Professional Documents
Culture Documents
الح ّ
علوم معجميّة
صد بالتولٌد المعجمً عموما إنتاج وحدات معجمٌة جدٌدة تنضاف إلى المعجم العام (معجم األلفاظ ٌُم َ
صة (معاجم المصطلحات الخاصة ٍّّ
بفن معٌن أو والكلمات المتداولة فً لسان ما) أو إلى المعاجم الخا ّ
ٌعرف لاموس أكسفورد التولٌد (" )néologieبممارسة أو استعمال كلمات حرفة معٌنة أو علم معٌن) .و ِ ّ
ٌعرفه لاموس Le Grand Robertبأنّه ا
استعماًل جدٌداا أو ابتكار كلمات وتعبٌرات لغوٌة جدٌدة" فٌما ِ ّ
"استعمال كلمات جدٌدة ضرورٌة للغة معٌنة من أجل تنمٌتها".
األولٌّة:
وٌمكن أن نخلص من هذٌن التعرٌفٌن إلى جملة من النتائج ّ
التولٌد ظاهرة لغوٌة عامة أي أنّها ًل تتعلّك بلغة معٌنة بل هً موجودة بالضرورة فً ك ّل اللغات -
البشرٌة.
التولٌد لٌس ترفاا لغوٌّا بل هو ضرورة لتنمٌة ألفاظ اللغة بغٌة مواكبة مستجدات الحٌاة فكلّما ُو ِجد -
مفهوم جدٌد أو اختراع جدٌد كان ًلبدّ له من اسم جدٌد.
التولٌد ٌعكس خاصٌّة أساسٌة من خصائص اللغة هً اإلبداعٌة بمعنى لدرة متكلّمً اللغة على -
توسٌع النظام المعجمً ًلستٌعاب كل حادث دًللً.
عا واحداا بل هو نوعان تولٌد لفظً و تولٌد دًللً كما ٌشٌر إلى ذلن تعرٌف التولٌد لٌس نو ا -
أكسفورد .فالتولٌد اللفظً هو الممصود ب"ابتكار كلمات أو تعبٌرات لغوٌة جدٌدة" أي وضع
كلمات جدٌدة لم تكن موجودة من لبل فً معجم تلن اللغة من لبٌل حاسوب و برمجٌة ....أ ّما
ا
استعماًل جدٌداا" أي توسٌع دًللة التولٌد الدًللً فهو الممصود ب"ممارسة أو استعمال كلمات
كلمات موجودة من لبل فً المعجم و إسناد دًللة جدٌدة إلٌها بمعنى خلك معان جدٌدة لكلمات
موجودة من لبل من لبٌل هاتف و تطبٌك....
"إن اًلنسان ٌعمد إلى األلفاظ ٌمول ابراهٌم أنٌس فً كتابه دًللة األلفاظ شارحا التولٌد الدًللً ّ
سا فً ذلن أدنى المدٌمة ذات الدًلًلت المندثرة فٌُحًٌ بعضها و ٌطلمه على مستحدثاته ملتم ا
مالبسة" فنجد أنفسنا "أمام ذلن الموج الزاخر من األلفاظ لدٌمة الصورة جدٌدة الدًللة".
هذا التمسٌم تولٌد دًللً/تولٌد لفظً ٌرتكز على معٌار وجه الوحدة المعجمٌة الذي ت ّم فٌه فعل
مس جانب المدلول دون الدا ّل كان مس التولٌد جانب الدا ّل كان لفظٌّا و إن ّ
فإن ّسا ْ التولٌد أسا ا
دًللٌّا.
ضا وفك معٌار آخر هو معٌار نوع الفاعل الممارس سموا التولٌد إلى نوعٌن أٌ ا على ّ
أن الباحثٌن ل ّ
لعملٌة التولٌد المعجمً حٌث ٌمٌّز لوٌس كالفً بٌن التولٌد العفوي و التولٌد المبرمج .فأ ّما التولٌد
العفوي فهو الذي ٌمارسه متكلّمو اللغة فً حٌاتهم الٌومٌة بصفة تلمائٌة استجابة لمستجدات الحٌاة
تمرر وضع الكلمات أو تولٌدها كالمجامع و أ ّما التولٌد المبرمج فهو الناتج عن مؤسسات رسمٌة ّ
اللغوٌة مثال.
و لك ّل من التولٌد اللفظً و التولٌد الدًللً آلٌّات ٌت ّم وفمها كاًلشتماق و النحت و اًللتراض
والنمل والمجاز ...وغٌرها .وهو ما سنحاول بٌانه بالتفصٌل فٌما ٌلً.
