Professional Documents
Culture Documents
981
مقدمة
يتناول هذا البحث البحرية اإلسالمية ودورها في محاوالت فتح القسطنطينية
خالل العصر األموي(931-19هـ051-669/م).
يستمد الموضوع أهميته من أهمية األُسطول اإلسالمي ,حيث كان أداةً رئيسيةً
في نشر رسالة المسلمين وحضارتهم ,فلقد لعب دو اًر كبي اًر وبار اًز في عمليات الفتح
اإلسالمي منذ إنشائه على يد معاوية بن أبي سفيان وتطوره الحقاً على يد من أتى
بعده ,فقد أصبح البحر األبيض المتوسط والذي كان ُيعرف ببحر الروم بفضل هذا
األُسطول بحيرةً إسالمية ,وقد خاضت األساطيل اإلسالمية معارك بحرية كبيرة
وناجحة عبر التأريخ خاصةً في حوض البحر المتوسط الشرقي وشمال أفريقيا وجنوب
أوربا واحتلت جزء صقلية وكريت ورودس وقبرص وعبرت إلى األندلس وحاصرت
القسطنطينية واستخدم المسلمون أسلحةًبحريةً فعالةً ومتنوعةًوسفناً حربيةً كبيرة ,وبرع
قادةُ المسلمين في فنون الحرب البحرية وانتصروا وسيطروا على البحر األبيض
المتوسط واجزاء من البحر األحمروالمحيط الهندي ,فيمكن القول أن األساطيل
اإلسالمية كان لها دور كبير في اتساع الدولة اإلسالمية شرقاً وغرباً ,أيضاً يستمد
الموضوع أهميته من ما كان يشكله الروم على الدولة اإلسالمية الفتية فكانت هذه
الحمالت على عاصمتهم تؤدي إلى رفع الروح المعنوية في جانب المسلمين وتشكل
ٍ
خطر وتهديد على الروم من خالل محاصرة حاضرة ملكهم وعاصمتهم مصدر
القسطنطينية.
تناولت الموضوع في مبحثين تضمن األول الحديث عن بدايات المسلمين بالبحر
وكيفية نشوء البحرية اإلسالمية وأبرز المعارك البحرية قبل قيام الدولة األموية ,أما
المبحث الثاني فقد تركز على المحاوالت الثالث لفتح القسطنطينية خالل العصر
األموي وأهم نتائجها.
911
أما المصادر التي اعتمد عليها البحث فكان أبرزها كتب الفتوح وكتب التاريخ
العام ,أما كتب الفتوح فكان أبرزها كتاب فتوح البلدان للبالذري ,أما كتب التاريخ العام
كان أهمها تاريخ الرسل والملوك للطبري وكتاب البداية والنهاية البن كثير ,إضافةً إلى
مجموعة من المراجع الحديثة أبرزها كتاب تاريخ البحرية اإلسالمية في مصر والشام
ألحمد مختار العبادي والسيد عبد العزيز سالموكتاب فن الحرب البحرية في التاريخ
العربي اإلسالمي لوفيق بركات وغيرها من المصادر والمراجع التي أغنت صفحات
البحث.
