Professional Documents
Culture Documents
اللجنة المناقشة
الصفة الجامعة األصلية الرتبة األستاذ(ة)
إن االمي ا ن عدّااان اج ا ال قاياا ،و إن ك ا ن ال ققاان االم ااع يف اجّااج اج ع اي أث ا ع لية اا،
ال قااا ا عضاع عّااا ال ق ا ن الّااجن اجّ أ اجيي إال أمااق يد ا ع ااج ل ا م ااا و إذ أن الشخص ا ،
إ اارا ضا ا ع لاض اا ،ا الّجع اا ،جّع اا ،عااراض ااج ا الدّااان مااق ماج ا مقص ا ن لة ي ا
االخدالط اجف م الدصوضات عني ج و نيين لقاي عني ج و لةيي ج عي .
يةحظ اجدد لة ثري جي الاضاس ت اليت لت قامي ال قا الثق لةقا ض الّاجي أّنا ال ا ن لةاو
جي حم ل ،ض ط لةّال ت الايت اجعط ال قاا الثقا جا ناري جاي اج ا ال قايا ،ال ويا ،جا ة ا جا
عّا احلااث .،
كااون ال قااا الثق ا ليااا إ ف ااا اجضاايجات ال ااق ،لة صااوح ال ح اث اج ي ا
اجاعة اجغَّ و إث ضة جميول ،جي القض ي ا سئة ،اجلال ،ا سا ط الثق ا ،الّجع ا ،او ج ا
ا نن ا الفااي عصااف ،ل جاا ،وجا أ اااي مقةاا ،مول اا ،الف ااج ا ني ال قاااي ل ااا الّاجنو قااا كا ن
لااز ا اجج ّ ا ت ال وياا ،الدف اا ،و نري ا جااي اج ا ال قاياا ،احلايثاا ،الاايت ال ضاادم ع د ا نات
ال قاي اا ،اي ض اا ،لةا ا ح و ذل ااا جج ة اا ،جا ا عّ ااا احلااث اا ،الش ا ا ن الواس ا ا ال ااري متخض ا ات ل ااق
الاضاس ت الثق ،اجدواأة ،ل ا عج ا لان جاي الد ا ضات ال قايا ،و أ ضا ا عاج ا ا ض ال قاا الثقا و
اج نياا ،الثق اا،و لقااا اض ي ا أن ي ااون جوضااوو ث ا اارا ااو صــة اآلخر ـ آل ـ آل ـع آلخلمتنبـ آل–آل
ال قاياا ،جا ا احلااث ا ،و ج وما ت جا عّااا ااثاا، نقــدآلاقـ )-وإطا ضا لاضاسا ،اازا لال اا ،اج ا
،ج ع ،ل نة دح ال ح لة ع ق الثق ا ،عّاا أن أنةقداق وكون االلدي ن لة ال قا الثق
نضاسادق اجدضاي ،ال ااط طاج ال ا ا محمدآلخلخبّـ "
الةغوي ،ا سةوع ،و و ج أ جق " ّ اج
ال قاي (خألن /آلخر )آل نضاس ،ثق ،و ضكز لةا اجل ما الثا موي و اي أ ام أسا ن اخد ضما
م ا أن هلاارا اجوضااوو كااون الاضاس ا ت ال قاياا ،ااو اجد اا" ا دياات عا ا اا" ا م ا " ك ااة ،لة ا و ا
ا ع سدف ضاا ،الساادعالع ااّج "خلمتنب ـ " ا ايااوه محمــدآلخلخبّ ـ " أث ا ض جف ض اا، ال ااا " ّ
ق ق ،الصوضة الد ضخي ،جدّةق ضا ع ل قاا الثقا ال شا لاي جااط قا ،لةيا اجد ا وع ضا ،
و الاا إ ا امد الق ض الّجي إ ا لي ال قاي ،و الش لج الفر حم ل ،الغوح
ا م لدو حنو ر الاضاس ،و إ أي جاط اسد و اي ا إعجاا الّال ،ال ق ،عني الرات
اآلخ ا ا ااج ؟ ك ا ا ا ا مت ا ا ااي ج ا ا ااي الدوأ ا ا ا ا ا الاضاس ا ا اا ،الثق ا ا ا اا ،ا ا ا ا الدي ا ا ا ا ن لة ا ا ا ا اج ا ا ا ا
أ
م ــقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
اال دي ا لي و لة ش ا لااي اجضاايجات الااخة اا ،لثم ا الثق اا ،ا اج ا ال قاياا ،ا خااجط ؟
ال ّا جتجع ،ال قا الثق ل ا "اي ا" جت ألي اجد " ع جلاياة و جا ا ك ن الش ل ا ا ا ا اج ال اقي
ا الري ا دم ال قا ن الّاجن ع لي لاق وأعجا ا ةاا الايت أ ج ا "ل اا ا الغاراجي" الايت سا ت
ع ع جشج لق ال قاي و نضاس " ،ني الق أا"
ال خيف ا لة ا ك ا ع ااث ناضو ااون أااّوع ت اي جوضااوو ثااي و جااي الّوائاان الاايت
ا د اجن ا ث را وكثجة اج نة اجّج ،أّوع ،صاج وا ما امفدا ال حاث لةا لااة
اجت ا ا ت مقاي اا،و ضا ا ن الو اات ال ااري ا ا ع ا ا ع ااني اجزي ااا ج ااي ال ح ااث الد ااا نو ل ااي اار
الصّوع ت مل ق ل ئق أج يف إمت ج هلرا ال حث.
را لة اجصاض الري ج لق ع لاضاس ،و كد ن صة اآلخر آل آل ث ا الديام
محمــدآلخلخبّ ـ " و ع الض ا ،ا لاااة ججا ا أعجا ا كد ا ن خلنّقــدآلخلاّقـ ـ
ــع آلخلمتنبـ ـ آل) لة ااا " ّ
تمهيــدآلمب ـدآل )آلر ا ـ آلآيزب ج ـ و ال قااا الثق ا ) لا ا ا ا ا اا"حســياآلخلق صــد " و كد ا ن ه ـ هآله ـ آل
ارا ال حاث الاضاسا ،الدحة ا اي اججا ا الايت سا لا خألغالل) ل اا" عبـدآلخ آلخلقيـيم "و
جّدياايي لةا اجا اجوضاولي الااري أ ااج احلي ااا ج عا ج سا ل قاا ال قااا ن ن نااري وجّديااايي
ا اجل ما إ جاعات الدحة الوأ و عا ع ارا ال حاث جااخ مااجيو ثالثا ،صاو نجا
ال اااجي الد قااي و ااو جا نلاات ال ااق ط ّاا ،اجوضااوو أجا اجاااخ قااا ج ا ااق ا ااوض ماجياا،
ااث ام ةق ا جااي جج ةاا ،احلااثاا ،ج عّااا احلااثاا ،ك ضض ا ،ع اات لة ا اج ا ال قاياا، ال ق اا الثق ا
جي مث الاضاس ت الثق ،ك م جج ّ ،جي جج ّ ت ال قا الثق .
أجا الفصااو قااا ا كا صا ثااالي ل ا يي ضاام كا صا ثااالي ل ا يي جل اا ،ا ع ا
حتت ل وم" ،ج دوي ت ا دغ ال قا الثقا " ل ا اق أ ام اج ادوي ت الايت ضكازت لة ا الاضاسا ت
اارا اجوضااوو خصصا ج ا الّجع اا ،وججالا ة ل ّاا ،اجوضااوو وأجا الفصا الثا الااري ه ا ع ا اا"
ال قاي ،ال عق ،لق الدّ لن ال قاي كد ن حميا اي ا " جي خال خمدة جدّةق ق ع ج أ
م ا الد قاي اجج ا ،ع ج ا ال ا ،جا ةات لة اق نضاسا ،ال اا ا عت عشا جوسا
جي إج يف هبرا اجل م و أج الفص الث لث خصص لا اةحايث ج وما ت جا عّاا احلااثا ،اي جاي
أ م ّ ت ال قا الثق و امد خب مت ،ا دوت لة ال د ئ احملصة ،جي خال ث راو إنضاج
ب
م ــقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
لق ئي ،اجص نض اججا اليت جل م ال جّ جل ،جوضوو ال حث و أجة ا خري أن يةق را ال حاث
اال دي يف جاي القاجاع مج او جاي ا لاز ا أن يو ق ا لاو ةا ال القا ع الضاوع لةا ا ايا جاةيا،
ال قااا الثق ا الّااجي و ا خااري ك ا الش ا ج لثسااد ذة اجشااج ،لة ا اارا ال ح اث حل ااي مص ا ئح
و ض .
ج
مهاد نظري لتطور نظرية النّقد الثقافي
-1الحداثة وما بعد الحداثة وأثرهما تحديد معالم النّقد الثقافي
1-4عند الغرب
2-4عند العرب
-1اظ :ا ديعل ل محّو ة ،دمل د د دحمل ّا ع" ق دي ا و ع دىل ديعاو و ع " ،1 ،دمل دملع كع ،دجمللس دأ ل يلاقدكع
يدإ اد ،ديوو ت ،ص.22
-2اظ :ي ي ،دااد ع ي د عا دااد ع : ،كد صاوو ، 1 ،ا وود دجملاض دياقد ،ص .22عصّ
-3عبد العزيز حمّودة ،المرايا المحدبة ،ص.33-33
7
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
-1آو د ل كدو ،دياّقا دياّقد (ز ا ا ي) ،ت :يكد د دة حل يو ضدر طدي س ،1 ،دجمللس دأ ل يلاقدكع يديااور يدإ اد ،
ديوو ت ،2000 ،ص.31
-2ي ي ،دااد ع ي د عا دااد ع ،ص .33
-3آو ل ل كدو ،دياّقا دياقد ،ص.33
8
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
كدملد عا دااد ي سعاعض ديلعب ل ديسطح ي سعخ ديلّعب ل ديعاع ق ح ث ونر جمّ
حاق إىل دملد ي (،)1ييع ّ ةذد كاح عىن ملد عا دااد ع ييوق ال عوت اا ذي كديقد اع طو لع ،
يزد ديعخلص ق دأ د ديلد اة ق دادكع « وفي هها الجو من اإلخفان الحداثي من جهة
وان شاف الهوامش الباالد حداثبة من جهة خرى جاءت الهويات وهي ملنى ثقافي جديد
[ ،يثد لر ()2
كبصطحح وملنى يب ن حعثان قحى ما الد الحداثة كأحد سباتها األساسبة »
ووء د عا دااد ق حوأ دمل ي دااد ي تا لكضت إىل أزق كو ي ي الي يمل عا ةلال
ل تاد ع أر ديذي مت إمدزه حاد د ةو ديض يوة صح ح يحق قي يمج ي لفدتي يةذد د كع
عض دملاو ق قوأ أر ةادء ل د د يعاو دياقع دااد ع ي د ّ د د د دأفدت ع ي ل ّ سد د دملع ك ع
يتأي د د ديعا قع حىت ل ّر "توو ق" ذةب يلقوأ ( إ ّر دااد ع مل تعُا توة يلعّح ييواّ د صدو
صاود يإل عع د يدإ ط د يديقاض) ،ي ا ةذد داس دإنعقد ي تأيت ديععا ع دياقدك ع يعض ب
ودك ع ديوكدةع دي د خع ق ح ث ل ّ د قدكع ذ وو ع ضد غ ع ل دمل ل ع دياقدك ع ذد
دمل ااع يدملعهدةلع يآلف ،يدأف ى تأيت يلعع ّا ع دياقدك ع يعط ح تض ع دياّقدكع وصا د ديساد
ّ
ع دأف ى دييت ي ست ذ وو ع يمل توق ديس ،يديعادص دي
ذد توو اد خمعلاع دياّسو ع ،ي ّ
ديعّدّدو دملل ّ سديت ديّمسي ]( ، )3ك ذه ديصلع ديو قع ق د ةو نقاي ي د ةو قد تد اع ال نسعط ض
ديعدتع ال تعين ديض يوة لر سعح د ،يوق تل هبد إر مل وق ذي كو د لي او دإ يد
د ةو نقاي قد يديعوس وّثد ال وور صح ح .يةذد د لت ر ديا عوو " ّسدو تطّوس" وور
توير ل ّر « النقد الثقافي صرقة من صرقات الف ر الغراي في جري ولهائ البعتبر نحو
تجاوز الحداثة وما الد الحداثة وينظر إلب اوصف مظف واسلة تضم تحتها اإلتجاهات الغرابة
()2
3كالتاريخانبة الجديدة د والبادية الثقافبة د وما الد ال ولونبالبة و النقد النعوي »
9
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
4
-1اظ ،حسق ديسادة هي يآف ير ،ا دهلل دي ذد ي يدملادو ع دياقا ع يدياقدك ع ،1 ،ديادو دي ضد ،دمل ب ،2003،ص ،20عص
-2اظ :و ر ،ص ،21عص
10
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
« تثحورت ملالم الدراسات الثقافبة في قةا 1691قنةدما تأسعة( رمركةز ارمن هةا لحدراسةات
الثقافبةةة البلاصةةرة ذ د وهةةهه الحقثةةة كانةة( حثحةةى اضةةروب متنوقةةة مةةن التبةةرد قح ةى األنعةةان
الشةةائلة فةةي الثقافةةة الغرابةةة د فعةةرقا مةةا تصةةدل الةةد سةةنوات الفهةةم التقحبةةدي الةةهي لةةاقت
البنةةاها الش ة حبة والثنبويةةة ل ة دب د اةةف ّةةن الثنبويةةة نفعةةها تشةةقق( اظه ةور مةةا يصةةطحح قحب ة
اة ة ة ةةةررالثنبوية الت وينبةةة ذذ د وقلةةت ثثةةف تةأز مةةر النعةةق البغحةةق ويتفجةةر قةةن جبحةةة مةةن ةةروب
التححبةةف النقةةدي والثقةةافي د كاإلتجاهةةات العةةبببوطبقبة د والتف ب بةةة والتأويحبةةة د ورافةةق قلةةت
()1
اإلزدهار االنعثة لحدراسات الخاصة االتحقي »
-3الدراسات الثقافبة و اإلنطمثة نحو النقد الثقافي :
دي ّاود د دياقدك ع أ د أر غ ةد ق تضد د دياو يدملع كع ي ست كا اة ي يع ّ ق مسد د
خصصد ي ط در ديص ع ديعاظ ع ل د يت ظ د حقوأ لي قدكد عاّتع ي دي اوض ر ديعّ ّ
ديذي عيي دةعاد د د ي ادةه د ةذد قو دمل أر لاح ك د ل دال يدت ه د دييت لك ز د
دملادو د دياقا ع دأف ى ا ( دي ا وي ،ي د عا دي ا وي ،ي دياقا دياسوي يديعحل ديااسي،
توور ادة ة نادي ع إذ تسعاا يكو ةد ق
دتد د ةذه تود ّ ي ود ع دجلاو ع . )/.../يةي
غ ةد يتع و حق فدص ق فدأ ةذد دإ عاد دملسعا (. )2
« وثد تثن( الدراسات الثقافبة دور معاءلة اللحو البنتببة إلى الحقف اإلجتباقي د وقحو
اإلنعا واستجوا( مبارسات النقد األداي والببارسات التقحبدية وللث( فبها دورا حاسبا
وهها ما يجلحها افرازا لحنظرية الثنبوية وما الدها وتجعبدا لبا يب ن ا تفضي الب في الحباة
في صورتها التقويضبة ألسثاب منهجبة تتلارض جهريا م طرحها د ول ن الدراسات الثقافبة
()3
5تثثت واقتثرت وازل ثوتها وداف نشاطها»
-1حسق ديسادة هي ،ا دهلل دي ّذد ي يدملادو ع دياقا ع يدياقدك ع ،ص20
-2هدر دي ي لي ي عا دي دز ي ،ي ديادتا دأ يب ،3 ،دمل ل دياقد ديع يب ،ديادو دي ضد ،دمل ب ،2002 ،ص 120
-3ط د ديو سي ،ادف دياقا دال يب ،1 ،دو دي دزيوي ديعلا ع يلا يديعوز ض ،ادر ،دالو ر ،2002،ص 23
11
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
6
ي دي عض دىل ا ة الال صطلح ( قدكع ) ي د وعاار ق غاوض حىت د عىن دياقدكع
حي ّا يكقد ملصدحل تط ع يي س ي ض لاي ،ي عا دملا وو ديذي ت ّا ر "د يدو تد لوو" ق لةحل يلتاو
عد ر (دياقدكع دي اد ع ) دو 1281يةو « الثقافة هي ال ف البلقد الهي يضم ديعع اد
البلرفة والبلتقدات والفن واألخمن والقانو و التقالبد وكف االم انات االخرى التي
ي تعثها االنعا كة ةةلضو في البجتب »(. )1
دوء د ق أنر در ي ق فدأ دملا وو ديذي تا ر كوااد ديقوأ ل ّر دياقدكع جتاض
تأ س ديا يدجملعاض ق فدأ ل ر ي لفدتر ي مج ض لن طعر .
ل ّد دجملاض ديا نسي كع ك د « تطحق كحبة الثقافة االبلنى البجرد قحى اللالم ابقااف كحبة طثبلبة د
()2
فهي اللثقرية االنعانبة مضافة الى الطثبلة اغبة تحوير قطاءاتها وانبائها وتنببتها »
مفردتبن عد ر دملو وو (دياقدكع) « ا الثقافة لبع( فقط حد صل ي ى "ويحبامز ريبوند"
الى القول اأ الببارسة الثقافبة واالنتاج قنصرا اساسبا في في الحغة االنجحبزية اف قه
()3
ت وين النظا وانبت »
ادص ةد ي ا ع د يدمند ةي [ كدياقدكع ي ست اونع فدوك ع تد اع ذد د يال تقض فدوج تأ د
تاد ا ز جماو ع ق ديعادص يةي د و دياقدكع .
ياذد ذةب ي ل د ل د ضد دىل ديقوأ در دياقدكع نظدو اليل اضي حعاد دياظدو دإكعاد ي دملعق
()2
إىل حعا ع ديع د أ دإتصديل ق لك د ه يحعا ع إ د ة إنعدكر ي عد عر يد عو دكر]
12
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
ينظر البها قحى نهةا كد اد لدي « الثقافة ابلناها الواس يب ن ل ّد دي ونسوو كاص ديعع
جبب ة العةةبات الروحبةةة والباديةةة الف ريةةة واللاطفبةةة التةةي تببةةز مجبلةةا ملبنةةا و فئةةة اجتباقبةةة
البنها وهي تشبف الفنو واآلداب وطرائق الحباة كبا تشةبف الحقةون األساسةبة لإلنعةا ونظةم
القة ة ةةبم والتقالبة ة ةةد واالبلتقة ة ةةدات »( ،)1كاصد د ددطلح دي ّاود د د ددد دياقدك د د ددع ي د د د س صد د ددطلحد كا د د دداد
« حبش لرق مركز الدراسات الثقافبة البلاصرة قا 1691في نشر صحبفة وران وثد قبةف
في الدراسةات الثقافبةة والتةي تناولة( وسةائف اإلقةم والثقافةة الشةلثبة والثقافةة الةدنبا والبعةائف
االيديولوجبةةة واألدب»( ،)2يةددذد حي لاددد لد ل ّر دياقدكددع ةددي ذيد ديعاد د ددق دأ ددخدص يحدددال حل
دإكعاد ع دييت ت حل ياد دي ؤ ع دياقدك ع جملعاض د.
7
13
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
8
14
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
15
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
ا ديساود دأف ة ا وو د دصطلح ل ر دياقا دياقد يديذي دنع قند اللرب :
ل نطدق يد ض ق ديادو ق ديع ب ،ح ث د عق لوه دياود ع يديعّحل دنطدتد ق ا و ر ،ي
ةذد دأف سعا ي يوة ديوتو ل ر اا عض دياقد ديع ب :
ع ّا دياّدتا "قثد اهلل الغهامي" ق ل ز ديذ ق ل لاود و ددياّقا دأ يب ،يإحدأ دياقا
دياقد ودنر ،يتا ل دو إىل ذي فدأ ناية ق دي ع يدييت قا ( )1228-02-22ي ّو ذي
قدأ ير ك اة دا دة (ل عو « ، ) 1222عع ار ل لنّر ك ق ك ي دياّقا دياّصوصي ديعدو
ي ق مثّ ك و لحا لوو ديل ع يحقوأ (دأيسا ع) ،عىن اقا دأنسدق دملضا ة دييت اطوي ل د
د طدب دياقد و جتلّ دتر يص ر ،د ةو غ ومسي يغ ل ّ سديت ،ي د ةو ذي ود ً سود
ديدّمجديل ، ا اد حسدب دملسع ل دياقد دجلاعي ،يةو يذد َ عين و ق ح ث يو
دملخ و ق حتت لتاعع دي دغي دجلاديل ي اد د ّر اد ةو دي أر دياّقا دأ يب ،يدّمند مهّر
ديق ح د ،ال ثعىن دي حث ق مجدي د دجلادي د كإر دملطلوب دجيد نظ د يا اد نظ د
()1
ديق ح ممد ةو إ د ة ص دغع يإ د ة تو س يلاا وو دي دغي تا ق دجلاديل يتعل له».
دملخ و ،لي يكب ل د طدب يلةحل د جيذ اد تع دي ّذد ي قويع دياسع دملضا ي
ز دياع دملضد ق فدأ ح ع دأنسدق دي ّادفل ع .
عوف لوغاد عّكر دياّدتا "محعن جاسم البوسوي" ل لنّر « كعدي ع ،ال ك د ع ك د كإنّر ّ
دملعدو دأف ى ر د عخادو يد ض يلاظ ّد يدملادة حل دييت تع ح ديق ب ق كع دياقدكع
دجملعاعد ،يإ ضدح مسع ةذه دياعدي ع ،يد ععدنع د أصحدب دياظ ّد يدملادة حل ق ىت داقوأ
تد د « :ن ال يب ن التحدث قن النقد الثقافي ادو ملرفة واسلة يدملعدو »(، )2ي ض
االببادين والبلارف والنظريات االدابة واالقممبة والثقافبة البقارنة والبدارس واالتجاهات
هورها و نعان نبوها وان بالها داخف الخطااات .)3(»/.../ واالف ار د وسباثات
10
-1ا دهلل دي ذد ي ،دياقا دياقد " ت د ة دأنسدق دياقدك ع ديع ع" ،ص 02
-2دياظ ع يدياقا دياقد ،1 ،دملل سع ديع ع يلا ،ديع دق ،2003،ص13
-3و ر ،ص12
16
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
وتر حق ند ى ثد دصطلح ل ت مجعر دياقا دملاين يةو ل ّد " ادوارد سلبد" كقا تو ّ ب تل د
نقا عو ّ ب دملسدكع ق دياّقا ثا و ر ديعّقل اي «الهي طحق قحب رتجاوزاذ لحنقد البؤسعاتي وابن
الثقافة التي تتحدى الفلف النقدي وتض العؤال النقدي في معاءلة تش ب بة دائبة د فإ
الا دقاة النقد الثقافي ثد ّالو في تصوير النقد الثقافي اوصف اديم موضوقبا لحنقد
البؤسعاتي فدقوة سلبد الى البزج ابن النقد ابفهوم التقحبدي والثقافة ابفهومها األلبف من
خمل الببارسة النقدية د قثر استلداد الناثد لبعاءلة الخطاب النقدي قات ما هي اال دقوة
قحى االنفتاح قحى النصوص وال تااات التي ُهبش(د ثصد ادماجها في البتن الثقافي د واغبة
كعر الحدود القومبة واللرفبة د وتحقبق خطاب قالبي انعاني» ، )1هبذد دملعىن كإ ّر ةذه وة
" و اد" ق فدأ عا يدحا ،يةذد د اعر لط يحد ص حيع يص دأ يب دجلاديل ي دياقد
ديا وة ملادةضع دمل ل ع ديعقل ع لي ديعا ل حوأ ديعق ،ل ّد دياّس ع يل ّا عوو "محبد قثد البطح "
تصوود د د ق دملادة حل دييت قت يذي ق فدأ دملا وو ديذي ت ّا ر « :النقد الثقافي ك ق ّاو ّ
ادءا من مادة النص البحعوس وصوال الى
يتلامف م النص اوصف نعقا من الرموز واألف ار ً
طثبلت الت وينبة ثم ثره التنفبهي دو فصف ابن الثمثبة م راطها االواث الخارجي وحركت
الدائبة التي تح بها واهر اإلندفال واإلنفلال حبنًا وتظهر حبنا »(. )2
ي ى "قثد اللزيز حبودة " « :إ النقد الثقافي يبثف مشروقا نقديا جديدا يبثف
افتنانا جديدا ابشرول نقدي ّراي دحظت األحداث داخف الثقافة و الثقافات التي نتجت
»( ،)3يوّثد وور ةذد د يد ص ح ق ا ديعل ل محو ة د ّر دياّقا دياقد ةو تل دملوكع ديقد ع
11يدييت لفذ د دياقدكد ديع ع ير د ع إنذدو .
ّ -1سدو تطّوس ،دملاف دىل ادةج دياقا دياقد ،دو ديوكد يان د ديط د ع يدياّ ،دال وااو ع ،ص ،2013،ص 230
حماا ا دملطلب ،دياقا دال يب ، 1 ،دا ئع دملعدص ة يقصوو دياقدكع ،ديقدة ة ،2003 ،ص20 ّ -2
-3ا ديعل ل محو ة ،د يج ق ديع ر ،3 ،دمل دملع كع ،دجمللس دأ ل يلاقدكع يديااور يدآل دب ،ديوو ت ،ص 332
17
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
اد لنّر (نو ق ديعل ) اد ذةب يذي لة صطلح داا ث ،يةو « ااةحل ديعلحل ديذي
ديساا ،ممّد جيعلر ممدو ع نقا ع
ّ دملنت لي ق قطد وب د طدب ،ي و حث
ل د طدب عطلّب ا هد تد ود ل ت ح دياّصوص عطووة ي ت قع يصدو ع إ ّر دي حث
ّ
يد عخ دج دأنسدق دملضا ة يوصا ح ع د »(.)1
-3سس اناء النقد الثقافي :
8ادصد ح ّا ا دهلل دي ّذد ي ود دتر حوأ دياّقدا دياّقدد ل دس ادد ةدذد دأفد
ديسدد ض
ديسدد س ي ّ
عد ر "دي ّذد ي يدملادو ع دياقا ع يدياقدك ع" مخس ادصد ل ّدد ديعاصد ق ّ يو
ك اد إمجد ملد كد ديعادص ديسد قع ي ةي ديعديل :
-1عح ّا دياّسع ر يا اعر يي س ر يكو ه دجملدّ ،يةدو ةادد عحد ّاث دق ودصداد
ديوا اع دياسق ع ك ى ك د لو عع ل د :
-ل ّ د ال حتاث إالّ ح ااد ععددوض نسدقدر لي نظد ددر دق لنظادع د طددب لحدامهد اددة
ي دآلف ضا .
ب -لر وددور دملضددا ندتضددد يند ددخد يلظّدددة ،يةددذد ال وددور إال نددص يدحددا لي
(حوحل دياّص ديودحا ).
ج -ي دياص لر وور مجدي د يوي زّو دياّقدكع ق فدأ لنسدت د .
