Professional Documents
Culture Documents
Buku Arab - Bainal Asolah
Buku Arab - Bainal Asolah
) أﯾﮭﺎ اﻟﺷﺑﺎب :إن آﻣﻧﺗم ﺑﻔﻛرﺗﻧﺎ واﺗﺑﻌﺗم ﺧطواﺗﻧﺎ وﺳﻠﻛﺗم ﻣﻌﻧﺎ ﺳﺑﯾل اﻹﺳﻼم اﻟﺣﻧﯾف ،وﺗﺟردﺗم ﻣن ﻛل ﻓﻛرة ﺳوي
ذﻟك ،ووﻗﻔﺗم ﻟﻌﻘﯾدﺗﻛم ﻛل ﺟﮭودﻛم ﻓﮭو اﻟﺧﯾر ﻟﻛم ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻵﺧرة ،وﺳﯾﺣﻘق ﷲ ﺑﻛم إن ﺷﺎء ﷲ ﻣﺎ ﺣﻘق أﺳﻼﻓﻛم ﻓﻲ
اﻟﻌﺻر اﻷول ،وﺳﯾﺟد ﻛل ﻋﺎﻣل ﺻﺎدق ﻣﻧﻛم ﻓﻲ وإن أﺑﯾﺗم إﻻ اﻟﺗذﺑذب واﻻﺿطراب واﻟﺗردد ﺑﯾن اﻟدﻋوات اﻟﺣﺎﺋرة
واﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ،ﻓﺈن ﻛﺗﯾﺑﺔ ﷲ ﺳﺗﺳﯾر ﻏﯾر ﻋﺎﺑﺋﺔ ﺑﻘﻠﺔ وﻻ ﺑﻛﺛرة " (Al-Imran 126).
1
ﻛذﻟك ﻣن ﻋﻠم ﻣﺳﺑﻘﺎ ً أن ﺑﮫ ﻣراﺣل وﻋرة ﻣوﺣﺷﺔ ،ﻻ ﯾﻧزﻋﺞ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾواﺟﮫ ﺗﻠك اﻟﻣراﺣل ﺑل ﯾطﻣﺋن ﻷﻧﮭﺎ دﻟﯾل ﻋﻠﻲ
ﺳﻼﻣﺔ ﺳﯾره ﻓﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺣﯾث أﻧﮭﺎ ﻣن ﻣﻌﺎﻟﻣﮫ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ " " .وإذا ﻋﻠﻣﻧﺎ أن ﺳﻠوك اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺳﺗﺑذل ﻓﯾﮫ
ﺟﮭود ﻛﺛﯾرة وﺗﻘدم ﻓﯾﮫ ﺗﺿﺣﯾﺎت ﺿﺧﻣﺔ ،ﻛﻠﻣﺎ دﻋﺎ ذﻟك إﻟﻲ ﺗﺟﻧب أي اﻧﺣراف ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺧطﯾرة
وﺧﺳﺎﺋر ﻓﺎدﺣﺔ .ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺗﺑﯾن أھﻣﯾﺔ ﻣوﺿوﻋﻧﺎ ھذا وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻟطرﯾق ھو طرﯾق اﻟدﻋوة .
طرﯾق اﻟدﻋوة :
وﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﻘول طرﯾق اﻟدﻋوة ،إﻧﻣﺎ ﻧﻌﻧﻲ ﺑﮫ اﻟطرﯾق إﻟﻲ ﷲ ،وإﻟﻲ رﺿواﻧﮫ وﺟﻧﺎﺗﮫ ،اﻟطرﯾق اﻟذي ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮫ رﺳول
ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،ورﺳل ﷲ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ،ﺳﺑﯾل اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،ﺻراط ﷲ اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم ،وﺻدق ﷲ اﻟﻌظﯾم " " وﻋﻠﻲ
طرﯾق اﻟدﻋوة ﻧﺳﻌﻰ إﻟﻲ أﺳﻣﻲ ﻏﺎﯾﺔ وإﻟﻲ أﻋظم ھدف ،ﻓﺎ .ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ،وﻧﮭدف إﻟﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض وإﻗﺎﻣﺔ
دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم " .وراﺋدﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺎدق اﻷﻣﯾن ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺧﯾر ﻗدوة .ﻣن أﺟل ذﻟك ﻛﺎن اﻋﺗزازﻧﺎ ﺑﮭذا
اﻟطرﯾق واﻟﺗزاﻣﻧﺎ ﺑﮫ ﺗﺣﻣﻠﻧﺎ ﻟﻣﺷﺎﻗﮫ ،وﺻﺑرﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﯾر ﻓﯾﮫ ﻣﮭﻣﺎ طﺎل ،وﻟن ﻧﻌدل ﻋﻧﮫ – ﺑﺈذن ﷲ – وﻟن ﻧرﺿﻲ
ﺑﻐﯾره ﺑدﯾﻼ .وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧﻠﻘﻲ ﺑﻌض اﻷﺿواء ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﻗﺑل أن ﻧﺗﻧﺎول اﻻﻧﺣراﻓﺎت وطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ .
ﻓﻣﻧذ ﻓﺗرة ﻏﯾر ﻗﺻﯾرة وﻓﻲ ظل ﻣﺎ ﯾﺳﻣوﻧﮫ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﺳﺗﺧراب – ﻣن ﻗﺑﯾل أﺳﻣﺎء اﻷﺿداد وذﻟك
ﺑﺎﺣﺗﻼل أﻋداء ﷲ ﻟﺑﻼد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺟﯾوﺷﮭم ،وأﺛﻧﺎء ﺣﻛم ﻣن أﻋدوھم ﻣن ﺣﻛﺎم ﻣن أﻋدوھم ﻣن ﺣﻛﺎم ﯾﻧﻔذون ﻣﺧططﺎﺗﮭم
ﺑﻌد ﺟﻼء ﺟﯾوﺷﮭم ،ﺗﻌرض اﻹﺳﻼم أﺛﻧﺎء ﺗﻠك اﻟﻔﺗرات إﻟﻲ ﺣﻣﻼت ﻣﻧظﻣﺔ وﻣﻛﺛﻔﺔ ﻣن اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﺗﺣرﯾف واﻟﺗﺷوﯾﮫ
واﻟﺗﻔرﯾﻎ ﻣن ﻣﺣﺗواه اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ،واﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻲ رﻣوز ﺷﻛﻠﯾﺔ وﺗﺷﺟﯾﻊ ﻟﻠﺑدع واﻟﺧراﻓﺎت وأﺻﺣﺎﺑﮭﺎ .وأﺳﻘطت اﻟﺧﻼﻓﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺑﺗﺂﻣر ﻣن أﻋداء ﷲ ﻣﻊ ﻋﻣﯾﻠﮭم اﻟﺧﺎﺋن ﻣﺻطﻔﻲ ﻛﻣﺎل واﻟذي ﯾﻌﺗﺑره – ﻟﻸﺳف اﻟﺷدﯾد – ﺑﻌض ﺣﻛﺎﻣﻧﺎ ﻣﺛﻼ
وﻗدوة ﻟﮭم .وﺗﻛﺎﺛرت ﻋﻠﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣوﺟﺎت ﻣن اﻟظﻼم .ظﻼم ﻣن اﻟﻐرب اﻟﺻﻠﯾﺑﻲ اﻟﻣدﻓوع واﻟﻣﺧطط ﻟﮫ ﻣن ﻗﺑل
اﻟﯾﮭود ،وﻛذا ظﻼم ﻣن اﻟﺷرق اﻟﻣﻠﺣد اﻟﻣﺻﻧوع ﻋﻠﻲ أﯾدي اﻟﯾﮭود أﺷد اﻟﻧﺎس ﻋداوة ﻟﻠذﯾن آﻣﻧوا ،وھﻛذا طﻣﺳت ﻣﻌﺎﻟم
اﻟطرﯾق أو ﻛﺎﻧت أﻣﺎم اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ،وﺗﺷﺗﺗت اﻟﻐﺎﯾﺎت وﺗﻌددت اﻟراﯾﺎت ،واﺷﺗدت اﻟدﻋﺎﯾﺎت ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻷرﺿﯾﺔ اﻟﻘﺎﺻرة
،وﺗﺄﺛر ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺑرﯾق اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟزاﺋﻔﺔ .
وﻟﻛن وﺳط ھذا اﻟظﻼم اﻟداﻣس اﻟﻣﺗﻼطم اﻟﻣوﺟﺎت وﯾُﻌَْﯾد ﺳﻘوط اﻟﺧﻼﻓﺔ ،ﺑدأ ﻓﻲ اﻷﻓق ﻧور ،ﺑدأ ﺿﻌﯾًﻔﺎ أو اﻷﻣر ،
وﻟﻛن ﺑﺎرك ﷲ ﻓﯾﮫ ﺑﻌد ذﻟك ﻓﺄﺧذت داﺋرﺗﮫ ﺗﺗﺳﻊ وﺿوءه ﯾﻘوي ،وھو ﯾﺻﺎرع ظﻼم اﻟﺟﮭل واﻟﻛﻔر ﻟﯾﺑﯾده ﺑﺈذن ﷲ " " .
ﻓﻔﻲ ﻋﺎم 1347ھـ 1928م ﻗﺎﻣت ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﻣﺻر ﻋﻠﻲ ﯾد ﻣؤﺳﺳﮭﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ واﺗﺳﻌت
داﺋرﺗﮭﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﺧﺎرج ﻣﺻر ﺣﺗﻰ وﺻﻠت اﻵن أﺟزاء ﻛﺛﯾرة ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻟم .وﻓﻲ ﻋﺎم 1941م ﻗﺎﻣت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎرة اﻟﮭﻧدﯾﺔ ﻋﻠﻲ ﯾد ﻣؤﺳﺳﮭﺎ ﻣوﻻﻧﺎ أﺑﻲ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻣودودى رﺣﻣﮫ ﷲ ،ﺗﻛﺎد ﺗﻛون ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻓﻲ اﻟﻔﮭم
واﻷھداف واﻟﻣﻧﮭﺞ ،وظﮭرت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺣرﻛﺎت إﺳﻼﻣﯾﺔ أﺧري ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﺄﻧدوﻧﯾﺳﯾﺎ وﺗرﻛﯾﺎ وﻣﺎﻟﯾزﯾﺎ
وﻏﯾرھﺎ .
وإذا ﻛﻧﺎ ﻧرﻛز ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺟرﺑﺗﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟﺗﻲ ﺗرﺑﯾﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑرھﺎ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرى اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻵم أو اﻟﺣرﻛﺔ اﻟراﺋدة ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ،وﻻ ﻧﺑﺧس ﻏﯾرھﺎ ﻗدرھﺎ أو أﺛرھﺎ ﻓﻛﻠﻧﺎ ﻣﺳﻠﻣون
وﻛﻠﻧﺎ إﺧوان ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق .ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻣن أول ﯾوم ﯾﺣدد اﻟﻐﺎﯾﺔ وﯾﺟﻠﯾﮭﺎ وﯾﻧﻘﯾﮭﺎ ﻣن ﻛل ﺷﺎﺋﺑﺔ وﯾﻌﻠﻧﮭﺎ واﺿﺣﺔ
ﻗوﯾﺔ ) ﷲ ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ( وﯾﺧﺗﺎر اﻟطرﯾق وراﺋدﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﻘول ) واﻟرﺳول زﻋﯾﻣﻧﺎ وﻗدرﺗﻧﺎ ( وﯾﺣدد اﻟﻣﻧﮭﺎج وھو اﻟﻣﻧﮭﺎج اﻟذي
ﺟﺎء ﺑﮫ ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮫ رﺳوﻟﻧﺎ اﻟﻛرﯾم ﻓﯾﻘول ) :واﻟﻘرآن دﺳﺗورﻧﺎ ( وﯾﻌﯾد روح اﻟﺟﮭﺎد ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﻌد أن ﻛﺎد ﯾﺧﺗﻔﻲ ﻓﯾﻘول )
واﻟﺟﮭﺎد ﺳﺑﯾﻠﻧﺎ( .وﯾﺣﻔز اﻟﮭﻣم ﻓﻲ اﻟﺟﮭﺎد وﯾرﻏب ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺷﮭﺎد ﻓﯾﻘول )واﻟﻣوت ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ أﺳﻣﻲ أﻣﺎﻧﯾﻧﺎ( .
وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾوﺿﺢ أن طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣدة ﯾﺟب اﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ وﻋدم اﻻﻧﺣراف ﻋﻧﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ طرﯾق
رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم أﻋﻠم اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟطرﯾق وأدراھم ﺑﮫ ﻓﯾﻘول ) طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣد ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ رﺳول ﷲ
ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ﻣن ﻗﺑل ،وﺳﺎر اﻟدﻋﺎة وﺗﺳﯾر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ ﻣن ﺑﻌده " إﯾﻣﺎن وﻋﻣل وﻣﺣﺑﺔ وإﺧﺎء "
دﻋﺎھم إﻟﻲ اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻌﻣل ﺛم ﺟﻣﻊ ﻗﻠوﺑﮭم ﻋﻠﻲ اﻟﺣب واﻹﺧﺎء ،ﻓﺎﺟﺗﻣﻌت ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة إﻟﻲ ﻗوة اﻟوﺣدة ،وﺻﺎرت
ﺟﻣﺎﻋﺗﮭم ھﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﻣوذﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻﺑد أن ﺗظﮭر ﻛﻠﻣﺗﮭﺎ وﺗﻧﺗﺻر دﻋوﺗﮭﺎ وإن ﻧﺎوأھﺎ أھل اﻷرض ﺟﻣﯾﻌًﺎ ( وﻛﺎن ﻣن
أﻋظم ﻣﺎ ﻣن ﷲ ﺑﮫ ﻋﻠﻲ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أن وﻓﻘﮫ ﻟﻠﻌودة ﺑﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻟﻲ اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻺﺳﻼم ﺑﻌﯾدًا ﻋن أي اﺟﺗراء
أو ﺧطﺄ .اﻟﻔﮭم اﻟﻧﻘﻲ ﻣن ﻛل ﺷﺎﺋﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯾدة أو اﻟﻌﺑﺎدة أو اﻟﺗﺷرﯾﻊ .اﻹﺳﻼم ﻣن ﻣﻧﺑﻌﮫ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ ﻧﺑﯾﮫ
ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " ﺗرﻛت ﻓﯾﻛم ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻟن ﺗﺿﻠوا ﺑﻌدي ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺗﻲ " .
اﻟﻔﮭم اﻟﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻣزﻗت وﺣدة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ " " ...اﻟﻔﮭم اﻟﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﻐﻠو أو اﻟﺗﻔرﯾط ،ﻟﻛن اﻋﺗدال
ﺳﻠﯾم ،واﻟﺗزام دﻗﯾق ﻓﻲ ﺟو ﻣن اﻟﺣب واﻷﺧوة واﻟﺗﻌﺎون . " .ﻟﻘد أﻋﻠن ﻣن أول ﯾوم أن دﻋوة اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ھﻲ
2
اﻹﺳﻼم ﺑﻛل ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﮫ وﻻ ﺷﻲء ﻏﯾر اﻹﺳﻼم أو ھﻲ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر اﻟﮭﺟري .أﻋﻠن رﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟدﻋوة
وﻋﺎﻟﻣﯾﺗﮭﺎ وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺟدھﺎ زﻣﺎن وﻻ ﻣﻛﺎن ﺣﺗﻰ ﯾرث ﷲ اﻷرض وﻣن ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﺣدد أھم ﻣطﻠب ﺗﻣﻠﯾﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﮭﺎ اﻟدﻋوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟرﺷﯾدة ،ﻋﻠﻲ ﻧﻔس اﻷﺳﺎس اﻟذي أﻗﺎم ﻋﻠﯾﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ
اﻷﻛرﻣﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻲ .وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗد اﻗﺗﺑس اﻟطرﯾق ﻣن ﻧﻔس طرﯾق رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ
وﺳﻠم واﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻲ ﻗوى ﺛﻼث :
ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن
وﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط
وﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح ﺑﻌد ذﻟك
وﻟم ﯾﻛﺗف ﺑﺎﻟوﻋظ واﻹرﺷﺎد وﻟﻛﻧﮫ أﻛد ﻋﻠﻲ وﺟوب اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﻧظم واﻟﻣﻣﺗد زﻣﺎًﻧﺎ وﻣﻛﺎًﻧﺎ ،وﻻﺑد
ﻣن ﺗﺣدﯾد اﻷھداف ورﺳم اﻟﺧطط وﺗﺣدﯾد اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗم اﻟﺑﻧﺎء .وأﺛﻧﺎء ﺳﯾره ﺑﺎﻟدﻋوة وﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﮭﺎ
ﺣدد ﻣراﺣﻠﮭﺎ ﻣن ﺗﻌرﯾف وﺗﻛوﯾن وﺗﻧﻔﯾذ .
وﺣدد اﻟﺧطوات واﻷھداف اﻟﻣرﺣﻠﯾﺔ ﺑﺈﯾﺟﺎد :
اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻧﻣوذج .
واﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻘوى .
واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣﺗﺟﺎوب ﻣﻊ دﻋوة ﷲ .
ﻓﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .
وﯾﺗم ذﻟك ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي اﻟﺷﻌوب واﻷﻗطﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .ﺛم ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻋﻠﻲ رأﺳﮭﺎ اﻟﺧﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
وأﺳﺗﺎذﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺈذن ﷲ .
ﺛم ﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﺣدد اﻟوﺳﺎﺋل وﯾﻣﺎرﺳﮭﺎ ھو واﻹﺧوان ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن :
دروس وﻣﺣﺎﺿرات وﻧدوات وﻣؤﺗﻣرات .
وﻧﺷرات وﺻﺣف وﻣﺟﻼت .
وأﺳر وﻛﺗﺎﺋب ورﺣﻼت وﻣﻌﺳﻛرات .
ورﯾﺎﺿﺔ وﺟواﻟﺔ .
واﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻛﺎﻟﻣدارس واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣﺳﺗوﺻﻔﺎت واﻷﻧدﯾﺔ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ .
وﻛذا ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑر واﻟﺧدﻣﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .
وھﻛذا ﻋﺎش ﻣﻊ إﺧواﻧﮫ اﻹﺳﻼم ﻓﮭًﻣﺎ وﻋﻣﻼ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت وﻟم ﯾﺣﺻره ﻓﻲ اﻟزواﯾﺎ واﻟﻣﺳﺎﺟد ،أو ﻓﻲ اﻟﻌﻠم
واﻟﻌﺑﺎدة ﻓﻘط .
وﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺣرﻛﺔ واﻹﻋداد ﻧﺟده ﺣدد أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة وأوﺿﺢ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وﺟﻌل اﻟﻔﮭم اﻟرﻛن
اﻷول ووﺿﻊ ﻟﮫ أﺻوﻻً ﻋﺷرﯾن ﻛﺈطﺎر ﯾوﺿﺢ ﺷﻣول ھذا اﻟﻔﮭم وﻧﻘﺎﺋﮫ ﻣن اﻟﺷواﺋب ﻛﻣﺎ ﻛﺗب اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
ﻟﺗوﺿﯾﺢ اﻟدﻋوة .وﺣدد واﺟﺑﺎت اﻷخ اﻟﻌﺎﻣل .واﻟوﺻﺎﯾﺎ اﻟﻌﺷر إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻟﺗﻲ رأﯾﻧﺎ وﻻزﻟﻧﺎ
ﻧﻠﻣس أھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻓﺎﺋدﺗﮭﺎ رﻏم ﻣرور اﻟﺳﻧﯾن واﻷﻋوام .
واھﺗم رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد واﻹﻋداد ﻟﮫ ودﻓﻊ اﻹﺧوان ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد ﻓﻲ ﻓﻠﺳطﯾن ﺿد اﻟﯾﮭود اﻟﺻﮭﺎﯾﻧﺔ ﻣﻣﺎ ھو
ﻣﻌروف وﻣﺷﮭود ﻟﮭم ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ﻣﺎرﺳﮫ اﻹﺧوان ﺑﻌد ذﻟك ﺿد اﻻﻧﺟﻠﯾز ﻓﻲ ﻗﻧﺎة اﻟﺳوﯾس ﻣﻣﺎ اﺿطرھم إﻟﻲ اﻟﺟﻼء .
وھﻛذا ﺑﻌد أن أوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻟطرﯾق وﻣﻌﺎﻟﻣﮫ وﺳﺎر ﺑﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻓﺗرة ﻣن اﻟزﻣﺎن ﻟﻘﻲ ﷲ ﺷﮭﯾدًا ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ،ﻋﻧدﻣﺎ
ﺗﺄﻣر أﻋداء ﷲ ﺧﺎرج ﻣﺻر واﺳﺗﻌﺎﻧوا ﺑﺄﻋداء ﷲ ﺑداﺧﻠﮭﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﻋﻠﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻓﺣﻠوا اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ دﯾﺳﻣﺑر 1948
وﻗﺗﻠوه ﻓﻲ ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ . 1949وظﻧوا واھﻣﯾن أﻧﮭم ﺑﻘﺗﻠﮫ وﺣل ﺟﻣﺎﻋﺗﮫ ﻗد اﻧﺗﮭﻲ واﺳﺗراﺣوا ﻣن ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺣق اﻟﺗﻲ ﺗﮭدد
ﺑﺎطﻠﮭم ﺑﺎﻹزھﺎق .وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﯾﺳت دﻋوة ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ وﻻ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ ،وﻟﻛﻧﮭﺎ دﻋوة ﷲ وﺟﻧد ﷲ إﻧﮭﺎ ﻧور
ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ ﻧور ﷲ ﺑﺷر.
ﻓﻘد ﺗﻌرﺿت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ ﻣﺣن ﺷدﯾدة ﻣﺗﻛررة ﻓﻲ ﻣﺻر وﻏﯾر ﻣﺻر ،وﻟﻛن ﻷن اﻟﻣﺣن ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ،ﻓﻘد
ازدادت اﻟدﻋوة أﺻﺎﻟﺔ وﻧﻘﺎء وازداد اﻟﻣﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ ﻛﻣﺎ وﻛﯾﻔﺎ ﺑﻔﺿل ﷲ ورﻋﺎﯾﺗﮫ ،ﻓﺈذا ﺑﻧﺎ ﻧري ﺗﻠك اﻟﺷﺟرة اﻟطﯾﺑﺔ اﻟﺗﻲ
ﻏرﺳﮭﺎ ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر ورواھﺎ ﺑدﻣﮫ ھو واﻟﺷﮭداء ﻗﺑﻠﮫ وﺑﻌده ﺗﺗﻌﻣق ﺟذورھﺎ وﺗﻣﺗد ﻓروﻋﮭﺎ وﯾﺷﺗد ﺳﺎﻗﮭﺎ وﺳﺗؤﺗﻲ
أﻛﻠﮭﺎ ﺑﺈذن رﺑﮭﺎ وﻟو ﻛره اﻟﻣﺷرﻛون .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . " " :
3
إن ھذه اﻟﺻﺣوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧراھﺎ اﻟﯾوم ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺗدﯾن اﻟﺷﺑﺎب ﻓﺗﯾﺎًﻧﺎ وﻓﺗﯾﺎت ،ﻣﺎ ھﻲ
إﻻ اﻷوراق واﻟﻔروع اﻟﻣورﻗﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺷﺟرة .ھﻲ اﻵﺛﺎر واﻟﺛﻣﺎر اﻟطﯾﺑﺔ ﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
وأﻣﺛﺎﻟﮭﻣﺎ ﻣن اﻟﺣرﻛﺎت أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ .إﻧﮭﺎ ﺻﺣوة ﺗﻘوم ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن اﻟﻔﮭم اﻟﺳﻠﯾم اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻺﺳﻼم ،وﻋﻠﻲ
روح ﺟﮭﺎدﯾﺔ وﺛﺎﺑﺔ ،ﺗؤﺛر اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻋﻠﻲ ﻛل أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ وﺗﺄﺑﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟذﻟﯾﻠﺔ .ﺗﻘﺎوم اﻟظﻠم واﻟﻔﺳﺎد واﻹﻟﺣﺎد
وﻻ ﺗﺧﺎف ﻓﻲ ﷲ ﻟوﻣﺔ ﻻﺋم " " .
ھﻛذا ﻧور اﻟﻔﺟر ﺑدأ ﯾطل ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن ﺑﯾن ﺣﺟب اﻟظﻼم ﯾﺑﺷرﻧﺎ ﺑﻘرب ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻠﯾل ﺑﻛل ﻛﻼﻣﮫ وﺳطوع ﺷﻣس اﻟﺣق ﻟﺗزھق
اﻟﺑﺎطل ﺑﻛل ﺻوره وأﺷﻛﺎﻟﮫ ﺑﺈذن ﷲ " " وأﻣﻠﻧﺎ ﻓﻲ ﷲ ﻛﺑﯾر أن ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك ﻋﻠﻲ أﯾدي ھذا اﻟﺟﯾل ﻣن اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم " "
ﻟذﻟك ﻟزم اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر ﺑﺈﻋداده وﺗوﺿﯾﺢ اﻟطرﯾق ﻟﮫ ﻟﯾﺗﻌرف ﻋﻠﻲ ﻣﻌﺎﻟﻣﮫ وﻋﻠﻲ ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻛﻲ ﯾﺳﯾر ﺑﻘوة وﺑرؤﯾﺔ
واﺿﺣﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎل ﺑﺗﺷﻛﯾك أو ﺗﺛﺑﯾط .
وھذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﮫ ﺑﻌون ﷲ ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺣﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﺎﺋﻠﯾن إﯾﺎه اﻹﺧﻼص واﻟﺻدق وأن ﯾﺟﻌل ﻣن وراء ذﻟك اﻟﺧﯾر وﺑﺎ.
اﻟﺗوﻓﯾق .
اﻟﻣـؤﻟـف
4
اﻟﻔﺻل اﻷول
ﺻور اﻻﻧﺣراف
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن طرﯾق اﻟدﻋوة 16 :
اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﺧط اﻷﺻﯾل ﻟطرﯾق اﻟدﻋوة ﻟﮫ ﺻور ﻋد ّة ﻣﻧﮭﺎ :اﻟظﺎھر اﻟﺟﻠﻲ .وﻣﻧﮭـﺎ :اﻟﻣﺳـﺗﺗر اﻟﺧﻔـﻲ .وﯾﺣـدث
اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ أو اﻟﮭدف أو اﻟﻔﮭم أو اﻟوﺳﺎﺋل واﻟﺧطوات أو ﻏﯾـر ذﻟـك ،وﺳـﺗﻧﺎول ﺑﻌـون ﷲ ﻣـﺎ ﯾﻔـﺗﺢ ﷲ ﺑـﮫ ﻋﻠّﯾﻧـﺎ
ﺳﺎﺋﻠﯾن إﯾﺎه أن ﯾﻠﮭﻣﻧﺎ اﻟﺻواب وأن ﯾﺟﻧﺑﻧﺎ اﻟزﻟل .
اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ :
اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ھو أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت ،وأﺷدھﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺣذر ﻣﻧﮫ ،ﻓﻐﺎﯾﺗﻧـﺎ ﻋﻠـﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة ھـو ﷲ ﺳـﺑﺣﺎﻧﮫ
واﻻﻧﺣراف ھﻧﺎ ﯾﻌﻧـﻲ أن ﯾﻘﺻـد ﻏﯾـر ﷲ ،أو ﻋﻠـﻲ اﻷﻗـل ﯾﺷـرك ﻣـﻊ ﷲ ﻏﺎﯾـﺎت أو ﻣﻘﺎﺻـد دﻧﯾوﯾـﺔ وﻣطـﺎﻣﻊ ﺷﺧﺻـﯾﺔ .
طﺎ ﯾﻌرض اﻟﻌﻣل ﻛﻠﮫ ﻟﻺﺣﺑﺎط وﻋدم اﻟﻘﺑول .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ (:وﻗـﺎل ﺻـﻠﻲ ﷲ وﻣﻌﻠوم أن أي اﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ وﻟو ﻛﺎن ﺑﺳﯾ ً
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن رب اﻟﻌزة " :أﻧﺎ أﻏﻧﻲ اﻟﺷرﻛﺎء ﻋن اﻟﺷرك .ﻓﻣن ﻋﻣل ﻋﻣﻼ أﺷرك ﻓﯾﮫ ﻏﯾـري ﺗرﻛﺗـﮫ وﺷـرﻛﮫ " ﻷن ﷲ
ﻏﻧﻲ ﻋن اﻟﺷرﻛﺔ وﻻ ﯾﻘﺑل إﻻ اﻟﻌﻣل اﻟﺧﺎﻟص ﻟوﺟﮭﮫ .
ﻣن ھﻧـﺎ ﻛـﺎن إﺧـﻼص اﻟﻧﯾـﺔ .وﻧﻘﺎؤھـﺎ ﻣـن ﻛـل ﺷـﺎﺋﺑﺔ أﻣـًرا أﺳﺎﺳـًﯾﺎ ﻋﻠـﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة ،وﯾﺣﺗـﺎج إﻟـﻲ اﻟﻣراﺟﻌـﺔ
واﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟداﺋم .ﻓﺎﻟﻧﻔس ﻟﮭﺎ أھواء واﻟﺷﯾطﺎن ﯾﺟري ﻣن اﺑن آدم ﻣﺟري اﻟدم ،وﯾﺣرص داﺋًﻣـﺎ دون ﻣﻠـل ﻋﻠـﻲ أن ﯾﻔﺳـد
ﻋﻠﯾﮫ ﻋﺑﺎدﺗﮫ وﺟﮭﺎده وأن ﯾﺣﯾط أﻋﻣﺎﻟﮫ وﺛواﺑﮫ .
أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻣﻛﻣن اﻟﺧطر :
ﻗﺎل ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ ﺣدﯾث اﻟﻧﻌﻣﺎن ﺑن ﺑﺷﯾر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ " :أﻻ وإﱠن ﻓﻲ اﻟﺟﺳـد ﻣﺿـﻐﺔ إذا ﺻـﻠﺣت ﺻـﻠﺢ
اﻟﺟﺳد ﻛﻠﮫ ،وإذا ﻓﺳدت ﻓﺳد اﻟﺟﺳد ﻛﻠﮫ ،أﻻ وھﻲ اﻟﻘﻠب " .
اﻟرﯾﺎء واﻟﻐرور واﻟﻛﺑر واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ وﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ وﺣب اﻟظﮭور – اﻟذي ﯾﻘﺻم اﻟظﮭور – واﻟﺗطﻠﻊ ﻷﻋـراض اﻟـدﻧﯾﺎ ﻣـن
ﻣﻧﺎﺻب أو ﺟﺎه أو ﻣﺎل أو ﺳﻠطﺎن إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻻھﺗﻣﺎﻣﺎت اﻟدﻧﯾوﯾﺔ اﻟﮭﺎﺑطﺔ ،ﻛل ذﻟك ﻣـن أﻣـراض اﻟﻘﻠـوب اﻟﺗـﻲ
ﺗﻧﺣرف ﺑﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ،وھﻲ أﺷد ﺧطًرا ﻣن أﻣراض اﻷﺟﺳﺎد ،ﻷن أﻣراض اﻷﺟﺳﺎد أﺛرھﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟﺳد اﻟﻔـﺎﻧﻲ
ب ﻓﺄﺛرھﺎ ﻣﻣﺗد ﻣﻊ اﻟروح اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻓﺗرة اﻟـدﻧﯾﺎ واﻵﺧـرة .إن أﻣـراض اﻟﻘﻠـوب ﺗﻔﺳـد ﻓﺗرة اﻟﺣﯾﺎة اﻟدﻧﯾﺎ ،أﻣﺎ أﻣراض اﻟﻘﻠو ْ
اﻟﻧﯾﺔ وﺗﺣﺑط اﻷﻋﻣﺎل .
وﻟﻧﻌﻠم أن أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻣوﺟودة ﻋﻧد ﻛل إﻧﺳﺎن ،وﻟﻛن اﻟﻣؤﻣن ﯾﻘﺎوﻣﮭﺎ داﺋًﻣﺎ وﯾﻘﮭرھﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﻘوة إﯾﻣﺎﻧﮫ وﺗﻘواه
ودوام ﻣراﻗﺑﺗﮫ ﻟرﺑﮫ ،وﺑﺗﺟدﯾد اﻟﻧﯾﺔ وإﯾﺛﺎر ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻋﻠﻲ ﻛل أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ ﻣﺳﺗﯾﻘﻧﺎ أن ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻣن ﺟزاء ﺧﯾر وأﺑﻘﻲ
.إﻧﮫ ﺗﺟﺎذب وﺻراع داﺋم ﺑﯾن دواﻓﻊ اﻟﺧﯾر وﻧوازع اﻟﺷر ،ﻣﺟﺎھدة ﻟﻠﻧﻔس ﻟﺗزﻛﯾﺗﮭﺎ واﻟﻘرب ﺑﮭﺎ ﻣن ﷲ ،وﺟذب اﻷرض
ﻟﮭﺎ ﺑﺷﮭوات اﻟﺟﺳد ورﻏﺑﺎﺗﮫ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ (( .
17وﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗوﺟﮫ اﻟﻛﺎﻣل إﻟﻲ اﻷﻏراض اﻟدﻧﯾوﯾﺔ واﻟﺗﺣول اﻟﻛﺎﻣل ﻋن
ﷲ ،وﻟﻛن ﻣﺟرد وﺟود أي ﻗدر ﻣن ﺗﻠك اﻷﻏراض ﻓﻲ اﻟﻧﯾﺔ واﺳﺗﻘراره ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﻓﮭو اﻧﺣراف ﻛﺎف ﻹﺣﺑﺎط اﻟﻌﻣل
وإﺧراﺟﮫ ﻣن داﺋرة اﻹﺧﻼص . .وﻣن ﻣﻛﺎﻣن اﻟﺧطر ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ،أﻧﮫ ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻧﯾﺔ ﻣﺣﻠﮭﺎ اﻟﻘﻠب ﻓﻘد
ﯾﺣدث اﻻﻧﺣراف وﻻ ﯾظﮭر ﻟﻠﻧﺎس إﻻ ﺑﻌد وﻗت ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗطﻐﻲ أﻋراﺿﮫ وﺗظﮭر ،وﯾﻛون ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت ﻗد أﻓﺳد ﻏﯾره أو
ﺗرك آﺛﺎرا ﺳﯾﺋﺔ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ .وإن ﻛﺎﻧت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻗﺻﺎء أﺻﺣﺎب ﻣﺛل ھذه اﻷﻣراض ﻋن
اﻟﺻف إﻻ أن ﯾﻌدﻟوا وﯾطﮭروا ﻗﻠوﺑﮭم وﯾﺧﻠﺻوا ﻧﯾﺗﮭم . .ﻓﻘد ﻋودﻧﺎ ﷲ أن ھذه اﻟدﻋوة ﺗﻧﻔﻲ ﻋﻧﮭﺎ ﺧﺑﺛﮭﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ( :
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﮭﺎ اﻟدﻋوات واﻟﺗﻲ ھﻲ ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن ﺗﻧﻔﻲ اﻟﺻف وﺗﻣﯾز
اﻟﺻﺎدق ﻣن ﻏﯾره( .
أھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص 18 :
وﻷھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ وردت آﯾﺎت وأﺣﺎدﯾث ﻧﺑوﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﻧورد ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻋﻠﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل .:
وﻣن اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻧﺑوﯾﺔ ﺣدﯾث " إﻧﻣﺎ اﻷﻋﻣﺎل ﺑﺎﻟﻧﯾﺎت " وھو ﺣدﯾث ﻣﻌروف ﯾوﺿﺢ أﺛر اﻟﻧﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل وﻋﻠﻲ اﻟﺟزاء
،وﻋن أﺑﻲ ھرﯾرة رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل ﻗﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " إن ﷲ ﻻ ﯾﻧظر إﻟﻲ أﺟﺳﺎﻣﻛم وﻻ إﻟﻲ
ﺻورﻛم وﻟﻛن ﯾﻧظر إﻟﻲ ﻗﻠوﺑﻛم " رواه ﻣﺳﻠم .وﻋن أﺑﻲ ﻣوﺳﻲ اﻷﺷﻌري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل :ﺳﺋل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟرﺟل ﯾﻘﺎﺗل ﺷﺟﺎﻋﺔ وﯾﻘﺎﺗل ﺣﻣﯾﺔ رﯾﺎء أي ذﻟك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ؟ ﻓﻘﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻣن
ﻗﺎﺗل ﻟﺗﻛون ﻛﻠﻣﺔ ﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﮭو ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ " ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ .
5
وﻷھﻣﯾﺔ اﻹﺧﻼص ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺟﻌﻠﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﯾﻠزم ﻛل أخ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ وﺑﺎﻟوﻓﺎء
واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن أي ﺷﺎﺋﺑﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﻲ ﺑﯾﻌﺗﮫ .وھﺎ ھو ﯾوﺿﺢ ﻣﻔﮭوﻣﮫ ﻟﻺﺧﻼص ﻓﯾﻘول " :وأرﯾد ﺑﺎﻹﺧﻼص
أن ﯾﻘﺻد اﻷخ ﺑﻘوﻟﮫ وﻋﻣﻠﮫ وﺟﮭﺎده ﻛﻠﮫ وﺟﮫ ﷲ ،واﺑﺗﻐﺎء ﻣرﺿﺎﺗﮫ وﺣﺳن ﻣﺛوﺑﺗﮫ ،ﻣن ﻏﯾر ﻧظر إﻟﻲ ﻣﻐﻧم أو ﻣظﮭر أو
ﺟﺎه أو ﻟﻘب أو ﺗﻘدم أو ﺗﺄﺧر .وﺑذﻟك ﯾﻛون ﺟﻧدي ﻓﻛرة وﻋﻘﯾدة ﻻ ﺟﻧدي ﻏرض وﻣﻧﻔﻌﺔ ( .وﺑذﻟك ﯾﻔﮭم اﻷخ اﻟﻣﺳﻠم
ﻣﻌﻧﻲ ھﺗﺎﻓﮫ ) ﷲ ﻏﺎﯾﺗﻧﺎ ( و ) ﷲ أﻛﺑر و .اﻟﺣﻣد ( .
