You are on page 1of 29

‫طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻻﻧﺣراف‬

‫ﻟﻸﺳﺗﺎذ ‪ /‬ﻣﺻطﻔﻲ ﻣﺷﮭور‪.‬‬


‫ﺗﻘدﯾـم ‪:‬‬
‫اﻟﺣﻣد ‪ ، .‬واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻠﻲ رﺳول ﷲ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﻌد‬
‫ﻓﻣن ﺣق اﻷﺟﯾﺎل ﻋﻠﯾﻧﺎ وﻣن أﻣﺎﻧﺔ اﻟﺗورﯾث أن ﻧﻘدم ھذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣن ﻓﻘﮫ اﻟدﻋوة ‪ ،‬ﺑﻌد أن ﻣن ﷲ ﻋﻠﯾﻧﺎ وﺳرﻧﺎ ﻋﻠﻲ‬
‫طرﯾق اﻟدﻋوة أﻛﺛر ﻣن ﺧﻣﺳﯾن ﻋﺎﻣﺎ ﺑﻌون ﷲ وﺗوﻓﯾق ‪ ،‬ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻷﺣداث واﻣﺗﺣﺎﻧﺎت وﻣواﻗف ‪ ،‬وازددﻧﺎ ﻣﻌرﻓﺔ‬
‫وﺧﺑرة ﺑﺎﻟطرﯾق وﻣﺳﺎﻟﻛﮫ وﻋﻘﺑﺎﺗﮫ وﻣﻧﻌطﻔﺎﺗﮫ ‪ ،‬وﺷﺎھدﻧﺎ ﺻوًرا ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟطرﯾق اﻷﺻﯾل ‪ ،‬وﻛﯾف ﻛﺎن‬
‫ﯾﺗﻠﺑس اﻻﻧﺣراف ﻋﻠﻲ اﻟﺑﻌض وﯾظﻧون أﻧﮭم – ﻣﻊ اﻧﺣراﻓﮭم – ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ وﻏﯾرھم اﻟﻣﻧﺣرﻓون ‪ ،‬وذﻟك ﻷن‬
‫طﺎ ﺛم ﯾزداد ﻣﻊ اﻟزﻣن ‪ ،‬وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﺧﯾر ﻣن اﻟﻌﻼج ‪ ،‬ﻟزم اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺻور‬ ‫اﻻﻧﺣراف ﻋﺎدة ﯾﺑدأ دﻗﯾًﻘﺎ ﺑﺳﯾ ً‬
‫اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ‪ ،‬وﺗﺣذﯾر ﻣن ﯾﺳﻠﻛون طرﯾق اﻟدﻋوة ﻣﻧﮭﺎ ﻛﻲ ﯾواﺻﻠون اﻟﻣﺳﯾرة ﻋﻠﻲ ھدي وﻧور دون ﺗردد وﻻ‬
‫اﻧﺣراف ‪.‬‬
‫دﻋﯾت إﻟﻲ ﻣؤﺗﻣر راﺑطﺔ اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ واﺧﺗﺎروا ﻟﻲ ﻣوﺿوع " طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻷﺻﺎﻟﺔ‬
‫واﻻﻧﺣراف " وﻟﺑﯾت اﻟدﻋوة ‪ ،‬وﺗﺣدﺛت ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻲ ﺣﻠﻘﺗﯾن وأﺟﺑت ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻋﻠﻲ اﻷﺳﺋﻠﺔ ‪ ،‬وﻋﺟﺑت ﺑل‬
‫ﺳرﻧﻲ اﻹﻗﺑﺎل اﻟﺷدﯾد واﻻھﺗﻣﺎم اﻟﺑﺎﻟﻎ ﺑﺎﻻﺳﺗﻣﺎع ﻟﮭذا اﻟﻣوﺿوع ‪ ،‬وﻛذﻟك ﻧﺿﺞ اﻷﺳﺋﻠﺔ وﻋﻣﻘﮭﺎ ﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻲ ﺣرص‬
‫ﺷﺑﺎﺑﻧﺎ اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻠﻲ ﺗﺑﯾن اﻟطرﯾق واﻻطﻣﺋﻧﺎن إﻟﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺳﯾر ‪.‬‬
‫وأﺣﺳﺳت إذ ذاك أن اﻟﻣوﺿوع ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻲ أن ﯾﻛﺗب ﻓﯾﮫ ﺑﺗوﺿﯾﺢ وﺗﻔﺻﯾل أﻛﺛر ‪ ،‬وﻗد طﻠب ﻣﻧﻲ ﺑﻌض اﻹﺧوة ذﻟك‬
‫ﻷھﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟظروف اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﻛﻲ ﺗﻌم اﻟﻔﺎﺋدة ﻣﻧﮫ ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺗﻌﻧت ﺑﺎ‪ ، .‬وھﺎ أﻧﺎ ذا أﻗدم ﺟﮭد اﻟﻣﻘل ﺳﺎﺋﻼً ﷲ أن‬
‫ﺻﺎ ﻟوﺟﮭﮫ اﻟﻛرﯾم ‪ .‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻛﻼم ﯾﮭم ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻲ ﻣن اﺧﺗﺎروا طرﯾق‬ ‫ﯾﻛون ﻣن وراﺋﮫ اﻟﺧﯾر ‪ ،‬وأن ﯾﺟﻌﻠﮫ ﺧﺎﻟ ً‬
‫ﺿﺎ إﻟﻲ اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ‪ ،‬واﻟذي‬ ‫اﻟدﻋوة ﻟﯾواﺻﻠوا اﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ ﺑﺻﯾرة دون اﻧﺣراف ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧوﺟﮫ اھﺗﻣﺎﻣﻧﺎ أﯾ ً‬
‫ﺗﺗﺟﺎذﺑﮫ اﻟﺗﯾﺎرات واﻟدﻋوات ﻓﻲ اﺗﺟﺎھﺎت ﺷﺗﻰ ‪ ،‬ﻧدﻋوه إﻟﻲ اﻟﺳﯾر ﻣﻌﻧﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﻓﻔﯾﮫ ﺳﻌﺎدﺗﮭم ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ‬
‫واﻵﺧرة ‪ ،‬وأﻗدم ﻟﮭذا اﻟﺷﺑﺎب ﺑﮭذه اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻋﺑﺎرات ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ ﻗﺻدھم ﺑﮭﺎ ﻟﻌل ﻓﯾﮭﺎ ﻋﺑرة وﺗذﻛرة ‪:‬‬

‫) أﯾﮭﺎ اﻟﺷﺑﺎب ‪ :‬إن آﻣﻧﺗم ﺑﻔﻛرﺗﻧﺎ واﺗﺑﻌﺗم ﺧطواﺗﻧﺎ وﺳﻠﻛﺗم ﻣﻌﻧﺎ ﺳﺑﯾل اﻹﺳﻼم اﻟﺣﻧﯾف ‪ ،‬وﺗﺟردﺗم ﻣن ﻛل ﻓﻛرة ﺳوي‬
‫ذﻟك ‪ ،‬ووﻗﻔﺗم ﻟﻌﻘﯾدﺗﻛم ﻛل ﺟﮭودﻛم ﻓﮭو اﻟﺧﯾر ﻟﻛم ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻵﺧرة ‪ ،‬وﺳﯾﺣﻘق ﷲ ﺑﻛم إن ﺷﺎء ﷲ ﻣﺎ ﺣﻘق أﺳﻼﻓﻛم ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺻر اﻷول ‪ ،‬وﺳﯾﺟد ﻛل ﻋﺎﻣل ﺻﺎدق ﻣﻧﻛم ﻓﻲ وإن أﺑﯾﺗم إﻻ اﻟﺗذﺑذب واﻻﺿطراب واﻟﺗردد ﺑﯾن اﻟدﻋوات اﻟﺣﺎﺋرة‬
‫واﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻛﺗﯾﺑﺔ ﷲ ﺳﺗﺳﯾر ﻏﯾر ﻋﺎﺑﺋﺔ ﺑﻘﻠﺔ وﻻ ﺑﻛﺛرة " ‪(Al-Imran 126).‬‬

‫اﻟطرﯾق إﻟﻲ ﻏﺎﯾﺔ ‪6 :‬‬


‫ﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن ﻛل ﺻﺎﺣب ﻏﺎﯾﺔ أو ھدف ﯾﺳﻠك اﻟطرﯾق اﻟﺳﻠﯾم اﻟذي ﯾوﺻﻠﮫ إﻟﻲ ھدﻓﮫ أو ﻏﺎﯾﺗﮫ ‪ ،‬وﯾﺟﺗﮭد ﻣﺎ اﺳﺗطﺎع‬
‫ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق وﻣﻌﺎﻟﻣﮫ ‪ ،‬ﻗﺑل ﺑدء اﻟﺳﯾر ﻛﻲ ﻻ ﺗﺗﻔرق ﺑﮫ اﻟﺳﺑل ‪ ،‬وﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﺑدد اﻟﺟﮭد واﻟوﻗت دون اﻟوﺻول إﻟﻲ‬
‫اﻟﮭدف ‪ .‬وﻋﺎدة ﯾﻠﺟﺄ ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻲ أﺻﺣﺎب اﻟﺧﺑرة واﻟدراﯾﺔ ﺑﮭذا اﻟطرﯾق ﻟﻼﺳﺗرﺷﺎد ﺑﮭم ‪ ،‬واﻟﻣﻔروض أن ﯾﻛوﻧوا ﻣﻊ‬
‫ﺧﺑرﺗﮭم أھﻼً ﻟﻠﺛﻘﺔ وأﻣﺎﻧﺔ اﻹرﺷﺎد ‪ ،‬وإﻻ ﻟﻣﺎ اطﻣﺄن إﻟﻲ ﻣﺎ ﯾﻘدﻣوﻧﮫ ﻟﮫ ﻣن ﻣﻌﺎﻟم ﻋن اﻟطرﯾق ‪ .‬وﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻐﺎﯾﺔ‬
‫ﺳﺎﻣﯾﺔ واﻟﮭدف ﻋظﯾًﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺣرص ﻋﻠﻲ اﻟوﺻول إﻟﯾﮫ ﺷدﯾدًا ‪ ،‬وﻣن ﺛم اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر ﺑﺎﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ‬
‫‪ ،‬واﻟﺗﺣرز اﻟﺷدﯾد ﻣن ﻣﻧﻌطﻔﺎﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌد ﺑﺳﺎﻟﻛﮫ ﻋن اﻟﮭدف ‪ .‬ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠم ﻣﺳﺑًﻘﺎ أﻧﮫ ﯾوﺟد ﻋﻠﻲ ﻣﻔﺎرق اﻟطرﯾق ﻣن‬
‫ﺻﺎ ﻟﺗﺿﻠﯾل اﻟﺳﺎﺋرﯾن وﺻرﻓﮭم ﻋن اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﯾﻔوﺗوا ﻋﻠﯾﮭم ﻏرض اﻟوﺻول إﻟﻲ اﻟﮭدف واﻟﻐﺎﯾﺔ ‪،‬‬ ‫ﻗﻌدوا ﺧﺻﯾ ً‬
‫وﻗد ﻟﺑس ھؤﻻء ﺛوب اﻟﻧﺎﺻﺣﯾن اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺗﻠﺑس ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻠم اﻟﻣﺳﺑق ﺑﺎﻟﺳﺑل اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ ﯾﺣﻣﻲ ﻣن اﻻﻧزﻻق ﻓﯾﮭﺎ ‪.‬‬
‫وﻣن ﻟم ﯾﻌرف اﻟﺷر ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮫ‬ ‫ﻋرﻓت اﻟﺷر ﻻ ﻟﻠﺷر وﻟﻛن ﻟﺗوﻗﯾﮫ‬
‫واﻟﻌﻠم ﺑطول اﻟطرﯾق وﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﺑﻌض اﻟﻣﺗﺎﻋب واﻟﻌﻘﺑﺎت ‪ ،‬ﯾﺳﺎﻋد ﺳﺎﻟﻛﮫ ﻋﻠﻲ اﻹﻋداد ﻟﮫ ﺑﺎﻟزاد اﻟﻛﺎﻓﻲ ‪ ،‬واﻟﺻﺑر‬
‫وطول اﻟﻧﻔس ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣن ﯾظن أﻧﮫ ﻗﺻﯾر ‪ ،‬ﻓﯾﻧﺗﺎﺑﮫ اﻟﻘﻠق واﻟﺷك إذا طﺎل ﺑﮫ اﻟوﻗت ﻗﺑل اﻟوﺻول إﻟﻲ اﻟﮭدف ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻛذﻟك ﻣن ﻋﻠم ﻣﺳﺑﻘﺎ ً أن ﺑﮫ ﻣراﺣل وﻋرة ﻣوﺣﺷﺔ ‪ ،‬ﻻ ﯾﻧزﻋﺞ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾواﺟﮫ ﺗﻠك اﻟﻣراﺣل ﺑل ﯾطﻣﺋن ﻷﻧﮭﺎ دﻟﯾل ﻋﻠﻲ‬
‫ﺳﻼﻣﺔ ﺳﯾره ﻓﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺣﯾث أﻧﮭﺎ ﻣن ﻣﻌﺎﻟﻣﮫ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ " " ‪ .‬وإذا ﻋﻠﻣﻧﺎ أن ﺳﻠوك اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺳﺗﺑذل ﻓﯾﮫ‬
‫ﺟﮭود ﻛﺛﯾرة وﺗﻘدم ﻓﯾﮫ ﺗﺿﺣﯾﺎت ﺿﺧﻣﺔ ‪ ،‬ﻛﻠﻣﺎ دﻋﺎ ذﻟك إﻟﻲ ﺗﺟﻧب أي اﻧﺣراف ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺧطﯾرة‬
‫وﺧﺳﺎﺋر ﻓﺎدﺣﺔ ‪ .‬ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺗﺑﯾن أھﻣﯾﺔ ﻣوﺿوﻋﻧﺎ ھذا وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻟطرﯾق ھو طرﯾق اﻟدﻋوة ‪.‬‬
‫طرﯾق اﻟدﻋوة ‪:‬‬
‫وﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻘول طرﯾق اﻟدﻋوة ‪ ،‬إﻧﻣﺎ ﻧﻌﻧﻲ ﺑﮫ اﻟطرﯾق إﻟﻲ ﷲ ‪ ،‬وإﻟﻲ رﺿواﻧﮫ وﺟﻧﺎﺗﮫ ‪ ،‬اﻟطرﯾق اﻟذي ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮫ رﺳول‬
‫ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬ورﺳل ﷲ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ‪ ،‬ﺳﺑﯾل اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ‪ ،‬ﺻراط ﷲ اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم ‪ ،‬وﺻدق ﷲ اﻟﻌظﯾم " " وﻋﻠﻲ‬
‫طرﯾق اﻟدﻋوة ﻧﺳﻌﻰ إﻟﻲ أﺳﻣﻲ ﻏﺎﯾﺔ وإﻟﻲ أﻋظم ھدف ‪ ،‬ﻓﺎ‪ .‬ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ‪ ،‬وﻧﮭدف إﻟﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض وإﻗﺎﻣﺔ‬
‫دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم " ‪ .‬وراﺋدﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺎدق اﻷﻣﯾن ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺧﯾر ﻗدوة ‪ .‬ﻣن أﺟل ذﻟك ﻛﺎن اﻋﺗزازﻧﺎ ﺑﮭذا‬
‫اﻟطرﯾق واﻟﺗزاﻣﻧﺎ ﺑﮫ ﺗﺣﻣﻠﻧﺎ ﻟﻣﺷﺎﻗﮫ ‪ ،‬وﺻﺑرﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﯾر ﻓﯾﮫ ﻣﮭﻣﺎ طﺎل ‪ ،‬وﻟن ﻧﻌدل ﻋﻧﮫ – ﺑﺈذن ﷲ – وﻟن ﻧرﺿﻲ‬
‫ﺑﻐﯾره ﺑدﯾﻼ ‪ .‬وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧﻠﻘﻲ ﺑﻌض اﻷﺿواء ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﻗﺑل أن ﻧﺗﻧﺎول اﻻﻧﺣراﻓﺎت وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ‪.‬‬
‫ﻓﻣﻧذ ﻓﺗرة ﻏﯾر ﻗﺻﯾرة وﻓﻲ ظل ﻣﺎ ﯾﺳﻣوﻧﮫ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﺳﺗﺧراب – ﻣن ﻗﺑﯾل أﺳﻣﺎء اﻷﺿداد وذﻟك‬
‫ﺑﺎﺣﺗﻼل أﻋداء ﷲ ﻟﺑﻼد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺟﯾوﺷﮭم ‪ ،‬وأﺛﻧﺎء ﺣﻛم ﻣن أﻋدوھم ﻣن ﺣﻛﺎم ﻣن أﻋدوھم ﻣن ﺣﻛﺎم ﯾﻧﻔذون ﻣﺧططﺎﺗﮭم‬
‫ﺑﻌد ﺟﻼء ﺟﯾوﺷﮭم ‪ ،‬ﺗﻌرض اﻹﺳﻼم أﺛﻧﺎء ﺗﻠك اﻟﻔﺗرات إﻟﻲ ﺣﻣﻼت ﻣﻧظﻣﺔ وﻣﻛﺛﻔﺔ ﻣن اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﺗﺣرﯾف واﻟﺗﺷوﯾﮫ‬
‫واﻟﺗﻔرﯾﻎ ﻣن ﻣﺣﺗواه اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ‪ ،‬واﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻲ رﻣوز ﺷﻛﻠﯾﺔ وﺗﺷﺟﯾﻊ ﻟﻠﺑدع واﻟﺧراﻓﺎت وأﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ‪ .‬وأﺳﻘطت اﻟﺧﻼﻓﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺑﺗﺂﻣر ﻣن أﻋداء ﷲ ﻣﻊ ﻋﻣﯾﻠﮭم اﻟﺧﺎﺋن ﻣﺻطﻔﻲ ﻛﻣﺎل واﻟذي ﯾﻌﺗﺑره – ﻟﻸﺳف اﻟﺷدﯾد – ﺑﻌض ﺣﻛﺎﻣﻧﺎ ﻣﺛﻼ‬
‫وﻗدوة ﻟﮭم ‪ .‬وﺗﻛﺎﺛرت ﻋﻠﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣوﺟﺎت ﻣن اﻟظﻼم ‪ .‬ظﻼم ﻣن اﻟﻐرب اﻟﺻﻠﯾﺑﻲ اﻟﻣدﻓوع واﻟﻣﺧطط ﻟﮫ ﻣن ﻗﺑل‬
‫اﻟﯾﮭود ‪ ،‬وﻛذا ظﻼم ﻣن اﻟﺷرق اﻟﻣﻠﺣد اﻟﻣﺻﻧوع ﻋﻠﻲ أﯾدي اﻟﯾﮭود أﺷد اﻟﻧﺎس ﻋداوة ﻟﻠذﯾن آﻣﻧوا ‪ ،‬وھﻛذا طﻣﺳت ﻣﻌﺎﻟم‬
‫اﻟطرﯾق أو ﻛﺎﻧت أﻣﺎم اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ‪ ،‬وﺗﺷﺗﺗت اﻟﻐﺎﯾﺎت وﺗﻌددت اﻟراﯾﺎت ‪ ،‬واﺷﺗدت اﻟدﻋﺎﯾﺎت ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻷرﺿﯾﺔ اﻟﻘﺎﺻرة‬
‫‪ ،‬وﺗﺄﺛر ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺑرﯾق اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟزاﺋﻔﺔ ‪.‬‬
‫وﻟﻛن وﺳط ھذا اﻟظﻼم اﻟداﻣس اﻟﻣﺗﻼطم اﻟﻣوﺟﺎت وﯾُﻌَْﯾد ﺳﻘوط اﻟﺧﻼﻓﺔ ‪ ،‬ﺑدأ ﻓﻲ اﻷﻓق ﻧور ‪ ،‬ﺑدأ ﺿﻌﯾًﻔﺎ أو اﻷﻣر ‪،‬‬
‫وﻟﻛن ﺑﺎرك ﷲ ﻓﯾﮫ ﺑﻌد ذﻟك ﻓﺄﺧذت داﺋرﺗﮫ ﺗﺗﺳﻊ وﺿوءه ﯾﻘوي ‪ ،‬وھو ﯾﺻﺎرع ظﻼم اﻟﺟﮭل واﻟﻛﻔر ﻟﯾﺑﯾده ﺑﺈذن ﷲ ‪" " .‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪1347‬ھـ ‪1928‬م ﻗﺎﻣت ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﻣﺻر ﻋﻠﻲ ﯾد ﻣؤﺳﺳﮭﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ واﺗﺳﻌت‬
‫داﺋرﺗﮭﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﺧﺎرج ﻣﺻر ﺣﺗﻰ وﺻﻠت اﻵن أﺟزاء ﻛﺛﯾرة ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻟم ‪ .‬وﻓﻲ ﻋﺎم ‪1941‬م ﻗﺎﻣت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﺎرة اﻟﮭﻧدﯾﺔ ﻋﻠﻲ ﯾد ﻣؤﺳﺳﮭﺎ ﻣوﻻﻧﺎ أﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻣودودى رﺣﻣﮫ ﷲ ‪ ،‬ﺗﻛﺎد ﺗﻛون ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻓﻲ اﻟﻔﮭم‬
‫واﻷھداف واﻟﻣﻧﮭﺞ ‪ ،‬وظﮭرت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺣرﻛﺎت إﺳﻼﻣﯾﺔ أﺧري ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﺄﻧدوﻧﯾﺳﯾﺎ وﺗرﻛﯾﺎ وﻣﺎﻟﯾزﯾﺎ‬
‫وﻏﯾرھﺎ ‪.‬‬
‫وإذا ﻛﻧﺎ ﻧرﻛز ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺟرﺑﺗﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟﺗﻲ ﺗرﺑﯾﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑرھﺎ‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرى اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻵم أو اﻟﺣرﻛﺔ اﻟراﺋدة ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ‪ ،‬وﻻ ﻧﺑﺧس ﻏﯾرھﺎ ﻗدرھﺎ أو أﺛرھﺎ ﻓﻛﻠﻧﺎ ﻣﺳﻠﻣون‬
‫وﻛﻠﻧﺎ إﺧوان ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق ‪ .‬ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻣن أول ﯾوم ﯾﺣدد اﻟﻐﺎﯾﺔ وﯾﺟﻠﯾﮭﺎ وﯾﻧﻘﯾﮭﺎ ﻣن ﻛل ﺷﺎﺋﺑﺔ وﯾﻌﻠﻧﮭﺎ واﺿﺣﺔ‬
‫ﻗوﯾﺔ ) ﷲ ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ( وﯾﺧﺗﺎر اﻟطرﯾق وراﺋدﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﻘول ) واﻟرﺳول زﻋﯾﻣﻧﺎ وﻗدرﺗﻧﺎ ( وﯾﺣدد اﻟﻣﻧﮭﺎج وھو اﻟﻣﻧﮭﺎج اﻟذي‬
‫ﺟﺎء ﺑﮫ ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮫ رﺳوﻟﻧﺎ اﻟﻛرﯾم ﻓﯾﻘول ‪ ) :‬واﻟﻘرآن دﺳﺗورﻧﺎ ( وﯾﻌﯾد روح اﻟﺟﮭﺎد ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﻌد أن ﻛﺎد ﯾﺧﺗﻔﻲ ﻓﯾﻘول )‬
‫واﻟﺟﮭﺎد ﺳﺑﯾﻠﻧﺎ( ‪ .‬وﯾﺣﻔز اﻟﮭﻣم ﻓﻲ اﻟﺟﮭﺎد وﯾرﻏب ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺷﮭﺎد ﻓﯾﻘول )واﻟﻣوت ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ أﺳﻣﻲ أﻣﺎﻧﯾﻧﺎ( ‪.‬‬
‫وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾوﺿﺢ أن طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣدة ﯾﺟب اﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ وﻋدم اﻻﻧﺣراف ﻋﻧﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ طرﯾق‬
‫رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم أﻋﻠم اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟطرﯾق وأدراھم ﺑﮫ ﻓﯾﻘول ) طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣد ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ رﺳول ﷲ‬
‫ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ﻣن ﻗﺑل ‪ ،‬وﺳﺎر اﻟدﻋﺎة وﺗﺳﯾر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ ﻣن ﺑﻌده " إﯾﻣﺎن وﻋﻣل وﻣﺣﺑﺔ وإﺧﺎء "‬
‫دﻋﺎھم إﻟﻲ اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻌﻣل ﺛم ﺟﻣﻊ ﻗﻠوﺑﮭم ﻋﻠﻲ اﻟﺣب واﻹﺧﺎء ‪ ،‬ﻓﺎﺟﺗﻣﻌت ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة إﻟﻲ ﻗوة اﻟوﺣدة ‪ ،‬وﺻﺎرت‬
‫ﺟﻣﺎﻋﺗﮭم ھﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﻣوذﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻﺑد أن ﺗظﮭر ﻛﻠﻣﺗﮭﺎ وﺗﻧﺗﺻر دﻋوﺗﮭﺎ وإن ﻧﺎوأھﺎ أھل اﻷرض ﺟﻣﯾﻌًﺎ ( وﻛﺎن ﻣن‬
‫أﻋظم ﻣﺎ ﻣن ﷲ ﺑﮫ ﻋﻠﻲ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أن وﻓﻘﮫ ﻟﻠﻌودة ﺑﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻟﻲ اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻺﺳﻼم ﺑﻌﯾدًا ﻋن أي اﺟﺗراء‬
‫أو ﺧطﺄ ‪ .‬اﻟﻔﮭم اﻟﻧﻘﻲ ﻣن ﻛل ﺷﺎﺋﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯾدة أو اﻟﻌﺑﺎدة أو اﻟﺗﺷرﯾﻊ ‪ .‬اﻹﺳﻼم ﻣن ﻣﻧﺑﻌﮫ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ ﻧﺑﯾﮫ‬
‫ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " ﺗرﻛت ﻓﯾﻛم ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻟن ﺗﺿﻠوا ﺑﻌدي ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺗﻲ " ‪.‬‬
‫اﻟﻔﮭم اﻟﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻣزﻗت وﺣدة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ "‪ " ...‬اﻟﻔﮭم اﻟﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﻐﻠو أو اﻟﺗﻔرﯾط ‪ ،‬ﻟﻛن اﻋﺗدال‬
‫ﺳﻠﯾم ‪ ،‬واﻟﺗزام دﻗﯾق ﻓﻲ ﺟو ﻣن اﻟﺣب واﻷﺧوة واﻟﺗﻌﺎون ‪ . " .‬ﻟﻘد أﻋﻠن ﻣن أول ﯾوم أن دﻋوة اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ھﻲ‬

‫‪2‬‬
‫اﻹﺳﻼم ﺑﻛل ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﮫ وﻻ ﺷﻲء ﻏﯾر اﻹﺳﻼم أو ھﻲ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر اﻟﮭﺟري ‪ .‬أﻋﻠن رﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟدﻋوة‬
‫وﻋﺎﻟﻣﯾﺗﮭﺎ وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺟدھﺎ زﻣﺎن وﻻ ﻣﻛﺎن ﺣﺗﻰ ﯾرث ﷲ اﻷرض وﻣن ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪ .‬وﺣدد أھم ﻣطﻠب ﺗﻣﻠﯾﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﮭﺎ اﻟدﻋوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟرﺷﯾدة ‪ ،‬ﻋﻠﻲ ﻧﻔس اﻷﺳﺎس اﻟذي أﻗﺎم ﻋﻠﯾﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ‬
‫اﻷﻛرﻣﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻲ ‪ .‬وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗد اﻗﺗﺑس اﻟطرﯾق ﻣن ﻧﻔس طرﯾق رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﺳﻠم واﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻲ ﻗوى ﺛﻼث ‪:‬‬
‫ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن‬
‫وﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط‬
‫وﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح ﺑﻌد ذﻟك‬
‫وﻟم ﯾﻛﺗف ﺑﺎﻟوﻋظ واﻹرﺷﺎد وﻟﻛﻧﮫ أﻛد ﻋﻠﻲ وﺟوب اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﻧظم واﻟﻣﻣﺗد زﻣﺎًﻧﺎ وﻣﻛﺎًﻧﺎ ‪ ،‬وﻻﺑد‬
‫ﻣن ﺗﺣدﯾد اﻷھداف ورﺳم اﻟﺧطط وﺗﺣدﯾد اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗم اﻟﺑﻧﺎء ‪ .‬وأﺛﻧﺎء ﺳﯾره ﺑﺎﻟدﻋوة وﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﮭﺎ‬
‫ﺣدد ﻣراﺣﻠﮭﺎ ﻣن ﺗﻌرﯾف وﺗﻛوﯾن وﺗﻧﻔﯾذ ‪.‬‬
‫وﺣدد اﻟﺧطوات واﻷھداف اﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ ﺑﺈﯾﺟﺎد ‪:‬‬
‫اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻧﻣوذج ‪.‬‬
‫واﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻘوى ‪.‬‬
‫واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣﺗﺟﺎوب ﻣﻊ دﻋوة ﷲ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪.‬‬
‫وﯾﺗم ذﻟك ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي اﻟﺷﻌوب واﻷﻗطﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ .‬ﺛم ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻋﻠﻲ رأﺳﮭﺎ اﻟﺧﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‬
‫وأﺳﺗﺎذﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺈذن ﷲ ‪.‬‬
‫ﺛم ﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﺣدد اﻟوﺳﺎﺋل وﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ ھو واﻹﺧوان ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ‪:‬‬
‫دروس وﻣﺣﺎﺿرات وﻧدوات وﻣؤﺗﻣرات ‪.‬‬
‫وﻧﺷرات وﺻﺣف وﻣﺟﻼت ‪.‬‬
‫وأﺳر وﻛﺗﺎﺋب ورﺣﻼت وﻣﻌﺳﻛرات ‪.‬‬
‫ورﯾﺎﺿﺔ وﺟواﻟﺔ ‪.‬‬
‫واﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻛﺎﻟﻣدارس واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣﺳﺗوﺻﻔﺎت واﻷﻧدﯾﺔ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪.‬‬
‫وﻛذا ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑر واﻟﺧدﻣﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ‪.‬‬
‫وھﻛذا ﻋﺎش ﻣﻊ إﺧواﻧﮫ اﻹﺳﻼم ﻓﮭًﻣﺎ وﻋﻣﻼ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت وﻟم ﯾﺣﺻره ﻓﻲ اﻟزواﯾﺎ واﻟﻣﺳﺎﺟد ‪ ،‬أو ﻓﻲ اﻟﻌﻠم‬
‫واﻟﻌﺑﺎدة ﻓﻘط ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺣرﻛﺔ واﻹﻋداد ﻧﺟده ﺣدد أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة وأوﺿﺢ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وﺟﻌل اﻟﻔﮭم اﻟرﻛن‬
‫اﻷول ووﺿﻊ ﻟﮫ أﺻوﻻً ﻋﺷرﯾن ﻛﺈطﺎر ﯾوﺿﺢ ﺷﻣول ھذا اﻟﻔﮭم وﻧﻘﺎﺋﮫ ﻣن اﻟﺷواﺋب ﻛﻣﺎ ﻛﺗب اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‬
‫ﻟﺗوﺿﯾﺢ اﻟدﻋوة ‪ .‬وﺣدد واﺟﺑﺎت اﻷخ اﻟﻌﺎﻣل ‪ .‬واﻟوﺻﺎﯾﺎ اﻟﻌﺷر إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻟﺗﻲ رأﯾﻧﺎ وﻻزﻟﻧﺎ‬
‫ﻧﻠﻣس أھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻓﺎﺋدﺗﮭﺎ رﻏم ﻣرور اﻟﺳﻧﯾن واﻷﻋوام ‪.‬‬
‫واھﺗم رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد واﻹﻋداد ﻟﮫ ودﻓﻊ اﻹﺧوان ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد ﻓﻲ ﻓﻠﺳطﯾن ﺿد اﻟﯾﮭود اﻟﺻﮭﺎﯾﻧﺔ ﻣﻣﺎ ھو‬
‫ﻣﻌروف وﻣﺷﮭود ﻟﮭم ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻣﺎرﺳﮫ اﻹﺧوان ﺑﻌد ذﻟك ﺿد اﻻﻧﺟﻠﯾز ﻓﻲ ﻗﻧﺎة اﻟﺳوﯾس ﻣﻣﺎ اﺿطرھم إﻟﻲ اﻟﺟﻼء ‪.‬‬
‫وھﻛذا ﺑﻌد أن أوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻟطرﯾق وﻣﻌﺎﻟﻣﮫ وﺳﺎر ﺑﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺗرة ﻣن اﻟزﻣﺎن ﻟﻘﻲ ﷲ ﺷﮭﯾدًا ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ‪ ،‬ﻋﻧدﻣﺎ‬
‫ﺗﺄﻣر أﻋداء ﷲ ﺧﺎرج ﻣﺻر واﺳﺗﻌﺎﻧوا ﺑﺄﻋداء ﷲ ﺑداﺧﻠﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﻋﻠﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻓﺣﻠوا اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ دﯾﺳﻣﺑر ‪1948‬‬
‫وﻗﺗﻠوه ﻓﻲ ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ‪ . 1949‬وظﻧوا واھﻣﯾن أﻧﮭم ﺑﻘﺗﻠﮫ وﺣل ﺟﻣﺎﻋﺗﮫ ﻗد اﻧﺗﮭﻲ واﺳﺗراﺣوا ﻣن ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺣق اﻟﺗﻲ ﺗﮭدد‬
‫ﺑﺎطﻠﮭم ﺑﺎﻹزھﺎق ‪ .‬وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﯾﺳت دﻋوة ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ وﻻ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ ‪ ،‬وﻟﻛﻧﮭﺎ دﻋوة ﷲ وﺟﻧد ﷲ إﻧﮭﺎ ﻧور‬
‫ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ ﻧور ﷲ ﺑﺷر‪.‬‬
‫ﻓﻘد ﺗﻌرﺿت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ ﻣﺣن ﺷدﯾدة ﻣﺗﻛررة ﻓﻲ ﻣﺻر وﻏﯾر ﻣﺻر ‪ ،‬وﻟﻛن ﻷن اﻟﻣﺣن ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ‪ ،‬ﻓﻘد‬
‫ازدادت اﻟدﻋوة أﺻﺎﻟﺔ وﻧﻘﺎء وازداد اﻟﻣﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ ﻛﻣﺎ وﻛﯾﻔﺎ ﺑﻔﺿل ﷲ ورﻋﺎﯾﺗﮫ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺑﻧﺎ ﻧري ﺗﻠك اﻟﺷﺟرة اﻟطﯾﺑﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﻏرﺳﮭﺎ ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر ورواھﺎ ﺑدﻣﮫ ھو واﻟﺷﮭداء ﻗﺑﻠﮫ وﺑﻌده ﺗﺗﻌﻣق ﺟذورھﺎ وﺗﻣﺗد ﻓروﻋﮭﺎ وﯾﺷﺗد ﺳﺎﻗﮭﺎ وﺳﺗؤﺗﻲ‬
‫أﻛﻠﮭﺎ ﺑﺈذن رﺑﮭﺎ وﻟو ﻛره اﻟﻣﺷرﻛون ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. " " :‬‬

‫‪3‬‬
‫إن ھذه اﻟﺻﺣوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧراھﺎ اﻟﯾوم ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺗدﯾن اﻟﺷﺑﺎب ﻓﺗﯾﺎًﻧﺎ وﻓﺗﯾﺎت ‪ ،‬ﻣﺎ ھﻲ‬
‫إﻻ اﻷوراق واﻟﻔروع اﻟﻣورﻗﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺷﺟرة ‪ .‬ھﻲ اﻵﺛﺎر واﻟﺛﻣﺎر اﻟطﯾﺑﺔ ﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‬
‫وأﻣﺛﺎﻟﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﺣرﻛﺎت أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ ‪ .‬إﻧﮭﺎ ﺻﺣوة ﺗﻘوم ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن اﻟﻔﮭم اﻟﺳﻠﯾم اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻺﺳﻼم ‪ ،‬وﻋﻠﻲ‬
‫روح ﺟﮭﺎدﯾﺔ وﺛﺎﺑﺔ ‪ ،‬ﺗؤﺛر اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻋﻠﻲ ﻛل أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ وﺗﺄﺑﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟذﻟﯾﻠﺔ ‪ .‬ﺗﻘﺎوم اﻟظﻠم واﻟﻔﺳﺎد واﻹﻟﺣﺎد‬
‫وﻻ ﺗﺧﺎف ﻓﻲ ﷲ ﻟوﻣﺔ ﻻﺋم " " ‪.‬‬
‫ھﻛذا ﻧور اﻟﻔﺟر ﺑدأ ﯾطل ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن ﺑﯾن ﺣﺟب اﻟظﻼم ﯾﺑﺷرﻧﺎ ﺑﻘرب ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻠﯾل ﺑﻛل ﻛﻼﻣﮫ وﺳطوع ﺷﻣس اﻟﺣق ﻟﺗزھق‬
‫اﻟﺑﺎطل ﺑﻛل ﺻوره وأﺷﻛﺎﻟﮫ ﺑﺈذن ﷲ " " وأﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ ﷲ ﻛﺑﯾر أن ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك ﻋﻠﻲ أﯾدي ھذا اﻟﺟﯾل ﻣن اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم " "‬
‫ﻟذﻟك ﻟزم اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر ﺑﺈﻋداده وﺗوﺿﯾﺢ اﻟطرﯾق ﻟﮫ ﻟﯾﺗﻌرف ﻋﻠﻲ ﻣﻌﺎﻟﻣﮫ وﻋﻠﻲ ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻛﻲ ﯾﺳﯾر ﺑﻘوة وﺑرؤﯾﺔ‬
‫واﺿﺣﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎل ﺑﺗﺷﻛﯾك أو ﺗﺛﺑﯾط ‪.‬‬
‫وھذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﮫ ﺑﻌون ﷲ ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺣﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﺎﺋﻠﯾن إﯾﺎه اﻹﺧﻼص واﻟﺻدق وأن ﯾﺟﻌل ﻣن وراء ذﻟك اﻟﺧﯾر وﺑﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺗوﻓﯾق ‪.‬‬
‫اﻟﻣـؤﻟـف‬