متهيد
وعمان
كان للعرب عالقةٌ قديمةٌ مع البحر وخاصةً عرب اليمن وحضرموت ُ
والبحرين ,وقد برعوا في ركوب البحر بحكم موقع بالدهم على البحر األحمر من
الجهة الغربية والمحيط الهندي جنوباً ,وبحكم اشتغالهم بالتجارة في البر والبحر في
ٍ
بشعوب كانت تعرف فنون مراحل التاريخ القديم التي سبقت مجيء اإلسالم ,واحتكاكهم
البحر وخبرته ,إال أن اتصال العرب بالبحر قد توقف قبيل ظهور اإلسالم واقتصروا
في تجارتهم على الطرق البرية ,وقد كان هنالك اسباب عديدة لهذا التوقف ,كان أولها
تعرض بالدهم للسيطرة الحبشية والفارسية( .)9كذلك من هذه األسباب صعوبة المالحة
في البحر األحمر لكثرة ما يعترض السفن فيه من صخور وشعاب مرجانية( .)1وكانت
طبيعة بالدهم البرية التي يندر وجود األشجار التي تصلح أخشابها لصناعة السفن
وخلوها كذلك من معدن الحديد الالزم لصناعة المراسي والمسامير والكالليب باستثناء
()3
ويعلل ابن خلدون سبب تخلف العرب في ثقافة اليمن وخلوها من الزفت والقطران
()9وفيق الدقدوقي ,الجندية في عهد الدولة األموية (بيروت :مؤسسة الرسالة9116 ,هـ 9185/م)
ص.110
( )1احمد مختار العبادي وعبد العزيز سالم ,تاريخ البحرية اإلسالمية في مصر والشام (بيروت :دار
األحد )9101,ص.95
( )3المصدر ذاته ,ص.91
919
البحر وركوبه ببداوتهم بينما يفسر تفوق البيزنطيين البحري لممارستهم احواله وتمرنهم
عليه واحكامهم الدراية بثقافته(.)9
(رضي اهلل عنهما) ,ولما كان العرب بطبعهم يهابون البحر فقد نهى عمر بن الخطاب()
قادته عن ركوبه ألنه كان يعده حصناً طبيعياً بينه وبين أعدائه( .)1ولكن معاوية بن
أبي سفيان ألح في غزو البحر معلالً ذلك بقرب بالد الروم من مدن الشام والسيما
حمص فقال ان قريةً من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كالبهم وصياح دجاجهم,
وعلى إثر ذلك كتب الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب( )إلى عمرو بن
العاص بأن صف لي البحر وراكبه فإن نفسي تنازعني إليه .فكتب إليه عمرو بن
العاص وصفاً لما طلب و يورد الطبري هذا الوصف في كتابه فيقول" إني رأيت خلقاً
خلق صغير ,إن ركن خرق القلوب وان تحرك أزاغ القلوب ,يزداد فيه كبي اًر يركبه ٌ
اليقين قلة ,والشك كثرة ,هم فيه كدود على عود ,إن ما َل غرق وان نجا َبرق" فلما قرأه
عمر بن الخطاب( )كتب إلى معاوية :ال والذي بعث محمداً بالحق ال أحمل فيه
مسلماً أبدا(.)3
( )9احمد ابراهيم العدوي ,األساطيل العربية في البحر األبيض المتوسط(القاهرة :مكتبة نهضة
مصر ,بال -ت) صص15-11؛ علي محمد محمد الصالبي ,معاوية بن ابي سفيان شخصيته
وعصره(القاهرة :دار األندلس الجديدة )1118 ,ص.381
()1الدقدوقي ,الجندية ,ص.111
()3العبادي ,تاريخ البحرية اإلسالمية ,صص.95-91
916
رأى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان( )وبعد إلحاح من واليه على الشام
ٍ
ُسطول لرد هجمات الروم في البحر معاوية بن ابي سفيان انه ال بد من إنشاء أ
االبيض المتوسط ,وكانت احواض الروم في اإلسكندرية وعكا قد وقعت سالمةً بيد
ٍ
ُسطول إسالمي ,وقد وكل بناء هذا األُسطولالعرب الفاتحين ,فأنشأ عثمان فيها أول أ
إلى العناصر الخبيرة في صناعة المراكب البحرية في البالد المفتوحة في ٍ
كل من
()9
مصر والشام والسيما إلى القبط.
ان القبط اسهموا بنصيب كبير في بناء األسطول اإلسالمي في دور صناعتهم
التي عرفت فيما بعد بجزيرة الروضة)1(.فلم تأت سنة 33هـ653/محتى كان للمسلمين
()3
اسطول يتكون من اكثر من ألف وسبعمائة سفينة.