ددوب د -اددد ُ ددي ديدداّص لر وددور مجدة ددد ذي د أ ّر دإتّسدددق كعددد او ددد
دي ّذةق دإكعاد ي يدياّقد .
ُ -2ق د ل ديدداص يدياسددع ديددذي ةددذه صدداعر وصددار (حديددع قدك ددع ) لي حد ددع قدك دع ،يثددد ل ّر دأ د
يديعأي . ذي كإ ّر دي ّااليع و توو ي دأص دياّظ ي يلو
د ط دددب -3ثددد ل ّر دياّس ددع الي ددع ض ددا ة كددإ ّر مل ص ددا د ليّ د ييو ددق يصدداع د دياقدك ددع ي ع ع ددد
يغ ع د يد ّد دملسع لوور ك حل مجدة ديل ع ق عّدب يتّد .
-1دياّسع ذي ط عع ع إنّر فاي ي سعخاو لتاعع ا ة ،يلمهّ د تاد دجلادي ع ديل و ع(.)2
12
18
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
-5دأنسدق دياقدك ع لنسدق تدوخي ع يلزي ع ود خع ياد دي ل دع د ادد يكودق ديقدوأ ل ّر د ع دد
()1
ةي دناكد دجلا وو دىل د ع دء دملاعوج دياقد دملاطوي ل ةذد دياو ق دأنسدق.
ي ق فدأ ةذه ديعادص دييت لمج ك د دي ذد ي ل س اد دياقا دياقد ندحظ دوت دط دد إحداى
زيد دةد ثا ج ق ادةج دياقا دال يب ،كدياقا دياقد مل ويا ق ك دغ ي دندت يدر دوت دطدد ي قدع عد ّاة
ود ددد ي ادددةج د قعر دود نسددق ع لي د دت ع فصوصددد دملععلقددع ديعدددو خ ا ددد .يال زل د دياقدكددع
دي خص ع ديذدت ع ديود ع يلقاوة ل إي د اعوأ دياسع أنّر ضا دق ك دع يأنّدر دعاوق ي ع دّس
اذ ديقامي ي ار حيعدج دىل ك ا نقاي عودص ي واّ « ،فالنقد الثقافي هب كشة البخثةوء
من تح( ثنلة الجبالي ولها فإ البطحوب إيجاد وال ش قن حركة االنعان وفلحها البضاد
لحوقي والحس النقدي »(.)2
يةذد دجل ا دياقاي ةو نقا يلانت دياّقد يدا دياّسدق ع ديديت تعو ّ د هبدد دياّقدكدع يععل دل ت ا دد دي ّاالي دع
ي ق ظدة ةد د لي -:
« -1تغبب اللقف وتغحبة الوجةدا د وهةهه خطةر الحبةف الثمّبةة والشةلرية د وجةرى قثرهةا
تبريةةر لةةباء كثبةةرة لبصةةححة التف بةةر المققمنةةي فةةي الثقافةةة د وفةةي تغحب ة الجان ة اإلنفلةةالي
اللاطفي »( ،)2ي ذي حظوو يلهدنب ديااسي ،يةو د دةعات ر ادةج نقا ع لفد ى ت د دياقدا
دياقددد ،فصوصددد كددية ددد ت د دي ا و ددع ،دالةعادددو دجلدنددب ديس د دتي يلدداص ،يةددو ددد ت اددده
دادال ديااس ع دملصدح ع يلعا دال اد ي يدييت د د دمل ا . دملا ج ديااسي ك ي
- 2لأ ديل وي ق دياو ي ض إ طد دجلاديل ت اع تععدىل ق ديعقلي ،ي س دي ع كحسب
،د إر ذيد صد ش دي خصد ع دياقدك ددع يأل ّددع ديدديت الااددد نصددا د زنصد ي ع ددد دي ّ ددد ة يدي ددد ع
يت ء دي دتي ل دياسع ي اع كعلر ديضا داضدوي .
توأ ع ي ي خص ع ع ع إىل لنر مت غ س لمند ق ديق حل دييت - 3ك ى دياقدكع تر
()3
حىت لييئ دملوصوكور
الّت ز غ اقو ة ممد اح د كو ع ية ااع ح ع ،يا ّ اعه د ّ
13
-1حسق ديسادة هي يآف ير ،ا دهلل دي ذد ي يديعه ع دياقا ع يدياقدك ع ،ص12
-2ا دهلل دي ذد ي ،دياقا دياقد ،ص 21
-3اظ ،و ر،ص23
19
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
ديعّاو يديعّحا ث يال هب لر قوأ دي عض ل ّر دااد ع ديع ع الّت ع ع كحسب يمل تلّ ل
لمند د طد د دأف ى دياو يديس د ع يدالتعصد (.)1
ي ل غ دو د در ل ر دياقا دأ يب ،ي ق لةحل د ز ل ر دياّقا دياقد ق ةذد دأف قويع
ق اظو ع دصدح ع حوأ ديعوو ع ،ي د قعض ر ذي (النعق البضبر) دييت كد هبد دياّقا دياقد
ين ل ل س دياقدك ع ،يدجلالع دياقدك ع يديعاص دياّسقي دملعوور ق ادص دالتّصدأ ،ذي
د ةو قد ع ك ع ي ينظ ع ي ا ه ع جتع دمل ي نظد د ديعاو ي دياقا يي س جمّ تاو
سا ةذد دياّقا ي ق ديض يوي ةاد ديعا ل ق دياقا ق (نقد الثقافة )
يةذد كدوق كوة ي عقّو ر ّ
،ي صطلح (دياّقا دياقد ) ،يحتت صطلح دياقا دياّقد ا ل ادأ ا ة ي دى اى ديق ر
ديع ق لّر غ ل ّر دياقا دياقد اظ ع ي ا ج ي اقويع دأنسدق ي ديعا يدياّظ دي ر ق ةذه
ديلدي ع (. )2
ّ
توىل ا ةذه ديقضد د د د د د د « الثحش في البضبرات النعقبة التي تشتغف من
كدياّقا دياّقد ّ
داخف الخطااات دو وقبها ومن ارز األصول النعقبة في ثقافتنا اللرابة رنعق الشخصبة
الشلرية ذ د ههه الصفة التي الزلنا نتثاهى اها وننجهب إلبها احق و صدن ااإلضافة الى
و بفت األساسبة هي الوثوف ضد هببنة النبوقج الوافد د الضد النبوقج قات »( ،)3لي إ طد
ديصح ح دحيد ر يتل دملودنع ديود حع يعأ ع ديوا اع دالكعاد ع يدأ ع . ديااوذج ديع يب دأص
« وال نقصد هنا الو بفة البغحوطة التي جحثتها زمة الركود والجبود اللراي د كبا ال نقصد
الو ائ البزيفة التي جحثتها زمة تفريغ الهاكرة اللرابة من هويتها »(.)2
إطدو حمدييع ديقضد ل ةذد ديعقا س دي يب ي قدكع دآلف ديذي ّدختذ ذي اف
ار ديع ب ديااوذج دملعود ديذي لصدب ديودتض ديع يب ااد ا حل د ّر دي ود ع ديود عع يإلنطدق حنو
ديعدمل ع ،ق فدأ ةذه دياقدكع دملضد ة .
14
20
مدخل :مهاد نظري لتطورنظرية النقد الثقافي
15
-9و بفة النقد الثقافي :
دذيق ي اع ددي
دأص د ك دداد كو دد ي قدك دد ي قل دد يتأ ّل دد دىن ل د ديعّد ّ ععددر دياقددا دياقددد
ديعحل يديععل يدملادو دع دياقا دع يةدي ممدو دع قدك دع د ممدو دع أوتد ل دودأ دياقدكدع « فةإقا كةا
الشاقر حع إلبوت خمصة لححضارة فإ الناثد خمصة الخمصة لههه الحضارة »(.)1
كدياّقددا يدياّقددد ي ددذي دملادددةج دياقا ددع زدددوس كعددد قدك ددد ددور « النقةةد اصةةم ه ةو فلةةف ثقةةافي ومةةا
الحاجةةة الةةى تقببةةده مةةرة خةةرى إقا كةةا الفلةةف الثقةةافي مبتةةدا إلةةى ثقافةةات منطقبةةة وفحعةةفبة
وجبالبة وه ها دوالبت حع ما جاءت ا ملارف قصر كف واحد منهم »(.)2
« فةةإقا كانةة( و بفةةة النقةةد األداةةي الثحةةش فةةي الجبالبةةات و التةةهون وإارازهةةا فو بفةةة النقةةد
الثقافي تأتي من كون نظرية في نقد البعتَهحَت الثقةافي »( )3؛ يةدذد دد ال ُقصدا در نقدا دياقدكدع دي
ود ع د يحتل اودة ةد يوصا خمعلد جتل د دد ،د كدية ةدذد دياعد اظدع دإ دع دء ،لي د دعق داد
دجلادة ي يت واد .
دإ دددكع إىل « تفعة ةةبر نظرية ةةات ومجة ةةال قحة ةةم اللممة ةةات ونظرية ةةة التححبة ةةف النفعة ةةي والنظرية ةةة
الباركع ةةبة واإلجتباقب ةةة واالنثرواولوجبة ةا دودراس ةةات االتص ةةالد والثح ةةش ف ةةي وس ةةائف االق ةةم
والوسائف األخرى البتنوقة التي تببةز البجتبة والثقافةة البلاصةرة وحتةى ّبةر البلاصةرة »(، )2
كاهدأ دياّقا دياقد حتوار دلة ديعو دض يدإناعددح لد ق دع دملاددةج دياقا دع دأفد ى ح دث ال ا لدع
ل د ذدتددر دياود ددد دود تعلّدع دأ د ددديعاظ لي ديعط ددع ،كددد ختلددو حب دوث دجلدنددب دياقدداي
يلاقدكع إالّ يحظ إحاى دملادةج .
21
مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
-1المستوى ال ّديني
-2المستوى اللّغوي
-3المستوى الواقعي
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
إذا كان اآلخر خيتلف من شخص آلخر فإن هذا املصطلح يبقى فضفاضا يف الدراسات األدبية
والفلسفية بصفة عامة والنقدية بصفة خاصة ،و تأخذ جانبا متعمقا ومن هذه األنواع اآلخر
املختلف يف الدين ،ورغم كل ذلك فهو غري موجود إل نادرا جدا وبالتايل ل ميكن إستخالص تصور
تام عنه يف شعر املتنيب فضال عن بروز اجلانب الديين فيما تبقى بصورة لفتة ،وهو من أشد ما لفت
إنتباه النقاد يف أعماله ،ويربز ذلك كمستوى مستقل من دراسة " محمد الخباز " ويظهر جليا يف
دراساته للمتنيب عرب املستويات التالية :
-1المستوى الديني:
ربط حممد اخلباز صورة "أنا" املتنيب الشاعر بالتاريخ وأبرز ذلك من خالل الدراسات اليت
تناولت أعماله بالرتمجة واإلستقراء هذه األخرية اليت ركزت جلها على األنا اليت كونت هذا النسق
الديين ،أبرزته كركيزة أساسية يف بناء عمود شخصية املتنيب ،خصوصا إدعاؤه النبوة وذلك ما أدى
إىل تلقيبه هكذا « ،ومن كالمه الذي كان يزعم أنّه قرآن أنزل عليه /.../وسئل عن النبي صلى
اهلل عليه وسلم فقال :أُخبر بنبوتي حيث قال انا ال نبي بعدي وانا اسمي (ال)» (.)1
لكن يف حبثه قلب الكفة مرة أخرى إىل اجلانب الثاين مبينًا أن املتنيب مل يدع النبوة بل كان زعما
من أعدائه مثله مثل مسألة ضعف نسبه ،ورّبا كان بروز "أنا" املتنيب بكثرة هو ما أدى إىل تسليط
الضوء على اآلخر فال حتضر صورة األول إل إذا جتلى الثاين « ،فالمتنبي يمارس سلطة الشعر على
السلطة»( ،)2واخلباز جعل من أنا املتنيب مضمرا ل يربز إل إذا ظهر اآلخر وت التعرف عليه ،وقد
كان هذا اإلعرتاف من الناقد يف سياق احلديث عن األنا املتفردة اليت صنعها املتنيب لنفسه رافضا أن
يكون بشرا كسائر من عاصروه أو حىت سبقوه وقد ركز جل نقاد الجتاه ومها ادعاؤه النبوة وتضخيم
صورة املمدوح إىل أعلى من باقي البشر ،وكيفية حتريك هذين الفكرتني على النسق الداخلي ،
1
-1حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب (نقد ثقايف) يليه مرايا املتنيب (وجه شعري لكائن فلسفي)،ط ، 1املؤسسة
العربية للدراسات والنشر ،بريوت (لبنان) ،ص11
-2م ن ،ص .16
23
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
لكن قبل كل ذلك علينا التعريج ّبسألة ضعف نسبه ،وقد وضحها الناقد إنطالقا من 2
املنهج التارخيي ،اإلجتماعي والنفسي ،وذلك عرب أنساق اخلطاب الشعري.
فمسألة ضعف نسب املتنيب مصدرها العداوات وإن استطعنا اخلروج من هذه الدائرة على
أسس قدمها الناقد واعتبار املتنيب شاعرا فذا ذو لغة صنعت له أعداءا فإنه يف سياقات أخرى
من شعره أبان عن شخصية متفردة بعيدة كل البعد عن الروح السالمية فقد كانت أشعاره
قريبة إىل اجلاهلية منها إىل اإلسالم .
ويضيف الناقد يف مسألة ضعف نسب املتنيب مشريا اىل أكاذيب من نعتوه بذلك :
فال اع ـ ـ ــاتبه صفحـ ـ ــا وإه ـ ــوان ــا بالسوء يذك ـ ـ ـ ـ ــرني
أبدو فيسجد من ّ
غن النّفيس غريب حيثما كانا
ّ وهكذا كنت في أهلي وفي وطـ ـ ـ ــني
()1
الكمي ويلقاني إذا ح ــاناّ ألقى محسد الفضل مكذوب على أثري ّ
﴿إن أَ ْكـ َـرَم ُك ْم ْع ْنـ َد اللَّـ ْـه
ومتابعااة وراء اخلباااز حتيلنااا إىل مااا ورد يف الاانص القااروين يف قولااه تعاااىل َّ
، )11ف ا ا ا ااخرية البشاار ليس اات بالنسااب ول باألصااول ،وإن كااان يف دراس ااته (الحج ــرا
أَتْـ َق ــا ُك ْم ﴾
تااداخل بااني اجلانااب الثقااايف ،والدراسااة التارخييااة فقااد ذكاار الكثااري وأمهاال األكثاار ،فاااملتنيب ماان
خالل الفخار بنسابه واملاديح بنفساه ساقط يف جاب إحتقاار اآلخار ،و إمهاال منزلتاه املوازياة يف
احلياة ،ويذكر الغذامي قائال « بإزاء اإلثبا يـأتي التأكيـد بـأ ّن النسـب وان كـر لـيس هـو
األصــل القيمــي لألعمــال وال لألفضــلية التاريخيــة والســلوكية »( )2وهااو ال ارأي األقاارب اىل
الصا اواب ف اإذا كان اات الدراس ااة تن اادرج ض اامن أحب ااال النق ااد الثق ااايف مبني ااة عل ااى ذلا اك اجلان ااب
الت ا ا ا ااارخيي فإن ا ا ا ااه م ا ا ا اان األرج ا ا ا ااح تغلي ا ا ا ااب املكان ا ا ا ااة ال ا ا ا اايت ح ا ا ا اااز عليه ا ا ا ااا املتن ا ا ا اايب ول يا ا ا ا ازال .
3
24
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
أما عن مكانة "املتنيب" فريى الناقد أنه ل جيد من يساويه يف املكانة :
على شغفي بها شروى نقير فقل في حاجة لم أقض منها
()1
وعين ال تُدار على نظيـ ـ ـ ـ ـ ــر ونفس ال تجيب الى خسيس
ويوعز ذلك إىل كونه يقول مامل يكن عليه ،وقد عاش بشخصيات متعددة ،وهذه
حال العريب قدميا فقد كان من يف القبيلة يعيش بشخصية الفارس املغوار يف املعركة ،لكننا
نستطيع إرجاع ذلك إىل كون أنا املتنيب املتسلطة واليت نرى من خالهلا فرطا يف الثقة بالنفس
حىت إّنا ولت يف معظم الحيان إن مل نقل أغلبها اىل اإلرتقاء اىل مرتبة الكمال :
()2
فما أح ٌد فوقي وال أح ٌد مثلي أمط عنك تشبيهي بما وكأنّه
اربا وعلا ا ااوا ،وإن كا ا ااان أغلا ا ااب
أيا ا اان ها ا ااو ال ا ا اوازع الا ا ااديين ،فا ا ا ا اا"اخلباز" يا ا اارى أن يف ذلا ا ااك كا ا ا ً
الشا ااعراء مل يعن ا اوا بإثب ا ااات خ ا اواطرهم الديني ا ااة ،لك ا اان م ا ااا يس ا ااتدعي النظ ا اار يف أش ا ااعار املتن ا اايب
وال ا ا ايت مل يشا ا اار اليه ا ا اا الناقا ا ااد ،ها ا ااو ما ا ااا نقلتا ا ااه لنا ا ااا األنسا ا اااق ،تلا ا ااك اإلشا ا ااارات الواضا ا ااحة
واجللي ا اة عا اان ضا ااعف ووها اان العقيا اادة أشا ااعار املتنا اايب ،ولسا اانا يف ها ااذا الص ا ادد نتحا اادل عا اان
غ ااري األبي ااات ال اايت مل ي ااذكرها "اخلبا ااز" ب اال ع اان تل ااك ال اايت جع اال منه ااا إثبات ااا لك اارب الش اااعر
واسا ا ا ااتعالئه ففيها ا ا ااا شا ا ا اايء ما ا ا اان روح الش ا ا ا ااعور بالكما ا ا ااال وأنا ا ا ااه بل ا ا ا ا الا ا ا اادرجات الع ا ا ا ااال :
25
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
فدراسة الناقد لصورة "أنا" املتنيب واليت تربز على أساس من القوة واجلربوت إىل حد ما قادم تصاورا عان
ثقافة اجملتمع العريب القدمي وكيفية تعاملاه ماع اآلخار ونظرتاه إلياه وحاد الساقف الاذي وصالت إلياه تلاك
الثقافة ،ومع تتبع سرية "املتنيب" أقام "اخلباز" دراسة شبيهة بتلك اليت تبناها علماء الجت ا ا اماع
إنطالقا من نسبه مرورا حبب الذات انتهاءًا إىل التفاخر بنفساه و طلاب العاال رافضاا أن يتشابه بأحاد ،
أو أن تتساااوى أناااه مااع اآلخاار ،ونالح ا إش ارتاجم وموعااة ماان املناااهج النقديااة يف الفصاال األول ماان
دراسته ،ركز فيها على السياقية ألّنا ختدم موضوع حبثه يف هذا اجملال.
فقد كان البناء السياقي للنص هو من حيتكم اليها اخلباز « :و قارئ التاريخ يعلم أ ّن المتنبي عاش
مترديا »(.)1
في عصر ضعفت فيه الخالفة ، /.../وكان حال المسلمين ّ
يا أمة ضحكت من جهلها األمم أغاية الدين أن حتفا اوا شواربكم
()2
وسادة املسل ا اامني األعب ا ا ا ا ااد القااََزم ُناس من نفوسهم سادات كل أ ٍ
فاخلبااز يف هااذا السااياق نقاال لنااا صااورة املتناايب شاااعر األنااا ،ويف سااياق وخاار ااد "عبااد اهلل القصاايمي"
يقاول « ّلونت الثقافة التي ما زلنا منذ ألـ سـنة تقريبـا نطعـم علـى ما ـدتها بهـذ األلـوان ال ّداكنـة
فمــن رأي الثّقافــة -وهــو الـ ّـرأي الــذي ال رأي لهــا ســوا -أ ّن االنســان مــا خلــق ليكــون يومــا مــا
عظيمــا بــل خلــق ضــعيفا فــي عقلــه وجســمه ولــيس لــه مفــر مــن هــذا الضــع »( )6وباادل ماان شاارح
األنسااق املختبئاة وراء أنااا املتنايب اختاذ الناقاد ماان الساياقات التارخيياة الوساايلة الوحيادة للكشااف عاا عاان
احلق ااائق والتوص اال إىل نت ااائج ت اادخل يف ب اااب التحلي اال النفس ااي أكث اار م اان دخوهل ااا يف أبا اواب كش ااف
األنس ا ا ا ا ا ا ا اااق املهيمن ا ا ا ا ا ا ا ااة ال ا ا ا ا ا ا ا اايت تعم ا ا ا ا ا ا ا اال عل ا ا ا ا ا ا ا ااى تش ا ا ا ا ا ا ا ااكيل الا ا ا ا ا ا ا ا اانص يف مض ا ا ا ا ا ا ا ااهره النها ا ا ا ا ا ا ا ااائي.
5
26
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
يشري الناقاد يف انطالقاة حديثاه املقتضاب عان حقيقاة إدعااء النباوة مساتنبطا أفكااره مان التااريخ
ادعى النب ّـوة
أول من خالل أنساقه الشعرية ،حيث يقول «يروي إبن العديم أنّه قيل :أنّه ّ
في حداثتـه ،)1(» /.../فاخلبااز مل يشار إىل ذلاك وأعطاى حكماا مان خاالل الصاورة التارخيياة
فقط أو التتبع التارخيي لكنه عاد اىل األنساق الداخلية من خالل قول الشاعر:
أي عظي ـ ـ ـ ـ ـ ــم أتّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقي
ّ ـل أرتـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
أي محـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ
ّ
()2
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لم يُخـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ــق
ـ ـ ـ ــه َ كل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا قَد خ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق اللّ ـ ـ
ّ
وإذا كااان اخلباااز هنااا يااربر النسااق اللغااوي كمااا يباادو لنااا تربي ارا سااطحيا ل حفريااا وذلااك
بإرجاااع الشاااعر إىل موقااع املتسااائل عاان القيمااة الاايت يبحااث عاان اإلرتقاااء ،يف حااني يف موضااع
وخاار« يعلّــق األســتاذ أدهــم علــى هــذ االبيــا (يمتــزم الطّمــو المتطـ ّـر وف ـرط الثّقــة
بالنّفس باحتقار الخليقة بأسرها وهـي تـروي عـن شـعور رجـل أجـال بصـر فلـم يجـد غيـر
جـ ــديرا بإجاللـ ــه »( ، )6وك ااأن الدراس ااات التارخيي ااة ه ااا هن ااا غ ااري كافي ااة باإلض ااافة إىل ع اادم
اإلكتمال دون التطرق إىل النسق املضمر ،ويف ذلك رفض من قبل العديد من النقاد والباحثني
أب اارزهم "مص ااطفى أم ااني الرف اااعي" م اان خ ااالل نقل ااه م ااا قال ااه ش ااوقي يف رثائ ااه ري اااض باش ااا :
27
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
احا أقاام ا اه مان خاالل املادح ووضاع لنفساه مكاناة اعتالهاا بأنااه غاري الايت
ااعرا ماد ً
وباعتباار املتنايب ش ً
عايشها ،فإنه ميكننا القول أن تداخل األنساق الثقافية يف شعره تنصاهر كاي تتبلاور يف "نساق لغاوي "
مهاايمن خضااعت لااه كاال األنساااق املضاامرة األخاارى أو أدت إليااه ،باإلضااافة إىل محاال جانااب تفضاايل
املمدوحني على ساائر البشار حاىت إن املتنايب أعطااهم مان القيماة أكثار اا هام عليهاا بعاد أن مانح هاذا
الرقي والكمال لنفسه ،عن املكانة اليت سريقى إليها بعد كل هذا بعد أن أصبح يرى كال شايء دوناه ،
فإما أن يكون الشاعر بذلك حيظى على مكانة يف ذلك العصر ،أم إنه يسعى إىل تضاخيم هاذه األناا
إىل غري مكانتها ،على الرغم من كاون «العربـي بطبيعتـه متكبّـر يـرى نفسـه فـي منزلـة سـامية ،فهـو
ـل َلع َربـي
ضَ الذي حمل رسالة االسال ونشرها» ،باالرغم مان رفاض الساالم هاذا التفضايل {الَ فَ ْ
()1
علَى َع َج ْمي إْالَّ بْالتَّـ ْق َوى }(الحديث مـن الصـحيحين) ،وهاذا ماامل يشار إلياه الناقاد يف دراساته فتتباع املساتوى
الااديين يف النقااد الثقااايف أقامااه بااالعودة إىل مااا قياال حااول الشاااعر يف هااذا اجلانااب لكنااه مل يضااف شاايئا
خصوصاا هنااا ،علاى الاارغم ماان كاون دراسااة إذا كاناات تتبعاا إجتماعيااا كااان تساتلزم التطاارق للمسااتوى
الديين بشكل موسع .
وعلى الرغم من كون الناقد أصبح وكأنه يبحث عن تربيرات للجانب الديين الذي ظهر جليا يف
شعر املتنيب ،إل أن هذا املوقف كان موافقا للعديد من وراء النقاد ،حيث يبني الناقد أن ضعف
نسب املتنيب كان حتامال عليه من قبل احلاقدين عليه ذلك راجع للفرتة السياسية اليت عايشها واليت
كثرت فيها النزاعات السياسية والجتماعية « فثورة المتنبي كما بيّنا كانت ثورة سياسية ولم تكن
عاءا للنبوة كما قال االستاذ الع ّقاد ومعظم النّـ ّقاد كما أ ّن المتنبي كان ال يقبل
اد ًفتنة دينيةّ أو ّ
أن يوص بهذا االسم وكان يرفضه وال يطيقه »(.)2
وعلى الرغم من التتبع التارخيي واإلجتماعي حلياة املتنيب ،وتأثريها على ثقافته فالناقد أشار اىل
األنساق اليت أبانت عن مضمرات ثقافية إنطالقا من نصوص املتنيب بالتفسري أكثر منها اىل احلفر إل
أنه مل يشر اىل كون املتنيب مل يكن متدينا .
7
28
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
و ااد الناقااد يف كاال جانااب حياااول إب اراز اإلنطااالق ماان الاانص ل ماان خااالل التاااريخ ،لكنااه يعااود إىل
اجملتمع فهو هنا يهتم باملضمر الثقايف أكثر من اهتمامه بالدوال اللغوية ،وهذا راجع اىل متكن الشاعر
أكثر شيء من اللغة .
