Professional Documents
Culture Documents
OT 17 Danielدانيال PDF
OT 17 Danielدانيال PDF
) (٦
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .21-1 :1
) (٧
وهو معروف أيضا باسم َبختنصر.
محرمان عليهم كما جاء في الكتاب (٨)،وطلب من كبير الحاشية أن يعف َي ُهم ّ
من ذلك .وكان ﷲ قد جعل كبير الحاشية ينظر إلى النبي دانيال بلطف
ورضى ،بيد أنّه انزعج من اقتراحه وأجابه" :لقد أمر موﻻي الملك أن
خف
تتناولوا جميعًا م ّما يُقدﱠم إليكم من الطعام والشراب ،فإذا امتنعتم عنهّ ،
وزنكم وأصبح شكلكم مختلفًا عن زمﻼئكم اﻵخرين ،وإنّي أخشى أن يأمر
الملك بقطع رأسي ﻷنّي أهملت واجبي".
ث ّم اتّجه النبي دانيال إلى المشرف الّذي وﻻّه كبير الحاشية عليه وعلى من
جربنا عشرة أيّام فقط ،وﻻ تقدّم لنا معه من اﻷصدقاء ،وقال له" :يا سيّديّ ِ ،
سوى الخضر والماء ،وبعد ذلك قارن بيننا وبين بقية الشبّان الّذين يأكلون من
تقرر ما تشاء" .فوافق المشرف على ما قاله طعام الملك ،وتستطيع عندها أن ّ
وجرب اقتراحه عشرة أيّام .وبعد انقضاء الفترة ّ سﻼم(، دانيال )عليه ال ّ
المحدّدة بدا النبي دانيال وزمﻼؤه الثﻼثة أحسن حاﻻً وأفضل صحةً من جميع
الشبّان الّذين كانوا من طعام القصر الملكي يأكلون .فسمح لهم المشرف أن
ي من طعام وخمر ،وأﻻّ يتناولوا إﻻّ يتركوا ما يقدّم لهم من القصر الملك ّ
الخضر والماء.
وأكرم ﷲ هؤﻻء الشباب ،فتعلّموا ك ّل فروع الحكمة واﻵداب ،وتميّز عنهم
الرؤى واﻷحﻼم. سﻼم ،بكرامة تفسير ك ّل أنواع ّ النبي دانيال عليه ال ّ
شباب وعند انتهاء ما حدّده الملك من مدّة للتدريب ،أحضر كبير الحاشية ال ّ
أن دانيال وأصحابه إلى بﻼط ملك بابل المهيب .وحاورهم الملك وﻻحظ ّ
متفوقين ،فاختارهم للخدمة في القصر وجعلهم من الثﻼثة كانوا على الجميع ّ
المقربين .وكلّما استشارهم الملك في موضوع مهما استعصى ،أظهروا من ّ
الحكمة والنُهى ،ما يصل إلى عشرة أضعاف ما يتمتّع به جميع من في
ي،مملكته من سحرة وشيوخ روحانيين .وظ ّل النبي دانيال في البﻼط الملك ّ
) (٩
ي.كورش الفارس ّإلى زمن سقوط بابل في سطوة الملك َ
) (٨
الطعام والشراب محرمان ﻷنهما قدما إلى اﻷصنام واﻵلهة ّأوﻻً كقرابين وليسا مخصصين مباشرة لﻸكل
لذلك تنص التوراة على تحريمهما.
) (٩
ظ ّل النبي دانيال في القصر الملكي خﻼل حكم الملك نَبوخذ نَصر والملك الذي خلفه إلى السنوات اﻷولى
من حكم الملك كورش الذي ينحدر من بﻼد فارس.
منام الملك نَبوخﺬ نصﺮ
) (١
وفي السنة الثانية من ُحكم الملك نبوخذ نَصر وفي إحدى الليالي ،رأى هذا
أرقته وأبعدت عنه النوم .فاستدعى السحرة والشيوخ الملك منامات مزعجة ّ
الروحانيين ،وال َع ّرافين والمن ّجمين ،وعند حضورهم مجتمعين ،طلب منهم
سرين .وقال لهم" :رأيتُ مناما أزعجني ،فهل فيكم من أن يكونوا لمنامه مف ّ
يقدّم لي تفسيرا يقنعني؟" فأجابه ال ُمن ِ ّجمون باللغة اﻵراميّة" :عاش ال َملك أبد
سرون" .فأجابهم ال َملك" :إن لم اﻵبدين! يا موﻻنا ،أخبرنا بالمنام ونحن له مف ّ
تخبروني بمحتوى ما رأيت في المنام وتفسيره ،سآمر بتمزيقكم إربا إربا،
وأجعل بيوتكم مزابل ِخ َربا ،وإن أخبرتموني بالمنام وتفسيره ،وهبتكم عظيم
إن هذا هو قولي اﻷخير! فأخبروني بما الهدايا وأغرقتكم في الكرم والعطايا! ّ
سلوا إليه قائلين" :يا جﻼلة الملك
جاء في منامي وقدّموا لي التفسير" .فتو ّ
رأيت في المنام ،واسمع منا تفسير اﻷحﻼم" .فأجابهم في َ العظيم ،أخبرنا بما
صرامة ﻻ تلين" :إنّي على يقين ،أنّكم تحاولون كسب مزيد من الوقت لعلّكم
تنجون ،وأنّكم رأيتموني على قراري شديد التصميم! فإن لم تخبروني بما
ي متآمرون وإنّكم لخادعون كاذبون ،إذ حسبتم رأيتُ ،فعقابكم وخيم .فأنتم عل ّ
أني سأغيّر قراري بعد حين! هيّا أخبروني بما رأيتُ ﻷتأ ّكد أنّكم على تفسير
رؤياي قادرون" .وقال المن ّجمون محت ّجين" :يا موﻻناّ ،
إن هذا ﻷمر
مستحيل! ﻻ يوجد على وجه اﻷرض من يستطيع قراءة أفكار الملك المع ّ
ظم!
وما من ملك مهما كانت عظمته وسلطانه طلب هذا اﻷمر من ساحر أو شيخ
إن ما تطلبه يا موﻻي محال ،وما من أحد يمكنه أن ي أو من ّجم! ّ
روحان ّ
يخبرك بمضمون المنام إﻻّ اﻵلهة الّتي ﻻ تقيم مع اﻹنسان".
فامتﻸ قلب الملك غضبا وبغضاء ،وأمر بإعدام ك ّل حكماء بابل دون
ي دانيال ورفاقه باحثين ،ﻹعدامهم مع استثناء .فانطلق بعض الجنود عن النب ّ
بقية حكماء بابل الفاشلين .وعندما انطلق أريوخ قائد الحرس الملكي لتنفيذ
صر ،وسأله" :لماذا أصدر الملك هذا اﻷمر ،خاطبه النبي دانيال بحكمة وتب ّ
الحكم الشديد ،وكيف يعدم أصحاب الرأي الرشيد؟" فشرح أريوخ للنبي
) (١
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .18-1 :2
دانيال أمر منام الملك وكيف عجز الروحانيّون عن تفسيره .فانطلق النبي
دانيال ليرى الملك وطلَب منه مهلة حتى يخبره بك ّل ما رآه في المنام
وتفسيره ،فوافق الملك على ذلك.
ث ّم عاد النبي دانيال إلى الدار وأخبر رفاقه الثﻼثة بالموضوع وما فيه من
يتضرعوا إلى ربّ العالمين ليرحمهم برحمته ويكشف ّ أخطار ،وتر ّجاهم أن
سر هذا المنام فينجون ،ومع سائر حكماء بابل ﻻ يعدمون. لهم ّ
)( ٢
النبي دانيال يفسﺮ المنام
السر للنبي دانيال في رؤيا ،فسبّح بحمد ربّ العالمينّ وفي تلك الليلة انكشف
وقال" :تبارك ﷲ من اﻷزل وإلى أبد اﻵبدين ،إنّه ربّ الحكمة الجبّار المتين!
سبحان الّذي يسيّر مجرى الكون واﻷزمان ،ويُنزل الملوك عن عروشهم
ويرفع آخرين إلى علو المقام ،هو الّذي يمنح الحكمة للحكماء والفهم للفهماء!
سبحان الّذي يكشف اﻷسرار والمخفيّات ،إنّه العليم بما يكمن في الظلمات،
اﻷولين ،فلكوهو ذو النور الباهر ،والضياء القاهر .يا ﷲ ،إنّك معبود آبائي ّ
وهبت لي الحكمة وقدرة التبيين،َ الحمد وإنّي لك من المسبّحين ،ﻷنّك
فأوحيت لي بمضمون منام الملك العظيم!
َ واستجبت لطلبنا،
َ
واتّجه النبي دانيال إلى أريوخ قائد الحرس الذي ُكلّف بإعدام حكماء با ِبل،
وقال له" :إيّاك أن تنفّذ في حكماء بابل اﻹعدام! بل أدخلني ﻷمثل أمام الملك
عا إلى البﻼط الملكي وقال سر له ما رآه في المنام" .فأدخله أريوخ ُمسر ً وأف ّ
لسيّده وموﻻه" :يا موﻻي ،وجدتُ أحد اﻷسرى من بﻼد يَهوذا يريد أن يخبر
ظم عن رؤياه!" فالتفت الملك إلى النبي دانيال قائﻼً" :هل صحيح الملك المع ّ
ما تدّعيه؟ هل تستطيع أن تخبرني بمضمون ما رأيتُ في منامي وتقدّم لي ما
يعنيه؟" فأجابه النبي دانيال" :ﻻ يمكن لشيخ روحاني أو حكيم ،أو ساحر أو
ولكن ﷲ ربّ العالمين ،هو ّ السر لموﻻي العظيم!
