Professional Documents
Culture Documents
صحة الزواج
صحة الزواج
عن شروط صحة الزواج ،وهل هناك عالقة بينه وبين استماع المأذون للموافقة المباشرة من المرأة المقبلة على الزواج
بنفسه ،قالت الدكتورة سماح عزب ،أستاذة التفسير في كلية الدراسات اإلسالمية ،إن هناك خمسة شروط للزواج الصحيح،
أولها تعيين 6الزوجين ،فال يصح للولي أن يقول :زوّ جتك ابنتي وله بنات غيرها ،بل ال بد من تمييز كل من الزوج
والزوجة باسمه أو صفته التي ال يشاركه فيها غيره من إخوانه ،كقوله :الكبرى أو الصغرى .وثانيها رضا الزوجين.
وثالثها وجود الولي ،لقول النبي (صلّى هللا عليه وسلّم)« :ال نكاح إال بولي» ،وقوله كذلك« :أيما امرأة نكحت بغير إذن
وليها فنكاحها باطل .فنكاحها باطل .فنكاحها باطل» .وأحق األولياء بتزويج المرأة أبوها ثم جدّها ثم ابنها ،فاألخ الشقيق
فاألخ ألب ،ثم األقرب فاألقرب ،ورابعها الشهادة عليه ،لقول النبي (صلّى هللا عليه وسلّم)« :ال نكاح إال بولي وشاهدي
عدل» .وخامسها خلو الزوجين من موانع النكاح ،بأال يكون في الزوجين ،أو في أحدهما ما يمنع من التزويج ،من نسب
أو سبب كرضاع ومصاهرة أو اختالف دين ،ويستثنى من االختالف في الدين جواز زواج المسلم بالكتابية بشرط أن
.تكون عفيفة
وأوضحت الدكتورة سماح ،أن قرار وزير العدل السعودي فيه إنصاف كبير للمرأة ،خاصة الفتيات اللواتي يكثر في بعض
المجتمعات تزويجهن رغما ً عنهن ،حيث يخبر والدهن أو ولي أمرهن المأذون بموافقتهن كذبا ً من أجل إتمام الزواج رغما ً
عن البنات ،وهذا سلوك مرفوض شرعا ً ،ويرى بعض الفقهاء أن عقد الزواج الذي يتم بغير رضا البنت أو موافقتها،
.يجوز لها فسخه برفع أمرها الى القاضي العادل المنصف
وأشارت الدكتورة سماح ،إلى أن إجبار البنت على الزواج ،بكتمان شهادتها أو ادعاء والدها أو ولي أمرها للمأذون بغير
حقيقة رأيها ،إثم شرعي ويحق لها الطعن في ذلك ،وعلى القاضي إنصافها بفسخ عقد زواجها ،ألن مهمته نصرة المظلوم
وإنصافه والتصدي للظالم ،ولو كان ولي أمر الفتاة ،لقول هللا تعالى« :إِنَّ هَّللا َ َيأْ ُم ُر ُك ْم أَن ُت َؤدُّوا اأْل َ َما َنا ِ
ت إِلَ ٰى أَهْ لِ َها َوإِ َذا
ان َسمِي ًعا بَصِ يرً ا» (اآلية )58سورة «النساء اس أَن َتحْ ُكمُوا ِب ْال َع ْد ِل إِنَّ هَّللا َ ِن ِعمَّا َيع ُ
ِظ ُكم ِب ِه إِنَّ هَّللا َ َك َ َ ».ح َك ْم ُتم َبي َْن ال َّن ِ
الصراحة راحة ،والحق أحق أن يتبع» ،بهذه الكلمات بدأت الدكتورة آمنة نصير ،عضو مجلس النواب ،العميدة السابقة«
لكلية الدراسات اإلسالمية في اإلسكندرية ،كالمها مؤكدة أن قرار المسؤول السعودي هو «عين الحق» حيث يقطع
الطريق على المتالعبين برأي البنات المُقبالت على الزواج في قضية مصيرية هي الزواج ،حيث ال يجوز فيها المخاطرة
بتجاهل رأي البنات بشكل مباشر ،أو النظر إلى البنت على أنها سلعة ُتباع وتشرى ،من دون النظر إلى رأيها ،ويكون
وليها هو صاحبها يفعل فيها ما يشاء ،وهذا أمر مرفوض شرعاً ،حيث اشترط الشرع موافقة المرأة ورضاها في اختيار