‫‪4‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻷول‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن طرﯾق اﻟدﻋوة ‪16 :‬‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﺧط اﻷﺻﯾل ﻟطرﯾق اﻟدﻋوة ﻟﮫ ﺻور ﻋد ّة ﻣﻧﮭﺎ ‪ :‬اﻟظﺎھر اﻟﺟﻠﻲ ‪ .‬وﻣﻧﮭـﺎ ‪ :‬اﻟﻣﺳـﺗﺗر اﻟﺧﻔـﻲ ‪ .‬وﯾﺣـدث‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ أو اﻟﮭدف أو اﻟﻔﮭم أو اﻟوﺳﺎﺋل واﻟﺧطوات أو ﻏﯾـر ذﻟـك ‪ ،‬وﺳـﺗﻧﺎول ﺑﻌـون ﷲ ﻣـﺎ ﯾﻔـﺗﺢ ﷲ ﺑـﮫ ﻋﻠّﯾﻧـﺎ‬
‫ﺳﺎﺋﻠﯾن إﯾﺎه أن ﯾﻠﮭﻣﻧﺎ اﻟﺻواب وأن ﯾﺟﻧﺑﻧﺎ اﻟزﻟل ‪.‬‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ‪:‬‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ھو أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت ‪ ،‬وأﺷدھﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺣذر ﻣﻧﮫ ‪ ،‬ﻓﻐﺎﯾﺗﻧـﺎ ﻋﻠـﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة ھـو ﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﮫ‬
‫واﻻﻧﺣراف ھﻧﺎ ﯾﻌﻧـﻲ أن ﯾﻘﺻـد ﻏﯾـر ﷲ ‪ ،‬أو ﻋﻠـﻲ اﻷﻗـل ﯾﺷـرك ﻣـﻊ ﷲ ﻏﺎﯾـﺎت أو ﻣﻘﺎﺻـد دﻧﯾوﯾـﺔ وﻣطـﺎﻣﻊ ﺷﺧﺻـﯾﺔ ‪.‬‬
‫طﺎ ﯾﻌرض اﻟﻌﻣل ﻛﻠﮫ ﻟﻺﺣﺑﺎط وﻋدم اﻟﻘﺑول ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ (:‬وﻗـﺎل ﺻـﻠﻲ ﷲ‬ ‫وﻣﻌﻠوم أن أي اﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ وﻟو ﻛﺎن ﺑﺳﯾ ً‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن رب اﻟﻌزة ‪ " :‬أﻧﺎ أﻏﻧﻲ اﻟﺷرﻛﺎء ﻋن اﻟﺷرك ‪ .‬ﻓﻣن ﻋﻣل ﻋﻣﻼ أﺷرك ﻓﯾﮫ ﻏﯾـري ﺗرﻛﺗـﮫ وﺷـرﻛﮫ " ﻷن ﷲ‬
‫ﻏﻧﻲ ﻋن اﻟﺷرﻛﺔ وﻻ ﯾﻘﺑل إﻻ اﻟﻌﻣل اﻟﺧﺎﻟص ﻟوﺟﮭﮫ ‪.‬‬
‫ﻣن ھﻧـﺎ ﻛـﺎن إﺧـﻼص اﻟﻧﯾـﺔ ‪ .‬وﻧﻘﺎؤھـﺎ ﻣـن ﻛـل ﺷـﺎﺋﺑﺔ أﻣـًرا أﺳﺎﺳـًﯾﺎ ﻋﻠـﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة ‪ ،‬وﯾﺣﺗـﺎج إﻟـﻲ اﻟﻣراﺟﻌـﺔ‬
‫واﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟداﺋم ‪ .‬ﻓﺎﻟﻧﻔس ﻟﮭﺎ أھواء واﻟﺷﯾطﺎن ﯾﺟري ﻣن اﺑن آدم ﻣﺟري اﻟدم ‪ ،‬وﯾﺣرص داﺋًﻣـﺎ دون ﻣﻠـل ﻋﻠـﻲ أن ﯾﻔﺳـد‬
‫ﻋﻠﯾﮫ ﻋﺑﺎدﺗﮫ وﺟﮭﺎده وأن ﯾﺣﯾط أﻋﻣﺎﻟﮫ وﺛواﺑﮫ ‪.‬‬
‫أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻣﻛﻣن اﻟﺧطر ‪:‬‬
‫ﻗﺎل ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ ﺣدﯾث اﻟﻧﻌﻣﺎن ﺑن ﺑﺷﯾر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ‪ " :‬أﻻ وإﱠن ﻓﻲ اﻟﺟﺳـد ﻣﺿـﻐﺔ إذا ﺻـﻠﺣت ﺻـﻠﺢ‬
‫اﻟﺟﺳد ﻛﻠﮫ ‪ ،‬وإذا ﻓﺳدت ﻓﺳد اﻟﺟﺳد ﻛﻠﮫ ‪ ،‬أﻻ وھﻲ اﻟﻘﻠب " ‪.‬‬
‫اﻟرﯾﺎء واﻟﻐرور واﻟﻛﺑر واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ وﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ وﺣب اﻟظﮭور – اﻟذي ﯾﻘﺻم اﻟظﮭور – واﻟﺗطﻠﻊ ﻷﻋـراض اﻟـدﻧﯾﺎ ﻣـن‬
‫ﻣﻧﺎﺻب أو ﺟﺎه أو ﻣﺎل أو ﺳﻠطﺎن إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻻھﺗﻣﺎﻣﺎت اﻟدﻧﯾوﯾﺔ اﻟﮭﺎﺑطﺔ ‪ ،‬ﻛل ذﻟك ﻣـن أﻣـراض اﻟﻘﻠـوب اﻟﺗـﻲ‬
‫ﺗﻧﺣرف ﺑﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ‪ ،‬وھﻲ أﺷد ﺧطًرا ﻣن أﻣراض اﻷﺟﺳﺎد ‪ ،‬ﻷن أﻣراض اﻷﺟﺳﺎد أﺛرھﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟﺳد اﻟﻔـﺎﻧﻲ‬
‫ب ﻓﺄﺛرھﺎ ﻣﻣﺗد ﻣﻊ اﻟروح اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻓﺗرة اﻟـدﻧﯾﺎ واﻵﺧـرة ‪ .‬إن أﻣـراض اﻟﻘﻠـوب ﺗﻔﺳـد‬ ‫ﻓﺗرة اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ‪ ،‬أﻣﺎ أﻣراض اﻟﻘﻠو ْ‬
‫اﻟﻧﯾﺔ وﺗﺣﺑط اﻷﻋﻣﺎل ‪.‬‬
‫وﻟﻧﻌﻠم أن أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻣوﺟودة ﻋﻧد ﻛل إﻧﺳﺎن ‪ ،‬وﻟﻛن اﻟﻣؤﻣن ﯾﻘﺎوﻣﮭﺎ داﺋًﻣﺎ وﯾﻘﮭرھﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻘوة إﯾﻣﺎﻧﮫ وﺗﻘواه‬
‫ودوام ﻣراﻗﺑﺗﮫ ﻟرﺑﮫ ‪ ،‬وﺑﺗﺟدﯾد اﻟﻧﯾﺔ وإﯾﺛﺎر ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻋﻠﻲ ﻛل أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ ﻣﺳﺗﯾﻘﻧﺎ أن ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻣن ﺟزاء ﺧﯾر وأﺑﻘﻲ‬
‫‪ .‬إﻧﮫ ﺗﺟﺎذب وﺻراع داﺋم ﺑﯾن دواﻓﻊ اﻟﺧﯾر وﻧوازع اﻟﺷر ‪ ،‬ﻣﺟﺎھدة ﻟﻠﻧﻔس ﻟﺗزﻛﯾﺗﮭﺎ واﻟﻘرب ﺑﮭﺎ ﻣن ﷲ ‪ ،‬وﺟذب اﻷرض‬
‫ﻟﮭﺎ ﺑﺷﮭوات اﻟﺟﺳد ورﻏﺑﺎﺗﮫ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ (( ‪.‬‬
‫‪ 17‬وﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗوﺟﮫ اﻟﻛﺎﻣل إﻟﻲ اﻷﻏراض اﻟدﻧﯾوﯾﺔ واﻟﺗﺣول اﻟﻛﺎﻣل ﻋن‬
‫ﷲ ‪ ،‬وﻟﻛن ﻣﺟرد وﺟود أي ﻗدر ﻣن ﺗﻠك اﻷﻏراض ﻓﻲ اﻟﻧﯾﺔ واﺳﺗﻘراره ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﻓﮭو اﻧﺣراف ﻛﺎف ﻹﺣﺑﺎط اﻟﻌﻣل‬
‫وإﺧراﺟﮫ ﻣن داﺋرة اﻹﺧﻼص ‪ . .‬وﻣن ﻣﻛﺎﻣن اﻟﺧطر ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ‪ ،‬أﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻧﯾﺔ ﻣﺣﻠﮭﺎ اﻟﻘﻠب ﻓﻘد‬
‫ﯾﺣدث اﻻﻧﺣراف وﻻ ﯾظﮭر ﻟﻠﻧﺎس إﻻ ﺑﻌد وﻗت ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗطﻐﻲ أﻋراﺿﮫ وﺗظﮭر ‪ ،‬وﯾﻛون ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت ﻗد أﻓﺳد ﻏﯾره أو‬
‫ﺗرك آﺛﺎرا ﺳﯾﺋﺔ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ‪ .‬وإن ﻛﺎﻧت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻗﺻﺎء أﺻﺣﺎب ﻣﺛل ھذه اﻷﻣراض ﻋن‬
‫اﻟﺻف إﻻ أن ﯾﻌدﻟوا وﯾطﮭروا ﻗﻠوﺑﮭم وﯾﺧﻠﺻوا ﻧﯾﺗﮭم ‪ . .‬ﻓﻘد ﻋودﻧﺎ ﷲ أن ھذه اﻟدﻋوة ﺗﻧﻔﻲ ﻋﻧﮭﺎ ﺧﺑﺛﮭﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪( :‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﮭﺎ اﻟدﻋوات واﻟﺗﻲ ھﻲ ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن ﺗﻧﻔﻲ اﻟﺻف وﺗﻣﯾز‬
‫اﻟﺻﺎدق ﻣن ﻏﯾره( ‪.‬‬
‫أھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص ‪18 :‬‬
‫وﻷھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ وردت آﯾﺎت وأﺣﺎدﯾث ﻧﺑوﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﻧورد ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻋﻠﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ‪.:‬‬
‫وﻣن اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻧﺑوﯾﺔ ﺣدﯾث " إﻧﻣﺎ اﻷﻋﻣﺎل ﺑﺎﻟﻧﯾﺎت " وھو ﺣدﯾث ﻣﻌروف ﯾوﺿﺢ أﺛر اﻟﻧﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل وﻋﻠﻲ اﻟﺟزاء‬
‫‪ ،‬وﻋن أﺑﻲ ھرﯾرة رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " إن ﷲ ﻻ ﯾﻧظر إﻟﻲ أﺟﺳﺎﻣﻛم وﻻ إﻟﻲ‬
‫ﺻورﻛم وﻟﻛن ﯾﻧظر إﻟﻲ ﻗﻠوﺑﻛم " رواه ﻣﺳﻠم ‪ .‬وﻋن أﺑﻲ ﻣوﺳﻲ اﻷﺷﻌري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﺳﺋل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟرﺟل ﯾﻘﺎﺗل ﺷﺟﺎﻋﺔ وﯾﻘﺎﺗل ﺣﻣﯾﺔ رﯾﺎء أي ذﻟك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ؟ ﻓﻘﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻣن‬
‫ﻗﺎﺗل ﻟﺗﻛون ﻛﻠﻣﺔ ﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﮭو ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ " ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وﻷھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺟﻌﻠﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﯾﻠزم ﻛل أخ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ وﺑﺎﻟوﻓﺎء‬
‫واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن أي ﺷﺎﺋﺑﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﻲ ﺑﯾﻌﺗﮫ ‪ .‬وھﺎ ھو ﯾوﺿﺢ ﻣﻔﮭوﻣﮫ ﻟﻺﺧﻼص ﻓﯾﻘول ‪ " :‬وأرﯾد ﺑﺎﻹﺧﻼص‬
‫أن ﯾﻘﺻد اﻷخ ﺑﻘوﻟﮫ وﻋﻣﻠﮫ وﺟﮭﺎده ﻛﻠﮫ وﺟﮫ ﷲ ‪ ،‬واﺑﺗﻐﺎء ﻣرﺿﺎﺗﮫ وﺣﺳن ﻣﺛوﺑﺗﮫ ‪ ،‬ﻣن ﻏﯾر ﻧظر إﻟﻲ ﻣﻐﻧم أو ﻣظﮭر أو‬
‫ﺟﺎه أو ﻟﻘب أو ﺗﻘدم أو ﺗﺄﺧر ‪ .‬وﺑذﻟك ﯾﻛون ﺟﻧدي ﻓﻛرة وﻋﻘﯾدة ﻻ ﺟﻧدي ﻏرض وﻣﻧﻔﻌﺔ ( ‪ .‬وﺑذﻟك ﯾﻔﮭم اﻷخ اﻟﻣﺳﻠم‬
‫ﻣﻌﻧﻲ ھﺗﺎﻓﮫ ) ﷲ ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ( و ) ﷲ أﻛﺑر و‪ .‬اﻟﺣﻣد ( ‪.‬‬
‫وﻣن أﺻﺎﻟﺔ رﺟل اﻟدﻋوة ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أن ﯾﺻدق ﻣﺎ ﻋﺎھد ﷲ ﻋﻠﯾﮫ دون ﺗﺑدﯾل وﻻ ﺗﻐﯾﯾر ﺣﺗﻰ ﯾﻠﻘﻲ ﷲ ﻋﻠﻲ‬
‫ذﻟك ‪ ،‬ﻓﯾﻛون ﻣﻣن ﻗﺎل ﷲ ﻓﯾﮭم( وﻧﻘدم ﺑﻌد ذﻟك ﻣﻼﺣظﺎت وﻋﺑر ﺣول ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻣﻣﺎ ﻟﻣﺳﻧﺎه ﺧﻼل ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟدﻋوة ﻟﻌل ﻓﯾﮫ اﻟﻧﻔﻊ إن ﺷﺎء ﷲ ‪.‬‬
‫أﻧواع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﻗد ﯾﻧﺟﺢ اﻷخ ﻓﻲ اﻣﺗﺣﺎن اﻟﺷدة واﻻﺑﺗﻼء وﯾظن أﻧﮫ ﺻﺎر ﻓﻲ ﻧﺟﺎة ﻣن اﻟﻔﺗن ‪ ،‬وﻟﻛﻧﮫ ﻗد ﯾرﺳب ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌرض ﻟﻔﺗﻧﺔ اﻟدﻧﯾﺎ‬
‫وﻣﺗﺎﻋﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﻠﻧﻛن ﻋﻠﻲ ﺣذر ﻣن ذﻟك ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . (:‬ﺛم إن أﻋداء ﷲ ﺟﻌﻠوا ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻔﺗﻧﺔ ﺑﺎﻟدﻧﯾﺎ واﻟﻣﻧﺎﺻب وﻏﯾر ذﻟك ﻣن‬
‫وﺳﺎﺋل ﺣرﺑﮭم ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻔﺗﻧﺔ ﺑﺎﻹﯾذاء واﻟﺗﻌذﯾب ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻓﻲ طرﯾق اﻟﻣﺻطﻔﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم‬
‫ﻋﺑرة ﺣﯾث ﻋُرض ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﻠك واﻟﺟﺎه واﻟﻣﺎل ‪ .‬وﻧﺟدھم ﻓﻲ ذﻟك ﯾﺧدﻋون ﻣن ﯾﻐروﻧﮭم ﺑذﻟك ﺑﺄن ﻓﯾﮫ دﻋًﻣﺎ وﺗﻣﻛﯾًﻧﺎ ﻟﻠﻌﻣل‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪ ،‬وإﻧﮭم ﻟﻛﺎذﺑون ‪.‬‬
‫وﻗد ﻋﺎش رﺳوﻟﻧﺎ اﻟﻛرﯾم اﻟﺣﺑﯾب ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻓﻲ ﺷظف ﻣن اﻟﻌﯾش – وﻟو أراد ﻟﻛﺎن أرﻏد اﻟﻧﺎس ﻋﯾﺷﺎ‬
‫– وﻟﻛن ﻟﯾﺿرب ﻟﻧﺎ اﻟﻣﺛل ﻓﻲ اﻟزھد واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻲ أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ وإﯾﺛﺎر ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻓﺎﻟدﻧﯾﺎ ﻟﯾﺳت دار ﻣﺳﺗﻘر وﻻ دار ﻧﻌﯾم‬
‫وﻛﺛﯾًرا ﻣﺎ ﯾدﻋو اﻟرﺧﺎء إﻟﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض ‪ .‬وﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺟﻌﻠﻧﺎ راﺋدﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﺳﻠم ﻓﻠﻧﻘﺗد ﺑﮫ وﻟﻧﺣذر ﻓﺗﻧﺔ اﻟدﻧﯾﺎ ‪ .‬وﻟﻧﺄﺧذ اﻟﻌﺑرة ﻣﻣﺎ ﻗﺻﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺷﺄن ﺳﺣرة ﻓرﻋون وﻛﯾف ﻏﯾﱠرھم‬
‫اﻹﯾﻣﺎن وﻋدل ﻣوازﯾﻧﮭم ‪ ،‬ﻓﺑﻌد أن ﺟﺎءوا ﻓﻲ اﻟﺿﺣﻰ ﯾطﻠﺑون اﻟﻣﺎل واﻟﻘرب ﻣن ﻓرﻋون إذا ﺑﮭم ﺑﻌد إﯾﻣﺎﻧﮭم ﻻ ﯾﺧﺷون‬
‫ﺗﮭدﯾد ﻓرﻋون ﻟﮭم ﺑﺄﺷد اﻟﻌذاب وﻟﻛﻧﮭم( ھﻛذا ﺗﻌدﻟت اﻟﻣوازﯾن ‪ .‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ھذا ﻣوﻗف ﺳﺣرة ﻓرﻋون ﻓﮭل ﯾﺟوز ﻟﻣن ﯾﺳﯾر‬
‫ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أن ﯾﻧﺗﻛس وﯾﻣﯾل إﻟﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت وﺟﮭﺗﮫ ﺧﺎﻟﺻﺔ ‪ .‬؟ ‪.‬‬
‫وﻣن أﻋراض ﻣرض اﻟﻐرور اﻟﺗﻲ ﻟﻣﺳﻧﺎھﺎ أن ﯾظن اﻷخ أﻧﮫ ﻣﺗﻣﯾز ﻋﻠﻲ ﻏﯾره ﺑﺧﺑرة وذﻛﺎء وﺣﺳن ﺗﻘدﯾر ﻟﻸﻣور وﻣﻌرﻓﺔ‬
‫ﺑﻔﻧون اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وأﺳﺎﻟﯾﺑﮭﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎورة ﻣﻊ اﻷﻋداء إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ‪ ،‬وﯾﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻲ إﺧواﻧﮫ وﯾﺑﺧﺳﮭم أﺷﯾﺎءھم وﻟو ﻛﺎﻧوا‬
‫أھل ﺳﺑق ﻓﻲ اﻟدﻋوة ‪ .‬وأﻣﺛﺎل ھؤﻻء ﻟو ﺗﺣﻘق ﺧﯾر ﻟﻠدﻋوة ﻋﻠﻲ أﯾدﯾﮭم ﯾرﺟﻌوﻧﮫ إﻟﻲ ﻣﻘدرﺗﮭم وﻋﺑﻘرﯾﺗﮭم وﯾﻧﺳون ﻓﺿل‬
‫ﷲ وﻋوﻧﮫ وﺗوﻓﯾﻘﮫ ‪ .‬وأﻧﮫ ﻟوﻻ ذﻟك ﻣﺎ ﺗﺣﻘق ﺧﯾر ‪ .‬وﯾذﻛرﻧﺎ ھذا ﺑﻣﻧطق ﻗﺎرون( ‪.‬‬
‫وﻟﻣﺳﻧﺎ أن ﺻﺎﺣب ﻣرض ﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ ﯾﺣرص ﻋﻠﻲ رﺑط اﻷﻓراد ﺑﺷﺧﺻﮫ أﻛﺛر ﻣن ﺣرﺻﮫ ﻋﻠﻲ رﺑطﮭم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪،‬‬
‫وﯾﻘرب ﻣﻧﮫ ﻣن ﯾﺷﺟﻌون ﻓﯾﮫ ھذه اﻟﻧزﻋﺔ ‪ .‬ﻟﮭذا ﯾﻠزم اﻟﺗﺣذﯾر ﻣن اﻻرﺗﺑﺎط ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣواﻗﻔﮭم أو ﻣﻣﯾزاﺗﮭم‬
‫ﻓﺈن اﻟﺣﻲ ﻻ ﺗؤﻣن ﻋواﻗﺑﮫ ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﺑن ﻣﺳﻌود واﻟﺻﺣﺎﺑﺔ اﻟﻛرام ‪.‬‬
‫ﻟﯾﻛن ﻣﻌﻠوًﻣﺎ أن ﻣن ﯾظﮭر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌض أﻋراض ھذه اﻷﻣراض ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑوﺟود اﻟﻣرض ﻋﻧده رﺑﻣﺎ ﻟﺟﮭل ﻣﻧﮫ ﺑذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ﺗﻠﺑﯾس إﺑﻠﯾس ﻟﮫ ‪ ،‬أو ﻟﻛﯾﻼ ﯾﺗﺧذ ﻣﻧﮫ ﻣوﻗف ﺑﺳﺑب ذﻟك ‪ ،‬وﻗد ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻲ ﺗﺑرﯾر ﻣواﻗﻔﮫ أﻧﮭﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة وﻟﯾﺳت‬
‫ﻷﻏراض ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛﺎﺷﺗراﻛﮫ ﻓﻲ وزارة ﻻ ﺗﺣﻛم ﺑﺷرع ﷲ وﯾﻧﮭم ﻏﯾره ﺑﺎﻟﻘﺻور ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا‬
‫اﻟﺗﺻرف ‪.‬‬
‫ﺛم إذا ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك ﺛﻣﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ھل ﯾﻧﻔرد ھو ﺑﺗﻘدﯾرھﺎ ؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ﻗد ﯾﻧدﻓﻊ اﻟﺑﻌض ﺑﺣﺳن ﻧﯾﺔ إﻟﻲ ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ أﺻﺣﺎب ھذه اﻷﻣراض ‪ ،‬أﻣﺎ إﺷﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺻف ﻣن اﻟﺗﺻدع ‪ ،‬أو ﺧوﻓﺎ ﻣن‬
‫ﺣرﻣﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﺟﮭودھم أو ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﺳﺑﺎب ‪ ،‬وﻟﻛن ﻟﯾﻛن ﻣﻌﻠوًﻣﺎ أن ﺑﻘﺎء ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺻف – ﺑﻌد‬
‫اﺳﺗﻌﺻﺎء ﻋﻼﺟﮭم – أﺧطر وأﺿر ﺑﺎﻟﺻف ﻣن ﺗطﮭﯾر ﻣﻧﮭم ‪ .‬ﻓﻔﻲ ﺑﻘﺎﺋﮭم إﻗرار ﻟﻼﻧﺣراف وﺗﺄﺛر ﻟﻠﻐﯾر ﺑﮫ وﻓﺗﺢ ﺑﺎب‬
‫ﻟﻠﺗﺳﯾب وﻋدم اﻻﻟﺗزام وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟن ﯾﻘﺎل ﻓﻼن اﻧﺣراف وﻟﻛن ﯾﻘﺎل ﺻف أﻋوج ﺑﺑﻘﺎء اﻟﻣﻧﺣرف ﻓﯾﮫ ‪.‬‬
‫وﻧﺧﺗم ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﺣول اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﺑﻛﻼم ﻟﻠﺷﮭﯾد ﺳﯾد ﻗطب ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺣﯾث ﯾﻘول ‪ ) :‬اﻟﻣرة ﺑﻌد ﻣرة ﯾﺻﺎب‬
‫ﺑﻌض أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻧزوات ‪ ،‬وﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﯾﺳﻘط أﺻﺣﺎب ھذه اﻟﻧزوات ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻘط اﻟورﻗﺔ اﻟﺟﺎﻓﺔ ﻣن اﻟﺷﺟرة اﻟﺿﺧﻣﺔ ‪.‬‬
‫وﻗد ﯾﻣﺳك اﻟﻌدو ﺑﻔرع ﻣن اﻟﺷﺟرة وﯾظن أﻧﮫ ﯾﺟذب ھذا اﻟﻔرع ﺳﯾﻘﺗﻠﻊ ﻣﻌﮫ اﻟﺷﺟرة ﻛﻠﮭﺎ ‪ ،‬ﺣﺗﻰ إذا آن اﻷوان وﺟذب‬
‫اﻟﻔرع ﺧرج ﻓﻲ ﯾده ﻛﺎﻟﺣطﺑﺔ اﻟﺟﺎﻓﺔ ﻻ ﻣﺎء وﻻ ﺣﯾﺎة وﺑﻘﯾت اﻟﺷﺟرة ( ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ‪23:‬‬
‫ﺿﺎ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف اﻷﺻﻠﯾﺔ إﻟﻲ أھداف ﺟزﺋﯾﺔ أو ﻓرﻋﯾﺔ أو إﻟﻲ أھداف ﻣﻐﺎﯾرة‬ ‫وﻣن اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻟﺧطﯾرة أﯾ ً‬
‫ﻟﻸھداف اﻷﺻﻠﯾﺔ ‪ ،‬وذﻟك ﯾرﺗب إﺿﺎﻋﺔ ﻟﻠﺟﮭود واﻟطﺎﻗﺎت ﺑدون طﺎﺋل ‪ ،‬واﻧﺗﻛﺎﺳﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ وﻧﺗﺎﺋﺟﮫ‬
‫اﻟﻣرﺟوة ‪ .‬وﻗد أوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻧﻧﺎ ﻧﮭدف إﻟﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ‬
‫وﺗﺑﻠﯾﻎ اﻹﺳﻼم ﻟﻠﻧﺎس ﻛﺎﻓﺔ ‪.‬‬
‫ﻓﻧﺟده ﯾﺧﺎطﺑﻧﺎ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ " ﺑﯾن اﻷﻣس واﻟﯾوم " ﻓﯾﻘول ‪ ) :‬اذﻛروا أن ﻟﻛم ھدﻓﯾن أﺳﺎﺳﯾن ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن ﯾﺗﺣرر اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣن ﻛل ﺳﻠطﺎن أﺟﻧﺑﻲ وذﻟك ﺣق طﺑﯾﻌﻲ ﻟﻛل إﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻧﻛره إﻻ ظﺎﻟم ﺟﺎﺋر أو ﻣﺳﺗﺑد‬
‫ﻗﺎھر ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن ﺗﻘوم ﻓﻲ ھذا اﻟوطن اﻟﺣر دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺣرة ﺗﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻹﺳﻼم وﺗطﺑق ﻧظﺎﻣﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺗﻌﻠن ﻣﺑﺎدﺋﮫ‬
‫اﻟﻘوﯾﻣﺔ ‪ ،‬وﺗﺑﻠﻎ دﻋوﺗﮫ اﻟﺣﻛﯾﻣﺔ ﻟﻠﻧﺎس ‪ ،‬وﻣﺎ ﻟم ﺗﻘم ھذه اﻟدوﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ آﺛﻣون ﻣﺳﺋوﻟون ﺑﯾن ﯾدي ﷲ اﻟﻌﻠﻲ‬
‫اﻟﻛﺑﯾر ﻋن ﺗﻘﺻﯾرھم ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ وﻗﻌودھم ﻋن إﯾﺟﺎدھﺎ ( ‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺗﺣت راﯾﺔ اﻟﻘرآن ( ﯾﻌﺑر ﻋن ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ وھدﻓﻧﺎ ﻓﯾﻘول ‪ ) :‬ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ إﺟﻣﺎﻻً أن‬ ‫وھﺎ ھو أﯾ ً‬
‫ﺗﻘف ﻓﻲ وﺟﮫ ھذه اﻟﻣوﺟﺔ اﻟطﺎﻏﯾﺔ ﻣن ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣﺎدة وﺣﺿﺎرة اﻟﻣﺗﻊ واﻟﺷﮭوات اﻟﺗﻲ ﺟرﻓت اﻟﺷﻌوب اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﺄﺑﻌدﺗﮭﺎ‬
‫ﻋن زﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھداﯾﺔ اﻟﻘرآن ‪ ،‬وﺣرﻣت اﻟﻌﺎﻟم ﻣن أﻧوار ھدﯾﮭﺎ ‪ .‬وأﺧرت ﺗﻘدﻣﮫ ﻣﺋﺎت اﻟﺳﻧﯾن ‪،‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﺗﻧﺣﺳر ﻋن أرﺿﻧﺎ وﯾﺑرأ ﻣن ﺑﻼﺋﮭﺎ ﻗوﻣﻧﺎ ‪ ،‬وﻟﺳﻧﺎ واﻗﻔﯾن ﻋﻧد ھذا اﻟﺣد ﺑل ﺳﻧﻼﺣﻘﮭﺎ ﻓﻲ أرﺿﻧﺎ ‪ ،‬وﺳﻧﻐزوھﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻋﻘر دارھﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﮭﺗف اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﺑﺎﺳم اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬وﺗوﻗن اﻟدﻧﯾﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟﻘرآن ‪ ،‬وﯾﻧﺗﺷر ظل اﻹﺳﻼم‬
‫اﻟوارف ﻋﻠﻲ اﻷرض ‪ .‬وﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺗﺣﻘق ﻟﻠﻣﺳﻠم ﻣﺎ ﯾﻧﺷده ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﻛون ﻓﺗﻧﺔ وﯾﻛون اﻟدﯾن ﻛﻠﮫ ‪. ( .‬‬
‫وأوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻣن رﺳﺎﺋﻠﮫ أن ھذه اﻷھداف ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛده اﻟدﯾن وﯾﺣﺗﻣﮫ وأﻧﮭﺎ واﺟب ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم‬
‫وﻣﺳﻠﻣﺔ ‪ .‬وﻛﯾف أﱠن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻷول اھﺗﻣوا ﺑﻧﺻب اﻹﻣﺎم أو اﻟﺧﻠﯾﻔﺔ ﺣﺗﻰ ﻗدﻣوا إﻧﺟﺎز ذﻟك ﻋﻠﻲ دﻓن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ .‬وأوﺿﺢ أن اﻟﺣﻛم أﺻل ﻣن أﺻول اﻹﺳﻼم ‪ ،‬وﻗد ﺟﻌﻠﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋروة ﻣن ﻋري‬
‫ﺿﺎ أن اﻟﺣﻛم ﻣﻌدود ﻓﻲ ﻛﺗﺑﻧﺎ اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻘﺎﺋد واﻷﺻول ﻻ ﻣن اﻟﻔﻘﮭﯾﺎت واﻟﻔروع ‪ .‬ﺛم ﻧﺟده رﺿﻲ‬ ‫اﻹﺳﻼم ‪ .‬وذﻛر أﯾ ً‬
‫ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﻌد أن أوﺿﺢ ﻛل ذﻟك ﯾﻘول ﻓﻲ ﺻراﺣﺔ ) أﻣﺎ واﻟﺣﺎل ﻛﻣﺎ ﻧري ‪ ،‬اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ واد اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ‬
‫واد آﺧر ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﻌود اﻟﻣﺻﻠﺣﯾن اﻹﺳﻼﻣﯾﯾن ﻋن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺟرﯾﻣﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻻ ﯾﻛﻔرھﺎ إﻻ اﻟﻧﮭوض واﺳﺗﺧﻼص ﻗوة‬
‫اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن أﯾدي اﻟذﯾن ﻻ ﯾدﯾﻧون ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻹﺳﻼم اﻟﺣﻧﯾف ( ‪.‬‬
‫ھذه ھﻲ اﻷھداف ﺑوﺿوﺣﮭﺎ ووﺟوﺑﮭﺎ وأﺻﺎﻟﺗﮭﺎ واﻻﻧﺣراف ﻋﻧﮭﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﺑﺻور ﻣﻧﮭﺎ ‪:‬‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ‪25 :‬‬
‫ً‬
‫‪ – 1‬اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ اﻷھداف ‪ :‬ﻛﺄن ﯾﻘﺗﺻر ﻣﺛﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺑﺎدة واﻟذﻛر واﻟﻌﻠم واﻟدﻋوة إﻟﻲ ﷲ واﻷﻣر واﻟﻧﮭﻲ ﻋن اﻟﻣﻧﻛر‬
‫وأﻋﻣﺎل اﻟﺑر ‪ ،‬وﯾﺗرك أﻣر اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ‪ .‬وھذا ﯾﻌﺗﺑر‬
‫ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺳﺧﺎ ﻟﻺﺳﻼم واﻧﺗﻔﺎﺿﺎ ﻟﮫ ‪ ،‬وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻏﯾر ﺳﻠﯾم ھذه اﻷھداف اﻟﺟزﺋﯾﺔ أو ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﮭﻲ وﻣﺎ اﺧﺗﺎرت وﺣﺳﺎﺑﮭﺎ‬
‫ﻋﻠﻲ ﷲ ‪ ،‬ﻟﻛن اﻟذي ﻧﻌﻧﯾﮫ ھﻧﺎ ﻣن ﯾﺳﯾرون ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺄھداﻓﮫ اﻟﺗﻲ أوﺿﺣﻧﺎھﺎ ﺛم ﯾﻧﺣرف ﻋﻧﮭﺎ ﺑﮭذا اﻻﺟﺗزاء ‪.‬‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ھو إﯾﺛﺎر اﻟﻌﺎﻓﯾﺔ وﻋدم اﻟﺗﻌرض ﻟﻺﯾذاء ﻣن اﻟﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳﺗﺑدﯾن ﻓﮭذا ﺿﻌف ﻓﻲ اﻹﯾﻣﺎن ﻻ ﯾﻧﺟﻲ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ أﻣﺎم ﷲ ‪ ،‬وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ظل اﻷوﺿﺎع اﻟظﺎﻟﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗطﺑق ﺷرع ﷲ ﻟن ﺗﺻﻔو ﻋﺑﺎدة وﻻ دﻋوة‬
‫وﻻ ﻋﻠم ‪ .‬وﺳﯾظل اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣﺳﺗذﻟﯾن ﻣﺳﺗﺑﻌدﯾن ‪ ،‬وﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮭم وﻋﻠﻲ أﺑﻧﺎﺋﮭم ﻋﻘﺎﺋد ﺿﺎﻟﺔ وﻋﺎدات ﺟﺎھﻠﯾﺔ ﻓﺎﺳدة وﻟن‬
‫ﯾﻐﻧﻲ ﻋﻧﮭم ﻋﻠﻣﮭم ﺷﯾﺋ ًﺎ ‪.‬‬
‫وإذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ﻟﮭذا اﻻﻧﺣراف ﺑﺎﺟﺗزاء اﻷھداف ھو اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺟز أﻣﺎم ﻗوي اﻷﻋداء أو أﻧﮭم ﻟن ﯾﻣﻛﻧوﻧﺎ ﻣن ﺗﺣﻘﯾق‬
‫ﺿﺎ ﺿﻌف إﯾﻣﺎن وﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻔﮭم ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد اﻟﻘوة ﻣن ﷲ ﻣوھب اﻟﻘوي ‪ .‬وإذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ﻟﮭذا‬ ‫أھداﻓﻧﺎ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﮭذا أﯾ ً‬
‫اﻻﻧﺣراف ﺗﺻور أن ﺗﺣﻘﯾق ھذه اﻷھداف ﻟﯾس واﺟًﺑﺎ ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أو أﻧﮫ ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﮭذا ﺧطﺄ ﯾﻠزم ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ وﻣﻌرﻓﺔ‬
‫أﻧﮫ ﻓرض ﻋﯾن وأن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن آﺛﻣون إن ﻟم ﯾﻌﻠﻣوا ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬دوﻟﺔ ﻣﺣدودة ‪ :‬وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ﺑﺎﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺣﻛم إﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻗطر ﻣن أﻗطﺎر‬
‫اﻹﺳﻼم دون اﻟﺗﻔﻛﯾر أو اﻟﻌﻣل واﻟﺗﻌﺎون ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ‪ .‬وھذا ﺧطﺄ وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﺎھدﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟدﻋوة ووﺣدة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . ( :‬وﯾﮭﯾﺊ ﻟﻸﻋداء ﻓرص اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻧوع ﻻ‬
‫ﻧﻌزﻟﮫ ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ – 3‬اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻲ اﻟﺣﻛم ‪ :‬وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ﺑﺄن ﯾﺻﯾر اﻟﮭدف ھو ﻣﺟرد اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻲ‬
‫اﻟﺣﻛم ﺑﺻورة أو ﺑﺄﺧرى ‪ ،‬ﻓﯾدﻓﻊ ذﻟك إﻟﻲ ﺗﺟﺎوزات وﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﻟﻠﺧط اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﻟﯾب واﻟوﺳﺎﺋل ﺑﺳﺑب‬
‫اﻟﺗﺷوق إﻟﻲ اﻟﺣﻛم واﺳﺗﺷراﻓﮫ ﻋﻠﻲ طرﯾﻘﺔ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ‪ .‬وھذا اﻻﻧﺣراف ﯾﻌرض اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻲ‬
‫ﻣﺧﺎطر ﺟﺳﯾﻣﺔ أو اﻻﻧﮭﯾﺎر ﻟﺿﻌف اﻷﺳﺎس ﻓﮭﻧﺎك ﻓرق ﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻹﻗﺎﻣﺔ دﯾن ﷲ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﮫ وﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻟﻣﺟرد‬
‫اﻟوﺻول ﻟﻠﺣﻛم ﻓﺎﻷﺳﺎس اﻟﻼزم ﻟﻛﻼ اﻟﺣﺎﻟﯾن ﻣﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث اﻟﻘوة واﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻼﺳﺗﻘرار واﻻﺳﺗﻣرار ‪.‬‬
‫وﻗد ﻋرض اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬وذﻟك ﺣﯾن ﺟﺎءه ﻋﺗﺑﮫ اﺑن رﺑﯾﻌﺔ ﻣﻣﺛﻼً ﻋن ﻗرﯾش وﻗﺎل ﻟﮫ ‪:‬‬
‫) ‪ ..‬إن ﻛﻧت إﻧﻣﺎ ﺗرﯾد ﺑﻣﺎ ﺟﺋت ﺑﮫ ﻣن ھذا اﻷﻣر ﻣﺎﻻً ﺟﻣﻌﻧﺎ ﻟك ﻣن أﻣواﻟﻧﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون أﻛﺛرﻧﺎ ﻣﺎﻻً ‪ ،‬وإن ﻛﻧت ﺗرﯾد ﺑﮫ‬
‫ﺷرﻓًﺎ ﺳودﻧﺎك ﻋﻠﯾﻧﺎ ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﻘطﻊ أﻣًرا دوﻧك ‪ ،‬وإن ﻛﻧت ﺗرﯾد ﻣﻠًﻛﺎ ﻣﻠﻛﻧﺎك ﻋﻠﯾﻧﺎ ‪ . ( ...‬ﻓﻣﺎ ﻛﺎن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﻘول اﻟرواﯾﺔ إﻻ أن ﻗرأ ﻋﻠﯾﮫ أواﺋل ﺳورة ﻓﺻﻠت إﻟﻲ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. ( :‬‬
‫‪ – 4‬اﻹﺳﻼم اﻟﺟزﺋﻲ ‪ :‬وﻗد ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﺑﺎﻟرﺿﺎ ﺑﺄﺳﻠﻣﺔ ﺑﻌض ﻣراﻓق اﻟدوﻟﺔ دون اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣﻛم‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻛﺎﻣل ‪ ،‬وھذا ﺧطﺄ ﻷن اﻹﺳﻼم ﻛل ﻣﺗﻛﺎﻣل وﻻ ﯾﺻﻠﺢ اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ‪ ،‬ﻓﻣﺛل ذﻟك ﻛﻣن ﯾﺳﺗﺑدل ﯾد آدﻣﻲ‬
‫ﺑرﺟل ﺣﻣﺎر ﻓﺳﯾظل اﻟﺣﻣﺎر ﺣﻣﺎًرا وﻟن ﺗﻐﯾره اﻷطراف اﻵدﻣﯾﺔ ‪ .‬ﻓﻠﻧﺣذر ﻣن ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻷن أﻋداء ﷲ‬
‫ﯾﻔﻛرون ﻓﻲ اﻣﺗﺻﺎص اﻟﺻﺣوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺑﺗﻘدﯾم ﺻور ﺟوﻓﺎء ﻣﻣﺳوﺧﺔ ﻣن اﻟﺣﻛم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﯾﺣوﻟون ﺑﮫ اﻟﺗﯾﺎر ﻋن اﻻﺗﺟﺎه‬
‫اﻷﺻﯾل ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ ( :‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. (:‬‬

