You are on page 1of 64

‫النــــــــــانو وتطبيقاته‬

‫حسن عز الدين بالل‬

‫‪-1-‬‬
‫رئيس جملس اإلدارة‬
‫الدكتور رياض عصمت وزير الثقافة‬
‫املديرالعام‪ :‬حممود عبد الواحد‬ ‫املدير املسؤول ‪-‬‬
‫رئيـــــــــــــس التحريـــــــــــــــــــــر‪ :‬أنطوانيــــــت القـــــــــس‬

‫اإلشــــــراف الطبـاعـي‪ :‬أنس احلسن‬

‫‪-2-‬‬
‫تطورُ مفهو ِم املادةِ‬
‫إن إدراكنا الطبيعةِ‪ ،‬وما جيري فيها من عمليات‬
‫جيولوجية ومناخية وكيميائية وفيزيائية وبيولوجية‬
‫مبعزل عن تأثري اإلنسان‪ ،‬يعتمد أساساً على فهمنا‬
‫ملوادِّ تلك الطبيعة وطاقاهتا‪.‬‬
‫فما هي املادة؟ وكيف تطور مفهومها؟‬
‫بداي ًة‪ ،‬ميكن تعريف املادة بأهنا كل ما يشغل حيّزاً‬
‫من الفراغ‪ ،‬وله وزن‪ ،‬وهي موجودةٌ يف الطبيعة بأربع‬
‫حاالت‪ ،‬ولكل منها خواصُّ فيزيائية وكيميائية متيزها‪،‬‬
‫ويتحكم يف حتديد نوع احلالة طريق ُة التماسك بني‬
‫جزيئات امل���ادة‪ ،‬فاحلالة الصلبة شكلها وحجمها‬
‫ثابتان‪ ،‬لوجود روابط قوية بني جزيئاهتا‪ ،‬بينما احلالة‬
‫السائلة هلا حجم ثابت‪ ،‬وشكل يتغري بتغري شكل الوعاء‬
‫الذي توضع فيه‪ ،‬والسبب هو ضعف متاسك جزيئاهتا‪،‬‬
‫أما احلالة الغازية فشكلها وحجمها متغريان‪ ،‬ألن قوى‬
‫التماسك بني جزيئاهتا ضعيفة ج��داً‪ ،‬وه��ذا جيعلها‬
‫تنتشر بسرعة يف الفراغ احمليط هبا‪ ،‬ويفسر إحساسنا‬
‫بتسرب غاز املنزل من رائحته‪ ،‬أما احلالة الشاردية‬

‫‪-3-‬‬
‫(البالزما)‪ ،‬فهي حالة تتكوّن عندما تصطدم األشعة‬
‫ف��وق البنفسجية أو األشعة الكونية باملواد الغازية‪،‬‬
‫فرتتفع درجة حرارهتا‪ ،‬وتتحرر اإللكرتونات السطحية‬
‫وتتشرد ويظهر ذلك جلياً يف اجلو الغازيِّ للنجوم‪ ،‬ويف‬
‫الطبقة األيونية (الشاردية) اليت تقع على ارتفاع يبلغ‬
‫حوايل مئة كيلومرت عن سطح األرض‪.‬‬
‫وتضم كل حالة من حاالت املادة األربع السابقة‪،‬‬
‫م��ئ��ات اآلالف م��ن امل��رك��ب��ات واجل��زي��ئ��ات‪ ،‬ولتسهيل‬
‫دراستها قسمها العلماء إىل نوعني رئيسني مها‪:‬‬
‫أوال‪:‬املواد القدمية‬
‫تشمل املواد القدمية مجيع املواد اليت مت اكتشافها‪،‬‬
‫واس��ت��خ��دام��ه��ا يف جم����االت م���ت���ع���ددة‪ ،‬م��ن��ذ قديم‬
‫الزمان وحتى اآلن‪ ،‬وق��د قسمّت أيضاَ إىل مايلي‪:‬‬
‫‪-1‬العناصر الطبيعية والصناعية‬
‫العنصر مادة تتكون من نوع واحد من ال��ذرات‪ ،‬ال‬
‫ميكن جتزئته إىل مادة أبسط منه بالتفاعل الكيميائي‪،‬‬
‫أو باألجهزة ال�تي كانت متاح ًة آن���ذاك‪ ،‬ويبلغ عدد‬
‫العناصر يف الطبيعية اثني ِْن وتسعنيَ عنصراَ‪ّ ،‬‬
‫حضر‬
‫‪-4-‬‬
‫العلماء يف املختربات ع��دداً منها‪ ،‬فوصل عددها إىل‬
‫مئة وستة عناصر حتى عام ‪ ،1982‬مت ترتيبها حسب‬
‫خواصها يف جدول دوري حديث‪ ،‬ساهم يف إجياده كل من‬
‫العاملي ِْن‪ :‬الروسي مندليف (‪ )1907 – 1834‬واإلنكليزي‬
‫هاري موزيل (‪ ،)1915 -1887‬حيث مت تقسيم عناصر‬
‫اجل��دول إىل أشباه ف��ل��زات‪ ،‬وال�لاف��ل��زات‪ ،‬والفلزات‪،1‬‬
‫وق��د متيزت م��ن غريها بصفات ع��دي��دة‪ ،‬كالتوصيل‬
‫احلراري والكهربائي والقابلية للسحب والطرق وحتمُّ ِل‬
‫اإلج��ه��ادات‪ ،‬وأي�اَ كان نوع هذه العناصر املادية‪ ،‬فإهنا‬
‫تتكون من أعداد هائلة من وحدات دقيقة جداً‪ ،‬مساها‬
‫الفيلسوف اليوناني دميوقريطس منذ القرن اخلامس‬
‫قبل امليالد بالذرات‪ ،‬وتعين باليونانية اجلزء الصغري غري‬
‫القابل لالنقسام والفناء‪،‬وقد تبنى هذا املفهوم للذرة‬
‫مل والفيلسوفُ االنكليزي اسحق نيوتن (‪-1642‬‬ ‫العا ُ‬
‫‪ ،)1727‬لكنه أضاف إليه‪ ،‬بأن كوننا املادي املكون من‬
‫ذرات يقوم على ركائز ثالث‪ ،‬هي الزمان واملكان واملادة‬
‫اليت تشغل املكان واملتنوعة األشكال واألحجام‪ ،‬واليت ال‬
‫‪-1‬يوجد خلط يف بعض الكتب بني املعدن الذي هو حالة العنصر يف‬
‫الطبيعة بشوائبه وأكاسيده بينما ميثل الفلز احلالة النقية للعنصر‬
‫بعد ختليصه من شوائبه والعناصر املتحدة مع ذرته‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫ميكن أن تفنى‪ ،‬ألهنا قدمية قدم الكون‪ ،‬وهذا ما عزز‬
‫فكرة أزلية الكون‪ ،‬واستحالة فنائه وثبات كتلة مادته‬
‫والطاقة الناجتة عنها‪ ،‬وهكذا ظن العامل نيوتن‪ ،‬بأن‬
‫أفكاره وقوانينه ستبقى خالدة خلود املادة وثابتة ثبات‬
‫كتلتها وطاقتها‪ .‬لكن‪ ،‬وقبل إطاللة القرن العشرين‬
‫بأعوام قليلة‪ ،‬تراجعت يقينية أفكار العامل نيوتن أمام‬
‫اإلثبات التجرييب للعامل االجنليزي جوزيف طومسون‬
‫(‪ ،)1940-1856‬وه��و أن ال���ذرة قابلة لالنقسام‪،‬‬
‫وحتوي جسيمات صغرية جدا َ هي االلكرتونات السالبة‬
‫والربوتونات املوجبة اليت حتدد(هوية ال��ذرة)‪ ،‬ولكي‬
‫تكون الذرة متعادلة كهربائياَ‪ ،‬فإنه البد من أن يكون‬
‫عدد اإللكرتونات والربوتونات متساوياً فيها‪.‬‬
‫ثُمَّ تابع العامل االنكليزي أرنست رذرف��ورد (‪1871‬‬
‫‪ )1937 -‬أحب��اث وجت��ارب معلمه طومسون‪ ،‬وصاغ‬
‫منوذجه الذري اجلديد كما يلي‪:‬‬
‫تتكون ذرة أي عنصر من‪:‬‬
‫أ‪-‬نواة صغرية جدا َ وموجبة الحتوائها على الربوتونات‪،‬‬
‫وتشغل مركز الذرة‪ ،‬وترتكز فيها معظم كتلتها‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫ب‪-‬ت���دور ح��ول ال��ن��واة وعلى أبعاد كبرية نسبياَ ويف‬
‫م��دارات خاصة‪ ،‬االلكرتونات سالبة الشحنة متاماَ‪،‬‬
‫كما تدور الكواكب حول الشمس‪ ،‬ويسمى املدار األبعد‬
‫عن النواة‪ ،‬مبدا ِر التكافؤ وعدد االلكرتونات فيه حيدد‬
‫خواص ذرته‪.‬‬
‫جـ ‪-‬أغلب الذرة فرا ٌغ‪ ،‬ألن حجمها أكرب بعشرة آالف مرة‬
‫من حجم نواهتا‪ ،‬وسنرى فيما بعد كيف استثمر علم‬
‫تقنية النانو هذا الفراغ يف تكبري الذرة إىل حدود النانو‪،‬‬
‫هبدف احلصول على خصائص جديدة‪ ،‬هلا ولغريها من‬
‫الذرات واجلزيئات‪.‬‬
‫وبعد ذلك طوّر منوذج رذرفورد يف جوانب ختصصية‬
‫علماء كثر‪ ،‬أمههم بور وشرود جنر وهيزنربغ وسومرفيلد‬
‫وغريهم‪.....‬‬
‫وهكذا فإن املادة اليت تتكوّن من عدد هائل من الذرات‪،‬‬
‫كانت تعترب ثابتة الكتلة يف كل الظروف حسب قوانني‬
‫نيوتن‪ ،‬ومل تستطع هذه القوانني‪ ،‬أن تفسر تغري كتلة‬
‫املادة مع تزايد سرعتها‪ ،‬كما أهنا مل تستطع أن تفسر‬
‫انطالق الطاقة بشكل متقطع‪ ،‬عندما ينتقل اإللكرتون‬