.شريك حياتها
وطالبت الدكتورة آمنة ،مسؤولي وزارات العدل في الدول العربية واإلسالمية بأن يحذوا حذو وزير العدل السعودي ،الذي
يجعل «الصدق نجاة» ويرد كيد الكاذبين 6على بناتهم أو من يتولون الوالية عنهن ،ممن يرون أنه ال يحق للمرأة أن تعبّر
عن رأيها في المقبل على الزواج بها ،ولهذا أوضح الرسول (صلّى هللا عليه وسلّم) جزاء الصادقين والكاذبين ،فقال:
«عليكم بالصِّدق ،فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ ،وإنَّ البرَّ يهدي إلى الج َّنة ،وما يزال الرَّ جل يصدق ،ويتحرَّ ى الصِّدق حتى
ي ُْك َتب عند هللا ص ِّدي ًقا .وإيَّاكم والكذب ،فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور ،وإنَّ الفُجُور يهدي إلى ال َّنار ،وما يزال الرَّ جل يكذب،
كذابًا» .وأنهت الدكتورة آمنة كالمها ،موضحة أن ولي األمر الذي يكذب على المأذون ويتحرَّ ى الكذب حتى ي ُْك َتب عند هللا َّ
برأي ابنته أو الموكل منها بالوالية ،هو في عداد المنافقين ،الذين أوضح ال ّنبي (صلّى هللا عليه وسلّم) صفاتهم حين قال:
«أرب ٌع َمن كنَّ فيه ،كان منافقاً ،أو كانت فيه خصلة مِن أربعة ،كانت فيه خصلة مِن ال ِّنفاق ،حتى يدعها :إذا حدَّث كذب،
وإذا وعد أخلف ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر» ،ولهذا من حق من زوّ جها والدها أو ولي أمرها بدون موافقتها أن
تشكوه إلى القاضي ،وليس في هذا عقوق ،بل إن ولي األمر هو الظالم ،واالبنة هي المظلومة والضحية ،فال نعيب عليها
.إذا أرادت رد الظلم عن نفسها بالقانون
يؤيد الدكتور نصر فريد واصل ،مفتي مصر األسبق ،قرار الوزير السعودي ،واصفا ً إياه بالقرار الجريء المنصف
لمحاصرة بعض التقاليد الظالمة للمرأة باسم اإلسالم ،وهو من هذه األعراف الظالمة براء ،خاصة أنها تمثل وأداً عصريا ً
للبنات ال يقل خطورة عن سلوكيات الجاهلية مع بنات حواء منذ مجيئهن الى الدنيا ،وقد صور لنا القرآن الكريم هذا في
«وإِ َذا ُب ِّش َر أَ َح ُد ُه ْم ِباأْل ُ ْن َثى َظ َّل َوجْ ُه ُه مُسْ َو ًًّّ6دا َوه َُو َكظِ ي ٌمَ .ي َت َو َ
ارى م َِن ْال َق ْو ِم مِنْ سُو ِء صورة رائعة ،حين قال لنا هللا تعالىَ :
ُون» (اآليتان )59-58سورة «النحل ب أَاَل َسا َء َما َيحْ ُكم َ ُون أَ ْم َي ُد ُّس ُه فِي ال ُّت َرا ِ
َ ».ما ُب ِّش َر ِب ِه أَ ُي ْمسِ ُك ُه على ه ٍ
وأشار الدكتور واصل ،إلى أنه يجب تحضير المجتمعات لتنفيذ مثل هذا القرار المنصف بال مشكالت ،خاصة في
المجتمعات التي يغلب عليها الطابع البدوي أو القبلي ،حيث يكون العرف فيها «سيد الموقف» ،بعد أن يتم إلباسه عباءة
الدين 6،وتزداد المأساة عندما يتم هذا الخلط بين الدين والعرف في األمور المتعلقة بالمرأة ،خاصة في قضية الزواج ،حيث
يتم إعطاء األب أو ولي األمر حق تزويج البنت بمن يريد هو ،ال بمن تريده هي ،فتعيش في تعاسة طوال حياتها ولسان
.حالها يدعو عليه ،ألنه حرمها حقها في اختيار شريك حياتها