ويف اجلانب املقابل من هذه "األناا" املتضاخمة أخاذ الشااعر جاناب املادح بصاورة مفرطاة عناد "املتنايب"
لكنه مل يشري إىل كونه تسامى ّبمدوحيه إىل مكانة عليا حىت إنه ارتفع عم إىل مرتبة األلوهياة وهاذا ماا
جعاال "مصااطفى أمااني الرفاااعي" يقااول بااأن املتناايب ينسااى نفسااه عناادما مياادح وخياارج عاان اإلميااان بساابب
مبالغته يف املدح
في النّاس ما بعث االله رسوال ـسمـ ـ ـ ـ ــا
لو كان علم ــك باآلله مـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ّ
()1
ن والتّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوراة واالنجـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال لو كان لفظك فيهم ما انزل الفرق ـ ـ ـا
حىت إنه يواصل قوله بأنه يف العديد مان املواضاع ياتهكم علاى األنبيااء وعلاى ماا أتاو باه مان معجازات ،
ول يتورع يف أن جيعل حصان يتهكم على سيدنا ودم
أعن هذا يسار الى الط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعان يقول مذهب ّبوان حصاني
()2
وعلّمك ـ ـ ـ ــم مفارقة الجـ ـ ـ ـ ـ ــنان أبوكم آد من المعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاصي
ويتهكم على معجزات سيدنا عيسى وسيدنا موسى
في يـ ـ ـ ـ ــو معركة ألعـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــا عيسى لوكان صــاد رأس عازر سيفه
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا انش ّق حتى جاز فيه موسى
()1
لج البـ ـ ــحر مـ ـ ــثل يم ـ ــينه
أو كان ّ
ففي هاذه البياات ل يظهار أبادا أن "املتنايب" ادعاى النباوة ،فكياف لشااعر يضاعف إمياناه اىل هاذا احلاد
أن يدعي النبوة وهذا ما يؤاخذ عليه الناقد يف هذا البحث حيث أناه مل يشار أبادا إىل ذلاك يف دراساته
و كأن اه أقامهااا علااى أبيااات ةتااارة ماان شااعره دون اآلخاار ،ل تااربز األنساااق الاايت تااربز فاعليااة النسااق
الثقايف والديين غري حمتكم يف شعر املتنيب .
8
29
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
ول يشااري الناقااد يف هااذا الجتاااه ضااعف إمي اان "املتناايب" ،علااى الاارغم ماان كونااه «لــم يــنظم شــعرا فــي
ال ّدعوة االسالمية ولكن جاء في بعض قصـا د أبيـا بهـا أفكـار إسـالمية وال أعتقـد أ ّن المتنبـي
يرددها اي مسلم في بقاع األرض في أي
قصدها ولكنّها اتت من جذور االسالمية التي ّ
مناسبة »( ، )1على خالف ما ذكره يف حديثه عن الرعية وأرجع "اخلباز" ذلك لكون الثقافة العربية يف
هذه الفرتة التارخيية تعترب احلاكم أو السلطان الهاً ومتنحه هذه املكانة ،وهذا ما سب اجلانب املدحي
ماان أشااعار "املتناايب" ،باإلضااافة إىل املفارقااة بااني الطبقااات اإلجتماعيااة وهااذا الساالم السياسااي ،الااذي
جعل من "املتنيب" يشبه البشر باحليوانات بعد أن كان باملديح يرقيهم إىل مكانة الله .
وكأن الكشف عن املعاين اخلفية املختبئة وراء مضمرات الشاعر النسقية ليس باليسري فهو يتقلب من
دوح ملمدوح تارة ،ويعلي من شأنه ،وحيط من القيمة اإلنسانية تارة أخرى :
وع ـ ـ ـ ــمر مثل ما ت ــهب اللئا ُ الم ـ ـ ـ ــدا
فـ ـ ــؤاد ما تس ـ ـ ـ ـل ـّيه ُ
وان كانت لهم جثث ضخا ودهـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـر ن ـ ـ ــاسه ناس صغار
ولكـ ـ ــن ْ
معدن َّ
الرغا ُ
الذهب َّ وما أنا منهم بالعي ـ ـش فيهم
()2
ـح ـ ـ ـ ـ ـةٌ عيـ ــونهــم ني ـ ــا
ُمفتَّ ـ ـ َ أَرانب غ ــير أنَّـ ُه ـ ـ ـ ــم مل ـ ـ ـ ــوك
فالرعية اليت أباّنا الناقد من خالل البناء النصاي لشااعر املتنايب جعلات مان العالقاة باني الشاعب الاذي
أخرجه من اإلنسانية حني دفعه لألسفل وشبهه بالبهاائم ،وامللاك الاذي رفعاه إىل مرتباة اإللاه ،وأرجاع
"اخلباز" ذلك اىل كون "املتنيب" متأثرا بالثقافة السلطانية ووداعا من خالل قوله:
()1
تي ّقنت أ ّن ال ّدهر للنّاس ناقد ولما رأيت النّاس دون محلّه ّ
والدهر يف نظر "املتنيب" هاو الاذي ياتحكم يف تقسايم البشار و املساألة ليسات متعلقاة هناا بأحاد وهاذا
مااا وضااحه الناقااد ،فاألنساااق وحاادها ل تبااني خصوصااا يف اجلانااب الااديين ،يف سااياقات أخاارى أباارز
الباحث عالقة "املتنيب" باملوت هذه األخرية اليت جعل منها مسخرة لإلله هي والزمن واأليام والدهر .
9
30
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
باإلضااافة إىل كااون ضااعف ال اوازع الااديين والااذي أرجعااه الناقااد لثقافااة املتناايب تبقااى الصااورة الدينيااة يف
أشعاره غري واضحة ذلك كونه يعلي من شأن املمدوحني ويعطيهم مرتباة األلوهياة باإلضاافة إىل التعاايل
بنفسااه إىل مراتااب لاايس لإلنسااان العااادي القاادرة علااى اعتالئهااا ،هااذا حسااب تصااور الباحااث وتقدميااه
محمــد اب ـراهيم ســليم" أن أثاار
الصااورة النصااية و مقارنتهااا بنظرياااا التااارخيي ،لكاان يااذكر السااتاذ " ّ
الثقافة السالمية يتجلى يف شعر املتنيب يف مثل قوله
كنقص القادرين على التمام ومل َأر يف عيوب الناس عيبًا
عمل
يحب إذَا َ إن اللَّهَ ُّ
ويقال أن املتنيب أخذ ذلك متأثرا بقول الرسول عليه الصالة والسالم َّ { :
أَح ُد ُك ْم َع َمالً أ ْن يُ ْتقنَه} (صحيح الجامع).
وي ارفض يف نفااس السااياق الاادكتور "مصااطفى أمااني الرفاااعي" رأي األسااتاذ سااليم ،باعتبااار
الرسـول وإذا فرضـنا بيت املتنيب «حكمة سا رة يقولها الناس ،وال أعتقد أنّه اقتبسها من حديث ّ
ـدل هــذا علــى أثــر الثّقافــة
جــدال انّــه اقتبســها فقــد أخــذها حكمــة وليســت كحــديث نبــوي وال يـ ّ
االسالمية في شعر المتنبي »(.)2
ويف اجلهااة املقابلااة للماادح والاايت مل حيظااى الشاااعر بالدراسااة فيهااا أو حااىت التطاارق هلااا وهااي اهلجاااء فلاام
يكاان "املتناايب" هجاااءا حااىت إنااه يف بعااض املواضااع ماان أبيااات شااعره يهجااو أحااد امل اوايل بقولااه عنااه أنااه
ليقيم فرائض الدين :
()6
الح َّجام في الحر
ويستحل د ُ
ّ الصلوا الخمس نافلة شيخ يرى ّ
لكن " اخلباز" مل يشر اىل هذه النقاط على الرغم من نسقيتها وإمكانية التعرض هلا يف الثقافة العربية
ومتابعتها تارخييا وفق املنهج اإلجتماعي.
10
31
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
« فقـد ّلونــت الثقافــة التــي مازلنــا منــذ الـ ســنة تقريبــا نطعــم علــى ما ــدتها بهــذ االلــوان ال ّداكنــة
فمــن رأي الثقافــة –وهــو الـ ّـرأي الــذي ال رأي لهــا ســوا -أ ّن االنســان مــا خلــق ليكــون يومــا مــا
()1
عظيما بل إنّه خلق ضعيفا في عقله وجسمه وليس له مفر من هذا الضع »
أما عن اجلانب اآلخر الذي قال الناقد أن التطابق فيه بني الصورة النصاية والصاورة التارخيياة
مرفااوض هااو جانااب عاادم اخلااوف ماان املااوت واإلقبااال عليهااا يف اجتاااه الصااورة النصااية الاايت تاادل علااى
اخلوف من املوت،وهو الرأي الذي ل تتفق فيه الصورتان ورفض "اخلباز" كون النسق تعبريا عن الواقع.
لكن الدكتور مصطفى أمني الرفااعي ،يارى أن "املتنايب" ل ياؤمن بالبعاث أو اخللاود فاريى أن
املوت الذي فرضه اهلل سبحانه وتعاىل على عباده (ضرب من القتل )
حي ـ ـ ــاة وأن يشتـ ـ ــاق فيه الى النسل وما ال ّدهر أهل ان تؤمل عند
()2
تي ّقنت أ ّن المو ضرب من القتل الزمـ ـ ـ ــان وصـ ــرفه
تأمل ـ ــت ّ
إذا ّ
فكاال هااذه البُااص النصااية نسااتطلعها وهااي مااا اتكااأ عليااه الناقااد يف تبيااان هااذا التضاااد ولكنااه أشااار كااون
ذلك ليس بغريب بعد ما عرضه عن العداوات اليت أحيطت به .
أماا عاان عاادم اهتمامااه باملااال وزينااة احلياااة كماا ذكاار "اخلباااز" فاإن "مصااطفى أمااني الرفاااعي" يااذهب إىل
ـل مجـد ،لك ّـن النّقـاد أجمعـو أنـه بلـ
ـل مالـه وال مـال فـي الـ ّدنيا لمـن ق ّ
القول «فال مجد لمن ق ّ
م ــن الش ــعر مرتب ــة أغن ــى عنه ــا فح ــول الش ــعراء »( ، )6وه ااذا مايرس اام اجمل ااازات اللغوي ااة ال اايت تص اانع
املضمرات النسقية اليت تصنع صعوبة فهم اخلطاب الشعري.
11
32
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
33
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
وكااأن دراسااات "اخلباااز" حااول أشااعار "املتناايب" صااارت تاادور يف جانااب السااياق ل النسااق ،
لكونه اختذ من الدراسة التارخيية ،احليز الكباري يف دراساته ،خصوصاا يف تلاك املفارقاة الايت أقامهاا باني
التاريخ والنص ،فيما يذهب "حسني القاصد" إىل رأي غري الذي يراه "اخلباز" من خالل قولاه «كان
ـحاذا عظيمـا » ( ،)1وهاذا ماا عاارض مان
المتنبي يمارس سلطة الشـعر علـى السـلطة ولـم يكـن ش ّ
خاللاه الغاذامي واخلبااز ،فباني رأي هاذا وذالاك شايء مان الخاتالف فاان كاان رأي الناقاد أن "املتنايب"
أبدا خلف هاذا الساتار بال زادتاه شادةيتخذ من اللغة غطاءًا لنَسق مضمر يكبح فيه حقيقة مل تتوارى ً
اوحا ،لكان نارى رأي "حساني القاصاد" أشاد اقرتابااا مان احلقيقاة فقاوة اللغااة تتجااوز اهلادف الااذي ووض ً
تنشااده خصوصااا إذا كااان الناقااد مل يتناسااى الفاارتة التارخييااة الاايت قيلاات فيهااا هااذه األشااعار ،وهاو الااذي
أقام دراساته انطالقا من جانب تارخيي .
ول بااد أن نتفااق علااى أن الاانص يصاادر عاان ثقافااة وإذا مااا كااان الشااعر هااو ديواننااا أي سااجلنا الثقااايف
واحلضاااري فاإن هااذا ياادفع إىل متثاال ساايئاته مثلمااا نتمثاال حسااناته للخاروج بنقااد منهجااي ،هااذا األخااري
هو رأي من وراء الناقد السعودي "عبد اهلل الغذامي" ،فقد كان "املتنيب" عارفا باللغاة «يقـول عنـه ابـن
العديم أنّه كان عارفا باللغة»( ،)2فإن كان هذا املستوى لفت إنتباه" اخلباز" من خاالل هاذه الدراساة
ـدل علــى
وممــا يـ ّ
فااإن اإلشااارة إليااه جاااءت يف العديااد ماان املواضااع ماان دراسااات الناقاااد والباااحثني « ّ
تم ّكنه من قواعد اللغة أ ّن الشيخ (أبا علي الفـارس) صـاحب االيضـا سـأله كـم لنـا مـن الجمـوع
على وزن فعلى فقال له المتنبي (حجلى ،وضربى) فقال الشيخ فطالعت كتـب اللغـة ثـالي ليـال
على أن أجد لهذين الجمعين ثالث فلم أجـد »( ، )6فكياف هلاذا العاامل الفاذ باللغاة أن ل جيعال مان
لغته وال للنقد ،خصوصا كون هذه اللغة منزاحة ومراوغة دائما على الواقع وذلاك مان خاالل اساتقراء
13
نصوصه الشعرية ،فاألنساق الشعرية تتحرجم دوما يف إطار اللغة .
34
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
ويارتبط املسااتوى اللغااوى اال الدراسااات املتعلقااة بالشااعر العااريب لرتبااط هااذا الخااري يف فاارتة ماان
الفرتات بالبالغة العربية ،وانتقاله مع النقد الثقايف اىل اجلانب النسقي الذي يسعى دوما للكشف عن
دواخلهااا ،فضاامري املااتكلم الااذي طااال ذكااره يف الدراسااات املتعلقااة باااملتنيب أشااار اليااه الباحااث حااىت يف
هذه الدراسة كون الشاعر أكثر اىل الشارة اىل نفسه عذا الضمري ،باألضافة اىل الساتعارات واجملااز ،
وهي اليت ترسم نسقية الشاعر .
يتط اارق الباح ااث اىل ك ااون املتن اايب الش اااعر ال ااذي جياري ااه أح ااد ح ااىت أه اال اجلاهلي ااة وه اام أه اال البالغ ااة
والفصاحة :
()1
شعري وال سمعت بسحري بابل ما نال أهل الجاه ـ ــلية كلهم
ويشري هنا من خالل الضمري (هم) اىل مجاعة الغاائبني وهام أهال اجلاهلياة ،وهاو حامال لنساق تاارخيي
أول وقبل كل شيء ،حييلنا علاى نساق ثقاايف اجتمااعي خفاي ،فاإن فااق الشااعر باعرتافاه منزلاة شاعره
ول حازو مكانة لغته فمن حقه التغين بأناه ،وهذا ما دفع الناقد إىل إقامة مفارقة واضحة باني الصاورة
التارخيية والصورة النصية لشعر املتنيب .
وباعتبااار النقااد الثقااايف يقااوم علااى وموعااة ماان املرتكازات والثواباات فقااد كاناات إحادى هااذه املرتكازات
الوظيفاة النساقية الايت حتيلناا علاى (دللاة نساقية) ،بالضاافة اىل اجملااز الكلاي ،والنساق املضامر والتوريااة
الثقافيااة ،هااذه املرتك ازات هااي أهاام مااا وضااحه "الغااذامي" يف الثواباات الاايت حتياال علااى مفاااهيم نظريااة
وتطبيقية وواكانت انطالقته يف مقاربة النصوص واخلطابات وجلها تتعلق باملساتوى اللغاوي ،خصوصاا
اجملاز الكلي وقد ربط" الغذامي" العالقة بني اجملاز واإلنسان « قراءة االنسان بوصفه لغـةكي يجيـب
على سؤال المشكل الحضـاري العربـي ،وقـراءة االنسـان ال يسـتوفيها علـم واحـد»( ، )2وهاذا ماا
أشار إليه الناقد يف بداية تطرقه لدراسة املضمرات النسقية ل اا"ملتنيب" ،واليت ختتبئ وراء اجملاز ،فما هي
العالقااة الاايت ت اربط بااني الصااورة النصااية الاايت قاادمها الباحااث وبااني اجملاااز ،والنس اق الظاااهر يف اخلطاااب
14الشعري للمتنيب؟
35
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
36
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
وإن كانت لفظة املعايل يف صوراا الواضحة والصرحية حتيلنا على العلو والرفعاة ،ففاي املخفاي املضامر
كما وضاح الناقاد هاي ختتلاف بااختالف األهاداف الايت يساعى الشااعر إليصااهلا فتاارة اادف للرفعاة ،
وأخرى إىل العلم ،وأخرى ملكانة املمدوحني ،ويف كثاري مان األحياان لتحقياق هدفاه األ اى ،فالنساق
املضمر املختبائ وراء اجملاازات الايت تارد عقاب لفظاة املعاايل هاي مان أعطتهاا قيمتهاا النصاية ،و"اخلبااز"
يف ه ا ا ا ااذه األبي ا ا ا ااات ي ا ا ا ااربز ذل ا ا ا ااك إس ا ا ا ااتنادا عل ا ا ا ااى الت ا ا ا اااريخ ول ا ا ا اايس اجلان ا ا ا ااب اللغ ا ا ا ااوي والنص ا ا ا ااي .
()1
وسار سواي يف طل ا ااب املعاش فس ا اارت اليك يف طلب امل ا ااعايل
وقوله :
()2
ببيع الشعر يف س ا ااوق الكساد وشغل النفس عن طلب املعايل
باإلضافة إىل املطارح اآلتية اليت وردت فيها لفظة املعايل :
فصااعب (العلااى) يف الصااعب والسااهل يف السااهل ذريا ا ا ا ا ااين أنا ا ا اال مااا ل ين ا ا ا ااال ماان (العلااى)
()6 ول با ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااد دون الشا ا ا ا ا ا ِ
اتهد من إبر الن ا ا ا ا ا ا ا احاال تريدين لقيااان (املع ا ااايل) رخيا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااصة
وكما أ اها الناقد باملعايل اليت تقصد األهاداف الصاعبة ،مقارناة بلفظاة املعاايل يف مواضاع أخارى فلغاة
النسق تتكلم خلف اللغة الظااهرة ،وكاأن النساق النصاي هناا يتضاافر ماع اآلخار التاارخيي ،لصانع هاذا
اجملاز اللغوي الذي أشار له الناقد .
وأبرز ما يظهر يف هذه الدراسة اجلانب اللغوي «وتع ّد الثقافة الجذع المشترك لجميع
أشكال الثقافة بل هي كيان الثقافة بال ّذا فاالنسان يتميز عن سا ر الكا نا الحيّة بالوظيفة
()6
الراقي»
الرمزية التي تشكل اللغة نموذجها ّ
ّ
16
37
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
«يطلق ابـن قتيبـة علـى أشـكال القـول إسـما نسـقيا هـو المجـاز ،ويضـم فـي نسـقيته مجموعـة مـن
االســماء التفصــيلية /.../وهــو المعنــى الــذي يجعــل مــن المجــاز مقــابال للحقيقــة »( ، )1حااىت إن
"عبد اهلل الغذامي" طالب بدراسة األنساق املضمرة وإضافة الوظيفة النسقية إىل وموعة الوظائف الايت
وضعها "رومان جاكبسون" ،وتعتارب الدللاة الرمزياة إحادى الادللت الاثالل الايت يساتند عليهاا النقاد
الثقااايف ،وهااو ماجعاال الناقااد يقاار بكااون لفا املعااايل يف شااعر املتناايب اختااذ دللااة عائمااة كونااه مل حيااتف
بالدللااة الواضااحة ،وهااذا أماار ضااروري كااون اجملاااز حيتاااج إىل مثاال هااذه األنساااق وهااي هاادف الكشااف
والتحليل يف النقد الثقايف .
أمااا فيمااا خيااص الصااورة النصااية الاايت اهااتم الناقااد بااالرتكيز عليهااا طااول صاافحات كتابااه ،والاايت أقاار يف
النهايااة أّنااا ل تتطااابق مااع نظرياااا التارخييااة ،بااالعودة إىل كوّنااا مل تطااابق األنااا احلقيقيااة للواقعيااة ماان
وجـه أغلـب التص ّـورا التراثيـة خالل التاريخ ومن خالل الشعر ،ولكون « المفردة تمثـل مركـزاّ ،
المتعلقة بالمجاز و هو خروم ال يتجاوز حـدود الجملـة النّحويـة »( ،)2واجملااز هناا يف لفظاة املعاايل
وهي املفردة اليت طاملا اختفى وراءها النسق املضمر يف خطاب"املتنيب" الشعري .
وكم ا ا ا ا ااا ذكرن ا ا ا ا ااا س ا ا ا ا ااابقا ص ا ا ا ا ااوص املفارق ا ا ا ا ااة ال ا ا ا ا اايت أقامه ا ا ا ا ااا " اخلب ا ا ا ا اااز" ب ا ا ا ا ااني الصا ا ا ا ا اورة التارخيي ا ا ا ا ااة
الس ـ ـ ــلطة ول ـ ـ ــم يك ـ ـ ــن
والنص ا ا ااية ف ا ا ا ا ا ا ا ا «ق ـ ـ ــد ك ـ ـ ــان المتنب ـ ـ ــي يم ـ ـ ــارس س ـ ـ ــلطة الش ـ ـ ــعر عل ـ ـ ــى ّ
ـحاذا عظيمـ ـ ـ ـ ــا »( ، )6ويف ذلا ا ا ا ااك سا ا ا ا ااار مسا ا ا ا ااارا غا ا ا ا ااري الا ا ا ا ااذي سا ا ا ا االكه" الغا ا ا ا ااذامي" حا ا ا ا ااىت
شـ ـ ـ ـ ـ ّ
إنا ا ا ا ااه يف ها ا ا ا ااذه النقطا ا ا ا ااة خيالفا ا ا ا ااه ال ا ا ا ا ارأي ،فاللغا ا ا ا ااة واخلطا ا ا ا اااب الشا ا ا ا ااعري عاما ا ا ا ااة ها ا ا ا ااو األسا ا ا ا اااس
الا ا ا ااذي تتح ا ا اارجم في ا ا ااه األنسا ا ا اااق الثقافيا ا ا ااة ح ا ا ااىت أن "الغا ا ا ااذامي" عنا ا ا اادما دع ا ا ا اى ملا ا ا ااا أ ا ا اااه النظريا ا ا ااة
النقا ا ا ااد الثقا ا ا ااايف «،قصـ ـ ـ ــر النقـ ـ ـ ــد علـ ـ ـ ــى القـ ـ ـ ــراءة االحاديـ ـ ـ ــة وسـ ـ ـ ــم فيهـ ـ ـ ــا الثقافـ ـ ـ ــة العربيـ ـ ـ ــة
شعرنة)»(.)0
والنّتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعري العربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كلّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ(ال ّ
17
38
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
-1سامي سليمان أمحد ،املؤسسة النقدية والستجابة لتغري الواقع ،ولة فصول ،ولة النقد األديب ،اهليئة املصرية العامة
للكتاب ،املج ،11ع ،1القاهرة ،مصر ،ص 01
-2حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص02
-6املصدر نفسه :ص .16
39
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
19و كاال ماقدمااه علااى حااد قااول الناقااد طمااوح سياسااي وهااو مااا ظهاار أيضااا يف أشااعاره وقااد تكلاام
"طه حسني" عن هذه الفرتة كثريا ووضع العرب ونذاجم ،وهذا الوضع هو ما جعل من "املتنايب" مادعيا
للنبوة وخارجا عن الدين وضعيف نسب فأناه برزت من واقع اجتماعي ،وما قدمه" اخلباز" يؤكد لناا
وجهااة نظاار" حممااد مناادور" يف شااأن أن مااا يااتم تقدميااه ماان قباال الفاارد هااو نتيجااة إجتماعيااة ،سياسااية
شكل والتّشكيل والسياقا ما قبـل الـنّص ومـا بعـد الـنّص نفسية و ثقافية « يعني أ ّن كل وجو ال ّ
تنوعــا داخــل وحــدة ،هــي وحــدة الــنّص ووحــدة حــدس المبــدع فــي داخــل ســياق اجتمــاعي
تمثّــل ّ
وفني وبالتّالي سياسي وثقـافي»( ،)1وقاد أقاام الناقاد تقسايم مراحال حيااة" املتنايب" إنطالقاا مان مرحلاة
ميالده إىل مرحلة طلبه امللك ،ورأى يف هذه املراحل أثرا كبريا للثقافاة الغربياة علاى الثقافاة العربياة وهاي
املرحلة اليت جاء فيها شعر املتنيب منافيا لإلنسانية يرى السالطان شايء أساطوري يف حاني يارى الشاعب
أف اراد ل قيمااة هلاام وحيطهاام واارد عااائم ،وذلااك كلااه كااان لزامااا ماان فاارتة تارخييااة و ثقافااة وتمااع و هااو
الساابب الااذي أدى إىل تواشااج األنساااق النصااية والاايت تضاامر احلقيقااة وتبااني اجملاااز وهااذا األخااري هااو مااا
يتطلبه النموذج الشعري ويصنع اإلختالف ،وقد ظهر بشكل جلي يف أشعار املتنيب وجعل منه الناقاد
سببا يف اختفاء الصورة الواقعياة ،ومان وجهاة نظرناا بعيادا عان وراء "اخلبااز" هاذا هاو ماا يصانع العالقاة
بني اإلجتماعي واألديب فا ا ا ا ا ا ا ا « الكتابة األدبيـة تـنهض علـى مسـتوى المتخيـل ،الكاتـب فيهـا ال
يتعامل مع الواقع مباشرة وإنّما يرتسم في ذهنه ،وبذلك تخيـل الـ ّدالال علـى المـدلوال غيـر
مطابقة لمرجعيتها الواقعيـة »( ، )2فنقال الواقاع بصاورة كلياة يرفاع األدبياة وحياط مان قيماة الانص األديب
إىل اإلنعكاااس اإلجتماااعي ،ومتتبااع النقااد هاهنااا يصاابح ّبثابااة عااامل اإلجتماااع ل الناقااد األديب ،ورّبااا
يصاانع ماان خاللااه الناقااد يف وااال النقااد الثقااايف الت ازاوج إىل جانااب املناااهج النقديااة األخاارى حلاادول
التاوازن والكشااف عاان املخبااوء وراء عباااءة هااذا اجلمااايل ،واألنااا املتضااخمة عنااد "املتناايب" أو هااذه األنااا
اليت ل تعترب وجاود اآلخار كينوناة تاماة هوحباد ذاتاه ناابع مان واقاع ومضامر يف خطااب وراء أنسااق هاي
من سامهت يف رسم هذه النسقية.
-1حممود أمني العامل ،حممد مندور والنقد الثقايف ،ولة فصول ،ولة النقد األديب ،اهليئة العامة للكتاب ،املج ،11العدد،1
ص.666
-2الد فرعون ،احلقول الدللية" مقاربة دللية" ،ولة النقد والدراسات األدبية ،مكتبة الرشاد،ع ،01اجلزائر ، 2000،ص
160
40
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
وإذا كان اخلباز أعاب على الشاعر احلط من قيمة النسان إىل أسفل الدرجات ،فقد بني يف موضع
وخر كون الشعور بالذات واإلحساس بالفوارق حيال اآلخر هو ما يصنع هذه الصورة ومن هنا يتأكاد
لنا أنه ولو عظُمت قيمة اجملاز يف أشعار الشاعر فإّنا دللة على التجسيد للواقاع ،لخاتالف الساياق
الصادق والثقة
الصحيح والحس ّ
النصي « الموق االنساني بذاته حيال الواقع إذا اعتمد النّظر ّ
باالنسان وبالقوى الناميـة الـى أبعـد حـدود الثقـة ،كـان مبعـث االلهـا واللهـب الوجـداني فـي مـا
يصنع الكاتب»( ، )1هاذا هاو أحاد وراء الكتااب الاواقعيني ورّباا حييلناا اىل غاري ماا أخاذنا إلياه "اخلبااز"
فاإلهلام احلق يتأتى من الشعور اإلنساين باالواقع ،واملتنايب صانع اإلخاتالف دون شاعراء عصاره وإن دل
ذاجم على شيء فإنه يدل على واقعية الشاعر.