‫‪-7-‬‬
‫من مدار أبعد عن النواة إىل مدار أقرب إليها‪ ،‬ألهنا‬
‫تعترب الطاقة متصلة وثابتة‪ .‬حتى جاء العامل األملاني‬
‫ماكس بالنك (‪ ،)1947 – 1858‬وأعلن ميالد ميكانيك‬
‫الكم (الكوانيت‪ )2‬عام ‪ ،1900‬وط��وره كل من العلماء‬
‫اإلنكليزي بول دي��راك (‪ ،)1984 -1902‬واألمريكي‬
‫كارل أندرسون اللّذي ِْن ناال جائزة نوبل للفيزياء عام‬
‫‪1933‬و‪1936‬ع��ل��ى الرتتيب وغريهم‪ ،‬حيث استطاعوا‬
‫تفسري سلوك املادة املتناهية يف الصغر (ذرة‪ ،‬نواة‪ ،‬مواد‬
‫نانوية)‪ ،‬وجتاوزوا عَجْزَ قوانني نيوتن عن تفسريها‪.‬‬
‫‪ -2‬السبائك‬
‫هي خالئط متجانسة يف الغالب‪ ،‬وتتكون من معدنني‬
‫أو أكثر‪ ،‬وقد حتتوي على بعض الالمعادن كالكربيت‬
‫واألكسجني‪ ،‬هبدف احلصول على مواد ذات خصائص‬
‫ج��دي��دة‪ ،‬تستخدم يف صناعات ع��دي��دة كالطائرات‬
‫وال��ص��واري��خ‪ .‬وم���واد تستخدم يف التوصيل احلراري‬
‫والكهربائي وغريها‪.‬‬
‫‪ -2‬كوانيت‪ :‬كلمة تعين يف الالتينية أصغر كمية من الطاقة تنطلق‬
‫من املادة بشكل متقطع وليس متصالً‪ ،‬وهو علم يهتم بدراسة حركة‬
‫اجلسيمات الصغرية اليت تقارب سرعتها سرعة الضوء‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫‪-3‬مركبات ال عضوية‬
‫تتكون املركبات الكيميائية الالعضوية من احتاد‬
‫عنصرين أو أكثر بنسب وزنيه ثابتة‪ ،‬أو احتاد عنصر‬
‫مع جمموعات ذرية‪ ،‬هبدف احلصول على مواد خبواص‬
‫جديدة تتحمل الضغوط واإلجهادات العالية‪ ،‬ومتنع‬
‫التآكل‪ .‬وتُستخدمُ أغلب هذه املواد موادَّ عازل ًة‪ ،‬أل ّنها‬
‫رديئة التوصيل احلراري والكهربائي‪ ،‬ونذكر منها على‬
‫سبيل املثال أكاسيدَ امل��ع��ادِ ِن والنرتيدات والكربيتات‬
‫والكربيدات‪............‬اخل‪.‬‬
‫‪-4‬مركبات عضوية‬
‫تتكون املركبات العضوية من ستة عناصر هي‪:‬‬
‫الكربون واهليدروجني واآلزوت واألكسجني والفوسفور‬
‫والكربيت؛ وعمادها الكربون‪ ،‬ألن الكربون عنصر قادر‬
‫على االحتاد مع أغلب عناصر اجلدول ال��دوري‪ ،‬كما‬
‫أنه يكوّن مركبات عديدة على هيئة سالسل كربونية‬
‫طويلة ومتفرعة مفتوحة ومغلقة‪ .‬وتعترب هذه املركبات‬
‫العضوية أكثر املركبات الكيميائية وجوداً يف الطبيعة‪،‬‬
‫إذ يصل عددها إىل عشرات امل�لاي�ين‪ ،‬بسبب تعدد‬

‫‪-9-‬‬
‫مصادرها الطبيعية كالنفط والفحم واململكتني النباتية‬
‫واحليوانية‪ ،‬والفطريات واجلسيمات اجملهرية‪ ،‬وتأتي‬
‫أمهية املركبات العضوية‪ ،‬من كوهنا أساس غذائنا؛ إذ‬
‫من خالل مركباهتا من الربوتينات تت ّكون األنسجة‪،‬‬
‫وبواسطةِ الكربوهيدرات تُحمَ ُل الطاقة إىل تلك األنسجة‪،‬‬
‫والدهون اليت ختزن الطاقة الفائضة‪ ،‬واحلموض النووية‬
‫اليت حتمل املعلومات فتقومُ اخللية بعملها‪ ،‬وال تتوقف‬
‫املركبات العضوية عند أمهيتها الغذائية‪ ،‬بل تتعداها‬
‫لتكون أساساً للصناعات التحويلية‪ ،‬كاألصباغ والورق‬
‫واألدوية واملنظفات والطالء واملتفجرات والبالستيك‬
‫واأللياف اليت تصنع منها بعض األقمشة‪ ،‬إضافة إىل‬
‫إنتاج البويل إيثلني والبوليسرت‪ ،‬واللّذين حازا على ثقة‬
‫املستهلكني نظرا َ ملزايامها العديدة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬خفة الوزن‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة التشكل‪.‬‬
‫‪ -‬مقاومة التآكل‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫ثانياَ‪ :‬املواد احلديثة (النانوية)‬
‫إن أغلب املواد املوجودة يف الطبيعة صاحل ٌة موا َّد‬
‫أولي ًة إلنتاج املواد النانوية‪ ،‬كالفلزات وأشباه الفلزات‬
‫والزجاج وبعض املركبات العضوية‪،‬ويستخدم العلماء‬
‫أسلوبني متعاكسني للحصول على اخلواص املطلوبة‪،‬‬
‫األسلوب األول تكبري أبعاد الذرات واجلزيئات الصغرية‬
‫بتجميعها وترتيبها لتصل أبعادها بني واحد ومئة نانو‬
‫مرت مع احلفاظ على هياكلها األساسية‪ ،‬أما األسلوب‬
‫الثاني فهو تصغري احلبيبات الكبرية وحتويلها إىل‬
‫حبيبات صغرية ناعمة ال تتعدى أبعادها مئة نانو مرت‪،‬‬
‫والنانو مرت يعين باللغة اليونانية (القزم)‪ ،‬أما يف علم‬
‫الفيزياء فيعين جزءاً واحداً من مليار (ألف مليون) أي‬
‫أصغر من امليكرو الذي يستخدم لقياس أبعاد اجلراثيم‬
‫بألف مرة‪ ،‬ويستخدم النانو وحدةً لقياس أقطار الذرّاتِ‬
‫وبعض اجلزيئات والفريوسات‪......‬اخل‪.‬‬
‫ويبني اجلـــــدول التايل قياس أنصاف أقطار الذرات‬
‫اليت سنذكرها الحقاً (بالنانومرت)‬

‫‪- 11 -‬‬
‫رمز ذرهتا نصف قطرها‬ ‫اسم الذرة‬

‫‪0.066‬‬ ‫‪O‬‬
‫أكسجني‬

‫‪0.07‬‬ ‫‪N‬‬
‫نرتوجني‬

‫‪0.077‬‬ ‫‪C‬‬
‫كربون‬

‫‪0.099‬‬ ‫‪CL‬‬
‫كلور‬

‫‪0.125‬‬ ‫‪AL‬‬
‫أملنيوم‬

‫‪0.123‬‬ ‫‪TI‬‬
‫تيتانيوم‬

‫‪0.124‬‬ ‫‪Ag‬‬
‫فضة‬

‫‪0.124‬‬ ‫‪Au‬‬
‫ذهب‬

‫نستنتج من اجلدول بأن أنصاف أقطار الذرات أصغر‬


‫من النانو مرت بعشر مرّاتٍ وحتى مئة مرة تقريباً‪.‬‬
‫فما هي املواد النانوية؟‬
‫لقد بدأ العلماء إنتاج مواد نانوية عمليّاً عام ‪ ،1990‬ومع‬
‫تزيدِ إنتاجها صنفت حبسب أبعادها وطريقة حتضريها‬
‫إىل‪:‬‬
‫‪- 12 -‬‬
‫‪ -1‬مواد أحادية البعد‬
‫هي جممل املواد اليت هلا طول فقط‪ ،‬لذلك مسيت هبذا‬
‫االسم‪ ،‬وتكون على شكل رقائق مسكها ال يتعدى مئة نانو‬
‫مرت‪ ،‬وتستخدم لطالء املواد القدمية من أجل حتسني‬
‫خواصها التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬من حيث اخل��واص امليكانيكية‪ :‬تصبح مقاومة املواد‬
‫ِ‬
‫للخدش عالية‪ ،‬وحتميها من التآكل الناتج عن‬ ‫القدمية‬
‫االحتكاك‪ ،‬ومتنع التصاق الغبار هبا وخصوصاَ على مادة‬
‫الزجاج املستخدم جدراناً خارجية لناطحات السحاب‪،‬‬
‫وه��ي بذلك ال حتتاج للتنظيف أب���داً مم��ا يوفر التعب‬
‫والكلفة معاَ‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث اخل��واص احل��راري��ة‪ :‬فإهنا حتمي أسطح‬
‫احملركات من احلرارة الناجتة عن التشغيل املستمر‪.‬‬
‫ج‪-‬من حيث اخلواص البيولوجية‪ :‬فإهنا تساعد يف منع‬
‫التصاق البكرتيا والفريوسات وامليكروبات على األدوات‬
‫املستخدمة يف اجل��راح��ة‪ ،‬مما جيعلها يف حالة تعقيم‬
‫دائم‪.‬‬
‫د‪-‬من حيث اخلواص الكهرطيسية‪ :‬فإهنا تعمل على إضعاف‬

‫‪- 13 -‬‬
‫تأثري احلقول الكهرطيسية (الكهربائية واملغناطيسية) على‬
‫األق��راص الصلبة املستخدمة يف احلاسب اآليل حلفظ‬
‫املعلومات‪ ،‬فيتحسن أداؤها ويزداد عمرها‪.‬‬
‫‪ -2‬مواد ثنائية البعد‬
‫ال وعرضاً يقل ٌّ‬
‫كل منهما عن مئة نانو‬ ‫أي إن هلا طو ً‬
‫مرت‪ ،‬كاألسالك واألنابيب وأمهها أنابيب الكربون كما يف‬
‫الشكل‪ ،‬واليت حضرها الدكتور الياباني إجييمار الباحث‬
‫يف شركة إن إي سي اليابانية عام ‪.1991‬‬

‫العامل اجيمار‬

‫وهي أنابيبُ متعددة اجلدران وجموفة أبعادها حوايل‬


‫(‪ )5.1‬نانو مرت‪ ،‬وميكن رؤيتها بامليكروسكوبات عالية‬
‫التكبري‪ ،‬ومتتاز هذه املواد الثنائي ُة خبواص ميكانيكية‬
‫‪- 14 -‬‬
‫وفيزيائية فريدة‪ ،‬فمثالً هلا مقاومة شد تفوق مئة مرة‬
‫مقاومة شد احلديد الصلب‪ ،‬رغم خفة وزهنا وهذا جيعلها‬
‫أقوى مادة مصنوعة حتى عام ‪ 2010‬وهلا مرونة عالية‬
‫تفوق أفضل املواد مرونة يف الطبيعة خبمس مرات‪ ،‬وهذا‬
‫يؤهلها للعودة إىل شكلها األصلي فورا َ بعد زوال اإلجهاد‬
‫املؤثر عليها‪،‬كما وهلا ناقلية للحرارة والكهرباء تفوق‬
‫ناقلية النحاس بألف مرة تقريباَ‪ .‬وهذه املزايا الفريدة‬
‫ألنابيب الكربون جتعل من الصعب حصر تطبيقاهتا‪،‬‬
‫لكن ميكن اختصارها باجملاالت التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬ختزين الطاقة الشمسية وحتويلها إىل طاقة كهربائية‬
‫كما يف الشكل‪.‬‬