ّ أحد المن ّجمين أن يبوح بهذا
السر الدفين ،وقد أظهر ﷲ العﻼّم لموﻻي نَبوخذ نَصر ما ّ الّذي يكشف
رأيت في منامك ،وبما أزعجك َ سيحدث في قادم اﻷيّام .ها أنا سأخبرك بما
رأيت يا موﻻي ،سيحدث في الزمن اﻵتي ،وﷲ يكشف َ في نومكّ :
إن ما
) (٢
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .49-19 :2
السر ﻷنّي أفوق الناس ّ لعبده اﻷسرار والغيبيات .وما كشف لي ﷲ تعالى هذا
حكمةً ونُهى ،بل لكي تعلم أيّها الملك تفسير منامك وك ّل ما دار في أفكارك
رأيت في منامك تمثاﻻً ضخ ًما عظيما ،ينتصب َ من رؤى .يا موﻻي ،لقد
أمامك بهيّا ،وكان منظره رهيبًا .رأسه من خالص الذهب ،ومن فضّة صدره
وذراعاه ،ومن نحاس بطنه وفخذاه ،ومن حديد ساقاه ،وقدماه خليط من
نظرت فيه ،انقطع حجر من أحد الجبال من دون أن َ الحديد والخزف ،ول ّما
طم التمثال ترى يدا تلقيه ،فضرب التمثال من أسفله فسحق قدميه .وتح ّ
وانهار ،وأصبح كومة من حديد وخزف ونحاس وفضّة وذهب ومع الريح
ت كلﱡها مثل تبن بيدر في الصيف في هباء ونثار .أ ّما الحجر طار ،إذ أصب َح ْ
اﻷرض كامل اﻻحتﻼل. َ فتحول إلى جبل ضخم واحت ّلّ سر التمثال، الّذي ك ّ
رأيت في منامك .واﻵن سأخبرك بمعناه .يا َ إن هذا مضمون ما "يا سيّديّ ،
ﻷن ربّ العالمين منحك ال ُملك جﻼلة الملك ،أنت أعظم الملوك والحاكمينّ ،
والعزة والقدرة والجﻼل ،وجعلك مل ًكا على اﻷرض بالكمال ،بما فيها من ّ
البشر والوحوش والطيور ،فأنت الرأس الّذي من ذهب .وبعد انتهاء
سلطانك ،يأتي سلطان آخر ،أق ّل شأنًا منك وأضعف ،وبعد سقوطه تقوم
مملكة ثالثة كأنّها النحاس فتتسلّط على أنحاء اﻷرض .وبعد تلك المملكة تأتي
مملكة رابعة تكون صلبة كالحديد ،وستسحق ك ّل الممالك الّتي سبقتها ،فكما
طم جميع تلك يسحق الحديد كل اﻷشياء ،كذلك تسحق هذه المملكة وتح ّ
أن القدمين واﻷصابع خليط من خزف وحديد ،ويعني ورأيت ّ
َ سابقة.
الممالك ال ّ
كقوة الحديد،
أن أمر المملكة غير متو ّحد سديد ،وستبقى رغم ذلك قويّة ّ ّ
وتكون بعض اﻷجزاء من المملكة صلبة كالحديد وبعضها اﻵخر هش ينكسر
أن ملوك تلك المملكة ضا إلى ّ بسهولة كالخزف .ويرمز هذا الخليط أي ً
سيسعون إلى تقويَة الدولة بتحالفات يقيمونها متصاهرين ،ولكنّهم واهمون،
فالحديد ﻻ يتّحد مع الخزف وإليه ﻻ يستكين .وفي أيّام تلك الممالك يقيم ربّ
العالمين مملكة ﻻ أحد يد ّمرها أو يهزمها ،بل ستسحق جميع تلك الممالك
وتقضي عليها ،بينما تثبُت هي إلى أبد اﻵبدين .وهذا ما يرمز إليه الحجر
الّذي انقطع من الجبل من دون أن تلمسه يد ،فسحق التمثال المصنوع من
إن ﷲ العظيم ينبّه جﻼلة الملك بما حديد ونحاس وخزف وفضّة وذهبّ .
سيحدث في المستقبل .وهذا هو منامك أيّها الجليل النبيه ،وهذا تفسيره
صحيح ﻻ ريب فيه".
وانحنى الملك نَبوخذ نَصر في الحال أمام النبي دانيال في احترام وتقدير،
ي
وأمر قومه أن يقدّموا له القرابين ويحرقوا له البخور .وقال الملك للنب ّ
"إن ربّكم ربّ اﻷرباب ﻻ محالة ،ويسود على جميع الملوك ويكشف دا نيالّ :
اﻷسرار ،ﻷنّه م ّكنك من أن تكشف الخبيء خلف اﻷستار".
ث ّم وهب النبي دانيال كثيرا من الهدايا ،ورفعه إلى منصب عا ٍل فوق البرايا،
سا على جميع حكماء الحاشية. إذ جعله واليًا على بابل العاصمة ،وأقامه رئي ً
َدرخ وميشَخ وعبد ناغو مناصب وطلب دانيال من الملك أن يولّي رفاقه ،ش َ
عالية وأن يجعلهم على إدارة شؤون با ِبل الحامية ،أ ّما دانيال النبي ،فظ ّل في
البﻼط الملكي.
)( ٣
الملك يأمﺮ بعبادة تمثال الﺬهب
وفي أحد اﻷيّام أمر الملك نَبوخذ نَصر رجاله أن يصنعوا تمثاﻻً من ذهب،
أذرع ،وأوصى أن يُنصب في سهل دورا عا وعرضه ستّة ُ طوله ستّون ذرا ً
في وﻻية بابل .ث ّم دعا باجتماع ك ّل المسؤولين ،من ُ
الوﻻة ووجهاء الدولة
والزعماء والمستشارين ،وأُمناء الخزينة والقضاة والضباط وغيرهم من
ظفين ،حتى يقيم أمام التمثال حفل التدشين .وعندما اجتمع ك ّلكبار المو ّ
سمع ُمنا ٍد ينادي بصوت عا ٍل" :أيّهاالمدعوين ،أمام التمثال في هيبة ووقارُ ،
ّ
الناس يا من تمثلّون ك ّل اﻷمم واللغات والشعوب ،اسمعوا ما صدر عن
موﻻنا الملك ال َمهيب ،من أمر وقرار :إذا سمعتم جميع أصوات المعازف من
ومزمار ،فاركعوا لتمثال الذﱠهب بوق وناي وقيثار ،وصوت رباب وعود ِ
الّذي أقامه موﻻنا الملك ساجدين .وك ّل َمن يرفض له السجود ،يُلقى به في
الحال وسط أتون ذي نار ووقود .وما أن سمع جميع ممثلي الشعوب
خروا لتمثال الذهب ساجدين.الحاضرين ،أصوات تلك المعازف حتّى ّ
) (٣
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .7-1 :3
) (٤
دسيسة ض ّد رفاق النبي دانيال
وأخذ بعض المن ّجمين أمر الملك ذريعة ،حتى يزرعوا بين أهل يهوذا
والملك الفرقة والوقيعة ،فأقبلوا على الملك مردّدين" :عاش الملك أبد
اﻵبدين! يا موﻻنا ،لقد صدر أمرك أن ك ّل َمن يسمع جميع أصوات المعازف
من بوق وناي وقيثار ،ورباب وعود ومزمار ،عليه أن يسجد لتمثال الذﱠهب،
فإن تولّى ألقي في نار ذات لهب .وقد أقام جﻼلتكم على وﻻية بابل من أهل
عبدَ ناغو ،لكنّهم رفضوا أمرك واستخفّوا به ،ولم َدرخ وميشَخ و َيهوذا ،ش َ
) (٥
يسجدوا لصنمك وﻻ اعترفوا به".
الملك غضب شديد ،على هؤﻻء النفر من أهل يهوذا ،وأمرهم أن َ فعﻼ
يمثلوا أمامه ،وأن يتلقّوا غضبه وكﻼمه .وعند وصولهم قال لهم" :كيف
تتجرؤون وعن عبادة آلهتي تنكصون ،كيف ترفضون السجود لتمثال الذهب ّ
الّذي نصبتُه وعليه تتكبّرون؟ ها أنّي أمنحكم فرصة أخيرة ،ستسمعون اﻵن
تخروا
صوت البوق والناي والقيثار والرباب والعود والمزمار ،وعليكم أن ّ
للتمثال ساجدين .وإن رفضتم ذلك ،تُلقون في لهيب اﻷتون ،وهل ِمن إله
ينقذكم من قبضتي في ذلك الحين؟"
صر ،إنّنا في غير حاجة إلى تبرير أو فأجابه الشبّان الثﻼثة" :يا نَبوخذ نَ ﱠ
تفسير .نحن أيّها الملك عباد ﷲ ،وهو ربّنا القدير ،ينقذنا من اللهب
المستطير ،ومن نفوذك الكبير .وحتّى إن لم ين ِجنا ،فإنّا لعبادة آلهتك
رافضون ،وعن تمثالك الّذي نصبته بعيدون!"