وإن كان الكتاب الذي بني أيدينا يناقش أحد أسئلة النقد الثقايف و هذا اإلختالف بني األنا واآلخر
وما تر ه هذه الثنائية ،وما ر ته الثقافة العربية يف تقديس املركز واميش اآلخر هو حبد ذاته واقع
عايشة الكاتب كما عايشه الشاعر قبال ،ولكن الواقع اإلجتماعي العريب يقدم نفسه دوما ثال
البوابة الرئيسة لكل مشروع حبثي وهذا ما حلظناه يف هذه الدراسة ،واعتبار صورة اآلخر بالنسبة
يتحرك في الواقعش َّك ٌل في المتخيل وفي الخطاب ّ ،أما اآلخر فهو الكا ن الذي ّ للناقد « م َ
»( ،)2وّبا أن املتخيل يف حد ذاته نسق هو اآلخر وكون الناقد يرى أنه " جزء مدغم في الواقع
وبعد مكون لميدان الممارسة إلى درجة يصعب فيها التمييز بينهما فكثير من الثقافا تعيش
في الواقع بواسطة المتخيّل وأخرى تعيش في المتخيل الذي يعاش كواقع أو هو الواقع
المتخيّل "( ،)6فما قدمه "املتنيب" ولو مل يطابق الواقع مطابقة كلية إل أنه شكل نوعا من املراوغة
الواضحة على مستوى الدللة الثقافية ،وتشكيل صورة الفرد اآلخر عذه الصورة بالنسبة للباحث من
خالل ما قدمه املتنيب هي صورة واقعية كوّنا ارتسمت كصورة موازية هلذه األنا الفردية و اآلخر خيتلف
من ذات ألخرى ،وهو ما أدى إىل تغليب املتخيل يف الشعر على حساب الواقع .
20
-1حسن مروة ،دراسات نقدية يف ضوء املنهج الواقعي ،مكتبة املعارف ،بريوت،لبنان ،1266،ص116
-2حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 20
-6م ن ،ص 20
41
الفصل األول :مستويات اشتغال النّقد الثّقافي
فهذه اجملاوزة للواقع و اليت حاول الناقد من خالهلا إبراز اإلختالف بني الصورتني النصية والتارخيية
الواقعية هي حبد ذااا من متطلبات هذا الواقع خصوصا من قبل املبدع و ل ميكننا تفويت هذا
الالتناسق بني الفرتة التارخيية اليت قيل فيها هذا وبني فرتة أقيم فيها هذا النقد ،فاملرحلة اإلجتماعية
هي اليت تسفر على أي خصوصية أدبية "فالكاتب ذاكرة أخرى تقيم المسافة مع هذا المتخيّل ،
،وبين تكونه وللكتابة زمنها المختل
تتعامل معه ،ترى فيه ،تكتب منه ،لهذا المتخيّل زمن ّ
المادي من حيث هو حضور فيه في نظا العالقة فيه ،أي
الزمنين تستمر عالقة الفرد بالواقع ّ
ّ
فيما يح ّدد له موقعا يحكمه ويتجاوز كفرد "( ،)1ونعترب ما قالته "ميص العيد" تأكيدا ملا توجه إليه
الناقد حينما ربط املرحلة اإلجتماعية بالصورة الشعرية ،على غرار الصورة التارخيية اليت تقدمت يف
العديد من صفحات الكتاب واليت جعل منها الكاتب مرادفة للواقع .
واستدلل ّبقولة أليب متام على األرجح أن يكون "اخلباز" موافقا له الرأي يف احلديث عن صورة "أنا"
املتنيب بني التاريخ والواقع :
غرر في أوجـ ـ ـ ـ ـ ــه ومواسـ ـ ـ ــم
ل ـ ـ ـ ــه ٌ وما هو إالّ القول يسري فتغتدي
()2
ويُقضى بما يقضي به وهو ظالم يرى حكمة ما فيه وهو ف ـ ـ ـ ـ ـ ــكاهة
فهذه موافقة من قبل الناقد على سحرية الشعر ،وعدم مطابقته للواقع ،ويبني أيضا أنه منذ سالف
ُخر أيضا فما قدمه "املتنيب" يف شعره وما نُقد من خالله
زمن على رفع أقوام واحلط من قيمة أقوام أ َ
أقامه العديد من الشعراء قبله و ختييلية الشعر هو ما تكشفه املضمرات النسقية وتضافر عدة مناهج
هو ما يصنع اإلرتباط مع الواقع ،وهذا ما حاول الناقد الرتكاز عليه يف حبثه هذا ،خصوصا من
خالل املنهج اإلجتماعي والنفسي ألن ربط األدب واألديب بالواقع حيصل انطالقا من نفسية األديب
وبيئته اإلجتماعية بصفة خاصة وهو ما ركز عليه الناقد يف دراسته وما حاولنا التوسع من خالله لفهم
21معطيات كتاب صورة اآلخر لا ا اا"حممد اخلباز".
-1ميص العيد :يف معرفة النص ،ط ،1منشورات دار اآلفاق اجلديدة ،بريوت(لبنان) ،1266 ،ص 60
-2حممد اخلباز :صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 61
42
محمد الخبّاز
أشكال التعالق النقدي في كتاب ّ
-1عالقة النقد الثقافي بالنقد السياقي
1/1عالقة النقد الثقايف باملنهج التارخيي
يبدو من خالل طرح "فنيست ليتش" ملصطلح النقد الثقايف أ ّن النّقد الثقايف « /.../ليس
تغييرا في مادة البحث فحسب ولكنه أيضا تغير في منهج التحليل ،يستخدم المعطيات
النظرية والمنهجية في السوسيولوجيا والتاريخ والسياسة من دون أن يتخلى عن مناهج التحليل
األدبي والنقدي »( ، )1وهذا ما يربز ارتباط النقد الثقايف مع غريه من النظريات واملناهج األخرى
وذلك نابع من كونه ذا مهمة متداخلة مرتابطة ومتع ّددة ،وقد اختلفت املناهج النقدية اليت ظهرت
تباعا قبل ظهور النقد الثقايف بني نسقية تبحث يف النص وسياقية تبحث يف ظروف ومالبسات
كتابة النص ،وقد أقام النقد الثقايف عالقات واضحة مع النقد السياقي تظهر جليا بصورة أو بأخرى
يف خمتلف دراسات النقد الثقايف .
-1عالقة النقد الثقافي بالنقد السياقي :
ومبا اننا ال نعين بالنقد الثقايف نقدا للثقافة وامنا هو قراءة للثقافة للبحث يف االمناط املضمرة واشكال
التعالق النّقدي اليت ختتبئ حتت عباءة اجلمايل يف النقد االديب ،فالنقد الثقايف يعتمد على أدوات
النقد األديب ،وهذا األخري الذي تندرج ضمنه جمموعة من املناهج املهتمة بالسياق العام لكتابة
النص و« الظروف التي ظهر فيها العمل الفني وتأثيراته في المجتمع وهي تشمل جميع
العالقات المتبادلة بين العمل وبين األشياء أخرى » (،)2وتقوم هذه النظرية بدراسة وتقييم
األعمال األدبية و الفنية للفنان إنطالقا من سياق أعماله أي ال ّدافع العام لكتابة العمل األديب .
النقد السياقي إذن هو ذلك النوع من النقد « الذي يبحث في السياق التاريخي واإلجتماعي
والنفسي لألدب ،ويعد ظهور وتطور النقد السياقي أبرز تطورا في تاريخ النقد منذ منتصف
القرن التاسع عشر ويقوم هذا النقد على دراسة الفن من خالل سياقه التاريخي أو اإلجتماعي
أو النفسي،على اعتبار أن بعض األعمال الفنية نواتج إجتماعية وتجسيدا لمعتقدات
حضارية » (.)3
1
-1عبد اهلل الغذامي ،النقد الثقايف " قراءة يف االنساق الثقافية العربية" ،ص 31
-2م ن ،ص 11
-3ينظر م ن ،ص 22
44
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
بالعودة اىل كتاب "صورة اآلخر يف شعر املتنيب" حييلنا العنوان إىل صورة نقلها لنا التاريخ
باإلضافة إىل أشعار "املتنيب" فقد وصلتنا من تاريخ عريق رمسته العالمة الفارقة يف الشعر العريب
الرتاثي ،أ ّما عن اآلخر فريمسه" األنا " ،هذه األخرية اليت طاملا تغىن هبا "املتنيب" يف أشعاره ويستلهم
تصورا هلذا "اآلخر" من خالل "أنا" "املتنيب" ،وهذا ما جنده يتماشى مع ما الناقد يف دراسته هذه ّ
بتطور التاريخ.
أقره "هيغل" أيضا يف دراساته يف املنهج التارخيي وذلك عن طريق ربط وعي اإلنسان ّ ّ
ويعد املنهج التارخيي من بني أبرز املناهج اليت انفتح عليها النقد الثقايف ،ذلك الرتباطه الوثيق
بالتطور األساسي للفكر اإلنساين وانتقاله من مرحلة العصور الوسطى إىل العصر احلديث وهذا ّ
التطور الذي يتمثّل على وجه اخلصوص يف بروز الوعي التارخيي ،هو ما ميثل السمة األساسية الفارقة
ّ
بني العصر احلديث والعصور الوسطى « وفيما يتصل باجملال النّقدي على وجه اخلصوص جند اإلطار
الفكري انبثق داخله الوعي التارخيي»( ، )1وهذا ما جنده يف متابعة الناقد لإلطار الفكري التارخيي
للمتنيب وجند التاريخ يف دراسته اخليط الوحيد الذي يربط أغلب صفحات هذه الدراسة ،ولكن
يبقى هدفها األول ثقايف ال أديب وهذا ما يربر إدراجها يف هذه الدراسة ،وهذا ما حييلنا إىل ما ذكرناه
سابقا يف ما هتدف إليه التارخيانية اجلديدة يف « فهم العمل أو األثر األديب ضمن سياقه التارخيي مع
الرتكيز على التاريخ األديب والثقايف واالنفتاح أيضا على تاريخ األفكار » ( ، )2وأول ما يلفت النّظر يف
هذه الدراسة هو اإلنطالقة ،فـ ـ ـ ـ "صورة اآلخر " و هي إحدى أهم األسئلة اليت طرحها النقد الثقايف
باإلضافة إىل اجلدل بني اآلخر واألنا هذه األخرية اليت غلبت على روح" املتنيب" حيث يقر الناقد أنّه
الصعب فصل اآلخر كمفهوم يف تعريفه عن مفهوم ال ّذات ذاك ّأّنما دائرتان متداخلتان « من ّ
23 ()3
ج ّدا »
-1صالح فضل ،مناهج النقد املعاصر ،ط ،1دار سريت ،القاهرة ،مصر ، 2222،ص 22
-2مجيل محداوي ،نظريات النقد األديب ،شبكة االلوكة ،املغرب ،ص 191
-3حممد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 21
45
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
أي أن هذه الصورة املتداخلة بني األنـا واآلخـر متّـ ّذرة يف التـاريخ ،وصـنعت العالمـة الفارقـة يف النقـد
الثقــايف ،واجلــدير بالــذكر أ ّن الناقــد أعلــن يف بدايــة دراســته أن "املتنــيب" ختلّــى عــن فردانيتــه لتحـ ّـل حملّهــا
اجلماعة والتاريخ هو ما يكشف ذلك « واآلخر ليس مفهوما فرديا فقط إنّهه مفههوم جمعهي أيضها ،
تصوراته عن اآلخر بناءا علهى تص ّهورل لذاتهه ،فهان المجتمهع ذهذلي يكهون
فكما أ ّن الفرد يش ّكل ّ
تصورا عن اآلخر بنهاء علهى تص ّهورل لهذاتـه » ( ،)1وإذا كـان الناقـد يـرى أ ّن « تـالزم مفهـوم (صـورة
له ّ
الذات) ومفهوم ( صورة اآلخر) فاستخدام إحدامها أو ذكره يسـتدعي تلقائيـا اآلخـر»(،)2وهـذا مـا تـراه
التارخيانية اجلديدة وتسعى للوصول إليه فهي ترى أ ّن اجملـال الثقـايف منطقـة نـزاع تتـداول قـوى متعـ ّددة ،
يوضــح لنـا الناقـد العالقـة التكامليــة بـني األنــا واآلخــر والـيت تــأ حاملـة لنســق ثقـايف يــربز مــن
وبعـد أن ّ
خالل السياق التارخيي للنّص األديب وهذه إحدى الوظائف اليت يبحث فيها النقد الثقايف ،فاإلهتمام
باألنســاق املضــمرة هـي املطلوبـة واخلطابــات حاملــة لعالمــات ثقافيــة ،وكــان لزامــا التّعامــل معهــا بــالفهم
تتوسله الدراسة النّقدية فإ ّن الناقد حـاول البحـث يف هـذه والتفسري ،وملّا كانت هذه األنساق هي ما ّ
املؤرخون والنّقـاد « فقهدرة الشهعر قهديما علهى رفهع منللهة أقهوام و خفهض منللهة دونه ّ األنساق يف ما ّ
أخههرى » ّ ،
()3
أسســت الزدهــار ف ـرتات تارخييــة بازدهــار شــعرائها وســقوط أخــرى ومــن ال يعلــم قضــية
اإلحتفــال بشــاعر جديــد يف القبيلــة والتغــين بــه أمــام بــاقي القبائــل فكــان التــاريخ العــريب تــاريخ شــعر ،
ضـر لــه العــريب ال يف الزمــان وال املكــان ،
والزال العــرب يتغنّــون بشــعرائهم يف اجلاهليــة وكــل ذلــك حي ّ
وال حيظى بـنف األمهيـة الثقافيـة علـى الـرغم مـن اخـتالف الطبقـات اإلجتماعيـة ،وصـلنا هـذا الـرتا
العريب األصيل وكان للتّاريخ ال ّدور األكرب « والمنهج التاريخي في النّقد مفيهد مهن حيهث أن يأخهذ
نفسه و ال يمكن أن يكتفي بدراسة المؤلّف األدبي الذي أمامه ،بل ال بهد مهن أن يحهيط بكافهة
())4
م ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه هها ألّه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههف الكات ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههب ليك ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههون حكم ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههحيحا ش ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههامال»
3
46
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وال يعد" اخلباز" من النّقاد األوائل الذين وظّفوا املنهج التارخيي ضمن دراساهتم الثقافية ف ــ"جابر
عصفور" أشار إىل أ ّن املنهج التارخيي « يستخدم في قراءته للنصوص التراثية باعتبارها نسقا
واحدا غير خاضع للتراذم العشوائي وغير قابل لفعل انتقائي ال يعكس سوى إيديولوجية
التطور الوحيد »( ،)1وهذا ما أقام الناقد
مفروضة على النسق إنما هذا النسق الواحد يحكمه ّ
على أساسه هذه الدراسة « وبما أنّا هنا نريد أن نستجلي واقع أنا المتنبي فمن حقنا أن نتساءل
إذا ذنّا نستطيع اإلمساك بهذا الواقع من خالل الشعر لطبيعة المراوغة و اللئبقية فهل
سيمكننا ذلي من خالل التاريخ » ،وذلك ال يتم إالّ من خالل رصد حيل الثقافة اليت ّ
()2
تتمرد
عرب أنساق النّصوص واخلطابات ،والناقد هنا ال يقصد بالزئبقية واملراوغة املصاحبة لشخص" املتنيب"
بل الشعر « فالشعر بطبيعته التخييلية مراوغ ومنلاح عن الواقع »( ، )3ويقيم "اخلبّاز" يف هذا
املقام تتبّعا بطيئا حول السياق التارخيي لإلمساك بالواقع الذي عاشه" املتنيب" للوصول اىل املضمرات
الرغم من اعرتافة بكون التاريخ يف هذه الفرتة يكن أحسن حاال من الواقع النسقية الثقافية ،على ّ
املؤرخ األديب هنا تفسي التغريات اليت تظهر يف نسق « وحتت تأثري التطور العام للثقافة واجملتمع ودور ّ
املعايري األدبية »( ، )4وال ميكن الوصول إىل هذه التغريات اال من خالل فهم األحدا وهذه األخرية
التعرف عليهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا إال من خالل وسيط هو يف الغالب النص التارخيي ،الذي يقرتب اليت ال ميكننا ّ
صحة احلواد اليت يؤّرخها التاريخ الصدد ضعف ّ من النصوص األدبيـ ـ ـة وال خيفي الناقد يف هذا ّ
ويعتربها املشكلة األكرب اليت تعرتض دراسته مستدال على ذلك بقول أليب العالء :
()2
واقرتهتا للم ــكس ـ ـ ـ ــب القدماء غريتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها رواة
وأح ـ ــاديث ّ
4
-1مهدي بندق ،حداثتنا املعاصرة ،ملتقى صور االزبكية ،اهليئة العامة لقصور الثقافة ،األردن ،فرباير ،2223ص 119
-2حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 32
-3م ن ،ص 32
-4عبد اهلل القصيمي ،هذي هي األغالل ،ص 43
-2حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 33
47
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
5
وانطالقا من ذلك واصل حديثه رافضا صعوبة اإلمساك بواقع ( أنا )" املتنيب" وأنّه ال يضعها هدفا
هلوإمنا يسعى لوضع صورة مقنعة من خالل إقامة مقارنة بني الصورة التارخيية والنصية ،وكل ذلك
إنطالقا مبا ذكره التاريخ وما جاء على ألسنة النقاد.
دل ذلك على شيء فإنّه يدل يعنون الناقد فصله األول ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ( صورة املتنيب بني شعره والتاريخ ) ،وإن ّ
على عدم التطابق بني تاريخ" املتنيب" وشعره ،حيث علينا االشارة هنا قبل التعرف على الصورة
عرب هبا "املتنيب" واليت تتبّعها" اخلبّاز" إىل املرحلة التارخيية وموقف "املتنيب" املتكون من النصية اليت ّ
اجملتمع املعاصر ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ « حينما تدفعنا خطانا إلى البحث في األنساق الثقافية سنكتشف أنّنا نقرا
التاريخ البشري والسيرة البشرية » ،وهو ما ّ
()1
وضحه "اخلباز" أيضا « باستقراء ترمجات املتنيب
القدمية واليت كونت شخصية املتنيب يف أذهان األجيال التالية ،كوّنا النصوص التأسيسية » (،)2
الرافضة
فالنسق الثقايف الذي يسعى للحفر من خالله للوصول إىل هذه األنا الفردانية املتعالية ّ
للمّتمع كان يف احلقيقة قراءة يف التاريخ وحبثا يف السرية البشرية .
اعتربها
لطاملا نُعت "املتنيب" بشاعر الفردانية واألنا املتعالية ،وأشارت له أقالم النقاد واملفكرين و ر
مكونات شخصية الشاعر ،وقد استقاها من النصوص الرتاثية وأمهّها مسألة ضعف "اخلباز" من ّ
النبوة ،لكن جتدر اإلشارة إىل أ ّن هذين العنصرين من صنع التاريخ وهذا ما يندرج النسب و ّادعاؤه ّ
ضمن دراسات النقد السياقي ،هذا األخري الذي من خالل تتبعه يستطيع الناقد فهم األعمال ،
فالبعد التارخيي الذي أقامه من خالل كرونولوجيا حياة الشاعر رغم سياقيته يبقى ذا أمهية يف البناء
الداخلي للعمل األديب وهذا ما يؤكد ضرورة االرتباط بني الصورة النسقية والتارخيية ،وهذا ما دفع
بالناقد إلقامة مفارقة بينهما ورفض اخلبّاز كون الصورة النصية مطابقة لنظريهتا التارخيية فهي ليست
كل احلقيقة .
48
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
« ّإّنا صورة ملا يريده الكاتب أن تكون أو ّإّنا صورة ملا يتوهم الكاتب أنّه احلقيقة لكن قد ال تكون
احلقيقة بعيدة ألنّه ال يعرف ذاته جيدا بعـ ـ ــده » ( ،)1فه ـ ـ ــذا اعـ ـ ـ ـرتاف واضح وصريح من الن ـ ــاقد ع ـ ــلى
تضارب صحة ما ورد يف أشعار املتنيب حني مطابقتها لواقعه التارخيي ،ولكن الدكتور "مصطفى أمني
الرفاعي "يرى أ ّن « القصيدة اليت قاهلا املتنيب يف حياة دولة اخلدم تعرب عن جتربة الثورة يف نفسه وهي
تعك صورة األفكار الثورية األوىل /.../وكان هدف" املتنيب" بعث الـ ـ ـدولة العـ ـ ـربية و إعـ ـ ـ ـ ـادة أجماد
اإلمرباطورية اإلسالمية » ( ، )2فشرف النسب هي صورة نصية يراها "اخلبّاز" كثريا يف شعر "املتنيب"
بل وجدها بقبيلته :
()3
ف أن تسكن اللَّحم والعظر رما هبا أرنر ٌ وإنـّي مل ــن قوم كأ ّن نفوس ـ ـ ــهم
هذا لي باألمر الكايف للحكم على املتنيب بضعف نسبه ،ذلك أنّه يف كثري من أشعاره أعلن تساميه
وترفّعه عن احلياة العادية ،حىت أنّه عاب عليه شعره الذي ي ّدعي فيه عدم االهتمام باملال من ناحية
صورها و يعاشها فهو طالب للمعايل ال طالب للمال وحىت مدحه وتقّربه طموح : أ ّن املتنيب ّ
()4
ومســعاي منها يف شدوق األراق ـ ــم ومايل ولل ّدنيا طاليب جن ـ ـ ـ ــومها
فالناقد ح ّدد مالمح شخصية الشاعر من خالل الصورة التارخيية اليت ح ّددهتا املفارقة اليت أقامها ،ال
من خالل الصورة النصية فأصبح رافضا للمطابقة بينهما ،فضعف النسب والبخل وطلب املال
واخلوف من املوت هي ما استخلصه "اخلباز" يف طيات دراسته ال ما ق ّدمه الشاعر من خالل الصورة
النصيه ،فهذه الصورة التارخيية كشفت عن مضمرات نسقيه كانت حتول إىل صعوبة اإلمساك ب ـ ـ ــ"أنا
" احلقيقة الواقعية « /.../وأنّنا سنقوم بتكوين صورة مقنعة ومتوافقة ولي بالضرورة أن تكون مطابقة
6 ()2
للواقع »
-1حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،مرجع سابق ،ص .22
-2مصطفى أمني الرفاعي ،املتنيب وشوقي ،ص 22
-3حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 24
– 4م ن ،ص 24
-2م ن ،ص29
49
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
إقامة املفارقة بني الصورة النّصية والتارخيية ليست مشروطة إن تتقابل الصورتني ،وهو ما ذهب
إليه الشكالنيون الروس « إ ّن النسق األديب مقابل للنسق التارخيي يتميز باستقاللية معينة أل ّّنا ار
األشكال واملعايري الثقافية املختلفة » (.)1
وهذا أقرب إىل الصواب خصوصا وأن "املتنيب" ف ّذ بفصاحته ،و هذا األمر كذلك نقله لنا التاريخ ورّمبا
يوضحها النّاقد كالتايل :
تدخل يف املفارقة ع ّدة نقاط أخرى ّ
تكونا من خالل -مسألة النسب والنّ ّبوة فلم خيض فيهما النّاقد وذلك لكوّنما أمرين ّ
العداوات اليت تبعت الشاعر ،وذاك كون« املتنيب قد مين يف حياته وبعد موته بضروب من العداوات
الرجل مزلّة ال تشت عليها قدم وال يهتدي فيها إال بصري متثبت ،ولو نظرت إىل قد جعلت تاريخ ّ
أقوال األصفهاين صاحب (إيضاح املشكل) وما رواه يف مق ّدمة كتابه ممن كان يتحامل على أيب
بالسوء »( ، )2وهذا هو السبب الذي جعل الناقد خيرج مسأليت ضعف النسب و الطيب ويذكره ّ
النبوة من معاجلته ،مستفيدا من األنساق الداخلية ،للنصوص الشعرية والتتبع التارخيي للظروف ّ
احمليطة بإنشاء النصوص الشعرية اخلاصة بالشاعر .
ّأما فيما خيص بعض القضايا اليت تناوهلا" اخلبّاز" بال ّدرس واملسؤولة على تشكل أنا "املتنيب"
قضية (طلب املعايل) ،فصورهتا التارخيية هي (البخل وطلب املال ) وهو ها هنا يذ ّكرنا برأي
بالشحاذ والك ّذاب ، /.../وهو أيضا يوافق "الغ ّذامي" يف هذا الشاعر ّ"الغذامي" حينما نعت ّ
التعرب عن
أي خلل ،ولكنّه يرفض الصورة النّصية كوّنا ّ اجلانب ،فالصورة التارخيية ال يوجد فيها ّ
الواقع ،فاألنساق احلاضرة ال توازي الواقع يف شيء «7لن يكون األمر غريبا لألسف أن حيظى املتنيب
بإعّابنا املفرد مذ كان هو الشاعر األكثر نسقية ،ولي إعّابنا به إالّ استّابة نسقية غري واعية
()3
،وهو ما استنتّناه من خالل حيرك ذائقتن ـ ـ ـ ـ ـا »
منّا ،إذ أنّنا واقعون حتت تأثري النّسق الذي ّ
دراسة الناقد أيضا ،وما كشفته الدراسات التارخيية ...ز
( -)1يوسف عليمات ،مجاليات التحليل الثقايف ،ط ،1دار فارس ،بريوت ،لبنان ،2224 ،ص.42
-)2(7حممد اخلباز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 29
( -)3عبد اهلل الغ ّذامي ،النّقد الثقايف 131 ،
50
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
.ويس ـ ـ ـتدل الناقد على جمموعة من املظاهر السياسية واالجتماعية بإمكان القارئ للتاريخ أن يعلمها
فعصر "املتنيب" عصر ضعفت فيه اخلالفة وتعاظم شأن من ال شأن هلم ورّمبا كان ذلك سبب رفض
املتنيب لذلك الوضع .
إ ّن التّمــايز بــني الصــورتني النســقية والتارخييــة يف رؤيــة الشــاعر أو حماولــة إظهارهــا يف الصــورة النصــية
إظهــارا واعيــا قصــديا وهــي املفــاتيح الــيت اســتطاع مــن خاللــه الناقــد إب ـراز هــذا التضــاد ،وبعــد تقدمي ـه
تعرض هلا "املتنيب" ش ّكك حىت يف كون الشاعر ( خبيـال أو جبانا) جملموعة من الفنت واملزالق اليت ّ
ذلك أن يكون من تلفيق الرواة ،ولكن ذلك ال يعين إبطال ما قيل ،بل على العك واصل
"اخلبّاز" إقامة املفارقة (بالعودة إىل الصورة النصية) باعتبارها الصورة النسقية املتكاملة وكأ ّن" املتنيب"
بذلك يعيد الناقد إىل اإلعرتاف بتطابق التاريخ مع النص ويكشف ذلك من خالل النّسق وهذا ما
يعيدنا إىل قول" الغ ّذامي" بأ ّن "املتنيب" « شاعر مكتمل النّسقيّة »(. )1
بصحة إحدى اخلصلتني ( البخل أو اجلنب ) هدما للص ـ ـورة النصيـ ـ ـ ـة بأكملهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ذلك ويعترب التسليم ّ
لعدم توافقها مع الواقع ،ورّمبا كان االمر األجنح أن جند الدك ـ ـ ـ ـتور" ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوسف عليمات" يقول «
()2
يصبح النص الشعري يف أمسى جتلّياته حماولة للمعاجلة مع ال ـ ـ ـواقع بكيفية أو بأخ ـ ـ ــرى »/.../
8
8
51
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
فالصورة اليت نقلها "املتنيب" ال متثل الواقع أي أّنا ال تطابقه حىت وإن كانت على عالقة به فالظروف
التارخيية اليت نُقلت تقر بذلك ،لكن النسق يرسم غري هذه الصورة فعلينا تقبلّها .