وبرع أهل الشام والسيما سكان السواحل في صناعة السفن وتمرسوا في ركوب
البحر ,وقد اعتمد معاوية كذلك على عناصر عربية يمنية تنتمي إلى قضاعة كانت
()1
قد استقرت في مشارف الشام.
)3وجود المواد األولية لصناعة السفن
ٍ
أسطول إسالمي وهو لم يزل والياً على عندما قرر معاوية بن ابي سفيان إنشاء
الشام كان يعلم بإمكانية تحقيق ذلك ,فاألخشاب الالزمة لصناعة ألواح السفن
والصواري والمجاذيف تتوافر في مناطق متعددة من أراضي الشام ومصر ,فأشجار
الصنوبر واألرز والبلوط كانت تزخر بها جبال لبنان وسورية و أنواع الخشب التي
كانت تصلح لصناعة المجاذيف اشتهرت بها مصر منذ اقدم العصور)5(.و كانت
( )9السيد عبد العزيز سالم ,تاريخ المسلمين وآثارهم في األندلس(بيروت :دار النهضة العربية ,بال-
ت) صص.916-911
()1العبادي ,تاريخ البحرية اإلسالمية ,ص.11
()3وفيق بركات ,فن الحرب البحرية في التاريخ العربي اإلسالمي(حلب :معهد التراث العلمي
العربي9196 ,هـ9115/م) ص.98
()1اختلف المؤرخون في تحديد سنة المعركة فبعضهم يذكر انها سنة 39هـ مثل الطبري حيث يورد
احداثها سنة 39هـ في حين ذهب آخرون انها حدثت سنة 31هـ.
()5العبادي ,تاريخ البحرية اإلسالمية ,ص.39
()6العبادي ,تاريخ البحرية اإلسالمية ,ص.11
911
()9
وقوله ايضاً "وأقام عبد اهلل بذات وحده وما معه إال القبط حتى بلغوا ذات الصواري"
()1
الصواري أياماً بعد هزيمة القوم".
أما بالنسبة ألحداث المعركة فيذكر الطبري ان أهل الشام خرجوا وعليهم
معاوية بن ابي سفيان وعلى أهل البحر عبد اهلل بن سعد بن ابي السرح ويقول :خرج
جمع لم يجتمع للروم مثله قط منذ كان اإلسالم ,وحين
عامئذقسنطين بن هرقل في ٍ
التقى الجمعان في البحر كانت الرياح غير مالئمة فقضى العرب والروم ليلتهما انتظا اًر
لما يسفر عنه الصباح ,وفي اليوم التالي دارت المعركة واشترك فيها اإلمبراطور
()3
نفسه.
وجد العرب أن ذخيرتهم من األقواس والرماح والحجارة بدأت تنفذ وأن العدو
مازال بعيداً وأنه يراوغ ويماطل إلنهاك قواهم ,فابتكروا أُسلوبا جديدا ,فعمدوا إلى ربط
سفنهم بعضها ببعض وقذفوا خطاطيف في البحر جذبوا بها سفن الروم إليهم وحين
وصلت أخبار هذه الخطة إلى امبراطور الروم أدرك فشل قواته وأن الهزيمة هي
()1
مصير تلك القوات.
ونرى ان الطبري يورد نصاً عن سير هذه المعركة فيقول" رجعت الدماء إلى
()5
ويذكر ابن األثير الساحل تضربها األمواج ,وطرحت األمواج جثث الرجال ركاما"
( )9عز الدين ابي الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن عبد الواحد المعروف بابن
األثير(ت631هـ9133/م) ,الكامل في التاريخ( بيروت :دار ومكتبة الهالل )1118 ,ج,3
ص.998
119
جهد معاوية في وضع خطة تهدف إلى ضرب القسطنطينية واالستيالء عليها,
إذا تهيأت الظروف ,وترك لخلفائه من بعده طريقاً واضح المعالم للسير فيه من اجل
()9
رفع راية اإلسالم على مياه البحر االبيض المتوسط.