) (٦
الحكم بالموت على رفاق النبي دانيال
فاستشاط الملك غي ً
ظا وا ْكفَ َه ﱠر وجهه على رفاق النبي دانيال الثﻼثة غضبًا،
وأمر أن يُح ّمى اﻷتون سبعة أضعاف ما كان يُح ّمى لهبا ،وأمر بعض الجنود
اﻷشداء من جيشه أن يقيّدوا الرفاق الثﻼثة ويلقوهم في اﻷتون المتو ّهج
) (٤
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .18-8 :3
) (٥
ﻻ توجد إشارة إلى أن النبي دانيال كان موجودا في المدينة زمن هذه الحادثة .وهذه القصة مه ّمة ﻷنها
تؤكد أن ﷲ يحمي عباده الذين يتو ّكلون عليه.
) (٦
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .25-19 :3
باللهيب .فقيّدوهم تاركين ما عليهم من ثياب وألقوهم وسط السعير الرهيب.
ولقد كان الملك في أمره شديدا ،بأن يُ َح ﱠمى اﻷتون ويُضرم أشدّ اﻹضرام،
ي دانيال ،حينما اقتربوا من ذلك اللهيب! فمات الجنود الذين ألقوا رفاق النب ّ
بينما سقط الرفاق الثﱠﻼثة وسط النار مقيّدين.
شا وقال لرجال حاشيته مستفسرا" :ألم نلق بثﻼثة وفجأة ً اندفع الملك منده ً
رجال وسط النار مقيّدين؟" فأجابوه" :أجل ،يا موﻻنا" .فقال" :فكيف أرى
شون ،ولم يلحقهم أذى ،ورابعهم كأنّه إله أربعة رجال بﻼ قيد وسط النار يتم ّ
عظيم؟"
)( ٧
إطﻼق رفاق النبي دانيال
َدرخ وميشَخ وعبد ناغو ،يا واقترب الملك من باب اﻷتون ونادى" :يا ش َ
الوﻻة ووجهاء عباد ﷲ تعالى ،اُخرجوا من النار وتعالوا!" فخرجوا وأحاط ُ
الدولة والزعماء والمستشارون ،بهؤﻻء الرفاق النّاجين ،فوجدوا ّ
أن النار لم
ي ضرر ،ولم تحترق منهم شعرة ولم يمسس ثوبهم شرر ،بل ﻻ توجد تأتِهم بأ ّ
َدرخ وميشَخ وعبد ناغو عليهم حتّى رائحة النار .فقال الملك" :تبارك ربّ ش َ
الّذي أرسل مﻼكه وأنقذ عباده الذين عليه يتو ّكلون ،فقد خالفوا أمر الملك،
واختاروا الموت في النار على أن يكونوا لغير ربّهم ساجدين .أنا الملك،
ي ،لك ّل النّاس في مملكتي من ك ّل الشعوب واﻷمم واللغات: وإليكم أمري العل ّ
يتحول بيته
مزق إربًا إربًا و ّ َدرخ وميشَخ وعبد ناغو يُ ّ
ك ّل َمن استهان بربّ ش َ
إلى مرمى للنّفايات .فﻼ إله غيره قادر على نجاة الناس بهذه الطريقة
العجيبة!"
َدرخ وميشَخ وعبد ناغو إلى مناصب أعلى في وﻻية بابل. ث ّم رفع الملك ش َ
) (٨
الملك نَبوخﺬ نصﺮ يﺮى رؤيا ّ
مﺮة ثانية
غا إلى الناس في ك ّل أرجاء اﻷرض من وأرسل الملك نَبوخذ نَصر بﻼ ً
مختلف الشعوب واﻷمم واللغات:
) (٧
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .30-26 :3
) (٨
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .18-1 :4
س ﱡرني أن أُعلن الخوارق والمعجزات ،تلك الّتي أجراها من "دُمتم سالمين .ي ُ
أجلي ﷲ تعالى صاحب اﻵيات.
سلطانه يبقى على فما أعظم معجزاته وما أقوى آياته! ُملكه يدوم إلى اﻷبد و ُ
مدى اﻷجيال وال ُمدد.
أنا الملك نَبوخذ نَصر ،كنتُ في قصري مقيما مرتا ًحا مطمئنًا سليما .حتّى
أمرا بإحضار أفزعتني في إحدى الليالي رؤيا رأيتها في فراشي .فأصدرتُ ً
سروا ما أفزعني في أحﻼمي .وعند وصول السحرة حكماء بابل أمامي ،ليف ّ
والمن ّجمين ،والشيوخ الروحانيّين ،أخبرت ُهم بمنامي ،فعجزوا عن تفسيره
صر تي ّمنًاطشا ﱠ وشرحه وتعبيره .وجاءني في النهاية دانيال الّذي س ّميته َبل َ
باسم إلهي ،وكانت فيه روح اﻵلهة ذات القُدسيّة ،فأخبرتُه بما رأيتُ في المنام
أن روح صر إنّك رئيس المستشارين الحكماء ،وأنا أعلم ّ طشا ﱠ وقلتُ " :يا بَل َ
سر يبقى عندك في الخفاء .فأخبرني ما اﻵلهة ذات القدسيّة قد حلّت فيك ،فﻼ ّ
هو تفسير رؤياي .فبينما أنا نائم في فراشي ،إذ بشجرة شامخة مرتفعة وسط
اﻷرض أبيّة .نَ َمت أكثر فأكثر حتّى صارت كبيرة قويّة ،وبلغ ارتفاعها إلى
السماء ليراها في أقاصي اﻷرض الناظرون .فأوراقها جميلة بهيّة ،وثمارها
وفيرة يأكل منها الناس أجمعون ،وتحتها تستظ ّل الحيوانات الوحشيّة ،وبين
شا ،ومنها تقتات ك ّل المخلوقات طعاما. أغصانها تتّخذ طيور السماء أعشا ً
طاهرا وهتف بصوت ً "وأثناء منامي ،رأيتُ مﻼ ًكا ينزل من السماء رقيبا
صوا أغصانها! وانثروا أوراقها وبدِّدوا مدويا ظاهرا :اِقطعوا الشجرة وقُ ّ كان ّ
ثمارها ولتهجر الوحوش ظﻼلها ولتترك الطيور أغصانها! ولكن اُتركوا
الجذع والجذور ،وقيّدوا الجذع وسط عشب الحقول بالنحاس والحديد ،ودعوه
وليتحول عقله منﱠ يتبلّل بندى السماء ،ويرعى مع الوحوش والحيوانات،
غت المﻼئكة الرقباء اﻷطهار هذا إنسان إلى وحش مدّة سبع سنوات (٩).وبلّ ْ
أن ﷲ تعالى هو المهيمن على البشر وممالكهم المنام ،حتّى يعلم الجميع ّ
جمعاء ،وهو الّذي يقيم عليها َمن يشاء ،حتّى أدنى الناس البسطاء".
) (٩
اعتقد القدامى ّ
أن الرقم سبعة يحمل رمزية الكمال أو الشمولية أو اﻹتمام ،ويعني هذا الرقم هنا العقاب
التا ّم.
سر لي
صر .فف ّ إن هذا منامي الّذي رأيتُه يا َبل َ
طشا ﱠ أنا الملك نَبوخذ نَصرّ ،
ﻷن روحرؤياي فقد عجز عنه الحكماء .وأنت ﻻ ريب قادر على تفسيره ّ
اﻵلهة المقدّسة قد حلّت فيك".
)( ١
النبي دانيال يفسﺮ المنام
سﻼم( فترة ،وانزعج م ّما جاء في المنام ،فبقي وذهل النبي دانيال )عليه ال ّ
صر ،ﻻ يه ّمك مضمون المنام ،وﻻ صامتا برهة حتى قال له الملك" :يا بَل َ
طشا ﱠ
ما فيه من غ ّم" .فأجابه النبي دانيال" :يا سيّدي ،ليت أحداث هذا المنام تتحقّق
رأيت شجرة تنمو وتقوى ،وبلغَ في مبغضيك ،وتصيب أعاديك! أنت
ارتفاعها إلى السماء ،حتّى رآها ك ّل الناس في أصقاع الدنيا ،وكانت أوراقها
بهيّة ،وثمارها وفيرة شهيّة ،تأكل منها ك ّل المخلوقات ،وتستظ ّل تحتها
الوحوش ،وتتّخذ الطيور بين أغصانها أوكارا وأعشاشا .هذه الشجرة يا
أصبحت عظيما قويا ،وازدادت عظمة ملكك وبلغت إلى َ سيّدي هي أنت .فقد
ورأيت أثناء منامك يا موﻻي ،مﻼ ًكاَ السماء وامتدّ سلطانك إلى ك ّل اﻷرض.
طاهرا ويقول :اِقطعوا هذه الشجرة واقضوا عليها، ً ينزل من السماء رقيبا
ولكن اتركوا في اﻷرض الجذع والجذور ،وقيّدوا جذعها وسط عشب
الحقول بالنحاس والحديد ،ودعوه يتبلّل بندى السماء ،ليرعى مع الوحوش
والحيوانات ،إلى أن تمضي عليه سبع سنوات .وها أنا أخبرك يا موﻻي
إن ﷲ تعالى قد حكم عليك بهذا القضاء .ستُطرد من الملك بتفسير هذا المنامّ :
بين الناس لتقيم مع حيوانات البيداء ،وسترعى العشب كالبهائم وتتبلّل من
بأن ﷲ تعالى يهيمن ندى السماء ،وتمضي عليك سبع سنوات إلى أن تعترف ّ
على ممالك البشر ويقيم عليها من يشاء .أ ّما بقاء جذع الشجرة وجذورها على
بأن ال ُملك وحده ربّ الثرى ،فيعني أنّك ستردّ إلى مملكتك حينما تعترف ّ
اﻷرض والسماء .أيّها الملك الجليل ،اقبل نصحي ومشورتي ،واترك آثامك
وخطاياك واستقم في أفعالك وارحم المساكين ،ل ّعل هناءك يدوم".
