You are on page 1of 16

‫‪ ‬خـــطــة الــعــرض ‪‬‬

‫* مقدمة العرض‪2......................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم عامة‪3............................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية التخطيط‪3......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التخطيط‪3...................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع التخطيط‪....................................‬ـ‪5‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية اإلستراتيجية‪8..................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلستراتيجية‪8...............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع اإلستراتيجيات‪9..............................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬إستراتيجية التخطيطـ في المؤسسة‪12......................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مقدمة في اإلدارة اإلستراتيجية‪12.....................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلدارة اإلستراتيجية‪12......................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فوائدـ اإلدارة اإلستراتيجية‪13.......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نظام التخطيطـ اإلستراتيجي‪........................‬ـ‪13‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إجراءات التخطيطـ اإلستراتيجي‪..................‬ـ‪14‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل نظام التخطيطـ االستراتيجي‪14..............‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬موقع المؤسسات االقتصادية الجزائرية من التخطيط اإلستراتيجي‪17..‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التخطيط االستراتيجي في المؤسساتـ الجزائرية خالل الثمانينات‪17..‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أهداف الخطة في المؤسسة‪17...................................‬‬
‫المطلب الثــاني‪ :‬األطــرافـ المشــاركة ضــمن التخطيــطـ اإلســتراتيجي للمؤسســة‪ 18.....‬المبحث الثــاني‪ :‬التخطيــط‬
‫االستراتيجي في المؤسسة الجزائرية في اقتصاد السوق‪20..‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خطة التصحيح بالمؤسسة االقتصادية‪20..........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقنيات دعم التخطيط االستراتيجي‪21..............................‬‬
‫* الخاتمة‪23............................................................‬‬
‫* قائمة المراجع‪24.....................................................‬‬
‫مقدمة الموضوعـ‪:‬‬

‫لقد تميز اإلنسان منــذ بــدء البشــرية عن غــيره من المخلوقــات بالعقــل‪ ،‬هــذا الجهــاز الــوظيفي الــذي مكن اإلنســان من‬
‫االرتقاء بنفسه وبطريقة حياته‪ ،‬فتمييزـ هللا عز وجل لإلنسان بأن جعل له عقال كان من ورائه اختبار مدى قدرة هذا العبد‬
‫على تسيير حياته واستخدامه االستخدام األمثل‪ ،‬وقد كان من فطرة اإلنسان أن يحدد هدفا لحياته ونم ـطـ عيشــه فال يكــون‬
‫عشوائيا أو غريزيا‪ ،‬بل منظما بطريقة علمية ومنهجية‪ .‬ومن هذا المنطلق بدأ اإلنسان في االهتمام بالتخطيط‪ ،‬ولو بشكل‬
‫مبسط‪ ،‬لكن هذه األهمية ازدادت حدتها مع مـرورـ الـوقت وإدراك األفـراد والجماعـات لمـدى دوره في مختلـف جـوانب‬
‫حياتهم‪ ،‬مما أدى بالمنظمات إلى جعل التخطيط أحد أولوياتهاـ الوظيفية‪ ،‬ال سيما وأنــه يجنبهــا خطــر الوقــوعـ في مشــاكل‬
‫عدة‪ ،‬فلو تأملنا جميع جوانب الحياة من اجتماعية ‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬سياسية‪ ،‬وغير ذلك لوجدناها تعتمد على التخطيط‪.‬ـ‬
‫ولكن عملية التخطيط بحد ذاتها ال تكون بعشوائيةـ بل تسترعي إتبــاع نمــط علمي ومســارـ منهجي محــدد‪ ،‬يبــدأ بتحديـدـ‬
‫الهدف األسمى من وجود المؤسسة‪ ،‬وصــوال إلى عمليــة مراقبــة مــا تم تنفيــذه لمتابعــة الخلــل وتصــحيحه‪ .‬وبالتــالي فــإن‬
‫التخطيطـ يكون على أساس استراتيجي‪ ،‬يراعي حجم وإمكانات المؤسسة‪ ،‬والمحيط الذي تعيش فيه‪.‬‬
‫وهذا يدفعا حتما إلى طرح اإلشكال اآلتي‪:‬‬
‫ما هو نظام التخطيطـ االستراتيجي؟ وما موقع المؤسساتـ االقتصادية الجزائرية من هذا النشاط؟‪.‬‬
‫وسنعملـ في هذا العرض على اإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬مبينين مفهوم كل من اإلستراتيجية والتخطيط‪ ،‬ومحاولة الــدمج‬
‫بينهمــا‪ ،‬ثم دراسـة حالـة الجزائــر من هـذه الوظيفـة‪ ،‬وكيــف قــامت بتطــبيق محتــواه عــبر التطــور التــاريخي لمؤسسـاتنا‬
‫االقتصادية‪ .‬معتمدين على منهج توثيقي إلى حد بعيد‪.‬‬
‫حيث أن أهميــة هــذا الموضــوعـ تكمن في كونــه وتــرا حساســا في الســير العــادي لنشــاط المؤسســة‪ ،‬فال تضــمن البقــاء‬
‫واالستمرار إال في كنف تخطيطـ استراتيجي فعال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مـفاهـيم عـامة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نتناول في هذا الفصل المحاور العامة للدراسة بالوقوفـ عليها وتحديد ماهيتها‪ ،‬ونقصد هنا بالمحــاورـ العامــة للدراســة‬
‫كال من مصطلحيـ التخطيطـ واإلستراتيجية وهذا بتحديد تعاريفهاـ المختلفة لنخرج بمفهوم شامل وإجمالي لها‪ ،‬كما سنبين‬
‫كال من األنواع المختلفة لكل من التخطيط واإلستراتيجية‪ ،‬وهذا كما يلي‪:‬‬

‫ماهـيـة التخطيـطـ‬ ‫المبحث األول‪:‬‬

‫سنتطرق في هذا البحث إلى نظرة عامة حول التخطيط‪ ،‬تعريفاته المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى األنواع المختلفة للتخطيط‪:‬ـ‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التخطيط‬

‫إن السؤال عن غرض التخطيط ومعناه كان وما زال يالقي إلى حد ما أجوبة متعددة في الحقب الزمنية المختلفــة ومن‬
‫أشخاص مختلفين‪ ،‬ويذكرـ أن آينشتاين قال مرة نفس الشيء عن العلم‪ .‬وهـذا معنــاه عـدم وجــود اتفــاق بين البــاحثين على‬
‫تعريفـ محدد لمفهوم التخطيط‪ ،‬وإن كان هناك شبه إجماع غير مباشر على محتوى هذا المفهوم في مســتوياته ومراحلــه‬
‫المختلفة على الرغم من اختالف الزوايا التي تم تناول هذا المفهوم منها‪.‬‬
‫التخطيط ضرورة من ضرورات الحياة لإلنسان‪ ،‬حيث إن اإلنسان يخاف ويحذر مما يخبئه له المستقبل‪ ،‬لهذا أصبح‬
‫التخطيطـ بالمعنى الحديث هو محاولة توقع الخطر أو المجهول وتجنبه‪ ،‬أو على األقل الحد من خطورته وعواقبــه‪ ،‬لــذلك‬
‫لم تعد كلمة التخطيط كلمة غريبة أو غير مألوفة ألسماعنا‪ ،‬فكثــيراً مــا نجــدها تــترددـ في إطــار المناقشــات أو الحــوارات‬
‫التي قد يثيرها بعض األفراد أو الجماعات فيما بينهم أو في إطار وسائل وأجهزة األعالم المختلفة‪.‬‬

‫أ‪ /‬تعريفـ التخطيط ككلمة‪:‬‬


‫*يعرف قاموسـ أكسفورد الفعل الثالثي "خطط"‪ :‬بالفعل صمم أو نظم مسبقا أو سلفا‪.‬‬
‫*كما يعرف قاموس الروس الفرنسي مصطلح التخطيط كما يلي‪:¹‬‬
‫‪* .Planification: n.f. Science qui a pour objet l’établissement de programmes économique‬‬
‫وهناك تعريفـ آخر لنفس المصطلح في نفس القاموس ولكن بترجمة أخرى كما يلي‪:‬‬
‫‪.Planning: n.m. Plan de travail détaillé. Fonction ou service de préparation du travail‬‬

‫‪Dictionnaire : Larousse - 1990 - p : 495 -1‬‬


‫ب‪ /‬تعريفـ التخطيط كمصطلح‪:‬‬

‫*ت‪ :1‬يعرفه بنتون ‪ Benton‬على أنه تحضير ذهني للنشاط من أجل العمل أي بناء خارطة ذهنيــة ‪، Mental Map‬‬
‫فهذا التعريفـ يشمل كل فعل مقصود‪ ،‬يجب أن يتصور ويثبت في الخيال قبل أن يأخذ مكانه في الحقيقة‪ ،‬وهذه هي قاعدة‬
‫التفكير قبل العمل‪.¹‬‬