‫رقائق النانو تستطيع حتويل أكثر من ‪%30‬‬


‫من الطاقة الشمسية إىل الطاقة الكهربائية‬

‫‪- 15 -‬‬
‫ب‪ -‬صناعة احلساسات بأنواعها‪.‬‬
‫ت‪ -‬صناعة الشاشات املسطحة‪.‬‬
‫ث‪-‬صناعة املرشحات املستخدمة يف تنقية املاء‪.‬‬
‫ج‪-‬ت��وص��ي��ل األدوي����ة إىل داخ���ل اخل�لاي��ا امل��ص��اب��ة يف‬
‫اجلسم‪.‬‬
‫ح‪-‬ص��ن��اع��ة األغ��ش��ي��ة املستخدمة يف حتلية املياه‬
‫املاحلة‪.‬‬
‫‪ -3‬املواد ثالثية األبعاد‬
‫ال وعرضاً وارتفاعاً‪ ،‬ال يتعدى كل‬ ‫أي إن هلا ط��و ً‬
‫منها مئة نانو مرت‪ ،‬ومن أمثلتها احلبيبات ومساحيق‬
‫املعادن‪ ،‬كالذهب الذي استخدمت حبيباته يف القضاء‬
‫على األورام السرطانية‪ ،‬وحتديد احلامض النووي‬
‫للفريوسات حتى يسهل القضاء عليها‪،‬أما أكاسيد‬
‫امل��ع��ادن مثل أكاسيد األملنيوم واحل��دي��د والتيتانيوم‬
‫وغريها‪ ،‬فأهنا تعترب أكثر املواد النانوية إنتاجاً‪ ،‬نظرا َ‬
‫لتعدد استخداماهتا يف قطاعات اإللكرتونيات واألدوية‬
‫واملعدات الطبية واألجهزة البصرية‪.‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫صفات املواد النانوية‬
‫متتاز املواد النانوية بصفات متيزها من غريها من‬
‫املواد العادية‪ ،‬فاملساحة اجلانبية ألسطح املواد النانوية‬
‫وعدد ذراهتا أكرب من مثيالهتا يف املواد العادية‪ ،‬اليت هلا‬
‫نفس الرتكيب الكيميائي‪ ،‬وسبب ذلك هو تصغريها إىل‬
‫مادون مئة نانو مرت‪ ،‬وهذا يكسبها‪:‬‬
‫أ‪ -‬نشاطاً كيميائياً ملحوظاً‪ ،‬لذا تستخدم كمحفزاتٍ‬
‫أث��ن��اء تكرير ال��ذه��ب األس���ود‪ ،‬وتتفاعل م��ع أكاسيد‬
‫الكربون والنرتوجني الناجتة عن احرتاق املواد العضوية‪،‬‬
‫ملنع ضررها على البيئة كما سنرى الحقاً‪.‬‬
‫ب‪-‬هل��ا صفات فيزيائية ج��دي��دة‪ ،‬فهي أكثر صالدة‬
‫ومتانة‪ ،‬وتنخفضُ درج��ة انصهارها كلما تناقصت‬
‫أقطارها‪ ،‬فالذهب النقي الطبيعي درج��ة انصهاره‬
‫(‪ )1064‬درج��ة مئوية‪ ،‬وعندما يصغر إىل (‪ )2‬نانو‬
‫مرت‪ ،‬تنخفض درجة انصهاره إىل (‪ )500‬درجة مئوية‪،‬‬
‫ويفسر هذا التناقص الالفت يف درجة انصهار الذهب‪،‬‬
‫إىل زيادة مساحة األسطح اخلارجية نتيجة تصغريه‬
‫وترتيب ذراته النانوية‪.‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫األدوات والطرق املستخدمة يف إنتاج املواد النانوية‬
‫بداية‪ ،‬لكل تقنية أدواهتا اليت البد من توفرها وإتقان‬
‫عملها من قبل كادر مدرب‪ ،‬حتى يتحقق اهلدف الذي‬
‫صممت من أجله‪ ،‬وهو هنا إنتاج مواد نانوية ترتاوح‬
‫أبعادها بني (‪ 1‬نانو مرت ومئة نانو مرت)‪ .‬أي تصغري‬
‫حبيبات املادة من بضعة مليمرتات إىل مادون مئة نانو‬
‫مرت‪ ،‬من قبل باحثني أكفاء يعملون على ميكروسكوبات‬
‫الكرتونية متطورة‪ ،‬تستخدم شعاعاَ الكرتونياَ عايل‬
‫الطاقة‪ ،‬ويستطيعون من خالهلا رؤية أصغر الذرات‪،‬‬
‫وترتيبها داخ��ل شبكتها البلورية‪ ،‬وتعيني اخلواص‬
‫الفيزيائية‪ 3‬هلا عن طريق التقاط صور ثالثية األبعاد‬
‫عالية الدقة‪ ،‬كما ويستخدم الباحثون ميكروسكوبات‬
‫ليزرية يطوروهنا باستمرار‪ ،‬هب��دف حتسني خواص‬
‫وصفات املواد النانوية اليت ينتجوهنا‪ ،‬واليت كثرت عدداً‬
‫ونوعاً‪ ،‬حبيث تصدرت املوادَّ املوجودةَ يف الطبيعة رغم‬
‫حداثة إنتاجها‪ ،‬وقد استخدمت طرق عدة إلنتاجها‬
‫‪-3‬اخلواص الفيزيائية‪:‬هي جممل اخلواص التالية‪ :‬الناقلية للحرارة‬
‫والكهربائية واملغناطيسية وامليكانيكية (الصالدة ومقاومة اإلجهادات)‬
‫وغريها‪.‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫سنوضح طريقتني منها ومها‪:‬‬
‫‪-1‬طريقة الطحن امليكانيكي‪ :‬تتألف هذه الطريقة من‬
‫وعاء أسطواني الشكل مصنوع من سبائك صلبة‪ ،‬توضع‬
‫فيه احلبيبات املراد سحقها مع كرات تفوقها صالدة‪،‬‬
‫ِ‬
‫وحقن غاز‬ ‫وذلك بعد إفراغ الوعاء من اهلواء اجلوي‪،‬‬
‫خامل بدالً منه‪ ،‬ملنع تأكسد تلك احلبيبات به‪ .‬بعدها‬
‫تدار طاحونة الكرات بسرعات عالية تصل إىل ‪800‬‬
‫دورة يف الدقيقة‪ ،‬بغية تسهيل طحن احلبيبات الكبرية‬
‫وتنعيمها وتصغري أبعادها لتصبح أقل من مئة نانو‬
‫مرت خالل فرتة زمنية حم��ددة‪ ،‬يتوقف مقدارها على‬
‫نوع املادة املطحونة‪ ،‬وأبعادها النانوية املطلوبة‪ .‬وقد‬
‫تصل الفرتة الزمنية الالزمة إلمتام عملية الطحن إىل‬
‫عدة ساعات‪ ،‬بعدها يتم دمج وجتميع املادة الناجتة‪،‬‬
‫بواسطة مكابس هيدروليكية ومبراحل عدة لنحصل‬
‫يف النهاية على حبيبات منتظمة متماسكة‪ ،‬تناسب‬
‫التطبيقات الصناعية املطلوبة‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن العلماء قد طورا هذه الطريقة‬
‫منذ مطلع القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ألهنا تنتج كميات‬
‫كبرية ومتنوعة من املواد النانوية‪.‬‬
‫‪- 19 -‬‬
‫‪-2‬طريقة التجميع والرتتيب‪ :‬هي تكبري الذرات‬
‫واجلزيئات الصغرية بتجميعها وترتيبها ألياً واستخدام‬
‫أنواع من امليكروسكوبات االلكرتونية تعمل على فحص‬
‫وحتليل البنية الداخلية للمواد‪ ،‬وتكبريها أكثر من‬
‫مليون م��رة‪ ،‬حتى يستطيع الباحث أن ي��رى الذرات‬
‫واجلزيئات من خالهلا‪ ،‬وأه��م ه��ذه امليكروسكوبات‬
‫االلكرتونية ميكروسكوب القوة الذرية الذي حسنته‬
‫إيران مراراً وامليكروسكوب النفقي املاسح (‪ )STM‬كما‬
‫يف الشكل‪.‬‬

‫ميكروسكوب القوة الذرية امليكروسكوب املاسح النفقي (‪)STM‬‬

‫ال��ذي أنتجته شركة ‪ IBM‬اليابانية‪ ،‬وال��ذي طورته‬


‫مراراً حبيث تستطيع إبرته الدقيقة (مسباره) التقاط‬
‫ال���ذرات واح���دة واح���دة‪ ،‬وإع���ادة ترتيبها وجتميعها‬
‫‪- 20 -‬‬
‫هبياكل ذرية متعددة ومتنوعة‪ ،‬متتاز خبواص فريدة‬
‫مرغوبة‪ .‬ولكن يؤخذ على هذه الطريقة أهنا بطيئة‪،‬‬
‫وأ ّنها غري مالئمة لإلنتاج الصناعي‪ ،‬الذي يتطلب إنتاج‬
‫كميات كبرية وبزمن صغري‪ ،‬لكي تقل التكلفة وتصبح‬
‫السلعة منافسة يف األسواق العاملية‪ ،‬لذا مت تطوير هذه‬
‫الطريقة حبيث يتم جتميع ال��ذرات ذاتياً‪ ،‬عن طريق‬
‫مزج وتفاعل حماليل املواد النانوية ومراقبتها والسيطرة‬
‫عليها‪ ،‬هبدف احلصول على جزيئات جديدة‪ ،‬تصمم‬
‫من خالهلا اهلياكل النانوية املطلوبة‪ ،‬ولقد طور هذه‬
‫الطريقة العامل العربي منري نايفه الذي يعمل جبامعة‬
‫إلينوي األمريكية‪ ،‬حتى أصبحت سهل َة اخلطوات‬
‫وأسرع من غريها‪ ،‬أي أكثر قدرة على إنتاج مواد نانوية‬
‫بكميات كبرية‪ ،‬وبنقاوة تصل إىل ‪.%99،99‬‬
‫إن احلبيبات النانوية املنتجة بالطرق السابقة تتمتع‬
‫خبصائص فريدة‪ ،‬وتسلك سلوكا ً مغايراً لسلوك املواد‬
‫الطبيعية املماثلة هلا واألكرب حجماً منها‪ ،‬أي اليت تزيد‬
‫أبعاد حبيباهتا عن ‪ 100‬نانومرت بكثري‪.‬‬
‫إن تقنية النانو تتحكم باملادة مبختلف أنواعها‪،‬‬
‫وخيطئ من يظن بأهنا وسيلة حيصل هبا العلماء على‬
‫‪- 21 -‬‬
‫م��واد خبصائص فريدة فقط‪ ،‬إذ لوالها ملا استطاع‬
‫العلماء حتقيق قفزات عمالقة يف عامل االتصاالت‬
‫واهلندسة الوراثية والتقنية احليوية والطب وغريها‪ ،‬إهنا‬
‫حبق البناء اجلديد ملواد القرن الواحد والعشرين‪،‬‬
‫وقد أصبحت اآلن واقعاً ً ملموساً من خالل تطبيقاهتا‬
‫العديدة يف خمتلف جماالت احلياة‪ ،‬بعد أن كانت فكرة‬
‫نظرية حملاضرة‪ ،‬ألقاها العامل األمريكي ريتشارد‬
‫فينمان عام ‪.1959‬‬
‫و اجلدول التايل يوضح تلك اجملاالت وترتيبها من‬
‫حيث االستخدام األكثر لتقنية النانو‪:‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫الرتتيب‬ ‫جمال البحث‬
‫األول‬ ‫االلكرتونيات‬

‫الثاني‬ ‫الطب ‪/‬اكتشاف األمراض واألدوية‬

‫الثالث‬ ‫التصنيع اجلزيئي‬

‫الرابع‬ ‫الطاقات املتجددة‬

‫اخلامس‬ ‫تصنيع مواد الطالء‬

‫السادس‬ ‫العمليات الفيزيائية‬


‫البصريات‬
‫السابع‬
‫التكنولوجيا احليوية‬
‫الثامن‬
‫صناعة احملفزات (العوامل املساعدة)‬
‫التاسع‬ ‫يف الكيمياء‬
‫العاشر‬ ‫إنتاج وتصنيف‬