وأنهى الدكتور فريد واصل كالمه ،داعيا ً اآلباء وأولياء أمور البنات إلى أن يتقوا هللا في بناتهم ،اللواتي جعلهن هللا أمانة
في أعناقهم ،وال بد من مشاورتهن في أمر زواجهن ،وهذا أمر شرعي أمر به هللا تعالى رسوله (صلّى هللا عليه وسلّم)
ِيظ ْال َق ْل ِ
ب اَل ن َفضُّوا مِنْ َح ْول َِك نت َف ًّّ6
ًظا َغل َ وأمّته من بعده بالطبع بتنفيذه 6،فقال هللا تعالىَ « :ف ِب َما َرحْ َم ٍة م َِّن هَّللا ِ ل َ
ِنت لَ ُه ْم َولَ ْو ُك َ
ِين» آية 159سورة آل اورْ ُه ْم فِي اأْل َ ْم ِر َفإِ َذا َع َز ْم َ
ت َف َت َو َّك ْل على هَّللا ِ إِنَّ هَّللا َ ُيحِبُّ ْال ُم َت َو ِّكل َ َفاعْ فُ َع ْن ُه ْم َواسْ َت ْغفِرْ َل ُه ْم َو َش ِ
صاَل َة َوأَمْ ُر ُه ْم ُش َ
ور ٰى َب ْي َن ُه ْم َو ِممَّا ِين اسْ َت َجابُوا ل َِرب ِِّه ْم َوأَ َقامُوا ال َّ «والَّذ َ عمران ,وتأكيد القرآن نفس األمر في قول هللا تعالىَ :
َ ».ر َز ْق َنا ُه ْم يُنفِقُ َ
ون» (آية )38سورة «الشورى
أما الدكتور إبراهيم الهدهد ،رئيس جامعة األزهر ،فيحذر من مخالفة القوانين المنصفة للمرأة ،والتي تس ّنها الدولة أو
يصدرها المسؤولون فيها ،ألن مخالفة ذلك تعد مخالفة للشرع ،طالما أنها ال تصطدم بشكل مباشر مع تشريعات اإلسالم،
ولهذا فإن التزام المأذون وأهل العروس بما جاء في قرار االستماع إلى رأي البنت مباشرة من دون وسيط ،واجب شرعاً،
ِين آ َم ُنوا أَطِ يعُوا هَّللا َ َوأَطِ يعُوا الرَّ سُو َل َوأُولِي اأْل َ ْم ِر مِن ُك ْم َفإِن َت َن َ
ازعْ ُت ْم فِي َشيْ ٍء َف ُردُّوهُ إلى هَّللا ِ لقول هللا تعالىَ « :يا أَ ُّي َها الَّذ َ
ون ِباهَّلل ِ َو ْال َي ْو ِم اآْل خ ِِر ٰ َذل َِك َخ ْي ٌر َوأَحْ َسنُ َتأْ ِوياًل » (آية )59سورة «النساء
ُول إِن ُكن ُت ْم ُت ْؤ ِم ُن َ
َ ».والرَّ س ِ
وطالب الدكتور الهدهد ،البنت المقبلة على الزواج بالتمسك بهذا الحق في إبداء رأيها للمأذون من دون وسيط ،والعمل
على إقناع ولي أمرها بأهمية ذلك ،وأنه ليس انتقاصا ً من تقديرها له حين أعطته الوالية ،وإنما حق أصيل لها وفقا ً ألحكام
الشرع ،وقد فعل ذلك رسول هللا (صلّى هللا عليه وسلّم) ،فقد جاءت امرأة إلى النبي عليه الصالة والسالم تقول« :يا رسول
هللا إن أبي يريد أن يزوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته( ،فهو أدنى منها حاالً ومكاناً) ،فجعل النبي عليه الصالة
».والسالم األمر إليها ،فقالت :أجزت ما فعل أبي ،لكن أردت أن تعلم النساء أن ليس لآلباء من األمر شيء
واختتم الدكتور الهدهد كالمه ،مؤكداً ضرورة إنصاف النساء ،خاصة البنات منهن ،تنفيذاً للوصية النبوية التي ظل النبي
(صلّى هللا عليه وسلّم) يرددها ،فقال في حجة الوداع« :أال واستوصوا بالنساء خيراً ،فإنما هن عوان عندكم ،ليس تملكون
منهن شيئا ً غير ذلك ،إال أن يأتين بفاحشة مبينة 6،فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا ً غير مبرح ،فإن