) (١
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .27-19 :4
) (٢
إذﻻل الملك نَبوخﺬ نصﺮ
التواب ،فتحقّق ك ّل ما تنبأ به
ولكن الملك نَبوخذ نَصر لم يتُب إلى الكريم ّ
ّ
شرفةشى في ُ النبي دانيال من عقاب .وبعد مرور حول كامل ،كان الملك يتم ّ
شك وﻻقصره في بابل ،فأجال بنظره في المدينة بإعجاب ،وقال بغير ّ
ارتياب" :ما أعظم مدينة بابل! إنّي بنيتُها باقتداري المتين ،هي عاصمة
لمملكتي تُظهر جﻼلي وبهائي العظيم!") (٣وفيما كان كﻼم الملك على لسانه،
اصغ إلى هذا اﻷمر :قد ِ َصر،
هاتف من السماء" :أيّها الملك نَبوخذ ن ُ
ٌ خاطبه
زال عنك ملكك ،فأنت اﻵن ذليل طريد ،اخرج من بين الناس وأقم مع
الوحوش وارع العشب كما ترعي الثيران ،كذلك تحيا سبع سنوات حتى
أن ﷲ تعالى هو صاحب الملك والسلطان ،يهيمن على ممالك البشر تعترف ّ
طرد الملك من ويقيم عليها َمن يشاء" .وفي تلك الساعة ح ّل عليه القضاء ،ف ُ
العيش مع اﻹنسان ،وطعم العشب كالثيران ،وتبلﱠل جسمه من ندى السماء،
حتّى طال شعره وأصبح كريش النسور ،ونمت أَظفاره وصارت كمخالب
الطيور.
) (٤
نبوخﺬ نصﺮ يسبّﺢ ﷲ
وبعد قضائه تلك السنين ،قال ملك بابل العظيم" :أنا نَبوخذ نَصر رفعتُ
بصري إلى السماء فعدتُ إلى صوابي ،وسبّحتُ بحمد ﷲ المتعالي ،ورفعتُ
ي الذي ﻻ يموت وم ّجدتُه ك ّل التمجيد ،فسلطانه ﻻ يحدّ و ُملكه يدومذكر الح ّ
على مدى اﻷجيال والزمن المديد ،وجميع س ّكان اﻷرض أمام عظمته ﻻ
يُقدّرون ،يفعل كما يشاء بمﻼئكة السماء ومن هم في اﻷرض يسكنون ،فﻼ
أحد يقدر أن يحت ّج ع ّما فعله وأن يردّ ما شاءه ﷲ الرشيد.
ي مملكتي وجﻼلي وبهائي. وعندما عدتُ إلى رشدي وصوابي ،أعاد ﷲ عل ّ
وعاد جميع الوزراء والنبﻼء واستأنفوا خدمتي من جديد ،واعتليتُ عرش
) (٢
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .33-28 :4
) (٣
قارن سورة فُ ّ
صلت.15 :
) (٤
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .37-34 :4
مرة ً أخرى ،وازدادت عظمتي .وها أنا اﻵن ،أنا نَبوخذ نَصر ،أكبّر المملكة ّ
حق وعد ٌل ،وهو القاهر فوق وأسبّح وأم ّجد ﷲ ملك العالمين! فك ّل ما يفعله ﱞ
) (٥
ك ّل المتكبّرين".
) (٦
وليمة الملك بلشاصﺮ
ي العهد صر ول ّوبعد مرور سنوات من ُحكم الملك نَبوخذ نَصر ،أصبح َبلشا ﱠ
يتولّى أمور المملكة (٧).وأقام في يوم وليمةً فاخرة ﻷلف من النبﻼء وشرب
خمرا معهم حتى اﻻنتشاء.ً
وعندما سلبت الخمر منه لبّه ونُهاه ،أمر بإحضار آنية الذهب والفضّة الّتي
خمرا مع النبﻼءً سلبها سلفه الملك نَبوخذ نَصر من بيت ﷲ ،ليشرب فيها
صصة لعبادة ﷲ ،فشرب فيها وزوجاته وجواريه .وأحضروا له اﻵنية المخ ّ
ك ّل الحاضرين ،وبينما كانوا يشربون الخمر ،كانوا يسبّحون أصنامهم الّتي
اتّخذوها من ذهب وفضّة ونحاس وحديد وخشب وحجر.
وفي تلك اللحظة من الزمان ،ظهرت أمامهم يد إنسان ،وكتبت بجوار
اصفر وجهه واستولى عليه ّ المصباح على الجدار ،وعندما رآها الملك،
خوف شديد ،وارتعدت فرائصه وخارت قواه وأمر بإحضار المن ّجمين،
والسحرة والشيوخ الروحانيين وك ّل الّذين هم في العلم بالغيب ضالعون.
وعند وصولهم خاطبهم الملك قائﻼًَ " :من يقدر منكم أن يقرأَ ما ُكتب على
الجدار ،ويكشف لي ما فيه من معاني وأسرار ،أمنحه امتياز ارتداء
اﻷُرجوان وطوقًا من الذهب ،وأرفعه إلى المرتبة الثالثة في مراتب أهل
ولكن الحكماء كانوا عن القراءة عاجزين ،وعن فهمها وتفسيرها ّ المملكة!"
وأصفر وجهه من جديد ،واضطرب ّ صرمردودين .فاشتدّ قلق الملك بَلشا ﱠ
النبﻼء والحكماء.
) (٥
انظر سورة آل عمران.26 :
) (٦
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .12-1 :5
) (٧
في تلك الفترة كان الملك نابونيدوس حاكما على مملكة بابل ،وذات يوم توجّه إلى الجنوب حتى يقود
صر على كرسي العرش يدير شؤون المملكة إلى حين حروبا يستولي فيها على تجارة البخور ،وترك ابنه بلشا ّ
عودته.
علمت الملكة اﻷ ّم بكل ما جرى ،اتّجهت إلى قاعة الوليمة حيثْ وعندما
الملك ومن معه من الحاشية والوزراء وقالت" :عاش الملك إلى اﻷبد! ﻻ
يصفر وجهك أيّها الملك العظيم .في مملكتك رج ٌل حلّت فيه روح ّ تنزعج وﻻ
اﻵلهة ذات القُدسيّة .فقد تميّز هذا الرجل ،في أيّام ُحكم سلفك نَبوخذ نَصر،
صر ،ﻻ نجدها إﻻّ عند اﻵلهة ،وقد جعله سلفُك نَبوخذ نَصر بفهم وحكمة وتب ّ
سا للمن ّجمين ،وللسحرة والشيوخ الروحانيين ،إنّه دانيال الحكيم ،الّذيرئي ً
صر ،إنّه ذو قدرات خارقة في فهم اﻷحﻼم أطلق عليه سلفك الملك اسم بَل َ
طشا ﱠ
وفك اﻷلغاز وح ّل اﻷحاجي وتفسيرها .فاستد ِعه حاﻻً حتى يخبرك بتفسير ّ
المكتوب وكشف الغيب المحجوب".
)( ٨
سﺮ الكتابة
النبي دانيال يف ّ
وحضر أمام الملك النبي دانيال ،وسأله الملك وقال" :هل أنت دانيال الّذي
أن روح اﻵلهة أحضرك سلفي الملك من بﻼد َيهوذا مع اﻷسرى؟ لقد بلغني ّ
ذات القُدسيّة قد حلّت فيك ،وأنّه ﻻ يوجد من في الفهم والحكمة يضاهيك .وقد
حاول اﻵن الحكماء ومن في بﻼطي من العلماء ،ومن الشيوخ الروحانيين أن
ي قرؤوا هذه الكتابة ويُطلعوني على تفسيرها ،فارتدّوا عن ذلك وكانوا
صر في تفسير أمور الغيب وح ّل العُقَد ّ
وفك عاجزين .وبلغني أنّك متب ّ
كنت قادرا على قراءة هذا المكتوب على الجدار، الحجب ،فدعني أرى إن َ
وتعلمني بما فيه من أخبار ،وعندها سأمنحك امتياز ارتداء اﻷرجوان وطوقًا
من ذهب ،وأجعلك في المرتبة الثالثة في المملكة".
فأجابه النبي دانيال" :ﻻ أريد العطايا وﻻ الهدايا ،اتركها لنفسك ،أو امنحها
لغيري وسأقرأ لك الكتابة وأخبرك بتفسيرها :أيّها الملك ،لقد منح ﷲ تعالى
سلفك الملك نَبوخذ نَصر هذه المملكة بك ّل ما فيها من عظمة وبهاء وجﻼل.
