You are on page 1of 18

ISSN :1112-4377 ‫مجلة المعيار‬

4242 :‫السنة‬ 15 :‫عدد‬ 42 :‫مجلد‬

)‫م‬3581-3581 (‫إقامة األمير عبد القادر في مدينة بورصة‬


‫بين الكتابات الغربية والوثائق العثمانية‬
Emir Abd el-kader’s settlement in Bursa (1853-1856)
western writing versus Ottoman documents
‫زبيري بومدين‬
‫ أبو القاسم سعد اهلل‬2 ‫جامعة الجزائر‬
b.zebiri91@gmail.com
8282/06/00 :‫النشر على الخط‬/ 8282/20/20 :‫ القبول‬8202/28/82: ‫تاريخ الوصول‬
Received: 82/28/8202 / Accepted: 20/20/8282 / Published online : 00/26/8282
:‫الملخص‬
‫هتدف هذه الدراسة إىل إلقاء الضوء على فرتة هامة من حياة األمري عبد القادر اجلزائري أثناء إقامته يف مدينة بورصة العثمانية بني‬
‫م مشتملة على فرتة هناية املقاومة املسلحة واالستسالم واإلقامة يف قصر أمبواز بالقرب من باريس‬3581‫م و نوفمرب‬3581 ‫جانفي‬
‫ واجملهودات اليت قامت هبا الدولة العثمانية‬،‫م مث االنتقال إىل األراضي العثمانية واالستقرار يف مدينة بورصة‬3581-‫م‬3581 ‫بني‬
.‫م‬3581 ‫ ورصد جانب من يومياته باملدينة إىل غاية رحيله حنو دمشق أواخر‬،‫خلدمته‬
‫كل ذلك باالعتماد على ثالثة وثائق أرشيفية عثمانية باعتبارها مصدرا مهما ملا حتتويه من معلومات أصيلة وفريدة تعطينا صورة‬
‫ ومقارنتها بالكتابات الغربية‬، ‫أكثر وضوحا عن واقع هذه املرحلة املهمة والدقيقة من حياة األمري عبد القادر يف هذه املدينة العثمانية‬
. ‫ وخلصت الدراسة إىل عدد من النتائج اليت مت التوصل إليها‬،‫ مدنيون وعسكريون‬،‫املعاصرة لألحداث اليت كتبها فرنسيون واجنليز‬
.‫ الوثائق العثمانية‬،‫ اإلمرباطور نابليون الثالث‬،‫ بورصة‬،‫ الدولة العثمانية‬،‫ األمري عبد القادر‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
This study aims at shedding light on the important period of Emir Abd el-kader during his
settlement in Bursa from January 1853 to November 1856, it includes the last period of
armed resistance, surrender and settling down in Château d’Amboise near Paris (from 1848-
1852), moving to the Ottoman lands, the settlement in Bursa, and the efforts of ottoman state
in serving that prince and having some information about his life there till his departure
towards Damascus at the end of 1856 .
All of that will be based on three ottoman documents archives, which are considered as an
important source, since they contain original and special information that give us a clearer
picture about the Emir Abd el kader life’s in that ottoman city, and comparing them with
western and modern studies written by the French and the English either civilian, or armed
.This study has reached various result .
Keywords: Emir Abd el-kader, Ottoman state, Bursa, Emperor Napoléon III, Ottoman
documents.