بدأ معاوية سياسته البحرية التوسعية بتقوية الثغور البحرية في الشام ومصر
وشحنها بالجند المدربين على ركوب البحر ,ثم بث النشاط في دور الصناعة إلنتاج
السفن الحربية وغيرها من مراكب نقل المؤن ,وفي الوقت نفسه أعد معاوية قواته البرية
()1
التي خصصت للتعاون مع القوات البحرية في الهجوم على القسطنطينية.
وتعد حمالت المسلمين على القسطنطينية األساس في بناء سياسة بحرية جديدة
وتطو اًر مهماً في االستراتيجية البحرية الهجومية للدولة اإلسالمية ,تقوم على التعاون
والتنسيق بين القوات البرية والبحرية في الهجوم ,ويرجع سبب ذلك إلى إغارات سكان
جبل اللكام القريبين من حدود آسيا الصغرى على أراضي الشام وهم الذين أطلق عليهم
()3
المسلمون اسم المردة.
وفي سنة 11هـ661/م َسير معاوية جيشاً كبي اًر على رأسه سفيان بن عوف إلى
بالد الروم وفي العام الثاني أرسل لهذا الجيش مدداً بقيادة ابنه يزيد بعد أن أصاب
قوات سفيان بن عوف الجوع والمرض ,وكان في جيش يزيد عبد اهلل بن عباس وعبد
اهلل بن عمر وعبد اهلل بن الزبير وابو أيوب األنصاري فأوغلوا في بالد الروم حتى
()1
وقد توفي بلغوا القسطنطينية فاقتتل الجانبان في بعض األيام واشتدت الحرب بينهم,
هناك ابو ايوب األنصاري ( )ودفن في أصل سور القسطنطينية وحين دفن قالت
()9احمد بن عبد اهلل القلقشندي ,مأثر األنافة في معالم الخالفة ,ط(1الكويت :د .مط)9185 ,
صص.993-991
()1العدوي ,األساطيل العربية ,ص.10
()3ابراهيم أحمد العدوي ,األمويون والبيزنطيون (القاهرة :د .مط9301 ,هـ9153/م) ص-961
.963
113
القسطنطينيةفاتجه أباطرة الروم إلى تطبيق سياسة جديدة تلخصت بتوزيع فيالق من
ٍ
بصفة دائمة ثم منح األباطرة الجند الجيش على جهات آسيا الصغرى تعسكر فيها
المقيمين فيها قطعاً من األرض يستغلونها لتشجيعهم في الدفاع عنها؛ وعرف هذا
التنظيم اإلداري الجديد بنظام األجناد أو نظام البنود فكان لكل فيلق بند خاص أو َعلٌَم
يميزه ,وكان الركن من الشاطئ األوربي المواجه آلسيا الصغرى والذي تقع عليه
القسطنطينية ينتظم بنداً قائماً بذاته وان كان يعتمد في الدفاع عن نفسه على بنود آسيا
الصغرى ,وقد عرف المسلمون أن آسيا الصغرىتمثل العمود الفقري في قضية الدفاع
عن القسطنطينية وقد أدركوا أن قطع األمداد والمؤن عن القسطنطينية هو الهدف الذي
()9
يجب أن يصلوا إليه ليتمكنوا من النجاح في حمالتهم ضد القسطنطينية مستقبالً.