قسم الناقدحياة املتنيب إىل مراحل مجيعها ترتبط باملبحث التارخيي ،أبرز ما يش ّدنا فيها هو فكرة وقد ّ
الس ـ ـعي لت ـ ـحقيق
هذه اجلماعة اليت سرعان ما تتالشى يف الفرتات الالحقة لنّـ ـ ـ ـده يوضح ال ـ ـوحدة و ّ
املطالب الذاتية ،ويف خمتلف األبيات اليت ق ّدمها الناقد إتّضح أ ّن هذه الفردانية والذاتية املفرطـ ـ ـ ـة عند
الشاعر هي نتيّة فعلية ملا فعلته املكائد يف التاريخ وما بدى تأثريه واضحا يف أنساق شعره ،وت ـ ـ ـعترب
هذه من إحـ ـ ـدى أه ـ ـم ال ّدالالت النسقية اليت أشار إليها "الغ ّذامي" يف مجلته الثقافية وهي « تحقي ه هر
اآلخر واعتبارل مثابة الخصهم الذي الب ههد من سحق ههه » (، )1وهذه األنسـ ــاق اليت تظهر يف الصـ ــورة
التارخيية ختتفي يف اخلطاب الشعري للمتنيب ،قد ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار لزامـ ـ ـ ـ ـ ـا على الق ـ ـ ـ ـ ـارئ أن يتّخذ من ال ـ ـقـ ـراءة
الثقاف ـ ـ ـ ـية الوجهة لكشف مضـ ـ ـ ـمر القبح والزيف فيها ،وهذه هي املرحلة اليت اعتربها الناقد انطالقة
عزته وكرامته وشعره لتـ ـ ـ ـحقيق ح ـ ـ ـلمه ،وق ـ ـد علّ ـ ـق" الغ ّذامي" على "املتنيب" إىل املديح ونعته مبن ب ـ ـاع ّ
الذم من تحت الثناء وإن ذان األمر
مدائحه قائال « فال شي في نسقيتها من حيث أنّها تضمه ه هر ّ
مكشوفا في قصائدل لكافور .)2(» /.../
أقر به الناقد أيضا معتربا "املتنيب" هّا تلميحا وتصرحيا على عك ما جنده يف قول "حس ـ ـ ـني
وهو ما ّ
القاصد" « بأ ّن الشعراء في ذلي العصر موظفين يؤيّدون ما تريدل السلطة » ( ،)3حىت بلغ ح ّدا
غـري معقول يف العصرين العبّاسي واألموي ،وهكذا صارت (صورة اآلخر ) اليت رمسها التاريخ حاضرة
دوما من خ ـ ـ ـالل حديثه عن (األنا) ،فهـ ـ ـذا املضم ـ ـ ـر النسقي ال ـ ـ ـ ـ ـذي أراد عدم التصريـ ـ ـح به أبـ ـ ـانت
عن ـ ـ ـه املالبسات التارخيية ،والعك صحيح .
9
52
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
حيث أ ّن "ميشال فوكو" « يشير إلى ذيفية بناء الذات التي يمكن تحديدها من خالل ض ّدها أو
المؤسساتي ومن خالل
ّ يسمى به ه ه ه ه ه ه ه (اآلخر) ،ويؤّذد أ ّن سالمة العقل تح ّدد عبر العمل
ما ّ
تعريف الحماقة ،مثلما أ ّن الحريّة تؤسس بحضور النّقيض /السجن » ،وهذا ما يؤّكد ّ
()1
صحة
تعرض له" املتنيب" هو ما كان سببا يف بناء هذه األنا ،وطبيعي
ما ذهب إليه الناقد حني قال بأ ّن ما ّ
أن تتضافر الصورة النصية هنا مع التّاريخ ،فالتغري يف األوضاع اإلجتماعية أجرب " املتنيب" على التغري
تحول المدح
الصدق هذل في المديح إذ ّ
النّسقي« غير أ ّن هناك تغيرا قد حدث بالنسبة لمسألة ّ
إلى تكسب بالشعر ودخلت المنفعة المادية في الموضوع فأ بح الشاعر يمدح ألجل
المال»(.)2
يوضحه التاريخ من أ ّن حب املال يكن أبدا من أولويات "املتنيب "فذلك كان من وهذا ما ّ
أحد تبعات الفرتة التارخيية اليت عايشها ،وهذا ما أفرزه العصر الذي عايشه مثله مثل باقي شعراء
عصره و قد ق ّدم النّاقد أمثلة عن ذلك « ال ترى الشاعر إالّ قائما بين يدي خليفة أو وزير أو
أمير باسط اليد ،ممدود الكف يستعطف طالبا ويسترحم سائال ،هذا مع الذلّة والهوان ،
،وقد ربط حىت يف هذه القضية بني صورة املمدوح واملهّو ()3
والخوف من الخيبة والحرمان»
عائدا إىل قضية النسب رابطا ذلك بقضية تارخيية كون املدح يف أشعار "املتنيب" ترتبط بصورة مباشرة
مع الكرم ،هذه الصفة العربية االصيلة ال تكون اال من ابن كرمي وهذه هي القاعدة اليت استخلصها
10
الناقد من خالل الكثري من املواضع اليت ذكرت يف شعر "املتنيب" :
ج ـ ّدي اخلصيب عرفنا العرق بالغصن أفعـ ــاله نســب لو يق ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعها
()4
ن العاض اهلنت ابـ ـ ـ ـ ــن الع ـ ـ ـ ــارض اهلنت العارض اهلنت اِبن العارض اهلنت اِب ـ ـ
53
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
ويقلب الصورة يف صـ ــورة املهّو ،ليصبــح ابن ال ّدينء دني ـئ ــا وهي صورة نصية استخلص من خالهلا
"اخلبّاز" هذه الصورة التارخيية ،وجتدر اإلشارة هنا إىل أ ّن الناقد ربط قضية النسب يف اإلحالة بني
صورة املمدوح واملهّو وربطها بالصورة التارخيية ،ولكن النسب هن ــا ال خيص "املتنـ ـ ــيب" بل خيـ ـ ـ ــص
شخصيات أشعاره « ،ومن هنا نستنتج أ ّن المتنبي ال يمكه ه ههن أن يكون وضيع نسب ،ألنّه
يذذر هه ه ه ههذل الق ه ههاعدة وترذههيلل عههليها سههواء بشك ههل مباشر في مدحههه أو بشكل عكههسي في
هجائه ،فإنّه إنّما يهجي نفسه » ( ،)1فاآلخر املمدوح واملهّو عند "املتنيب" حيمالن صورة ضدية
كما بني الناقد وكل هذه الصور استقاها اخلبّاز من التاريخ .
الصدد جندباإلضافة إىل كون التاريخ هو املتحكم الوحيد يف احلكم على املهّو أو املمدوح ويف هذا ّ
"حسني القاصد "يقول « :نسمع و نقـ ـ ـ ـ ـرأ يوم ـ ـ ـ ـا أن حـ ـ ـاسب أحد املتنيب يوم هّ ـ ـ ـا املمـ ـ ـ ـالك
الع ـ ـ ـربية واألعّمية دون استثناء من خالل قوله :
()2
تفلح عرب ملوكها عّم » وإّمنا النّاس بامللوك أالّ
11وإذا توقفنا عند (متنيب اخلبّاز ) فإنّنا جنده يستشهد بع ّدة آراء عن احلضارات اإلسالمية و الشرقي ـة
رسخت فكر "املتنيب" مقيما يف هذا السياق هرما يرسم من خالله صورة حماوال إجياد الثقافة اليت ّ
اآلخر الطبقي واملرأة والطفل ،باإلضافة إىل صورة اآلخر غري العريب وهو العبد ،هذه الصور املستقاة
من شعر املتنيب باحثا عن الصورة النسقية املنشودة ،وخيلص من خالل دراسته اىل كون مراتب هذا
اهلرم الطبقي يرسم صورة تارخيية يتص ّدرها امللك فهو األعلى دوما وذلك من خالل الرتا اليوناين .
11
54
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
« وهذا ما يفسر النظرة المتعالية واالزدرائية للشعب في شعر المتنبي » ( ،)1فالناقد يرتك
أدىن صورة نسقية يف دراسته اال وأقام هلا دراسة تارخيية وتتبعا لظروف كتابتها ،فهو يرى أ ّن
املضمرات النسقية على ال ّدوام حتمل صورة تارخيية صار لزاما على ال ّدارس للنقد الثقايف تتبّعها لكشف
ما يضمره الكاتب .
حتوله
مشريا إىل كون هذه الرتاتبية اليت جندها يف شعره (التحد باسم اجلماعة ،حبديثه عن األناّ ،
للهّاء ،السياسة والسلطة ) /.../هو التاريخ بعينه يف شكل خطاب نسقي « أي أ ّن المسألة
غن المسألة أمر حتمي ومق ّدر من قبل ال ّدهر »(. )2
ليست متعلّقة بارادة أحد من الناس ّ ،
يوضحه الناقد من خالل أ ّن هذه الفرتة سقط الشعر مع تغري التاريخ ،وهذا ما ّ فقد تغريت أهداف ّ
فيها الشعر وارتفعت منزلة اخلطابة ،لسبب وحيد وهو اختاذ الشعر املكسب الوحيد ،وهو ما يؤّكد
ما أشرنا إليه سابقا كون الصورة النصية تطابق الصورة التارخيية حىت ولو كانت ال ختتلف معها
السخاء
.ويوضح يف موضع آخر صفات املمدوحني يف شعر "املتنيب" و أبرزها الشّاعة والكرم و ّ ّ
حيث ربط الشّاعة بساحة املعركة وربط الكرم باملاء ،ويبني أ ّن هذه التشبيهات نابعة يف التاريخ من
بيئة عربية وتتصل اتصاال مباشرا بالشخصية العربية املثالية ،فالطبيعة تشكل البنية الثقافية هنا .
ّأما عن اآلخر الطبقي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ« للبشر تاريخ أزلي مع الطبقية الذاتية ولقد أشار برتراند راسل إلى
فات ثالث ظلت مطلبا غريليا لالنسان وهي فات المجد والسلطة والتنافس»( ،)3فحب
السلطة والتعايل متّ ّذر يف التاريخ العريب وغريه ونابع من ثقافات الشعوب و أضمرته أنساق الشاعر.
ّ
12
55
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وال ميكن للناقد اخلروج من هذه ال ّدراسة إالّ وقد حت ّد عن ذلك اجلانب املهمش والذي أعطاه
النقد الثقايف املكانة املستحقة أال وهو صورة املرأة ،وال نعلم أن عيب على الناقد عنونته هلذا املبحث
وتعمق أطلق هذه العنونة ورآها مناسبة .
حتت اسم (اآلخر اجلنسي ) ،أم أنّه بعد دراسة ّ
ورة المرأة :اآلخر املهمش أو النسق الثقايف املضمر وذلك لكون التاريخ وكاتب الرتا هو رجل
صاغته ثقافة ذكورية سلطوية ،فاملرأة شيء هامشي يف هذه احلياة مدلّال على ذلك مبا كتبه التاريـ ـ ـ ـ ـخ
« حيث اقترن العقل بو فه أسمى لكل ما هو ذذوري بينما ارتبط الجسد بما هو أدنى وبكل
ما هو أنثوي » (.)1
ويرجع" اخلبّاز" عدم شيوع املرأة يف شعر" املتنيب "كونه ير إالّ مخ نساء واضعا
الرجال وجعل منها املرأة املرثية ،وهاهولـ ــ"خولة" النصيب األعظم حىت أنه جعلها تتحلّى بصفات ّ
مرة أخرى ليقيم صورتني بينهما تضاد واضح على حد قوله بني الصورة النسقية والتارخيية الناقد يعود ّ
اليت حظيت هبا املرأة العربية يف تلك الفرتة ،و هذا ما يؤاخذ عليه "اخلبّاز" فالفرتة التارخيية اليت
عايشها "املتنيب" هي فرتة حكمتها الطبقية وكثرت فيها اإلماء واجلواري فل ّما رفض يف فصل سابق
عدم التطابق فهي املضمرات اليت يبني هبا أ ّن الفرتة التارخيية املعاشة هي الطاغية على منط اخلطاب
الشعري .
فالقراءة النقدية هي اليت يوصل إىل املعىن النّهائي « وتشكل مرجعا أخيرا وحكما مختلال
فهي تنتبه إلى ذل جديد يظهر وتسهم في إظهارل في التاريخ والتأريخ وفي معرفة القبليه ه هات
()2
ومختلف زمنيات التاريخ والعالقات الصعبة بين األنا والتاريخ »
13
56
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
14
57
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
و يف هذا الصدد يقول "عبد اهلل الغذامي" «:ليس القصد هو الغهاء المنجهل النقهدي األدبهي وإنمها
الهدف هو تحويل األداة النقدية من أداة قراءة الجمالي الخالص وتبريرل وتسويقه ،بغض النظر
عن عيوبه النسقية إلى أداة في نقد الخطاب و ذشف أنساقه وهذا يقتضي إجراءات تحويل في
المنظومة المصطلحية ،وأل ّن المنهج اإلجتماعي مصدر انبعاثهه ههو الفلسهفة المثاليهة التهي تهرى
فههي األدب تعبيههرا فرديهها وتشههكل ر يههة األديههب وموقفههه مههن مجتمعههه »( ،)1فــالوجود اإلجتمــاعي
لألفـراد" هههو الههذي يح ه ّدد وعهيهم /.../ومههن هنهها وجههدنا النقههاد اإلجتمههاعيين يؤّذههدون أ ّن الوضههع
الطّبقي لألديب يحتم عليه ه ه ههه أن يحمل أفكار طبقته فيعبر عن همومها ومواق ه ههفههها » (،)2
وهذا ما وجدناه بني طيات دراسة الناقد عند املتنيب خصوصا وأ ّن مصطلح اآلخـر أخـذ احليـز الالّبـأس
بـه يف دراسـات العديـد مـن الفالسـفة وعلمـاء االجتمــاع ،ومـن خـالل النمـاذج الـيت قـ ّدمها الناقـد ميكــن
القول إ ّن العناصر النسقية اليت حيملها شعر "املتنيب" مرتبطة ارتباطـا وثيقـا باجلانـب االجتمـاعي ولـذلك
كـان لزامـا عليــه يف جمـال النقــد الثقـايف الغــوص يف أعمـاق اخلطــاب الـذي يــؤثّر يف األمنـاط اإلجتماعيــة
وخمزوناته اخلفية اليت تكمن وراءه.
ويشري "حممد اخلباز" إىل أ ّن صورة اآلخر ختتلف من جمتمـع آلخـر بطرائـق شـىت « فهالنص ههو حامهل
األنساق الثقافية التي تحكم المجتمع» (.)3
وغالبــا مــا تكــون املضــمرات النســقية مندرجــة ضــمن القبحيــات ،و مــا نستشــفه مــن خــالل هــذا
البحــث أ ّن " اخلبّــاز" رّكــز علــى هــذا اجلانــب خصوصــا يف مــا تعلّــق باملالبســات التارخييــة واالجتماعيــة
احمليطــة حبيــاة "املتنــيب" ،فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ « :البنيههة االجتماعيههة هههي التههي تشههكل الشخصههية » ( ،)4وهــذا هــو
األمــر احملتــوم علــى كــل كاتــب وشــاعر ،فالكاتــب يكتــب واجملتمــع يكتبــه وهــذا مــا حــد للمتنــيب ،ومــا
كان خيفيه خلف اخلطاب كانت تكشفه األنساق.
15
58
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
ويف إشارة إىل «وجود نسقين متضادين متالزمين في النصوص األدبية أحدهما نسق ظاهر و
اآلخر مضمر في نسقية النص»( , )1جاءت بالدراسات الثقافية يف إطار النقد الثقايف مبا هو موجود
يف املنهج اإلجتماعي ،فهذا األخري طالب بضرورة النظر إىل اجملتمات و العودة إىل السياق اخلارجي
و ظروف إنشاء األدب ،أما النقد الثقايف فسعى للبحث يف ذلك النسق اخلفي املضمر ,فاجملتمع
بالنسبة للفرد املبدع أو النص هو ذلك النسق اخلفي الذي من خالله يتم فحص العمل األديب و فهم
كْنه النص أو النسق الظاهر خصوصا إذا كان هذا املبدع بشاعرية املتنيب .
األنا/اآلخر هذا احلضور املقرون حبرف العطف « ذفيل بخلق بنية ملدوجة تؤدي إلى حضور
اآلخر مباشرة في الوعي في أعلى حاالت تفردهما ذأنهما نوعان مختلفان»
()2
و يرى الناقد أن الصعوبة ناجتة من أن تشكيل صورة اآلخر هي دائما صورة مراوغة للواقع ,فداللة
األنا يف اجملتمع تضع صورة اآلخر باختالل دوما ,فهل هذا ما سنّده عند "املتنيب" ؟ ،
أو بتعبري أدق هل هذا هو ما إكتشفه اخلبّاز من خالل دراسته ألنا "املتنيب" «بحيث أن الذات و
هي تح ّدد آخرها ترى نفسها هي األساس الذي تصدر عنه المعايير التي من خاللها تحديد من
هو اآلخر و ذذلي موقعه »( ،)3وتعد دراسات الناقد حول سياقني متعلقني باجلانب املعريف وعلى
ضوئه يبدو اآلخر مفهوما تكوينيا أساسيا للهوية ّ ،أما الثاين فسياق قيمي أخالقي يكتسب اآلخر
تضمنته
توخاه الناقد يف دراسته لبيان اخللل الثقايف الذي ّ
من خالله مقبوال أو مرفوضا ،وذلك ما ّ
صورة اآلخر يف الثقافة العربية متمثّلة يف "املتنيب" ومبا أنّه « وعى ا ّن ما باختالفها هو بداية المعرفة
القوة وحين تدرك األنا اختالفها وتملي معرفتها بهذا االختالف التي تمثّل نوعا خا ّا من أنواع ّ
بالتحول إلى أنا سياسية
ّ للقوة التي تفرزها ،أي أنها تبدأ
توطن هذل المعرفة وتمارس مظاهرا ّ
()4
»/.../
16
59
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وضحه" اخلبّاز" لكن احلكم على أنا املتنيب إذا كانت الدراسة قائمة على أساس املنهج وهذا ما ّ
متخضت اإلجتماعي حىت ولو كانت يف اجتاه النقد الثقايف ،كان من األجدر مراعاة تلك الفرتة اليت ّ
عن ميالد هذا الشاعر املطالب مبّاراة فرتته خصوصا وأّنا مرحلة النزاعات السياسية ،والثقافة وليدة
جمتمع ،واألدب هو ما تفرزه هذه الثقافة .
وإذا كان الناقد ق ّدم تلك املفارقة بني الصورة التارخيية و الصورة النصية رافضا التطابق بينهما فالثانية
تعرب عن األوىل وهذا رأي نستطيع قبوله بعض الشيء كون املتنيب شاعر النسقية لكن نتحفظ
باملوقف القائل بعدم املطابقة بينهما كون التاريخ أيضا ال يق ّدم كل احلقيقة ،فالزيف ها هنا هو رمز و
عدم التطابـ ـق بني شخـ ـ ـوص الشع ـ ـ ـراء وال ـ ـ ـواقع هو ما رمسته الثقـ ـ ـافة ذاهتا وما ج ـ ـ ّذرته اجملتمعـ ـ ـات فقد
« علّمنا العالم أن نستعير سمات ال تمثل هوياتنا بالضرورة ونتقمص بالمعنى الثقافي سمات
التصرف ضروريا لجعل اآلخر نظيرا »( ،)1فرّمبا كانت هذه األنا يف فرتة سابقة ّ اآلخر ،وذان هذا
هلا مقبولية عند اآلخر ويف ثقافة دون األخرى ،فاملالمح اليت أقام على أساسها الناقد املفارقة اليت
غين
أقر عدم تطابقهما جند أّنما متّ ّذرتان يف البيئة العربية فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ(التّ ّ
عقدها بني النص والتاريخ سابقا و ّ
بشرف النسب ،الثّقة والشّاعة وحب الذات والظهور والفحولة ) لطاملا رّكز عليها شعراء العرب
لكن الناقد يرّكز على جانب النسق بل على اجلانب اإلجتماعي والتأريخ هلا ،ووجود عالمة ظاهرة
هلا يف حياة الشاعر فالتاريخ بالنسبة له يرسم الواقع والشعر يرسم الصورة النسقية ،وهذه األخرية عند
"املتنيب" أضمرت العديد من احلقائق ،فالعصر الذي عايشه "املتنيب "عصر شك واضطراب اشت ّد فيه
النّزاع بني الطّوائف وضعفت فيه العقيدة « أل ّن المحتمع العباسي يمثّل في التاريخ العربي
مجتمعا متميلا من حيث اختالط االجناس واختالط الثقافات»( ،)2ورّمبا كان هذا هو السبب
وضحها "اخلباز"
الذي جعل الصورتني ختتلفان ولكن بينهما شيء من االقرتاب فصورة املمدوح اليت ّ
يف دراسته ترتبط بقيم اجملتمع العريب آنذاك يف املرحلة اليت عاش فيها "املتنيب" وباحلياة اإلنسانية.
17
60
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
« حيث ذان نقد العالمات االجتماعية الذي أنجلل ذارل مارذس يقوم على افتراض القيم
الثقافية نفسها إنما تكون أذثر فهما و أش ّد تأثيرا من خالل العالقة بفكرة الطبيعة اإلجتماعية
()1
للحياة اإلنسانية »
يتوسله النّقد الثقايف لنقد ما يف األدب من أشياء غري أدبية وقد ربط الناقد قصيدة
وذاك ما ّ
املديح باجملتمع العريب وذلك من خالل املمدوح اليت ق ّدمها "املتنيب" يف أشعاره باإلضافة إىل كون
اجملتمع العريب هو جمتمع قبلي عاش الوجود مع بعضه البعض ذلك لروح القبلية اليت كان يعيشها
اجملتمع آنذاك فالقبيلة األقوى يدنيا واألشّع ,هي من تضمن البقاء وال ّدميومة «إ ّن أدب أي
السائدة فيه »( ،)2والفرتة اليت عايشها الشاعر
مجتمع يجب أن ينسجم مع المعتقدات السياسية ّ
حضيت بالعديد من الصراعات والنزاعات السياسية على كل األصعدة وقصيدة املديح إحدى تبعات
هذه الفرتة .
ومن خالل السياق العام الشعري للمتنيب حاول الناقد إظهار النّسق ,وقد ع ّد يف هذه السياقات
األول يف املتنيب شاعر
حامال لنسق مضمر ،اشرتك فيه رأي اخلبّاز مع رأي "الغ ّذامي" حيث يرى ّ
املديح والظروف االجتماعية السائدة املختبئة وراء األنساق و يرى الثاين أنّه شاعر النسقية بامتياز
ويف كليهما نظرة دونية لآلخر وحتقري ويف هذا السياق يقول الغ ّذامي « تحقير اآلخر واعتبارل دائما
حل
بمثابة خصم البد من سحقه وهذل دالالت نسقية تكونت مع الخطاب المدائحي منذ ّ
ذنموذج ابداعي سيطر على الخيال الثقافي»(.)3
18
-1مصطفى الضبع ،أسئلة النقد الثقايف ،مؤمتر أدباء مصر يف األقاليم ،املنيا،مصر 23-23 ،ديسمرب ،2223 ،ص1_3
-2حممد حافظ دياب ،النقد االديب والعلوم االنسانية ،جملّة فصول ،جملّة النّقد األديب ،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،القاهرة
مصر ،املج ،4ديسمرب ،1913ص .31
-3عبد اهلل الغ ّذامي ،النقد الثقايف(قراءة يف االنساق الثقافية ) ،ص 113
61
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
جره السياق اإلجتماعي آنذاك يف ثقافة املتنيب كفكر سلطوي ال يقبل اآلخر ويعرب عن األنا
وهذا ما ّ
من خالله ،وذلك من خالل قوله « ّأما القصائد التي قيلت في ممدوحين عابرين فأذثرها إذا لم
ذل مدحه مدحا
شعراء فليس ّ
يكن ذلّها تتّسم بالعمومية ،اذ أ ّن المتنبي حاله حال سابقيه من ال ّ
ادقا »(.)1
فما حظر يف شعر" املتنيب" من خالل وجهة نظر الناقد من مالمح شخصيات ممدوحيه هي
صفات مستقاة من اجملتمع العريب تن ـ ــم عن الشخــصية املـثالية «و هي من الصفات االساسية التي
ألنساق
ر ذذرها قدامة بن جعفر في تقسيمه »( ،)2واليت وجدت يف سياقات شعر" املتنيب" حاملة
ثقافية استعرضها "اخلبّاز" من خالل البيئة االجتماعية ،فبعد رفض الناقد لتطابق الصورة التارخيية مع
النصية هاهو اآلن يكتفي بالقول أ ّن صورة املهّو هي صورة ضدية لصورة املمدوح وتتداخل معها
صورة الراعي.
هذه الشبكة اليت أقامها الناقد حول شخصيات شعر املتنيب املرتابطة رغم اخـتالف النسـق ،فالرتاتـب
الطّبقــي الــذي أقامــه أملتــه البيئــة االجتماعيــة آنــذاك وأغفلهــا التــاريخ وأضــمرهتا األنســاق وكشــفت عنهــا
خمتلف الدراسات املتعلّقـة هبـذا اجملـال ،فهـذه هـي السـيطرة الواضـحة ملكانـة اجملتمـع والظـروف املسـامهة
يف بناء األنساق يف النقد الثقايف اليت وجب على ال ّدارس يف اجملال الثقايف االهتمـام هبـا .لكـن للمتنـيب
رأي آخر نعرفه من سياق شعره من خالل قوله :
()3
تي ّقنت أ ّن ال ّدهر للنّاس ناقد وملـ ــا رأيت الناس دون حملّه
َّ
الشـاعر أمـر
فاملسؤول عن الرتاتبية يف نظـر املتنـيب هـو الـ ّدهر ،وقـد أبـرز الناقـد أ ّن املسـألة هاهنـا عنـد ّ
حتمي ومق ّدر من قبل ال ّدهرّ .
