You are on page 1of 132

‫شر ح احلكم احلدادية‬

‫رشح احلكم احلدادية‬

‫تَأليف الشيخ العالَّمة‬

‫حممد حياة السندي املدني‬


‫(ت ‪1161‬ـه)‬

‫حتقيق‬
‫نزار محادي‬
‫مقدمة املحقق‬

‫‪2‬‬
‫النبي محمد ‪2‬‬ ‫ِ‬
‫األكرم‪ ،‬باعث ِّ‬
‫الغني َ‬
‫ّ‬ ‫الح َكم‪،‬‬
‫الحم ُد هلل الحكيم َ‬
‫بجوامع ال َكلِم وبدائع ال ِح َكم‪ ،‬وجاعله للناس بشير ًا ونذير ًا وداعيا إلى اهلل بإذنه‬
‫وسراج ًا منير ًا‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله المطهرين تطهير ًا‪ ،‬وصحبه الكرام‬
‫المنورين بأنوار ِح َكمه تنوير ًا‪.‬‬
‫وبعد؛ فقد قال اهلل ‪ ‬في معرض االمتنان على خلقه‪{ :‬ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [البقرة‪ ،]٩٦٢ :‬وال ِحك َم ُة‬
‫والعمل باألمور على ما‬‫ُ‬ ‫لعلم باألشياء كما هي‪،‬‬
‫في أدق معانيها وأشملها هي ا ُ‬
‫ينبغي‪ ،‬فهي منحصرة في القوة ال ِعلمية والقوة َ‬
‫العملية‪.‬‬
‫وال شك أ ّن إرادة اهلل ‪ ‬قد تعلقت بإيتاء الحكمة للرسل واألنبياء‬
‫عامة‪ ،‬وخصوص ًا خاتمهم وجامع فضائلهم وحاوي مناقبهم سيدنا ونبينا محمد‬
‫‪ ،2‬ولذا كان عليه الصالة والسالم كا ِم ًال في َّقوتيه ال ِعلمية َ‬
‫والعملية‪،‬‬
‫مكمال لغيره فيهما؛ قال تعالى‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫ِّ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ}‬
‫[الجمعة‪ ،]٩ :‬وقال تعالى‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [آل عمران‪.]٤٦١ :‬‬
‫وهلل َدر اإلمام الفخر الرازي ‪ ‬القائل في معرض استدالله على نبوة‬
‫‪5‬‬
‫مقدمة املحقق‬

‫سيدنا محمد ‪ 2‬إذ جلَّى بعض جوانب هذا المقام فقال‪> :‬ال َك َمالُ‬
‫ت‬ ‫يس ال َك َماال َ ِ‬ ‫َوال َّتك ِم ُيل إِنَّ َما يُع َت َب ُر ِفي ال ُق َّو ِة النَّ َظرِيَّة ِ َو ِفي ال ُق َّو ِة َ‬
‫الع َملِ َّية ِ‪َ ،‬و َرئِ ُ‬
‫المع َت َب َر ِة فِي‬ ‫ت ُ‬ ‫يس ال َك َماالَ ِ‬ ‫المع َت َب َر ِة ِفي ال ُق َّو ِة النَّ َظرِيَّة ِ َمعرِفَ ُة اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬و َرئ ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫ت َه َاتي ِن‬ ‫َاع ُة اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬و ُكل َمن َكانَت َد َر َجا ُت ُه ِفي َك َماال َ ِ‬ ‫ال ُق َّو ِة َ‬
‫الع َملِ َّية ِ ط َ‬
‫ات ِوالَيَ ِته ِ أَك َم َل‪َ ،‬و َمن َكانَت َد َر َجا ُت ُه ِفي َتك ِمي ِل‬ ‫المر َت َب َتي ِن أَعلَى َكانَت َد َر َج ُ‬ ‫َ‬
‫ات نُ ُب َّوتِه ِ أَك َم َل‪.‬‬‫المر َت َب َتي ِن أَعلَى َكانَت َد َر َج ُ‬ ‫ِ‬
‫ال َغيرِ في َه َاتي ِن َ‬
‫ِإ َذا َعرِف َت َه َذا فَنَ ُقولُ ‪ :‬إِ َّن ِعن َد َمق َدم ِ ُم َح َّم ٍد ‪َ 2‬كا َن َ‬
‫العال َ ُم‬
‫الم َذا ِه ِب البا ِطلَة ِ ِفي ال َّتشبِيه ِ‬ ‫ِ‬
‫ود فَ َكانُوا في َ‬ ‫الي ُه ُ‬ ‫ِ‬
‫َمملُوء ًا م َن ال ُكفرِ َوالفس ِق؛ أَ َّما َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ف ال َّتو َرا ِة قَد بَلَ ُغوا ال َغايَ َة‪َ ،‬وأَ َّما النَّ َص َارى فَ َقد‬ ‫َو ِفي االف ِتر ِاء َعلَى األَنبِي ِاء َو َتحرِي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الحلُو ِل َواالتِّ َحادِ قَد بَلَ ُغوا ال َغايَ َة‪َ ،‬وأَ َّما‬ ‫ث َواأل َ ِب َواالب ِن َو ُ‬ ‫َكانُوا ِفي ال َقو ِل بِال َّتثلِي ِ‬
‫الم َح َاربَة ِ بَينَ ُه َما َو ِفي َتحلِي ِل‬ ‫ات ِإل َ َهي ِن َو ُوقُو ِع ُ‬ ‫وس فَ َقد َكانُوا ِفي ال َقو ِل بِ ِإثب ِ‬
‫َ‬ ‫الم ُج ُ‬
‫َ‬
‫ات قَد بَلَ ُغوا ال َغايَ َة‪.‬‬‫ات َوالبنَ ِ‬ ‫نِ َكا ِح األُ َّم َه ِ‬
‫َ‬
‫الع َر ُب فَ َقد َكانُوا ِفي ِع َب َاد ِة األَصنَام ِ َو ِفي النَّه ِب َوال َغ َار ِة قَد بَلَ ُغوا‬ ‫أَ َّما َ‬
‫ت الدنيَا قَد َص َارت َمملُ َؤ ًة ِمن َه ِذهِ األَبَا ِطي ِل‪ ،‬فَلَ َّما بَ َع َث اللَّ ُه‬ ‫ال َغايَ َة‪َ ،‬و َكانَ ِ‬
‫الباطِ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ِّق ان َقلَ َبت الدن َيا م َن َ‬ ‫ُم َح َّمد ًا ‪َ 2‬وقَ َام يَد ُعو ال َخل َق ِإلَى ال ِّدي ِن َ‬
‫الصد ِق‪َ ،‬و ِم َن الظل َمة ِ ِإلَى النو ِر‪َ ،‬وبَطَلَت َه ِذهِ‬ ‫الح ِّق‪َ ،‬و ِم َن ال َك ِذ ِب إِلَى ِّ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫ور ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الج َهاالَ ُت ِفي أَك َثرِ بِالَدِ َ‬
‫العالَمِ َوفي َو َس ِط َ‬
‫المع ُم َ‬ ‫ات َو َزالَت َه ِذهِ َ‬ ‫ال ُكفرِيَّ ُ‬
‫الع ُقولُ ب َِمعرِفَة ِ اهلل ِ َت َعالَى‪،‬‬ ‫ت ُ‬ ‫ت األَل ِسنَ ُة ب َِتو ِحي ِد اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬واس َتنَ َار ِ‬ ‫َوانطَلَ َق ِ‬
‫المولَى ب ِ َقد ِر ا ِإلم َكا ِن(‪.)٤‬‬ ‫َو َر َج َع ال َخل ُق ِمن ُح ِّب الدنيَا ِإلَى ُح ِّب َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬معالم أصول الدين (ص ‪ )٤٤1 ،٤٤1‬تحقيق نزار حمادي‪ ،‬ط‪ ،٤‬دار الضياء ــ الكويت‪.‬‬
‫‪٦‬‬
‫مقدمة املحقق‬

‫وقد تطلق الحكمة أيضا على ُك ِّل كالمٍ وافق الحق الواقع الثابت في‬
‫نفس األمر‪ ،‬ولعله من معانيها المشار إليه في قوله تعالى‪{ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ} [النحل‪ ،]٤٩5 :‬وال شك أيضا في اشتمال كالم‬
‫نبينا محمد ‪ 2‬على أوفر حظ ِمن الحكمة في أقواله وأمثاله التي دعا‬
‫بها إلى عبادة اهلل تعالى‪ ،‬ثم اقتبس أصحابه رضوان اهلل تعالى عليهم وعلماءُ‬
‫نبوته فصدرت عنهم ال ِح َك ُم القولية التي يهتدي بها‬‫أمته أنوار ًا من مشكاة َّ‬
‫الراغبون في اجتناب الخلل والعطب في جميع جوانب الحياة العلمية والعملية‬
‫خصوص ًا فيما يقرب إلى اهلل تعالى‪.‬‬

‫وقد كان من بين أولئك العلماء األبرار الذين آتاهم اهلل ال ِح َ‬


‫كمة ال ِعلمية‬
‫والعملية والقولية سيدنا الشيخ اإلمام قطب الدعوة واإلرشاد عبد اهلل بن علوي‬ ‫َ‬
‫الحداد ‪ ،‬فقد اجتمع له مع شرف النسب أشرف العلم‪ ،‬فدعا إلى اهلل تعالى‬
‫على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬بقلبه وحاله ولسانه وقلمه‪ ،‬فصدرت عنه‬
‫المعارف الموفورة وال ِحكم المنثورة‪ ،‬ومن بينها هاته الحكم التي نقدم لشرحها‬
‫العالمة المشهور بالصالح والفضل محمد حياة السندي المدني‬ ‫الذي كتبه الشيخ َّ‬
‫‪ ،‬فقد مزجها بكلمات َّقربت إلى العامة معانيها وذللت سبل االستفادة‬
‫بمضامينها‪ ،‬وها نحن بفضل اهلل تعالى وحسن عونه نقدم المتن والشرح لمحبي‬
‫ال ِحكمة ولكل من يريد العون على سلوك الصراط المستقيم‪ ،‬داعين اهلل ‪ ‬أن‬
‫ينفع بهما جميع المسلمين بفضله وكرمه إنه هو الرحيم الكريم‪.‬‬
‫‪ ‬كتبه‬
‫نزار محادي‬

‫‪1‬‬
‫ترمجة اإلمام عبد اهلل احلداد‬

‫ترمجة خمتصرة‬
‫لإلمام عبد اهلل احلداد‬

‫هو الشيخ اإلمام العالمة قطب اإلرشاد الحبيب عبد اهلل بن علوي بن‬
‫محمد الحداد الشريف الحسيني الشافعي‪.‬‬
‫وسره وإعالنه‪،‬‬
‫كان ‪ ‬إمام أهل زمانه‪ ،‬داعيا إلى اهلل بقوله وفعله ِّ‬
‫مناضال عن الملة الحنيفية بقلمه ولسانه‪.‬‬
‫ً‬
‫ولد ‪ ‬بإحدى ضواحي مدينة >تريم< بحضرموت ليلة الخميس‬
‫الخامس من صفر عام (‪٤4١١‬هـ)‪ ،‬فتربى فيها ونشأ ديِّن ًا خيِّر ًا مجتهد ًا في‬
‫طلب العلوم النافعة‪ ،‬ولم يكن انكفاف بصره في الرابعة من عمره مانع ًا له من‬
‫النبوغ العلمي‪ ،‬بل قد عوضه اهلل ‪ ‬بصيرة نافذة وقلبا واعيا فعكف على‬
‫والده والعديد من علماء عصره فحفظ العلوم النافعة وأتقنها‪.‬‬
‫ولم يزل ‪ ‬يعمل بما تعلّم حتى أنطقه اهلل بالحكمة فانتصب يدعو‬
‫سبل طاعته ومرضاته بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬فأقبل‬ ‫إلى اهلل ويرشد إلى ُ‬
‫عليه الناس وانتشر صيته في البلدان وانتفع به القاصي والداني‪ ،‬فأرشد الجم‬
‫الغفير وانتفع به الكثير‪ ،‬وانتشرت دعوته في كل مكان‪.‬‬
‫ولم يقتصر ‪ ‬على الدعوة إلى اهلل ‪ ‬بمفهوم ضيق‪ ،‬بل كان معتنيا‬
‫الحكم‬
‫بالشأن العام‪ ،‬يصلح بين القبائل والعشائر‪ ،‬ويوجه الحكام في أمور ُ‬
‫‪٢‬‬
‫ترمجة اإلمام عبد اهلل احلداد‬

‫بالنصائح والمكاتبات‪ ،‬فكان فاعال في جميع نواحي الحياة االجتماعية‬


‫والدينية‪ ،‬شأنه في ذلك شأن العلماء الربانيين الذين يعملون بما علَّمهم اهلل‬
‫تعالى وينفعون الناس جميع ًا‪.‬‬
‫ترك ‪ ‬مؤلفات كثيرة أغلبها في مجال الدعوة إلى اهلل وكيفية السلوك‬
‫النصائح والمواعظ وال ِح َكم‪ ،‬وانتشرت انتشار‬
‫َ‬ ‫إلى ملك الملوك ‪ ،‬فجمعت‬
‫رجم في‬‫كبير ًا وكتب لها القبول ونفع اهلل بها كثير ًا الناس‪ ،‬حتى إن بعضها قد ُت ِ‬
‫هذا العصر إلى لغات أجنبية كاإلنجليزية والفرنسية‪.‬‬
‫فمن مؤلفاته وأكثرها مطبوع‪:‬‬
‫* النصائح الدينية والوصايا اإليمانية‪.‬‬
‫* الدعوة التامة والتذكرة العامة‪.‬‬
‫* رسالة المعاونة والمظاهرة والمؤازرة‪.‬‬
‫* الفصول العلمية واألصول الحكمية‪.‬‬
‫* سبيل االدكار واالعتبار بما يمر باإلنسان وينقضي له من األعمار‪.‬‬
‫* رسالة المذاكرة‪.‬‬
‫* رسالة آداب سلوك المريد‪.‬‬
‫* كتاب الحكم (وهو الذي نقدم له ولشرحه)‪.‬‬
‫* النفائس العلوية في المسائل الصوفية‪.‬‬
‫* إتحاف السائل‪.‬‬

‫‪٤4‬‬
‫ترمجة اإلمام عبد اهلل احلداد‬

‫* عقيدة اإلسالم‪.‬‬
‫* الدر المنظوم لذوي العقول والفهوم‪.‬‬
‫* مكاتبات (تخرج في مجلدين)‪.‬‬
‫وبعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والجهد الدعوي توفي ‪ ‬عشية يوم‬
‫الثلثاء سابع ذي القعدة من عام (‪٤٤1٩‬هـ) ودفن في مقبرة >تريم< رحمه اهلل‬
‫رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬
‫من وصاياه النافعة التي وجهها ألحد المحبين الراغبين في ذلك منه‪:‬‬
‫ين‪،‬‬ ‫ين ب َِتق َوى اللَّه ِ َر ِّب َ‬
‫العال َ ِم َ‬ ‫ين َوال ُمسلِ ِم َ‬ ‫يك َونَف ِسي َو َكافَّ َة ال ُمؤ ِم ِن َ‬ ‫>أ ُ ِ‬
‫وص َ‬
‫ات ال َّد َاري ِن‪َ ،‬واأل َ َس ُ ِ‬ ‫وصلَ ُة ِإلَى َخي َر ِ‬ ‫الو ِسيلَ ُة ال ُم ِ‬
‫اس الَّذي يَث ُب ُت َعلَيه ِ بِنَاءُ‬ ‫فَ ِإنَّ َها َ‬
‫اس ِفي َغايَة ِ ا ِإلح َكام ِ َكا َن البِنَاءُ َعلَيه ِ ِإلَى االن ِه َدام ِ‬ ‫أَمرِ ال ِّدي ِن‪َ ،‬و ِإ َذا ل َم يَ ُكن األ َ َس ُ‬
‫أَق َر َب ِمن ُه ِإلَى ال َّت َمام ِ‪....‬‬
‫ص َعلَى َطلَ ِب ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع‪ ،‬قِ َر َاء ًة‪َ ،‬و ُم َطال َ َع ًة‪َ ،‬و ُم َذا َك َر ًة‪،‬‬‫يك بِال ِحر ِ‬ ‫أُ ِ‬
‫وص َ‬
‫ال‪َ ،‬و َال يَح ِملَنَّ َك َعلَى َتر ِكه ِ ال َك َس ُل َوال َم َالل َ ُة‪َ ،‬و َال َم َخافَ ُة أَن َال َتع َم َل‬‫صي ً‬ ‫َو َتح ِ‬
‫ب ِم َن َ‬
‫الج َهالَة ِ‪.....‬‬ ‫بِه ِ‪ ،‬فَ ِإ َّن َذلِ َك َضر ٌ‬
‫الج َوا ِر ِح ِفي َج ِمي ِع ِع َب َادات ِ َك‪ ،‬فَ ِب َذلِ َك‬‫يك ب ُِح ُضو ِر ال َقل ِب َو ُخ ُشو ِع َ‬ ‫وص َ‬ ‫َوأُ ِ‬
‫يض َعلَي َك أَن َو ُار َها‪َ ،‬وب ُِم َراقَ َبة ِ اللَّه ِ ِفي ُك ِّل َحا ٍل‪َ ،‬ول ُتش ِعر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َتح ُص ُل ل َ َك ث َم ُار َها َو َتف ُ‬
‫ِيب‪.)٤(<...‬‬ ‫يب َو ِمن َك قَر ٌ‬ ‫قَل َب َك َعلَى ال َّد َوام ِ أَنَّ ُه َعلَي َك َرقِ ٌ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬راجع الوصايا النافعة لإلمام عبد اهلل بن علوي الحداد‪ ،‬نشر عبد القادر بن علي بن‬
‫عيسى الحداد‪٩4٤4 ،‬م‪.‬‬
‫‪٤٤‬‬
‫َم ْتن‬
‫َ دا دا‬ ‫َ‬
‫ـم احلـدا ِديـة‬
‫حـك ِ‬‫الـ ِ‬
‫لإلمام شيخ اإلسالم قطب الدعوة واإلرشاد‬
‫احلبيب عبداهلل بن علوي احلداد احلضرمي الشافعي‬
‫(ت ‪3311‬هـ)‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪3‬‬
‫صلى الل ه على سيدنا همحمد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫الح ِّق الَ يَخلُو أَ َح ٌد ِمن ُهم أَن يَ ُكو َن فِي ِإح َدى ال َّدائِ َر َتي ِن‪،‬‬
‫‪ ٤‬ــ ال َخل ُق َم َع َ‬
‫الرح َمة ِ‬ ‫اليو َم ِفي َدائِ َر ِة َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرح َمة ِ‪ ،‬أَو في َدائ َرة الحك َمة ِ‪ ،‬فَ َمن َكا َن َ‬ ‫ِإ َّما ِفي َدائِ َر ِة َّ‬
‫اليو َم ِفي َدائِ َر ِة ال ِحك َمة ِ َكا َن َغ ًدا ِفي َدائِ َر ِة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َكا َن َغ ًدا في َدائ َرة ال َفض ِل‪َ ،‬و َمن َكا َن َ‬
‫العد ِل‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ ٩‬ــ َما َت َر َك ِم َن ال َك َما ِل َشي ًئا َمن أَقَ َام نَف َس ُه ِمن َربِّه ِ َم َق َام َعب ِدهِ ِمن نَف ِسه ِ‪.‬‬

‫‪ 1‬ــ النَّائِ ُم يُوقَ ُظ‪َ ،‬وال َغافِ ُل يُ َذك َُّر‪َ ،‬و َمن لَم يُج ِد ِفيه ِ ال َّتذ ِك ُير َوالَ ال َّتنب ُِيه فَ ُه َو‬
‫َميِّ ٌت‪.‬‬

‫{ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫المو ِع َظ ُة َمن أَق َب َل َعلَي َها ب َقل ِبه ِ‪،‬‬


‫‪ ١‬ــ إِنَّ َما َتن َف ُع َ‬
‫ﮰ} [غافر‪.]٤1 :‬‬

‫المخلُوقِ َ‬
‫ين ب َِس َخ ِط َر ِّب‬ ‫المؤ ِم ِن َ‬
‫ين َمن يُر ِضي َ‬ ‫‪ 5‬ــ َكي َف يَ ُكو ُن ِم َن ُ‬
‫العال َ ِم َ‬
‫ين؟!‬ ‫َ‬

‫‪٤5‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫الع َاد ُة ِإ َذا َر َس َخت نَ َس َخت‪.‬‬


