You are on page 1of 7

‫مسائل حول الطاغوت (الجزء الرابع)‬

‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬حكم أنصار الطواغيت‪:‬‬


‫اعلم ‪ -‬رحمك هللا ‪ -‬أن أعوان الطواغيت‪ ،‬وأنصارهم مشركون وكفار بأعيانهم ‪ -‬و هذا الحكم‬
‫على الظاهر فنحن علينا أن نحكم عليهم بالكفر إلظهارهم الكفر لنا إذ أجمع العلماء على أن‬
‫األحكام الدنيوية تجري على ظاهرها اللهم إال إذا كنا نعلم وجود هذا المانع في حق هذا المعين‪.‬‬
‫ولهذا روي أن العباس رضي هللا عنه حين أسره المسلمون وقد كان في صف المشركين قال‪:‬‬
‫يارسول هللا كنت مكرها‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪( :‬أما ظاهرك فكان علينا‪ ،‬وأما سريرتك فإلى‬
‫هللا)‬
‫وقال الشافعي‪( :‬إنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى هللا الثواب على‬
‫السرائر دون خلقه) [األم‪ 1 :‬ص ‪.]259‬‬
‫وقال‪( :‬وأحكام هللا ورسوله تدل على أنه ليس ألحد أن يحكم على أحد إال بظاهر)‬
‫ونقل الحافظ ابن حجر ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬اإلجماع فقال‪( :‬وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على‬
‫الظاهر وهللا يتولى السرائر) [فتح الباري‪ 12 :‬ص ‪ -]273 ،272‬واألدلة على كفرهم من الكتاب‪،‬‬
‫والسنة‪ ،‬واإلجماع‪:‬‬
‫أواًل ‪ :‬الكتاب‪-:‬‬
‫س َك بال ُعرو ِة ال ُوثقى ‪[ ) ...‬البقرة‪:‬‬ ‫ت ويُؤمنْ باهللِ فق ِد استم َ‬ ‫كفر بالطَّاغو ِ‬ ‫‪ o‬قوله تعالى‪( :‬فَ َمنْ يَ ْ‬
‫صح له َعق ُد‬ ‫ت لم يَ ُ‬ ‫اإليمان ال ُكف ُر بالطَّاغوت‪ ،‬فَ َمنْ لم يَكفُ ْر بالطَّاغو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َّح ِة‬ ‫‪ ،]256‬فَ َجع َل هللاُ شرطَ ِ‬
‫كفر ِب َما أ َم َره هللاُ به ِمنْ ال ُكف ِر‬ ‫ت لم يَ ْ‬ ‫ت‪ ،‬وال ُمناص ُر وال ُمعاونُ للطَّواغي ِ‬ ‫اإلسالم إالّ بال ُكف ِر بالطَّاغو ِ‬ ‫ِ‬
‫ت كاف ًرا باهلل‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ت‪ ،‬فيكونُ بإيمانِ ِه بالطاغو ِ‬ ‫بالطاغو ِ‬
‫والذين كفروا أوليا ُؤهُم‬‫َ‬ ‫ت إلى النُّو ِر‬ ‫خرج ُهم ِم َن الظُلُما ِ‬ ‫الذين آمنوا يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫لي‬
‫‪ o‬قوله تعالى‪( :‬هللاُ َو ُّ‬
‫أصحاب النَّار هُم فيها خالدون) [البقرة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ت أولئكَ‬‫خرجونَهم ِم َن النُّو ِر إلى الظُلُما ِ‬ ‫الطَّاغوتُ يُ ُ‬
‫ت أي أحبابُهُ وأنصا ُرهُ‬ ‫الذين كفروا هُم أوليا ُء الطَّاغو ِ‪z‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ،]257‬فَبيَّ َن هللاُ سبحانَه وتعالى أنَّ‬
‫هو كاف ٌر مثلُ ُهم‪.‬‬ ‫ناصرهُم أو عاونَ ُهم فَ َ‬ ‫َ‬ ‫وأعوانُهُ‪ ،‬فَيتَبيَّنُ ِمنْ ذلكَ أنَّ َمنْ‬
‫الكافرين أوليا َء ِمنْ دُو ِن‬
‫َ‬ ‫الذين يَتَّ ِخ ُذ َ‬
‫ون‬ ‫َ‬ ‫نافقين بأنَّ لهم عذابًا ألي ًما‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ش ِر ال ُم‬ ‫‪ o‬قوله تعالى‪( :‬بَ ِّ‬
‫ت‬
‫صفا ِ‬ ‫الع َّزةَ هللِ َجمي ًعا) [النِّساء‪ ،]139 ،138 :‬فَ ِمنْ ِ‬ ‫الع َّزةَ فإنَّ ِ‬ ‫ون عن َد ُه ُم ِ‬ ‫ؤمنين أيَبتَ ُغ َ‬
‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫ت وأعوانِ ِه ِمنْ أوليا ِء الطَّاغو ِ‬
‫ت‬ ‫ؤمنين‪ ،‬وأنصا ُر الطَّاغو ِ‬ ‫َ‬ ‫ُون ال ُم‬ ‫ار ِمنْ د ِ‬ ‫ون ال ُكفَّ َ‬ ‫نافقين أنَّهم يُوالُ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫قين فَ ُه ْم في ال ُكف ِر سواء‪.‬‬ ‫ت وأعوانِ ِهم كال ُمنافِ َ‬ ‫أنصار الطَّواغي ِ‬ ‫َ‬ ‫َك َما ُه َو َمعلو ٌم‪ ،‬فَيتبيَّ َن ِمنْ ذلكَ أنَّ‬
‫فليس ِم َن‬‫َ‬ ‫ؤمنين و َمنْ يفع ْل ذل َك‬
‫َ‬ ‫الكافرين أوليا َء ِمنْ دُو ِن ال ُم‬‫َ‬ ‫ؤمنون‬
‫َ‬ ‫‪ o‬قوله تعالى‪( :‬ال يَتَّ ِخ ِذ ال ُم‬
‫سه وإلى هللاِ ال َمصي ُر) [آل عمران‪،]28 :‬‬ ‫حذ ُر ُكم هللاُ نَف َ‬ ‫هللاِ في شي ٍء إالّ أنْ تَتَّقوا ِمنهم تُقاةً ويُ ِّ‬
‫(فليس ِم َن هللاِ في شي ٍء)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ت وأعوانِ ِه ِمنْ قولِ ِه تعالى‪:‬‬ ‫وه ِذ ِه اآليةُ تَد ُل على ُكف ِر أنصا ِر الطَّاغو ِ‪z‬‬
‫(يَعني فقد بَري َء ِم َن هللا‪ ،‬وبَري َء هللاُ ِمنه‪ ،‬بارتِدا ِد ِه عن دينِ ِه ود ُُخولِ ِه في ال ُكفر)‪.‬‬
‫ض و َمنْ‬ ‫ض ُهم أوليا ُء بع ٍ‬ ‫الذين آمنوا ال تَتَّ ِخذوا اليَهو َد والنَّصارى أوليا َء بع ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قوله تعالى‪( :‬يا أيُّها‬
‫اإلستدالل ِمنْ‬