وﻣن أﺻﺎﻟﺔ رﺟل اﻟدﻋوة ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أن ﯾﺻدق ﻣﺎ ﻋﺎھد ﷲ ﻋﻠﯾﮫ دون ﺗﺑدﯾل وﻻ ﺗﻐﯾﯾر ﺣﺗﻰ ﯾﻠﻘﻲ ﷲ ﻋﻠﻲ
ذﻟك ،ﻓﯾﻛون ﻣﻣن ﻗﺎل ﷲ ﻓﯾﮭم( وﻧﻘدم ﺑﻌد ذﻟك ﻣﻼﺣظﺎت وﻋﺑر ﺣول ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻣﻣﺎ ﻟﻣﺳﻧﺎه ﺧﻼل ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ
ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟدﻋوة ﻟﻌل ﻓﯾﮫ اﻟﻧﻔﻊ إن ﺷﺎء ﷲ .
أﻧواع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ :
ﻗد ﯾﻧﺟﺢ اﻷخ ﻓﻲ اﻣﺗﺣﺎن اﻟﺷدة واﻻﺑﺗﻼء وﯾظن أﻧﮫ ﺻﺎر ﻓﻲ ﻧﺟﺎة ﻣن اﻟﻔﺗن ،وﻟﻛﻧﮫ ﻗد ﯾرﺳب ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌرض ﻟﻔﺗﻧﺔ اﻟدﻧﯾﺎ
وﻣﺗﺎﻋﮭﺎ ،ﻓﻠﻧﻛن ﻋﻠﻲ ﺣذر ﻣن ذﻟك ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:ﺛم إن أﻋداء ﷲ ﺟﻌﻠوا ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻔﺗﻧﺔ ﺑﺎﻟدﻧﯾﺎ واﻟﻣﻧﺎﺻب وﻏﯾر ذﻟك ﻣن
وﺳﺎﺋل ﺣرﺑﮭم ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻔﺗﻧﺔ ﺑﺎﻹﯾذاء واﻟﺗﻌذﯾب .وﻟﻧﺎ ﻓﻲ طرﯾق اﻟﻣﺻطﻔﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم
ﻋﺑرة ﺣﯾث ﻋُرض ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﻠك واﻟﺟﺎه واﻟﻣﺎل .وﻧﺟدھم ﻓﻲ ذﻟك ﯾﺧدﻋون ﻣن ﯾﻐروﻧﮭم ﺑذﻟك ﺑﺄن ﻓﯾﮫ دﻋًﻣﺎ وﺗﻣﻛﯾًﻧﺎ ﻟﻠﻌﻣل
اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وإﻧﮭم ﻟﻛﺎذﺑون .
وﻗد ﻋﺎش رﺳوﻟﻧﺎ اﻟﻛرﯾم اﻟﺣﺑﯾب ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺣﯾﺎﺗﮫ ﻓﻲ ﺷظف ﻣن اﻟﻌﯾش – وﻟو أراد ﻟﻛﺎن أرﻏد اﻟﻧﺎس ﻋﯾﺷﺎ
– وﻟﻛن ﻟﯾﺿرب ﻟﻧﺎ اﻟﻣﺛل ﻓﻲ اﻟزھد واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻲ أﻋراض اﻟدﻧﯾﺎ وإﯾﺛﺎر ﻣﺎ ﻋﻧد ﷲ ﻓﺎﻟدﻧﯾﺎ ﻟﯾﺳت دار ﻣﺳﺗﻘر وﻻ دار ﻧﻌﯾم
وﻛﺛﯾًرا ﻣﺎ ﯾدﻋو اﻟرﺧﺎء إﻟﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء واﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض .وﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺟﻌﻠﻧﺎ راﺋدﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ
وﺳﻠم ﻓﻠﻧﻘﺗد ﺑﮫ وﻟﻧﺣذر ﻓﺗﻧﺔ اﻟدﻧﯾﺎ .وﻟﻧﺄﺧذ اﻟﻌﺑرة ﻣﻣﺎ ﻗﺻﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺷﺄن ﺳﺣرة ﻓرﻋون وﻛﯾف ﻏﯾﱠرھم
اﻹﯾﻣﺎن وﻋدل ﻣوازﯾﻧﮭم ،ﻓﺑﻌد أن ﺟﺎءوا ﻓﻲ اﻟﺿﺣﻰ ﯾطﻠﺑون اﻟﻣﺎل واﻟﻘرب ﻣن ﻓرﻋون إذا ﺑﮭم ﺑﻌد إﯾﻣﺎﻧﮭم ﻻ ﯾﺧﺷون
ﺗﮭدﯾد ﻓرﻋون ﻟﮭم ﺑﺄﺷد اﻟﻌذاب وﻟﻛﻧﮭم( ھﻛذا ﺗﻌدﻟت اﻟﻣوازﯾن .ﻓﺈذا ﻛﺎن ھذا ﻣوﻗف ﺳﺣرة ﻓرﻋون ﻓﮭل ﯾﺟوز ﻟﻣن ﯾﺳﯾر
ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أن ﯾﻧﺗﻛس وﯾﻣﯾل إﻟﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت وﺟﮭﺗﮫ ﺧﺎﻟﺻﺔ .؟ .
وﻣن أﻋراض ﻣرض اﻟﻐرور اﻟﺗﻲ ﻟﻣﺳﻧﺎھﺎ أن ﯾظن اﻷخ أﻧﮫ ﻣﺗﻣﯾز ﻋﻠﻲ ﻏﯾره ﺑﺧﺑرة وذﻛﺎء وﺣﺳن ﺗﻘدﯾر ﻟﻸﻣور وﻣﻌرﻓﺔ
ﺑﻔﻧون اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وأﺳﺎﻟﯾﺑﮭﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎورة ﻣﻊ اﻷﻋداء إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ،وﯾﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻲ إﺧواﻧﮫ وﯾﺑﺧﺳﮭم أﺷﯾﺎءھم وﻟو ﻛﺎﻧوا
أھل ﺳﺑق ﻓﻲ اﻟدﻋوة .وأﻣﺛﺎل ھؤﻻء ﻟو ﺗﺣﻘق ﺧﯾر ﻟﻠدﻋوة ﻋﻠﻲ أﯾدﯾﮭم ﯾرﺟﻌوﻧﮫ إﻟﻲ ﻣﻘدرﺗﮭم وﻋﺑﻘرﯾﺗﮭم وﯾﻧﺳون ﻓﺿل
ﷲ وﻋوﻧﮫ وﺗوﻓﯾﻘﮫ .وأﻧﮫ ﻟوﻻ ذﻟك ﻣﺎ ﺗﺣﻘق ﺧﯾر .وﯾذﻛرﻧﺎ ھذا ﺑﻣﻧطق ﻗﺎرون( .
وﻟﻣﺳﻧﺎ أن ﺻﺎﺣب ﻣرض ﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ ﯾﺣرص ﻋﻠﻲ رﺑط اﻷﻓراد ﺑﺷﺧﺻﮫ أﻛﺛر ﻣن ﺣرﺻﮫ ﻋﻠﻲ رﺑطﮭم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،
وﯾﻘرب ﻣﻧﮫ ﻣن ﯾﺷﺟﻌون ﻓﯾﮫ ھذه اﻟﻧزﻋﺔ .ﻟﮭذا ﯾﻠزم اﻟﺗﺣذﯾر ﻣن اﻻرﺗﺑﺎط ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣواﻗﻔﮭم أو ﻣﻣﯾزاﺗﮭم
ﻓﺈن اﻟﺣﻲ ﻻ ﺗؤﻣن ﻋواﻗﺑﮫ .ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﺑن ﻣﺳﻌود واﻟﺻﺣﺎﺑﺔ اﻟﻛرام .
ﻟﯾﻛن ﻣﻌﻠوًﻣﺎ أن ﻣن ﯾظﮭر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻌض أﻋراض ھذه اﻷﻣراض ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑوﺟود اﻟﻣرض ﻋﻧده رﺑﻣﺎ ﻟﺟﮭل ﻣﻧﮫ ﺑذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﺗﻠﺑﯾس إﺑﻠﯾس ﻟﮫ ،أو ﻟﻛﯾﻼ ﯾﺗﺧذ ﻣﻧﮫ ﻣوﻗف ﺑﺳﺑب ذﻟك ،وﻗد ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻲ ﺗﺑرﯾر ﻣواﻗﻔﮫ أﻧﮭﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة وﻟﯾﺳت
ﻷﻏراض ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛﺎﺷﺗراﻛﮫ ﻓﻲ وزارة ﻻ ﺗﺣﻛم ﺑﺷرع ﷲ وﯾﻧﮭم ﻏﯾره ﺑﺎﻟﻘﺻور ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا
اﻟﺗﺻرف .
ﺛم إذا ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك ﺛﻣﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ھل ﯾﻧﻔرد ھو ﺑﺗﻘدﯾرھﺎ ؟
ً ً
ﻗد ﯾﻧدﻓﻊ اﻟﺑﻌض ﺑﺣﺳن ﻧﯾﺔ إﻟﻲ ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ أﺻﺣﺎب ھذه اﻷﻣراض ،أﻣﺎ إﺷﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺻف ﻣن اﻟﺗﺻدع ،أو ﺧوﻓﺎ ﻣن
ﺣرﻣﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﺟﮭودھم أو ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﺳﺑﺎب ،وﻟﻛن ﻟﯾﻛن ﻣﻌﻠوًﻣﺎ أن ﺑﻘﺎء ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﺻف – ﺑﻌد
اﺳﺗﻌﺻﺎء ﻋﻼﺟﮭم – أﺧطر وأﺿر ﺑﺎﻟﺻف ﻣن ﺗطﮭﯾر ﻣﻧﮭم .ﻓﻔﻲ ﺑﻘﺎﺋﮭم إﻗرار ﻟﻼﻧﺣراف وﺗﺄﺛر ﻟﻠﻐﯾر ﺑﮫ وﻓﺗﺢ ﺑﺎب
ﻟﻠﺗﺳﯾب وﻋدم اﻻﻟﺗزام وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟن ﯾﻘﺎل ﻓﻼن اﻧﺣراف وﻟﻛن ﯾﻘﺎل ﺻف أﻋوج ﺑﺑﻘﺎء اﻟﻣﻧﺣرف ﻓﯾﮫ .
وﻧﺧﺗم ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﺣول اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﺑﻛﻼم ﻟﻠﺷﮭﯾد ﺳﯾد ﻗطب ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺣﯾث ﯾﻘول ) :اﻟﻣرة ﺑﻌد ﻣرة ﯾﺻﺎب
ﺑﻌض أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻧزوات ،وﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﯾﺳﻘط أﺻﺣﺎب ھذه اﻟﻧزوات ﻛﻣﺎ ﺗﺳﻘط اﻟورﻗﺔ اﻟﺟﺎﻓﺔ ﻣن اﻟﺷﺟرة اﻟﺿﺧﻣﺔ .
وﻗد ﯾﻣﺳك اﻟﻌدو ﺑﻔرع ﻣن اﻟﺷﺟرة وﯾظن أﻧﮫ ﯾﺟذب ھذا اﻟﻔرع ﺳﯾﻘﺗﻠﻊ ﻣﻌﮫ اﻟﺷﺟرة ﻛﻠﮭﺎ ،ﺣﺗﻰ إذا آن اﻷوان وﺟذب
اﻟﻔرع ﺧرج ﻓﻲ ﯾده ﻛﺎﻟﺣطﺑﺔ اﻟﺟﺎﻓﺔ ﻻ ﻣﺎء وﻻ ﺣﯾﺎة وﺑﻘﯾت اﻟﺷﺟرة ( .
6
اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف 23:
ﺿﺎ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف اﻷﺻﻠﯾﺔ إﻟﻲ أھداف ﺟزﺋﯾﺔ أو ﻓرﻋﯾﺔ أو إﻟﻲ أھداف ﻣﻐﺎﯾرة وﻣن اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻟﺧطﯾرة أﯾ ً
ﻟﻸھداف اﻷﺻﻠﯾﺔ ،وذﻟك ﯾرﺗب إﺿﺎﻋﺔ ﻟﻠﺟﮭود واﻟطﺎﻗﺎت ﺑدون طﺎﺋل ،واﻧﺗﻛﺎﺳﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ وﻧﺗﺎﺋﺟﮫ
اﻟﻣرﺟوة .وﻗد أوﺿﺢ ﻟﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻧﻧﺎ ﻧﮭدف إﻟﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ
وﺗﺑﻠﯾﻎ اﻹﺳﻼم ﻟﻠﻧﺎس ﻛﺎﻓﺔ .
ﻓﻧﺟده ﯾﺧﺎطﺑﻧﺎ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ " ﺑﯾن اﻷﻣس واﻟﯾوم " ﻓﯾﻘول ) :اذﻛروا أن ﻟﻛم ھدﻓﯾن أﺳﺎﺳﯾن :
– 1أن ﯾﺗﺣرر اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣن ﻛل ﺳﻠطﺎن أﺟﻧﺑﻲ وذﻟك ﺣق طﺑﯾﻌﻲ ﻟﻛل إﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻧﻛره إﻻ ظﺎﻟم ﺟﺎﺋر أو ﻣﺳﺗﺑد
ﻗﺎھر .
– 2أن ﺗﻘوم ﻓﻲ ھذا اﻟوطن اﻟﺣر دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺣرة ﺗﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻹﺳﻼم وﺗطﺑق ﻧظﺎﻣﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺗﻌﻠن ﻣﺑﺎدﺋﮫ
اﻟﻘوﯾﻣﺔ ،وﺗﺑﻠﻎ دﻋوﺗﮫ اﻟﺣﻛﯾﻣﺔ ﻟﻠﻧﺎس ،وﻣﺎ ﻟم ﺗﻘم ھذه اﻟدوﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ آﺛﻣون ﻣﺳﺋوﻟون ﺑﯾن ﯾدي ﷲ اﻟﻌﻠﻲ
اﻟﻛﺑﯾر ﻋن ﺗﻘﺻﯾرھم ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ وﻗﻌودھم ﻋن إﯾﺟﺎدھﺎ ( .
ﺿﺎ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺗﺣت راﯾﺔ اﻟﻘرآن ( ﯾﻌﺑر ﻋن ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ وھدﻓﻧﺎ ﻓﯾﻘول ) :ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ إﺟﻣﺎﻻً أن وھﺎ ھو أﯾ ً
ﺗﻘف ﻓﻲ وﺟﮫ ھذه اﻟﻣوﺟﺔ اﻟطﺎﻏﯾﺔ ﻣن ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻣﺎدة وﺣﺿﺎرة اﻟﻣﺗﻊ واﻟﺷﮭوات اﻟﺗﻲ ﺟرﻓت اﻟﺷﻌوب اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻓﺄﺑﻌدﺗﮭﺎ
ﻋن زﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھداﯾﺔ اﻟﻘرآن ،وﺣرﻣت اﻟﻌﺎﻟم ﻣن أﻧوار ھدﯾﮭﺎ .وأﺧرت ﺗﻘدﻣﮫ ﻣﺋﺎت اﻟﺳﻧﯾن ،
ﺣﺗﻰ ﺗﻧﺣﺳر ﻋن أرﺿﻧﺎ وﯾﺑرأ ﻣن ﺑﻼﺋﮭﺎ ﻗوﻣﻧﺎ ،وﻟﺳﻧﺎ واﻗﻔﯾن ﻋﻧد ھذا اﻟﺣد ﺑل ﺳﻧﻼﺣﻘﮭﺎ ﻓﻲ أرﺿﻧﺎ ،وﺳﻧﻐزوھﺎ ﻓﻲ
ﻋﻘر دارھﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﮭﺗف اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﺑﺎﺳم اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،وﺗوﻗن اﻟدﻧﯾﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟﻘرآن ،وﯾﻧﺗﺷر ظل اﻹﺳﻼم
اﻟوارف ﻋﻠﻲ اﻷرض .وﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺗﺣﻘق ﻟﻠﻣﺳﻠم ﻣﺎ ﯾﻧﺷده ،ﻓﻼ ﺗﻛون ﻓﺗﻧﺔ وﯾﻛون اﻟدﯾن ﻛﻠﮫ . ( .
وأوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻣن رﺳﺎﺋﻠﮫ أن ھذه اﻷھداف ﻣﻣﺎ ﯾؤﻛده اﻟدﯾن وﯾﺣﺗﻣﮫ وأﻧﮭﺎ واﺟب ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم
وﻣﺳﻠﻣﺔ .وﻛﯾف أﱠن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻷول اھﺗﻣوا ﺑﻧﺻب اﻹﻣﺎم أو اﻟﺧﻠﯾﻔﺔ ﺣﺗﻰ ﻗدﻣوا إﻧﺟﺎز ذﻟك ﻋﻠﻲ دﻓن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم .وأوﺿﺢ أن اﻟﺣﻛم أﺻل ﻣن أﺻول اﻹﺳﻼم ،وﻗد ﺟﻌﻠﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋروة ﻣن ﻋري
ﺿﺎ أن اﻟﺣﻛم ﻣﻌدود ﻓﻲ ﻛﺗﺑﻧﺎ اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻘﺎﺋد واﻷﺻول ﻻ ﻣن اﻟﻔﻘﮭﯾﺎت واﻟﻔروع .ﺛم ﻧﺟده رﺿﻲ اﻹﺳﻼم .وذﻛر أﯾ ً
ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﻌد أن أوﺿﺢ ﻛل ذﻟك ﯾﻘول ﻓﻲ ﺻراﺣﺔ ) أﻣﺎ واﻟﺣﺎل ﻛﻣﺎ ﻧري ،اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ واد اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ
واد آﺧر ،ﻓﺈن ﻗﻌود اﻟﻣﺻﻠﺣﯾن اﻹﺳﻼﻣﯾﯾن ﻋن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺟرﯾﻣﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻻ ﯾﻛﻔرھﺎ إﻻ اﻟﻧﮭوض واﺳﺗﺧﻼص ﻗوة
اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن أﯾدي اﻟذﯾن ﻻ ﯾدﯾﻧون ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻹﺳﻼم اﻟﺣﻧﯾف ( .
ھذه ھﻲ اﻷھداف ﺑوﺿوﺣﮭﺎ ووﺟوﺑﮭﺎ وأﺻﺎﻟﺗﮭﺎ واﻻﻧﺣراف ﻋﻧﮭﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﺑﺻور ﻣﻧﮭﺎ :
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف 25 :
ً
– 1اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ اﻷھداف :ﻛﺄن ﯾﻘﺗﺻر ﻣﺛﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺑﺎدة واﻟذﻛر واﻟﻌﻠم واﻟدﻋوة إﻟﻲ ﷲ واﻷﻣر واﻟﻧﮭﻲ ﻋن اﻟﻣﻧﻛر
وأﻋﻣﺎل اﻟﺑر ،وﯾﺗرك أﻣر اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ .وھذا ﯾﻌﺗﺑر
ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺳﺧﺎ ﻟﻺﺳﻼم واﻧﺗﻔﺎﺿﺎ ﻟﮫ ،وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻏﯾر ﺳﻠﯾم ھذه اﻷھداف اﻟﺟزﺋﯾﺔ أو ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﮭﻲ وﻣﺎ اﺧﺗﺎرت وﺣﺳﺎﺑﮭﺎ
ﻋﻠﻲ ﷲ ،ﻟﻛن اﻟذي ﻧﻌﻧﯾﮫ ھﻧﺎ ﻣن ﯾﺳﯾرون ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺄھداﻓﮫ اﻟﺗﻲ أوﺿﺣﻧﺎھﺎ ﺛم ﯾﻧﺣرف ﻋﻧﮭﺎ ﺑﮭذا اﻻﺟﺗزاء .
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ھو إﯾﺛﺎر اﻟﻌﺎﻓﯾﺔ وﻋدم اﻟﺗﻌرض ﻟﻺﯾذاء ﻣن اﻟﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳﺗﺑدﯾن ﻓﮭذا ﺿﻌف ﻓﻲ اﻹﯾﻣﺎن ﻻ ﯾﻧﺟﻲ ﺻﺎﺣﺑﮫ ﻣن
اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ أﻣﺎم ﷲ ،وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ظل اﻷوﺿﺎع اﻟظﺎﻟﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗطﺑق ﺷرع ﷲ ﻟن ﺗﺻﻔو ﻋﺑﺎدة وﻻ دﻋوة
وﻻ ﻋﻠم .وﺳﯾظل اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣﺳﺗذﻟﯾن ﻣﺳﺗﺑﻌدﯾن ،وﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮭم وﻋﻠﻲ أﺑﻧﺎﺋﮭم ﻋﻘﺎﺋد ﺿﺎﻟﺔ وﻋﺎدات ﺟﺎھﻠﯾﺔ ﻓﺎﺳدة وﻟن
ﯾﻐﻧﻲ ﻋﻧﮭم ﻋﻠﻣﮭم ﺷﯾﺋ ًﺎ .
وإذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ﻟﮭذا اﻻﻧﺣراف ﺑﺎﺟﺗزاء اﻷھداف ھو اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺟز أﻣﺎم ﻗوي اﻷﻋداء أو أﻧﮭم ﻟن ﯾﻣﻛﻧوﻧﺎ ﻣن ﺗﺣﻘﯾق
ﺿﺎ ﺿﻌف إﯾﻣﺎن وﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻔﮭم ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد اﻟﻘوة ﻣن ﷲ ﻣوھب اﻟﻘوي .وإذا ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ ﻟﮭذا أھداﻓﻧﺎ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﮭذا أﯾ ً
اﻻﻧﺣراف ﺗﺻور أن ﺗﺣﻘﯾق ھذه اﻷھداف ﻟﯾس واﺟًﺑﺎ ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أو أﻧﮫ ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﮭذا ﺧطﺄ ﯾﻠزم ﺗﺻﺣﯾﺣﮫ وﻣﻌرﻓﺔ
أﻧﮫ ﻓرض ﻋﯾن وأن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن آﺛﻣون إن ﻟم ﯾﻌﻠﻣوا ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم .
– 2دوﻟﺔ ﻣﺣدودة :وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ﺑﺎﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺣﻛم إﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻗطر ﻣن أﻗطﺎر
اﻹﺳﻼم دون اﻟﺗﻔﻛﯾر أو اﻟﻌﻣل واﻟﺗﻌﺎون ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ .وھذا ﺧطﺄ وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﺎھدﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ
وﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟدﻋوة ووﺣدة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :وﯾﮭﯾﺊ ﻟﻸﻋداء ﻓرص اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻧوع ﻻ
ﻧﻌزﻟﮫ ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .
7
– 3اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻲ اﻟﺣﻛم :وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷھداف ﺑﺄن ﯾﺻﯾر اﻟﮭدف ھو ﻣﺟرد اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻲ
اﻟﺣﻛم ﺑﺻورة أو ﺑﺄﺧرى ،ﻓﯾدﻓﻊ ذﻟك إﻟﻲ ﺗﺟﺎوزات وﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﻟﻠﺧط اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﻟﯾب واﻟوﺳﺎﺋل ﺑﺳﺑب
اﻟﺗﺷوق إﻟﻲ اﻟﺣﻛم واﺳﺗﺷراﻓﮫ ﻋﻠﻲ طرﯾﻘﺔ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ .وھذا اﻻﻧﺣراف ﯾﻌرض اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻲ
ﻣﺧﺎطر ﺟﺳﯾﻣﺔ أو اﻻﻧﮭﯾﺎر ﻟﺿﻌف اﻷﺳﺎس ﻓﮭﻧﺎك ﻓرق ﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻹﻗﺎﻣﺔ دﯾن ﷲ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﮫ وﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻟﻣﺟرد
اﻟوﺻول ﻟﻠﺣﻛم ﻓﺎﻷﺳﺎس اﻟﻼزم ﻟﻛﻼ اﻟﺣﺎﻟﯾن ﻣﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث اﻟﻘوة واﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻼﺳﺗﻘرار واﻻﺳﺗﻣرار .
وﻗد ﻋرض اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،وذﻟك ﺣﯾن ﺟﺎءه ﻋﺗﺑﮫ اﺑن رﺑﯾﻌﺔ ﻣﻣﺛﻼً ﻋن ﻗرﯾش وﻗﺎل ﻟﮫ :
) ..إن ﻛﻧت إﻧﻣﺎ ﺗرﯾد ﺑﻣﺎ ﺟﺋت ﺑﮫ ﻣن ھذا اﻷﻣر ﻣﺎﻻً ﺟﻣﻌﻧﺎ ﻟك ﻣن أﻣواﻟﻧﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون أﻛﺛرﻧﺎ ﻣﺎﻻً ،وإن ﻛﻧت ﺗرﯾد ﺑﮫ
ﺷرﻓًﺎ ﺳودﻧﺎك ﻋﻠﯾﻧﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﻘطﻊ أﻣًرا دوﻧك ،وإن ﻛﻧت ﺗرﯾد ﻣﻠًﻛﺎ ﻣﻠﻛﻧﺎك ﻋﻠﯾﻧﺎ . ( ...ﻓﻣﺎ ﻛﺎن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ
ﻛﻣﺎ ﻧﻘول اﻟرواﯾﺔ إﻻ أن ﻗرأ ﻋﻠﯾﮫ أواﺋل ﺳورة ﻓﺻﻠت إﻟﻲ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :
– 4اﻹﺳﻼم اﻟﺟزﺋﻲ :وﻗد ﯾﻛون اﻻﻧﺣراف ﺑﺎﻟرﺿﺎ ﺑﺄﺳﻠﻣﺔ ﺑﻌض ﻣراﻓق اﻟدوﻟﺔ دون اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣﻛم
اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻛﺎﻣل ،وھذا ﺧطﺄ ﻷن اﻹﺳﻼم ﻛل ﻣﺗﻛﺎﻣل وﻻ ﯾﺻﻠﺢ اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ،ﻓﻣﺛل ذﻟك ﻛﻣن ﯾﺳﺗﺑدل ﯾد آدﻣﻲ
ﺑرﺟل ﺣﻣﺎر ﻓﺳﯾظل اﻟﺣﻣﺎر ﺣﻣﺎًرا وﻟن ﺗﻐﯾره اﻷطراف اﻵدﻣﯾﺔ .ﻓﻠﻧﺣذر ﻣن ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻷن أﻋداء ﷲ
ﯾﻔﻛرون ﻓﻲ اﻣﺗﺻﺎص اﻟﺻﺣوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺑﺗﻘدﯾم ﺻور ﺟوﻓﺎء ﻣﻣﺳوﺧﺔ ﻣن اﻟﺣﻛم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﯾﺣوﻟون ﺑﮫ اﻟﺗﯾﺎر ﻋن اﻻﺗﺟﺎه
اﻷﺻﯾل .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ ( :وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:
8
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ
ﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﮭﺎ 27 :
ﺿرورة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ :
ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﮫ أن ھذه اﻷھداف اﻟﻌظﯾﻣﺔ اﻟﻣطﻠوب ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ واﻟﺗﻲ أوﺟﺑﮭﺎ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳـﻠم وﻣﺳـﻠﻣﺔ ،ﻻ ﯾﻣﻛـن أن
ﺗﺗﺣﻘق ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﻔردﯾﺔ ،ﺑدو ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﻧظم ھذه اﻟﺟﮭـود اﻟﻔردﯾـﺔ وﺗرﺳـم ﻟﮭـﺎ اﻟﺧطـط وﺗﮭﯾـﺊ ﻟﮭـﺎ اﻟوﺳـﺎﺋل واﻹﻣﻛﺎﻧﯾـﺎت .
وﻣﻌﻠوم أﻧﮫ ) ﻣﺎﻻ ﯾﺗم اﻟواﺟب إﻻ ﺑﮫ ﻓﮭو واﺟب ( وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﺟب ،وﻻ ﯾﺗﺻور أن ﯾـؤدي اﻟﻣﺳـﻠم واﺟﺑـﮫ
ﻛﺎﻣﻼً ﻧﺣو اﻹﺳﻼم ﺑﺻورة ﻓردﯾﺔ .ﻟﮭذا أﻧﺷﺄ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻟﺗﺣﻘﯾق أھداف اﻹﺳﻼم .
وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺻور ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑدون ﻗﯾﺎدة ،وﻻ ﻗﯾﺎدة ﻟﯾس ﻟﮭﺎ ﺣق اﻟﺳﻣﻊ واﻟطﺎﻋـﺔ ﻋﻠـﻲ أﻓرادھـﺎ ،وﻻ أﻓـراد ﻣﻧﺗظﻣـﯾن
ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ دون ﺗﻌﮭدات واﻟﺗزاﻣﺎت ﯾوﻓون ﺑﮭﺎ وﯾﻠﺗزﻣون ﺑﺄداﺋﮭـﺎ .وﻗـد راﻋـﻲ اﻹﻣـﺎم اﻟﺷـﮭﯾد ﺣﺳـن اﻟﺑﻧـﺎ ﻛـل ذﻟـك ﻓﺣـدد
ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﮭﻣﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ وﻟواﺋﺣﮭﺎ وﻧظﻣﮭﺎ وﻣﺟﺎﻻت ﻧﺷـﺎطﮭﺎ وﺷـروط ﻋﺿـوﯾﺗﮭﺎ ووﺳـﺎﺋﻠﮭﺎ وﻛـل ﻣـﺎ ﯾﺗﺻـل ﺑﮭـﺎ ﺑﺻـورة
ﺗﺿﻣن اﺳﺗﻣرارﯾﺗﮭﺎ وﻧﻣﺎﺋﮭﺎ واﺗﺳﺎع داﺋرﺗﮭﺎ ﻣﻊ أﺻﺎﻟﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﮭﺎ ﺑﺎﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳـﻧﺔ .ھـذا ﺑﺎﺧﺗﺻـﺎر ﺷـدﯾد اﻷﺻـل ﺑﺎﻟﻧﺳـﺑﺔ
ﻟﻣوﺿوع اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺳﯾر ﻓﻲ ظﻠﮭﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة .واﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﻟﮫ ﺻور ﻣﻧﮭﺎ :
– 1ﺗﮭوﯾن اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ :
اﻹﻗﻼل واﻟﺗﮭوﯾن ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ،وﺗﺻور اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﻔردي .وﻟﻸﺳف ﻧﺳﻣﻊ ﻋﻠـﻲ اﻟﺳـﺎﺣﺔ
ﻣن ﯾﻧﺎدون ﺑﮭذا ،وﻻ أدري ﻣﺎ ھو اﻟداﻓﻊ وراء ذﻟك ؟ أھو ﻟﺻـﺎﻟﺢ أﻋـداء ﷲ ﻓـﻲ اﻟـداﺧل واﻟﺧـﺎرج اﻟـذﯾن ﯾﺧﺷـون ﺗﺟﻣـﻊ
اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم ووﺣدﺗﮭم أم أﻧﮫ إﯾﺛﺎر ﻟﻠﻌﺎﻓﯾﺔ ﻷن اﻷﻧظﻣﺔ اﻟظﺎﻟﻣﺔ ﺗؤذي وﺗﺣﺎرب اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ؟ .
ﺳﺎ ﯾﺄﺗﻣرون ﺑﮫ وﯾرﺟﻌون إﻧﻧﺎ ﻧﺳﻣﻊ أن اﻟﻠﺻوص ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﻔﻘون وﯾوزﻋون ﻣﻧﺎطق ﻧﻔوذھم وﯾﺧﺗﺎرون ﻟﮭم رﺋﯾ ً
إﻟﯾﮫ ﻋﻧد أي ﺧﻼف .أﻻ ﯾﺟدر ﻟﻣن ﯾﺗﺻدون ﻹﻧﺟﺎز أﻋظم ھدف ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﯾﺎة أن ﺗﻛون ﻟﮭم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻧظﻣﺔ ؟ ھذا
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻲ أن اﻹﺳﻼم ﯾدﻋو إﻟﻲ ﺟﻣﻊ ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ووﺣدﺗﮭم وﯾﺣذرھم ﻣن اﻟﺗﻔرق .وھل اﻷﻓﺿل أن ﻧواﺟﮫ أﻋداءﻧﺎ
وﻧﺣن ﻣﺟﺗﻣﻌون أم وﻧﺣن أﻓراد ﻣﺗﻔرﻗون ؟ وﻗد ﻗﺎل اﻟﻣوﻟﻲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :
– 2ﺗﻌدد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟزﻋﺎﻣﺎت 28 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻛﺛرة ﺗﻌدد اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت واﻟراﯾﺎت واﻟزﻋﺎﻣﺎت ﻣﻣﺎ ﯾوزع اﻟﺟﮭود وﯾﻔﺗﺗﮭﺎ وﯾﺑﻠﺑل اﻟﺷﺑﺎب ﻋﻧدﻣﺎ
ﯾﺧﺗﺎر طرﯾﻘﮫ ﻟﻠﻌﻣل ﻟﻺﺳﻼم ﻣﻊ أي ﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﻌﻣل ،ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻗﺿﯾﺔ ﻋﻣﻠﮫ ﻟﻺﺳﻼم ﻗﺿﯾﺔ ذات ﺧطر وﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ
ﻓرﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮫ ،واﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺧطﯾرة .
ﺻﻔﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺧﺗﺎرة :
وھﻧﺎ ﻧﻘول ﻟﻠﺷﺑﺎب :ﯾﺟب أن ﺗراﻋﻲ ﺗواﻓر ﺻﻔﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎرھﺎ :
– 1أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﻧﮭﺎج ﻋﻣﻠﮭﺎ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ،وﻻ ﺗﻛون ﻣﻘﺗﺻرة ﻋﻠﻲ ﺑﻌض ﺟواﻧب ﻣن اﻹﺳﻼم وأن
ﺗﻠﺗزم اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل اﻟﻧﻘﻲ ﻟﻺﺳﻼم ،اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣن ﻛل ﺧطﺄ أو اﻧﺣراف ،اﻟﺷﺎﻣل دون اﺟﺗزاء ،اﻟﻧﻘﻲ ﻣن اﻟﺑدع
واﻟﺧراﻓﺎت وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺷواﺋب .
ﺿﺎ أن ﺗﻠﺗزم طرﯾق رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ – 2وﻣن اﻟﻣواﺻﻔﺎت اﻟﻼزﻣﺔ أﯾ ً
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .ذﻟك ﺑﺈرﺳﺎء ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن ،وﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط ﺛم ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح .
– 3وأن ﺗﮭدف ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮭﺎ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﺗﻌد اﻷﺳﺎس ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ،ﻓﻼ ﺗﺣﺻر ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻟﮭدف
ﻣ ﺣ ﻠﻲ .
– 4وﻋﻠﻲ اﻟﺷﺑﺎب أن ﯾﺧﺗﺎر ذات اﻟﺧﺑرة واﻟرﺻﯾد وﻻ ﺗﺳﺗﮭدف اﻟﺷﻌﺎرات اﻟﺑراﻗﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .
– 3اﻟﺟﯾوب اﻟداﺧﻠﯾﺔ 29 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل :إﺣداث ﻣﺣﺎور أو ﺗﻛﺗﻼت داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺣول أﺷﺧﺎص أو ﺣول أﻓﻛﺎر وآراء
،أو إﯾﺟﺎد ﻣﺎ ﯾﺷﺑﮫ اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل داﺧل اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ،أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة ﻹﻟزاﻣﮭﺎ ﺑرأي
ﻋﺎ ،أو اﺳﺗﻌﻼء اﻟﺑﻌض ﻋﻠﻲ اﻟﺧﺿوع ﻟﻧظم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم اﻟﻘﯾﺎدة وﻛﺄﻧﮭم ﻓوق ﻣﻌﯾن وإﻻ ﯾﻌﺗزل وﯾﺣدث ﺗﺻد ً
اﻟﻘﯾﺎدة .
ﻛل ھذه اﻟﺻور وﻣﺎ ﯾﺷﺑﮭﮭﺎ اﻧﺣراف ﻋن ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻋن ﻣﻔﮭوم اﻻﻟﺗزام ،وﻣﺎ وﺿﻌت اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ إﻻ ﻟوﻗﺎﯾﺔ
اﻟﺻف ﻣن ﻣﺛل ھذه اﻻﻧﺣراﻓﺎت .وواﺟب اﻟﻘﯾﺎدة ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ أن ﺗﺗﺧذ اﻟﻣواﻗف اﻟﺣﺎزﻣﺔ إزاء ﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت وﻣن
9
ﺧﻼل اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ دون ﺗراخ أو ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ .ﻣﻌﻠوم أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ ﻛل ﻓرد ﻓﯾﮭﺎ وﻻ ﺗﻔرط ﻓﯾﮫ ،ﻟﻛن إذا أﺻر
اﻟﻔرد ﻋﻠﻲ إﺣداث ﺑﻠﺑﻠﺔ وﺗﺻدﯾﻊ ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓوق اﻷﻓراد ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻧزﻟﺗﮭم .
– 4اﻟﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص 29 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﺗﻌﻠق ﺑﻌض اﻷﻓراد ﺑﺄﺷﺧﺎص ﺑذواﺗﮭم أﻛﺛر ﻣن ارﺗﺑﺎطﮭم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻗﯾﺎدﺗﮭﺎ ،
ﻓﮭذا اﻧﺣراف ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ﺣدوث اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﺟﻌل ﺷﺧﺻﯾﺔ ھؤﻻء اﻷﻓراد ﺗذوب ﻓﻲ
ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣن ﺗﻌﻠﻘوا ﺑﮭم وﻻ ﺗﻛون ﻟﮭم ﺷﺧﺻﯾﺗﮭم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺻف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:
– 5إﺛﺎرة اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ 30 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل إﺛﺎرة اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ داﺧل اﻟﺻف ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد اﻟﺷﯾطﺎن أن ﯾﺟد ﻣﺟﺎﻻً
ﻟﻠﺗﺑﺎﻏض واﻟﺣواﺟز ﺑﯾن اﻹﺧوة وﺻرف اﻟﺟﮭود واﻷوﻗﺎت ﺣول اﻟﺧﻼﻓﺎت وأﺳﺑﺎﺑﮭﺎ وإزاﻟﺔ آﺛﺎرھﺎ ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك
ﺗﻌطﯾل اﻹﻧﺗﺎج ورﺑﻣﺎ اﻟﻔﺷل واﻟﻌﯾﺎذ ﺑﺎ .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :ھﻛذا ﻓﻲ طﺎﻋﺔ ﷲ واﻟرﺳول اﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟوﺣدة واﻟﻧﺻر وﻓﻲ
طﺎﻋﺔ اﻟﺷﯾطﺎن :اﻟﺗﻧﺎزع واﻟﻔﺷل .وإﻧﻣﺎ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺗﺟﻣﻊ واﻟوﺣدة وﺗﺄﻟف اﻟﻘﻠوب وﺟﻌل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد اﻷﺧوة رﻛًﻧﺎ
ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ،وﻗﺎل إن أدﻧﻰ ﻣراﺗﺑﮭﺎ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر وأﻋﻼھﺎ اﻹﯾﺛﺎر .ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻷﺧوة أﺧت اﻹﯾﻣﺎن واﻟﺗﻔرق أﺧو
ﺳﺎ أﻣﯾًﻧﺎ ﻋﻠﻲ وﺣدة اﻟﺻف وأن ﯾﺗﺣرز ﻣن ﻛل ﻛﻠﻣﺔ أو ﺗﺻرف ﯾﺣدث ﺧﻼﻓًﺎ أو ﻓرﻗﺔ ،ﻛذﻟك اﻟﻛﻔر .ﻓﻠﯾﻛن ﻛل أخ ﺣﺎر ً
اﻟﺑﻌد ﻋن اﻟﻐﯾﺑﺔ واﻟﻧﻣﯾﻣﺔ وﺳوء اﻟظن واﻟﻘﯾل واﻟﻘﺎل وﻛل ﻣﺎ ﻧﮭﯾﻧﺎ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب .وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن اﻟﺳﮭر ﻋﻠﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ
اﻟﺻف ﻣن ﻛل أﺳﺑﺎب اﻟﺧﻼف وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺎ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﺣﯾﻧﮫ وﯾﺣﺳم ﻓﻔﻲ ذﻟك اﻟﺧﯾر .
– 6اﻻﻧﺷﻘﺎق 30 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل اﻻﻧﺷﻘﺎق واﻟﺧروج ﻋﻠﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻋﮭودھﺎ ﻷھواء ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻛﺣب
زﻋﺎﻣﺔ أو اﻋﺗداد ﺑﺎﻟرأي أو ﺗﻌﺎل أو ﻏﯾر ذﻟك .وﺣﺗﻰ ﻟو ﺣدث ﺧﻼف ﻓﻲ وﺟﮭﺎت ﻧظر ﻓﺎﻟواﺟب اﻟﺗزام اﻟﻧظم واﻟﻠواﺋﺢ
اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺳم اﻟﺧﻼف ،وﻷن ﻧﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻲ ﻏﯾر اﻷﺻوب ﺧﯾر ﻣن أن ﻧﻔﺗرق .ﻓﻔﻲ ظل اﻟوﺣدة ﯾﻣﻛن ﺑﻌد ذﻟك أن ﻧﻧﺗﻘل ﻣن
اﻟﺻواب إﻟﻲ اﻷﺻوب .
وھﺎ ﻧﺣن ﻧري ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﻧﻔﻌل ﻋﻧد ﻋﻘد ﺻﻠﺢ اﻟﺣدﯾﺑﯾﺔ .وﻟم ﯾﺟرؤ أﺣد ﻋﻠﻲ إﺑداء ھذا اﻻﻧﻔﻌﺎل
ﻏﯾر ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب اﻟذي ﻟم ﺗﺗﺣﻣل أﻋﺻﺎﺑﮫ ﻓﻲ أول ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت إﺳﻼﻣﮫ اﻟﺗﺧﻔﻲ ﻓﻲ دار اﻷرﻗم ،واﺳﺗﺄذن
رﺳول ﷲ ﺑﻧﻔس اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدث ﺑﮭﺎ اﻟﯾوم ) أﻟﺳﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺣق ؟ أﻟﯾﺳوا ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ؟ ﻓﻔﯾم اﻟﺗﺧﻔﻲ إذن ( ؟ وھﺎ ھو
ﯾﻘول اﻵن .ﻓَِﻠَم ﻧُﻌَِطﻲ اﻟدﻧﯾﺔ ﻓﻲ دﯾﻧﻧﺎ ؟ وراح ﻋﻣر ﯾﻧﺗﻘل ﺑﯾن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وأﺑﻲ ﺑﻛر وأﺑﻲ ﻋﺑﯾدة
رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭم .واﻟﺟواب ﯾﺄﺗﯾﮫ أن اﻟوﺣﻲ ﻗد أﻣر ﺑذﻟك .
واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﺷﻘﺎق واﻟﺧروج ﻋن اﻟﺻف اﻟﺧﺎﺳر ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﯾﻧﺷق واﻟراﺑﺢ ھو اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺗطﮭر ﺻﻔﮭﺎ ﻣن
ﻣﺛل ھذه اﻟﻧوﻋﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣرص ﻋﻠﻲ اﻟوﺣدة وﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﺳﯾد اﻟﺧﻠق ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " :إﻧﻣﺎ ﯾﺄﻛل اﻟذﺋب ﻣن اﻟﻐﻧم
اﻟﻘﺎﺻﯾﺔ " .وﻟﻧﻌﻠم أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺳﺗﺳﯾر ﺑﻌون ﷲ ﺑﻧﺎ أو ﺑﻐﯾرﻧﺎ ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧﺷﻔق ﻋﻠﻲ اﻟﺻف وﻟﻛن ﻧﺷﻔق ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻣن
ﻧﺣب أن ﻧﺣرم ﺑرﻛﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺧﯾرھﺎ وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﯾﻘول ﻟﻧﺎ ) إن ﻟم ﺗﻛوﻧوا ﺑﮭﺎ – أي اﻟدﻋوة – ﻓﻠن ﺗﻛوﻧوا ﺑﻐﯾرھﺎ ،
وھﻲ إن ﻟم ﺗﻛن ﺑﻛم ﻓﺳﺗﻛون ﺑﻐﯾرﻛم وإن ﺗﺗوﻟوا ﯾﺳﺗﺑدل ﻗوًﻣﺎ ﻏﯾرﻛم ﺛم ﻻ ﯾﻛوﻧوا أﻣﺛﺎﻟﻛم ( .
– 7ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ 31 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ أو ﺑﺑﻌﺿﮭﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة .ﻓﺎﻹﻣﺎم
اﻟﺑﻧﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺣدد أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻋﺷرا وﻟم ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أو ﺗﺳﻌﺔ ،ﻛﺎن ﻣﻘﺗﻧﻌًﺎ ﻛل اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄھﻣﯾﺗﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ
وﻟزوم ﺗوﻓرھﺎ ﻓﻲ ﻛل أخ ﯾرﯾد أن ﯾﺄﺧذ ﻣﻛﺎﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﺻف وﯾﺳد ﺛﻐرة وﯾﺗﺣﻣل ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ،ﻷن ﻋدم ﺗواﻓر أي رﻛن ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ
ﺻﺎ وﯾﻣﻛن أن ﯾؤﺗﻲ ﻣن ﻗﺑل ھذا اﻟﻧﻘص وﺗؤﺗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن ﻗﺑﻠﮫ .ﻟﮭذا ﻛﺎن ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺄﺣد أو ﺑﻌض أرﻛﺎن ﻓرد ﯾﻌﺗﺑر ﻧﻘ ً
اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل ﯾﻌرض اﻟﻔرد واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ أﺧطﺎر وﻣﺗﺎﻋب ﻓﻠﻧﺣرص ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء واﻻﻟﺗزام ﺑﻛل أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ
.ﺛم إن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﻛره أﺣدًا ﻋﻠﻲ اﻻﻧﺗظﺎم ﻓﻲ ﺻﻔوﻓﮭﺎ ،وﻟﻛن ﻣن ارﺗﺿﻲ ذﻟك ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﻠزم ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺷروطﮭﺎ وﻋﮭودھﺎ
.واﻟﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻊ ﷲ ﻓﻼ ﯾﻔرط ﻓﯾﮭﺎ وﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﻲ أي رﻛن ﻣن أرﻛﺎﻧﮭﺎ ( .
– 8اﻻﺳﺗﻌﻼء ﻋﻠﻲ اﻟﻐﯾر 32 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل :أن ﯾﺳﺗﻌﻠﻲ أﺣد ﺑﺎﺳم ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ﻋﻠﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
اﻷﺧرى ،ﻓﻼ ﯾﻘول أﺣد إن ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ھﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺗدﻋو اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ
ﻟﻠﻌﻣل ﻟﻺﺳﻼم وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم .وﻻ ﻧرﯾد أن ﻧﻛﺳب ﻋداوة أي ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻻ ﻧوﺟد أو ﻧﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ
10
وﺟود اﺣﺗﻛﺎﻛﺎت أو ﻣﮭﺎﺗرات ﺑﯾﻧﻧﺎ وﺑﯾن أي أﻓراد أو ﺟﻣﺎﻋﺎت أﺧري .ﻓَِﻣﱠﻣﺎ اﻟﺗزم ﺑﮫ اﻹﺧوان ﻣن أول ﯾوم ﻋدم ﺗﺟرﯾﺢ
اﻷﺷﺧﺎص واﻟﮭﯾﺋﺎت واﻟﺗزام أدب اﻹﺳﻼم وﻧﺣب اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺣﺗﻰ اﻟﻣﺗﺣﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن .
وﻣن ﺟﻣﯾل ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻓﻲ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺳﺎدس ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ) وأﻣﺎ ﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ
ﻋﻠﻲ اﺧﺗﻼف ﻧزﻋﺎﺗﮭﺎ ،ﻓﻣوﻗف ﺣب وإﺧﺎء وﺗﻌﺎون ووﻻء ،ﻧﺣﺑﮭﺎ وﻧﻌﺎوﻧﮭﺎ وﻧﺣﺎول ﺟﺎھدﯾن أن ﻧﻘرب ﺑﯾن وﺟﮭﺎت
اﻟﻧظر ،وﻧوﻓق ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻔﻛر ﺗوﻓﯾًﻘﺎ ﯾﻧﺗﺻر ﺑﮫ اﻟﺣق ﻓﻲ ظل اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺣب .وﻻ ﯾﺑﺎﻋد ﺑﯾﻧﻧﺎ وﺑﯾﻧﮭﺎ رأي ﻓﻘﮭًﯾﺎ أو
ﺧﻼف ﻣذھﺑﻲ ،ﻓدﯾن ﷲ ﯾﺳر وﻟن ﯾﺷﺎد اﻟدﯾن أﺣد إﻻ ﻏﻠﺑﮫ .وﻟﻘد وﻗﻔﻧﺎ ﷲ إﻟﻲ ﺧطﺔ ﻣﺛﻠﻲ ،إذا ﻧﺗﺣرى اﻟﺣق ﻓﻲ أﺳﻠوب
ﻟﯾن ﯾﺳﺗﮭوى اﻟﻘﻠوب وﺗطﻣﺋن إﻟﯾﮫ اﻟﻌﻘول ،وﻧﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﺳﯾﺄﺗﻲ اﻟﯾوم اﻟذي ﺗزول ﻓﯾﮫ اﻷﺳﻣﺎء واﻷﻟﻘﺎب واﻟﻔوارق اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ
واﻟﺣواﺟز اﻟﻧظرﯾﺔ وﺗﺣل ﻣﺣﻠﮭﺎ وﺣدة ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺻﻔوف اﻟﻛﺗﯾﺑﺔ اﻟﻣﺣﻣدﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون ھﻧﺎك إﻻ إﺧوان ﻣﺳﻠﻣون
ﻟﻠدﯾن ﻋﺎﻣﻠون وﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﻣﺟﺎھدون ( ) .ﯾراﻋﻲ ﻗوﻟﮫ إﻻ إﺧوان ﻣﺳﻠﻣون وﻟم ﯾﻘل إﻻ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون واﻟﻔرق
واﺿﺢ ( .
11
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم
ﺣوّل ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم 34 :
أھﻣﯾﺔ اﻟﻔﮭم :
ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻟﻺﺳﻼم أن ﯾﺗوﺣد ﻓﮭم أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ ﻟﻺﺳـﻼم ﺑﻣـﺎ ﯾوﺣـد اﻟوﺟﮭـﺔ ﻓـﻲ
اﻟﻌﻣل ﻷن اﻟﻌﻣل ﻣرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻔﮭم ،وﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟواﺣدة ﻣـدارس ﻓﻛرﯾـﺔ ﻣﺗﻌـددة .وﻟـذﻟك ﺣـرص اﻹﻣـﺎم
اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ إﻋطﺎء ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻣﺎ ﺗﺳﺗﺣﻘﮫ ﻣن اھﺗﻣﺎم ،ﻓﺟﻌل ھﻣﮫ أن ﯾﻘدم اﻹﺳـﻼم اﻟـذي ﺟـﺎء ﺑـﮫ ﻣﺣﻣـد ﺻـﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾـﮫ
وﺳﻠم ﺧﺎﻟًﯾﺎ ﻣﻣﺎ ﻧﺎﻟﮫ ﻣن اﻧﺣراﻓﺎت اﻟﺑﻌض ﺳـواء ﻓـﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋـد أو اﻟﻌﺑـﺎدات أو اﻟﻌـﺎدات ،وﺑﻌﯾـدًا ﻋـن اﻻﺟﺗـزاء أو اﻟﺗﺷـوﯾﮫ
وﺑﻌﯾدًا ﻋن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻣزﻗت اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻟﻲ ﻓرق وأﺣـزاب ،وﻣـﺎ ﻗـﺎم ﺑـﮫ أﻋـداء اﻹﺳـﻼم ﻓـﻲ اﻟﻣﺎﺿـﻲ واﻟﺣﺎﺿـر ﻣـن
ﺗﺷوﯾﮫ ﻟوﺟﮫ اﻹﺳﻼم اﻟﻣﺷرق ،وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ھدف اﻹﺧوان إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وإﻋﺎدة اﻟﺧﻼﻓﺔ ،ﻓﻼﺑد وأن ﯾﻘـوم ھـذا
اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻌظﯾم ﻋﻠﻲ ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ اﻟﺷﺎﻣل اﻟﻧﻘﻲ ﻟﻺﺳﻼم وﻻ ﯾﺗﺻور أن ﺗﺑذل ﺟﮭود وﺗزھق أرواح ﻋﻠﻲ طرﯾـق اﻟـدﻋوة
ﻹﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن ﻓﮭم ﻣذھﺑﻲ ﺧﺎص ﻻ ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻛل اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،أو ﻋﻠﻲ أﺳﺎس ﻣن ﻓﮭـم ﻏﯾـر
ﻛﺎﻣل أو ﻏﯾر ﺳﻠﯾم .ﻟذﻟك ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﺑﻌد ﻗراءات ﻛﺛﯾرة ودراﺳﺎت ﻋﻣﯾﻘﺔ ،ﻗدم اﻹﺳﻼم ﺑﺻورﺗﮫ اﻟﻧﺎﺻﻌﺔ ﻓﻲ رﺳـﺎﺋﻠﮫ
،ﺛم ﺟﻌل اﻟرﻛن اﻷول ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﮭم ،ووﺿﻊ ﻟﮫ أﺻوﻻً ﻋﺷرﯾن ﻛﺈطﺎر ﯾﺣﻣﻲ ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣـن اﻻﺟﺗـزاء
أو اﻻﻧﺣراف أو اﻟﺷـواﺋب ،وﻗـد أﺛﺑﺗـت اﻷﯾـﺎم ﺑﻔﺿـل ﷲ أﺻـﺎﻟﺔ ھـذه اﻷﺻـول اﻟﻌﺷـرﯾن ودﻗﺗﮭـﺎ واﻋﺗـداﻟﮭﺎ وﺑﻌـدھﺎ ﻋـن
اﻹﻓراط أو اﻟﺗﻔرﯾط ،وإن ﻛﺎن ﺑﻌض اﻟﻣﻐﺎﻟﯾن أو اﻟﻣﺗﺷددﯾن ﻟم ﺗرﻗﮭم ﺑﻌض اﻷﻟﻔـﺎظ وﻟﻛﻧﻧـﺎ ﻻ ﻧﺗﻌﺎﻣـل ﺑﻣﻘـﺎﯾﯾس اﻟﻣﻐـﺎﻟﯾن .
وﻟﺣرص اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ ﺗوﺣﯾد وﺟﮭﺔ اﻹﺧوان ﻣن ﺟﮭﺔ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻲ ھذا اﻟﻔﮭـم ﻣـن ﺟﮭـﺔ أﺧـري ﺟﻌﻠـﮫ رﻛًﻧـﺎ ﻣـن
أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﺑل اﻟرﻛن اﻷول ﻟﯾﻛون ﻛل أخ ﻣﻠﺗزم ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺳﺋوﻻً ﻋن اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن أي ﺗﺑـدﯾل أو ﺗﻐﯾﯾـر وﻓـﺎء ﻋـن
اﻟﻔﮭم ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ .
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻔﮭم :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻋن اﻟﺧط اﻷﺻﯾل ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
– 1ﺗﺑﻧﻲ أﻓﻛﺎر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻺﺳﻼم :ﺗﺑﻧﻲ أﻓﻛﺎر أو أﻓﮭﺎم ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻠﻔﮭم اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻺﺳﻼم ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳـﻧﺔ
ﻧﺑﯾﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم واﻟذي اﺟﺗﻣﻌت ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺣددت إطﺎره اﻷﺻول اﻟﻌﺷرون واﻟﺳـﯾر ﺑﮭـذه اﻷﻓﻛـﺎر اﻟﻣﺧﺎﻟﻔـﺔ
داﺧل اﻟﺻﻔوف ﺑﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﻠﺑﻠﺔ واﺧﺗﻼﻓﺎ ً .وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺑﺎرزة ﻟﮭذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻔﮭـم ھـو ﻓﻛـر اﻟﺗﻛﻔﯾـر اﻟـذي
ظﮭر ﻋﻧد ﺑﻌض أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ داﺧل اﻟﺳﺟون واﻟﻣﻌﺗﻘﻼت .وھو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ ﺛﻣـرة ﻣـن ﺛﻣـﺎر اﻹﯾـذاء واﻟﺗﻌـذﯾب اﻟﺷـدﯾد ،
وھو ﻣﺧﺎﻟف ﻷﺻول اﻹﺳﻼم وﻣﺎ أﺷﯾر إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻟﻌﺷرﯾن .وﻗد ﺑذﻟت ﺟﮭود ﻣﻛﺛﻔﺔ ﻟﺗﻔﻧﯾد ھذا اﻟﻔﻛر وﺗوﺿﯾﺢ ﺧطﺋـﮫ
.وﻋدل اﻟﻛﺛﯾر ﻋﻧﮫ ﺑﺳﺑب ذﻟك ،وﺑﻘﯾت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺣدودة ﻣﺻرة ﻋﻠﯾـﮫ ﻓوﻗـف اﻷﺳـﺗﺎذ ﺣﺳـن اﻟﮭﺿـﯾﺑﻲ رﺣﻣـﮫ ﷲ ﻣوﻗًﻔـﺎ
ﺣﺎزًﻣﺎ وﻛﺎن ھو اﻟﻣرﺷد اﻟﻌﺎم وﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺗﻘل ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت – وﻗﺎل ﻟﻠذﯾن أﺻروا ﻋﻠﻲ ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾـر :ﻟـن ﻧﻛﻔـرﻛم ﻛﻣـﺎ
ﺗﻛﻔروﻧﻧﺎ وﻟﻛن ﻟﯾس ھذا ﻓﻛر اﻹﺧوان اﻟذي ﺑﺎﯾﻌﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ وﻟﯾس ﻣن اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﺈن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻓﻠﺗﺑﺣﺛوا ﻟﻛـم
ﻋن ﻻﻓﺗﺔ أﺧري ﻏﯾر ﻻﻓﺗﺔ اﻹﺧوان وﺑﮭذا ﺻﺎر ﻣن ﯾﺣﻣل ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾر ﻟﯾس ﻣن اﻹﺧوان .
– 2اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻗدر اﻟﺳﻧﺔ :وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم أي ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻗدر اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ
أو اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﻘرآن ،أو ﺗرﺟﯾﺢ اﻟﻧظر اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻋﻠﻲ اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗطوﯾﻊ اﻹﺳﻼم ﻟﯾﺟﺎري إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك
ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻣﻐرﺿﺔ .ﻓﺂﯾﺎت اﻟﻘرآن ﺗؤﻛد اﻟﺗزاﻣﻧﺎ ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ وطﺎﻋﺔ اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم(
وﺣدﯾث اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " ﺗرﻛت ﻓﯾﻛم ﻣﺎ إن ﺗﻣﺳﻛﺗم ﺑﮫ ﻟن ﺗﺿﻠوا ﺑﻌدي أﺑدا ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺗﻲ " .ﻓﻼ ﯾﺻﺢ
أن ﯾﺻدر ﻣن أﺣد ﻣن اﻹﺧوان أي ﺷﻲء ﻣن ھذه اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻧﺣرﻓﺔ وﻻ ﺗروج ﻷﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ﺑﯾن ﺻﻔوﻓﻧﺎ وﻟﻧﺣذر ھذا اﻟﺻﻧف
ﻣن اﻟﻧﺎس اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﯾن أو اﻟﻣﺗﻌﺎﻟﻣﯾن ورﺣم ﷲ اﻣرأ ﻋرف ﻗدر ﻧﻔﺳﮫ .
– 3اﻹﻟزام ﺑﺎﻟرأي :وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻟزام أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﺑرأي واﺣد ﻓﻲ
اﻷﻣر اﻟﻔرﻋﻲ اﻟذي ﻓﯾﮫ أﻛﺛر ﻣن رأي وﻟﻛل دﻟﯾﻠﮫ ،ﻓﺈن ھذا اﻟﻣﺳﻠك ﯾﺣول اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ إﻟﻲ ﻓرﻗﺔ أو طﺎﺋﻔﺔ أو ﻣذھب ﺧﺎص
ﻓﻣن واﻓﻘﻧﺎ ﻋﻠﻲ ھذا اﻟرأي ارﺗﺑط ﺑﻧﺎ وﻣن ﺧﺎﻟﻔﻧﺎ اﺑﺗﻌد ﻋﻧﺎ ،وﻣﺎ ھذا ﻗﺎﻣت ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان ،وﺣرص اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻋﻠﻲ
ﺗﻔﺎدي ذﻟك ﻟﺗﺗﺳﻊ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﻟﺗوﺣدھم ﻣﺎ وﺳﻌﮭم اﻹﺳﻼم .وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ ﻻ ﺗﺗﺳﻊ ﻟﻣن ﯾﺧرﺟﮫ رأﯾﮫ
ﻋن اﻹﺳﻼم .وإن ﻛﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻷﻣور اﻟﻔرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ أﻛﺛر ﻣن رأي ﻧﺗواﺻﻰ أن ﻧﺄﺧذ ﺑﺎﻟرأي اﻟذي دﻟﯾﻠﮫ أرﺟﺢ
وﻟﻛن ﻻ ﻧﻔﺎﺻل ﻣن أﺧذ ﺑرأي آﺧر طﺎﻟﻣﺎ أﻧﮫ ﻓﻲ داﺋرة اﻹﺳﻼم .
12
– 4ﺗﺿﺧﯾم اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ :وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم ﺗﺿﺧﯾم اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ واﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻲ
ﺣﺳﺎب اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ ،وﻷن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﯾُﻔﺗﺢ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﻼف واﻟﺟدال ﺑﻣﺎ ﯾﺷﻐل اﻹﺧوان وﻏﯾرھم
وﻗد ﯾرﺳب ﻓﻲ اﻟﻧﻔوس ﻣﺎ ﯾﺣول دون اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺛﻣر ﻟﻠﻌﻣل اﻟﺟﺎد ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻷﺻﻠﯾﺔ .وﻛﯾف واﻹﺳﻼم ﯾﺗﻌرض إﻟﻲ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻷﻋداء ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﻠﺔ ،وﯾﺧﺗﻠف اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺣول ﻓرﻋﯾﺎت وﺟزﺋﯾﺎت ؟ وﻗد دﻋﺎﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد إﻟﻲ ﺗﻠك
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟرﺷﯾدة ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل وھﻲ ) أن ﻧﺗﻌﺎون ﻓﯾﻣﺎ اﺗﻔﻘﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﯾﻌذر ﺑﻌﺿﻧﺎ ﺑﻌﺿﺎ ﻓﯾﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ( .ﻓﻠﻧﻠﺗزم ﺑذﻟك .
– 5اﻻﺟﺗزاء :وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﺣول ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻔﮭم اﻻﺟﺗزاء ﻓﻲ أﺧذﻧﺎ ﻟﻺﺳﻼم وﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﮫ ﻛﺄن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ
اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﯾر اﻟﺣﻛﺎم ﻛﺎﻟﻌﺑﺎدة واﻟﻌﻠم واﻟذﻛر وأﻋﻣﺎل اﻟﺑر إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ،وﺗرك ﺟواﻧب اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد
وﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻣﻧﻛر .وﻟﻛن ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻘدم اﻹﺳﻼم ﻛﺎﻣﻼً وﺗدﻋو إﻟﯾﮫ ﻛﺎﻣﻼً وﻧﻌﻣل ﻟﮫ ﻛﺎﻣﻼً وﻻ ﻧﺧﺎف ﻓﻲ ﷲ ﻟوﻣﺔ ﻻﺋم ﻣﮭﻣﺎ
ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﺑﺳﺑب ذﻟك إﻟﻲ اﻹﯾذاء ﻓﻘد ﻛﺎن ﻗدوة ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾدﻋو وﯾؤذي وﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟدﻋوة رﻏم ذﻟك دون
اﻧﺗﻘﺎص .وﯾﻧﺑﮭﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد إﻟﻲ ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل اﻷول ﻣن اﻷﺻول اﻟﻌﺷرﯾن ﺑﺷﻣول اﻹﺳﻼم وﺗﻛﺎﻣﻠﮫ .وﻟﻘد
ﺗﻌرﺿﻧﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن إﻟﻲ اﻣﺗﺣﺎن ﻓﻲ أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ وﻣﻧﮭﺎ اﻟﻔﮭم ﺑﯾن ﻣﺗطرﻓﯾن ﻛﺄﺻﺣﺎب ﻓﻛر اﻟﺗﻛﻔﯾر وﺑﯾن ﻣﺗرﺧﺻﯾن
ﯾرﯾدون ﻣﻧﺎ أن ﻧدع أﻣور اﻟﺣﻛم واﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺟﮭﺎد اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر اﻟﺣﻛﺎم وﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟﻺﯾذاء ﻓﻛﺎن اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺑﯾﻌﺔ ﯾﺣﺗم ﻋﻠﯾﻧﺎ أن
ﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﮭم دون ﺗﺑدﯾل وﻻ ﺗﻐﯾﯾر ﻧورﺛﮫ إﻟﻲ ﻣن ﺑﻌدﻧﺎ ﺳﻠﯾًﻣﺎ ﺻﺣﯾًﺣﺎ ﺷﺎﻣﻼً .
طﺎ دﻗﯾًﻘﺎ ﺛم ﯾزداد ﻣﻊ اﻟزﻣن ،ﻣن اﻧدﻓﺎع اﻟﺷﺑﺎب وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﺗوﺿﺢ أن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﻔﮭم أو ﻏﯾره ﯾﺑدو ﺑﺳﯾ ً
وروح اﻟﺗﻌﺻب ،وﻟﻣﺳﻧﺎ أن اﻟﻣﻧﺣرف ﻛﺛﯾًرا ﻣﺎ ﯾﻠﺑس ﻋﻠﯾﮫ إﺑﻠﯾس ﻓﯾﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺻواب وﻏﯾره ھو اﻟﻣﻧﺣرف ،وﯾﺄﺧذ
ﻓﻲ ﺗﻠﻣس اﻵﯾﺎت واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺗﻲ ﯾؤوﻟﮭﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺧدم ﺑﮭﺎ ﻓﻛره اﻟﻣﻧﺣرف ،وﯾﺟﻣﻊ ﺣوﻟﮫ وﯾرﻓﻊ راﯾﺔ وﯾﻧﺷﺊ ﺟﻣﺎﻋﺔ وھﻛذا
ﯾﺣدث اﻟﺗﻣزق واﻟﺗﺷﺗت ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻔﮭم .وواﺟب اﻷﺧوة ﯾﺣﺗم ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺑﺻر ﻣن ﯾﺑدأ ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف ﻟﺗﺻﺣﯾﺢ
ﻓﮭﻣﮫ ﻗﺑل أن ﯾوﻏل ﻓﻲ اﻻﻧﺣراف وﯾزداد اﻗﺗﻧﺎﻋﮫ أﻧﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺻواب ﻓﯾﺻﻌب إرﺟﺎﻋﮫ ﻋﻧﮫ .
13
اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ
ﺣول ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ
ﺣول ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ 39 :
إن ﻣﺛل ھذا اﻟﮭدف اﻟﻌظﯾم اﻟذي ﻧﻌﻣـل ﻟـﮫ وﻧﺳـﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘـﮫ ﻻ ﯾﻣﻛـن أن ﯾﺗﺣﻘـق ھﻛـذا ارﺗﺟﺎﻟﯾـﺎ ﺑـدون ﺧطـﺔ ﻣرﺳـوﻣﺔ
وأھداف ﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻣﺣددة ووﺳﺎﺋل ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻟﮭذا ﻧﺟـد اﻹﻣـﺎم اﻟﺷـﮭﯾد اﻟﺑﻧـﺎ ﺣـرص ﻋﻠـﻲ ﺗﺣدﯾـد ﻛـل ذﻟـك ﻓـﻲ أﺣﺎدﯾﺛـﮫ
وﻛﺗﺎﺑﺎﺗﮫ وﻣﻣﺎرﺳﺗﮫ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﺗرة ﺣﯾﺎﺗﮫ وھو ﻣﺎ ﻧواﺻل اﻟﺳﯾر ﻋﻠﯾﮫ ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ وﻋـون ﻣـن ﺑﻌـده .وﻗـد اﺳﺗرﺷـد اﻹﻣـﺎم
اﻟﺑﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﮫ ﺑﺳﯾرة ﻗدوﺗﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﻛﯾف ﺳـﺎر ﺑﺎﻟـدﻋوة ﺣﺗـﻰ أﻗـﺎم اﻟدوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﯾﺔ اﻷوﻟـﻲ ،
وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ دﻗﯾًﻘﺎ ﻏﺎﯾﺔ اﻟدﻗﺔ ﻓﻲ اﻗﺗﻔﺎء ﺧطﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟـﺎل ،وﻟﮭـذا اﻟﺳـﺑب ﻧﺟـد أن
اﻷﯾﺎم واﻷﺣداث ﺗؤﻛد أﺻﺎﻟﺔ ھذا اﻟطرﯾق وﺳـﻼﻣﺔ اﻟﺳـﯾر واﻋﺗـدال اﻟﺧطـوات ،وﺗـزداد اﻟﺛﻘـﺔ ﺑﺄﻧـﮫ ﻣوﺻـل ﺑـﺈذن ﷲ إﻟـﻲ
ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﻧﮭدف إﻟﯾﮫ .
ﻟﻘد ﻋرف اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ أن ﺿﻌف اﻹﯾﻣﺎن ﻓﻲ ﻧﻔوس اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻗد أوﺻل إﻟﻲ ھذه اﻟﺣﺎل ﻣن اﻟﺿﯾﺎع واﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾن
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وأوﺻل إﻟﻲ ﺗرك اﻟﺟﮭﺎد وإﻟﻲ اﻟذﻟﺔ واﻟﮭوان ،ﻓﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻲ ﺑﻌث اﻹﯾﻣﺎن وإرﺳﺎء اﻟﻌﻘﯾدة ﻟﯾﺗﺧرج
رﺟﺎل ﻋﻘﯾدة أﻗوﯾﺎء اﻹﯾﻣﺎن ﺛم ﻻﺑد ﻣن ﺗﻘوﯾﺔ رواﺑط اﻟﺣب واﻷﺧوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أﻗوي اﻟرواﺑط ،واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إزاﻟﺔ
أﺳﺑﺎب اﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺧﻼف .ﺛم ﺿرورة ﺑﻌث روح اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺣث ﻋﻠﻲ اﻻﺳﺗﻌداد ﺑﻘوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻷﻣر ﷲ(
ﻓﻘوة اﻟﻌﻘﯾدة وﻗوة اﻟوﺣدة وﻗوة اﻟﺳﺎﻋد واﻟﺳﻼح ﻣن أﻟزم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﮭﺎ اﻟﺑﻧﺎء وﯾدور ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻣل وﺑﮭذا اﻟﺗرﺗﯾب .
وﻧري اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ذﻛر ﺑﻌد ذﻟك أن اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﺎﻣﺔ ھﻲ :
اﻹﯾﻣﺎن اﻟﻌﻣﯾق .
واﻟﺗﻛوﯾن اﻟدﻗﯾق .
واﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗواﺻل .
ﻛﻣﺎ ذﻛر أن اﻟﻣراﺣل اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ھﻲ :
اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻧﺷر اﻟدﻋوة .
واﻟﺗﻛوﯾن ﺑﺗرﺑﯾﺔ اﻷﻓراد وإﻋدادھم .
ﺛم ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ واﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻣل .
ﻛﻣﺎ ﻓﺻل ﻣراﺗب اﻟﻌﻣل وﺧطواﺗﮫ ﻣن ﺣﯾث إﻋداد اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻧﻣوذج .
وﻛذا اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻘدوة .
واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم اﻟﻣﺗﺟﺎوب .
ﻓﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ ﻋﻠﻲ أن ﯾﺗم ذﻟك ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي ﺷﻌوﺑﻧﺎ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .
ﺛم ﺗﺗﺣد ھذه اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻟﺗﻛﱠون اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻋﻠﻲ رأﺳﮭﺎ اﻟﺧﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وأﺳﺗﺎذﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺈذن ﷲ .وﻗد ﻓﺻل
ﻣواﺻﻔﺎت ﻟﻠﻔرد اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ وھﻛذا .ﻛﻣﺎ وﺿﻊ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ اﻟوﺳﺎﺋل
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻛل ذﻟك ،ﻓﻛﺎﻧت اﻟدروس واﻟﻣﺣﺎﺿرات واﻟﻧدوات واﻟﻧﺷرات واﻟرﺳﺎﺋل واﻟﺻﺣف واﻟﻣﺟﻼت .وﻛﺎﻧت
اﻷﺳرة واﻟﻛﺗﯾﺑﺔ واﻟرﺣﻠﺔ واﻟﻣﻌﺳﻛر واﻟﺟواﻟﺔ واﻷﻧدﯾﺔ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ .وﻛﺎﻧت اﻟﻣدارس واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
واﻹﻋﻼﻣﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ .
إن اﻟﺗزام ھذا اﻟطرﯾق وھذه اﻟﺧطوات ﻓﻲ اﻟﻌﻣل وﺗﻠك اﻟوﺳﺎﺋل ﻣن أﻟزم اﻷﻣور ﻟﺿﻣﺎن ﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف ،وإن
اﻻﻧﺣراف ﻋن ذﻟك ﻟﮫ أﺧطر اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ وﯾﺑﺎﻋد ﻋن اﻟوﺻول ﻟﻸھداف ،وﻛﻣﺎ أن أي ﺑﻧﺎء إذا ﺣدث ﺧطﺄ أو ﺧﻠل ﻓﻲ أي
ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟﺑﻧﺎء ﯾُﻌرﺿﮫ إﻟﻲ اﻻﻧﮭﯾﺎر ﻛذﻟك اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﺧطوات اﻟﻌﻣل وﻣراﺣﻠﮫ .