‫‪ ٦‬ــ َ‬

‫وم َم َع ال ُكل َفة ِ أُل َفةٌ‪.‬‬


‫‪ 1‬ــ الَ َت ُد ُ‬

‫الما ِل‪ ،‬لَم يُ َح ِّصل ل َ ُه ال ِغنَى َك ِث ُير ُه‪َ .‬ك َذلِ َك‬ ‫‪ 1‬ــ َمن لَم يَدفَع َعن ُه ال َفق َر قَلِ ُيل َ‬
‫َمن لَم يَن َت ِفع ب ِ َقلِي ِل ال ِعلمِ‪ ،‬فَ ُه َو ِم َن االن ِت َفا ِع بِ َك ِثيرِهِ أَب َع ُد‪.‬‬

‫‪ ٢‬ــ ُمنَا ِز ُع األَق َدا ِر‪َ :‬م ِن اس َتق َب َح ِمن أَ ِخيه ِ َما الَ يَد ُخ ُل َتح َت االخ ِت َيا ِر‪.‬‬

‫ِ‬
‫الر َضى بِال َق َضاء يَن َت ِفي َم َع ُه االع ِت َر ُ‬
‫اض َعلَى اللَّه ِ‪َ ،‬ويَب َقى َم َع ُه الطَّلَ ُب‬ ‫‪ ٤4‬ــ ِّ‬
‫اله َر ُب ِم َّما ِمن ُه يُه َر ُب‪.‬‬
‫لِ َما يَن َب ِغي أَن يُطلَ َب‪َ ،‬و َ‬

‫ص ُل ب َِها ِإلَى ِفع ِل َخي ٍر أَو يَن ُجو ب َِها ِمن‬


‫ود ُة‪ِ :‬هي ال َّ ِتي يَ ِ‬
‫َ‬ ‫‪ ٤٤‬ــ الدن َيا ال َمح ُم َ‬
‫ِفع ِل َشر‪.‬‬
‫وب‬‫اح ُة‪ِ :‬ه َي ال َّ ِتي ال َ يَ َق ُع ب َِس َبب َِها ِفي َتر ِك َمأ ُمو ٍر َو ِفي ُر ُك ِ‬ ‫َوالدن َيا ال ُم َب َ‬
‫َمحظُو ٍر‪.‬‬
‫اب َوالسنَّة ِ‪ِ :‬ه َي ال َّ ِتي يَ َق ُع بِ َس َب َب َها ِفي َتر ِك‬
‫وم ُة َعلَى لِ َسا ِن ال ِك َت ِ‬
‫َوالدن َيا ال َمذ ُم َ‬
‫َاعةٍ أَو ِفع ِل َمع ِ‬
‫ص َيةٍ‪.‬‬ ‫ط َ‬

‫س َمن يَك َت ِفي بِا ِإل َش َار ِة َع ِن ال َّتعيِي ِن‪َ ،‬و ِمن ُهم َمن يَح َت ُ‬
‫اج ِإلَى‬ ‫‪ ٤٩‬ــ ِم َن النَّا ِ‬
‫الرف ِق َوالل ِّي ِن‪َ ،‬و ِمن ُهم َمن الَ يُج ِدي ِفيه ِ ِإ َّال ال َّتع ِن ُيف َوال َّتخ ِش ُ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ال َّتصرِي ِح َم َع ِّ‬
‫‪٤٦‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫الش َيا ِطي ِن‪.‬‬


‫َو َمن لَم يَن َت ِفع ب ِ َذا َوال َ بِ َذا َك فَ ُه َو ِم َن َّ‬
‫الب َهائِمِ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َول َه ُؤالَء األَربَ َعة أَم َث ٌال م َن َ‬
‫ــ فَ َم َث ُل األ َ َّو ِل َم َث ُل ال َّدابَّة ِ ال ُم َذلَّلَة ِ‪َ ،‬تس َتغ ِني أَن ُتل ِج َم َها أَو َتضرِبَ َها‪.‬‬
‫الضر ِب‪.‬‬ ‫ــ َو َم َث ُل الثَّانِي َم َث ُل ال َّدابَّة ِ ال َّ ِتي َتك َت ِفي ب ِ‬
‫ِالخطَام ِ‪ُ ،‬دو َن َّ‬

‫ث َم َث ُل ال َّدابَّة ِ ال َّ ِتي ال َ َتس َت ِق ُ‬


‫يم إِ َّال ب َّ‬
‫ِالضر ِب َوال َّزجرِ‪.‬‬ ‫ــ َو َم َث ُل الثَّالِ ِ‬
‫الرابِ ِع َم َث ُل ال َّدابَّة ِ إِن َخ َطم َت َها أَو َض َرب َت َها از َد َادت نُ ُفور ًا‪.‬‬
‫ــ َو َم َث ُل َّ‬

‫‪ ٤1‬ــ ِإن ِشئ َت أَن َت ُكو َن ُح ّر ًا فَات ُرك ُك َّل أَم ٍر ِإن لَم َتت ُرك ُه اخ ِت َيار ًا َت َرك َت ُه‬
‫اض ِط َرار ًا‪.‬‬

‫اب بِ ِمث ِل ِذكرِهِ‬ ‫‪ ٤١‬ــ ما ُعر َِف قَدر َّ ِ‬


‫الشيء بِ ِمث ِل ِض ِّدهِ‪َ ،‬والَ َت َسلَّى ُ‬
‫الم َص ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص َيب ِته ِ‪.‬‬ ‫َمن أُ ِص َ‬
‫يب بِ ِمث ِل ُم ِ‬

‫‪ ٤5‬ــ َمن َش َغلَ ُه َحق َربِّه ِ َعن ُح ُقو ِق نَف ِسه ِ َو ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ فَ ُه َو َعب ُد‬
‫الحض َر ِة‪َ .‬و َمن َش َغلَ ُه ال ِق َي ُام ب َِح ِّق نَف ِسه ِ َع ِن ال ِق َيام ِ ب َِح ِّق َربِّه ِ َو َح ِّق إِخ َوانِه ِ فَ ُه َو َعب ُد‬
‫َ‬
‫الشه َو ِة‪َ .‬و َمن َش َغلَ ُه ال ِق َي ُام ب ُِح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ َعلَى ال ِق َيام ِ ب ُِح ُقو ِق َربِّه ِ َو ُح ُقو ِق نَف ِسه ِ‬ ‫َّ‬
‫اسة ِ‪َ .‬و َمن َش َغلَ ُه ال ِقيَ ُام بِ َح ِّق َربِّه ِ َو ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ َع ِن ال ِق َيام ِ ب ُِح ُقو ِق‬ ‫الريَ َ‬
‫فَ ُه َو َعب ُد ِّ‬
‫اح ُب و َِراثَةٍ‪.‬‬ ‫نَف ِسه ِ فَ ُهو َص ِ‬
‫َ‬

‫صيلِ َها َعلَى َوه ٍم‪َ ،‬و ِم َن االن ِت َفا ِع‬


‫‪ ٤٦‬ــ َع َج ًبا لِ َمن يَطلُ ُب الدن َيا َو ُه َو ِمن َتح ِ‬

‫‪٤1‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫ب َِما َح َّصلَ ُه ِمن َها َعلَى َشك‪َ ،‬و ِمن َتر ِك َها َوال ُخ ُرو ِج ِمن َها َعلَى يَ ِقي ٍن‪.‬‬

‫‪ ٤1‬ــ َمن َت َع َّو َد ال َغ َرائِ َم ِح َيل بَينَ ُه َوبَي َن ال َغنَائِمِ‪.‬‬

‫ول‪ :‬أُ ِج ُيب َها ِفي‬


‫‪ ٤1‬ــ ِإ َذا َد َعت َك نَف ُس َك ِإلَى َشه َو ٍة َو َش َغلَت َك‪ ،‬فَ ِإيَّا َك أَن َت ُق َ‬
‫َه ِذهِ‪َ ،‬وأُفَ ِّر ُغ ال َقل َب؛ فَ ِإنَّ َك ِإن أَ َجب َت َها ِإلَي َها َد َعت َك ِإلَى أَع َظمِ ِمن َها‪.‬‬

‫يما ِن َح َّتى يَ ِج َد ِفي ُم َع َاملَة ِ ال َح ِّق َما يَ ِج ُد‬


‫العب ُد َح ِقي َق َة ا ِإل َ‬
‫‪ ٤٢‬ــ الَ يَبلُ ُغ َ‬
‫الحالَ َو ِة‪.‬‬ ‫الشهو ِ ِ‬
‫ات في َش َه َواتِهِم ِم َن اللَّ َّذ ِة َو َ‬ ‫أَه ُل َّ َ َ‬

‫الس ِّر أَقَل ِم َن ال َم ُؤونَة ِ ِفي َت َخو ِ‬


‫ف ِإف َشائِه ِ ِم َّمن‬ ‫‪ ٩4‬ــ ال َم ُؤونَ ُة ِفي ِكت َما ِن ِّ‬
‫ُتطلِ ُع ُه َعلَيه ِ‪.‬‬

‫الر ُج ِل‪ :‬ثَنَا ُؤ ُه َعلَى أَق َرانِه ِ‪َ .‬وأَ َدل َدلِي ٍل‬
‫‪ ٩٤‬ــ أَ َدل َدلِي ٍل َعلَى َك َما ِل َعق ِل َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم‪َ .‬وأَ َدل َدلِي ٍل َعلَى‬ ‫اض ِعه ِ‪ :‬ر َِض ُاه بِال َّتأخيرِ في َموط ٍن يَس َتحق فيه ِ ال َّتق ِد َ‬ ‫َعلَى َت َو ُ‬
‫ِ‬
‫ِإخالَ ِصه ِ‪َ :‬ع َد ُم ال ُم َبا َال ِة بِ ِإس َخا ِط ال َخل ِق في َجن ِب َ‬
‫الح ِّق‪.‬‬

‫الجاهِ‪ .‬فَ َمن‬ ‫اآلخ ُر‪ُ :‬حب َ‬ ‫‪ ٩٩‬ــ الدن َيا َشي َئا ِن‪ :‬أَ َح ُد ُه َما‪ُ :‬حب ال َما ِل‪َ .‬و َ‬
‫الجاهِ فَ ُه َو ُم َر ٍاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يق‪َ .‬و َمن َز ِه َد في ال َما ِل ُدو َن َ‬
‫ِ‬
‫َز ِه َد في ال َما ِل َو َ‬
‫الجاهِ فَ ُه َو ِص ِّد ٌ‬
‫الج َاه َكا َن أَص َغ ُر‬
‫يم‪َ .‬و َمن أَ َح َّب ال َم َال َو َ‬ ‫ِ‬ ‫َومن َز ِه َد ِفي َ ِ‬
‫الجاه َوأَ َح َّب ال َم َال فَ ُه َو لَئ ٌ‬ ‫َ‬
‫ُع ُقوبَ ِته ِ ِحر َمانَ ُه َما‪.‬‬

‫‪٤1‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ ٩1‬ــ األ َ َر ِ‬
‫اضي ثَالَ ٌث‪:‬‬
‫س ال َّ ِذي يَ َت َعلَّ ُم‬
‫وم َثلُ َها ِم َن النَّا ِ‬
‫العش َب َوال َك َل َ‪َ ،‬‬‫ت ُ‬ ‫ــ أَرض ِإ َذا ُس ِقيَت أَنب َت ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ات لَي َس َعي َن ال َم ِاء َول َ ِك َّن ال َماءَ َس َب ُب ُح ُصولِه ِ‪،‬‬ ‫َويَف َه ُم ِفي ال ِعلمِ‪ ،‬فَ َك َما أَ َّن النَّ َب َ‬
‫فَ َك َذلِ َك ال َفه ُم لَي َس َعي َن ال ِعلمِ‪َ ،‬ولِ ِكن َع ِن ال ِعلمِ يَ ُكو ُن‪.‬‬
‫اء َوالَ ُتنب ُِت ال َك َل َ‪َ ،‬و َمثَلُ َها ِم َن النَّا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َمثَ ُل‬ ‫ض الثَّان َي ُة ُتمس ُك ال َم َ‬ ‫ــ َواألَر ُ‬
‫العالِ َم الَ يَزِي ُد َعلَى َما يَس َم ُع فَ ُه َو‬ ‫ال َّ ِذي يَح َف ُظ ال ِعل َم َوال َ يَف َه ُم ِفيه ِ‪َ ،‬و ِإ َذا َرأَي َت َ‬
‫َذا َك‪َ ،‬و ِإ َذا َرأَي َت ُه يَزِي ُد َعلَيه ِ َشيئ ًا يُ َو ِاف ُق َما َس ِم َع ِم َن ال ِعلمِ فَ ُه َو األ َ َّولُ ‪.‬‬
‫اء‪َ ،‬و َم َثلُ َها ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ض الَ ُتنب ُِت ال َك َل َ َوال َ ُتمس ُك ال َم َ‬
‫ــ َواألَر ُ ِ‬
‫ض الثَّال َث ُة أَر ٌ‬
‫س َم َث ُل َمن ال َ يَح َف ُظ ال ِعل َم َوال َ يَف َه ُم ِفيه ِ‪ ،‬فَ ِإل َقاءُ ال ِعلمِ ِإلَى َمن َه ِذهِ ِص َف ُت ُه‬ ‫النَّا ِ‬
‫ض ال َّ ِتي َه ِذهِ ِص َف ُت َها ال َ يَس ِق َيها َويَ َرى أَ َّن َسق َي َها‬
‫اع ٌة لِل ِعلمِ‪ ،‬فَ َك َما أَ َّن َر َّب األَر ِ‬
‫ِإ َض َ‬
‫اعة ِ‪َ ،‬ك َذلِ َك يَن َب ِغي أَن الَ يُل َقى ال ِعل ُم ِإلَى َمن يُ َضيِّ ُع ُه‪ ،‬بَل أَولَى‪.‬‬ ‫ِم َن ا ِإل َض َ‬

‫البيِّنَ ُة ِم َن األَف َعا ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٩١‬ــ الَ َتث ُب ُت ال َّد َعاوِي بِاألَق َوا ِل َح َّتى َت ُق َ‬
‫وم بِ ِإث َبات َها َ‬

‫الشي ِء َو َع َد ِمه ِ فَالَ َتقنَع‬


‫‪ ٩5‬ــ ِإ َذا ا َّد َعت نَف ُس َك أَنَّ َها الَ ُت َف ِّر ُق بَي َن ُو ُجودِ َّ‬
‫ِمن َها بِ َذلِ َك َح َّتى َتخ َتب َِر َها بِاألَم َري ِن َج ِميع ًا‪.‬‬

‫ات‬ ‫ات َال َّد َعى ُكل أَ َح ٍد َما لَي َس ِعن َد ُه‪َ ،‬ول َ ِكن ب َ‬
‫ِالعال َ َم ِ‬ ‫العال َ َم ِ‬
‫‪ ٩٦‬ــ لَوال َ َ‬
‫الصادِ ِق َوال َكا ِذ ِب‪.‬‬ ‫َواأل َ َم َار ِ‬
‫ات يُ َف َّر ُق بَي َن َّ‬

‫‪٤٢‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ ٩1‬ــ َمن َت َي َّس َرت ل َ ُه َمطَالِ ُب ُه األُخ َراوِيَّ ُة َو َت َع َّس َرت َعلَيه ِ َمطَالِ ُب ُه الدن َياوِيَّ ُة فَ ُه َو‬
‫اب‬ ‫ين‪َ .‬و َمن َت َي َّس َرت ل َ ُه َمطَالِ ُب ُه األُخ َراوِيَّ ُة َوالدن َياوِيَّ ُة فَ ُه َو ِمن أَص َح ِ‬ ‫ِمن َو َرثَة ِ النَّبِيِّ َ‬
‫الي ِمي ِن‪َ .‬و َمن َت َي َّس َرت ل َ ُه َم َطالِ ُب ُه الدن َياوِيَّ ُة َو َت َع َّس َرت َعلَيه ِ األُخ َراوِيَّ ُة فَ ُه َو ِم َن‬ ‫َ‬
‫ين‪َ .‬و َمن َت َع َّس َرت َعلَيه ِ َم َطالِ ُب ُه األُخ َراوِيَّ ُة َوالدن َياوِيَّ ُة فَ ُه َو ِم َن‬ ‫ال ُمس َتد َر ِج َ‬
‫ين‪.‬‬‫ال َمم ُقوت ِ َ‬

‫‪ ٩1‬ــ َشر ال ُف َق َر ِاء‪َ :‬من يَ َود أَنَّ ُه ِم َن األَغ ِن َي ِاء‪َ ،‬و َخي ُر األَغ ِن َي ِاء‪َ :‬من الَ يَك َر ُه‬
‫أَن يَ ُكو َن ِم َن ال ُف َق َر ِاء‪.‬‬

‫ات َولَم يُن ِفق َما ِفي يَ َديه ِ ِمن‬ ‫الش َه َو ِ‬


‫‪ ٩٢‬ــ َمن أَم َس َك َعن َتنَ ُاو ِل فُ ُضو ِل َّ‬
‫وم‪َ .‬وال َّ ِذي يَ َت َم َّت ُع ب َِما ِفي يَ ِدهِ ِم َن الدن َيا َويُن ِف ُق ُه ِفي‬ ‫فُ ُضو ِل األَم َوا ِل فَ ُه َو َمح ُر ٌ‬
‫احة ِ أَح َس ُن َحا ًال ِمن ُه‪.‬‬
‫َش َه َواتِه ِ ال ُم َب َ‬

‫ص َير قَول ُ ُه َو ِفعلُ ُه‬ ‫‪ 14‬ــ الَ يَك ُم ُل َحالُ ال َّدا ِعي ِإلَى َر ِّب َ‬
‫العال َ ِم َ‬
‫ين َح َّتى يَ ِ‬
‫ُح َّج ًة َعلَى َج ِمي ِع ال ُمؤ ِم ِن َ‬
‫ين‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1٤‬ــ ِإ َذا َرأَي َت َ ِ ِ‬


‫ص‪َ .‬و ِإ َذا َرأَي َت‬‫العال َم يُفي ُد بِ َقوله ِ ُدو َن فعلِه ِ فَاعلَم أَنَّ ُه نَاق ٌ‬
‫ص‪َ .‬و ِإ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ال ُم َت َعل َِّم ُت ِفي ُد ُه األَق َوالُ َوالَ ُت َؤ ِّدبُ ُه األَف َعالُ فَاعلَم أَنَّ ُه َع ِن ال َّتح ِ‬
‫صي ِل نَاك ٌ‬
‫َرأَي َت الطَّالِ َب يَن َت ِف ُع بِأَق َوا ِل َشي ِخه ِ َوال َ يَن َت ِف ُع بِأَف َعالِه ِ فَانظُر فَ ِإن لَم َت َر ِفي أَف َعا ِل‬
‫الشي ِخ َما َتح ُص ُل بِه ِ ال َفائ ِ َد ُة فَلَي َس ب َِشي ٍء‪َ ،‬و ِإ َذا َرأَي َت أَف َعال َ ُه ُت ِفي ُد َول َ ِكن ال َ‬ ‫َّ‬
‫يُح ِس ُن الطَّالِ ُب أَن يَس َت ِفي َد فَالَ يُع َتد بِه ِ‪.‬‬

‫‪٩4‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫وص َف ب َِما لَي َس ِعن َد ُه ِم َن ال َخيرِ‪َ ،‬و َكر َِه أَن يُذ َك َر ب َِما‬
‫‪ 1٩‬ــ َمن أَ َح َّب أَن يُ َ‬
‫ِفيه ِ ِم َن َّ‬
‫الش ِّر‪ ،‬فَاعلَم أَنَّ ُه ُم َرا ٍئ‪.‬‬

‫ِالجب ِن ال َمذ ُموم ِ‪َ ،‬وال َفر ُق بَينَ ُه َما‬


‫ود ب ُ‬ ‫اء ال َمح ُم ُ‬ ‫‪ 11‬ــ َك ِثير ًا َما يَل َتب ُِس َ‬
‫الحيَ ُ‬
‫ٍ‬
‫وم‪،‬‬‫الجب ُن ال َمذ ُم ُ‬ ‫أَ َّن ُكلَّ َح َياء َح َملَ َك َعلَى َتر ِك َخي ٍر أَو َوقَع َت ب َِس َب ِبه ِ فِي َشر فَ ُه َو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث‪.‬‬ ‫اء َال يَأتِي إِ َّال بِ َخي ٍر َك َما في َ‬
‫الح ِدي ِ‬ ‫ِالح َياء ِأل َ َّن ا َ‬
‫لح َي َ‬ ‫َولَي َس ب َ‬

‫الصد َق َحي ُث يَ َخ ُاف‪ ،‬اس َتع َم َل ال َك ِذ َب َحي ُث يَر ُجو‪.‬‬


‫‪ 1١‬ــ َمن أَه َم َل ِّ‬

‫‪ 15‬ــ َمن نَ َظ َر ِإلَى الدن َيا ب َِعينَي َرأ ِسه ِ َرأَى ُغ ُرور ًا َو ُزور ًا‪َ ،‬و َمن نَ َظ َر ِإلَي َها‬
‫ب َِعينَي قَل ِبه ِ َرأَى َه َبا ًء َمنثُوراَ‪.‬‬