19
62
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وضح من خالهلا الناقد أ ّن "املتنيب "صانعا هلذه الطبيعة الشعرية تعد بطريقة أو
والصورة اليت ّ
بأخرى نتاجا لظروف اجتماعية أرغمت الشعراء على املدح و اهلّاء لنفسه ُ ،مواريا كل ذلك
اإلجتماعي وراء أنساق مجالية ،وعُ ّد ذلك من أهداف النّقد الثقايف «من منهجيات النّقد الثقافي
آلية نشأ فيها تحليلية للكشف عن هذل األنساق لما يتيحه هذا المنهج من إمكانيات قراءة
المضمر من الوجول الجمالية للنص ناطقا عن سياقات لنتاجه المؤثرة والدالة ألمر يصوغ
()1
خصو ية ذل إنتاج أدبي باختالف المحاضن والسياقات التي نشأ فيها »
هذا هو الوجه اآلخر الذي صنعته الطبقية والفرتة التاررخيية واجملتمع ،وما أراد الناقد إبرازه يف
السلطوي متخليا عن التحليل جانب دراسته الثقافية ومتعلّقاته كاشفا عن أنساق الشاعر بفكره ّ
الثقايف مبعزل عن املنهج االجتماعي من خالل ذلك يوصلنا "اخلبّاز" اىل استخالص ضروري من
خالل السياق « ما تستفيدل من هذا هو أنّه لو ذان المتنبي وضيع النسب فعال ذما يقولون أي
أنّه من طبقة الشعب فإنّه هنا يحتقر نفسه باحتقارل الشعب »
() 2
فالناقد يرفض كون "املتنيب "وضيع نسب ،ولكن مما يؤاخذ عليه يف هذه النقطة رفضه يف مقاربته
بني الصورتني النصية و التارخيية التطابق بينهما ،وهو هاهنا يقر ما جاءت به الصورة النصية وال
يتتبع أحكام الصورة التارخيية .
بتطور الوعي ،فإ ّن الناقد يالحظ أ ّن وعي املتنيب
تطور التاريخ ّ
ففي كوكبة من التناقضات ربط ّ
ال يلتقط حضور اآلخرين فهو مشغول حبضور األنا ومن مثّ كانت الطبقة العليا يف اجملتمع هي ما
تضمن السلطة واملوقعية واخضاع اآلخر هلا .
20
63
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
كل هذه السياقات تقابلها أنساق بني حضور اآلخرين ووعي الذات تقابلها سلطوية الرجل ،
وفوقيته كمركزية الذات الذكورية وهتميش األنثوي منها « وهذا ماجعل الرجل يستغل
،هذا ()1
الفر ة لتكوين إيديولوجية المجتمع ذما يشار وذما يضمن له موقعه الفوقي »
الفحل القابع يف نسق املتنيب والذي ق ّدمه الناقد من خالل تقدميه صورة العريب ،وقد كان
تقسيمه للبحث يف األساس إجتماعيا فّعل من اآلخر عربيا (امرأة ،طفال أو عبدا) أو غري
عريب ،هذا الفحل القابع يف نسق املتنيب والذي ق ّدمه الناقد من خالل تقدميه صورة العريب ،
وقد كان تقسيمه للبحث يف االساس إجتماعي فّعل من اآلخر عربيا (امرأة ،طفال أو
عبدا) أو غري عريب ،صورة لنسق لغوي يرمسها لنا الناقد بصورة خمتلفة عن بعضها البعض،
لكن جند فيها إختالفا كون الغلبة فيها كانت للذكوري الفحل ،حيث أسهب يف احلديث
عنه باعتباره أ ّن هذه الصورة ال تكتمل أالّ بانتقاص صورة اآلخر ورّمبا إلغاؤه و إعالن وحدانية
ال ّذات وهذه هي الصورة األخرى للنسق الثقايف اليت ق ّدمها "اخلبّاز" ،وهذا ما يكشف
العيوب النسقية الكامنة يف الوجه الثقايف ،ألنّنا نرى اجلميل ،أي يف اآلخر وعلينا هنا أن
نكتشف (العمى الثقايف ) هذا األخري الذي جيعلنا نعّب بالعيب ونسوقه كما قال
الغ ّذامي ،ويف حماولة من الباحث لربط النسق الثقايف بنظريه التارخيي ربط اخلبّاز بني النسق
الفحويل واآلخر اجلنسي ورّمبا تكون هذه إشارة من النّاقد إىل كسر هذا النسق أو لكون هذا
الشعور ال يكتمل إالّ إذا كانت هناك يف اجلهة املقابلة شعورا سلطويا وهذه االخرية ال
تكتسب إالّ من خالل األنثوي املهمش خصزصا و أ ّن اجملتمع يف هذه الفرتة ربط املرأة
باجلسد وهو النسق الذي يربطها دوما الدونية اليت تضاعف شعور الرجل بالعقل التام «
فعقل المرأة في طرف ثوبها مادامت جالسة فهو معها لكن يكفي أن تنهض حتى
األرض»(.)2 على ويسقط عقلها يتدحرج
21
64
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
هذا التقسيم الذي أقامه الناقد كان للغ ّذامي السبق إليه يف إطار مشروعه النقدي «ذما أ ّن فة
اآلخرين المتعالي عليهم تشمل ذل من هو خارج الطبقة وأدنى الجميع هو األنثى ودائما تحقير
األنوثة وهو معنى نسقي جوهري » ( ،)1فتحقري األنثى هو نسق ثقايف و عيب نسقي كشف عنه
الناقدان من خالل اجملتمع العريب يف مرحلة من املراحل ،ويضيف « ويأتي الفحل على رأس الهرم
الطبقي ويبدأ الفحل باذتساب فات عبر خلق سمات خا ّ ة به حيث يحتكم لنفسه حق
و ف الذات » ،وقد احتل "املتنيب" ّ
()2
الصدارة يف اخلطاب النسقي كما أشار "املتنيب" إىل ذلك يف
العديد من املواضع .
ّأما ما ق ّدمه عن " ورة المرأة " فقد اعتربه اخلبّاز عني الثقافة الفحولية ،فاملرأة هلا زاويتا نظر فال
الصورة
تتساوى مكانة املرأة يف الثقافة العربية ،وهنا جتاوز للنسق الفحويل من قبل الناقد أو رّمبا هي ّ
السائد آنذاك ،وهذا مربرا ذلك كون هذه الصورة اليت ختتلف يف البيئة واجملتمع ّالشاعر ّ ، اليت ق ّدمها ّ
احلرة عند "املتنيب"
اليربر أبدا كون املرأة حتتل الطبقة ال ّدونية من اهلرم كون الناقد أشار إىل أ ّن املرأة ّ
ّ
الرجل الفحل ،وذلك من خالل قوله « أحب أن أشير إلى ازدواجية في ورة تأخذ صفات ّ
الرجل
المرأة في التراث العربي حيث هناك فرق شاسع بين ورة المرأة ال ّداخلة ضمن سلطة ّ
وعرضه ،وحريمه وبين المرأة التي تقع خارج هذل ال ّدائرة »(.)3
22
-1عبد اهلل الغ ّذامي ،النقد الثقايف (قراءة يف األنساق الثقافية) ،ص 123
-2م ن ،ص 123
-3حممد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص193
65
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
قسم النساء يف اجملتمع العريب آنذاك إىل صنفني صنف احلرائر العربيات واإلماء واجلواري
وهذا ما ما ّ
واستند يف ذلك للتاريخ الذي ال خيفي عدد اإلماء واجلواري يف هذه الفرتة وهذا الكم كان له تأثريه
الواضح يف الثقافة العربية وظهر يف األدب « وهذا ما ساهم في انتشار ثقافة الجسد في المجتمع
العربي»(. )1
وجند "اخلبّاز" يف كل جانب من حبثه يقيم مفارقة بني صورتني متضادتني وهونف األمر الذي أقامه
الرغم
هاهنا حيث رسم صورة للمرأة يف العصر العباسي ،وأسباب هذا االزدواج يف النّظر إليها على ّ
من بقائها يف صورة اآلخر الضعيف وهذا ما يؤّكده من خالل أبيات "املتنيب" اليت ينعت فيها املرأة
للرجل ،فالفحل هنا هو النسق املهيمن وهو نتيّة مباشرة لواقع أفرزته
بالرجل النّاقص والتبعية التامة ّ
ّ
السياقات اإلجتماعية وهذا ما اهتم به النقد اإلجتماعي وما طالب به النقد الثقايف « وما دام
الفن شكال من أشكال البنية الفكرية للمجتمع »( ،)2ومما
المجتمع يشهد راعا طبقيا يو ف ّ
الرعية يف مرتبة ال ّدونية
نلحظه يف هذا اجلانب وما يشر اليه الناقد يف دراسته كون "املتنيب "يرى بقية ّ
لكنّه يف اآلن نفسه يريد جمتمعا فاضال بأخالق كاملة.
ّأما عن اآلخر غري العريب ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ " إ ّن ما يربط العربي باآلخر األسود اللّون عبر الثقافة العربية هو
()3
رابطة العبد بالسيّد ،فهذا االسود في المجتمع العربي هو موقع دوني يقع في األسفل "
23
66
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وأل ّن « حالة التصادم بين الطبقات االجتماعية ذما تبدو في ال ّدراسات الثقافية تسهم
ذالصراع
دون شي في والدة عدد من المفاهيم ذات المرجعيات واالشكال السلطوية ّ
بين المرذلي والهامشي ( األنا واآلخر) وال ّذذوري واألنثوي »( ،)1فتقسيم الطّبقات
اإلجتماعية يف إطار تارخيي واجتماعي تسمح إىل حد كبري يف الكشف عن املضمرات
الصراع بينه وبني
النسقية من خالل املرجعيات الثقافية ،إنطالقا من املهمش لكشف أصل ّ
املركز وإن كانت أنا املتنيب هي ما رّكز عليه النّقاد والباحثني فهناك ضرورة قصوى ملعرفة
أسباب نفي اآلخر عنده .
24
67
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
وهذا يعني ببساطة أ ّن اإلنتاج األدبي هو ّأوال وقبل ذل شيء إنتاج نفس بشرية لها نوازعها
ورغباتها ووعيها وال وعيها " ،وأل ّن الناقد ّ
()3
أقر بكون هذه ال ّدراسة تندرج ضمن إطار النقد
التطرق إىل
الرغم من تبنيه املنهج االجتماعي إىل جانب املنهج النفسي اذ ال ميكن ّ الثقايف وعلى ّ
صورة اآلخر دون اللّوء إىل املنهج النفسي ،هذا النسق املهمش الذي تناوله وهو إحدى أهم أسئلة
النقد الثقايف و اجلانب الثاين من الثنائية
( -)1فرج أمحد فرج ,مناهج النّقد األديب ،جملّة فصول ،جملّة النقد األديب ،اهليئة العامة للكتاب ،مصر اجمللّد ،1ع، 1911 ،2
ص.42
(-)2
حممد اخلبّاز ,صورة اآلخر يف شعر املتنيب ,ص .11ّ
(-)3
بسام قطّوس ,املدخل اىل مناهج النّقد املعاصر ،دار الوفاء ،االسكندرية ,مصر ،2213 ،ص.22 ّ
68
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
تطرح العديد من األسئلة الثقافية ،إمكانية الكشف عنها بفك هذه املضمرات النسقية "من
هنا نفهم أ ّن مفهوم اآلخر يبدأ بالتّش ّكل تدريجيا لدى االنسان سواء على مستوى (الوعي) أو
عرف على ذاته "( ، )1فاآلخر لي مفهوما فرديا فقط ،إنّه (الالّوعي) منذ أن يبدأ اإلنسان بالتّ ّ
تصوره لذاته وطفولته يش ّكل وعيه باآلخر ،وهذا التّصور
مفهوم مجعي أيضا فالفرد كما يشكل ّ
لآلخر املختلف يتش ّكل ضمن ثقافة حم ّددة و خيتلف هذا اآلخر باختالف البيئة واجملتمع أي أ ّن
هناك تالزما بني (صورة ال ّذات) و (صورة اآلخر) ،فهما صورتان من نف البيئة «وهذا التالزم بين
الصورتين قد أبرزته أعمال النفسيين واالجتماعيين الذين اهتموا بالقضايا المتصلة بالذات أو
ّ
باآلخر »(.)2
يف حبثنا هاذا سننطلق من فصل الناقد الثاين كون دراسته انصبت على جانب (األنا) يف
الفصل األول إىل حني دخوله يف تفصيل صورة اآلخر ماذا لو أردنا اإلجتاه عكسيا ،من خالل
تقدميه صورة اآلخر الطفل اليت تناوهلا "املتنيب" ،ففي علم النف احلديث وال ّدراسات املتبعة من
طرف املنهج النّفسي تعترب احلياة النفسية للمبدع وهو طفل املسؤولة عن كل دوافعه ورغباته يف كربه ،
فإىل أي مدى إستطاع الناقد التوفيق بني الكشف عن املضمرات النسقية و احلفر يف صورة هذا
اآلخر وهوطفل .
الطفولة بمفهومها ّأول ما يثري االنتباه يف هذه الدراسة انطالقة الناقد بقوله « :لم تكن
والحرية موجودة عند العرب ،ذما أنّها لم تكن مرحلة عمرية تحظى
ّ الدال على البراءة والنّقاد
بأي اهتمام » ،كأ ّن الناقد يعطي ّ
()3
طرق ملا ق ّدمه يف أشعاره بإرجاعه كع ّدةاملربر للشاعر قبل التّ ّ
تكون" األنا"
قضايا سبقت إىل حالة اجتماعية وفرتة تارخيية ،رّمبا هذه احلالة نفسها هي السبب يف ّ
اليت حظي هبا "املتنيب" ورمسها لنفسه وبإمكاننا اجلزم يف هذه املرحلة بأ ّن تلك األنا الشعورية
يعايشها الشاعر .
26
69
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
ومادام علم التّحليل النّفسي يعد األنا « جلءا من الجهاز العقلي والذي يعد الوسيط بين
شخص والواقع وتع ّد وظيفته األولى هي استيعاب الواقع والتكيف معه»( ،)1فنحن إىل ح ّد اآلن ال ّ
يتطرق له عدا رفضه التطابق
علينا القبول بأنا الشاعر وعدم رفضها ،وهو ما أثار حفيظة الناقد و ّ
بني الصورة التارخيية والصورة النصية لكن هاهنا يربز جليا أ ّن األنا تتطابق كليا مع الواقع ،و يطل
حديث الناقد هنا لكنّه أشار إىل كون "املتنيب" عاش يتيما يف صغره بالقول «هذا العامل البد أن
يكون له تأثير على شخصية المتنبي »( ، )2كما عرفنا سابقا يف حديث املتنيب عن ج ّدته اليت
بامكاّنا القيام مقام األم لكن فقدانه األب هو مايش ّكل واقعا خطريا على حياته « بحيث ينشأ
ونمول بشكل سوي وتحديد
تطورل ّ لتتم عمليّة ّ
غياب الصورة ال ّذذورية التي يفرض حضورها ّ
فهذا نسق مضمر مكبوت ()3
الطفل ال ّذذر حيث أنّه بحاجة للتباهي بشخص من الجنس نفسه»
يف أشعار" املتنيب" رسم األنا العليا ويقر أيضا أ ّن ما كشفته ال ّدراسات التارخيية والسابقة حلياة املتنيب
الرجل .
تشري إىل أ ّن الطفل يف هذه املرحلة يعامل معاملة ّ
الشعوري ال حيظى باملعاملة النفسية هلذه األنا الطفولية كان النمو ّ
فلما كان الطفل اجلديد ّ ّ
لزاما أن يقوم ذلك مقام الالوعي ،وهو ما أنتج هذه اجلمهورية الفاضلة اليت أراد الشاعر رمسها لنفسه
من خالل رفض اآلخر وتغليب أناه فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ« امتداح الذات أو حب ال ّذات ذمكافأة على األفكار
الفاضلة أو المرغوبة وعلى خالف المعنى العادي للضمير فإنّنا ندرك منها أ ّن وظائف األنا
العليا عادة ما تكون أذبر و لها إدراذية »(، )4ويف نف السياق ومتابعة ملا الحظناه يف ضرورة
العودة إىل احلياة اإلجتماعية لفهم وتربير األنساق الثقافية ،فإنّنا جنزم من خالل هذه الفكرة كون
احلياة النفسية أو املنهج النفسي عامل آخر يف ال ّدراسة الثقافية وهو ما يربط هنا هذا الثالو الثقايف
27
النفسي ,واالجتماعي.
70
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
يشري "برنر" هنا إىل كون « األنا العليا لدينا ترتبط أساسا باالنا العليا السالفنا فهم المسؤولون
عن تكوين األنا العليا ألبنائنا والذين بدورهم و هم يدربوننا األحاسيس األخالقية والمعنوية ،
ويضيف أ ّن ح ّدة األنا العليا لدينا ليست مرتبطة بح ّدة التّدريب الذي ق ّدمه لنا والدانا بل
األسلوب الذي نتعامل به مع عقيدتهم األوديبية » (.)1
الرغم من أ ّن الناقد يشر إىل األنا أو اآلخر يف املنهج النفسي أو مجلة ال ّدراسات النفسية إال
على ّ
أ ّن هناك إشارات ع ّدة لتبنيه هذا املنهج إىل جانب املنهج اإلجتماعي كون طفولة "املتنيب" ّأدت إىل
العلو ،وما صنع هذه الصورة الطاغية هي تلك الثقافةللرفعة و ّ
ظهور هذه الرتكيبية النفسية اليت تسعى ّ
النسقية اليت خلقت هذا األنا املتّربة كما يرى "الغ ّذامي" ولكنّه هنا حيسب حساب لآلخر
فضاعة الطاغية كما ترى ال ّدكتورة بشرى موسى صاحل « ذانت نتاجا لليف الخطاب »( ، )2إ ّن
صورة املمدوح اليت ق ّدمها الناقد ارتبطت باملنظومة اإلجتماعية للشاعر ويراجع ذلك من خالل متابعته
حىت
يوضح ّ ، السداء ،والغرض منها اهلّاء كما ّلصورة املمدوح والصورة الواقعية وهي صورة القبيلة ّ
صار هذا املديح من منظور النّقد الثّقايف قيمة سالبة مثله مثل الكرم والفحولة الذان سنّتهما ثقافة
املدائح ،هذه اخلفايا النسقية اليت ختتبئ خلف ( األنا) رسم هلا الناقد صورة اآلخر يف اجلانب املقابل
هلا ،فاخلبّاز ينظر إىل "املتنيب" ذلك املريض « الذي ال يريد منا أن نرى تلي األجلاء من شخصيته
ويريدنا أن نكمل باقي أجلاء الصورة بأنفسنا واالستعانة بالمفاتيح التي أعطانا إيّاها »( ، )3ومن
خالل استخدامه مصطلح (أجزاء الشخصية)يقصد الظاهر واخلفي ،أي املضمر ،إىل جانب
الالشعور فاجلزء غري الظاهر من الشخصية يف وجهها الغائب شعريا ،وكأنّه هنا يريد إعادة هذا
الغائب إىل الواجهة املعلنة «،وعلى وفق النسق المهيمن والنّسق ذان الهجاء هو النّسق
المضمر /.../و أ ّن قصيدة المديح تنطوي على الهجاء ذمضمر نصو ي»(.)4
28
71
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
ميكن االستنتاج من خالل صورة الصراع الطبقي اليت ترصدها الدراسات الثقافية بشكل و ٍاع « أ ّن
مفهوم الخطاب يرتبط إلى ح ّد به ه هه(السلطة) وبالمعنى نفسه الذي يشير فيه الخطاب الى شكل
أو يغة اللغة المنظّمة اجتماعيا» ّ ،
()1
فالصورة النصية اليت دعا الناقد إىل رفضها لعدم التطابق
الشاعر ال
بينها وبني الصورة التارخيية كون "املتنيب" رّكز على أمور معينة دون أخرى تعود إىل أ ّن ّ
يقر بأ ّن الذات اإلنسانية ال
وضحها من خالل شعره ،فهو هنا ّ يعرف من ذاته إالّ هذه املالمح اليت ّ
عرف على اآلخر ،أو بصورة أخرى "املتنيب" أراد إيصال هذه الفكرة دون سواها إ ّّنا ترسم ميكن التّ ّ
وضحه الناقد هو ذلك املضمر اخلفي الذي اكتشفه من خالل اجلانب الظّاهر من حياته النّفسية وما ّ
البنية النصية وعندما كانت اللغة تشكل هذا النسق االجتماعي أصبحت الصورتان متطابقتان عند
الدارس حىت و يعرتف "اخلبّاز" بذلك يف ال ّدراسة.
« ويمكن تحديد أقكار فوذو حول ذيفية بناء الذات ض ّدها الذي هو أجنبي أو ما يس ّمى
به هه(اآلخر)»(، )2وهذا ما أقامته دراسات النقد الثقايف من خالل ما وجدنا "اخلبّاز" يتابعه يف دراسته
ليصل إىل صورة (األنا) من خالل اآلخر املختلف ،وهذا ما يسمى يف علم النف احلديث ببناء
الذات من خالل ض ّدها ،يذ ّكرنا هذا مبا أقامه علماء اإلجتماع قبال من خالل أ ّن مبدأ التناقض هو
ما يساهم يف بناء أي وحدة متكاملة فاألضداد تعرف هبا األشياء « فالقراءة الثقافية الفاحصة
للنصوص المدحية واالعتلازية تثبت بما لم يدع مجاال للشي ان الصيغ الجمالية التي تنظم
شاعر الفنّان »(، )3فيها هذل القصائد ما هي إالّ تشكيالت زخرفية خارجة و خادعة يتبنّاها ال ّ
وهذا رأي خمالف لرأي الناقد ،فالصورة التارخيية هي اليت استدعت حضور الصورة النصية هبذا اخلداع
والزيف ،فالشاعر " يق ّدم لنا ورة النسق المضاد الذي يرفض محاوالت السلطة في جعله
عبدا يوظّف قدراته اإلبداعية وأدواته الفكرية من أجل امتداحها وتليين قبحياتها وتجاوزها
29
"(.)4
29
72
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
تصرفاته فهو
« لكل إنسان هدفه في هذل الحياة فهدفه األسمى الذي يحكم ويوجه جميع ّ
يتقلّب في هذل الحياة على الوجهة التي يتطلبها هدفه ،قد يضحي بكل شيء ألجل الهدف ،
وينسى ذل شيء من أجله»( ،)1فالناقد هنا يربط كل أشعار" املتنيب" هبدفه (طلب املعايل ،نيل رضا
يضحي الشاعر الجلاملمدوحني) فهذا اهلدف كان يسري عليه الشاعر وما يلفتنا يف هذه العبارة (قد ّ
الشاعر يف كنف املمدوحني لطلب املعايل ،فذاك
مترغ ّ
اهلدف وينسى كل شيء) ،هنا يوضح سبب ّ
يوضحه املنهج النّفسي ،وهذه عالمة فارقة عند
مربر من وجهة نظر ال ّدراسة ونف األمر ّ األمر ّ
االنسان بصفة عامة والفرد املبدع بصفة خاصة " ما يبني أ ّن « الخصائص النفسية الفارقة
() 2
للمبدعين وما يتسمون به من رهافة حس ،وقدرته على االستجابة للواقع بحساسية مفرطة »
حىت ولو كانت فما أقامه الناقد هوصورة واقعية تتداخل معها االستّابة احلسية من طرف الشاعر ّ ،
بالقوة ،ولكنّها تتّسم برهافة احل ّ ،ترسم ما أراده
هذه السياقات التارخيية تنم عن حالة نفسية توحي ّ
الواقع أش ّد ممّا هو عليه .
وبعد ذلك يواصل الناقد حديثه متسائال عن السبب الذي جعل "املتنيب" يعيش حياة مستقلّة من
ممدوح ملمدوح ؟ ومن مكان ملكان ؟ ،تساؤل من شأنه أن يزيح اللثام عن جزء من (األنا) ويق ّدم لنا
تفسريا لي باملنطقي فاملتنيب شاعر يريد املعايل و يكن بإمكانه طلب املعايل وهو يف كنف األسرة
لكنّنا نستطيع إرجاع هذا األمر حسب رؤية أخرى إىل أ ّن الشاعر يعايش حياة هادئة فقد ألف
الشعور باالكتمال النفسي ،وذلك هوسبب رفضه لآلخر حىت ولو كان الرتحال ،و يكن لديه ذلك ّ
وحىت احلبيبة ،وهذا ما يربزه الناقد
ّ ضمن حياته اخلاصة و ّاختذ من العناصر غري البشرية الرفيق واألني
من خالل ذكر جانب أنسنة الفرس وعناصر الطبيعية البدوية ويف ذلك شعوٌر داخلي باخلذالن ،
والشعر صورة طبيعية لذلك كون « النّقد القائم على نلعة التّحليل النفسي يتّخذ من اللغة وسيلة
من أجل التو ّل بها إلى النتائج »( ،)4وهو ما أقامه اخلبّاز من خالل حتليالته النفسية ألشعار
املتنيب .
30
73
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
-1ميّان الرويلي وسعد البازعي ،دليل الناقد األديب ،ط ،2222 ،3املركز الثقايف العريب ،ص 12
-2عبد اهلل الغ ّذامي ،النقد الثقايف ،ص 11
74
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
حممد سالّم زغلول ،النقد االديب املعاصر،ج ،2منشأة املعارف ،2221 ،ص .32 ّ -1
-2عبد اهلل الغ ّذامي ،النقد الثقايف (قراءة يف االنساق الثقافية) ،ص 11
-3زكي جنيب حممود ،الفلسفة والنّقد االديب ،جملّة فصول ،مج ،4ع ،1ص 11
75
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
-1حممد سالم زغلول ،النقد األديب املعاصر (البنيوية وما بعدها) ،اجلزء الثاين ،منشأة املعارف ،االسكندرية،مصر)،2221،
ص .39
-2عبد احلميد هيمه ،النص الشعري بني النقد السياقي والنقد النسقي ،امللتقى الدويل األول يف املصطلح النقدي ،جامعة
قاصدي مرباح،ورقلة ،اجلزائر12-29 ،مارس ،2211ص .324
33
76
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
مجرد موضوعات او احداث ذات معنى أ ّوهلما كون « الظواهر االجتماعية والثقافية ليست ّ
وبالتالي فهي اشارات »( ، )1وهذا ما جيعل النقد الثقايف يقيم عالقة مع النقد النسقي كون النقدان
يشرتكان يف القراءة الداخلية وما رفض البنيوية للمؤلف والعالقة مع العا اخلارجي أالّ محل يف ثناياها
لبذور فنائها ،وما هو ّإال موت جمازي يسمح بتوالد املعىن للنص األديب ،وهو ما حلظناه يف ما
تسعى إليه دراسات النقد الثقايف من خالل املطالبة باحلفر يف األنساق الداخلية املضمرة ،وهو متاما
يشابه تشتيت البنية و تفكيكها.