‫‪2‬‬
‫*ت‪ :2‬عرفه فريدمان ‪ Friedmann‬بأنه طريقة تفكير وأسلوب عمل منظم لتطـبيق أفضـل الوسـائل المعرفيـة من أجـل‬
‫توجيه وضبط عملية التغيير الراهنة بقصد تحقيق أهداف واضحة ومحددة ومتفق عليها‪.‬‬
‫*ت‪ :3‬عرف ميردال ‪ Myrdal‬التخطيط كمفهوم تنمويـ بأنه برنامج يظهر إستراتيجية الدولــة على المســتوى الوطــني‪،‬‬
‫وإجراءات تدخلها إلى جانب قوى السوق من أجل دفع وتطويرـ النظام االجتماعي‪.‬‬
‫*ت‪ :4‬إعتبره واترسونـ ‪ Waterson‬مجموعة جهود واعية ومستمرة تبذل من قبــل حكومــة مــا لزيــادة معــدالت التقــدم‬
‫االقتصادي واالجتماعيـ والتغلب على جميع اإلجراءات المؤسساتية التي من شأنها أن تقــف عائقـا في وجــه تحقيـق هــذا‬
‫الهدف‪.‬‬
‫*ت‪:5‬ـ التخطيطـ من الوظائف القيادية والمهمة في اإلدارة العامة والتي يقع على عاتق القيادة اإلدارية وجـوب النهـوض‬
‫بها كوظيفة أساسية تختص بها اإلدارة العليا‪ .‬وال تنتهي هذه الوظيفة إال بتحقيق الهــدف من خالل نشــاطات اإلدارة الــتي‬
‫تعمل على تنفيذ الخطة‪.²‬‬
‫*ت‪ :6‬التخطيطـ هـو العمليـة الـتي يتم فيهـا تحديـد الوضـع الحـالي للمنظمة واإلنجـازاتـ الـتي تنـوي تحقيقهـا والوسـائل‬
‫واآلليات التي ستستخدمهاـ للوصول إلى تلك اإلنجازات‪. ³‬‬
‫*ت‪ :7‬التخطيطـ ‪ Planning‬هو المهام اإلدارية التي تهدف إلى تحديــد األهــداف المســتقبلية للمنظمــات و المؤسســات و‬
‫طرقـ تحديد هذه األهداف ‪. 4‬‬
‫وعموما فإن التعريفات المختلفة للتخطيط قـد غطت وشـملت جـوانب مختلفـة وواسـعة ولكن دون أن تشـير إلى اتفـاق‬
‫جماعي مباشر في الرأي‪ ،‬وإن كانت قد اتفقت بشكل غير مباشر على مجموعــة من المحــاور الرئيســية الــتي يمكننــا من‬
‫خاللها تحديد تعريف عام للتخطيطـ وهو كما يلي‪:‬‬
‫﴿ التخطيط نشاط إنساني وخيار عقالني موجه للعمل المستقبلي وهذا في سبيل حل المشكالت ﴾‬

‫من خالل تعريفنا للتخطيط من مختلف جوانبــه يتضــح لنــا أنــه مجــال واســع ومعقــد وهــو بالتــالي يضــم عــدة أنــواع‬
‫وتصنيفاتـ حسب معايير مختلفة‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬عثمان محمد غنيم‪ -‬التخطيط‪:‬ـ أسس ومبادئ عامة‪ -‬دار صفاء للنشر‪-‬عمان‪-2001-‬ص‪.25:‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬طالل الشريف‪ -‬قسم اإلدارة العامة ‪ -‬جامعة الملك عبد العزيز‪.‬ـ‬
‫‪ -3‬اسماعيل الحمراوي‪:‬ـ باحث في الحقل الجمعوي‪ -‬مقال منشور بتاريخ‪.2006-08-31:‬‬

‫‪ -4‬الموسوعة االلكترونية‪ :‬ويكييديا‪.http://ar.wikipedia.org/wiki -‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع التخطيط‬

‫هناك عدة معايير يمكن تصنيفـ أنواع التخطيط على ضوئها‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬حسب األساس الزمني‪:‬‬


‫وينقسمـ التخطيط وفقا ً للفترة الزمنية التي تستغرقهاـ الخطة إلى ثالثة أنواع هي ‪:‬‬
‫‪ -1    ‬التخطيط قصيرـ األجل ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪     ‬وهو الذي يحاول أن يخططـ لفترة ال تزيد عن سنتين في أطول الحاالت وغالبا ما تكون الفــترة المحــددة ســنة واحــدة‬
‫فقط أو أقل‪ ،‬وهذا النوع من التخطيط يتعلق بالمستقبل القريب ويهدفـ هذا التخطيط إلى معالجــة األزمــات الطارئــة الــتي‬
‫قد تستمر لمدة قصيرة والتغلب عليها‪ ،‬وغالبا ً ما يستخدم هذا النوع عند إقامة مشروع عام بقصد حل مشكلة قائمة‬
‫بذاتها‪ ،‬وكلما قصرت المدة الزمنية للخطة كلما كان في إمكــان اإلدارة التحكم فيهــا وتنفيــذها بدقــة وذلــك لســهولة وضــع‬
‫التصورـ والشكل الكلي للمستقبل القريب والتنبؤ به‪.‬‬
‫‪ -2     ‬التخطيط متوسطـ األجل ‪:‬‬
‫‪     ‬وهو الذي يغطي فترة تتراوح في معظمـ األحيان بين ثالث وخمس سنوات‪ ،‬أمــا المــدى المــألوف لمثــل هــذه الخطــط‬
‫– متوسط األجل – ذلك الذي يغطي أكــثر من ســنة وحــتى‬ ‫عادة فهو التخطيط لمدة خمس سنوات‪ ،‬ويقصد بالتخطيطـ‬
‫خمس سنوات ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪ :‬المخطط العاشر بفرنسا للمرحلة‪1989 :‬م‪1992-‬م‪ .¹‬الخطة الخماسية للمملكــة العربيــة‬
‫السعودية التي بدأت أولى خططها من عام ‪1390‬هـ إلى ‪ 1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3    ‬التخطيط طويل األجل ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪     ‬يهدف هذا النوع من التخطيط إلى وضع خطط لفترة زمنية طويلة المدى وعادة تستغرق أكثر من خمس سنوات إلى‬
‫عشرين سنة مقبلة أو أكثر‪ ،‬وكلما طالت المدة الزمنية للخطة كلمــا زادت صــعوبة التنبــؤ بمشــاكل المســتقبل وأخــذها في‬
‫الحسبان‪ ،‬ولكن اإلداري والقائد الفعال هو الذي يصل إلى التنبؤ المعقول والقريب من الدقة على أن يجعــل الخطــة تتســم‬
‫بالمرونة المطلوبة للتماشي مع متغيرات الزمن أثناء التنفيذ‪.‬‬
‫‪    ‬وللتخطيط طويل األجل فوائدـ كثيرة منها ‪:‬‬
‫‪     ‬أ – إن النظرة الطموحة والمستقبلية ذات الهــدف البعيــد تقلــل من حــدة المصــاعب الــتي تنشــأ خالل فــترة التنفيــذ في‬
‫المدى القصير ‪.‬‬
‫‪     ‬ب‪ -‬تجعل التطورـ يسير في خطى مدروسة‪ ،‬ويطبقـ وينفذ بشكل تدريجي‪.‬ـ‬
‫‪     ‬ج‪ -‬تسهل على الناس المتأثرين بالتخطيط التطويري عملية التعايش والتأقلمـ معه‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬شوام بوشامة‪ -‬مدخل إلى االقتصاد العام‪ -‬الطبعة الثانية‪ -‬دار الغرب للنشر‪-2000-‬ص‪360:‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬حسب األساس الوظيفي‪:¹‬‬
‫هنا نقسم التخطيطـ إلى ثالثة أنواع رئيسية وهي ‪:‬‬
‫‪ -1     ‬التخطيط التطويري ‪:‬‬
‫‪     ‬ويقصد بالتخطيط التطويري وضع الخطط المتعلقة بالتغيير الهادف وإدخال التحسينات في طريقة سير العمل وإتباع‬
‫األساليب العملية الحديثة في إنجاز المهمة من أجل رفع المستوى اإلنتاجي واألداء الوظيفي للموظفين ‪.‬‬
‫‪ -2     ‬التخطيط التنظيميـ ‪:‬‬
‫‪     ‬ويتعلقـ بوضــع الهياكــل والخرائــط التنظيميــة وتحديــد طريقــة ســير العمــل وطــرقـ االتصــاالت بين أقســامـ المنظمــة‬
‫ووحداتها اإلدارية‪ ،‬وكذلك تحديد الصالحيات والسلطاتـ اإلدارية للموظفين بحكم مسميات الوظائف المختلفة‪.‬‬
‫‪ -3‬التخطيط البشري‪:‬‬
‫ً‬
‫‪     ‬ويشمل الدراسة والتحليل والتنمية الشاملة للقــوى العاملــة في المنظمــة كمــا وكيفـا وتنميــة القــدرات الفرديــة ووضـعـ‬
‫الجداول النسبية واإلحصائية لمعرفــة االحتياجــات المســتقبلية من القــوى البشــرية على اختالف مجاالتهـاـ وتخصصــاتهاـ‬
‫ومستوياتها‪.‬ـ‬
‫‪ ‬‬
‫ثالثا‪ :‬حسب اإلدارة‪:²‬‬
‫ويشمل هذا المعيار نوعين من التخطيطـ هما‪:‬‬
‫التخطيطـ المركزي‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يرتبطـ هذا النوع من التخطيطـ بالسلطة المركزيــة الــتي غالبــا مــا تكــون في العاصــمة‪ ،‬وتقــوم بإعــداد وتنفيــذ ومتابعــة‬
‫الخطط التنموية المختلفة من هناك‪.‬‬
‫التخطيطـ الالمركزي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يتمثل بهيئات التخطيط الرسمية وغير الرسمية على مستوى األقاليم والتجمعاتـ السـكانية‪ ،‬والـتي تقـوم بإعـداد وتنفيـذ‬
‫الخطط التنموية يشاركهاـ في ذلك غالبا السكان المحليون وبالتحديدـ المجموعات المستهدفة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬حسب اإلطار‪:‬‬


‫ويندرجـ تحته كل من‪:‬‬
‫التخطيطـ العام‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يركز هذا النوع على القضايا اإلنسانية‪ ،‬ويضع الخطوط العريضة للتنمية المستقبلية من خالل وضع مبــادئ إرشــادية‬
‫نظرية عامة‪.‬‬

‫‪-1‬محمـــد الضـــبعان‪-‬إدارت الدراســـات‪www.shura.gov.sa/arabicsite/majalah36/qatheya.htm - -‬‬


‫‪.- 102k‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -2‬د‪.‬عثمان محمد غنيم‪ -‬التخطيط‪:‬ـ أسس ومبادئ عامة‪ -‬دار صفاء للنشر‪-‬عمان‪-2001-‬ص‪.47:‬‬
‫التخطيطـ التفصيلي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يهتم بالتفاصــيل والجزئيــات‪ ،‬وال يقتصــر على الجــوانب النظريــة‪ ،‬بــل يتعــداها إلى النــواحي التطبيقيــة‪ ،‬فمثال يركــز‬
‫التخطيطـ العام على زيادة اإلنتاج كخط عريض‪ ،‬بينما يهتم التخطيطـ التفصــيلي بكيفيــة تحقيــق هــذه األهــداف على أرض‬
‫الواقع‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حسب مدى تأثيره‪:¹‬‬