‫‪- 23 -‬‬
‫يف الصناعة‬
‫تعترب الصناعة بكل أنواعها احملرك األساس للنمو‪،‬‬
‫ألهنا رفعت اإلنتاج ومستوى املعيشة وحسنت صحة‬
‫وتعليم البشر‪ ،‬عندما وفرت هلم أغلب احتياجاهتم اليت‬
‫تزايدت بتزايدهم‪ ،‬وحافظت على بيئتهم ما أمكن‬
‫ذلك‪ ،‬من خالل تفاعلها املستمر مع خمتلف جماالت‬
‫العلوم‪ ،‬وخصوصاً تقنية املعلومات اليت ترتكز بشكل‬
‫رئيس على املنجزات‪ .‬اليت حققها علم احلاسب اآليل‬
‫وااللكرتونيات‪ ،‬العلم الذي يبحث يف الدارات الكهربائية‬
‫اليت تأخذ مسارات مغلقة عرب جمموعة من العناصر‪،‬‬
‫كالصمامات واملقاومات والرتانزستورات واملكثفات‪.....‬‬
‫اخل‪ ،‬وجتتاز اإللكرتونات هذه العناصر لتنجز عمالً‬
‫مفيداً‪ ،‬كإضاءة مصباح أو تشغيل حاسب آيل وغري‬
‫ذلك‪ .‬ولقد تطور علم اإللكرتونيات منذ نشأته حتى‬
‫اآلن‪ ،‬ومر مبراحل عدة مسيّت أجياالً‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اجليل األول‪:‬‬
‫بدأ منذ أن استخدم اإلنسان املصباح الكهربائي‬
‫وال��رادي��و والتلفزيون (ال��رائ��ي) واحلاسب اآليل فيما‬

‫‪- 24 -‬‬
‫ب��ع��د‪ ،‬وك��ان��ت ال��ص��م��ام��ات الثنائية وال��ث�لاث��ي��ة اليت‬
‫اخرتعها العامل ج��ون فلمنغ ع��ام ‪ 1904‬هي أساس‬
‫عملها‪ ،‬ويتكون الصمام الثالثي من حبابة زجاجية‬
‫مفرغة من اهل��واء‪ ،‬حتتوي على ثالثة أقطاب مصعد‬
‫ومهبط وشبكة تتحكم حبركة اإللكرتونات‪ ،‬وكانت هذه‬
‫الصمامات كبرية احلجم وثقيلة الوزن‪ ،‬وتستهلك طاقة‬
‫كهربائية كبرية‪ ،‬ووظيفتها تضخيم اجلهد والقدرة‬
‫بالتحكم بالتيار الكهربائي املار يف دوائر تلك األجهزة‬
‫الكهربائية زيادة أو نقصاناً‪ ،‬وتوليد ذبذبات يف أجهزة‬
‫اإلرسال واالستقبال اإلذاعية والتلفزيونية‪.‬‬
‫اجليل الثاني‪:‬‬
‫بدأ عندما مت اخ�تراع الرتانزستور عام ‪ 1948‬من‬
‫قبل جمموعة من العلماء األمريكان‪ ،‬كانوا يعملون يف‬
‫شركة بيل للهواتف وهم‪ :‬باردين ووالرتبراتن وشوكلي‪،‬‬
‫وقد نالوا جائزة نوبل يف الفيزياء عام ‪ 1956‬حيث حل‬
‫الرتانزستور حمل الصمامات‪ ،‬ألنه أسرع أداءً وأصغر‬
‫حجماً وأط��ول عمراً وأق��ل تكلفة‪ ،‬وحيتاج إىل طاقة‬
‫كهربائية أقل‪ ،‬وهو بذلك ينشر كمية قليلة من احلرارة‬
‫أثناء عمله‪ ،‬وال ينكسر لعدم احتوائه على الزجاج‪.‬‬
‫‪- 25 -‬‬
‫اجليل الثالث‪:‬‬
‫بدأ هذا اجليل عام ‪1965‬عندما جنح العلماء بتصغري‬
‫الدارات اإللكرتونية‪ ،‬حبيث حتتوي قطعة من السيلسيوم‬
‫مساحتها ال تتعدى ‪ 1‬م��م‪ 2‬على ع��ش��رات العناصر‬
‫اإللكرتونية‪،‬كاملقاومات والرتانزستورات حبيث تكوّن ما‬
‫مسّي الدارات التكاملية‪ ،‬اليت باتت تعرف اختصاراً (‪،)IC‬‬
‫و اليت حلت حمل الرتانزستور‪ ،‬واختزلت حجم العناصر‬
‫الكهربائية واألجهزة اليت تتكون منها‪ ،‬ومن أهم مزاياها‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تكاليف تصنيعها أقل بكثري من تصنيع عناصر الدائرة‬
‫الكهربائية يشكل منفصل‪.‬‬
‫‪ -‬ضياع االستطاعة الكهربائية فيها أقل‪.‬‬
‫‪ -‬هلا وثوقية عالية‪ ،‬ألهنا خالية من التوصيالت‪ ،‬لكن‬
‫يؤخذ عليها أ ّنها إذا تعطل جزء منها فال بد من تغيريها‬
‫كاملة‪.‬‬
‫‪ -‬حجمها ووزهنا صغريان‪.‬‬
‫‪ -‬هلا أنواع عديدة حسب طريقة التصنيع‪ ،‬أو نو ِع العمل‬
‫الذي تقوم به‪.‬‬
‫‪- 26 -‬‬
‫اجليل الرابع‪:‬‬
‫بدأ عندما اهتمت الصناعات االلكرتونية بتصغري‬
‫مكوناهتا إىل مرتبة امليكرو مرت‪ ،‬وهو جزء من مليون‬
‫من املرت‪ ،‬هبدف احلصول على منتجات أصغر حجماً‪،‬‬
‫وأرخص سعراً وأعلى كفاءة‪ ،‬فكان ابتكار امليكروسكوب‬
‫الذي نرى من خالله الكائنات الدقيقة اليت ال ترى‬
‫بالعني اجمل��ردة‪ ،‬وامليكروويف والشرائح االلكرتونية‬
‫امليكروية املستخدمة يف احلواسيب واهلواتف النقالة‪.‬‬
‫اجليل اخلامس‪:‬‬
‫ب��دأ عندما بلغت ال��ش��رائ��ح االلكرتونية املكروية‬
‫أقصى كفاءهتا‪ ،‬فتطلب األم��ر إنتاج شرائح جديدة‪،‬‬
‫من أجل مضاعفة سرعة وكفاءة احلواسيب يف ختزين‬
‫املعلومات‪ ،‬وإلجناز ذلك كانَ البد من تصغري مكونات‬
‫ه��ذه ال��ش��رائ��ح إىل مستوى ال��ن��ان��و‪ ،‬واس��ت��خ��دام تلك‬
‫احلواسيب واملكروسكوبات يف إنتاج املواد النانوية اليت‬
‫تستخدم يف الصناعة‪ ،‬وأمهها‪:‬‬
‫‪-1‬ثاني أكسيد التيتانيوم‪ :‬وهو مادة رخيصة متوافرة‬
‫بكثرة يف الطبيعة‪ ،‬وثابتة كيميائياً وصديقة لإلنسان‬
‫‪- 27 -‬‬
‫والبيئة‪ ،‬إذ تتحول إىل حبيبات نانوية فائقة النعومة‪،‬‬
‫وذات سطح كبري يساعدها يف جتميع األشعة فوق‬
‫البنفسجية القادمة مع ضوء الشمس‪ ،‬وهذا يزيد يف‬
‫نشاطها الكيميائي الكهرضوئي بشكل الف��ت‪ ،‬وقد‬
‫جعلتها هذه امليزة قادرة على تأدية دور املؤكسدات‪،‬‬
‫واستخدمت يف جماالت عدة هي‪:‬‬
‫أ‪-‬تدخل يف صناعة الدهانات اليت تطلى هبا غرف‬
‫املرضى وغرفُ العمليات اجلراحية‪.‬‬
‫ب‪-‬تذيب وحتلّ ُل امللوثات العضوية العالقة على أسطح‬
‫املواد‪ ،‬بتحويلها إىل خبار ماء وثاني أكسيد الكربون‪.‬‬
‫ت‪-‬تقضي على البكرتيا وامليكروبات والفريوسات‬
‫العالقة يف األج��واء املغلقة كاملسارح واملراكز الكربى‬
‫للتسوق‪.‬‬
‫ث‪-‬حتمي مصابيح الصوديوم اليت تستخدم يف إنارة‬
‫األنفاق ذاتياً‪ ،‬من تراكم األوساخ عليها‪،‬عندما تطلى هذه‬
‫املصابيح بطبقة رقيقة من ثاني أكسيد التيتانيوم‪.‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫مت صنع بطارية جديدة من كربيد الليثيوم النانوي‬

‫‪- 28 -‬‬
‫تستمر يف عملها مدّةً تبلغ ثالث َة أمثا ِل زمن صالحية‬
‫البطارية احلالية املصنوعةِ من املادة نفسها وبكلفةٍ‬
‫أقل سعراً وبوز ٍن أخف‪.‬‬
‫َّ‬

‫بطارية الليثيوم‬

‫‪-3‬ساعدت التقنية النانوية يف صنع احلبيبات النانوية‬


‫السريامكية ال�تي استخدمت مع غريها يف صناعة‬
‫هياكل املركبات الفضائية‪ ،‬لتحسني متانتها‪ ،‬ومنع‬
‫حدوث شروخ على سطحها‪ ،‬ولو كانت هذه التقنية‬
‫موجودة سابقاً‪ ،‬ملا حتطم املكوك الفضائي تشالنجريف‬
‫‪ 28‬كانون الثاني عام‪ .1986‬وملا مات طاقمه املؤلف من‬
‫سبعة رواد‪ ،‬نتيجة شرخ يف خزان وقوده‪ ،‬حسب نتيجة‬
‫التحقيقات لتلك الكارثة‪.‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫‪ّ -4‬‬
‫مت إن��ت��اج حبيبات األكاسيد املعدنية النانوية‪،‬‬
‫وخاصة أكسيد األملنيوم الذي استخدم مع غريه لتغليف‬
‫أسطوانات حمركات السيارات والطائرات ومجيع العدد‬
‫الصناعية‪،‬من أجل حتسني خواص سطوحها‪ ،‬ومنعها‬
‫من التآكل والصدأ‪ ،‬وزيادة عمرها االفرتاضي‪.‬‬
‫‪ّ -5‬‬
‫مت إنتاج أنسجة نانوية مبعهد فراونيهوفر األملاني‬
‫عام (‪ )2009‬يتغري لوهنا عندما تسقط عليها األشعة‬
‫ف��وق البنفسجية ال��ق��ادم��ة م��ع أشعة الشمس‪ ،‬وإذا‬
‫صنعت من هذه األنسجة مالبس وبدالت‪،‬فإنه يكفي‬
‫شراء بدلةٍ واحدهٍ يتغري لوهنا مرات عدة‪ ،‬وهذا مفيد‬
‫للعاملني يف السينما والتلفزيون الذينَ يتطلب عملهم‬
‫تغيري مالبسهم باستمرار‪.‬‬
‫يف الطب‪:‬‬
‫منذ أن وقف اإلنسان على قائمتيه‪ ،‬واحللم يراوده‬
‫يف أن يعيش حياة أبديَّة خالدة‪ ،‬لذا أخذ يبحث يف‬
‫الغذاء وال��دواء وبكل الطرق املتوافرةِ لديه عن سر‬
‫اخللود ولكن من دو ِن نتيجة‪ ،‬لكنَّ هذا احللم البعيد‬
‫املنال رمبا أصبح قريباً‪ ،‬مع استمرار البحث العلمي‬