617
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يف ديسمرب ‪ 3581‬انتهى فصل هام من حياة األمري عبد القادر اتسم باملقاومة املسلحة للغزو الفرنسي ‪ ،‬فكانت االتفاقية الثنائية‬
‫بني األمري من جهة واجلنرال المورسيري والدوق دومال من جهة ثانية هو السماح لألمري بالتوجه حنو عكا أو االسكندرية ‪ ،‬لكن‬
‫السلطات الفرنسية نقضت االتفاق ‪ ،‬فمكث األمري يف املنفى القسري بأمبواز إىل غاية أن صدر العفو عنه ومسح له بالتوجه حنو‬
‫املشرق ‪ ،‬فكانت الدولة العثمانية وجهته واليت اختارت له مدينة بورصة مقرا لإلقامة حيث قضى هبا فرتة من أوائل ‪ 3581‬إىل‬
‫أواخر سنة ‪3581‬م ليستقر هنائيا بدمشق أين وافته املنية يف سنة ‪3551‬م ‪.‬‬
‫استفاضت الكتابات الغربية وخاصة منها الفرنسية والربيطانية يف تناول خمتلف اجلوانب من حياة األمري سواء الشخصية أو العسكرية‬
‫و السياسية واالجتماعية والروحية والعلمية‪ ،‬لكنها يف معظمها جندها إما ركزت على اثبات تفوق فرنسا ‪ ،‬أو أهنا اكتفت بإظهار‬
‫مدى إعجاهبا مبقاومة األمري دون أن يصل ذلك إىل التأييد املطلق ‪.‬‬
‫ويف احلقيقة فإننا أصبحنا نعتمد بشكل أساسي يف قراءة وحىت كتابة تارخينا على هذه الكتابات إىل درجة أننا أمهلنا سواها‪ ،‬ودون‬
‫أن جنحد أمهية وجهة النظر اليت حتملها هذه الكتابات‪ ،‬فإن الصورة لن تكتمل دون العودة إىل الوثائق األخرى وباخلصوص الوثائق‬
‫العثمانية خاصة فيما يتعلق بإقامة األمري عبد القادر يف مدينة بورصة العثمانية ‪.‬‬
‫وإذا كانت الوثائق العثمانية قد تركت جانبا مدة طويلة فإنه قد آن األوان للعودة إىل هذه الوثائق األصيلة واجلديدة يف ذات الوقت‪،‬‬
‫ألهنا وحدها ستمكننا من أخذ نظرة أصيلة وجديدة كذلك هلذا اجلانب من تارخينا ما يسمح لنا من إجراء مقارنة لألحداث بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬والوصول إىل حتليل أكثر وعيا وموضوعية حملطة هامة من تارخينا‪.‬‬
‫تنطلق دراستنا من ثالثة وثائق أرشيفية عثمانية‪ ،‬مت نشرها يف مؤلف صادر عن املديرية العامة لدور احملفوظات‪ ،‬رئاسة دائرة األرشيف‬
‫العثماين‪ ،‬التابع لرئاسة الوزراء الرتكية‪ ،‬حتت إشراف املنسق العام للمشروع األستاذ الدكتور يوسف صاريناي‪ ،‬والرتمجة العربية لألستاذ‬
‫فاضل بيات‪ ،‬املنشور رقم ‪ ،338:‬أنقرة ‪ ،1232‬تتناول األوىل ظروف قدوم األمري عبد القادر إىل اسطنبول مث توجهه إىل‬
‫بورصة‪ ،‬والثانية عبارة عن تقرير صادر عن نظارة الشؤون املالية بتغطية مصاريف املنزل الذي استأجر لألمري ببورصة ونفقات تأثيثه‪،‬‬
‫أما الثالثة فهي خاصة مبنح اإلذن لألمري بالسفر إىل فرنسا مرفقة برسالة لألمري يف هذا الشأن ‪ ،‬ومن خالل دراستنا اليت تتناول هذه‬
‫املدينة العثمانية يف حياة األمري اليت استقر هبا بني ‪3581-3581‬م حناول اإلجابة على اإلشكاليات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي اجلهود اليت قامت هبا الدولة العثمانية لتسهيل إقامة األمري يف بورصة ؟‬
‫‪ -‬ما هو تأثري األجواء الدولية (حرب القرم ‪3581-3581‬م) على مواقف فرنسا والدولة العثمانية من األمري؟ (هل كانت فرتة‬
‫تواجد األمري يف بورصة الختبار نواياه؟ ‪ ،‬وما املوقف الفعلي للسلطة العثمانية من األمري(؟‬
‫‪ -‬ملاذا أسهبت الكتابات الغربية يف اإلشادة باملواقف االنسانية لنابليون الثالث ومن ورائه فرنسا حنو األمري ‪ ،‬واستفاضت يف‬
‫مزاعمها االستعمارية حينا والعنصرية حينا آخر عند تناوهلا االنسان الشرقي عموما ‪ ،‬ومتجاهلة –باخلصوص‪ -‬القسوة والوحشية الال‬
‫إنسانية اليت تعاملت هبا مع الشعب اجلزائري؟‬
‫‪618‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫يف ‪ 3581/31/11‬وضع األمري عبد القادر حدا ملقاومته املسلحة اليت بدأها يف ‪3511‬م‪ ،‬وهذا مبوجب اتفاقية ثنائية مع‬
‫اجلنرال المورسيري)‪ (Général Lamoricière‬والدوق دومال)‪ (Duc d’Aumale‬تقضي بالسماح له ولعائلته وأتباعه‬
‫بالتوجه حنو عكا أو اإلسكندرية(‪ ،)1‬غري أن السفينة الفرنسية غريت مسارها باجتاه ميناء طولون الذي وصلته يف آخر أسبوع من‬
‫سنة ‪3581‬م‪ ،‬وكان مع األمري ‪ 55‬شخصا من عائلته وأتباعه‪.‬‬
‫كانت وجهة األمري األوىل حنو قلعة المالغ (‪ ، ) lamalgue‬وحينما استفسر حول ذلك قيل له بأن األمر حيتاج إىل احلصول‬
‫على جواب من احلكومة العثمانية إذا ما كان سيذهب إىل عكا‪ ،‬أو من احلكومة املصرية إذا كان سيذهب إىل اإلسكندرية(‪.)2‬‬
‫مل ميض الكثري من الوقت حىت أضحى موقف األمري معقدا للغاية‪ ،‬ذلك أن أخبار الثورة يف باريس يف ‪3585/21/15‬م ما لبثت‬
‫أن وصلت إىل طولون‪ ،‬فقد مت أجبار امللك لويس فيليب على التنازل عن العرش وقيام اجلمهورية الثانية‪ ،‬خاصة وأن األمري مل يكن‬
‫له مع زعمائها أي عهد(‪.)3‬‬
‫وفعال حدث ما كان يتوقعه‪ ،‬فقد تقرر نقله يف البداية إىل مدينة (بو ‪ )Pau‬يف أفريل ‪3585‬م(‪،)4‬مث إىل قصر أمبواز ‪(Château‬‬
‫)‪ d’Amboise‬أين يقضي فيه فرتة زمنية امتدت من نوفمرب ‪ 3585‬إىل ديسمرب‪3581‬م كما صرح األمري نفسه يف الرسالة اليت‬
‫(‪)5‬‬
‫كتبها إىل قنصل فرنسا يف مدينة بورصة السيد كريسنب (‪.)Crespin‬‬
‫شعر األمري بقلق وانزعاج شديد وهو يرى بأن قضيته قد تركت جانبا‪ ،‬وأن جل اهتمام الفرنسيني كان منصبا على حل مشاكلهم‬
‫اخلاصة‪ ،‬وبالدرجة األساسية مشاكل احلكم والتنظيم االجتماعي عقب سقوط احلكم امللكي وقيام اجلمهورية الثانية(‪ ،)6‬ما جعله‬
‫يستسلم إىل نوع من القنوط واليأس بعد أن أدرك بأن السجن املؤبد والنسيان األبدي يكونان مصريه(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬شارل هنري تشرشل ‪ ،‬حياة األمري عبد القادر ‪ ،‬حتقيق أبو القاسم سعد اهلل ‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس ‪ ،3118‬ص ‪.185‬‬
‫‪(2) -Commandant J. Pichon : ABD EL KADER - Sa jeunesse, son rôle politique et Religieux,‬‬
‫‪son rôle militaire, sa captativité, sa mort (1807 – 1883 ) imprimerie librairie militaire paris,‬‬
‫‪p132.‬‬
‫( ‪ )3‬شارل هنري تشرشل ‪ ،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪(4) J. Pichon ; ABD E KADER, p135.‬‬
‫) ‪ (5‬برونو ايتيان‪ ،‬عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ترمجة ميشيل خوري‪ ،‬ط‪ ،3‬دار عطية للنشر‪ ،‬بريوت‪ ،3111‬ص‪.153‬‬
‫(‪ )6‬كان الفرنسيون منشغلني مبشاكل احلكم والتنظيم االجتماعي عقب سقوط احلكم امللكي وقيام اجلمهورية الثانية ‪ ،‬أبو القاسم سعداهلل‪" ،‬بني‬
‫األمري عبد القادر و الشاذيل القسنطيين"‪ ،‬جملة األصالة‪ ،‬جملة ثقافية تصدرها وزارة التعليم األصلي والشؤون الدينية باجلزائر‪ ،‬العدد ‪ ، 31‬ص ‪.332‬‬
‫(‪ )7‬نفسه‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪619‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫من جانبها كانت السلطات الفرنسية تعيش وضعا خاصا‪ ،‬فالتحزبات‪ ،‬وظهور القضايا العمالية‪ ،‬وتزايد نفوذ اجليش‪ ،‬وإمكانيات‬
‫حدوث انقالب يف صاحل اإلمرباطورية‪ ،‬كلها ظروف كانت ال تسمح للفرنسيني بالتفكري يف قضية جزئية صغرية مثل سجن أو‬
‫إطالق سراح األمري(‪.)1‬‬
‫ولعل السؤال الذي يتبادر إىل الذهن هو‪ :‬هل كان الفرنسيون خيشون أن ميوت األمري كمدا ؟ أم أهنم أرادوا اضعاف عزميته أو حىت‬
‫تليني موقفه من احلضارة الغربية ؟‬
‫لقد وجدت السلطات الفرنسية أن السبيل للخروج من هذه الوضعية هو العمل على إجياد أنيس لألمري يف سجنه بعد أن أبدى‬
‫قلقا من الوحدة اليت كان يعانيها‪ ،‬ويف ذات الوقت فإن هذه السلطة اختارت الشخص الذي اعتقدت بأنه ميكنه لعب دور‬
‫املستنري ونقل الثقافة األوروبية إىل عقل األمري‪ ،‬فكان البد من إجياد شخصية قادرة على القيام هبذه املهمة‪ ،‬وقد وقع االختيار على‬
‫الشاذيل القسنطيين ملؤانسة األمري يف شتاء ‪3582-3581‬م(‪.)2‬‬
‫مل تكن مهمة الشاذيل القيام بدور الرفيق املسلي فقط‪ ،‬بل قام أيضا – وهو املهم – بدور املطمئن واملعرف باحلضارة الغربية(‪،)3‬‬
‫فكانت مهمته إذن‪ :‬التخفيف من غلو ونقمة األمري ضد الفرنسيني‪ ،‬وتليني عريكته‪ ،‬ورفع روحه املعنوية‪ ،‬وختفيف حدة طبعه‬
‫وتعصبه الديين حنو احلضارة األوروبية عامة والفرنسيني خاصة‪ ،‬وهذا من خالل اطالع األمري على ما للفرنسيني من حضارة عريقة‬
‫ونظم سياسية واجتماعية جديرة باالحرتام‪ ،‬وهبذا تكون مهمة الشاذيل سياسية وليست إنسانية(‪.)4‬‬
‫بعد إعادة اإلمرباطورية يف فرنسا على إثر التصويت املباشر يف ‪ 3583/31/21‬م ‪،‬يبعث األمري لويس نابليون رسالة إىل األمري‬
‫عبد القادر بتاريخ ‪3581/32/31‬م ‪ ،‬جاء فيها‪ " :‬عبد القادر ‪ :‬إنين قادم ألعلن لك حريتك ‪ ،‬إنك ستحمل إىل بورصة يف‬
‫منطقة السلطان حاملا تنتهي اإلجراءات الضرورية ‪ ،‬وستخصص لك احلكومة الفرنسية مرتبا يليق مبكانتك القدمية ‪ ...‬وأنين على‬
‫(‪)5‬‬
‫يقني بأن اقامتك يف تركيا لن تؤثر بأي شكل على هدوء متلكايت يف إفريقيا‪".‬‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه هو‪ :‬هل األمري هو من اختار املكان الذي يرغب اإلقامة فيه أم السلطات الفرنسية هي اليت رتبت األمر‬
‫مع السلطات العثمانية ؟ واإلجابة على هذا السؤال حتملنا إىل استعراض العالقات العثمانية الفرنسية يف هذه الفرتة من منتصف‬
‫القرن ‪31‬م‪.‬‬
‫العالقة بين الدولة العثمانية و الدول األوروبية ‪:‬‬