ويف اجلانب املقابل وضعت السميائية العالمة موضوعها الوحيد ،فإن سوسري أقر
كون علم العالمات هو دراسة حلياة العالمة ضمن احلياة اإلجتماعية ،فاذا كانت متعلقات العلوم
اللغوية جلّها تنطلق من النص فها هي السيمياء هتتم بكوّنا تتغلغل يف دراسة ضمن اجملتمع ،ويعد
املنهج السيميائي من أكثر املناهج النقدية احلديثة قابلية ألن تنتشر يف دوائر األدب والفن والثقافة يف
إطارها الكلي الشامل وما يعنينا هو الرتكيز على تلك العالقة القائمة بني النقد الثقايف و
السيميولوجيا ،وكون هذه الدراسة قامت على منهج خارجي إلبراز املضمرات النسقية الداخلية
فكيف أن تقوم له عالقة مع السيمياء ؟
ويشري " الح قنصوة " إىل كون املوصوف يف النقد الثقايف هو النقد والصفة هي الثقافة ،ففكرة
ختتلف فهي موجودة ،مشريا من خالل قوله « وهناك نقطتان أساسيتان أرى أن النقد وآلياته
النقد الثقافي يعتمد عليهما وهما علم العالمات أوال وعلم النفس ثانيا »( ،)2فالنقد الثقايف من
خالل هذا املنظور هو معطى يرتكز على منهّني نقديني ،األول سياقي خارجي ،والثاين نسقي،
البشرية « ومن ثم فإن النقد الرمزية وتفاعالها مع النف
داخلي ،يرتبط بالدالالت اإلحيائية ّ
الرملية بين مكونات ثقافية بعينها تشكلت عالقتها على نحو تاريخي
مسعى لتأويل التفاعالت ّ
»( ، )3ومن خالل دراسة اخلبّاز نعثر على اجلانب السيميائي بشكل مباشر .
34
-1عبد احلميد هيمه ،النص الشعري بني النقد السياقي والنقد النسقي ،ص 324
-2صالح قنصوة ،النقد الثقايف ،جملّة فصول ،جملّة النقد األديب ،اهليئة العامة للكتاب ،القاهرة ،مصر ،ع ،33شتاء وربيع
،2224ص119
-3م ن ،ص 119
77
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
غري أ ّن اجلانب العالما جنده يف كل ناحية من هذه ال ّدراسة خصوصا تلك املتعلقة باحلياة والقبيلة
كونه «:ال يمكن أن يقال عن العالم أنّه إنساني ،إال اذا ذان يدل ،فما دام العالم اإلنساني
الرملي الحافلين بمختلف أنواع ال ّدالالت
قائما في أساسه على التوا ل اللغوي والتفاهم ّ
()1
اللغوية والعالمات غير اللغوية »
وهذا ما نعثر عليه يف أشعار "املتنيب" ،خصوصا عندما يؤول األمر إىل تلك الدالالت املدحية اليت
ختدم القصيدة وترفعها يف ميزان الصنعة ،وتزيد من خصوصيتها يف خضم هذا الكم اهلائل من
وضح الناقد .
الرمزيّات كما ّ
يوضح "اخلبّاز" يف
فكانت حقيقة احلياة اإلجتماعية والطبقية املتتبعة لآلداب السلطانية آنذاك وكما ّ
دراسته هي ما حيكم الصورة النصية للشعر عند "املتنيب" وهذا ما يؤخذ على الناقد كونه رفض التطابق
بني الصورتني النصية والتارخيية ،على الرغم من كون املنهج اإلجتماعي الذي ّاختذه سبيال يف دراسته
يعك النسق اإلجتماعي املعاش ،وكون النقد الثقايف كما ذكرنا يف مرحلة سابقة يقوم على اجلانب
النفسي واجلانب السيميائي وهلذين االثنني االرتباط الوثيق ،وهو ما يبينه الناقد:
()2
والسيف والرمح والقرطاس والقلم اللي هل والخي هل والبيداء تع هرفني
فال ّدالالت الرمزية اإلحيائية يف أشعار "املتنيب" طغت على املعاين املباشرة ،يف حني أ ّن الصورة النصية
تتحرك فيها جل األنساق الثقافية ،وما تتبينه ال ّدراسة هو
اختذت من الرمزية الداللية البوتقة اليت ّ
عدم إبراز الفرق بني النسق الثقايف الذي تبنيه األنظمة االجتماعية ،والنسق النصي الذي تبنيه
األنظمة الداللية من خالل اإلحياءات الرمزية.
فإبراز "اخلبّاز" صورة األنا ال تنبين إالّ بوجود هذا اآلخر املخالف هو ما يذ ّكرنا يف مقولة "آلرثر
آيلبرجر "وما يطابق هذا السياق يف خضم ضوضاء العالمة « فمن خالل العالمة تبدأ المناقشة
الرموز والعالمات فيبين أنّه يمكن
عن السيميوطيقا والنقد الثقافي ،ويشرح المؤلف ذيف تعمل ّ
35()3
الرمل بأنّها أي شيء يمكن استخدامه للوقوف على شيء آخر »
تعريف العالمة أو ّ
-1نزار التّدبيت ،السيميائيات السردية ،جملّة عا الفكر ،الع ،21اجمللد ،34يوليو ، 2222ص 149
-2حممد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص42
-3آرثر آيزبرجر ،النقد الثقايف (متهيد مبدئي للمفاهيم االساسية) ،ص11
78
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
يربر وجود
فالعالمة اللغوية حتكمها العالمة املقابلة والنسق الثقايف الذي يرسم األنا الفردية االجتماعية ّ
اآلخر ،وهذا ما جيعل املصطلح فضفاضا ،على غرار ما ورد يف الكتاب وما جعل الصورة النسقية هلذا
اآلخر ختتلف باختالف النسق الثقايف الذي يرسم رمزية إحيائية غري اليت هي عليها .
- 3عالقة النقد الثقافي بالنقد االيديولوجي :
مبا أ ّن لفظة "أيديولوجيا" دخيلة على اللغة العربية وهي « مؤلفة من جلءين (أيديو)
ومعناها فكرة و (لوجيا) معناها علم ومن هنا جاء معناها الذي هو علم األفكار /.../ولو ذنّا
لنختار لها اسما عربيا فأنسب ما أرال هو ذلمة (مذهبية) على أنني وجدت الفيلسوف
اإلسالمي "الفارابي "فيما قرأته له يستخدم ذلمة الملة لهذا المعنى ،فالملّة هي مجموع األفكار
هذا التصدير ()1
والمعتقدات التي يلتف حولها فئة معينة من النّاس ينا رونها ويلتلمونها »
التطرق للنّقد األيديولوجي وعالقته املباشرة بالنّقد
الغرض منه إبراز داللة لفظة أيديولوجيا قبيل ّ
الثقايف ،وجتدر اإلشارة إىل كون املنهج األيديولوجي « هو منهج ال يريد أن يسلب األدب أو
الفنّان حريّته وذل ما يرجول هو أن يستجيب األديب والفنّان لحاجات عصرل وقيم مجتمعه
بطريقة تلقائية »( ،)2ومن خالل النقطتني األوىل والثانية نستطيع القول أن املنهج األيديولوجي أقرب
إىل املنهج اإلجتماعي منه إىل املناهج النقدية األخرى ،واهتمام الناقد هبذا املنهج وتتبعه طوال
صفحات دراسته يوضح تسرب املنهج االيديولوجي إىل هذه ال ّدراسة خصوصا وأ ّن الفرتة اليت اهتم
الكاتب بدراستها حتوز على متغريات عديدة يف اجملتمع آنذاك ،وقد كان هناك تداخل واضح بني
وضحناه يف املستوى الواقعي يربز ذلك ،فالنقد االيديولوجي كما املنهج الواقعي وااليديولوجي وما ّ
يوضح حممد مندور هو « الموقف النفسي والشعوري إلى وحدة الموضوع الدرامي في القصيدة
ّ
فن أدبي وهو الجمال ،
القصصية الحديثة أو الدرامية ،مع الحفاظ على األساسيات في ذل ّ
ويتمثّل في الشعر بالحفاظ على التقاليد الشعرية والموسيقى االيقاعية المتمثّلة في العروض
ووحدة التفعيلة »(،)336
( -)1زكي جنيب حممود ،األدب وااليديولوجيا ،جملّة فصول ،املج ،22الع،24اجلزء الثاين ،يوليو ،1912ص21
(-)2
حممد مندور ،النقد والنقاد املعاصرون ّ ،نضة مصر للطباعة والنشر ،1991 ،ص 191 ّ
(-)3
حممد زغلول سالّم ،النقد االديب املعاصر ،اجلزء ،1منشأة املعارف ،االسكندرية ،مصر ،2221،ص32ّ
36
79
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
تعترب إقامة اخلبّاز املفارقة بني الصورة التارخيية والصورة النصية للمتنيب ورفض التطابق بينهما مفارقة
غري عادلة ،وذاك بالعودة إىل الواقع الفكري حلظة اإلبداع الفين للشاعر « وقارئ التاريخ يعلم أ ّن
المتنبي عاش في فترة ضعفت فيها الخالفة العباسية واستولى على االمارات األعاجم /.../
وذان المتنبي رافضا لهذا الوضع وراغبا في تغييرل»( ،)1فاهتام "املتنيب" بقول غري ما هو عليه قيل
يصور
يصور المتنبي وأ ّن شعر الشعراء ّ فيه الكثري من قبل الن ّقاد « وهو أ ّن شعر المتنبي ال ّ
شعراء تصويرا ذامال ادقا يمكننا من أن نأخذهم منه أخذذا مهما /.../إ ّن ديوان المتنبي أنال ّ
يصور لحضات من حياته ...قد شغل فيها بلحضات من حياة الشاعر أو ّور شيئا فهو ّ
األديب الذي عني بدراسته »(،)2ويف بقية عرضه يبني الناقد « أ ّن هذا الطموح السياسي ذان
موجودا عند المتنبي من شبابه ،وقد ذان يريد تغيير الوضع السياسي في الكوفة ،وتم ّون هذا
()3
الطّموح راجع الى علّة اجتماعية سياسية إذا ذان الوضع في الكوفة هو وضع األ ّمة العربية »
وهذا هو األصح وما أبانه معظم النقاد يف دراساهتم حول "املتنيب" قد أوعز الناقد كل القضايا
األخرى اليت لفقت للمتنيب إىل القضية السياسية ،خصوصا وأ ّّنا فرتة مليئة باملكائد ،واملطامح
السياسية ،وهذا ما جعل اخلبّاز يقيم دراسته بناءا على تغليب املنهج الوحيد وهو املنهج اإلجتماعي
،لكنّه يف الوقت نفسه أبقى على تساؤالت عديدة يف هذا اجلانب كون الدارس يف هذا اجملال يكون
أشد اقرتابا إىل االنثروبولوجيا أو املنهج الواقعي وااليديولوجي عن النقد الثقايف .ومبا أ ّن األيديولوجيات
وتؤسس أهدافا جمعية
يف األصل هي « أنظمة اعتقاد متكاملة تكفل تفسيرات للواقع السياسي ّ
ذكل في حالة االيديولوجية المسيطرة ،ولهذل األنظمة عنصر
لطبقة أو جماعة ،أو للمجتمع ّ
تقييمي الذي فيه تربط األيديولوجيات األحكام السلبية أو االيجابية وتصلها بأحوال المجتمع
أو األهداف السياسية »( ،)4وهذا الواقع السياسي هو ما جعل "املتنيب"ينحو إىل مسار دون غريه و
ألزم "اخلبّاز" بضرورة التعرض له يف دراسته فربز لنا النقد األيديولوجي .
37
80
الفصل الثاني :أشكال التّعالق النّقدي في كتاب الخبّاز
81
مكونات مابعد الحداثة
-1النقد النسوي
-2الجنوسة
من املتعارف عليه نقديّا يف أدب ما بعد احلداثة ترحيل الفكر األحادي اىل فكر ماقبل احلداثة
بعد أُفول هذه املركزيات وفقداهنا شرعية االكتساح والظهور ،وذوباهنا يف الققافة االتتااعية والسيايية
وظهرت يف القاة القراءات املتع ّددة اليت ال تلغي اآلخر بل متنح الرأي املخالف ،كون النص الواحد
حامل ملعا ي متع ّددة وهذا ما قدمته املراحل النقدية ومكوناهتا يف مرحلة ما بعد احلداثة وهي عديدة
ً
أمهها:
-1النّقد النّسوي:
من املعلو أ ّن النّقد النّسوي هو « شكل من أشكال النّقد يرّكز على المسائل النسوية وهو
عامة» )1وهو من متعلّقات النقد الققايفاآلن منهج في تناول النصوص والتحليل الثقافي بصفة ّ
وال ختلو دراية نقدية من إبراز مكانة للارأة االتتااعية ،مقل هذه ال ّدراية اليت بني أيدينا وال يقف
العامة التي تهدف
النقد النسوي إىل هذا احلد بل « غالبا ما يختلط هذا النقد بالكتابة النسائية ّ
إلى تبيان وضعية المرأة االجتماعية واالقتصادية والنفسية وتحديد دورها في المجتمع»(. )2
تتأيس دراية "اخلبّاز" على خمزون ذهين حيتقر املرأة من خلل اجلسد املؤنّث ،ولكي يتضح املراد
يوف نقف على نقطتني مهاتني وردتا يف مطاوي النص ،تربزان قياة املرأة العربية يف الفةرة العبايية
وتصوراهتا يف إطار اجملتاع العريب آنذاك ،من خلل اقتصار زاوية الرؤية على اجلسد األنقوي ،وبالعودة
إىل صورة اآلخر تربز هذه النظرة الدونية من قبل الذكوري « وما يجمعه التراث الذكوري من احتقار
الرجل »( )3وهذا ما ال يعقر عليه كقريا
مجرد جسد مخلوق لمتعة ّ
ل ـ األنثوي والمرأة في نظرهم ّ
احلرة واجلارية ،وهذه الصورة مستقاة من الفةرة التارخيية
يفرق بني املرأة ّ
يف أشعار "املتنيب" كونه ّ 1
والسيايية ،لكن نرى "آرثر يقول" «ان أصحاب النقد النسوي يرّكزون على دور المرأة الذي
وتوسعها في الحياة اليومية ،واستغاللها بوصفها موضوعا جنسيا »( ،)4وال
تلعبه في النصوص ّ
نستطيع احلكم على الناقد بتبنيه ذلك كونه أبرز أ ّن ذلك نابع من فةرة ييايية حتكاها الطبقية
ويطّرت هلذا النسق الققايف الذي ريم النسق النصي .
83
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
84
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
إ ّن الذي ييسعى اليه الناقد من خلل تقدمي تصوراته عن املرأة أ ّن األياس يف الققافة الذكورية هي أ ّن
الرتل فاملتاعن يف قصيدة "املتنيب" اليت
الرتال أفضل من النّساء وبالرغم من إعةرافه أ ّن املرأة تقل عن ّ
ّ
يرثي هبا أ ييف ال ّدولة يرى أ ّن هلذه القصيدة شواذ ويفهم ذلك من خلل يياق قول املتنيب :
الرجال
ضلت النّساء على ّ
()1
لف ّ ولو كان النساء كمن فقدنا
بكل تأكيد شكلت املرأة يف تاريخ الققافات البشرية موضوعا للجدل واالختلف وهذا ما نستكشفه
"محمد عبد المطلب «أ ّن االنوثة على مر التاريخ – باستثناءات محدودة زمنيا
ّ من خلل قول
ثم فإ ّن السيادة
ومكانيا -كانت مهمشة بوصفها طرفا في ثنائية تفاضلية مع ال ّذكورة ،ومن ّ
كانت للثقافة االبوية على حساب الثقافة األموية »()2وهذا ما تعلنا ننحو عكس ما ذهب اليه
الناقد اىل كون ثقافة املتنيب تنحين حنو الققافة اجلاهلية منهاعلى الققافة اإليلمية ،رغم التعاليم
االيلمية بتكرمي املرأة ،وايتار تقزميها وحتجيم دورها مسيطرا على الوعي البشري .
ويربر الناقد هذا النسق االنقوي من خلل تفسريات نفسية من خلل قوله « والمرأة في
ّ
الرجل إنّما هي رجل
الثقافة الفحولية ال تملك من صفاتها االنثوية الخاصة بها ما يفصلها عن ّ
ورأي الناقد هذا مل يبىن من فراغ ولكن من خلل جتسيد "املتنيب" ()3
ناقص كما يشير فرويد »
الرتل وهي الصورة الوحيدة اليتتكون شخصية خمتلفة عن ّ لصورة "خولة" وصفاهتا األنقوية اليت ّ
ق ّدمت من طرف "اخلبّاز" واعتربها مستقلّة عن الصفات الذكورية وهو ما جيعله حيبها وحيةرمها ،
الرتولية « وال ذكرت جميال من صنائعها إالّ مرة أخرى لكوهنا تتحلّى بالصفات ّ ولكن بالعودة ّ
بكيت »/.../فاملرأة من خلل هذا النسق أفضل من ّ
()4
حىت إن الناقد يرى أ ّن املتنيب
الرتل ّ ،
خياطب املرأة بضاري املذ ّكر من فرط احسايه برتولتها ولكن هذا ال يعطي املرأة صورة توهرية بقدر
ما جيعلها حاملة لصفات غريبة عنها,هي صفات الرتل آيايا.
3
85
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
والرأي السابق للخبّاز جنده عند الناقد "عبد اهلل الغ ّذامي" أيضا أل ّن « المرأة تختلف عن الرجل
جسدا وشكال ،فهل تختلف عنه ايضا في عقليتها وفي فكرها ؟ تقل الثقافة نعم ولكن بالمعنى
فالرجل عقل والمرأة جسد ،هذا ما تعلن عنه كتابات الفحول مثل سقراط ،وأفالطون
السلبي ّ
،وداروين ...واختالفها عن الرجل يجعلها رجال ناقصا ألنّها ال تملك أداة الذكورة كما يقول
فرويد »( )1وهذه النظرة ليست بغريبة عن الفرويدية ولكنّها األغرب إذا ما ايتحكم إليها من طرف
ناقد عريب ،ويواصل الناقد حديقة يف فصله االخري الذي عنون اجلزء القالث منه بـ ــ(اآلخر اجلنسي)
صورة املرأة ،فاملرأة مل جتد لنفسها حىت املكانة ضان اآلخر النسقي باإلضافة إىل تصدير هذا الفصل
ببيت من الشعر :
فان تكن خلقت أنثى فقد خلقت
()2
كريمة غير أنثى العقل والحسب
يهيء ال ّدارس إىل اإلنتهاء هلذا التصور واكتااله بالنسبة لصورة املرأة عند املتنيب ،وقد أ ّكد
وكأنّه ّ
الناقد يف معرض حديقه عن صورة اآلخر األنقوي أ ّن هذه الصورة النسقية مل تأت من فراغ ومل تتأيس
من ال شيء ،بل إ ّن الشاعر ايتنبط هذه الصورة من احلضارات السابقة أو على األرتح أ ّن الققافة
العربية والةراث آنذاك مل يكون أحسن حال من احلضارات السابقة ،وهذا ما نلاسه أيضا منذ الفكر
األريطي الذي بالغ يف تقييم الذكورة ،بل إ ّن أريطو يرى أ ّن املرأة أنقى بفضل ما تفتقر اليه من
خصائص ذكورية وهو ما جنده يف أفكار النّاقد أيضا ،وذلك حسب الفةرة التارخيية ومن وتهة نظرنا
هو أمر عادي بالنسبة لفةرة تارخيية اضحى فيها تعداد اإلماء واجلواري اليت ميتكها اخللفاء يفوق
احلرائر ,ويق ّد لنا الناقد جماوعة من الشروح يف هذا املوضوع وأكقر اتساعا،وتبت اإلشارة فقط إىل
ان املشكلة مل تكن أبدا ال يف اجلواري وال التعداد بل يف تاثريهن الققايف على اجملتاع العريب،مشريا
الناقد يف هذه النقطة إىل أن اإلنتصارات «غمرت البالد بالسبايا والجواري واألموال والخبرات
()3
تسرب أخالق األعاجم الى العرب »
أدت إلى ّ
كما ّ
4
-1عبد اهلل الغ ّذامي ،املرأة واللغة ,ط ،3املركز الققايف العريب ،الدار البيضاء ,املغرب ،2006،ص09
-2
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 139 ّ
-3ن ،ص 192
86
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
وتهه "اخلبّاز" "للاتنيب "كون املرأة هي ذلك (اآلخر وال بأس هنا أن نقف عند النقد الذي ّ
اجلنسي) يف نفس اإلطار الزمين الذي نرى أ ّن الشاعر كان مقيّدا فيه نسقيا ،وصورة املرأة هنا
ارتبطت جبزئية إتتااعية ومل ترتبط باملرأة العربية ،إن مل نقل أ ّهنا ارتبطت بصورة املرأة غري العربية اليت
ش ّكلت اجلزء اآلخر من اجملتاع العريب آنذاك وهي اجلواري ،فاالمتزاج الققايف واالتتااعي هو
وجيسد فةرة أخرى،السبب يف صبغ النسق الققايف فان غري املعقول ان يعيش الشاعر فةرة تارخيية ّ
وهذا ما يؤاخذ عليه الناقد فهذه الصورة النصية مطابقة متاما ما عايشه الشاعر ,فاملرأة اجلارية تلبت
هذه الصورة النسقية حىت ولو كانت مرفوضة إىل ح ّد ما يف الققافة العربية « فإ ّن حضورهن في
شراب التي انتشرت انتشارا
والرقص وال ّ
المجتمع العربي مالزم لحضور مجالس اللهو ،والغناء ّ
()1
واسعا حتى في قصور الخلفاء وهذا ما ساهم في انتشار ثقافة الجسد في المجتمع العربي »
لذلك عرف العرب بوصف اجلسد األنقوي إىل درتة اهلوس الذكوري جبسد األنقى ،وقد ارتبطت
األنقى بالنقص وارتبط العقل بالذكوري الفحويل ،حىت ان «االنسانية تتعلّ بال ّذكر وليس باألنثى
الرجل هو الذي يعطي المرأة وجودها وماهيتها وهذا ما كان يقصده ميشليه حين وصف وأن ّ
الرجل »( ،)2فاملرأة
المرأة بأنّها كائن نسبي أي أنه ال يمكن فهمها أو دراستها إال باشإشارة إلى ّ
اليت ش ّكلت النسق األنقوي يف مرحلة من املراحل ازحيت عنها صفة اإلنسانية وذلك لكوهنا ال تنتسب
تل هذه لكن ّالرتل ،وهذا الوضع للارأة هو وضع تارخيي أزيل يف بعد عن التفسري ال ّديين و ّ اىل ّ
التفسريات هي تفسريات بيولوتية جندها حتكم على هذه النسق املهاش واملغيب بالنظر إىل بنيته
الرتل ،فاحلوار اجلسدي الذي يتّخذ الرغم من كوهنا املخفي املسيطر على غري عادة ّ اجلسدية على ّ
الريم ال ّدو ي للجسد األنقوي هو حب ّد ذاته انتصار للارأة ومركزية متوازنة
منه النّقاد جماال لل ّدراية و ّ
كل دراية نقدية .
كوهنا من يسلّط عليه الضوء يف ّ 5
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 192 ّ -1
-2أمحد أبو زيد ،املرأة واحلضارة ،جملّة عامل الفكر ،املج ، 2الع،01أفريل ،ماي ،توان ،1926ص19
87
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
فاالختلف ها هنا ال ميكن أن يعين دوما التعايل واألفضلية بل يُعزى يف كقري من األحيان إىل الطبيعة
الرجولة تميل الى القوة
الرجال والنّساء ،وإ ّن ال ّذكورة أو ّ
ف ـ ـ ـ ـ « الطبيعة البشرية تختلف عند ّ
والسمو والعقالنية ،وإ ّن الطبيعة االنثوية تميل الى الضعف ونقصان العقل والدين واألخالق
»( )1وهذا ما نلاسه عند النّاقد خبصوص ما أشار إليه عند "املتنيب" ،حىت إنّه نزع عنها صفة
يتوضح من خلل نقص ذكر املرأة هبذه العقلنية متاما غري االيتنقاص من قياة هذا العقل وهذا ما ّ
املرات اليت ذكرت فيها املرأة ،وأنّه مل
حىت إ ّن النّاقد أقا إحصائية ختص عدد ّ
التساية يف أشعاره ّ
يدل على تأكيد الققافة الذكورية "
دل ذلك على شيء حسب الناقد فإنّه ّتتع ّدد النساء يف أبياته وإن ّ
الصفات التي تستح الوقوف عندها
«التي ال تعير المرأة اهتماما ذاك أ ّن المرأة ليس لديها من ّ
()2
كالرجل »
ّ
مبجرد انتقاهلا إىل مرحلة
ومل تكن إلمرأة املكانة العالية غري ت ّدته و برهن النّاقد على ذلك كون األنقى ّ
حترر ،اي أ ّن ذلك أمر طبيعي ،ومن هنا يتضح لنا أ ّن املتنيب
األمومة حتةر وتق ّدر وإذا كانت تارية ّ
مل يهتم باملرأة وّأ ،ما ذكر يف أبياته هو األمر الطبيعي ،ومن خلل احلفر يف أنساق املرأة املغيبة يذكر
اخلبّاز أ ّن الشاعر لديه احنراف فحويل ناتم عن حضرة األمومة ،ويريم النّاقد لصورة املرأة عند املتنيب
املهاش غري صورة املرأة املخ ّدرة ،وهذا ما صنعته الققافة الذكورية وهي يف حكم امليتة إذ أ ّهنا هي ّ
مهم ,والفحل هو املركز الذي ميركز وتود ذاته ويصنع وتود هذا الشيء األنقوي الذي حيكم كينونته
اجلسد ال شيء غري ،ويف ظل هذا التغييب للارأة يف الشعر أو يف ال ّدرايات النقدية قامت درايات
حتررية تبنّتها احلركات النسائية وقد رّكزت هذه األخرية على مفهو " متحورت حول دعوات ّ
الجنوسة" ،وذلك لـ ـ ـ ـ« كشف الفرضيات المتحيّزة مسبقا في فكر الثقافة عموما والغريبة
خصوصا»( )3وهذا ما ينحاول ايتكشافه من خلل البحث يف مفهو اجلنوية وحضورها يف النقد
مكونات مابعد احلداثة.