وجعله عظي ًما حتى هابه الناس وارتعدوا أمامه من ك ّل اﻷمم والشعوب
واللغات ،إذ كان يقتل َمن يشاء ويستبقي حيا َمن يشاء ،ويُكرم َمن يشاء ويذ ّل
َمن يشاء .ولكنّه تكبّر وتجبّر وأصبح قاهرا مستبدا ،فأنزله ﷲ عن ُملكه
ونزع عنه جﻼله وبهاه ،وطرده من بين الناس ونزع عنه نُهاه ،وتساوى في
) (٨
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .31-13 :5
ذلك مع الحيوان ،وعاش مع الحمير الوحشيّة ،وأكل العشب مع الثيران،
أن ﷲ تعالى يهيمن على ممالك وتبلﱠل جسمه من ندى السماء ،حتى اعترف ّ
صر ،فرغم علمك بك ّل ما البشر ويقيم عليها َمن يشاء .وأنت خلفه يا بَلشا ﱠ
وأمرت
َ دت على ربّ العالمين، جرى ،إﻻ أنّك لم تتواضع ّ تعالى ،بل ّ
تمر َ
وشربت فيها الخمر ،مع نبﻼئك وزوجاتك َ بإحضار آنية بيته المقدّس
ﱠحت أصنام الفضّة والذهب والنحاس والحديد والخشب وجواريك ،وسب َ
والحجر ،مع أنّها ﻻ تملك قدرة إدراك وﻻ سمع وﻻ بصر .أ ّما أنت فما
أكرمت ﷲ الّذي يملك روح حياتك وهو بمصيرك عليم! ولذلك أرسل ﷲ
عليكم تلك اليد لتكتب هذه الرسالة .وكلماتها الثﻼثة هي :معدود ،موزون
أن ﷲ قد عدّ أيّام ُحكمك وأنهاها بعد الحسبان. وقسمان) (٩وتعني كلمة معدود ّ
أن ﷲ وضعك في الميزان فوجد أعمالك إلى وتعني كلمة موزون ّ
أن ﷲ قسم مملكتك قسمين ووهب قسما النقصان (١).وتعني كلمة قسمان ّ
لمملكة ماداي وقسما لمملكة الفُرس.
صر أن يُل ِبسوا النبي دانيال اﻷُرجوان ويُق ِلّدوه طوقوفي الحال أمر بَلشا ﱠ
ذهب ،وينادوا به الحاكم الثالث في المملكة .ولكنّه لقي مصرعه في تلك الليلة
على أيدي جيش المادايين .واستولى داريوس من مملكة ماداي على مملكة
)(٢
بابل وقد بلغ من عمره الثانية والستّين.
) (٣
النبي دانيال في جب اﻷسود
سم بﻼد بابل إلى مئة
قرر الملك داريوس ،بعد اعتﻼء عرش المملكة ،أن يق ّ ّ
وعشرين وﻻية ،وأقام على ك ّل منها واليًا يديرها ،واختار إلى جانب الوﻻة
) (٩
في اللغة اﻵرامية اﻷصلية لكتاب النبي دانيال ،كان ما ُكتبَ " :منَا ،تقيل وفَ ْرسين".
) (١
انظر سورة اﻷنبياء.47 :
) (٢
تشير الجداول القديمة التي سجلت أسماء ملوك اليونان والفرس القدامى وزمن حكمهم إلى وجود
امبراطور يُدعى داريوس ،ولكنّه حكم بعد زمن الملك كورش .ويبدو أن داريوس المذكور في كتاب النبي
دانيال هو من مملكة ماداي وقد ّ
وﻻه الملك كورش مدينة بابل بعد أن انتصر فيها ،وحدث هذا في السنوات
اﻷولى للحكم الفارسي.
) (٣
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .28-1 :6
سﻼم( واثنين آخرين ليكونوا جمي ًعا وزراء على الوﻻة دانيال )عليه ال ّ
يشرفون ولمصالح الملك راعون .وسرعان ما أثبت النبي دانيال بقدراته
تفوقه على كل الوﻻة والوزراء ،فعزم الملك أن يجعل له سلطانا على الفائقة ّ
يصدون أ ّ شؤون المملكة جمعاء ،فثارت غيرة الوزراء والوﻻة ،وأخذوا يتر ّ
هفوة تصدر عن دانيال في إدارة المملكة ،ولكنّهم لم يعثروا على أي دليل
ﻷن النبي دانيال كان صادقًا أمينًا على البﻼد .وقال على اﻹهمال أو الفسادّ ،
أخيرا هؤﻻء الرجال" :ﻻ يمكن إدانته إﻻﱠ إذا كان اﻷمر يتعلّق بفرائض ً
الشريعة في ديانة دانيال".
فاتّجه إلى الملك هؤﻻء المتآمرون وقالوا له" :عاش الملك داريوس! نحن
الوزراء والوﻻة والضباط والمستشارون والمسؤولون ،رأينا أن يصدر الملك
العظيم ،مرسو ًما يُنفﱠذ بحزم ﻻ يلين ،وفيه يمنع منعًا باتًا مدّة ثﻼثين يو ًما
إنسان أو إل ٍه معبود ،إﻻّ إليك أنت أيّها الملك
ٍ توجيه الصﻼة والدعاء نحو أي
المحمود ،و َمن يخالف هذا المرسوم يُلقى في جبّ اﻷسود! واﻵن يا موﻻنا،
نرجو منك أن تصدر هذا المرسوم ال ُممضى ،فيصبح ﻷهل ماداي والفُرس
من القوانين الّتي ﻻ تتغيّر وﻻ تُلغى" .واستحسن الملك داريوس اقتراحهم
وأصدر المرسوم حاﻻً.
وعلم النبي دانيال باﻷمر ،وبتوقيع المرسوم ،ولكنّه لم يتردّد في الذهاب إلى
بيته ،ودخل في ِعلّيّته حيث النوافذ تُفتح نحو القدس الشريف ،فركع وصلّى
مرات وحمد ربّه الكريم. على عادته .وفي يوم واحد أقام الصﻼة ثﻼث ّ
فاجتمع أولئك المتآمرون ،واتّجهوا إلى دار النبي دانيال ،فوجدوه يصلّي
لرحيم .فأسرعوا إلى البﻼط وذ ّكروا الملك بالمرسوم الّذي ويستغيث ربّه ا ّ
أصدرت في النّاس مرسو ًما ﻻ يلين ،فيه ّ
أن َ أصدره قائلين" :يا موﻻنا ،أما
إنسان مدّة ثﻼثين يو ًما ،يُلقى في جبّ اﻷسود؟" ٍ من صلّى لغيرك من إل ٍه أو
فأجاب الملك" :أجل ،إنّه لمرسوم مبين ،وإنّه من قوانين أهل ماداي والفرس
التي ﻻ تتغيّر وﻻ تُلغى" .فقالوا" :فما بال دانيال ،أحد اﻷسرى من بﻼد َيهوذا
ﻻ يكترث بجﻼلتك وﻻ بالمرسوم الّذي أصدرتموه ،بل يصلّي ربّه في
مرات ويدعوه". اليوم ثﻼث ّ
كثيرا عند سماع هذا الخبر ،وعزم أن يجد طريقة ينقذ بها وانزعج الملك ً
النبي دانيال ،فبذل ك ّل جهده قبل الغروب (٤).أ ّما خصوم النبي دانيال فعادوا
أن قوانين إلى الملك مسرعين ،وبإلحاح قائلين" :أيّها الملك الجليل ،أنت تعلم ّ
أن ك ّل مرسوم يوقّع عليه الملك ﻻ تغيير فيه تنص على ّ ّ أهل ماداي والفرس
وﻻ تبديل!"
وأمر الملك في النهاية باعتقال النبي دانيال وإلقائه في جبّ اﻷسود .وقال
"إن ربّك الّذي تعبده بك ّل إخﻼص مدى حياتك ،وحده قادر الملك لدانيالّ :
حجرا ،وسدّوا به مدخل الجبّ ،وختمه ً على نجاتك!" وأحضر رجال الملك
الملك بخاتمه وخاتم نبﻼئه حتّى ﻻ يجرؤ أحد على إنقاذ النبي دانيال .ث ّم عاد
قصره وقضى الليلة دون طعام ،ورفض ك ّل أنواع التسلية ولم ِ الملك إلى
يستطع أن ينام.
وهرع الملك عند طلوع الفجر الجديد ،إلى جبّ اﻷسود ،ونادى عند وصوله
ي القيّوم ،هل سؤال" :يا دانيال يا عبد ﷲ الح ّالنبي دانيال وألقى عليه بتل ّهف ال ّ
استطاع ربّك الّذي تعبده بك ّل وفاء أن ينجيك من أنياب اﻷسود؟" فردّ دانيال
سؤال" :عاش الملك إلى اﻷبد! إن ربّي ببراءتي عليم ،فأرسل لسدّ على ال ّ
) (٥
بحق الملك العظيم".أفواه اﻷسود مﻼكه اﻷمين ،فلم تؤذِني ﻷنّي لم أخطئ ّ
سوداء ،فلم يجدوا الهوة ال ّ
فامتﻸ الملك سرورا ،وأمر بإخراج النبي دانيال من ّ
ي أذى ،ﻷنّه تو ّكل على ربّه تعالى .وأمر الملك بإحضار الرجال على جسده أ ّ
الّذين كانوا على دانيال يتآمرون ،ورموا بهم وزوجاتهم وأبنائهم في جبّ
اﻷسود ،وما إن وصلوا إلى قاع الجبّ حتّى بطشت بهم اﻷسود ،وافترستهم
ق عظ ًما من عظامهم في الوجود. ولم تب ِ
وأرسل الملك داريوس ﻻحقًا رسالة تُتلى على الناس من مختلف الشعوب
أمرا للناس في أنحاء واﻷمم واللغات ،يقول فيها" :دمتم سالمين .لقد أصدرتُ ً
ي الّذي ﻻ يموت، مملكتي بأن يهابوا ربّ دانيال خاشعين ،ﻷنّه تعالى هو الح ّ
) (٤
يبدو جليا أن انزعاج الملك لم يكن بسبب عصيان النبي دانيال ﻷوامره بل بسبب بوادر إيمانه باﻹله الذي
يعبده النبي دانيال ،وهذا ما جعل الملك يبحث عن طريقة ينقذه بها .وبقية الكلمات تكشف بوضوح بوادر إيمان
الملك با رب العالمين.