‫( ‪ )1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.332‬‬


‫(‪ )2‬ال تذكر املصادر الفرنسية إن كان األمري هو من اختار الشاذيل القسنطيين أم أن املكتب العريب يف قسنطينة هو من اقرتح ذلك‪ .‬سعد اهلل‪ :‬بني‬
‫األمري عبد القادر و الشاذيل القسنطيين ‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص‪. 321‬‬
‫( ‪ )3‬كان الشاذيل القسنطيين أديبا وقاضيا وعاملا من علماء اجلزائر الذين بإمكاهنم أن ميلؤوا على األمري بعلمهم ومعارفهم وأدهبم ‪ ،‬لكنه يف نفس‬
‫الوقت كان من يثق به الفرنسيون ‪ .‬سعد اهلل ‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫( ‪ )4‬نفس املكان‪.‬‬
‫( ‪ )5‬شارل هنري تشرشل ‪ :‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪620‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫أدى رفض الدولة العثمانية ملطالب روسيا القيصرية(‪ )1‬بتسليم املعارضني هلا من الوطنيني الالجئني من بولونيا واجملر حنو إقليمي‬
‫األفالق والبغدان التابعني للدولة العثمانية سببا يف تأزم العالقة بني الدولة العثمانية وروسيا القيصرية وهو ما دفع روسيا إىل اللجوء‬
‫(‪)2‬‬
‫لقطع عالقتها بالدولة العثمانية يف ‪3585/21/31‬م مث هتديدها باحلرب بذريعة رفض الباب العايل مطالبها‪.‬‬
‫كان هذا املوقف الرافض للمطالب الروسية قد أيدته احلكومات األوروبية السيما يف فرنسا (كانت فرنسا يف هذه اآلونة قد عرفت‬
‫الثورة اليت أطاحت بالنظام امللكي وأزاحت لويس فيليب وأعلنت اجلمهورية ) ‪-‬كان هذا العامل‪ -‬قد يسر من وقوف تلك‬
‫احلكومات إىل جانب الدولة العثمانية يف احلرب اليت اشتعلت مع روسيا سنة ‪3581‬م‪ ،‬وانفرجت بذلك مشكلة الالجئني من‬
‫خالل وفاق جرى التوصل إليه يف موضوعات منح اإلذن الالزم ملن يريد االستقرار يف األراضي العثمانية مث السماح ملن يريدون‬
‫(‪)3‬‬
‫اهلجرة إىل الدولة اليت خيتاروهنا‬
‫وهنا نتساءل حول مدى تأثري هذا التوافق بني الدول الكربى وباخلصوص بني فرنسا والدولة العثمانية على مسألة إطالق سراح‬
‫األمري عبد القادر و السماح له باإلقامة يف األراضي العثمانية‪ ،‬وهل ميكن وضعها ضمن إطار هذه التفهمات الدولية ؟‪.‬‬
‫حاولت الس لطات الفرنسية تليني موقف األمري أكثر من خالل توجيه الدعوة له باحلضور إىل باريس ‪-‬واليت وصلها فعال يف ‪15‬‬
‫أكتـ ــوبر ‪ 3581‬م‪ -‬كمحاولة من األمري لويس نابليون تكرميه بعدما خلصه من سجنه(‪.)4‬‬
‫يف ‪ 33‬ديسمرب ‪ 3581‬غادر األمري عبد القادر وعائلته و أتباعه وكان عددهم يقارب ‪ 322‬شخص قصر أمبواز إىل الشرق‬
‫(على الرغم من أن بعض اآلراء الفرنسية تذكر بأن األمري كان حرا يف اختيار املكان الذي يرغب اإلقامة فيه ‪ ،‬فأختار بنفسه اإلقامة‬
‫يف مدينة بورصة يف الدولة ال عثمانية إال أن األحداث الالحقة أظهرت بأن األمور جرى تدبريها واالتفاق عليها بني الطرفني‬
‫الفرنسي والعثماين(‪.)5‬‬
‫التوجه نحو األراضي العثمانية‪:‬‬

‫( ‪ )1‬أعلن امل ستشار الروسي انه ينبغي على السلطات العثمانية أال تتدخل يف شؤون الرعايا األرثذوكس على أراضيها وهو ما أثار حفيظة احلكومتني‬
‫الفرنسية واالجنليزية ‪ ،‬فاختذتا موقفا ضد روسيا وإىل جانب الدولة العثمانية‪ .‬جان باتريك كينروس‪ ،‬القرون العثمانية ‪ ،‬قيام وسقوط اإلمرباطورية الرتكية‪،‬‬
‫ترمجة ناهدا إبراهيم دسوقي ‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية بدون تاريخ نشر‪ ،‬ص ‪.881‬‬
‫( ‪ )2‬أكمل الدين احسان أوغلو‪ ،‬الدولة العثمانية‪ :‬تاريخ وحضارة‪،‬ج‪ ،3‬ترمجة صاحل سعداوي‪ ،،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشروق الدولية‪ ،‬القاهرة‪1232،‬‬
‫ص ‪.328‬‬
‫( ‪ )3‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫( ‪ )4‬حظي األمري يف باريس باستقبال شعيب يليق به كأمري ‪ ،‬وكان حشد شعيب يف انتظاره ‪ ،‬كما زار دار األوبرا ‪ ،‬وقابل األمري لويس نابليون يف قصر‬
‫سان كلود ‪ st Cloud.‬تشرشل ‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪(5) Claude vigoureux : ABD EL KADER et louis Napoléon Bonaparte in annales de‬‬
‫‪l’Académie Macon 5eme sérié, Tome2,Travaux 2008 ,p413.‬‬
‫‪621‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫صعد األمري سفينة البرادور يف ‪ 3581/31/13‬متجها حنو إسطنبول اليت وصلها يف ‪3581/23/21‬م(‪ )1‬مرفوقا بالضابط‬
‫الفرنسي بواسونيه(‪ ، )2() Commandant Boissonet‬وبناء على وثيقة حمفوظة يف األرشيف العثماين(‪)3‬وهي عبارة عن‬
‫رسالة من القنصل الفرنسي البارون روسو ‪ Baron Rousseau‬إىل السلطات العثمانية تتضمن إبالغا بقدوم األمري من‬
‫فرنسا حنو األراضي العثمانية ‪ ،‬وكذا نيته طلب مقابلة السلطان عبد اجمليد قبل إرساله لإلقامة يف بورصة مؤرخة يف ‪ 33‬ربيع األول‬
‫‪ 3111‬هـ ‪3581/31/11‬م ‪،‬كما أرفق القنصل الفرنسي رسالته بتذكرة طلب رخصة مرور السفينة الفرنسية عرب املضائق‬
‫العثمانية حنو إسطنبول مؤرخة يف ‪ 31‬ربيع األول ‪ 3111‬هـ ‪3581/31/18‬م(‪ ، )4‬علما أن كلتا الوثيقتني مت تقدميهما إىل‬
‫السلطات العثمانية قبيل وصول األمري إىل األراضي العثمانية‪ ،‬ومن خالهلما ميكننا تسجيل املالحظات التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬اإلبالغ مسبقا من طرف السفري الفرنسي بإسطنبول عن قدوم األمري على ظهر سفينة فرنسية‬
‫ب‪ -‬السعي لدى السلطات العثمانية من طرف السفري للحصول على رخصة املرور عرب املضائق العثمانية‬
‫ج‪ -‬رغبة األمري عبد القادر يف مقابلة السلطان العثماين قبل التوجه حنو بورصة (االستئذان وانتظار رد السلطان باملوافقة أو الرفض)‬
‫د‪ -‬توجيه الطلب من السفارة الفرنسية بشأن رخصة املرور عرب مضيق الدردنيل كان إىل وزارة الشؤون اخلارجية العثمانية‪ ،‬لكون‬
‫األمري عبد القادر شخصية معروفة ومعتربة‪.‬‬
‫وحسب الرسالة(‪ )5‬اليت كتبها األمري واملؤرخة يف ‪8‬رجب ‪3111‬هـ املوافق لـ ‪31‬أفريل ‪ 3581‬فقد حظي األمري عبد القادر‬
‫باستقبال رمسي من طرف السلطان عبد اجمليد الذي أكرم وفادته ‪ ،‬وهو الذي أنعم عليه بدار فخمة يف بورصة ‪ ،‬أما األمري عبد‬
‫القادر فقد مدح السلطان بقصيدة طويلة يصور فيها شعوره وهو يف ديار االسالم (‪ ، )6‬ومن خالل الرسالة ميكن التوصل إىل أنه‬