‫ِ‬ ‫الظالمين) [المائدة‪ ،]51 :‬و َموض ُع‬ ‫َ‬ ‫يَتولَّهم ِمنكم فإنَّه ِمنهم إنَّ هللاَ ال يَهدي القو َم‬
‫الح َّكا َم الطَّواغيتَ ق ْد َوالوا اليَهود والنَّصارى فَ ُهم ُكفَّار ِمثلُ ُهم لقولِ ِه تعالى‪( :‬و َمنْ‬ ‫ه ِذ ِه اآلي ِة أنَّ ُ‬
‫ت وأنصا ِر ِهم ُكفَّا ٌر لكونِهم تَولَّوا‬ ‫أعوان الطَّواغي ِ‬ ‫َ‬ ‫يَتولَّهم ِمنكم فإنَّه ِمنهم)‪ ،‬فيُعلَ ُم ِمنْ ذلكَ أنَّ‬
‫تولَّهم ِمنكم فإنَّه ِمنهم)‪ ،‬وقا َل اإلما ُم‬ ‫ُموم قولِ ِه تعالى‪( :‬و َمنْ يَ َ‬ ‫لون جمي ًعا في ع ِ‬ ‫اخ َ‬ ‫الطَّواغيتَ ف ُهم َد ِ‬
‫َفسيره [‪ :6‬ص‪( :]277‬و َمنْ يَتو َّل اليَهود والنَّصارى د ِ‬
‫ُون‬ ‫رحمه هللاُ تعالى في ت ِ‬ ‫ابنُ جري ٍر ِ‬
‫هو ِمنْ أه ِل دينِهم و ِملَّتِهم‪،‬‬ ‫ؤمنين فَ َ‬
‫َ‬ ‫ونصرهُم على ال ُم‬ ‫َ‬ ‫ؤمنين فإنَّه منهم‪ ،‬يقو ُل‪ :‬فإنَّ َمنْ تَوالّهُم‬ ‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫ضي دينَه فقد‬ ‫ض‪ ،‬وإذا َرضيَه و َر َ‬ ‫أح ًدا إالّ و َه َو به وبدينِه و َما ه َُو علي ِه را ٍ‬ ‫فإنَّه ال يَتولَّى ُمتو ٍّل َ‬
‫وصار ُحك ُمهُ ُح ْك َمه)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عا َدى َما خالفَه وس ِخطه‬
‫الذين أُوتُوا‬ ‫َ‬ ‫الذين اتَّ َخ ُذوا دينَكم ُه ُز ًوا ولَ ِعبًا ِم َن‬ ‫َ‬ ‫الذين آمنوا ال تَتََّ ِخ ُذوا‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬يا أ ُّيها‬
‫ؤمنين) [المائدة‪ ،]57 :‬فَدلَّت ه ِذ ِه اآليةُ أنَّ‬ ‫َ‬ ‫ار أوليا َء واتَّقُوا هللاَ إنْ ُكنتُم ُم‬ ‫َاب ِمنْ قِبلِكم والكفَّ َ‬ ‫ال ِكت َ‬
‫س ُه ُز ًوا‬ ‫اإلسالم ُه ُز ًوا ولَ ِعبًا أوليا َء ُكف ٌر باهلل‪ ،‬والطَّواغيتُ ِمنْ أكث ِر النَّا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذين اتَّ َخ ُذوا َ‬
‫دين‬ ‫َ‬ ‫اتَّخا َذ‬
‫اللطيف‬
‫ِ‬ ‫الشيخ عبد‬ ‫ُ‬ ‫ت وأعوانَهم ُكفَّا ٌر ِمثلُهم‪ ،‬قا َل‬ ‫أنصار الطَّواغي ِ‬ ‫َ‬ ‫ولَ ِعبًا بدي ِن هللاِ‪ ،‬فَ َمعنى ذل َك أنَّ‬
‫ؤمنين) فإنَّ‬ ‫َ‬ ‫رحمه هللاُ تعالى‪( :‬فتَأ َّم ْل قوله تعالى‪( :‬واتَّقُوا هللاَ إنْ ُكنتُم ُم‬ ‫الرحمن آل الشيخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنُ عبد‬
‫نفي شر ِطها إذا انتفَى جوابُها ‪ ,‬و َمعناه‪ :‬أنَّ َمنْ‬ ‫الحرف ‪ -‬وهو "إنَّ " الشَرطيَّة ‪ -‬تَقتَضي َ‬ ‫َ‬ ‫هذا‬
‫فليس ب ُمؤم ٍن) [الدرر السنية‪ :8 :‬ص ‪.]288‬‬ ‫َ‬ ‫اتَّ َخذهم أوليا َء‬
‫ؤمنون باهللِ والنَّب ِّي وما أُن ِز َل إلي ِه َما اتَّ َخ ُذوهُم أوليا َء ولكنَّ كثي ًرا‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬ولو كانوا يُ‬
‫اإلسالم‪( :‬فَ َذ َك َر ُجملةً شَرطيَّةً تَقتَضي أنَّّه إذا ُوج َد الشَّرطُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫شيخ‬ ‫فاسقون) [المائدة‪ ،]81 :‬قا َل‬ ‫َ‬ ‫ِمنهم‬
‫بحرف "لو" الَّتي تَقتَضي َم َع انتفا ِء الشَّر ِط انتفا ِء ال َمشرو ِط‪ ،‬فقا َل‪( :‬ولو كانوا‬ ‫ِ‬ ‫ُوج َد ال َمش ُروطُ‬
‫اإليمان ال َمذ ُكو َر ينفي‬ ‫َ‬ ‫بي و َما أُنز َل إلي ِه َما اتَّ َخ ُذوهم أوليا َء) فَد َّل على أنَّ‬ ‫ؤمنون باهللِ والنَّ ِّ‬ ‫َ‬ ‫يُ‬
‫ب) [مجموع الفتاوى‪:7 :‬‬ ‫خاذهُم أوليا َء في القل ِ‬ ‫اتِّخا َذهم أوليا َء ويُضادَّه‪ ،‬وال يَجتم ُع اإليمانُ واتِّ ُ‬
‫ؤمنون باهللِ‬ ‫َ‬ ‫ت وأعوانَهم لو كانوا يُ‬ ‫أنصار الطَّواغي ِ‬ ‫َ‬ ‫ص ‪ ،]17‬و َموض ُع اإلستِدال ِل ِمنْ هذ ِه اآلي ِة أنَّ‬
‫ؤمنين يَنفي‬ ‫َ‬ ‫ت أوليا َء ِمنْ دُو ِن ال ُم‬ ‫والقرآن ما اتَّخ ُذوا الطَّواغيتَ أوليا َء‪ z،‬فاتِّخا ُذهُم للطَّواغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫والنَّب ِّي‬
‫ؤمن‪.‬‬
‫ب ُم ٍ‬ ‫ت أوليا َء في قل ِ‬ ‫خاذ الطَّواغي ِ‬ ‫اإليمان إذ ال يَجتم ُع اإليمانُ واتِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫عن ُه ُم‬
‫ض وفسا ٌد كبي ٌر)‬ ‫ض إالَّ تف َعلُوهُ تَ ُكنْ فِتنةٌ في األر ِ‬ ‫ض ُهم أوليا ُء بع ٍ‬ ‫(والذين َكف ُروا بع ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪:‬‬
‫ذين لل ُكفَّا ِر أوليا َء أنَّهم ِمنهم وهُم‬ ‫أصرح األدلَّ ِة على أنَّ ال ُمتَّ ِخ َ‬ ‫ِ‬ ‫[األنفال‪ ،]73 :‬وه ِذ ِه اآليةُ ِمنْ‬
‫ت وأعوانُهُ َما‬ ‫ض)‪ ،‬فأنصا ُر الطَّاغو ِ‬ ‫ضهم أوليا ُء بع ٍ‬ ‫ِمثلُهم في ال ُكف ِر سوا ًء بسوا ٍء ولذلكَ قا َل‪( :‬بَع ُ‬
‫ض فقَطَ َع‬ ‫بعض ُهم أوليا َء بع ٍ‬ ‫َ‬ ‫حيث َجع َل هللاُ ال ُكفَّا َر‬ ‫ُ‬ ‫والون الطَّواغيتَ فَ ُهم ِمثلُهم في ال ُكف ِر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫دا ُموا يُ‬