أطعنكم فال تبغوا عليهن سبيالً ،أال إن لكم على نسائكم حقاً ،ولنسائكم عليكم حقاً ،فحقكم عليهن أال يوطئن فرشكم من
تكرهون ،وال يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ،أال وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» ،ورغم أن هذه
الوصية خاصة بالزوجات ،إال أن بدايتها التوصية بكل النساء ،ومنهن بال شك االبنة ،أو من يكون الرجل وليا ً عنها في
.الزواج
طالبت الداعية اإلسالمية هدى الكاشف ،بنشر الثقافة األسرية المستنيرة ،وضرورة مشاركة المرأة في اختيار شريك
حياتها ،وأن يكون هذا االختيار قائما ً على الدين أوالً ،ثم بقية ما ترغبه المرأة في زوجها ،لقول رسول (صلّى هللا عليه
».وسلّم)« :إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ،إال تفعلوه تكن فتنة في األرض وفساد كبير
وأشارت الكاشف إلى أهمية تغليب التفاهم والعقالنية بين البنت وولي أمرها – سواء كان األب أو غيره – ،وأكدت أن
استماع المأذون لرأيها بشكل مباشر هو حق شرعي لها ،ألن اإلسالم ال يفرّ ق بين الرجال والنساء في ما يتعلق بالرأي في
اب لَ ُه ْم َر ُّب ُه ْم َأ ِّني اَل أُضِ ي ُع َع َم َل َعام ٍِل مِّن ُكم مِّن َذ َك ٍر
أمور حياتهم الدنيا وحسابهم في اآلخرة ،ولهذا قال هللا تعالىَ « :فاسْ َت َج َ
وذوا فِي َس ِبيلِي َو َقا َتلُوا َوقُ ِتلُوا أَل ُ َك ِّف َرنَّ َع ْن ُه ْم َس ِّي َئات ِِه ْم اجرُوا َوأ ُ ْخرجُوا مِن ِد َيار ِه ْم َوأ ُ ُ
ِ ِ ِين َه َ ض َفالَّذ َ أَ ْو أُن َث ٰى َبعْ ُ
ض ُكم مِّن َبعْ ٍ
ت َتجْ ري مِن َتحْ ِت َها اأْل َ ْن َها ُر َث َوابًا مِّنْ عِ ن ِد هَّللا ِ َوهَّللا ُ عِ ن َدهُ حُسْ نُ َّ ُ
الث َوابِ» (آية )195سورة «آل عمران َ ».وأَل ْد ِخلَ َّن ُه ْم َج َّنا ٍ ِ
ً
مطالبة أولياء أمور البنات بأن ينفذوا قرار الوزير ويجعلوا بناتهم -أو من يتولون أمرهن- وأنهت الداعية هدى كالمها،
يبدين آراءهن بالموافقة بحرية ،وأال يكرهوهن على الزواج بمن ال يرغبن ،فهذه جريمة مرفوضة شرعاً ،ألن هللا سبحانه
وتعالى وهو خالق البشر لم يجبرهم على عبادته 6،ورفض إكراههم على الدخول في اإلسالم بدون قناعة تامة ،فقال هللا
ك ِب ْالعُرْ َو ِة ْالوُ ْث َقى اَل
ت َوي ُْؤمِنْ ِباهَّلل ِ َف َق ْد اسْ َت ْم َس َ الغيِّ َف َمنْ َي ْكفُرْ ِب َّ
الطا ُغو ِ ين َق ْد َت َبي ََّن الرُّ ْش ُد مِنْ َ
تعالى« :اَل إِ ْك َرا َه فِي ال ِّد ِ
«وقُ ْل ْال َح ُّق مِنْ َر ِّب ُك ْم ِصا َم َل َها َوهَّللا ُ َسمِي ٌع َعلِي ٌم» اآلية 256سورة البقرة .وأكد القرآن نفس المعنى في قول هللا تعالىَ : انف َ
ِين َنارً ا أَ َحا َط ِب ِه ْم س َُرا ِدقُ َها َوإِنْ َيسْ َتغ ُ
ِيثوا ي َُغ ُاثوا ِب َما ٍء َك ْال ُمه ِْل َي ْش ِوي َف َمنْ َشا َء َف ْلي ُْؤمِنْ َو َمنْ َشا َء َف ْل َي ْكفُرْ إِ َّنا أَعْ َت ْد َنا ل َّ
ِلظالِم َ
ت مُرْ َت َف ًقا» (اآلية )29سورة «الكهف {ْ ».الوُ جُو َه ِب ْئ َ
س ال َّش َرابُ َو َسا َء ْ