1
-1آليّات التوليد المعجمي اللفظي:
1-1االشتقاق
هو "أخذ صٌغة من أخرى مع اتفالهما معنى ومادة أصلٌة لٌد ّل بالثانٌة على معنى األصل
بزٌادة مفٌدة ألجلها اختلفا حروفا وهٌئة كشارب من شرب ".ففً شارب معنى األصل
(شرب) و فٌه زٌادة ألجلها اشت ُ َّك هً معنى الفاعلٌّة .اآللٌة األولى لتولٌد األلفاظ إذن فً
العربٌة هً اًلشتماق أي استعمال الصٌغ الصرفٌة الموجودة فً النظام الصرفً مسبما
(كصٌغة اسم الفاعل/المفعول /اسم اآللة/المصدر المٌمً/المبالغة)....لبناء ألفاظ جدٌدة
مثال نموذجان لتوظٌف اًلشتماق فً تؤدّي المعانً الحادثة .فالكلمتان (لابس) و (ناسوخ) ا
تولٌد األلفاظ حٌث الترح محمود تٌمور فً معجم الحضارة استبدال ما كان دار اجا من
األلفاظ العامٌّة و الدخٌلة بألفاظ عربٌة فاستبدل كلمة "الفٌش" ( )ficheبالمابس على اعتبار
أن الجذر (ق/ب/س) ٌد ّل على األخذ من مصدر من مصادر الطالة (فً لصة موسى "إذ ّ
وأن صٌغة اسمنارا لعلًّ آتٌكم منها بمبسّ )"...نارا فمال ألهله امكثوا إنًّ آنست ا رأى ا
الفاعل تد ّل على المائم بهذا الفعل أو المؤدّي له .فصار المابس ً
داًل على تلن األداة التً
نستعملها لربط اآللة بالكهرباء أو شحن هواتفنا الٌوم .و الترح تٌمور فً نفس السٌاق
بم ْمبَس و هو مكان الحصول على الطالة. استبدال "إبرٌز" (ِ )prise
أ ّما كلمة ناسوخ فمد اشتمّت على وزن من أوزان اسم اآللة (فاعول) للدًللة على اآللة التً تنسخ
الوثائك و ترسلها بشكل فوري (فاكس) .و األمثلة كثٌرة فً العربٌة على استعمال اًلشتماق
ثالجة /حاسوب /حاسبة /صاروخ /طابعة.... دراجة /حافلة ّ / لتولٌد األلفاظ( .شاحنة ّ /
-2-1النحت:
هو بناء كلمة واحدة من كلمتٌن او أكثر بحٌث تؤد ّي هذه الكلمة المعنى المستفاد من الكلمتٌن أو
من الكلمات .وهو نوع من اًلختصار من أمثلته الحوللة والبسملة والحٌعلة و الحمدلة....
الفوطبٌعً/
فً اختصار الجمل ومن أمثلته فً اختصار الكلمتٌن البرمائً /األفروآسٌويْ /
الالوعً/بٌتروكٌمٌائً /ماورائً .... الالإراديّ / الفوممطعًّ / ْ
-3-1االقتراض:
ٌتمثّل فً إدخال ألفاظ من لغة أخرى إلى لغتن وٌحدث اًللتراض بعامل خارجً وًل تجرٌه
اللغة فً بنٌتها الداخلٌة كاًلشتماق و النحت بل هو عبارة عن استعارة أللفاظ من لغات أخرى
وهو أمر دارج فً لغتنا العربٌة من ذلن تسمٌتنا لكثٌر من المسمٌات فً حٌاتنا الٌومٌة ففً
مجال المماش مثال الموسلٌن و الكشمٌر والدانتال ....وفً الموارص كلٌمنتٌن و نٌفال ...وفً
المكتبٌات كومبٌوتر وفٌدٌو و انترنٌت و رزنامة و برنامج ....
واًللتراض كما ٌعرفه لوٌس كالفً هجرة الكلمات من لغة إلى أخرى وهو ٌمع حٌن ًل ٌجد
المتكلمون بلغة ما وسٌلة للتعبٌر عن معنى معٌن فً لغتهم فٌمترضون من غٌرها خاصة حٌن تفد
علٌهم مفاهٌم جدٌدة أو مخترعات حدٌثة من ثمافة أخرى فٌمترضون اسمها فً لغتها األصلٌة
للدًللة علٌها.