‫( ‪ )1‬يستشهد برونو ايتيان برسالة من األمري عبد القادر إىل قنصل فرنسا يف مدينة بورصة يقول أهنا حمفوظة يف أرشيف غرفة جتارة مرسيليا جاء فيها‬
‫‪ ":‬دخلنا قصر أمبواز يوم اخلميس ثالثة أيام مضت من عيد األضحى املوافق لـ ‪5‬نوفمرب ‪3585‬م ‪ ،‬وخرجنا منه يوم السبت ‪ 15‬صفر ‪3111‬هـ‬
‫املوافق لـ ‪33‬ديسمرب ‪3581‬م و وصلنا إىل القسطنطينية يوم اجلمعة ‪ 11‬ربيع األول ‪3111‬هـ املوافق لـ ‪1‬جانفي ‪3581‬م‪ .‬إيتيان‪ ،‬عبد القادر‬
‫اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪(2 ) J. Pichon, op cit, p144.‬‬
‫(‪ )3‬اعتمدنا على الوثائق املنشورة يف كتاب‪ :‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية ‪ ،‬تنسيق يوسف صاريناي‪ ،‬الرتمجة العربية فاضل بيات‪ ،‬املديرية العامة لدور‬
‫احملفوظات التابعة لرئاسة دائرة األرشيف العثماين يف رئاسة الوزراء الرتكية‪ ،‬أنقرة‪.1232‬‬
‫(‪ )4‬الوثيقة رقم ‪ ،51‬املؤرخة يف ‪ 33‬ربيع األول من سنة ‪3111‬هـ‪ 11/‬ديسمرب ‪3581‬م‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية‪ ،‬تنسيق يوسف صاريناي‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.111،111،115‬‬
‫(‪ )5‬جاء يف هذه الرسالة‪ ":‬محدا لواهب األمل‪ ،‬ونعم الرفيق‪ ،‬صاحب املمالك‪ ،‬مع ورودي من ديار فرنسا إىل دار السلطان السنية ونلت شرف مقابلة‬
‫السلطان‪ ،‬وخصوصا عند وصويل إىل بورصة احملروسة‪ "...‬الوثيقة ‪ ،58‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية ‪،‬ص ص ‪.111-111‬‬
‫( ‪ )6‬جاء يف هذه القصيدة‪:‬‬
‫ما أقبل اليسر بعد العسر إقباال‬ ‫احلمد هلل تعظيـ ـ ــما وإجالال‬
‫فبح مبا شئت تفصيال و إمجاال‬ ‫أمنت من كل مكروه ومظلمة‬
‫فارتع وال ختش بعد اليوم أنكاال‬ ‫هذا مقام التهاين قد حللت به‬
‫‪622‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫جرت مقابلة السلطان العثماين عبد اجمليد لألمري عبد القادر حال وصوله إىل اسطنبول قادما من فرنسا ‪ ،‬وبالتايل استجاب‬
‫السلطان لرغبة األمري يف املقابلة ما يوحي إىل املكانة واملرتبة اليت نظرت هبا السلطة العثمانية إىل األمري‪ ،‬ويبدو أن ال أثر للعالقة‬
‫(‪)1‬‬
‫السابقة بني األمري‪-‬أثناء فرتة املقاومة‪ -‬والدولة العثمانية‪.‬‬
‫على الرغم من هذا االستقبال الرمسي لألمري من طرف السلطان العثماين‪ ،‬نالحظ تركيز املصادر الغربية فقط على ما قام به‬
‫القنصل الفرنسي البارون روسو من خالل إشارهتا إىل احلفلة اليت أقامها على شرف األمري(‪ ،)2‬يف املقابل‪ ،‬فإهنا (أي هذه املصادر)‬
‫ال تتحدث عن اللقاء الذي مت بني األمري والسلطان عبد اجمليد‪.‬‬
‫أثناء تواجده يف اسطنبول قام األمري بزيارة الوزراء العثمانيني‪ ،‬وتصور املصادر الغربية بأن " هؤالء الوزراء واملسؤولني الرتك استقبلوا‬
‫األمري مبظاهر متصنعة من األدب واالحرتام‪ ،‬ومل يكونوا على ذلك احلال من اللطف الظاهر إال ألن السياسة اقتضتهم ذلك(‪،)3‬‬
‫فهؤالء الوزراء كانوا ينظرون إىل األمري وإىل احلظوة اليت ناهلا بغرية واستهزاء فقد أحسوا بالغيض من شهرة األمري ‪ ،‬ففي نظرهم فإن‬
‫وجود األمري (البطل العريب)كان غري مناسب‪ ،‬بل سفاهة‪" )4(.‬‬
‫األمير في مدينة بورصة ‪:‬‬

‫أكمل اهلل فيه الدين إكمـ ـ ــاال‬ ‫وأبشر بقدوم أمري املؤمنني ومن‬
‫وجل قدرا كما قد عم أفضـاال‬ ‫عبد اجمليد حوى جمدا وعز عال‬
‫وأحفظ محاه وزده منك إجالال‬ ‫يا رب فأشدد على األعداء وطأته‬
‫وأبصارهم حنوه يرجون إقباال‬ ‫فاملسلمون بأقصى الغرب طاحمة‬
‫نزار أباضة (مجع وحتقيق)‪ ،‬عبد القادر العامل اجملاهد‪ ،‬ط‪،3‬دار الفكر املعاصر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان ‪ ،3118‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )1‬رغم تدخل السفري العثماين لدى الدولة الفرنسية يف باريس نوري أفندي الذي كان يرى يف تأسيس عالقات صداقة بني فرنسا واألمري عبد‬
‫القادر منافيا ملصلحة الدولة العثمانية‪ ،‬وعليه قام مبراسلة يف وزير اخلارجية الفرنسي ( الكونت موليه ‪ Molé‬بسبب وضع شخص عادي ( يقصد به‬
‫األمري عبد القادر ) تابع للسلطنة العلية بشكل ‪ ،‬وأن مصاحلة الدولة الفرنسية معه مناف ألصول الروابط القائمة بني فرنسا و الدولة العلية ‪ .‬أرمجنت‬
‫كوران‪ ،‬السياسة العثمانية اجتاه االحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬تعريب عبد اجلليل التميمي ‪ ،‬منشورات اجلامعة التونسية ‪ ،‬توتس‪ ،3112‬ص ‪.322‬‬
‫( ‪ )2‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )3‬حتاول الكتابات الغربية وباخلصوص الفرنسية إظهار شخصية األمري وقوته وعبقريته‪ ،‬وتصويره بطال عربيا من جانب أن الفرنسيني كانوا يواجهون‬
‫قوة وليس شخصا عاديا ‪( ،‬فقوهتم من قوة عدوهم ) ‪ ،‬أما عندما يتعلق األمر بالكتابة حول العثمانيني فال تكاد نظرهتم خترج عن التصورات اليت‬
‫رمسوها يف أذهاهنم لإلنسان الشرقي عموما (فقد كانت أغلب القصص األوروبية املتداولة لدى األدباء والكتاب األوروبيني متيل اىل الرتكيز على‬
‫وحشية العثمانيني وقسوهتم وهذا منذ القرن ‪31‬م عقب هزمية العثمانيني أمام أسوار فينا ‪ 3151‬م ‪ ،‬و رغم أن األوروبيني يف القرن املوايل (‪35‬م)بدأوا‬
‫يقتبسون كثريا من مظاهر احلضارة العثمانية وجينحون إىل تقليدها ‪ ،‬إال أهنم سرعان ما تالشى ذلك (اهلوس الرتكي ) يف القرن ‪ 31‬م لتحل حمله‬
‫الصورة البشعة القدمية لوحشية األتراك ومهجيتهم وفساد حكمهم ‪ .‬دونالد كواترت‪ ،‬الدولة العثمانية ‪ ،3111 – 3122 :‬تعريب أمين األرمنازي‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬اململكة السعودية ‪ ،1228‬ص ‪.88‬‬
‫( ‪ )4‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪623‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫أحبر األمري عبد القادر من اسطنبول حنو بورصة(‪ )1‬اليت وصلها يف ‪31‬جانفي ‪ 3581‬دائما مرفوقا بالضابط بواسونييه‬
‫( ‪ ، )2()Commandant Boissonnet‬وكانت احلكومة العثمانية قد أمرت وايل بورصة أن يضع عربة خاصة حتت تصرف‬
‫األمري عبد القادر منذ ساعة نزوله‪ ،‬وهو ما يذكره األمري صراحة يف رساله السالفة الذكر(‪)3‬من حسن استقبال له ولعائلته يف مدينة‬
‫بورصة‪.‬‬
‫مرة أخرى تظهر افرتاءات الكتابات الغربية فهي تشيد من جهة بفضائل لويس نابليون حينما تذكر بأنه‪ :‬من حسن حظ األمري‬
‫عبد القادر أنه بالرغم من وجوده بني أيدي الرتك ‪ ،‬فإنه مل يكن مضطرا أن يكون تابعا هلم أو متوقفا عليهم فأرحيية لويس نابليون‬
‫(‪)4‬‬
‫قد وفرت له مجيع حاجاته ‪ ،‬ذلك أن اإلمرباطور قد خصص له مرتبا مدى احلياة ‪ ،‬وهو مرتب جيعل األمري يعيش حياة بذخ‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية حتاول الرتكيز على موقف وايل املدينة (بورصة) خليل باشا وتعتربه كان رافضا لوجود األمري يف مدينته من خالل ذكر‬
‫أنه‪ :‬قام (وايل بورصة خليل باشا) بكل جهوده لردع احلكومة الفرنسية من أن ترتك األمري يقيم يف مدينة بورصة (باعتباره بطال‬
‫جزائريا ) مؤكدا للحكومة الفرنسية أهنا ال تعرف األمري جيدا ‪ ،‬ومن مثة ال جيب الوثوق فيه جملرد كلمته أو وعوده‪ ،‬وبأنه ‪-‬بال‬
‫شك‪ -‬فإنه سيحاول اهلروب واللحاق باجلزائر ‪ ،‬ويردف خليل باشا ‪-‬حسب املصادر الفرنسية دائما‪ ... -‬لذلك يف اجململ ‪ :‬ال‬
‫(‪)5‬‬
‫ميكن له أن يكون مسؤوال عن أي هروب حمتمل لألمري‪.‬‬
‫بينما تشري الوثيقة (رقم ‪ )58‬إىل التسهيالت اليت حياول وايل بورصة دوم ا تقدميها لألمري من خالل التأكيد للسلطات العثمانية‬
‫العليا صد ق نوايا األمري يف طلب الرتخيص له بزيارة فرنسا اليت أكد بشأهنا أن اهلدف الظاهري هو هتنئة االمرباطور الفرنسي نابليون‬
‫الثالث جبلوسه على العرش‪ ،‬لكن الوايل يشري إىل أن اهلدف احلقيقي من طلب الرخصة بالسفر إىل فرنسا هو رغبة األمري يف‬
‫(‪)6‬‬
‫التقرب من السلطات الفرنسية من أجل إطالق سراح أربعة من قادته العسكريني رفقة حنو مائة من جنوده املسجونني لدى فرنسا‬
‫فرنسا(‪. )6‬‬
‫شراء مسكن لألمير ‪:‬‬