) (٥
ذكر ابن كثير هذا الحدث مبنيا على رواية ابن أبي الدنيا إذ قال" :قال ضرا بختنصر أسدين فألقاهما في
جب ،وجاء بدانيال فألقاه عليهما فلم يهيجاه ،فمكث ما شاء ﷲ".
و ُملكه ﻻ ينهزم أبدًا وسلطانه يدوم إلى أبد اﻵبدين .إنّه ينقذ عباده وينصرهم،
ويجري معجزات وخوارق في السماوات واﻷرض ،وهو الّذي أنقذ دانيال
من سطوة اﻷسود".
كورشوظ ّل النبي دانيال متألقا طيلة ُحكم الملك داريوس و ُحكم الملك َ
ي ،وكان من المفلحين. الفارس ّ
)( ٦
رؤيا النبي دانيال اﻷولى :الحيوانات اﻷربعة
صر رؤى تأتيه ولقد كان للنبي دانيال في السنة اﻷولى من ُحكم الملك بَلشا ﱠ
في منامه ،ث ّم س ّجل محتواها بعد ذلك بك ّل تفصيل:
"رأيتُ في تلك الليلة الليﻼء ريا ًحا ،تهبّ من اﻻتجاهات اﻷربعة وتجتاح
ت ضخمة الواحد تلو البحر الواسع اجتياحا ،وطلعت من البحر أربعة حيوانا ٍ
اﻵخر ،ويختلف ك ّل واحد عن اﻵخرّ .أولها كاﻷسد له جناحان كأجنحة
العقبان ،وسرعان ما اقت ُ ِل َع منه الجناحان ،بينما أنا أتأ ّمل اﻷمر ،ث ّم ارتفع عن
اﻷرض ووقف على ِرجلَيه مثل إنسان ،وحصل على عقل البشر .ث ّم رأيتُ
حيوانًا آخر كالدبّ جنباه أحدهما أعلى من اﻵخر ،وكان بين أنيابه ثﻼثة
أضلع هي له طعام ،وسمعتُ صوتًا يأتيه بأمر" :هيّا ُك ْل مزيدًا من لحم
البش ر!" وثالث هذه الحيوانات كالفهد ،نبتت على ظهره أربعة أجنحة كأجنحة
طيور .وكان له أربعة رؤوس ،ث ّم استلم سلطانًا عظي ًما .أ ّما رابع هذه ال ّ
الحيوانات فكان صلبًا فظيعًا مريعًا .وكان يفترس ضحاياه ويسحقهم بأنيابه
الحديدية الضخمة سحقًا شنيعا ،ث ّم يدوس رفاتهم برجلَيه دوسا فظيعا.
ويختلف هذا الحيوان عن سائر الحيوانات الّتي قبله وكان لديه عشرة قرون.
وبينما كنتُ شاخصا إلى هذه القرون ،إذا بقرن آخر صغير يطلع بينها،
فيزحزح ثﻼثة من القرون اﻷولى منها ويحت ّل مكانها في الحين ،وكان لهذا
القرن عيون كعيون البشر وفم ينطق بغطرسة وتكبّر .وبينما كنتُ أنظر إلى
صبت عروش ،واستوى صاحب اﻷزل المهيب، هذا المشهد العجيب ،نُ ِ
وتحلّى ب ُحلة ناصعة البياض كالثّلج ،وكان شعر رأسه نقيا كالصوف،
وعرشه يتو ّهج كاللهيب ،وتنبعث منه نار متو ّهجة ،وكان مﻼيين المﻼئكة
) (٦
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .14-1 :7
حافّين بعرشه يخدمونه ،ويقف بين يديه مئات المﻼيين من البشر ينتظرونه.
وانعقدت جلسة القضاء في حضرة العزيز الجبّار ،وفُتِحت الكتب واﻷسفار.
ورمي في النار المتّقدة ،واحترق بسبب ما نطق به وقُتل الحيوان الرابع ُ
سلطان، قرنه من تكبّر وغطرسة .أ ّما بقية الحيوانات فانتُزع منها ال ُملك وال ّ
الزمان.سمح لها أن تبقى على قيد الحياة إلى أجل مس ّمى من ّ و ُ
ظلَ ٍل ِمن الغَمام .وأقبلورأيتُ في الليلة نفسها ،ما يُشبه اﻹنسان ،قاد ًما في ُ
وقربوه .فمنحه سلطانًا وجﻼﻻً ّ
وقوة ً على صاحب اﻷزل فأدنوه من حضرته ّ
ملكيّة حتّى يخدمه الناس من ك ّل الشعوب واﻷمم واللغات .سلطانه ﻻ يحدّه
) (٧
حدّ ،ويدوم ملكه إلى اﻷبد ،ومملكتُه ﻻ تُد ّمر و ُحكمه ﻻ يقهر.
) (٨
تفسيﺮ الﺮؤى
كثيرا وأفزعتني هذه الرؤى ،فأقبلتُ على ً "أ ّما أنا دانيال ،فقد اضطربتُ
إن هذهأحد الحاضرين ،وسألتُه عن معنى ما جرى ،فشرح لي قائﻼًّ :
الحيوانات اﻷربعة الضخمة ترمز إلى أربعة ممالك ستحكم في اﻷرض في
ولكن عباد ﷲ الصالحين سيفوزون بالمملكة الموعودة في ّ قادم اﻷزمان،
نهاية المطاف وسيدوم ُحكمهم إلى أبد اﻷبدين".
طﻼع على حقيقة الحيوان الرابع ومعناه ،فقد كان يرمز إلى ورغبتُ في اﻻ ّ
كثيرا عن بقية الحيوانات التي رأيتُها وكان مفزعا جدّا ،فقد مملكة تختلف ً
افترس هذا الحيوان ضحاياه ،بأسنان من حديد وأظفار من نحاس ث ّم داس
بأقدامه جثثهم .وأردتُ أن أعرف أكثر عن القرون العشرة الّتي نبتت في
صةً عن القرن الصغير الّذي ظهر ونزع القرون رأس هذا الحيوان ،وخا ّ
أن هذا القرن كان أه ّم القرون ،إذ كان يحمل عيونًا بشريّة وف ًما الثﻼثة ،ويبدو ّ
ينطق بتكبّر مبين ،ورأيتُ هذا القرن يحارب عباد ﷲ المنذورين ويردّهم
) (٧
اختار السيد المسيح أن يشير إلى نفسه بلقب "ابن اﻹنسان" )هنا "ما يُشبه إنسان"( يعني سيد البشر ،لكي
يد ّل على شمولية رسالته وسلطانه .وعندما سأله كبير اﻷحبار في المحكمة أمام المجلس اﻷعلى لليهود إذا كان
مين ﷲِ
عن َي ِسا َ
سيِّدَ البَش َِر جال ً
وف ت ََرونَ َ
س َحقّا هو المسيح المنتظر ،فردّ باﻹيجاب قائﻼ)) :أ َجل ،أنا هو ،و َ
ﱠماء(( ]اﻹنجيل ،مرقس .[62 :14 ست ََرونَهُ قا ِد ًما في ظُلَ ٍل ِمنَ الغ ِ
َمام ِمنَ الس ِ القَ ِ
دير ،و َ
) (٨
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .28-15 :7
مهزومين ،حتّى جاء صاحب اﻷزل الحي القيّوم بإنصافه وعدله لعباد ﷲ
المصطفين ،فقد آن اﻷوان أن يفوزوا بمملكة ﷲ اﻷبدية الموعودة للصالحين.
الحيوان الرابع رمز المملكة الرابعة الّتي
ُ وجاءني هذا التفسير أيضا" :هذا
ستهيمن على اﻷرض ،وهي تختلف عن سائر الممالكّ ،
إن فيها جبّارين،
سيلتهمون الدنيا بأكملها وسيدوسون ك ّل ما يعترض طريقهم ساحقين .وترمز
القرون العشرة إلى عشرة ملوك يهيمنون على تلك المملكة ويحكمون.
وسيأتي بعدهم ملك آخر يختلف عن الّذين سبقوه ،وسيطيح بثﻼثة منهم ولن
وسيستخف با تعالى ويضطهد عباده الصالحين ،وسيسعى إلى ّ يوقفوه،
تغيير أعيادهم وشرائعهم ،وطيلة ثﻼث سنوات ونصف يقع في سطوته
ي أحكاما ،فيُنزع منه سلطانه الصالحون .وبعدها تُصدر جلسةُ القضاء الربّان ّ
سلطان العظيم ،لمن ويهلك ويُباد تما ًما .ويمنح ﷲ تعالى ال ُملك اﻷعظم وال ّ
كانوا له منذورين ،ويدوم ُملكهم إلى اﻷبد ،ويخضع لهم جميع السﻼطين
ويخدمونهم صاغرين.
اصفر فيها وجهي ،وقدّ كثيرا حتّى
هكذا انتهت رؤياي ،وقد أفزعتني ً
فضلتُ أن أجعل ك ّل هذه اﻷمور في قلبي طي الكتمان".