‫‪8‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ‬
‫ﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ ‪27 :‬‬
‫ﺿرورة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪:‬‬
‫ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﮫ أن ھذه اﻷھداف اﻟﻌظﯾﻣﺔ اﻟﻣطﻠوب ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ واﻟﺗﻲ أوﺟﺑﮭﺎ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳـﻠم وﻣﺳـﻠﻣﺔ ‪ ،‬ﻻ ﯾﻣﻛـن أن‬
‫ﺗﺗﺣﻘق ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﻔردﯾﺔ ‪ ،‬ﺑدو ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﻧظم ھذه اﻟﺟﮭـود اﻟﻔردﯾـﺔ وﺗرﺳـم ﻟﮭـﺎ اﻟﺧطـط وﺗﮭﯾـﺊ ﻟﮭـﺎ اﻟوﺳـﺎﺋل واﻹﻣﻛﺎﻧﯾـﺎت ‪.‬‬
‫وﻣﻌﻠوم أﻧﮫ ) ﻣﺎﻻ ﯾﺗم اﻟواﺟب إﻻ ﺑﮫ ﻓﮭو واﺟب ( وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﺟب ‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﺻور أن ﯾـؤدي اﻟﻣﺳـﻠم واﺟﺑـﮫ‬
‫ﻛﺎﻣﻼً ﻧﺣو اﻹﺳﻼم ﺑﺻورة ﻓردﯾﺔ ‪ .‬ﻟﮭذا أﻧﺷﺄ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻟﺗﺣﻘﯾق أھداف اﻹﺳﻼم ‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺻور ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑدون ﻗﯾﺎدة ‪ ،‬وﻻ ﻗﯾﺎدة ﻟﯾس ﻟﮭﺎ ﺣق اﻟﺳﻣﻊ واﻟطﺎﻋـﺔ ﻋﻠـﻲ أﻓرادھـﺎ ‪ ،‬وﻻ أﻓـراد ﻣﻧﺗظﻣـﯾن‬
‫ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ دون ﺗﻌﮭدات واﻟﺗزاﻣﺎت ﯾوﻓون ﺑﮭﺎ وﯾﻠﺗزﻣون ﺑﺄداﺋﮭـﺎ ‪ .‬وﻗـد راﻋـﻲ اﻹﻣـﺎم اﻟﺷـﮭﯾد ﺣﺳـن اﻟﺑﻧـﺎ ﻛـل ذﻟـك ﻓﺣـدد‬
‫ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﮭﻣﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ وﻟواﺋﺣﮭﺎ وﻧظﻣﮭﺎ وﻣﺟﺎﻻت ﻧﺷـﺎطﮭﺎ وﺷـروط ﻋﺿـوﯾﺗﮭﺎ ووﺳـﺎﺋﻠﮭﺎ وﻛـل ﻣـﺎ ﯾﺗﺻـل ﺑﮭـﺎ ﺑﺻـورة‬
‫ﺗﺿﻣن اﺳﺗﻣرارﯾﺗﮭﺎ وﻧﻣﺎﺋﮭﺎ واﺗﺳﺎع داﺋرﺗﮭﺎ ﻣﻊ أﺻﺎﻟﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﮭﺎ ﺑﺎﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳـﻧﺔ ‪ .‬ھـذا ﺑﺎﺧﺗﺻـﺎر ﺷـدﯾد اﻷﺻـل ﺑﺎﻟﻧﺳـﺑﺔ‬
‫ﻟﻣوﺿوع اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﯾر ﻓﻲ ظﻠﮭﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ‪ .‬واﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﻟﮫ ﺻور ﻣﻧﮭﺎ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﺗﮭوﯾن اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ‪:‬‬
‫اﻹﻗﻼل واﻟﺗﮭوﯾن ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ‪ ،‬وﺗﺻور اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻔردي ‪ .‬وﻟﻸﺳف ﻧﺳﻣﻊ ﻋﻠـﻲ اﻟﺳـﺎﺣﺔ‬
‫ﻣن ﯾﻧﺎدون ﺑﮭذا ‪ ،‬وﻻ أدري ﻣﺎ ھو اﻟداﻓﻊ وراء ذﻟك ؟ أھو ﻟﺻـﺎﻟﺢ أﻋـداء ﷲ ﻓـﻲ اﻟـداﺧل واﻟﺧـﺎرج اﻟـذﯾن ﯾﺧﺷـون ﺗﺟﻣـﻊ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم ووﺣدﺗﮭم أم أﻧﮫ إﯾﺛﺎر ﻟﻠﻌﺎﻓﯾﺔ ﻷن اﻷﻧظﻣﺔ اﻟظﺎﻟﻣﺔ ﺗؤذي وﺗﺣﺎرب اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ؟ ‪.‬‬
‫ﺳﺎ ﯾﺄﺗﻣرون ﺑﮫ وﯾرﺟﻌون‬ ‫إﻧﻧﺎ ﻧﺳﻣﻊ أن اﻟﻠﺻوص ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﻔﻘون وﯾوزﻋون ﻣﻧﺎطق ﻧﻔوذھم وﯾﺧﺗﺎرون ﻟﮭم رﺋﯾ ً‬
‫إﻟﯾﮫ ﻋﻧد أي ﺧﻼف ‪ .‬أﻻ ﯾﺟدر ﻟﻣن ﯾﺗﺻدون ﻹﻧﺟﺎز أﻋظم ھدف ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة أن ﺗﻛون ﻟﮭم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ؟ ھذا‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻲ أن اﻹﺳﻼم ﯾدﻋو إﻟﻲ ﺟﻣﻊ ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ووﺣدﺗﮭم وﯾﺣذرھم ﻣن اﻟﺗﻔرق ‪ .‬وھل اﻷﻓﺿل أن ﻧواﺟﮫ أﻋداءﻧﺎ‬
‫وﻧﺣن ﻣﺟﺗﻣﻌون أم وﻧﺣن أﻓراد ﻣﺗﻔرﻗون ؟ وﻗد ﻗﺎل اﻟﻣوﻟﻲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. ( :‬‬
‫‪ – 2‬ﺗﻌدد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟزﻋﺎﻣﺎت ‪28 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻛﺛرة ﺗﻌدد اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت واﻟراﯾﺎت واﻟزﻋﺎﻣﺎت ﻣﻣﺎ ﯾوزع اﻟﺟﮭود وﯾﻔﺗﺗﮭﺎ وﯾﺑﻠﺑل اﻟﺷﺑﺎب ﻋﻧدﻣﺎ‬
‫ﯾﺧﺗﺎر طرﯾﻘﮫ ﻟﻠﻌﻣل ﻟﻺﺳﻼم ﻣﻊ أي ﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﻌﻣل ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻗﺿﯾﺔ ﻋﻣﻠﮫ ﻟﻺﺳﻼم ﻗﺿﯾﺔ ذات ﺧطر وﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ‬
‫ﻓرﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ ‪ ،‬واﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺧطﯾرة ‪.‬‬
‫ﺻﻔﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺧﺗﺎرة ‪:‬‬
‫وھﻧﺎ ﻧﻘول ﻟﻠﺷﺑﺎب ‪ :‬ﯾﺟب أن ﺗراﻋﻲ ﺗواﻓر ﺻﻔﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎرھﺎ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﻧﮭﺎج ﻋﻣﻠﮭﺎ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﻻ ﺗﻛون ﻣﻘﺗﺻرة ﻋﻠﻲ ﺑﻌض ﺟواﻧب ﻣن اﻹﺳﻼم وأن‬
‫ﺗﻠﺗزم اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل اﻟﻧﻘﻲ ﻟﻺﺳﻼم ‪ ،‬اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣن ﻛل ﺧطﺄ أو اﻧﺣراف ‪ ،‬اﻟﺷﺎﻣل دون اﺟﺗزاء ‪ ،‬اﻟﻧﻘﻲ ﻣن اﻟﺑدع‬
‫واﻟﺧراﻓﺎت وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺷواﺋب ‪.‬‬
‫ﺿﺎ أن ﺗﻠﺗزم طرﯾق رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ‬ ‫‪ – 2‬وﻣن اﻟﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻼزﻣﺔ أﯾ ً‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ .‬ذﻟك ﺑﺈرﺳﺎء ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن ‪ ،‬وﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط ﺛم ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح ‪.‬‬
‫‪ – 3‬وأن ﺗﮭدف ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮭﺎ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﺗﻌد اﻷﺳﺎس ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺣﺻر ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻟﮭدف‬
‫ﻣ ﺣ ﻠﻲ ‪.‬‬
‫‪ – 4‬وﻋﻠﻲ اﻟﺷﺑﺎب أن ﯾﺧﺗﺎر ذات اﻟﺧﺑرة واﻟرﺻﯾد وﻻ ﺗﺳﺗﮭدف اﻟﺷﻌﺎرات اﻟﺑراﻗﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ‪.‬‬
‫‪ – 3‬اﻟﺟﯾوب اﻟداﺧﻠﯾﺔ ‪29 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ‪ :‬إﺣداث ﻣﺣﺎور أو ﺗﻛﺗﻼت داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺣول أﺷﺧﺎص أو ﺣول أﻓﻛﺎر وآراء‬
‫‪ ،‬أو إﯾﺟﺎد ﻣﺎ ﯾﺷﺑﮫ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل داﺧل اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ ،‬أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة ﻹﻟزاﻣﮭﺎ ﺑرأي‬
‫ﻋﺎ ‪ ،‬أو اﺳﺗﻌﻼء اﻟﺑﻌض ﻋﻠﻲ اﻟﺧﺿوع ﻟﻧظم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟﻘﯾﺎدة وﻛﺄﻧﮭم ﻓوق‬ ‫ﻣﻌﯾن وإﻻ ﯾﻌﺗزل وﯾﺣدث ﺗﺻد ً‬
‫اﻟﻘﯾﺎدة ‪.‬‬
‫ﻛل ھذه اﻟﺻور وﻣﺎ ﯾﺷﺑﮭﮭﺎ اﻧﺣراف ﻋن ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻋن ﻣﻔﮭوم اﻻﻟﺗزام ‪ ،‬وﻣﺎ وﺿﻌت اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ إﻻ ﻟوﻗﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﺻف ﻣن ﻣﺛل ھذه اﻻﻧﺣراﻓﺎت ‪ .‬وواﺟب اﻟﻘﯾﺎدة ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ أن ﺗﺗﺧذ اﻟﻣواﻗف اﻟﺣﺎزﻣﺔ إزاء ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت وﻣن‬

‫‪9‬‬
‫ﺧﻼل اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ دون ﺗراخ أو ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ ‪ .‬ﻣﻌﻠوم أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ ﻛل ﻓرد ﻓﯾﮭﺎ وﻻ ﺗﻔرط ﻓﯾﮫ ‪ ،‬ﻟﻛن إذا أﺻر‬
‫اﻟﻔرد ﻋﻠﻲ إﺣداث ﺑﻠﺑﻠﺔ وﺗﺻدﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓوق اﻷﻓراد ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻧزﻟﺗﮭم ‪.‬‬
‫‪ – 4‬اﻟﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ‪29 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﺗﻌﻠق ﺑﻌض اﻷﻓراد ﺑﺄﺷﺧﺎص ﺑذواﺗﮭم أﻛﺛر ﻣن ارﺗﺑﺎطﮭم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻗﯾﺎدﺗﮭﺎ ‪،‬‬
‫ﻓﮭذا اﻧﺣراف ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ﺣدوث اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﺟﻌل ﺷﺧﺻﯾﺔ ھؤﻻء اﻷﻓراد ﺗذوب ﻓﻲ‬
‫ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣن ﺗﻌﻠﻘوا ﺑﮭم وﻻ ﺗﻛون ﻟﮭم ﺷﺧﺻﯾﺗﮭم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺻف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. (:‬‬
‫‪ – 5‬إﺛﺎرة اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ ‪30 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل إﺛﺎرة اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ داﺧل اﻟﺻف ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد اﻟﺷﯾطﺎن أن ﯾﺟد ﻣﺟﺎﻻً‬
‫ﻟﻠﺗﺑﺎﻏض واﻟﺣواﺟز ﺑﯾن اﻹﺧوة وﺻرف اﻟﺟﮭود واﻷوﻗﺎت ﺣول اﻟﺧﻼﻓﺎت وأﺳﺑﺎﺑﮭﺎ وإزاﻟﺔ آﺛﺎرھﺎ ‪ ،‬وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك‬
‫ﺗﻌطﯾل اﻹﻧﺗﺎج ورﺑﻣﺎ اﻟﻔﺷل واﻟﻌﯾﺎذ ﺑﺎ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . ( :‬ھﻛذا ﻓﻲ طﺎﻋﺔ ﷲ واﻟرﺳول اﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟوﺣدة واﻟﻧﺻر وﻓﻲ‬
‫طﺎﻋﺔ اﻟﺷﯾطﺎن ‪ :‬اﻟﺗﻧﺎزع واﻟﻔﺷل ‪ .‬وإﻧﻣﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺗﺟﻣﻊ واﻟوﺣدة وﺗﺄﻟف اﻟﻘﻠوب وﺟﻌل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد اﻷﺧوة رﻛًﻧﺎ‬
‫ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ‪ ،‬وﻗﺎل إن أدﻧﻰ ﻣراﺗﺑﮭﺎ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر وأﻋﻼھﺎ اﻹﯾﺛﺎر ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻷﺧوة أﺧت اﻹﯾﻣﺎن واﻟﺗﻔرق أﺧو‬
‫ﺳﺎ أﻣﯾًﻧﺎ ﻋﻠﻲ وﺣدة اﻟﺻف وأن ﯾﺗﺣرز ﻣن ﻛل ﻛﻠﻣﺔ أو ﺗﺻرف ﯾﺣدث ﺧﻼﻓًﺎ أو ﻓرﻗﺔ ‪ ،‬ﻛذﻟك‬ ‫اﻟﻛﻔر ‪ .‬ﻓﻠﯾﻛن ﻛل أخ ﺣﺎر ً‬
‫اﻟﺑﻌد ﻋن اﻟﻐﯾﺑﺔ واﻟﻧﻣﯾﻣﺔ وﺳوء اﻟظن واﻟﻘﯾل واﻟﻘﺎل وﻛل ﻣﺎ ﻧﮭﯾﻧﺎ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب ‪ .‬وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن اﻟﺳﮭر ﻋﻠﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﺻف ﻣن ﻛل أﺳﺑﺎب اﻟﺧﻼف وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺎ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣﯾﻧﮫ وﯾﺣﺳم ﻓﻔﻲ ذﻟك اﻟﺧﯾر ‪.‬‬
‫‪ – 6‬اﻻﻧﺷﻘﺎق ‪30 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل اﻻﻧﺷﻘﺎق واﻟﺧروج ﻋﻠﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﮭودھﺎ ﻷھواء ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛﺣب‬
‫زﻋﺎﻣﺔ أو اﻋﺗداد ﺑﺎﻟرأي أو ﺗﻌﺎل أو ﻏﯾر ذﻟك ‪ .‬وﺣﺗﻰ ﻟو ﺣدث ﺧﻼف ﻓﻲ وﺟﮭﺎت ﻧظر ﻓﺎﻟواﺟب اﻟﺗزام اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺳم اﻟﺧﻼف ‪ ،‬وﻷن ﻧﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻲ ﻏﯾر اﻷﺻوب ﺧﯾر ﻣن أن ﻧﻔﺗرق ‪ .‬ﻓﻔﻲ ظل اﻟوﺣدة ﯾﻣﻛن ﺑﻌد ذﻟك أن ﻧﻧﺗﻘل ﻣن‬
‫اﻟﺻواب إﻟﻲ اﻷﺻوب ‪.‬‬
‫وھﺎ ﻧﺣن ﻧري ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﻧﻔﻌل ﻋﻧد ﻋﻘد ﺻﻠﺢ اﻟﺣدﯾﺑﯾﺔ ‪ .‬وﻟم ﯾﺟرؤ أﺣد ﻋﻠﻲ إﺑداء ھذا اﻻﻧﻔﻌﺎل‬
‫ﻏﯾر ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب اﻟذي ﻟم ﺗﺗﺣﻣل أﻋﺻﺎﺑﮫ ﻓﻲ أول ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت إﺳﻼﻣﮫ اﻟﺗﺧﻔﻲ ﻓﻲ دار اﻷرﻗم ‪ ،‬واﺳﺗﺄذن‬
‫رﺳول ﷲ ﺑﻧﻔس اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدث ﺑﮭﺎ اﻟﯾوم ) أﻟﺳﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺣق ؟ أﻟﯾﺳوا ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ؟ ﻓﻔﯾم اﻟﺗﺧﻔﻲ إذن ( ؟ وھﺎ ھو‬
‫ﯾﻘول اﻵن ‪ .‬ﻓَِﻠَم ﻧُﻌَِطﻲ اﻟدﻧﯾﺔ ﻓﻲ دﯾﻧﻧﺎ ؟ وراح ﻋﻣر ﯾﻧﺗﻘل ﺑﯾن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وأﺑﻲ ﺑﻛر وأﺑﻲ ﻋﺑﯾدة‬
‫رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم ‪ .‬واﻟﺟواب ﯾﺄﺗﯾﮫ أن اﻟوﺣﻲ ﻗد أﻣر ﺑذﻟك ‪.‬‬
‫واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﺷﻘﺎق واﻟﺧروج ﻋن اﻟﺻف اﻟﺧﺎﺳر ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﯾﻧﺷق واﻟراﺑﺢ ھو اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺗطﮭر ﺻﻔﮭﺎ ﻣن‬
‫ﻣﺛل ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣرص ﻋﻠﻲ اﻟوﺣدة وﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﺳﯾد اﻟﺧﻠق ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ " :‬إﻧﻣﺎ ﯾﺄﻛل اﻟذﺋب ﻣن اﻟﻐﻧم‬
‫اﻟﻘﺎﺻﯾﺔ " ‪ .‬وﻟﻧﻌﻠم أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺳﺗﺳﯾر ﺑﻌون ﷲ ﺑﻧﺎ أو ﺑﻐﯾرﻧﺎ ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧﺷﻔق ﻋﻠﻲ اﻟﺻف وﻟﻛن ﻧﺷﻔق ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻣن‬
‫ﻧﺣب أن ﻧﺣرم ﺑرﻛﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺧﯾرھﺎ وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﯾﻘول ﻟﻧﺎ ) إن ﻟم ﺗﻛوﻧوا ﺑﮭﺎ – أي اﻟدﻋوة – ﻓﻠن ﺗﻛوﻧوا ﺑﻐﯾرھﺎ ‪،‬‬
‫وھﻲ إن ﻟم ﺗﻛن ﺑﻛم ﻓﺳﺗﻛون ﺑﻐﯾرﻛم وإن ﺗﺗوﻟوا ﯾﺳﺗﺑدل ﻗوًﻣﺎ ﻏﯾرﻛم ﺛم ﻻ ﯾﻛوﻧوا أﻣﺛﺎﻟﻛم ( ‪.‬‬
‫‪ – 7‬ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ‪31 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ أو ﺑﺑﻌﺿﮭﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ‪ .‬ﻓﺎﻹﻣﺎم‬
‫اﻟﺑﻧﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺣدد أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻋﺷرا وﻟم ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أو ﺗﺳﻌﺔ ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﻘﺗﻧﻌًﺎ ﻛل اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄھﻣﯾﺗﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ‬
‫وﻟزوم ﺗوﻓرھﺎ ﻓﻲ ﻛل أخ ﯾرﯾد أن ﯾﺄﺧذ ﻣﻛﺎﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺻف وﯾﺳد ﺛﻐرة وﯾﺗﺣﻣل ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﻷن ﻋدم ﺗواﻓر أي رﻛن ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺻﺎ وﯾﻣﻛن أن ﯾؤﺗﻲ ﻣن ﻗﺑل ھذا اﻟﻧﻘص وﺗؤﺗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﻗﺑﻠﮫ ‪ .‬ﻟﮭذا ﻛﺎن ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄﺣد أو ﺑﻌض أرﻛﺎن‬ ‫ﻓرد ﯾﻌﺗﺑر ﻧﻘ ً‬
‫اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل ﯾﻌرض اﻟﻔرد واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ أﺧطﺎر وﻣﺗﺎﻋب ﻓﻠﻧﺣرص ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء واﻻﻟﺗزام ﺑﻛل أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ‬
‫‪ .‬ﺛم إن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﻛره أﺣدًا ﻋﻠﻲ اﻻﻧﺗظﺎم ﻓﻲ ﺻﻔوﻓﮭﺎ ‪ ،‬وﻟﻛن ﻣن ارﺗﺿﻲ ذﻟك ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﻠزم ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺷروطﮭﺎ وﻋﮭودھﺎ‬
‫‪ .‬واﻟﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻊ ﷲ ﻓﻼ ﯾﻔرط ﻓﯾﮭﺎ وﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﻲ أي رﻛن ﻣن أرﻛﺎﻧﮭﺎ ( ‪.‬‬
‫‪ – 8‬اﻻﺳﺗﻌﻼء ﻋﻠﻲ اﻟﻐﯾر ‪32 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ‪ :‬أن ﯾﺳﺗﻌﻠﻲ أﺣد ﺑﺎﺳم ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻋﻠﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‬
‫اﻷﺧرى ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻘول أﺣد إن ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ھﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺗدﻋو اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ‬
‫ﻟﻠﻌﻣل ﻟﻺﺳﻼم وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم ‪ .‬وﻻ ﻧرﯾد أن ﻧﻛﺳب ﻋداوة أي ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻻ ﻧوﺟد أو ﻧﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ‬

‫‪10‬‬
‫وﺟود اﺣﺗﻛﺎﻛﺎت أو ﻣﮭﺎﺗرات ﺑﯾﻧﻧﺎ وﺑﯾن أي أﻓراد أو ﺟﻣﺎﻋﺎت أﺧري ‪ .‬ﻓَِﻣﱠﻣﺎ اﻟﺗزم ﺑﮫ اﻹﺧوان ﻣن أول ﯾوم ﻋدم ﺗﺟرﯾﺢ‬
‫اﻷﺷﺧﺎص واﻟﮭﯾﺋﺎت واﻟﺗزام أدب اﻹﺳﻼم وﻧﺣب اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺣﺗﻰ اﻟﻣﺗﺣﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪.‬‬
‫وﻣن ﺟﻣﯾل ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻓﻲ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺳﺎدس ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ) وأﻣﺎ ﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ‬
‫ﻋﻠﻲ اﺧﺗﻼف ﻧزﻋﺎﺗﮭﺎ ‪ ،‬ﻓﻣوﻗف ﺣب وإﺧﺎء وﺗﻌﺎون ووﻻء ‪ ،‬ﻧﺣﺑﮭﺎ وﻧﻌﺎوﻧﮭﺎ وﻧﺣﺎول ﺟﺎھدﯾن أن ﻧﻘرب ﺑﯾن وﺟﮭﺎت‬
‫اﻟﻧظر ‪ ،‬وﻧوﻓق ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻔﻛر ﺗوﻓﯾًﻘﺎ ﯾﻧﺗﺻر ﺑﮫ اﻟﺣق ﻓﻲ ظل اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺣب ‪ .‬وﻻ ﯾﺑﺎﻋد ﺑﯾﻧﻧﺎ وﺑﯾﻧﮭﺎ رأي ﻓﻘﮭًﯾﺎ أو‬
‫ﺧﻼف ﻣذھﺑﻲ ‪ ،‬ﻓدﯾن ﷲ ﯾﺳر وﻟن ﯾﺷﺎد اﻟدﯾن أﺣد إﻻ ﻏﻠﺑﮫ ‪ .‬وﻟﻘد وﻗﻔﻧﺎ ﷲ إﻟﻲ ﺧطﺔ ﻣﺛﻠﻲ ‪ ،‬إذا ﻧﺗﺣرى اﻟﺣق ﻓﻲ أﺳﻠوب‬
‫ﻟﯾن ﯾﺳﺗﮭوى اﻟﻘﻠوب وﺗطﻣﺋن إﻟﯾﮫ اﻟﻌﻘول ‪ ،‬وﻧﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﺳﯾﺄﺗﻲ اﻟﯾوم اﻟذي ﺗزول ﻓﯾﮫ اﻷﺳﻣﺎء واﻷﻟﻘﺎب واﻟﻔوارق اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ‬
‫واﻟﺣواﺟز اﻟﻧظرﯾﺔ وﺗﺣل ﻣﺣﻠﮭﺎ وﺣدة ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺻﻔوف اﻟﻛﺗﯾﺑﺔ اﻟﻣﺣﻣدﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون ھﻧﺎك إﻻ إﺧوان ﻣﺳﻠﻣون‬
‫ﻟﻠدﯾن ﻋﺎﻣﻠون وﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﻣﺟﺎھدون ( ‪ ) .‬ﯾراﻋﻲ ﻗوﻟﮫ إﻻ إﺧوان ﻣﺳﻠﻣون وﻟم ﯾﻘل إﻻ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون واﻟﻔرق‬
‫واﺿﺢ ( ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث‬
‫ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم‬
‫ﺣوّل ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ‪34 :‬‬
‫أھﻣﯾﺔ اﻟﻔﮭم ‪:‬‬
‫ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻟﻺﺳﻼم أن ﯾﺗوﺣد ﻓﮭم أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ ﻟﻺﺳـﻼم ﺑﻣـﺎ ﯾوﺣـد اﻟوﺟﮭـﺔ ﻓـﻲ‬
‫اﻟﻌﻣل ﻷن اﻟﻌﻣل ﻣرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻔﮭم ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟواﺣدة ﻣـدارس ﻓﻛرﯾـﺔ ﻣﺗﻌـددة ‪ .‬وﻟـذﻟك ﺣـرص اﻹﻣـﺎم‬
‫اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ إﻋطﺎء ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻣﺎ ﺗﺳﺗﺣﻘﮫ ﻣن اھﺗﻣﺎم ‪ ،‬ﻓﺟﻌل ھﻣﮫ أن ﯾﻘدم اﻹﺳـﻼم اﻟـذي ﺟـﺎء ﺑـﮫ ﻣﺣﻣـد ﺻـﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾـﮫ‬
‫وﺳﻠم ﺧﺎﻟًﯾﺎ ﻣﻣﺎ ﻧﺎﻟﮫ ﻣن اﻧﺣراﻓﺎت اﻟﺑﻌض ﺳـواء ﻓـﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋـد أو اﻟﻌﺑـﺎدات أو اﻟﻌـﺎدات ‪ ،‬وﺑﻌﯾـدًا ﻋـن اﻻﺟﺗـزاء أو اﻟﺗﺷـوﯾﮫ‬
‫وﺑﻌﯾدًا ﻋن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻣزﻗت اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻟﻲ ﻓرق وأﺣـزاب ‪ ،‬وﻣـﺎ ﻗـﺎم ﺑـﮫ أﻋـداء اﻹﺳـﻼم ﻓـﻲ اﻟﻣﺎﺿـﻲ واﻟﺣﺎﺿـر ﻣـن‬
‫ﺗﺷوﯾﮫ ﻟوﺟﮫ اﻹﺳﻼم اﻟﻣﺷرق ‪ ،‬وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ھدف اﻹﺧوان إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ ‪ ،‬ﻓﻼﺑد وأن ﯾﻘـوم ھـذا‬
‫اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻌظﯾم ﻋﻠﻲ ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل اﻟﻧﻘﻲ ﻟﻺﺳﻼم وﻻ ﯾﺗﺻور أن ﺗﺑذل ﺟﮭود وﺗزھق أرواح ﻋﻠﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة‬
‫ﻹﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن ﻓﮭم ﻣذھﺑﻲ ﺧﺎص ﻻ ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻛل اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬أو ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن ﻓﮭـم ﻏﯾـر‬
‫ﻛﺎﻣل أو ﻏﯾر ﺳﻠﯾم ‪ .‬ﻟذﻟك ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﺑﻌد ﻗراءات ﻛﺛﯾرة ودراﺳﺎت ﻋﻣﯾﻘﺔ ‪ ،‬ﻗدم اﻹﺳﻼم ﺑﺻورﺗﮫ اﻟﻧﺎﺻﻌﺔ ﻓﻲ رﺳـﺎﺋﻠﮫ‬
‫‪ ،‬ﺛم ﺟﻌل اﻟرﻛن اﻷول ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﮭم ‪ ،‬ووﺿﻊ ﻟﮫ أﺻوﻻً ﻋﺷرﯾن ﻛﺈطﺎر ﯾﺣﻣﻲ ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣـن اﻻﺟﺗـزاء‬
‫أو اﻻﻧﺣراف أو اﻟﺷـواﺋب ‪ ،‬وﻗـد أﺛﺑﺗـت اﻷﯾـﺎم ﺑﻔﺿـل ﷲ أﺻـﺎﻟﺔ ھـذه اﻷﺻـول اﻟﻌﺷـرﯾن ودﻗﺗﮭـﺎ واﻋﺗـداﻟﮭﺎ وﺑﻌـدھﺎ ﻋـن‬
‫اﻹﻓراط أو اﻟﺗﻔرﯾط ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﺑﻌض اﻟﻣﻐﺎﻟﯾن أو اﻟﻣﺗﺷددﯾن ﻟم ﺗرﻗﮭم ﺑﻌض اﻷﻟﻔـﺎظ وﻟﻛﻧﻧـﺎ ﻻ ﻧﺗﻌﺎﻣـل ﺑﻣﻘـﺎﯾﯾس اﻟﻣﻐـﺎﻟﯾن ‪.‬‬
‫وﻟﺣرص اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ ﺗوﺣﯾد وﺟﮭﺔ اﻹﺧوان ﻣن ﺟﮭﺔ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻲ ھذا اﻟﻔﮭـم ﻣـن ﺟﮭـﺔ أﺧـري ﺟﻌﻠـﮫ رﻛًﻧـﺎ ﻣـن‬
‫أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﺑل اﻟرﻛن اﻷول ﻟﯾﻛون ﻛل أخ ﻣﻠﺗزم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺳﺋوﻻً ﻋن اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن أي ﺗﺑـدﯾل أو ﺗﻐﯾﯾـر وﻓـﺎء ﻋـن‬
‫اﻟﻔﮭم ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ ‪.‬‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻔﮭم ‪:‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻋن اﻟﺧط اﻷﺻﯾل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﺗﺑﻧﻲ أﻓﻛﺎر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻺﺳﻼم ‪ :‬ﺗﺑﻧﻲ أﻓﻛﺎر أو أﻓﮭﺎم ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻠﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻺﺳﻼم ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳـﻧﺔ‬
‫ﻧﺑﯾﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم واﻟذي اﺟﺗﻣﻌت ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺣددت إطﺎره اﻷﺻول اﻟﻌﺷرون واﻟﺳـﯾر ﺑﮭـذه اﻷﻓﻛـﺎر اﻟﻣﺧﺎﻟﻔـﺔ‬
‫داﺧل اﻟﺻﻔوف ﺑﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﻠﺑﻠﺔ واﺧﺗﻼﻓﺎ ً ‪ .‬وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺑﺎرزة ﻟﮭذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻔﮭـم ھـو ﻓﻛـر اﻟﺗﻛﻔﯾـر اﻟـذي‬
‫ظﮭر ﻋﻧد ﺑﻌض أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ داﺧل اﻟﺳﺟون واﻟﻣﻌﺗﻘﻼت ‪ .‬وھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ ﺛﻣـرة ﻣـن ﺛﻣـﺎر اﻹﯾـذاء واﻟﺗﻌـذﯾب اﻟﺷـدﯾد ‪،‬‬
‫وھو ﻣﺧﺎﻟف ﻷﺻول اﻹﺳﻼم وﻣﺎ أﺷﯾر إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻟﻌﺷرﯾن ‪ .‬وﻗد ﺑذﻟت ﺟﮭود ﻣﻛﺛﻔﺔ ﻟﺗﻔﻧﯾد ھذا اﻟﻔﻛر وﺗوﺿﯾﺢ ﺧطﺋـﮫ‬
‫‪ .‬وﻋدل اﻟﻛﺛﯾر ﻋﻧﮫ ﺑﺳﺑب ذﻟك ‪ ،‬وﺑﻘﯾت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺣدودة ﻣﺻرة ﻋﻠﯾـﮫ ﻓوﻗـف اﻷﺳـﺗﺎذ ﺣﺳـن اﻟﮭﺿـﯾﺑﻲ رﺣﻣـﮫ ﷲ ﻣوﻗًﻔـﺎ‬
‫ﺣﺎزًﻣﺎ وﻛﺎن ھو اﻟﻣرﺷد اﻟﻌﺎم وﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺗﻘل ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت – وﻗﺎل ﻟﻠذﯾن أﺻروا ﻋﻠﻲ ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾـر ‪ :‬ﻟـن ﻧﻛﻔـرﻛم ﻛﻣـﺎ‬
‫ﺗﻛﻔروﻧﻧﺎ وﻟﻛن ﻟﯾس ھذا ﻓﻛر اﻹﺧوان اﻟذي ﺑﺎﯾﻌﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ وﻟﯾس ﻣن اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﺈن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻓﻠﺗﺑﺣﺛوا ﻟﻛـم‬
‫ﻋن ﻻﻓﺗﺔ أﺧري ﻏﯾر ﻻﻓﺗﺔ اﻹﺧوان وﺑﮭذا ﺻﺎر ﻣن ﯾﺣﻣل ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾر ﻟﯾس ﻣن اﻹﺧوان ‪.‬‬
‫‪ – 2‬اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻗدر اﻟﺳﻧﺔ ‪ :‬وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم أي ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻗدر اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ‬
‫أو اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﻘرآن ‪ ،‬أو ﺗرﺟﯾﺢ اﻟﻧظر اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻋﻠﻲ اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ‪ ،‬أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗطوﯾﻊ اﻹﺳﻼم ﻟﯾﺟﺎري إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك‬
‫ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻣﻐرﺿﺔ ‪ .‬ﻓﺂﯾﺎت اﻟﻘرآن ﺗؤﻛد اﻟﺗزاﻣﻧﺎ ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ وطﺎﻋﺔ اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم(‬
‫وﺣدﯾث اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " ﺗرﻛت ﻓﯾﻛم ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻟن ﺗﺿﻠوا ﺑﻌدي أﺑدا ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺗﻲ " ‪ .‬ﻓﻼ ﯾﺻﺢ‬
‫أن ﯾﺻدر ﻣن أﺣد ﻣن اﻹﺧوان أي ﺷﻲء ﻣن ھذه اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ وﻻ ﺗروج ﻷﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ﺑﯾن ﺻﻔوﻓﻧﺎ وﻟﻧﺣذر ھذا اﻟﺻﻧف‬
‫ﻣن اﻟﻧﺎس اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﯾن أو اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﻣﯾن ورﺣم ﷲ اﻣرأ ﻋرف ﻗدر ﻧﻔﺳﮫ ‪.‬‬
‫‪ – 3‬اﻹﻟزام ﺑﺎﻟرأي ‪ :‬وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻟزام أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﺑرأي واﺣد ﻓﻲ‬
‫اﻷﻣر اﻟﻔرﻋﻲ اﻟذي ﻓﯾﮫ أﻛﺛر ﻣن رأي وﻟﻛل دﻟﯾﻠﮫ ‪ ،‬ﻓﺈن ھذا اﻟﻣﺳﻠك ﯾﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ ﻓرﻗﺔ أو طﺎﺋﻔﺔ أو ﻣذھب ﺧﺎص‬
‫ﻓﻣن واﻓﻘﻧﺎ ﻋﻠﻲ ھذا اﻟرأي ارﺗﺑط ﺑﻧﺎ وﻣن ﺧﺎﻟﻔﻧﺎ اﺑﺗﻌد ﻋﻧﺎ ‪ ،‬وﻣﺎ ھذا ﻗﺎﻣت ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ‪ ،‬وﺣرص اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ‬
‫ﺗﻔﺎدي ذﻟك ﻟﺗﺗﺳﻊ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﻟﺗوﺣدھم ﻣﺎ وﺳﻌﮭم اﻹﺳﻼم ‪ .‬وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﺗﺗﺳﻊ ﻟﻣن ﯾﺧرﺟﮫ رأﯾﮫ‬
‫ﻋن اﻹﺳﻼم ‪ .‬وإن ﻛﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور اﻟﻔرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ أﻛﺛر ﻣن رأي ﻧﺗواﺻﻰ أن ﻧﺄﺧذ ﺑﺎﻟرأي اﻟذي دﻟﯾﻠﮫ أرﺟﺢ‬
‫وﻟﻛن ﻻ ﻧﻔﺎﺻل ﻣن أﺧذ ﺑرأي آﺧر طﺎﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﻓﻲ داﺋرة اﻹﺳﻼم ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ – 4‬ﺗﺿﺧﯾم اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ ‪ :‬وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﺗﺿﺧﯾم اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ واﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻲ‬
‫ﺣﺳﺎب اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ ‪ ،‬وﻷن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﯾُﻔﺗﺢ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﻼف واﻟﺟدال ﺑﻣﺎ ﯾﺷﻐل اﻹﺧوان وﻏﯾرھم‬
‫وﻗد ﯾرﺳب ﻓﻲ اﻟﻧﻔوس ﻣﺎ ﯾﺣول دون اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺛﻣر ﻟﻠﻌﻣل اﻟﺟﺎد ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻷﺻﻠﯾﺔ ‪ .‬وﻛﯾف واﻹﺳﻼم ﯾﺗﻌرض إﻟﻲ‬
‫ﻣﺣﺎوﻻت اﻷﻋداء ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﻠﺔ ‪ ،‬وﯾﺧﺗﻠف اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺣول ﻓرﻋﯾﺎت وﺟزﺋﯾﺎت ؟ وﻗد دﻋﺎﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد إﻟﻲ ﺗﻠك‬
‫اﻟﻘﺎﻋدة اﻟرﺷﯾدة ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل وھﻲ ) أن ﻧﺗﻌﺎون ﻓﯾﻣﺎ اﺗﻔﻘﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﯾﻌذر ﺑﻌﺿﻧﺎ ﺑﻌﺿﺎ ﻓﯾﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ( ‪ .‬ﻓﻠﻧﻠﺗزم ﺑذﻟك ‪.‬‬
‫‪ – 5‬اﻻﺟﺗزاء ‪ :‬وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ أﺧذﻧﺎ ﻟﻺﺳﻼم وﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﮫ ﻛﺄن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ‬
‫اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﯾر اﻟﺣﻛﺎم ﻛﺎﻟﻌﺑﺎدة واﻟﻌﻠم واﻟذﻛر وأﻋﻣﺎل اﻟﺑر إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ‪ ،‬وﺗرك ﺟواﻧب اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد‬
‫وﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻣﻧﻛر ‪ .‬وﻟﻛن ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻘدم اﻹﺳﻼم ﻛﺎﻣﻼً وﺗدﻋو إﻟﯾﮫ ﻛﺎﻣﻼً وﻧﻌﻣل ﻟﮫ ﻛﺎﻣﻼً وﻻ ﻧﺧﺎف ﻓﻲ ﷲ ﻟوﻣﺔ ﻻﺋم ﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﺑﺳﺑب ذﻟك إﻟﻲ اﻹﯾذاء ﻓﻘد ﻛﺎن ﻗدوة ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾدﻋو وﯾؤذي وﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟدﻋوة رﻏم ذﻟك دون‬
‫اﻧﺗﻘﺎص ‪ .‬وﯾﻧﺑﮭﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد إﻟﻲ ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻷول ﻣن اﻷﺻول اﻟﻌﺷرﯾن ﺑﺷﻣول اﻹﺳﻼم وﺗﻛﺎﻣﻠﮫ ‪ .‬وﻟﻘد‬
‫ﺗﻌرﺿﻧﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن إﻟﻲ اﻣﺗﺣﺎن ﻓﻲ أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ وﻣﻧﮭﺎ اﻟﻔﮭم ﺑﯾن ﻣﺗطرﻓﯾن ﻛﺄﺻﺣﺎب ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾر وﺑﯾن ﻣﺗرﺧﺻﯾن‬
‫ﯾرﯾدون ﻣﻧﺎ أن ﻧدع أﻣور اﻟﺣﻛم واﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺟﮭﺎد اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر اﻟﺣﻛﺎم وﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟﻺﯾذاء ﻓﻛﺎن اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺑﯾﻌﺔ ﯾﺣﺗم ﻋﻠﯾﻧﺎ أن‬
‫ﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﮭم دون ﺗﺑدﯾل وﻻ ﺗﻐﯾﯾر ﻧورﺛﮫ إﻟﻲ ﻣن ﺑﻌدﻧﺎ ﺳﻠﯾًﻣﺎ ﺻﺣﯾًﺣﺎ ﺷﺎﻣﻼً ‪.‬‬
‫طﺎ دﻗﯾًﻘﺎ ﺛم ﯾزداد ﻣﻊ اﻟزﻣن ‪ ،‬ﻣن اﻧدﻓﺎع اﻟﺷﺑﺎب‬ ‫وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﺗوﺿﺢ أن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻔﮭم أو ﻏﯾره ﯾﺑدو ﺑﺳﯾ ً‬
‫وروح اﻟﺗﻌﺻب ‪ ،‬وﻟﻣﺳﻧﺎ أن اﻟﻣﻧﺣرف ﻛﺛﯾًرا ﻣﺎ ﯾﻠﺑس ﻋﻠﯾﮫ إﺑﻠﯾس ﻓﯾﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺻواب وﻏﯾره ھو اﻟﻣﻧﺣرف ‪ ،‬وﯾﺄﺧذ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻠﻣس اﻵﯾﺎت واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺗﻲ ﯾؤوﻟﮭﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺧدم ﺑﮭﺎ ﻓﻛره اﻟﻣﻧﺣرف ‪ ،‬وﯾﺟﻣﻊ ﺣوﻟﮫ وﯾرﻓﻊ راﯾﺔ وﯾﻧﺷﺊ ﺟﻣﺎﻋﺔ وھﻛذا‬
‫ﯾﺣدث اﻟﺗﻣزق واﻟﺗﺷﺗت ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻔﮭم ‪ .‬وواﺟب اﻷﺧوة ﯾﺣﺗم ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺑﺻر ﻣن ﯾﺑدأ ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف ﻟﺗﺻﺣﯾﺢ‬
‫ﻓﮭﻣﮫ ﻗﺑل أن ﯾوﻏل ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف وﯾزداد اﻗﺗﻧﺎﻋﮫ أﻧﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺻواب ﻓﯾﺻﻌب إرﺟﺎﻋﮫ ﻋﻧﮫ ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ‬
‫ﺣول ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ‬
‫ﺣول ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ ‪39 :‬‬
‫إن ﻣﺛل ھذا اﻟﮭدف اﻟﻌظﯾم اﻟذي ﻧﻌﻣـل ﻟـﮫ وﻧﺳـﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘـﮫ ﻻ ﯾﻣﻛـن أن ﯾﺗﺣﻘـق ھﻛـذا ارﺗﺟﺎﻟﯾـﺎ ﺑـدون ﺧطـﺔ ﻣرﺳـوﻣﺔ‬
‫وأھداف ﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻣﺣددة ووﺳﺎﺋل ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪ .‬وﻟﮭذا ﻧﺟـد اﻹﻣـﺎم اﻟﺷـﮭﯾد اﻟﺑﻧـﺎ ﺣـرص ﻋﻠـﻲ ﺗﺣدﯾـد ﻛـل ذﻟـك ﻓـﻲ أﺣﺎدﯾﺛـﮫ‬
‫وﻛﺗﺎﺑﺎﺗﮫ وﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﺗرة ﺣﯾﺎﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﻧواﺻل اﻟﺳﯾر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ وﻋـون ﻣـن ﺑﻌـده ‪ .‬وﻗـد اﺳﺗرﺷـد اﻹﻣـﺎم‬
‫اﻟﺑﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﮫ ﺑﺳﯾرة ﻗدوﺗﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﻛﯾف ﺳـﺎر ﺑﺎﻟـدﻋوة ﺣﺗـﻰ أﻗـﺎم اﻟدوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﯾﺔ اﻷوﻟـﻲ ‪،‬‬
‫وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ دﻗﯾًﻘﺎ ﻏﺎﯾﺔ اﻟدﻗﺔ ﻓﻲ اﻗﺗﻔﺎء ﺧطﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟـﺎل ‪ ،‬وﻟﮭـذا اﻟﺳـﺑب ﻧﺟـد أن‬
‫اﻷﯾﺎم واﻷﺣداث ﺗؤﻛد أﺻﺎﻟﺔ ھذا اﻟطرﯾق وﺳـﻼﻣﺔ اﻟﺳـﯾر واﻋﺗـدال اﻟﺧطـوات ‪ ،‬وﺗـزداد اﻟﺛﻘـﺔ ﺑﺄﻧـﮫ ﻣوﺻـل ﺑـﺈذن ﷲ إﻟـﻲ‬
‫ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﻧﮭدف إﻟﯾﮫ ‪.‬‬
‫ﻟﻘد ﻋرف اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ أن ﺿﻌف اﻹﯾﻣﺎن ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻗد أوﺻل إﻟﻲ ھذه اﻟﺣﺎل ﻣن اﻟﺿﯾﺎع واﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وأوﺻل إﻟﻲ ﺗرك اﻟﺟﮭﺎد وإﻟﻲ اﻟذﻟﺔ واﻟﮭوان ‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻲ ﺑﻌث اﻹﯾﻣﺎن وإرﺳﺎء اﻟﻌﻘﯾدة ﻟﯾﺗﺧرج‬
‫رﺟﺎل ﻋﻘﯾدة أﻗوﯾﺎء اﻹﯾﻣﺎن ﺛم ﻻﺑد ﻣن ﺗﻘوﯾﺔ رواﺑط اﻟﺣب واﻷﺧوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أﻗوي اﻟرواﺑط ‪ ،‬واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إزاﻟﺔ‬
‫أﺳﺑﺎب اﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺧﻼف ‪ .‬ﺛم ﺿرورة ﺑﻌث روح اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺣث ﻋﻠﻲ اﻻﺳﺗﻌداد ﺑﻘوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻷﻣر ﷲ(‬
‫ﻓﻘوة اﻟﻌﻘﯾدة وﻗوة اﻟوﺣدة وﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح ﻣن أﻟزم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟﺑﻧﺎء وﯾدور ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻣل وﺑﮭذا اﻟﺗرﺗﯾب ‪.‬‬
‫وﻧري اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ذﻛر ﺑﻌد ذﻟك أن اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﺎﻣﺔ ھﻲ ‪:‬‬
‫اﻹﯾﻣﺎن اﻟﻌﻣﯾق ‪.‬‬
‫واﻟﺗﻛوﯾن اﻟدﻗﯾق ‪.‬‬
‫واﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗواﺻل ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ذﻛر أن اﻟﻣراﺣل اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ھﻲ ‪:‬‬
‫اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻧﺷر اﻟدﻋوة ‪.‬‬
‫واﻟﺗﻛوﯾن ﺑﺗرﺑﯾﺔ اﻷﻓراد وإﻋدادھم ‪.‬‬
‫ﺛم ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ واﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻣل ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻓﺻل ﻣراﺗب اﻟﻌﻣل وﺧطواﺗﮫ ﻣن ﺣﯾث إﻋداد اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻧﻣوذج ‪.‬‬
‫وﻛذا اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻘدوة ‪.‬‬
‫واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣﺗﺟﺎوب ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ ﻋﻠﻲ أن ﯾﺗم ذﻟك ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي ﺷﻌوﺑﻧﺎ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪.‬‬
‫ﺛم ﺗﺗﺣد ھذه اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻟﺗﻛﱠون اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻋﻠﻲ رأﺳﮭﺎ اﻟﺧﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وأﺳﺗﺎذﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺈذن ﷲ ‪ .‬وﻗد ﻓﺻل‬
‫ﻣواﺻﻔﺎت ﻟﻠﻔرد اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ وھﻛذا ‪ .‬ﻛﻣﺎ وﺿﻊ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ اﻟوﺳﺎﺋل‬
‫اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻛل ذﻟك ‪ ،‬ﻓﻛﺎﻧت اﻟدروس واﻟﻣﺣﺎﺿرات واﻟﻧدوات واﻟﻧﺷرات واﻟرﺳﺎﺋل واﻟﺻﺣف واﻟﻣﺟﻼت ‪ .‬وﻛﺎﻧت‬
‫اﻷﺳرة واﻟﻛﺗﯾﺑﺔ واﻟرﺣﻠﺔ واﻟﻣﻌﺳﻛر واﻟﺟواﻟﺔ واﻷﻧدﯾﺔ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ ‪ .‬وﻛﺎﻧت اﻟﻣدارس واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫واﻹﻋﻼﻣﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ‪.‬‬
‫إن اﻟﺗزام ھذا اﻟطرﯾق وھذه اﻟﺧطوات ﻓﻲ اﻟﻌﻣل وﺗﻠك اﻟوﺳﺎﺋل ﻣن أﻟزم اﻷﻣور ﻟﺿﻣﺎن ﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف ‪ ،‬وإن‬
‫اﻻﻧﺣراف ﻋن ذﻟك ﻟﮫ أﺧطر اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ وﯾﺑﺎﻋد ﻋن اﻟوﺻول ﻟﻸھداف ‪ ،‬وﻛﻣﺎ أن أي ﺑﻧﺎء إذا ﺣدث ﺧطﺄ أو ﺧﻠل ﻓﻲ أي‬
‫ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟﺑﻧﺎء ﯾُﻌرﺿﮫ إﻟﻲ اﻻﻧﮭﯾﺎر ﻛذﻟك اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﺧطوات اﻟﻌﻣل وﻣراﺣﻠﮫ ‪.‬‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻌﻣل ‪:‬‬
‫وﺳﻧﻌرض ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ إﻟﻲ ﺑﻌض ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ ﻟﻧﺗﺟﻧب ذﻟك أﺛﻧﺎء ﺳﯾرﻧﺎ ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﻧﮭﺞ أﺳﻠوب اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪41 :‬‬
‫ﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف أن ﻧﻧﮭﺞ أﺳﻠوب اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ .‬وﻧﻌﻧﻲ ﺑذﻟك ﺗﻐﻠﯾب ﻋﻧﺻر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾ ث‬
‫ﯾطﻐﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﯾره ﻛﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ وﻧﺷر اﻟدﻋوة واﻟﺟﮭﺎد ‪ .‬أو أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﻛم ﻻ ﺑﺎﻟﻛﯾف ﻋﻠﻲ طرﯾﻘﺔ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﮭدف ﻧﯾل‬
‫أﻛﺑر ﻋدد ﻣن اﻷﺻوات ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت أو أﻛﺑر ﻋدد ﻓﻲ اﻟﻣظﺎھرات وﻧﺣوھﺎ ‪ .‬وھذا ﻻ ﺷك اﻧﺣراف ﺧطﯾرة ﻓﻲ اﻷﺳﺎس‬
‫اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﻧﺎء ‪ ،‬ﻓﻠﯾس اﻟﻘﺻد ﻛﺳب ﻣن ﯾﻌطﯾﻧﺎ ﺻوﺗﮫ ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت وﻟﻛن اﻷﺻل أﻧﻧﺎ ﻧرﯾد ﻣن ﯾﻌطﯾﻧﺎ ﻧﻔﺳﮫ وﻣﺎﻟﮫ‬