‫( ‪ )1‬بورصة تقع يف الشمال الغريب من األناضول كانت واحدة من عواصم الدولة العثمانية‪ ،‬بعد فتحها من طرف أورخان غازي ثاين أمري للدولة‬
‫العثمانية سنة ‪3118‬م إىل غاية سنة ‪ 3821‬م حيث حتولت العاصمة إىل مدينة أدرنه‪ ،‬عرفت املدينة تطورا كبريا بفضل نشاطها التجاري‪ ،‬وصناعاهتا‬
‫احلرفية حيث أصبحت ثالث مركز صناعي يف الدولة العثمانية بعد كل من اسطنبول وأدرنه‪ ،‬واشتهرت أكثر مبنتوجاهتا احلريرية والصوفية‪.‬‬
‫‪Selcuk Aksin Somel , Historical Dictionary of the Ottoman Empire, The scarecrow Press, Inc.‬‬
‫‪Lanham, Maryland, and Oxford2003,p46.‬‬
‫‪(2) J.Pichon, op cit ,p144.‬‬
‫( ‪ )3‬الوثيقة رقم ‪ 58‬املؤرخة يف ‪ 1‬من شهر رجب سنة ‪3111‬هـ‪ 31/‬أفريل ‪3581‬م‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية ‪،‬ص ص ‪.111-111‬‬
‫( ‪ )4‬شارل هنري تشرشل ‪،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪(5) J. Pichon, op cit, p144.‬‬
‫( ‪ )6‬الوثيقة رقم ‪ 58‬املؤرخة يف ‪ 1‬من شهر رجب سنة ‪3111‬هـ‪ 31/‬أفريل ‪3581‬م‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية ‪،‬ص ص ‪.111-111‬‬
‫‪624‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫تشري الوثيقة( رقم ‪ ) 51‬اخلاصة بتغطية قيمة إجيار البيت الذي مت استئجاره يف بورصة لألمري عبد القادر ونفقات تأثيثه إىل خمتلف‬
‫اإلجراءات اليت قامت هبا السلطات العثمانية املالية واالدارية بشأن التكفل باألمري أثناء تواجده مبدينة بورصة‪ ،‬فقد تضمنت الوثيقة‬
‫الطلب املقدم من املصاحل املالية الذي حيمل تاريخ‪ 11 :‬ربيع الثاين ‪ 3181‬هـ‪ 3581/21/25 /‬م وبطلب من وايل بورصة‬
‫خليل باشا‪ ،‬مرفقا بالوثائق الالزمة من أجل التكفل وتسجيل األموال واملبالغ اليت مت ختصيصها لكراء منزل خاص باألمري عبد القادر‬
‫بقيمة ‪ 822‬قرش ومصاريف أثاث املنزل ‪ 15818‬قرشا ‪ ،‬وهذا وفقا لفرمان (أمر) السلطان العثماين‪ ،‬وبعلم من الصدارة العظمى‪،‬‬
‫وحتويل الوثائق إىل وزارة املالية ليتم التكفل باملصاريف املذكورة(‪ ،)1‬وهنا نشري بأن تاريخ تقدمي الطلب يثبت بأن األمري يف هذا‬
‫الوقت كان متواجدا يف مدينة بورصة باألراضي العثمانية‪ ،‬كما أن هذا الطلب كان مرفقا بوثيقة إدارية مالية عثمانية للمصاحل املالية‬
‫مؤرخة يف هناية ربيع الثاين ‪ 3111‬هـ ‪3581/21/21 /‬م‪ ،‬ومن خالل الوثيقة ميكننا الوقوف عند مجلة من املالحظات منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬مل يرد يف الوثيقة العثمانية أي دور للقنصل الفرنسي يف استئجار املنزل وال تأثيثه‪ ،‬فالدولة العثمانية هي اليت تكفلت بذلك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبلغ اإلجيار كان ضئيال جدا (‪ 822‬قرش) مقابل مصاريف التأثيث (‪ 15818‬قرشا ) ما يدل على أن الدولة‬
‫العثمانية كان يهمها توفري احتياجات العدد الذي كان مع األمري وهو يقارب ‪ 322‬شخص وتوفري كامل املستلزمات الضرورية ‪،‬‬
‫فهي ركزت على ما يفيد املقيمني يف املنزل ومل يرد ذكر إىل أن املنزل مهدما أو غري الئق لإلقامة‪ ،‬وهذا ما يشري إىل أن البيت كان‬
‫الئقا لإلقامة فيه‪ ،‬وال يعقل أن يتم استئجار بيت من طرف الوايل وبإذن من السلطان شخصيا ويكون مهدما أو غري صاحل لإلقامة‬
‫فيه ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمصادر الغربية فهي تشري إىل أن البناية اليت خصصتها احلكومة العثمانية إلقامة األمري كانت عبارة عن "خان قدمي‬
‫مهدم‪ ،‬وكثري من أجزائها بال سقوف‪ ،‬وقد حاول األمري جهده وبصعوبة أن جيعلها صاحلة للسكن‪ ،‬وكانت بشاعة ومهجية هذا األثر‬
‫القدمي تنشر الرعب"(‪، )2‬بل وجند أن املصادر الفرنسية تغوص أكثر يف التفاصيل ‪ ،‬فهي تشري إىل أن السفري الفرنسي لدى الدولة‬
‫العثمانية البارون روسو ‪ Baron Rousseau‬هو الذي قام خبطوات شراء املسكن لألمري يف مدينة بورصة(‪ ،)3‬وال ندري هنا ما‬
‫املقصود بـ (اخلطوات) ‪ ،‬هل هو حتويل األموال لشراء املسكن ؟ أم فعال هو اإلشراف على عملية الشراء ذاهتا ‪ ،‬فإذا كان قنصل‬
‫فرنسا هو الذي أشرف على العملية‪ ،‬إذن‪ :‬كيف تـتَّهم السلطات العثمانية بأن املنزل كان يف حالة يرثى هلا‪ ،‬بل تصف األمر بأنه‬
‫وصل إىل حد البشاعة وإثارة الرعب يف نفس األمري؟‬
‫مهما يكن من أمر‪ ،‬فإن جعل أي مسكن يكفي إليواء عدد معترب من أتباع األمري كان البد أن يكون شاقا‪ ،‬فعدد أتباعه كان‬
‫حنو مائة‪ ،‬وكانت هناك حوايل ‪ 38‬عائلة(‪، )4‬ومل يكتف األمري باملنزل‪ ،‬بل أنه اشرتى مزرعة يف منطقة (جلتك) على بعد حنو ‪12‬‬
‫كلم من املنزل(‪.)1‬‬