‫‪- 30 -‬‬
‫والتقدم املعريف‪ ،‬وخاصة بعد مطلع هذا القرن‪ ،‬حني‬
‫حتالف علما تقنية النانو يف الطب والتقنية احليوية‪،‬‬
‫هبدف دراسة مكونات خاليا الكائن احلي ووظائفها‬
‫بدقة تامة‪،‬بالرغم من أن أبعادها ال تتعدى بضع‬
‫نانو مرتات‪ ،‬إضافة إىل اهتمام الطب النانوي بإنتاج‬
‫أدوية‪ ،‬وبتصميم أجهزة تكشف وتشخص وتعاجل مبكراً‬
‫األم��راض اليت قد تصيب اإلنسان‪ ،‬وخاصة األورام‬
‫السرطانية ال�تي تفتك بعشرات املاليني من البشر‬
‫سنوياً‪ ،‬واليت تتكون عندما يفشل اإلنسان يف استبدال‬
‫خالياه امليتة خباليا جديدة بشكل روتيين‪ ،‬وقد حيدث‬
‫أحياناً وبظروف غري معروفة متاماً حتى اآلن‪ ،‬تغري‬
‫جيينٌّ مفاجئ (طفرة جينية) أثناء عملية التجديد ينتج‬
‫عنه ظهور خاليا مارقة‪ ،‬تنقسم عشوائياً وبال ضابط‪،‬‬
‫مولدة بؤرة سرطانية صغرية جداً‪ ،‬يصعب اكتشافها‬
‫ومعاجلتها بالطرق التقليدية احلالية‪ ،‬فتنمو بسرعة‬
‫وتقضي على اإلنسان‪.‬‬
‫فما هو دور تقنية النانو؟‬
‫لقد استطاعت تقنية النانو اكتشاف ومعاجلة البؤر‬
‫السرطانية‪ ،‬وغريها من األمراض من خالل مايلي‪:‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫‪-1‬حم��ل��ول احلبيبات ال��ك��روي��ة ال��ن��ان��وي��ة لكربيت‬
‫الكادميوم ال��ذي ت�تراوح أبعاد أقطار كراتِهِ بني (‪2‬و‬
‫‪ )10‬ن��ان��و م�ت�رات‪ ،‬وه���ذا جيعلها أك��ث��ر نشاطاً رغم‬
‫مسيتها اليت أُزيلت بتغليفها بطبقتني متتاليتني من‬
‫كربيت الزنك والسليكا(ثاني أكسيد السيلكون)‪ ،‬وطلي‬
‫سطحها اخلارجي باألجسام املضادة اخلاصة باخلاليا‬
‫السرطانية اليت تقوم بإرشاد حبيبات كربيت الكادميوم‬
‫إىل مكان تواجد تلك اخلاليا‪ ،‬حيث تتجمع حوهلا بعد‬
‫حقنها يف اجلسم‪ ،‬ثم تثار تلك احلبيبات‪ ،‬بتعريضها‬
‫ملوجات من األشعة حتت احلمراء لعدة دقائق تتوهج‬
‫خالهلا‪ ،‬ويقوم امليكروسكوب املاسح االلكرتوني كما‬
‫يف الشكل بأخذ صورة واضحة ودقيقة ألماكن وجودِ‬
‫اخلاليا السرطانية‪ ،‬مهما صغرت‪ ،‬ومهما قل عددها‪.‬‬

‫امليكروسكوب املاسح االلكرتوني (‪)SEM‬‬


‫‪- 32 -‬‬
‫‪-2‬قذائف حبيبات النانو الذهبية اليت ّ‬
‫حضرها العامل‬
‫املصري الدكتور مصطفى السيد يف جامعة رايس‬
‫األمريكية‪ ،‬ومهمتها القضاء على اخلاليا السرطانية‪،‬‬
‫حيث حتقن داخل اجلسم‪ ،‬ثم تتوضع فقط على أسطح‬
‫اخلاليا املصابة‪ ،‬بعد ذلك تعرّض احلبيبات الذهبية‬
‫ملوجات من األشعة حتت احلمراء لدقائق عدة‪ ،‬فتعمل‬
‫على امتصاصها‪ ،‬وحتويلها إىل طاقة حرارية‪ ،‬متيت‬
‫اخلاليا السرطانية‪ ،‬وختلص اجلسم من شرورها‪.‬‬

‫املبدأ األساسي لعمل املواد النانوية يف معاجلة اخلاليا السرطانية‬

‫وقد استخدمت ُك ٌّل من املادتني السابقتني وغريمها‬


‫يف‪:‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫أ‪-‬يف التشخيص الدقيق ملرض السكري من النوع الثاني‬
‫الذي يصيب األطفال واملراهقني نتيجة التناول املستمر‬
‫للوجبات الغذائية السريعة وقلة احلركة‪ ،‬والذي يؤدي‬
‫إىل حدوث الفشل الكلوي لديهم‪ ،‬ويزيد من احتمال‬
‫ح���دوث ال��ذحب��ات ال��ص��دري��ة والسكتات الدماغية‪،‬‬
‫ويصنف بأنه خطر جداً‪ ،‬ألنه بال أعراض تذكر‪ ،‬من‬
‫هنا تأتي أمهية التشخيص املبكر له‪،‬ووصف الدواء‬
‫املناسب للتخلص منه‪.‬‬
‫ب‪-‬يف استبدال املفاصل التالفة‪ ،‬وسيأتي دورها قريباً‬
‫يف استبدال العظام‪.‬‬
‫‪ -3‬أنابيب الكربون النانوية اليت استخدمت يف إنتاج‬
‫دعامات مرنة ومتينة‪ ،‬ال يرفضها اجلهاز املناعي للجسم‪،‬‬
‫واليت تستخدم حالياً إىل جانب األنابيب املعدنية‪ ،‬حيث‬
‫توضع داخل الشرايني‪ ،‬اليت تراكم داخلها الكولسرتول‬
‫ال��ذي يعيق دخ��ول ال��دم احلامل لألكسجني والغذاء‬
‫إىل مجيع أجزاء اجلسم‪ ،‬إضافة إىل صنع حساسات‬
‫نانوية بيولوجية‪ ،‬تتحرك مع الدم وتقدم لنا املعلومات‬
‫عن آلية تكون الكولسرتول داخل الشرايني واألوردة‪،‬‬
‫بإرسال إشارات يتم استقباهلا وحتليلها من قبل أجهزة‬
‫‪- 34 -‬‬
‫خارج اجلسم‪ ،‬هبدف صناعة دواء لكل حالة على حدة‪،‬‬
‫ليحل بذلك العقار اخلاص حمل العقار العام‪.‬‬

‫‪ -4‬حبيبات الفضة النانوية ذات األقطار اليت ال يتعدى‬


‫قطرها مخسة نانومرتات‪ ،‬حيث تضاف إىل املضادات‬
‫احليوية لزيادة فاعليّتِها‪ ،‬ألهنا قادرة على قتل أكثر من‬
‫ستمائة نوع من اجلراثيم وأنواع أخرى من الفريوسات‪،‬‬
‫كفريوس الكبد الوبائي وأنفلونزا الطيور‪ ،‬دون أن‬
‫تسبب أي إيذاء للجسم البشري‪ .‬كما تغلف اجلواربُ‬
‫واألح��ذي��ة والثالجات بطبقة رقيقة منها ملنع منو‬
‫الفطريات والبكرتيا داخلها وقتلها‪ ،‬بغرض منع حدوث‬
‫العفن والبلل‪ ،‬وخصوصاً ملرضى السكري الذين يعانون‬
‫من تقرحات دائمة يف أقدامهم‪.‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫‪ -5‬الفولورين (كريات الكربون)‪ :‬وهو الصورة الثالثة‬
‫للكربون بعد الغرانيت واملاس‪ ،‬وقد مت اكتشافه ألول مرة‬
‫مت إنتاجه عام (‪ )1990‬وجزيئه يتكون‬ ‫عام (‪ )1985‬و ّ‬
‫من ستني ذرةً من الكربون مرتابطة مع بعضها بعضاً‪،‬‬
‫حبيث تشكل شكالً هندسياً يشبه كرة القدم‪ ،‬كما يف‬
‫الشكل‪ ،‬لكن نصف قطرها ال يتعدى (‪ )1‬نانومرت‪ ،‬وهلا‬
‫اثنان وثالثون وجهاً‪ ،‬منها اثنا عشر وجهاً مخاسية‬
‫الشكل والعشرون الباقية سداسية‪.‬‬

‫الفولورين (كريات الكربون)‬

‫وأهم تطبيقاته‪:‬‬
‫ِ‬
‫مرض‬ ‫أ‪-‬إنتاج أدوية ملعاجلة اعتالل املخ الناجم عن‬
‫الزهامير‪ ،‬واعتالل األعصاب احلركية‪.‬‬
‫‪- 36 -‬‬
‫ب‪ -‬يستخدم كمضادات أكسدة‪،‬عندما تتعادل اجلذور‬
‫احل��رة املسببة للتأكسد‪ ،‬داخ��ل جسم اإلنسان‪ ،‬مع‬
‫إلكرتون من الكرتونات التكافؤ لذرات الكربون املكونة‬
‫للفولورين الذي كان اكتشافه مثرة تعاون بني ثالثة من‬
‫علماء الكيمياء األمريكيان‪ ،‬هم‪ :‬روبرت كول وهارولد‬
‫كرتو وريتشارد مسايل‪ ،‬وبعد أن مت التأكد جتريبياً من‬
‫اخلصائص املميزة للمادة اجلديدة‪ ،‬تقامسوا جائزة‬
‫نوبل عام (‪ ،)1996‬وقد اكتشف العلماء الحقاً صوراً‬
‫أخرى له‪ ،‬بلغ عددها(‪ )900‬مركب منها‪ :‬الكربون (‪70‬‬
‫و‪ )80‬وهذا العدد الكبري لصوره سيفتح أفاقاً جديدة‬
‫لتطبيقات مثرية قريباً‪.‬‬
‫‪-6‬ترميم وإب��دال األنسجة التالفة‪ ،‬وذلك بتغطيتها‬
‫مب��واد نانوية مطابقة هلا حيوياً وتلتصق هبا بقوة‪،‬‬
‫وهذا يؤدي إىل جناح عملييت الرتميم واإلبدال‪.‬‬
‫‪-7‬ت��س��اع��د حبيبات ال��ف��ول��وري��ن على أن نستبدِ َل‬
‫باجليناتِ املريضةِ اليت تسبب أمراضاً وراثية ال عالج‬
‫هلا‪ ،‬جيناتٍ سليم ًة؛ ألن بقاء اجلينات املريضة مع‬
‫الشخص املصاب ينقلها إىل أجياله من بعده‪.‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫‪-8‬تصميم جهاز ن��ان��وي يستطيع إزال���ة أي انسداد‬
‫للشرايني واألوردة وحتى الشعريات الدموية‪ ،‬دون عمل‬
‫جراحي‪ ،‬وبذلك حُلّتْ مشكل ُة من يصابون باجللطات‪.‬‬