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻌﻣل :
وﺳﻧﻌرض ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ إﻟﻲ ﺑﻌض ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺧطوات اﻟﻌﻣل ووﺳﺎﺋﻠﮫ ﻟﻧﺗﺟﻧب ذﻟك أﺛﻧﺎء ﺳﯾرﻧﺎ :
– 1ﻧﮭﺞ أﺳﻠوب اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ 41 :
ﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف أن ﻧﻧﮭﺞ أﺳﻠوب اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .وﻧﻌﻧﻲ ﺑذﻟك ﺗﻐﻠﯾب ﻋﻧﺻر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾ ث
ﯾطﻐﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﯾره ﻛﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ وﻧﺷر اﻟدﻋوة واﻟﺟﮭﺎد .أو أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﻛم ﻻ ﺑﺎﻟﻛﯾف ﻋﻠﻲ طرﯾﻘﺔ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﮭدف ﻧﯾل
أﻛﺑر ﻋدد ﻣن اﻷﺻوات ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت أو أﻛﺑر ﻋدد ﻓﻲ اﻟﻣظﺎھرات وﻧﺣوھﺎ .وھذا ﻻ ﺷك اﻧﺣراف ﺧطﯾرة ﻓﻲ اﻷﺳﺎس
اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺑﻧﺎء ،ﻓﻠﯾس اﻟﻘﺻد ﻛﺳب ﻣن ﯾﻌطﯾﻧﺎ ﺻوﺗﮫ ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت وﻟﻛن اﻷﺻل أﻧﻧﺎ ﻧرﯾد ﻣن ﯾﻌطﯾﻧﺎ ﻧﻔﺳﮫ وﻣﺎﻟﮫ
14
ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ .ﻧرﯾد ﻣن ﯾﺻﺑرون وﯾﺿﺣون وﯾﺛﺑﺗون وﯾﺗﺣﻣﻠون أﻋﺑﺎء اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل وﯾﻘدرون اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ وﻋظﻣﮭﺎ
واﻷﻣﺎﻧﺔ وﺛﻘﻠﮭﺎ ،ﺗرﯾد طﻼب آﺧرة ﻻ طﻼب ﺣﻛم وﻣﻧﺎﺻب دﻧﯾوﯾﺔ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻧرﯾد ﻣن
ﯾﻘوﻣون ﺑﺄﻣﺎﻧﺎت اﻟﺣﻛم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻛل ورﻋﮫ وزھده واﻻﻟﺗزام ﺑﮫ ،ﻻ ھؤﻻء اﻟذﯾن ﺗﻐﯾرھم ﻛراﺳﻲ اﻟﺣﻛم وﯾﻧﺳون ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا
ﯾﻧﺎدون ﺑﮫ وﯾرﻓﻌوﻧﮫ ﻣن ﺷﻌﺎرات .
ﻻ ﻧرﯾد ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟدﻋوة أن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭم اﺳﺗﺷراف اﻟﺣﻛم ﻟذات اﻟﺣﻛم وﻣﺎ ﯾرﺗﺑﮫ ﻣن ﺳﻠطﺎت وﻣﻐﺎﻧم ،
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻣن ﺗﺟﺎوزات ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك وإﻧﻣﺎ ﻧرﯾد أن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭم أﻧﻧﺎ ﻧﻌﻣل ﻹﻗﺎﻣﺔ دﯾن ﷲ ﻓﻲ
اﻷرض ،وﻣﺎ ﯾﺗﺗﺑﻌﮫ ذﻟك ﻣن اﻟﺗزام ﻟﻠﺷرع وﺑﻌد ﻋن اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ .وﻻ ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أﻧﻧﺎ ﻧرﻓض اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أو
ﻧﻠﻐﯾﮭﺎ ﻣن ﺣﺳﺎﺑﻧﺎ ،وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﻌﻠم دورھﺎ وأھﻣﯾﺗﮭﺎ وﻟﻛن ﻧﻌطﯾﮭﺎ ﻗدرھﺎ اﻟﻣﻧﺎﺳب دون طﻐﯾﺎن ﻋﻠﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻧﺷﺎطﺎت ،
وﻧﺳﻠك ﺑﮭﺎ ﺳﺑﯾل اﻟﻣؤﻣﻧﯾن اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﺑﺗﻌﺎﻟﯾم دﯾﻧﮭم ،ﻣﻊ ﺗﻘدﯾر ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣﻛم واﻹﻋداد ﻟﮫ ﺑﺎﻟدراﺳﺎت واﻟﻛﻔﺎءات .
– 2ﻋدم اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻌﻧﺻر اﻟﺗرﺑﯾﺔ 42 :
إن اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم ھو اﻟﻠﺑﻧﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء ﺳواء ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم أو اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟدوﻟﺔ .
وﯾﻘدر ﻣﺎ ﯾﻧﺎل اﻟﻔرد ﻣن ﻗﺳط واﻓر ﻣن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺑﻧﺎء ﻣﺗﯾًﻧﺎ .واﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن اﻟﻘوي أﺳﺎس ﺑﻧﺎء ﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم ﻓﺄي ﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺿﻌًﻔﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس وﯾﻌرض اﻟﺑﻧﺎء إﻟﻲ اﻻﻧﮭﯾﺎر إن ﻋﺎﺟﻼً أو آﺟﻼً .ﻛﻣﺎ
أن ﻋدم إﻋطﺎء اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق ﺑﮭﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ ھﺑوط ﻣﺳﺗوي اﻷﻓراد ﻓﻼ ﯾﺗﺧرج أﻓراد ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ
وﺗﺣﻣل أﻣﺎﻧﺎت اﻟﻌﻣل ،وﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﺧﻔﻔوا اﻷﻋﺑﺎء ﻋن اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن إذا ﺑﮭم ﯾﺣدﺛون ﻣﺷﺎﻛل وﺧﻼﻓﺎت وﯾﺻﺑرون ﻋﺑﺛ ًﺎ ﻋن
اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠدﻋوة .واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟﮭﺎ أﺛرھﺎ اﻟﻣﻣﺗد ﻣﻊ اﻷﯾﺎم وﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﺣداث وﻣﺗطﻠﺑﺎت
اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ،ﺳواء أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن وﻣواﺟﮭﺔ ﻛﯾد اﻷﻋداء ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ إﻟﻲ ﻏﯾر
ذﻟك ﻣن ﻣﮭﺎم .وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧوﺿﺢ أن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺑﺗدﺋﯾن دون اﻟﻣﺗﻘدﻣﯾن ،وﻟﻛن ﯾﺟب أن
ﺗﺳﺗﻣر ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ وﻋﻠﻲ ﻛل اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت واﻷﻗدﻣﯾﺎت ،ﻓﻣﺎ ﻣن أﺣد إﻻ وﯾﺣﺗﺎج إﻟﻲ اﻟزاد وإﻟﻲ اﻟﺗذﻛﯾر .
أﺳﺑﺎب إھﻣﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ :
وھﻧﺎك ﺑﻌض أﻣور ﻗد ﺗﻛون ﺳﺑًﺑﺎ ﻓﻲ إھﻣﺎل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻧﻧﺑﮫ إﻟﯾﮭﺎ ﻛﻲ ﻧﺗﻔﺎداھﺎ :
أ – ﺗﻐﻠﯾب ﺟﺎﻧب اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،وﻣﺎ ﺗرﺗﺑﮫ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣن ﺷﻐل ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷوﻗﺎت ﻓﻲ ﺷﻛﻠﯾﺎت
وﻣﻧﺎﻗﺷﺎت وﻏﯾر ذﻟك .
ب – ﻋدم إﻋداد ﻣرﺑﯾن ﯾﺳﺗوﻋﺑون اﻟﻘﺎدﻣﯾن ﻓﯾﮭﺑط ﻣﺳﺗوي اﻟﺗرﺑﯾﺔ .ﻛذﻟك اﻻھﺗﻣﺎم اﻟزاﺋد ﺑﻧﺷر اﻟدﻋوة ﻣﻣﺎ ﯾرﺗب ﻛﺛرة
اﻟواﻓدﯾن دون ﺗواﻓر إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺳﺗﯾﻌﺎﺑﮭم ﺑﺎﻟﺗرﺑﯾﺔ .ﻓﯾﻠزم اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺈﻋداد ﻣرﺑﯾن ،واﻟﻣواءﻣﺔ ﺑﯾن ﻧﺷر اﻟدﻋوة واﻟﺗرﺑﯾﺔ أي
ﺑﯾن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻌرﯾف وﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن .
ً
ج – أن ﺗﺗﺣول اﻷﺳرة إﻟﻲ ﻓﺻل ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺣت ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺗﺣﺻﯾل ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻛون ﺑوﺗﻘﺔ ﻟﻠﺻﻘل واﻟﺗﻛوﯾن وﺗﻘوﯾم
اﻷﺧﻼق .وﻋﻣوًﻣﺎ ﻣن اﻻﻧﺣراف ﺗﻔرﯾﻎ وﺳﺎﺋل اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻣن ﺟوھرھﺎ ﻓﺗﺻﯾر ﻣظﮭًرا ﻓﻘط ﺳواء اﻷﺳرة أو اﻟﻛﺗﯾﺑﺔ أو
اﻟرﺣﻠﺔ أو اﻟﻣﻌﺳﻛر .
د – اﻻﻧﺷﻐﺎل ﺑﻣﺟﺎﻻت ﻧﺷﺎط ﻣﺎ ﻟظروف طﺎرﺋﺔ ﺑﺻورة ﺗﮭﻣل ﻣﻌﮭﺎ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﯾﺷﻐل ﻋن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﺷﻲء ﻣﮭﻣﺎ
ﻛﺎن ﺣﺗﻰ اﻟﺟﮭﺎد وﻣﻘﺎﺗﻠﺔ اﻷﻋداء ،ﺑل إن اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻟظروف اﻟﺷدﯾدة واﻟﮭﺎﻣﺔ ﻣن أﻟزم اﻷﻣور ،ﻓﻌﻧﺻر
اﻹﯾﻣﺎن ﻣن أﻟزم اﻷﺳﺑﺎب ﻟﺗﺄﯾﯾد ﷲ وﻋوﻧﮫ وﻧﺻره ،ﺛم ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻹﻋداد اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ردﯾًﻔﺎ ﻟﻠﻣﺟﺎھدﯾن أﻣر
أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺟﮭﺎد وإﻋداد اﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرث ﺛﻣﺎر اﻟﺟﮭﺎد وﻻ ﺗﻔرط ﻓﯾﮭﺎ .
ھـ -اﻟﻧﻔس اﻟﻘﺻﯾر واﻟﻌﺟﻠﺔ .
– 3إھﻣﺎل ﻋﻧﺻر اﻟوﺣدة وﻗوة اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻷﻓراد :
ﻻ ﯾﻛﻔﻲ اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻘوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻟﺗرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻓراد وﻟﻛن ﻻﺑد ﻣن ﻗوة اﻟوﺣدة واﻟراﺑطﺔ ﺑﯾﻧﮭم ﻛﻣﺎ ﻓﻌل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻘد آﺧﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن واﻷﻧﺻﺎر ،ھذه اﻷﺧوة ﻣن أھم اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﮭﺎ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم اﻷوﻟﻲ ،وﻗد
ﺳﺟﻠﮭﺎ اﻟﻘرآن ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :وھذه اﻷﺧوة ﻟﮭﺎ أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣرﻛﺔ واﻟﺟﮭﺎد ﺑﻣﺎ ﻻ
ﯾدع ﻟﻸﻋداء ﺛﻐرات ﯾﻧﻔذون ﻣﻧﮭﺎ إﻟﻲ اﻟﺻف وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾﻘول . (:ﻛﻣﺎ أن إھﻣﺎل روح اﻷﺧوة واﻟﺣب ﺑﯾن اﻷﻓراد ﯾﺗﯾﺢ
اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﺑذور اﻟﺧﻼف أن ﺗﻧﺑت وﺗؤدي إﻟﻲ اﻟﺧﻼف واﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺗﻧﺎزع ﯾؤدي إﻟﻲ اﻟﻔﺷل واﻟﮭزﯾﻣﺔ ﻟﻘول ﷲ . ( :
وﻗد ﺟﻌل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﻛﻲ ﯾﺗﻌﮭد ﻛل أخ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﻗد أوﺿﺢ أن أدﻧﻰ ﻣراﺗب ھذه
اﻷﺧوة ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر وأﻋﻼھﺎ اﻹﯾﺛﺎر .وﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أن ﻋدم ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺻدر ﯾﻌﺗﺑر ﻧﻛﺛ ًﺎ ﻟﻠﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟرﻛن ،ﻓﻠﻧﺣذر ذﻟك
15
وﻟﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ أﺧوﺗﻧﺎ وراﺑطﺗﻧﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ وأن أﻋداء ﷲ ﯾﻐﯾظﮭم اﺟﺗﻣﺎع ﻛﻠﻣﺗﻧﺎ وﺗﺂﺧﯾﻧﺎ وﯾﺣﺎوﻟون اﻟﻧﯾل ﻣن ذﻟك ﺑﺷﺗﻰ
اﻟطرق ﻓﻼ ﺗﺣﻘﻘوا ﻟﮭم ﻣﺎ ﯾﺷﺗﮭون .
– 4إھﻣﺎل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻲ ﻗوة ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﺷروطﮭﺎ 45 :
إن ﻣن أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت ﺳرﯾﺎن روح اﻟﺗﺳﯾب واﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﺑﯾن ﺻﻔوف اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،وﻋدم اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻌﺿوﯾﺔ
وﺷروطﮭﺎ ،ﻓذﻟك ﻣن أﺧطر اﻵﻓﺎت ﻋﻠﻲ ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﻔﺳد ﺟو اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج وﯾؤدي إﻟﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺿﺎرة ﻣﻣﺎ ﯾﺿﻌف
ﻛﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﮭﯾﺊ اﻟﻣﻧﺎخ ﻷﻣراض أﺧري .ﻓﺎﻟﺗﻔرﯾط ﻓﻲ ﺗوﻓر ﺷروط اﻟﻌﺿوﯾﺔ اﻧﺣراف ﯾرﺗب ﺗﺳرب ﻋﻧﺎﺻر ﻏﯾر
ﻣطﻣﺄن ﻟﮭﺎ وﻟﯾﺳت ﺟدﯾرة ﺑﺎﻟﻌﻣل وﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺎت إﻟﻲ اﻟﺻف وﻟذﻟك آﺛﺎره اﻟﺿﺎرة .
ﻛذﻟك اﻟﺗﺳﺎھل ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أﻓراد ﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ وھم ﻟﯾﺳوا أھﻼً ﻟﮭﺎ ﯾرﺗب ﻧﻘط ﺿﻌف ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ .وﻣﺟﺎﻣﻠﺔ
ﺑﻌض أﻓراد ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة اﻧﺣراف ﯾﺟب ﺗﺟﻧﺑﮫ وﻋدم اﻟﺗﺳﺎھل ﻓﯾﮫ .ﻓﻌن أﺑﻲ ذر ﻗﺎل :ﻗﻠت ﯾﺎ رﺳول ﷲ أﻻ
ﺗﺳﺗﻌﻣﻠﻧﻲ ؟ ﻗﺎل " :ﻓﺿرب ﺑﯾده ﻋﻠﻲ ﻣﻧﻛﺑﻲ ،ﺛم ﻗﺎل :ﯾﺎ أﺑﺎ ذر ،إﻧك ﺿﻌﯾف ،وإﻧﮭﺎ أﻣﺎﻧﺔ ،وإﻧﮭﺎ ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﺧزى
وﻧداﻣﺔ ،إﻻ ﻣن أﺧذھﺎ ﺑﺣﻘﮭﺎ وأدي اﻟذي ﻋﻠﯾﮫ ﻓﯾﮭﺎ " .وﺟﺎء رﺟل ﯾﺳﺄل رﺳول ﷲ :ﻣﺗﻰ ﺗﻘوم اﻟﺳﺎﻋﺔ ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﮫ " :إذا
ﺿﯾﻌت اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﺎﻧﺗظر اﻟﺳﺎﻋﺔ ! وﻛﯾف إﺿﺎﻋﺗﮭﺎ ؟ ﻗﺎل :إذا وﺳد اﻷﻣر ﻟﻐﯾر أھﻠﮫ اﻟﺳﺎﻋﺔ " .
ﻛذﻟك ﺗرك ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺛﺑطﺔ أو ﻣﺷﻛﻛﺔ ﺗﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓﺳﺎدًا دون ﺗطﮭﯾر وﺗوﻗﯾف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻟﮫ آﺛﺎر اﻟﺳﯾﺋﺔ .
واﻟﺻف اﻟﻘﻠﯾل اﻟﻣﻠﺗزم ﺧﯾر ﻣن اﻟﻛﺛﯾر اﻟذي ﻓﯾﮫ ﺑﻠﺑﻠﺔ وﺗﺳﯾب .وﻋدم اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ ﻋﻠﻲ اﻷﺧطﺎء أوﻻً ﺑﺄول ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ﺟو
اﻟﺗﺳﯾب اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻌﮫ ﻋﻣل وﻻ إﻧﺗﺎج وﻻ اﻟﺗزام .ﻛل ھذه اﻻﻧﺣرﻓﺎت وإن ﺑدت ﺑﺳﯾطﺔ ﻓﻲ ﻣظﮭرھﺎ وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺧطﯾرة
ﻓﻲ ﻣﺧﺑرھﺎ وﻣﺿﺎﻋﻔﺎﺗﮭﺎ ﻓﯾﻠزم ﺗﺟﻧﺑﮭﺎ ﺑﻛل دﻗﺔ ودون ﺗﻔرﯾط .
– 5اﻧﺣراﻓﺎت ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﺟﮭﺎد واﻹﻋداد ﻟﮫ 45 :
اﻟﺟﮭﺎد ﻓرﯾﺿﺔ ﻣﺎﺿﯾﺔ إﻟﻲ ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ( إذ ﻻﺑد ﻟﻠﺣق ﻣن ﺗﺣﻣﯾﮫ ﻣن ﻛﯾد اﻷﻋداء وإﻋﺗداءاﺗﮭم ،وإزاﻟﺔ اﻟﻌﻘﺑﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾﺿﻌﮭﺎ أﻋداء ﷲ ﻟﯾﺣوﻟوا ﺑﮭﺎ ﺑﯾن ﻋﺑﺎد ﷲ ودﻋوة ﷲ .واﻟﺟﮭﺎد ھو اﻟﺗﺟﺎرة اﻟراﺑﺣﺔ اﻟﺗﻲ دﻋﺎ ﷲ ﻋﺑﺎده اﻟﻣؤﻣﻧﯾن إﻟﯾﮭﺎ
ورﻏﺑﮭم ﻓﯾﮭﺎ( .وﻣن أﺟل اﻟﺟﮭﺎد ﻋرض ﷲ اﻟﺻﻔﻘﺔ اﻟراﺑﺣﺔ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻋﺑﺎده اﻟﻣؤﻣﻧﯾن )
( .وﺑﻐﯾر اﻟﺟﮭﺎد ﯾﺗﻌرض اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻟﻠﻘﮭر واﻹذﻻل واﻹﺑﺎدة وﺑﺎﻟﺟﮭﺎد ﺗﺗﺣﻘق اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌزﯾزة
اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ظل اﻹﺳﻼم واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ،واﻟﺣﯾﺎة اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﻟﻠﺷﮭداء ﻋﻧد رﺑﮭم ﯾرزﻗون .
وﻗﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " :إذا ﺗﺑﺎﻋﯾﺗم ﺑﺎﻟﻌﯾﻧﺔ وأﺧذﺗم أذﻧﺎب اﻟﺑﻘر ورﺿﯾﺗم إﻟﻲ دﯾﻧﻛم ﺑﺎﻟزرع وﺗرﻛﺗم
اﻟﺟﮭﺎد ﺳﻠطﺔ ﷲ ﻋﻠﯾﻛم ذﻻ ﻻ ﯾﻧزﻋﮫ ﺣﺗﻰ ﺗرﺟﻌوا إﻟﻲ دﯾﻧﻛم " .وﻗد أوﻟﻲ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻣر اﻟﺟﮭﺎد ﻛل اﻻھﺗﻣﺎم ﻓﺟﻌل
اﻟﺟﮭﺎد ﻣن اﻟﺷﻌﺎرات اﻟﺧﻣس ) اﻟﺟﮭﺎد ﺳﺑﯾﻠﻧﺎ ( واﻟﺷﮭﺎدة ﻛذﻟك ) واﻟﻣوت ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ أﺳﻣﻰ أﻣﺎﻧﯾﻧﺎ ( .ﻛﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺟﮭﺎد
واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ رﻛﻧﯾن ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ ﻟﯾﺣرص ﻛل أخ ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء ﺑﮭﻣﺎ وﻋدم اﻟﻧﻛث ﻓﻲ أي ﻣﻧﮭﻣﺎ .وﻛﺗب رﺳﺎﻟﺔ ﻋن اﻟﺟﮭﺎد
.
وﺷﺎرة اﻹﺧوان ﺳﯾﻔﺎن ﺣول اﻟﻣﺻﺣف ﻛرﻣز ﻟﻠﺟﮭﺎد .
وأطﻠق ﻋﻠﻲ دﻋوة اﻹﺧوان أﻧﮭﺎ دﻋوة اﻟﺣق واﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻘوة .
ھذا ھو اﻷﺻل ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﮭﺎد وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﮫ .
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﺟﮭﺎد 47 :
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ھذا اﻷﺻل :
– 1ﻗﻠﺔ اﻻھﺗﻣﺎم :
ﻋدم إﻋطﺎء اﻟﺟﮭﺎد اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق ﺑﮫ ،أو اﻟﺗراﺧﻲ ﻓﻲ اﻹﻋداد ﻟﮫ ﺑﺄن ﯾﺑذل ﺑﻌض اﻟﺟﮭد وﯾﻛون ﻓﻲ اﻻﺳﺗطﺎﻋﺔ ﺑذل
ﺟﮭد أﻛﺑر ﻓﺎ .ﯾﺄﻣرﻧﺎ( .
ب – اﻟﺗرف :
اﻟﺗرف واﻟرﺧﺎء اﻟﻠذان ﯾؤدﯾﺎن إﻟﻲ اﻻﺳﺗرﺧﺎء ،واﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل وﻗد ﺣذر ﷲ اﻟﻣﺗﺛﺎﻗﻠﯾن
ﻋن اﻟﺟﮭﺎد وﺗوﻋدھم ﺑﺎﻟﻌذاب اﻷﻟﯾم .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :
ج – اﻹﺣﺟﺎم ﻋن اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ :
(. اﻹﺣﺟﺎم ﻋن اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ وﺑذل اﻟﻧﻔس واﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ :
د – اﻧﺣراف اﻟﻧﯾﺔ :
16
أي ﺗﺣول ﻓﻲ ﻧﯾﺔ اﻟﺟﮭﺎد ﻹﻋﻼء ﻛﻠﻣﺔ ﷲ إﻟﻲ ﻧواﯾﺎ دﻧﯾوﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ .ﺳﺋل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن
اﻟرﺟل ﯾﻘﺎﺗل ﺷﺟﺎﻋﺔ ،وﯾﻘﺎﺗل ﺣﻣﯾﺔ ،وﯾﻘﺎﺗل رﯾﺎًء ،أي ذﻟك ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ﻓﻘﺎل رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " :ﻣن
ﻗﺎﺗل ﻟﺗﻛون ﻛﻠﻣﺔ ﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﮭو ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ " .
ھـ -اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن آداب اﻟﻘﺗﺎل :
ﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑﺂداب اﻟﻘﺗﺎل ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﻓﻘﮫ اﻟﺟﮭﺎد ﻛﻘﺗل اﻷطﻔﺎل واﻟﻧﺳﺎء واﻟﺷﯾوخ واﻟﻐل ﻓﻲ اﻟﻐﻧﯾﻣﺔ إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك
اﻧﺣراف ﻛذﻟك .
و – اﻟﺗﮭور ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻼح :
اﻟﺗﺳرع ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻗوة اﻟﺳﻼح وﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء ﻗﺑل اﻟوﻗت اﻟﻣﻧﺎﺳب واﻹﻋداد اﻟﻼزم اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل
وﺗﻌرﯾض ﻟﻠﻣﺧﺎطر .وﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﺎر ﺑن ﯾﺎﺳر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺣﯾن أﺳﻠم ھو وأﺑوه وأﻣﮫ دﻟﯾل ﻋﻠﻲ ذﻟك ،ﻓﻘد ﻛﺎن
اﻟﻣﺷرﻛون – وﻋﻠﻲ رأﺳﮭم أﺑو ﺟﮭل – ﯾﺧرﺟوﻧﮭم إﻟﻲ اﻷﺑطﺢ إذا ﺣﻣﯾت اﻟرﻣﺿﺎء ﻓﯾﻌذوﺑﮭم ﺑﺣرھﺎ ،وﻣر ﺑﮭم اﻟﻧﺑﻲ
ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھم ﯾﻌذﺑون ﻓﻘﺎل :ﺻﺑرا آل ﯾﺎﺳر ﻓﺈن ﻣوﻋدﻛم اﻟﺟﻧﺔ " .
ز – ﻛذﻟك اﻟﺗﺑﺎطؤ ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء ورد اﻋﺗداءاﺗﮭم ﺑﻌد ﺗواﻓر اﻹﻋداد وﺗﮭﯾؤ اﻟظروف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ .
وھﺎ ھو اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﯾﺣﻠﻲ ھذه اﻷﻣور ﺑﺻورة واﺿﺣﺔ ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﯾﻘول ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﺧﺎﻣس ) :واﻹﺧوان
ﯾﻌﻠﻣون أن أول درﺟﺔ ﻣن درﺟﺎت اﻟﻘوة ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة واﻹﯾﻣﺎن ،وﯾﻠﻲ ذﻟك ﻗوة اﻟوﺣدة واﻻرﺗﺑﺎط ﺛم ﺑﻌدھﻣﺎ ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد
واﻟﺳﻼح ،وﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗوﺻف ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻘوة ﺣﺗﻰ ﺗﺗوﻓر ﻟﮭﺎ ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟﻣﯾﻌًﺎ ،وأﻧﮭﺎ إذا اﺳﺗﺧدﻣت ﻗوة اﻟﺳﺎﻋد
واﻟﺳﻼح وھﻲ ﻣﻛﻔﻔﺔ اﻷوﺻﺎل ﻣﺿطرﺑﺔ اﻟﻧظﺎم أو ﺿﻌﯾﻔﺔ اﻟﻌﻘﯾدة ﺧﺎﻣدة اﻹﯾﻣﺎن ﻓﺳﯾﻛون ﻣﺻﯾرھﺎ اﻟﻔﻧﺎء واﻟﮭﻼك ( .
وﻧظرة أﺧري ھل أوﺻﻲ اﻹﺳﻼم – واﻟﻘوة ﺷﻌﺎره – ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة ﻓﻲ ﻛل اﻟظروف واﻷﺣوال ؟ أم ﺣدد ﻟذﻟك ﺣدودا
واﺷﺗرط ووﺟﮫ اﻟﻘوة ﺗوﺟﯾًﮭﺎ ﻣﺣدودا ؟ وﻧظرة ﺛﺎﻟﺛﺔ :ھل ﺗﻛون اﻟﻘوة أول اﻟﻌﻼج أم أن آﺧر اﻟدواء اﻟﻛﻲ ؟ وھل ﻣن
اﻟواﺟب أن ﯾوازن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﯾن ﻧﺗﺎﺋﺞ اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻓﻌﺔ وﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ اﻟﺿﺎرة وﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﮭذا اﻻﺳﺗﺧدام ﻣن ظروف ؟ أم أن
ﻣن واﺟﺑﮫ أن ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﻘوة وﻟﯾﻛن ﺑﻌد ذﻟك ﻣﺎ ﯾﻛون ؟ .
ﺛم ﯾﻘول ) :واﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ﺳﯾﺳﺗﺧدﻣون اﻟﻘوة اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟدي ﻏﯾرھﺎ .وﺣﯾث ﯾﺛﻘون أﻧﮭم ﻗد اﺳﺗﻛﻣﻠوا ﻋدة
اﻹﯾﻣﺎن واﻟوﺣدة ،وھم ﺣﯾن ﯾﺳﺗﺧدﻣون ھذه اﻟﻘوة ﺳﯾﻛوﻧون ﺷرﻓﺎء ﺻرﺣﺎء ،وﺳﯾﻧذرون أوﻻ وﯾﻧﺗظرون ﺑﻌد ذﻟك ﺛم
ﯾﻘدﻣون ﻓﻲ ﻛراﻣﺔ وﻋزة ،وﯾﺣﺗﻣﻠون ﻛل ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣوﻗﻔﮭم ﺑﻛل رﺿﺎء وارﺗﯾﺎح ( .وﯾوﺟﮫ ﺧطﺎﺑﮫ ﻟﻠﻣﺗﻌﺟﻠﯾن ) أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان
اﻟﻣﺳﻠﻣون وﺑﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺗﺣﻣﺳون اﻟﻣﺗﻌﺟﻠون ﻣﻧﻛم :اﺳﻣﻌوھﺎ ﻣﻧﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ داوﯾﺔ ﻣن ﻓوق ھذا اﻟﻣﻧﺑر ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣرﻛم ھذا
اﻟﺟﺎﻣﻊ :إن طرﯾﻘﻛم ھذه ﻣرﺳوﻣﺔ ﺧطواﺗﮫ ﻣوﺿوﻋﺔ ﺣدوده وﻟﺳت ﻣﺧﺎﻟًﻔﺎ ھذه اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ اﻗﺗﻧﻌت ﻛل اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄﻧﮭ ﺎ
أﺳﻠم طرﯾق ﻟﻠوﺻول .أﺟل ﻗد ﺗﻛون طرﯾًﻘﺎ طوﯾﻠﺔ وﻟﻛن ﻟﯾس ھﻧﺎك ﻏﯾرھﺎ .إﻧﻣﺎ ﺗظﮭر اﻟرﺟوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺻﺑر واﻟﻣﺛﺎﺑرة واﻟﺟد
واﻟﻌﻣل اﻟداﺋب ،ﻓﻣن أراد ﻣﻧﻛم أن ﯾﺳﺗﻌﺟل اﻟﺛﻣرة ﻗﺑل ﻧﺿﺟﮭﺎ أو ﯾﻘطف زھرة ﻗﺑل أواﻧﮭﺎ ﻓﻠﺳت ﻣﻌﮫ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﺣﺎل ،
وﺧﯾر ﻟﮫ أن ﯾﻧﺻرف ﻋن ھذه اﻟدﻋوة إﻟﻲ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟدﻋوات .وﻣن ﺻﺑر ﻣﻌﻲ ﺣﺗﻰ ﺗﻧﻣو اﻟﺑذرة وﺗﻧﺑت اﻟﺷﺟرة وﺗﺻﻠﺢ
اﻟﺛﻣرة وﯾﺣﯾن اﻟﻘطﺎف ﻓﺄﺟره ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻲ ﷲ ،وﻟن ﯾﻔوﺗﻧﺎ وإﯾﺎه إﺣدى اﻟﺣﺳﻧﯾن إﻣﺎ اﻟﻧﺻر واﻟﺳﯾﺎدة وإﻣﺎ اﻟﺷﮭﺎدة
واﻟﺳﻌﺎدة .
ﺛم ﯾﻘول :أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون :إﻧﻛم ﺗﺑﺗﻐون وﺟﮫ ﷲ وﺗﺣﺻﯾل ﻣﺛوﺑﺗﮫ ورﺿواﻧﮫ ،وذﻟك ﻣﻛﻔول ﻟﻛم ﻣﺎدﻣﺗم
ﻣﺧﻠﺻﯾن .وﻟم ﯾُﻛﻠﻔﻛم ﷲ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻷﻋﻣﺎل وﻟﻛن ﻛﻠﻔﻛم ﺻدق اﻟﺗوﺟﮫ وﺣﺳن اﻻﺳﺗﻌداد ،وﻧﺣن ﺑﻌد ذﻟك إﻣﺎ ﻣﺧطﺋون ﻓﻠﻧﺎ
أﺟر اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن اﻟﻣﺟﺗﮭدﯾن ،وإﻣﺎ ﻣﺻﯾﺑون ﻓﻠﻧﺎ أﺟر اﻟﻔﺎﺋزﯾن اﻟﻣﺻﯾﺑﯾن ،ﻋﻠﻲ أن اﻟﺗﺟﺎرب ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ﻗد أﺛﺑﺗت
أﻧﮫ ﻻ ﺧﯾر إﻻ ﻓﻲ طرﯾﻘﻛم وﻻ إﻧﺗﺎج إﻻ ﻣﻊ ﺧطﺗﻛم ،وﻻ ﺻواب إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻌﻣﻠون ﻓﻼ ﺗﻐﺎﻣروا ﺑﺟﮭودﻛم وﻻ ﺗﻘﺎﻣروا
ﺑﺷﻌﺎر ﻧﺟﺎﺣﻛم .واﻋﻣﻠوا وﷲ ﻣﻌﻛم وﻟن ﺑﺗرﻛم أﻋﻣﺎﻟﻛم واﻟﻔوز ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن( .
ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺑول أن ﯾﻔﮭم أﺣد أن ﻛﻼم اﻹﻣﺎم اﻟﺑﻧﺎ ﯾدﻋو إﻟﻲ اﻟﺑطء واﻟﻔﺗور أو ﻋدم اﻟﺟد واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﺑل إن اﻹﻣﺎم ﯾﺣث
ﺳﺎ ﺣﯾﺔ ﻗوﯾﺔ ﻓﺗﯾﺔ ،ﻗﻠوًﺑﺎ ﺟدﯾدة ﺧﻔﺎﻗﺔ ،ﻣﺷﺎﻋر ﻋﻠﻲ اﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟطﻣوﺣﺎت اﻟﻣﺗطﻠﻌﺔ ﻓﻔﻲ ﻣوﻗﻊ آﺧر ﯾﻘول ) :ﻧرﯾد ﻧﻔو ً
ﻏﯾورة ﻣﻠﺗﮭﺑﺔ ﻣﺗﺄﺟﺟﺔ ،أرواًﺣﺎ طﻣوﺣﺔ ﻣﺗطﻠﻌﺔ ﻣﺗوﺛﺑﺔ ،ﺗﺗﺧﯾل ﻣﺛﻼً ﻋﻠًﯾﺎ وأھداﻓًﺎ ﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﺗﺳﻣو ﻧﺣوھﺎ وﺗﺗطﻠﻊ إﻟﯾﮭﺎ ﺛم
ﺗﺣﺻل إﻟﯾﮭﺎ ،وﻻﺑد ﻣن أن ﺗﺣدد ھذه اﻷھداف واﻟﻣﺛل وﻻﺑد أن ﺗﺣﺻر ھذه اﻟﻌواطف واﻟﻣﺷﺎﻋر ،وﻻﺑد ﻣن أن ﺗرﻛز
ﺣﺗﻰ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻘﯾدة ﻻ ﺗﻘﺑل ﺟدﻻ وﻻ ﺗﺣﺗﻣل ﺷﻛﺎ ً وﻻ رﯾًﺑﺎ .وﺑﻐﯾر ھذا اﻟﺗﺣدﯾد واﻟﺗرﻛﯾز ﺳﯾﻛون ﻣﺛل ھذه اﻟﺻﺣوة ﻣﺛل
اﻟﺷﻌﺎع اﻟﺗﺎﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﺑﯾداء ﻻ ﺿوء ﻟﮫ وﻻ ﺣرارة ﻓﯾﮫ ( .
– 6اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ 50 :
17
ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ (:وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . ( :اﻷﺻل أن دﻋوﺗﻧﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻻ ﯾﺣدھﺎ زﻣﺎن وﻻ ﻣﻛﺎن ،ﻷﻧﮭﺎ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﺟﺎء ﺑﮫ
ﻣﺣﻣد ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻟﻠﻧﺎس ﻛﺎﻓﺔ ،وأﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن أﻣﺔ واﺣدة وﺟﻣﺎﻋﺔ واﺣدة ووطن واﺣد ﺑل وﺟﺳد واﺣد ،ﻻ ﻗﯾﺎم
ﻟﻠﻔوارق اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ أو اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،وﻻ ﻟﻠﺣدود اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ وﻻ ﻓﺿل ﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻲ أﻋﺟﻣﻲ إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻘوى ،وﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أن
ﯾﺳﺗﺷﻌر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺗﮫ ﻧﺣو ﻛل ﻣﺳﻠم إﻻ ﺑﺎﻟﺗﻘوي .وﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺳﻠم أن ﯾﺳﺗﺷﻌر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺗﮫ ﻧﺣو ﻛل ﻣﺳﻠم ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن وﻋن ﻛل
ﺷﺑر ﻣن أرض اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وأﻧﮫ ﻣطﺎﻟب ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﺣرﻣﺎت اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ودﯾﺎرھم وﻟﯾس ﻋن وطﻧﮫ اﻟذي ﻧﺷﺄ ﻓﯾﮫ ﻓﻘط ،وﻣﺎ
أﺟﻣل ﻗول ﺷﺎﻋر اﻹﺧوان إذ ﻗﺎل :
وﻟﺳت أري ﺳوي اﻹﺳﻼم ﻟﻲ وطﻧﺎ
اﻟـﺷﺎم ﻓﯾﮫ ووادي اﻟﻧﯾل ﺳـﯾﺎن
وﻛـﻠﻣﺎ ذﻛـر اﺳـم ﷲ ﻓﻲ ﺑـﻠـٍد
ﻋـددت أرﺟﺎءه ﻣن ﻟب أوطﺎﻧﻲ
ھﻛذا ﯾﺗﺳﻊ أﻓق اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ وﯾﺳﻣو ﻋن ﺣدود اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ اﻟدﻣوﯾﺔ ،إﻟﻲ وطﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ
واﻟﻌﻘﺎﺋد اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،واﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠﮭﺎ ﷲ ﻟﻠﻌﺎﻟم ھدي وﻧوًرا .ﻓﺎﻹﺳﻼم إﺳﻼم واﺣد وﻟﯾس ﻟﻛل ﻗطر إﺳﻼم
ﺧﺎص ،وﻗﺿﯾﺔ أي ﻗطر إﺳﻼﻣﻲ ھﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺟﻣﯾﻌًﺎ وﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ أﺑﻧﺎء ذﻟك اﻟﻘطر ﻓﻘط .وھﻛذا ﻧﻧظر ﻟﻘﺿﯾﺔ
ﻓﻠﺳطﯾن أو أﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن أو ﺳورﯾﺎ أو ﻏﯾرھﺎ .ھذا ھو اﻷﺻل .
ﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ :
واﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ھو ﺑروز روح اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺑﺄن ﯾﻧﻌزل اﻟﻌﺎﻣﻠون ﻟﻺﺳﻼم ﻓﻲ ﻗطر ﻣن اﻷﻗطﺎر ﻋن ﻏﯾرھم ﻣن
اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺗوﺣﯾد ﺟﮭودھم .وھﻛذا
ﯾﺣﺻرون ﺟﮭدھم وﺟﮭﺎدھم داﺧل ﻗطرھم وﻋﻠﻲ أﺑﻧﺎء ﻗطرھم ،وﻻ ﺷك أن ذﻟك اﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل وھو وﺣدة اﻟﻌﻣل
اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻛل ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﻛل ﻣﺳﻠم ﻓﻲ أي ﻗطر ﻣطﻠوب ﻣﻧﮫ أن ﯾﻌﻣل وﯾﺟﺎھد ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﻓﻲ اﻟوطن اﻹﺳﻼﻣﻲ
وﻟﯾس داﺧل ﻗطره ﻓﻘط .ﺛم إن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘطر ﻧﻔﺳﮫ أن ﯾﺷﺎرﻛﮫ اﻟﻣﺳﻠﻣون أﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺗﮫ وﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد
اﻟﻼزم ﻟﮭﺎ ،ﺑﻛل اﻟﻌون اﻟﻣﺎدي واﻷدﺑﻲ واﻟﺧﯾرات ﻛﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ھذا اﻟﻘطر ﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺧططﺎت اﻷﻋداء اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﯾن اﻟذﯾن
ﯾﺗﺣدون وﯾﺗﻌﺎوﻧون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ﻓﻲ ﺣرﺑﮭم ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن واﻟﻛﯾد ﻟﮭم .
وﻟﻛﻲ ﯾﺑرز ﺧطﺄ ھذا اﻻﻧﺣراف وﺟﺳﺎﻣﺔ ﺧطره ﺗﺗﺻور أن اﻷﻗطﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌًﺎ أو ﻣﻌظﻣﮭﺎ ﻧﮭﺞ ھذا اﻟﻧﮭﺞ ﻣن
اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ واﻻﻧﻌزاﻟﯾﺔ ،ﻓﻼ ﺷك أن ھذا ﻣﺎ ﯾﺗﻣﻧﺎه اﻷﻋداء ﻷن ذﻟك ﻣظﮭر ﺿﻌف ﯾﯾﺳر ﻟﮭم اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻲ اﻟﺣرﻛﺎت
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﻌزﻟﺔ اﻟواﺣدة ﺑﻌد اﻷﺧرى .ﻣن أﺟل ذﻟك ﯾﻌﻣل اﻹﺧوان ﺟﺎدﯾن ﻣن أول ﯾوم ﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟدﻋوة ووﺣدة
اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺑﺈذن ﷲ ﻋﻠﻲ ﻗﺎﻋدة ﻋرﯾﺿﺔ ﻗوﯾﺔ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣن وﺣدة اﻟﮭدف وﺗﻘدﯾر اﻟظروف اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ھو ﻣن ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻹﺧوان وﻣﻧﮭﺎﺟﮭم
• وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻل ﺑﺎﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل داﺧل اﻟﻘطر اﻟواﺣد ﻋﺻﺑﯾﺔ اﻟﻣدن ﺑﺻورة
ﺗﺧﺎﻟف روح اﻹﺳﻼم واﻷﺧوة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،وﺗﺗﻛون داﺧل اﻟﺻف ﻣﺣﺎور ﻟﮭذه اﻟﻣدن وﺗﺣرﯾﺎت ﺗﻌرض اﻟﺻف
ﻟﻠﺗﻣزق وﺗﺣول دون اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺛﻣر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد .ﻓﻠﻧﺗق .وﻟﻧﻧزع ﻣن ﻗﻠوﺑﻧﺎ ﻛل أﺛر ﻣن ذﻟك .
• وﻗد ﺗظﮭر ﺻور ﻟﮭذا اﻻﻧﺣراف ﺑﯾن أﻓراد ﻣن أﻗطﺎر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﯾﺟﻣﻌﮭم اﻟﻌﻣل ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول ،ﻓﺗﺗﻔﺎوت
درﺟﺎت اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺛﻘﺔ ﺑﯾن اﻹﺧوة ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض ﺑﺳﺑب اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ،وﯾظﮭر ذﻟك ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎب اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن أو
ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام واﻟطﺎﻋﺔ وﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣل وﺗﺑرز ھذه اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ اﻟﺟﺎھﻠﯾﺔ .وھذا أﻣر ﻻ ﯾﻘره اﻹﺳﻼم وﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﮫ ﻧظﺎم
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﯾﺿر ﺑﺎﻟﺻف وﺑﺎﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ .
– 7أن ﻧرﻓﻊ ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ راﯾﺎت ﻟﻣﺑﺎدئ أرﺿﯾﺔ 52 :
اﻷﺻل أن دﻋوﺗﻧﺎ رﺑﺎﻧﯾﺔ وأﻧﮭﺎ اﻹﺳﻼم اﻟدﯾن اﻟﺣق اﻟذي ارﺗﺿﺎه ﷲ ﻟﻌﺑﺎده ،وأﻧﻧﺎ ﻧﺳﻣو وﻧﺷرف ﺑﺣﻣل ھذه اﻟراﯾﺔ ( ﻓﻼ
ﯾﺟوز ﺑﻌد ذﻟك أن ﻧﻌﻠق ﻋﻠﻲ أﻧﻔﺳﻧﺎ راﯾﺔ ﻟﻣﺑﺎدئ أرﺿﯾﺔ ﻛﺎﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ أو اﻟﻘوﻣﯾﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك ﺑﺎﻻﻧﺿﻣﺎم أو اﻻﻧﺗﻣﺎء
ﻟﻛﯾﺎﻧﺎت ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ ﻛﺎﺗﺣﺎد اﺷﺗراﻛﻲ أو ﺣزب ﻋﻠﻣﺎﻧﻲ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻣﺑررات ،ﻓذﻟك ﺗﻧﺎﻗض ﺻرﯾﺢ وواﺿﺢ
ﻣﻊ أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻣﻊ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ واﻟذي ﯾرﻓض ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ وﯾﺣﺎرﺑﮭﺎ ،اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧرﯾد أن ﻧﻔرﺿﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ
وﯾﻌﻠو ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺎ ﺳواه ،ﻛﯾف ﻧﮭﺎﺟم اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻺﺳﻼم وﻧﺣن داﺧل اﻻﺗﺣﺎد اﻻﺷﺗراﻛﻲ ؟ .
وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧري ﻓﺈن اﻟﺣزب اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ﯾﺗﺣﻣل ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻛل ﺳﻠﺑﯾﺎت ھذا اﻟﺣﻛم وﻣﺎ أﻛﺛرھﺎ ﻓﻲ أﻗطﺎرﻧﺎ ،
وﻟﯾس اﻟﺣﺎﻛم وﺣده ،ﻓﻛل ﻣن ﯾﻧﺗﻣون ﻟﮭذا اﻟﺣزب ﺳﯾﺗﺣﻣﻠون رﺿوا أم ﻛرھوا ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ھذه اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ،وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ
ذﻟك ﻣن ﻓﻘدان ﺛﻘﺔ اﻟﺟﻣﺎھﯾر ﻓﯾﮭم .ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ظل اﻻﻧﺗﻣﺎء ﻟﮭذه اﻟﻛﯾﺎﻧﺎت اﻷرﺿﯾﺔ ﻟن ﯾﻛون ﻣﻧﺎﺳًﺑﺎ ﻹﻋداد
18
اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﻠم وﺗرﺑﯾﺗﮫ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﻧﺷدھﺎ ﻟﻸخ اﻟﻣﺳﻠم واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن أھم اﻷﻣور وأﻟزﻣﮭﺎ ،وﻏﺎﻟًﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺳﯾطر ﺟو
اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺳﺗﮭداف اﻟﺣﻛم ﺑﺄﺳرع وأﯾﺳر طرﯾق ،وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن أﺧطﺎر وﻣﺧﺎطر ﻓﻲ ﺻﻠب اﻟﺑﻧﺎء
وﺳﻼﻣﺗﮫ .
– 8ﺗﻌرﯾض اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﻼﺣﺗواء أو ھﯾﻣﻧﺔ اﻟﻐﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ 54 :
اﻷﺻل أن ﯾﻛون ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ ﺷﺧﺻﯾﺗﮭﺎ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة ﻓﻲ ﻓﮭﻣﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ وﺧط ﺳﯾرھﺎ وﻗراراﺗﮭﺎ ،دون أن ﺗﺧﺿﻊ
ﻟﺳﻠطﺎن أو ھﯾﻣﻧﺔ ﺟﮭﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ أو ﺣﻛوﻣﺔ ﺗﺣرﻓﮭﺎ ﻋن طرﯾﻘﮭﺎ ﺑﺎﻟﺗﺄﺛﯾر أو اﻻﺣﺗواء أو ﺗﺳﺧﯾرھﺎ ﻛﺄداة ﻟﺗﺣﻘﯾق أھداف
ﺧﺎﺻﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك .
ﻓﺎﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ھو ﺗﻌرﯾض اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﻓرع ﻣﻧﮭﺎ ﻟﺻورة ﻣن ھذه اﻟﺻور ،وﻗد ﯾﺻﺎﺣب ھذه اﻟﻣﺣﺎوﻻت
إﻏراءات ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻣﻌﻧوﯾﺔ وﺗزﯾﯾن أن ذﻟك ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ .وﻗد ﯾﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﺿﻐوط ﻣن ھذه اﻟﺟﮭﺎت
ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻻﺣﺗواء أو اﻟﺗﺳﺧﯾر أو اﻟﺻرف ﻋن اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ .ﻓﺎﻟواﺟب اﻟﺣذر ﻣن ﻛل ذﻟك ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﯾن ﺑﺎ.
اﻟﻐﻧﻲ اﻟﻘوي اﻟﻌزﯾز ،ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ھذا اﻻﻧﺣراف ﻣن ﺗﻔوﯾت ﻟﻸﻏراض واﻷھداف اﻟﺗﻲ ﻧﻌﻣل ﻟﮭﺎ وﻧﺿﺣﻲ ﻣن أﺟﻠﮭﺎ
ﺑﺎﻷرواح واﻷﻣوال واﻷوﻗﺎت .وﻟﻧذﻛر ﻛﻼًﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ) :إﻧﮫ ﻟﯾس أﻋﻣق ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ﻣن ظن ﺑﻌض
اﻟﻧﺎس أن اﻹﺧوان ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ أي ﻋﮭد ﻣن ﻋﮭود دﻋوﺗﮭم ﻣطﯾﺔ ﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺎت أو ﻣﻧﻔذﯾن ﻟﻐﺎﯾﺔ ﻏﯾر ﻏﺎﯾﺗﮭم أو
ﻋﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﻲ ﻣﻧﮭﺎج ﻏﯾر ﻣﻧﮭﺎﺟﮭم ﻓﻠﯾﻌﻠم ذﻟك ﻣن ﻟم ﯾﻌﻠﻣﮫ ﻣن اﻹﺧوان وﻏﯾر اﻹﺧوان ( .
– 9اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻻ ﺗﺣﻛم ﺑﻣﺎ أﻧزل ﷲ 54 :
اﻷﺻل أﻧﻧﺎ ﻧﺳﻌﻰ إﻟﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺎ أﻧزل ﷲ ،وﻻ ﻧواﻓق ﻋﻠﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻘواﻧﯾن وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﺷرﯾﻌﺔ ﷲ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن
ﻣوادھﺎ .ﻓﻼ ﯾﻘﺑل أن ﯾﺷﺎرك أﻓراد ﻣن اﻹﺧوان ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻣن ھذا اﻟﻘﺑﯾل ﻟن ﯾﻛون ﻟﮭم ﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾرھﺎ إﻟﻲ ﺣﻛوﻣﺔ
إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺣﻛم ﺑﺷرع ﷲ وﺗﻛون اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺷﺎرﻛﺗﮭم اﻟوزر ﻣﻊ ھؤﻻء اﻟﺣﻛﺎم اﻟذﯾن ﻻ ﯾﺣﻛﻣون ﺑﺷرع ﷲ وﯾﺑﯾﺣون ﻛﺛﯾًرا
ﻣﻣﺎ ﺣّرم ﷲ ،وﻛﺄﻧﻧﺎ ﻧﺧدع أﻧﻔﺳﻧﺎ وﻧﺧدع ﻏﯾرﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ ﻗوﻻ وﻧﺧﺎﻟﻔﮫ ﻋﻣﻼ .ﻣﺛل ھذا اﻟﺗﺻرف ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن
اﻷﺻل ،ورﺑﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ اﺧﺗﻼﻓﺎت وﺗﺻدﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﺻف ﺑﯾن اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟذﻟك واﻟﻣﻌﺎرﺿﯾن ﻟﮫ .
ﻗد ﺗﺗﮭﯾﺄ ظروف وﯾﺗرﺟﺢ ﻟدي اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻌد دراﺳﺔ ﺷرﻋﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ دﻗﯾﻘﺔ أن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺎ ھﻲ إﻻ
ﺧطوة ﻣطﻠوﺑﺔ ﻻﻧﺗﻘﺎﻟﮭﺎ إﻟﻲ ﺣﻛوﻣﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﻼ ﺑﺄس ﻣن ذﻟك ﺑﺷرط ﺗواﻓر اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﺗﺣﻘﯾق ذﻟك واﻻﺗﻔﺎق
اﻟواﺿﺢ ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وﻻ ﯾﺗرك اﻷﻣر ﻻﺟﺗﮭﺎد اﻷﻓراد ،وإذا ظﮭر ﻧﻘض ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﺎت ﻣن ﺟﮭﺎت أﺧري وﺗﺑدﻟت اﻟﻧواﯾﺎ ﺗﻛون
اﻟﻣﺳﺎرﻋﺔ ﺑﻌدم اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﺑﺣﯾث ﻻ ﻧﻘﻊ ﻓﻲ داﺋرة اﻟﺧداع وﺗﻣﯾﯾﻊ اﻷھداف واﻟرﺿﺎ ﺑﺄﻧﺻﺎف اﻟﺣﻠول دون اﻟﺣل اﻟﺟذرى
اﻷﺻﯾل .
) إن اﻟﺑﻌض ﯾﻘول :إن دﺧول ﻧﺎﺋب ﻣن اﻹﺧوان إﻟﻲ ﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺿﻣﻧﺎ اﻟرﺿﺎ ﺑﻛل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺻر وﻣن ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﻣﺎ ﺗري اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺟوب ﺗﻐﯾﯾره وﻟذﻟك ﯾﺗﺣرج ھؤﻻء ﻣن ﻓﻛرة ﺗرﺷﯾﺢ ﺑﻌض
اﻹﺧوان ﻷﻧﻔﺳﮭم ﻓﻣﺎ رأﯾﻛم ﻓﻲ ذﻟك ؟ .
إن اﻟﻣﻘرر ﻓﻘًﮭﺎ وﻣﻧطًﻘﺎ أن اﻟدﻻﻻت اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟدﻻﻻت اﻟﺻرﯾﺣﺔ وﻗد أﻋﻠﻧت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻛل دﻋواﺗﮭﺎ
وﺟوب ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺎ ﺗري ﺗﻐﯾﯾره ﻣن ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون دﺧول ﻧواب ﻣﻧﮭﺎ داﻻً ﻋﻠﻲ رﺿﺎھم ﺑﮭذه اﻟﻘواﻧﯾن إﻻ
إذا أﻋﻠﻧوا اﻟرﺿﺎ ﺻراﺣﺔ ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻐوا ﻛﻼﻣﮭم اﻷول .وإن اﻟطرﯾق اﻟﻣﻌﺑد ﻟﺗﻐﯾﯾر ﻣﺎ ﯾراد ﺗﻐﯾﯾره ﻣن ﻗواﻧﯾن ھو دﺧول دار
اﻟﺷورى ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﻐﯾر ﺑﮭﺎ وﻟو ﻗﻠﻧﺎ إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧدﺧل ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻐﯾر اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﻧري ﺗﻐﯾﯾرھﺎ ﻓﻌﻼ ﻟﻛﺎن ﻣﻌﻧﻲ ذﻟك أن
اﻹﺧوان ﻻ ﯾدﺧل أﺣد ﻣﻧﮭم دار اﻟﺷورى إﻻ ﺑﻌد اﻟوﺻول إﻟﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻺﺧوان وﻛﺄﻧﮭم ﺑذﻟك ﯾﺻدون أﻧﻔﺳﮭم ﻋن
ﺑﺎب ﻣن أﺑواب اﻟﺟﮭﺎد واﻟﺟﮭﺎد ﺑﺎب ﻣن أﺑواب اﻟﺟﻧﺔ .
وﻗد ﺳﺋل اﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑن ﺑﺎز ﻋن ﺣﻛم دﺧول ﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب ؟ ﻓﻘﺎل ) :ﻻ ﺣرج ﻓﻲ اﻻﻟﺗﺣﺎق ﺑﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌب
إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻘﺻود ﻣن ذﻟك ﺗﺄﯾﯾد اﻟﺣق وﻋدم اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن ﻧﺻر واﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻲ اﻟدﻋﺎة إﻟﯾﮫ ( .
– 10اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ اﻟﻐﯾر إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻣﺑﺎدئ واﻷھداف 55 :
ﻻ ﯾﺟوز ﻷي ﺳﺑب ﻣن اﻷﺳﺑﺎب أو ﻷي ظرف ﻣن اﻟظروف إﻗﺎﻣﺔ ﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﻣﻊ اﻟﻐﯾر أﺛﻧﺎء اﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة إذا ﻛﺎﻧت
ﻟﮭذا اﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺗﻧﺎزﻻت أو اﻧﺗﻘﺎص ﻣن ﻣﺑﺎدئ اﻹﺳﻼم اﻟذي ﻧﻌﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ( ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز أن ﺗﻛون
اﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن اﻷھداف اﻟﺗﻲ ﻧﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ،ﻟﻠﺟﮭود واﻟﺗﺿﺣﯾﺎت أن ﺗﺑذل ﻓﻲ ﻏﯾر اﻻﺗﺟﺎه
ﺿﺎ أن ﻧﻧﺑﮫ إﻟﻲ ﻋدم اﻟﺻﺣﯾﺢ ،ﺑل ﺗﻣﻛﯾﻧﻧﺎ ﻟﻐﯾرﻧﺎ ﻛﻲ ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ وﺟﮭﺗﻧﺎ وﺧطﺔ ﻋﻣﻠﻧﺎ .وﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟواﺟب ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب أﯾ ً
ﻣواﻻة أﻋداء ﷲ وإﻟﻲ ﻋدم ﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟﻣﯾن أو اﻟرﻛون إﻟﯾﮭم ،أو اطﻼع أﻋداء ﷲ أﺳرار اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﺛﻐراﺗﮭﺎ .وﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ
19
ﻋدم إﺗﻣﺎم اﺗﻔﺎﻗﺎت أو ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺎﻟﻐﯾر ﻓﯾﮭﺎ إﺿرار ﺑﺎﻟدﻋوة أو ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرع ،وﻧﺗﺣرز ﻛﺛﯾًرا ﻓﻼ ﻧﻌطﻲ اﻟﻣواﻻة أو اﻟﺛﻘﺔ أو
اﻟﻣودة ﻷي ﻣن أﻋداء ﷲ وﻟﻛن ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن ﻓﻘط( .
– 11اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى واﻟﻧﺻﺢ 56 :
) ﺳورة اﻟﺷورى ( إﺣدى ﺳور اﻟﻘرآن ﺗﻛرﯾًﻣﺎ وﺗﺄﻛﯾدًا ﻟﻣﺑدأ اﻟﺷورى ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﻗد أﻣر ﷲ ﺑﮭﺎ ﻧﺑﯾﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ
وﺳﻠم اﻟذي ﻣﺎرﺳﮭﺎ ﻣﻊ ﺻﺣﺎﺑﺗﮫ رﻏم اﺗﺻﺎﻟﮫ ﺑﺎﻟوﺣﻲ وﻋدم ﺣﺎﺟﺗﮫ إﻟﯾﮭﺎ ،وﻟﻛن اﻣﺗﺛﺎﻻً ﻷﻣر ﷲ وﺗﺷرﯾﻌًﺎ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ،ﻓﻘد
أﺧذ ﺑرأي اﻟﺣﺑﺎب ﻓﻲ ﺑدر وﺑرأي ﺳﻠﻣﺎن ﻓﻲ اﻟﺧﻧدق .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:وﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻧﺟد اﻟﺷورى ﻣن
أﻟزم وأﻧﻔﻊ اﻷﻣور ،ﻓﯾﮭﺎ ﯾﺗوﺻل إﻟﻲ اﻟرأي اﻷﻧﺿﺞ واﻷﺻﻠﺢ ،وﺗﺷﻌر اﻟﻘواﻋد ﺑﺎﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ،وﯾﺳود ﺟو
اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﻌﺎون واﻟﻣﺛﻣر ﺑﯾن اﻟﺟﻣﯾﻊ ،ﺑﺧﻼف ﻣﺎ إذا ﻋطﻠت اﻟﺷورى أو أﺧل ﺑﮭﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﺑل ﯾﺣدث
ﻋﻛﺳﮫ .اﻟﻣطﻠوب ﻣن ﻛل ﻓرد ﻓﻲ اﻟﺻف أن ﯾﻛون إﯾﺟﺎﺑًﯾﺎ ﻣﺷﻐوﻻً ﺑدﻋوﺗﮫ ﯾﻔﻛر ﻓﯾﮭﺎ وﯾﺷﯾر ﺑﻣﺎ ﯾراه ﯾﺣﻘق ﻧﻔﻌًﺎ أو ﯾدرأ
ﺿرًرا ،ﻣﻌﺎوﻧﺎ ﻟﻘﯾﺎدﺗﮫ ﺑﺎﻟرأي واﻟﻧﺻﺢ ﺑﺄدب اﻹﺳﻼم .وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ ﻛذﻟك أن ﯾﺳﺗﺷﯾر إﺧواﻧﮫ وﯾﺳﺗﻔﯾد
ﻣن ﻋﻘوﻟﮭم وأﻓﻛﺎرھم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻌرض ﻟﮫ ﻣن أﻣور وﺗﺑﻌﺎت ،وﻻ ﯾﺿﯾق ﺑﺎﻟﻧﺻﺢ اﻟذي ﯾﻘدم ﻟﮫ ﻣن إﺧواﻧﮫ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن
أﺳﻠوﺑﮫ ﻏﯾر ﻛرﯾم ﻛﻲ ﻻ ﯾﻔوت ﻋﻠﻲ اﻟدﻋوة ﻣﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻧﺻﺢ ﻣن ﺧﯾر .
ورﺣم ﷲ أﺑﺎ ﺑﻛر وﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ طﻠﺑﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻧد ﺗوﻟﯾﮭم اﻟﺧﻼﻓﺔ ﺗﻘوﯾم أي اﻋوﺟﺎج ،وﻟم ﯾﺿق
ﻋﻣر ﺑﻣن ﻗﺎل ﻟﮫ ﻟو رأﯾﻧﺎ ﻓﯾك اﻋوﺟﺎًﺟﺎ ﻟﻘوﻣﻧﺎه ﺑﺳﯾوﻓﻧﺎ .ﻓﺎﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى واﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓًﺎ ﻋن اﻷﺻل ھو
ﺗﻌطﯾل اﻟﺷورى وﻋدم ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﯾﺎدة أو أي ﻣﺳﺋول ﻓﻲ ﻣوﻗﻌﮫ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﻗدره وﻋﻠﻣﮫ وﻛﻔﺎءﺗﮫ .ﻛذﻟك اﻟﻣوﻗف
ﺿﺎ اﻧﺣراﻓًﺎ
اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻣن اﻷﻓراد وﻋدم إﺑداء اﻟرأي واﻟﻧﺻﺢ ﻟﻠﻣﺳﺋول وﻋدم اﻟﺷﻌور ﺑﻣﺷﺎرﻛﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ذﻟك أﯾ ً
وإﺧﻼﻻً ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى .
وﻣن أﺧطر ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ﻣﺑدأ اﻟﺷورى أن ﯾﻛون ﻟﮭﺎ ﺷﻛل وﻣظﮭر وﻟﻛﻧﮫ ﻣﻔرغ ﻣن ﻣﺿﻣوﻧﮫ ،ﺑﻣﻌﻧﻲ أن
ﯾﻛون ھﻧﺎك ﻣﺟﻠس ﺷورى وﻟﻛن ﺗدﺧﻠت ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﮫ ﻋواﻣل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓرﻏﺗﮫ ﻣن ﺟوھره وﺟﻌﻠﺗﮫ ﻣظﮭًرا دون ﻣﺧﺑر ،ﯾواﻓق
اﻟﻘﯾﺎدة ﻋﻠﻲ ﻛل ﻣﺎ ﺗراه .ﻣﺛل ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺷﻌب أو ﻣﺟﺎﻟس اﻟﺷورى ،ﻓﺑﺷﻲء ﻣن
اﻟﺗﺣﺎﯾل ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎب وﺗدﺧل رﺟﺎل اﻷﻣن ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت وﺗزﯾﯾﻔﮭﺎ وﺑﺈﻋطﺎء اﻟﺣﺎﻛم ﺣق ﺗﻌﯾﯾن ﻋدد ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻘﻠﯾل
ﯾﺧﺗﺎرھم ھو إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن أﺳﺎﻟﯾب ﯾﺗﻛون اﻟﻣﺟﻠس اﻟذي ﯾﻘﺗن اﻟدﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﻟﻠﺣﺎﻛم ﺑﻣﺎ ﯾﺻدره ﻣن ﻗواﻧﯾن ﺗﻘﯾد اﻟﺣرﯾﺎت .
واﻹﺳﻼم ﯾرﻓض ﻛل ھذا اﻟزﯾف واﻟﺧداع وﯾﺷدد ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر أھل اﻟرأي واﻟﺷورى ،وﯾﺣّﻣل ﻛل ﻓرد أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻛﻠﻣﺔ وأﻣﺎﻧﺔ
اﺧﺗﯾﺎره ﻷھل اﻟﺷورى أو ﻣن ﯾﻣﺛﻠﮫ ﻣﺗﺣرًﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣق واﻟﻌدل وإرﺿﺎء ﷲ ﻻ إرﺿﺎء اﻟﺧﻠق ،وﻣن ﺧﺎﻟف ذﻟك ﻓﻘد
ﺧﺎن ﷲ ورﺳوﻟﮫ واﻟﻣؤﻣﻧﯾن .
وﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧوﺿﺢ أﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺳﺋول أن ﯾﻧﻔرد ﺑﺎﻟرأي دون ﻣﺷورة ﻛذﻟك ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﺗوﺿﺢ ﻟﮫ اﻟﻘﯾود
اﻟﻛﺛﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺑﻠﮫ ﻋﻧد اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ،أو ﺗﺳﻠب ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﮫ ﺑﺣﯾث ﯾﺻﯾر ﻣﺟرد رﻣز ﻓﻘط ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺑرم أﻣًرا ﻓﮭذا
ﻋد أن ﺗﻌﺗﻘد أﻧﮫ ﻻﺑد وأن ﺗﺳﺗﺷﺎر ﻓﻲ ﻛل ﺻﻐﯾرة وﻛﺑﯾرة .أو ﺗﺗﺻور أﻧﮭﺎ ﺿﺎ إﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى .ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻟﻠﻘوا ْ أﯾ ً
ﺿﺎ ﺧطﺄ وإﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﺷورى .وﻋﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺣﻛﯾﻣﺔ ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟطﺎﻋﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎدة ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﺗﺳﺗﺷر ﻓﯾﮫ ﻣن أﻣور ،ﻓﮭذا أﯾ ً
أن ﺗواﺋم ﺑﯾن ﻛل ذﻟك وﺗﺳﻠك اﻟطرﯾق اﻟوﺳط اﻟﻣﻔﯾد .وأﺧﯾًرا ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول ﻓﻲ أي ﻣوﻗﻊ أن ﯾﻘرب ﻣﻧﮫ اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن اﻟذﯾن
ﯾﺻدﻗوﻧﮫ اﻟﻧﺻﺢ اﻟرأي وأن ﯾﺑﻌد ﻋﻧﮫ أﺻﺣﺎب اﻷﻏراض واﻷھواء .ﻋن أﺑﻲ ﺳﻌﯾد اﻟﺧدري رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل :ﻗﺎل
رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻗﺎل " :ﻣﺎ ﺑﻌث ﷲ ﻣن ﻧﺑﻲ وﻻ اﺳﺗﺧﻠف ﻣن ﺧﻠﯾﻔﺔ إﻻ ﻛﺎﻧت ﻟﮫ ﺑطﺎﻧﺗﺎن ،ﺑطﺎﻧﺔ ﺗﺄﻣره
ﺑﺎﻟﻣﻌروف وﺗﺣﺿﮫ ﻋﻠﯾﮫ ،وﺑطﺎﻧﺔ ﺗﺄﻣره ﺑﺎﻟﺷر وﺗﺣﺿﮫ ﻋﻠﯾﮫ ،واﻟﻣﻌﺻوم ﻣن ﻋﺻﻣﮫ " .
– 12اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣظﮭر دون اﻟﺟوھر وﺗﻐﻠﯾب اﻟﺟدال واﻟﻧﻘﺎش ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل 59 :
ﻣن ﺧﺻﺎﺋص ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﺗﻲ ﺗﺣرص ﻋﻠﯾﮭﺎ إﯾﺛﺎر اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻋﻠﻲ اﻟدﻋﺎﯾﺔ واﻹﻋﻼﻧﺎت ،ﻓﮭذا ﻓﮭذا ﻣﺎ ﺟﺎء
ﺑﮫ اﻹﺳﻼم وﻣﺧﺎﻓﺔ أن ﺗﺷوب ھذه اﻷﻋﻣﺎل ﺷواﺋب اﻟرﯾﺎء ﻓﯾﺳرع إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺗﻠف واﻟﻔﺳﺎد ،وﻟﻧﻔوز اﻹﺧوان اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻣن
اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻲ اﻟدﻋﺎﯾﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ واﻟﺗﮭرﯾﺞ اﻟذي ﻟﯾس ﻣن وراﺋﮫ ﻋﻣل وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺟﮫ ﻣن أﺛر ﺳﺊ وﺗﺿﻠﯾل وﻓﺳﺎد .وإن
ﻛﺎﻧت إذاﻋﺔ اﻟﺧﯾر واﻷﻣر ﺑﮫ واﻟﻣﺳﺎرﻋﺔ إﻟﻲ إﻋﻼﻧﮫ وﻛﺳب اﻟرأي اﻟﻌﺎم أﻣور ﻣطﻠوب وﻟﻛن ﺗﻛون ﺑدﻗﺔ وﻗدر ﻣﻧﺎﺳب وﻻ
ﯾﻛون ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل .ﺛم إن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ وھﻲ وﺿﻊ اﻷﺳﺎس اﻟﻣﺗﯾن ﻟﻠدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﻓﻲ أﺷد
اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد اﻟﻣﺗواﺻل ﻓﻲ ھدوء دون ﺿﺟﯾﺞ ﺿرره أﻛﺛر ﻣن ﻧﻔﻌﮫ .
إن اﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻧﺟﺎح اﻟﻧﺷﺎط ﻓﻲ أي ﻗطر أو ﻣﻧطﻘﺔ ھو ﺑﻣﻘدار ﻣن ﯾﺗﺧرﺟون ﻣن رﺟﺎل ﻋﻘﯾدة ﯾﻔﮭﻣون إﺳﻼﻣﮭم
ﻟﻠﺟﮭﺎد واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ،وﻟﯾس ﻣﺟرد إﻗﺎﻣﺔ اﺣﺗﻔﺎﻻت وﺳرادﻗﺎت وأﻧوار وھﺗﺎﻓﺎت .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:وﻟﮭذا ﻧﺟد اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد
ﯾوﺿﺢ اﻟﻔوارق ﺑﯾن اﻟرﺟﺎل ﻓﯾﻘول ) :إن رﺟل اﻟﻘول ﻏﯾر رﺟل اﻟﻌﻣل ورﺟل اﻟﻌﻣل ﻏﯾر رﺟل اﻟﺟﮭﺎد ورﺟل اﻟﺟﮭﺎد ﻓﻘط
20
ﻏﯾر رﺟل اﻟﺟﮭﺎد اﻟﻣﻧﺗﺞ اﻟﺣﻛﯾم ،اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻲ أﻋظم اﻟرﺑﺢ ﺑﺄﻗل اﻟﺗﺿﺣﯾﺎت ( .وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل أن ﯾﻐﻠب
ﻋﻠﻲ اﻹﺧوان ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﺟو اﻟﺟدال واﻟﻧﻘﺎش واﻟﻣراء اﻟذي ﯾﺳﺗﻣر ﺑﺎﻟﺳﺎﻋﺎت وﯾدﺧل ﻓﯾﮫ اﻟﺷﯾطﺎن وﯾوﻗﻊ اﻟﺧﻼف
واﻟﺑﻐﺿﺎء ﺑﯾن اﻹﺧوة وﯾﺿﯾﻊ اﻟوﻗت وﯾﻛون ﻛل ذﻟك ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﻣل واﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠدﻋوة .وﻗد ﻧﮭﺎﻧﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋن اﻟﻣراء واﻟﺟدال ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺧﯾر وﻣﺎ ﺿل ﻗوم ﺑﻌد ھدي ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أوﺗوا اﻟﺟدال .ورﻏﺑﻧﺎ رﺳوﻟﻧﺎ
اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺗرك اﻟﻣراء وﻟو ﻛﻧﺎ ﻣﺣﻘﯾن .ﺛم ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد اﻟوﻗت ھو اﻟﺣﯾﺎة واﻟواﺟﺑﺎت أﻛﺛر ﻣن اﻷوﻗﺎت .ﻓﻼ
ﯾﺷﻐﻠﻧﺎ اﻟﻣظﮭر ﻋن اﻟﺟوھر وﻻ اﻟﻘول واﻟﺟدال ﻋن اﻟﻌﻣل .
– 13اﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم اﻟﺗﺧطﯾط 60 :
اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف أﻣر ھﺎم وﻋظﯾم اﻟﻔﺎﺋدة .ﻓﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط ﺗﺗﺣدد اﻷھداف واﻟﻣﮭﺎم اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،وﯾﻘﺳم اﻟﻛﺑﯾر ﻣﻧﮭﺎ
إﻟﻲ أھداف ﺟزﺋﯾﺔ ،وﺗوزع ﻋﻠﻲ ﻣراﺣل ﻣﻊ ﺗرﺗﯾب اﻷوﻟوﯾﺎت ،وﺗوﺿﻊ اﻟﺧطﺔ ﻟﻛل ﻣﻧﮭﺎ وﺗﻘدر اﻟﻣدة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﮫ
واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،وﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣوﺟود ﻣﻧﮭﺎ واﻟﻼزم وﺗوﻓﯾر ،واﺧﺗﯾﺎر اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻼزﻣﯾن ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺛم ﻋﻣل اﻟﺗرﺗﯾب
ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن ﺟﮭﺔ ﻣﺣددة ،وﯾوﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ وﻣﺎ ﺗﺳﺗﻠزﻣﮫ ،وھﻛذا ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط ﯾﻧظم اﻟﻌﻣل
وﯾﺣﺎط ﺑﮫ دون إﻏﻔﺎل ﺟﺎﻧب ﻣﻧﮫ وﯾﺳﺗﻔﺎد ﺑﻛل اﻷوﻗﺎت وﺗﺷﻐل ﻛل اﻟطﺎﻗﺎت ﻛل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ ،وﺗوزع اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺎت
وﺗﺣﻔز اﻟﮭﻣم ،ﻓﻼﺷك أن ﻣن ﯾﻛﻠف ﺑﻌﻣل ﻣﺣدد ﻓﻲ وﻗت ﻣﺣدد وﺗوﻓر ﻟﮫ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﯾدﻓﻌﮫ ذﻟك إﻟﻲ اﻟﺣرص ﻋﻠﻲ
ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻠﻲ اﻟوﺟﮫ اﻷﻛﻣل وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣطﻠوب ،ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺗﻛﻠﯾف دون ﺗﺣدﯾد ﻟﻣﻘدار أو ﻧوع اﻟﻌﻣل ودون ﺗﺣدﯾد
ﻟوﻗت إﻧﺟﺎزه ودون اھﺗﻣﺎم ﺑﺗوﻓﯾر اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ،ﻻﺷك أن ذﻟك ﯾﺛﺑط اﻟﮭﻣم وﯾﻌرض اﻟوﻗت إﻟﻲ اﻟﺿﯾﺎع واﻟطﺎﻗﺎت
إﻟﻲ اﻟﺗﻌطﯾل ،وﻻ ﺗﻧﺟز اﻷﻋﻣﺎل ﻛﺎﻣﻠﺔ أو ﻋﻠﻲ اﻟوﺟﮫ اﻟﺻﺣﯾﺢ .