‫َّيخ عبد‬ ‫ض وفسا ٌد كبي ٌر)‪ ،‬قا َل الش ُ‬ ‫ؤمنين‪ ،‬وقولُهُ‪( :‬إالَّ تَفعلُوه تَ ُكنْ فِتنةٌ في األر ِ‬ ‫َ‬ ‫واليتَهم ع ِن ال ُم‬
‫اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشَّيخ‪( :‬وه ِل الفتنةُ إالَّ الشركُ‪ ،‬والفسا ُد الكبي ُر َه َو انتِثا ُر‬
‫األحكام والنِّظام) [الدرر السنية‪ :8 :‬ص‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالم وقَ ْط ُع َما أح َك َمه القرآنُ ِمنْ‬ ‫ِ‬ ‫ِعقد التَّوحي ِد‬
‫‪.]326‬‬
‫الذين ارتدُّوا على أدبا ِر ِهم ِمنْ بَع ِد َما تَبيَّ َن ل ُه ُم ال ُهدى الشَّيطانُ س َّو َل لهم‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬إنَّ‬
‫ض األم ِر وهللاُ يَعل ُم‬ ‫للذين ك ِرهُوا َما ن َّز َل هللاُ سنُ ِطي ُع ُكم في بع ِ‬ ‫َ‬ ‫وأ ْملَى لهم * ذلكَ بأنَّهم قالوا‬
‫الذين‬
‫َ‬ ‫للكافرين‬
‫َ‬ ‫َّين قالوا‬
‫اإلستدالل في ه ِذ ِه اآلي ِة أنَّ ال ُمرتد َ‬
‫ِ‬ ‫وض ُع‬
‫ارهم) [مح َّمد‪ ،]26 ،25 :‬و َم ِ‬ ‫إس َر َ‬
‫ض األم ِر صاروا به‬ ‫ض األم ِر)‪ ،‬فإذا كانوا قد أطاعُوهم في بع ِ‬ ‫َك ِرهُوا َما ن َّز َل هللاُ‪( ،‬سنُ ِطي ُع ُكم في بع ِ‬
‫فكيف ب َمنْ أطا َعهم في ك ِّل أمو ِر ِهم ب ْل وناص َرهم‬ ‫َ‬ ‫َّين مع أنَّهم لم يُطي ُعوهم في ك ِّل األم ِر‪،‬‬ ‫ُمرتد َ‬
‫يكون‬
‫َ‬ ‫ب أولَى أنْ‬ ‫كان هذا حالُهُ ف ِمن با ِ‬ ‫وح َمى َدولتهم‪ ،‬ف َمن َ‬ ‫وعاونَهم وسانَ َدهم ووطَّد ُمل َكهم َ‬
‫ُمرت َّ‪ًَzg‬دا‪.‬‬
‫الذين كفروا يَردُّوكم على أعقابِكم فتنقَلِبُوا‬ ‫َ‬ ‫الذين آمنوا إنْ تُطي ُعوا‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬يا أيُّها‬
‫بل هللاُ موال ُكم و َه َو خي ُر النَّاصرين) [آل عمران‪ ،]150 ،149 :‬فأخبَ َر تعالى أنَّ‬ ‫خاسرين‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫ُّون أنْ يَكفُروا لي ُكونوا في ال ُكف ِر سواء‪،‬‬ ‫الكافرين َردُّوهم عن دينِهم ألنَّهم يَ َود َ‬ ‫َ‬ ‫ؤمنين إنْ أطاعُوا‬ ‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫اصرين‪،‬‬
‫َ‬ ‫وناصرهم و َه َو خي ُر النَّ‬‫ِ‬ ‫ولذل َك لم يُرخص في طاعتِهم‪ .‬ثم أخبَ َر أنَّه َه َو سبُحانه َموالهم‬
‫اإلسالم لقولِ ِه‪( :‬يَردُّو ُكم على أعقابِكم)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الكافرين ِر َّدةٌ عن ِ‬
‫دين‬ ‫َ‬ ‫وفي اآلي ِة دلي ٌل على أنَّ طاعةَ‬
‫ب لئنْ‬ ‫أهل الكتا ِ‬ ‫الذين كفروا ِمنْ ِ‬ ‫َ‬ ‫قولون إلخوانِ ِه ُم‬ ‫َ‪z‬‬ ‫الذين نافَقوا يَ‬
‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬أل ْم ت ََر إلى‬
‫صرنَّ ُكم وهللاُ يَشه ُد إنَّهم لكاذبون)‬ ‫أُخرجتُم لنَ ْخ ُر َجنَّ معكم وال نُطي ُع فيكم أح ًدا أب ًدا وإنْ قُوتِلتُم لنَن ُ‬
‫بالخروج معهم‬ ‫ِ‬ ‫نافقين إخوانُ ال ُكفَّا ِر ألنَّهم و َعدُوهُم ِ‬
‫س ًّرا‬ ‫َ‬ ‫[الحشر‪ ،]10 :‬فأفادت ه ِذ ِه اآليةُ أنَّ ال ُم‬
‫كان ك ُّل‬ ‫ب‪ ،‬فإذا َ‬ ‫صرونَهم في القتا ِل والحر ِ‬ ‫طيعون أح ًدا ِسواهُم أب ًدا َوسين ُ‬ ‫َ‬ ‫سلمين وال يُ‬
‫َ‬ ‫إذا قَاتلوا ال ُم‬
‫صدقًا واستَ َماتَ عليه‪ ،‬وال ُمه ُّم أنَّ‬ ‫فكيف ب َمنْ أظه َر ذلكَ ِ‬ ‫َ‬ ‫س َّ‪ًَzg‬را َو َع َّدهُ هللاُ نِفاقًا و ُكف ًرا‪،‬‬
‫كان ِ‬‫ذل َك إنَّما َ‬
‫سبيل أوليا ِء الشَّيطا ِن ِعيا ًذا باهللِ ِمنْ ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لون في‬‫وأنصارهُم ُكفَّّا ٌر ألنَّهم يُقاتِ َ‬ ‫َ‬ ‫أعوان الطَّواغي ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬

‫ُون هللاِ ِمن أوليا َء ثُ َّم ال‬ ‫س ُك ُم النَّا ُر و َما لكم ِمن د ِ‬ ‫الذين ظَلَموا فَتَ َم َّ‬
‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬وال تَر َكنُوا إلى‬
‫الذين ظَلموا قد جا َء في ِه هذا الوعي ِد الشّدي ِد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كون إلى‬ ‫كان ُمج َّر ُد ال ُر ِ‬‫صرون) [هود‪ ،]113 :‬فإذا َ‬ ‫تُن َ‬
‫فكيف ب َمنْ اتَّبَعهم على ُكفِر ِهم أو َرض َي بأعمالِهم أو‬ ‫َ‬ ‫نوع ال ُمدا َهن ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كون قد يكونُ ِمن‬ ‫مع أنَّ ال ُر َ‬
‫سيكونُ ِمثلَهم في ال ُكفِر مادا َم راِضيًا بأعمالِ ِهم‪ ،‬ث ّم تأ َّمل‬ ‫صرهم‪ ،‬فوهللاِ إنَّه َ‬ ‫عاونَهم وأحبَّهم ونَ َ‬
‫المين‬
‫َ‬ ‫كان َمنْ َما َل إلى الظَّ‬ ‫ُون هللاِ ِمن أوليا َء ثُ َّم ال تُنصرون)‪ ،‬فإذا َ‬ ‫قولَه تعالى‪( :‬و َما ل ُكم ِمن د ِ‬