‫جهاز نانوي يدخل حبرية داخل حتى الشعريات الدموية إلزالة‬


‫الشحوم اليت تسد الشرايني واألوردة‬

‫‪- 38 -‬‬
‫يف الزراعة واألمن الغذائي‬
‫‪-1‬يف الزراعة‬
‫إن أحد أهم أهداف السياسة الزراعية يف أي بلد‬
‫يف العامل‪ ،‬هو حتسني اإلنتاج وزيادة كمية املنتجات‬
‫الزراعية‪،‬لكي تليب حاجات السكان املتزايدة باستمرار‪،‬‬
‫فما دور تقنية النانو يف حتقيق هذا اهلدف؟‬
‫أ‪-‬بدأت تقنية النانو يف تصنيع حبيبات نانوية حتتوي‬
‫أمسدة مضافاً إليها مبيدات ملكافحة اآلفات الزراعية‬
‫بكل أنواعها‪ ،‬بعد أن بينت الدراسات التأثريات السلبية‬
‫للمبيدات احلشرية احلالية على صحة اإلنسان‬
‫وبيئته‪ ،‬من خالل تلويثها للرتبة واملياه املستخدمة يف‬
‫ري املزروعات‪ ،‬لتصل مع الزمن إىل املياه اجلوفية‪،‬‬
‫وتلوثها‪.‬‬
‫ب‪-‬س��امه��ت حبيبات ال��ف��ول��وري��ن يف ح��ل مشكلة‬
‫تبخر ‪ % 50‬من مياه ال��ري‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من‬
‫ارتفاع ملوحة الرتبة واإلض���رار خبصوبتها‪ .‬وذلك‬
‫بإنتاج حبيبات الزيوليت النانوي املكونة من األملنيوم‬

‫‪- 39 -‬‬
‫والسيلكون واألكسجني‪ ،‬ووضعها يف الرتبة لتعمل على‬
‫ختزين مياه الري داخل مساماهتا‪ ،‬ولتعيدها ببطء‬
‫عند حاجة الرتبة والنبات إليها‪.‬‬
‫جـ‪ -‬ساعدت حبيبات الفولورين على تنظيف مياه‬
‫م��زارع األمس��اك‪ ،‬والقضاء على الطحالب الضارة‬
‫فيها‪ ،‬حيث يزداد عدد مزارع األمساك بكل أنواعها‬
‫يف العامل‪ ،‬نظراً لزيادة الطلب على األحياء املائية‬
‫وحلماية هذه األحياء من التلوث واألم���راض‪ ،‬لقد‬
‫جنحت تقنية النانو يف استخدام مركبات عنصر‬
‫الالنثانيوم‪ ،‬بعد تصغري أبعاد أقطارها إىل ما دون‬
‫(‪ )40‬نانو مرت‪ ،‬يف ختليص مياه املزارع من الفوسفات‬
‫اليت تسبب منو الطحالب فيها‪.‬‬
‫د‪ -‬التالعب باجلينات (املورثات) للنباتات واحليوانات‪،‬‬
‫عن طريق استخدام امل��واد النانوية كناقالت هلذه‬
‫اجلينات بدالً من الفريوسات‪ ،‬هبدف احلصول على‬
‫إنتاجية أكرب‪ ،‬وإضافة صفات متكننا من زراعة األرز‬
‫وغريه على مدار العام‪.‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫‪ -2‬يف األمن الغذائي‬
‫كلنا يعلم بأن الصحة العامة مرتبطة مبا نتناول من‬
‫غذاء‪ ،‬هذا ما علمتنا إياه املقولة الشهرية العقل السليم‬
‫يف اجلسم السليم‪ ،‬لكن التزايد املستمر باطراد لعدد‬
‫سكان العامل‪ ،‬والذي أكدته إحصائيات قسم السكان‬
‫التابع لألمم املتحدة‪ ،‬حيث ارتفع عدد سكان العامل‬
‫من ‪ 250‬مليوناً يف القرن األول امليالدي إىل سبعةِ‬
‫مليارات يف مطلع القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وإذا أضفنا‬
‫إىل هذا التزايد سوء توزيع الثروات‪ ،‬وغياب التنمية يف‬
‫بعض البلدان‪ ،‬فإنَّ ذلك أدى بالضرورة إىل تزايد عدد‬
‫الفقراء‪ ،‬وإىل انتشار األم��راض واجملاعات وما ينتج‬
‫عن ذلك من ك��وارث إنسانيةٍ‪ ،‬وخصوصا يف البلدان‬
‫الفقرية والنامية‪ ،‬إضافة إىل نشوء أزمات سيواجهها‬
‫العامل أمجع فيما بعد‪ ،‬ختص موارده من الغذاء واملياه‬
‫والطاقة إضافة إىل تلوث البيئة‪.‬‬
‫وهذا ما دفع منظمة الفاو التابعة لألمم املتحدة‪،‬‬
‫إىل عقد سلسلة من املؤمترات ملناقشة موضوع األمن‬
‫الغذائي الذي عرفته بأنه‪:‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫متكني البشر كافة مادياً واجتماعياً ويف مجيع‬
‫األوقات من احلصول على األغذية الكافية والسليمة‬
‫واملغذية كي يتمتعوا بالنشاط والصحة واحلياة‬
‫الكرمية‪.‬‬
‫يتبني لنا م��ن خ�لال ه��ذا التعريف أن العناصر‬
‫الرئيسية لألمن الغذائي هي‪:‬‬
‫أ‪-‬الوفرة‪ :‬أي جيب أن يكون الغذاء متوفراً جلميع أفراد‬
‫اجملتمع‪ ،‬سواء أكان مصدره الداخل أم اخل��ارج‪ ،‬وأن‬
‫يكونَ أفراد اجملتمع قادرين على شراءِ غ ّذائهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستقرار‪ :‬أي توفر الغذاء وإمكانية احلصول عليه‬
‫يف مجيع األوقات‪.‬‬
‫ت‪-‬الصالحية‪ :‬أي جيب أن يكون الغذاء املستخدم‬
‫سليماً ومغذياً‪.‬‬
‫ولتحقيق األمن الغذائي‪ ،‬كانَ البد من رسم سياسات‬
‫لتحسني اإلن��ت��اج ال��زراع��ي‪ ،‬وزي���ادة كميته وتنوعه‪،‬‬
‫واستخدام أمثل التقنياتِ احلديثة‪ ،‬ومنها حالياً تقنية‬
‫النانو اليت سامهت وستساهم يف حتقيق األمن الغذائي‬

‫‪- 42 -‬‬
‫من خالل‪:‬‬
‫‪-1‬تطوير التقنيات النانوية املستخدمة يف الزراعة‪،‬‬
‫هبدف احلصول على تربة أغنى وإنتاج أوفر وأحسن‪.‬‬
‫‪-2‬م��ع��اجل��ة امل��ن��ت��ج��ات ال��زراع��ي��ة م��ن أج���ل حتسني‬
‫جودهتا‪.‬‬

‫‪-3‬تصنيع الغذاء النانوي‪ ،‬أي إنتاج ومعاجلة الغذاء‬


‫منذ زراعته وحتى احلصول على مث��اره‪ ،‬إذ بلغ عدد‬
‫املنتجات الغذائية النانوية حوايل مثامنائة نوع عام‬
‫(‪ ،)2006‬بيعت حبوايل ثالثة مليارات دوالر أمريكي‪،‬‬
‫ويتوقع أن يتضاعف العائد من بيع الغذاء النانوي عشر‬
‫مرات خالل هذا العام‪.‬‬
‫كما وتتحكم األدوات املستخدمة يف تقنية النانو‪،‬‬
‫كامليكروسكوبات االلكرتونية احلديثة يف إعادة ترتيب‬
‫‪- 43 -‬‬
‫ذرات امل��واد الغذائية‪ ،‬وإدخ��ال عناصر مفيدة للغذاء‬
‫كالفيتامينات وغريها من دون أن يتغري طعمه أو لونه‪.‬‬
‫‪-4‬حفظ خمتلف أنواع املواد الغذائية‪ ،‬كاللحوم والفواكه‬
‫واخلضروات الطازجة‪ ،‬بتغليفها بأغشية نانويه رقيقة‬
‫جداً‪ ،‬متنع وصول الرطوبة وغاز ثاني أكسيد الكربون‬
‫واألوكسجني إليها‪ ،‬ولزيادة مدة احلفظ ّ‬
‫تغطى املواد‬
‫الغذائية بطبقه ال ت��رى بالعني اجمل��ردة من أكاسيد‬
‫الفضة أو النحاس أو التيتانيوم‪ ،‬وال حاجة لنزعها عند‬
‫تناول املواد الغذائية‪ ،‬ألهنا آمنة‪.‬‬

‫‪-5‬إن��ت��اج أوعية نانوية لتعبئة امل��واد الغذائية‪ ،‬متتاز‬


‫باملتانة وخفة ال��وزن‪ ،‬وميكن وضع حساسات نانوية‬
‫‪- 44 -‬‬
‫داخلها تبني لنا أي نشاط بكتريي أو جرثومي داخل‬
‫األوعية‪ ،‬من خالل تغري لوهنا‪.‬‬
‫تقنية النانو ومحاية البيئة من التلوث‬
‫ميكن اعتبار تلوث البيئة من أخطر املشاكل اليت‬
‫سببها اإلنسان لنفسه‪ ،‬نتيجة التطور الصناعي خالل‬
‫القرن العشرين‪ ،‬بل أعقدها من حيث تداخل وتنوع‬
‫العوامل املؤثرة فيها‪،‬لذا يسعى اإلنسان جاهداً إىل‬
‫ح ِّلها اآلن‪ ،‬مستخدماً كل الوسائل التقنية املتاحة لديه‪،‬‬
‫وأمهها تقنية النانو اليت تتحكم خبواص املادة من خالل‬
‫تشكيل ذرّاهتا للحصول على مواد نانوية جديدة‪ ،‬تنظف‬
‫البيئة بالتخلص من امللوثات اليت حلقت هبا‪ ،‬جراء‬
‫التقدم الصناعي وغِياب الوعي‪ ،‬والرتاخِي يف تنفيذ‬
‫القوانني اليت حتمي البيئة‪ ،‬وخصوصا ًيف املنطقة اليت‬
‫تسمى العا َ‬
‫مل الثالثَ‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية تعمل املواد النانوية اجلديدة على‬
‫محاية مستقبل البيئة على امل��دى البعيد‪ ،‬من خالل‬
‫تنقية مياه الشرب واملياه اجلوفية واهل��واء وحتلية‬
‫مياه البحر كما يلي‪:‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫‪ -1‬تنقية مياه الشرب واملياه اجلوفية‪:‬‬
‫للماء أمهية بالغة جلميع الكائنات احلية‪ ،‬ولوال‬
‫وجودُهُ ملا كانتِ احلياة بكل أشكاهلا على سطح كوكبنا‬
‫األرض��ي‪ ،‬فكيف حنافظ عليه وحنميه من التلوث‬
‫بعد أن أصبح تلوثه مشكل ًة عاملي ًة؟‬
‫لقد بيّنا سابقاً‪ ،‬كيف أن املخلفات غري املعاجل ِة‬
‫الناجتةِ عن الصناعة حتتوي على نسب عالية من‬
‫املعادن الثقيلة السامة‪ ،‬من رص��اص وزئبق وزرنيخ‬
‫ومركباهتا اليت تسبب أمراضاً سرطانية‪ ،‬يضاف إليها‬
‫مياه الصرف الصحي واملياه اليت تروى هبا املزروعات‪،‬‬
‫وال�تي تشبع باألمسدة املستخدمة خمصبات للرتبة؛‬
‫وباملبيدات احلشرية السامّةِ أيضاً‪ ،‬وأغلبُ هذه املياه‬
‫امللوثة تتغلغل إىل املياه اجلوفية‪ ،‬وتعمل على تلويثها‬
‫بامليكروبات والبكرتيا واجل��راث��ي��م‪ ،‬وه��ذا م��ا يسبب‬
‫املشاكل الصحية وانتشار أمراض الكبد والكلى ألعداد‬
‫متزايدة من سكان الدول العربية سنوياً‪.‬‬
‫إن حل مشكلة تلوث املياه اجلوفية بالطرق التقليدية‬
‫باهظة التكاليف‪ ،‬وحتتاج إىل عقود من السنني‪ ،‬لكنَّ‬
‫ظهورَ تقنية النانو خالل العقدين املاضيني‪ ،‬وتطبيقاهتا‬
‫‪- 46 -‬‬
‫قدّمت حالً ملعاجلة تلك املشكلة العاملية‪ ،‬من خالل‬
‫حبيبات نانوية من أشباه الفلزات وبعض الفلزات‪،‬‬
‫وخصوصاً احلديد ذو التكافؤ الصفري الذي يستخدم‬
‫يف تنقية مياه الشرب واملياه اجلوفية‪.‬‬