‫ونجد وفقـ هذا المعيار نوعين من التخطيط هما‪:‬‬
‫التخطيطـ االستراتيجيـ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وهو الذي يشمل األهداف والسياساتـ والخطط الرئيســية‪ ،‬بمعــنى آخــر إســتراتيجية المنظمــة في مجــال نشــاطها لتحقيــق‬
‫األهداف المبتغاة‪ ،‬ويمتازـ هذا التخطيــط بالثبــات وعــدم التغــير‪ ،‬إذ أن قراراتــه تــدوم لفــترة طويلــة فمثال ســمعة المنظمــة‬
‫وحجمهاـ ونوع نشاطها تمثل إستراتيجية معينة للمنظمة ال تتغير خالل فترة بسيطة‪.‬‬
‫التخطيطـ العملياتي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ويسميه البعض بالتخطيطـ الفني أو التخصصي‪ ،‬وهو يوضع لمساعدة اإلدارة على الســير في تخطيطهـاـ االســتراتيجي‬
‫وتحقيق أهدافه‪ ،‬لذا فهو يشمل كافــة مجــاالت العمــل بالمنظمــة كالتســويقـ واإلنتــاج وتــدبير األمــوال واحتياجــات القــوى‬
‫العاملة والتطوير والبحث العلمي‪...‬الخ‪.‬‬
‫وهناك معاييرـ أخرى كثيرة لتقسيم التخطيط ال يتسع المجال لشرحها كلها‪ ،‬لكن يمكن اإلشارة إليها باختصار كما يلي‪:‬‬
‫سادسا‪ :‬حسب أسلوب العمل‪ :‬ويضم‪:‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ المرن‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ اإللزامي‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬حسب الوظيفة‪ :‬ونجد فيه‪:‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ التصحيحي‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ البنيوي‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬حسب الغرض أو القطاع‪ :‬ويشمل‪:‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ االقتصادي‪.‬ـ‬
‫‪ -‬التخطيطـ االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ الحضري‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ التربوي‪...‬الخ‬

‫‪ -1‬د‪.‬علي عباس‪ -‬أساسيات علم اإلدارة‪ -‬دار المسيرة‪-‬عمان‪-2004-‬ص‪.93:‬‬

‫تاسعا‪ :‬حسب المستوى المكاني‪ :‬ويندرج تحته‪:‬‬


‫‪ -‬التخطيطـ القومي أو الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ اإلقليمي‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيطـ المحلي‪.‬‬

‫وما يمكننا مالحظته في نهاية هذا المطلب أن معايير التخطيــط ورغم اختالفهـاـ من حيث التســمية‪ ،‬إال أنهــا تحمــل في‬
‫طياتهاـ أنواعا متشابهة إلى نوع ما من التخطيط‪ ،‬فالتخطيطـ المركزي مثال يشبه ما يكون تخطيطا عامــا أو قوميــا‪ ،‬ويبقى‬
‫الفرق الوحيد الممكن استخالصه يكمن في مستلزمات كل نوع منها‪ ،‬ومراحل إعداده واإلشرافـ عليه‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ماهـيـة اإلستراتيجية‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫الغرض من هـذا البحث هـو تسـليط الضـوء على ماهيـة اإلسـتراتيجية‪ ،‬وهنـا لن نقـف عنـدها بالتفصـيل فنحن بصـدد‬
‫التطرقـ للمفاهيم العامة فقط‪ ،‬وبالتالي سنحاول تحديد كل من مفهوم اإلســتراتجية واألنــواعـ المختلفــة من اإلســتراتيجيات‬
‫التي تتبعها المؤسسات االقتصادية الحديثة‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلستراتيجية‬

‫سنحاولـ عرض بعض التعريفات المتعلقة باإلستراتيجية كمفهوم‪ ،‬والمقدمة من طرف عدة كتاب وأخصائيين‪.‬ـ وتتمثــل‬
‫إجماال في ‪":‬‬
‫‪ ‬حسب "‪ :" Alfred Chandler‬يرى أنها تمثل‪ {:‬إعداد األهداف والغايات األساسية طويلة األجل للمؤسسة‪،‬‬
‫واختيارـ خطط العمل وتخصيص المواردـ الضرورية لبلوغ هذه الغايات}‪.‬‬
‫‪ ‬حسب " ‪ :" Harverd School‬فترىـ أنها‪ {:‬مجموعة القرارات المهمة لالختيارات الكـبرى للمنظم‪ ،‬المتعلقـة‬
‫بالمؤسســة في مجموعهــا‪ ،‬والراميــة أساســا إلى تكــييف المؤسســة مــع التغــير‪ ،‬وكــذا تحديــد الغايــات األساســية‪،‬‬
‫والحركاتـ من أجل الوصولـ إليها}‪.‬‬
‫‪ ‬حســب " ‪ :" Morgenstren‬فيقــول أن‪ {:‬اإلســتراتيجية هي تتــابع حركــة العب عقالني تمامــا‪ ،‬في إطــار ذي‬
‫منفعة معينة خالل لعبة ذات قواعد محددة‪ ،‬هذا الالعب يعرفـ توزيع احتمال النتائج بمقياس دالته المنفعية‪ ،‬لكل‬
‫من االختيارات الممكنة}"‪.¹‬‬

‫‪ -1‬ناصر دادي عدون‪ ،‬اإلدارة والتخطيطـ اإلستراتيجي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬ص‪.10-8:‬‬
‫كما يمكننا في األخير الخروج بتعريفـ شامل وعام لالستراتيجيو وهو‪:‬‬

‫"{ اإلستراتيجية هي مجموعة من القرارات والنظم اإلدارية التي تحدد رؤية ورسالة المنظمة ‪Vision & Mission‬‬
‫في األجل الطويل في ضوء ميزاتها التنافسية ‪ Competitive Advantage‬وتسعى نحو تنفيذها من خالل دراسة‬
‫ومتابعة وتقييم الفرص والتهديدات البيئية ‪  Threats & Opportunities‬وعالقاتها بالقوة والضعف التنظيمي‬
‫‪  Strengths & Weaknesses‬وتحقيق التوازن بين مصالح األطراف المختلفة ‪.¹"}Stakeholders‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع اإلستراتيجيات‬

‫ال يمكننا حصرـ جميـع أنـواع اإلسـتراتيجياتـ الموجـودة‪ ،‬ألنهـا تتمـيز بـالتنوع واالختالف‪،‬ـ وهـذا حسـب المدرسـة أو‬
‫النظــرة الــتي يبــني عليهــا الكتــاب تقســيماتهمـ لإلســتراتيجية‪ ،‬ولكن هنــاك نــوعين من اإلســتراتجيات تمثالن المعيــار أو‬
‫التصنيفـ األساسي الذي يمكن أن ندمج تحته أهم األنواع األخرى‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫إستراتيجيات النمو‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫وهي االستراتيجيات التي تسعى المؤسسة من خاللها إلى توسيع مكانتها في الســوق‪ ،‬وبالتــالي زيــادة أرباحهــا‪ ،‬وضــمان‬
‫بقائها ألكبر فترة ممكنة‪ .‬وندرج تحت هذا النوع كل من اإلستراتيجياتـ التالية‪":‬‬
‫النمو المتمركزـ‪ :‬نقصد به التركيز على منتج وحيد مـريح باعتبـاره دعامـة أساسـية للمنظمـة‪ .‬وأحـد األمثلـة‬ ‫‪-1‬‬
‫المشهورة على ذلك هو قيام إحدى الشــركات العالمية(‪ )Wrigley‬بإنتــاج اللبــان وإتبــاع هــذه اإلســتراتيجية‬
‫الكلية بنجاح لمدة تزيد عن ‪ 90‬عاما‪.‬‬
‫تنمية السوقـ‪ :‬نعني بها إضافة أسواق مترابطة من خالل التوســع الجغــرافي أو من خالل عمليــات الفــروع‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ويعد حقوق االمتياز مدخال شائعا لتنمية السوق‪.‬ـ‬
‫االبتكارـ‪ :‬نعني بها تقديم منتجات جديدة ومتفوقة عن المنتجات الحالية المتقادمة‪ .‬وأفضــل األمثلــة على ذلــك‬ ‫‪-3‬‬
‫اإلستراتيجية التي تتبعها شركة (‪)3M‬حيث كانت أعمار منتجاتها أقل من ‪ 5‬سنوات كما أن تقــديم منتجــات‬
‫مبتكرة كان مطلبا أساسيا لمديريها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-1‬اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬مركز اإلدارة والتنمية‪http://www.mdcegypt.com/Site-Arabic/Management .‬‬
‫التكامل األفقي‪ :‬وتشــري إلى اتجــاه الشــركة لزيــادة طاقاتهــا اإلنتاجيــة في نفس مجــال نشــاطهاـ الحــالي‪ ،‬من‬ ‫‪-4‬‬
‫خالل إنشاء وحدات إنتاجية داخل الشركة‪ ،‬أو االسـتحواذـ أو االنــدماج مـع شــركة مماثلــة بغـرض الحـد من‬
‫ظروف المنافسة‪ .‬وكمثال معروفـ عن هذه اإلسـتراتيجية في مجـال السـيارات العالميـة‪ ،‬هـو قيـام شـركة (‬
‫‪ )Chrysler‬باالستحواذـ على شركة(‪.)American Motors‬‬
‫التكامل الرأسي‪ :‬يتم هذا التكامل إما بإنشاء وحدة داخلية لتزويـدـ الشــركة بمــدخالتهاـ ويســمىـ ذلــك بالتكامــل‬ ‫‪-5‬‬
‫الرأسي الخلفي‪ .‬أو إنشاء نظام توزيع داخلي لتقريب الشركة من مستهلكيهاـ النهائيين ويسمىـ ذلــك بالتكامــل‬
‫الرأســي األمــامي‪ .‬وأحــد األمثلــة البــارزة لكــل من التكامــل األفقي والرأس ـيـ هــو قيــام شــركة (‪)Pepsico‬‬
‫باالستحواذ على( ‪ )Kentuky fried chiken, Pizza Hut, TacoBell‬من خالل برنامج االســتحواذ‬
‫هذا‪ ،‬ضمنت شركة بيبسي لنفسها عددا هائال من منافذـ التجزئة لمشــروباتهاـ الغازيــة(تكامــل رأســي أمــامي)‬
‫وأيضاـ توسعت في نشاطـ المأكوالت والوجبات السريعة (تكامل أفقي)‪.‬‬
‫التنويع المترابطـ‪ :‬نعني به دخول الشركة في أنشطة جديدة تون مترابطة ومتوافقة مع النشاط الرئيســي لهــا‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫من حيث التكنولوجيا‪ ،‬األسواق أو المنتجات‪ .‬وأحد األمثلة على هذه اإلستراتيجية هو قيام شــركة(‪)Sonny‬‬
‫باالستحواذ على شركة(‪.)Clumbia Motion Pictures and Records‬‬
‫التنويع غير المترابطـ‪ :‬يقصد بها االســتحواذ أو االنــدماج مــع شــركة أخــرى مختلفــة تمامــا من حيث نوعيــة‬ ‫‪-7‬‬
‫النشاط‪ .‬ومثال ذلك قيام شركة(‪ )Exxon‬العالمية للبترول بــالتنويع في مجــاالت غــير مترابطــة بالنشــاطاتـ‬
‫األصلية لها مثل صناعة المعدات الكهربائية"‪.¹‬‬