‫‪14‬‬
‫ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ‪ .‬ﻧرﯾد ﻣن ﯾﺻﺑرون وﯾﺿﺣون وﯾﺛﺑﺗون وﯾﺗﺣﻣﻠون أﻋﺑﺎء اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل وﯾﻘدرون اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ وﻋظﻣﮭﺎ‬
‫واﻷﻣﺎﻧﺔ وﺛﻘﻠﮭﺎ ‪ ،‬ﺗرﯾد طﻼب آﺧرة ﻻ طﻼب ﺣﻛم وﻣﻧﺎﺻب دﻧﯾوﯾﺔ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪ ،‬ﻧرﯾد ﻣن‬
‫ﯾﻘوﻣون ﺑﺄﻣﺎﻧﺎت اﻟﺣﻛم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻛل ورﻋﮫ وزھده واﻻﻟﺗزام ﺑﮫ ‪ ،‬ﻻ ھؤﻻء اﻟذﯾن ﺗﻐﯾرھم ﻛراﺳﻲ اﻟﺣﻛم وﯾﻧﺳون ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا‬
‫ﯾﻧﺎدون ﺑﮫ وﯾرﻓﻌوﻧﮫ ﻣن ﺷﻌﺎرات ‪.‬‬
‫ﻻ ﻧرﯾد ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟدﻋوة أن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭم اﺳﺗﺷراف اﻟﺣﻛم ﻟذات اﻟﺣﻛم وﻣﺎ ﯾرﺗﺑﮫ ﻣن ﺳﻠطﺎت وﻣﻐﺎﻧم ‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻣن ﺗﺟﺎوزات ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك وإﻧﻣﺎ ﻧرﯾد أن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭم أﻧﻧﺎ ﻧﻌﻣل ﻹﻗﺎﻣﺔ دﯾن ﷲ ﻓﻲ‬
‫اﻷرض ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺗﺗﺑﻌﮫ ذﻟك ﻣن اﻟﺗزام ﻟﻠﺷرع وﺑﻌد ﻋن اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ ‪ .‬وﻻ ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أﻧﻧﺎ ﻧرﻓض اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أو‬
‫ﻧﻠﻐﯾﮭﺎ ﻣن ﺣﺳﺎﺑﻧﺎ ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﻌﻠم دورھﺎ وأھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻟﻛن ﻧﻌطﯾﮭﺎ ﻗدرھﺎ اﻟﻣﻧﺎﺳب دون طﻐﯾﺎن ﻋﻠﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻧﺷﺎطﺎت ‪،‬‬
‫وﻧﺳﻠك ﺑﮭﺎ ﺳﺑﯾل اﻟﻣؤﻣﻧﯾن اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم دﯾﻧﮭم ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﻘدﯾر ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣﻛم واﻹﻋداد ﻟﮫ ﺑﺎﻟدراﺳﺎت واﻟﻛﻔﺎءات ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ﻋدم اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻌﻧﺻر اﻟﺗرﺑﯾﺔ ‪42 :‬‬
‫إن اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم ھو اﻟﻠﺑﻧﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء ﺳواء ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم أو اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟدوﻟﺔ ‪.‬‬
‫وﯾﻘدر ﻣﺎ ﯾﻧﺎل اﻟﻔرد ﻣن ﻗﺳط واﻓر ﻣن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺑﻧﺎء ﻣﺗﯾًﻧﺎ ‪ .‬واﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن اﻟﻘوي أﺳﺎس ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾﺔ‬
‫اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم ﻓﺄي ﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺿﻌًﻔﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس وﯾﻌرض اﻟﺑﻧﺎء إﻟﻲ اﻻﻧﮭﯾﺎر إن ﻋﺎﺟﻼً أو آﺟﻼً ‪ .‬ﻛﻣﺎ‬
‫أن ﻋدم إﻋطﺎء اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق ﺑﮭﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ ھﺑوط ﻣﺳﺗوي اﻷﻓراد ﻓﻼ ﯾﺗﺧرج أﻓراد ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ‬
‫وﺗﺣﻣل أﻣﺎﻧﺎت اﻟﻌﻣل ‪ ،‬وﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﺧﻔﻔوا اﻷﻋﺑﺎء ﻋن اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن إذا ﺑﮭم ﯾﺣدﺛون ﻣﺷﺎﻛل وﺧﻼﻓﺎت وﯾﺻﺑرون ﻋﺑﺛ ًﺎ ﻋن‬
‫اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠدﻋوة ‪ .‬واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟﮭﺎ أﺛرھﺎ اﻟﻣﻣﺗد ﻣﻊ اﻷﯾﺎم وﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﺣداث وﻣﺗطﻠﺑﺎت‬
‫اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ‪ ،‬ﺳواء أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن وﻣواﺟﮭﺔ ﻛﯾد اﻷﻋداء ‪ ،‬أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ إﻟﻲ ﻏﯾر‬
‫ذﻟك ﻣن ﻣﮭﺎم ‪ .‬وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧوﺿﺢ أن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺑﺗدﺋﯾن دون اﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن ‪ ،‬وﻟﻛن ﯾﺟب أن‬
‫ﺗﺳﺗﻣر ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ وﻋﻠﻲ ﻛل اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت واﻷﻗدﻣﯾﺎت ‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﻣن أﺣد إﻻ وﯾﺣﺗﺎج إﻟﻲ اﻟزاد وإﻟﻲ اﻟﺗذﻛﯾر ‪.‬‬
‫أﺳﺑﺎب إھﻣﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ‪:‬‬
‫وھﻧﺎك ﺑﻌض أﻣور ﻗد ﺗﻛون ﺳﺑًﺑﺎ ﻓﻲ إھﻣﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻧﻧﺑﮫ إﻟﯾﮭﺎ ﻛﻲ ﻧﺗﻔﺎداھﺎ ‪:‬‬
‫أ – ﺗﻐﻠﯾب ﺟﺎﻧب اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﺗرﺑﯾﺔ ‪ ،‬وﻣﺎ ﺗرﺗﺑﮫ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣن ﺷﻐل ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷوﻗﺎت ﻓﻲ ﺷﻛﻠﯾﺎت‬
‫وﻣﻧﺎﻗﺷﺎت وﻏﯾر ذﻟك ‪.‬‬
‫ب – ﻋدم إﻋداد ﻣرﺑﯾن ﯾﺳﺗوﻋﺑون اﻟﻘﺎدﻣﯾن ﻓﯾﮭﺑط ﻣﺳﺗوي اﻟﺗرﺑﯾﺔ ‪ .‬ﻛذﻟك اﻻھﺗﻣﺎم اﻟزاﺋد ﺑﻧﺷر اﻟدﻋوة ﻣﻣﺎ ﯾرﺗب ﻛﺛرة‬
‫اﻟواﻓدﯾن دون ﺗواﻓر إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮭم ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ ‪ .‬ﻓﯾﻠزم اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺈﻋداد ﻣرﺑﯾن ‪ ،‬واﻟﻣواءﻣﺔ ﺑﯾن ﻧﺷر اﻟدﻋوة واﻟﺗرﺑﯾﺔ أي‬
‫ﺑﯾن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻌرﯾف وﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن ‪.‬‬
‫ً‬
‫ج – أن ﺗﺗﺣول اﻷﺳرة إﻟﻲ ﻓﺻل ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺣت ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺗﺣﺻﯾل ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻛون ﺑوﺗﻘﺔ ﻟﻠﺻﻘل واﻟﺗﻛوﯾن وﺗﻘوﯾم‬
‫اﻷﺧﻼق ‪ .‬وﻋﻣوًﻣﺎ ﻣن اﻻﻧﺣراف ﺗﻔرﯾﻎ وﺳﺎﺋل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻣن ﺟوھرھﺎ ﻓﺗﺻﯾر ﻣظﮭًرا ﻓﻘط ﺳواء اﻷﺳرة أو اﻟﻛﺗﯾﺑﺔ أو‬
‫اﻟرﺣﻠﺔ أو اﻟﻣﻌﺳﻛر ‪.‬‬
‫د – اﻻﻧﺷﻐﺎل ﺑﻣﺟﺎﻻت ﻧﺷﺎط ﻣﺎ ﻟظروف طﺎرﺋﺔ ﺑﺻورة ﺗﮭﻣل ﻣﻌﮭﺎ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﯾﺷﻐل ﻋن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺷﻲء ﻣﮭﻣﺎ‬
‫ﻛﺎن ﺣﺗﻰ اﻟﺟﮭﺎد وﻣﻘﺎﺗﻠﺔ اﻷﻋداء ‪ ،‬ﺑل إن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻟظروف اﻟﺷدﯾدة واﻟﮭﺎﻣﺔ ﻣن أﻟزم اﻷﻣور ‪ ،‬ﻓﻌﻧﺻر‬
‫اﻹﯾﻣﺎن ﻣن أﻟزم اﻷﺳﺑﺎب ﻟﺗﺄﯾﯾد ﷲ وﻋوﻧﮫ وﻧﺻره ‪ ،‬ﺛم ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻹﻋداد اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ردﯾًﻔﺎ ﻟﻠﻣﺟﺎھدﯾن أﻣر‬
‫أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺟﮭﺎد وإﻋداد اﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرث ﺛﻣﺎر اﻟﺟﮭﺎد وﻻ ﺗﻔرط ﻓﯾﮭﺎ ‪.‬‬
‫ھـ‪ -‬اﻟﻧﻔس اﻟﻘﺻﯾر واﻟﻌﺟﻠﺔ ‪.‬‬
‫‪ – 3‬إھﻣﺎل ﻋﻧﺻر اﻟوﺣدة وﻗوة اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻷﻓراد ‪:‬‬
‫ﻻ ﯾﻛﻔﻲ اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻘوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻓراد وﻟﻛن ﻻﺑد ﻣن ﻗوة اﻟوﺣدة واﻟراﺑطﺔ ﺑﯾﻧﮭم ﻛﻣﺎ ﻓﻌل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻘد آﺧﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن واﻷﻧﺻﺎر ‪ ،‬ھذه اﻷﺧوة ﻣن أھم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮭﺎ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻷوﻟﻲ ‪ ،‬وﻗد‬
‫ﺳﺟﻠﮭﺎ اﻟﻘرآن ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . ( :‬وھذه اﻷﺧوة ﻟﮭﺎ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣرﻛﺔ واﻟﺟﮭﺎد ﺑﻣﺎ ﻻ‬
‫ﯾدع ﻟﻸﻋداء ﺛﻐرات ﯾﻧﻔذون ﻣﻧﮭﺎ إﻟﻲ اﻟﺻف وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾﻘول ‪ . (:‬ﻛﻣﺎ أن إھﻣﺎل روح اﻷﺧوة واﻟﺣب ﺑﯾن اﻷﻓراد ﯾﺗﯾﺢ‬
‫اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﺑذور اﻟﺧﻼف أن ﺗﻧﺑت وﺗؤدي إﻟﻲ اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺗﻧﺎزع ﯾؤدي إﻟﻲ اﻟﻔﺷل واﻟﮭزﯾﻣﺔ ﻟﻘول ﷲ ‪. ( :‬‬
‫وﻗد ﺟﻌل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﻛﻲ ﯾﺗﻌﮭد ﻛل أخ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪ ،‬وﻗد أوﺿﺢ أن أدﻧﻰ ﻣراﺗب ھذه‬
‫اﻷﺧوة ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر وأﻋﻼھﺎ اﻹﯾﺛﺎر ‪ .‬وﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أن ﻋدم ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر ﯾﻌﺗﺑر ﻧﻛﺛ ًﺎ ﻟﻠﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟرﻛن ‪ ،‬ﻓﻠﻧﺣذر ذﻟك‬

‫‪15‬‬
‫وﻟﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ أﺧوﺗﻧﺎ وراﺑطﺗﻧﺎ ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ وأن أﻋداء ﷲ ﯾﻐﯾظﮭم اﺟﺗﻣﺎع ﻛﻠﻣﺗﻧﺎ وﺗﺂﺧﯾﻧﺎ وﯾﺣﺎوﻟون اﻟﻧﯾل ﻣن ذﻟك ﺑﺷﺗﻰ‬
‫اﻟطرق ﻓﻼ ﺗﺣﻘﻘوا ﻟﮭم ﻣﺎ ﯾﺷﺗﮭون ‪.‬‬
‫‪ – 4‬إھﻣﺎل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻲ ﻗوة ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﺷروطﮭﺎ ‪45 :‬‬
‫إن ﻣن أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت ﺳرﯾﺎن روح اﻟﺗﺳﯾب واﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﺑﯾن ﺻﻔوف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ ،‬وﻋدم اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻌﺿوﯾﺔ‬
‫وﺷروطﮭﺎ ‪ ،‬ﻓذﻟك ﻣن أﺧطر اﻵﻓﺎت ﻋﻠﻲ ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﻔﺳد ﺟو اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج وﯾؤدي إﻟﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺿﺎرة ﻣﻣﺎ ﯾﺿﻌف‬
‫ﻛﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﮭﯾﺊ اﻟﻣﻧﺎخ ﻷﻣراض أﺧري ‪ .‬ﻓﺎﻟﺗﻔرﯾط ﻓﻲ ﺗوﻓر ﺷروط اﻟﻌﺿوﯾﺔ اﻧﺣراف ﯾرﺗب ﺗﺳرب ﻋﻧﺎﺻر ﻏﯾر‬
‫ﻣطﻣﺄن ﻟﮭﺎ وﻟﯾﺳت ﺟدﯾرة ﺑﺎﻟﻌﻣل وﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺎت إﻟﻲ اﻟﺻف وﻟذﻟك آﺛﺎره اﻟﺿﺎرة ‪.‬‬
‫ﻛذﻟك اﻟﺗﺳﺎھل ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أﻓراد ﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ وھم ﻟﯾﺳوا أھﻼً ﻟﮭﺎ ﯾرﺗب ﻧﻘط ﺿﻌف ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ .‬وﻣﺟﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﺑﻌض أﻓراد ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة اﻧﺣراف ﯾﺟب ﺗﺟﻧﺑﮫ وﻋدم اﻟﺗﺳﺎھل ﻓﯾﮫ ‪ .‬ﻓﻌن أﺑﻲ ذر ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﻠت ﯾﺎ رﺳول ﷲ أﻻ‬
‫ﺗﺳﺗﻌﻣﻠﻧﻲ ؟ ﻗﺎل ‪ " :‬ﻓﺿرب ﺑﯾده ﻋﻠﻲ ﻣﻧﻛﺑﻲ ‪ ،‬ﺛم ﻗﺎل ‪ :‬ﯾﺎ أﺑﺎ ذر ‪ ،‬إﻧك ﺿﻌﯾف ‪ ،‬وإﻧﮭﺎ أﻣﺎﻧﺔ ‪ ،‬وإﻧﮭﺎ ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﺧزى‬
‫وﻧداﻣﺔ ‪ ،‬إﻻ ﻣن أﺧذھﺎ ﺑﺣﻘﮭﺎ وأدي اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﮭﺎ " ‪ .‬وﺟﺎء رﺟل ﯾﺳﺄل رﺳول ﷲ ‪ :‬ﻣﺗﻰ ﺗﻘوم اﻟﺳﺎﻋﺔ ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ ‪ " :‬إذا‬
‫ﺿﯾﻌت اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﺎﻧﺗظر اﻟﺳﺎﻋﺔ ! وﻛﯾف إﺿﺎﻋﺗﮭﺎ ؟ ﻗﺎل ‪ :‬إذا وﺳد اﻷﻣر ﻟﻐﯾر أھﻠﮫ اﻟﺳﺎﻋﺔ " ‪.‬‬
‫ﻛذﻟك ﺗرك ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺛﺑطﺔ أو ﻣﺷﻛﻛﺔ ﺗﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓﺳﺎدًا دون ﺗطﮭﯾر وﺗوﻗﯾف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻟﮫ آﺛﺎر اﻟﺳﯾﺋﺔ ‪.‬‬
‫واﻟﺻف اﻟﻘﻠﯾل اﻟﻣﻠﺗزم ﺧﯾر ﻣن اﻟﻛﺛﯾر اﻟذي ﻓﯾﮫ ﺑﻠﺑﻠﺔ وﺗﺳﯾب ‪ .‬وﻋدم اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ ﻋﻠﻲ اﻷﺧطﺎء أوﻻً ﺑﺄول ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ﺟو‬
‫اﻟﺗﺳﯾب اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻌﮫ ﻋﻣل وﻻ إﻧﺗﺎج وﻻ اﻟﺗزام ‪ .‬ﻛل ھذه اﻻﻧﺣرﻓﺎت وإن ﺑدت ﺑﺳﯾطﺔ ﻓﻲ ﻣظﮭرھﺎ وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺧطﯾرة‬
‫ﻓﻲ ﻣﺧﺑرھﺎ وﻣﺿﺎﻋﻔﺎﺗﮭﺎ ﻓﯾﻠزم ﺗﺟﻧﺑﮭﺎ ﺑﻛل دﻗﺔ ودون ﺗﻔرﯾط ‪.‬‬
‫‪ – 5‬اﻧﺣراﻓﺎت ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد واﻹﻋداد ﻟﮫ ‪45 :‬‬
‫اﻟﺟﮭﺎد ﻓرﯾﺿﺔ ﻣﺎﺿﯾﺔ إﻟﻲ ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ( إذ ﻻﺑد ﻟﻠﺣق ﻣن ﺗﺣﻣﯾﮫ ﻣن ﻛﯾد اﻷﻋداء وإﻋﺗداءاﺗﮭم ‪ ،‬وإزاﻟﺔ اﻟﻌﻘﺑﺎت اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﺿﻌﮭﺎ أﻋداء ﷲ ﻟﯾﺣوﻟوا ﺑﮭﺎ ﺑﯾن ﻋﺑﺎد ﷲ ودﻋوة ﷲ ‪ .‬واﻟﺟﮭﺎد ھو اﻟﺗﺟﺎرة اﻟراﺑﺣﺔ اﻟﺗﻲ دﻋﺎ ﷲ ﻋﺑﺎده اﻟﻣؤﻣﻧﯾن إﻟﯾﮭﺎ‬
‫ورﻏﺑﮭم ﻓﯾﮭﺎ( ‪ .‬وﻣن أﺟل اﻟﺟﮭﺎد ﻋرض ﷲ اﻟﺻﻔﻘﺔ اﻟراﺑﺣﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻋﺑﺎده اﻟﻣؤﻣﻧﯾن )‬

‫( ‪ .‬وﺑﻐﯾر اﻟﺟﮭﺎد ﯾﺗﻌرض اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻟﻠﻘﮭر واﻹذﻻل واﻹﺑﺎدة وﺑﺎﻟﺟﮭﺎد ﺗﺗﺣﻘق اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌزﯾزة‬
‫اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ظل اﻹﺳﻼم واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ‪ ،‬واﻟﺣﯾﺎة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻟﻠﺷﮭداء ﻋﻧد رﺑﮭم ﯾرزﻗون ‪.‬‬
‫وﻗﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ " :‬إذا ﺗﺑﺎﻋﯾﺗم ﺑﺎﻟﻌﯾﻧﺔ وأﺧذﺗم أذﻧﺎب اﻟﺑﻘر ورﺿﯾﺗم إﻟﻲ دﯾﻧﻛم ﺑﺎﻟزرع وﺗرﻛﺗم‬
‫اﻟﺟﮭﺎد ﺳﻠطﺔ ﷲ ﻋﻠﯾﻛم ذﻻ ﻻ ﯾﻧزﻋﮫ ﺣﺗﻰ ﺗرﺟﻌوا إﻟﻲ دﯾﻧﻛم " ‪ .‬وﻗد أوﻟﻲ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻣر اﻟﺟﮭﺎد ﻛل اﻻھﺗﻣﺎم ﻓﺟﻌل‬
‫اﻟﺟﮭﺎد ﻣن اﻟﺷﻌﺎرات اﻟﺧﻣس ) اﻟﺟﮭﺎد ﺳﺑﯾﻠﻧﺎ ( واﻟﺷﮭﺎدة ﻛذﻟك ) واﻟﻣوت ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ أﺳﻣﻰ أﻣﺎﻧﯾﻧﺎ ( ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺟﮭﺎد‬
‫واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ رﻛﻧﯾن ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﻟﯾﺣرص ﻛل أخ ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء ﺑﮭﻣﺎ وﻋدم اﻟﻧﻛث ﻓﻲ أي ﻣﻧﮭﻣﺎ ‪ .‬وﻛﺗب رﺳﺎﻟﺔ ﻋن اﻟﺟﮭﺎد‬
‫‪.‬‬
‫وﺷﺎرة اﻹﺧوان ﺳﯾﻔﺎن ﺣول اﻟﻣﺻﺣف ﻛرﻣز ﻟﻠﺟﮭﺎد ‪.‬‬
‫وأطﻠق ﻋﻠﻲ دﻋوة اﻹﺧوان أﻧﮭﺎ دﻋوة اﻟﺣق واﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻘوة ‪.‬‬
‫ھذا ھو اﻷﺻل ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﮭﺎد وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﮫ ‪.‬‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﺟﮭﺎد ‪47 :‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ﻗﻠﺔ اﻻھﺗﻣﺎم ‪:‬‬
‫ﻋدم إﻋطﺎء اﻟﺟﮭﺎد اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق ﺑﮫ ‪ ،‬أو اﻟﺗراﺧﻲ ﻓﻲ اﻹﻋداد ﻟﮫ ﺑﺄن ﯾﺑذل ﺑﻌض اﻟﺟﮭد وﯾﻛون ﻓﻲ اﻻﺳﺗطﺎﻋﺔ ﺑذل‬
‫ﺟﮭد أﻛﺑر ﻓﺎ‪ .‬ﯾﺄﻣرﻧﺎ( ‪.‬‬
‫ب – اﻟﺗرف ‪:‬‬
‫اﻟﺗرف واﻟرﺧﺎء اﻟﻠذان ﯾؤدﯾﺎن إﻟﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ‪ ،‬واﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل وﻗد ﺣذر ﷲ اﻟﻣﺗﺛﺎﻗﻠﯾن‬
‫ﻋن اﻟﺟﮭﺎد وﺗوﻋدھم ﺑﺎﻟﻌذاب اﻷﻟﯾم ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. ( :‬‬
‫ج – اﻹﺣﺟﺎم ﻋن اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ‪:‬‬
‫(‪.‬‬ ‫اﻹﺣﺟﺎم ﻋن اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ وﺑذل اﻟﻧﻔس واﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪:‬‬
‫د – اﻧﺣراف اﻟﻧﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫أي ﺗﺣول ﻓﻲ ﻧﯾﺔ اﻟﺟﮭﺎد ﻹﻋﻼء ﻛﻠﻣﺔ ﷲ إﻟﻲ ﻧواﯾﺎ دﻧﯾوﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ‪ .‬ﺳﺋل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن‬
‫اﻟرﺟل ﯾﻘﺎﺗل ﺷﺟﺎﻋﺔ ‪ ،‬وﯾﻘﺎﺗل ﺣﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﯾﻘﺎﺗل رﯾﺎًء ‪ ،‬أي ذﻟك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﻓﻘﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ " :‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﺗل ﻟﺗﻛون ﻛﻠﻣﺔ ﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﮭو ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ " ‪.‬‬
‫ھـ ‪ -‬اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن آداب اﻟﻘﺗﺎل ‪:‬‬
‫ﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑﺂداب اﻟﻘﺗﺎل ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﻓﻘﮫ اﻟﺟﮭﺎد ﻛﻘﺗل اﻷطﻔﺎل واﻟﻧﺳﺎء واﻟﺷﯾوخ واﻟﻐل ﻓﻲ اﻟﻐﻧﯾﻣﺔ إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك‬
‫اﻧﺣراف ﻛذﻟك ‪.‬‬
‫و – اﻟﺗﮭور ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻼح ‪:‬‬
‫اﻟﺗﺳرع ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻗوة اﻟﺳﻼح وﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء ﻗﺑل اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب واﻹﻋداد اﻟﻼزم اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل‬
‫وﺗﻌرﯾض ﻟﻠﻣﺧﺎطر ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﺎر ﺑن ﯾﺎﺳر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺣﯾن أﺳﻠم ھو وأﺑوه وأﻣﮫ دﻟﯾل ﻋﻠﻲ ذﻟك ‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﺷرﻛون – وﻋﻠﻲ رأﺳﮭم أﺑو ﺟﮭل – ﯾﺧرﺟوﻧﮭم إﻟﻲ اﻷﺑطﺢ إذا ﺣﻣﯾت اﻟرﻣﺿﺎء ﻓﯾﻌذوﺑﮭم ﺑﺣرھﺎ ‪ ،‬وﻣر ﺑﮭم اﻟﻧﺑﻲ‬
‫ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھم ﯾﻌذﺑون ﻓﻘﺎل ‪ :‬ﺻﺑرا آل ﯾﺎﺳر ﻓﺈن ﻣوﻋدﻛم اﻟﺟﻧﺔ " ‪.‬‬
‫ز – ﻛذﻟك اﻟﺗﺑﺎطؤ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء ورد اﻋﺗداءاﺗﮭم ﺑﻌد ﺗواﻓر اﻹﻋداد وﺗﮭﯾؤ اﻟظروف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ‪.‬‬
‫وھﺎ ھو اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﯾﺣﻠﻲ ھذه اﻷﻣور ﺑﺻورة واﺿﺣﺔ ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﯾﻘول ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺧﺎﻣس ‪ ) :‬واﻹﺧوان‬
‫ﯾﻌﻠﻣون أن أول درﺟﺔ ﻣن درﺟﺎت اﻟﻘوة ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن ‪ ،‬وﯾﻠﻲ ذﻟك ﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط ﺛم ﺑﻌدھﻣﺎ ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد‬
‫واﻟﺳﻼح ‪ ،‬وﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗوﺻف ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻘوة ﺣﺗﻰ ﺗﺗوﻓر ﻟﮭﺎ ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ إذا اﺳﺗﺧدﻣت ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد‬
‫واﻟﺳﻼح وھﻲ ﻣﻛﻔﻔﺔ اﻷوﺻﺎل ﻣﺿطرﺑﺔ اﻟﻧظﺎم أو ﺿﻌﯾﻔﺔ اﻟﻌﻘﯾدة ﺧﺎﻣدة اﻹﯾﻣﺎن ﻓﺳﯾﻛون ﻣﺻﯾرھﺎ اﻟﻔﻧﺎء واﻟﮭﻼك ( ‪.‬‬
‫وﻧظرة أﺧري ھل أوﺻﻲ اﻹﺳﻼم – واﻟﻘوة ﺷﻌﺎره – ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة ﻓﻲ ﻛل اﻟظروف واﻷﺣوال ؟ أم ﺣدد ﻟذﻟك ﺣدودا‬
‫واﺷﺗرط ووﺟﮫ اﻟﻘوة ﺗوﺟﯾًﮭﺎ ﻣﺣدودا ؟ وﻧظرة ﺛﺎﻟﺛﺔ ‪ :‬ھل ﺗﻛون اﻟﻘوة أول اﻟﻌﻼج أم أن آﺧر اﻟدواء اﻟﻛﻲ ؟ وھل ﻣن‬
‫اﻟواﺟب أن ﯾوازن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﯾن ﻧﺗﺎﺋﺞ اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻓﻌﺔ وﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ اﻟﺿﺎرة وﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﮭذا اﻻﺳﺗﺧدام ﻣن ظروف ؟ أم أن‬
‫ﻣن واﺟﺑﮫ أن ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﻘوة وﻟﯾﻛن ﺑﻌد ذﻟك ﻣﺎ ﯾﻛون ؟ ‪.‬‬
‫ﺛم ﯾﻘول ‪ ) :‬واﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺳﯾﺳﺗﺧدﻣون اﻟﻘوة اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟدي ﻏﯾرھﺎ ‪ .‬وﺣﯾث ﯾﺛﻘون أﻧﮭم ﻗد اﺳﺗﻛﻣﻠوا ﻋدة‬
‫اﻹﯾﻣﺎن واﻟوﺣدة ‪ ،‬وھم ﺣﯾن ﯾﺳﺗﺧدﻣون ھذه اﻟﻘوة ﺳﯾﻛوﻧون ﺷرﻓﺎء ﺻرﺣﺎء ‪ ،‬وﺳﯾﻧذرون أوﻻ وﯾﻧﺗظرون ﺑﻌد ذﻟك ﺛم‬
‫ﯾﻘدﻣون ﻓﻲ ﻛراﻣﺔ وﻋزة ‪ ،‬وﯾﺣﺗﻣﻠون ﻛل ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣوﻗﻔﮭم ﺑﻛل رﺿﺎء وارﺗﯾﺎح ( ‪ .‬وﯾوﺟﮫ ﺧطﺎﺑﮫ ﻟﻠﻣﺗﻌﺟﻠﯾن ) أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان‬
‫اﻟﻣﺳﻠﻣون وﺑﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺗﺣﻣﺳون اﻟﻣﺗﻌﺟﻠون ﻣﻧﻛم ‪ :‬اﺳﻣﻌوھﺎ ﻣﻧﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ داوﯾﺔ ﻣن ﻓوق ھذا اﻟﻣﻧﺑر ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣرﻛم ھذا‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻊ ‪ :‬إن طرﯾﻘﻛم ھذه ﻣرﺳوﻣﺔ ﺧطواﺗﮫ ﻣوﺿوﻋﺔ ﺣدوده وﻟﺳت ﻣﺧﺎﻟًﻔﺎ ھذه اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ اﻗﺗﻧﻌت ﻛل اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄﻧﮭ ﺎ‬
‫أﺳﻠم طرﯾق ﻟﻠوﺻول ‪ .‬أﺟل ﻗد ﺗﻛون طرﯾًﻘﺎ طوﯾﻠﺔ وﻟﻛن ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻏﯾرھﺎ ‪ .‬إﻧﻣﺎ ﺗظﮭر اﻟرﺟوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺻﺑر واﻟﻣﺛﺎﺑرة واﻟﺟد‬
‫واﻟﻌﻣل اﻟداﺋب ‪ ،‬ﻓﻣن أراد ﻣﻧﻛم أن ﯾﺳﺗﻌﺟل اﻟﺛﻣرة ﻗﺑل ﻧﺿﺟﮭﺎ أو ﯾﻘطف زھرة ﻗﺑل أواﻧﮭﺎ ﻓﻠﺳت ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﺣﺎل ‪،‬‬
‫وﺧﯾر ﻟﮫ أن ﯾﻧﺻرف ﻋن ھذه اﻟدﻋوة إﻟﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟدﻋوات ‪ .‬وﻣن ﺻﺑر ﻣﻌﻲ ﺣﺗﻰ ﺗﻧﻣو اﻟﺑذرة وﺗﻧﺑت اﻟﺷﺟرة وﺗﺻﻠﺢ‬
‫اﻟﺛﻣرة وﯾﺣﯾن اﻟﻘطﺎف ﻓﺄﺟره ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻲ ﷲ ‪ ،‬وﻟن ﯾﻔوﺗﻧﺎ وإﯾﺎه إﺣدى اﻟﺣﺳﻧﯾن إﻣﺎ اﻟﻧﺻر واﻟﺳﯾﺎدة وإﻣﺎ اﻟﺷﮭﺎدة‬
‫واﻟﺳﻌﺎدة ‪.‬‬
‫ﺛم ﯾﻘول ‪ :‬أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ‪ :‬إﻧﻛم ﺗﺑﺗﻐون وﺟﮫ ﷲ وﺗﺣﺻﯾل ﻣﺛوﺑﺗﮫ ورﺿواﻧﮫ ‪ ،‬وذﻟك ﻣﻛﻔول ﻟﻛم ﻣﺎدﻣﺗم‬
‫ﻣﺧﻠﺻﯾن ‪ .‬وﻟم ﯾُﻛﻠﻔﻛم ﷲ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻷﻋﻣﺎل وﻟﻛن ﻛﻠﻔﻛم ﺻدق اﻟﺗوﺟﮫ وﺣﺳن اﻻﺳﺗﻌداد ‪ ،‬وﻧﺣن ﺑﻌد ذﻟك إﻣﺎ ﻣﺧطﺋون ﻓﻠﻧﺎ‬
‫أﺟر اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن اﻟﻣﺟﺗﮭدﯾن ‪ ،‬وإﻣﺎ ﻣﺻﯾﺑون ﻓﻠﻧﺎ أﺟر اﻟﻔﺎﺋزﯾن اﻟﻣﺻﯾﺑﯾن ‪ ،‬ﻋﻠﻲ أن اﻟﺗﺟﺎرب ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ﻗد أﺛﺑﺗت‬
‫أﻧﮫ ﻻ ﺧﯾر إﻻ ﻓﻲ طرﯾﻘﻛم وﻻ إﻧﺗﺎج إﻻ ﻣﻊ ﺧطﺗﻛم ‪ ،‬وﻻ ﺻواب إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻌﻣﻠون ﻓﻼ ﺗﻐﺎﻣروا ﺑﺟﮭودﻛم وﻻ ﺗﻘﺎﻣروا‬
‫ﺑﺷﻌﺎر ﻧﺟﺎﺣﻛم ‪ .‬واﻋﻣﻠوا وﷲ ﻣﻌﻛم وﻟن ﺑﺗرﻛم أﻋﻣﺎﻟﻛم واﻟﻔوز ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن( ‪.‬‬
‫ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺑول أن ﯾﻔﮭم أﺣد أن ﻛﻼم اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﯾدﻋو إﻟﻲ اﻟﺑطء واﻟﻔﺗور أو ﻋدم اﻟﺟد واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﺑل إن اﻹﻣﺎم ﯾﺣث‬
‫ﺳﺎ ﺣﯾﺔ ﻗوﯾﺔ ﻓﺗﯾﺔ ‪ ،‬ﻗﻠوًﺑﺎ ﺟدﯾدة ﺧﻔﺎﻗﺔ ‪ ،‬ﻣﺷﺎﻋر‬ ‫ﻋﻠﻲ اﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟطﻣوﺣﺎت اﻟﻣﺗطﻠﻌﺔ ﻓﻔﻲ ﻣوﻗﻊ آﺧر ﯾﻘول ‪ ) :‬ﻧرﯾد ﻧﻔو ً‬
‫ﻏﯾورة ﻣﻠﺗﮭﺑﺔ ﻣﺗﺄﺟﺟﺔ ‪ ،‬أرواًﺣﺎ طﻣوﺣﺔ ﻣﺗطﻠﻌﺔ ﻣﺗوﺛﺑﺔ ‪ ،‬ﺗﺗﺧﯾل ﻣﺛﻼً ﻋﻠًﯾﺎ وأھداﻓًﺎ ﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﺗﺳﻣو ﻧﺣوھﺎ وﺗﺗطﻠﻊ إﻟﯾﮭﺎ ﺛم‬
‫ﺗﺣﺻل إﻟﯾﮭﺎ ‪ ،‬وﻻﺑد ﻣن أن ﺗﺣدد ھذه اﻷھداف واﻟﻣﺛل وﻻﺑد أن ﺗﺣﺻر ھذه اﻟﻌواطف واﻟﻣﺷﺎﻋر ‪ ،‬وﻻﺑد ﻣن أن ﺗرﻛز‬
‫ﺣﺗﻰ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻘﯾدة ﻻ ﺗﻘﺑل ﺟدﻻ وﻻ ﺗﺣﺗﻣل ﺷﻛﺎ ً وﻻ رﯾًﺑﺎ ‪ .‬وﺑﻐﯾر ھذا اﻟﺗﺣدﯾد واﻟﺗرﻛﯾز ﺳﯾﻛون ﻣﺛل ھذه اﻟﺻﺣوة ﻣﺛل‬
‫اﻟﺷﻌﺎع اﻟﺗﺎﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﯾداء ﻻ ﺿوء ﻟﮫ وﻻ ﺣرارة ﻓﯾﮫ ( ‪.‬‬
‫‪ – 6‬اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪50 :‬‬