‫دور احلديد الصفري يف تنقية مياه الشرب واملياه‬


‫اجلوفية‬
‫يعمل احلديد الصفري بكفاءة عالية لتنقية املياه‬
‫امللوثة‪ ،‬خصوصاً عندما تصغر أقطار ذرات احلديد‬
‫إىل مادون (‪ )10‬نانو مرت‪ ،‬فتزداد كثافتها (أي زيادة‬
‫عدد ذرات احلديد ذات التكافؤ الصفري) داخل سطح‬
‫احلبيبة النانوية املتناهية يف الصغر‪ ،‬وهذا ما يضاعف‬
‫‪- 47 -‬‬
‫من نشاطها الكيميائي يف ختليص املياه من ملوثاهتا‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬بالنسبة إىل املركبات اهلالوجينية العضوية السامة‪:‬‬
‫مثل راب��ع كلوريد الكربون (‪ )CCL4‬يعمل احلديد‬
‫الصفري على تكسري جزيئاهتا‪،‬ونزع الكلور منها‪،‬‬
‫وحتويلها إىل مركبات عضوية أبسط ال تضر اإلنسان‬
‫وبيئته‪.‬‬
‫ب‪ -‬يعمل احلديد الصفريّ على نزع األكسجني من‬
‫أكاسيد النرتوجني السامة‪ ،‬وحيوهلا إىل نرتوجني مياثل‬
‫النرتوجني املوجود يف اهلواء اجلوي‪.‬‬
‫ت‪-‬يؤكسد العناصر الثقيلة املوجودة يف املاء‪ ،‬وخصوصاً‬
‫الزرنيخ الذي يسبب السرطان‪ ،‬وحيوهلا إىل أكاسيد‬
‫غري ضارة‪.‬‬
‫أما يف حالة املياه اجلوفية امللوثة فإن ضخ حبيبات‬
‫احلديد ذات التكافؤ الصفري واملتناهية يف الصغر‪،‬‬
‫يسهّل عليها التغلغل إىل داخل املياه اجلوفية‪ ،‬وما إن‬
‫تلتقي باملركباتِ العضوية امللوثة للماء حتى تعمل على‬
‫تكسري روابطها‪ ،‬أي حتوّلُها إىل مركبات عضوية غري‬
‫‪- 48 -‬‬
‫ضارة وذلك بآلية األكسدة واالختزال لتلك املركبات‪.‬‬
‫أما إذا كانت امللوثات غري العضوية كاخلارصينات‬
‫الثالثية على سبيل املثال‪ ،‬فإن الطريقة املتبعة هي‬
‫ضخ املياه اجلوفية إىل خزان أعلى البئر‪ ،‬مكون من‬
‫عدة غرف‪ ،‬الغرفة األوىل ختتص بالتنقية والتقطري‬
‫للتخلص من امل��واد الصلبة وامليكروبات‪ ،‬أما الغرفة‬
‫الثانية فيوجد فيها خليط من الرمل الناعم‪ ،‬حتتوي‬
‫مساماته على حبيبات احلديد ذي التكافؤ الصفري‪،‬‬
‫للتخلص م��ن اخل��ارص��ي��ن��ات ذات امل��رك��ب��ات املعقدة‬
‫والسامة والزرنيخات الثالثية السامة أيضاً‪ ،‬بتحويلها‬
‫إىل زرنيخات مخاسية مرتسبة‪ ،‬ويساعد احلديدَ‬
‫جمال مغناطيسيٌّ ضعيف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الصفريَّ يف ذلك‬
‫كما وتستخدم حبيبات ال��ذه��ب النانوية املغلفة‬
‫مبعدن البالديوم‪ ،4‬لتنقية املياه السطحية واجلوفية‬
‫من املركب السام واملسرطن ثالثي كلوريد اإليثني‬
‫‪-4‬معدن أبيض فضي درجة انصهاره ‪ 1555‬درجة مئوية يشبه البالتني خبواصه‬
‫الكيميائية‪ ،‬ويتأكسد يف اهلواء‪ ،‬وميتص اهليدروجني بشراهة‪ ،‬وتستخدم مركباته‬
‫إلنتاج املزدوجات احلرارية‪ ،‬ويف طب األسنان كمادة حمفزة يف التفاعالت‬
‫العضوية‪.‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫(‪ ،)C2HCl3‬واملستخدم يف إذاب��ة الشحوم والزيوت‪،‬‬
‫لتنظيف سطوح املعادن امللوثة هبا‪ ،‬ويف حتضري بعض‬
‫املركبات املستخدمة يف تنظيف املالبس‪ ،‬وذلك بتكسري‬
‫روابطه وحتويله إىل غاز اإليثان (‪ )C2H6‬غريِ السام‪.‬‬
‫‪-2‬حتلية املياه املاحلة‬
‫لتحلية مياه البحر أو احمليط تستخدم يف اخلليج‬
‫العربي طريقة التناضح العكسي‪ ،‬وهي تعتمد على‬
‫تطبيق ضغوط عالية على املاء املاحل‪ ،‬فتدفع ِبهِ حنو‬
‫أغشية تسمح للماء العذب قليل األم�لاح بالعبور‬
‫من خالهلا‪ ،‬بينما حتجز األم�لاح الذائبة يف املاء‪،‬‬
‫وهذه الطريقة مكلِف ٌة ألهنا حتتاج لكميات كبرية من‬
‫الطاقة‪.‬‬
‫وجاءت تكنولوجيا النانو فقلَلَتِ الكلفة السابقة‬
‫بنسبة وصلت إىل ‪ % 75‬عندما استخدمت أنابيب‬
‫الكربون النانوية يف صناعة األغشية كمرشحات‬
‫جزيئية‪ ،‬حبيث تسمح هذه املرشحات جلزيئاتِ املاء‬
‫النقي باملرور من خالهلا‪ ،‬بينما متنع جزيئات األمالح‬
‫الذائبة يف املاء من املرور‪.‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫وت���زداد فعالية ه��ذه الطريقة بإضافة حبيبات‬
‫نانوية من املاغنسيوم (‪ )mg‬وأحد أكاسيده‪ ،‬من أجل‬
‫قتل اجلراثيم والبكرتيا إن وجدت يف املاء‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬و بعد جناح تكنولوجيا النانو يف تنقية املاء‪،‬‬
‫باتت احلاجة ملحة لتعميمها‪ ،‬إلنقاذ ماليني البشر‬
‫من األمراض اليت تسببها املياه امللوثة‪.‬‬
‫‪-3‬تنقية اهلواء من امللوثات‪:‬‬
‫يعد تلوث اهل��واء مشكلة عاملية ك�برى‪ ،‬لذا يربط‬
‫الباحثون من األطباء بني اهلواء امللوث والعديد من‬
‫األم��راض كالربو وسرطان الرئة والسكتة القلبية‪،‬‬
‫وهي أمراضٌ تقضي على ما يزيد على ثالثة ماليني‬
‫من البشر سنوياً‪.‬‬
‫فما هو دور تقنية النانو حيال ه��ذه املشكلة‬
‫املستعصية عن احلل؟‬

‫‪- 51 -‬‬
‫ميكن اع��ت��ب��ار احلبيبات ال��ن��ان��وي��ة لثاني أكسيد‬
‫التيتانيوم‪ ،TiO2 5‬واليت ال تتعدى أقطارها (‪ )10‬نانو‬
‫مرت بداي َة احلل‪ ،‬ألهنا تعمل كمحفزات ضوئية للتخلص‬
‫من أكاسيد النرتوجني اليت تلوث اهلواء اجلوي‪ ،‬وذلك‬
‫بتكسري ج��زي��ئ��اهت��ا إىل غ���از األك��س��ج�ين ‪ O2‬وغاز‬
‫صديقي البيئة‪ ،‬كما وتستخدم هذه‬ ‫ِ‬ ‫النرتوجني ‪N2‬‬
‫احلبيبات يف أكسدة أخبرة الزئبق الناجتةِ من احرتاق‬
‫الفحم إىل أكسيد الزئبق الصلب‪ ،‬الذي ال يلوث اهلواء‬
‫وال يؤذي اإلنسان‪ ،‬إضافة إىل ذلك تستخدم حبيبات‬
‫أكسيد التيتانيوم النانوية اليت ال تزيد أقطارها عن‬
‫(‪ )50‬نانومرت يف حجب األشعة فوق البنفسجية املوجودة‬
‫يف الضوء‪ ،‬واليت تسبب زيادهتا سرطان اجللد‪ ،‬لذا‬
‫فهي تدخل بفاعليّةٍ يف حتضري مستحضرات التجميل‪،‬‬
‫وخصوصاً مراهم الوقاية من أشعة الشمس‪ ،‬ومقاومة‬
‫التجاعيد الناجتة عن تقدم العمر‪.‬‬

‫‪-5‬معدن أبيض اللون اكتشفه غريغور عام ‪ 1789‬له مقاومة عالية للتآكل‪ ،‬وذلك‬
‫لتشكل طبقة أكسيديه على سطحه‪ ،‬يستخدم يف الوقت احلاضر مع األملنيوم‬
‫كسبيكة تقاوم احلرارة لذا تستخدم يف صناعة الطائرات احلديثة‪،‬و يزداد نشاطه‬
‫الكيميائي كلما ارتفعت درجة حرارته‪.‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫إهن��ا حبق حبيبات املستقبل نظراً الستخداماهتا‬
‫الواسعة واآلمال املرجوة منها‪.‬‬
‫واقع تقنية النانو يف العامل العربي والدول اجملاورة‬
‫له‬
‫إن تقنية النانو أصبحت العلم األكثر أمهية يف القرن‬
‫الواحد والعشرين‪ ،‬ورغ��م ذل��ك ف��إنَّ األحب��اث حوهلا‬
‫مازلت متواضعة جداً يف عاملنا العربي‪ ،‬واجلدول التايل‬
‫يوضح األوراق البحثية اليت نشرت بالدوريات العلمية‬
‫العاملية عن هذه التقنية‪.‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫النسبة املئوية من‬ ‫عدد األحباث‬ ‫الدولة‬
‫املسامهة العاملية‬ ‫املنشورة‬
‫‪0.3%‬‬ ‫‪589‬‬ ‫مصر‬
‫‪0.09%‬‬ ‫‪182‬‬ ‫جزائر‬
‫‪0.088%‬‬ ‫‪171‬‬ ‫تونس‬
‫‪0.06%‬‬ ‫‪122‬‬ ‫املغرب‬
‫‪0.05%‬‬ ‫‪98‬‬ ‫السعودية‬
‫‪0.04%‬‬ ‫‪69‬‬ ‫األردن‬
‫‪0.02%‬‬ ‫‪32‬‬ ‫بقية الدول العربية‬
‫‪0.76%‬‬ ‫‪1385‬‬ ‫إيران‬
‫‪0.53%‬‬ ‫‪1017‬‬ ‫تركيا‬
‫‪18%‬‬ ‫‪34825‬‬ ‫الصني‬
‫‪4%‬‬ ‫‪7720‬‬ ‫اهلند‬
‫‪12%‬‬ ‫‪23217‬‬ ‫النمور اآلسيوية‬