‫الجاهِ‬ ‫ص َعلَى ال َما ِل َه َال ُك ال ِّدي ِن‪َ ،‬و ِفي ال ِحر ِ‬


‫ص َعلَى َ‬ ‫‪ 1٦‬ــ ِفي ال ِحر ِ‬
‫َه َال ُك ال ِّدي ِن َوال َما ِل َج ِميع ًا‪.‬‬

‫اض ُع ال َما ِل فِي َغيرِ َح ِّقه ِ بِأَقَ َّل إِثم ًا ِمن ُمم ِس ِكه ِ ِمن َح ِّقه ِ‪.‬‬
‫‪ 11‬ــ لَي َس َو ِ‬

‫‪ 11‬ــ َمن أَم َس َك َشيئ ًا يَ َرى أَ َّن ِإن َفاقَ ُه َخي ٌر ِمن إِم َسا ِكه ِ فَ ُه َو ِم َن ال ُمؤثِرِي َن‬
‫لِلدن َيا‪.‬‬

‫ِين لِلدنيا َتم ُحو ُح َّب ِ‬


‫اآلخ َر ِة ِم َن ال َقل ِب‪ ،‬فَ َكي َف‬ ‫اه َد ُة ال ُمؤثِر َ‬
‫‪ 1٢‬ــ ُم َش َ‬
‫َ‬
‫ِالم َجال َ َسة ِ َوال ُم َخال َ َطة ِ؟!‬
‫ب ُ‬
‫‪٩٤‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫ص َيب ًة‪َ ،‬و َك َفى بِالذلِّ ِفي َطلَ ِب الدن َيا‬ ‫الرغبة ِ فِي ال َخيرِ ُم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ ١4‬ــ َك َفى بِفق َدان َّ َ‬
‫ُع ُقوب ًة‪َ ،‬و َك َفى بِالظلمِ َحتف ًا لِ َص ِ‬
‫اح ِبه ِ‪َ ،‬و َك َفى بِال َّذن ِب َعار ًا لِل ُملِ ِّم بِه ِ‪.‬‬ ‫َ‬

‫الجز َم لِل َوهمِ فَ ُه َو أَح َم ُق‪َ ،‬و َمن أَقَ َام َعلَى َّ‬
‫الش ِّك َم َع ِإم َكا ِن‬ ‫‪ ١٤‬ــ َمن َت َر َك َ‬
‫الي ِقي ِن فَ ُه َو أَخ َر ُق‪.‬‬ ‫ال َم ِ‬
‫صيرِ ِإلَى َ‬

‫ين َعلَى ثَ َالثَة ِ‬ ‫العالِمِ ب ِاللَّه ِ َم َع َع َّامة ِ ال ُمؤ ِم ِن َ‬


‫ور َك َال ُم َ‬ ‫‪ ١٩‬ــ يَن َب ِغي أَن يَ ُد َ‬
‫ص َية ِ‪.‬‬
‫اب ال َمع ِ‬ ‫اعة ِ‪َ .‬والثَّالِ ُث‪ :‬اج ِتنَ ُ‬ ‫أُ ُمو ٍر‪ :‬األ َ َّولُ ‪ :‬ال َّتذ ِك ُير بِالن ِّ َع ِم َوالثَّانِي‪ :‬ال ِت َز ُام الطَّ َ‬
‫ث فَ ُه َو فَ َّتا ٌن‪.‬‬ ‫الع َّامة ِ بِ َغيرِ ما يد ُخ ُل َتح َت َه ِذهِ الثَّ َال ِ‬
‫فَ ُكل َعالِ ٍم أَ َخ َذ يَ َت َكلَّ ُم َم َع َ‬
‫َ َ‬

‫‪ ١1‬ــ َرح َم ٌة َتطلُب َك‪َ ،‬و َرح َم ٌة َتطلُب َها‪ ،‬فَال َّ ِتي َتطلُب َك َرح َم ُة ال ِه َدايَة ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِالب َيا ِن‪َ ،‬و ِألَجلِ َها َكا َن ِإر َسالُ الر ُس ِل َوإِن َزالُ ال ُك ُت ِب‪َ ،‬وال َّ ِتي َتطلُ ُب َها ِه َي َ‬
‫الجنَّ ُة‪،‬‬ ‫ب َ‬
‫الصالِ ِح َعلَى قَانُو ِن ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع‪.‬‬
‫ِالع َم ِل َّ‬
‫َتس َعى ل َ َها ب َ‬

‫ص َعلَى الدن َيا ثَ َالثَةٌ‪ :‬أَ َح ُد َها‪ :‬النَّ َظ ُر ِإلَي َها ب َِعي ِن‬‫‪ ١١‬ــ َد َوا ِعي ال ِحر ِ‬
‫س ِألَربَاب َِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يم النَّا ِ‬ ‫الب َقاء للتمتع‪َ .‬والثَّانِي‪َ :‬تع ِظ ُ‬ ‫االستح َسان‪َ .‬و َعن ُه يَ ُكو ُن ُحب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخ ُر َوال َّت َكاثُ ُر‪َ .‬وال َّثالِ ُث‪َ :‬ت َوهم أَن َال قِ َو َام بِ ُدونِ َها‪َ .‬و َعن ُه يَن َشأُ‬
‫َو ِمن ُه يَ ُكو ُن ال َّت َف ُ‬
‫البخ ُل َو َخو ُف ال َفقرِ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ين‪َ :‬من َتزِي ُد ُه ال َمعرِفَ ُة ب َِس َعة ِ َرح َمة ِ اهلل ِ ُجرأَ ًة َعلَى‬
‫الجا ِهلِ َ‬
‫‪ ١5‬ــ أَج َه ُل َ‬
‫َم َع ِ‬
‫اصيه ِ‪.‬‬

‫‪٩٩‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫الوقُو ِع ِفيه ِ‪َ ،‬د َع ُاه َذلِ َك ِإلَى‬


‫‪ ١٦‬ــ َمن َح َّد َث نَف َس ُه ب ِال َّتوبَة ِ ِم َن ال َّذن ِب قَب َل ُ‬
‫ِفعلِه ِ‪.‬‬

‫‪ ١1‬ــ َمثَ ُل ال َّ ِذي يُذنِ ُب لِيَ ُت َ‬


‫وب َم َث ُل ال َّ ِذي يُ َدن ِّ ُس بَ َدنَ ُه َوثِ َيابَ ُه لِ َيغ َت ِس َل! َو َما‬
‫س َما اس َتطَا َع‪ ،‬ثُ َّم ِإن َوقَ َع ب ُِحكمِ‬ ‫َه َك َذا يَن َب ِغي‪ .‬إِنَّ َما يَن َب ِغي أَن يَح َترِ َز ِم َن ال َّدنَ ِ‬
‫الحا ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َغفلَة ِ َو َّ‬
‫اجب َعلَيه ِ ال َّتنَظف في َ‬ ‫الو ِ‬
‫السه ِو َكا َن َ‬

‫الش َج َر ِة ُتس َقى ب َِم ِاء ال َّت َز ُاو ِر‪َ ،‬و ُتث ِم ُر ال َّت َع ُاو َن‬
‫‪ ١1‬ــ َم َث ُل األُ ُخ َّو ِة ِفي اهلل ِ َم َث ُل َّ‬
‫الش َج َر ُة يَ ِب َست‪َ ،‬و ِإ َذا ل َم ُتث ِمر قُ ِط َعت‪.‬‬ ‫َعلَى الب ِِّر َوال َّتق َوى‪ ،‬فَ ِإ َذا ل َم ُتس َق َّ‬

‫اع َة فَانظُر ِإن ِشئ َت ِفي بِ َدايَتِ َها الَّتِي َكانَت ب َِحو ِل اللَّه ِ‬ ‫‪ ١٢‬ــ ِإ َذا َع ِمل َت الطَّ َ‬
‫ود ال ِمنَّة ِ لِلَّه ِ َت َعالَى‪.‬‬
‫اب‪َ ،‬ويَب َقى ُش ُه ُ‬ ‫َوقُ َّوتِه ِ َو ُحس ِن َتو ِفي ِقه ِ‪َ ،‬وبِ َذلِ َك يَن َت ِفي ا ِإلع َج ُ‬
‫آب‪َ ،‬و ِعن َد ُه‬ ‫الم ِ‬
‫اب َو ُحس ُن َ‬ ‫َو ِإن ِشئ َت نَ َظر َت ِفي نِ َهايَ ِت َها ال َّ ِتي ِه َي َجز ُِيل الثَّ َو ِ‬
‫الرغ َب ُة َو َت ِخف ُ‬
‫الم َد َاو َم ُة‪َ ،‬واأل َ َّولُ َأتم‪.‬‬ ‫َتعظ ُُم َّ‬
‫ص َي ٌة فَ ِإيَّا َك أَن َتنظ َُر ِإلَى بِ َدايَ ِت َها ال َّ ِتي ِه َي ال َّتق ِد ُير‪،‬‬ ‫َو ِإ َذا َوقَ َعت ِمن َك َمع ِ‬
‫ِ‬
‫ص َية ِ‪َ ،‬ولِكن يَن َب ِغي أَن‬ ‫المع ِ‬ ‫فَ َيد ُعو َك َذلِ َك ِإلَى االح ِت َجا ِج َعلَى اهلل‪َ ،‬و ُه َو أَع َظ ُم ِم َن َ‬
‫ِ‬
‫اب‪َ ،‬و ِعن َد ُه ُت َبادِ ُر ِإلَى ال َّتوبَة ِ َو َتعظ ُُم َّ‬
‫الره َب ُة‪.‬‬ ‫َتنظ َُر في نِ َهايَ ِت َها ال َّ ِتي ِه َي أَلِ ُ‬
‫يم ال ِع َق ِ‬

‫الرف َعة ِ‪َ ،‬وال َّت َجم ُل ِفي ال ِقلَّة ِ‪،‬‬


‫اض ُع ِفي ِّ‬
‫‪ 54‬ــ ِمن َم َكا ِرم ِ األَخ َال ِق‪ :‬ال َّت َو ُ‬
‫َواالق ِت َص ُاد ِفي ال َّثر َو ِة‪.‬‬

‫‪٩1‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫العالِ ُم ال َّ ِذي َال‬ ‫العاقِ ُل ال َّ ِذي َال ِعل َم ل َ ُه َك َّ‬


‫الر ِشي ِد ال َّ ِذي َال َم َال ل َ ُه‪َ ،‬و َ‬ ‫‪ 5٤‬ــ َ‬
‫الما ِل ال َّ ِذي َال ُرش َد ل َ ُه‪.‬‬
‫اح ِب َ‬ ‫َعق َل ل َ ُه َك َص ِ‬

‫‪ 5٩‬ــ َس ِّخر َعقلَ َك لِ ِعل ِم َك‪َ ،‬و َس ِّخر نَف َس َك لِ َعقلِ َك‪.‬‬

‫ود ال َّتق ِ‬
‫صيرِ‬ ‫صيرِ ِفي ال َّتق ِ‬
‫صيرِ‪ِ ،‬إنَّ َما َّ‬
‫الشأ ُن ُش ُه ُ‬ ‫الشأ ُن ِفي ُش ُهودِ ال َّتق ِ‬
‫‪ 51‬ــ َما َّ‬
‫ِفي ال َّتش ِميرِ‪.‬‬

‫المآ ِل‪َ ،‬و َمثَ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الحا ِل‪ُ ،‬حلو ًا في َ‬ ‫‪ 5١‬ــ يَ ُكو ُن ال َخي ُر في األَك َثرِ َشاقّ ًا في َ‬
‫اح َة َح َّتى يَن َتهِي ِإلَى أَع َال َها‪،‬‬ ‫الر َ‬ ‫فَا ِعلِه ِ َم َث ُل ال َّ ِذي يَص َع ُد ِفي َ‬
‫الع َق َبةِ ال َك ُئو ِد‪َ ،‬ال يَ ِج ُد َّ‬
‫الحا ِل َو َشاقّ ًا ِفي االس ِتق َبا ِل‪َ ،‬و َم َث ُل فَا ِعلِه ِ َم َث ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشر يَ ُكو ُن في األَك َث ِر ُحلو ًا في َ‬ ‫َو َّ‬
‫ض‪.‬‬‫ت‪َ ،‬ال يَ ِج ُد األَل َ َم َح َّتى يَ َق َع َعلَى األَر ِ‬ ‫ال َّ ِذي يَ َق ُع ِمن ُذر َو ِة َجب ٍل أَو بَي ٍ‬
‫َ‬

‫‪ 55‬ــ َال يَن َب ِغي أَن َتع َت َّد بِأُ ُخ َّو ِة أَ ٍخ يَس َت ِط ُ‬
‫يع أَن يَن َف َع َك فَ َال يَف َع ُل‪.‬‬

‫‪ 5٦‬ــ ِإ َذا أَ َرد َت أَن َتص َط ِف َي ِإن َسان ًا لِنَف ِس َك فَ َال بَأ َس أَن َتم َت ِحنَ ُه ب َِما َال‬
‫صح االص ِط َفاءُ بِ ُدونِه ِ‪.‬‬
‫يَ ِ‬

‫يع ال ِق َي َام ب ُِح ُقوقِه ِ‪َ ،‬و َال يُح ِو ُج َك لِطَلَ ِب‬
‫‪ 51‬ــ َال َتص َحب ِإ َّال َمن َتس َت ِط ُ‬
‫ُح ُقوقِ َك؛ لِ َك َما ِل قِ َيا ِمه ِ ب َِها‪.‬‬

‫‪٩١‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ 51‬ــ َمن َع َّو َل ِفي إِس َقا ِط ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ َعلَى قَ ُبو ِل ُ‬
‫العذ ِر َكا َن أَقَ َّل َما‬
‫يَل َقا ُهم بِه ِ ال ِغش َو َ‬
‫المك ُر‪.‬‬

‫‪ 5٢‬ــ أَكرِم ِإخ َوانَ َك ِإك َرام ًا َتس َت ِط ُ‬


‫يع ال َّد َو َام َعلَيه ِ؛ َوإِ َّال َكا َن َمآلُ األَمرِ ِإلَى‬
‫الوح َشة ِ َوال َق ِط َيعة ِ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ ٦4‬ــ ال َّتأو ُِيل َعلَى َضربَي ِن‪:‬‬


‫ص َل ِإلَى األَف َهام ِ‪َ .‬و َه َذا‬‫ــ أَ َح ُد ُه َما‪ :‬يَ ُدل َعلَى ال َك َما ِل‪َ ،‬و ُه َو َما يُؤ َّولُ ل َ َي ِ‬
‫اب َوالسنَّة ِ‪.‬‬‫النَّو ُع َك ِث ٌير ِفي ال ِك َت ِ‬
‫ص َّح َكونُ ُه َح ّق ًا أَو َغي َر بَاطِ ٍل‪َ ،‬و َه َذا يَ ُدل َعلَى‬ ‫ــ َوالثَّانِي‪َ :‬ما يُ َؤ َّولُ لِ َي ِ‬
‫ص‪.‬‬‫النَّق ِ‬
‫الوجه ِ الثَّانِي َال يَك ُم ُل‬ ‫فَ ُكل َشي ٍخ يح َت ُ ِ‬
‫اج في ُصح َب ِته ِ ِإلَى ال َّتأوِي ِل َعلَى َ‬ ‫ُ‬
‫االق ِت َداءُ بِه ِ؛ ِأل َ َّن ال َّتأو َِيل َال يُ َح ِّص ُل َك َما ًال‪َ ،‬و ِإنَّ َما يَدفَ ُع نَقص ًا‪.‬‬

‫احة ِ‪َ ،‬وقَ َع َال َم َحال َ َة‬


‫الم َب َ‬ ‫‪ ٦٤‬ــ َمن أَف َر َط ِفي ُح ِّب َشه َو ٍة ِمن َش َه َو ِ‬
‫ات الدن َيا ُ‬
‫ِفي ُم ِ‬
‫وج ِب النَّا ِر أَ ِو َ‬
‫العا ِر‪.‬‬

‫العج ُز َوال ِحرما ُن أَي ُه َما أَ َضر َعلَى َص ِ‬


‫اح ِبه ِ‪َ ،‬و َت َرافَ َعا ِإلَى‬ ‫اص َم َ‬ ‫‪ ٦٩‬ــ َت َخ َ‬
‫َ‬
‫العج َز أَص ٌل َوال ِحر َمان فَر ُع ُه‪.‬‬
‫العق ِل‪ ،‬فَ َق َضى بَينَ ُه َما أَ َّن َ‬
‫َ‬

‫‪ ٦1‬ــ َما ِمن َط ِويَّةٍ‪ِ ،‬إ َّال َو ِف َيها َخ ِف َّي ٌة‪.‬‬


‫‪٩5‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫اص ُد‪ ،‬لَم يَ ِخ ِب ال َق ِ‬


‫اص ُد‪.‬‬ ‫الم َق ِ‬
‫ت َ‬ ‫‪ ٦١‬ــ ِإ َذا َصلُ َح ِ‬

‫الجا ِه ِل؛ ِأل َ َّن‬


‫العالِمِ أَح َر ُص ِمن ُه َعلَى إِض َال ِل َ‬
‫الشيطَا ُن َعلَى ِإض َال ِل َ‬ ‫‪ ٦5‬ــ َّ‬
‫الجا ِه ُل لَي َس َك َذلِ َك‪.‬‬
‫العالِ َم ِإ َذا َض َّل يَ ِضل ب َِض َاللِه ِ َغي ُر ُه‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬

‫‪ ٦٦‬ــ َمن أَصلَ َح ن ِ َّي َت ُه‪ ،‬بَلَ َغ أُم ِنيَّ َت ُه‪.‬‬

‫‪ ٦1‬ــ يَص ُع ُب ُسلُو ُك َسبِي ِل النَّ َجا ِة َعلَى َمن َغلَ َب َعلَى قَل ِبه ِ ُحب َ‬
‫الما ِل‬
‫الجاهِ‪.‬‬
‫َو َ‬

‫ات النَّف َسانِ َّية ِ َواله َِممِ ال َّدنِ َّية ِ‬ ‫الصادِ ُق يَع َم ُل ِفي َمح ِو َّ‬
‫الش َه َو ِ‬ ‫‪ ٦1‬ــ ال َخو ُف َّ‬
‫ال اللَّ ُه َت َعالَى‪{ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫َع َم َل النَّا ِر ِفي ِإح َرا ِق األَش َجا ِر؛ قَ َ‬
‫ﮉ} [البقرة‪.]٩٦٦ :‬‬
‫الصالِ َحة ِ‬
‫َواألَع َما ِل َّ‬‫الصادِ ُق يَع َم ُل فِي اس ِتخ َرا ِج الن ِّ َّي ِ‬
‫ات الطَّيِّبة ِ‬ ‫الر َجاءُ َّ‬
‫َو َّ‬
‫َ‬
‫ال َت َعالَى‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫الها ِم َد ِة ال َخ ِ‬
‫اش َعة ِ؛ قَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫الم ِاء ِفي األَر ِ‬
‫َع َم َل َ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [الحج‪.]5 :‬‬

‫الصالِ ِح‬ ‫‪ ٦٢‬ــ يَن َب ِغي أَن ُتوقِ َد ل َ َك ِس َراج ًا ِم َن ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع َو َ‬
‫الع َم ِل َّ‬
‫ت أَو َشم ُس‬ ‫المو ِ‬
‫ات الدن َيا َح َّتى يَطل َع َعلَي َك فَج ُر َ‬ ‫يء بِه ِ ِفي لَي ِل ظُلُ َم ِ‬ ‫َتس َت ِض ُ‬
‫يت فِي لَيلِ َها ب َِال ِس َرا ٍج َتن َت ِظ ُر ُطلُو َع َه َذا ال َفجرِ أَو ُسطُو َع‬ ‫اعة ِ‪ ،‬فَ ِإنَّ َك ِإن بَ ِق َ‬
‫الس َ‬
‫َّ‬
‫ك قَولُ اللَّه ِ َت َعالَى‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫س َح َّق َعلَي َ‬‫الشم ِ‬ ‫َه ِذهِ َّ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [اإلسراء‪.]1٩ :‬‬
‫‪٩٦‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ 14‬ــ َك َفى بِالنَّ َجا ِة ِم َن النَّا ِر َمثُوبَ ًة‪َ ،‬و َك َفى بِ ِحر َما ِن َ‬
‫الجنَّة ِ ُع ُقوبَ ًة‪.‬‬

‫الح ِقي َقة ِ َال َشي َء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العال َ ُم بِأَسرِهِ ُم َت َال ٍ‬
‫ش‪َ ،‬و ُه َو في َ‬ ‫‪ 1٤‬ــ َ‬

‫‪ 1٩‬ــ ِمن َرح َمة ِ َربِّ َك ب َِك أَن َح َج َب َك َعن ُه‪.‬‬

‫صيرِ فِيه ِ ِإلَى ال َّتفرِي ِط‪.‬‬


‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 11‬ــ ا ِإلف َرا ُط في األَمرِ آيَةٌ َعلَى َ‬