‫‪17‬‬
‫ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ (:‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . ( :‬اﻷﺻل أن دﻋوﺗﻧﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻻ ﯾﺣدھﺎ زﻣﺎن وﻻ ﻣﻛﺎن ‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﺟﺎء ﺑﮫ‬
‫ﻣﺣﻣد ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻠﻧﺎس ﻛﺎﻓﺔ ‪ ،‬وأﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن أﻣﺔ واﺣدة وﺟﻣﺎﻋﺔ واﺣدة ووطن واﺣد ﺑل وﺟﺳد واﺣد ‪ ،‬ﻻ ﻗﯾﺎم‬
‫ﻟﻠﻔوارق اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ أو اﻟﻠﻐوﯾﺔ ‪ ،‬وﻻ ﻟﻠﺣدود اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ وﻻ ﻓﺿل ﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻲ أﻋﺟﻣﻲ إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻘوى ‪ ،‬وﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أن‬
‫ﯾﺳﺗﺷﻌر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺗﮫ ﻧﺣو ﻛل ﻣﺳﻠم إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻘوي ‪ .‬وﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أن ﯾﺳﺗﺷﻌر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺗﮫ ﻧﺣو ﻛل ﻣﺳﻠم ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن وﻋن ﻛل‬
‫ﺷﺑر ﻣن أرض اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﺣرﻣﺎت اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ودﯾﺎرھم وﻟﯾس ﻋن وطﻧﮫ اﻟذي ﻧﺷﺄ ﻓﯾﮫ ﻓﻘط ‪ ،‬وﻣﺎ‬
‫أﺟﻣل ﻗول ﺷﺎﻋر اﻹﺧوان إذ ﻗﺎل ‪:‬‬
‫وﻟﺳت أري ﺳوي اﻹﺳﻼم ﻟﻲ وطﻧﺎ‬
‫اﻟـﺷﺎم ﻓﯾﮫ ووادي اﻟﻧﯾل ﺳـﯾﺎن‬
‫وﻛـﻠﻣﺎ ذﻛـر اﺳـم ﷲ ﻓﻲ ﺑـﻠـٍد‬
‫ﻋـددت أرﺟﺎءه ﻣن ﻟب أوطﺎﻧﻲ‬
‫ھﻛذا ﯾﺗﺳﻊ أﻓق اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ وﯾﺳﻣو ﻋن ﺣدود اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ اﻟدﻣوﯾﺔ ‪ ،‬إﻟﻲ وطﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ‬
‫واﻟﻌﻘﺎﺋد اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ‪ ،‬واﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠﮭﺎ ﷲ ﻟﻠﻌﺎﻟم ھدي وﻧوًرا ‪ .‬ﻓﺎﻹﺳﻼم إﺳﻼم واﺣد وﻟﯾس ﻟﻛل ﻗطر إﺳﻼم‬
‫ﺧﺎص ‪ ،‬وﻗﺿﯾﺔ أي ﻗطر إﺳﻼﻣﻲ ھﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ وﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ أﺑﻧﺎء ذﻟك اﻟﻘطر ﻓﻘط ‪ .‬وھﻛذا ﻧﻧظر ﻟﻘﺿﯾﺔ‬
‫ﻓﻠﺳطﯾن أو أﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن أو ﺳورﯾﺎ أو ﻏﯾرھﺎ ‪ .‬ھذا ھو اﻷﺻل ‪.‬‬
‫ﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪:‬‬
‫واﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ھو ﺑروز روح اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺑﺄن ﯾﻧﻌزل اﻟﻌﺎﻣﻠون ﻟﻺﺳﻼم ﻓﻲ ﻗطر ﻣن اﻷﻗطﺎر ﻋن ﻏﯾرھم ﻣن‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺗوﺣﯾد ﺟﮭودھم ‪ .‬وھﻛذا‬
‫ﯾﺣﺻرون ﺟﮭدھم وﺟﮭﺎدھم داﺧل ﻗطرھم وﻋﻠﻲ أﺑﻧﺎء ﻗطرھم ‪ ،‬وﻻ ﺷك أن ذﻟك اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل وھو وﺣدة اﻟﻌﻣل‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻛل ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬وﻛل ﻣﺳﻠم ﻓﻲ أي ﻗطر ﻣطﻠوب ﻣﻧﮫ أن ﯾﻌﻣل وﯾﺟﺎھد ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫وﻟﯾس داﺧل ﻗطره ﻓﻘط ‪ .‬ﺛم إن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘطر ﻧﻔﺳﮫ أن ﯾﺷﺎرﻛﮫ اﻟﻣﺳﻠﻣون أﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺗﮫ وﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد‬
‫اﻟﻼزم ﻟﮭﺎ ‪ ،‬ﺑﻛل اﻟﻌون اﻟﻣﺎدي واﻷدﺑﻲ واﻟﺧﯾرات ﻛﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ھذا اﻟﻘطر ﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺧططﺎت اﻷﻋداء اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﯾن اﻟذﯾن‬
‫ﯾﺗﺣدون وﯾﺗﻌﺎوﻧون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ﻓﻲ ﺣرﺑﮭم ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن واﻟﻛﯾد ﻟﮭم ‪.‬‬
‫وﻟﻛﻲ ﯾﺑرز ﺧطﺄ ھذا اﻻﻧﺣراف وﺟﺳﺎﻣﺔ ﺧطره ﺗﺗﺻور أن اﻷﻗطﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ أو ﻣﻌظﻣﮭﺎ ﻧﮭﺞ ھذا اﻟﻧﮭﺞ ﻣن‬
‫اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ واﻻﻧﻌزاﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺷك أن ھذا ﻣﺎ ﯾﺗﻣﻧﺎه اﻷﻋداء ﻷن ذﻟك ﻣظﮭر ﺿﻌف ﯾﯾﺳر ﻟﮭم اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻲ اﻟﺣرﻛﺎت‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﻌزﻟﺔ اﻟواﺣدة ﺑﻌد اﻷﺧرى ‪ .‬ﻣن أﺟل ذﻟك ﯾﻌﻣل اﻹﺧوان ﺟﺎدﯾن ﻣن أول ﯾوم ﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟدﻋوة ووﺣدة‬
‫اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺑﺈذن ﷲ ﻋﻠﻲ ﻗﺎﻋدة ﻋرﯾﺿﺔ ﻗوﯾﺔ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣن وﺣدة اﻟﮭدف وﺗﻘدﯾر اﻟظروف اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ھو ﻣن ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻹﺧوان وﻣﻧﮭﺎﺟﮭم‬
‫• وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻل ﺑﺎﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل داﺧل اﻟﻘطر اﻟواﺣد ﻋﺻﺑﯾﺔ اﻟﻣدن ﺑﺻورة‬
‫ﺗﺧﺎﻟف روح اﻹﺳﻼم واﻷﺧوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﺗﺗﻛون داﺧل اﻟﺻف ﻣﺣﺎور ﻟﮭذه اﻟﻣدن وﺗﺣرﯾﺎت ﺗﻌرض اﻟﺻف‬
‫ﻟﻠﺗﻣزق وﺗﺣول دون اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺛﻣر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد ‪ .‬ﻓﻠﻧﺗق ‪ .‬وﻟﻧﻧزع ﻣن ﻗﻠوﺑﻧﺎ ﻛل أﺛر ﻣن ذﻟك ‪.‬‬
‫• وﻗد ﺗظﮭر ﺻور ﻟﮭذا اﻻﻧﺣراف ﺑﯾن أﻓراد ﻣن أﻗطﺎر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾﺟﻣﻌﮭم اﻟﻌﻣل ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول ‪ ،‬ﻓﺗﺗﻔﺎوت‬
‫درﺟﺎت اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺛﻘﺔ ﺑﯾن اﻹﺧوة ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض ﺑﺳﺑب اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﯾظﮭر ذﻟك ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن أو‬
‫ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام واﻟطﺎﻋﺔ وﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣل وﺗﺑرز ھذه اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ اﻟﺟﺎھﻠﯾﺔ ‪ .‬وھذا أﻣر ﻻ ﯾﻘره اﻹﺳﻼم وﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﮫ ﻧظﺎم‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﺿر ﺑﺎﻟﺻف وﺑﺎﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪.‬‬
‫‪ – 7‬أن ﻧرﻓﻊ ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ راﯾﺎت ﻟﻣﺑﺎدئ أرﺿﯾﺔ ‪52 :‬‬
‫اﻷﺻل أن دﻋوﺗﻧﺎ رﺑﺎﻧﯾﺔ وأﻧﮭﺎ اﻹﺳﻼم اﻟدﯾن اﻟﺣق اﻟذي ارﺗﺿﺎه ﷲ ﻟﻌﺑﺎده ‪ ،‬وأﻧﻧﺎ ﻧﺳﻣو وﻧﺷرف ﺑﺣﻣل ھذه اﻟراﯾﺔ ( ﻓﻼ‬
‫ﯾﺟوز ﺑﻌد ذﻟك أن ﻧﻌﻠق ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ راﯾﺔ ﻟﻣﺑﺎدئ أرﺿﯾﺔ ﻛﺎﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ أو اﻟﻘوﻣﯾﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك ﺑﺎﻻﻧﺿﻣﺎم أو اﻻﻧﺗﻣﺎء‬
‫ﻟﻛﯾﺎﻧﺎت ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ ﻛﺎﺗﺣﺎد اﺷﺗراﻛﻲ أو ﺣزب ﻋﻠﻣﺎﻧﻲ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻣﺑررات ‪ ،‬ﻓذﻟك ﺗﻧﺎﻗض ﺻرﯾﺢ وواﺿﺢ‬
‫ﻣﻊ أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻣﻊ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ واﻟذي ﯾرﻓض ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ وﯾﺣﺎرﺑﮭﺎ ‪ ،‬اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧرﯾد أن ﻧﻔرﺿﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ‬
‫وﯾﻌﻠو ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺎ ﺳواه ‪ ،‬ﻛﯾف ﻧﮭﺎﺟم اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻺﺳﻼم وﻧﺣن داﺧل اﻻﺗﺣﺎد اﻻﺷﺗراﻛﻲ ؟ ‪.‬‬
‫وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ﻓﺈن اﻟﺣزب اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ﯾﺗﺣﻣل ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻛل ﺳﻠﺑﯾﺎت ھذا اﻟﺣﻛم وﻣﺎ أﻛﺛرھﺎ ﻓﻲ أﻗطﺎرﻧﺎ ‪،‬‬
‫وﻟﯾس اﻟﺣﺎﻛم وﺣده ‪ ،‬ﻓﻛل ﻣن ﯾﻧﺗﻣون ﻟﮭذا اﻟﺣزب ﺳﯾﺗﺣﻣﻠون رﺿوا أم ﻛرھوا ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ھذه اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ‬
‫ذﻟك ﻣن ﻓﻘدان ﺛﻘﺔ اﻟﺟﻣﺎھﯾر ﻓﯾﮭم ‪ .‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ظل اﻻﻧﺗﻣﺎء ﻟﮭذه اﻟﻛﯾﺎﻧﺎت اﻷرﺿﯾﺔ ﻟن ﯾﻛون ﻣﻧﺎﺳًﺑﺎ ﻹﻋداد‬

‫‪18‬‬
‫اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم وﺗرﺑﯾﺗﮫ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻧﺷدھﺎ ﻟﻸخ اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن أھم اﻷﻣور وأﻟزﻣﮭﺎ ‪ ،‬وﻏﺎﻟًﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﯾطر ﺟو‬
‫اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺳﺗﮭداف اﻟﺣﻛم ﺑﺄﺳرع وأﯾﺳر طرﯾق ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن أﺧطﺎر وﻣﺧﺎطر ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﺑﻧﺎء‬
‫وﺳﻼﻣﺗﮫ ‪.‬‬
‫‪ – 8‬ﺗﻌرﯾض اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﻼﺣﺗواء أو ھﯾﻣﻧﺔ اﻟﻐﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪54 :‬‬
‫اﻷﺻل أن ﯾﻛون ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ﺷﺧﺻﯾﺗﮭﺎ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة ﻓﻲ ﻓﮭﻣﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ وﺧط ﺳﯾرھﺎ وﻗراراﺗﮭﺎ ‪ ،‬دون أن ﺗﺧﺿﻊ‬
‫ﻟﺳﻠطﺎن أو ھﯾﻣﻧﺔ ﺟﮭﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ أو ﺣﻛوﻣﺔ ﺗﺣرﻓﮭﺎ ﻋن طرﯾﻘﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗﺄﺛﯾر أو اﻻﺣﺗواء أو ﺗﺳﺧﯾرھﺎ ﻛﺄداة ﻟﺗﺣﻘﯾق أھداف‬
‫ﺧﺎﺻﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ھو ﺗﻌرﯾض اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﻓرع ﻣﻧﮭﺎ ﻟﺻورة ﻣن ھذه اﻟﺻور ‪ ،‬وﻗد ﯾﺻﺎﺣب ھذه اﻟﻣﺣﺎوﻻت‬
‫إﻏراءات ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻣﻌﻧوﯾﺔ وﺗزﯾﯾن أن ذﻟك ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪ .‬وﻗد ﯾﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﺿﻐوط ﻣن ھذه اﻟﺟﮭﺎت‬
‫ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻻﺣﺗواء أو اﻟﺗﺳﺧﯾر أو اﻟﺻرف ﻋن اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ‪ .‬ﻓﺎﻟواﺟب اﻟﺣذر ﻣن ﻛل ذﻟك ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﯾن ﺑﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻐﻧﻲ اﻟﻘوي اﻟﻌزﯾز ‪ ،‬ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ھذا اﻻﻧﺣراف ﻣن ﺗﻔوﯾت ﻟﻸﻏراض واﻷھداف اﻟﺗﻲ ﻧﻌﻣل ﻟﮭﺎ وﻧﺿﺣﻲ ﻣن أﺟﻠﮭﺎ‬
‫ﺑﺎﻷرواح واﻷﻣوال واﻷوﻗﺎت ‪ .‬وﻟﻧذﻛر ﻛﻼًﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ‪ ) :‬إﻧﮫ ﻟﯾس أﻋﻣق ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ﻣن ظن ﺑﻌض‬
‫اﻟﻧﺎس أن اﻹﺧوان ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ أي ﻋﮭد ﻣن ﻋﮭود دﻋوﺗﮭم ﻣطﯾﺔ ﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺎت أو ﻣﻧﻔذﯾن ﻟﻐﺎﯾﺔ ﻏﯾر ﻏﺎﯾﺗﮭم أو‬
‫ﻋﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﻲ ﻣﻧﮭﺎج ﻏﯾر ﻣﻧﮭﺎﺟﮭم ﻓﻠﯾﻌﻠم ذﻟك ﻣن ﻟم ﯾﻌﻠﻣﮫ ﻣن اﻹﺧوان وﻏﯾر اﻹﺧوان ( ‪.‬‬
‫‪ – 9‬اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻻ ﺗﺣﻛم ﺑﻣﺎ أﻧزل ﷲ ‪54 :‬‬
‫اﻷﺻل أﻧﻧﺎ ﻧﺳﻌﻰ إﻟﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺎ أﻧزل ﷲ ‪ ،‬وﻻ ﻧواﻓق ﻋﻠﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻘواﻧﯾن وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﺷرﯾﻌﺔ ﷲ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن‬
‫ﻣوادھﺎ ‪ .‬ﻓﻼ ﯾﻘﺑل أن ﯾﺷﺎرك أﻓراد ﻣن اﻹﺧوان ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل ﻟن ﯾﻛون ﻟﮭم ﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾرھﺎ إﻟﻲ ﺣﻛوﻣﺔ‬
‫إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺣﻛم ﺑﺷرع ﷲ وﺗﻛون اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺷﺎرﻛﺗﮭم اﻟوزر ﻣﻊ ھؤﻻء اﻟﺣﻛﺎم اﻟذﯾن ﻻ ﯾﺣﻛﻣون ﺑﺷرع ﷲ وﯾﺑﯾﺣون ﻛﺛﯾًرا‬
‫ﻣﻣﺎ ﺣّرم ﷲ ‪ ،‬وﻛﺄﻧﻧﺎ ﻧﺧدع أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻧﺧدع ﻏﯾرﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ ﻗوﻻ وﻧﺧﺎﻟﻔﮫ ﻋﻣﻼ ‪ .‬ﻣﺛل ھذا اﻟﺗﺻرف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن‬
‫اﻷﺻل ‪ ،‬ورﺑﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ اﺧﺗﻼﻓﺎت وﺗﺻدﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﺻف ﺑﯾن اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟذﻟك واﻟﻣﻌﺎرﺿﯾن ﻟﮫ ‪.‬‬
‫ﻗد ﺗﺗﮭﯾﺄ ظروف وﯾﺗرﺟﺢ ﻟدي اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻌد دراﺳﺔ ﺷرﻋﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ دﻗﯾﻘﺔ أن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺎ ھﻲ إﻻ‬
‫ﺧطوة ﻣطﻠوﺑﺔ ﻻﻧﺗﻘﺎﻟﮭﺎ إﻟﻲ ﺣﻛوﻣﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣن ذﻟك ﺑﺷرط ﺗواﻓر اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﺗﺣﻘﯾق ذﻟك واﻻﺗﻔﺎق‬
‫اﻟواﺿﺢ ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪ ،‬وﻻ ﯾﺗرك اﻷﻣر ﻻﺟﺗﮭﺎد اﻷﻓراد ‪ ،‬وإذا ظﮭر ﻧﻘض ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﺎت ﻣن ﺟﮭﺎت أﺧري وﺗﺑدﻟت اﻟﻧواﯾﺎ ﺗﻛون‬
‫اﻟﻣﺳﺎرﻋﺔ ﺑﻌدم اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﺣﯾث ﻻ ﻧﻘﻊ ﻓﻲ داﺋرة اﻟﺧداع وﺗﻣﯾﯾﻊ اﻷھداف واﻟرﺿﺎ ﺑﺄﻧﺻﺎف اﻟﺣﻠول دون اﻟﺣل اﻟﺟذرى‬
‫اﻷﺻﯾل ‪.‬‬
‫) إن اﻟﺑﻌض ﯾﻘول ‪ :‬إن دﺧول ﻧﺎﺋب ﻣن اﻹﺧوان إﻟﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺿﻣﻧﺎ اﻟرﺿﺎ ﺑﻛل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺳﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺻر وﻣن ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﻣﺎ ﺗري اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺟوب ﺗﻐﯾﯾره وﻟذﻟك ﯾﺗﺣرج ھؤﻻء ﻣن ﻓﻛرة ﺗرﺷﯾﺢ ﺑﻌض‬
‫اﻹﺧوان ﻷﻧﻔﺳﮭم ﻓﻣﺎ رأﯾﻛم ﻓﻲ ذﻟك ؟ ‪.‬‬
‫إن اﻟﻣﻘرر ﻓﻘًﮭﺎ وﻣﻧطًﻘﺎ أن اﻟدﻻﻻت اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟدﻻﻻت اﻟﺻرﯾﺣﺔ وﻗد أﻋﻠﻧت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻛل دﻋواﺗﮭﺎ‬
‫وﺟوب ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺎ ﺗري ﺗﻐﯾﯾره ﻣن ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون دﺧول ﻧواب ﻣﻧﮭﺎ داﻻً ﻋﻠﻲ رﺿﺎھم ﺑﮭذه اﻟﻘواﻧﯾن إﻻ‬
‫إذا أﻋﻠﻧوا اﻟرﺿﺎ ﺻراﺣﺔ ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻐوا ﻛﻼﻣﮭم اﻷول ‪ .‬وإن اﻟطرﯾق اﻟﻣﻌﺑد ﻟﺗﻐﯾﯾر ﻣﺎ ﯾراد ﺗﻐﯾﯾره ﻣن ﻗواﻧﯾن ھو دﺧول دار‬
‫اﻟﺷورى ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﻐﯾر ﺑﮭﺎ وﻟو ﻗﻠﻧﺎ إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧدﺧل ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻐﯾر اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﻧري ﺗﻐﯾﯾرھﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻛﺎن ﻣﻌﻧﻲ ذﻟك أن‬
‫اﻹﺧوان ﻻ ﯾدﺧل أﺣد ﻣﻧﮭم دار اﻟﺷورى إﻻ ﺑﻌد اﻟوﺻول إﻟﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻺﺧوان وﻛﺄﻧﮭم ﺑذﻟك ﯾﺻدون أﻧﻔﺳﮭم ﻋن‬
‫ﺑﺎب ﻣن أﺑواب اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺟﮭﺎد ﺑﺎب ﻣن أﺑواب اﻟﺟﻧﺔ ‪.‬‬
‫وﻗد ﺳﺋل اﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑن ﺑﺎز ﻋن ﺣﻛم دﺧول ﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب ؟ ﻓﻘﺎل ‪ ) :‬ﻻ ﺣرج ﻓﻲ اﻻﻟﺗﺣﺎق ﺑﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب‬
‫إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺻود ﻣن ذﻟك ﺗﺄﯾﯾد اﻟﺣق وﻋدم اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن ﻧﺻر واﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻲ اﻟدﻋﺎة إﻟﯾﮫ ( ‪.‬‬
‫‪ – 10‬اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ اﻟﻐﯾر إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻣﺑﺎدئ واﻷھداف ‪55 :‬‬
‫ﻻ ﯾﺟوز ﻷي ﺳﺑب ﻣن اﻷﺳﺑﺎب أو ﻷي ظرف ﻣن اﻟظروف إﻗﺎﻣﺔ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﻣﻊ اﻟﻐﯾر أﺛﻧﺎء اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة إذا ﻛﺎﻧت‬
‫ﻟﮭذا اﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺗﻧﺎزﻻت أو اﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻣﺑﺎدئ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧﻌﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ( ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز أن ﺗﻛون‬
‫اﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن اﻷھداف اﻟﺗﻲ ﻧﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ‪ ،‬ﻟﻠﺟﮭود واﻟﺗﺿﺣﯾﺎت أن ﺗﺑذل ﻓﻲ ﻏﯾر اﻻﺗﺟﺎه‬
‫ﺿﺎ أن ﻧﻧﺑﮫ إﻟﻲ ﻋدم‬ ‫اﻟﺻﺣﯾﺢ ‪ ،‬ﺑل ﺗﻣﻛﯾﻧﻧﺎ ﻟﻐﯾرﻧﺎ ﻛﻲ ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ وﺟﮭﺗﻧﺎ وﺧطﺔ ﻋﻣﻠﻧﺎ ‪ .‬وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟواﺟب ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب أﯾ ً‬
‫ﻣواﻻة أﻋداء ﷲ وإﻟﻲ ﻋدم ﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟﻣﯾن أو اﻟرﻛون إﻟﯾﮭم ‪ ،‬أو اطﻼع أﻋداء ﷲ أﺳرار اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﺛﻐراﺗﮭﺎ ‪ .‬وﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ‬

‫‪19‬‬
‫ﻋدم إﺗﻣﺎم اﺗﻔﺎﻗﺎت أو ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺎﻟﻐﯾر ﻓﯾﮭﺎ إﺿرار ﺑﺎﻟدﻋوة أو ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرع ‪ ،‬وﻧﺗﺣرز ﻛﺛﯾًرا ﻓﻼ ﻧﻌطﻲ اﻟﻣواﻻة أو اﻟﺛﻘﺔ أو‬
‫اﻟﻣودة ﻷي ﻣن أﻋداء ﷲ وﻟﻛن ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن ﻓﻘط( ‪.‬‬
‫‪ – 11‬اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى واﻟﻧﺻﺢ ‪56 :‬‬
‫) ﺳورة اﻟﺷورى ( إﺣدى ﺳور اﻟﻘرآن ﺗﻛرﯾًﻣﺎ وﺗﺄﻛﯾدًا ﻟﻣﺑدأ اﻟﺷورى ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ‪ ،‬وﻗد أﻣر ﷲ ﺑﮭﺎ ﻧﺑﯾﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ‬
‫وﺳﻠم اﻟذي ﻣﺎرﺳﮭﺎ ﻣﻊ ﺻﺣﺎﺑﺗﮫ رﻏم اﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﺎﻟوﺣﻲ وﻋدم ﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﯾﮭﺎ ‪ ،‬وﻟﻛن اﻣﺗﺛﺎﻻً ﻷﻣر ﷲ وﺗﺷرﯾﻌًﺎ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬ﻓﻘد‬
‫أﺧذ ﺑرأي اﻟﺣﺑﺎب ﻓﻲ ﺑدر وﺑرأي ﺳﻠﻣﺎن ﻓﻲ اﻟﺧﻧدق ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . (:‬وﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻧﺟد اﻟﺷورى ﻣن‬
‫أﻟزم وأﻧﻔﻊ اﻷﻣور ‪ ،‬ﻓﯾﮭﺎ ﯾﺗوﺻل إﻟﻲ اﻟرأي اﻷﻧﺿﺞ واﻷﺻﻠﺢ ‪ ،‬وﺗﺷﻌر اﻟﻘواﻋد ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ‪ ،‬وﯾﺳود ﺟو‬
‫اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﻌﺎون واﻟﻣﺛﻣر ﺑﯾن اﻟﺟﻣﯾﻊ ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻋطﻠت اﻟﺷورى أو أﺧل ﺑﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﺑل ﯾﺣدث‬
‫ﻋﻛﺳﮫ ‪ .‬اﻟﻣطﻠوب ﻣن ﻛل ﻓرد ﻓﻲ اﻟﺻف أن ﯾﻛون إﯾﺟﺎﺑًﯾﺎ ﻣﺷﻐوﻻً ﺑدﻋوﺗﮫ ﯾﻔﻛر ﻓﯾﮭﺎ وﯾﺷﯾر ﺑﻣﺎ ﯾراه ﯾﺣﻘق ﻧﻔﻌًﺎ أو ﯾدرأ‬
‫ﺿرًرا ‪ ،‬ﻣﻌﺎوﻧﺎ ﻟﻘﯾﺎدﺗﮫ ﺑﺎﻟرأي واﻟﻧﺻﺢ ﺑﺄدب اﻹﺳﻼم ‪ .‬وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ ﻛذﻟك أن ﯾﺳﺗﺷﯾر إﺧواﻧﮫ وﯾﺳﺗﻔﯾد‬
‫ﻣن ﻋﻘوﻟﮭم وأﻓﻛﺎرھم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻌرض ﻟﮫ ﻣن أﻣور وﺗﺑﻌﺎت ‪ ،‬وﻻ ﯾﺿﯾق ﺑﺎﻟﻧﺻﺢ اﻟذي ﯾﻘدم ﻟﮫ ﻣن إﺧواﻧﮫ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن‬
‫أﺳﻠوﺑﮫ ﻏﯾر ﻛرﯾم ﻛﻲ ﻻ ﯾﻔوت ﻋﻠﻲ اﻟدﻋوة ﻣﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻧﺻﺢ ﻣن ﺧﯾر ‪.‬‬
‫ورﺣم ﷲ أﺑﺎ ﺑﻛر وﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ طﻠﺑﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻧد ﺗوﻟﯾﮭم اﻟﺧﻼﻓﺔ ﺗﻘوﯾم أي اﻋوﺟﺎج ‪ ،‬وﻟم ﯾﺿق‬
‫ﻋﻣر ﺑﻣن ﻗﺎل ﻟﮫ ﻟو رأﯾﻧﺎ ﻓﯾك اﻋوﺟﺎًﺟﺎ ﻟﻘوﻣﻧﺎه ﺑﺳﯾوﻓﻧﺎ ‪ .‬ﻓﺎﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى واﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل ھو‬
‫ﺗﻌطﯾل اﻟﺷورى وﻋدم ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﯾﺎدة أو أي ﻣﺳﺋول ﻓﻲ ﻣوﻗﻌﮫ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻗدره وﻋﻠﻣﮫ وﻛﻔﺎءﺗﮫ ‪ .‬ﻛذﻟك اﻟﻣوﻗف‬
‫ﺿﺎ اﻧﺣراﻓًﺎ‬
‫اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻣن اﻷﻓراد وﻋدم إﺑداء اﻟرأي واﻟﻧﺻﺢ ﻟﻠﻣﺳﺋول وﻋدم اﻟﺷﻌور ﺑﻣﺷﺎرﻛﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ذﻟك أﯾ ً‬
‫وإﺧﻼﻻً ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى ‪.‬‬
‫وﻣن أﺧطر ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ﻣﺑدأ اﻟﺷورى أن ﯾﻛون ﻟﮭﺎ ﺷﻛل وﻣظﮭر وﻟﻛﻧﮫ ﻣﻔرغ ﻣن ﻣﺿﻣوﻧﮫ ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻲ أن‬
‫ﯾﻛون ھﻧﺎك ﻣﺟﻠس ﺷورى وﻟﻛن ﺗدﺧﻠت ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﮫ ﻋواﻣل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓرﻏﺗﮫ ﻣن ﺟوھره وﺟﻌﻠﺗﮫ ﻣظﮭًرا دون ﻣﺧﺑر ‪ ،‬ﯾواﻓق‬
‫اﻟﻘﯾﺎدة ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺎ ﺗراه ‪ .‬ﻣﺛل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺷﻌب أو ﻣﺟﺎﻟس اﻟﺷورى ‪ ،‬ﻓﺑﺷﻲء ﻣن‬
‫اﻟﺗﺣﺎﯾل ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎب وﺗدﺧل رﺟﺎل اﻷﻣن ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت وﺗزﯾﯾﻔﮭﺎ وﺑﺈﻋطﺎء اﻟﺣﺎﻛم ﺣق ﺗﻌﯾﯾن ﻋدد ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻘﻠﯾل‬
‫ﯾﺧﺗﺎرھم ھو إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن أﺳﺎﻟﯾب ﯾﺗﻛون اﻟﻣﺟﻠس اﻟذي ﯾﻘﺗن اﻟدﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﻟﻠﺣﺎﻛم ﺑﻣﺎ ﯾﺻدره ﻣن ﻗواﻧﯾن ﺗﻘﯾد اﻟﺣرﯾﺎت ‪.‬‬
‫واﻹﺳﻼم ﯾرﻓض ﻛل ھذا اﻟزﯾف واﻟﺧداع وﯾﺷدد ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أھل اﻟرأي واﻟﺷورى ‪ ،‬وﯾﺣّﻣل ﻛل ﻓرد أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ وأﻣﺎﻧﺔ‬
‫اﺧﺗﯾﺎره ﻷھل اﻟﺷورى أو ﻣن ﯾﻣﺛﻠﮫ ﻣﺗﺣرًﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣق واﻟﻌدل وإرﺿﺎء ﷲ ﻻ إرﺿﺎء اﻟﺧﻠق ‪ ،‬وﻣن ﺧﺎﻟف ذﻟك ﻓﻘد‬
‫ﺧﺎن ﷲ ورﺳوﻟﮫ واﻟﻣؤﻣﻧﯾن ‪.‬‬
‫وﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧوﺿﺢ أﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺳﺋول أن ﯾﻧﻔرد ﺑﺎﻟرأي دون ﻣﺷورة ﻛذﻟك ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗوﺿﺢ ﻟﮫ اﻟﻘﯾود‬
‫اﻟﻛﺛﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺑﻠﮫ ﻋﻧد اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ‪ ،‬أو ﺗﺳﻠب ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﮫ ﺑﺣﯾث ﯾﺻﯾر ﻣﺟرد رﻣز ﻓﻘط ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺑرم أﻣًرا ﻓﮭذا‬
‫ﻋد أن ﺗﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﻻﺑد وأن ﺗﺳﺗﺷﺎر ﻓﻲ ﻛل ﺻﻐﯾرة وﻛﺑﯾرة ‪ .‬أو ﺗﺗﺻور أﻧﮭﺎ‬ ‫ﺿﺎ إﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻟﻠﻘوا ْ‬ ‫أﯾ ً‬
‫ﺿﺎ ﺧطﺄ وإﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى ‪ .‬وﻋﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺣﻛﯾﻣﺔ‬ ‫ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟطﺎﻋﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎدة ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﺗﺳﺗﺷر ﻓﯾﮫ ﻣن أﻣور ‪ ،‬ﻓﮭذا أﯾ ً‬
‫أن ﺗواﺋم ﺑﯾن ﻛل ذﻟك وﺗﺳﻠك اﻟطرﯾق اﻟوﺳط اﻟﻣﻔﯾد ‪ .‬وأﺧﯾًرا ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ أن ﯾﻘرب ﻣﻧﮫ اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن اﻟذﯾن‬
‫ﯾﺻدﻗوﻧﮫ اﻟﻧﺻﺢ اﻟرأي وأن ﯾﺑﻌد ﻋﻧﮫ أﺻﺣﺎب اﻷﻏراض واﻷھواء ‪ .‬ﻋن أﺑﻲ ﺳﻌﯾد اﻟﺧدري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل ‪ :‬ﻗﺎل‬
‫رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻗﺎل ‪ " :‬ﻣﺎ ﺑﻌث ﷲ ﻣن ﻧﺑﻲ وﻻ اﺳﺗﺧﻠف ﻣن ﺧﻠﯾﻔﺔ إﻻ ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﺑطﺎﻧﺗﺎن ‪ ،‬ﺑطﺎﻧﺔ ﺗﺄﻣره‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻌروف وﺗﺣﺿﮫ ﻋﻠﯾﮫ ‪ ،‬وﺑطﺎﻧﺔ ﺗﺄﻣره ﺑﺎﻟﺷر وﺗﺣﺿﮫ ﻋﻠﯾﮫ ‪ ،‬واﻟﻣﻌﺻوم ﻣن ﻋﺻﻣﮫ " ‪.‬‬
‫‪ – 12‬اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣظﮭر دون اﻟﺟوھر وﺗﻐﻠﯾب اﻟﺟدال واﻟﻧﻘﺎش ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل ‪59 :‬‬
‫ﻣن ﺧﺻﺎﺋص ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﺗﻲ ﺗﺣرص ﻋﻠﯾﮭﺎ إﯾﺛﺎر اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟدﻋﺎﯾﺔ واﻹﻋﻼﻧﺎت ‪ ،‬ﻓﮭذا ﻓﮭذا ﻣﺎ ﺟﺎء‬
‫ﺑﮫ اﻹﺳﻼم وﻣﺧﺎﻓﺔ أن ﺗﺷوب ھذه اﻷﻋﻣﺎل ﺷواﺋب اﻟرﯾﺎء ﻓﯾﺳرع إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺗﻠف واﻟﻔﺳﺎد ‪ ،‬وﻟﻧﻔوز اﻹﺧوان اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻣن‬
‫اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻲ اﻟدﻋﺎﯾﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ واﻟﺗﮭرﯾﺞ اﻟذي ﻟﯾس ﻣن وراﺋﮫ ﻋﻣل وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺟﮫ ﻣن أﺛر ﺳﺊ وﺗﺿﻠﯾل وﻓﺳﺎد ‪ .‬وإن‬
‫ﻛﺎﻧت إذاﻋﺔ اﻟﺧﯾر واﻷﻣر ﺑﮫ واﻟﻣﺳﺎرﻋﺔ إﻟﻲ إﻋﻼﻧﮫ وﻛﺳب اﻟرأي اﻟﻌﺎم أﻣور ﻣطﻠوب وﻟﻛن ﺗﻛون ﺑدﻗﺔ وﻗدر ﻣﻧﺎﺳب وﻻ‬
‫ﯾﻛون ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل ‪ .‬ﺛم إن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ وھﻲ وﺿﻊ اﻷﺳﺎس اﻟﻣﺗﯾن ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻓﻲ أﺷد‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد اﻟﻣﺗواﺻل ﻓﻲ ھدوء دون ﺿﺟﯾﺞ ﺿرره أﻛﺛر ﻣن ﻧﻔﻌﮫ ‪.‬‬
‫إن اﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻧﺟﺎح اﻟﻧﺷﺎط ﻓﻲ أي ﻗطر أو ﻣﻧطﻘﺔ ھو ﺑﻣﻘدار ﻣن ﯾﺗﺧرﺟون ﻣن رﺟﺎل ﻋﻘﯾدة ﯾﻔﮭﻣون إﺳﻼﻣﮭم‬
‫ﻟﻠﺟﮭﺎد واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﯾس ﻣﺟرد إﻗﺎﻣﺔ اﺣﺗﻔﺎﻻت وﺳرادﻗﺎت وأﻧوار وھﺗﺎﻓﺎت ‪ .‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . (:‬وﻟﮭذا ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد‬
‫ﯾوﺿﺢ اﻟﻔوارق ﺑﯾن اﻟرﺟﺎل ﻓﯾﻘول ‪ ) :‬إن رﺟل اﻟﻘول ﻏﯾر رﺟل اﻟﻌﻣل ورﺟل اﻟﻌﻣل ﻏﯾر رﺟل اﻟﺟﮭﺎد ورﺟل اﻟﺟﮭﺎد ﻓﻘط‬