‫‪0.65%‬‬ ‫‪1263‬‬ ‫اجملموع‬

‫‪- 54 -‬‬
‫نستنتج من اجلدول‪:‬‬
‫‪ -1‬قلة عدد األحباث العلمية املنشورة من قبل الدول‬
‫العربية يف جمال تقنية النانو‪ ،‬وهذا يعين أن مسامهة‬
‫العرب النظرية والعملية يف ه��ذا امليدان متواضعة‬
‫جداً‪.‬‬
‫‪-2‬ت��ت��ف��وق إي���ران يف ع��دد أحب��اث��ه��ا يف جم��ال تقنية‬
‫النانو‪،‬على مجيع الدول العربية وعلى تركيا اجملاورة‬
‫ِ‬
‫املفروض عليها منذ‬ ‫للقارة األوروبية‪ ،‬رغم احلصار‬
‫عدة عقود‪.‬‬
‫‪-3‬كثرة عدد األحباث العلمية املنشورة يف دول شرق‬
‫آسيا يف جمال تقنية النانو‪ .‬من خالل ما تقدم تتبني‬
‫لنا احلاجة املاسة إلرسال طالب جدد للتخصص يف‬
‫جمال تقنية النانو‪ ،‬وتدريبهم باستمرار واالهتمام‬
‫بأمنهم أثناء عملية اإلن��ت��اج‪ ،‬ألن بعض املركبات‬
‫النانوية سامة‪ ،‬كما تتبيّنُ احلاج ُة إىل تدريس هذا‬
‫العلم يف املدارس األساسية‪ ،‬حتى تتعامل األجيال‬
‫القادمة مع منتجاته بشكل متبصّ ٍر ومفيد‪ ،‬وهتيئ ُة‬
‫مراكز أحباث وجتهيزها باملعدات الالزمة‪ ،‬مع العلم‬
‫بأهنا غري مكلفة وال تتعدى كلفتها عشرات املاليني‬
‫‪- 55 -‬‬
‫من الدوالرات‪ ،‬وهذه فرصة تارخيية نقلل هبا اهلوَّةَ‬
‫املعرفية بيننا وبني العامل املتقدم‪.‬‬
‫مشاريع مستقبلية حتى عام (‪)2025‬‬
‫‪-1‬أحب����اث دائ��م��ة لصناعة روب���وت ن��ان��وي‪ ،‬يدخل‬
‫حبرية حتى داخل الشعريات الدموية‪ ،‬لقتل اجلراثيم‬
‫والفريوسات يف جسم اإلن��س��ان‪ ،‬ومعاجلة اخلاليا‬
‫املريضة‪ ،‬واس��ت��ب��دال امليت منها م��ن خ�لال برامج‬
‫خاصة‪ ،‬تثبت على شرحية الكرتونية نانوية‪ ،‬أو يتم‬
‫توجيه ال��روب��وت ال��ن��ان��وي م��ن خ�لال أج��ه��زة حتكم‬
‫خارجية‪.‬‬
‫‪-2‬طائرة جتسسية نانوية‪ ،‬تتحرك حبرية تامة مهما‬
‫كان املكان ضيقاً‪ ،‬ويف حال تصنيعها فإهنا تفضح‬
‫خصوصيات البشر داخل منازهلم‪ ،‬وتالحق اجملرمني‬
‫داخل أوكارهم‪.‬‬
‫‪-3‬ابتكار أعضاء جلسم اإلنسان‪ ،‬أكثر عمراً وكفاءة‬
‫من أعضائه‪.‬‬
‫‪-4‬تصنيع أدوية حتدث عند تناوهلا تغرياً يف عمليات‬
‫‪- 56 -‬‬
‫االستقالب خلاليا اجلنود‪،‬حبيث يستطيعون البقاء‬
‫يف املعركة لعدة أيام دون طعام وال نوم‪.‬‬
‫‪-5‬ابتكار أنظمة ترصد من مسافات بعيدة احلالة‬
‫الذهنية لألشخاص‪ ،‬وكشف نواياهم‪.‬‬
‫‪-6‬تصنيع وسائط نقل (س��ي��ارات‪،‬ط��ائ��رات‪ ،‬سفن‪،‬‬
‫ق��ط��ارات)‪ ،‬ي��دخ��ل يف تصنيعها جسيمات نانوية‬
‫جتعلها أخف وزن �اً‪ ،‬وأكثر صالبة وسرع ًة‪ ،‬وبذلك‬
‫تكون أقل استهالكاً للوقود‪ ،‬وأقل ضجيجاً‪ ،‬وزجاجها‬
‫مقاوم للخدش واحلرارة والكسر‪ ،‬والرؤية من خالله‬
‫واضحة جداً‪ ،‬وينظف نفسه بنفسه‪.‬‬
‫‪-7‬نانو دكتور وهو ميكروسكوب مطور‪ ،‬يستخدمه‬
‫الطبيب ملعرفة حتاليل دم مريضه مباشرة‪ ،‬وحتاليل‬
‫أخرى أمهها احلمض النووي ‪.DNA‬‬
‫‪-8‬حبيبات نانوية تتغلغل داخل جسم اإلنسان‪ ،‬إلزالة‬
‫الشحوم الثالثية والكولسرتول‪.‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫خماطر تقنية النانو‬
‫رغم ما قدمته تقنية النانو وما ستقدمه لإلنسا ِن‬
‫يف املستقبل القريب مبا ينعم فيه حبياة هانئة ومديدة‬
‫فإن العديد من اخل�براء‪ ،‬ي��رون بأن استخدامها يف‬
‫مجيع جوانب احلياة له عواقب غري مرضية‪ ،‬لذا‬
‫عقد أول مؤمتر يف بروكسل عاصمة بلجيكا عام‬
‫(‪ ،)2008‬وكان هدفه تقليص السلبيات النامجة عن‬
‫استخدامها‪ ،‬وخصوصاً على احلمض النووي ‪DNA‬‬
‫واجلهاز املناعي للجسم‪ ،‬وعلى املواد الغذائية اليت‬
‫حتتاج إىل اختبارات كافية للتأكد من سالمتها قبل‬
‫تناوهلا‪ ،‬حيث صدر عن منظمة األمم املتحدة للرتبية‬
‫والعلوم والثقافة (اليونيسكو) يف العام نفسِهِ كتاب‬
‫بعنوان‪( :‬تقنية النانو العلم واألخالقيات وقضايا‬
‫السياسات) جاء فيه‪:‬‬
‫أ‪-‬إن التحكم بآثار تقنية النانو احملتملة على املدى‬
‫البعيد أم��ر صعب ج��داً‪ ،‬ألهن��ا غري مرئية ويصعب‬
‫كشفها وتنظيفها من اجلسم والبيئة من جهة‪ ،‬وهي‬
‫تتطور بسرعة فائقة من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫ب‪-‬إم��ك��ان��ي��ة استخدامها يف اجمل���االت العسكرية‬
‫واألمنية ومبا يتعارض مع حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫جـ‪-‬صياغة دس��ت��ور أخ�لاق��ي هل��ذه التقنية‪ ،‬ورسم‬
‫سياسات عامة هلا‪ ،‬تساهم فيها املنظمات املعنية‬
‫بالصحة العامة والبيئة‪،‬ونشر هذه السياسات بوسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬ليبدأ حوار حقيقي جينبنا األحكام املسبقة‬
‫دون توا ُف ِر األدلة والبيانات الدقيقة‪.‬‬

‫‪- 59 -‬‬
- 60 -
‫صدر من السلسلة‬

‫فايز فوق العادة‬ ‫‪-‬حنن جزء من هذا الكون‬


‫ ‬
‫حممد قرانيا‬ ‫‪-‬دمشق‬
‫‪-‬األشرعة احلمراء (ألكسندر غرين)‬
‫ت‪ :‬فريوز نيوف‬
‫ت‪ :‬قاسم طوير‬ ‫‪-‬مملكة ماري‬
‫ ‬ ‫‪-‬خمتارات من أسامة‬
‫د‪.‬هشام احلالق‬ ‫‪-‬القدس‬
‫حسن بالل‬ ‫‪-‬الذرة‬
‫فايز فوق العادة‬ ‫‪-‬العلم يدهشنا‬
‫أنطوانيت القس‬ ‫‪-‬مملكة إيبال‬
‫طــه الزوزو‬ ‫‪-‬البيئة‪ :‬الطبيعة واإلنسان‬
‫‪-‬قصة الكون واحلياة واإلنسان‬
‫موسى ديب اخلوري‬
‫عبد اهلل عبد‬ ‫‪-‬ربيع كاذب‬
‫‪-‬صفحات من تاريخ املوسيقا حممد املصري‬
‫‪-‬األمري الصغري (أنطون دوسانت أكزوبريي)‬
‫ت‪ :‬أنطوانيت القس‬

‫‪- 61 -‬‬
‫موسى ديب اخلوري‬ ‫‪-‬قصة اخرتاع األرقام‬
‫د‪ .‬غزوان زركلي‬ ‫‪-‬الصوت والزمن‬
‫‪-‬حشرات يف بيتك وحديقتك هنادي زرقة‬
‫د‪ .‬ريم منصور األطرش‬ ‫‪-‬طريق احلرير‬
‫أويس الشريف‬ ‫‪-‬احلاسوب‬
‫‪-‬فلزات (سليكون‪/‬كوارتز‪/‬حرير صخري)‬
‫أ‪.‬د‪ .‬حممد عبود‬
‫‪-‬الثقوب الكونية السوداء فايز فوق العادة‬
‫موسى ديب اخلوري‬ ‫‪-‬الفسيفساء‬
‫‪-‬فن النحت «يف العصر القديم»‬
‫د‪.‬تغريد شعبان‬
‫د‪ .‬حممد عبود‬ ‫‪-‬التلوث النفطي‬
‫هنادي زرقة‬ ‫‪-‬احملميات الطبيعية‬
‫‪-‬خمتارات من حكايات إيسوب‬
‫رسوم ضحى اخلطيب‬
‫‪-‬حيوانات املروج والغابات حممد مروان مراد‬
‫جهاد سالمة األشقر‬ ‫‪-‬قصة الالسلكي‬
‫موسى ديب اخلوري‬ ‫‪-‬أوغاريت‬
‫‪- 62 -‬‬
‫‪-‬ممالك سورية القدمية د‪ .‬تغريد شعبان‬
‫‪-‬التخدير واإلنعاش عرب التاريخ‬
‫نزار مصطفى كحلة‬
‫أنطوانيت القس‬ ‫‪-‬أساطري يونانية‬
‫دلدار فلمز‬ ‫‪-‬تاريخ الرسم‬
‫د‪ .‬عبري عيسى‬ ‫‪-‬النفايات الصلبة‬
‫حممد الدنيا‬ ‫‪-‬الفينيقيون وأساطريهم‬
‫‪-‬الرياضيات علم وفن‬
‫فايز فوق العادة ‬
‫د‪.‬سرياؤوس حممد ‬ ‫‪-‬اجلراثيم والبيئة‬
‫‪ -‬حكايات األخوين غريم ‬
‫ترمجة‪ :‬د‪.‬نبيل احلفار‬

‫‪- 63 -‬‬
- 64 -

You might also like