‫إستراتيجيات الزوال‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫وهي استراتيجياتـ تعتمدها المؤسسات تمهيدا لالنسحاب من السوق و يندرج تحت لوائها كل من األنواع التالية‪":‬‬
‫تقليص النشاط‪ :‬يقصد بها مواجهة االتجاهات السلبية في األرباح من خالل إتبــاع أســاليب متنوعــة لتخفيض‬ ‫‪-1‬‬
‫التكلفة‪ .‬ففي ظل ظروفـ الكساد تتجه معظمـ الشركات إلى إتباع هذه اإلستراتيجية‪.‬‬
‫الــبيع الجــزئي‪ :‬ويقصــد بهــا إغالق بعض وحــدات النشــاط داخــل الشــركة‪ .‬مثــال ذلــك قيــامـ أحــد الشــركات‬ ‫‪-2‬‬
‫المتنوعة النشاط ببيع شركة أو وحدة نشاط‪ ،‬ويترتب عن ذلك استبعادها عن محفظة أنشطة الشركة‪.‬‬

‫‪-1‬د‪ .‬نبيل محمد مرسى‪ ،‬استراتيجياتـ اإلدارة العليا‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬ص‪.313-309:‬‬
‫التصفية‪ :‬ويقصد بها تصفية الشركة ألصولهاـ الملموسة وإغالق مصانعها‪ ،‬واألمثلة على هــذه االســتراتيجة‬ ‫‪-3‬‬
‫كثيرة مثل تصــفية الشــركة العمالقــة (‪ .)Eastern Airlines‬فمرحلــة التصــفية يمكن أن تتعــرض لهــا أي‬
‫شركة سواء كبيرة أو صغيرة‪¹ ".‬‬
‫الحيلة‪ :‬تعمل المؤسسة من خالل هذه اإلستراتيجية على إيهام منافسيهاـ بأنها تسيير في طريق الزوال‪ ،‬عــبر‬ ‫‪-4‬‬
‫خطة عمل دفاعية‪ ،‬في حين أنها قد تباغتهم في أي لحظة بمنتج جديد‪.‬‬

‫بعد أن تطرقنا بإيجازـ لكل من التخطيطـ واإلستراتيجية‪ ،‬مبينين مفهوم كل من هما‪ ،‬وكذا التقســيمات المختلفــة الــتي‬
‫يمكن أن يأخذها كل من التخطيط واإلستراتيجية‪ ،‬نجد أنفسنا أمام ضرورة الربط بينهما وهــذا مــا ســنعمل عليــه غي‬
‫الفصل القادم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬نبيل محمد مرسى‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬ص‪.314-313:‬‬
‫إستراتيجية التخطيطـ في المؤسسة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫{إن رسالة المنظمة تحاول جعل الرؤية أكثر تحديداً‪ ،‬أما األهداف فهي تعمل على جعل الرسالة أكثر تركيزا}‬
‫العملية اإلدارية في المؤسسة االقتصادية عمليــة معقــدة ومتشــعبة من المهــام والوظــائف‪ ،‬الــتي تســعى في النهايــة إلى‬
‫تجميع‪ ،‬تنسيق‪ ،‬وتوجيه ثم مراقبة مجهودات أفرادها‪ ،‬من أجل تحقيق هدف مشترك‪ .‬وتحقيق هذا الهدف ال يتــأتى إال في‬
‫ظل إدارة حديثة تعتمد التخطيط اإلستراتيجي كوسيلة لرفع كفاءة المنظمة ككل‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مقدمة في اإلدارة اإلستراتيجية‬

‫" إن ما نفكر به أو نعرفه أو نؤمن به هو في نهاية األمر ال شــيء‪ ...‬فالشــيء الوحيــد هــو مــا نقــوم بــه أو نفعلــه"‪.¹‬ـ (‬
‫‪)Haies ,1955‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلدارة اإلستراتيجية ؟‬

‫قبل التطرقـ إلى التخطيط اإلستراتيجي علينا الوقوف عند مصطلح مهم وهو اإلدارة اإلســتراتيجية‪ ،‬من منطلــق أن‬
‫التخطيطـ هو أولى الوظائفـ اإلدارية‪ ،‬وبالتالي علينا إعطاء مفهوم ولو بسيط لإلدارة اإلستراتيجية‪.‬‬
‫إن اإلدارة اإلستراتيجية هي ليست عملية تدريجية خالية من اإلشكاالت‪ ،‬بل هي عملية تكراريــة تعتريهـاـ صــبغة "‬
‫البعثرة "‪ ،‬إلى درجة أنها تقتضي توفر العمل الجاد من قبل معظم األفرادـ في المنظمة بهدف االرتقاء بها نحو المستقبل‪.‬‬
‫ليس مفهوم اإلدارة اإلستراتيجية جديدا‪ ،‬بل يرجــع إلى الســبعينات من القــرن الماضــي‪ ،‬حين قصــد بــه قيــام أشــخاص‬
‫معينين بالخروج ببرامج إستراتيجية ومن ثم محاولة ترويجهاـ إلى صناع القرار‪.‬‬
‫وفيـ عقد التسعينات اختلفت فكرة التخطيط االستراتيجيـ عن اإلدارة اإلســتراتيجية‪ ،‬حيث أن تعريــف ‪ Goodstein‬و‬
‫‪ Nolan‬و ‪ Pfeiffer‬للتخطيطـ االستراتيجيـ يبتعد عن كونه مجرد وظيفة من الوظائفـ العامة الــتي تقــوم بهــا الكــوادرـ‬
‫العاملة‪ ،‬بل أنه يركز بنا أكثر عن كونه عملية تقتضي من القادة الكبار للمنظمة أن يحددواـ االتجاه االستراتيجيـ لها‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬طاهر الغالبي‪ ،‬إستراتيجية األعمال‪ ،‬مدخل تطبيقي‪ ،‬دار الثقافة‪،‬األردن‪ .2006 ،‬ص‪ .17:‬عن‪:‬‬
‫)‪(Federation Report, February 1997‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فوائد اإلدارة اإلستراتيجية‬

‫‪8‬‬
‫عندما تمارس المنظمة اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬يصبح التفكير ذا طابع رؤيوي أكثر ويتسم بما يلي‪:¹‬‬
‫‪ ‬التفكير بشأن المستقبل‪ ،‬بحيث تكون حدود المنظمة أكثر مرونة‪.‬‬
‫‪ ‬تحويل التركيزـ من المدخالت التي تستخدمـ لتنفيذ العمل إلى المخرجات والنتائج التي ترغب المنظمة بتحقيقها‪.‬‬
‫‪ ‬التركيزـ على الرفع من نوعية العمليات واألداء التنظيميـ واعتبار ذلك مفتاحا أساسيا إليصال منتجات وخــدماتـ‬
‫ذات جودة عالية‪.‬‬
‫‪ ‬التوجه نحو الثقافة التنظيمية التي تتكيف بسهولة للتغيير‪.‬‬
‫ومن خالل الممارسة والعمل الجاد‪ ،‬فإن التعلم التنظيميـ الذي يحدث خالل تطبيق عمليــة اإلدارة اإلســتراتيجية ســوف‬
‫يجعل المنظمة قادرة على تحقيق أهدافها ورؤيتها‪.‬ـ ومع كل تحديث للخطة اإلستراتيجية‪ ،‬سوف يصبح القادة الكبار ذوي‬
‫قدرة أفضل على نشر الخطة وإجراء التغييرات وقياس األداء التنظيمي‪.‬‬

‫بعد عملية تحديد السياسة العامة للمؤسسة وأهدافها‪ ،‬وبعد التحليل العام للمحيط وللوضــعية الداخليــة و إمكاناتهــا‪ ،‬تمــر‬
‫المؤسسة في عملية التخطيطـ االستراتيجيـ إلى المرحلة األقرب من الميدان العملي‪ .‬فما هي اإلجراءات التي تمر بها هذه‬
‫العملية؟ ثم ما المراحل التي يشهدها نظام التخطيطـ االستراتيجيـ في تكونــه؟ وأخــيرا كيــف يمكن تقــييم ومراقبــة العمليــة‬
‫كلها؟‪.‬‬

‫نظام التخطيطـ االستراتيجيـ‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫لقد ُعرٌفَ التخطيط االستراتيجيـ على أنه‪" :‬عملية متواصلة ونظامية يقوم فيها األعضاء من القادة في المنظمة باتخاذ‬
‫القرارات المتعلقة بمستقبل تلك المنظمة وتطورها‪ ،‬باإلضافة إلى اإلجراءات والعمليات المطلوبة لتحقيق ذلــك المســتقبل‬
‫المنشودـ وتحديد الكيفية التي يتم فيها قياس مستوى النجاح في تحقيقه"‪.²‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬طاهر الغالبي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬ص‪.22:‬‬