‫يك‪َ ،‬ذ َّم َك َال َم َحال َ َة ِعن َد‬ ‫‪ 1١‬ــ َمن َم َد َح َك ِعن َد ر َِضائِه ِ ب َِما لَي َس ِف َ‬
‫يك‪.‬‬‫َغ َض ِبه ِ َعلَي َك ب َِما لَي َس ِف َ‬
‫ــو قَـــد َج َفـــانِي‬ ‫ــال أَج ُفـ ُ‬
‫ــوه َو ِإن ُهـ َ‬ ‫فَـ َ‬ ‫ـــــت ِمـــــن ِخـــــل َج َفـــــا ًء‬ ‫ِإ َذا آنَس ُ‬
‫ــــك َعـــــن َتنَ ُاولِـــــه ِ لِ َســـــانِي‬
‫َوأُم ِسـ ُ‬ ‫َول َ ِكنِّــــــــــي أُفَا ِرقُـ‬
‫ـــــــــه بِرِفــــــــــ ٍق‬
‫ُ‬

‫وب‪ ،‬يَج ِذبُ َها بِ َخ ِّ‬


‫اصيَّتِه ِ ِمن َم َوا ِط ِن ال َغفلَة ِ‬ ‫‪ 15‬ــ الذِّك ُر لِلَّه ِ َمغنَا ِط ُ‬
‫يس ال ُقلُ ِ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ِإلَى َع َوالِمِ ال ُغ ُي ِ‬

‫اآلما ِل َواألَوطَا ِر َمن لَم يُ َوطِّن نَف َس ُه َعلَى‬ ‫ِ‬


‫‪ 1٦‬ــ َال يَط َم ُع في بُلُو ِغ َ‬
‫وب األَه َوا ِل َواألَخطَا ِر‪.‬‬
‫ُر ُك ِ‬

‫الجا ِه َل ال َّ ِذي يَظُن بِنَف ِسه ِ َ‬ ‫ِ‬


‫العق َل‬ ‫‪ 11‬ــ َال يَن َب ِغي لِل َعاق ِل أَن يُ َخا ِط َب َ‬
‫ال؛ ِألَنَّ ُه ِإن َخاط ََب ُه َعلَى ُمق َت َضى َعقلِه ِ َكا َن ُم َضيِّع ًا لِل َعق ِل َو ُمس َتهِين ًا بِ َفضلِه ِ‪.‬‬
‫أَص ً‬

‫‪٩1‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫َو ِإن َخاط ََب ُه ب َِح َس ِب َجهلِه ِ َكا َن ُم َت َشبِّه ًا بِه ِ َو َمع ُدود ًا ِمثلَ ُه؛ قَ َال اللَّ ُه َت َعالَى لِنَبِيِّه ِ‪:‬‬
‫{ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [األعراف‪.]٤٢٢ :‬‬

‫‪ 11‬ــ َمن أَر َضا َك ب َِما يَ ُضر َك ِفي ِدي ِن َك ــ َك ُ‬


‫الم َد َاهنَة ِ ل َ َك َو َع َدم ِ النص ِح‬
‫وب ــ فَ ُه َو ل َ َك َع ُدو‪َ ،‬و ِإن َكانَت نَف ُس َك َت ِم ُيل ِإلَيه ِ ِمن َحي ُث طَب ُع َها‬ ‫ِالع ُي ِ‬
‫صيرِ ب ُ‬ ‫َوال َّتب ِ‬
‫الم َالئِمِ‪َ ،‬وفِيه ِ السم النَّاقِ ُع‪.‬‬
‫َو َه َو َاها‪َ ،‬و ُه َو َكالطَّ َعام ِ اللَّ ِذي ِذ ُ‬
‫وب َوالنَّ َقائِ ِ‬
‫ص‬ ‫َو َمن أَس َخ َط َك ب َِما يَن َف ُع َك فِي دِي ِن َك ــ ِمث ُل ال َّتنبِيه ِ َعلَى ُ‬
‫العيُ ِ‬
‫الم ِّر ال َّ ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ال َّ ِتي ِه َي فِ َ‬
‫يك ــ فَ ُه َو ل َ َك َولِي َو ِإن َكرِه َت ُه بِطَب ِع َك‪َ ،‬و َمثَلُ ُه َكال َّد َواء ُ‬
‫اء‪.‬‬ ‫الع ِاف َي ُة َو ِّ‬
‫الش َف ُ‬ ‫يَ ُكو ُن ِفي ِضم ِنه ِ َ‬

‫اس َويُثنُوا َعلَيه ِ ب َِشي ٍء ِم َن ال َك َما ِل‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫‪ 1٢‬ــ َمن أَ َح َّب أَن يَذ ُك َر ُه النَّ ُ‬
‫يَعلَ ُم ِمن نَف ِسه ِ ِخ َالفَ ُه‪َ ،‬و َكر َِه أَن يَذُم ُ‬
‫وه بِأَم ٍر يَعلَ ُم ِمن نَف ِسه ِ ان ِط َواءَ ُه َعلَيه ِ‪َ ،‬ح َّتى‬
‫ص َير يَف َر ُح َويَ ِم ُيل ِإلَى َمن يَم َد ُح ُه‪َ ،‬ويَن ُف ُر َويَك َر ُه َمن يَ ُذم ُه‪ ،‬فَ َقد َعظ َُمت َح َماقَ ُت ُه‬ ‫يَ ِ‬
‫َو َت َّمت َغ َب َاو ُت ُه‪.‬‬

‫الم َعار ُِف‬ ‫ض ال َقل ِب‪َ ،‬واالع ِت َق َاد ُ‬


‫ات َو َ‬ ‫يما ُن َش َج َرة ٌ ثَاب َِتةٌ ِفي أَر ِ‬ ‫‪ 14‬ــ ا ِإل َ‬
‫ود ُة‬ ‫الش َج َر ِة‪َ ،‬واألَخ َال ُق َ‬
‫المح ُم َ‬ ‫الع ُرو ِق لِ ِتل َك َّ‬ ‫يمان ِ َّي ُة ب َِمن ِزلَة ِ األُ ُصو ِل َو ُ‬ ‫ا ِإل َ‬
‫الصالِ َح ُة بِ َمن ِزلَة ِ ال ُف ُرو ِع َوال ُغ ُصو ِن ل َ َها‪.‬‬
‫َواألَع َمالُ َّ‬
‫اسطَ ِته ِ ِمن ِش َّد ِة‬ ‫ِض ِعن َد ُه ِم َن ال ِف َت ِن َويَح ُص ُل ب َِو ِ‬
‫ت َو َما يَعر ُ‬ ‫المو ِ‬ ‫َو ِم َثالُ َ‬
‫الم َزعز َِعة ِ ال َّ ِتي‬
‫الري ِح ُ‬ ‫الش َج َر ِة‪ ،‬أَ ِو ِّ‬
‫ي ال َّ ِذي يَجرِي َعلَى أَص ِل َّ‬ ‫األَلَمِ‪َ :‬ك َّ‬
‫السي ِل ال َق ِو ِّ‬
‫وع َها َو َت ِم ُيل ب َِها يَ ِمين ًا َو ِش َما ًال‪.‬‬
‫ُت َح ِّر ُك فُ ُر َ‬
‫‪٩1‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫الشرِي َف ُة ِفي نِ َهايَة ِ ال ُق َّو ِة َوالن ُم ِّو َوالر ُسو ِخ‪ ،‬فُ ُروع ًا‬
‫الش َج َر ُة َّ‬ ‫فَ ِإن لَم َت ُكن َه ِذهِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫الوق ِ‬ ‫َوأُ ُصو ًال‪ ،‬خ َيف َعلَي َها االن ِق َال ُع في َذلِ َك َ‬
‫وء ال َخات ِ َمة ِ َو َزي ِغ ال َقل ِب ِعن َد‬ ‫و ِمن أَج ِل َذلِ َك اشت َّد َخو ُف األ َ َكابِرِ ِمن س ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫المو ِ‬‫َ‬
‫ِض ِألُ ُصولِ َها ِم َن ال ِب َد ِع َوالش ُكو ِك‬ ‫ِض ال َّ ِتي َتعر ُ‬ ‫الع َوار َ‬ ‫ثُ َّم ِإ َّن ال َق َوادِ َح َو َ‬
‫ِض ِفي أُ ُصو ِل َّ‬
‫الش َج َر ِة ِم َن‬ ‫اب في أَمرِ اآلخ َرة‪ ،‬يَجرِي َمج َرى َما يَعر ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫واالض ِطر ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اصي َتجرِي ِمن َها َمج َرى َما يَ َق ُع لِ ُف ُرو ِع‬ ‫الم َع ِ‬‫ومة ِ‪َ ،‬و َ‬ ‫المذ ُم َ‬‫ات َواألَخ َال ِق َ‬ ‫اآلفَ ِ‬
‫ض‪ ،‬فَ َال َج َر َم أَن َكا َن ال َّ ِذي يَق َد ُح ِفي األَص ِل‬ ‫الع َوا ِر ِ‬ ‫الش َج َر ِة َوأَغ َصانِ َها ِم َن َ‬ ‫َّ‬
‫الش َج َر ِة َك ِثير ًا ِم َن ال َّ ِذي يَ َق ُع َعلَى ال ُف ُرو ِع‪.‬‬
‫َويُو ِهنُ ُه أَ َض َّر َعلَى َّ‬
‫الشك ِفي اليوم ِ ِ‬
‫اآلخرِ‪َ ،‬و َكا َن َعلَى َصا ِح ِبه ِ أَ َض َّر‬ ‫َولِ َه َذا َعظ َُم أَم ُر البِد َعة ِ َو َّ‬
‫َ‬
‫ات‪ .‬نَسأَلُ اللَّ َه َ ِ‬
‫الوفَا َة َعلَى ا ِإلس َالم ِ‪.‬‬
‫العاف َي َة َو َ‬ ‫الم َح َّر َم ِ‬
‫اصي َو ُ‬ ‫الم َع ِ‬‫ِم َن َ‬

‫ِين ِف َيها‪:‬‬
‫الحا ِل‪ِ ،‬خ َطاب ًا لِ َّلرا ِغب َ‬ ‫‪ 1٤‬ــ الدن َيا ُتنَا ِدي َعلَى نَف ِس َها بِلِ َسا ِن َ‬
‫اآلخ َر ِة‪َ ،‬وام َت ِثلُوا أَم َر اللَّه ِ ل َ ُكم ِفي َتر ِك ُكم‬
‫اح َذ ُرونِي فَ ِإنَّ ِني ِفتنَةٌ‪َ ،‬و ُخذُوا ِمنِّي َز َاد ِ‬
‫ين بِي‪َ ،‬وانظ ُُروا‬ ‫ين ِف َّي َو ُ‬
‫الم َت َمتِّ ِع َ‬ ‫اي‪َ ،‬واع َتب ُِروا ب َِمن َم َضى ِمن قَبلِ ُكم ِم َن ال َّزا ِه ِد َ‬ ‫ِإيَّ َ‬
‫اآلخ َر ِة‪ ،‬ال َّزا ِه ُدو َن ِمن ُهم بِنَ ِعي ٍم َال يَن َق ِضي‪،‬‬‫ِفي ِسيرِ ِهم َو َكي َف َذ َهبوا َوان َقلَبوا ِإلَى ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص ب َِحس َر ٍة َال َتن َق ِط ُع‪.‬‬
‫َوأَه ُل ال ِحر ِ‬

‫َحق اللَّه ِ َت َعالَى‪َ .‬و َ‬


‫الع َم ُل‬ ‫‪ 1٩‬ــ ال َك َمالُ أَربَ َع ُة أَج َز ٍاء‪ :‬ال ِعل ُم‪َ ،‬وبِه ِ يُع َر ُف‬
‫الع َم ِل‪َ ،‬و ُه َو َتص ِف َي ُة َما‬
‫َو َ‬ ‫بِال ِعلمِ‪َ ،‬و ُه َو ال ِق َي ُام بِأَمرِ اللَّه ِ‪َ .‬وا ِإلخ َال ُص ِفي ال ِعلمِ‬

‫‪٩٢‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫الحو ِل َوال ُق َّو ِة‪َ ،‬و ُه َو االع ِت َم ُاد َعلَى اللَّه ِ‪ .‬فَ َمن َع َر َف َح َّق اللَّه ِ‪،‬‬
‫الب َراءَ ُة ِم َن َ‬‫للَّه‪َ .‬و َ‬
‫ِ ِ‬
‫الولِي‬ ‫المر َت َضى‪َ ،‬‬ ‫َوقَ َام بِأَمرِ اللَّه ِ‪َ ،‬و َصفَّى َما لِلَّه ِ‪َ ،‬واع َت َم َد َعلَى اللَّه ِ‪ ،‬فَ ُه َو ا ِإلن َسا ُن ُ‬
‫المج َت َبى‪.‬‬‫لِلَّه ِ ُ‬

‫يم‪ِ ،‬إ َذا َوقَ َع ِمن أَهلِه ِ َم َع أَهلِه ِ‬ ‫الس ِقيم‪َ ،‬ويُحيِي َّ ِ‬
‫الرم َ‬ ‫الس َما ُع يُش ِفي َّ َ‬ ‫‪ 11‬ــ َّ‬
‫المس َت ِم ِع ب َ‬
‫ِالح ِّظ‬ ‫الالئِ ِق بِه ِ‪َ .‬و ُه َو فِتنَةٌ َعلَى ُ‬ ‫ت ال َقابِ ِل لِ َذلِ َك‪َ ،‬و َ‬
‫الم َح ِّل َّ‬ ‫الوق ِ‬
‫في َ‬
‫ِ‬
‫الوجه ِ‪.‬‬
‫الم َس ِّم ِع َعلَى َه َذا َ‬
‫اله َوى‪َ ،‬و َعلَى ُ‬‫َو َ‬

‫ات ِ‬
‫اآلخ َر ِة ِمن أَم َري ِن‪:‬‬ ‫ِ‬
‫‪ 1١‬ــ َالبُ َّد لِإلِن َسا ِن في ُ‬
‫الو ُصو ِل ِإلَى َس َع َاد ِ‬
‫يب‬ ‫ث ال َّ ِذي يُ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ــ أَ َح ُد ُه َما‪ :‬ال ِه َدايَ ُة َوال َّتو ِف ُيق ِم َن اللَّه ِ‪َ ،‬و ُه َو ب َِمن ِزلَة ِ ال َغي ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫األَر َ‬
‫الحر ِ‬
‫ث‬ ‫السع ُي ِإلَى اللَّه ِ َعلَى ِمن َها ِج االس ِت َق َامة ِ‪َ ،‬و ُه َو ب َِمن ِزلَة ِ َ‬ ‫ــ َوالثَّانِي‪َّ :‬‬
‫المؤ ِذي‪،‬‬
‫البذ ِر َوال َّترب َِية ِ َوال ِحف ِظ‪َ ،‬و َتن ِح َي ُة ُ‬ ‫ض‪َ ،‬و َت َعه ِد َها ب َِما َتح َت ُ ِ ِ‬
‫اج ِإلَيه م َن َ‬ ‫لِل َر ِ‬
‫ِإلَى َغيرِ َذلِ َك‪.‬‬
‫السي ُل َعنَاءٌ َو َت َع ٌب ب َِال َح ِ‬
‫اص ٍل‪َ ،‬و ِإ َصابَ ُة‬ ‫ص َيب َها َّ‬‫ض ُدو َن أَن يُ ِ‬ ‫فَ َحر ُث األَر ِ‬
‫اعةٌ‪.‬‬‫ث إِ َض َ‬ ‫الحر ِ‬ ‫السي ِل ل َ َها َم َع َتر ِك َ‬
‫َّ‬
‫الح ِقي َق ُة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فَال َّتو ِف ُيق ِم َن اللَّه ِ َكال َغي ِ‬
‫ث‪ ،‬لَي َس لِل َعب ِد فيه ِ َمد َخ ٌل‪َ ،‬و َذلِ َك ُه َو َ‬
‫العب ِد‪َ ،‬و ُه َو‬
‫ض َو َت َعه ِد َها ِإلَى َ‬ ‫ث األَر ِ‬ ‫السعي َواالج ِت َه ُاد ال َّ ِذي ُهو ب َِمن ِزلَة ِ َحر ِ‬
‫َ‬ ‫َو َّ ُ‬
‫َكس ُب ُه‪َ ،‬و َعن ُه يُسأَلُ ‪َ ،‬و َعلَيه ِ يُج َزى‪َ ،‬و َذلِ َك ُه َو َّ‬
‫الشر َِيع ُة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫اب‪َ ،‬و ِ‬
‫اآلخ َر ُة‬ ‫البادِيَة ِ ال ُمخ ِوفَة ِ ال َكثِ َير ِة الس َّرا ِق َوال ُغ َّص ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 15‬ــ الدن َيا ب َِمن ِزلَة َ‬
‫ص َيبة ِ اآل ِمنَة ِ‪َ ،‬وا ِإلن َسا ُن َخ َر َج ِإلَى الدن َيا لِ َيأ ُخ َذ ِم َّما ِف َيها‬ ‫الم ِدينَة ِ ال َخ ِ‬ ‫ب َِمن ِزلَة ِ َ‬
‫مه لِْل ِخ َر ِة‪.‬‬
‫فَ ُي َق ِّد ُ‬
‫العاقِ ُل ُكلَّ َما َح َص َل ِفي يَ ِدهِ َشيءٌ ِمن أَم َت ِع َتهِا قَ َّد َم ُه أَ َم َام ُه؛ ل َ ُيح َف َظ َويَأ َم َن‬
‫فَ َ‬
‫َعلَيه ِ َوين َت ِف َع بِه ِ ِإ َذا َو َص َل ِإلَى م َح ِّل اس ِتقرا ِرهِ َو ُهو ِ‬
‫اآلخ َر ُة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب ِمن يَ ِدهِ‪،‬‬ ‫الجا ِه ُل يَح َتب ُِس َما َم َع ُه ِعن َد ُه بُخ ًال بِه ِ‪ ،‬فَ ِإ َّما أَن يَأ ُخ َذ ُه الغ َّص ُ‬
‫َو َ‬
‫البادِيَة ِ ال َّ ِتي َال قَ َر َار ل َ ُه ب َِها َعلَى‬ ‫ِ ِ‬ ‫َو ِه َي ِفي ال ِم َثا ِل آفَ ُ‬
‫ات الدن َيا‪َ ،‬و ِإ َّما أَن يُ َساف َر م َن َ‬
‫الم َح ِّل ال َّ ِذي ان َت َق َل َعن ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال َقهرِ ِمن ُه‪َ ،‬ويُ َكلَّ َف َتر َك َما َم َع ُه‪ ،‬فَ َيأ ُخذ ُُه َمن يَب َقى في َ‬
‫{ﮣ‬ ‫العاقِ ُل اللَّب ُ‬
‫ِيب‪ ،‬قَ َال اللَّ ُه َت َعالَى‪:‬‬ ‫َه َذا ِم َث ٌال َع ِج ٌ‬
‫يب‪ ،‬فَل َيف َهم ُه َ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ} [العنكبوت‪.]١1 :‬‬

‫يما ِن‬
‫ي ا ِإل َ‬ ‫المؤ ِم ِن َو ِإن َكا َن قَ ِو َّ‬
‫‪ 1٦‬ــ ال َخو ُف َال يَن َت ِفي َو َال يَذ َه ُب َع ِن ُ‬
‫الع َم ُل أَصلَ َح َكا َن ال َخو ُف أَع َظ َم‪.‬‬
‫يما ُن أَك َم َل َو َ‬ ‫َصالِ َح َ‬
‫الع َم ِل‪ ،‬بَل ُكلَّ َما َكا َن ا ِإل َ‬
‫ِم َثالُ َذلِ َك‪ :‬ا ِإلن َسا ُن يَ ُكو ُن َم َع ُه ال َّذ َه ُب َوال ِف َّض ُة ال َك ِث َير ُة َواألَق ِم َش ُة َ‬
‫الملِ َ‬
‫يح ُة‬
‫المالُ ال َّ ِذي يَ َت َو َّص ُل بِه ِ ِإلَى ال ِغنَى‬
‫ت ُمخ ِوف أَو بَح ٍر ُمغرِ ٍق‪ ،‬فَ َ‬
‫ٍ‬ ‫َو ُه َو ُم َس ِافر ِفي َخب ٍ‬
‫ٌ‬
‫ف َم َع ُه‪َ ،‬ول َ ِكنَّ ُه َال يُع َتد بِه ِ‪َ ،‬ويَش َتد َخوفُ ُه َعلَى فَوتِه ِ‪َ ،‬و َال يَ َخ ُاف َمن لَي َس‬ ‫الشر ِ‬
‫َو َّ َ‬
‫الما ِل ب َِمالِه ِ َويَن َت ِفي َعن ُه ال َخو ُف‬‫ور َصا ِح ِب َه َذا َ‬ ‫َم َع ُه َشيءٌ‪ ،‬ثُ َّم ِإنَّ ُه َال يَ ِتم ُس ُر ُ‬
‫الس َال َم َة‪.‬‬
‫البن َد َر َويَ َت َيق ََّن َّ‬ ‫ِ‬
‫َح َّتى يَص َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المخ ِو ُف‪،‬‬ ‫بت ُ‬ ‫المغر ُِق َوال َخ ُ‬‫البح ُر ُ‬ ‫فَاآلخ َر ُة ه َي بَن َد ُر األ َم ِن‪َ ،‬والدن َيا ه َي َ‬
‫يمانِ َّي ُة‬ ‫الم َس ِاف ُر ُه َو ا ِإلن َسا ُن‪َ ،‬والن ُق ُ‬
‫ود َواألَق ِم َش ُة ال َّ ِتي َت ُكو ُن َم َع ُه ِه َي َ‬
‫الم َعار ُِف ا ِإل َ‬ ‫َو ُ‬
‫‪1٤‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫ور ال َّ ِتي يَخ َشى ِمن َها ِفي َه َذا َّ‬