‫( ‪ )1‬الوثيقة رقم ‪ ،51‬املؤرخة يف ‪ 11‬ربيع الثاين‪3111‬هـ‪5/‬فيفري ‪ ،3581‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية‪ ،‬ص ص ‪.113-112‬‬
‫( ‪ )2‬شارل هنري تشرشل‪ ،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪118.‬‬
‫‪(3) J,Pichon ,op cit ,p144.‬‬
‫( ‪ )4‬برونو ايتيان‪ :‬عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪625‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫مرة أخرى تظهر افرتاءات الكتابات الغربية بشأن ما تصوره على أنه تضييق على حتركات األمري يف بورصة وهو ما تكذبه الوقائع‬
‫على األرض‪ ،‬فبقدر ما كان األمري يشعر باألمان وهو يف األراضي العثمانية فإنه كان يتحرك حبرية بني منزله ومزرعته دون أي عائق‬
‫(‪)2‬‬
‫على الرغم ما كانت تعيشه الدولة العثمانية يف هذه الفرتة احلساسة من حرهبا ضد روسيا القيصرية‪.‬‬
‫ويف املقابل ظلت فرنسا متوجسة من األمري وتراقبه باستمرار‪ ،‬فقد كان لدى السفارة الفرنسية يف الدولة العثمانية أوامر صارمة ملراقبة‬
‫مجيع أعمال األمري‪ ،‬بل أهنا أرسلت املرتجم العسكري (بوالد ( ‪ Bullad‬إىل بورصة لاللتحاق خبدمة األمري‪ ،‬والواقع أن وزارة‬
‫اجليش كانت حذرة على الدوام‪ ،‬وكان بوالد ‪ Bullad‬يقرأ مجيع املراسالت وينقلها إىل الفرنسية يف تقارير شبه يومية إىل‬
‫السفارة(‪ ، )3‬وما كان هذا ليخفى عن األمري فقد الحظ شخصيا مدى الرقابة املفروضة عليه عند تنقله حنو اسطنبول يف سنة‬
‫‪3588‬م‪ ،‬فاحلكومة الفرنسية كانت ختضعه –باستمرار‪ -‬لالختبار قصد معرفة نواياه‪ ،‬متذرعة بأن احلزب االستعماري كان يشك‬
‫(‪)4‬‬
‫دائما يف توجهاته اجلزائرية‪.‬‬
‫أما عن يوميا ت األمري يف بورصة ‪ ،‬فقد هيأ مزرعته إلقامة عائالت بعض أتباعه ووزع عليهم قطعا من األراضي ‪ ،‬وكان يقضي بعض‬
‫أوقاته يتجول بني املساجد واملدارس والتكايا‪ ،‬يقدم أحيانا دروسا ويتناقش أحيانا أخرى مع املسلمني‪ ،‬كما كان حيب التنزه على‬
‫صهوة جواده‪ ،‬ويف أحيان أخرى االستمتاع بالذهاب إىل محامات بورصة(‪ ، )5‬كما كان خريا مساعدا للفقراء دون متييز(‪ )6‬ومل‬
‫يقتصر األمر على بورصة فقط بل وأنه قام جبولة إىل ديار بكر سنة ‪3588‬م‪ ،‬حبثا عن ثالث جياد أراد تقدميها كهدية لإلمرباطور‬
‫(‪)7‬‬
‫لويس نابليون‪.‬‬
‫لكن هذه احلياة الطبيعية لألمري يف بورصة مل جتد لدى املصادر الغربية مكانا سوى تركيزها على االسهاب يف احلديث عما تزعم بأنه‬
‫موقف عدائي بني الوجهاء واملوظفني العثمانيني واألمري‪ ،‬فتصورهم بصورة الذي خيشى على نفوذه من شخصية األمري‪ ،‬وبالتايل‪-‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫حسب تلك املصادر دائما‪ -‬كان هؤالء املوظفون والوجهاء حياولون أن يكون األمري جمرد درويش متواضع يف مدينتهم‪.‬‬

‫( ‪ )1‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.151‬‬


‫( ‪ )2‬إن الفرتة اليت تواجد فيها األمري يف األراضي العثمانية ويف بورصة باخلصوص كانت فرتة حرب كربى هددت الدولة العثمانية يف وجودها من طرف‬
‫روسيا ‪ ،‬كما حولت هذه احلرب إسطنبول إىل مكان لتجميع العدد الضخم من اجلنود األجانب‪ ،‬ووصلت أعداد من الديبلوماسيني واجلنود واجلرحى‬
‫والعتاد‪ ،‬كما فتحت نفقات احلرب الباهظة ‪-‬ألول مرة‪ -‬أبواب االستدانة من اخلارج ‪.‬أكمل الدين احسان أوغلو‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.328‬‬
‫( ‪ )3‬برونو ايتيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫( ‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫( ‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪(6) J.Pichon, op cit, p144‬‬
‫( ‪ )7‬برونو ايتيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫( ‪ )8‬نفسه‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪626‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫كما مل تفوت هذه املصادر فرصة طرح مسألة اخلالف بني األمري والدولة العثمانية ( أثناء مقاومته املسلحة باجلزائر ‪ ،‬ورفضه املقاومة‬
‫حتت الراية العثمانية ) لتذكر بأن األمري كان يف بورصة يشعر أنه يف أرض الغربة ‪ ،‬لكن هذه املصادر تغض الطرف عن فرتة تواجد‬
‫األمري يف فرنسا ‪،‬وكيف كان شعوره وهو يف أمبواز ؟‬
‫و تستطرد بشأن حياة األمري يف بورصة بأن " القليل فقط هم الذين كانوا يفهمون لغته‪ ،‬ومل يكن بينه وبني الرتك عاطفة مكنة‪ ،‬وال‬
‫ميكن أن تكون أبدا‪ ،‬فعلماؤهم كانوا حيسدونه ويكرهونه لعلمه الغزير" (‪ ، )1‬كما مل تأت على ذكر مسألة احتفاظ السلطات‬
‫الفرنسية بأربعة من رجال األمري رفقة حنو مائة من جنوده يف فرنسا كأسرى لديها (‪ ، (2‬وهو ما جعل األمري يغتنم أي فرصة لتذكري‬
‫اإلمرباطور الفرنسي نابليون الثالث بإطالق سراحهم كما جاء يف الرسالة‪ ،‬والطلب الذي تقدم به األمري بشأن االستئذان له يف‬
‫السفر إىل فرنسا ‪ ،‬وقد جاء جواب السلطة العثمانية لألمري باإلجياب باعتبار أن سبب الزيارة الظاهري‪ :‬هو تقدمي التهاين‬
‫لإلمرباطور لويس نابليون مبناسبة توليه العرش‪ ،‬أما السبب احلقيقي فهو ‪ :‬سعي األمري عبد القادر لدى اإلمرباطور بتخليص أربعة‬
‫أفراد من عائلته رفقة ‪ 322‬جندي مازالوا حمتجزين لدى السلطات الفرنسية‪ ،‬أما الطلب فقد مت توجيهه إىل وايل بورصة خليل باشا‬
‫بشأن السماح له بالذهاب إىل فرنسا ‪ ،‬وبدوره قدم الوايل هذا الطلب إىل السلطان ‪ ،‬وبالتشاور مع نظارة الشؤون اخلارجية متت‬
‫املوافقة (نظرا لعدم وجود ما يضر يف ذهاب املومئ إليه ) وإخطار الوايل بأمر الفرمان الصادر بشأن الرخصة باملوافقة(‪، )3‬وصدر‬
‫بذلك رمسيا الفرمان السلطاين باملوافقة على ذهاب األمري إىل فرنسا يف ‪ 21‬رجب ‪ 3111‬هـ ‪ 31‬أفريل ‪3581‬م‪.‬‬
‫يف سنة ‪ 3588‬ضرب زلزال مدمر مدينة بورصة تسبب يف خراب جزء كبري منها ‪ ،‬فأستغل األمري فرصة سفره إىل فرنسا ومقابلته‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬ودخوهلم سيبا‬ ‫اإلمرباطور نابليون مبناسبة انتصار احللفاء( فرنسا ‪ ،‬بريطانيا ‪ ،‬الدولة العثمانية ) على روسيا يف حرب القرم‬
‫(‪)1‬‬
‫ستبول(‪ ، )5‬فحصل على املوافقة من اإلمرباطور نابليون الثالث على أن إقامة األمري يف املستقبل تكون يف دمشق‪.‬‬