عا
أمرا جدٌدا فً اللغة فمد حدثنا عنه سٌبوٌه فً الكتاب و جعله نوعٌن نو ا و اًللتراض لٌس ا
األول
ٌلحمه المتكلمون بأبنٌة لغتهم و أصواتها و ثانٌَا ًل ٌلحمونه بتلن األبنٌة و سنسمً ّ
المعرب و الثانً الممترض الدخٌل. َّ الممترض
2
المعرب وهو ما ألحك فٌه المتكلمون باأللفاظ الممترضة تعدٌالت تجعلها ألرب ّ الممترض
َ أ-
ً (بنفسه) فأبدلت إلى نظامهم الصوتً أو الصرفً .من ذلن كلمة بنفسج و أصلها فارس ّ
الهاء الساكنة فً آخرها جٌما لتمارب كالم العربٌّة و كذلن برنامج (برنامه) و باكالفه
التركٌة (بمالوة) و رومانسٌة و رومنطٌمٌة و غٌرها كثٌر فكل لفظ من هذه األلفاظ لحمته
طبّك علٌه نظامها التصرٌفً فٌُج َمعإن بعضها صار ٌُ َ تغٌٌرات صوتٌة تمربه من العربٌة بل ّ
جمعها و ٌشتك منه مثل برنامج (برامج /برمجٌّة /برمجٌّات /مبرمج/برمجة)....
الممترض الدخٌل وهو ما ًل ٌلحمه تغٌٌر و ٌبمى على حاله التً هو علٌها فً لغته األصلٌةَ ب-
فهو نمل صوتً أمٌن للّفظ مثل فلم /كمبٌوتر /فٌدٌو /انترنٌت /موسلٌن /فاكس /دٌفٌدي...
أن اللفظ الممترض –وإن كان فً األصل أجنبٌّا -فإنّه ٌصبح فً اًلستعمال جز اءا من نظام بمعنى ّ
الممترضة .فلفظ برنامج ممترض من الفارسٌة ولكنّه صار اآلن جز اءا من كالم العربٌة ِ اللغة
ولٌس أد ّل على ذلن من دخوله معجمها .اللغات إذن تمترض من بعضها البعض ألسباب
تارٌخٌة أحٌاناا (اًلحتالل /التبادل اًللتصادي /البعثات العلمٌة )...أو ثمافٌّة أحٌانا أخرى
لكن اللفظ الممترض ٌذوب فً اللغة (اختراعات وافدة من الثمافة الغربٌة /الهٌمنة الثمافٌةّ )...
الممترضة و ٌصبح ِمل اكا لمستعملٌه.
ِ
-2آليات التوليد المعجمي الداللي:
الممصود بالتولٌد الدًللً –كما أسلفنا -وضع دًلًلت جدٌدة أللفاظ موجودة فً المعجم من لبل.
أن المجاز هو العامل األساسً فً هذا النوع من التولٌدات التً تعتمد فً رأٌه وٌرى أولمان ّ
على العاللات المجازٌة (الشبه /الجزئٌّة /المجاورة )...بٌن الدًللة األصلٌة المعجمٌة للفظ
والدًللة المولّدة .ولد اعتبر اللغوٌّون العرب المدامى –ومنهم سٌبوٌه -المجاز من ضروب
الدًللً بانتمال األلفاظ م ّما ُوضعت له فً األصل إلى معان جدٌدةٌ .مول الجرجانً (عبد َ اًلتساع
الماهر) " وأ ّما المجاز فك ّل كلمة أُرٌد بها غٌر ما ولعت له فً وضع واضعها لمالحظة (أي
لرابط /لعاللة) بٌن الثانً و األ ّول".
ولد تحدّث األستاذ ابراهٌم بن مراد (فً افتتاحٌته لمجلة المعجمٌة ع 1991/8بعنوان فً
المصطلحٌة وعلم المعجم) عن كٌفٌة اًلستفادة من المجاز فً التولٌد المعجمً واعتبر أنّه ٌنتمل
بوحدة معجمٌة ما من دًللتها األصلٌة التً ُوضعت لها فً أصل استعمالها إلى دًللة جدٌدة إ ّما
بتوسٌع الدًللة األصلٌة أو بتضٌٌمها فهو "إسناد دا ٍّّل أصلً إلى معنى محدَث ".فالجلطة مثال فً
األصل تعنً الجزعة الخاثرة من اللبن الرائب واست ُ ِعٌر اللفظ – لعاللة المشابهة الواضحة
3
(التخثّر) -للدًللة على المرض المعروف وكذلن الماطرة كانت تعنً النالة التً تتمدم اإلبل ثم
تجر بالً عربات المطار. صارت –مجازَ ا -تُطلَك على العربة التً ّ
و المجاز ٌولّد الدًلًلت عبر آلٌّات ذكر منها بن مراد فً افتتاحٌته توسٌع الدًللة األصلٌة
وتضٌٌمها سنضٌف إلٌهما النمل.