‫الس َفرِ َعلَى َه ِذهِ األَم ِت َعة ِ‬ ‫الصالِ َح ُة‪َ ،‬واأل ُ ُم ُ‬‫َواألَع َمالُ َّ‬
‫الصالِ َحة ِ‬ ‫ِيما ِن َواألَع َما ِل َّ‬ ‫ِض لِإل َ‬ ‫الشرِي َفة ِ ِه َي الش ُكو ُك َواآلفَ ُ‬
‫ات ال َّ ِتي َتعر ُ‬ ‫َّ‬
‫الع ِاف َي َة‪.‬‬
‫فَ ُتف ِس ُد َها‪ .‬نَسأَلُ اللَّ َه َ‬

‫‪ 11‬ــ َتذ َه ُب الدن َيا َشيئ ًا فَ َشيئ ًا‪َ ،‬ح َّتى َال يَب َقى ِمن َها َشيءٌ‪.‬‬

‫ور َوبَ َر َكةٌ َو ِإن َكا َن َغي َر فَ ِ‬


‫صي ٍح‪،‬‬ ‫الصد ِق نُ ٌ‬ ‫ص َو ِّ‬ ‫‪ 11‬ــ َك َال ُم أَه ِل ا ِإلخ َال ِ‬
‫صيح ًا‪.‬‬ ‫ف ظُل َمةٌ َو َوح َشةٌ َو ِإن َكا َن فَ ِ‬‫الريَ ِاء َوال َّت َكل ِ‬
‫َو َك َال ُم أَه ِل ِّ‬

‫ِين فِيه ِ‪.‬‬


‫الم َؤ ِّدب َ‬
‫ين َو ُ‬ ‫ص َيرة ٌ َته ِديه ِ ط ََال َت َع ُب ُ‬
‫الم َعلِّ ِم َ‬ ‫‪ 1٢‬ــ َمن لَم َت ُكن ل َ ُه بَ ِ‬

‫الح ِّق َوأَهلِه ِ اب َت َال ُه اللَّ ُه بِالذلِّ لِل َبا ِط ِل َوأَهلِه ِ‪ ،‬فَ َيج َت ِم ُع‬‫‪ ٢4‬ــ َمن َت َك َّب َر َعلَى َ‬
‫َعلَيه ِ ِعن َد َذلِ َك ُم ِ‬
‫ص َيب َتا ِن َو ُع ُقوبَ َتا ِن‪َ ،‬و َت ُفو ُت ُه َمن َق َب َتا ِن َو َمثُوبَ َتا ِن‪.‬‬

‫ات‪َ ،‬وال ُمنَافِ ُق‬


‫ات‪َ ،‬و َال يَ َت َج َّو ُز ِفي ال ِعب َاد ِ‬
‫َ‬ ‫المؤ ِم ُن يَ َت َج َّو ُز ِفي َ‬
‫الع َاد ِ‬ ‫‪ ٢٤‬ــ ُ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ات‪َ ،‬و َال يَ َت َج َّو ُز ِفي َ‬
‫الع َاد ِ‬ ‫يَ َت َج َّو ُز ِفي ال ِعب َاد ِ‬
‫َ‬

‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪ ٢٩‬ــ َمن لَم يَ َّتهِم نَف َس ُه في ُك ِّل وِرد َو َص َد ٍر َوقَ َع من َها في َ‬
‫الب َاليَا ال ُك َبرِ‪.‬‬

‫اله َوى َوالطَّب َِيعة ِ َو ُه َو يَ َّد ِعي أَنَّ ُه يَد ُعو ِإلَى ال ِّدي ِن‬
‫‪ ٢1‬ــ ُر َّب َدا ٍع ِإلَى َ‬
‫الشر َِيعة ِ‪.‬‬
‫َو َّ‬

‫‪1٩‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ ٢١‬ــ ال ِعل ُم َعلَي َك َح َّتى َتع َم َل بِه ِ‪ ،‬فَ ِإ َذا َع ِمل َت بِه ِ َكا َن ال ِعل ُم ل َ َك‪.‬‬

‫ت ال َخض َراءُ َو َال أَقَلَّت ال َغب َراءُ أَ َش َّد َح َماقَ ًة ِم َّمن يَعلَ ُم ُحس َن‬ ‫‪ ٢5‬ــ َما أَظَلَّ ِ‬
‫َشي ٍء َو ُه َو ل َ ُه َتا ِر ٌك َويَعلَ ُم قُب َح َشي ٍء َو ُه َو ل َ ُه فَا ِع ٌل‪.‬‬

‫‪ ٢٦‬ــ َدبِّر ثُ َّم اف َعل‪ ،‬فَكِّر ثُ َّم قُل‪.‬‬

‫اآلخ َر ِة َش َرف ًا أَ َّن ُك َّل أَ َح ٍد يُ ِحب أَن يُن َس َب ِإلَيهِم َو ِإن لَم‬‫‪ ٢1‬ــ َك َفى أَه َل ِ‬
‫يَ ُكن ِمن ُهم‪َ ،‬و َك َفى أَه َل الدن َيا َض َع ًة أَ َّن ُك َّل أَ َح ٍد يُك َر ُه أَن يُذ َك َر ِفي ُجملَ ِتهِم‪َ ،‬و ِإن‬
‫َكا َن ِمن أَ َكابِرِ ِهم‪.‬‬

‫البا ِطنَة ِ َوال َّظا ِه َر ِة أَن َتل َت ِم َس ِمن أَص َحاب َِك الدن َيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ٢1‬ــ من أَك َبرِ ال َك َبائرِ َ‬
‫َو ُهم يل َت ِم ُسو َن ِمن َك ِ‬
‫اآلخ َر َة‪.‬‬ ‫َ‬

‫يم ُة ا ِإلن َسا ِن ِعن َد أَه ِل الدن َيا‪َ :‬ما يَأ ُخذ ُُه ِمن ُهم‪.‬‬‫ِ‬
‫‪ ٢٢‬ــ ق َ‬

‫‪ ٤44‬ــ ِإ َذا أَ َرد َت أَن َتس َت ِش َير ِإن َسان ًا فَ َق ِّدر أَنَّ ُه يُ ِش ُير َعلَي َك ب ُِم َخال َ َفة ِ َما‬
‫ُت ِحب‪ ،‬فَ ِإن َرأَي َت امتِ َثال َ ُه‪َ ،‬و ِإ َّال فَ َدع‪.‬‬

‫ي ا ِإلن َسا ِن فَر ُع ِعل ِمه ِ َو َعقلِه ِ‪ ،‬فَ َال يَن َب ِغي أَن يَ َض َع ُه ِعن َد َمن َال‬
‫‪ ٤4٤‬ــ َرأ ُ‬
‫يَأ ُخ ُذ بِه ِ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مت احلكم احلدادية‬

‫‪ ٤4٩‬ــ َمن َسلَ َك َملَ َك‪َ ،‬و َمن َح َاد َهلَ َك‪.‬‬

‫‪ ٤41‬ــ َمن َح ِف َظ ال ُف َؤ َاد‪ُ ،‬ح ِف َظ ِم َن ال َف َسادِ‪.‬‬

‫الج َوائِ َح‪.‬‬


‫الج َوار َِح‪ ،‬أَ ِم َن َ‬
‫‪ ٤4١‬ــ َمن َح ِف َظ َ‬

‫العاقِ ُل أَن َال يَ ُكو َن ل َ ُه َع ُدو‪َ ،‬و َك َاد األَح َم ُق أَن َال يَ ُكو َن ل َ ُه‬
‫‪ ٤45‬ــ َك َاد َ‬
‫َص ِد ٌ‬
‫يق‪.‬‬

‫اح ُة األَر َوا ِح‪َ ،‬و ِفي أَس َفا ِر األَخطَا ِر َت َع ُب‬
‫‪ ٤4٦‬ــ ِفي أَس َفا ِر األَربَا ِح َر َ‬
‫ال َّظ َوا ِهرِ َواألَس َرا ِر‪َ .‬واللَّ ُه أَعلَ ُم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪1١‬‬
‫ترمجة العالمة حممد حياة السندي‬

‫ترمجة خمتصرة‬
‫للعالمة حممد حياة السندي‬
‫حامل لواء السنة بمدينة َسيِّ ِد اإلنس‬
‫هو الشيخ العالمة المح ِّدث الفهامة‪ُ ،‬‬
‫السندي(‪.)٤‬‬
‫والجنة‪ :‬محمد حياة بن إبراهيم ِّ‬
‫قال في شأنه تلمي ُذه العالم ُة أبو الحسن السندي الصغير‪> :‬هو عمدة‬
‫األعالم المح ِّدثين‪ ،‬وبقية النقاد والمسندين‪ ،‬عالِم المدينة في عصره‪ ،‬الممتاز‬
‫بالذب عن الخبر ونَصرِه‪ ،‬حميد الذات وفريد الصفات‪ ،‬نعمة اهلل المهداة<(‪.)٩‬‬
‫ِّ‬
‫وأثنى عليه القنوجي قائال‪> :‬كان من العلماء الربانيين‪ ،‬وعظماء‬
‫العلم بالعمل‪ ،‬وزان الحسن بالحلل‪ ،‬ش ّد حزامه على درس‬ ‫َ‬ ‫المح ِّدثين‪ ،‬قَ َرن‬
‫الحديث النبوي‪ ،‬وأفنى عمره في خدمة الكالم المصطفوي‪ ،‬وكان يعظ الناس‬
‫قبل صالة الصبح بالمسجد الشريف‪ ،‬وانتفع به خلق كثير من العرب والعجم‪،‬‬
‫وأقبل عليه أهل الحرمين ومصر والشام والروم والهند باالعتقاد واالنقياد<(‪.)1‬‬
‫ووصفه المرادي قائال‪> :‬كان ورعا متجردا منعزال عن الخلق إال في وقت قراءة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬للتوسع في ترجمته ينظر‪ :‬سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر محمد خليل بن علي‬
‫المرادي (ج ‪ /١‬ص‪ ،1١٦‬طبعة دار ابن حزم؛ اإلعالم بمن في تاريخ الهند من األعالم‬
‫للحسني (ص‪ )1٤5‬فهرس الفهارس للكتاني (ج‪ /٤‬ص ‪.)151‬‬
‫الجنة في عقيدة أهل السنة< (ص ‪ )٤1‬ونقل كثيرا من ثناء العلماء على‬
‫(‪ )٩‬نقله محقق كتاب > ُ‬
‫الشيخ محمد حياة فليراجع‪.‬‬
‫(‪ )1‬قاله القنوجي في >أبجد العلوم< (ج‪/1‬ص‪.)٤٦٢‬‬
‫‪15‬‬
‫ترمجة العالمة حممد حياة السندي‬

‫الدروس‪ ،‬مثابرا على أداء الجماعات في الصف األول من المسجد النبوي<(‪.)1‬‬


‫>عاش عيشة مرضية‪ ،‬ولقي اهلل سبحانه يوم األربعاء السادس والعشرين‬
‫من صفر سنة (‪٤٤٦1‬هـ) ودفن بالبقيع<(‪.)٩‬‬
‫أخذ العلوم عن الشيخ اإلمام العالم العامل العالمة المحقق المدقق النحرير‬
‫الفهامة أبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي السندي(‪ )1‬األصل والمولد‪،‬‬
‫الحنفي نزيل المدينة المنورة المتوفى سنة (‪ ٤٤11‬هـ) وهو صاحب الحواشي‬
‫الست على الكتب الست والحاشية على مسند اإلمام أحمد وغيرها(‪.)١‬‬
‫وأخذ علم الحديث خاصة وأمهات كتب السنة رواية ودراية عن الشيخ‬
‫الحافظ عبد اهلل بن سالم المكي بأسانيده المتصلة إلى أصحابها‪ ،‬وأجازه في‬
‫جميعها‪ ،‬وقد ذكرها العالمة محمد حياة السندي في رسالة على النحو التالي‪:‬‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪ ،‬وسنن أبي داود‪ ،‬والجامع الكبير للترمذي‪،‬‬
‫والسنن الصغرى للنسائي‪ ،‬وسنن ابن ماجة‪ ،‬ومسند الدارمي‪ ،‬وسنن‬
‫الدارقطني‪ ،‬ومسند اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬وموطأ اإلمام مالك‪ ،‬ومسند اإلمام‬
‫الشافعي‪ ،‬ومسند اإلمام أحمد‪ ،‬ومسند الطياليسي‪ ،‬ومعجم الصغير للطبراني‪،‬‬
‫ونوادر األصول للحكيم الترمذي‪ ،‬وسنن البيهقي ودالئل النبوة له أيضا‪،‬‬
‫وشرح معاني اآلثار للطحاوي‪ ،‬واألربعين النووية‪ ،‬والمصابيح للبغوي‪،‬‬
‫والجامع الكبير والصغير للجالل السيوطي‪ ،‬والحديث المسلسل(‪.)5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قاله في سلك الدرر (ج‪/١‬ص‪.)1١‬‬ ‫(‪)٤‬‬
‫قاله القنوجي في >أبجد العلوم< (ج‪/1‬ص‪.)٤٦٢‬‬ ‫(‪)٩‬‬
‫انظر ترجمته في سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر محمد خليل بن علي المرادي‬ ‫(‪)1‬‬
‫(ج ‪ /١‬ص‪ )٦٦‬دار ابن حزم ط‪٤١41 - 1‬هـ‪.‬‬
‫انظر اإلعالم بمن في تاريخ الهند من األعالم (ص‪.)1٤5‬‬ ‫(‪)١‬‬
‫والرسالة تقع ضمن مجموع بالمكتبة الوطنية بتونس رقم ‪1١1١‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪1٦‬‬
‫ترمجة العالمة حممد حياة السندي‬

‫ترك الشيخ محمد حياة السندي جملة من الكتب والرسائل النافعة‪ ،‬ذكر‬
‫بعضها صاحب >سلك الدرر< كشرح الترغيب والترهيب للحافظ المنذري‪،‬‬
‫وشرح األربعين النووية وقد طبع‪ ،‬وشرح الحكم الحدادية التي نقدم لها‪،‬‬
‫وشرح الحكم العطائية وقد حققته ونُ ِش َر نشرتان بفضل اهلل تعالى‪.‬‬
‫الجنَّة في عقيدة أهل السنة<‪ ،‬حققها د‪ .‬عبد القيوم‬
‫وله أيضا كتاب > ُ‬
‫السندي‪ ،‬نشرتها مكتبة األسدي سنة ‪٩44١‬م‪.‬‬
‫وله رسائل متعددة لطيفة وتحقيقات عجيبة منيفة‪ ،‬وقد ذكر أكثرها محقق‬
‫الجنَّة (ص ‪.)٩1 ،٩٩‬‬
‫كتاب ُ‬
‫* من وصاياه النفيسة ومواعظه البليغة‪:‬‬
‫تقدمت اإلشارة إلى أن العالمة محمد حياة السندي كان من أئمة‬
‫المسجد النبوي في المدينة المنورة‪ ،‬وقد كان يعقد فيه مجالس التعليم‪ ،‬ويظهر‬
‫من مؤلفاته قربه من عوام المسلمين ومحاولته تذليل العلوم الصعبة إلفهامهم‪،‬‬
‫وأيضا فقد كان واعظ ًا شديد العناية بصالح حال المؤمنين‪ ،‬ومن مواعظه‬
‫الجامعة لكل فضيلة قوله‪:‬‬
‫>ينبغي للنسان أن يتعلم أو ًل ما هيصح هح به اعتقاد هه‪ ،‬هثم يتعل هم ما يقد هر‬
‫به على تحصيل ما هيحب هه الل هه تعالى من العمال والحوال‪ ،‬واجتناب ما يكر هه هه‬
‫من الفعال‪ ،‬هثم يجتهد في إتيان المأ همورات وترك المنهيات‪ ،‬خالص ًا لوجه رب‬
‫المخلهوقات‪ ،‬و هيبالغ في التوبة والستغفار من جميع الخطيئات‪ ،‬ويرى نفس هه‬
‫أحقر المو هجودات‪ ،‬ويعلم أن مول هه همطلع عليه في جميع الحالت‪ ،‬ويذ هكر‬
‫الموت وما هيلقي عند هه من السكرات‪ ،‬والقبر وما فيه من الص هعوبات‪ ،‬وليتزود‬

‫‪11‬‬
‫ترمجة العالمة حممد حياة السندي‬

‫ل هه أحسن الحسنات‪ ،‬وي هذكر الن هشور من ال هق هبور وما هيلقي بعد هه من الهوال‬
‫ال همنكرات‪ ،‬ول ينسى الحساب وإعطاء الكتاب‪ ،‬و هرجحان الحسنات‬
‫الع هقوبات‪ ،‬وليتخذ هجن ًة من‬‫والسيئات‪ ،‬ول يغفل عن النار التي فيها أشد ه‬
‫أعمال الخير تقيه حرها وشرها بفضل خالق المصنهوعات‪ ،‬وليتشوق إلى الجنة‬
‫التي فيها ما تشتهيه الن هف هس وتلذ الع هي هن‪ ،‬ففيها فليتنافس ال همتناف هسون‪ ،‬ولمثلها‬
‫فليعمل العاملهون‪ ،‬وإليها فليشتاق ال همشتاقهون‪ .‬الل ههم نجنا من نقمتك‪ ،‬وأدخلنا‬
‫جنتك برحمتك‪ ،‬وصل وسلم على أشرف خلقك‪ .‬كتبه محمد حياة السندي‬
‫(‪)٤‬‬
‫المدني عفى اهلل عنه تعالى‬
‫* أمنوذج من خط الشيخ حممد حياة السندي‪:‬‬
‫عثرت ــ بفضل اهلل تعالى ــ على أنموذج من خط الشيخ محمد حياة‬
‫السندي بعد الرسالة التي تضمنت أسانيده في كتب الحديث النبوي‪ ،‬وتوجد‬
‫تلك الرسالة ضمن مجموع بالمكتبة الوطنية بتونس‪ ،‬برقم (‪ ،)1١1١‬ومكتوب‬
‫الشيخ السندي هو إجازة ألحد تالميذه ممن حضر عنده قراءة قطعة من صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬كتبها سنة وفاته رحمه اهلل تعالى‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪( )٤‬ورقة ‪/٤٤٦‬أ) ضمن مخطوط رقم ‪ 1١1١‬بدار الكتب الوطنية تونس‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ ن‬
‫رشح احل ِك ِم‬
‫َ دا دا‬
‫احلدا ِديـة‬

