‪ ،‬فيه وجه ان‪ :‬أص حهما عند‬
‫العراقيين‪ :‬على ال تراخي‪ ،‬والص واب ما قاله الخراس انيون‪ :‬أنه على الف ور‪.‬‬
‫وستأتي المس ألة في كت اب الحج إن ش اء هللا تع الى كما ق دمنا الوعد به في‬
‫‪.‬آخر صفة الصالة (‪ .)3‬وهللا أعلم‬
‫مكتبة يعسوب الدين عليه السالم االلكترونية‬

You might also like