‫‪ -2‬د‪.‬طاهر الغالبي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬ص‪.17:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إجراءات التخطيطـ االستراتيجيـ‬

‫يقصد باإلجراءات في معناهـا العـام مجموعـة القواعـد‪ ،‬الطـرق والتقنيـات‪ ،‬الـتي تسـمح بتكـوين وإعـداد نشـاط معين‬
‫وتوجيهه حتى النهاية المرغوبة‪ .‬وبالتالي فإن إجراءات التخطيط االستراتيجيـ تعمل على جمع تصورات ذهنية بعدد من‬
‫المصالح الوظيفية والعملية‪ ،‬من خالل طرح األسئلة التالية ومحاولة اإلجابة عنها‪:‬‬
‫ماذا يالئمنا أن نفعل؟‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يقتضي هذا السؤال دراسة المحيط لمعرفة الفرص والتهديداتـ المناسبة‪.‬‬
‫ماذا نستطيع أن نفعل؟‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫واإلجابة تكون بتحديدـ نقاط القوة والضعف بعد دراسة المؤسسة وطاقاتها‪.‬ـ‬
‫ماذا نريد أن نفعل؟‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يبين هذا السؤال طموحاتـ المسيرين‪ ،‬والمؤسسة عامة‪.‬‬
‫ماذا سنفعل؟‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وفيـ هذه المرحلة يتم تحديد االستراتيجيات والخططـ العملية‪.‬‬

‫فعلى هذه اإلجراءات أن تتطابق مع المنهجية العامة للمؤسسة‪ ،‬وهنا علينا أن نعرف أنه ال توجد منهجية متطابقة ي كــل‬
‫زمان ومكان‪ ،‬مما يستدعي على المؤسسة تكييف هذه اإلجراءات مع هيكلها وتنظيمهاـ بحيث تعطيها طابع المرونة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مراحل نظام التخطيطـ االستراتيجيـ‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫سنتطرق هنا إلى سيرورة هذا النظامـ بداية تحديد المؤسسة ألهدافهاـ وفق رؤيتهاـ المستقبلية والرسـالة الـتي تعمـل على‬
‫إيصالها‪ ،‬إلى غاية عملية الموازنة مارين بخمس مراحل نلخصها في ما يلي‪":‬‬

‫‪ )1‬مرحلة تحديد أو إظهار األهداف العامة‪:‬‬


‫وفيهاـ يتم إظهارـ النهايات والغايات التي يراها المسيرون كمجــال لعمــل المؤسســة‪ ،‬وهي العناصــر الــتي يتم تحديــدهاـ‬
‫بعدة طرق‪ ،‬وتد ٌخ ِل عدة أطراف لها دور ووجود في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ )2‬مرحلة تحليل وتشخيص الوضعية اإلستراتيجية للمؤسسة في محيطها‪:‬‬
‫تتضمن هذه المرحلة دراسة المحيط من خالل حصر الفرص التي يقدمها والقيودـ التي يفرضــها على المؤسســة‪ ،‬حيث‬
‫أن تشخيص المؤسسة لمحيطهاـ سوا ًء المباشــر أو الموســع يســمح لهــا بتحديـدـ وضــعيتها تجــاه المنافســين‪ ،‬وذلــك بطــرح‬
‫السؤال‪ :‬كيف يمكن أن نصل إلى الهدف مقارنة مع اآلخرين؟‬
‫والهـدفـ من هـذا هـو اإلطالع على نقـاط القـوة والضـعفـ في الجـوانب المختلفـة لنشـاط المؤسسـة( التسـويق‪ ،‬اإلنتـاج‪،‬‬
‫التموين‪ ،‬المالية‪ .)...،‬حتى يتســنىـ لهــا بعــد ذلــك القيــام بتعــديالت أو إصــالحات للعــودة إلى التــوازن في نقــاط الضــعف‬
‫المسجلة‪ ،‬وبناء إستراتيجيتهاـ على أساس طاقاتها الفعلية والمتميزة‪.‬‬

‫‪ )3‬مرحلة وضع الخطة اإلستراتيجية‪:‬‬


‫في هذه المرحلة يتم اختيار إحدى اإلستراتيجيات الممكنة للمؤسسة والتي تستطيعـ أن تحقق فيها أكبر نسبة من النجــاح‬
‫من اإلمكانيات أو البدائل المختلفة‪ .‬ويتعلق هذا العمل بالنتائج اإلدارية الخارجية والداخلية من جهة‪ ،‬وبسياســة المؤسســة‬
‫وأهدافهاـ من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ )4‬مرحلة الخطة العملية‪:‬‬
‫المرحلة التي يتم فيها ترجمة العمليات الضرورية المنبثقة عن اإلستراتيجية المختارة إلى برامج أكثر دقة نســبيا‪ ،‬وفيـ‬
‫نفس الوقت التأكد من مردوديتهاـ المالية وانسجامها‪.‬ـ بحيث تهدف الخطة العملية أساسا إلى‪:‬‬
‫‪ -‬تحســين عمـل النشــاطات الموجـودة بتخطيـطـ أعمــال تطـوير‪ :‬أي االتجــاه أكـثر إلى التحليـل الــداخلي للمؤسسـة‬
‫استكماال للتحليل االستراتيجي‪ ،‬والقتراح أعمال تطويرـ ترمي إلى رفع كفاءة طرق تسييرـ النشاطات الموجودة‪.‬‬
‫‪ -‬برمجة القرارات الواجب اتخاذها لتنفيذ االختيارات اإلستراتجية المختارة‪ ،‬وذلك بوض ـعـ تــواريخ قصــوى لهــذه‬
‫القرارات مع األخذ بعين االعتبار األهداف والنتائج المحددة‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم مجموع اإليرادات والمصاريف الناتجة عن اإلستراتيجيات المحتفظ بها‪ ،‬بهدف مراقبة أو اختبار االنسجامـ‬
‫في الخطط بين مختلف األقسام‪.‬‬
‫‪ )5‬مرحلة الموازنة‪:‬‬
‫في هذه المرحلة تتم ترجمة السنة األولى من الخطة إلى موازنة تقديريــة‪ ،‬مرقمــة ومقيمــة ماليــا‪ ،‬تــوزع فيهــا المــوارد‬
‫وتحــددـ المســؤوليات‪ .‬حيث أن إعــداد الموازنــات يتم في الواقــع ضــمن نظــام مــوازنيـ تحــدده السياســة العامــة للمؤسســة‬
‫وثقافتها‪،‬ـ وإستراتيجيتها وطريقة اإلدارة المطبقة فيها‪ ،‬ديكتاتورية ديمقراطية‪...،‬إلخ‪ .‬كما أن هيكــل المؤسســة وتنظيمهــا‪،‬‬
‫الذي ينتج بدوره عن اإلستراتيجية العامة للمؤسسة‪ ،‬يحدد النظام الموازني‪.‬‬
‫هــذا النظــام عــادة مــا يتمــيز بوجــود عــدد من الموازنــات الرئيســية في أعلى الهــرم الهيكلي مثــل موازنــة المبيعــات‪،‬‬
‫اإلنتاج‪...،‬إلخ‪ .‬تأتي بعدها الموازنات األقل أهمية واألكثرـ جزئية مثل موازنة أعباء الورشات‪.‬ـ ويتوقف تدرج الموازنات‬
‫وتعددهاـ مع المستويات على التقسيم الذي تأخذه اإلدارة كمقياس لذلك‪ ،‬فقد تكون الموازنات حســب الوظــائفـ أو خطــوطـ‬
‫اإلنتاج أو حسب المناطق الجغرافية‪.‬‬
‫وتتجلىـ أهداف نظام الموازناتـ فيما يلي‪:‬‬
‫تحديد اإلمكانات والمواردـ الضرورية وتوزيعهاـ حسب رزنامــة زمنيــة لتنفيــذ األهــداف المحـددة في الخطــة‬ ‫‪-1‬‬
‫العملية وقبلهاـ في الخطة اإلستراتيجية‪ ،‬وبهذا فالموازنة تعتبر وسيلة تنفيذ للخطط وتنسيقـ فيما بينها‪.‬‬
‫توزي ـعـ المســؤوليات على مختلــف أقســام المســؤولية‪ ،‬والمصــالح‪ ،‬الــتي تحــددها المؤسســة حســب هيكلهــا‬ ‫‪-2‬‬
‫التنظيميـ وطريقة إدارتها‪.‬ـ وفي نفس الوقت وضع مختلف الموارد الماليــة والبشــرية تحت تصــرف هــؤالء‬
‫المسئولين وتوجيههم ضمن اإلستراتيجية العامة والسياسات الفرعية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫بالقيام بدراسات واطالعات على السوق وعلى إمكانيات المؤسسة الداخلية عند إعداد الموازنة‪ ،‬تصبح هــذه‬ ‫‪-3‬‬
‫األخــيرة وســيلة لمتابعــة حركــة المحيــط الــداخلي والخــارجي للمؤسســة باســتمرار‪،‬ـ وهي عمليــة تبتــدئ‬
‫باإلستراتيجية العامة والتحليالت التي تسبقها‪.‬‬
‫تسمح الموازنة بإعادة النظــر إن كــان ذلــك ضــروريا في األهــداف الزمنيــة‪ ،‬وفي توزيــع المــوارد المتعلقــة‬ ‫‪-4‬‬
‫بالسنة المعنية‪ ،‬وذلك نتيجة لما تقدمه تحليالت المحيط الداخلي والخارجيـ للمؤسسة من نتائج جديــدة لم تكن‬
‫متوقعة في اإلستراتيجية العامــة‪.‬وهــذا يــدخل ضــمن متابعــة المحيــط وتــدارك تأثيراتــه في الــوقت والمكــان‬
‫المناسبين‪.‬‬
‫كما في التنبؤ والتحليل اإلستراتيجي‪ ،‬فإن أعداد الموازنة تعتبر فرصة في يد المــؤولين إلشـراك المتعــاملين‬ ‫‪-5‬‬
‫الداخليين فيها أساسا‪ ،‬خاصة في المستوياتـ الدنيا حيث المتعاملون مع البرامج التنفيذيـة والمـوارد المختلفـة‬
‫في المؤسسة‪ .‬التي تعتبرـ كنظام سياســي وتقنــو‪-‬اقتصــاديـ في نفس الــوقت‪ ،‬ممــا يســتوجبـ األخــذ بالحســبان‬
‫الجانب االجتماعي والنزاعات والتحفيز‪ ،‬وغيرها من العناصرـ التي تجعل من الموازنــات إمــا وســيلة لرفــع‬
‫درجة اإلدماج وجمع أكثر للطاقات البشــرية وتوجيههــا نحــو تحقيــق أهــدافها‪ ،‬أو ســببا لظهــورـ نزاعــات أو‬
‫اضطراباتـ قد تؤدي إلى انفجارها‪.‬‬
‫كمــا أن الموازنــة تســمح بمتابعــة ومراقبــة وتقــييم األداء في مختلــف أجــزاء وأقســام المؤسســة وتحديـدـ المســؤوليات‪،‬‬
‫واستعمالـ نظام المكافآت في األخير‪ ،‬كما أن نتائج تحقيق الموازنات تصبح كعناصـرـ تــدخل في الموازنــة المقبلــة أو في‬
‫الخطة المستقبلية عن طريق نظام التغذية العكسية(‪.¹")le feed back‬‬