‫تأليف الشيخ العلَّامة‬


‫حممد حياة السندي املدني‬
‫(ت ‪3311‬هـ)‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫‪3‬‬
‫وصلى الل هه على سيدنا همحمد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫السالَ ُم َعلَى‬ ‫الصالَ ُة َو َّ‬ ‫الحم ُد هلل ِ ال َّ ِذي أَن َع َم َعلَينَا بِ ِن َع ٍم الَ ُتح َصى‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ‬
‫َحبِي ِبه ِ ال َّ ِذي َح َب ُاه َما الَ يُق َصى‪َ ،‬و َعلَى آلِه ِ َوأَص َحابِه ِ َوأُ َّم ِته ِ ال َّ ِذ َ‬
‫ين بَلَ ُغوا ب ِب َر َك ِته ِ‬
‫َ‬
‫األ َ َم َل األَق َصى‪.‬‬
‫السن ِدي ثُ َّم ال َم َدنِي‬
‫أَ َّما بَع ُد‪ ،‬فَ َي ُقولُ ال َف ِق ُير ِإلَى َربِّه ِ ال َق ِديرِ‪ُ ،‬م َح َّم ٌد َح َياة ِّ‬
‫َع َفى اهللُ َعن ُه‪َ :‬ه َذا قَد ٌر يَ ِس ٌير ِفي َح ِّل ِح َكمِ قُط ِب األ َ َوا ِن‪ ،‬فَرِي ِد األَق َرا ِن‪َ ،‬و ِحي ِد‬
‫الح َّدادِ‬ ‫ِ‬ ‫األَز َما ِن‪ِ ،‬ذي ال ِعلمِ َوال ِعرفَا ِن‪َّ ،‬‬
‫الجلِي ِل َعب ِد اهلل بِن َعلَ ِوي َ‬ ‫السيِّ ِد َ‬
‫ف‬ ‫اعل ِوي<‪َ ،‬ج َم َع اهلل َت َعالَى بَينَنَا َوبَينَ ُه م َع َج ِّدهِ ‪ِ 2‬في أَعلَى ُغر ِ‬ ‫>ب َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ال ِجنَا ِن‪.‬‬
‫العص ُفو ِر ِفي َجن ِب َم َقام ِ الص ُقو ِر‪ ،‬أَو َم َقام ِ‬ ‫َو َم َقا ِمي ِفي َجن ِب َم َقا ِمه ِ َك َم َقام ِ ُ‬
‫الثَّعلَ ِب ِفي َجن ِب َم َقام ِ األ َ َس ِد‪َ ،‬ولَم أَ ُكن أَه ً‬
‫ال لِ َح ِّل َكالَ ِمه ِ َ‬
‫العالِي‪ ،‬ل َ ِكنِّي َتطَفَّل ُت‬
‫َع َسى اهلل َت َعالَى أَن يَر ُزقَ ِني َشي ًئا ِم َّـما َر َزقَ ُه‪.‬‬

‫‪١٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫دا َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ن َ َ َ ِّ َ َ ْ ن َ َ ٌ ْ ن ْ َ ْ َ ن َ‬
‫ي‪،‬‬ ‫‪ 1‬ـ اخللق مع احلق ال َيلو أحد مِنهم أن يكون ِِف إِحدى ادلائ ِرت ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ دا ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ دا ْ َ َ‬ ‫دا‬
‫إِما ِِف دائ ِرة ِ الرْح ِة‪ ،‬أو ِِف دائ ِرة ِ احل ِكم ِة‪ .‬فمن َكن ايلوم ِِف دائ ِرة ِ الرْح ِة َكن‬
‫ضل‪َ ،‬و َم ْن ََك َن ايلَ ْو َم ِف َدائ َِرة ِ احل ِْك َم ِة ََك َن َغ ًدا ِف َدائ ِرة َِ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫الف‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ِر‬ ‫ئ‬‫ا‬ ‫د‬ ‫ِف‬ ‫ا‬
‫َ ً‬
‫د‬ ‫غ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬
‫العد ِل‪.‬‬

‫الح ِّق (مع الحق ل يخلهو‬


‫ات َ‬ ‫قَ َال ‪( :‬الخل هق) ال َّ ِذي ُه َو َم َظا ِه ُر ِص َف ِ‬
‫أحد من ههم أن ي هكون في إحدى الدائرتين‪ ،‬إما) أَن يَ ُكو َن (في دائرة الرحمة‪ ،‬أو)‬
‫أَن يَ ُكو َن (في دائرة الحكمة‪.‬‬
‫فمن كان اليوم) ال َّ ِذي ُه َو َوق ُت ظ ُُهو ِر َما َس َب َق ِفي األ َ َز ِل (في دائرة‬
‫الرحمة) بِأَن يُ َوف ِّ َق ُه اهللُ َت َعالَى ِفي بَا ِط ِنه ِ َوظَا ِهرِهِ ب َِتح ِ‬
‫صي ِل َما يُر ِضيه ِ َواح ِت َرا ِز َما‬
‫ين يَظ َه ُر َج َز ُاء األَع َما ِل (في دائرة الفضل)؛ ِإذ َما يُع ِطيه ِ‬ ‫يَك َر ُه ُه (كان غ ًدا) ِح َ‬
‫ِيم َعلَى َع َملِه ِ ب ُِم َج َّردِ فَضلِه ِ ُو ُجودِهِ‪ِ ،‬من َغيرِ أَن يَ ُكو َن ُمس َت ِحقًّا لِ َذلِ َك‬ ‫ال َكر ُ‬
‫ب َِع َملِه ِ(‪)٤‬؛ َو َهل َع َملُ ُه ِمن ُه(‪ )٩‬؟! أَو أَي َشي ٍء ُه َو َح َّتى يَ ُكو َن َس َب ًبا ِالس ِتح َقا ِق‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬قال العالمة إبراهيم اللقاني في شرحه الصغير على جوهرة التوحيد‪> :‬طاعات العبد وإن‬
‫كثرت ال تفي بشكر بعض ما أنعم اهلل به علي ه‪ ،‬بل وال بنعمة اإلقدار عليها والتوفيق‬
‫لها‪ ،‬فكيف يتصور استحقاقه عوض ًا عليها؟! ولو استحق العبد بشكره الواجب عوض ًا‬
‫الستحق الرب على ما يوليه من الثواب عوض ًا‪( .‬هداية المريد‪ ،‬ص ‪ ،٤14‬ط‪ ،٤‬دار‬
‫مكتبة المعارف)‬
‫(‪ )٩‬يعني أن أفعال العبد ليست صادرة منه على سبيل الخلق واالختراع من العدم إلى‬
‫الوجود‪ ،‬وإن كانت كسب ًا له بحيث تتعلق بها قدرته ويشعر من نفسه نوعا من االختيار‬
‫فيها‪ ،‬وهذا تفريع على وجوب انفراد اهلل تعالى بالخلق واالختراع لكل الممكنات بما‬
‫فيها أفعال العباد‪ ،‬فهو تعالى الخالق ألفعالنا الموجد لها من العدم إلى الوجود‪ ،‬خير ًا=‬

‫‪١٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫اب‪.‬‬ ‫اب؟! َو ِإنَّ َما ُه َو ِه َب ُة َ‬


‫الو َّه ِ‬ ‫الثَّ َو ِ‬
‫(ومن كان اليوم في دائرة الحكمة كان غ ًدا) يَو َم ال ِق َي َامة ِ (في دائرة‬
‫الع َصا َة َعد ٌل َولَي َس بِظُل ٍم؛ {ﰗ ﰘ‬ ‫العدل) فَ ِإ َّن ِع َق َ‬
‫اب اللَّه ِ ت َعالَى ُ‬
‫ﰙﰚ} [فصلت‪.]١٦ :‬‬
‫الرح َمة ِ‬‫ف َّ‬ ‫َو َحل َه َذا ال َم َقام ِ أَ َّن اللَّ َه َت َعالَى َكا َن مو ُصو ًفا ِفي األ َ َز ِل بِأَو َصا ِ‬
‫َ‬
‫ص َف ِ‬
‫ات النِّق َمة ِ َكال َقهرِ‬ ‫ف َوا ِإلح َسا ِن‪َ ،‬و َمو ُصو ًفا بِ ِ‬ ‫الرأفَة ِ َواللط ِ‬ ‫الجودِ َوال َك َرم ِ َو َّ‬
‫َك ُ‬
‫َوا ِإلضالَ ِل َواالن ِت َقام ِ‪ ،‬فَ َق َّس َم َخل َق ُه بِ ِإ َر َادتِه ِ قِس َمي ِن‪:‬‬
‫الرح َمة ِ ِفي األَغلَ ِب‪،‬‬ ‫ف َّ‬ ‫ــ فَ ِمن ُهم من قَ َس َم ل َ ُهم أَن ي ُكونُوا م َظا ِهر أَو َصا ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العد ِل‪.‬‬ ‫َو ِإن َكانُوا َال يَخلُو َن َع ِن ال ِحك َمة ِ َو َ‬
‫ات النِّق َمة ِ ال ُمش َت ِملَة ِ َعلَى‬ ‫ــ َو ِمن ُهم َمن قَ َس َم ل َ ُهم أَن يَ ُكونُوا َم َظا ِه َر ِص َف ِ‬
‫الرح َمة ِ َوال َفض ِل‪.‬‬ ‫ال ِحك َمة ِ ِفي األَغلَ ِب‪َ ،‬و ِإن َكانُوا الَ يَخلُو َن َع ِن َّ‬
‫ِ‬
‫الو ُجودِ‪ ،‬فَ َس َّه َل لِ ُكل َما قَ َس َم ل َ ُه‪ ،‬ثُ َّم ِإ َذا‬
‫الع َدم ِ ِإلَى فَ َضاء ُ‬ ‫ثُ َّم أَخ َر َج ُهم ِم َن َ‬
‫الرح َمة ِ ب ِ َفضلِه ِ ِفي آال َ ٍء ال َ ُتح َصى‪،‬‬ ‫أَو َر َد ُهم ِفي َمو ِردِ ال ِق َي َامة ِ َج َع َل أَه َل َدائِ َر ِة َّ‬
‫َو َج َع َل أَه َل َدائِ َرة ال ِحك َمة ِ ب َِعدلِه ِ ِفي بَالَيَا الَ ُتق َصى‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كانت أو شر ًا‪ ،‬فال يجب عليه إثابة أو عقاب‪ ،‬فإن أثابنا على فعل الخير بمحض فضله‪،‬‬ ‫=‬
‫وإن عذبنا على فعل الشر بمحض العدل‪ ،‬وعلى ذلك دلت البراهين العقلية واآليات‬
‫القرآنية‪ ،‬قال اإلمام محمد بن عرفة ‪ ‬في تفسير قوله تعالى‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ‬
‫ﯚ} [النمل‪> :]٤٢ :‬فيه دليل ألهل السنة على أن األفعال كلها َخل ٌق لِلَّه‪ ،‬وأنه‬
‫ال يَ ِج ُب على اهلل شيء‪ ،‬والثواب إنما هو تفض ٌل منه ورحمة‪( .‬تقييد السالوي‬
‫ص ‪ ،٩٦٩‬تحقيق د‪ .‬الزار ــ رسالة جامعية في كلية الشريعة وأصول الدين‪ ،‬تونس)‪.‬‬
‫‪١1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫فَ َمن َوفَّ َق ُه لِل َخي ِر فَالَ يَح َم ُد ِإ َّال ِإيَّ ُاه‪َ ،‬و َم ِن اب ُتلِي بِا َّلضيرِ فَالَ يَلُ َ‬
‫وم َّن إِ َّال‬
‫نَف َس ُه‪.‬‬

‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ْ ً َ ْ َ َ َ َ ْ َ ن ْ َ ِّ َ َ َ َ ْ‬
‫ال شيئا من أقام نفسه مِن رب ِه مقام عب ِده ِ مِن‬ ‫‪ 2‬ــ ما ترك مِن الكم ِ‬
‫َْ‬
‫نف ِس ِه‪.‬‬
‫الع ُبودِيَّة ِ (شي ًئا من أقام نفس هه من‬ ‫(ما ترك من الكمال) ال َّ ِذي يَن َب ِغي ِأل َه ِل ُ‬
‫ربه مقام عبده من نفسه) بِأَن يَعلَ َم أَنَّ ُه َك َما يُ ِحب ِمن َعب ِدهِ ــ ال َّ ِذي ُه َو إِن َسا ٌن‬
‫اض ِعه ِ َم َع ُه َوان ِك َسار ُِه ل َ َديه ِ‪َ ،‬ك َذلِ َك‬ ‫ِمثلُ ُه ــ َك َم َال ِإط َ‬
‫َاع ِته ِ َواتِّ َبا َع َمر َضاتِه ِ َو َغايَ َة َت َو ُ‬
‫ِ‬
‫يما يُ ِحب‬ ‫يم ِمن ُه َذلِ َك‪َ ،‬م َع أَنَّ ُه األ َ َذل َو َربَّ ُه األ َ َجل‪ ،‬فَ َيس َعى ف َ‬ ‫الع ِظ ُ‬
‫يُ ِحب اهلل ُ َ‬
‫َويَر َضى‪.‬‬
‫ِ‬
‫َو َك َما يَك َر ُه ِمن َعب ِدهِ ُمـ ُخال َ َف َـت ُه ف َ‬
‫يما يَأ ُم ُر ُه َويَن َه ُاه َو ُم َعانَ َد َة َمر َضاتِه ِ َو َت َكب َر ُه‬
‫َوأَنَانِيَّ َت ُه‪َ ،‬ك َذلِ َك اهللُ ال َق َّه ُار يَك َر ُه ِمن ُه َذلِ َك‪ ،‬فَ َيج َت ِه ُد فِي َتر ِك َما يَك َر ُه‪َ ،‬و َه َذا ُه َو‬
‫ا ِإلن َسا ُن ال َكا ِم ُل‪َ ،‬و َمن ِس َو ُاه الَ يُع َبأُ بِه ِ‪.‬‬
‫َاع ِته ِ‬ ‫اء أَع َظ َم َدلِي ٍل َعلَى َ‬
‫الح ِّث َعلَى ط َ‬ ‫العبِي َد َوا ِإل َم َ‬ ‫ُسب َحا َن َمن َج َع َل َ‬
‫ص َي ِته ِ‪َ ،‬و َما يَع َتب ُِر ِإ َّال أُولُوا األَل َب ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫َوال َّزجرِ َعن َمع ِ‬

‫دا ْ ن َ ْ ن‬ ‫َ ْ َْ نْ‬ ‫َ ن ن َ دا‬ ‫ن َن‬


‫ِري َوال اتلدانبِيه‬ ‫‪ 1‬ــ انلداائ نِم يوقظ‪َ ،‬والغاف ِل يذك نر‪َ ،‬ومن لم ُي ِد فِي ِه اتلذك‬
‫َ ن َ ِّ ٌ‬
‫فه َو ميت‪.‬‬
‫ِض َع ِن اهلل ِ َت َعالَى يُنَ َّب ُه َعلَى ِإع َر ِ‬
‫اضه ِ َويُ َق َّب ُح ل َ َديه ِ‪،‬‬ ‫(النائ هم هيوق هظ) أَ ِ‬
‫ي ال ُمعر ُ‬
‫‪١١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َويُ َحث َعلَى ا ِإلق َبا ِل ِإلَيه ِ َويُ َح َّس ُن بَي َن يَ َديه ِ‪.‬‬
‫َّب ِفي ِذكرِ اهلل ِ‬
‫(والغاف هل) َع ِن اللَّه ِ ( هيذك هر) َغفلَ َت ُه َويُ َبيَّ ُن ل َ ُه قُب ُح َها‪َ ،‬ويُ َرغ ُ‬
‫َت َعالَى َوال َّت َق ِّر ِب ِإلَيه ِ‪.‬‬

‫(ومن لم هيجد) لَم يَن َفع (فيه التذك هير ول التنب هيه ف ههو ميت) قَل ُب ُه‪ ،‬قَ َال اهللُ‬
‫َت َعالَى‪{ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [النمل‪ ،]14 :‬فَاالشتِ َغالُ بِ ِإي َقا ِظه ِ َعن َسنَ ِن إِع َر ِ‬
‫اضه ِ‬
‫َو َتذ ِكيرِهِ الَ طَائ ِ َل َتح َت ُه‪.‬‬

‫دا َ َ ْ َ ن َ ْ َ ن َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫‪ 4‬ــ إِنما تنفع الموعِظة من أقبل عليها بقلب ِ ِه‪{ ،‬ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ} [غافر‪.]٤1 :‬‬
‫(إنما تنف هع الموعظ هة من أقبل عليها بقلبه) ال َّ ِذي ُه َو َمو ِض ُع قَ ُبولِ َها‪،‬‬
‫اها‪.‬‬ ‫َّاها َتلَ ِّق ًيا َح َس ًنا فَ َح ِف َظ َها‪َ ،‬و َس َعى ِفي َ‬
‫الع َم ِل َعلَى ُمق َت َض َ‬ ‫َو َت َو َّج َه ِإلَيهِا بِلُبِّه ِ‪َ ،‬و َتلَق َ‬
‫({ﮬ ﮭ) ِعن َد َها أَو ب َِها (ﮮ ﮯ ﮰ}) يُرِي ُد الر ُجو َع ِإلَى َموال َ ُه‪،‬‬
‫ض َعن َها َولَم‬ ‫ص ُل ب َِها ِإلَى َربِّه ِ‪َ ،‬والَ َتن َف ُع َمن أَع َر َ‬
‫فَ ُيقب ُِل َعلَي َها َويَع َم ُل ب َِها ل َ َعلَّ ُه يَ ِ‬
‫ض طَيِّ َبةٍ‪َ ،‬وال َّثانِي َك َح َج ٍر َصل ٍد أَملَس َوقَ َع َعلَيه َِما َغي ٌث‪.‬‬ ‫يَل َت ِفت ِإلَي َها‪َ ،‬واأل َ َّولُ َكأَر ٍ‬

‫ِّ‬ ‫َ ْ ن َ َ َ‬ ‫ََْ َ ن ن َ نْ َ َ ْ ن‬
‫ِي بِسخ ِط َرب‬ ‫ي من ي ْر ِِض المخلوق‬ ‫‪ 5‬ـ كيف يكون مِن المؤ ِمن ِ‬
‫العالَم َ‬
‫ي؟!‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫ين ال َّ ِذ َ‬
‫ين َآمنُوا ب َِجالَ ِل اللَّه ِ َو َج َمالِه ِ‪،‬‬ ‫المؤمنين) ال َكا ِملِ َ‬
‫(كيف ي هكو هن من ه‬
‫‪١5‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ود ُهم َو َمح ُبوبَ ُهم‪ ،‬الَ يَر ُجو َن ِإ َّال َخي َر ُه‪َ ،‬والَ يَ َخافُو َن إِ َّال قَه َر ُه (من‬ ‫وه َمق ُص َ‬ ‫َو َج َعلُ ُ‬
‫ين ال َ يَملِ ُكو َن َض ًّرا َوالَ نَف ًعا‬ ‫هيرضي) بِأَق َوالِه ِ َوأَف َعالِه ِ َوأَح َوالِه ِ (المخلهوقين) ال َّ ِذ َ‬
‫ال َعن َغيرِ ِهم (بسخط رب العالمين) ال َّ ِذي َس َخط ُُه أَعلَى‬ ‫ِألَن ُف ِسهِم‪ ،‬فَض ً‬
‫اها‪َ ،‬و َمن َغ ِض َب َعلَيه ِ أَ َخ َذ ب َِرقَ َب ِته ِ‪َ ،‬وأَول َ َج ُه ِفي ُحف َر ِة نِق َم ِته ِ؟!‬
‫الم َصائِ ِب َوأَد َه َ‬‫َ‬
‫ض َغي َر ُه ب َِس َخ ِطه ِ‪ ،‬بَل أَر َض ُاه ب َِما يَر َض ُاه‪َ ،‬ولَم يُ َبا ِل‬ ‫فَلَو َكا َن ِمن ُهم لَم يُر ِ‬
‫ب َِس َخ ِط َمن َع َد ُاه َوالَ بِر َِضاه‪َ .‬و َمن يَ ُكو ُن َغي ُر ُه َح َّتى يُر َضى ب َِس َخ ِطه ِ؟! َوإِنَّ َما‬
‫يَف َع ُل َذلِ َك َمن َع ِم َي قَل ُب ُه‪.‬‬

‫َ َن َ َ َ ْ ََ َ ْ‬
‫‪ 6‬ــ العادة إِذا َرسخت نسخت‪.‬‬

‫العو ُد ِإلَى َشي ٍء َم َّر ًة بَع َد أُخ َرى‪َ ،‬س َواءٌ َكانَت ِفي ال َخيرِ أَو‬ ‫(العاد هة) َو ُه َو َ‬
‫يم ِن اع َت َاد َها (نسخت) أَ َزالَت َما َكا َن قَبلَ َها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِفي َّ‬
‫الضيرِ (إذا رسخت) ف َ‬
‫العك ُس‪َ ،‬و َم ِن اع َت َاد السنَّ َة نُ ِس َخت‬ ‫فَ َم ِن اع َت َاد ال َخي َر نُ ِس َخ َضي ُر ُه‪َ ،‬و َك َذا َ‬
‫الر ِّب ال َق ِديرِ نُ ِس َخ َتق ِ‬
‫ص ُير ُه‪،‬‬ ‫العك ُس‪َ ،‬و َم ِن اع َت َاد ال َّتش ِم َير ِفي ِع َب َاد ِة َّ‬ ‫البِد َع ُة‪َ ،‬و َك َذا َ‬
‫الرح َم ِن ب َِما يُ ِحب ُه َكي يُن َس َخ‬ ‫العك ُس‪ ،‬فَيَن َب ِغي لِإلِن َسا ِن أَن يَع َت َاد ال َّت َقر َب ِإلَى َّ‬ ‫َو َك َذا َ‬
‫البع َد َعن ُه ب َِما يَك َر ُه ُه لِ َئ َّال يُن َس َخ َت َقربُ ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بُع ُد ُه َعن ُه‪َ ،‬وال َ يَن َبغي ل َ ُه أَن يَع َت َاد ُ‬