‫فكيف ب َمنْ تَوالّهم وأعانَهم كأنصاِر‬ ‫َ‬ ‫واستعان بِهم قَطَ َع هللاُ ُواليَته عنه ولم يَكنْ ناص ًرا له‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت وأعوانِهم‪.‬‬ ‫الطَّواغي ِ‬
‫الكتاب يَردُّو ُكم بع َد إيمانِكم‬ ‫َ‬ ‫الذين أُوتُوا‬
‫َ‬ ‫الذين آمنوا إنْ تُ ِطي ُعوا فريقًا ِم َن‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬قولُهُ تعالى‪( :‬يا أيُّها‬
‫ي إلى‬ ‫َكفرون وأنتُم تُتلَى َعلي ُكم آياتُ هللاِ وفِي ُكم رسولُهُ و َمنْ يَعتَصم باهللِ فق ْد هُد َ‬ ‫َ‬ ‫وكيف ت‬
‫َ‬ ‫كافرين‪،‬‬
‫َ‬
‫ؤمنين إنْ أطَاعُوا‪ z‬أه َل‬ ‫َ‬ ‫سبحانَه وتعالى أنَّ ال ُم‬ ‫فأخبر ُ‬
‫َ‬ ‫صرا ٍط ُمستقيم) [آل عمران‪،]101 ،100 :‬‬
‫لإليمان وفِيهم رسو ُل هللاِ صلَّى‬ ‫ِ‬ ‫كفرون بع َد أنْ َهداهُم‬
‫َ‬ ‫ب َردُّوهم عن دينِهم‪ ،‬ثُ َّم بيَّ َن أنَّهم َ‬
‫كيف يَ‬ ‫الكتا ِ‬
‫صراط ُمستقيم)‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُدي إلى‬ ‫هللاُ علي ِه وسلَّم يَتلُوا عليهم آياتِه‪ ،‬ثُ َّم قا َل‪( :‬و َمنْ يَعتَصم باهللِ فق ْد ه َ‬
‫ب ُمؤم ٍن اإلعتصا ُم باهللِ‬ ‫للكافرين ل ْم يَعتَص ُموا باهللِ ْإذ ال يَستَقي ُم في قل ِ‬ ‫َ‬ ‫فأفادت اآليةُ أنَّ ال ُم ِط َ‬
‫يعين‬
‫الح َّكا َم الطَّواغيتَ أطَاعُوا أوليا َءهم ِم َن‬ ‫وطاعةُ الكافرين‪ ،‬و َمح ُّل اإلستدال ِل ِمنْ ه ِذ ِه اآلي ِة أنَّ ُ‬
‫وباألخص األمريكان‪ ،‬فطَا َعتُ ُهم لليَهو ِد والنَّصارى ِر َّدةٌ ظَاهرةٌ عن دي ِن‬ ‫ِّ‬ ‫اليَهود والنَّّصارى‬
‫الكافرين‪.‬‬
‫َ‬ ‫كان مثلَهم إلشترا ِكهم جمي ًعا في طاع ِة‬ ‫يعين لليَهو ِد والنَّصارى َ‬ ‫أطاع ال ُم ِط َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬و َمنْ‬
‫ِ‬
‫ثانيًا‪ :‬السنة‪:‬‬
‫رضي هللاُ عنه يقو ُل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سمعتُ عليَّ‪ًَgz‬ا‬ ‫رافع قا َل‪َ :‬‬
‫ٍ‬ ‫حسن بن محمد قا َل‪ :‬أخبَرنِي عُبيد بن أبي‬ ‫ِ‬ ‫••ع ِن‬
‫والزبي ُر وال ِمقدا ُد بن األسو ِد‪ ،‬قا َل‪ :‬إنطَلِقوا حتَّى تَأتُوا‬ ‫بَعثني‪( :‬رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم أنَا ُّ‬
‫كتاب فَ ُخ ُذوه ِمنها‪ .‬فانطَلقنا تعادى بنا الخي ُل‪ ،‬حتَّى انتَهينا إلى‬ ‫ٌ‬ ‫خاخ فإنَّ بها ظُعينة‪ ،‬و َم َعها‬ ‫ٍ‬ ‫روضة‬
‫الكتاب‬
‫َ‬ ‫ب‪ ،‬فقُلنا لتُ ِخر ِجنَّ‬ ‫عي ِمن كتا ٍ‬ ‫الكتاب‪ ،‬فقالتْ ما َم َ‬ ‫َ‬ ‫أخرجي‬ ‫الروض ِة‪ ،‬فإذا نَحنُ بالظعينة فقلنا‪ِ :‬‬
‫فأخر َجتُه ِمن عقاصها‪ ،‬فأتَينا به رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ علي ِه وسلَّم فإذا فيه‪ِ :‬منْ‬ ‫َ‬ ‫الثياب‪،‬‬
‫َ‬ ‫أو لنُلقينَّا‬
‫ض أم ِر رسو ِل هللاِ صلَّى‬ ‫شركين ِمنْ أه ِل م َّكة‪ ،‬يُخبِ ُرهم ببع ِ‬ ‫َ‬ ‫س ِمن ال ُم‬ ‫ب بن أبي بَلتَعةَ إلى أنُا ٍ‬ ‫حاط ِ‬
‫َعجل‬ ‫حاطب َماهذا؟ قا َل‪ :‬يا رسو َل هللاِ ال ت َ‬ ‫ُ‬ ‫هللاُ عليه وسلَّم فقا َل رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‪ :‬يا‬
‫هاجرين لهم‬ ‫َ‬ ‫وكان َمنْ مع َك ِمنْ ال ُم‬ ‫َ‬ ‫َعل َّي‪ ،‬إنِّي ُكنتُ إم ًرا ملصقًا في قريش‪ ،‬ولم أكنْ ِمنْ أنفسها‪،‬‬
‫ب فيهم أنْ أتّخ َذ عندهم‬ ‫ون بها أهليِ ِهم وأموالِهم‪ ،‬فأحبَبتُ إذ فاتَني ذلكَ ِم َن النَّس ِ‬ ‫قَرابات بم َّكة‪ ،‬يَح ُم َ‬
‫ضا بال ُكف ِر بع َد اإلسالم‪ ،‬فقا َل رسو ُل هللاِ‪:‬‬ ‫يحمون بها قَرابتي‪ ،‬و َما فعلتُ ُكف ًرا وال ارت َدا ًدا‪ ،‬وال ِر ً‬ ‫َ‬ ‫يَ ًدا‬
‫ش ِه َد بد ًرا وما‬ ‫ق هذا ال ُمنافق‪ ،‬قا َل‪ :‬إنَّه ق ْد َ‬ ‫أضرب عُن َ‬
‫ْ‬ ‫لق ْد ص َدقكم‪ .‬قا َل عُمر‪ :‬يا رسول هللا َدعني‬
‫شئتم فق ْد َغفرتُ لكم) [رواه‬ ‫اعملوا ما ِ‬ ‫أهل بد ٍر فقا َل؛ ِ‬ ‫يكون ق ْد إطَّل َع على ِ‬ ‫َ‬ ‫يُدري َك لَع َّل هللاَ أنْ‬
‫ب بن أبي بَلتَعةَ رضي هللا عنه تَد ُّل على أنَّ ُمناصرةَ ال ُكفَّا ِر و ُمعاونتَهم‬ ‫صةَ حاط ِ‬ ‫البخاري]‪ ،‬وقِ َّ‬
‫وجو ٍه‪:‬‬ ‫ِّين؛ ويَتبيَّنُ ذل َك ِمنْ ُ‬ ‫سلمين ُكف ٌر و ِر َّدةٌ َع ِن الد ِ‬ ‫َ‬ ‫و ُمظاهرتَهم على ال ُم‬
‫اإلسالم)‪ ،‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫ضا بال ُكف ِر بع َد‬ ‫رضي هللاُ عنه‪( :‬و َما فَعلتُ ُكف ًرا وال ارتِ َدا ًدا وال ِر ً‬ ‫َ‬ ‫ب‬
‫األ َّول‪ :‬قو ُل حاط ٍ‬
‫أكون ُمؤمنًا باهللِ ورسولِ ِه‪ ،‬صلَّى هللاُ عليه وسلَّم)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بي أنْ ال‬ ‫ِرواي ٍة عند البُخاري قال‪( :‬وهللاِ َما َ‬
‫ضا بال ُكف ِر بع َد اإلسالم)‪ ،‬وفي‬ ‫ضا قا َل‪( :‬ول ْم أف َعلُهُ ارتِدا ًدا عن ِديني وال ِر ً‬ ‫وفي ِرواي ٍة عنده أي ً‬