‫‪ -1‬ناصر دادي عدون‪ ،‬اإلدارة والتخطيطـ اإلستراتيجي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬ص‪:‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬موقع المؤسسات االقتصادية الجزائرية من‬
‫التخطيطـ اإلستراتيجيـ‬

‫الغــرض من هــذا الفصــل الثــالث هــو تحديــد مكانــة المؤسســات االقتصــادية الجزائريــة من وظيفــة التخطيــطـ‬
‫اإلستراتيجي‪ ،‬فمن المعلوم أن مؤسساتناـ االقتصادية قد أولت اهتماما لهــذا النشــاط اإلداري الرئيسـيـ في ســير عمــل‬
‫المنظمة‪ ،‬وما يمكن مالحظته أن التخطيط اإلستراتيجيـ في بالدنا قد مر بمرحلتين‪ ،‬حسب التطور الزمني لمنظمات‬
‫األعمال الجزائرية وسنتطرقـ إلى هاتين المرحلتين بالتفصيل‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التخطيطـ اإلستراتيجي في المؤسساتـ العمومية‬


‫الجزائرية خالل الثمانينات‬

‫"مارست المؤسســة العموميــة الوطنيــة عمليــة التخطيــط والتخطيــط اإلســتراتيجيـ متوسـطـ المــدى ضــمن الســياق‬
‫الوطنيـ والقيود والتدخالت من اإلدارة المركزية‪ .‬خاصة في المرحلة األولى من استعمال التخطي ـطـ أي حــتى نهايــة‬
‫سنة ‪ ،1987‬ولتدخل بعدها في نظام من التخطيطـ أقل ثقال وقيودا من سابقه في المرحلة األولى‪ ،‬وسوف نتطرقـ إلى‬
‫التخطيطـ على مستوى المؤسسة االقتصادية الجزائرية من حيث أهداف الخطة ومحتواها‪ ،‬وكذا األطراف المشــاركة‬
‫ضمن التخطيط اإلستراتيجيـ للمؤسسة"‪.¹‬‬

‫أهداف الخطة في المؤسسة‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫الخطة في المؤسسة تعبر عن العنصر األساسيـ لعملية تحديــد األهــداف النهائيــة‪ ،‬والــتي يســتوجب تحقيقهــا تحديــد‬
‫األهداف المرحلية‪ ،‬بتوفير وتوزيعـ الموارد‪ ،‬والوسائل بعد تقديرها‪ .‬وهــذه العناصـرـ تجتمــع في الواقــع ضــمن نظــام‬
‫التخطيطـ اإلستراتيجيـ الذي ذكرناه سابقا‪ ،‬والــذي يبتــدئ من وضــع األهــداف اإلســتراتيجية إلى وضــع الموازنــات‪،‬‬
‫ومراقبة تنفيذها مروراـ بالبرامج والخططـ العملية‪.‬‬
‫والمؤسسة الجزائرية هنا‪ ،‬ال تبتعد عن هذا التصورـ للتخطيط في مجموعه‪ ،‬ولكن مع وجــود االختالف في عمليــة‬
‫التطبيقـ والتنفيذ‪ ،‬حيث عملية وضع األهداف وتحديد المواردـ والوسائل ليست من صالحيات المؤسســة فقــط كوحــدة‬
‫مستقلة‪ ،‬بل يشترك فيهـا جهـاز التخطيـط المركـزي‪،‬ـ حيث تحـدد عن طريـق المبـالغ الممكن تخصيصـهاـ لكـل فـرع‬
‫اقتصادي على المستوىـ الوطني‪ ،‬وكذلك التوجيهات واألهداف العامــة‪ ،‬قبــل االنطالق في إعــداد الخطــة من طــرف‬
‫المؤسسات‪ ،‬التي تمر عبر ذلك إلى الجهاز المركزيـ للتخطيط‪ ،‬الذي يدرسها‪،‬ـ ويقرر رفضهاـ أو قبولهــا‪ ،‬مــع تعــديل‬
‫أو بدونه‪ .‬وهنا تظهر طاقات ومهاراتـ اإلقناع لدى المديرين‪ ،‬والمسؤولين في المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -1‬ناصر دادي عدون‪ ،‬اإلدارة والتخطيطـ اإلستراتيجي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬ص‪.149:‬‬
‫وخطــة المؤسســة ال تتعلــق بالنشــاطات االقتصــادية فقــط‪ ،‬بــل تعكس أيضــا إســتراتيجية اجتماعيــة‪ .‬وأثنــاء إعــداد‬
‫المؤسسة لخطتها ال تتمتع بحرية واستقاللية القرار‪ ،‬فهي تخضع للتوجيهات المركزيــة العامــة قبــل اإلعــداد‪ ،‬وأثنــاء‬
‫تنفيذها أيضا‪.‬‬
‫وقدـ شهدت المرحلة الثانية للمؤسسـة االقتصـادية نوعـا من التغــير في التصـورـ العـام للخطـة المتعلقـة بالمؤسسـة‬
‫العمومية (حسب قوانينهاـ الصادرة في سنة ‪ )1988‬بإعداد مخططهاـ للتنمية متوسطـ األجل‪ ،‬وتصادق عليه في إطــار‬
‫توجيهات وأهدافـ المخطط الوطني متوسطـ األجـل ومقتضـيات التكامــل االقتصــاديـ الفـرعي خاصـة‪ .‬ويهــدف هــذا‬
‫المخطط أساسا إلى‪:‬‬
‫وضع تنمية وإستراتيجية المؤسسة ضمن المخطط الوطني‪ ،‬وضمان انسجامهاـ فيه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تحديد واجبات كل من الدولة والمؤسسة‪ .‬في تطبيقـ هذا المخطط‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫خدمتــه كإطــار للعالقــات بين الدولــة والمؤسســات‪ ،‬وكإطــار مــرجعي لمتابعــة تقــييم نشــاطات هــذه‬ ‫‪-3‬‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫السماح بممارسات فعلية الستقاللية التسيير في المؤسسات بتحديد اإلطار والشروط‪.‬ـ‬ ‫‪-4‬‬
‫وهكذا يتضح أن مخطــط المؤسســة العموميــة االقتصــادية في نهايــة الثمانينــات يســتجيب أكــثر إلى أهــداف اقتصــادية‬
‫وطنية‪ ،‬ورغم استقاللية المؤسسة الشكلية إال أنها تبقى مرتبطة بالدولــة والمخطـطـ الوطــنيـ حســب درجــات متفاوتــة من‬
‫مؤسسة إلى أخرى‪ ،‬ويصعب فيها تحديد إستراتيجية واضحة‪.‬‬

‫األطراف المشاركة ضمن التخطيط االستراتيجي للمؤسسة‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫كما رأينا سابقا مرت المؤسسة العمومية في مجال تنظيمهـاـ الــداخلي بمرحلــتين ممــيزتين‪ ،‬الفاصــل بينهمــا هــو ســنة‬
‫‪ ،1988‬أين بدأت إصالحات االستقاللية تخرج إلى الوجود‪ .‬وسنتعرضـ هنا إلى الجهات المشاركة أو التي لها دخــل‬
‫في التخطيط وما يترتب عليه من أعمال في كل من المرحلتين‪.‬‬

‫‪ )1‬في المرحلة األولى‪ :‬في هذه المرحلـة كـان العامـل قـد أعطى دوراـ هامـا في عمليـة التسـيير‪ ،‬ومتابعـة‬
‫نشــاط المؤسســة‪ ،‬الــتي يعتــبر فيهــا مالــك أيضــا‪ .‬ولكن بقي دوره كمالحــظ فقــط في ظــل صــالحياته‬
‫المحدودة‪ .‬بحيث نالحظ أن كال من مجلس العمال واللجان المرفقة به ليس لهم عالقة فعالــة‪ ،‬أو تــدخل‬
‫حقيقي‪ ،‬في عملية التخطيطـ بقدر ما هي تقديم توصيات ومراقبة بعدية للنتـائج‪ .‬أمـا مجلس اإلدارة فهـو‬
‫الجهة الفاعلة في التخطيط وفيـ العمليات اإلدارية اإلستراتيجية‪ ،‬ابتـداء من بـرامج االسـتثمار‪ ،‬توسـيع‬
‫النشاطات‪ ،‬نظام المستخدمين‪ ،‬الهيكل اإلداري وغيرها‪ ،‬وإلى الحسابات وعناصر النتائج‪.‬‬
‫ومن هنا نالحظ أنه رغم اتجاه التسـيير االشـتراكيـ نظريـا إلى إشـتراك أكـثر للعمـال في المراقبـة‪،‬‬
‫وتســيير نشــاطات المنظمــة‪ ،‬إال أنــه ال يعطي صــالحيات حقيقيــة لهــؤالء‪ ،‬خاصــة فيمــا يتعلــق بالتخطي ـطـ‬
‫االستراتيجي‪ ،‬ويترك ذلك لمجلس اإلدارة الذي يوجد فيه ممثلون عنهم‪.‬‬
‫‪ )2‬في المرحلة الثانية‪ :‬في هذه المرحلة أخذت المؤسسة العمومية الجزائرية (حســب ق‪ )88.01:‬شــكال‬
‫آخر أكثر وضوحا في ما يتعلق بالجانب القــانونيـ والعالقــاتـ بين اإلدارة المركزيــة واإلدارة الداخليــة‬