‫‪20‬‬
‫ﻏﯾر رﺟل اﻟﺟﮭﺎد اﻟﻣﻧﺗﺞ اﻟﺣﻛﯾم ‪ ،‬اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻲ أﻋظم اﻟرﺑﺢ ﺑﺄﻗل اﻟﺗﺿﺣﯾﺎت ( ‪ .‬وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل أن ﯾﻐﻠب‬
‫ﻋﻠﻲ اﻹﺧوان ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﺟو اﻟﺟدال واﻟﻧﻘﺎش واﻟﻣراء اﻟذي ﯾﺳﺗﻣر ﺑﺎﻟﺳﺎﻋﺎت وﯾدﺧل ﻓﯾﮫ اﻟﺷﯾطﺎن وﯾوﻗﻊ اﻟﺧﻼف‬
‫واﻟﺑﻐﺿﺎء ﺑﯾن اﻹﺧوة وﯾﺿﯾﻊ اﻟوﻗت وﯾﻛون ﻛل ذﻟك ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠدﻋوة ‪ .‬وﻗد ﻧﮭﺎﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟﻣراء واﻟﺟدال ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺧﯾر وﻣﺎ ﺿل ﻗوم ﺑﻌد ھدي ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أوﺗوا اﻟﺟدال ‪ .‬ورﻏﺑﻧﺎ رﺳوﻟﻧﺎ‬
‫اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺗرك اﻟﻣراء وﻟو ﻛﻧﺎ ﻣﺣﻘﯾن ‪ .‬ﺛم ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد اﻟوﻗت ھو اﻟﺣﯾﺎة واﻟواﺟﺑﺎت أﻛﺛر ﻣن اﻷوﻗﺎت ‪ .‬ﻓﻼ‬
‫ﯾﺷﻐﻠﻧﺎ اﻟﻣظﮭر ﻋن اﻟﺟوھر وﻻ اﻟﻘول واﻟﺟدال ﻋن اﻟﻌﻣل ‪.‬‬
‫‪ – 13‬اﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم اﻟﺗﺧطﯾط ‪60 :‬‬
‫اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف أﻣر ھﺎم وﻋظﯾم اﻟﻔﺎﺋدة ‪ .‬ﻓﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط ﺗﺗﺣدد اﻷھداف واﻟﻣﮭﺎم اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ‪ ،‬وﯾﻘﺳم اﻟﻛﺑﯾر ﻣﻧﮭﺎ‬
‫إﻟﻲ أھداف ﺟزﺋﯾﺔ ‪ ،‬وﺗوزع ﻋﻠﻲ ﻣراﺣل ﻣﻊ ﺗرﺗﯾب اﻷوﻟوﯾﺎت ‪ ،‬وﺗوﺿﻊ اﻟﺧطﺔ ﻟﻛل ﻣﻧﮭﺎ وﺗﻘدر اﻟﻣدة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﮫ‬
‫واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ‪ ،‬وﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣوﺟود ﻣﻧﮭﺎ واﻟﻼزم وﺗوﻓﯾر ‪ ،‬واﺧﺗﯾﺎر اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻼزﻣﯾن ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺛم ﻋﻣل اﻟﺗرﺗﯾب‬
‫ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن ﺟﮭﺔ ﻣﺣددة ‪ ،‬وﯾوﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ وﻣﺎ ﺗﺳﺗﻠزﻣﮫ ‪ ،‬وھﻛذا ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط ﯾﻧظم اﻟﻌﻣل‬
‫وﯾﺣﺎط ﺑﮫ دون إﻏﻔﺎل ﺟﺎﻧب ﻣﻧﮫ وﯾﺳﺗﻔﺎد ﺑﻛل اﻷوﻗﺎت وﺗﺷﻐل ﻛل اﻟطﺎﻗﺎت ﻛل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ ‪ ،‬وﺗوزع اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺎت‬
‫وﺗﺣﻔز اﻟﮭﻣم ‪ ،‬ﻓﻼﺷك أن ﻣن ﯾﻛﻠف ﺑﻌﻣل ﻣﺣدد ﻓﻲ وﻗت ﻣﺣدد وﺗوﻓر ﻟﮫ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﯾدﻓﻌﮫ ذﻟك إﻟﻲ اﻟﺣرص ﻋﻠﻲ‬
‫ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻠﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷﻛﻣل وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣطﻠوب ‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺗﻛﻠﯾف دون ﺗﺣدﯾد ﻟﻣﻘدار أو ﻧوع اﻟﻌﻣل ودون ﺗﺣدﯾد‬
‫ﻟوﻗت إﻧﺟﺎزه ودون اھﺗﻣﺎم ﺑﺗوﻓﯾر اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ‪ ،‬ﻻﺷك أن ذﻟك ﯾﺛﺑط اﻟﮭﻣم وﯾﻌرض اﻟوﻗت إﻟﻲ اﻟﺿﯾﺎع واﻟطﺎﻗﺎت‬
‫إﻟﻲ اﻟﺗﻌطﯾل ‪ ،‬وﻻ ﺗﻧﺟز اﻷﻋﻣﺎل ﻛﺎﻣﻠﺔ أو ﻋﻠﻲ اﻟوﺟﮫ اﻟﺻﺣﯾﺢ ‪.‬‬
‫وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻗﺿﯾﺗﻧﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ھﻲ أﻋظم ﻗﺿﯾﺔ ﻓﻲ دﻧﯾﺎﻧﺎ ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ‬
‫اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ راﯾﺔ اﻹﺳﻼم ‪ ،‬وﺗﺣﻛﱠم ﺷرع ﷲ وﺗﺣﻣﻲ أرض اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪ ،‬وﺗﺑﻠﻎ دﻋوة ﷲ ﻟﻠﻧﺎس‬
‫أﺟﻣﻌﯾن ‪ .‬وﺗزھق ﺑﺎطل أﻋداء ﷲ ﻋﻠﻲ اﺧﺗﻼﻓﮭم ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺗﺻور أن ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك دون ﺗﺧطﯾط ‪ ،‬ﺑل اﻟواﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗﺧطﯾط‬
‫اﻟﺷﺎﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻣﺣﻠًﯾﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻗطر وﻟﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣل ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣن دراﺳﺎت وﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﺣﻠﯾﻼت‬
‫وﺗﺷﻐﯾل ﻟﻛل اﻟطﺎﻗﺎت ‪ .‬ھذا ھو اﻷﺻل واﻻﻧﺣراف ھو اﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم اﻟﺗﺧطﯾط أو اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﺗﺻﯾر اﻟﺣرﻛﺔ‬
‫واﻟﻌﻣل ردود أﻓﻌﺎل ﻓﻘط ﻟﻸﺣداث اﻟﻌﺎرﺿﺔ ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻧﺟد أﻋداء ﷲ ﯾﺟﻣﻌون اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﻘوم أﺟﮭزﺗﮭم‬
‫ﺑﺎﻟدراﺳﺎت واﻟﺗﺣﻠﯾﻼت ووﺿﻊ اﻟﺧطط ﻟﺿرب اﻟﺣرﻛﺎت واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻋﻠﻲ أي‬
‫ﻋﻣل ﺟﺎد اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪.‬‬
‫ﻗد ﯾﺧطر ﻟﻠﺑﻌض ﺗﺳﺎؤل ﺑﺄن ﻛﯾف ﺗﺧطط ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل واﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻏﯾب ﻻ ﯾﻌﻣﻠﮫ إﻻ ﷲ ؟ وﻛﯾف ﻧﺣدد اﻷزﻣﺎن ﻹﻧﺟﺎز‬
‫أﻋﻣﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ واﻷﻣور ﺗﺗم ﺑﺗﻘدﯾر ﷲ وﺗوﻗﯾﺗﮫ ؟ وأﻧﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑون ﺑﺎﻟﻌﻣل وﻟﺳﻧﺎ ﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ؟ إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن أﻓﻛﺎر‬
‫‪ ،‬ﻓﻧﻘول إﻧﮫ ﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑﯾن ذﻟك وﺑﯾن اﻟﺗﺧطﯾط ‪ ،‬ﻓﻣﻊ أن اﻷﻣور ﺗﺗم ﺑﻘدر ﷲ ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑون ﺑﺄن اﻟﻌﻣل وأن ﻧﺄﺧذ‬
‫ﺑﺎﻷﺳﺑﺎب واﻟﺗﺧطﯾط ﺿﻣن ھذه اﻷﺳﺑﺎب ‪ .‬وﻷﺟل ذﻟك وﺟدﻧﺎ اﻟﻔرق ﻓﻲ ھﺟرة رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھﺟرة‬
‫ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻓﻠو أن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻌل ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﻋﻣر ‪ ،‬ﻟﺣﺳب اﻟﻧﺎس أن ھذا ھو‬
‫اﻟواﺟب ! وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز أﺧذ اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر ‪ ،‬واﻟﺗﺧﻔﻲ ﻋﻧد اﻟﺧوف ‪ .‬ﻣﻊ أن ﷲ ﻋز وﺟل أﻗﺎم ﺷرﯾﻌﺗﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟدﻧﯾﺎ ﻋﻠﻲ‬
‫ﻣﻘﺗﺿﻲ اﻷﺳﺑﺎب وﻣﺳﺑﺑﺎﺗﮭﺎ ‪ ،‬وإن ﻛﺎن اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﻻ ﺷك ﻓﯾﮫ أن ذﻟك ﺑﺗﺳﺑﯾب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ وإرادﺗﮫ ‪ .‬ﻷﺟل ذﻟك ‪ ،‬اﺳﺗﻌﻣل‬
‫اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻛل اﻷﺳﺑﺎب واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﮭﺗدي إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻌﻘل اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻌﻣل ‪ .‬ﺣﺗﻰ إﻧﮫ‬
‫ﻟم ﯾﺗرك وﺳﯾﻠﺔ ﻣن ھذه اﻟوﺳﺎﺋل إﻻ اﻋﺗد ّ ﺑﮭﺎ واﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ ‪.‬‬
‫‪ – 14‬اﻻﺳﺗدراج إﻟﻲ ﻣﻌﺎرك ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ وﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓرﻋﯾﺔ ‪62 :‬‬
‫اﻷﺻل أن ﻧﻧﺷﻐل ﺑﺎﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ وأن ﺗﺄﺧذ ﻣﻧﺎ اﻻھﺗﻣﺎم اﻷﻛﺑر ‪ ،‬واﻻﻧﺣراف أن ﻧﺳﺗدرج إﻟﻲ ﻣﻌﺎرك ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ‬
‫وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺟزﺋﯾﺔ ﺗﺳﺗﻧﻔد اﻟﺟﮭود واﻷوﻗﺎت دون أن ﺗﺣرز اﻟﺗﻘدم اﻟﻣطﻠوب أو ﺗﺣﻘق اﻟﺗﻐﯾر اﻟﻣﻧﺷود ‪ .‬وﻟﻌل اﻟﺗﺧطﯾط اﻟذي‬
‫ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق ﯾﺳﺎﻋد ﻛﺛﯾًرا ﻓﻲ ﺗﺟﻧب ھذا اﻻﻧﺣراف وذﻟك ﺑﺗﺣدﯾد اﻷھداف ووﺿﻊ اﻷوﻟوﯾﺎت وﺗﻧظﯾم اﻷوﻗﺎت ‪،‬‬
‫وﻗد أﺛﺑﺗت اﻟﺗﺟرﺑﺔ أن اﻷﻣر إذا ﺗرك ھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟﺎﻧﺑﯾﺔ أو اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺄن ﺗﺷﻐل اﻷوﻗﺎت واﻟطﺎﻗﺎت ‪ .‬وﻻ ﯾﻌﻧﻲ‬
‫ذﻟك أن ﻧﻐﻔل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ وﻟﻛن ﻧﻌطﯾﮭﺎ اﻟﻘدر اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻓﻘط ﻣن اﻟﺟﮭد واﻟوﻗت ﻓﺄﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ إھﻣﺎل اﻟﺟزﺋﯾﺎت‬
‫ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت وﻣﺷﺎﻛل ﺗﺣﺗﺎج ﺑﻌد ذﻟك إﻟﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟوﻗت واﻟﺟﮭد ﻟﺣﻠﮭﺎ ‪ .‬ﻓﻌﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة أن ﺗﺣﺳن اﻟﺗﻘدﯾر واﻟﺗوﺟﯾﮫ ‪ ،‬وﻋﻠﻲ‬
‫اﻷﻓراد أن ﯾﻌﺎوﻧوا ﻓﻲ ﻋدم ﺧﻠق ﺧﻼﻓﺎت وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺷﻐل اﻷوﻗﺎت ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة واﻹﻧﺗﺎج ﻟﮭﺎ ‪.‬‬
‫وﻟﻧﺿرب ﺑﻌض اﻷﻣﺛﻠﺔ ‪ :‬ﻓﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ زاﺧرة ﺑﺎﻟﺑدع واﻟﺧراﻓﺎت واﻟﻣﻧﻛرات وﻟو ﺻرﻓﻧﺎ ﺟﮭودﻧﺎ وأوﻗﺎﺗﻧﺎ ﻟﻣﺣﺎرﺑﺗﮭﺎ‬
‫وﻣﺣﺎوﻟﺔ إزاﻟﺗﮭﺎ ﻻﺳﺗﻧﻔدت ﻛل أوﻗﺎﺗﻧﺎ وﺟﮭودﻧﺎ دون أن ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﺛﻣﺎر ﺧﺑﯾﺛﺔ ﻟﺷﺟرة ﺧﺑﯾﺛﺔ إذا أزﯾﻠت ﺑﻌض‬