ثانياً :الحصار الثاني أو حرب السنوات السبع(66-49هـ674-676/م)
وشتاء في البر والبحر حتى
ً ظل المسلمون يهاجمون األراضي البيزنطية صيفاً
استولى األسطول على إزمير واحتل ليكيا واستولى على جزيرة رودس وغيرها من
الجزر ,وفي سنة 51هـ603/م بدأ الحصار الفعلي للقسطنطينية واستدعى األمر تعزيز
القوة البحرية فانضم إلى األسطول المرابط في مياه القسطنطينية اسطول إسالمي بقيادة
جنادة بن أبي أُمية واستولى على جزيرة أرواد القريبة من القسطنطينية واتخذها
المسلمون قاعدةً بحريةً أمامية إلمداد الجيش المحاصر للعاصمة البيزنطية بالسالح
والرجال ولقطع الطريق على سفن الروم ,وأحكم المسلمون الحصار البري والبحري
()1
طوال العام اشتبكت خالله سفن الروم مع سفن األسطول اإلسالمي.
جرت أحداث هذا الحصار الثاني لعاصمة الروم على وفق خطة كان لألسطول
البحري فيها الدور الرئيسي ,إذ نقلت سفن األسطول اإلسالمي الجند إلى البر
لمحاصرة أسوار القسطنطينية الخارجية ,في حين أكمل األسطول حلقة الحصار,
واستمر الحصار البري البحري للقسطنطينية أشه اًر تخللته كما أوضحنا سابقا
اخلالصة
استعرضنا في الصفحات السابقة موضوع البحرية اإلسالمية ودورها في محاوالت
فتح القسطنطينية خالل العصر األموي ومن خالل تحليل النصوص الموجودة في
المصادر التاريخية توصلنا للنتائج اآلتية-:
-عدم وجود قوات بحرية اسالمية في عهد النبي( )وأيضا في عهد كل من الخليفة
الراشد األول أبو بكر الصديق والخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب ,بل
إن عمر بن الخطاب عنف من أراد ولوج البحر حتى وان كان هدفه الجهاد ,ذلك
أنه أدرك بفطنته خطورة هذا األمر مع عدم وجود الخبرة والممارسة البحرية لدى
المسلمين مقابل ما تمتع به أعداءهم وخاصة الروم في هذا المجال و ما لديهم من
خبرات ومعدات تجعل ميزان القوى راجحاً ألعداء المسلمين.
-كان نشوء األسطول البحري اإلسالمي في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن
عفان على يد واليه على الشام معاوية بن ابي سفيان ,حيث فطن إلى أهمية
األسطول البحري في الدفاع عن السواحل المحررة في الشام ومصر ,وقد سار في
191
هذا المشروع وفق خطة مرسومة أدت بالتالي إلى امتالك المسلمين لقوة بحرية كبيرة
ومنظمة استطاعت أن تنافس القوى البحرية الموجودة في المنطقة ودخلت معها في
معارك وخرجت منتصرة نتيجةً للتخطيط الصحيح وعدم التسرع.
-ساهمت عوامل عديدة في نشوء األسطول اإلسالمي أبرزها ,ازدياد الخطر
البيزنطي على سواحل الشام ومصر ,فضالً عن توافر المواد األولية والخبرة في
المناطق المحررة وخاصة دار صناعة الروضة في مصر ,إضافةً إلى الهدف
األكبر الذي كان يراود المسلمين وهو االستيالء على حاضرة الروم المنيعة
القسطنطينية.
-كان أول اختبار بحري حقيقي لألسطول اإلسالمي هو موقعة ذات الصواريالتي
خرج منها هذا األسطول منتص اًر وأدى انتصاره إلى تدعيم سيادة المسلمين على
السواحل الشرقية للبحر األبيض المتوسط وأكد أن األسطول اإلسالمي أصبح قوة ال
يستهان بها.
-جهد معاوية في وضع خطة تهدف إلى ضرب القسطنطينية واالستيالء عليها,
فكان في عهده الحصارين األول سنة 11هـ661/م والثاني الذي استمر سبع سنوات
كاملة 61-51هـ601-603/م ,وقد عمل على توفير الظروف المناسبة لذلك,
حيث استفاد من اإلمكانات الموجودة سابقاً من بقايا الصناع البيزنطيين ومن لهم
خبرة من أهل اليمن ووفر المواد الالزمة لبناء السفن والتي كانت تتوفر بكثرة في
مصر والشام ,اضافة إلى اتباع سياسة االستطالع البحري لنشاط البيزنطيين لمعرفة
اسلوب العدو وطريقته ,فضالً عن عزل عاصمة الروم وذلك باالستيالء على الجزر
القريبة من سواحل الشام والجزر المسيطرة على مداخل بحر ايجة وتقليص النفوذ
البيزنطي البحري.