‫‪12‬‬
‫فيها‪ ،‬حيث أصبحت تتمتع باألهلية القانونية الكاملة‪ ،‬فتشــترطـ وتلــتزم وتتعاقــد بكيفيــة مســتقلة بواســطة‬
‫أجهزتهاـ المؤهلة لذلك‪ ،‬بمقتضى قانونهاـ األساسي‪ ،‬وطبقا لقواعد التجارة واألحكامـ التشريعية المعمول‬
‫بها في مجال االلتزامات المدنية والتجارية‪.‬‬
‫ولهذا فالقيام بمختلف أعمال التخطيطـ االستراتيجي في هذه المؤسسة حسب القانون التجاريـ والمدني‬
‫الذي يعطي فيه سلطة هذا النشاط لمجلس اإلدارة وجمعية المساهمين‪.‬‬
‫إذ يعـــبر مجلس اإلدارة الســـلطة العليـــا في المؤسســـة‪ ،‬والمفكـــر الرئيســـي‪ ،‬والمســـيطر في التحليـــل‬
‫اإلستراتيجي‪ ،‬ووضعـ الخطط العامة‪ ،‬والسياسات‪ ،‬من أجل ضمان السير الجيد للمؤسسة‪ ،‬واستمرارـ حياتها‪.‬‬
‫وهو المجلس الذي يربط بين الجمعية العامة للمساهمين في هذه المؤسسة‪ ،‬التي تعتبر ذات أسهم‪ ،‬والــتي لهــا‬
‫سلطة الملكية وإدارة المؤسسة في صورة مديرها الذي يتمتع بسلطة التسيير‪.‬‬
‫إذ يشترك في عملية التخطيط االستراتيجي كـل من مجلس اإلدارة والجمعيـة العامـة‪ ،‬والمـديرـ العـام‪ ،‬كـل‬
‫حسب الصالحيات التي يخولها له القانون‪.‬‬
‫كما تجدر المالحظة إلى أن مختلف المؤسسات التي مرت إلى االستقاللية لم تتمكن من االســتفادة بمــا فيــه‬
‫الكفاية من النصوص الجديدة آنذاك في التحضيرـ والقيام بوضع خطــط إســتراتيجية متوســطة المــدى‪ ،‬وذلــك‬
‫لعدة أسباب منها على األخص‪:‬‬
‫‪ -‬المشاكل المتعلقة بالجانب التأسيسيـ التي جابهتها المؤسساتـ في السنة األولى من تحولها إلى االستقاللية‪،‬‬
‫وذا عدم استقرار اإلطار االقتصاديـ الوطني مما ال يسمح بوضع وإعداد خطط عمل منسجمة‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور اإلختالالت في المسؤولية‪ ،‬وسوء اإلدارة الناتجة عن الخلط الكبــير في العالقــات بين المؤسســة واإلدارة‬
‫المركزيــة وغيرهــا‪ ،‬إذ رغم أن اإلصــالحات الخاصــة باالســتقاللية قــد أعطت المؤسســة اســتقاللية معينــة من خالل‬
‫نصوصها‪ ،‬إال أن هذا لم يسمح لها باالستفادة من إجــراءات التخطيـطـ االســتراتيجي‪ ،‬وهــذا لعــدم اعتمادهــا على التقنيــات‬
‫الحديثة في اإلدارة‪ ،‬ابتداء من تقنيات التسيير الكمية‪ ،‬ماعدا المحاسبة العامة الشكلية‪ ،‬إلى مناهج متابعــة وتقــييم‪ ،‬وتوجيــه‬
‫المواردـ المختلفة‪ ،‬وعلى رأسهاـ الموارد البشرية التي أهملت بشكل كبير في جــوانب تســييرها‪ ،‬واســتغاللها الفعــال‪ ،‬رغم‬
‫أنها هي التي تتميز بالدور الرياديـ في أي نشاط إنساني‪.‬‬
‫وعــدم نجــاح المؤسســة االقتصــادية العموميــة الجزائريــة في دخــول التخطيــط االســتراتيجي‪،‬ـ في مرحلــة االســتقاللية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى كل هذا‪ ،‬كان له أسباب أخرى منها التراكمات في نتائج التسيير‪ ،‬واإلدارة السلبية عبر عدة ســنوات‪ ،‬وبقــاء‬
‫نفس المــؤطرين والمــديرين لهــذه اإلصــالحات‪ ,‬كمــا لم تكن صــناديقـ المســاهمة إال صــورة أخــرى من صــور الضــغطـ‬
‫والتــدخل اإلداري‪ ،‬رغم اآلمــال الــتي كــانت معلقــة عليهــا لتحســين أداء المؤسســات‪ .‬وهــو مــا يســمح بــالقول أن هــذه‬
‫اإلصالحات لم توفر لها الظروف الجيدة والحقيقية للنجاح في الواقع‪ ،‬فهــل ســتنجح اإلصــالحات الــتي تلتهــا للــدخول إلى‬
‫اقتصــاد الســوق بشــكل واضــح وأعمــق؟ وهــل ســتنجح في إدخــال التقنيــات الحديثــة في إدارتهــا وعلى رأســها التخطيــط‬
‫االستراتيجي وما يرتبط به من جوانب متشابكة ومعقدة؟‪ ،‬فهذا ما سنحاولـ اإلجابة عنه في المبحث الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التخطيطـ اإلستراتيجي في المؤسسة الجزائرية‬


‫في اقتصادـ السوق‬

‫لقد وجدت المؤسسة الجزائرية نفسها في ظل الظروف الحالية‪ ،‬والمستقبلية‪ ،‬لالقتصادـ الوطني مضطرة إلى أن تكيــف‬
‫طرقـ تسييرها مع التنظيم الجديد لالقتصاد‪،‬ـ وتعمل على مقاطعة الطرق السابقة للتسيير وما يرتبط بها من عدم اســتعمال‬
‫حقيقي لتقنياته‪ .‬وبالتالي االعتماد على خطة للنجاعة أو التصحيح بالمؤسســة العموميــة‪ ،‬تعتمــد على تقنيــات حديثــة تــدعم‬
‫التخطيطـ االستراتيجيـ بها وهو ما سنراه في هذا المبحث‪.‬‬

‫خطة التصحيح بالمؤسسة االقتصادية‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫إن خطـة التصــحيح بالمؤسسـة مــا هي في الواقــع إال خطـة إســتراتيجية انتقاليـة أو من نـوع خــاص لهـذه الفـترة‪ ،‬فهي‬
‫تستوجب القيام بكل مراحل التخطيط االستراتيجي وتحديدـ األهداف اإلستراتيجية عبر أفق معين متوسط قــد يصــل إلى ‪5‬‬
‫سنوات‪ ،‬تحاول المؤسسة فيه الوصول إلى تحقيق الشروطـ والعوامل الضرورية للحكم على نشاطهاـ بعد ذلك‪ .‬وهذا يعــني‬
‫أيضا توزيع هذه األهداف إلى أهداف قصيرة األجل وسنوية‪ ،‬في الزمن وعبر فروع ومستويات المؤسسة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وإذا كانت خطة التصحيح خطة هي خطة إستراتيجية خاصة‪ ،‬أو انتقالية‪ ،‬فإن المؤسسات الصــناعية العموميــة‪ ،‬ســواء‬
‫في هذه النقطة أو غيرهــا في المســتقبل‪ ،‬عليهــا أن تعمــل على إتبــاع الخطــوات العامــة للخطــة اإلســتراتيجية‪ ،‬وفي حالــة‬
‫وضعية هذه المؤسسات يجب أن يصب االهتمام على المشاكل‪ ،‬والظروف الخاصة بها‪ ،‬وفي الزمن الــذي يتم فيــه إعــداد‬
‫الخطة‪ ،‬وأن تكون لديها النظرة اإلستراتيجية طويلة األجــل‪ ،‬ومــا يرتبـطـ بحياتهــا ومحيطهـاـ الوطــني وتحركاتــه‪ ،‬وأيضــا‬
‫المغاربيـ والمتوسطي‪ ،‬مع متابعة عالقة الجزائر بالسوقـ األوروبية المشتركة ومنظمة التجارة الدولية‪ .‬وفي هــذه الخطــة‬
‫يتم اتخاذ القرارات المتوسطة وقصيرة األجل بعيدا عن القرارات االرتجالية التي طالما تميزت بها في مراحل سابقة‪.‬‬
‫بحيث يجدر اإلشارة إلى أن خطة النجاعة تحوي عناصر من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬مطاردة التكاليف الزائدة‪ ،‬وتخفيض العمال‪ ،‬التنازل عن استثمارات‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل القيادة‪ :‬إعادة التنظيم‪ ،‬محاسبة تحليلية‪ ،‬نظام معلومات التسيير وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬التسويقـ الجديد المختلط‬
‫‪ -‬الثقافة الجديدة الواجب تجذيرها‪.‬ـ‬
‫ولكي تكون هذه الخطة مثمرة وذات نجاعــة لمؤسســاتنا الوطنيــة يجب تــدعيمها بتقنيــات معينــة تعمــل على الرفــع من‬
‫كفاءة التخطيط وخلق ميزة تنافسية للمؤسسة في ظل سوقـ شرس ال يكون البقاء فيه إال لألقوى‪.‬‬