أ -توسٌع الدًللة :أو توسٌع المعانً كما ٌسمٌه ابراهٌم أنٌس ٌعنً توسٌع الدًللة األصلٌة للكلمة
لتد َّل على ما لم تكن تد ّل علٌه فً األصل وهً ظاهرة لدٌمة فً التولٌد الدًللً فمد أفرد لها
عمل عا ًما" و ذكر فٌه أمثلة م ّماصا ث ّم است ُ ِ
ضع خا ً السٌوطً فً المزهر بابا س ّماه باب "فٌما ُو ِ
ذكره الثعالبً فً فمه اللغة .ومن أمثلة التوسٌع الدًللً:
-الصحٌفة كانت تد ّل على المرطاس المكتوب ث ّم اتسعت لتشمل أٌضا معنى الجرٌدة.
-الخاتم كان ٌد ّل على الخاتم الذي تُختم به الرسائل ث ّم اتسع لٌشمل كل حالة تلبس فً
األصابع.
-الذَّنوب كان ٌعنً النصٌب من الماء ث ّم اتسع لٌشمل النصٌب من ك ّل شًء.
سا العٌر العائدة (لفل فالن رجع) وصارت تتسع للدًللة على العٌر فً -المافلة تعنً أسا ا
حالٌها....
فتوسٌع الدًللة إذن ٌموم على نوع من التعمٌم بحذف بعض المالمح التمٌٌزٌة األصلٌة فً
الدًللة األصلٌة لتت ّسع لما لم تكن تتّسع له من لبل كحذف الملمح (ٌُختم به على الرسائل
وغٌرها) من اللفظ خاتم وحذف الملمح (عائدة) من اللفظ لافلة......
ٌعرفه أحمد مختار عمر فً "علم الدًللة" بالمول "هو أن ٌضٌك معنى الكلمة ب -تضٌٌك الدًللةّ :
فتتحول دًللتها من معنى كلًّ إلى معنى جزئً أو ٌم ّل عدد المعانً التً تد ّل ّ بمرور الولت
أن الكلمة أصبحت بالتخصٌص تد ّل على بعض ما كانت تد ّل علٌه من لب ُل نتٌجة علٌها أي ّ
إضافة بعض المالمح التمٌٌزٌّة للّفظ ".بمعنى أنّها تعمل بطرٌمة منالضة لتوسٌع الدًللة.
ومن أمثلة التضٌٌك الدًللً:
لفظ السفٌر كان ٌعنً ك ّل رسول بٌن اثنٌن /أوراق الشجر السالطة /أسافل الزرع /السمسار... -
ث ّم تم ّحضت للدًللة على منصب دٌبلوماسً معٌّن.
الجون كلمة فارسٌة تعنً اللون عموما ث ّم صارت تعنً األسود بالذات. ْ -
السبت تعنً الدّهر (ومنه السبات) ٌ >--وم من أٌام األسبوع. -
ال ُحرمة ك ّل ما ًل ٌجوز المساس به >--المرأة. -
ً >--صانع األحذٌة و مصلحها. اإلسكاف ك ّل حرف ّ -
الرؤٌة فعل البصر عموما >--فً الفمه رؤٌة الهالل تحدٌدا. -
-الح ّج التو ّجه و المصد >--التو ّجه تحدٌداا إلى الكعبة إللامة الشعائر.
المار.
ّ الجوال أو
-الهاتف من الدًللة على الصوت الداخلً الخفً إلى الدًللة على الهاتف ّ
-النفاثة من الدًللة على نفث الساحرات فً العمد إلى الطائرة النفاثة.
4
المارة إلى السٌارة التً نعرفها الٌوم.
ّ السٌّارة من الدًللة على المافلة -
األب من الدًللة على الوالد إلى الدًللة على مرتبة فً الكنٌسة. -
البٌت من الدًللة على المسكن إلى الدًللة على بٌت الشعر. -
الوتد من عمود الخٌمة إلى عمود الشعر. -
......
عمو اما سواء كان التولٌد لفظٌا لائما على اًلشتماق أو النحت أو اًللتراض بنوعٌه أو دًللٌّا لائما على
فإن الهدف واحد وهو الحفاظ على حركٌّة اللغة المجاز بك ّل آلٌاته (التضٌٌك /التوسٌع /النملّ )..
التصرف فً دًلًلت ماّ ودٌنامٌكٌتها وإبداعها بل وحٌاتها من خالل وضع ألفاظ جدٌدة أو التراضها أو
هو حاصل منها لمواكبة دٌنامٌكٌة الوالع و حركٌته.
5