‫ضا‬ ‫حاطب‪( :‬و َما فَعلتُ ذلكَ ُكف ًرا وال ارتِ َدا ًدا عن ِديني)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة عنده أي ً‬ ‫ُ‬ ‫ضا قا َل‬ ‫ِرواي ٍة عنده أي ً‬
‫ضا قا َل‪( :‬يا‬ ‫أكون ُمؤمنًا باهللِ ورسولِ ِه‪ ،‬و َما غيَّرتُ وال بدَّلتُ )‪ ،‬وفي ِرواي ٍة عنده أي ً‬ ‫َ‬ ‫بي أال‬ ‫قا َل‪َ ( :‬ما َ‬
‫رضي‬
‫َ‬ ‫صحاب ِة‬ ‫أكون ُمؤمنًا باهللِ ورسولِ ِه)‪ ،‬فهذا ي ُد ُّل على أنَّ ال ُمق َّرر عند ال َّ‬ ‫َ‬ ‫مالي أنْ ال‬ ‫َ‬ ‫رسو َل هللاِ‬
‫سلمين‬
‫َ‬ ‫س لهم وإفشا َء أسرا ِر ال ُم‬ ‫س َ‬ ‫رضي هللاُ عنه أنَّ ُمعاونةَ ال ُكفَّا ِر والتَّج ُ‬ ‫َ‬ ‫حاطب‬
‫ُ‬ ‫هللاُ عنهم و ِمنهم‬
‫اإلسالم و ُكف ٌر باهللِ ورسولِ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سلمين أنَّه ِر َّدةٌ عن دي ِن‬ ‫َ‬ ‫لهم‪ ،‬و ُمناصرتَهم و ُمظاهرتَهم على ال ُم‬
‫نافق)‪،‬‬
‫ق هذا ال ُم ِ‬ ‫أضرب عُن َ‬ ‫ُ‬ ‫رضي هللاُ عنه‪( :‬يا رسو َل هللاِ‪َ ،‬دعني‬ ‫َ‬ ‫الثَّاني‪ :‬قو ُل عمر بن الخطَّاب‬
‫خان هللاَ‬ ‫أضرب عُنقَه فإنَّه ق ْد نَافق)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة قا َل عمر‪( :‬يا رسو َل هللاِ ق ْد َ‬ ‫ُ‬ ‫وفي ِرواي ٍة ( َدعني‬
‫ؤمنين فدعني‬ ‫َ‬ ‫خان هللاَ وال ُم‬ ‫فألض ِر ْب ُعنُقَه ‪ ،) ...‬ثُ َّم قا َل‪( :‬إنَّه ق ْد َ‬ ‫ْ‬ ‫ؤمنين فدعني‬ ‫َ‬ ‫ورسولَه وال ُم‬
‫ؤمنين‪،‬‬‫َ‬ ‫خان هللاَ ورسولَه وال ُم‬ ‫رب ُعنُقَه)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة أنَّ عمر بن الخطَّاب قا َل‪( :‬إنَّه ق ْد َ‬ ‫فألض ْ‬ ‫ْ‬
‫ؤمنين‪،‬‬
‫َ‬ ‫خان هللاَ ورسولَه وال ُم‬ ‫فأضرب ُعنُقه)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة قا َل عمر‪( :‬يا رسو َل هللاِ ق ْد َ‬ ‫ُ‬ ‫فدعني‬
‫ؤمنين‪،‬‬
‫َ‬ ‫خان هللاَ ورسولَه وال ُم‬ ‫فأضرب عُنقه ‪ ،) ...‬ثُ َّم عا َد عمر فقا َل‪( :‬يا رسو َل هللاِ ق ْد َ‬ ‫ُ‬ ‫دعني‬
‫كان ال ُمق َّرر عن َد عمر بن الخطَّاب رض َي هللاُ عنه أنَّ ُمظاهرةَ ال ُكفَّا ِر‬ ‫فألضرب ُعنُقه)‪ ،‬فق ْد َ‬ ‫ْ‬ ‫دعني‬
‫اإلسالم وخيانةٌ هللِ ولرسولِه‬ ‫ِ‬ ‫ق و ُكف ٌر ِور َّدةٌ عن دي ِن‬ ‫س لهم نفا ٌ‬ ‫س َ‬ ‫سلمين و ُمعاونتَهم والتَّج ُ‬ ‫َ‬ ‫على ال ُم‬
‫فليس في ِه َخفاء‪z.‬‬ ‫َ‬ ‫قول عمر بن الخطَّاب رضي هللا عنه‬ ‫ؤمنين وذلكَ ظاه ٌر ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫ولل ُم‬
‫ق َما‬ ‫صد َ‬ ‫رسول هللاِ صلَّى هللاُ علي ِه وسلَّم على عمر قولُه هذا‪ ،‬وإنِّما َذك َر له ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثَّالث‪ :‬عد ُم إنكا ِر‬
‫اعتذ َر ب ِه حاطب‪ ،‬ولذلكَ قا َل رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ علي ِه وسلَّم‪( :‬لق ْد ص َدقَكم)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة قا َل‪:‬‬
‫صدقَكم)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة‪( :‬فص َّدقَه النبَََّي‬ ‫ق ال تَقُولوا له إالَّ خي ًرا)‪ ،‬وفي ِرواي ٍة قا َل‪( :‬إنَّه قد َ‬ ‫ص َد َ‬ ‫( َ‬
‫صلَّى هللاُ علي ِه وسلَّم)‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنَّ حقيقة فعل حاطب معصية وكبيرة من الكبائر وإن كان ظاهره كف ًرا إال أن النبي صلي‬
‫هللا عليه وسلم علم سريرته بالوحي ولذلك صدقه في قوله‪( :‬و َما فعلتُ ذل َك ُكف ًرا وال ارتِ َدا ًدا عن‬
‫ش يَ ًدا يَح ُمون بها قُرابتِه‪ ،‬ومع‬ ‫ضا بأنَّه َما فَع َل ف ْعلَته تلكَ إالَّ لِيتَّخ َذ عن َد قري ٍ‬ ‫ديني)‪ ،‬وعلَّ َل ذلكَ أي ً‬
‫تأواًل انتَفى عنه ال ُكفر‪ ،‬ولذل َك قا َل‬ ‫كان ُم ِّ‬ ‫ب وال لغيره‪ ،‬إالَّ أنَّ حاطبًا ل َّما َ‬ ‫ليس بعذ ٍر لحاط ٍ‬ ‫َ‬ ‫أنَّ ذلكَ‬
‫َض َر َر في ِه) [فتح الباري‪:‬‬ ‫تأواًل أنْ ال َ‬ ‫صن َع ذلكَ ُم ِّ‬ ‫حاطب َما َذ َكره‪ ،‬فإنَّه َ‬ ‫َ‬ ‫الحافظُ ابن حجر‪( :‬وعُذ ُر‬
‫‪ :8‬ص ‪.]634‬‬
‫قال أبو محمد المقدسي‪( :‬وإنما الذي قاله الرسول عليه الصالة و السالم؛ أنه استثنى حاطبًا من‬
‫أن يكون قد كفر في هذه الحادثة ‪ ..‬باطالعه من طريق الوحي على سريرته وأنه لم يفعله نصرة‬
‫للمشركين ومظاهرة لهم على الموحدين‪ ،‬وذلك بعد مقالة حاطب (ما فعلته كف ًرا وال ارتدا ًدا) فقال‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬قد صدقكم ‪ ) ..‬وقال‪( :‬وما يدريك لعل هللا اطلع على اهل بدر فقال اعملوا‬
‫ما شئتم فقد غفرت لكم) فهذا الصحابي البدري قد استثناه النبي صلى هللا عليه وسلم وزكاه‬