‫َ َن ن َ َ نَْ نَْ ٌ‬
‫‪ 7‬ــ ال تدوم مع الُكف ِة ألفة‪.‬‬

‫ف لِإلِخ َوا ِن ب َِما يَث ُق ُل َعلَى ا ِإلن َسا ِن (أهلفة)‬


‫وم مع ال هكلفة) َم َع ال َّت َكل ِ‬
‫(ل ت هد ه‬

‫‪١٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ِيب‪ ،‬فَ َينب ِغي لِ ُكل أَن الَ يَ َت َكلَّ َف ِأل َ ِخيه ِ‬ ‫اش ُر بِ َذلِ َك‪ ،‬بَل َتن َق ِط ُع َعن قَر ٍ‬ ‫بَي َن َمن يُ َع ِ‬
‫َ‬
‫َما يَث ُق ُل َعلَيه ِ‪َ ،‬والَ يُرِي َد ِمن ُه َما يَع ُس ُر َعلَيه ِ‪.‬‬
‫وم األُل َف ُة َم َع اللَّـه ِ َوال َ األُن ُس ب ُِش ُهودِهِ َوال َّتلَذ ُذ‬ ‫ِ‬
‫يماءٌ ِإلَى أَنَّ ُه الَ َت ُد ُ‬ ‫َوفيه ِ ِإ َ‬
‫اعة ِ ِم َن ا ِإلن َسا ِن بِأَن َت َت َس َّه َل َعلَيه ِ َو َت ِ‬
‫ص َير أَل َ َّذ‬ ‫اب ُكل َفة ِ الطَّ َ‬ ‫بِال َّت َقر ِب ِإلَيه ِ ِإ َّال بَع َد َذ َه ِ‬
‫األُ ُمو ِر ِإلَيه ِ‪.‬‬

‫المال‪ ،‬ل َ ْم نُيَ ِّص ْل َ نَل ال ِغ ََن َكث ِ ن‬


‫ريهن‪.‬‬
‫َ ْ َْ َْ َ ْ َ ْن َ ْ َ َ ن َ‬
‫‪ 8‬ــ من لم يدفع عنه الفقر قلِيل‬
‫ِ‬
‫َْن‬ ‫َ‬ ‫ْ َنَ َ ْ َ ِ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َْ ََْ ْ َ‬
‫ريه ِ أبعد‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اع‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫االن‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬‫ه‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫يل‬
‫كذل ِك من لم ينت ِفع ب ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ق‬
‫اشه ِ ال َّ ِتي َتن َق ِضي بِأَدنَى‬ ‫ور ِة َم َع ِ‬
‫اج َت ُه ِإلَى َض ُر َ‬ ‫(من لم يدفع عن هه الفقر) َح َ‬
‫اشه ِ فِي لِب ِ‬
‫اسه ِ َو َمط َع ِمه ِ َو َمس َك ِنه ِ‬ ‫َشي ٍء َم َن الدنيا (قل هيل المال) َو ُه َو َما يَك ِفيه ِ لِ َم َع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اشه ِ ِكس َرة ٌ َت ُسد َجو َع َت ُه‪َ ،‬و َشربَ ٌة َتدفَ ُع‬ ‫َوأَ َد ِاء ُح ُقوقِه ِ‪َ ،‬وا ِإلن َسا ُن يَك ِفيه ِ في أَص ِل َم َع ِ‬
‫ِ‬
‫البردِ‪.‬‬ ‫َعط َش َت ُه‪َ ،‬و ِك َساءٌ يُ َوارِي َج َس َد ُه‪َ ،‬و َمس َك ٌن يُ ِكن ُه ِم َن َ‬
‫الح ِّر َو َ‬
‫اجاتِه ِ ال َّ ِتي َتأ َملُ َها نَف ُس ُه (كث هير هه) بَل ُكلَّ َما‬ ‫(لم هيحصل ل هه الغنى) َعن َح َ‬
‫يَكثُ ُر َمال ُ ُه َتكثُ ُر َآمال ُ ُه‪ ،‬فَال َ َتن َق ِضي‪ِ ،‬إلَى أَن يَأ ُخ َذ ال َمو ُت ب ُِعنُ ِقه ِ‪َ ،‬ويَ ُجر ُه ِإلَى‬
‫ُحف َرتِه ِ‪َ ،‬و ِحيد ًا َمسلُو ًبا َعن ُه َما َج َم َع ُه‪َ ،‬تا ِر ًكا ِإيَّ ُاه لِ َمن يَ َت َم َّت ُع بِ َك ِّدهِ‪َ ،‬و ُه َو َمأ ُخوذٌ بِه ِ‬
‫ِفي لَح ِدهِ‪.‬‬
‫َاع َة اهلل ِ َسب ُب ثَ َوابِه ِ‬
‫(كذلك من لم ينتفع بقليل العلم) َو ُه َو أَن يَعلَ َم أَ َّن ط َ‬
‫َ‬
‫ص َي َت ُه َس َب ُب ِع َقابِه ِ َو َغ َض ِبه ِ‪َ .‬واالن ِت َفا ُع بِه ِ‪ِ :‬إ َذا َعلِ َم َشي ًئا َم ِن‬‫َور َِض ُاه‪َ ،‬وأَ َّن َمع ِ‬
‫اعة ِ فَ َعلَ ُه ل َ ُه َت َعالَى‪َ ،‬و ِإ َذا َعلِ َم َشي ًئا ِم َن ال َمع ِ‬
‫ص َية ِ َت َر َك ُه ل َ ُه‪.‬‬ ‫الطَّ َ‬
‫‪١1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(ف ههو من النتفاع بكثيره أبع هد) بَل ُه َو َك َمثَ ِل ال ِح َما ِر يَح ِم ُل أَس َفار ًا‪َ ،‬و ِإن‬
‫صيلِه ِ أَس َفار ًا‪َ ،‬والَ يَز َد ُاد ِم َن اهلل ِ إِ َّال طَرد ًا‪َ ،‬والَ ِفي ِع َقابِه ِ إِ َّال‬ ‫قَطَ َع ِفي َتح ِ‬
‫ِإصرار ًا‪َ ،‬ولَوالَ ِحل ُم ُه َعن ُه ل َ َقلَب ُه ِخنزِير ًا أَو ِح َمار ًا‪ ،‬نَ ُعو ُذ بِاهلل ِ ال َغفَّا ِر ِم ِن ازدِيادِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طُغ َيانِنَا َو ِعص َيانِنَا َم َع َكث َر ِة ُعلُو ِمنَا‪.‬‬

‫َ َ َْ ن ن َْ َ‬ ‫ْ ََْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ ن َْ َ‬
‫خي ِه ما ال يدخل َتت‬
‫ار‪ :‬م ِن استقبح مِن أ ِ‬
‫ازع األقد ِ‬
‫‪ 9‬ــ من ِ‬
‫ْ َ‬
‫ار‪.‬‬
‫االخت ِ ِ‬
‫ي‬
‫ات َعلَى َوف ِق َها‬ ‫ور ِ‬ ‫( همناز هع القدار) ال َّ ِتي قَ َّد َر َها ال َق َّه ُار‪َ ،‬وأَ َر َاد َج َريَا َن ال َمق ُد َ‬
‫الج َّب ُار (من استقبح من أخيه) ِفي ا ِإلسالَم ِ (ما ل يد هخ هل تحت الختيار)‬ ‫َ‬
‫االح ِت َرا ُز َعن ُه‪ ،‬بِأَن الَ يَق ِد َر َعلَى فَ ِّك نَف ِسه ِ َعن ُه‪.‬‬
‫َاع ًة أَو َما يُ َت َو َّص ُل بِه ِ ِإلَي َها‪،‬‬
‫َو َما يَل َتب ُِس بِه ِ ا ِإلن َسا ُن ال َ يَخلُو إِ َّما أَن يَ ُكو َن ط َ‬
‫َاع ًة َوال َ َمع ِ‬
‫ص َي ًة َوال َ َما‬ ‫ص َي ًة أَو َما يُ َت َو َّص ُل بِه ِ ِإلَي َها‪ ،‬أَو ال َ يَ ُكو ُن ط َ‬ ‫أَو يَ ُكو َن َمع ِ‬
‫يُ َت َو َّص ُل بِه ِ ِإلَيه َِما‪.‬‬
‫اعة ِ َو َما يُ َت َو َّص ُل بِه ِ ِإلَي َها‪َ ،‬و ِفع ُل ال َمع ِ‬
‫ص َية ِ َو َما يُ َت َو َّص ُل بِه ِ‬ ‫اح َتر ِك الطَّ َ‬ ‫فَاستِق َب ُ‬
‫وب َشر ًعا‪َ ،‬ولَي َس ِفيه ِ ُمنَا َز َع ُة األَق َدا ِر؛ ِأل َ َّن ال َّ ِذي قَ َّد َر َها ُه َو ال َّ ِذي أَ َم َر‬ ‫ِإلَي َها َمطلُ ٌ‬
‫بِاستِق َبا ِح َه ِذهِ األ ُ ُمور‪.‬‬
‫اح َما ِس َوى َذلِ َك ُمنَا َز َع ٌة ل َ َها؛ ِإذ ال َ يَ ُكو ُن األَم ُر ِإ َّال َعلَى طِب ِق َها‪،‬‬ ‫َواستِق َب ُ‬
‫َول َم يَأ ُمر َمن قَ َّد َر َها بِاس ِتق َبا ِح َذلِ َك‪.‬‬
‫الح ِكيمِ ال َق َّها ِر‪.‬‬
‫ض َعلَى َ‬ ‫ض لِالع ِت َرا ِ‬ ‫َو َمن نَا َز َع األَق َد َار َت َع َّر َ‬
‫‪١1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ََْ َ َ ن‬ ‫ْ َ ن ََ‬ ‫ََن‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫ِّ َ‬


‫ِتاض لَع اهللِ‪َ ،‬ويبَق معه‬ ‫الرَض بِالقضاءِ ينت ِِف معه االع ِ‬ ‫‪ 11‬ــ‬
‫َ ن دا ْ ن ن ْ ن‬ ‫دا َ َ َ ْ َ َ ْ ن ْ َ‬
‫الطل نب ل ِما ينب ِِغ أن يطل َب‪َ ،‬واله َرب مِما مِنه يه َرب‪.‬‬

‫العلِيمِ ال َّ ِذي أَ َم َر بِ ِع َب َادتِه ِ َونَ َهى َعن‬


‫الح ِكيمِ َ‬‫الصادِ ِر ِم َن َ‬
‫(الرضى بالقضاء) َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اض على الل) الَّذي يَ َت َص َّر ُف في ُملكه ِ َكي َف يَ َشاءُ‬ ‫ص َي ِته ِ (ينتفي مع هه العتر ه‬ ‫َمع ِ‬
‫اب؟!‬ ‫ِض َعلَى َر ِّب األَربَ ِ‬ ‫بِ ِحك َم ِته ِ‪َ ،‬وأَنَّى لِلت َر ِ‬
‫اب أَن يَع َتر َ‬
‫(ويبقى مع هه الطل هب لما ينبغي أن هيطلب) َو ُه َو َما يُ َق ِّر ُب ِإلَيه ِ‪ ،‬فَ َمن َح َّص َل‬
‫َذلِ َك فَل َيح َم َد َّن َموالَ ُه َعلَى َما أَوالَ ُه‪( ،‬والهر هب مما من هه هيهر هب) َو ُه َو َما يُب ِع ُد َعن ُه‪.‬‬
‫ِ‬
‫صيلُ ُه َوفع ِل َما يَن َب ِغي َتر ُك ُه فَال َ يَلُ َ‬
‫وم َّن ِإ َّال‬ ‫فَ َم ِن اب ُتلِي ب َِتر ِك َما يَنب ِغي َتح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫البالِ َغ ُة‪ ،‬فَلَو‬ ‫نَف َس ُه‪َ ،‬والَ يَ َّت ِخذ قَ َضاءَ اهلل ِ َت َعالَى ُح َّج ًة ِفي َذلِ َك‪ ،‬بَل هلل ُ‬
‫الح َّج ُة َ‬
‫اء ل َ َه َدا ُهم أَج َم ِع َ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َش َ‬

‫ُّ ْ َ َ ْ ن َ ن َ دا َ ن َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ن َ ْ‬
‫ري أو ينجو بِها مِن‬ ‫‪ 11‬ــ ادلنيا المحمودة‪ِِ :‬ه ال ِِت ي ِصل بِها إَِل ف ِع ِل خ ٍ‬
‫َْ َ ن َ ن ن‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ ن َ َ َ‬ ‫ْ َ ر َ ُّ ْ َ ن َ َ ن َ دا‬
‫وب‬
‫ور و ِِف رك ِ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫أ‬‫م‬ ‫كِ‬‫ر‬ ‫ت‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ب‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫ال‬ ‫ِت‬
‫ف ِع ِل رش‪ .‬وادلنيا المباحة‪ِِ :‬ه ال ِ‬
‫َ دا َ َ ن َ َ َ َ‬ ‫ُّ دا‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ ْ َ َ ْ ن َ ن َ َ َ‬ ‫َْن‬
‫ِه ال ِِت يقع بِسببها ِِف‬ ‫اب َوالسن ِة‪ِ :‬‬ ‫ان الكِت ِ‬ ‫ور‪ .‬وادلنيا المذمومة لَع ل ِس ِ‬ ‫حم ٍ‬
‫ظ‬
‫ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت ْركِ طاع ٍة أ ْو ف ِع ِل مع ِصي ٍة‪.‬‬
‫الصالِ ُح لِ َّلر ُج ِل‬ ‫(الدنيا المح همود هة) بِنَح ِو قَولِه ِ ‪> :2‬نِع َم ال َمالُ َّ‬
‫الصالِ ِح<(‪( )٤‬هي التي يص هل بها) ا ِإلن َسا ُن (إلى فعل خير) َك ِإخ َرا ِج ال َّز َكا ِة َو ِإ َيت ِاء‬
‫َّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أخرجه ابن حبان في صحيحه‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب جمع المال من حله وما يتعلق بذلك‪،‬‬
‫ذكر اإلباحة للرجل الذي يجمع المال من حله إذا قام بحقوقه‪.‬‬
‫‪١٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫الح ِّج َواألَوقَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َدقَ ِ‬


‫ف‪( ،‬أو ين هجو بها من فعل‬ ‫ات َو ِإن َفا ِق ال َما ِل في َسبِي ِل اللَّه ِ َو َ‬ ‫َّ‬
‫ص ِم َن‬ ‫ِالباطِ ِل‪َ ،‬و َكال َّت َخل ِ‬ ‫سب َ‬ ‫الس ِرقَة ِ َوال َغص ِب َوالنَّه ِب َوأَخ ِذ أَم َوا ِل النَّا ِ‬ ‫شر) َك َّ‬
‫ال ُكفَّا ِر ب َِها‪.‬‬
‫(والدنيا ال همباح هة) ب ِنَح ِو قَولِه ِ َت َعالَى‪{ :‬ﭳ ﭴ} [البقرة‪( ]٤11 :‬هي‬
‫ات ال َمالِ َّية ِ أَ ِو الب َدنِ َّية ِ َوال ُم َركَّبة ِ‬
‫التي ل يق هع بسببها في ترك مأ همور) ِم َن ال ِعب َاد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫ف َوال َّتب ِذيرِ َو َصر ِ‬ ‫ِمن ُه َما‪( ،‬و) الَ ي َق ُع ب َِسبب َِها (في هر هكوب محظهور) َكا ِإلسرا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫ال َما ِل في ال َم َعاصي‪ ،‬بِأَن يَ َت َم َّت َع ب َِما أَ َح َّل اهللُ من َغيرِ أَن يَ َق َع بِه ِ في َتر ِك َما فَ َر َ‬
‫اهلل ُ أَو ِفع ِل َما َح َّر َم ُه‪.‬‬
‫{ﮝ ﮞ‬ ‫(والدنيا المذ هموم هة على لسان الكتاب) َك َقولِه ِ َت َعالَى‪:‬‬
‫ﮟ ﮠ} [التغابن‪( ،]٤5 :‬والسنة) َك َقولِه ِ ‪> :2‬الدن َيا َمل ُعونَةٌ‬
‫َمل ُعو ٌن َما ِف َيها‪ِ ،‬إ َّال ِذك ُر اهلل ِ َو َما َواال َ ُه<(‪( )٤‬هي التي يق هع بسببها في ترك طاعة‬
‫أو فعل معصية‪).‬‬
‫ومةٍ لِ َذات ِ َها‪ ،‬بَل‬ ‫اص ُل أَ َّن الدنيا لَي َست ب َِمح ُم َ ٍ ِ‬
‫ودة لِ َذات َها‪َ ،‬والَ َمذ ُم َ‬ ‫َ‬ ‫الح ِ‬ ‫َو َ‬
‫ودة ٌ‪َ ،‬ونِع َم َعو ُن ال َمر ِء ال ُمسلِمِ‬‫ِي َمح ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َما َت َس َّب َبت ل َ ُه؛ فَ ِإن َت َس َّب َبت لِ َ‬
‫لح َسنَات فَه َ‬
‫العو ُن‬
‫ِي َمذ ُمومةٌ‪َ ،‬وب ِئ َس َ‬ ‫اشه ِ‪َ .‬وإِن َت َس َّببت لِ َّ ِ‬ ‫ِهي َعلَى دِي ِنه ِ َوأَمرِ َم َع ِ‬
‫لسيِّ َئات فَه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومةٍ‪ ،‬بَل ِه َي‬ ‫ِهي‪ .‬وإِن َخلَت َع ِن ال َّتسب ِب ل َ ُهمَـا فَلَيست ب ِمح ُم َ ٍ‬
‫ودة َوالَ َمذ ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫احةٌ‪.‬‬ ‫ُم َب َ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬حديث حسن أخرجه ابن ماجه في سننه‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب مثل الدنيا‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ْن ْ َ ْ ََْ ن‬ ‫دا ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬


‫ي‪َ ،‬ومِنهم من ُيتاج‬ ‫اإلشارة ِ ع ِن اتلعيِ ِ‬ ‫اس من يكت ِِف ب ِ ِ‬ ‫‪ 12‬ـ م َِن انلدا ِ‬
‫ْ ن‬ ‫دا‬ ‫ْن ْ َ ْ َ نْ‬ ‫َ َ ِّ ْ َ ِّ‬ ‫َ دا ْ‬
‫ي‪َ ،‬ومِنهم من ال ُي ِدي فِي ِه إِال اتلداعنِيف‬ ‫ِ‬ ‫الل‬‫و‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ف‬‫الر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫يح‬
‫إَِل اتل ِ ِ‬
‫ْص‬
‫َ دا ْ ن َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ن َ َ دا َ‬
‫ِي‪.‬‬‫واتلخ ِشي‪ .‬ومن لم ينت ِفع بِذا وال بِذاك فهو مِن الشياط ِ‬
‫َ‬ ‫َن َ َََْ ََْ ٌ‬
‫َول ِهؤالءِ األربع ِة أمثال م َِن ابلَهائ ِِم‪:‬‬
‫َ َ َ ن َ دا َ َ ن دا دا ن َ دا َ َ ْ َ ْ َ ْ ن ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫ْضبها‪.‬‬‫جمها أو ت ِ‬ ‫ـ فمثل األو ِل مثل ادلاب ِة المذلل ِة‪ ،‬تستغ ِِن أن تل ِ‬
‫ون دا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ن دا َ َ ن دا دا دا َ ْ َ‬
‫الْض ِب‪.‬‬ ‫ام‪ ،‬د‬‫اخلط ِ‬ ‫ـ ومثل اثل ِاِن مثل ادلاب ِة ال ِِت تكت ِِف ب ِ‬
‫دا ْ َ دا ْ‬ ‫َ َ ن دا دا دا َ َ ْ َ ن دا‬ ‫َ َ ن دا‬
‫الزج ِر‪.‬‬ ‫يم إِال بِالْض ِب و‬ ‫ـ َومثل اثلال ِِث مثل ادلاب ِة ال ِِت ال تست ِق‬
‫َ َ َ ن دا َ َ ن دا دا ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ن ن ً‬
‫ـ ومثل الراب ِ ِع مثل ادلاب ِة إِن خطمتها أو َضبتها ازدادت نفورا‪.‬‬

‫المرادِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(من الناس) ال َّ ِذ َ‬


‫ين ُهم ُمخ َتلِ ُفو َن في ال َفهمِ (من يكتفي) في فَهمِ ُ َ‬
‫(باإلشارة) ِإلَيه ِ؛ لِ َجو َد ِة فَه ِمه ِ َو َذ َكائِه ِ (عن التعيين) بِال ُم َرادِ‪.‬‬