‫‪21‬‬
‫اﻟﺛﻣﺎر ﺗﺛﻣر اﻟﺷﺟرة ﻏﯾرھﺎ ‪ ،‬واﻟﺣل اﻷﻣﺛل ھو اﺟﺗﺛﺎث اﻟﺷﺟرة اﻟﺧﺑﯾﺛﺔ ﻣن ﺟذورھﺎ وﻏرس اﻟﺷﺟرة اﻟطﯾﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺗﻲ‬
‫أﻛﻠﮭﺎ ﻛل ﺣﯾن ﺑﺈذن رﺑﮭﺎ ‪ ،‬ﺷﺟرة ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﷲ ﻣﺣﻣد رﺳول ﷲ وذﻟك ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻛم ﷲ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ‪ .‬ﻓﺎﻟﺣﻛﻣﺔ‬
‫واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﺗﻘﺿﯾﺎن ﺑﺄن ﻧﻌطﻲ ﻗدًرا ﻣﺣدودًا ﻣن اﻟوﻗت واﻟﺟﮭد ﻟﮭذه اﻷﻣور وﻻ ﻧﺳﻣﺢ ﻟﮭﺎ أن ﺗﺷﻐﻠﻧﺎ ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى‬
‫واﻟﺗﻲ ﺗﺣل ﻣﻌﮭﺎ ﻛل ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﺑﺈذن ﷲ ‪ .‬وھﻧﺎك ﻣﻌﻧﻲ آﺧر ﯾﻠزم اﻟﺗﻧﺑﯾﮫ إﻟﯾﮫ وھو أﻧﮫ ﻗد ﻗﺎﻣت ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ ﺗﺟﻣﻌﺎت‬
‫إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺣول ﻗﺿﯾﺔ أو أﻛﺛر ﻣن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻹﺳﻼم وﺟﻌﻠوھﺎ ﻗﺿﯾﺗﮭم اﻟﻛﺑرى وﺷﻐﻠﮭم اﻟﺷﺎﻏل ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي أﻏﻔﻠت ﻓﯾﮫ‬
‫ھذه اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ‪ ،‬ﻗﺿﯾﺔ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺣرب اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻣن أﻋداء ﷲ ﻟﻺﺳﻼم ‪ ،‬أو ﻋﻠﻲ اﻷﻗل‬
‫ﻟم ﺗﺄﺧذ ﻣﻧﮭم اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق ‪ .‬ﻓﮭﻧﺎك ﻣن ﺷﻐﻠﺗﮭم ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺗوﺣﯾد وﻧﻘﺎﺋﮫ ﻣن اﻟﺷواﺋب وﻗﺿﯾﺔ اﻷﺿرﺣﺔ وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﮭﺎ وﻣﺎ‬
‫ﯾﺣدث ﺣوﻟﮭﺎ ‪ .‬وھﻧﺎك ﻣن ﺷﻐﻠﺗﮭم ﻗﺿﯾﺔ ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺳﻠف ﻓﻲ أﻣور اﻟﻌﻘﯾدة وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﺄوﯾل واﻟﺗﻌطﯾل واﻷﺳﻣﺎء واﻟﺻﻔﺎت‬
‫وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ‪ .‬وھﻧﺎك ﻣن ﺟﻌﻠوا اﻟﻌﺑﺎدات واﻟﺳﻧن واﻟﺷﻌﺎﺋر ھﻲ ﺷﻐﻠﮭم اﻟﺷﺎﻏل ‪ .‬وھﻧﺎك ﻣن ﻟﺟﺋوا إﻟﻲ إﻗﺎﻣﺔ‬
‫ﺣﻠﻘﺎت اﻟذﻛر وﻣﺎ ﺳﻣوه ﺑﺎﻟطرق اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺑدع وﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ‪.‬‬
‫واﻟﻣﻌﺗﺎد أن ﯾﺗﺣﻣس أﻓراد ﻛل ﺗﺟﻣﻊ ﻟﻘﺿﯾﺗﮭم وﻗد ﯾﺗﮭﻣون ﻏﯾرھم ﺑﺎﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ‪ ،‬وﻗد ﺗﻌرض اﻹﺧوان‬
‫ﻣن ﺑﻌﺿﮭم ﻟﻣﺛل ھذا اﻻﺗﮭﺎم ‪ .‬ورﺑﻣﺎ ﺗطرف اﻟﺑﻌض ﻣﻧﮭم وﻓﺳق أو ﻛﻔر ﻣن ﻟﯾس ﻣﻌﮭم أو ﻣن ﻟﯾس ﻋﻠﻲ رأﯾﮭم ‪ .‬واﻷﺻل‬
‫اﻟذي ﺳﺎرت ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان إزاء ھذه اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت ھو إﺣﺳﺎن اﻟﺻﻠﺔ ﺑﮭم وﻋدم ﻛﺳب ﻋداوة أي ﻣﻧﮭم ﺑل ﻧﺣﺑﮭم ‪،‬‬
‫وﻧﺗﻌﺎون ﻣﻌﮭم ﻓﯾﻣﺎ اﺗﻔﻘﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﯾﻌذر ﺑﻌﺿﻧﺎ ﺑﻌﺿﺎ ﻓﯾﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن أﻣور ﻓرﻋﯾﺔ ﻻ ﯾﺧرج اﻟرأي ﻓﯾﮭﺎ ﻋن اﻹﺳﻼم ‪.‬‬
‫وإذا ﺗﻌرض ﻟﻧﺎ أي ﻓرد أو ﺗﺟﻣﻊ ﻣﻧﮭم ﺑﺄذى أو إﺳﺎءة ﻓﻼ ﻧﺑﺎدﻟﮭم ذﻟك اﻷﺳﻠوب وﻟﻛن ﻧﺗﺣﻣل وﻧﺣﺗﺳب ‪ ،‬وأﻻ ﻧدﺧل ﻣﻌﮭم‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ﻛﻼﻣﯾﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﻛن ﻧوﺿﺢ ﻓﮭﻣﻧﺎ وﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ وﻧدﻋو إﻟﻲ اﻟﻌﻣل ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ‬
‫وأن اﻹﺧوان واﻟﺣﻣد ‪ .‬ﻟم ﯾﮭﻣﻠوا ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻣن أول ﯾوم ‪ ،‬ﻓﻘد أﺧذوا أﻧﻔﺳﮭم ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟرأي اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻟﻣوﻗف اﻟﺳﻠﯾم‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬وﺑﺎﻋﺗدال دون إﻓراط أو ﺗﻔرﯾط ‪ .‬وﻧﻌﺗﻘد أن اﻷﺣداث ﻛﻔﯾﻠﺔ أن‬
‫ﺗﺟﻣﻌﻧﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ – وﻟو ﺑﻌد ﺣﯾن – ﻓﻲ ﺻف واﺣد ﻟﻧواﺟﮫ ﻛﯾد اﻷﻋداء اﻟذﯾن ﻻ ﯾﻔرﻗون ﺑﯾن ﺗﺟﻣﻊ وآﺧر ‪.‬‬
‫‪ – 15‬اﻟﻌزﻟﺔ ﻋن اﻟﺟﻣﮭور أو إﻏﻔﺎل ﻓﺋﺎت ﻣﻧﮫ ‪64 :‬‬
‫اﻟﺟﻣﮭور اﻟﻣﺳﻠم ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ ھو ﺣﻘل اﻟدﻋوة اﻟذي ﻧﻌﻣل ﻓﯾﮫ ‪ ،‬ورﺻﯾدھﺎ اﻟذي ﯾدﻋم اﻟﺻف ﺑﺎﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣؤﻣﻧﺔ‬
‫اﻟﻣﺟﺎھدة ‪ ،‬وھو اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺳﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺑﻧﺎء ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﻠﺗﺣم ﺑﮭذا اﻟﺟﻣﮭور وأن ﻧﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛل ﻓﺋﺎﺗﮫ وطواﺋﻔﮫ ‪،‬‬
‫واﻻﻧﺣراف أن ﻧﻧﻌزل أو أن ﻧﻌزل ﻋﻧﮫ أو أن ﻧﮭﺗم ﺑﺑﻌض ﻓﺋﺎﺗﮫ وﻧﮭﻣل ﻏﯾرھﺎ ‪.‬‬
‫إن أﻋداء ﷲ ﯾﻌﻣﻠون ﺟﺎھدﯾن ﻋﻠﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌزﻟﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻌب واﻟدﻋﺎة إﻟﻲ ﷲ وﯾﻌﺎوﻧﮭم ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻌض أﺟﮭزة أﻧظﻣﺔ‬
‫اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ ﻛﺟﮭﺎز اﻷﻣن ‪ ،‬ﺑﺈﻟﺻﺎق اﻟﺗﮭم اﻟﺑﺎطﻠﺔ وﺗﺷوﯾﮫ ﺻورة اﻟدﻋﺎة إﻟﻲ ﷲ أﻣﺎم اﻟﺷﻌب وﺗﻠﻔﯾق اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ووﺻﻔﮭم‬
‫ﺑﺎﻟرﺟﻌﯾﺔ واﻟﺗطرف واﻹرھﺎب واﻟﺗﺳﺗر وراء اﻟدﯾن إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ‪ .‬ﻓﺎﻟواﺟب أن ﻧﻘﺎﺑل ذﻟك ﺑﺎﻟﺣرص اﻟﻛﺎﻣل ﻋﻠﻲ اﻻﻟﺗﺣﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﺷﻌب ﺑﻛل طواﺋﻔﮫ وﻣﺷﺎرﻛﺗﮫ ﻗﺿﺎﯾﺎه وآﻣﺎﻟﮫ وآﻻﻣﮫ وأﻓراﺣﮫ وأﺗراﺣﮫ ‪ ،‬وﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺻورة وﻛﺷف اﻟﺗﺿﻠﯾل وزﯾف‬
‫اﻟﺗﮭم اﻟﺑﺎطﻠﺔ ﺑﺄن ﯾﻠﻣس اﻟﻧﺎس ﻋﻛﺳﮭﺎ ﻋﻣﻠًﯾﺎ ﺑﻣﺎ ﻧﻘدﻣﮫ ﻟﮭم ﻣن ﺣب وﻋﺎطﻔﺔ وﻋون وأﻋﻣﺎل ﻓﯾﮭﺎ ﺧﯾرھم وﻧﻔﻌﮭم ھم‬
‫وأوﻻدھم ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻧﻘدم ﻟﮭم اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻲ أﻧﮫ اﻟﻣﻼذ اﻟوﺣﯾد ﻹﻧﻘﺎذھم ﻣن اﻟﺿﯾﺎع اﻟروﺣﻲ واﻟﻣﺎدي ‪.‬‬
‫واﻷﺻل أن ﯾﺷﻣل ﻧﺷﺎطﻧﺎ ﻛل طواﺋف اﻟﺷﻌب وﻓﺋﺎﺗﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟطﻠﺑﺔ وﻧﮭﻣل اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻔﻼﺣﯾن وﻧﺗرﻛﮭم ﻧﮭﺑﺎ‬
‫ﻟﻠﺷﯾوﻋﯾﯾن وأﺻﺣﺎب اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﯾﺧدﻋوﻧﮭم ﺑﺎﻟﺷﻌﺎرات اﻟزاﺋﻔﺔ ﺛم ﯾﺧﻠﻌوﻧﮭم ﻣن ﻋﻘﯾدﺗﮭم ‪ .‬وﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺗﻘن أﺳﻠوب‬
‫اﻟدﻋوة ﻣﻊ ﻛل ﻓﺋﺔ ﻓﻼﺷك أﻧﮫ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ اﻟطﻠﺑﺔ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻔﻼﺣﯾن ‪ .‬ﻛذﻟك ﯾﺟب أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﺗﺟﺎر وأﺻﺣﺎب‬
‫اﻟﺣرف ﻛﻣﺎ ﺗﮭﺗم ﺑﺎﻟﻣوظﻔﯾن وأﺻﺣﺎب اﻟﻣﮭن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ‪ ،‬ﻓﻣن ﻛل ھؤﻻء ﺗﺗﻛون ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻧرﯾد أن ﻧﻘﯾﻣﮫ ﻋﻠﻲ‬
‫اﻹﺳﻼم ﺑﻛل ﻧوﻋﯾﺎﺗﮫ وﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة وﻣراﻓق اﻟدوﻟﺔ ‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﺟوز أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟرﺟل وﻧﮭﻣل اﻟﻣرأة ﻛﺄن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم وﻧﮭﻣل اﻟﻔﺗﯾﺎت اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣرأة ﻧﺻف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫وﺻﺎﻧﻌﺔ اﻟرﺟﺎل ‪ ،‬واﻷخ اﻟﻣﺳﻠم إذا ﻟم ﯾﺟد اﻷﺧت اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﯾم ﺑﮭﺎ اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم ﺳﯾﺿطر إﻟﻲ اﻟزواج ﻣن أي ﻓﺗﺎة‬
‫ﻣﺳﻠﻣﺔ ‪ ،‬ﻗد ﺗﻔﺳد ﻋﻠﯾﮫ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺗﺛﺑطﮫ ﻋن ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وھﻛذا ﺑﺈھﻣﺎﻟﻧﺎ إﻋداد اﻷﺧوات اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت‬
‫ﻧﻌرض ﺟﮭدﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم إﻟﻲ اﻟﺿﯾﺎع ‪ .‬ﺛم إن اﻷﺳرة اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻘوى ھﻲ دﻋﺎﻣﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء‬
‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻧﺷودة ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺊ اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻورة اﻟﺗﻲ ﺗؤھﻠﮭم ﻟﻣواﺻﻠﺔ اﻟﻣﺳﯾرة وﺣﻣل اﻷﻣﺎﻧﺔ ‪ .‬وﯾﻠزم‬
‫اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻷطﻔﺎل واﻷﺷﺑﺎل ﻓﻲ ﻛل ﻣراﺣل أﻋﻣﺎرھم ﺣﺗﻰ ﯾﺷﺑوا ﻋﻠﻲ اﻟﺗدﯾن اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻹﻋداد اﻟﻼزم ﻟﯾﻛوﻧوا اﻟردﯾف‬
‫اﻟﻣﺗﯾن ﻟﻸﺟﯾﺎل اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ ﻛﺑﯾرة وﺗﻣﺗد ﺧﻼل اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ‪ .‬وﻓﻲ إھﻣﺎل أي ﺟﯾل ﻣن اﻷﺟﯾﺎل ﯾﺣدث‬
‫اﻧﻔﺻﺎل وﺗﻌرﯾض إﻟﻲ ﻣﺧﺎطر ﻛﺑﯾرة ‪ .‬وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ أﺳوة ﺣﺳﻧﺔ ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎدس ‪٦٧‬‬
‫طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺷﻛﯾك‬
‫طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺷﻛﯾك ‪:‬‬
‫إن ﺳﯾر اﻷخ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻋﻣﻠﮫ ﻟﻺﺳﻼم ﻓﻲ ظل اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ ﯾﻌﺗﺑـر اﻟﻘﺿـﯾﺔ اﻟﻣﺻـﯾرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳـﺑﺔ ﻟـﮫ ‪ ،‬ﺣﯾـث ﯾﻘـدم‬
‫وﻗﺗـﮫ وﺟﮭـده وﻣﺎﻟـﮫ وﻧﻔﺳـﮫ وﻛ ـل ﺷـﻲء ﯾﻣﻠﻛـﮫ ﻓـﻲ دﻧﯾ ـﺎه ﻟﯾﺑﻧـﻲ ﻣﺳـﺗﻘﺑﻠﮫ اﻷﺧـروي ‪ .‬ﻓﻼﺑ ـد أن ﺗﺗـوﻓر ﻋﻧـده اﻟﺛﻘـﺔ اﻟﺗﺎﻣ ـﺔ‬
‫واﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟﻛﺎﻣل وﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ إﻟﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻟطرﯾق وإﻟـﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﻌﻣـل ﻣـن ﺧﻼﻟﮭـﺎ ﻷداء واﺟـب اﻹﺳـﻼم وإﻟـﻲ‬
‫ﻗﯾﺎدﺗﮫ وإﺧواﻧﮫ ‪ ،‬ﻛﻲ ﯾﻧطﻠق ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ دون ﺗردد ‪ ،‬وﯾﺳﻣﻊ وﯾطﯾـﻊ ﻟﻘﯾﺎدﺗـﮫ ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﻣﻌﺻـﯾﺔ ودون ﺗﺑـﺎطؤ ‪ ،‬وﯾﺗﻌـﺎون ﻣـﻊ‬
‫ﺿـﺎ أﻧـﮫ ﻗـﺎدر ﺑﻌـون ﷲ ﻋﻠـﻲ ﻣواﺻـﻠﺔ‬ ‫إﺧواﻧﮫ وﯾﻠﺗﺣم ﻣﻌﮭم ﻓﻲ اﻟﺻف ﻛﺎﻟﺑﻧﯾﺎن اﻟﻣرﺻوص ‪ ،‬ﺑـل ﯾﻠـزم أن ﯾﺛـق ﺑﻧﻔﺳـﮫ أﯾ ً‬
‫اﻟﺳﯾر وﺗﺧطﻲ اﻟﻌﻘﺑﺎت دون ﺗﻘﺎﻋس أو ﻗﻌود ‪.‬‬
‫وﻟﮭذا ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ أﺧري ﺿرورة أن ﯾﺗﺣري اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻧد اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﻌﻣـل ﻣـن ﺧﻼﻟﮭـﺎ ﻷداء‬
‫ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻹﺳﻼم وواﺟب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم ھذا اﻟواﺟب اﻟذي ﻻ ﯾـﺗم ﻓردًﯾـﺎ وﻟﻛـن ﻻﺑـد أن ﯾﻛـون ﻣـن ﺧـﻼل‬
‫ﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ ،‬وذﻛرﻧﺎ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻼزم ﺗواﻓرھﺎ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ .‬ﻓﻌﻠﻲ ﻛل ﺷﺎب ﻣﺳـﻠم أن ﯾطﻣـﺋن وﯾﺗﺑـﯾن وﯾﺳـﺗوﺛق ﺗﻣﺎًﻣـﺎ ﻣـن‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وطرﯾﻘﮭﺎ وﻗﯾﺎدﺗﮭﺎ ﻣﺎ أﻣﻛﻧﮫ ذﻟك ﻟﻣـﺎ ﯾﺗرﺗـب ﻋﻠـﻲ ذﻟـك ﻣـن أھﻣﯾـﺔ ﻓـﻲ ھـذه اﻟﻘﺿـﯾﺔ اﻟﻣﺻـﯾرﯾﺔ ‪ .‬وﻷھﻣﯾـﺔ اﻟﺛﻘـﺔ‬
‫وﺿرورة ﺗواﻓرھﺎ ودواﻣﮭﺎ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﯾﺣﺎﻓظ ﻛل أخ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻓﺎء ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ وﻋﮭده ﻣـﻊ‬
‫ﷲ ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌرﺿﮭﺎ ﻟﻼھﺗزاز أو اﻟﻔﻘدان ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻘل ﺧطورة ﻋن اﻟﻧﻛث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺟﮭﺎد أو اﻟطﺎﻋـﺔ أو اﻟﺗﺟـرد أو ﻏﯾـره‬
‫‪ .‬وﻷھﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ ﻧﺟد أﻋداء ﷲ ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث ﯾﺣرﺻـون ﻋﻠـﻲ ﻣﺣﺎوﻟـﺔ اﻟﻧﯾـل ﻣﻧﮭـﺎ ﺑﺄﺳـﻠوب اﻟﺗﺷـﻛﯾك وإﻟﺻـﺎق اﻟـﺗﮭم‬
‫اﻟﺑﺎطﻠﺔ ‪ ،‬وأﺣﯾﺎًﻧﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠون أﺳﻠوب اﻟﺿﻐط أو اﻟﺗرﻏﯾب ﻛﻌﺎﻣل ﻣﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ھز اﻟﺛﻘﺔ ‪.‬‬
‫وﻗد ﯾﻠﺗﺑس ﻋﻠﻲ اﻟﺑﻌض اﻟﻧﻘد واﻟﺗﺷﻛﯾك ﻓﯾظن اﻟﺗﺷﻛﯾك ﻧﻘـدًا ﻻ ﺑـﺄس ﺑـﮫ أو ﯾظـن اﻟﻧﻘـد ﺗﺷـﻛﯾًﻛﺎ ﻓﯾرﻓﺿـﮫ ‪ ،‬واﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ أن‬
‫ھﻧﺎك ﻧﻘدًا ﺑﻧﺎء أو ﻧﻘدًا ھداًﻣﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻧﻘد اﻟﺑﻧﺎء ﻟﮫ أﺳﻠوﺑﮫ وآداﺑﮫ وﻗﻧواﺗـﮫ اﻟﺗـﻲ ﯾﺻـب ﻓﯾﮭـﺎ دون أن ﯾﺣـدث ﺑﻠﺑﻠـﺔ ‪ ،‬وﻧﻠﻣـس ﻣـن‬
‫ﺿﺎ ﻓﻧﺟده ﻻ ﯾﺄﺧذ اﻟطرﯾـق اﻟﺻـﺣﯾﺢ وﻻ ﯾـوﺣﻰ‬ ‫ﺻﺎﺣﺑﮫ اﻟﺻدق وﺣب اﻟﺧﯾر ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻧﻘد اﻟﮭدام وھو ﻣن أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﺷﻛﯾك أﯾ ً‬
‫ﺑﺣب اﻟﺧﯾر واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ‪ ،‬وﯾﺻﺎﺣﺑﮫ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻻﻓﺗراءات واﻻﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﺑﺎطﻠﺔ ‪ ،‬وﻋـﺎدة ﯾﻛـون ﻣـن ذوى أھـواء وﻧواﯾـﺎ ﻏﯾـر‬
‫ﻛرﯾﻣﺔ ‪ .‬ﻓﺎﻟواﺟب أن ﻧﻘﺑل اﻟﻧﺻﺢ وﻧﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﻧﻘد اﻟﺑﻧﺎء ‪ ،‬وأن ﻧرﻓض اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﻧﻘد اﻟﮭد ّام ‪ ،‬ﻻ ﻧﺳـﺗﻣﻊ إﻟﯾـﮫ وﻻ ﻧﻧﺷـﻐل‬
‫ﺑﮫ ‪ ،‬وﻻ ﻧﺑﺎدل أﺻﺣﺎﺑﮫ ﻣﮭﺎﺗرات أو ﻣﺳﺎﺟﻼت ﻛﻼﻣﯾﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ‪.‬‬
‫واﻻﻧﺣراف أن ﻧﺗﺄﺛر ﺑﮭم أو ﻧﻧﺷﻐل ﺑﮭم وﺑﺎﻟرد ﻋﻠﯾﮭم ‪ ،‬وﻧﻧﺻرف ﺑذﻟك ﻋن اﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدﻋوة ‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﻧﺳﺗدرج وﻻ ﻧﺳﺗﺛﺎر ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺳوء اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت ‪ ،‬ﻓﻠﺳﻧﺎ أﻛرم ﻣن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﻟذي ﻗﯾل ﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﺳﺎﺣر‬
‫وﻣﺟﻧون وﺷﺎﻋر وﻛﺎذب وﻛﺎھن ﻓﻠم ﯾﻐﺿب وﻟم ﯾﺷﻐل ﻧﻔﺳﮫ وﻻ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺎﻟرد ﻋﻠﻲ ذﻟك ‪ ،‬واﻟﺗزم ﺗوﺟﯾﮫ ﷲ ﻟﮫ ﺣول‬
‫ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض آﯾﺎت اﻟﻘرآن ﻧذﻛر ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻟﻧﺗﻣﺛﻠﮭﺎ وﻧﻘﺗدي ﺑﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم( ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﺻﺑر وﻧﺣﺗﺳب ﻋﻧد ﷲ ﻣﺎ ﯾﻠﺻق ﺑﻧﺎ ﻣن ﺗﮭم ‪ ،‬وھﻛذا ﻋﺷﻧﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد‬
‫ﯾذﻛرﻧﺎ داﺋًﻣﺎ ﺑﻘول ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ ( :‬وﻛﺎن رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﻘول ﻟﻧﺎ ) ﻛوﻧوا ﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻛﺎﻟﺷﺟرة ﯾرﻣوﻧﮫ ﺑﺎﻟﺣﺟر وﯾرﻣﯾﮭم ﺑﺎﻟﺛﻣر (‬
‫‪ .‬وﻧﺟده ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ دﻋوﺗﻧﺎ ﯾذﻛر ﺻﻧف اﻟﻣﺗﺣﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﯾﻧﺎ وﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣﻧﮭم ﻓﯾﻘول ‪ ) :‬وإﻣﺎ ﺷﺧص ﺳﺎء ﻓﯾﻧﺎ ظﻧﮫ وأﺣﺎطت ﺑﻧﺎ‬
‫ﺷﻛوﻛﮫ ورﯾﺑﮫ ‪ ،‬ﻓﮭو ﻻ ﯾراﻧﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻧظﺎر اﻷﺳود اﻟﻘﺎﺗم ‪ ،‬وﻻ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﺎ إﻻ ﺑﻠﺳﺎن اﻟﻣﺗﺣرك اﻟﻣﺗﺷﻛك ‪ ،‬وﯾﺄﺑﻲ إﻻ أن ﯾﻠّﺞ‬
‫ﻓﻲ ﻏروره وﯾﺳدر ﻓﻲ ﺷﻛوﻛﮫ وﯾظل ﻣﻊ أوھﺎﻣﮫ ‪ ،‬ﻓﮭذا ﻧدﻋو ﷲ ﻟﻧﺎ وﻟﮫ أن ﯾرﯾﻧﺎ اﻟﺣق ﺣﻘﺎ وﯾرزﻗﻧﺎ أﺗﺑﺎﻋﮫ ‪ ،‬واﻟﺑﺎطل‬
‫ﺑﺎطﻼً وﯾرزﻗﻧﺎ اﺟﺗﻧﺎﺑﮫ ‪ ،‬وأن ﯾﻠﮭﻣﻧﺎ وإﯾﺎه اﻟرﺷد ‪ .‬ﻧدﻋوه إن ﻗﺑل اﻟدﻋﺎء ‪ ،‬وﻧﻧﺎدﯾﮫ إن أﺟﺎب اﻟﻧداء ‪ ،‬وﻧدﻋو ﷲ ﻓﯾﮫ وھو‬
‫ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ أھل اﻟرﺟﺎء ‪ ،‬وﻟﻘد أﻧزل ﷲ ﻋﻠﻲ ﻧﺑﯾﮫ اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺻﻧف ﻣن اﻟﻧﺎس ( وھذا ﺳﻧظل ﻧﺣﺑﮫ وﻧرﺟو ﻓﯾﺋﮫ إﻟﯾﻧﺎ واﻗﺗﻧﺎﻋﮫ‬
‫ﺑدﻋوﺗﻧﺎ ‪ ،‬وإﻧﻣﺎ ﺷﻌﺎرﻧﺎ ﻣﻌﮫ ﻣﺎ أرﺷدﻧﺎ إﻟﯾﮫ اﻟﻣﺻطﻔﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻣن ﻗﺑل " اﻟﻠﮭم اﻏﻔر ﻟﻘوﻣﻲ ﻓﺈﻧﮭم ﻻ ﯾﻌﻠﻣون "‬
‫‪.‬‬
‫ﻓﻌﻠﻲ ﻛل أخ ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓردًا أو ﻣﺳﺋوﻻً أن ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ اﻟﺛﻘﺔ ﻣن أي ﺷﻲء ﯾﻧﺎل ﻣﻧﮭﺎ ‪ ،‬وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول أن ﯾدﯾم اﻟﺻﻠﺔ‬
‫ﺑﺈﺧواﻧﮫ ﻟﯾﺑﯾن ﻟﮭم اﻷﻣور أو اﻟﻣواﻗف وﯾوﺿﺢ ﻟﮭم ﻣﺎ ﯾﺑﮭم ﻋﻠﯾﮭم ﻣﻧﮭﺎ ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون ﻟﯾﻛون اﻟﺻف ﻓﻲ‬
‫ﺣﺻﺎﻧﺔ ‪ ،‬وﻋﻠﻲ اﻷﻓراد أﻻ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠوا أو ﯾﺗﺄﺛروا ﺑﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون وأﻻ ﯾﺳﺗدرﺟوا ﻓﻲ ﻣﮭﺎﺗرات ﻣﻌﮭم ‪ ،‬وإذا ﺣﺎك ﻓﻲ‬
‫ﺻدر أﺣد اﻹﺧوان ﺷﻲء ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﺳﺎرع ﺑﺎﻟﺗﺑﯾن ‪ ،‬وأﻻ ﯾﻧﻘل ﻣﺎ ﺳﻣﻌﮫ وﺳط اﻟﺻﻔوف ﻓﯾﺣﻘق ﺑذﻟك ﻏرض اﻟﻣﺷﻛﻛﯾن ‪،‬‬
‫( ﺛم إﻧﻧﺎ إذ ﻓﻧدﻧﺎ اﺗﮭﺎﻣﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون‬ ‫وﻣﺎ أﺟﻣل اﻻﻟﺗزام ﺑﻣﺎ أرﺷدﻧﺎ ﷲ إﻟﯾﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل‬
‫وأوﺿﺣﻧﺎ ﺑطﻼﻧﮫ ‪ ،‬ﻻ ﻧﺗﺻور أن اﻷﻣر ﺳﯾﻧﺗﮭﻲ ﻋﻧد ذﻟك اﻟﺣد ‪ ،‬وﻟﻛن ﻣﺎ أﺳﮭل ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺧﺗﻠﻘوا اﺗﮭﺎﻣﺎت أﺧري ﺑﺎطﻠﺔ ﻻ‬
‫أﺻل ﻟﮭﺎ ﻟﯾﺷﻐﻠوﻧﺎ ﺑﮭﺎ وﯾﻧﺷﻐل اﻟﻧﺎس ﺑﮭﺎ ﻋن أﺻل ﻣﺎ ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ وﻧﺣﻘق ﺑذﻟك ھدﻓﮭم ‪ ،‬وﻟﻛن ﺧﯾر رد ﻋﻠﯾﮭم أﻻ ﻧرد ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وﻗد ﯾﺻﺎب أﺣد اﻷﻓراد ﻣن داﺧل اﻟﺻف ﺑﻣرض ﻣن أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻛﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ ‪ ،‬ﻓﯾﺛﯾر اﻟﺷﻛوك ﺣول اﻟﻘﯾﺎدة أو‬
‫ﺑﻌﺿﮭﺎ أو ﺣول ﺑﻌض اﻟﻣواﻗف ‪ ،‬ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻛﺳب أﻧﺻﺎر ﯾﻠﺗﻔون ﺣوﻟﮫ ‪ ،‬ﻓﻠﻧﺣذر ذﻟك ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﺻﺎدﻗًﺎ ﯾرﯾد اﻟﺧﯾر ﻟﻠﺟﺄ‬
‫إﻟﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺳﻠﯾم واﻟﻘﻧوات اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻌﻼج ﻣﺎ ﯾراه ﻣن ﺧطﺄ ‪.‬‬
‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﺛﻘﺔ ﺑﮭﺎ أن ﯾﺗﺻور اﻟﺑﻌض أن اﻟﻘواﻧﯾن أو اﻟﻘرارات اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر‬
‫ﺑﺣل ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣن أﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟظﺎﻟﻣﺔ ﻟﮭﺎ ﻗﯾﻣﺔ أو ﺷرﻋﯾﺔ وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﻧﻧزل ﻋﻠﯾﮭﺎ وأﻻ ﻧﺑﺎﺷر أي‬
‫ﻧﺷﺎط ﻓﻲ ظﻠﮭﺎ ‪ .‬ﻓﮭذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ وﻣﻧﺣرف ﻷﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد وﺟودﻧﺎ ﻛﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﺗﺣرك ﺑدﻋوة ﷲ ﻣن ﻣﺛل ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻧﺎ‬
‫ﻧﺳﺗﻣد وﺟودﻧﺎ وﺷرﻋﯾﺗﻧﺎ ﻣن أواﻣر ﷲ ورﺳوﻟﮫ ﻟﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﻣﺳك ﺑدﻋوة اﻹﺳﻼم واﻟﺗﺣرك ﺑﮭﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻹﺳﻼم ﻣﻧﺎ ﻣن‬
‫اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﮫ وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺗﮫ ‪ ،‬وأن ﻧﺑذل ﻣﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺟﮭد ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك ﻣﻊ ﺗﻛﯾﯾف أﺳﻠوب اﻟﺣرﻛﺔ ﻣﻊ اﻟظروف دون ﺗوﻗف‬
‫أو اﻧﺣراف ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﯾن ﺑﺎ‪ .‬ﻣﺗوﻛﻠﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﮭو ﻧﻌم اﻟﻣوﻟﻲ وﻧﻌم اﻟﻧﺻﯾر ‪.‬‬
‫ﻓﻘواﻧﯾن اﻟﺣل ﻻ ﺗﺣل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻻ ﻧﺗوﻗف ﻋن اﻟﻌﻣل واﻟﺣرﻛﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻠﻐﻲ ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ‪ .‬وﺗﻌﺗﺑر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ‬
‫أخ واﺣد ﯾدﻋو ﺑﺎﺳﻣﮭﺎ وﯾﺟﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﮭﺎ ‪ ،‬وھﺎ ﻧﺣن ﻧري واﻟﺣﻣد ‪ .‬ﻣﺋﺎت اﻷﻟوف ﺑل اﻟﻣﻼﯾﯾن ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ وﯾﺗﺣرﻛون‬
‫ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ رﻏم ﻗرارات اﻟﺣل اﻟﻣﺗﻛررة ﻓﻲ أﻗطﺎر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ورﻏم اﺳﺗﻣرار اﻟﺣرب واﻟﻣﺣن ﻷﻧﮭﺎ دﻋوة ﷲ‬
‫وﻧور ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ ﻧور ﷲ ﺑﺷر ‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ أن ﯾري اﻟﺑﻌض اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﺳم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ( وﻧﺧﺗﺎر اﺳًﻣﺎ آﺧر‬ ‫وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف أﯾ ً‬
‫ﻓﻲ ﺳﺑﯾل أن ﺗﺳﻣﺢ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل واﻟﺣرﻛﺔ ﻓﻲ ظﻠﮫ ‪ ،‬أو ﺳﺑﯾل إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺳﯾر واﻟﺣرﻛﺔ دون اﻟﺗﻌرض ﻟﻸذى‬
‫ﺿﺎ ﺧﺎطﺊ وﻣﻧﺣرف ‪.‬‬ ‫ﺑﺳﺑب ھذا اﻻﺳم اﻟذي ﺻﺎر رﻣًزا ﻟﻠﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات واﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ ﻣن أﻋداء ﷲ ‪ .‬وھذا اﻟﺗﻔﻛﯾر أﯾ ً‬
‫ﻟﻼﻋﺗﺑﺎرات اﻵﺗﯾﺔ ‪:‬‬
‫أ – ﻓﺎﻟﻘﺿﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ اﻻﺳم وﻟﻛن اﻟﻣﺳّﻣﻲ ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺧوان ﯾﺣﺎرﺑون وﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﮭم رﺳﻣًﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ‬
‫اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻟﯾس ﻟﻣﺟرد أن اﺳﻣﮭم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( وﻟﻛن ﻟﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠون ﻣن ﻓﮭم وأھداف وروح وﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﺑﺻورة‬
‫ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن ﺗزھق ﺑﺎطل أﻋداء ﷲ ﺑﺈذن ﷲ ‪ .‬وﻟن ﺗﺗوﻗف اﻟﺣرب وﻻ اﻟﻛﯾد إﻻ إذا ﺗﺧﻠﯾﻧﺎ ﻋن ھذا اﻟﺟوھر واﻟﻣﺿﻣون‬
‫ﺻﺎ وﻣﻌﺻﯾﺔ وﺗﻧﻛًرا ﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟطرﯾق ‪.‬‬ ‫اﻟذي ﯾزﻋﺟﮭم ﺣﺗﻰ ﻟو أﺑﻘﯾﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻻﺳم وھذا ﻣﺎ ﻧرﻓﺿﮫ ﺗﻣﺎًﻣﺎ وﯾﻌﺗﺑر ﻧﻛو ً‬
‫أﻣﺎ إذا ﻏﯾرﻧﺎ وأﺑﻘﯾﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟوھر وأﺻﺎﻟﺔ اﻟطرﯾق ﻓﺳﯾﺟري ﻟﮭذا اﻻﺳم اﻟﺟدﯾد وأﺻﺣﺎﺑﮫ ﻧﻔس ﻣﺎ ﺟري ﻻﺳم اﻹﺧوان‬
‫اﻟﻣﺳﻠﻣون واﻟﻣﻧﺗﻣﯾن إﻟﯾﮫ ‪ .‬ھذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻲ أن اﺳم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( ﺻﺎر رﻣًزا ﻟطرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺄﺻﺎﻟﺗﮫ ‪ ،‬طرﯾق‬
‫رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ‪ ،‬واﻛﺗﺳب ﻋﻠﻲ ﻣر اﻷﯾﺎم رﺻﯾدًا ﺿﺧًﻣﺎ ﻣن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﮫ‬
‫وﺗﻐﯾﯾره ﯾﻌﺗﺑر ﺗﻧﻛًرا ﻟﻠﻣﺎﺿﻲ وإھداًرا ﻟﮭذا اﻟرﺻﯾد وﺑدون ﻣﺑرر أو ﻓﺎﺋدة ‪ .‬ﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد ﺑﻌد أن أوﺿﺣﻧﺎ أھﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺑﺎﻟطرﯾق وأوﺿﺣﻧﺎ ﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﻣﺷﻛﻛﯾن أن َﻧذﻛُر أو ﻧُذﻛّر ﺑﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗدﻋم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‬
‫وﺑﺎﻟطرﯾق ‪:‬‬
‫) طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣدة ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ﻣن ﻗﺑل ‪ ،‬وﺳﺎر اﻟدﻋﺎة وﻧﺳﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ‬
‫ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ ﻣن ﺑﻌد ‪ :‬إﯾﻣﺎن وﻋﻣل وﻣﺣﺑﺔ وإﺧﺎء ‪ ،‬دﻋﺎھم إﻟﻲ اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻌﻣل ﺛم ﺟﻣﻊ ﻗﻠوﺑﮭم ﻋﻠﻲ اﻟﺣب واﻹﺧﺎء ‪..‬‬
‫ﻓﺎﺟﺗﻣﻌت ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة إﻟﻲ ﻗوة اﻟوﺣدة ‪ ،‬وﺻﺎرت ﺟﻣﺎﻋﺗﮭم ھﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﻣوذﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻﺑد أن ﺗظﮭر ﻛﻠﻣﺗﮭﺎ وﺗﻧﺗﺻر‬
‫دﻋوﺗﮭﺎ وإن ﻧﺎوأھﺎ أھل اﻷرض ﺟﻣﯾﻌًﺎ ( ‪.‬‬
‫ھﻛذا وﺻف اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد طرﯾق اﻟدﻋوة اﻟذي اﺧﺗﺎره ﻟﺗﺳﯾر ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻠﯾﮫ ‪ .‬ﻓﻛﯾف ﻻ ﺗﻛون اﻟﺛﻘﺔ‬
‫ﺑطرﯾق ﺟﻌل أﺻﺣﺎﺑﮫ ھو اﻟﻐﺎﯾﺔ ‪ ،‬واﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ھو اﻟراﺋد واﻟﻘدوة ‪ ،‬وﺟﻌﻠوا اﻟﻘرآن ھو اﻟدﺳﺗور‬
‫واﻟﻣﻧﮭﺎج ‪ ،‬واﻟﺟﮭﺎد ھو اﻟﺳﺑﯾل ‪ ،‬واﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ھﻲ اﻷﻣﻧﯾﺔ ؟ ‪ .‬أﻻ ﻧﺛق ﺑﺟﻣﺎﻋﺔ اﺧﺗﺎرت ھذا اﻟطرﯾق وﺗﻌرﺿت‬
‫ﺑﺳﺑﺑﮫ إﻟﻲ ﺿرﺑﺎت ﻗﺎﺳﯾﺔ وﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﻣﺎ زادت أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ إﻻ اﺳﺗﻣﺳﺎًﻛﺎ ﺑدﯾﻧﮭم وﺛﺑﺎﺗ ًﺎ ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق وﺛﻘﺔ ﺑﺎ‪ .‬وﺗﺄﯾﯾده ؟ ﺟﻣﺎﻋﺔ‬
‫أﺛﺑﺗت اﻷﯾﺎم وﻻزاﻟت ﺗﺛﺑت أﺻﺎﻟﺗﮭﺎ واﻋﺗداﻟﮭﺎ وﺳﻼﻣﺔ ﻣﺳﯾرﺗﮭﺎ ﺑﻌﯾدًا ﻋن اﻟﺗطرف أو اﻟﺗﻔرﯾط ؟ ‪ .‬وﻗد اﺳﺗﺣوذت ﺑﻔﺿل‬
‫ﷲ ﻋﻠﻲ ﺛﻘﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬واﻋﺗﺑرﺗﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟراﺋدة ‪ ،‬وھﺎ ھﻲ ﺗﻛﺳب ﻛل ﯾوم‬
‫أﻧﺻﺎًرا ﻣن ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم ‪.‬‬
‫ھذه اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ رﺑت أﺑﻧﺎءھﺎ ﻋﻠﻲ ھدي ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬وﻗدﻣت ﻣﻧﮭم ﻧوﻋﯾﺎت‬
‫ﺿرﺑت اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟراﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﮭﺎد واﻟﻔداء ‪ ،‬وأﻣﺛﻠﺔ راﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺑر ﻋﻠﻲ اﻻﺑﺗﻼء واﻟﻣﺣن واﻟﺗﻌذﯾب واﻹﯾذاء دون أن‬
‫ﺗﻠﯾن ﻟﮭم ﻗﻧﺎة رﻏم طول اﻟﻔﺗرات ‪ ،‬وواﺻﻠوا اﻟﺳﯾر واﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد رﻏم ذﻟك دون أن ﯾﺻﯾﺑﮭم وھن أو ﺿﻌف أو اﺳﺗﻛﺎﻧﺔ‬
‫ﺑﺳﺑب ﻣﺎ أﺻﺎﺑﮭم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ﺟﻣﺎﻋﺔ أﺛﺑﺗت اﻷﯾﺎم ﺗﺟردھﺎ ‪ .‬وﺑﻌدھﺎ ﻋن اﻟﻣطﺎﻣﻊ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ وﻋن اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻷي ﺟﮭﺔ ‪ ،‬وﺣﺎﻓظت ﻋﻠﻲ اﺳﺗﻘﺎﻣﺔ اﻟدﻋوة‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣﺗﺟﻧﺑﺔ اﻟﻣﻧﻌطﻔﺎت وﻣﺗﺧطﯾﺔ اﻟﻌﻘﺑﺎت ‪ ،‬ﻛل ذﻟك ﺑﻔﺿل وﻋوﻧﮫ ودﻟﯾل ﻋﻠﻲ ﺣﻔظﺔ ورﻋﺎﯾﺗﮫ ﻟﮭﺎ ‪ ،‬ﻧﺳﺄﻟﮫ ﻓﺿﻠﮫ‬
‫وﺣﻔظﮫ ورﻋﺎﯾﺗﮫ ‪.‬‬
‫ﺛم ﻧﺧﺗم اﻟﺣدﯾث ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺑﻛﻠﻣﺎت ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﯾﻘدم ﻓﯾﮭﺎ دﻋوة اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ‪:‬‬
‫) أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون أﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس أﺟﻣﻌون ‪:‬‬
‫ﻓﻲ ھذه اﻟﺻﺧب اﻟداوي ﻣن ﺻدى اﻟﺣوادث اﻟﻛﺛﯾرة اﻟﻣرﯾرة ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﻠدھﺎ اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ اﻟﺣﺑﺎﻟﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟزﻣﺎن ‪ ،‬وﻓﻲ ھذا‬
‫اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻣﺗدﻓق اﻟﻔﯾﺎض ﻣن اﻟدﻋوات اﻟﺗﻲ ﺗﮭﺗف ﺑﮭﺎ أرﺟﺎء اﻟﻛون ‪ ،‬وﺗﺳري ﺑﮭﺎ أﻣواج اﻷﺛﯾر ﻓﻲ أﻧﺣﺎء اﻟﻣﻌﻣورة ﻣﺟﮭزة‬
‫ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﻐزي وﯾﺧدع ﻣن اﻵﻣﺎل واﻟوﻋود واﻟﻣظﺎھر ‪ ،‬ﻧﺗﻘدم ﺑدﻋوﺗﻧﺎ ﻧﺣن ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( ‪ :‬ھﺎدﺋﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ أﻗوي ﻣن‬
‫اﻟزواﺑﻊ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ‪ ،‬ﻣﺗواﺿﻌﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ أﻋز ﻣن اﻟﺷم اﻟرواﺳﻲ ‪ .‬ﻣﺣدودة وﻟﻛﻧﮭﺎ أوﺳﻊ ﻣن ﺣدود ھذه اﻷﻗطﺎر ﺟﻣﯾﻌًﺎ ‪ .‬ﺧﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﻣن اﻟﻣظﺎھر اﻟزاﺋﻔﺔ واﻟﺑﮭرج اﻟﻛﺎذب وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣﺣﻔوﻓﺔ ﺑﺟﻼل اﻟﺣق وروﻋﺔ اﻟوﺣﻲ ورﻋﺎﯾﺔ ﷲ ‪ .‬ﻣﺟردة ﻣن اﻟﻣطﺎﻣﻊ‬
‫واﻷھواء واﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻔردﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻧورث اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﮭﺎ اﻟﺻﺎدﻗﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻟﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ‬
‫واﻟﺟﻧﺔ ﻓﻲ اﻵﺧرة ‪.‬‬
‫أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ھذه ﻣﻧزﻟﺗﻛم ﻓﻼ ﺗﺻﻐروا ﻓﻲ أﻧﻔﺳﻛم ﻓﺗﻘﯾﺳوا أﻧﻔﺳﻛم ﺑﻐﯾرﻛم أن ﺗﺳﻠﻛوا ﻓﻲ دﻋوﺗﮭم ﻏﯾر ﺳﺑﯾل‬
‫اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ‪ ،‬أو ﺗوازﻧوا ﺑﯾن دﻋوﺗﻛم اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذ ﻧورھﺎ ﻣن ﻧورھﺎ ﷲ وﻣﻧﮭﺎﺟﮭﺎ ﻣن ﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺑﻐﯾرھﺎ ﻣن اﻟدﻋوات اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺑررھﺎ اﻟﺿرورات وﺗذھب ﺑﮭﺎ اﻟﺣوادث واﻷﯾﺎم ‪.‬‬
‫ﺛم ﯾﻘول ‪ :‬ﻓﻣن ﺗﺑﻌﻧﺎ اﻵن ﻓﻘد ﻓﺎز ﺑﺎﻟﺳﺑق ‪ ،‬وﻣن ﺗﻘﺎﻋد ﻋﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن اﻟﯾوم ﻓﺳﯾﻠﺣق ﺑﻧﺎ ﻏدًا وﻟﻠﺳﺎﺑق ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﺿ ل‬
‫ﺳﺎ ﻣن اﻧﺗﺻﺎرھﺎ ﻓﺳﺗﺛﺑت ﻟﮫ اﻷﯾﺎم ﻋظﯾم ﺧطﺋﮫ‬ ‫‪ .‬وﻣن رﻏب ﻋن دﻋوﺗﻧﺎ زھﺎدة أو ﺳﺧرﯾﺔ ﺑﮭﺎ أو اﺳﺗﺻﻐﺎرھﺎ أو ﯾﺎﺋ ً‬
‫وﺳﯾﻘذف ﷲ ﺑﺣﻘﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﺎطﻠﮫ ﻓﯾدﻣﻐﮫ ﻓﺈذا ھو زاھق ‪ .‬ﻓﺈﻟﯾﻧﺎ إﻟﯾﻧﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻣؤﻣﻧون اﻟﻌﺎﻣﻠون اﻟﻣﺟﺎھدون اﻟﻣﺧﻠﺻون ‪ ،‬ﻓﮭﻧﺎ‬
‫اﻟطرﯾق اﻟﺳوي واﻟﺻراط اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم ‪ ،‬وﻻ ﺗوزﻋوا اﻟﻘوى واﻟﺟﮭود ( ‪.‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎﺑﻊ ‪٧٧ -‬‬
‫ﺣول اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼء‬
‫ﺣول اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼء ‪:‬‬
‫اﻟﻣﺣن ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌﻠوم ‪ ،‬وھﻲ ﺟزء أﺳﺎﺳﻲ ﻣن طرﯾـق اﻟـدﻋوة ‪ ،‬وﺟﻌﻠﮭـﺎ ﷲ ﻟﯾﺗﺣﻘـق ﻣـن وراﺋﮭـﺎ‬
‫ﺧﯾر ﻟﻠدﻋوة وﻟﻠدﻋﺎة ‪ ،‬وﻟﻛن ﯾﺣدث ﻋﻧد اﺟﺗﯾﺎز ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟطرﯾق ﺑﻌض اﻻﻧﺣراﻓﺎت أو اﻷﺧطﺎء ِﻣﱠﻣـﺎ‬
‫ﯾﻠزم اﻟﺗﻌرف ﻟﺗﻔﺎدﯾﮭﺎ ‪ .‬وﻗﺑل اﻟﺗﻌـرض ﻟﮭـذه اﻻﻧﺣراﻓـﺎت ﻟﻌﻠـﮫ ﻣـن اﻟﻣﻔﯾـد أن ﻧﺗﺣـدث أوﻻ ﺣـول طﺑﯾﻌـﺔ اﻟﻣﺣـن واﻟﻣوﻗـف‬
‫اﻷﻣﺛل إزاءھﺎ ‪.‬‬
‫اﻻﺑﺗﻼءات ﻣن ﺳﻧن اﻟدﻋوات ‪:‬‬
‫ﻟﻘد وردت اﻵﯾﺎت واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗﻌرض ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣؤﻣﻧون‬
‫ﻟﺻﻧوف ﻣن اﻹﯾذاء واﻟﻔﺗن واﻟﺗﻌذﯾب واﻟﺗﺿﯾﯾق واﻟﻣطﺎردة وﻏﯾر ذﻟك ﺑل ﻗد ﺗﺻل ھذه اﻷﺳﺑﺎب إﻟﻲ اﻟﻘﺗل ‪ .‬وذﻟك ﻟﻠﺻﻘل‬
‫واﻟﺗﻣﺣﯾص وﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻداﻗﯾن ﻣن اﻟﻛﺎذﺑﯾن ‪ ،‬وﻷن اﻟﻧﺻر أﻣﺎﻧﺎﺗﮫ ﺛﻘﯾﻠﺔ وﯾﺣﺗﺎج ﻗﺑﻠﮫ إﻟﻲ إﻋداد اﻟرﺟﺎل اﻟذﯾن ﯾﻘوﻣون ﻋﻠﯾﮫ‬
‫دون ﺗﻔرﯾط أو اﻧﺣراف ‪ .‬ﻟذﻟك ﻧﺟد ﻣرﺣﻠﺔ اﻹﯾذاء ﺗﺳﺗﻣر ﺣﺗﻰ ﺑدء ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﺻر واﻟﺗﻣﻛﯾن ‪ ،‬وھذه ﺑﻌض اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾﺔ‬
‫‪. (:‬‬
‫ﺛم إن اﻟﺳﯾرة اﻟﻌطرة ﺗﺣﻛﻲ ﻟﻧﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ ﺗﻌرض ﻟﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣن ﻓﺗﻧﺔ وﺗﻌذﯾب‬
‫وإﯾذاء ﻓﻲ ﻣﻛﺔ ﻋﻠﻲ أﯾدي اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺣﺗﻰ اﺳﺗﺷﮭد ﯾﺎﺳر وزوﺟﮫ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ‪ .‬وھﺎ ھو ﺧﺑﺎب ﺑن اﻷرت رﺿﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻧﮫ ﻟﻣﺎ اﺷﺗدت ﺿراوة اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻓﻲ إﯾذاء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ذھب ﯾﺳﺗﻧﺟد ﺑرﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ ،‬ﻗﺎل ﺧﺑﺎب ‪ :‬ﺷﻛوﻧﺎ‬
‫إﻟﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھو ﻣﺗوﺳد ﺑرده ﻓﻲ ظل اﻟﻛﻌﺑﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﻠﻧﺎ أﻻ ﺗﺳﺗﻧﺻر ﻟﻧﺎ ؟ أﻻ ﺗدﻋو ﻟﻧﺎ ؟ ﻓﻘﺎل ﺻﻠﻲ‬
‫ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ " :‬ﻗد ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑﻠﻛم ﯾؤﺧذ اﻟرﺟل ﻓﯾﺣﻔر ﻟﮫ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﯾﺟﻌل ﻓﯾﮭﺎ ﺛم ﯾؤﺗﻲ ﺑﺎﻟﻣﻧﺷﺎر ﻓﯾوﺿﻊ ﻋﻠﻲ رأﺳﮫ‬
‫ﻓﯾﺟﻌل ﻧﺻﻔﯾن ‪ ،‬وﯾﻣﺷط ﺑﺄﻣﺷﺎط ﻣن ﺣدﯾد ﻣﺎ دون ﻟﺣﻣﮫ وﻋظﻣﮫ وﻣﺎ ﯾﺻده ذﻟك ﻋن دﯾﻧﮫ ‪ ،‬وﷲ ﻟﯾﺗﻣن ﷲ ھذا اﻷﻣر ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﺳﯾر اﻟراﻛب ﻣن ﺻﻧﻌﺎء إﻟﻲ ﺣﺿرﻣوت ﻓﻼ ﯾﺧﺎف إﻻ ﷲ واﻟذﺋب ﻋﻠﻲ ﻏﻧﻣﮫ وﻟﻛﻧﻛم ﺗﺳﺗﻌﺟﻠون " ‪.‬‬
‫وﻛﻠﻧﺎ ﯾﻌﻠم ﻛﯾف ﻛﺎن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾﻣر ﻋﻠﻲ آل ﯾﺎﺳر وھم ﯾﻌذﺑون ﻓﻼ ﯾﻣﻠك إﻻ أن ﯾﻘول ﻟﮭم " ﺻﺑًرا‬
‫آل ﯾﺎﺳر ﻓﺈن ﻣوﻋدﻛم اﻟﺟﻧﺔ " ‪ .‬وﻟو ﯾﺷﺎء ﷲ ﻟﺣﺎل ﺑﯾن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﺗﻌذﯾب اﻟﻛﻔﺎر ﻟﮭم وﻟﻛن ھﻛذا ﻟﺗﺟري ﺳﻧﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭم ‪ .‬ﻟﻘد‬
‫ﻋرف ذﻟك اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ وأﻧﮫ ﻻﺑد أن ﺗﺟري ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺳﻧﺔ ﷲ ﺑﺎﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات ﻓذﻛر ذﻟك وﻧﺑﮫ وأﻧﻧﺎ ﺳﻧﻠﻘﻲ‬
‫ﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋداء وﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺎت وﺳﻧﺳﺟن وﻧﻌذب وﻧﺷرد إﻟﻲ آﺧره ﺛم ﻗﺎل وﺣﯾﻧﺋذ ﺗﻛوﻧون ﻗد ﺑدأﺗم ﺗﺳﻠﻛون‬