‫وشهد بصدق سريرته وباطنه وأنه لم يفعل ذلك ردةً أوكف ًرا أي لم يكن فعله نصرة ومظاهرة‬
‫للمشركين على المسلمين‪ ،‬بل كان إفشاؤه لسر رسول هللا مع تأوله أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم منصور مؤيد ال محالة من هللا؛ كبيرة من كبائر الذنوب اغتفرت مع كونه بدريًا ‪) ..‬‬
‫[الشهاب الثاقب ص ‪.]13 ،12‬‬
‫أليس‬
‫َ‬ ‫ص ِة فقا َل‪:‬‬ ‫علي في هذ ِه القِ َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ث عن‬ ‫ريق الحار ِ‬ ‫ي ِمن طَ ِ‬ ‫الخامس‪ :‬قا َل ابن حجر‪( :‬وعن َد الطَّبر ُ‬
‫اهر أعدائكَ عليكَ ) [فتح الباري‪ :8 :‬ص ‪ ،]634‬فهذا يَ ُد ُّل‬ ‫ق ْد شَه َد بد ًرا؟ قا َل‪ :‬بَلَى‪ ،‬ولكنَّه نَكث وظَ َ‬
‫كث للعه ِد ِور َّدةٌ ظَاهرةٌ و ُكف ٌر‬ ‫سلمين نَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫على أنَّ ُمظاهرةَ ال ُكفَّا ِر و ُمناصرتَهم و ُمعاونتَهم على ال ُم‬
‫صراح‪.‬‬ ‫ُ‬
‫س ِه و َمالِ ِه‬ ‫ص َر رسو َل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم بنَ ْف ِ‬ ‫السادس‪ :‬أنَّ َحاطبًا رضي هللا عنه َمع أنَّه نَ َ‬
‫وكان‬
‫َ‬ ‫ش ِه َد َمع رسو ِل هللاِ صلَّى هللاُ علي ِه وسلَّم ال َمشا ِه َد ُكلَّها‪،‬‬ ‫رج َم َعه َغازيَا في َغزواتِ ِه و َ‬ ‫وخ َ‬ ‫َ‬
‫خان هللاَ ورسولَهَ‬ ‫والحديبَّية‪ ،‬ق ْد قا َل في ِه عمر رضي هللا عنه‪( :‬إنَّه ق ْد َ‬ ‫ُ‬ ‫ش ِه َد بَد ‪ًََzg‬را‬ ‫ِم َّمنْ َ‬
‫سلمين‪َ ،‬مع أنَّه َما فَ َع َل ذل َك إالَّ‬ ‫َ‬ ‫َسا على ال ُم‬ ‫س ‪ًَzg‬‬
‫شركين وت ََج ُ‬
‫َ‬ ‫ؤمنين)‪َ ،‬وع َّد فِ ْعلَه ذا َك ُمظاهرةً لل ُم‬ ‫َ‬ ‫وال ُم‬
‫رسول هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم إليهم ال‬ ‫ِ‬ ‫ش بتَج ِهيز‬
‫اص ُر رسولِه‪ ،‬وأنَّ إخبا َره لقري ٍ‬ ‫لظنِّه أنَّ هللاَ نَ ِ‬
‫علي‬
‫ٍّ‬ ‫س فَ َذ َك َر َمعنى حدي ِ‬
‫ث‬ ‫ث إبن عبَّا ٍ‬ ‫صتَه إبن َمر َدويه ِمنْ حدي ِ‬ ‫ضر هللاَ وال رسولَه َك َما َر َوى قِ َ‬ ‫يَ ُّ‬
‫كان أهلِي في ِه ِم ف َكتَبتُ ِكتابًا ال‬ ‫صنعتَ ؟ فقا َل‪ :‬يا رسو َل هللاِ َ‬ ‫حاطب َما دعاكَ إلى َما َ‬ ‫ُ‬ ‫وفي ِه فقا َل‪( :‬يا‬
‫ي عن‬ ‫ريق ال ُزه ِر ِّ‬ ‫س َمويه ِمن طَ ِ‬ ‫وروى ابن شَاهين والبَا ُرودي والطَّبَرانِ ُي و َ‬ ‫ض ُّر هللاَ وال رسولَه)‪َ ،‬‬ ‫يَ ُ‬
‫وكان َحليَف‪gz‬اًَ‬ ‫َ‬ ‫أهل اليَم ِن‬‫(وحاطب رج ٌل ِمنْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫عُروة عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بَلتَعة قا َل‪:‬‬
‫وكان بَنُوهُ وإخ َوتُهُ بم َّكة‬ ‫َ‬ ‫رسول هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم وق ْد شَه َد بد ًرا‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫وكان ِمن أصحا ِ‬ ‫َ‬ ‫للزبي ِر‬ ‫ُّ‬
‫علي وفي‬ ‫ٍّ‬ ‫ث‬ ‫َ‬
‫الحديث نَ َح َو حدي ِ‬ ‫نص ُح لهم في ِه ‪ ،) ...‬فَ َذ َك َر‬ ‫ش يَ َ‬ ‫حاطب ِم َن المدين ِة إلى ِكبا ِر قري ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ف َكت ََب‬
‫نون‬‫ولي بم َّكة بَ َ‬ ‫نذ أسلَمتُ ولكنَّني ُكنتُ إم ًرا غريَب‪ًَzg‬ا ْ‬ ‫َحاطب‪( :‬وهللاِ َما ارتَبتُ في هللاِ ُم ُ‬ ‫ُ‬ ‫آخ ِر ِه فقال‬
‫الذين آمنوا ال تَتَّ ِخ ُذوا َعدُوي‬ ‫َ‬ ‫إخوةً ‪ ...‬الحديث)‪ ،‬وزا َد في آخ ِر ِه‪( :‬فأن َز َل هللاُ تعالى‪( :‬يا أ ُّيها‬
‫س وفيه نُزو ُل اآلي ِة‪،‬‬ ‫ث أن ٍ‬ ‫ورواهُ ابن َمر َدويه ِمن حدي ِ‬ ‫و َعدُوكم أوليا َء ‪[ ) ...‬الممتحنة‪َ ،]4 - 1 :‬‬
‫قوي [اإلصابة في تمييز الصحابة‪ :1 :‬ص ‪،]300‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ث ابن عمر بإسنا ٍد‬ ‫و َرواهُ ابن شَاهين ِمن حدي ِ‬
‫جاهدين‪،‬‬
‫َ‬ ‫ؤمنين ويُناص ُر الطَّواغيتَ ويُعينَهم على حر ِ‬
‫ب ال ُم‬ ‫َ‬ ‫فكيف ب َمنْ يَتولَّى ال ُكفَّا َر ويُعادي ال ُم‬‫َ‬
‫ت اإلسالميَّ ِة‪ ،‬ف َمنْ‬ ‫وباألخص على الحركا ِ‬ ‫ِّ‬ ‫سلمين‬
‫َ‬ ‫كان على ال ُم‬ ‫َويَستع َمله الطَّاغوتُ ل ُمظاهر ِة األمريَ َ‬
‫فاق علي ِه‪.‬‬ ‫كم الِر َّد ِة والنِ ِ‬ ‫هو أولَى بإنزا ِل ُح ِ‬ ‫كان َحالُه هكذا فَ َ‬ ‫َ‬
‫شركين ل ْم يَكنْ ِمنْ ال ُمظاهر ِة في شي ٍء فق ْد‬ ‫َ‬ ‫حاطب لنف ٍر ِم َن ال ُم‬ ‫ُ‬ ‫ب الذي بَعثَه‬‫السابع‪ :‬إنَّ لفظَ الكتا ِ‬
‫ب‪( :‬أ َّما بع ُد يا َمعش َر‬ ‫َفسير يَحي بن سالم" أنَّ لفظَ الكتا ِ‬ ‫أهل ال َمغازي َو َه َو في "ت ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ُ‬ ‫َذ َك َر‬
‫سي ِل‪ ،‬فوهللاِ لو َجاَءكم‬ ‫ش كاللَّيل‪ ،‬يَسي ُر كال َّ‬ ‫ش فإنَّ رسو َل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم َجا َءكم بِجي ٍ‬ ‫قري ٍ‬