‫تقنيات دعم التخطيط االستراتيجيـ‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫التخطيطـ االستراتيجيـ كوسيلة مهمة يشترك فيها مختلف األفرادـ واألطرافـ في المؤسســة‪ ،‬من أعلى هــرم اإلدارة إلى‬
‫آخر األفراد والعمال المنفذين‪ ،‬وكل منهم له دور محدد في إعداد‪ ،‬وتنفيذ ومراقبة‪ ،‬نتائج هذا التخطيط بشكل منتظم‪.‬‬
‫والسؤالـ الذي يمكن طرحه في موضوع المؤسسة العمومية الجزائرية هو‪:‬‬
‫كيف ترى اإلدارة إلى هذه التقنيات ودورها في المؤسسة‪ ،‬وإلى أي مدى تستفيد منها في التسيير واإلدارة؟‪.‬‬
‫ولإلجابة على هذا السؤال المزدوج ال نبــدأ من مـا إذا كــانت المؤسسـاتـ تطبـق هــذه التقنيـات‪ ،‬ألنهــا موجــودة بالفعـل‬
‫ومستعملة بشكل أو بآخر‪ ،‬خاصة مع إجبارية تطبيق المحاسبة العامة ابتداء من جانفي ‪ .1976‬ثم تطبيق التدقيقـ الداخلي‬
‫حسب قانون ‪ ،88.01‬لذا فالمشكل ال يطرح على وجود أو تطــبيق هــذه التقنيــات في مجملهــا‪ ،‬وإنمــا كيفيــة التطــبيق‪ ،‬أو‬
‫على األقل فيما يتعلق باألساســية منهــا‪ .‬زهنــا يكمن أن نســتخلص مــا يلي حــول كيفيــة تطــبيق ومــدىـ االســتفادة من هــذه‬
‫التقنيات‪:‬‬
‫‪ )1‬المحاســبة العامة‪ :‬تعتــبر من أول التقنيــات المســتعملة في المؤسســات الصــناعية الجزائريــة ســواء فيمــا يتعلــق‬
‫بمتابعة وتسجيلـ كل العمليات المحاسبية‪ ،‬أو بإعداد ومراقبة السجالت مثل اليومية‪ ،‬دفترـ األســتاذ‪ ،‬وكــذا إعــداد‬
‫الميزانية المحاسبية‪ ،‬وجدول حســابات النتــائج‪ .‬إال أن هــذه العناصــر‪ ،‬رغم وجودهـاـ فهي تطبــق بطريقــة غــير‬
‫مفيدة كثيرا‪ ،‬إذا قد ال يتم الجرد الدائم للمخزون‪ ،‬وكذا مشاكل تتعلق بمتابعة إهتالك االستثمارات‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ )2‬المحاسبة التحليلية‪ :‬تعتبر هذه التقنية ذات استعمال داخلي أساسا في عدة مجاالت‪ ،‬منها على الخصوص متابعة‬
‫التكاليف حسب األقسامـ والمنتجات‪ ،‬وعبر الزمن‪ ،‬وتحديدـ سعر التكلفة للمنتجات والخدمات‪ ،‬وســعرـ بيعهــا بعــد‬
‫تطبيق هامش الربح المحقق‪ ،‬لكنها تبقى غير مستعملة كما يجب في مجال التكاليفـ بل تحسب إمــا بشــكل غــير‬
‫علمي‪ ،‬أو تحسب وال تطبق على األسعار‪ ،‬أي تحديد هذه العناصرـ يتم تقديريا من جهات عليا بالنسبة للوحـدات‬
‫اإلنتاجية أو خارج المؤسسة تماما‪.‬‬
‫‪ )3‬تسيير الخزينة‪ :‬وهي تقنية التحليل المالي التي تستعمل قواعد النسب المالية والتوازناتـ المالية‪ ،‬وتجد المؤسسة‬
‫الجزائرية نفسها تعاني كثيرا في هذا المجال لعدة أسباب منها سوء تحقيق التوازنات المالية‪ ،‬فيما يتعلق بمبادئ‬
‫التمويل الثابتة‪ ،‬لتراكم النتائج السلبية‪ ،‬ولسوء التنســيقـ بين االســتعماالت الطويلــة األجــل لألمــوال‪ ،‬وهــذا رغم‬
‫توفر بعض الســيولة في المــدى القصــير‪ ،‬إال أنهــا ســريعا مــا تتبخــر‪ ،‬لتبقى المؤسســة في بحث دائم عن أمــوال‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ )4‬التدقيق الداخلي‪ :‬أو ما قد يسمى بالمراجعة الداخلية‪ ،‬وهي وظيفة تعنى بعملية مراقبــة وتــدقيق مختلــف أنشــطة‬
‫المتابعة‪ ،‬والتنفيذ في المؤسسة‪ .‬وهي تتضمن إلطالع ومالحظة أنظمة المراقبة في المؤسسة‪ ،‬وتقــديمـ التحاليــل‬
‫واآلراء حولها‪ ،‬وتقترح أدوات التوجيه والتعديل‪.‬‬
‫‪ )5‬التقنيـات األخـرى‪ :‬أمـا مختلـف التقنيـات األخـرى من تســيير للمخزونـات‪ ،‬برمجــة خطيــة‪ ،‬وغيرهـا فهي وإن‬
‫وجدت فهي بنسب ضعيفة جدا‪ .‬وهذا يعني سوء أو عدم االســتفادة منهــا نهائيــا‪ .‬وفي هــذا المجــال يجب التأكيــد‬
‫على أن المؤسساتـ العموميــة تتمــيز بضــعفـ نظــام معلومــات التســيير الــذي من المفــروض أن يكــون القاعــدة‬
‫‪14‬‬
‫األساسية التي تستفيد من معطياتهــا‪ ،‬وأدواتهـاـ اإلدارة في إعــداد كــل مــا يجب اتخــاذه من قــراراتـ وإجــراءات‬
‫تتعلق بالتخطيط االستراتيجي أو مراحل تنفيذه‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫التخطيطـ علم وفن وإذا جاز لنا تحديد موضعه فإنه يحتــل نقطــة وسـطـ تلتقي فيهــا العلــوم على اختالف أنواعهــا‪ ،‬فكــل‬
‫مجال من مجاالت المعرفة اإلنســانية يمــارس فيهــا التخطيـطـ بشــكل أو بــآخر‪ ،‬ولــو حاولنــا تصــنيفـ التخطيــط من حيث‬
‫الموضوع لكان من الصعب حصر أنواعـه نظـرا لكثرتهـا‪ ،‬فالتخطيــط التقليـدي األحـادي البعـد لم يعـد مقبـوال‪ ،‬وأصـبح‬
‫التخطيطـ االستراتيجيـ المعاصر تخطيطا متعدد األبعاد والمستويات المرجعية والعلمية والمعرفيــة‪ ،‬كــذلك لم تعــد عمليــة‬
‫التخطيطـ االستراتيجيـ فقط عملية اقتصادية كما هو متعارف عليه تقليديا‪ ،‬بل أصــبحت عمليــة جماعيــة تمــارس من قبــل‬
‫مجموعة أو فريق من المخططين الذين ينتمون إلى تخصصات عديدة ويختلــف عــددهم وطبيعــة تخصصــاتهم بــاختالف‬
‫نوع التخطيط الممارس‪.‬‬
‫وخالصة هذه المناقشة حول ماهية التخطيطـ االستراتيجي يمكننا القول أننا في حاجــة إلى إســتراتيجية فعالــة للتخطيــط‬
‫تقوم على مبادئ وأسس علمية ومتينة لنضمن لمنظماتناـ البقاء واالستمرارـ و النمو‪ ،‬فقد أثبتت الدراسات أن نحــو ‪%80‬‬
‫من المؤسسات التي يتم تصفيتها وجد أنها لم تكن تطبق التخطيطـ العلمي على أنشطتها‪.‬ـ‬

‫* قائمة المراجع المعتمدة‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫أ‪ -‬المراجع المكتبية (األساسية)‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪.‬شوام بوشامة‪ -‬مدخل إلى االقتصاد العام‪ -‬الطبعة الثانية‪ -‬دار الغرب للنشر‪.2000-‬‬
‫‪ -2‬د‪.‬عثمان محمد غنيم‪ -‬التخطيط‪:‬ـ أسس ومبادئـ عامة‪ -‬دار صفاء للنشر‪-‬عمان‪.2001-‬‬
‫‪ -3‬د‪.‬علي عباس‪ -‬أساسيات علم اإلدارة‪ -‬دار المسيرة‪-‬عمان‪.2004-‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬نبيل محمد مرسى‪ -‬استراتيجياتـ اإلدارة العليا‪ -‬المكتب الجامعي الحديث‪ -‬مصر‪.2006 -‬‬
‫‪ -5‬ناصر دادي عدون‪ -‬اإلدارة والتخطيطـ اإلستراتيجي‪ -‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر‪.2001-‬‬
‫‪ -6‬د‪.‬طاهر الغالبي‪ -‬إستراتيجية األعمال‪ -‬مدخل تطبيقي‪ -‬دار الثقافة‪ -‬األردن‪.2006 -‬‬

‫ب‪ -‬المراجع المساعدة (الثانوية)‪:‬‬


‫‪ -1‬اسماعيل الحمراوي‪:‬ـ باحث في الحقل الجمعوي‪ -‬مقال منشور بتاريخ‪.2006-08-31:‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬طالل الشريف‪ -‬قسم اإلدارة العامة ‪ -‬جامعة الملك عبد العزيز‪.‬ـ‬
‫‪ -3‬محمد الضبعان‪ -‬إدارة الدراسات‪www.shura.gov.sa/arabicsite/majalah36/qatheya.htm - 102k -‬‬
‫‪.-‬‬
‫‪ -4‬اإلدارة اإلستراتيجية‪ -‬مركز اإلدارة والتنمية‪http://www.mdcegypt.com/Site-Arabic/Management .‬‬
‫‪ -5‬الموسوعة االلكترونية‪ :‬ويكييديا‪.http://ar.wikipedia.org/wiki -‬‬
‫‪.Dictionnaire : Larousse - 1990 - p : 495 -6‬‬

‫‪16‬‬

You might also like