‫‪25‬‬
‫ﺳﺑﯾل أﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ‪ ،‬وﻗد ﯾطول ﺑﻛم اﻻﻣﺗﺣﺎن ﻓﮭل أﻣن ﻣﺻّرون ؟ ھﻛذا ﻋّرﻓﻧﺎ أن طرﯾق اﻟدﻋوة ﻣﻠﺊ ﺑﺎﻷﺷواك‬
‫واﻟﻌﻘﺑﺎت دون ﺗوﻗف أو ﺗﻧﺎزل أو ﺿﻌف أو اﻧﺣراف ‪ .‬وﺳﻧﺗﻌرض إﻟﻲ ﺑﻌض اﻻﻧﺣراﻓﺎت أو اﻷﺧطﺎء ﺣول اﻟﻣﺣن ﻟﻛﻲ‬
‫ﻧﺗﻔﺎداھﺎ ‪.‬‬
‫ﺻور ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات ‪79 :‬‬
‫‪ – 1‬ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾظن اﻟﺑﻌض أن اﻟﻣﺣن ﻟﯾﺳت أﻣًرا طﺑﯾﻌًﯾﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أو أﻧﮭﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ أﺧطﺎء وﻗﻌت ﻓﯾﮭﺎ‬
‫ﻗﯾﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ ،‬ﺛم ﯾﺛﺄر ﻣﺛل ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺧﺎطﺊ ﻓﻲ اﻟﺻﻔوف ﻓﯾﺣدث ﺑﻠﺑﻠﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق ‪ .‬وﻗد رأﯾﻧﺎ‬
‫ﻋﻛس ھذا اﻟﻔﮭم ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ‪ ،‬وأن ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟﻠﻣﺣن دﻟﯾل ﻋﻠﻲ أﻧﻧﺎ ﻧﺳﻠك ﺳﺑﯾل أﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ‪ ،‬وﻟو أﻧﻧﺎ ﻟم ﻧﺗﻌرض‬
‫ﻟﻠﻣﺣن ﻟﻠزم اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن ﺣدوث ﺧطﺄ أو اﻧﺣراف ‪ .‬وھل ﻣن اﻟﻣﻘﺑول أن ﯾﻘﺎل إن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﻣؤﻣﻧﯾن‬
‫ﻣﻌﮫ واﻟرﺳل اﻟذﯾن ﺗﻌرﺿوا ﻟﻸذى ﻛﺎن ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ أﺧطﺎء ﺻدرت ﻣﻧﮭم ؟ وﻟﻛن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر أن أﻋداء ﷲ ﯾﺣﺎرﺑون دﻋﺎة‬
‫اﻟﺣق ﺧﺷﯾﺔ أن ﯾزھق ھذا اﻟﺣق ﺑﺎطﻠﮭم ‪ .‬وﻓﯾﻣﺎ ﺳﻘﻧﺎه ﻣن آﯾﺎت وأﺣﺎدﯾث ﺧﯾر دﻟﯾل ﻋﻠﻲ أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات أﻣر‬
‫طﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أن ﺗ ُﺣدث اﻟﻣﺣن اھﺗزاًزا ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟطرﯾق ﺑﺄن ﯾﻘﺎل ﻟو أﻧﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺣق ﻟﻧﺻرﻧﺎ ﷲ وﻟﻣﺎ ﻣﻛن أﻋداء ﷲ ﻣﻧﺎ‬
‫ﯾﻔﻌﻠون ﺑﻧﺎ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠون ‪ ،‬وﻗد ﯾﺛﯾر ذﻟك اﻟﻣﺷﻛﻛون وﯾﺗﺄﺛر ﺑﮭم اﻟﺑﻌض وھذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﻛﻣﺎ أوﺿﺣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق ‪ .‬وﻗد‬
‫ﻗﺎل أﺣد اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋن زﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻌذﯾب ﻟﻧﺎ ﻣﺛل ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﻧﺔ ‪ 1965‬ﻗﺎل ‪ :‬إن اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟرﺋﯾس ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﻠﻲ‬
‫اﻟﺣق وأﻧﺗم ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ﻷﻧﻛم ﻟو ﻛﻧﺗم ﻋﻠﻲ ﺣق ﻟﻧﺻرﻛم ﷲ وَﻟَﻣﺎ ﺣدث ﻟﻛم ﻣﺎ أﻧﺗم ﻓﯾﮫ ‪ ،‬وھذا ﻧﻔس ﻣﻧطق ﻓرﻋون ﻣﻊ‬
‫ﻣوﺳﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻼم وﻣﻧطق اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن ( ‪.‬‬
‫‪ – 3‬وﻣن اﻻﻧﺣراف أن ﯾظن اﻟﺑﻌض أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺗﻔﺎدى اﻟﻣﺣن ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣوﻧﮫ )‬
‫ﺿﺎ ﻓﮭم ﻣﻧﺣرف‬ ‫اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ( ﻣﻊ اﻷﻋداء ‪ ،‬وﻟﻛن اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻟﯾس ﻋﻧدھم ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﻓﻠﮭذا ﺣدث ﻣﺎ ﺣدث ‪ .‬وھذا أﯾ ً‬
‫ﺧﺎطﺊ ‪ ،‬إذ ﻟن ﯾﺗوﻗف اﻷﻋداء ﻋن ﺣرﺑﮭم ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوة ﺑﻘﺻد اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭم وﻋﻠﻲ دﻋوﺗﮭم إﻻ إذا ﺗﺧﻠوا ﻋﻧﮭﺎ أو‬
‫ﻋﻠﻲ اﻷﻗل ﺗﻧﺎزﻟوا ﻋن ﺑﻌض ﺟواﻧﺑﮭﺎ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤذي اﻷﻋداء أو ﺗﻧﺎل ﻣﻧﮭم وﻣن ﻣﻛﺎﻧﺗﮭم واﻋﺗﻘﺎدھم ‪ .‬وھﺎ ھﻲ اﻵﯾﺎت‬
‫( وﯾﻘول ﻟﮫ ( ‪.‬‬ ‫ﺗؤﻛد ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ( وﻛﯾف ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﮭم اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﷲ ﯾﻘول ﻟﮫ‬
‫‪ – 4‬اﻟﻠﺟوء إﻟﻲ ﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟم وإﻋﻼن اﻟﺗﺧﻠص واﻟﺗﺑرء ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻣﮭﺎﺟﻣﺗﮭﺎ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻺﻋﻔﺎء ﻣن اﻹﯾذاء ‪ ،‬واﻟﺳﺟن‬
‫واﻟﺗﻌذﯾب ‪ .‬ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﺻﺑر وﻧﺗﺣﻣل اﻷذى وﻧﺛﺑت وﻻ ﻧﺗﺧﻠﻰ أو ﻧﺗﻧﻛر ﻟﻠطرﯾق واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻻ ﻧﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺎ ﯾطﻠﺑﮫ ﻣﻧﺎ‬
‫اﻟظﺎﻟﻣون ‪ ،‬ﻟﺗظل راﯾﺔ اﻟﺣق ﻣرﻓوﻋﺔ ﯾﺣﻣﻠﮭﺎ اﻟرﺟﺎل وﻻ ﯾﺗﺧﻠون ﻋﻧﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻠﻣوھﺎ ﻟﻣن ﺑﻌدھم ‪ .‬ﻗد ﯾﺑﺎح ﻟﺑﻌض اﻷﻓراد‬
‫اﻟذﯾن ﯾﺷﺗد ﺑﮭم اﻹﯾذاء ﺑﺻورة ﻻ ﯾﺗﺣﻣﻠوﻧﮭﺎ أن ﯾﻠﺟﺋوا ﻟﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت أو ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ اطﻣﺋﻧﺎن اﻟﻘﻠب ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن وﺑﺎﻟﺗزام‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﻛون ذﻟك اﺳﺗﺛﻧﺎء وﻟﯾس اﻟﻘﺎﻋدة ﻟﻠﻣﺟﻣوع ‪ .‬ﻓﺎﻷﺻل اﻟﻌزﯾﻣﺔ واﻟﺗرﺧص ھو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻷن اﻟدﻋوات ﺗﻘوم‬
‫ﻋﻠﻲ اﻟﻌزاﺋم وأوﻟﻲ اﻟﻌزم ﻻ ﻋﻠﻲ اﻟرﺧص واﻟﻣﺗرﺧﺻﯾن ‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ وأﺻﺣﺎﺑﮫ اﻟﻛرام اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ واﻷﺳوة اﻟطﯾﺑﺔ ﻓﺎﻟﺳﯾدة ﺳﻣﯾﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﺎ رﻓﺿت أن ﺗﻧطق‬
‫ﺑﻛﻠﻣﺔ اﻟﻛﻔر ﻛﻲ ﺗﺧﻠص ﻧﻔﺳﮭﺎ ‪ .‬وﺧﺑﺎب ﺑن اﻷرت رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎﻟوا ﻟﮫ أﺗﺣب أن ﯾﻛون ﻣﺣﻣد ﻣﻛﺎﻧك وأﻧت ﻣﻌﺎﻓﻰ ‪.‬‬
‫ﻓﻘﺎل وﻻ ﺑﺷوﻛﺔ ﯾﺷﺎﻛﮭﺎ ‪ .‬وﻣﺎ أﺟﻣل ﻗول اﻟﺷﺎﻋر ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ‪:‬‬
‫ﺑﻧﻌﻣﻲ وﺑؤﺳﻲ واﻟﺣوادث ﺗﻔﻌل‬ ‫ﻓﺈن ﺗﻛن اﻷﯾﺎم ﻓﯾﻧﺎ ﺗﺑدﻟت‬
‫وﻻ ذﻟّﻠﺗـﻧﺎ ﻟﻠﺗﻲ ﻟﯾس ﺗﺟﻣـل‬ ‫ﻓﻣﺎ ﻟﯾّﻧت ﻣﻧﺎ ﻗﻧﺎة ﺻﻠﯾﺑﺔ‬
‫‪ – 5‬أن ﺗؤدي اﻟﻣﺣن إﻟﻲ اﻟﻘﻌود ﻓﻲ اﻟطرﯾق وﻋدم ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺳﯾر ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺻل ھو اﻟﺛﺑﺎت وأن ﻧوطد أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺻﺑر‬
‫واﻟﺗﺣﻣل واﺳﺗﻣداد اﻟﻌون واﻟﺛﺑﺎت ﻣن ﷲ ‪ ،‬وإﻻ ﻟو ﺗﺻورﻧﺎ أن اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻌظﻣﻰ اﺗﺧذت ھذا اﻟﻣوﻗف وﻟم ﯾﺛﺑﺗوا ﻟﺗﻌرﺿت‬
‫اﻟﺣرﻛﺔ إﻟﻲ ﻣﺧﺎطر وﻷدي ذﻟك إن ﺗﺛﺑﯾط ھﻣم اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﺑﻌﻛس اﻷﺻل وھو اﻟﺛﺑﺎت واﺟﺗﯾﺎز اﻟﻣﺣن واﻟﺷداﺋد ﻓﺈﻧﮫ‬
‫ﯾﺑﻌث اﻟﻌزﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔوس ھذه اﻷﺟﯾﺎل ‪.‬‬
‫وﻣﻣﺎ ﯾﻌﯾن ﻋﻠﻲ اﻟﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن ﻋذاب ﷲ وﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻓﻧﺟد اﻟﻔﺎرق ﻛﺑﯾًرا ﺟدًا ﻓﺗﺣﻣل ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻧﺟﺎة ﻣن ﻋذاب‬
‫ﷲ وﻻ ﻧﺟﻌل ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻛﻌذاب ﷲ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪ . (:‬وﻟذﻟك ﻧري اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻛد ﻋﻠﻲ أﻧﮫ ﻣن ﺿرورﯾﺎت طرﯾق اﻟدﻋوة‬
‫اﻟﺛﺑﺎت وﺟﻌﻠﮫ رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﻛﻲ ﯾﻠزم ﻛل أخ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ وﻓﺎء ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ وﻋﮭده ﻣﻊ ﷲ ‪ ،‬وﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﻘﻌود‬
‫أو اﻟﺗﺧﻠﻲ ‪ ،‬وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﻘول ﺗﺣت رﻛن اﻟﺛﺑﺎت ‪ :‬أرﯾد ﺑﺎﻟﺛﺑﺎت أن ﯾظل اﻷخ ﻋﺎﻣﻼً ﻣﺟﺎھدًا ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻏﺎﯾﺗﮫ‬
‫ﻣﮭﻣﺎ ﺑﻌدت اﻟﻣدة وﺗطﺎوﻟت اﻟﺳﻧوات واﻷﻋوام ‪ ،‬ﻓﺈﻣﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ وإﻣﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ( واﻟوﻗت ﻋﻧدﻧﺎ ﺟزء ﻣن اﻟﻌﻼج ‪،‬‬
‫واﻟطرﯾق طوﯾﻠﺔ اﻟﻣدى ﺑﻌﯾدة اﻟﻣراﺣل ﻛﺛﯾرة اﻟﻌﻘﺑﺎت ‪ ،‬وﻟﻛﻧﮭﺎ وﺣدھﺎ اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻲ اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻊ ﻋظﯾم اﻷﺟر وﺟﻣﯾل‬
‫اﻟﻣﺛوﺑﺔ ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺗﻣﻧﻰ اﻟﻣﺣن وﻻ ﻟﻘﺎء اﻟﻌدو وﻧﺳﺄل ﷲ داﺋًﻣﺎ اﻟﻌﺎﻓﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﻛن إذا ﻟﻘﯾﻧﺎه وﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻹﯾذاﺋﮫ ﻧﺛﺑت وﻻ ﻧﺿﻌف ﻛﻣﺎ‬
‫وﺟﮭﻧﺎ اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ‪ .‬وﻗد ّﻣن ﷲ ﻋﻠﻲ إﺧوة ﺳﺑﻘوا ﻓﻲ اﻟطرﯾق وﺗﻌرﺿوا ﻟﻣﺣن ﺷدﯾدة ﻣن ﺳﺟن وﺗﻌذﯾب‬
‫وﻗﺗل وﻏﯾر ذﻟك وﺛﺑﺗﮭم ﷲ وﺣﺎﻓظوا ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء ﺑﺑﯾﻌﺗﮭم ‪ ،‬وﻣﻧﮭم ﻣن ﻗﺿﻲ ﻧﺣﺑﮫ وﻣﻧﮭم ﻣن ﻗﺿﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻋﺷرﯾن ﻋﺎًﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ھذه اﻻﺑﺗﻼءات دون أن ﺗﻠﯾن ﻟﮭم ﻗﻧﺎة ‪ ،‬وﺗﺄﺑﱠْوا ﻋﻠﻲ اﻹﻏراء ﺑﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻹﻓراج ﻋﻧﮭم ‪ ،‬وظﻠوا ﺣﺗﻰ ﻗﺿوا‬
‫ﻣدد اﻷﺣﻛﺎم وﺧرﺟوا ﻣن اﻟﺳﺟون واﻟﻣﻌﺗﻘﻼت ﻟﯾواﺻﻠوا اﻟﻌﻣل واﻟﺳﯾر ﺑﺎﻟدﻋوة دون وھن أو ﺿﻌف أو اﺳﺗﻛﺎﻧﺔ ‪ ،‬رﻏم‬
‫ﺗﻘدم اﻟﺳن وﺿﻌف اﻟﺻﺣﺔ ﺳﯾًرا ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟﻣﺟﺎھدﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن( وإﻧﮭم ﯾرﺟﻌون اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ﺛﺑﺎﺗﮭم وﺗﺣﻣﻠﮭم ‪ .‬ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ‬
‫وﺗﻌﺎﻟﻲ ﻻ ﻷﺷﺧﺎﺻﮭم وﯾرددون ) ( ‪.‬‬
‫‪ – 6‬ﯾﺣدث أن ﯾﺿﻌف أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن ﺑﻌض ﻣن ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻗﺑل اﻟﻣﺣن ‪ ،‬ﻓﯾظن اﻟﺑﻌض أن ذﻟك دﻟﯾل ﻋﻠﻲ‬
‫ﺳوء اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدات وأن اﻷﻣور ﺗﺳﯾر ھﻛذا ﺑدون دﻗﺔ أو ﺑﻣﺟﺎﻣﻼت أو ﻏﯾر ذﻟك وھذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ‪ .‬ﻓﺈن‬
‫ﻗدراﺗﻧﺎ ﻛﺑﺷر ﻻ ﺗﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن أن ﻧﻌرف أن ﻓﻼًﻧﺎ إذا ﺗﻌرض ﻟﻣﺣﻧﺔ ﺳﯾﺛﺑت أو ﻻ ﯾﺛﺑت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺳﺋوﻻً أو ﻻ ﯾﺧﺗﺎر ‪،‬‬
‫وﻟﻛن ﯾﺣدث اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾظﮭر واﻟﻘﻠوب واﻟﻐﯾب ﻋﻧد ﷲ ‪.‬‬
‫‪ – 7‬ﻣن اﻻﻧﺣراف أو اﻟﺧطﺄ أن ﻧﻌطل ﺣﻛﻣﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻣﺣن وھﻲ اﻟﺗﻣﺣﯾص وﺗﻣﯾﯾز اﻟرﺟﺎل ‪ ،‬وﯾﻛون ذﻟك ﺑﺄن ﻧﻘدم‬
‫ﻟﻠﻘﯾﺎدة أو ﻣواﻗﻊ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﺑﻌض ﻣن ﺿﻌﻔوا وﻟم ﯾﺛﺑﺗوا أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن ‪ ،‬وﻗد ﯾﻌﺎودھم اﻟﺿﻌف ﻋﻧد اﻟﺗﻌرض ﻟﺷدة أو ﻣﺣﻧﺔ‬
‫أﺧري ﻓﯾﻛون ﺿررھم وھم ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻛﺑﯾرا ‪.‬‬
‫‪ – 8‬ﻛذﻟك ﻣن اﻻﻧﺣراف أﻻ ﻧﻌذر ﻣن ﻟم ﯾﺗﺣﻣل اﻷذى ﻟﺷدﺗﮫ وﺑدا ﻣﻧﮫ ﺿﻌف دون أن ﯾﺗﺣول أو ﯾﻧﻘﻠب ﻋﻠﻲ ﻋﻘﺑﯾﮫ ‪.‬‬
‫ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﯾوﺻد اﻟﺑﺎب ﻓﻲ وﺟﮭﮫ أو ﯾﺣﺎل ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻟﻠدﻋوة ﻓﻘد ﺿﻌف ﺣﺎطب ﺑن أﺑﻲ ﺑﻠﺗﻌﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﻗد‬
‫وﺟدﻧﺎ اﻟﻣوﻟﻲ ﻋز وﺟل ﯾﺧﺎطﺑﮫ ﺑﻘوﻟﮫ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ ) ﯾﺄﯾﮭﺎ اﻟذﯾن آﻣﻧوا ‪ ( ...‬ﻓﻛﺎن ھذا ﺗﻌﻠﯾًﻣﺎ وﺗوﺟﯾًﮭﺎ ﻟﻠﺻف اﻟﻣﺳﻠم وﻟﻛن ﯾﺄﺧذ‬
‫اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎﺳب وﻻ ﯾﺣﻣل ﺗﻛﺎﻟﯾف أﻛﺛر ﻣن طﺎﻗﺗﮫ ‪ ،‬وﻻ ﺗوﻛل إﻟﯾﮫ ﺛﻐرات ﻟﮭﺎ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ‪.‬‬
‫‪ – 9‬وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل إزاء اﻟﻣﺣن أن ﯾﺻﺑﺢ ھﻣﻧﺎ ھو ﻛﯾف ﯾوﻗف اﻹﯾذاء واﻟﺗﻌذﯾب ﻋن اﻷﻓراد ﺑﺄي ﺻورة‬
‫وﻟو ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪ ،‬ﻛﺄن ﻧذل أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻷﺣد ﻣن اﻟظﺎﻟﻣﯾن أو ﻧﺑرم اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻓﯾﮭﺎ ﺗﻧﺎزل ﻋن ﺷﻲء ﻣن‬
‫أﺻول اﻟدﻋوة أو اﻷھداف أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﮫ ذﻟك ﻣﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرع واﻷﺻول اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪.‬‬
‫وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ أﺳوة ﺣﺳﻧﺔ ﻓﻘد رأي أﺻﺣﺎﺑﮫ ﯾﻌذﺑون وﻋرﺿوا ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﻠك واﻟﻣﺎل ورأﯾﻧﺎ رده ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه‬
‫اﻟﻣواﻗف ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﺎﻟدﻋوة وﻧﺟﺎﺣﮭﺎ ھو اﻷﺻل واﻟﻘﺻد وﻟﯾس اﻷﺷﺧﺎص ‪.‬‬
‫‪ -10‬وﺛﻣﺔ ﻧﻘطﺔ ھﺎﻣﺔ وﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮫ اﻟﺑﻌض ﺑﺄن ﯾظﻧوا أن اﻟﻣﺣن ﺿرﺑﺎت ﻗﺎﺻﻣﺔ أو ﻗﺎﺿﯾﺔ أو ﻣﻘﻌدة أو أﻧﮭﺎ‬
‫ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ھدم ﻟﻛل ﻣﺎ ﯾﺗم ﺑﻧﺎؤه ﺑﻣﺎ ﯾﺛﺑط اﻟﮭﻣم ﻓﻲ ﺑذل أي ﺟﮭد ﻣﺎداﻣت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ھﻛذا ھدم ﻟﻣﺎ ﯾﻘوم ﻣن ﺑﻧﺎء ‪.‬‬
‫إذ ﻻ ﯾﻌﻘل أن ﺗؤدي اﻟﻣﺣن إﻟﻲ ھذه اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻟﺗﺻورات اﻟﺧﺎطﺋﺔ واﻟﺿﺎرة ﺑﺎﻟدﻋوة واﻟدﻋﺎة وھﻲ ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات‬
‫إن ﷲ ﻗدرھﺎ ﻟﺗﻧﻔﻊ ﻻ ﻟﺗﺿر ‪ ،‬ﻟﺗﺑﻧﻲ وﺗﺻﻘل ﻻ ﻟﺗﮭدم ‪ ،‬ﻟﯾﺗﻘوى ﺑﮭﺎ اﻟدﻋﺎة ﻟﯾواﺻﻠوا اﻟﻣﺳﯾرة ﻓﻲ ﻋزم وﻗوة ﻻ ﻟﯾﻘﻌدوا‬
‫وﯾﺗوﻗﻔوا ‪ .‬إﻧﮭﺎ ﺗﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔوس واﻟﻧواﯾﺎ ﻣن اﻟﺷواﺋب واﻷﻏراض اﻟدﻧﯾوﯾﺔ ‪ .‬إﻧﮭﺎ ﺗظﮭر اﻟﺻف ﻣن ﻧﻘط اﻟﺿﻌف وﺗﻣﯾز ﺑﯾن‬
‫اﻟرﺟﺎل وﺑﯾن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن ﺑﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن واﻟﻛﺎذﺑﯾن ‪ .‬ﻟﯾﻘوم اﻟﺑﻧﺎء ﻋﺎﻟًﯾﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻠﻲ دﻋﺎﺋم ﻗوﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ‪ .‬ﻗد ﯾظن‬
‫اﻟﺑﻌض أن اﺳﺗﺷﮭﺎد اﻟﺷﮭداء ﺧﺳﺎرة ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻔﻘدھﺎ ھذه اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟطﯾﺑﺔ ‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ رﺑﺣت‬
‫ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭم اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر زادًا ووﻗودًا ﯾﺷﻌل ﺟذوة اﻹﯾﻣﺎن ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻣﺋﺎت واﻷﻟوف ﻣن اﻟﺷﺑﺎب اﻟﺟدد وﯾﻌوض ﷲ ﺑﮭم‬
‫اﻟﺻف أﺿﻌﺎﻓًﺎ ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ﻛﻣﺎ أن اﻟﺳﺟن وإن ﻛﺎن ﺗﺿﯾﯾًﻘﺎ وﺗﻌطﯾﻼً ﻟﻠطﺎﻗﺎت وﻟﻛﻧﮫ ﻣدرﺳﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات‬
‫وﻓرﺻﺔ ﻹﻋداد اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻣﺣﺻﺔ اﻟﻣﺗﺟردة اﻟﺻﺎﺑرة ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗﺿرب اﻟﻣﺛل واﻟﻘدوة ﻓﻲ اﻟﺛﺑﺎت ﻋﻠﻲ اﻟﺣق رﻏم اﻟﺷداﺋد‬
‫وطول اﻟزﻣن ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ‪. (:‬‬
‫وإذا اﻧﺣﺳر ﻧﺷر اﻟدﻋوة ﺑﻌض اﻟﺷﻲء أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن وھو اﻹﻧﺗﺎج اﻷﻓﻘﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺣدث ﺗﻌوﯾض ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ‬
‫واﻟﺗﻛوﯾن وﺻﻘل اﻟﻧﻔوس وﺗزﻛﯾﺗﮭﺎ ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد رأﯾﻧﺎ ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن اﻧﺗﺷﺎر أﻓراد ﻣن اﻟذﯾن ﺷردوا وطردوا ﻓﻲ أﻧﺣﺎء‬
‫ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻣن اﻟﻌﺎﻟم وﻧﺷروا اﻟدﻋوة ﻓﻲ ھذه اﻷﻧﺣﺎء وﺑﺎرك ﷲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮭم وإﻧﺗﺎﺟﮭم ‪ ،‬ﻓﮭﻲ دﻋوة ﷲ وﻧور ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ‬
‫ﻧور ﷲ ﺑﺷر ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺎس ﻗوة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻛﺛرة اﻟدور واﻟﻼﻓﺗﺎت واﻟﻣؤﺗﻣرات واﻟﮭﺗﺎﻓﺎت وﻟﻛن ﺑﺎﻟﻘﻠوب اﻟﻣؤﻣﻧﺔ‬
‫اﻟﺻﺎدﻗﺔ اﻟﻣﺟﺎھدة ‪.‬‬
‫‪ -11‬وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن أن ﻧﺗوﻗف ﻋن اﻟدﻋوة إﻟﻲ ﷲ واﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﺗﻌرض إﻟﻲ‬
‫أذى ﺟدﯾد ‪ .‬وھﺎ ھو رﺳوﻟﻧﺎ وﻗﺎﺋدﻧﺎ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻛﺎن ﯾدﻋو اﻟﻣﺷرﻛﯾن وﯾﺗﻌرض ﻟﻸذى اﻟﻣرة ﺑﻌد اﻟﻣرة دون أن‬
‫ﯾﺗوﻗف ‪ .‬ﻓﻌﻠﯾﻧﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن أن ﻧواﺋم ﺑﯾن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟدﻋوة واﻟﺣرﻛﺔ وﺑﯾن اﻟظروف ﻣﺎ أﻣﻛن دون ﺗوﻗف وإﻻ ﻧﻛون ﺑذﻟك ﻗد‬
‫ﺣﻘﻘﻧﺎ ﻣﺎ ﯾرﯾده اﻷﻋداء ﻣن ھذا اﻹﯾذاء ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ " -12‬ﻛذﻟك ﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﺣن ﺳﺑًﺑﺎ ﻓﻲ أن ﻧﻘﺻر ﻧﺷﺎطﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﯾر اﻷﻋداء أو اﻟﺣﻛﺎم ﻛﺎﻟﻌﺑﺎدة واﻟﻌﻠم‬
‫واﻟذﻛر ﻣﺛﻼ وﻧﺗرك اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ ﯾﺗﺧوف ﻣﻧﮫ اﻷﻋداء وﻟﻛن ﯾﻣﻛن ﻓﻘط ﺗرﺗﯾب أوﻟوﯾﺎت‬
‫اﻟﻌﻣل دون اﺳﺗﺑﻌﺎد ﻟﺷﻲء ﻣن ذﻟك ‪.‬‬
‫‪ -13‬وأﺧﯾًرا وﻟﯾس آﺧًرا أن ﯾﺗطرق اﻟﯾﺄس إﻟﻲ ﺑﻌض اﻷﻓراد ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن وﺷدﺗﮭﺎ وطوﻟﮭﺎ ‪ ،‬وﺗﺿﻌف اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﷲ‬
‫وﺗﺄﯾﯾده ‪ ،‬واﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل وﻣﺎ ﻧﺄﻣل أن ﻧﺣﻘﻘﮫ ﻓﯾﮫ ﻣن أھداف ﻓﺎﻷﺻل أﻻ ﺗﺗﺄﺛر ھذه اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺳﺑب ﻣﺎ ﻧﺗﻌرض ﻟﮫ ﻣن أذي‬
‫اﻷﻋداء وﻛﯾدھم ‪ ،‬وﻻ ﻧﻧظر ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ ﻣن زاوﯾﺔ أﻧﮭم ﯾﺣﺎرﺑون أﺷﺧﺎﺻﻧﺎ وأﺟﺳﺎدﻧﺎ وﻟﻛﻧﮭم ﯾﺣﺎرﺑون ﷲ ودﻋوة ﷲ ﻓﻲ‬
‫أﺷﺧﺎﺻﻧﺎ( واﻟﺳﯾرة واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻛﯾف ﻧﺻر ﷲ اﻟﻘﻠﺔ اﻟﻣؤﻣﻧﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻛﺛرة اﻟﻛﺎﻓرة رﻏم ﻣﺎﻻﻗوه ﻣن ﻋﻧت وإﯾذاء( ‪.‬‬
‫ﻓرﻏم ﻣﺎ ﺗﻌرض ﻟﮫ اﻟﻣﺳﻠﻣون اﻷول ﻣن إﯾذاء وﺗﻌذﯾب وﻗﺗل ﻓﻲ ﻣﻛﺔ ﻓﻘد ﻧﺻرھم ﷲ وﺗطﮭرت اﻟﺟزﯾرة ﻣن اﻟﺷرك‬
‫واﻷﺻﻧﺎم وأﺟﻠﻲ اﻟﯾﮭود وﻓﺗﺣت اﻟﻔرس وﺗﺑدد اﻟظﻼم وﻋم ﻧور اﻹﺳﻼم ‪ .‬واﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺗؤﻛد اﻟﺛﻘﺔ ﺑﻧﺻر ﷲ رﻏم اﻟﺷدة‬
‫واﻟزﻟزﻟﺔ( ‪ .‬وﻗد دﻟﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻧﻧﺎ إذا رأﯾﻧﺎ اﻟﻌﻘﺑﺎت ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق ﻧﺗذﻛر ﺑﺟوارھﺎ ﻋواﻣل اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﺑت أﻣﺎﻣﮭﺎ‬
‫ﻋﻘﺑﺔ وھﻲ ‪:‬‬
‫أ – أﻧﻧﺎ ﻧدﻋو ﺑدﻋوة ﷲ وھﻲ أﺳﻣﻰ اﻟدﻋوات وﻧﻧﺎدي ﺑﻔﻛرة اﻹﺳﻼم وھﻲ أﻗوى اﻟﻔﻛر ‪ .‬وﻧﻘدم ﻟﻠﻧﺎس ﺷرﯾﻌﺔ ﷲ وھﻲ‬
‫(‪.‬‬ ‫أﻋدل اﻟﺷراﺋﻊ‬
‫ب – وأن اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻲ ھذه اﻟدﻋوة وﻛل ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﯾﻣﮭد ﻟﮭﺎ وﯾﮭﯾﺊ ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ ‪.‬‬
‫ج – وأﻧﻧﺎ ﺑﺣﻣد ﷲ ﺑراء ﻣن اﻟﻣطﺎﻣﻊ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﻌﯾدون ﻋن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟذاﺗﯾﺔ وﻻ ﻧﻘﺻد إﻻ وﺟﮫ ﷲ وﺧﯾر اﻟﻧﺎس وﻻ‬
‫ﻧﻌﻣل إﻻ اﺑﺗﻐﺎء ﻣرﺿﺎﺗﮫ ‪.‬‬
‫د – وأﻧﻧﺎ ﻧرﻗب ﺗﺄﯾﯾد ﷲ وﻧﺻرﺗﮫ ‪ ،‬وﻣن ﻧﺻره ﷲ ﻓﻼ ﻏﺎﻟب ﻟﮫ ‪ .‬ﻓﻘوة دﻋوﺗﻧﺎ وﺣﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﯾﮭﺎ وﻧﺑﺎﻟﺔ ﻣﻘﺻدﻧﺎ‬
‫وﺗﺄﯾﯾد ﷲ إﯾﺎﻧﺎ ھﻲ ﻋواﻣل اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﺑت أﻣﺎﻣﮭﺎ ﻋﻘﺑﺔ وﻻ ﯾﺗوﻗف ﻓﻲ طرﯾﻘﮭﺎ ﻋﺎﺋق‪.‬‬
‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻣن ‪87 -‬‬
‫ﺣول اﻟﻣوﻗف أﻣﺎم اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم‬
‫ﺣول اﻟﻣوﻗف أﻣﺎم اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻠم أن أﻋداء اﻹﺳﻼم ﻛﺛﯾرون وأن ﻋﻧدھم ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﻘـوة وأﻧـواع اﻷﺳـﻠﺣﺔ اﻟﻛﺛﯾـرة وﯾﺳـﺧرون اﻟﻌﻠـم ﻓـﻲ اﺳـﺗﺣداث‬
‫أﻧ ـواع ﺟدﯾ ـدة ﻣ ـن اﻷﺳ ـﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗط ـورة واﻷﺷ ـد ﻓﺗًﻛ ـﺎ وﺗ ـدﻣﯾًرا ‪ ،‬ﻛﻣ ـﺎ ﯾﺳ ـﺗﺧدﻣون أﺳ ـﺎﻟﯾب اﻟﺣ ـرب اﻟﻧﻔﺳ ـﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻ ـﺎدﯾﺔ‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻹﻋﻼﻣﯾﺔ وأﺳﻠوب اﻟﻔرﻗـﺔ وإﺛـﺎرة اﻟﺧـﻼف ﺑـﯾن طواﺋـف اﻟﻣﺳـﻠﻣﯾن ودوﻟﮭـم ‪ .‬ﻛـل ھـذا ﻣﻌﻠـوم وﻻ ﻣﺣـﯾص‬
‫ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم ﻣن اﻟوﻗوف ﻓﻲ وﺟﮫ ھؤﻻء اﻷﻋداء ‪ ،‬وإﻻ ﻛﯾف ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺗﮫ دون ھذه اﻟﻣواﺟﮭﺔ‬
‫ﻋﺎ ودﻓﻌًﺎ ﻟﻠﻌﻘﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘف ﻓـﻲ طرﯾـق ﺗﺑﻠﯾـﻎ دﻋـوة ﷲ ﻟﻠﻧـﺎس ﻛﺎﻓـﺔ ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وﻟﯾس اﻋﺗداء وﺑدًءا ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم وﻟﻛن دﻓﺎ ً‬
‫وإزاء اﻟﻣوﻗف ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻋداء ﷲ وﻗوﺗﮭم ﻗد ﺗﺣدث اﻧﺣراﻓﺎت أو ﺗﺻورات ﺧﺎطﺋﺔ ﻧﻧﺑﮫ إﻟﯾﮭﺎ ﻟﺗﻔﺎدﯾﮭﺎ ‪.‬‬
‫ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ﻣوﻗف اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم ‪:‬‬
‫‪ – 1‬اﺳﺗﻌظﺎم ﻗوة اﻷﻋداء ‪ :‬أن ﻧﺳﺗﻌظم ﻗوة اﻷﻋداء ﻓﻲ أﻋﯾﻧﻧﺎ وﺗﻘدﯾرﻧﺎ – ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻘوﺗﻧﺎ – ﺑﺻورة ﺗرﺗب اﻟﺧوف أو‬
‫اﻟرھﺑﺔ واﻟﺿﻌف أﻣﺎﻣﮭم أو اﻷﺣﺟﺎم ﻋن ﻣواﺟﮭﺗﮭم ‪ ،‬أو ﺑﺻورة ﺗدﻋو إﻟﻲ اﻟﺳﱠﻠم واﻻﺳﺗﺳﻼم ‪ ،‬واﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻘر ﻓﻲ‬
‫اﻷذھﺎن أﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد اﻟﻘوة واﻟﺗﺄﯾﯾد ﻣن ﷲ( وأن ﻗوي اﻷﻋداء ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﻻ ﺗزن ﺷﯾﺋﺎ أﻣﺎم ﻗوة ﷲ ‪ .‬وأن ﷲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻲ أن ﯾﻧﺗﺻ ر‬
‫( وﯾﻘول‪(:‬‬ ‫ﻣن اﻷﻋداء دون ﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻣﻧﺎ ( ‪ .‬وﯾدﻋوﻧﺎ إﻟﻲ اﻻﻋﺗزاز ﺑﺗﺄﯾﯾده وأﻻ ﻧﮭن أﻣﺎم اﻷﻋداء‬
‫ﺿﺎ اﻟﺗﮭوﯾن ﻣن ﻗوة اﻷﻋداء ﺑﺻورة ﺗدﻋو إﻟﻲ ﻋدم اﻻﺳﺗﻌداد اﻟﻣﻧﺎﺳب ﺑﻣﺎ‬ ‫‪ – 2‬ﺗﮭوﯾن ﻗوة اﻷﻋداء ‪ :‬وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل أﯾ ً‬
‫ﺿﺎ وﺧطﺄ ‪ .‬ﻓﻘد ﻛﺎن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ‬ ‫ﯾﻌرض ﻗوة اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ أو اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ أو اﻹﺑﺎدة ﻓذﻟك ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓﺎ ً أﯾ ً‬
‫ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾﮭﺗم ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻗوة أﻋداﺋﮫ وﻋددھم ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻏزوة ﺑدر وﻋرف اﻟﻌدد ﻋن طرﯾق ﻣﺎ ﯾﻧﺣروﻧﮫ ﻣن إﺑل ‪،‬‬
‫وﻛﺎن ﯾﺑث اﻟﻌﯾون ﻻﺳﺗطﻼع أﺣوال اﻷﻋداء ﻷﺧذ اﻟﺣﯾطﺔ ورﺳم اﻟﺧطﺔ ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﺳوء اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدات اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ‪ :‬ﺑﺄن ﺗﻛون ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن واﻷﻛﻔﺎء ﻓﯾﻧﻌﻛس ذﻟك ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﮭﺎدي‬
‫وﯾرﺗب ھزاﺋم وﺧﺳﺎﺋر ﻓﺎدﺣﺔ ﻓﺎﻟواﺟب اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻗوة اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻘدرة اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻛﻔﺎءة‬
‫ﺿﺎ ﺧطﯾرة ‪ .‬وﻗد اﺧﺗﺎر رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺧﺎﻟدًا‬ ‫اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ دون ﻣﺟﺎﻣﻼت ﻓﺎﻟﻘﺿﯾﺔ ﺧطﯾرة وﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ أﯾ ً‬
‫ﻟﻛﻔﺎءﺗﮫ وأﺑﻘﻲ ﻋﻠﯾﮫ ‪ ،‬وﺳﺋل اﻹﻣﺎم أﺣﻣد ﻋن ‪ :‬اﻟﺟﻠد اﻟﻌﺎﺻﻲ ‪ ،‬واﻟﺿﻌﯾف اﻟﺗﻘﻲ ﻓﻘدم اﻟﺟﻠد ‪ ،‬وﻗﺎل ﻣﻌﺻﯾﺗﮫ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺳﮫ‬
‫وﺟﻠده ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن واﻟﺗﻘﻲ ﺗﻘواه ﻟﻧﻔﺳﮫ ‪ ،‬وﺿﻌﻔﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ – 4‬وﻣن اﻻﻧﺣراﻓﺎت ﻓﻲ ھذه اﻟﻣواﻗف اﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺧﻼف ﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﯾﺎدات ﻓﻐﺎﻟًﺑﺎ ﻣﺎ ﯾؤدي ذﻟك إﻟﻲ اﻟﻔﺷل واﻟﮭزﯾﻣﺔ‬
‫( وﯾﻘول ‪ . ( :‬وﻻ ﯾﻛون ذﻟك إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺣﺎم واﻟﺗﻌﺎون وﻋدم اﻟﺧﻼف ‪.‬‬ ‫وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾوﺟﮭﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻓﯾﻘول‬
‫وﻛﺎن ﻣن وﺻﺎﯾﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺑﻌوث اﻟدﻋوة واﻟﺟﮭﺎد " ﺗطﺎوﻋوا وﻻ ﺗﺧﺗﻠﻔوا " ‪.‬‬
‫‪ – 5‬وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء واﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم وﺿﻊ اﻟﺧطط اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻲ دراﺳﺎت وﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﻘدﯾر‬
‫ﺳﻠﯾم ﻟﻠﻣوﻗف ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺣرب اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﻧوﻋت وﺗطورت وﺗﺣﺗﺎج داﺋًﻣﺎ إﻟﻲ اﻟﺗﺧطﯾط ودراﺳﺔ اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت وأﺳﺎﻟﯾب‬
‫اﻷﻋداء واﻹﻓﺎدة ﻣن اﻟدروس واﻷﺧطﺎء ‪.‬‬
‫‪ – 6‬اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣﺛﺑطﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن واﻟﺗﺄﺛر ﺑﺗﺛﺑﯾطﮭم وﺻدق ﷲ اﻟﻌظﯾم( ﻓﯾﻠزم اﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟداﺋم ﻋﻠﻲ ﺻف اﻟﻣﺟﺎھدﯾن‬
‫ﻣن اﻟﻣﺛﺑطﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻف ﻣن ﺗﺄﺛﯾرھم وﺗطﮭﯾر اﻟﺻف ﻣﻧﮭم ‪.‬‬
‫‪ – 7‬اﻹﻋﺟﺎب ﺑﺎﻟﻛﺛرة ‪ :‬وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء اﻹﻋﺟﺎب ﺑﺎﻟﻛﺛرة أو ﺑوﻓرة اﻟﺳﻼح واﻟﻛﻔﺎءات اﻟﻔﻧﯾﺔ‬
‫وﺗﺣﻘق اﻟﺗدرﯾب اﻟﺟﯾد إﻟﻲ آﺧر ھذه اﻷﺳﺑﺎب وإﻏﻔﺎل أن اﻟﻧﺻر ﻣن ﻋﻧد ﷲ وﻟﯾس ﻣن ھذه اﻷﺷﯾﺎء وأﻧﮫ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﻌرض‬
‫ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ إذا وﻛﻠﻧﺎ ﷲ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ وھذه ھذه اﻷﺷﯾﺎء وأﻧﮫ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﻌرض ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ إذا وﻛﻠﻧﺎ ﷲ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ وھذه اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ‬
‫ﺗﺛﺑت ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ( ‪.‬‬
‫‪ – 8‬اﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض ‪ :‬وﻣن اﻻﻧﺣراف اﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض وﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻧﻔﯾر اﻟﻌﺎم ﻓﺈن ذﻟك ﯾﻌرض اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن‬
‫ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ وﺗﻣﻛن اﻷﻋداء ‪ ،‬ﻟﮭذا ﯾﺣذر ﷲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن ذﻟك وﯾﻧذرھم وﺗﻣﻛن اﻷﻋداء ‪ ،‬ﻟﮭذا ﯾﺣذر ﷲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن ذﻟك‬
‫وﯾﻧذرھم ﺑﺎﻟﻌذاب اﻷﻟﯾم إن ﻓﻌﻠوا ( ‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﯾؤدي إﻟﻲ ھزﯾﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺗﻣﻛن‬ ‫‪ – 9‬ﺗوﻟﱠﻲ اﻷدﺑﺎر ﻋﻧد اﻟزﺣف إﻻ ﻣﺗﺣرﻓًﺎ ﻟﻘﺗﺎٍل أو ﻣﺗﺣﯾًزا إﻟﻲ ﻓﺋﺔ ﻓﺈن ذﻟك أﯾ ً‬
‫( ‪ .‬وﻗد ﯾظن اﻟﻔﺎﱡر أن ذﻟك ﯾطﯾل ﻋﻣره وﯾﻧﻔﻌﮫ ﺑﺣﯾﺎة أطول‬ ‫اﻷﻋداء وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋن دﯾﻧﮭم‬
‫وﻋﯾش أﻟﯾن ‪ ،‬وﻣﺗﻊ أﻟذ وﻟﻛن ھذا ﺳراب وﺧﺳﺎر ( ‪.‬‬
‫‪ -10‬اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻐرور واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻧد ﺗﺣﻘق ﻧﺻر ﻋﻠﻲ اﻷﻋداء وﻟﻛن ﺷﻛر ﷲ واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌزة ﻣﻊ اﻟﺗواﺿﻊ وھﺎ ھو‬
‫رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﻷﺳوة اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻋﻧدﻣﺎ دﺧل ﻣﻛﺔ ﻓﺎﺗًﺣﺎ ﻣﻧﺗﺻًرا ﻛﺎن ﻣﺗواﺿﻌًﺎ ﻣطﺄطﺊ اﻟرأس ﺧﺷوﻋﺎ ً ‪.‬‬
‫واﻋﺗراﻓًﺎ ﺑﻔﺿﻠﮫ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ھذا اﻟﻧﺻر( ‪.‬‬
‫‪ -11‬وﻣن أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻹﺣﺑﺎط اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﻧﮭزام اﻟداﺧﻠﻲ ﻋﻧد وﻗوع ھزﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎرك أو‬
‫أﻛﺛر ‪ ،‬ﻓﻠﯾس ھذا ﻣن ﺷﯾم اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ‪ ،‬ﻓذﻟك ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺿﻌف اﻟروح اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ وﯾﺛﯾر اﻟﻠﻐط واﻟﺗﻼوم واﻟﺧﻼف وﻗد ﯾؤدي‬
‫إﻟﻲ اﻟﻔﺷل أو اﻟﯾﺄس ‪ .‬وﻟﻧﻧظر إﻟﻲ ﻣوﻗف اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﻌد ھزﯾﻣﺔ أﺣد وﻛﯾف طﻠب ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن‬
‫ﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻓﻲ ) ﺣﻣراء اﻷﺳد ( ‪ ،‬ﺛم ﻧﺟد ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾﻌﺎﻟﺞ أﺛر اﻟﮭزﯾﻣﺔ ﺑﻘوﻟﮫ( ‪.‬‬
‫ھﻛذا ﻟﯾﻌﻠم اﻟذﯾن آﻣﻧوا وﺻﺑروا ﻋﻠﻲ اﻟﺷداﺋد وﻟم ﯾﺿﻌﻔوا أو ﯾﺗﺧﺎذﻟوا ‪ .‬ﻛﻣﺎ أﺛﻧﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮭم ﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺗﮭم ﻟﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﻛﻔﺎر‬
‫( ‪ .‬وﻛﯾف ﯾﺿﻌف اﻟﻣؤﻣن أﻣﺎم أﻟم ﺗﻌرض ﻟﻣﺛﻠﮫ ﻋدوه ﻟﻛن اﻟﻣؤﻣن ﻣوﻋود‬ ‫رﻏم ﻣﺎ ﻓﯾﮭم ﻣن ﺟراح‬
‫ﻣن ﷲ ﺑﺄﺟر ﻋظﯾم وﺛواب ﺟزﯾل ھو رﺟﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن )‬

‫(‪.‬‬
‫ﺧـﺎﺗــﻣـﺔ‬
‫وﺑﻌد ﻓﮭذا ﺟﮭد اﻟﻣﻘل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺗوﺿﯾﺢ أﺻﺎﻟﺔ طرﯾق اﻟدﻋوة واﻻﻧﺣراﻓﺎت ﻋﻧﮫ ‪ ،‬أﺳﺄل ﷲ أن ﯾﻧﻔـﻊ ﺑـذﻟك وأن ﯾﺟﻧﺑﻧـﺎ‬
‫اﻟزﻟل وأﺧﺗم ھذه اﻟﺟوﻟﺔ ﺑﺗوﺟﯾﮫ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻧﻔﻌﻧﺎ ﷲ ﺑﮫ ‪:‬‬
‫" أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان ‪ :‬آﻣﻧوا ﺑﺎ‪ .‬واﻋﺗزوا ﺑﻣﻌرﻓﺗﮫ واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮫ واﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﯾﮫ ‪ ،‬ﻓﻼ ﺗﺧﺎﻓوا ﻏﯾره وﻻ‬
‫ﺗرھﺑوا ﺳواه وأدوا ﻓراﺋﺿﮫ واﺟﺗﻧﺑوا ﻧواھﯾﮫ ‪ .‬وﺗﺧﻠﻘوا ﺑﺎﻟﻔﺿﺎﺋل وﺗﻣﺳﻛوا ﺑﺎﻟﻛﻣﺎﻻت وﻛوﻧوا أﻗوﯾﺎء‬
‫ﺑﺄﺧﻼﻗﻛم أﻋزاء ﺑﻣﺎ وھب ﷲ ﻟﻛم ﻣن ﻋزة اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﻛراﻣﺔ اﻷﺗﻘﯾﺎء اﻟﺻﺎﻟﺣﯾن ‪ .‬وأﻗﺑﻠوا ﻋﻠﻲ اﻟﻘرآن‬
‫ﺗﺗدارﺳوﻧﮫ ‪ ،‬وﻋﻠﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﻣطﮭرة ﺗﺗذاﻛروﻧﮭﺎ ‪ ،‬وﻛوﻧوا ﻋﻣﻠﯾﯾن ﻻ ﺟدﻟﯾﯾن ‪ ،‬ﻓﺈذا ھدي ﷲ ﻗوًﻣﺎ أﻟﮭﻣﮭم‬
‫اﻟﻌﻣل ‪ ،‬وﻣﺎ ﺿل ﻗوم ﺑﻌد ھدي ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أوﺗوا اﻟﺟدل ‪ .‬وﺗﺣﺎﺑوا ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛم ‪ ،‬واﺣرﺻوا ﻛل اﻟﺣرص‬
‫ﻋﻠﻲ راﺑطﺗﻛم ﻓﮭﻲ ﺳر ﻗوﺗﻛم وﻋﻣﺎر ﻧﺟﺎﺣﻛم ‪ ،‬واﺛﺑﺗوا ﺣﺗﻰ ﯾﻔﺗﺢ ﷲ ﺑﯾﻧﻛم وﺑﯾن ﻗوﻣﻛم ﺑﺎﻟﺣق وھو ﺧﯾر‬
‫اﻟﻔﺎﺗﺣﯾن ‪ .‬واﺳﻣﻌوا وأطﯾﻌوا ﻟﻘﯾﺎدﺗﻛم ﻓﻲ اﻟﻌﺳر واﻟﯾﺳر واﻟﻣﻧﺷط واﻟﻣﻛره ‪ ،‬ﻓﮭﻲ رﻣز ﻓﻛرﺗﻛم وﺣﻠﻘﺔ‬
‫اﻻﺗﺻﺎل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛم ‪ .‬وﺗرﻗﺑوا ﺑﻌد ذﻟك ﻧﺻر ﷲ وﺗﺄﯾﯾده ‪ ،‬واﻟﻔرﺻﺔ آﺗﯾﺔ ﻻ رﯾب ﻓﯾﮭﺎ )‬

‫‪29‬‬

You might also like