‫سهيل ِّي [فتح الباري‪:‬‬ ‫سالم)‪َ ،‬كذا َحكاهُ ال ُ‬ ‫سكم وال َّ‬ ‫وأنج َز لَه و ْع َده‪ ،‬فانظُروا ألنفُ ِ‬‫َ‬ ‫َوح َده لنَ َ‬
‫ص َرهُ هللاُ‬
‫وليس‬
‫َ‬ ‫سلمين‪،‬‬
‫َ‬ ‫شركين على ال ُم‬‫َ‬ ‫ب ال يُف َه ُم ِمنه ال ُمظاهرةُ لل ُم‬ ‫‪ :7‬ص ‪ ،]521‬ف َمض ُمونُ ِرسال ِة حاط ٍ‬
‫يكون َمعصيةً‪َ ،‬كفَّ َرها هللاُ لَه‬ ‫َ‬ ‫سلمين‪ ،‬غايَتُه أنْ‬‫َ‬ ‫اص َر ال ُكفَّا َر وعاونَهم على ال ُم‬ ‫في ِه َما يَ ُد ُّل على أنَّه نَ َ‬
‫ب شُهو ِد ِه بَد ًرا‪.‬‬ ‫بِسب ِ‬

‫سلمين‪ ،‬بَ ْل إنَّما فَ َعلَه ُمصانَعةً‬ ‫َ‬ ‫سا لل ُكفَّا ِر على ال ُم‬ ‫س َ‬‫اطبًا ل ْم يَفع ْل ذلكَ نِفاقًا وال ت ََج ُ‬ ‫الثامن‪ :‬إنَّ َح ِ‬
‫اإلسالم‪ ،‬إالَّ أنَّ َحا ِطبًا ظَنَّ أنَّه‬
‫ِ‬ ‫كان بِ َح ِّد َذاتِه يُ َع ُّد ُكف ‪ًََzg‬را في‬ ‫ليكون لَه عن َدهُم يَدٌ‪ ،‬وهذا الفِع ُل وإنْ َ‬ ‫َ‬
‫ين أظ ُهر ِهم َولَ ٌد َوأه ٌل‬ ‫(وكان لِي بَ َ‬ ‫َ‬ ‫س ال ُكفر‪ ،‬فَفي ِرواي ِة ابن إسحاق أنَّه قا َل‪:‬‬ ‫ليس ِمنْ ِج ْن ِ‬ ‫َ‬
‫صفوان‬ ‫سهي ِل إبن َع ْمرو و َ‬ ‫الواقدي بِسنَ ٍد لَهُ ُمرس ٌل أنَّ َحا ِطَب‪ًَzg‬ا َكت ََب إلى ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وروى‬ ‫صانَعتُ ُهم عليه ‪َ ...‬‬ ‫فَ َ‬
‫س بالغزو وال أ َراهُ يُري ُد َغي َر ُكم‪،‬‬ ‫أذ َن في النَّا ِ‬ ‫بن أميّة و ِعكرمة؛ أنَّ رسو َل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم َّ‬
‫يكون لِ َي ِعن َد ُكم يَدّ) [فتح الباري‪ :7 :‬ص ‪ ،]521‬ولذل َك قَبِ َل رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ‬ ‫َ‬ ‫وق ْد أحبَبتُ أنْ‬
‫صا ِدقًا في ع ُْذ ِر ِه الذي اعتَ َذ َر به‪.‬‬ ‫كان َ‬ ‫ُذرهُ‪ِ ،‬م َّما يَ ُد ُّل على أنَّه َ‬ ‫عليه وسلَّم ع َ‬
‫بي صلَّى هللاُ عليه وسلَّم َو ُه َو يُبَايَ ُع‬ ‫جلي رضي هللا عنه قا َل‪( :‬أتيتُ النَّ َ‬ ‫••عنْ َجري ِر بن عبد هللا البَ ُّ‬
‫س ْط يَد َك أُبايِعكَ واشتَ ِر ْط َعلَ َّي فأنتَ أعلم‪ ،‬قا َل‪ :‬أُباي ُعكَ على أنْ تَعب َد هللاَ‪،‬‬ ‫فقُلتُ ‪ :‬يا رسو َل هللاِ أُب ُ‬
‫شركين) [رواه أحمد‪ ،‬والنسائي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫سلمين‪ ،‬وتُفَار َ‬
‫ق ال ُم‬ ‫َ‬ ‫صالةَ‪ ،‬وتُؤدِّي الزكاةَ‪ ،‬وتُ ِ‬
‫ناص َح ال ُم‬ ‫وتُقي َم ال َّ‬
‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫حيحة (‪ :2‬برقم ‪ :636‬ص ‪ ،])230‬فأفا َد‬ ‫ص َ‬ ‫سلسلة ال َّ‬ ‫وصح َحه األلبَانِي في ال َّ‬ ‫َّ‬ ‫والبيهقي‪،‬‬
‫شركين‪ ،‬وأنَّ ذلكَ ِم َّما اشت ََرطَهُ رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم عليهم عن َد‬ ‫َ‬ ‫وجوب ُمفارق ِة ال ُم‬ ‫َ‬
‫أنواع ال ُمعاون ِة ال يُ َحقِّق ذل َك الشَّرط‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نوع ِمنْ‬
‫ٍ‬ ‫شركين و ُمعاونتُ ُهم ِّ‬
‫بأي‬ ‫َ‬ ‫ُمبايَعتِ ِهم لَه‪ ،‬و ُمظاهرةُ ال ُم‬
‫بي هللاِ َما أتَيتُ َك حتَّى َحلَفتُ أكث َر ِمنْ‬ ‫••وعن بَهز بن حكيم عن أبيه عن َجدِّه قا َل‪( :‬قُلتُ ؛ يا نَ َ‬
‫آتي ِدينَكْ ‪ ،‬وإنِّي ُكنتُ إم ًرا ال أ ْع ْق ُل شَيَئ‪ًَzg‬ا إالَّ َما علَّ َمني هللاُ‬ ‫ألصابِع يَديِ ِه ‪ -‬أالَّ آتِيكَ ‪ ،‬وال َ‬ ‫َعد ِد ِهنِّ ‪َ -‬‬
‫باإلسالم‪ ،‬قا َل‪ :‬قُلتُ ‪َ :‬و َما آياتُ‬ ‫ِ‬ ‫ورسولُهُ‪ ،‬وإنِّي أسألُكَ بِوج ِه هللاِ َع َّز َو َج َّل بِ َما بَ َعثَكَ ربُكَ إلينَا؟ قا َل‪:‬‬
‫صالةَ‪ ،‬وتُؤدِّي الزكاةَ‪،‬‬ ‫سلمتُ َوج َه َي إلى هللاِ َع َّز َو َج َّل وتَخلَّيتَ ‪ ،‬وتُقي ُم ال َّ‬ ‫اإلسالم؟ قا َل‪ :‬أنْ تقو َل؛ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫سلم ُم َح َّرم‪ ،‬أخوان نصيران‪ ،‬ال يَقبَ ُل هللاُ َع َّز َو َج َّل ِمنْ ُمشر ٍك بع َد َما أسلَ َم َعماًل أو‬ ‫سلم على ُم ٍ‬ ‫ُك ُّل ُم ٍ‬
‫الذهب ُي‬ ‫وصح َحه ووافَقَه َّ‬ ‫َّ‬ ‫سلمين) [رواه أحمد‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والحاكم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫شركين إلى ال ُم‬ ‫َ‬ ‫ق ال ُم‬ ‫يُفار ُ‬
‫اإلستدالل بِ ِه قولُهُ‪( :‬ال يَقب ُل هللاُ‬ ‫ِ‬ ‫حيحة (‪ ،])99 :369 :1‬و َمح ُل‬ ‫ص َ‬ ‫سنه األلبَان ُي في السلسلة ال َّ‬ ‫وح َّ‬‫َ‬
‫شركين)‪ ،‬فَ َد َّل على أنَّ َمنْ ل ْم يُفار ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ق ال ُم‬ ‫شرك بَع َد َما أسل َم َعماًل أو يُفار ُ‬ ‫َع َّز َو َج َّل ِمنْ ُم ٍ‬
‫شركين‬