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻗﺿﯾﺗﻧﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ھﻲ أﻋظم ﻗﺿﯾﺔ ﻓﻲ دﻧﯾﺎﻧﺎ ،وھﻲ اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ ﻓﻲ اﻷرض وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ
اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ راﯾﺔ اﻹﺳﻼم ،وﺗﺣﻛﱠم ﺷرع ﷲ وﺗﺣﻣﻲ أرض اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﺗﺑﻠﻎ دﻋوة ﷲ ﻟﻠﻧﺎس
أﺟﻣﻌﯾن .وﺗزھق ﺑﺎطل أﻋداء ﷲ ﻋﻠﻲ اﺧﺗﻼﻓﮭم ،ﻓﻼ ﯾﺗﺻور أن ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك دون ﺗﺧطﯾط ،ﺑل اﻟواﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗﺧطﯾط
اﻟﺷﺎﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻣﺣﻠًﯾﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻗطر وﻟﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻌﻣل ،وﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣن دراﺳﺎت وﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﺣﻠﯾﻼت
وﺗﺷﻐﯾل ﻟﻛل اﻟطﺎﻗﺎت .ھذا ھو اﻷﺻل واﻻﻧﺣراف ھو اﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم اﻟﺗﺧطﯾط أو اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﺗﺻﯾر اﻟﺣرﻛﺔ
واﻟﻌﻣل ردود أﻓﻌﺎل ﻓﻘط ﻟﻸﺣداث اﻟﻌﺎرﺿﺔ ،ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻧﺟد أﻋداء ﷲ ﯾﺟﻣﻌون اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﻘوم أﺟﮭزﺗﮭم
ﺑﺎﻟدراﺳﺎت واﻟﺗﺣﻠﯾﻼت ووﺿﻊ اﻟﺧطط ﻟﺿرب اﻟﺣرﻛﺎت واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻋﻠﻲ أي
ﻋﻣل ﺟﺎد اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻹﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن .
ﻗد ﯾﺧطر ﻟﻠﺑﻌض ﺗﺳﺎؤل ﺑﺄن ﻛﯾف ﺗﺧطط ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل واﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻏﯾب ﻻ ﯾﻌﻣﻠﮫ إﻻ ﷲ ؟ وﻛﯾف ﻧﺣدد اﻷزﻣﺎن ﻹﻧﺟﺎز
أﻋﻣﺎل ﻣﻌﯾﻧﺔ واﻷﻣور ﺗﺗم ﺑﺗﻘدﯾر ﷲ وﺗوﻗﯾﺗﮫ ؟ وأﻧﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑون ﺑﺎﻟﻌﻣل وﻟﺳﻧﺎ ﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ؟ إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن أﻓﻛﺎر
،ﻓﻧﻘول إﻧﮫ ﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑﯾن ذﻟك وﺑﯾن اﻟﺗﺧطﯾط ،ﻓﻣﻊ أن اﻷﻣور ﺗﺗم ﺑﻘدر ﷲ ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻣطﺎﻟﺑون ﺑﺄن اﻟﻌﻣل وأن ﻧﺄﺧذ
ﺑﺎﻷﺳﺑﺎب واﻟﺗﺧطﯾط ﺿﻣن ھذه اﻷﺳﺑﺎب .وﻷﺟل ذﻟك وﺟدﻧﺎ اﻟﻔرق ﻓﻲ ھﺟرة رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھﺟرة
ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻓﻠو أن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻌل ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﻋﻣر ،ﻟﺣﺳب اﻟﻧﺎس أن ھذا ھو
اﻟواﺟب ! وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز أﺧذ اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر ،واﻟﺗﺧﻔﻲ ﻋﻧد اﻟﺧوف .ﻣﻊ أن ﷲ ﻋز وﺟل أﻗﺎم ﺷرﯾﻌﺗﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟدﻧﯾﺎ ﻋﻠﻲ
ﻣﻘﺗﺿﻲ اﻷﺳﺑﺎب وﻣﺳﺑﺑﺎﺗﮭﺎ ،وإن ﻛﺎن اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﻻ ﺷك ﻓﯾﮫ أن ذﻟك ﺑﺗﺳﺑﯾب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ وإرادﺗﮫ .ﻷﺟل ذﻟك ،اﺳﺗﻌﻣل
اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻛل اﻷﺳﺑﺎب واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﮭﺗدي إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻌﻘل اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻣﺛل ھذا اﻟﻌﻣل .ﺣﺗﻰ إﻧﮫ
ﻟم ﯾﺗرك وﺳﯾﻠﺔ ﻣن ھذه اﻟوﺳﺎﺋل إﻻ اﻋﺗد ّ ﺑﮭﺎ واﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ .
– 14اﻻﺳﺗدراج إﻟﻲ ﻣﻌﺎرك ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ وﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓرﻋﯾﺔ 62 :
اﻷﺻل أن ﻧﻧﺷﻐل ﺑﺎﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ وأن ﺗﺄﺧذ ﻣﻧﺎ اﻻھﺗﻣﺎم اﻷﻛﺑر ،واﻻﻧﺣراف أن ﻧﺳﺗدرج إﻟﻲ ﻣﻌﺎرك ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ
وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺟزﺋﯾﺔ ﺗﺳﺗﻧﻔد اﻟﺟﮭود واﻷوﻗﺎت دون أن ﺗﺣرز اﻟﺗﻘدم اﻟﻣطﻠوب أو ﺗﺣﻘق اﻟﺗﻐﯾر اﻟﻣﻧﺷود .وﻟﻌل اﻟﺗﺧطﯾط اﻟذي
ذﻛرﻧﺎه ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق ﯾﺳﺎﻋد ﻛﺛﯾًرا ﻓﻲ ﺗﺟﻧب ھذا اﻻﻧﺣراف وذﻟك ﺑﺗﺣدﯾد اﻷھداف ووﺿﻊ اﻷوﻟوﯾﺎت وﺗﻧظﯾم اﻷوﻗﺎت ،
وﻗد أﺛﺑﺗت اﻟﺗﺟرﺑﺔ أن اﻷﻣر إذا ﺗرك ھﻛذا ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟﺎﻧﺑﯾﺔ أو اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺄن ﺗﺷﻐل اﻷوﻗﺎت واﻟطﺎﻗﺎت .وﻻ ﯾﻌﻧﻲ
ذﻟك أن ﻧﻐﻔل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ وﻟﻛن ﻧﻌطﯾﮭﺎ اﻟﻘدر اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻓﻘط ﻣن اﻟﺟﮭد واﻟوﻗت ﻓﺄﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ إھﻣﺎل اﻟﺟزﺋﯾﺎت
ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت وﻣﺷﺎﻛل ﺗﺣﺗﺎج ﺑﻌد ذﻟك إﻟﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟوﻗت واﻟﺟﮭد ﻟﺣﻠﮭﺎ .ﻓﻌﻠﻲ اﻟﻘﯾﺎدة أن ﺗﺣﺳن اﻟﺗﻘدﯾر واﻟﺗوﺟﯾﮫ ،وﻋﻠﻲ
اﻷﻓراد أن ﯾﻌﺎوﻧوا ﻓﻲ ﻋدم ﺧﻠق ﺧﻼﻓﺎت وﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺷﻐل اﻷوﻗﺎت ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة واﻹﻧﺗﺎج ﻟﮭﺎ .
وﻟﻧﺿرب ﺑﻌض اﻷﻣﺛﻠﺔ :ﻓﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ زاﺧرة ﺑﺎﻟﺑدع واﻟﺧراﻓﺎت واﻟﻣﻧﻛرات وﻟو ﺻرﻓﻧﺎ ﺟﮭودﻧﺎ وأوﻗﺎﺗﻧﺎ ﻟﻣﺣﺎرﺑﺗﮭﺎ
وﻣﺣﺎوﻟﺔ إزاﻟﺗﮭﺎ ﻻﺳﺗﻧﻔدت ﻛل أوﻗﺎﺗﻧﺎ وﺟﮭودﻧﺎ دون أن ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﺛﻣﺎر ﺧﺑﯾﺛﺔ ﻟﺷﺟرة ﺧﺑﯾﺛﺔ إذا أزﯾﻠت ﺑﻌض
21
اﻟﺛﻣﺎر ﺗﺛﻣر اﻟﺷﺟرة ﻏﯾرھﺎ ،واﻟﺣل اﻷﻣﺛل ھو اﺟﺗﺛﺎث اﻟﺷﺟرة اﻟﺧﺑﯾﺛﺔ ﻣن ﺟذورھﺎ وﻏرس اﻟﺷﺟرة اﻟطﯾﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺗﻲ
أﻛﻠﮭﺎ ﻛل ﺣﯾن ﺑﺈذن رﺑﮭﺎ ،ﺷﺟرة ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﷲ ﻣﺣﻣد رﺳول ﷲ وذﻟك ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻛم ﷲ واﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ .ﻓﺎﻟﺣﻛﻣﺔ
واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﺗﻘﺿﯾﺎن ﺑﺄن ﻧﻌطﻲ ﻗدًرا ﻣﺣدودًا ﻣن اﻟوﻗت واﻟﺟﮭد ﻟﮭذه اﻷﻣور وﻻ ﻧﺳﻣﺢ ﻟﮭﺎ أن ﺗﺷﻐﻠﻧﺎ ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى
واﻟﺗﻲ ﺗﺣل ﻣﻌﮭﺎ ﻛل ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﺑﺈذن ﷲ .وھﻧﺎك ﻣﻌﻧﻲ آﺧر ﯾﻠزم اﻟﺗﻧﺑﯾﮫ إﻟﯾﮫ وھو أﻧﮫ ﻗد ﻗﺎﻣت ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ ﺗﺟﻣﻌﺎت
إﺳﻼﻣﯾﺔ ﺣول ﻗﺿﯾﺔ أو أﻛﺛر ﻣن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻹﺳﻼم وﺟﻌﻠوھﺎ ﻗﺿﯾﺗﮭم اﻟﻛﺑرى وﺷﻐﻠﮭم اﻟﺷﺎﻏل ،ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي أﻏﻔﻠت ﻓﯾﮫ
ھذه اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ،ﻗﺿﯾﺔ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وﻣواﺟﮭﺔ اﻟﺣرب اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻣن أﻋداء ﷲ ﻟﻺﺳﻼم ،أو ﻋﻠﻲ اﻷﻗل
ﻟم ﺗﺄﺧذ ﻣﻧﮭم اﻻھﺗﻣﺎم اﻟﻼﺋق .ﻓﮭﻧﺎك ﻣن ﺷﻐﻠﺗﮭم ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺗوﺣﯾد وﻧﻘﺎﺋﮫ ﻣن اﻟﺷواﺋب وﻗﺿﯾﺔ اﻷﺿرﺣﺔ وﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﮭﺎ وﻣﺎ
ﯾﺣدث ﺣوﻟﮭﺎ .وھﻧﺎك ﻣن ﺷﻐﻠﺗﮭم ﻗﺿﯾﺔ ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺳﻠف ﻓﻲ أﻣور اﻟﻌﻘﯾدة وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﺄوﯾل واﻟﺗﻌطﯾل واﻷﺳﻣﺎء واﻟﺻﻔﺎت
وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ .وھﻧﺎك ﻣن ﺟﻌﻠوا اﻟﻌﺑﺎدات واﻟﺳﻧن واﻟﺷﻌﺎﺋر ھﻲ ﺷﻐﻠﮭم اﻟﺷﺎﻏل .وھﻧﺎك ﻣن ﻟﺟﺋوا إﻟﻲ إﻗﺎﻣﺔ
ﺣﻠﻘﺎت اﻟذﻛر وﻣﺎ ﺳﻣوه ﺑﺎﻟطرق اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺑدع وﻣﺧﺎﻟﻔﺎت .
واﻟﻣﻌﺗﺎد أن ﯾﺗﺣﻣس أﻓراد ﻛل ﺗﺟﻣﻊ ﻟﻘﺿﯾﺗﮭم وﻗد ﯾﺗﮭﻣون ﻏﯾرھم ﺑﺎﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ،وﻗد ﺗﻌرض اﻹﺧوان
ﻣن ﺑﻌﺿﮭم ﻟﻣﺛل ھذا اﻻﺗﮭﺎم .ورﺑﻣﺎ ﺗطرف اﻟﺑﻌض ﻣﻧﮭم وﻓﺳق أو ﻛﻔر ﻣن ﻟﯾس ﻣﻌﮭم أو ﻣن ﻟﯾس ﻋﻠﻲ رأﯾﮭم .واﻷﺻل
اﻟذي ﺳﺎرت ﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان إزاء ھذه اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت ھو إﺣﺳﺎن اﻟﺻﻠﺔ ﺑﮭم وﻋدم ﻛﺳب ﻋداوة أي ﻣﻧﮭم ﺑل ﻧﺣﺑﮭم ،
وﻧﺗﻌﺎون ﻣﻌﮭم ﻓﯾﻣﺎ اﺗﻔﻘﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ وﯾﻌذر ﺑﻌﺿﻧﺎ ﺑﻌﺿﺎ ﻓﯾﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﻧﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن أﻣور ﻓرﻋﯾﺔ ﻻ ﯾﺧرج اﻟرأي ﻓﯾﮭﺎ ﻋن اﻹﺳﻼم .
وإذا ﺗﻌرض ﻟﻧﺎ أي ﻓرد أو ﺗﺟﻣﻊ ﻣﻧﮭم ﺑﺄذى أو إﺳﺎءة ﻓﻼ ﻧﺑﺎدﻟﮭم ذﻟك اﻷﺳﻠوب وﻟﻛن ﻧﺗﺣﻣل وﻧﺣﺗﺳب ،وأﻻ ﻧدﺧل ﻣﻌﮭم
ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ﻛﻼﻣﯾﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ،وﻟﻛن ﻧوﺿﺢ ﻓﮭﻣﻧﺎ وﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ وﻧدﻋو إﻟﻲ اﻟﻌﻣل ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ،ﺧﺎﺻﺔ
وأن اﻹﺧوان واﻟﺣﻣد .ﻟم ﯾﮭﻣﻠوا ھذه اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻣن أول ﯾوم ،ﻓﻘد أﺧذوا أﻧﻔﺳﮭم ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟرأي اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻟﻣوﻗف اﻟﺳﻠﯾم
اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،وﺑﺎﻋﺗدال دون إﻓراط أو ﺗﻔرﯾط .وﻧﻌﺗﻘد أن اﻷﺣداث ﻛﻔﯾﻠﺔ أن
ﺗﺟﻣﻌﻧﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ – وﻟو ﺑﻌد ﺣﯾن – ﻓﻲ ﺻف واﺣد ﻟﻧواﺟﮫ ﻛﯾد اﻷﻋداء اﻟذﯾن ﻻ ﯾﻔرﻗون ﺑﯾن ﺗﺟﻣﻊ وآﺧر .
– 15اﻟﻌزﻟﺔ ﻋن اﻟﺟﻣﮭور أو إﻏﻔﺎل ﻓﺋﺎت ﻣﻧﮫ 64 :
اﻟﺟﻣﮭور اﻟﻣﺳﻠم ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ ھو ﺣﻘل اﻟدﻋوة اﻟذي ﻧﻌﻣل ﻓﯾﮫ ،ورﺻﯾدھﺎ اﻟذي ﯾدﻋم اﻟﺻف ﺑﺎﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣؤﻣﻧﺔ
اﻟﻣﺟﺎھدة ،وھو اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺳﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺑﻧﺎء ،ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﻠﺗﺣم ﺑﮭذا اﻟﺟﻣﮭور وأن ﻧﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛل ﻓﺋﺎﺗﮫ وطواﺋﻔﮫ ،
واﻻﻧﺣراف أن ﻧﻧﻌزل أو أن ﻧﻌزل ﻋﻧﮫ أو أن ﻧﮭﺗم ﺑﺑﻌض ﻓﺋﺎﺗﮫ وﻧﮭﻣل ﻏﯾرھﺎ .
إن أﻋداء ﷲ ﯾﻌﻣﻠون ﺟﺎھدﯾن ﻋﻠﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌزﻟﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻌب واﻟدﻋﺎة إﻟﻲ ﷲ وﯾﻌﺎوﻧﮭم ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻌض أﺟﮭزة أﻧظﻣﺔ
اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ ﻛﺟﮭﺎز اﻷﻣن ،ﺑﺈﻟﺻﺎق اﻟﺗﮭم اﻟﺑﺎطﻠﺔ وﺗﺷوﯾﮫ ﺻورة اﻟدﻋﺎة إﻟﻲ ﷲ أﻣﺎم اﻟﺷﻌب وﺗﻠﻔﯾق اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ووﺻﻔﮭم
ﺑﺎﻟرﺟﻌﯾﺔ واﻟﺗطرف واﻹرھﺎب واﻟﺗﺳﺗر وراء اﻟدﯾن إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك .ﻓﺎﻟواﺟب أن ﻧﻘﺎﺑل ذﻟك ﺑﺎﻟﺣرص اﻟﻛﺎﻣل ﻋﻠﻲ اﻻﻟﺗﺣﺎم
ﺑﺎﻟﺷﻌب ﺑﻛل طواﺋﻔﮫ وﻣﺷﺎرﻛﺗﮫ ﻗﺿﺎﯾﺎه وآﻣﺎﻟﮫ وآﻻﻣﮫ وأﻓراﺣﮫ وأﺗراﺣﮫ ،وﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺻورة وﻛﺷف اﻟﺗﺿﻠﯾل وزﯾف
اﻟﺗﮭم اﻟﺑﺎطﻠﺔ ﺑﺄن ﯾﻠﻣس اﻟﻧﺎس ﻋﻛﺳﮭﺎ ﻋﻣﻠًﯾﺎ ﺑﻣﺎ ﻧﻘدﻣﮫ ﻟﮭم ﻣن ﺣب وﻋﺎطﻔﺔ وﻋون وأﻋﻣﺎل ﻓﯾﮭﺎ ﺧﯾرھم وﻧﻔﻌﮭم ھم
وأوﻻدھم ،ﻛﻣﺎ ﻧﻘدم ﻟﮭم اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻲ أﻧﮫ اﻟﻣﻼذ اﻟوﺣﯾد ﻹﻧﻘﺎذھم ﻣن اﻟﺿﯾﺎع اﻟروﺣﻲ واﻟﻣﺎدي .
واﻷﺻل أن ﯾﺷﻣل ﻧﺷﺎطﻧﺎ ﻛل طواﺋف اﻟﺷﻌب وﻓﺋﺎﺗﮫ ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟطﻠﺑﺔ وﻧﮭﻣل اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻔﻼﺣﯾن وﻧﺗرﻛﮭم ﻧﮭﺑﺎ
ﻟﻠﺷﯾوﻋﯾﯾن وأﺻﺣﺎب اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﯾﺧدﻋوﻧﮭم ﺑﺎﻟﺷﻌﺎرات اﻟزاﺋﻔﺔ ﺛم ﯾﺧﻠﻌوﻧﮭم ﻣن ﻋﻘﯾدﺗﮭم .وﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺗﻘن أﺳﻠوب
اﻟدﻋوة ﻣﻊ ﻛل ﻓﺋﺔ ﻓﻼﺷك أﻧﮫ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ اﻟطﻠﺑﺔ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻔﻼﺣﯾن .ﻛذﻟك ﯾﺟب أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﺗﺟﺎر وأﺻﺣﺎب
اﻟﺣرف ﻛﻣﺎ ﺗﮭﺗم ﺑﺎﻟﻣوظﻔﯾن وأﺻﺣﺎب اﻟﻣﮭن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﻓﻣن ﻛل ھؤﻻء ﺗﺗﻛون ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻧرﯾد أن ﻧﻘﯾﻣﮫ ﻋﻠﻲ
اﻹﺳﻼم ﺑﻛل ﻧوﻋﯾﺎﺗﮫ وﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة وﻣراﻓق اﻟدوﻟﺔ .
وﻻ ﯾﺟوز أن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟرﺟل وﻧﮭﻣل اﻟﻣرأة ﻛﺄن ﻧﮭﺗم ﺑﺎﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم وﻧﮭﻣل اﻟﻔﺗﯾﺎت اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت ،ﻓﺎﻟﻣرأة ﻧﺻف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
وﺻﺎﻧﻌﺔ اﻟرﺟﺎل ،واﻷخ اﻟﻣﺳﻠم إذا ﻟم ﯾﺟد اﻷﺧت اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﯾم ﺑﮭﺎ اﻟﺑﯾت اﻟﻣﺳﻠم ﺳﯾﺿطر إﻟﻲ اﻟزواج ﻣن أي ﻓﺗﺎة
ﻣﺳﻠﻣﺔ ،ﻗد ﺗﻔﺳد ﻋﻠﯾﮫ ﺣﯾﺎﺗﮫ وﺗﺛﺑطﮫ ﻋن ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وھﻛذا ﺑﺈھﻣﺎﻟﻧﺎ إﻋداد اﻷﺧوات اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت
ﻧﻌرض ﺟﮭدﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم إﻟﻲ اﻟﺿﯾﺎع .ﺛم إن اﻷﺳرة اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺗﻘوى ھﻲ دﻋﺎﻣﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء
اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻧﺷودة ،وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺊ اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻورة اﻟﺗﻲ ﺗؤھﻠﮭم ﻟﻣواﺻﻠﺔ اﻟﻣﺳﯾرة وﺣﻣل اﻷﻣﺎﻧﺔ .وﯾﻠزم
اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻷطﻔﺎل واﻷﺷﺑﺎل ﻓﻲ ﻛل ﻣراﺣل أﻋﻣﺎرھم ﺣﺗﻰ ﯾﺷﺑوا ﻋﻠﻲ اﻟﺗدﯾن اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻹﻋداد اﻟﻼزم ﻟﯾﻛوﻧوا اﻟردﯾف
اﻟﻣﺗﯾن ﻟﻸﺟﯾﺎل اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻣﮭﻣﺗﻧﺎ ﻛﺑﯾرة وﺗﻣﺗد ﺧﻼل اﻷﺟﯾﺎل اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ .وﻓﻲ إھﻣﺎل أي ﺟﯾل ﻣن اﻷﺟﯾﺎل ﯾﺣدث
اﻧﻔﺻﺎل وﺗﻌرﯾض إﻟﻲ ﻣﺧﺎطر ﻛﺑﯾرة .وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ أﺳوة ﺣﺳﻧﺔ .
22
اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎدس ٦٧
طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺷﻛﯾك
طرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺷﻛﯾك :
إن ﺳﯾر اﻷخ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻋﻣﻠﮫ ﻟﻺﺳﻼم ﻓﻲ ظل اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ ﯾﻌﺗﺑـر اﻟﻘﺿـﯾﺔ اﻟﻣﺻـﯾرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳـﺑﺔ ﻟـﮫ ،ﺣﯾـث ﯾﻘـدم
وﻗﺗـﮫ وﺟﮭـده وﻣﺎﻟـﮫ وﻧﻔﺳـﮫ وﻛ ـل ﺷـﻲء ﯾﻣﻠﻛـﮫ ﻓـﻲ دﻧﯾ ـﺎه ﻟﯾﺑﻧـﻲ ﻣﺳـﺗﻘﺑﻠﮫ اﻷﺧـروي .ﻓﻼﺑ ـد أن ﺗﺗـوﻓر ﻋﻧـده اﻟﺛﻘـﺔ اﻟﺗﺎﻣ ـﺔ
واﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟﻛﺎﻣل وﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ إﻟﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻟطرﯾق وإﻟـﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﻌﻣـل ﻣـن ﺧﻼﻟﮭـﺎ ﻷداء واﺟـب اﻹﺳـﻼم وإﻟـﻲ
ﻗﯾﺎدﺗﮫ وإﺧواﻧﮫ ،ﻛﻲ ﯾﻧطﻠق ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ دون ﺗردد ،وﯾﺳﻣﻊ وﯾطﯾـﻊ ﻟﻘﯾﺎدﺗـﮫ ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﻣﻌﺻـﯾﺔ ودون ﺗﺑـﺎطؤ ،وﯾﺗﻌـﺎون ﻣـﻊ
ﺿـﺎ أﻧـﮫ ﻗـﺎدر ﺑﻌـون ﷲ ﻋﻠـﻲ ﻣواﺻـﻠﺔ إﺧواﻧﮫ وﯾﻠﺗﺣم ﻣﻌﮭم ﻓﻲ اﻟﺻف ﻛﺎﻟﺑﻧﯾﺎن اﻟﻣرﺻوص ،ﺑـل ﯾﻠـزم أن ﯾﺛـق ﺑﻧﻔﺳـﮫ أﯾ ً
اﻟﺳﯾر وﺗﺧطﻲ اﻟﻌﻘﺑﺎت دون ﺗﻘﺎﻋس أو ﻗﻌود .
وﻟﮭذا ذﻛرﻧﺎ ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ أﺧري ﺿرورة أن ﯾﺗﺣري اﻟﺷﺑﺎب اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻧد اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﻌﻣـل ﻣـن ﺧﻼﻟﮭـﺎ ﻷداء
ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻹﺳﻼم وواﺟب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻲ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم ھذا اﻟواﺟب اﻟذي ﻻ ﯾـﺗم ﻓردًﯾـﺎ وﻟﻛـن ﻻﺑـد أن ﯾﻛـون ﻣـن ﺧـﻼل
ﺟﻣﺎﻋﺔ ،وذﻛرﻧﺎ اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻼزم ﺗواﻓرھﺎ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ .ﻓﻌﻠﻲ ﻛل ﺷﺎب ﻣﺳـﻠم أن ﯾطﻣـﺋن وﯾﺗﺑـﯾن وﯾﺳـﺗوﺛق ﺗﻣﺎًﻣـﺎ ﻣـن
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وطرﯾﻘﮭﺎ وﻗﯾﺎدﺗﮭﺎ ﻣﺎ أﻣﻛﻧﮫ ذﻟك ﻟﻣـﺎ ﯾﺗرﺗـب ﻋﻠـﻲ ذﻟـك ﻣـن أھﻣﯾـﺔ ﻓـﻲ ھـذه اﻟﻘﺿـﯾﺔ اﻟﻣﺻـﯾرﯾﺔ .وﻷھﻣﯾـﺔ اﻟﺛﻘـﺔ
وﺿرورة ﺗواﻓرھﺎ ودواﻣﮭﺎ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﯾﺣﺎﻓظ ﻛل أخ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻓﺎء ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ وﻋﮭده ﻣـﻊ
ﷲ ،وﻻ ﯾﻌرﺿﮭﺎ ﻟﻼھﺗزاز أو اﻟﻔﻘدان ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻘل ﺧطورة ﻋن اﻟﻧﻛث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺟﮭﺎد أو اﻟطﺎﻋـﺔ أو اﻟﺗﺟـرد أو ﻏﯾـره
.وﻷھﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ ﻧﺟد أﻋداء ﷲ ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث ﯾﺣرﺻـون ﻋﻠـﻲ ﻣﺣﺎوﻟـﺔ اﻟﻧﯾـل ﻣﻧﮭـﺎ ﺑﺄﺳـﻠوب اﻟﺗﺷـﻛﯾك وإﻟﺻـﺎق اﻟـﺗﮭم
اﻟﺑﺎطﻠﺔ ،وأﺣﯾﺎًﻧﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠون أﺳﻠوب اﻟﺿﻐط أو اﻟﺗرﻏﯾب ﻛﻌﺎﻣل ﻣﺳﺎﻋد ﻋﻠﻲ ھز اﻟﺛﻘﺔ .
وﻗد ﯾﻠﺗﺑس ﻋﻠﻲ اﻟﺑﻌض اﻟﻧﻘد واﻟﺗﺷﻛﯾك ﻓﯾظن اﻟﺗﺷﻛﯾك ﻧﻘـدًا ﻻ ﺑـﺄس ﺑـﮫ أو ﯾظـن اﻟﻧﻘـد ﺗﺷـﻛﯾًﻛﺎ ﻓﯾرﻓﺿـﮫ ،واﻟﺣﻘﯾﻘـﺔ أن
ھﻧﺎك ﻧﻘدًا ﺑﻧﺎء أو ﻧﻘدًا ھداًﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﻧﻘد اﻟﺑﻧﺎء ﻟﮫ أﺳﻠوﺑﮫ وآداﺑﮫ وﻗﻧواﺗـﮫ اﻟﺗـﻲ ﯾﺻـب ﻓﯾﮭـﺎ دون أن ﯾﺣـدث ﺑﻠﺑﻠـﺔ ،وﻧﻠﻣـس ﻣـن
ﺿﺎ ﻓﻧﺟده ﻻ ﯾﺄﺧذ اﻟطرﯾـق اﻟﺻـﺣﯾﺢ وﻻ ﯾـوﺣﻰ ﺻﺎﺣﺑﮫ اﻟﺻدق وﺣب اﻟﺧﯾر ،أﻣﺎ اﻟﻧﻘد اﻟﮭدام وھو ﻣن أﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﺷﻛﯾك أﯾ ً
ﺑﺣب اﻟﺧﯾر واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ،وﯾﺻﺎﺣﺑﮫ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻻﻓﺗراءات واﻻﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﺑﺎطﻠﺔ ،وﻋـﺎدة ﯾﻛـون ﻣـن ذوى أھـواء وﻧواﯾـﺎ ﻏﯾـر
ﻛرﯾﻣﺔ .ﻓﺎﻟواﺟب أن ﻧﻘﺑل اﻟﻧﺻﺢ وﻧﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﻧﻘد اﻟﺑﻧﺎء ،وأن ﻧرﻓض اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﻧﻘد اﻟﮭد ّام ،ﻻ ﻧﺳـﺗﻣﻊ إﻟﯾـﮫ وﻻ ﻧﻧﺷـﻐل
ﺑﮫ ،وﻻ ﻧﺑﺎدل أﺻﺣﺎﺑﮫ ﻣﮭﺎﺗرات أو ﻣﺳﺎﺟﻼت ﻛﻼﻣﯾﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﯾﺔ .
واﻻﻧﺣراف أن ﻧﺗﺄﺛر ﺑﮭم أو ﻧﻧﺷﻐل ﺑﮭم وﺑﺎﻟرد ﻋﻠﯾﮭم ،وﻧﻧﺻرف ﺑذﻟك ﻋن اﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد اﻟﺑﻧﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدﻋوة ،ﻓﻼ
ﻧﺳﺗدرج وﻻ ﻧﺳﺗﺛﺎر ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎن ﺳوء اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت ،ﻓﻠﺳﻧﺎ أﻛرم ﻣن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﻟذي ﻗﯾل ﻋﻧﮫ أﻧﮫ ﺳﺎﺣر
وﻣﺟﻧون وﺷﺎﻋر وﻛﺎذب وﻛﺎھن ﻓﻠم ﯾﻐﺿب وﻟم ﯾﺷﻐل ﻧﻔﺳﮫ وﻻ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺎﻟرد ﻋﻠﻲ ذﻟك ،واﻟﺗزم ﺗوﺟﯾﮫ ﷲ ﻟﮫ ﺣول
ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض آﯾﺎت اﻟﻘرآن ﻧذﻛر ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻟﻧﺗﻣﺛﻠﮭﺎ وﻧﻘﺗدي ﺑﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم( .
ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﺻﺑر وﻧﺣﺗﺳب ﻋﻧد ﷲ ﻣﺎ ﯾﻠﺻق ﺑﻧﺎ ﻣن ﺗﮭم ،وھﻛذا ﻋﺷﻧﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة وﻛﺎن اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد
ﯾذﻛرﻧﺎ داﺋًﻣﺎ ﺑﻘول ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ( :وﻛﺎن رﺣﻣﮫ ﷲ ﯾﻘول ﻟﻧﺎ ) ﻛوﻧوا ﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻛﺎﻟﺷﺟرة ﯾرﻣوﻧﮫ ﺑﺎﻟﺣﺟر وﯾرﻣﯾﮭم ﺑﺎﻟﺛﻣر (
.وﻧﺟده ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ دﻋوﺗﻧﺎ ﯾذﻛر ﺻﻧف اﻟﻣﺗﺣﺎﻣﻠﯾن ﻋﻠﯾﻧﺎ وﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣﻧﮭم ﻓﯾﻘول ) :وإﻣﺎ ﺷﺧص ﺳﺎء ﻓﯾﻧﺎ ظﻧﮫ وأﺣﺎطت ﺑﻧﺎ
ﺷﻛوﻛﮫ ورﯾﺑﮫ ،ﻓﮭو ﻻ ﯾراﻧﺎ إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻧظﺎر اﻷﺳود اﻟﻘﺎﺗم ،وﻻ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﺎ إﻻ ﺑﻠﺳﺎن اﻟﻣﺗﺣرك اﻟﻣﺗﺷﻛك ،وﯾﺄﺑﻲ إﻻ أن ﯾﻠّﺞ
ﻓﻲ ﻏروره وﯾﺳدر ﻓﻲ ﺷﻛوﻛﮫ وﯾظل ﻣﻊ أوھﺎﻣﮫ ،ﻓﮭذا ﻧدﻋو ﷲ ﻟﻧﺎ وﻟﮫ أن ﯾرﯾﻧﺎ اﻟﺣق ﺣﻘﺎ وﯾرزﻗﻧﺎ أﺗﺑﺎﻋﮫ ،واﻟﺑﺎطل
ﺑﺎطﻼً وﯾرزﻗﻧﺎ اﺟﺗﻧﺎﺑﮫ ،وأن ﯾﻠﮭﻣﻧﺎ وإﯾﺎه اﻟرﺷد .ﻧدﻋوه إن ﻗﺑل اﻟدﻋﺎء ،وﻧﻧﺎدﯾﮫ إن أﺟﺎب اﻟﻧداء ،وﻧدﻋو ﷲ ﻓﯾﮫ وھو
ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ أھل اﻟرﺟﺎء ،وﻟﻘد أﻧزل ﷲ ﻋﻠﻲ ﻧﺑﯾﮫ اﻟﻛرﯾم ﻓﻲ ﺻﻧف ﻣن اﻟﻧﺎس ( وھذا ﺳﻧظل ﻧﺣﺑﮫ وﻧرﺟو ﻓﯾﺋﮫ إﻟﯾﻧﺎ واﻗﺗﻧﺎﻋﮫ
ﺑدﻋوﺗﻧﺎ ،وإﻧﻣﺎ ﺷﻌﺎرﻧﺎ ﻣﻌﮫ ﻣﺎ أرﺷدﻧﺎ إﻟﯾﮫ اﻟﻣﺻطﻔﻲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻣن ﻗﺑل " اﻟﻠﮭم اﻏﻔر ﻟﻘوﻣﻲ ﻓﺈﻧﮭم ﻻ ﯾﻌﻠﻣون "
.
ﻓﻌﻠﻲ ﻛل أخ ﻓﻲ اﻟﺻف ﻓردًا أو ﻣﺳﺋوﻻً أن ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻲ اﻟﺛﻘﺔ ﻣن أي ﺷﻲء ﯾﻧﺎل ﻣﻧﮭﺎ ،وﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳﺋول أن ﯾدﯾم اﻟﺻﻠﺔ
ﺑﺈﺧواﻧﮫ ﻟﯾﺑﯾن ﻟﮭم اﻷﻣور أو اﻟﻣواﻗف وﯾوﺿﺢ ﻟﮭم ﻣﺎ ﯾﺑﮭم ﻋﻠﯾﮭم ﻣﻧﮭﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون ﻟﯾﻛون اﻟﺻف ﻓﻲ
ﺣﺻﺎﻧﺔ ،وﻋﻠﻲ اﻷﻓراد أﻻ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠوا أو ﯾﺗﺄﺛروا ﺑﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون وأﻻ ﯾﺳﺗدرﺟوا ﻓﻲ ﻣﮭﺎﺗرات ﻣﻌﮭم ،وإذا ﺣﺎك ﻓﻲ
ﺻدر أﺣد اﻹﺧوان ﺷﻲء ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾﺳﺎرع ﺑﺎﻟﺗﺑﯾن ،وأﻻ ﯾﻧﻘل ﻣﺎ ﺳﻣﻌﮫ وﺳط اﻟﺻﻔوف ﻓﯾﺣﻘق ﺑذﻟك ﻏرض اﻟﻣﺷﻛﻛﯾن ،
( ﺛم إﻧﻧﺎ إذ ﻓﻧدﻧﺎ اﺗﮭﺎﻣﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺛﯾره اﻟﻣﺷﻛﻛون وﻣﺎ أﺟﻣل اﻻﻟﺗزام ﺑﻣﺎ أرﺷدﻧﺎ ﷲ إﻟﯾﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل
وأوﺿﺣﻧﺎ ﺑطﻼﻧﮫ ،ﻻ ﻧﺗﺻور أن اﻷﻣر ﺳﯾﻧﺗﮭﻲ ﻋﻧد ذﻟك اﻟﺣد ،وﻟﻛن ﻣﺎ أﺳﮭل ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺧﺗﻠﻘوا اﺗﮭﺎﻣﺎت أﺧري ﺑﺎطﻠﺔ ﻻ
أﺻل ﻟﮭﺎ ﻟﯾﺷﻐﻠوﻧﺎ ﺑﮭﺎ وﯾﻧﺷﻐل اﻟﻧﺎس ﺑﮭﺎ ﻋن أﺻل ﻣﺎ ﻧدﻋو إﻟﯾﮫ وﻧﺣﻘق ﺑذﻟك ھدﻓﮭم ،وﻟﻛن ﺧﯾر رد ﻋﻠﯾﮭم أﻻ ﻧرد .
23
وﻗد ﯾﺻﺎب أﺣد اﻷﻓراد ﻣن داﺧل اﻟﺻف ﺑﻣرض ﻣن أﻣراض اﻟﻘﻠوب ﻛﺣب اﻟزﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﯾﺛﯾر اﻟﺷﻛوك ﺣول اﻟﻘﯾﺎدة أو
ﺑﻌﺿﮭﺎ أو ﺣول ﺑﻌض اﻟﻣواﻗف ،ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻛﺳب أﻧﺻﺎر ﯾﻠﺗﻔون ﺣوﻟﮫ ،ﻓﻠﻧﺣذر ذﻟك ،وﻟو ﻛﺎن ﺻﺎدﻗًﺎ ﯾرﯾد اﻟﺧﯾر ﻟﻠﺟﺄ
إﻟﻲ اﻟطرﯾق اﻟﺳﻠﯾم واﻟﻘﻧوات اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻌﻼج ﻣﺎ ﯾراه ﻣن ﺧطﺄ .
وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ واﻟﺛﻘﺔ ﺑﮭﺎ أن ﯾﺗﺻور اﻟﺑﻌض أن اﻟﻘواﻧﯾن أو اﻟﻘرارات اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر
ﺑﺣل ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣن أﻧظﻣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟظﺎﻟﻣﺔ ﻟﮭﺎ ﻗﯾﻣﺔ أو ﺷرﻋﯾﺔ وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﻧﻧزل ﻋﻠﯾﮭﺎ وأﻻ ﻧﺑﺎﺷر أي
ﻧﺷﺎط ﻓﻲ ظﻠﮭﺎ .ﻓﮭذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ وﻣﻧﺣرف ﻷﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد وﺟودﻧﺎ ﻛﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﺗﺣرك ﺑدﻋوة ﷲ ﻣن ﻣﺛل ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ،وﻟﻛﻧﻧﺎ
ﻧﺳﺗﻣد وﺟودﻧﺎ وﺷرﻋﯾﺗﻧﺎ ﻣن أواﻣر ﷲ ورﺳوﻟﮫ ﻟﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﻣﺳك ﺑدﻋوة اﻹﺳﻼم واﻟﺗﺣرك ﺑﮭﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻹﺳﻼم ﻣﻧﺎ ﻣن
اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟﮫ وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺗﮫ ،وأن ﻧﺑذل ﻣﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺟﮭد ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك ﻣﻊ ﺗﻛﯾﯾف أﺳﻠوب اﻟﺣرﻛﺔ ﻣﻊ اﻟظروف دون ﺗوﻗف
أو اﻧﺣراف ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﯾن ﺑﺎ .ﻣﺗوﻛﻠﯾن ﻋﻠﯾﮫ ﻓﮭو ﻧﻌم اﻟﻣوﻟﻲ وﻧﻌم اﻟﻧﺻﯾر .
ﻓﻘواﻧﯾن اﻟﺣل ﻻ ﺗﺣل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻻ ﻧﺗوﻗف ﻋن اﻟﻌﻣل واﻟﺣرﻛﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻠﻐﻲ ھذه اﻟﻘواﻧﯾن .وﺗﻌﺗﺑر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ
أخ واﺣد ﯾدﻋو ﺑﺎﺳﻣﮭﺎ وﯾﺟﻣﻊ اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وھﺎ ﻧﺣن ﻧري واﻟﺣﻣد .ﻣﺋﺎت اﻷﻟوف ﺑل اﻟﻣﻼﯾﯾن ﯾﻧﺗﻣون إﻟﯾﮭﺎ وﯾﺗﺣرﻛون
ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ رﻏم ﻗرارات اﻟﺣل اﻟﻣﺗﻛررة ﻓﻲ أﻗطﺎر ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ورﻏم اﺳﺗﻣرار اﻟﺣرب واﻟﻣﺣن ﻷﻧﮭﺎ دﻋوة ﷲ
وﻧور ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ ﻧور ﷲ ﺑﺷر .
ﺿﺎ ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ أن ﯾري اﻟﺑﻌض اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﺳم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ( وﻧﺧﺗﺎر اﺳًﻣﺎ آﺧر وﻣن ﺻور اﻻﻧﺣراف أﯾ ً
ﻓﻲ ﺳﺑﯾل أن ﺗﺳﻣﺢ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل واﻟﺣرﻛﺔ ﻓﻲ ظﻠﮫ ،أو ﺳﺑﯾل إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺳﯾر واﻟﺣرﻛﺔ دون اﻟﺗﻌرض ﻟﻸذى
ﺿﺎ ﺧﺎطﺊ وﻣﻧﺣرف . ﺑﺳﺑب ھذا اﻻﺳم اﻟذي ﺻﺎر رﻣًزا ﻟﻠﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات واﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ ﻣن أﻋداء ﷲ .وھذا اﻟﺗﻔﻛﯾر أﯾ ً
ﻟﻼﻋﺗﺑﺎرات اﻵﺗﯾﺔ :
أ – ﻓﺎﻟﻘﺿﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻗﺿﯾﺔ اﻻﺳم وﻟﻛن اﻟﻣﺳّﻣﻲ ،ﻓﺎﻹﺧوان ﯾﺣﺎرﺑون وﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﮭم رﺳﻣًﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻟﯾس ﻟﻣﺟرد أن اﺳﻣﮭم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( وﻟﻛن ﻟﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠون ﻣن ﻓﮭم وأھداف وروح وﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﺑﺻورة
ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ أن ﺗزھق ﺑﺎطل أﻋداء ﷲ ﺑﺈذن ﷲ .وﻟن ﺗﺗوﻗف اﻟﺣرب وﻻ اﻟﻛﯾد إﻻ إذا ﺗﺧﻠﯾﻧﺎ ﻋن ھذا اﻟﺟوھر واﻟﻣﺿﻣون
ﺻﺎ وﻣﻌﺻﯾﺔ وﺗﻧﻛًرا ﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟطرﯾق . اﻟذي ﯾزﻋﺟﮭم ﺣﺗﻰ ﻟو أﺑﻘﯾﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻻﺳم وھذا ﻣﺎ ﻧرﻓﺿﮫ ﺗﻣﺎًﻣﺎ وﯾﻌﺗﺑر ﻧﻛو ً
أﻣﺎ إذا ﻏﯾرﻧﺎ وأﺑﻘﯾﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟوھر وأﺻﺎﻟﺔ اﻟطرﯾق ﻓﺳﯾﺟري ﻟﮭذا اﻻﺳم اﻟﺟدﯾد وأﺻﺣﺎﺑﮫ ﻧﻔس ﻣﺎ ﺟري ﻻﺳم اﻹﺧوان
اﻟﻣﺳﻠﻣون واﻟﻣﻧﺗﻣﯾن إﻟﯾﮫ .ھذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻲ أن اﺳم ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( ﺻﺎر رﻣًزا ﻟطرﯾق اﻟدﻋوة ﺑﺄﺻﺎﻟﺗﮫ ،طرﯾق
رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ،واﻛﺗﺳب ﻋﻠﻲ ﻣر اﻷﯾﺎم رﺻﯾدًا ﺿﺧًﻣﺎ ﻣن اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺟرﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﮫ
وﺗﻐﯾﯾره ﯾﻌﺗﺑر ﺗﻧﻛًرا ﻟﻠﻣﺎﺿﻲ وإھداًرا ﻟﮭذا اﻟرﺻﯾد وﺑدون ﻣﺑرر أو ﻓﺎﺋدة .ﻟﻌﻠﮫ ﻣن اﻟﻣﻔﯾد ﺑﻌد أن أوﺿﺣﻧﺎ أھﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺑﺎﻟطرﯾق وأوﺿﺣﻧﺎ ﻣوﻗﻔﻧﺎ ﻣن اﻟﺗﺷﻛﯾك واﻟﻣﺷﻛﻛﯾن أن َﻧذﻛُر أو ﻧُذﻛّر ﺑﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗدﻋم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ
وﺑﺎﻟطرﯾق :
) طرﯾق اﻟدﻋوة طرﯾق واﺣدة ﺳﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﺻﺣﺎﺑﺗﮫ ﻣن ﻗﺑل ،وﺳﺎر اﻟدﻋﺎة وﻧﺳﯾر ﻋﻠﯾﮭﺎ
ﺑﺗوﻓﯾق ﻣن ﷲ ﻣن ﺑﻌد :إﯾﻣﺎن وﻋﻣل وﻣﺣﺑﺔ وإﺧﺎء ،دﻋﺎھم إﻟﻲ اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻌﻣل ﺛم ﺟﻣﻊ ﻗﻠوﺑﮭم ﻋﻠﻲ اﻟﺣب واﻹﺧﺎء ..
ﻓﺎﺟﺗﻣﻌت ﻗوة اﻟﻌﻘﯾدة إﻟﻲ ﻗوة اﻟوﺣدة ،وﺻﺎرت ﺟﻣﺎﻋﺗﮭم ھﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻧﻣوذﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻﺑد أن ﺗظﮭر ﻛﻠﻣﺗﮭﺎ وﺗﻧﺗﺻر
دﻋوﺗﮭﺎ وإن ﻧﺎوأھﺎ أھل اﻷرض ﺟﻣﯾﻌًﺎ ( .
ھﻛذا وﺻف اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد طرﯾق اﻟدﻋوة اﻟذي اﺧﺗﺎره ﻟﺗﺳﯾر ﺟﻣﺎﻋﺔ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻠﯾﮫ .ﻓﻛﯾف ﻻ ﺗﻛون اﻟﺛﻘﺔ
ﺑطرﯾق ﺟﻌل أﺻﺣﺎﺑﮫ ھو اﻟﻐﺎﯾﺔ ،واﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ھو اﻟراﺋد واﻟﻘدوة ،وﺟﻌﻠوا اﻟﻘرآن ھو اﻟدﺳﺗور
واﻟﻣﻧﮭﺎج ،واﻟﺟﮭﺎد ھو اﻟﺳﺑﯾل ،واﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ ھﻲ اﻷﻣﻧﯾﺔ ؟ .أﻻ ﻧﺛق ﺑﺟﻣﺎﻋﺔ اﺧﺗﺎرت ھذا اﻟطرﯾق وﺗﻌرﺿت
ﺑﺳﺑﺑﮫ إﻟﻲ ﺿرﺑﺎت ﻗﺎﺳﯾﺔ وﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﻣﺎ زادت أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ إﻻ اﺳﺗﻣﺳﺎًﻛﺎ ﺑدﯾﻧﮭم وﺛﺑﺎﺗ ًﺎ ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق وﺛﻘﺔ ﺑﺎ .وﺗﺄﯾﯾده ؟ ﺟﻣﺎﻋﺔ
أﺛﺑﺗت اﻷﯾﺎم وﻻزاﻟت ﺗﺛﺑت أﺻﺎﻟﺗﮭﺎ واﻋﺗداﻟﮭﺎ وﺳﻼﻣﺔ ﻣﺳﯾرﺗﮭﺎ ﺑﻌﯾدًا ﻋن اﻟﺗطرف أو اﻟﺗﻔرﯾط ؟ .وﻗد اﺳﺗﺣوذت ﺑﻔﺿل
ﷲ ﻋﻠﻲ ﺛﻘﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،واﻋﺗﺑرﺗﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟراﺋدة ،وھﺎ ھﻲ ﺗﻛﺳب ﻛل ﯾوم
أﻧﺻﺎًرا ﻣن ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم .
ھذه اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ رﺑت أﺑﻧﺎءھﺎ ﻋﻠﻲ ھدي ﻣن ﻛﺗﺎب ﷲ وﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،وﻗدﻣت ﻣﻧﮭم ﻧوﻋﯾﺎت
ﺿرﺑت اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟراﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﮭﺎد واﻟﻔداء ،وأﻣﺛﻠﺔ راﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺑر ﻋﻠﻲ اﻻﺑﺗﻼء واﻟﻣﺣن واﻟﺗﻌذﯾب واﻹﯾذاء دون أن
ﺗﻠﯾن ﻟﮭم ﻗﻧﺎة رﻏم طول اﻟﻔﺗرات ،وواﺻﻠوا اﻟﺳﯾر واﻟﻌﻣل واﻟﺟﮭﺎد رﻏم ذﻟك دون أن ﯾﺻﯾﺑﮭم وھن أو ﺿﻌف أو اﺳﺗﻛﺎﻧﺔ
ﺑﺳﺑب ﻣﺎ أﺻﺎﺑﮭم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﷲ .
24
ﺟﻣﺎﻋﺔ أﺛﺑﺗت اﻷﯾﺎم ﺗﺟردھﺎ .وﺑﻌدھﺎ ﻋن اﻟﻣطﺎﻣﻊ اﻟدﻧﯾوﯾﺔ وﻋن اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻷي ﺟﮭﺔ ،وﺣﺎﻓظت ﻋﻠﻲ اﺳﺗﻘﺎﻣﺔ اﻟدﻋوة
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣﺗﺟﻧﺑﺔ اﻟﻣﻧﻌطﻔﺎت وﻣﺗﺧطﯾﺔ اﻟﻌﻘﺑﺎت ،ﻛل ذﻟك ﺑﻔﺿل وﻋوﻧﮫ ودﻟﯾل ﻋﻠﻲ ﺣﻔظﺔ ورﻋﺎﯾﺗﮫ ﻟﮭﺎ ،ﻧﺳﺄﻟﮫ ﻓﺿﻠﮫ
وﺣﻔظﮫ ورﻋﺎﯾﺗﮫ .
ﺛم ﻧﺧﺗم اﻟﺣدﯾث ﺣول ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺑﻛﻠﻣﺎت ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﯾﻘدم ﻓﯾﮭﺎ دﻋوة اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن :
) أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون أﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس أﺟﻣﻌون :
ﻓﻲ ھذه اﻟﺻﺧب اﻟداوي ﻣن ﺻدى اﻟﺣوادث اﻟﻛﺛﯾرة اﻟﻣرﯾرة ،اﻟﺗﻲ ﺗﻠدھﺎ اﻟﻠﯾﺎﻟﻲ اﻟﺣﺑﺎﻟﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟزﻣﺎن ،وﻓﻲ ھذا
اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻣﺗدﻓق اﻟﻔﯾﺎض ﻣن اﻟدﻋوات اﻟﺗﻲ ﺗﮭﺗف ﺑﮭﺎ أرﺟﺎء اﻟﻛون ،وﺗﺳري ﺑﮭﺎ أﻣواج اﻷﺛﯾر ﻓﻲ أﻧﺣﺎء اﻟﻣﻌﻣورة ﻣﺟﮭزة
ﺑﻛل ﻣﺎ ﯾﻐزي وﯾﺧدع ﻣن اﻵﻣﺎل واﻟوﻋود واﻟﻣظﺎھر ،ﻧﺗﻘدم ﺑدﻋوﺗﻧﺎ ﻧﺣن ) اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ( :ھﺎدﺋﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ أﻗوي ﻣن
اﻟزواﺑﻊ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ،ﻣﺗواﺿﻌﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ أﻋز ﻣن اﻟﺷم اﻟرواﺳﻲ .ﻣﺣدودة وﻟﻛﻧﮭﺎ أوﺳﻊ ﻣن ﺣدود ھذه اﻷﻗطﺎر ﺟﻣﯾﻌًﺎ .ﺧﺎﻟﯾﺔ
ﻣن اﻟﻣظﺎھر اﻟزاﺋﻔﺔ واﻟﺑﮭرج اﻟﻛﺎذب وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣﺣﻔوﻓﺔ ﺑﺟﻼل اﻟﺣق وروﻋﺔ اﻟوﺣﻲ ورﻋﺎﯾﺔ ﷲ .ﻣﺟردة ﻣن اﻟﻣطﺎﻣﻊ
واﻷھواء واﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻔردﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻧورث اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﮭﺎ اﻟﺻﺎدﻗﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻟﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ
واﻟﺟﻧﺔ ﻓﻲ اﻵﺧرة .
أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان اﻟﻣﺳﻠﻣون ھذه ﻣﻧزﻟﺗﻛم ﻓﻼ ﺗﺻﻐروا ﻓﻲ أﻧﻔﺳﻛم ﻓﺗﻘﯾﺳوا أﻧﻔﺳﻛم ﺑﻐﯾرﻛم أن ﺗﺳﻠﻛوا ﻓﻲ دﻋوﺗﮭم ﻏﯾر ﺳﺑﯾل
اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،أو ﺗوازﻧوا ﺑﯾن دﻋوﺗﻛم اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذ ﻧورھﺎ ﻣن ﻧورھﺎ ﷲ وﻣﻧﮭﺎﺟﮭﺎ ﻣن ﺳﻧﺔ رﺳوﻟﮫ ﺑﻐﯾرھﺎ ﻣن اﻟدﻋوات اﻟﺗﻲ
ﺗﺑررھﺎ اﻟﺿرورات وﺗذھب ﺑﮭﺎ اﻟﺣوادث واﻷﯾﺎم .
ﺛم ﯾﻘول :ﻓﻣن ﺗﺑﻌﻧﺎ اﻵن ﻓﻘد ﻓﺎز ﺑﺎﻟﺳﺑق ،وﻣن ﺗﻘﺎﻋد ﻋﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن اﻟﯾوم ﻓﺳﯾﻠﺣق ﺑﻧﺎ ﻏدًا وﻟﻠﺳﺎﺑق ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﺿ ل
ﺳﺎ ﻣن اﻧﺗﺻﺎرھﺎ ﻓﺳﺗﺛﺑت ﻟﮫ اﻷﯾﺎم ﻋظﯾم ﺧطﺋﮫ .وﻣن رﻏب ﻋن دﻋوﺗﻧﺎ زھﺎدة أو ﺳﺧرﯾﺔ ﺑﮭﺎ أو اﺳﺗﺻﻐﺎرھﺎ أو ﯾﺎﺋ ً
وﺳﯾﻘذف ﷲ ﺑﺣﻘﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﺎطﻠﮫ ﻓﯾدﻣﻐﮫ ﻓﺈذا ھو زاھق .ﻓﺈﻟﯾﻧﺎ إﻟﯾﻧﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻣؤﻣﻧون اﻟﻌﺎﻣﻠون اﻟﻣﺟﺎھدون اﻟﻣﺧﻠﺻون ،ﻓﮭﻧﺎ
اﻟطرﯾق اﻟﺳوي واﻟﺻراط اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم ،وﻻ ﺗوزﻋوا اﻟﻘوى واﻟﺟﮭود ( .
اﻟﻔﺻل اﻟﺳﺎﺑﻊ ٧٧ -
ﺣول اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼء
ﺣول اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼء :
اﻟﻣﺣن ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌﻠوم ،وھﻲ ﺟزء أﺳﺎﺳﻲ ﻣن طرﯾـق اﻟـدﻋوة ،وﺟﻌﻠﮭـﺎ ﷲ ﻟﯾﺗﺣﻘـق ﻣـن وراﺋﮭـﺎ
ﺧﯾر ﻟﻠدﻋوة وﻟﻠدﻋﺎة ،وﻟﻛن ﯾﺣدث ﻋﻧد اﺟﺗﯾﺎز ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟطرﯾق ﺑﻌض اﻻﻧﺣراﻓﺎت أو اﻷﺧطﺎء ِﻣﱠﻣـﺎ
ﯾﻠزم اﻟﺗﻌرف ﻟﺗﻔﺎدﯾﮭﺎ .وﻗﺑل اﻟﺗﻌـرض ﻟﮭـذه اﻻﻧﺣراﻓـﺎت ﻟﻌﻠـﮫ ﻣـن اﻟﻣﻔﯾـد أن ﻧﺗﺣـدث أوﻻ ﺣـول طﺑﯾﻌـﺔ اﻟﻣﺣـن واﻟﻣوﻗـف
اﻷﻣﺛل إزاءھﺎ .
اﻻﺑﺗﻼءات ﻣن ﺳﻧن اﻟدﻋوات :
ﻟﻘد وردت اﻵﯾﺎت واﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات ،ﺣﯾث ﯾﺗﻌرض ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣؤﻣﻧون
ﻟﺻﻧوف ﻣن اﻹﯾذاء واﻟﻔﺗن واﻟﺗﻌذﯾب واﻟﺗﺿﯾﯾق واﻟﻣطﺎردة وﻏﯾر ذﻟك ﺑل ﻗد ﺗﺻل ھذه اﻷﺳﺑﺎب إﻟﻲ اﻟﻘﺗل .وذﻟك ﻟﻠﺻﻘل
واﻟﺗﻣﺣﯾص وﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻداﻗﯾن ﻣن اﻟﻛﺎذﺑﯾن ،وﻷن اﻟﻧﺻر أﻣﺎﻧﺎﺗﮫ ﺛﻘﯾﻠﺔ وﯾﺣﺗﺎج ﻗﺑﻠﮫ إﻟﻲ إﻋداد اﻟرﺟﺎل اﻟذﯾن ﯾﻘوﻣون ﻋﻠﯾﮫ
دون ﺗﻔرﯾط أو اﻧﺣراف .ﻟذﻟك ﻧﺟد ﻣرﺣﻠﺔ اﻹﯾذاء ﺗﺳﺗﻣر ﺣﺗﻰ ﺑدء ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﺻر واﻟﺗﻣﻛﯾن ،وھذه ﺑﻌض اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾﺔ
. (:
ﺛم إن اﻟﺳﯾرة اﻟﻌطرة ﺗﺣﻛﻲ ﻟﻧﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ ﺗﻌرض ﻟﮫ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣن ﻓﺗﻧﺔ وﺗﻌذﯾب
وإﯾذاء ﻓﻲ ﻣﻛﺔ ﻋﻠﻲ أﯾدي اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﺣﺗﻰ اﺳﺗﺷﮭد ﯾﺎﺳر وزوﺟﮫ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ .وھﺎ ھو ﺧﺑﺎب ﺑن اﻷرت رﺿﻲ ﷲ
ﻋﻧﮫ ﻟﻣﺎ اﺷﺗدت ﺿراوة اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻓﻲ إﯾذاء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ذھب ﯾﺳﺗﻧﺟد ﺑرﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ،ﻗﺎل ﺧﺑﺎب :ﺷﻛوﻧﺎ
إﻟﻲ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وھو ﻣﺗوﺳد ﺑرده ﻓﻲ ظل اﻟﻛﻌﺑﺔ ،ﻓﻘﻠﻧﺎ أﻻ ﺗﺳﺗﻧﺻر ﻟﻧﺎ ؟ أﻻ ﺗدﻋو ﻟﻧﺎ ؟ ﻓﻘﺎل ﺻﻠﻲ
ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم " :ﻗد ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑﻠﻛم ﯾؤﺧذ اﻟرﺟل ﻓﯾﺣﻔر ﻟﮫ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﯾﺟﻌل ﻓﯾﮭﺎ ﺛم ﯾؤﺗﻲ ﺑﺎﻟﻣﻧﺷﺎر ﻓﯾوﺿﻊ ﻋﻠﻲ رأﺳﮫ
ﻓﯾﺟﻌل ﻧﺻﻔﯾن ،وﯾﻣﺷط ﺑﺄﻣﺷﺎط ﻣن ﺣدﯾد ﻣﺎ دون ﻟﺣﻣﮫ وﻋظﻣﮫ وﻣﺎ ﯾﺻده ذﻟك ﻋن دﯾﻧﮫ ،وﷲ ﻟﯾﺗﻣن ﷲ ھذا اﻷﻣر ﺣﺗﻰ
ﯾﺳﯾر اﻟراﻛب ﻣن ﺻﻧﻌﺎء إﻟﻲ ﺣﺿرﻣوت ﻓﻼ ﯾﺧﺎف إﻻ ﷲ واﻟذﺋب ﻋﻠﻲ ﻏﻧﻣﮫ وﻟﻛﻧﻛم ﺗﺳﺗﻌﺟﻠون " .
وﻛﻠﻧﺎ ﯾﻌﻠم ﻛﯾف ﻛﺎن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾﻣر ﻋﻠﻲ آل ﯾﺎﺳر وھم ﯾﻌذﺑون ﻓﻼ ﯾﻣﻠك إﻻ أن ﯾﻘول ﻟﮭم " ﺻﺑًرا
آل ﯾﺎﺳر ﻓﺈن ﻣوﻋدﻛم اﻟﺟﻧﺔ " .وﻟو ﯾﺷﺎء ﷲ ﻟﺣﺎل ﺑﯾن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﺗﻌذﯾب اﻟﻛﻔﺎر ﻟﮭم وﻟﻛن ھﻛذا ﻟﺗﺟري ﺳﻧﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭم .ﻟﻘد
ﻋرف ذﻟك اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﺣﺳن اﻟﺑﻧﺎ وأﻧﮫ ﻻﺑد أن ﺗﺟري ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺳﻧﺔ ﷲ ﺑﺎﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات ﻓذﻛر ذﻟك وﻧﺑﮫ وأﻧﻧﺎ ﺳﻧﻠﻘﻲ
ﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋداء وﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺎت وﺳﻧﺳﺟن وﻧﻌذب وﻧﺷرد إﻟﻲ آﺧره ﺛم ﻗﺎل وﺣﯾﻧﺋذ ﺗﻛوﻧون ﻗد ﺑدأﺗم ﺗﺳﻠﻛون
25
ﺳﺑﯾل أﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ،وﻗد ﯾطول ﺑﻛم اﻻﻣﺗﺣﺎن ﻓﮭل أﻣن ﻣﺻّرون ؟ ھﻛذا ﻋّرﻓﻧﺎ أن طرﯾق اﻟدﻋوة ﻣﻠﺊ ﺑﺎﻷﺷواك
واﻟﻌﻘﺑﺎت دون ﺗوﻗف أو ﺗﻧﺎزل أو ﺿﻌف أو اﻧﺣراف .وﺳﻧﺗﻌرض إﻟﻲ ﺑﻌض اﻻﻧﺣراﻓﺎت أو اﻷﺧطﺎء ﺣول اﻟﻣﺣن ﻟﻛﻲ
ﻧﺗﻔﺎداھﺎ .
ﺻور ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات 79 :
– 1ﻣن اﻟﺧطﺄ أن ﯾظن اﻟﺑﻌض أن اﻟﻣﺣن ﻟﯾﺳت أﻣًرا طﺑﯾﻌًﯾﺎ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة أو أﻧﮭﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ أﺧطﺎء وﻗﻌت ﻓﯾﮭﺎ
ﻗﯾﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﺛم ﯾﺛﺄر ﻣﺛل ھذا اﻟﻔﮭم اﻟﺧﺎطﺊ ﻓﻲ اﻟﺻﻔوف ﻓﯾﺣدث ﺑﻠﺑﻠﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﺳﯾر ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق .وﻗد رأﯾﻧﺎ
ﻋﻛس ھذا اﻟﻔﮭم ھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ،وأن ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟﻠﻣﺣن دﻟﯾل ﻋﻠﻲ أﻧﻧﺎ ﻧﺳﻠك ﺳﺑﯾل أﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات ،وﻟو أﻧﻧﺎ ﻟم ﻧﺗﻌرض
ﻟﻠﻣﺣن ﻟﻠزم اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن ﺣدوث ﺧطﺄ أو اﻧﺣراف .وھل ﻣن اﻟﻣﻘﺑول أن ﯾﻘﺎل إن اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم واﻟﻣؤﻣﻧﯾن
ﻣﻌﮫ واﻟرﺳل اﻟذﯾن ﺗﻌرﺿوا ﻟﻸذى ﻛﺎن ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ أﺧطﺎء ﺻدرت ﻣﻧﮭم ؟ وﻟﻛن ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر أن أﻋداء ﷲ ﯾﺣﺎرﺑون دﻋﺎة
اﻟﺣق ﺧﺷﯾﺔ أن ﯾزھق ھذا اﻟﺣق ﺑﺎطﻠﮭم .وﻓﯾﻣﺎ ﺳﻘﻧﺎه ﻣن آﯾﺎت وأﺣﺎدﯾث ﺧﯾر دﻟﯾل ﻋﻠﻲ أن اﻟﻣﺣن واﻻﺑﺗﻼءات أﻣر
طﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟدﻋوة .
– 2أن ﺗ ُﺣدث اﻟﻣﺣن اھﺗزاًزا ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟطرﯾق ﺑﺄن ﯾﻘﺎل ﻟو أﻧﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺣق ﻟﻧﺻرﻧﺎ ﷲ وﻟﻣﺎ ﻣﻛن أﻋداء ﷲ ﻣﻧﺎ
ﯾﻔﻌﻠون ﺑﻧﺎ ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠون ،وﻗد ﯾﺛﯾر ذﻟك اﻟﻣﺷﻛﻛون وﯾﺗﺄﺛر ﺑﮭم اﻟﺑﻌض وھذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﻛﻣﺎ أوﺿﺣﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻟﺳﺎﺑق .وﻗد
ﻗﺎل أﺣد اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻋن زﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻌذﯾب ﻟﻧﺎ ﻣﺛل ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﻧﺔ 1965ﻗﺎل :إن اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟرﺋﯾس ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﻠﻲ
اﻟﺣق وأﻧﺗم ﻋﻠﻲ اﻟﺑﺎطل ﻷﻧﻛم ﻟو ﻛﻧﺗم ﻋﻠﻲ ﺣق ﻟﻧﺻرﻛم ﷲ وَﻟَﻣﺎ ﺣدث ﻟﻛم ﻣﺎ أﻧﺗم ﻓﯾﮫ ،وھذا ﻧﻔس ﻣﻧطق ﻓرﻋون ﻣﻊ
ﻣوﺳﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺳﻼم وﻣﻧطق اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن ( .
– 3وﻣن اﻻﻧﺣراف أن ﯾظن اﻟﺑﻌض أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺗﻔﺎدى اﻟﻣﺣن ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣوﻧﮫ )
ﺿﺎ ﻓﮭم ﻣﻧﺣرف اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ( ﻣﻊ اﻷﻋداء ،وﻟﻛن اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻟﯾس ﻋﻧدھم ﺷﻲء ﻣن ذﻟك ﻓﻠﮭذا ﺣدث ﻣﺎ ﺣدث .وھذا أﯾ ً
ﺧﺎطﺊ ،إذ ﻟن ﯾﺗوﻗف اﻷﻋداء ﻋن ﺣرﺑﮭم ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوة ﺑﻘﺻد اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭم وﻋﻠﻲ دﻋوﺗﮭم إﻻ إذا ﺗﺧﻠوا ﻋﻧﮭﺎ أو
ﻋﻠﻲ اﻷﻗل ﺗﻧﺎزﻟوا ﻋن ﺑﻌض ﺟواﻧﺑﮭﺎ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤذي اﻷﻋداء أو ﺗﻧﺎل ﻣﻧﮭم وﻣن ﻣﻛﺎﻧﺗﮭم واﻋﺗﻘﺎدھم .وھﺎ ھﻲ اﻵﯾﺎت
( وﯾﻘول ﻟﮫ ( . ﺗؤﻛد ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ( وﻛﯾف ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﮭم اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم وﷲ ﯾﻘول ﻟﮫ
– 4اﻟﻠﺟوء إﻟﻲ ﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟم وإﻋﻼن اﻟﺗﺧﻠص واﻟﺗﺑرء ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻣﮭﺎﺟﻣﺗﮭﺎ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻺﻋﻔﺎء ﻣن اﻹﯾذاء ،واﻟﺳﺟن
واﻟﺗﻌذﯾب .ﻓﺎﻷﺻل أن ﻧﺻﺑر وﻧﺗﺣﻣل اﻷذى وﻧﺛﺑت وﻻ ﻧﺗﺧﻠﻰ أو ﻧﺗﻧﻛر ﻟﻠطرﯾق واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﻻ ﻧﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺎ ﯾطﻠﺑﮫ ﻣﻧﺎ
اﻟظﺎﻟﻣون ،ﻟﺗظل راﯾﺔ اﻟﺣق ﻣرﻓوﻋﺔ ﯾﺣﻣﻠﮭﺎ اﻟرﺟﺎل وﻻ ﯾﺗﺧﻠون ﻋﻧﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻠﻣوھﺎ ﻟﻣن ﺑﻌدھم .ﻗد ﯾﺑﺎح ﻟﺑﻌض اﻷﻓراد
اﻟذﯾن ﯾﺷﺗد ﺑﮭم اﻹﯾذاء ﺑﺻورة ﻻ ﯾﺗﺣﻣﻠوﻧﮭﺎ أن ﯾﻠﺟﺋوا ﻟﻣﺛل ھذه اﻟﺗﺻرﻓﺎت أو ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ اطﻣﺋﻧﺎن اﻟﻘﻠب ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن وﺑﺎﻟﺗزام
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻟﻛن ﯾﻛون ذﻟك اﺳﺗﺛﻧﺎء وﻟﯾس اﻟﻘﺎﻋدة ﻟﻠﻣﺟﻣوع .ﻓﺎﻷﺻل اﻟﻌزﯾﻣﺔ واﻟﺗرﺧص ھو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻷن اﻟدﻋوات ﺗﻘوم
ﻋﻠﻲ اﻟﻌزاﺋم وأوﻟﻲ اﻟﻌزم ﻻ ﻋﻠﻲ اﻟرﺧص واﻟﻣﺗرﺧﺻﯾن .
وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ وأﺻﺣﺎﺑﮫ اﻟﻛرام اﻟﻘدوة اﻟﺣﺳﻧﺔ واﻷﺳوة اﻟطﯾﺑﺔ ﻓﺎﻟﺳﯾدة ﺳﻣﯾﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﺎ رﻓﺿت أن ﺗﻧطق
ﺑﻛﻠﻣﺔ اﻟﻛﻔر ﻛﻲ ﺗﺧﻠص ﻧﻔﺳﮭﺎ .وﺧﺑﺎب ﺑن اﻷرت رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎﻟوا ﻟﮫ أﺗﺣب أن ﯾﻛون ﻣﺣﻣد ﻣﻛﺎﻧك وأﻧت ﻣﻌﺎﻓﻰ .
ﻓﻘﺎل وﻻ ﺑﺷوﻛﺔ ﯾﺷﺎﻛﮭﺎ .وﻣﺎ أﺟﻣل ﻗول اﻟﺷﺎﻋر ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل :
ﺑﻧﻌﻣﻲ وﺑؤﺳﻲ واﻟﺣوادث ﺗﻔﻌل ﻓﺈن ﺗﻛن اﻷﯾﺎم ﻓﯾﻧﺎ ﺗﺑدﻟت
وﻻ ذﻟّﻠﺗـﻧﺎ ﻟﻠﺗﻲ ﻟﯾس ﺗﺟﻣـل ﻓﻣﺎ ﻟﯾّﻧت ﻣﻧﺎ ﻗﻧﺎة ﺻﻠﯾﺑﺔ
– 5أن ﺗؤدي اﻟﻣﺣن إﻟﻲ اﻟﻘﻌود ﻓﻲ اﻟطرﯾق وﻋدم ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺳﯾر ،ﻓﺎﻷﺻل ھو اﻟﺛﺑﺎت وأن ﻧوطد أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺻﺑر
واﻟﺗﺣﻣل واﺳﺗﻣداد اﻟﻌون واﻟﺛﺑﺎت ﻣن ﷲ ،وإﻻ ﻟو ﺗﺻورﻧﺎ أن اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻌظﻣﻰ اﺗﺧذت ھذا اﻟﻣوﻗف وﻟم ﯾﺛﺑﺗوا ﻟﺗﻌرﺿت
اﻟﺣرﻛﺔ إﻟﻲ ﻣﺧﺎطر وﻷدي ذﻟك إن ﺗﺛﺑﯾط ھﻣم اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ،ﺑﻌﻛس اﻷﺻل وھو اﻟﺛﺑﺎت واﺟﺗﯾﺎز اﻟﻣﺣن واﻟﺷداﺋد ﻓﺈﻧﮫ
ﯾﺑﻌث اﻟﻌزﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻔوس ھذه اﻷﺟﯾﺎل .
وﻣﻣﺎ ﯾﻌﯾن ﻋﻠﻲ اﻟﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن ﻋذاب ﷲ وﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻓﻧﺟد اﻟﻔﺎرق ﻛﺑﯾًرا ﺟدًا ﻓﺗﺣﻣل ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻧﺟﺎة ﻣن ﻋذاب
ﷲ وﻻ ﻧﺟﻌل ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻧﺎس ﻛﻌذاب ﷲ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:وﻟذﻟك ﻧري اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻛد ﻋﻠﻲ أﻧﮫ ﻣن ﺿرورﯾﺎت طرﯾق اﻟدﻋوة
اﻟﺛﺑﺎت وﺟﻌﻠﮫ رﻛًﻧﺎ ﻣن أرﻛﺎن اﻟﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﺷرة ﻟﻛﻲ ﯾﻠزم ﻛل أخ ﻧﻔﺳﮫ ﺑﮫ وﻓﺎء ﻟﺑﯾﻌﺗﮫ وﻋﮭده ﻣﻊ ﷲ ،وﻻ ﯾﻧﻛث ﻓﯾﮫ ﺑﺎﻟﻘﻌود
أو اﻟﺗﺧﻠﻲ ،وﻧﺟده رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﯾﻘول ﺗﺣت رﻛن اﻟﺛﺑﺎت :أرﯾد ﺑﺎﻟﺛﺑﺎت أن ﯾظل اﻷخ ﻋﺎﻣﻼً ﻣﺟﺎھدًا ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻏﺎﯾﺗﮫ
ﻣﮭﻣﺎ ﺑﻌدت اﻟﻣدة وﺗطﺎوﻟت اﻟﺳﻧوات واﻷﻋوام ،ﻓﺈﻣﺎ اﻟﻐﺎﯾﺔ وإﻣﺎ اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ( واﻟوﻗت ﻋﻧدﻧﺎ ﺟزء ﻣن اﻟﻌﻼج ،
واﻟطرﯾق طوﯾﻠﺔ اﻟﻣدى ﺑﻌﯾدة اﻟﻣراﺣل ﻛﺛﯾرة اﻟﻌﻘﺑﺎت ،وﻟﻛﻧﮭﺎ وﺣدھﺎ اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻲ اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻊ ﻋظﯾم اﻷﺟر وﺟﻣﯾل
اﻟﻣﺛوﺑﺔ .