-أسفر الحصار األول للقسطنطينية سنة 11هـ661/م ,عن نتائج عدة أبرزها قدرة
المسلمين على تهديد عاصمة الروم المنيعة القسطنطينية ,وان المسلمين لهم القدرة
على معاودة هذه الهجمات وتكرار الحصار ولكن بصورة أكثر تنظيماً وفاعلية.
199
-أسفر الحصار الثاني للقسطنطينية والذي ُعرف بحرب السنوات السبع 61-51هـ/
601-603م عن نتيجة هامة أال وهي انه أوضح مدى القوة والتنظيم التي وصل
اليها األسطول البحري اإلسالمي والتي أهلته لمواصلة الحصار سبع سنوات كاملة,
وأثبت هذا الحصار أيضاً أن الدولة اإلسالمية أصبحت قوة كبيرة في المنطقة
أجبرت امبراطورية الروم على الدخول معها في مفاوضات أسفرت عن توقيع
معاهدة.
-بعد وفاة معاوية لم تتغير سياسة من جاء بعده من خلفاء بني أمية تجاه مشروع
فتح القسطنطينية ,فعندما استلم الخليفة عبد الملك بن مروان الخالفة مهد الطريق
ألبنائه من بعده لالستمرار في هذا المشروع ومن أبرز ما فعله في هذا المجال هو
إنهاء تهديد المردة لألسطول اإلسالمي.
-بدأ التجهيز لحملة عسكرية كبيرة تهدف إلى معاودة حصار عاصمة الروم
القسطنطينية في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك بقيادة أخيه َمسلمة بن عن عبد
الملك ,إال أن وفاة الخليفة حالت دون إنفاذ الحملة الى وجهتها وما أن تسلم أخوه
سليمان بن عبد الملك الخالفة حتى عمل على استكمال تجهيز الحملة وارسالها
للقسطنطينية ,استمرت هذه القوة العسكرية تحاصر القسطنطينية ومنعت األقوات
من أن تصل إليها ,إال أن وفاة الخليفة وحلول الشتاء وهالك عدد كبير من جند
الجيش اإلسالمي حال دون تحقيق هدف هذه الحملة باحتالل القسطنطينية وسرعان
ما عاد الجيش اإلسالمي بعد أن أدى مهمته في تعزيز مكانة الدولة اإلسالمية
واجبار أباطرة الروم على التخلي عن مشاريعهم في استعادة األراضي التي دخلت
تحت الحكم اإلسالمي.
-ساهمت حمالت المسلمين المتكررة لحصار القسطنطينية إضافةً إلى وضع
عاصمة الروم تحت التهديد المستمر ,أثبتت أن المسلمين أصبحت لهم قوة بحرية
متميزة تتحرك وفق خطط محكمة وأصبح لديهم التجربة والممارسة في هذا المجال,
كما أوضحت هذه الحمالت المتكررة أن مسألة فتح القسطنطينية كانت مشروعاً
191
ثابتاً في سياسة الفتح اإلسالمي ,وقد بقي هذا الحلم يراود المسلمين حتى فتحت
القسطنطينية على يد العثمانيين بعد سبعة قرون من الحصار الثالث لهذه المدينة.