)( ٩
الكبش والتيس في رؤيا للنبي دانيال
سﻼم(" :وفي السنة الثالثة من حكم الملك يقول النبي دانيال )عليه ال ّ
صر ،رأيتُ رؤيا ثانية .إذ وجدتُ نفسي فجأةً أقف على ضفاف نهر بَلشا ﱠ
أُوﻻي ،في قلعة شوشة في وﻻية عيﻼم .فنظرتُ حولي عند النهر فرأيتُ
شا له قرنان طويﻼن ،أحدهما أطول من اﻵخر ،رغم أنّه طلع بعده .وكان كب ً
الكبش ينطح نحو جهات ثﻼث غربًا وشماﻻً وجنوبًا وﻻ حيوان يضاهيه ،وﻻ
تنجو ضحاياه من سطوته فﻼ يفعل إﻻ ما يُرضيه ،ولم يزدد بذلك إﻻّ تكب ًّرا
عجيبا.
تيس من جهة الغرب سريعا كالهواء، "وبينما انشغلتُ بما أرى ،أقبل فجأة ً ٌ
واجتاز المسافة بسرعة حتى كاد يطير فوق الثّرى ،وكان يحمل بين عينيه
بارزا .فأسرع إلى الكبش العظيم ،الّذي رأيته عند ضفاف النهر وهجم ً قرنًا
) (٩
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .14-1 :8
وقوة ﻻ تلين .ورأيتُه يصدم الكبش ويكسر له قرنيه .ولم يقدر عليه بشراسة ّ
ضا وداسه التيس ،ولم يتد ّخل أحد ﻹنقاذه. الكبش أن يتح ّمل الضربة ،فسقط أر ً
ولكن قرنه الكبير انكسر في ذروة عظمته، ّ وازداد التيس غطرسة وتكبّرا،
وبرزت مكانه أربعة قرون اتّجهت نحو جهات اﻷرض اﻷربع.
"وخرج من بين أحد القرون اﻷربعة قرن صغير ،ث ّم امتدّ سلطانه نحو
قوته حتى هاجم نجوم الجنوب والشرق وأرض الميعاد المجيد .واشتدّت ّ
السماء ،وأوقع إلى اﻷرض نجوما وكواكب فداسها التيس القدير .وتكبّر
وتجبّر حتّى تحدّى ﷲ العزيز القدير ،فمنع اﻷضاحي اليومية ودنّس بيت ﷲ
صغير في ك ّل ما أراده من الحق أرضا ،ونجح القرن ال ّ ّ َس الوثنيّة ،وطرح
دَن َ
تستمر هذه المعاصي؟ متى ّ تدبير ،وسمعتُ مﻼكا يسأل مﻼكا آخر :حتّاما
يعود النّاس إلى بيت ﷲ وتقديمهم اليومي لﻸضاحي؟ متى يط ّهر حرم بيت
ﷲ من النّجاسة؟ متى تنتهي مذلّة عباد ﷲ ودوس الحرم الشريف؟ فأجابه
المﻼك اﻵخر" :يمضي ألفان وثﻼث مئة يوم على هذا الحال حتّى نهايته ،ث ّم
يعود بيت ﷲ المقدّس إلى طهارته".
) (١
سﺮ الﺮؤيا
المﻼك جبﺮيل يف ّ
وقال النبي دانيال" :وعند انتهاء الرؤيا ،حاولتُ أن أفهم ما جاء في المنام
ومعناه ،وسعيت إلى إدراك كنهه ومغزاه ،لكنّي رأيتُ أمامي فجأة ً كائنًا على
هيئة رجل ،وسمعتُ صوت إنسان ينادي من جوار نهر أُوﻻي" :يا جبريل
سر لهذا الرجل رؤياه" .فأقبل جبريل ووقف إلى جانبي ،فارتعبتُ ووقعتُ ف ّ
أن ك ّل اﻷحداث الّتي جاءت في رؤياك ضا .فقال لي :يا ابن آدم ،افهم ّ
أر ً
تتعلّق بنهاية ّ
الزمان.
ضا على وجهي ،وأمسكني جبريل ي وهو يخاطبني فوقعتُ أر ً "وأغمي عل ّ
ي ،سأخبرك باﻷحداث الّتي ي ،وقال لي" :اِسمع ،أيّها اﻹنس ّوأوقفني على قدم ّ
سيستمر إلى أن يتحقّق الموعود
ّ إن غضب ﷲ يّ .
ستسبق نهاية العصر الحال ّ
إن الكبش صاحب القرنين يرمز إلى مملكة ماداي ومملكة في أجله المس ّمىّ .
الفرس .ويرم ز التيس إلى مملكة اليونان ،ويرمز القرن الكبير الّذي يحمله
) (١
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .27-15 :8
اﻷول .أ ّما القرون اﻷربعة الّتي طلعت بعد انكسار بين عينيه إلى ملك اليونان ّ
اﻷول ،فهي ترمز إلى ممالك أربع تقوم بعد تقسيم مملكة اليونان، القرن ّ
سلطان .وفي أواخر أيّام ُحكمها ،وعند قوتها في الحكم وال ّولكنّها لن تبلغ ّ
اشتداد عصيان رجالها ،يقوم ملك شرس شديد المكر ،ويصبح قويا ،ولكن
القوة ليس منه ،وينجح في إحﻼل الدمار الرهيب ،ويقضي على مصدر ّ
العظماء ،ويقهر عباد ﷲ الصالحين .ويزداد تكبّره ،فهو ماهر في مكر الناس
والقضاء عليهم وهم غافلون .ويصل تكبّره درجة تحدّيه لربّ اﻷربابّ ،
لكن
قوة البشر.بقوة غير ّﷲ سيكسر شوكته ّ
وسيتوقّف تقديم اﻷضاحي ﻻ ريب على مدى ألفين وثﻼث مئة يوم كما جاء
وإن هذا سيتحقّق في المستقبل البعيد ،وعليك اﻵن كتمان هذه في الرؤياّ ،
الرؤيا الكتمان الشديد".
ويضيف النبي دانيال" :وبعد انتهاء الرؤيا ،أصبت عدّة أيّام بالوهن والعياء.
ث ّم تعافيت وقمتُ لعملي في خدمة الملك ،ولكنّي بقيت في اندهاش من الرؤيا
عاجزا عن فهمها وتفسيرها".
) (٢
تضﺮع النبي دانيال
ّ
سﻼم(" :وحينما اعتلى داريوس بن َح ْشوير من يقول النبي دانيال )عليه ال ّ
صى قراءة بﻼد ماداي عرش مملكة بابل في سنته اﻷولى ،وبينما كنتُ أتق ّ
الكتب التي أنزلها ﷲ من السماء وأوحى ،عثرتُ في الوحي الّذي جاء على
ي إرميا ،أنّه قد آن للعقاب الّذي ح ّل على القدس أن ينهى ،إذ قد لسان النب ّ
بالتضرع والدعاء
ّ قضى ﷲ أن تظ ّل لمدّة سبعين سنة في الردى .فتو ّجهتُ
وبالصوم إلى ﷲ موﻻي المجيد ،ولبستُ الخيش ووضعتُ الرماد على رأسي
من حزني الشديد .وفي دعائي اعترفتُ بآثام قومي وبك ّل الذنوب ،فقلتُ :
"الله ّم ،يا موﻻنا العظيم المهيب ،إنّك لميثاقك دائم الوفاء ،وإخﻼصك وسع
ك ّل الّذين يحبّونك والّذين هم بوصاياك عاملون .أ ّما نحن يا ربّ فقد أذنبنا
متمردين ،وعن وصاياك وأحكامك زائغين، ّ الشر ،وكنّا عليك
ّ وأثمنا وارتكبنا
وأبينا أن نسمع لعبادك اﻷنبياء ،الّذين بلّغوا رسالتك إلى ملوكنا وآبائنا ولك ّل
) (٢
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .19-1 :9
الزعماء ،وغيرهم من أهل أرضنا أجمعين .أيّها المولى ،لقد عاملتَنا بك ّل
إخﻼص ،أ ّما نحن فلنا سواد الوجه إلى يومنا هذا ،وهذه العاقبة تشملنا جميعًا
من أهل يَهوذا وس ّكان القدس وك ّل بني إسرائيل المشتّتين ،والذين دفعتهم في
جميع البلدان واﻷرجاء ،عقابًا على أنّهم كانوا لك جاحدين .أجل يا ﷲ ،سواد
اﻷولين ،ﻷنّنا في حقّك مذنبون ،إنّما أنت الوجه لنا ولملوكنا وزعمائنا وآبائنا ّ
يا ربّنا وإلهنا فإنّك واسع الرحمة والغفران مع أنّنا أمامك عصاة ،وانحرفنا
أوحيت بها
َ عن اﻹيمان والطاعات ،عندما أمرتَنا أن نتّبع الشرائع الّتي
وتمردواّ صوا شريعتك وزاغوا عنها، لعبادك اﻷنبياء .وجميع بني إسرائيل َع َ
عليك جاحدين ،فحلّت علينا اللﱠعنات ،تلك الّتي توعّدتَنا بها بك ّل صرامة في
قت إنذارك الموحى وأصابنا كما أصاب ك ّل كتاب عبدك النبي موسى .فحقّ َ
فأنزلت على القدس عقابًا شديدًا لم ير النّاس له مثيﻼ عبر اﻷزمان. َ الزعماء،ّ
وهكذا حلّت علينا جميع المصائب التي وردت في كتاب النبي موسى وجميع
اللعنات ،ورغم ذلك كلّه رفضنا السعي إلى مرضاتك ،ورفضنا اﻻعتراف
بوفائك ورفضنا أن نكون تائبين .يا ﷲ ،إنّك على آثامنا ومعاصينا رقيب.