‫( ‪ )1‬تشرشل‪ ،‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫( ‪ )2‬يذكر األمري يف رسالته بأن ذلك كان ينغص عليه حياته وجيعله يشعر حبزن كبري لذكراهم ‪ ،‬وبأن الفرصة –كما كان يعتقد –تبدو مواتية للتقدم‬
‫إىل االمرباطور نابليون الثالث الذي سوف يتوج يف فرنسا يف غضون أيام ‪ ،‬ويشري األمري هنا صراحة من أنه ظاهريا يود هتنئة االمرباطور الفرنسي‪ ،‬لكن‬
‫اهلدف احلقيقي هو السؤال عن أحوال األسرى وحماولة فك أسرهم‪ ،‬وكله أمل يف أن يعود من سفره وقد حقق أمله‪ .‬الوثيقة رقم ‪ ،58‬تتضمن رسالة‬
‫األمري إىل السلطة العثمانية لطلب رخصة السماح له بالسفر إىل فرنسا ‪ ،‬مؤرخة يف ‪ 8‬رجب سنة ‪3111‬م‪ 31/‬أفريل ‪3581‬م‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق‬
‫العثمانية ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫( ‪ )3‬الوثيقة رقم ‪ ،58‬مؤرخة يف ‪ 21‬رجب ‪ 3111‬هـ‪ 31‬أفريل ‪ 3581‬م اجلزائر يف الوثائق العثمانية‪ ،‬ص ‪.111 – 111‬‬
‫( ‪ )4‬حرب القرم ‪ :‬يف ماي ‪ 3581‬انقطعت العالقات الديبلوماسية بني الدولة العثمانية وروسيا‪ ،‬وبدأت روسيا احلرب بدخول قواهتا إىل رومانيا‬
‫وتأخر رد الباب العايل إىل غاية أكتوبر ‪ 3581‬بإعالن احلرب ضد روسيا بعد احلصول على تأييد كل من فرنسا وبريطانيا‪ ،‬وأدى رفض روسيا للرسالة‬
‫اليت أرسلها نابليون الثالث بغرض الصلح‪ ،‬إىل دخول كل من فرنسا وبريطانيا احلرب ضد روسيا يف فيفري ‪ ،3588‬ومتكنت القوات العثمانية وحلفائها‬
‫من حترير ميناء ومدينة سيبا ستبول يف سبتمرب‪3588‬م‪ .‬أمحد آق كوندوز ‪ ،‬الدولة العثمانية اجملهولة ‪ 121:‬سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن‬
‫الدولة العثمانية‪ ،‬وقف البحوث العثمانية‪ ،‬اسطنبول ‪ ،1225‬ص ‪.822-111‬‬
‫(‪ )5‬شكل سقوط ميناء سيبا ستبول يف شبه جزيرة القرم على ساحل البحر األسود انتصارا للحلفاء (فرنسا– بريطانيا– الدولة العثمانية)‪ ،‬ويذكر‬
‫الدكتور أبو القاسم سعد اهلل بأن اجلنود اجلزائريني شاركوا يف هذه احلرب‪ .‬تشرشل‪ :‬حياة األمري عبد القادر‪ ،‬ص ‪( 111‬هامش)‪.‬‬
‫‪627‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫‪ -‬بعد عودة األمري من فرنسا حنو بورصة قضي بضعة أسابيع لرتتيب شؤونه‪ ،‬مث ركب سفينة فرنسية مع عائلته وأتباعه ‪-‬الذين كانوا‬
‫يف حدود مائة شخص ‪ -‬حنو بريوت اليت وصلها يف ‪ 18‬نوفمرب ‪ ،3581‬ومنها واصل رحلته برا حنو دمشق‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصلت الدراسة إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تكفلت الدولة العثمانية منذ حلول األمري عبد القادر بتوفري احتياجاته مع من كان معه وهو يقارب عددهم ‪ 322‬شخص مع‬
‫كامل مستلزماهتم الضرورية ‪ ،‬من خالل ختصيص مبلغ مايل معترب من خزينتها ‪،‬فهي ركزت على ما يفيد املقيمني يف املنزل ومل يرد‬
‫ذكر إىل أن املنزل مهدما أو غري الئق لإلقامة‪ ،‬وهذا ما يشري إىل أنه كان الئقا لإلقامة فيه‪ ،‬وال يعقل أن يتم استئجار بيت من‬
‫طرف الوايل وبإذن من السلطان شخصيا ويكون مهدما أو غري صاحل لإلقامة فيه ‪.‬‬
‫‪ -‬على الرغم من أن األمري كان بني أيدي الفرنسيني إال أن هاجس خوفهم على مستقبلهم يف اجلزائر ما زال يقظ مضاجعهم ‪،‬‬
‫ويظهر ذلك من خالل ما جاء يف رسالة األمري لويس نابليون لألمري عبد القادر قبل إطالق سراحه‪.‬‬
‫‪ -‬كان قنصل فرنسا لدى الدولة العثمانية البارون روسو يرى األمري عبد القادر تقريبا يوميا ما يؤكد بأن فرنسا كانت دائمة التوجس‬
‫من حتركات األمري على الرغم من أنه كما تذكر املصادر الفرنسية ال خيرج سوى للصالة يف املسجد وال يستقبل سوى القليل‪.‬‬
‫‪ -‬حتاول الكتابات الغربية تصوير موقف وايل مدينة بورصة (خليل باشا ) ومعظم وزراء ووجهاء الدولة العثمانية من استقبال األمري‬
‫عبد القادر وكأنه شخص غريب غري مرغوب فيه دون اإلشارة إىل العاطفة الدينية اليت جتمع بني املسلمني يف ديار االسالم ‪ ،‬وهي‬
‫بذلك تريد إشعار القارئ وكأن ارتباط األمري باملدنية األوروبية وثيقا إىل حد إعجابه وولعه هبا‪.‬‬
‫‪ -‬حتاول الكتابات الغربية وباخلصوص الفرنسية إظهار شخصية األمري وقوته وعبقريته‪ ،‬وتصويره بطال عربيا من جانب أن الفرنسيني‬
‫كانوا يواجهون قوة وليس شخصا عاديا ‪( ،‬فقوهتم من قوة عدوهم ) ‪ ،‬أما عندما يتعلق األمر بالكتابة حول العثمانيني فال تكاد‬
‫نظرهتم خترج عن التصورات اليت رمسوها يف أذهاهنم لإلنسان الشرقي عموما‪.‬‬
‫‪-‬رغم افرتاءات الكتابات الغربية بشأن ما تصوره على أنه تضييق على حتركات األمري يف بورصة إال أن الوقائع على األرض تبدو‬
‫عكس ذلك‪ ،‬فبقدر ما كان األمري يشعر باألمان وهو يف األراضي العثمانية‪ ،‬فإنه كان يتحرك حبرية بني منزله ومزرعته دون أي عائق‬
‫على الرغم ما كانت تعيشه الدولة العثمانية يف هذه الفرتة احلساسة من حرهبا ضد روسيا القيصرية‪.‬‬
‫تبقى فرتة إقامة األمري عبد القادر اجلزائري يف مدينة بورصة العثمانية واألثر الذي تركته يف نفس األمري وأتباعه يف حاجة للمزيد من‬
‫البحث املعمق مستقبال‪ ،‬مع إمكانية بروز وثائق جديدة تلقي الضوء على الكثري من احلقائق املتعلقة هبذه الفرتة التارخيية من عمر‬
‫األمري‪.‬‬
‫المالحق‪:‬‬

‫( ‪ )1‬نفس املصدر ‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪628‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫‪ 82‬الوثيقة‪.‬‬

‫المصدر‪:‬يوسف صاريناي وآخرون‪ ،‬الجزائر في الوثائق العثمانية‪ ،‬ترجمة فاضل بيات‪ ،‬ص ‪.863‬‬

‫اجراء لقاء بين األمير عبد القادر الجزائري المزمع قدومه من فرنسا وبين السلطان‪ ،‬ومن المناسب‬
‫إرساله إلى بورصة بعد اللقاء‬
‫سيدي العطوف‪،‬‬
‫كما هو معلوم لدى معاليكم‪ ،‬سيأيت األمري عبد القادر اجلزائري من فرنسا لإلقامة يف بورصة بسفينة من سفن فرنسا‪ ،‬وأنه‬
‫يأمل يف مقابلتكم والتربك حبضرتكم‪ ،‬ويف حالة السماح بذلك سيأيت إىل دار السعادة ليتوجه بعدها إىل بورصة‪ .‬أما يف حالة صرف‬
‫النظر عن ذلك‪ ،‬فسوف يتم توجيهه إىل بورصة مباشرة‪ .‬كما طلبت سفارة فرنسا الرخصة ملرور السفينة من املضيق لدى مقام نظارة‬
‫اخلارجية لكونه شخصية معروفة ومعتربة‪ .‬وقد حضر بنفسه للمرور بدار السعادة أوال‪ ،‬واالنتقال بعدها إىل بورصة‪ .‬غري أنه حسب‬
‫ما يراه حضرة معايل السلطان عايل الشأن مناسبا يف ما خيص رخصة مرور السفينة سينفذ على أساسها وقد ورد ذلك يف التذكرة‬
‫املشارة إليها‪.‬‬
‫يف ‪ 33‬ربيع األول سنة ‪ 11 /3111‬ديسمرب ‪3581‬‬
‫عريضة من عبدك حقري‪،‬‬

‫‪629‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫كتبت هذه التذكرة سامي املعاين إىل حضرة السلطان عايل الشأن وأخذ اإلذن وفق ما هو معلوم به لزيارة دار السعادة لنيل‬
‫أمنيته وبعدها ينتقل إىل بورصة وصدور األمر الفرماين شارف الصدور املتعلق باعطاء التذكرة الضرورية ملرور السفينة من املضيق‪.‬‬
‫يف ‪ 31‬ربيع األول سنة ‪ 18 / 3111‬ديسمرب ‪.3581‬‬

‫الوثيقة ‪:51‬‬

‫المصدر‪ :‬يوسف صاريناي وآخرون ‪ ،‬الجزائر في الوثائق العثمانية‪ ،‬ترجمة فاضل بيات ‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫دفع مصاريف المنزل الذي استؤجر لألمير عبد القادر الجزائري القادم إلى بورصة‬
‫تغطية قيمة ايجار البيت الذي تم استئجاره في بورصة لألمير عبد القادر الجزائري ونفقاته تأثيثه‬
‫سيدي العطوف‪،‬‬
‫مبوجب ما وجد مناسبا لإلرادة السنية‪ ،‬عرضت وقدمت املضبطة اجملهزة من قبل وايل احلكم خليل باشا والدفاتر املتعلقة خبصوص‬
‫كراء املنزل اخلاص باألمري عبد القادر اجلزائري بشهرية قدرها مخسمئة قرش‪ ،‬ومصاريف آثاث منزله املقدرة بثمانية وعشرين ألف‬
‫وأربعمائة ومخسة وستني قرشا إىل جاللة اخلليفة‪ .‬وحسب ما يكون أمر فرمان جاللة السلطان ستحول األوراق املرقمة إىل مقام‬
‫نظارة املالية ليتم التكفل باملصاريف املذكورة‪.‬‬
‫يف ‪ 11‬ربيع األول سنة ‪ 5 / 3111‬فيفري ‪3851‬‬
‫عريضة من خادمكم الضعيف‪..‬‬