كاكون من ّ
الققايف ّ
6
-1نوال السعداوي وهبة رؤوف عزت ،املرأة والدين واالخلق ،ط ,1دار الفكر ،دمشق ،2000 ،ص22
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 229ّ -2
-3ميجان الرويلي و يعد البازعي ،دليل النّاقد األديب ،ص149
88
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
-2الجنوسة :
" يعود المفهوم في أصله الى مصطلح لغوي ألسني يشير الى تقسيم ضمني في النحو
السائدة اليوم مشت من المفردة الالتينية التي
القواعدي اللغوي ،إذ هو في اللغات الغربية ّ
تعني النّوع أو األصل) (genusثم تنحدر سالليا عبر اللغة الفرنسية في مفردة )(gendre
التي تعني أيضا النّوع أو الجنس ،ومن المفردة أصال جاءت األنواع األدبية أو األجناس الفنية
و ّاول ما يةراءى للناقد يف اللفظة إرتباطه مباشرة باجلنس البشري البيولوتي لإلنسان ،وهذا ما ()1
"
أ ّكد الباحقون أن ال علقة له بذلك «ففي بعض اللغات نجد التمييز الجنوسي قائما على الفرق
بين المذ ّكر والمؤنّث وحيادي الجنس ،لكنّنا نجد التمييز في لغات أخرى مرتكزا على الفرق
بين الحي وغير الحي واالنسان وغير االنسان ،وعلى الفرق بين العاقل وغير العاقل وعلى
الفرق بين الذكر االنسان وغير الذكر /.../لكن كل هذه االختالفات تؤدي في النهاية الى
وظيفة الفرق بين ال ّذكر واألنثى »( )2وهذه الغختلفات ان كانت لتوتد يف دراية نقدية فغإ ّهنا
يتتوفّر يف جمال النّقد الققايف ويتربز بصورة مباشرة يف جمال النّقد النسوي ،هذا األخري الذي ذكرنا
يف صفحات يابقة أنّه مفهو تتاحور حوله ال ّدرايات النسائية يف كافّة اجملاالت "والواضح أ ّن
ال ّدرايني اختلفو يف حتديد مفهو اجلنوية ف ـ ـ ـ ـ ــ" أيلين شوالتر « انطلقت في تعريفها من كونها بنية
ثقافية اجتماعية وليست حقيقة طبيعية جسدية ،ولهذا فهي مصطلح يستوجب البنى
()3
االجتماعية والثقافية والنفسية المفروضة على الفارق الجنسي (البيولوجي) »
7
89
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
وكون ال ّدرايات النّسائية قامت «بدحض مصداقية الجبرية البيولوجية وأثبتت أ ّن التّكوين
ذرع
تعسفها سوى التّ ّ
يبرر ّالجنسي ليس معيارا للقيم الثقافية ،بل إ ّن القيم الهرمية اسقاطات ال ّ
بالتّكوين الجنسي الذي ال يصمد أمام الدراسات المخبرية التجريبية ،كما انبرت دراسات
الرجل والمرأة اعتمادا على
لتتقصى عالقات البنى االجتماعية في تفريقها بين ّ
ّ نسائية أخرى
التبرر طبقية العالقة وال توزيع الفئدة واألعباء على المجتمع »( ،)1وقد ظهرتالجنوسة التي ّ
ملمح من هذه ال ّدراية يف كتاب (صورة اآلخر في شعر المتنبي) حيث أزاح النّاقد اللّقا عن كون
الشاعر ّاختذ من اآلخر اجلنسي أيايا يف جتسيد صورة املرأة ،وقد كانت هذه األخرية العنونة جلزئه
الرجل
الةراث ال ّذكوري من احتقار لألنقوي «ألن كاتب هذا التّراث هو ّ
القالث من الكتاب ملا محله ّ
السلطوية المت ـ ـعالية التي تنظر للمرأة نظرة دونية
الذي صاغه وف ثقافته ال ّذكورية ،ثقافته ّ
فالمرأة شيء هامشي في الثقافة الفحولية » وكانت هذه الققافة ال ّذكوية متج ّذرة تبعا للطبيعة
االتتااعية اليت شاعت آنذاك ،وإضافة اىل ذلك فهذه الققافة نابعة من قانون املااليك ،مق ّدما
الرباهني واألدلّة ليصنع هذا النّسق الفحويل .
املكونات
وهذا ما تعل من املرأة صورة تسد خال من أدىن املكونات الفكرية غري تلك ّ
اجلسدية اليت تصنع الققافة اجلنسية «بوصفها جسدا يحمل رأسا صغيرا فارغا ومعه أعضاء جنسية
متض ّخمة بصورة مبالغ فيها »( )3وهذه الققافة دخيلة على اجملتاع العريب حيث أ ّن هذا التّجسيد
حاال
الةراث العريب مل تكن أحسن ً كان يف بداياته عن طريق متاحف فرنسية ،مربزا النّاقد ا ّن املرأة يف ّ
منها يف تراث احلضارات السابقة ،ولرّمبا هذا ّمّا ايؤاخذ عليه فإن كانت احلضارات السابقة ترى يف
املكون الققايف
املرأة صورة تنسية فكان لزاما على شاعر حتكاه ثقافة إيلمية أن يبتعد عن هذا ّ
يتطرق اليه اخلبّاز يف درايته حول صورة اآلخر يف شعر املتنيب . ال ّدخيل ،وهو ما مل ّ
8
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 193 ّ -1
-2ن ،ص 193
-3ميجان الرويلي ويعد البازعي ،دليل النّاقد األديب ،ص151
90
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
91
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
خصص تزءا لصورة اآلخر وما لوحظ يف دراية اخلبّاز عد مناقشته لقضيّة الفحل ،يف حني ّ
تطرقه لصورة االنا يف فصل كامل واإلشارة اىل نسقية الشاعر ،يف
الرغم من ّ
اجلنسي(املرأة) ،على ّ
تغييب صورة الفحل ،رّمبا يعود لطبيعة املنهج الذي تتبّعه النّاقد فـ ـ ـ ـ ــ" الضغط االجتماعي والثّقافي
يؤسس بنية الجنوسة ويجيز ال ّدور الذي يلعبه كل من الطّرفين وبهذا فإ ّن الثقافة وليست الطبيعة
ّ
والسلوك "(،)1
البيولوجية هي التي تضع قيودا ومح ّددات حتّى على طرق التّفكير واشإبداع ّ
متأزمة يياييا ،عرفت العديد من االختلفات الققافية على اجملتاع ، واملتنيب وليد فةرة اتتااعية ّ
خصوصا بعد موتة اإلختلط مع باقي الققافات غري العربية ،أبرزها تلك املتعلّقة باجلواري وكاا هو
معروف أ ّن ا"ملتنيب" عاش يف كنف ملوك .
وكون البحوث يف جمال اجلنوية والنّقد النسوي يف النقد العريب املعاصر ّاختذت من اال ّجتاه
تل حتليلهتا على منطلقات غربية ،بعيدة عن ديننا ،كون ما رفعه اهلل الغريب الكقري ،وارتكزت يف ّ
وتل ال تسقطه أيدي الشعراء والنّـ ّقاد والقول يف ختا معرض احلديث عن إشكالية اجلنوية يف عز ّ ّ
النّقد الققايف ما قاله "املتنيب" :
()2
والَ التَّـ ـ ـ ـ ـ ــذكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر فَخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـر للهالل عيب
شمس ٌ
وما التّأنيث السم ال ّ
10
92
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
-1خليل يلياة ومشقوق هنية ،األدب النسوي بني املركزية والتّهايش ،امللتقى الدويل يف املصطلح النّقدي ،تامعة قاصدي
مرباح ،ورقلة ،اجلزائر ،يومي ،2011-10-09ص 01
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 22
ّ -2
93
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
وكون ثنائية املركز واهلامش ،ال تع ّد موضوعا تدليّا فحسب بل هي إحدى أهم أيئلة النّقد الققايف
ويع ّد يؤال حيال يف طياته التّاثري والتّأثّر بني تانيب القنائية ،وأل ّن هذا االجتاه من النّقد يهتم بسؤال
النّسق كبديل عن يؤال النّص ،ويؤال املضار بديل عن يؤال ال ّدال .
وهذا النص يضع القارئ منذ الوهلة األوىل اما ثياة الض ّد بني املركزية واهلامشية ،إذ يسعى
الرفعة وال ّدميومة النّسقية ،وتغييب اهلامشي الذي يكاد يغيباملركز(األنا) دائاا إىل التعايل وحتقيق ّ
كل شيء ،يصعب االمساك به ح ّقا بفعل عد احلضور ،ف ــ(اآلخر) هو مصطلح ثقايف ّاوال وقبل ّ
حيث «يؤول األمر في رسم صورة اآلخر ،وفي تعيين داللته ومعناه الى الثّقافة التي يكون اليها
فالرتل أو الذكر هو ما ميقّل
ّ
()1
انتماء (األنا) أو (ال ّذات) التي تتح ّدث عن الغير المخالف »
الرتل هنا تعل من الكتابة أداة قاع ضد املرأة وكأداة فكرية املهاش األنقوي ،وكأ ّن ّ
املتح ّدث عن ّ
لتهايشها ودحض مكانتها ،ويف اجلهة املقابلة هي أداة إلبراز ّقوته وهيانته السلطوية وييادته املطلقة
اليت مياريها ضد املرأة على حسب إحدى آراء "عبد اهلل الغ ّذامي" يف كتابه " المرأة واللغة" «
الرجل (الكتابة) ،واحتكرها لنفسه وترك للمرأة (الحكي) ،وهذا
وهي القسمة التي أخذ فيها ّ
أدى الى إحكام السيطرة على الفكر اللغوي والثقافي على التّاريخ ،من خالل كتابة هذا ّ
()2
التّاريخ »
متمرد
فاملركز هاهنا هو املقال الذي حيتذى هوّ ,أما « الهامش فيطل على كل أدب منبوذ ّ
ومتجاوز لسلطة المركز »( )3وهو ما رّكز عليه الن ّقاد يف جمال النّقد الققايف ،واملناهج املابعدية ،
خصوصا تلك املتعلّقة باألدب والنّقد النّسوي .
حماد اخلبّاز ،صورة اآلخر يف شعر املتنيب ،ص 25 (ّ -)1
( -)2عبد اهلل الغ ّذامي ،املرأة واللغة ,ص01
( -)3خليل يلياة ومشقوق هنية ،األدب النّسوي بني املركزية والتّهايش ،ص 161
94
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
وطاملا انطلق النّاقد من صورة ( اآلخر املرأة ) ،يف تكوين صورة امجالية عن املرأة يف شعر املتنيب فإ ّن
هذا اآلخر خيتلف عن األنا ومبا أ ّن أنا املتنيب هي تلك املتعالية فأ ّن صورة املرأة لديه تعكس خصوصية
دونية ،وهذا ما يربهنه قوله « ال يخفى على أحد ما يحمله التّراث (ال ّذكوري) من احتقار
الرجل الذي صاغه وف ثقافته ال ّذكورية ،ثقافته
ل ـ ــ(االنثوي ) ،أل ّن كاتب هذا التّراث هو ّ
السلطوية المتعالية التي تنظر للمرأة نظرة دونية ،فالمرأة شيء هامشي في هذه الحياة على
وكون اجلنسني جتاعهاا الرجل الفحل »
()1
مجرد جسد مخلوق لمتعة ّ متن الفحولة ،والمرأة ّ
نفس البيئة ونفس الظروف اإلتتااعية ،وعليه فاالبداع والتاايز هاهنا خيص اإلبداع أي الفروق
نصا
الرجل أن يكتب ّ
الفردية ال اجلنس فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ" النص المؤنث ليس حكرا على المرأة إذ بإمكان ّ
يضره "(.)2
مؤنّثا ،ويرى أ ّن هذا التّصنيف ال يخدم األدب بقدر ما ّ
املهاش الذي ريم له النّاقد صورة يف شعر املتنيب « ليس مفهوما فرديا فقط
فاآلخر ّ
تصوره لذاته ،فإ ّن
بناءا على ّ تصوراته عن اآلخر ً
إنّما مفهوم جمعي أيضا فكما أ ّن الفرد يش ّكل ّ
املهاشة هي ّ اتذّ ال
و ()3
تصوره لذاته »
بناءا على ّ
تصورا عن اآلخر َيكون له ّالمجتمع كذلك ّ
ثم فإ ّن العالقة بينها وبين المهيمن على المركز ،ثقافة كانت او
«ذات مقصاة من المركز ومن ّ
الصراع ،ومن هنا تتراءى لنا الصلة وثيقة بين اشإقصاء اقتصاد أو سياسة عالقة قوامها ّ
والتّهميش ،فالمهيمن صاحب نس قيمي يتح ّدد وفقه ويح ّدد مواقع بقية ال ّذوات اشإجتماعية
()4
األخرى منه »
12
12
95
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
واملهيان هنا هو صورة األنا اليت تدحض اآلخر وتغيبه ويظهر بصورة تليّة يف األنساق ال ّداخلية
للشاعر ،ويف أبيات ذكرناها يف ياب ًقا يقول املتنيب :
أي عظيم أتَّقي ؟
ُّ محل أرتقي ؟
أي ُّّ
ـل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اهلل ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لم يُخـ ـ ـ ـ ـلَ
وك ـ ُّ
()1
هم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتي كشعرة مـ ـ ـ ـ ـ ــرفـ ـ ـ ــقي
محتقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـر في َّ
تكرب وتعايل أنا املتنيب ،إحتقارا لصورة اآلخر ،واإلرتقاء بنفسه لدرتة
هي كاا أبرز النّاقد داللة على ّ
تردى فيها أكثر
ردة فعل ض ّد وضعية التّهميش التي ّ
حيث ال درتة بعدها ،ولكنّها يف « الحقيقة ّ
الرياء والنّفاق
شاعر استحال عليه التموقع في مجتمع حكمته قيم ّ
غرورا وكبرياء أل ّن هذا ال ّ
فأسس لنفسه قيما خاصة و أقام مملكة للفكر لمقارعة
والتّزلّف والتّمسح بأعتاب السالطين ّ
والسالطين في عصره»( )2وهو نفس املفهو الذي ق ّدمه "اخلبّاز" أيضا يف إحالة منه
الساسة ّ
مملكة ّ
إىل أ ّن املكانة العالية ال يكسبها إال من كان أهل هلا ،ومن كان على غري ذلك فحتاا ييكون
مصريه االحتقار والتّهايش.
وتأز األوضاع السيايية و
الصراعات ّ
ومبا أ ّن الشاعر نشأ يف فةرة اتتااعية طالت فيها يد ّ
اإلتتااعية فالتاركز حول الظاهر وهتايش املختفي أمر قائم و « مادامت الحياة االجتماعية قائمة
الصراعات والنّزاعات »( ،)3فظاهررة التّهايش أمر حتاي وال خيلو منه أي جمتاع ،
ّ على منطل
وهذه الظاهرة حتكم أّناط جمتاعية خمتلفة .
13
96
الفصل الثالث :مكونات ما بعد الحداثة
وأل ّن هيانة النّسق الققايف هو الذي يربط الرتولة باألنوثة ،فإن هذا ربط غري مباشر بني املركز
املهاش فـ ــالـ ـ ــنسق الذي يري ـ ـ ــم صورة املادوح قد ط ــغى على األعاال النقدية حول املتنيب لكن
و ّ
الزعفوري "
محمد ّ
هناك من النّقاد من يرى يف املتنيب شاعرا رفض التبعية وكونه شاعر بلط فيذكر " ّ
أ ّن المتنبي «عبّر ع ـن هامشية المث ّقف عندما رف ـض أن ي ـكون شاعر بالط ،حتّى إن تمس ـح
بأعتاب سيف ال ّدولة ،فألنّه قد رأى فيه المثل األعلى الذي يتوق الى تجسيده في ذاته فلقد
ذه ـب بعـ ـض النّقاد والمـ ـف ّكرون إلى أ ّن غرور المتنبي وتعالي ـ ـ ـ ـه هما اللذان كانا وراء تهـ ـميش ـه
ولكن المس ـألة أعم ـ من ذلك ،ألنّها م ـرتبطة بين رج ـل الفكر ورجل السي ـاس ـة إذ
كمث ّقف ّ ،
األول عنه »( )1وهذا حيال ما ال حياله رأي النّاقد ،الــذي يرــى من
يرفض هذا األخير استقالل ّ
وحىت
خاصا من درايته حتت عنونة اآلخر املادوح ّ ، خصص له تزءا ّ حىت إنّه ّ
املتنيب شاعر املديح ّ ،
ميرر من خــلله الشاعر أفكارا نســقية حتاــل داللة اهلجاء حتت
هذا األخري كـان ي ــرى منه النّاقد جماال ّ
عباءة املديح .
14
97
الخاتمة
وصلنا إىل توقيع صفحة النهاية بعد أوىل صفحاهتا مع بداية عرضنا ،حماولني تتويج ما خطّته
توصلنا إليه يف دراستنا نورده فيما يلي :
أقالمنا يف منت هذا البحث بأهم ما ما ّ
النّقد العريب يعيش حالة من الفوضى واالضطراب وسط معرتك القلق املنهجي جتاه الوافد من الغرب ،
خبصوص الرتمجة و املصطلح ،والتطبيق.
-)1أ ّن النّقد الثقايف مل يرفض قيامه إىل جانب املناهج النّقدية األخرى سواءًا كانت سياقية أم
نسقية.
-)2تداخل كل اخلطابات يف النّقد الثقايف ،وعلى هذا األساس ميكن أن حيظر النقد األديب يف
األول ،كون النّقد الثقايف يضمحّت ولو كان أعلن ميالده على عتبات موت ّ ال ّدراسات الثقافية ّ
املعارف األدبية والفلسفية العديدة.
-)3انتقال النّقد الثقايف من فرع اىل فرع ومن جمال إىل آخر ،خصوصا ذلك اجلانب
األيديولوجي وهذا ما جيعله أش ّد اقرتابا من الدراسات األنثروبولوجيا وااليديولوجيا .
-)4مال النّقد عند اخلبّاز إىل اجلانب األخالقي ،إذ قام بإخضاع الشعر إىل احلقيقة الواقعية ،
السمات اإلجتماعية من فرتة لفرتة أخرى.
غّي يف ّ
الرغم من التّ ّ
على ّ
-)5مفهوم اآلخر الذي ق ّدم اخلبّاز صوره املتع ّددة ظل غامضا ،ألنّه خيتلف باختالف األنا عادة
و هذه األخّية ظلّت زئبقية عند املتنيب يصعب االمساك خبصائصها التمييزية.
-)6النّقد الثّقايف والنّقد األديب وجهان لعملة نقديّة واحدة ،فإذا كان األول يبحث يف القبحيات
املتسرت وراء عباءة اجلمايل والبالغي ،فيما يبقى النّقد
رافضا البحث يف اجلمايل فإنّه يضل يبحث يف ّ
األديب حي ّدد القيمة اجلمالية والفنية فكالمها يبحثان يف اجلمايل ،وال ميكن جتريد النّصوص من
مجاليتها.
تعرض هلا بال ّدراسة .
"حممد اخلبّاز" يف اإلنتقائية املفرطة جتاه األبيات اليت ّ
-)7سقوط ّ
-)8األنساق الثقافية اليت تعترب اليوم أساس البحوث يف جمال النّقد الثقايف واليت يُبحث عنها
باحلفر يف القبحيات ،على عكس ما كان عليه النقد األديب هي يف األصل أنساق خمتبئة من الظّهور
اإلجتماعي وال تنكشف حّت يف فرتات حدوثها وهو ما يتّضح من خالل خطابات املتنيب الشعرية .
99
الخاتمة
حممد اخلبّاز يف دراسته بعدم قبوله تطابق الصورة النّصية والتّارخيية نستطيع
-)9على عكس ما أبرز ّ
القول أ ّن الصورة النصية للمتنيب رافقت ما عايشه ورمست بيئة ثقافية مبختلف جتلّياهتا عايشها الشاعر
ونقلت للقارئ واالختالفات يف طبيعة االستقبال وزمنه .
100
قائمة المصادر والمراجع:
-02عبد اهلل الغ ّذامي ،ذا رل النّقد األ ،ط ،3اجمللس األعلى للثقافة ،القاهرل 3111 ،
-00عبد اهلل الغ ّذامي ،القبيلة والقبائلية أو ه يا مابع ا داثة ،ط،3املر ز الثقايف العر ،الدار
البيضاء ،املغرب3118 ، ال
-00عبد اهلل الغ ّذامي ،املرأل واللغة ،املر ز الثقايف العر ،ط ،2ال ّدار البيضاء 3112 ،
-02عبد اهلل الغ ّذامي ،النقد الثّقايف ( راءل يف األ ساق الثقافية العر ) ،ط ،2املر ز الثقايف العر ،
الدار البيضاء ،املغرب3110 ،
-00عبد اهلل الق يمي ،هذ هي األغالل ،ط ،0منش را اجلمن ،ل يا ،أملا يا 3111،
-01عبد العزيز محّ ل ،اخلروج ما ال يه ،ط ،0املر ز الثقايف ،الك يت 3111 ،
-08عب ا ا ا ا ااد العزي ا ا ا ا ااز محّا ا ا ا ا ا ل ،املراي ا ا ا ا ااا ا ّدب ا ا ا ا ااة" م ا ا ا ا ااا البني ي ا ا ا ا ااة إد ال فكيكي ا ا ا ا ااة " ،ط ،0ع ا ا ا ا ااامل
املعرفة ،اجمللس األعلى للثقافة واإلبداع ،الك يت
- 31حمس ا ا ا ا ا ا ااا جاس ا ا ا ا ا ا اام امل سا ا ا ا ا ا ا ا ،النّ ري ا ا ا ا ا ا ااة والنّق ا ا ا ا ا ا ااد الثق ا ا ا ا ا ا ااايف ،ط،0امل ّسس ا ا ا ا ا ا ااة العربي ا ا ا ا ا ا ااة
لل ّدراسا والنّشر 3110،
العام ا ا ا ا ا ا ااة لق ا ا ا ا ا ا ا ا ر الثقاف ا ا ا ا ا ا ااة ،
حمم ا ا ا ا ا ا ااد عب ا ا ا ا ا ا ااد املطلّا ا ا ا ا ا ااب ،النّق ا ا ا ا ا ا ااد األ ،ط ،0اهليئ ا ا ا ا ا ا ااة ّ ّ -30
3112 القاهرل ،م ر3112 ،
حمما ا ا ااد اخلبّا ا ا ااا ،ص ا ا ا ا رل ا لا ا ا اار يف ا ا ا ااعر امل ن ا ا ا ا ( قا ا ا ااد ثقا ا ا ااايف) يليا ا ا ااه مرايا ا ا ااا امل ن ا ا ا ا وجا ا ا ااه ّ -33
ا ا ا ا ااعر لك ا ا ا ا ااائا فلس ا ا ا ا اافي،ط ،0ار ف ا ا ا ا ااار للنش ا ا ا ا ار وال ي ا ا ا ا ااع ،امل سس ا ا ا ا ااة العربي ا ا ا ا ااة لل ّدراس ا ا ا ا ااا
والنشر ،ب و ،لبنان
حممد مندور ،النّقد والنّقا املعاصرون ،ط،0هنضة م ر للطباعة والنّشر 0880 ، ّ -32
حممد سالّ غل ل ،النّقد األ املعاصر ( يف الن ف الثّاين ما القرن العشريا -النّقد اجلديد ّ -30
-ال ا عية) اجلزء ، 0منشال املعار ،االسكندرية ،م ر3111 ،
حمم ا ا ا ا ااد سا ا ا ا ا االّ غلا ا ا ا ا ا ل ،النّق ا ا ا ا ااد األ املعاص ا ا ا ا اار (البني ي ا ا ا ا ااة وم ا ا ا ا ااا بع ا ا ا ا اادها )،ط،0اجلا ا ا ا ا ازء ّ -30
،3منشأل املعار 3111 ،
-32م طفى أمني الرفاعي ،امل ن و ي ،منشأل املعار ،االسكندرية ،م ر 3113،
-30منذر عيّا ي ،النّقد األ ،ط،0منش را بيلف ن ،باريس 0810 ،
-31ميج ا ا ا ا ا ااان الرويل ا ا ا ا ا ااي وس ا ا ا ا ا ااعد الب ا ا ا ا ا ااا عي ،لي ا ا ا ا ا اان النّا ا ا ا ا ا ااد األ ،ط ،2املر ا ا ا ا ا ااز الثق ا ا ا ا ا ااايف
3111 العر ،ال ّدار البيضاء 3111،
-38ميىن العيد ،يف معرفة النّص،ط،0منش را ار ا فاق اجلديدل ،ب و (لبنان) 0812 ،
السعداو ووهبة رؤو ،املرأل والديا واأللالق ،ار الفكر 3111 -21ال ّ
-20ي سف عليما ،محاليا ال حلين الثقايف ،ط ،0ار فار ،ب و 3110
-00عم ا ا ا اار ب ا ا ا ااا طري ا ا ا ااة ،عب ا ا ا ااد املال ا ا ا ا مرت ا ا ا ااا م ا ا ا ااا ل ا ا ا ااالل اب ا ا ا ااه يف " ري ا ا ا ااة النّق ا ا ا ااد" ،
جملّة األثر (اجلزائر) ،ع 3118 ،11
املهمش ا ا ا ا ا ا ا ن يف املدينا ا ا ا ا ا ااة العربيا ا ا ا ا ا ااة املعاصا ا ا ا ا ا اارل ،جملّا ا ا ا ا ا ااة
الزعف ا ا ا ا ا ا ا ر ،الّهما ا ا ا ا ا ااي و ّ
-03عما ا ا ا ا ا اار ّ
عامل الفكر ،ع ،10امل ، 22الك يت 3111
حمم ا ا ا ا ااد محّا ا ا ا ا ا ،ا ا ا ا ا ااكالية اجلن س ا ا ا ا ااة (النسا ا ا ا ا ا ية )يف النّق ا ا ا ا ااد الثق ا ا ا ا ااايف ،جملّا ا ا ا ااة مقالي ا ا ا ا ااد ّ -02
ع ،11مس غامن (اجلزائر) 3100،
حممد سيم ،النّقد الثّقايف ،جملّة ف ل ،الع3110 ،22 ّ -00
السا ا ا ا ا اار ، -00اهضا ا ا ا ا ااة س ا ا ا ا ا ا ار عبيا ا ا ا ا ااد ،أثا ا ا ا ا اار اال سا ا ا ا ا اااق الثقافيا ا ا ا ا ااة يف تشا ا ا ا ا ااكين اخلط ا ا ا ا ا ااب ّ
جملّة القا سية ،امل ،00الع 3111 ،10
الس ا ا ا ا اار يّة ،جملّا ا ا ا ااة ع ا ا ا ا ااامل الفك ا ا ا ا اار ،ال ا ا ا ا ااع ،10املا ا ا ا ا ا
ّ -02ا ا ا ا ازار ال ج ا ا ا ا ااديي ،الس ا ا ا ا اايميائيا
،20ي لي 3110
المنتديات والملتقيات
-10لليا ا ا ا ا اان سا ا ا ا ا االيمة وهنيا ا ا ا ا ااة مشا ا ا ا ا ااق ق ،األ ب النّس ا ا ا ا ا ا با ا ا ا ا ااني املر زيا ا ا ا ا ااة والّهما ا ا ا ا ااي ،
املا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ال قى ال ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ّدويل فيامل ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااطل النّق ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا اد ،
جامعة اصد مرباح ،ي مي 01-18مار 310
األول -13عبد ا ميد هيمه ،النص الشعر بني النّقد السيا ي والنّقد النّسقي ،املل قى ال ّدويل ّ
يف امل طل النّقد ،جامعة اصد مرباح (ور لة) ،ي مي
01-18مار 3100
-12مه ا ا ا ا ااد بن ا ا ا ا اادق ،ح ا ا ا ا ااداث نا املعاص ا ا ا ا اارل ،من ا ا ا ا ااد صا ا ا ا ا ا ر األ بكي ا ا ا ا ااة ،اهليئ ا ا ا ا ااة العا ّم ا ا ا ا ااة
لق ر الثقافة ،فرباير3112
-10م ا ا ا ا ا ااطفى الض ا ا ا ا ا اابع ،أس ا ا ا ا ا اائلة النّق ا ا ا ا ا ااد الثق ا ا ا ا ا ااايف ،ما ا ا ا ا ا ا متر أ ب ا ا ا ا ا اااء م ا ا ا ا ا ا ار ،املني ا ا ا ا ا ااا ،
32-32يسمرب 3112
الفهرس.