‫َ‬ ‫ِصحة إيمانِ ِه ُه َو ُمفارقةُ ال ُم‬
‫شركين ال يََقبَ ُل هللاُ ِمنه َعماًل بَع َد إسالمه‪ ،‬وأنَّ الشَّرطَ في َّ‬
‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫ق ذل َك األص َل‬ ‫والفعل ال يُحقِّ ُ‬
‫ِ‬ ‫سلمين‪ ،‬و ُمظاهرةُ ال ُكفَّا ِر و ُمعاونتُ ُهم و ُمناصرتُ ُهم بالقو ِل‬
‫َ‬ ‫إلى ال ُم‬
‫العظيم‪.‬‬

‫سريَّةً إلى َخث َعم‬ ‫ث َ‬ ‫••عن جرير بن عبد هللا رضي هللا عنه‪( :‬أنَّ رسو َل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم بَ َع َ‬
‫ف‬‫ص ِ‬ ‫فأسر َع فيهم القت َل‪ ،‬فبَلَ َغ النَّبي صلَّى هللاُ عليه وسلَّم فأ َم َر لَهم بن ِ‬ ‫َ‬ ‫س ُجو ِد‬ ‫ناس بال ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫فاعتَص َم‬
‫شركين‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسو َل هللاِ َولِ َم؟ قا َل‪ :‬ال‬ ‫َ‬ ‫ين أ ْظ ُه ِر ال ُم‬ ‫سلم يُقي ُم بَ َ‬ ‫ال َعق ِل وقا َل‪ :‬أنَا بَري ٌء ِمنْ ُك ِّل ُم ِ‬
‫بين أ ْظ ُه ِر‬ ‫كان ال ُمقي ُم َ‬ ‫تَ َرايَا نَا َراهُما) [رواه الترمذي‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬وإسناده صحيح]‪ ،‬فإذا َ‬
‫اص َرهُم‬ ‫فكيف ِب َمنْ ظا َه َرهُم و َعاونَ ُهم ونَ َ‬ ‫َ‬ ‫شركين ق ْد بَري َء ِمنهُ رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‬ ‫َ‬ ‫ال ُم‬
‫على ال ُمسلمين‪.‬‬
‫بين‬
‫قام َ‬ ‫"باب؛ َما َجا َء في كراهي ِة ال ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫سير"‪،‬‬ ‫ب ال ِّ‬ ‫نن" في "كتا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ي في "ال ُّ‬ ‫••وقا َل اإلما ُم التِّرمذ ُ‬
‫بي صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‬ ‫س ُم َرةُ بن ُجندُب‪َ ،‬ع ِن النَّ ِّ‬ ‫(و َروى َ‬ ‫شركين" [‪َ :]133 :1605 :4‬‬ ‫َ‬ ‫أ ْظ ُه ِر ال ُم‬
‫كان َمنْ‬‫سا َكنَهم أو َجا َم َعهم فَ ُه َو ِمثلُهم)‪ ،‬فإذا َ‬ ‫شركين وال تُ َجا ِم ُعوهم‪ ،‬فَ َمنْ َ‬ ‫َ‬ ‫سا ِكنُوا ال ُم‬ ‫قا َل‪ :‬ال تُ َ‬
‫ناص َرهم‬ ‫َ‬ ‫صير ِمثلَهم في ال ُكف ِر َمنْ‬ ‫ب أولَى أنْ يَ َ‬ ‫ار ِمثلَهم‪ ،‬فَ ِمنْ با ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ساكنَهم أو إختلطَ بِهم َ‬ ‫َ‬
‫س لَهم‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫سلمين أو ت ََج َّ‬‫َ‬ ‫و َعاونَهم وظَا َه َرهم على ال ُم‬
‫ثالثًا‪ :‬اإلجماع‪-:‬‬
‫سلمين فَ ِمنْ ذلكَ ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ار وظَا َه َرهم على ال ُم‬ ‫العلم اإلجما َع على ُكف ِر َمنْ تَولَّى ال ُكفَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫بعض أه ِل‬ ‫ُ‬ ‫ق ْد َذ َك َر‬
‫(ص َّح أنَّ‬ ‫صهُ‪َ :‬‬ ‫رحمه هللاُ تعالى في "ال ُمحلَّى باآلثار" [‪َ ]138 :11‬ما نَ ُّ‬ ‫•• َما قَالَهُ اإلما ُم ابنُ حزم ِ‬
‫(و َمنْ يَتَولَّ ُهم ِم ْن ُكم فإنَّه ِم ْنهم)‪ ،‬إنَّ َما ه َُو على ظَا ِه ِر ِه بأنَّه كاف ٌر ِمنْ ُجمل ِة ال ُكفَّا ِر‪،‬‬ ‫قولَهُ تعالى‪َ :‬‬
‫سلمين)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اثنان ِمنْ ال ُم‬ ‫ِ‬ ‫ق ال يَختلِفُ فيه‬ ‫وهذا ح ٌ‬
‫رحمه هللاُ تعالى بع َد أنْ تَكلَّ َم على‬ ‫َّيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشَّيخ ِ‬ ‫••وقا َل الش ُ‬
‫اإلسالم‪ ،‬أو أثنَى عليهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فكيف بِ َمنْ أ َعانَهم أو َج َّرهم على بال ِد أه ِل‬ ‫َ‬ ‫الكافرين‪... ( :‬‬ ‫َ‬ ‫ب ُمعادا ِة‬ ‫ُو ُجو ِ‬
‫وأحب ظُهو َرهم‪ ،‬فإنَّ‬ ‫َّ‬ ‫سا ِكنَهم َو ِواليَتَهم‬‫ارهم َو َم َ‬ ‫واختار ِديَ َ‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أهل‬
‫بالعدل على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضلَهم‬ ‫أو فَ َّ‬
‫باإليمان فق ْد َحبِطَ َع َملُه َو َه َو في اآلخر ِة ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫(و َمنْ يَكفُر‬ ‫صريحةٌ باإلتِّفاق‪ ،‬قا َل هللاُ تعالى‪َ :‬‬ ‫هذا ِر َّدةٌ َ‬
‫سنيَّة‪.]326 :8 :‬‬ ‫الخاسرين)) [الدُّر ُر ال ُ‬
‫[نثر اللؤلؤ والياقوت لعبد الرحمن األمين‪ :‬ص ‪ 21 - 11‬بتصرف]‪.‬‬
‫تنبيه مهم‪ :‬هذا بالنسبة لحكم التكفير‪ ،‬أما حكم قتال هؤالء األعوان‪ ،‬واألنصار؛ فهو واجب إذا‬
‫قاتلوا المسلمين مع الكافرين‪ ،‬والمنافقين‪ ،‬والمرتدين [دعوة المقاومة اإلسالمية العالمية ألبي‬
‫مصعب السوري‪ :2 :‬ص ‪.]987‬‬

‫المصدر‪ :‬تحفة الموحدين في أهم مسائل أصول الدين‬


‫صناعة الوعي اإلسالمي‬
‫اإلعالم المضاد‬

You might also like