أرسلت علينا ك ّل هذا البﻼء ،ﻷنّنا نستحقّه بسبب ما اقترفنا َ وحينما عاقبتنا،
من ذنوب ،فأنت العدل الحق الحسيب.
ويضيف النبي دانيال" :يا ﷲ يا موﻻنا ،يا َمن أعليت ذكرك عاليًا حين
أخرجت قومك من مصر بيد قديرة ،ودام صيتك إلى هذا اليوم ،لقد وأذنبنا َ
وارتكبنا أعماﻻ شريرة .فيا ربّ ،إنّك تعاملنا بما يليق بوفائك بالوعود ،فعن
القدس ُردّ غضبك الشديد ،وعن الجبل المقدّس المجيد! انظر يا ﷲ إلى من
حولها من اﻷمم والشعوب ،انظر إليهم إنّهم منها يسخرون ،ومن أ ّمتك
اﻷولين! الله ّم اسمع دعائي! المصطفاة يستهزئون ،بسبب آثامنا وآثام آبائنا ّ
انظر بعين الرضى إلى حرمك المقدّس الّذي ْ الله ّم استجب لندائي! الله ّم
تحول إلى خراب مريع ،الله ّم أعد بناءه واجعل مقامه المقام الرفيع .يا إلهي ّ
فاسمع دعائي .وأنت البصير فانظر إلى معاناتنا وإلى ْ ي السميع،إنّك أنت العل ّ
الخراب الّذي ح ّل على المدينة المصطفاة .إنّا نسألك الرحمة ﻻ ﻷنّنا لها أهل،
بل ﻷنّك أرحم الراحمين .يا ربّ اِسم ْع دعائي! يا ربّ اِغفر لنا! يا ربّ ع ّجل
لنا برحمتك! أنزل علينا يا ربّ لطفك ورضاك! إنّك اصطفيت القدس مدينتك
واصطفيت هؤﻻء القوم ليرفعوا قدرك في العالمين!"
)( ٣
سﺮ النبوءةالمﻼك جبﺮيل يف ّ
سﻼم(":وبينما كنتُ مأخوذًا في الصﻼة والدعاء، يقول النبي دانيال )عليه ال ّ
تضرعاتي إلى ّ واﻹعتراف بذنوبي وذنوب قومي بني يعقوب اﻵثمين ،مو ّج ًها
ﷲ موﻻي ﻷجل إعادة بناء بيته المقدّس في القدس ،جاءني المﻼك جبريل
طائرا مسرعا ،وكان ذلك في وقت ً الّذي رأيته من قبل في الرؤيا ،يقبل عل ّ
ي
سر لك الرؤيا. تقديم أضحية العصر ،وقال لي" :يا دانيال ،إنّي جئتُ إليك ﻷف ّ
تضرعاتك تصعد إليه ،وأُرسلتُ ﻷخبرك ّ إن ﷲ استجاب لك حين بدأت ّ
بالوحي فأنت عند ﷲ حبيب عزيز .فتأ ّمل فيها بينما أكشف لك عن معناها
المكنون".
وأضاف المﻼك جبريل" :إنّما حدّد ﷲ على شعبك ومدينتك المقدّسة سبعة
ي،أضعاف لسبعين سنةً تمضي كلﱡها للقضاء على المعصية وإنهاء إثم العص ّ
ي ،تصديقًا لما جاء في رؤيا ويت ّم التكفير عن الذنب وإقامة اﻹنصاف اﻷبد ّ
شن بيت ﷲ المقدّس من جديد .اِسمع يا دانيال واِفهم أنّه منذ ي ،ث ّم يُد ﱠ
إرميا النب ّ
صدور اﻷمر بإعادة بناء القدس إلى حين مجيء المسيح الملك العظيم،
مرةً ،فتعود لتُبنى مرات ث ّم سبع سنين اثنتين وستّين ّ تمضي سبع سنين سبع ّ
ستمر
ّ المدينة من جديد بشوارع وسور منيع شديد ،رغم ك ّل الشدائد الّتي
مرة ً يُقتل المسيح المختار وكأنّه عليها .وبعد مرور سبع سنين اثنتين وستّين ّ
شه المدينة وبيت ﷲ فتخرب جيو ُ
ّ لم يوفق في شيء ،ث ّم يأتي حاكم جبّار،
المقدّس ،فتأتي النهاية مثل سيل عظيم ،بحرب تدوم وخراب محتوم .ويقطع
هذا الحاكم عهدًا متينا مع الناس لمدّة سبع سنواتٍ ،وفي منتصف هذه الفترة
فرهُ إلى أن تح ّل في يأمر بوقف تقديم اﻷضاحي في الحرم المقدّس ،ويبلغ ُك ُ
س (٤).وفي النهاية يلقى هذا المجرم من ﷲ والخراب المدنّ ُ
ُ بيت ﷲ النجاسةُ
) (٣
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .27-20 :9
) (٤
تحققت هذه النبوءة من النبي دانيال من خﻼل اﻷعمال الشنيعة التي ارتكبها الملك الوثني أنتياخوس
حول بيت ﷲ في القدس إلى معبد وثني ،حيث قدّم اﻷضاحي إلى اﻹله زيوس .وتحقّقت أبيفانيس الرابع ،الذي ّ
مرة أخرى ،فسيدنا المسيح اقتبس من كﻼم النبي دانيال هذا بعد مرور مئات السنين ،ومن خﻼله هذه النبوءة ّ
مصيره المحتوم".
) (٥
آخﺮ اﻷيّام
ثم قال المﻼك" :وينهض ميخائيل كبير المﻼئكة الّذي يحرس قومك في ذلك
ّ
ولكن َمن الحين ،فيح ّل عليكم زمن شديد لم تروا له مثيﻼ في سالف العهود.
يُس ّجل اسمه من قومك في كتاب النجاة يكون من الناجين ،وتُبعث من تحت
التراب الحشود ،ليفوز بعضهم بحياة الخلود وينال بعضهم اﻵخر الخزي
والذ ّل وفيهما يُخلﱠدون (٦).ويظهر نور أهل الفهم والحكمة كضياء اﻷفﻼك في
السماء ،والّذين أرشدوا الناس وجعلوهم من المستقيمين ،ينيرون السماء
كالنجوم إلى أبد اﻵبدين .واﻵن يا دانيال ،احفظ هذا الوحي واجعله في كتاب
الزمن اﻷخير ،واعلم أن الناس ستضيق بهم سبل مكنون إلى حين حلول ّ
التفسير ،رغم ازدياد المعرفة والتنوير".
)( ٧
رؤيا النبي دانيال بجوار النهﺮ
وأضاف النبي دانيال قائﻼ" :ث ّم نظرتُ من حولي ،ولمحتُ مﻼكين آخريْن،
يقف ك ﱞل منهما على ضفّة من ضفّتَي النهر متقابليْن .وسأل أحدهما المﻼك
اﻵخر الّذي يرتدي ال ِكتّان ،الواقف عند مجرى النّهر وقال له" :حتّام هذه
اﻷمور الغريبة ،وهذه اﻷحداث العجيبة؟" فرفع المﻼك المتسربل بالكتّان إلى
ي الّذي ﻻ يموت" :هذه اﻷحداث العجيبة السماء يُمناه ويُسراه ،وأقسم بالح ّ
تدوم ثﻼث سنوات ونصف وهذا كل مداها .فعندما يت ّم تكسير شوكة قوم
المنذورين تنتهي هذه اﻷمور وتبلغ أقصاها" .ومع أنّي سمعتُ كلمات
المﻼك ،إﻻّ أنّني لم أفهم معناها ،فقلتُ " :يا سيّدي ،ما مآل هذه اﻷمور وما
منتهاها؟" فأجاب المﻼك" :ﻻ عليك يا دانيال ،اِذهب في أمان ﷲ ،وما كشفتُه
ي الكتمان إلى حين حلول نهاية الزمان .وستط ّهر هذه الشدائد لك اجعله ط ّ
أشار إلى دمار القدس من قبل الجيوش الرومانية التي دنّست بيت ﷲ )انظر اﻹنجيل ،متّى .(15 :24
) (٥
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .4-1 :12
) (٦
انظر سورة الح ّج.7 :
) (٧
استنادا إلى كتاب النبي دانيال .13-5 :12
الناس وتنقّيهم ،أ ّما اﻷشرار فيظلّون في شرورهم قابعين ،وﻻ أحد منهم يفهم
سبب هذه اﻷحداث وبمآلها جاهلون ،وأ ّما أهل الحكمة فلمعناها يدركون.
ألف ومئتان وتسعون يو ًما من زمن منع تقديم اﻷضاحي وتشييد وستمر ٌ
ّ
ي النجس .فهنيئًا للصامدين ،الّذين هم على إيمانهم ثابتون ،حتّى المقام الوثن ّ
ي ،فكنينقضي ألف وثﻼث مئة وخمسة وثﻼثون يو ًما! أ ّما أنت يا دانيال النب ّ
ي! ث ّم تموت وتُدفن ،وبعدها تُبعث من َمرقدك صا حتى يأتي اﻷمر النهائ ّ مخل ً
) (٨
حيا لتنال ثوابك عند انقضاء اﻷيّام".
) (٨
قارن تشبيه الوفاة بالنوم الذي ورد في سورة يس.52 :