‫‪630‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫هذه التذكرة السامية اليت حتتوي على املضبطة احملررة ودفرت وباالستئذان من صاحب الصدارة السامية‪ ،‬بأمر من إرادة السامية‬
‫حتول األوراق املشار إليها إىل النضارة املعنية لتغطية املصاريف السابقة الذكر من اخلزينة وبعد حترير البيان أعيدت املضبطة والدفرت‬
‫إىل املعين الوالئي‪ .‬ويف هذا الباب أمر الفرمان بيد ويل األمر‪.‬‬
‫يف هناية ربيع األخري سنة ‪ 1 / 3111‬فيفري ‪.3581‬‬
‫الوثيقة‪:58‬‬

‫‪631‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫املصدر‪ :‬يوسف صاريناي وآخرون ‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية‪ ،‬ترمجة فاضل بيات ‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫املصدر‪ :‬يوسف صاريناي وآخرون ‪ ،‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية‪ ،‬ترمجة فاضل بيات ‪ ،‬ص ‪118‬‬
‫السماح لألمير عبد القادر المقيم في بورصة السفر إلى فرنسا‬
‫منح اإلذن لألمير عبد القادر الجزائري الذي يقيم في بورصة لزيارة فرنسا وذلك من أجل تقديم التهنئة‬
‫لإلمبراطور نابليون بمناسبة توليه العرش ولكن السبب الحقيقي للزيارة هو محاولة تخليص عائلته من‬
‫األسر‪.‬‬
‫سيدي العطوف‪،‬‬
‫سيسافر عبد القادر الذي يقيم يف بورصة إىل فرنسا ظاهريا ملباركة امرباطور فرنسا الذي سيتوج خالل هذه األيام ‪ .‬ويف‬
‫احلقيقة حلل بعض األمور العالقة وبعدها يأمل بالعودة‪ .‬وقد ذلك الباشا وايل احلكم من خالل ورقة ملفوفة وقدم طلبا للمثول أمام‬
‫حضرتكم‪ .‬نظرا لصورة اإلشعار‪ ،‬لصدور موافقة ذهاب املومي إليه هبذا الوجه وصدور موافقة السفارة للبيان املأخوذ من مقام نظارة‬
‫‪632‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫اخلارجية‪ ،‬ونظرا لعدم وجود ما يضر يف ذهاب املومي إليه؛ نطلب أمر الفرمان إلشعار الوايل املشار إليه‪ .‬وقد رقمت التذكرة على‬
‫حسب ما يصدر من أمر سيتم التحرك على أساسه سيدي‪.‬‬
‫يف ‪ 1‬رجب سنة ‪ 31 / 3111‬أفريل ‪.3581‬‬
‫معروض خادمكم الضعيف‪،‬‬
‫هذه ورقة التحرير التذكرة السامية وورقة مشمول النظر قد قدمت للسلطان‪ .‬ونظرا لصورة اإلشعار وعدم وجود ما يضر يف‬
‫ذهاب املومي إليه هلذا الغرض‪ ،‬فقد صدر أمر فرمان جناب صاحب الدنيا ومت إعادته ويف هذا الباب أمر الفرمان لويل األمر‪.‬‬
‫محد لواهب األمل‪ ،‬ونعم الرفيق‪ ،‬صاحب املمالك مع ورودي من ديار فرنسا إىل دار السلطان السنية ونلت شرف مقابلة‬
‫السلطان‪ ،‬وخصوصا عند وصويل إىل بورصة احملروسة‪ .‬حيث استقبلت أحسن استقبال ونشكر معاليكم على ما قدمتموه يل‬
‫ولعائلتـي؛ داعني لكم باخلري مع كافة أهل بيتـي‪ .‬غري أنه يوجد أربعة من إخواين العساكر ومن سائر اإلخوان حوايل مئة عسكري‬
‫أسري لدى فرنسا‪ .‬وكلما تذكرت أحواهلم ينقلب راحتـي إىل حزن كبري‪ .‬وطاملا أننـي مل أجد حال ملشكلتهم لن أمتكن من الشعور‬
‫بالراحة‪ .‬ومن هذا الباب ولكون االمرباطور لوي نابليون سيتوج خالل هذه األيام فظاهريا سأذهب ملباركته‪ .‬أما حقيقة فسأذهب‬
‫للسؤال عن أحوال األسرى وحماولة فك أسرهم وأمل أن أعود حمققا ألملي‪ .‬فأرجو أن تكونوا راضيـن عما قول وأفعل ‪ .‬وإذا ما‬
‫رأيتم هذا مناسبا فأرجو التكرم بإصدار صورة من إرادتكم السنية للسماح يل بالسفر‪ .‬ويف األمر واإلرادة بيد ويل األمر‪.‬‬
‫أنا عبد القادر بن حمي الدين‬
‫(إمضاء)‬
‫يف ‪ 8‬رجب سنة ‪ 31 / 3111‬أفريل ‪. 3581‬‬

‫‪633‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪15 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫‪ -3‬أباضة‪ ،‬نزار (مجع وحتقيق)‪ :‬األمري عبد القادر ‪ :‬العامل اجملاهد ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬دار الفكر املعاصر‪ ،‬بريوت ‪. 3118‬‬
‫‪-1‬إحسان أوغلي‪ ،‬أكمل الدين‪ :‬الدولة العثمانية‪ :‬تاريخ وحضارة‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬ترمجة صاحل سعداوي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشروق‬
‫الدولية‪ ،‬القاهرة‪.1232،‬‬
‫‪ -1‬آق كوندوز‪ ،‬أمحد‪ ،‬و أوزتورك‪ ،‬سعيد‪ ،‬الدولة العثمانية اجملهولة‪ 121:‬سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية‪،‬‬
‫وقف البحوث العثمانية‪ ،‬اسطنبول‪.1225،‬‬
‫‪-8‬ايتيان ‪ ،‬برونو‪ :‬عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ترمجة ميشال خوري‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار عطية للنشر‪ ،‬بريوت ‪. 3111‬‬
‫‪-8‬تشرشل ‪،‬شارل هنري ‪ :‬حياة األمري عبد القادر ‪ ،‬حتقيق أبو القاسم سعد اهلل ‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس ‪.3118‬‬
‫‪-1‬سعد اهلل ‪ ،‬أبو القاسم ‪" :‬بني األمري عبد القادر و الشاذيل القسنطيين" جم لة األصالة ‪،‬جملة ثقافية تصدرها وزارة التعليم األصلي‬
‫والشؤون الدينية باجلزائر‪ ،‬العدد ‪ ( ، 31‬ص ص ‪. ) 331 – 321‬‬
‫‪--1‬صاريناي‪ ،‬يوسف (تنسيق)‪ :‬اجلزائر يف الوثائق العثمانية ‪ ،‬الرتمجة العربية فاضل بيات‪ ،‬املديرية العامة لدور احملفوظات التابعة‬
‫لرئاسة دائرة األرشيف العثماين يف رئاسة الوزراء الرتكية‪ ،‬أنقرة‪.1232‬‬
‫‪-5‬كواترت‪ ،‬دونالد‪ ،‬الدولة العثمانية ‪ ، 3111 – 3122 :‬تعريب أمين األرمنازي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬اململكة‬
‫السعودية ‪.1228‬‬
‫‪-1‬كوران‪ ،‬أرمجنت ‪ :‬السياسة العثمانية اجتاه االحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬ترمجة عبد اجلليل التميمي‪ ،‬منشورات اجلامعة التونسية‪،‬‬
‫تونس ‪.3112‬‬
‫‪-32‬كينروس‪ ،‬جان باتريك‪ :‬القرون العثمانية‪ ،‬قيام وسقوط اإلمرباطورية الرتكية ‪ ،‬ترمجة ناهدا إبراهيم دسوقي ‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية بدون تاريخ نشر‪.‬‬
‫‪11-Claude vigoureux : ABD EL KADER et louis Napoléon Bonaparte in annales de l’Académie Macon‬‬
‫(‪5eme série, Tome2,Travaux 2008, pp(403 – 4026‬‬
‫‪12-Commandant J. Pichon : ABD EL KADER : Sa jeunesse, son rôle politique et Religieux , son rôle‬‬
‫‪militaire, sa captativité, sa mort (1807 – 1883 ) imprimerie librairie militaire paris .‬‬
‫‪13-Somel, Selcuk Aksin : Historical Dictionary of the Ottoman Empire, The scarcrow Press, Inc. Lanham,‬‬
‫‪Maryland, and Oxford2003,p46.‬‬

‫‪634‬‬

You might also like