املصادر واملراجع
املصادر:
ابن األثير ,عز الدين بن ابي الكرم عبد الواحد( ت631هـ9131 /م). -
الكامل في التاريخ (بيروت :دار ومكتبة الهالل.)1118 /
البالذري ,أحمد بن يحيى بن جابر. -
فت ــوح البل ــدان ,تحقي ــق :عب ــد اهلل أن ــيس الطب ــاع -عم ــر أن ــيس الطب ــاع (بي ــروت:
مؤسسة المعارف ,بال -ت).
ابن عبد الحكم ,ابو القاسم عبد الرحمن بن عبد اهلل. -
فتوح مصر وأخبارها ,تحقيق :محمد صبيح (د.م ,بال مط ,بال -ت).
ابن خياط ,خليفة(ت111هـ851/م). -
تــاريخ خليفــة بــن خيــاط ,تحقيــق :أكــرم ضــياء العمــري ,ط(1الريــاض ,دار طيبــة,
9115هـ9185/م).
ابن خلدون ,عبد الرحمن بن محمد. -
المقدمة(بيروت :مكتبة لبنان.)9101 ,
الطبري ,ابو جعفر محمد بن جرير(ت391هـ111/م). -
ت ــاريخ الرس ــل والمل ــوك ,تحقي ــق :محم ــد اب ــو الفض ــل ابـ ـراهيم ,ط(1الق ــاهرة :دار
المعارف.)9100 ,
ابن كثير ,ابو الفدا اسماعيل بن عمر(ت001هـ9301/م) -
البداية والنهاية(بيروت :دار ومكتبة الهالل9111 ,هـ1118/م).
193
القلقشندي ,أحمد بن عبد اهلل. -
مآثر االنافة في معالم الخالفة ,ط(1الكويت :د.مط.)9185 ,
المقريزي ,تقي الدين أحمد بن علي(ت815هـ9119/م). -
المـواعظ واإلعتبــار بــذكر الخطــط واآلثار(القــاهرة :دار التحريــر للطباعــة والنشــر,
9101هـ).
املراجع:
-انور عبد العليم.
المالحة وعلوم البحار عند العرب(الكويت :المجلس الوطني للثقافة والفنون
واآلداب9311 ,هـ9101/م).
-الحموي ,محمد ياسين.
تاريخ األسطول العربي( دمشق :د.مط.)9115 /
-الدقدوقي ,وفيق.
الجندية في عهد الدولة األموية(بيروت :مؤسسة الرسالة9116 ,هـ9185/م)
-ابو زيد ,عال عبد العزيز.
الدولة األموية..دولة الفتوحات 931-19هـ051-669/م(القاهرة :المعهد العالمي
للفكر اإلسالمي9190 ,هـ9116 /م).
-السيد عبد العزيز سالم.
تاريخ المسلمين وآثارهم في األندلس(بيروت :دار النهضة العربية ,بال -ت).
-الصالبي ,علي محمد محمد.
معاوية بن ابي سفيان شخصيته وعصره(القاهرة :دار األندلس الجديدة.)1118 ,
-العبادي وسالم ,أحمد مختار وعبد العزيز.
تاريخ البحرية اإلسالمية في مصر والشام(بيروت :دار األحد.)9101 ,
-العدوي ,ابراهيم أحمد.
األساطيل العربية في البحر األبيض المتوسط(القاهرة :مكتبة نهضة مصر ,بال-
ت).
191
األمويون والبيزنطيون(القاهرة :د .مط9301 ,هـ9153/م).
الدولة اإلسالمية وامبراطورية الروم ,ط(1القاهرة :مكتبة االنجلو المصرية,
.)9158
-العسلي ,بسام.
فن الحرب في عهود الخلفاء الراشدين واألمويين(بيروت :دار الفكر.)9110 ,
-لويس ارشيبالد.
القوى البحرية والتجارية في حوض البحر المتوسط ,ترجمة :أحمد محمد عيسى
(القاهرة :د .مط.)9161 ,
-وفيق بركات.
فن الحرب البحرية في التاريخ العربي اإلسالمي(حلب :معهد التراث العلمي
العربي9196 ,هـ9115/م).
195