26
إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺗﻣﻧﻰ اﻟﻣﺣن وﻻ ﻟﻘﺎء اﻟﻌدو وﻧﺳﺄل ﷲ داﺋًﻣﺎ اﻟﻌﺎﻓﯾﺔ ،وﻟﻛن إذا ﻟﻘﯾﻧﺎه وﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻹﯾذاﺋﮫ ﻧﺛﺑت وﻻ ﻧﺿﻌف ﻛﻣﺎ
وﺟﮭﻧﺎ اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم .وﻗد ّﻣن ﷲ ﻋﻠﻲ إﺧوة ﺳﺑﻘوا ﻓﻲ اﻟطرﯾق وﺗﻌرﺿوا ﻟﻣﺣن ﺷدﯾدة ﻣن ﺳﺟن وﺗﻌذﯾب
وﻗﺗل وﻏﯾر ذﻟك وﺛﺑﺗﮭم ﷲ وﺣﺎﻓظوا ﻋﻠﻲ اﻟوﻓﺎء ﺑﺑﯾﻌﺗﮭم ،وﻣﻧﮭم ﻣن ﻗﺿﻲ ﻧﺣﺑﮫ وﻣﻧﮭم ﻣن ﻗﺿﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻋﺷرﯾن ﻋﺎًﻣﺎ
ﻓﻲ ھذه اﻻﺑﺗﻼءات دون أن ﺗﻠﯾن ﻟﮭم ﻗﻧﺎة ،وﺗﺄﺑﱠْوا ﻋﻠﻲ اﻹﻏراء ﺑﺗﺄﯾﯾد اﻟظﺎﻟم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻹﻓراج ﻋﻧﮭم ،وظﻠوا ﺣﺗﻰ ﻗﺿوا
ﻣدد اﻷﺣﻛﺎم وﺧرﺟوا ﻣن اﻟﺳﺟون واﻟﻣﻌﺗﻘﻼت ﻟﯾواﺻﻠوا اﻟﻌﻣل واﻟﺳﯾر ﺑﺎﻟدﻋوة دون وھن أو ﺿﻌف أو اﺳﺗﻛﺎﻧﺔ ،رﻏم
ﺗﻘدم اﻟﺳن وﺿﻌف اﻟﺻﺣﺔ ﺳﯾًرا ﻋﻠﻲ طرﯾق اﻟﻣﺟﺎھدﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن( وإﻧﮭم ﯾرﺟﻌون اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ﺛﺑﺎﺗﮭم وﺗﺣﻣﻠﮭم .ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ
وﺗﻌﺎﻟﻲ ﻻ ﻷﺷﺧﺎﺻﮭم وﯾرددون ) ( .
– 6ﯾﺣدث أن ﯾﺿﻌف أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن ﺑﻌض ﻣن ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻗﺑل اﻟﻣﺣن ،ﻓﯾظن اﻟﺑﻌض أن ذﻟك دﻟﯾل ﻋﻠﻲ
ﺳوء اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدات وأن اﻷﻣور ﺗﺳﯾر ھﻛذا ﺑدون دﻗﺔ أو ﺑﻣﺟﺎﻣﻼت أو ﻏﯾر ذﻟك وھذا ﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ .ﻓﺈن
ﻗدراﺗﻧﺎ ﻛﺑﺷر ﻻ ﺗﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن أن ﻧﻌرف أن ﻓﻼًﻧﺎ إذا ﺗﻌرض ﻟﻣﺣﻧﺔ ﺳﯾﺛﺑت أو ﻻ ﯾﺛﺑت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺧﺗﺎر ﻣﺳﺋوﻻً أو ﻻ ﯾﺧﺗﺎر ،
وﻟﻛن ﯾﺣدث اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾظﮭر واﻟﻘﻠوب واﻟﻐﯾب ﻋﻧد ﷲ .
– 7ﻣن اﻻﻧﺣراف أو اﻟﺧطﺄ أن ﻧﻌطل ﺣﻛﻣﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟﻣﺣن وھﻲ اﻟﺗﻣﺣﯾص وﺗﻣﯾﯾز اﻟرﺟﺎل ،وﯾﻛون ذﻟك ﺑﺄن ﻧﻘدم
ﻟﻠﻘﯾﺎدة أو ﻣواﻗﻊ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﺑﻌض ﻣن ﺿﻌﻔوا وﻟم ﯾﺛﺑﺗوا أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن ،وﻗد ﯾﻌﺎودھم اﻟﺿﻌف ﻋﻧد اﻟﺗﻌرض ﻟﺷدة أو ﻣﺣﻧﺔ
أﺧري ﻓﯾﻛون ﺿررھم وھم ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ ﻛﺑﯾرا .
– 8ﻛذﻟك ﻣن اﻻﻧﺣراف أﻻ ﻧﻌذر ﻣن ﻟم ﯾﺗﺣﻣل اﻷذى ﻟﺷدﺗﮫ وﺑدا ﻣﻧﮫ ﺿﻌف دون أن ﯾﺗﺣول أو ﯾﻧﻘﻠب ﻋﻠﻲ ﻋﻘﺑﯾﮫ .
ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﯾوﺻد اﻟﺑﺎب ﻓﻲ وﺟﮭﮫ أو ﯾﺣﺎل ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن اﻟﻌﻣل ﻟﻠدﻋوة ﻓﻘد ﺿﻌف ﺣﺎطب ﺑن أﺑﻲ ﺑﻠﺗﻌﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ وﻗد
وﺟدﻧﺎ اﻟﻣوﻟﻲ ﻋز وﺟل ﯾﺧﺎطﺑﮫ ﺑﻘوﻟﮫ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ ) ﯾﺄﯾﮭﺎ اﻟذﯾن آﻣﻧوا ( ...ﻓﻛﺎن ھذا ﺗﻌﻠﯾًﻣﺎ وﺗوﺟﯾًﮭﺎ ﻟﻠﺻف اﻟﻣﺳﻠم وﻟﻛن ﯾﺄﺧذ
اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎﺳب وﻻ ﯾﺣﻣل ﺗﻛﺎﻟﯾف أﻛﺛر ﻣن طﺎﻗﺗﮫ ،وﻻ ﺗوﻛل إﻟﯾﮫ ﺛﻐرات ﻟﮭﺎ أھﻣﯾﺗﮭﺎ .
– 9وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل إزاء اﻟﻣﺣن أن ﯾﺻﺑﺢ ھﻣﻧﺎ ھو ﻛﯾف ﯾوﻗف اﻹﯾذاء واﻟﺗﻌذﯾب ﻋن اﻷﻓراد ﺑﺄي ﺻورة
وﻟو ﻋﻠﻲ ﺣﺳﺎب اﻟدﻋوة واﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻛﺄن ﻧذل أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻷﺣد ﻣن اﻟظﺎﻟﻣﯾن أو ﻧﺑرم اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻓﯾﮭﺎ ﺗﻧﺎزل ﻋن ﺷﻲء ﻣن
أﺻول اﻟدﻋوة أو اﻷھداف أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﮫ ذﻟك ﻣﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرع واﻷﺻول اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻣل اﻹﺳﻼﻣﻲ .
وﻟﻧﺎ ﻓﻲ رﺳول ﷲ أﺳوة ﺣﺳﻧﺔ ﻓﻘد رأي أﺻﺣﺎﺑﮫ ﯾﻌذﺑون وﻋرﺿوا ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﻠك واﻟﻣﺎل ورأﯾﻧﺎ رده ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه
اﻟﻣواﻗف ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﺎﻟدﻋوة وﻧﺟﺎﺣﮭﺎ ھو اﻷﺻل واﻟﻘﺻد وﻟﯾس اﻷﺷﺧﺎص .
-10وﺛﻣﺔ ﻧﻘطﺔ ھﺎﻣﺔ وﻓﮭم ﺧﺎطﺊ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮫ اﻟﺑﻌض ﺑﺄن ﯾظﻧوا أن اﻟﻣﺣن ﺿرﺑﺎت ﻗﺎﺻﻣﺔ أو ﻗﺎﺿﯾﺔ أو ﻣﻘﻌدة أو أﻧﮭﺎ
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ھدم ﻟﻛل ﻣﺎ ﯾﺗم ﺑﻧﺎؤه ﺑﻣﺎ ﯾﺛﺑط اﻟﮭﻣم ﻓﻲ ﺑذل أي ﺟﮭد ﻣﺎداﻣت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ھﻛذا ھدم ﻟﻣﺎ ﯾﻘوم ﻣن ﺑﻧﺎء .
إذ ﻻ ﯾﻌﻘل أن ﺗؤدي اﻟﻣﺣن إﻟﻲ ھذه اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻟﺗﺻورات اﻟﺧﺎطﺋﺔ واﻟﺿﺎرة ﺑﺎﻟدﻋوة واﻟدﻋﺎة وھﻲ ﺳﻧﺔ ﷲ ﻓﻲ اﻟدﻋوات
إن ﷲ ﻗدرھﺎ ﻟﺗﻧﻔﻊ ﻻ ﻟﺗﺿر ،ﻟﺗﺑﻧﻲ وﺗﺻﻘل ﻻ ﻟﺗﮭدم ،ﻟﯾﺗﻘوى ﺑﮭﺎ اﻟدﻋﺎة ﻟﯾواﺻﻠوا اﻟﻣﺳﯾرة ﻓﻲ ﻋزم وﻗوة ﻻ ﻟﯾﻘﻌدوا
وﯾﺗوﻗﻔوا .إﻧﮭﺎ ﺗﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔوس واﻟﻧواﯾﺎ ﻣن اﻟﺷواﺋب واﻷﻏراض اﻟدﻧﯾوﯾﺔ .إﻧﮭﺎ ﺗظﮭر اﻟﺻف ﻣن ﻧﻘط اﻟﺿﻌف وﺗﻣﯾز ﺑﯾن
اﻟرﺟﺎل وﺑﯾن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن ﺑﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن واﻟﻛﺎذﺑﯾن .ﻟﯾﻘوم اﻟﺑﻧﺎء ﻋﺎﻟًﯾﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻠﻲ دﻋﺎﺋم ﻗوﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ .ﻗد ﯾظن
اﻟﺑﻌض أن اﺳﺗﺷﮭﺎد اﻟﺷﮭداء ﺧﺳﺎرة ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻔﻘدھﺎ ھذه اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟطﯾﺑﺔ ،ﻟﻛن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ رﺑﺣت
ﺑﺷﮭﺎدﺗﮭم اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر زادًا ووﻗودًا ﯾﺷﻌل ﺟذوة اﻹﯾﻣﺎن ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻣﺋﺎت واﻷﻟوف ﻣن اﻟﺷﺑﺎب اﻟﺟدد وﯾﻌوض ﷲ ﺑﮭم
اﻟﺻف أﺿﻌﺎﻓًﺎ ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ﻛﻣﺎ أن اﻟﺳﺟن وإن ﻛﺎن ﺗﺿﯾﯾًﻘﺎ وﺗﻌطﯾﻼً ﻟﻠطﺎﻗﺎت وﻟﻛﻧﮫ ﻣدرﺳﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻷﺻﺣﺎب اﻟدﻋوات
وﻓرﺻﺔ ﻹﻋداد اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻣﺣﺻﺔ اﻟﻣﺗﺟردة اﻟﺻﺎﺑرة ،اﻟﺗﻲ ﺗﺿرب اﻟﻣﺛل واﻟﻘدوة ﻓﻲ اﻟﺛﺑﺎت ﻋﻠﻲ اﻟﺣق رﻏم اﻟﺷداﺋد
وطول اﻟزﻣن ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ . (:
وإذا اﻧﺣﺳر ﻧﺷر اﻟدﻋوة ﺑﻌض اﻟﺷﻲء أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن وھو اﻹﻧﺗﺎج اﻷﻓﻘﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺣدث ﺗﻌوﯾض ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ
واﻟﺗﻛوﯾن وﺻﻘل اﻟﻧﻔوس وﺗزﻛﯾﺗﮭﺎ .وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد رأﯾﻧﺎ ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن اﻧﺗﺷﺎر أﻓراد ﻣن اﻟذﯾن ﺷردوا وطردوا ﻓﻲ أﻧﺣﺎء
ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻣن اﻟﻌﺎﻟم وﻧﺷروا اﻟدﻋوة ﻓﻲ ھذه اﻷﻧﺣﺎء وﺑﺎرك ﷲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮭم وإﻧﺗﺎﺟﮭم ،ﻓﮭﻲ دﻋوة ﷲ وﻧور ﷲ وﻟن ﯾطﻔﺊ
ﻧور ﷲ ﺑﺷر ،ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺗﻘﺎس ﻗوة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﻛﺛرة اﻟدور واﻟﻼﻓﺗﺎت واﻟﻣؤﺗﻣرات واﻟﮭﺗﺎﻓﺎت وﻟﻛن ﺑﺎﻟﻘﻠوب اﻟﻣؤﻣﻧﺔ
اﻟﺻﺎدﻗﺔ اﻟﻣﺟﺎھدة .
-11وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻋن اﻷﺻل ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن أن ﻧﺗوﻗف ﻋن اﻟدﻋوة إﻟﻲ ﷲ واﻟﺣرﻛﺔ ﺑﺎﻟدﻋوة ﺣﺗﻰ ﻻ ﻧﺗﻌرض إﻟﻲ
أذى ﺟدﯾد .وھﺎ ھو رﺳوﻟﻧﺎ وﻗﺎﺋدﻧﺎ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻛﺎن ﯾدﻋو اﻟﻣﺷرﻛﯾن وﯾﺗﻌرض ﻟﻸذى اﻟﻣرة ﺑﻌد اﻟﻣرة دون أن
ﯾﺗوﻗف .ﻓﻌﻠﯾﻧﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﻣﺣن أن ﻧواﺋم ﺑﯾن ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟدﻋوة واﻟﺣرﻛﺔ وﺑﯾن اﻟظروف ﻣﺎ أﻣﻛن دون ﺗوﻗف وإﻻ ﻧﻛون ﺑذﻟك ﻗد
ﺣﻘﻘﻧﺎ ﻣﺎ ﯾرﯾده اﻷﻋداء ﻣن ھذا اﻹﯾذاء .
27
" -12ﻛذﻟك ﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﺣن ﺳﺑًﺑﺎ ﻓﻲ أن ﻧﻘﺻر ﻧﺷﺎطﻧﺎ ﻋﻠﻲ اﻟﺟواﻧب اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﯾر اﻷﻋداء أو اﻟﺣﻛﺎم ﻛﺎﻟﻌﺑﺎدة واﻟﻌﻠم
واﻟذﻛر ﻣﺛﻼ وﻧﺗرك اﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺣﻛم واﻟﺟﮭﺎد إﻟﻲ ﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ ﯾﺗﺧوف ﻣﻧﮫ اﻷﻋداء وﻟﻛن ﯾﻣﻛن ﻓﻘط ﺗرﺗﯾب أوﻟوﯾﺎت
اﻟﻌﻣل دون اﺳﺗﺑﻌﺎد ﻟﺷﻲء ﻣن ذﻟك .
-13وأﺧﯾًرا وﻟﯾس آﺧًرا أن ﯾﺗطرق اﻟﯾﺄس إﻟﻲ ﺑﻌض اﻷﻓراد ﺑﺳﺑب اﻟﻣﺣن وﺷدﺗﮭﺎ وطوﻟﮭﺎ ،وﺗﺿﻌف اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﷲ
وﺗﺄﯾﯾده ،واﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل وﻣﺎ ﻧﺄﻣل أن ﻧﺣﻘﻘﮫ ﻓﯾﮫ ﻣن أھداف ﻓﺎﻷﺻل أﻻ ﺗﺗﺄﺛر ھذه اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺳﺑب ﻣﺎ ﻧﺗﻌرض ﻟﮫ ﻣن أذي
اﻷﻋداء وﻛﯾدھم ،وﻻ ﻧﻧظر ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ ﻣن زاوﯾﺔ أﻧﮭم ﯾﺣﺎرﺑون أﺷﺧﺎﺻﻧﺎ وأﺟﺳﺎدﻧﺎ وﻟﻛﻧﮭم ﯾﺣﺎرﺑون ﷲ ودﻋوة ﷲ ﻓﻲ
أﺷﺧﺎﺻﻧﺎ( واﻟﺳﯾرة واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾوﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﻛﯾف ﻧﺻر ﷲ اﻟﻘﻠﺔ اﻟﻣؤﻣﻧﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻛﺛرة اﻟﻛﺎﻓرة رﻏم ﻣﺎﻻﻗوه ﻣن ﻋﻧت وإﯾذاء( .
ﻓرﻏم ﻣﺎ ﺗﻌرض ﻟﮫ اﻟﻣﺳﻠﻣون اﻷول ﻣن إﯾذاء وﺗﻌذﯾب وﻗﺗل ﻓﻲ ﻣﻛﺔ ﻓﻘد ﻧﺻرھم ﷲ وﺗطﮭرت اﻟﺟزﯾرة ﻣن اﻟﺷرك
واﻷﺻﻧﺎم وأﺟﻠﻲ اﻟﯾﮭود وﻓﺗﺣت اﻟﻔرس وﺗﺑدد اﻟظﻼم وﻋم ﻧور اﻹﺳﻼم .واﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺗؤﻛد اﻟﺛﻘﺔ ﺑﻧﺻر ﷲ رﻏم اﻟﺷدة
واﻟزﻟزﻟﺔ( .وﻗد دﻟﻧﺎ اﻹﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد أﻧﻧﺎ إذا رأﯾﻧﺎ اﻟﻌﻘﺑﺎت ﻋﻠﻲ اﻟطرﯾق ﻧﺗذﻛر ﺑﺟوارھﺎ ﻋواﻣل اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﺑت أﻣﺎﻣﮭﺎ
ﻋﻘﺑﺔ وھﻲ :
أ – أﻧﻧﺎ ﻧدﻋو ﺑدﻋوة ﷲ وھﻲ أﺳﻣﻰ اﻟدﻋوات وﻧﻧﺎدي ﺑﻔﻛرة اﻹﺳﻼم وھﻲ أﻗوى اﻟﻔﻛر .وﻧﻘدم ﻟﻠﻧﺎس ﺷرﯾﻌﺔ ﷲ وھﻲ
(. أﻋدل اﻟﺷراﺋﻊ
ب – وأن اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻲ ھذه اﻟدﻋوة وﻛل ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﯾﻣﮭد ﻟﮭﺎ وﯾﮭﯾﺊ ﺳﺑﯾﻠﮭﺎ .
ج – وأﻧﻧﺎ ﺑﺣﻣد ﷲ ﺑراء ﻣن اﻟﻣطﺎﻣﻊ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﻌﯾدون ﻋن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟذاﺗﯾﺔ وﻻ ﻧﻘﺻد إﻻ وﺟﮫ ﷲ وﺧﯾر اﻟﻧﺎس وﻻ
ﻧﻌﻣل إﻻ اﺑﺗﻐﺎء ﻣرﺿﺎﺗﮫ .
د – وأﻧﻧﺎ ﻧرﻗب ﺗﺄﯾﯾد ﷲ وﻧﺻرﺗﮫ ،وﻣن ﻧﺻره ﷲ ﻓﻼ ﻏﺎﻟب ﻟﮫ .ﻓﻘوة دﻋوﺗﻧﺎ وﺣﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﯾﮭﺎ وﻧﺑﺎﻟﺔ ﻣﻘﺻدﻧﺎ
وﺗﺄﯾﯾد ﷲ إﯾﺎﻧﺎ ھﻲ ﻋواﻣل اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺛﺑت أﻣﺎﻣﮭﺎ ﻋﻘﺑﺔ وﻻ ﯾﺗوﻗف ﻓﻲ طرﯾﻘﮭﺎ ﻋﺎﺋق.
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻣن 87 -
ﺣول اﻟﻣوﻗف أﻣﺎم اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم
ﺣول اﻟﻣوﻗف أﻣﺎم اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم :
ﻧﻌﻠم أن أﻋداء اﻹﺳﻼم ﻛﺛﯾرون وأن ﻋﻧدھم ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﻘـوة وأﻧـواع اﻷﺳـﻠﺣﺔ اﻟﻛﺛﯾـرة وﯾﺳـﺧرون اﻟﻌﻠـم ﻓـﻲ اﺳـﺗﺣداث
أﻧ ـواع ﺟدﯾ ـدة ﻣ ـن اﻷﺳ ـﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗط ـورة واﻷﺷ ـد ﻓﺗًﻛ ـﺎ وﺗ ـدﻣﯾًرا ،ﻛﻣ ـﺎ ﯾﺳ ـﺗﺧدﻣون أﺳ ـﺎﻟﯾب اﻟﺣ ـرب اﻟﻧﻔﺳ ـﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻ ـﺎدﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻹﻋﻼﻣﯾﺔ وأﺳﻠوب اﻟﻔرﻗـﺔ وإﺛـﺎرة اﻟﺧـﻼف ﺑـﯾن طواﺋـف اﻟﻣﺳـﻠﻣﯾن ودوﻟﮭـم .ﻛـل ھـذا ﻣﻌﻠـوم وﻻ ﻣﺣـﯾص
ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم ﻣن اﻟوﻗوف ﻓﻲ وﺟﮫ ھؤﻻء اﻷﻋداء ،وإﻻ ﻛﯾف ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺗﻣﻛﯾن ﻟدﯾن ﷲ وإﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺗﮫ دون ھذه اﻟﻣواﺟﮭﺔ
ﻋﺎ ودﻓﻌًﺎ ﻟﻠﻌﻘﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘف ﻓـﻲ طرﯾـق ﺗﺑﻠﯾـﻎ دﻋـوة ﷲ ﻟﻠﻧـﺎس ﻛﺎﻓـﺔ . ،وﻟﯾس اﻋﺗداء وﺑدًءا ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻟﻺﺳﻼم وﻟﻛن دﻓﺎ ً
وإزاء اﻟﻣوﻗف ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻋداء ﷲ وﻗوﺗﮭم ﻗد ﺗﺣدث اﻧﺣراﻓﺎت أو ﺗﺻورات ﺧﺎطﺋﺔ ﻧﻧﺑﮫ إﻟﯾﮭﺎ ﻟﺗﻔﺎدﯾﮭﺎ .
ﺻور اﻻﻧﺣراف ﻋن ﻣوﻗف اﻷﻋداء وﻗوﺗﮭم :
– 1اﺳﺗﻌظﺎم ﻗوة اﻷﻋداء :أن ﻧﺳﺗﻌظم ﻗوة اﻷﻋداء ﻓﻲ أﻋﯾﻧﻧﺎ وﺗﻘدﯾرﻧﺎ – ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻘوﺗﻧﺎ – ﺑﺻورة ﺗرﺗب اﻟﺧوف أو
اﻟرھﺑﺔ واﻟﺿﻌف أﻣﺎﻣﮭم أو اﻷﺣﺟﺎم ﻋن ﻣواﺟﮭﺗﮭم ،أو ﺑﺻورة ﺗدﻋو إﻟﻲ اﻟﺳﱠﻠم واﻻﺳﺗﺳﻼم ،واﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻘر ﻓﻲ
اﻷذھﺎن أﻧﻧﺎ ﻧﺳﺗﻣد اﻟﻘوة واﻟﺗﺄﯾﯾد ﻣن ﷲ( وأن ﻗوي اﻷﻋداء ﺟﻣﯾﻌًﺎ ﻻ ﺗزن ﺷﯾﺋﺎ أﻣﺎم ﻗوة ﷲ .وأن ﷲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻲ أن ﯾﻧﺗﺻ ر
( وﯾﻘول(: ﻣن اﻷﻋداء دون ﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻣﻧﺎ ( .وﯾدﻋوﻧﺎ إﻟﻲ اﻻﻋﺗزاز ﺑﺗﺄﯾﯾده وأﻻ ﻧﮭن أﻣﺎم اﻷﻋداء
ﺿﺎ اﻟﺗﮭوﯾن ﻣن ﻗوة اﻷﻋداء ﺑﺻورة ﺗدﻋو إﻟﻲ ﻋدم اﻻﺳﺗﻌداد اﻟﻣﻧﺎﺳب ﺑﻣﺎ – 2ﺗﮭوﯾن ﻗوة اﻷﻋداء :وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل أﯾ ً
ﺿﺎ وﺧطﺄ .ﻓﻘد ﻛﺎن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﯾﻌرض ﻗوة اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ أو اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﮭﺎ أو اﻹﺑﺎدة ﻓذﻟك ﯾﻌﺗﺑر اﻧﺣراﻓﺎ ً أﯾ ً
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﯾﮭﺗم ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻗوة أﻋداﺋﮫ وﻋددھم ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻏزوة ﺑدر وﻋرف اﻟﻌدد ﻋن طرﯾق ﻣﺎ ﯾﻧﺣروﻧﮫ ﻣن إﺑل ،
وﻛﺎن ﯾﺑث اﻟﻌﯾون ﻻﺳﺗطﻼع أﺣوال اﻷﻋداء ﻷﺧذ اﻟﺣﯾطﺔ ورﺳم اﻟﺧطﺔ .
– 3ﺳوء اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدات اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ :ﺑﺄن ﺗﻛون ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن واﻷﻛﻔﺎء ﻓﯾﻧﻌﻛس ذﻟك ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﺟﮭﺎدي
وﯾرﺗب ھزاﺋم وﺧﺳﺎﺋر ﻓﺎدﺣﺔ ﻓﺎﻟواﺟب اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻗوة اﻹﯾﻣﺎن واﻟﻘدرة اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻛﻔﺎءة
ﺿﺎ ﺧطﯾرة .وﻗد اﺧﺗﺎر رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺧﺎﻟدًا اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ دون ﻣﺟﺎﻣﻼت ﻓﺎﻟﻘﺿﯾﺔ ﺧطﯾرة وﻧﺗﺎﺋﺟﮭﺎ أﯾ ً
ﻟﻛﻔﺎءﺗﮫ وأﺑﻘﻲ ﻋﻠﯾﮫ ،وﺳﺋل اﻹﻣﺎم أﺣﻣد ﻋن :اﻟﺟﻠد اﻟﻌﺎﺻﻲ ،واﻟﺿﻌﯾف اﻟﺗﻘﻲ ﻓﻘدم اﻟﺟﻠد ،وﻗﺎل ﻣﻌﺻﯾﺗﮫ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺳﮫ
وﺟﻠده ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن واﻟﺗﻘﻲ ﺗﻘواه ﻟﻧﻔﺳﮫ ،وﺿﻌﻔﮫ ﻋﻠﻲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن .
28
– 4وﻣن اﻻﻧﺣراﻓﺎت ﻓﻲ ھذه اﻟﻣواﻗف اﻟﻔرﻗﺔ واﻟﺧﻼف ﺧﺎﺻﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﯾﺎدات ﻓﻐﺎﻟًﺑﺎ ﻣﺎ ﯾؤدي ذﻟك إﻟﻲ اﻟﻔﺷل واﻟﮭزﯾﻣﺔ
( وﯾﻘول . ( :وﻻ ﯾﻛون ذﻟك إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺣﺎم واﻟﺗﻌﺎون وﻋدم اﻟﺧﻼف . وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾوﺟﮭﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻓﯾﻘول
وﻛﺎن ﻣن وﺻﺎﯾﺎ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ ﻟﺑﻌوث اﻟدﻋوة واﻟﺟﮭﺎد " ﺗطﺎوﻋوا وﻻ ﺗﺧﺗﻠﻔوا " .
– 5وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء واﻻرﺗﺟﺎل وﻋدم وﺿﻊ اﻟﺧطط اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻲ دراﺳﺎت وﻣﻌﻠوﻣﺎت وﺗﻘدﯾر
ﺳﻠﯾم ﻟﻠﻣوﻗف ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺣرب اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﻧوﻋت وﺗطورت وﺗﺣﺗﺎج داﺋًﻣﺎ إﻟﻲ اﻟﺗﺧطﯾط ودراﺳﺔ اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت وأﺳﺎﻟﯾب
اﻷﻋداء واﻹﻓﺎدة ﻣن اﻟدروس واﻷﺧطﺎء .
– 6اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣﺛﺑطﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن واﻟﺗﺄﺛر ﺑﺗﺛﺑﯾطﮭم وﺻدق ﷲ اﻟﻌظﯾم( ﻓﯾﻠزم اﻻطﻣﺋﻧﺎن اﻟداﺋم ﻋﻠﻲ ﺻف اﻟﻣﺟﺎھدﯾن
ﻣن اﻟﻣﺛﺑطﯾن واﻟﻣﻧﺎﻓﻘﯾن وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻف ﻣن ﺗﺄﺛﯾرھم وﺗطﮭﯾر اﻟﺻف ﻣﻧﮭم .
– 7اﻹﻋﺟﺎب ﺑﺎﻟﻛﺛرة :وﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ اﻷﻋداء اﻹﻋﺟﺎب ﺑﺎﻟﻛﺛرة أو ﺑوﻓرة اﻟﺳﻼح واﻟﻛﻔﺎءات اﻟﻔﻧﯾﺔ
وﺗﺣﻘق اﻟﺗدرﯾب اﻟﺟﯾد إﻟﻲ آﺧر ھذه اﻷﺳﺑﺎب وإﻏﻔﺎل أن اﻟﻧﺻر ﻣن ﻋﻧد ﷲ وﻟﯾس ﻣن ھذه اﻷﺷﯾﺎء وأﻧﮫ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﻌرض
ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ إذا وﻛﻠﻧﺎ ﷲ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ وھذه ھذه اﻷﺷﯾﺎء وأﻧﮫ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﻌرض ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ إذا وﻛﻠﻧﺎ ﷲ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ وھذه اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ
ﺗﺛﺑت ھذا اﻟﻣﻌﻧﻲ( .
– 8اﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض :وﻣن اﻻﻧﺣراف اﻟﺗﺛﺎﻗل إﻟﻲ اﻷرض وﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻧﻔﯾر اﻟﻌﺎم ﻓﺈن ذﻟك ﯾﻌرض اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن
ﻟﻠﮭزﯾﻣﺔ وﺗﻣﻛن اﻷﻋداء ،ﻟﮭذا ﯾﺣذر ﷲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن ذﻟك وﯾﻧذرھم وﺗﻣﻛن اﻷﻋداء ،ﻟﮭذا ﯾﺣذر ﷲ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻣن ذﻟك
وﯾﻧذرھم ﺑﺎﻟﻌذاب اﻷﻟﯾم إن ﻓﻌﻠوا ( .
ﺿﺎ ﯾؤدي إﻟﻲ ھزﯾﻣﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺗﻣﻛن – 9ﺗوﻟﱠﻲ اﻷدﺑﺎر ﻋﻧد اﻟزﺣف إﻻ ﻣﺗﺣرﻓًﺎ ﻟﻘﺗﺎٍل أو ﻣﺗﺣﯾًزا إﻟﻲ ﻓﺋﺔ ﻓﺈن ذﻟك أﯾ ً
( .وﻗد ﯾظن اﻟﻔﺎﱡر أن ذﻟك ﯾطﯾل ﻋﻣره وﯾﻧﻔﻌﮫ ﺑﺣﯾﺎة أطول اﻷﻋداء وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻣن ﻓﺗﻧﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋن دﯾﻧﮭم
وﻋﯾش أﻟﯾن ،وﻣﺗﻊ أﻟذ وﻟﻛن ھذا ﺳراب وﺧﺳﺎر ( .
-10اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻐرور واﻟﺗﻌﺎﻟﻲ ﻋﻧد ﺗﺣﻘق ﻧﺻر ﻋﻠﻲ اﻷﻋداء وﻟﻛن ﺷﻛر ﷲ واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌزة ﻣﻊ اﻟﺗواﺿﻊ وھﺎ ھو
رﺳول ﷲ ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم اﻷﺳوة اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻋﻧدﻣﺎ دﺧل ﻣﻛﺔ ﻓﺎﺗًﺣﺎ ﻣﻧﺗﺻًرا ﻛﺎن ﻣﺗواﺿﻌًﺎ ﻣطﺄطﺊ اﻟرأس ﺧﺷوﻋﺎ ً .
واﻋﺗراﻓًﺎ ﺑﻔﺿﻠﮫ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق ھذا اﻟﻧﺻر( .
-11وﻣن أﺧطر اﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻹﺣﺑﺎط اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﻧﮭزام اﻟداﺧﻠﻲ ﻋﻧد وﻗوع ھزﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎرك أو
أﻛﺛر ،ﻓﻠﯾس ھذا ﻣن ﺷﯾم اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،ﻓذﻟك ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾﺿﻌف اﻟروح اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ وﯾﺛﯾر اﻟﻠﻐط واﻟﺗﻼوم واﻟﺧﻼف وﻗد ﯾؤدي
إﻟﻲ اﻟﻔﺷل أو اﻟﯾﺄس .وﻟﻧﻧظر إﻟﻲ ﻣوﻗف اﻟرﺳول ﺻﻠﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﻌد ھزﯾﻣﺔ أﺣد وﻛﯾف طﻠب ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن
ﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﻣﺷرﻛﯾن ﻓﻲ ) ﺣﻣراء اﻷﺳد ( ،ﺛم ﻧﺟد ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﯾﻌﺎﻟﺞ أﺛر اﻟﮭزﯾﻣﺔ ﺑﻘوﻟﮫ( .
ھﻛذا ﻟﯾﻌﻠم اﻟذﯾن آﻣﻧوا وﺻﺑروا ﻋﻠﻲ اﻟﺷداﺋد وﻟم ﯾﺿﻌﻔوا أو ﯾﺗﺧﺎذﻟوا .ﻛﻣﺎ أﺛﻧﻲ ﷲ ﻋﻠﯾﮭم ﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺗﮭم ﻟﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﻛﻔﺎر
( .وﻛﯾف ﯾﺿﻌف اﻟﻣؤﻣن أﻣﺎم أﻟم ﺗﻌرض ﻟﻣﺛﻠﮫ ﻋدوه ﻟﻛن اﻟﻣؤﻣن ﻣوﻋود رﻏم ﻣﺎ ﻓﯾﮭم ﻣن ﺟراح
ﻣن ﷲ ﺑﺄﺟر ﻋظﯾم وﺛواب ﺟزﯾل ھو رﺟﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن اﻟﺻﺎدﻗﯾن )
(.
ﺧـﺎﺗــﻣـﺔ
وﺑﻌد ﻓﮭذا ﺟﮭد اﻟﻣﻘل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺗوﺿﯾﺢ أﺻﺎﻟﺔ طرﯾق اﻟدﻋوة واﻻﻧﺣراﻓﺎت ﻋﻧﮫ ،أﺳﺄل ﷲ أن ﯾﻧﻔـﻊ ﺑـذﻟك وأن ﯾﺟﻧﺑﻧـﺎ
اﻟزﻟل وأﺧﺗم ھذه اﻟﺟوﻟﺔ ﺑﺗوﺟﯾﮫ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺷﮭﯾد ﻧﻔﻌﻧﺎ ﷲ ﺑﮫ :
" أﯾﮭﺎ اﻹﺧوان :آﻣﻧوا ﺑﺎ .واﻋﺗزوا ﺑﻣﻌرﻓﺗﮫ واﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮫ واﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﯾﮫ ،ﻓﻼ ﺗﺧﺎﻓوا ﻏﯾره وﻻ
ﺗرھﺑوا ﺳواه وأدوا ﻓراﺋﺿﮫ واﺟﺗﻧﺑوا ﻧواھﯾﮫ .وﺗﺧﻠﻘوا ﺑﺎﻟﻔﺿﺎﺋل وﺗﻣﺳﻛوا ﺑﺎﻟﻛﻣﺎﻻت وﻛوﻧوا أﻗوﯾﺎء
ﺑﺄﺧﻼﻗﻛم أﻋزاء ﺑﻣﺎ وھب ﷲ ﻟﻛم ﻣن ﻋزة اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﻛراﻣﺔ اﻷﺗﻘﯾﺎء اﻟﺻﺎﻟﺣﯾن .وأﻗﺑﻠوا ﻋﻠﻲ اﻟﻘرآن
ﺗﺗدارﺳوﻧﮫ ،وﻋﻠﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﻣطﮭرة ﺗﺗذاﻛروﻧﮭﺎ ،وﻛوﻧوا ﻋﻣﻠﯾﯾن ﻻ ﺟدﻟﯾﯾن ،ﻓﺈذا ھدي ﷲ ﻗوًﻣﺎ أﻟﮭﻣﮭم
اﻟﻌﻣل ،وﻣﺎ ﺿل ﻗوم ﺑﻌد ھدي ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﮫ إﻻ أوﺗوا اﻟﺟدل .وﺗﺣﺎﺑوا ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛم ،واﺣرﺻوا ﻛل اﻟﺣرص
ﻋﻠﻲ راﺑطﺗﻛم ﻓﮭﻲ ﺳر ﻗوﺗﻛم وﻋﻣﺎر ﻧﺟﺎﺣﻛم ،واﺛﺑﺗوا ﺣﺗﻰ ﯾﻔﺗﺢ ﷲ ﺑﯾﻧﻛم وﺑﯾن ﻗوﻣﻛم ﺑﺎﻟﺣق وھو ﺧﯾر
اﻟﻔﺎﺗﺣﯾن .واﺳﻣﻌوا وأطﯾﻌوا ﻟﻘﯾﺎدﺗﻛم ﻓﻲ اﻟﻌﺳر واﻟﯾﺳر واﻟﻣﻧﺷط واﻟﻣﻛره ،ﻓﮭﻲ رﻣز ﻓﻛرﺗﻛم وﺣﻠﻘﺔ
اﻻﺗﺻﺎل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻛم .وﺗرﻗﺑوا ﺑﻌد ذﻟك ﻧﺻر ﷲ وﺗﺄﯾﯾده ،واﻟﻔرﺻﺔ آﺗﯾﺔ ﻻ رﯾب ﻓﯾﮭﺎ )
29