‫ف فَه ِمه ِ (إلى التصريح) ب ِال ُم َرا ِد لِ َيف َه َم ُه‪( ،‬مع‬ ‫اج) لِ َضع ِ‬ ‫(ومن ههم من يحت ه‬
‫وج ُب لِإلِق َبا ِل يُ ِع ُ‬
‫ين‬ ‫الرفق واللين) َم َع ُه ِفي ال َّتعلِيمِ لِ ُيقب َِل ِإلَى َما يُ َعلَّ ُم‪َ .‬و ِّ‬
‫الرف ُق ال ُم ِ‬
‫اب فَه ِمه ِ‪ ،‬قَ َال اهلل ُ‬ ‫ض َت ُسد بَ َ‬ ‫َعلَى فَهمِ ال ُم َرادِ‪َ ،‬وال ِغل َظ ُة ال ُم ِ‬
‫وج َب ُة لِل َّتنَفرِ َوا ِإلع َرا ِ‬
‫َت َعالَى لِ َحبِي ِبه ِ ‪{ :2‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ}‬
‫[آل عمران‪.]٤5٢ :‬‬
‫(ومن ههم من ل هيجدي) الَ يُ َؤثِّ ُر (فيه)؛ لِ ِقلَّة ِ فَه ِمه ِ َوقَس َو ِة قَل ِبه ِ َو ِغل َظة ِ طَب ِعه ِ‬
‫ين ب ِ َذلِ َك قَل ُب ُه َو ُت َؤثِّ َر ِفيه ِ ال َمو ِع َظ ُة؛ ِأل َ َّن‬
‫ين) لِ َيلِ َ‬
‫(إل التعن هيف) ال َّتغلِي ُظ (والتخش ه‬
‫‪5٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ِالح ِدي ِد َويُ َفت بِالنَّا ِر‪ ،‬قَ َ‬


‫ال اهلل ُ َت َعالَى‪{ :‬ﮁﮂ ﮃﮄ‬ ‫ال َح َج َر يُ َك َّس ُر ب َ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ} [التحريم‪.]٢ :‬‬
‫ف َوال َّتخ ِشي ِن‪َ ،‬والَ يَرِق َح َج ُر‬ ‫(ومن لم ينتفع بذا) ال َمذ ُكو ِر ِم َن ال َّتع ِني ِ‬
‫الرف ِق َوالل ِّي ِن‪َ ،‬والَ يَن َج ِذ ُب‬
‫قَل ِبه ِ بِ ِغل َظ ِتهِمَـا‪( ،‬ول) يَن َت ِف ُع (بذاك) ال ُم َت َق ِّدم ِ ِم َن ِّ‬
‫ين الَ يُ َؤثِّ ُر ِفيهِم َشيءٌ‪.‬‬ ‫بِه َِمـا ِإلَى ال َخيرِ‪( ،‬ف ههو من الشياطين) ال َّ ِذ َ‬
‫(وله هؤلء الربعة أمثال من البهائم‪ ،‬فمث هل الول) ال َّ ِذي يَك ِفيه ِ ِفي فَهمِ‬
‫السي ِر ِإلَى َربِّه ِ ا ِإل َش َار ُة (مث هل الدابة ال همذللة) ال َّ ِتي ُذلِّلَت لِ َّ‬
‫لسيرِ‬ ‫ال ُم َرادِ َو َّ‬
‫(تستغني) لِ َت َذللِ َها َعن (أن هتلجمها) بِلِ َجامٍ‪( ،‬أو تضربها) بِنَح ِو َسو ٍط‪ ،‬بَل‬
‫َتس َتفرِ ُغ ُوس َع َها ِفي َسير َِها لِ َت َذللِ َها َونَ َجابَ ِت َها‪.‬‬
‫اللِّي ِن (مث هل الدابة التي‬ ‫اج ِإلَى ال َّتصرِي ِح َم َع‬ ‫(ومث هل الثاني) ال َّ ِذي يَح َت ُ‬
‫َونَ َجابَ ِت َها ِمن َوجهٍ ُدو َن‬ ‫تكتفي) ِفي َسير َِها (بالخطام هدون الضرب) لِ َت َذللِ َها‬
‫اج ِإلَى نَو ِع ِعالَ ٍج َم َع َها‪.‬‬‫َوجهٍ‪َ ،‬و َمن َم َع َها يَح َت ُ‬
‫يم)‬‫اج ِإلَى ال َّتخ ِشي ِن (مث هل الدابة التي ل تستق ه‬ ‫(ومث هل الثالث) ال َّ ِذي يَح َت ُ‬
‫ِالي ِد (والزجر) بِالل َِّسا ِن لِ َع َدم ِ َت َذللِ َها َو ِغل َظة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َمن َم َع َها في َسير َِها (إل بالضرب) ب َ‬
‫اج إِلَى ِعالَ ٍج قَ ِوي‪.‬‬ ‫طَب ِع َها‪َ ،‬و َمن َم َع َها يَح َت ُ‬
‫ِ‬
‫(ومث هل الرابع) ال َّ ِذي الَ يُج ِدي فيه ِ َه َذا َوالَ َه َذا (مث هل الدابة) َ‬
‫الج ُمو ِح‬
‫الخ َصا ِل‪( ،‬إن خطمتها) بِالخطَام ِ (أو ضربتها) بِاألَس َوا ِط (ازدادت‬ ‫ال َخب َِيثة ِ ِ‬
‫اح ُب َها َم َع َها ِفي َت َع ٍب ِمن‬
‫نه هفور ًا) َوال َ َتن َق ُاد لِرا ِكب َِها أَو َسائِ ِق َها أَو قَائِ ِد َها أَب ًدا‪َ ،‬و َص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َغي ِر فَائِ َد ٍة‪.‬‬
‫‪5٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ْ ْ َ َ ْ َ ن َ ن ّ ً َ ْ ن ْ ن دا َ ْ ْ َ ْ َ ْ ن ْ ن ْ َ ً‬
‫‪ 11‬ــ إِن ِشئت أن تكون حرا فاترك ُك أم ٍر إِن لم تِتكه اختِيارا‬
‫ً‬ ‫َ َْن ْ‬
‫ت َركته اض ِط َرارا‪.‬‬

‫صا لِل َغفَّا ِر‪( ،‬فات هرك هكل‬ ‫(إن شئت أن ت هكون هح ًّرا) ِمن رِقِّ اآلثَا ِر‪َ ،‬خالِ ً‬
‫أمر) ِم َّـما الَ يُ َق ِّربُ َك ِإلَى َموالَ َك (إن لم تت هرك هه اختيار ًا تركت هه اضطرار ًا) َو ِه َي‬
‫ور الدن َيا َوأَص َحابُ َها َول َ َّذا ُت َها َو َش َه َوا ُت َها‪ ،‬فَ ِإ َّن ال ُمش َت ِغ َل ب َِها َعب ٌد لِ َما َه َو ُاه‪،‬‬
‫أُ ُم ُ‬
‫لِـمن أَعطَ ُاه َما‬‫ِض َعن َموال َ ُه‪َ .‬و َتا ِر ُك َها اخ ِت َيا ًرا َجانِ ًبا َعن َها ِإلَى َربِّ َها َعب ٌد َ‬ ‫ُمعر ٌ‬
‫الع ُبودِيَّة ِ ل َ ُه‪َ ،‬والذل ُكل ُه ِفي ُ‬
‫الع ُبودِيَّة ِ لِ َغيرِهِ‪.‬‬ ‫أَعطَ ُاه‪َ ،‬وال ِعز ُكل ُه ِفي ُ‬

‫ْ‬ ‫َ َ َ دا ن َ ن ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫‪ 14‬ــ َما نعر َف َق ْد نر دا ْ‬


‫الَّشءِ ب ِ ِمث ِل ِضده ِ‪َ ،‬وال تسَّل المصاب ب ِ ِمث ِل ذِك ِره ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ن َ ْ ن َ‬
‫من أ ِصيب ب ِ ِمث ِل م ِصيبت ِ ِه‪.‬‬

‫(ما هعرف قد هر الشيء بمثل ضده) الَ يَعر ُِف قَد َر ال ُقر ِب ِم َن َّ‬
‫الر ِّب إِ َّال َمن‬
‫ض‪َ ،‬وال َ‬ ‫الص َّحة ِ ِإ َّال َم ِن اب ُتلِ َي بِال َم َر ِ‬‫بَ ُع َد بَع َد أَن َذ َاق ل َ َّذ َت ُه‪َ ،‬والَ يَعر ُِف قَد َر ِّ‬
‫يَعر ُِف قَد َر ال ِغنَى إِ َّال َم ِن اب ُتلِي بِال َفقرِ‪َ ،‬و َهلُ َّم َج ًّرا‪َ .‬و َك ِث ًيرا َما يُ َع ِّر ُف اهللُ َعبِي َد ُه‬
‫قَد َر نِ َع ِمه ِ ب َِسلب َِها َواالب ِتال َ ِء بِأَض َدادِ َها‪.‬‬
‫ص َيبةٍ َما (بمثل ذكره من أهصيب بمثل همصيبته)‬ ‫اب) ب ُِم ِ‬‫المص ه‬ ‫(ول تسلى ه‬
‫ص َيب َة ِإ َذا َع َّمت َهانَت‪َ ،‬و ِإ َذا اخ َت َّصت ثَ ُقلَت‪.‬‬ ‫ِأل َ َّن ال ُم ِ‬

‫َن َْن‬ ‫ْ‬ ‫َ نن‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ن َ ُّ َ ِّ َ ْ ن ن‬


‫وق إِخ َوان ِ ِه فه َو عبد‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ن‬ ‫وق‬
‫‪ 15‬ــ من شغله حق رب ِه عن ح ِ‬
‫ق‬

‫‪51‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َن‬ ‫ِّ ِّ َ ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬


‫ام ِِبَ ِّق نف ِس ِه ع ِن ال ِقي ِ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ َن َ ن‬
‫ام ِِبَق َرب ِه َوحق إِخ َوان ِ ِه فه َو‬ ‫احلْضة ِ‪ .‬ومن شغله ال ِقي‬
‫ِّ‬ ‫نن‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ام ِبن نقوق إ ْخ َ‬ ‫َ ن‬ ‫َ ْ ن دا ْ َ َ َ ْ َ َ َ ن‬
‫وق َرب ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ق‬ ‫ِب‬ ‫ِ‬
‫ام‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫لَع‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ي‬‫ق‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫عبد الشهوة ِ‪ .‬ومن شغل‬
‫ْ‬ ‫َ ن َ َ ْ ن ِّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ن َ ن َ ِّ َ ِّ َ ن ن‬ ‫َْ‬ ‫َ نن‬
‫وق إِخ َوان ِ ِه‬
‫وق نف ِس ِه فهو عبد الرياس ِة‪ .‬ومن شغله ال ِقيام ِِبق رب ِه وح ِ‬
‫ق‬ ‫وحق ِ‬
‫َ‬ ‫َنَ َ‬ ‫َ نن َْ‬ ‫َ‬
‫ح نب ِو َراث ٍة‪.‬‬
‫وق نف ِس ِه فهو صا ِ‬ ‫ع ِن ال ِقي ِ‬
‫ام ِِبق ِ‬
‫(من شغل هه حق ربه) ِالس ِتغ َراقِه ِ ِفي ُش ُهودِ ِه (عن هح هقوق نفسه و هح هقوق‬
‫إخوانه) لِ َع َدم ِ ُش ُهودِهِ إِيَّا ُهم لِ َفنَائِه ِ ِفي َحبِي ِبه ِ (ف ههو عب هد الحضرة) ان َغ َم َس ِفي‬
‫الحالَة ِ ِفي‬ ‫المع ِرفَة ِ َح َّتى لَم يب َق ِفيه ِ لِ َغي ِرهِ َت َعالَى فِيه ِ ب ِق َّي ٌة‪ ،‬و ُهو معذ ِ‬
‫ُور في َه ِذهِ َ‬
‫َ َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وب الل ِّب َع َّما ِسوى معر ِ‬
‫وفه ِ‪.‬‬ ‫صيرِهِ ِفي ُح ُقو ِق نَف ِسه ِ َو ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ لِ َكونِه ِ َمسلُ َ‬ ‫َتق ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫الهائِ َمة ِ‬
‫ات َ‬ ‫الش َه َو ِ‬ ‫(ومن شغل هه القي هام بحق نفسه) ال َمجبولَة ِ َعلَى اللَّ َّذ ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫ُ‬
‫ات (عن القيام بحق ربه وحق إخوانه ف ههو عب هد الشهوة) َويَص ُد ُق‬ ‫ِفي أَودِيَة ِ ال َه َف َو ِ‬
‫َعلَيه ِ قَول ُ ُه َت َعالَى‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [الجاثية‪َ ،]٩1 :‬وقَول ُ ُه َت َعالَى‪:‬‬
‫{ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ} [الفرقان‪.]١١ :‬‬
‫(ومن شغل هه القي هام ب هح هقوق إخوانه على القيام ب هح هقوق ربه و هح هقوق نفسه‬
‫اس ٌر‬ ‫اسة ِ ِ‬
‫اآلخ َر ِة‪ ،‬بَل ُه َو َخ ِ‬ ‫ف ههو عب هد الرياسة) الدن َياوِيَّة ِ‪َ ،‬ولَي َس ل َ ُه َشيءٌ ِمن رِيَ َ‬
‫ِفي َصف َق ِته ِ‪َ ،‬عابِ ٌد لِنَف ِسه ِ‪.‬‬
‫(ومن شغل هه القي هام بحق ربه و هح هقوق إخوانه عن القيام ب هح هقوق نفسه ف ههو‬
‫ب وراثة) نَ َب ِويَّةٍ يَص ُد ُق َعلَيه ِ قَول ُ ُه َت َعالَى‪{ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬ ‫صاح ه‬
‫ِالح ُقو ِق ُكل َِّها َولَم يُش ِغل ُه بَع ُض َها َعن‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ} [الحشر‪َ ،]٢ :‬و َمن قَ َام ب ُ‬
‫ض فَ ُه َو ال َكا ِم ُل‪.‬‬‫بَع ٍ‬
‫‪5١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ََ ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ ً َ ْ َ ْ ن ن ُّ ْ َ ن‬
‫ادلنيا َوـه َو مِن َت ِصيلِها لَع َوـه ٍم‪َ ،‬وم َِن‬ ‫‪ 16‬ـ عجبا ل ِمن يطلب‬
‫َْ ََ َ‬ ‫ْ َ ِ َ َ دا َ ن ْ َ َ َ َ ر َ ْ َ ْ َ َ ن‬
‫اخل ن‬
‫ي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫لَع‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ِن‬
‫م‬ ‫وج‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫االنتِفاع بِما حصله مِنها لَع شك‪ ،‬ومِن ترك ِها و‬
‫وضةٍ‬ ‫اج بَ ُع َ‬ ‫َع ِجب ُت (عج ًبا لمن يطله هب الدنيا) ال َّ ِتي ال َ َتع ِدلُ ِعن َد بَا ِرئِ َها َجنَ َ‬
‫الب َق ِاء‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َول َم يَنظُر ِإلَي َها ُمن ُذ َخلَ َق َها‪َ ،‬وه َي َسر َِيع ُة ال َّز َوال‪ ،‬قَر َِيب ُة ال َفنَاء‪ ،‬قَليلَ ُة َ‬
‫الل َو ِاء‪( ،‬و ههو من تحصيلها على وهم) يُح َت َم ُل أَن يُ َح ِّصلَ َها‬ ‫البالَ ِء َو َّ‬ ‫مـملُ ِ‬
‫وءة ٌ م َن َ‬ ‫َ َ‬
‫َويُح َت َم ُل أَن الَ‪( ،‬ومن النتفاع بما حصل هه منها على شك) يُح َت َم ُل أَن يَن َت ِف َع بِه ِ‬
‫َويُح َت َم ُل أَن ال َ‪.‬‬
‫ص َج َم َع ِم َن الدن َيا َما يَأ َملُ ُه َولَم يَن َت ِفع بِه ِ؟! َوالَ يَن َت ِف ُع‬ ‫َو َكم ِمن َشخ ٍ‬
‫صي ِل ال َما ِل َويَ َت َم َّت ُع بِه ِ‬ ‫ا ِإلن َسا ُن ِإ َّال ب َِما قُ ِّد َر ل َ ُه‪َ .‬و َكم ِمن ِإن َسا ٍن يَك َد ُح ِفي َتح ِ‬
‫َغي ُر ُه؟!‬
‫اآلخ َر َة َو ُه َو ِفي َكونِ َها َخي ٌر َوأَب َقى‪َ ،‬وأَنَّ ُه الَ يَن َف ُع ُه‬
‫َو َع َج ًبا لِمن ال َ يطلُ ُب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات ُمؤ ِم ًنا ــ‬ ‫ِف َيها إِ َّال َما قَ َّد َم َعلَى يَ ِقي ٍن‪َ ،‬و ِم َن االن ِت َفا ِع ب َِما َع ِم َل ل َ َها ِف َيها ــ ِإن َم َ‬
‫َعلَى َجزمٍ‪.‬‬
‫(ومن تركها) أَ ِي الدنيَا (وال هخ هروج منها على يقين) ِإذ ُكل يَ َت َيق َُّن أَنَّ ُه ال َ‬
‫ت‪ .‬ل َ ِكنَّ َها ب َِز َخار ِِف َها أَع َمت بَ َصائِ َر ُع َّشاقِ َها‪ ،‬فَال َ‬ ‫يَخلُ ُد ِف َيها‪ ،‬بَل الَبُ َّد ل َ ُه ِم َن ال َمو ِ‬
‫اها‪َ ،‬والَ يَه َتمو َن ِإ َّال ل َ َها‪َ ،‬والَ يُسر ُِعو َن ِإ َّال ِإلَي َها‪.‬‬ ‫يَطلُ ُبو َن ِإ َّال ِإيَّ َ‬

‫َ ْ َ َ دا َ َ َ َ َ َ ْ َ ن َ َ ْ َ َ َ‬
‫ي الغنائ ِِم‪.‬‬ ‫حيل بينه وب‬ ‫‪ 17‬ــ من تعود الغرائ ِم ِ‬

‫(من تعود الغرائم) أَ ِي اع َت َاد اآلثَ َام (حيل بين هه وبين الغنائم) ِم َن اللَّ َذائِ ِذ‬
‫‪55‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ات‬‫الص َم َدان ِ َّية ِ َوال َم ُثوبَ ِ‬ ‫الرح َمانِ َّية ِ َو َ‬


‫العطَايَا َّ‬ ‫الربَّانِيَّة ِ َوال َف َضائِ ِل َّ‬
‫ف َّ‬ ‫وحانِ َّية ِ َوال َم َعا ِر ِ‬‫الر َ‬
‫األُخ َراوِيَّة ِ‪َ ،‬واب ُتلِ َي بِأَ َش ِّد الن ِّ َقمِ بَع َد ِحر َمانِه ِ ِمن أَ َج ِّل الن ِّ َعمِ‪ ،‬فَا َّلس ِف ُيه َمن َض َّي َع‬
‫ال ُد َّر َة بِال َّذ َّر ِة‪.‬‬

‫َ َ َ ْ َ َ ْ ن َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ دا َ َ ْ َ ن َ ن ن َ‬
‫جيبها‬‫‪ 18‬ــ إِذا دعتك نفسك إَِل شهو ٍة وشغلتك‪ ،‬فإِياك أن تقول‪ :‬أ ِ‬
‫ن َ ن َ ْ َ دا َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِِف ـه ِذه ِ‪َ ،‬وأف ِّرغ القل َب؛ فإِنك إِن أجبتها إ ِ ْيلها دعتك إَِل أعظم مِنها‪.‬‬

‫َّار ُة ال َغ َّد َار ُة (إلى شهوة)‬ ‫الش َه َو ِ‬


‫ات ال َمك َ‬ ‫(إذا دعتك نف هسك) ال َمج ُبول َ ُة َعلَى َّ‬
‫صيلِ َها‪( ،‬فإياك أن ت هقول) ِفي َض ِميرِ َك‪( :‬أهج هيبها في‬ ‫ِمن َش َه َوات ِ َها (وشغلتك) لِ َتح ِ‬
‫الشه َو ِة (وأهفر هغ القلب) ال َّ ِذي َش َغلَت ُه ب َِشه َوت ِ َها َو َحالَت بَينَ ُه َوبَي َن َت َوج ِهه ِ ِإلَى‬ ‫هذه) َّ‬
‫َربِّه ِ ِمن ُم َطال َ َبتِ َها؛ فَ ِإنَّ ُه ال َ يَف ُر ُغ ِإ َّال بَع َد َها‪.‬‬

‫(فإنك إن أجبتها إليها) َوأَر َخي َت عنَانَ َها ِف َيها (دعتك إلى أعظم منها) َوال َ‬
‫َت َزالُ َتف َع ُل ب َِك َذلِ َك َح َّتى ُتوبِ َق َك ِفي ُح َفرِ ل َ َذائِ ِذ َها‪َ ،‬و ُتغرِقَ َك ِفي َوبَا ِل َه َف َوات ِ َها‪.‬‬
‫أَالَ َس ِمع َت قَول َ ُه ‪َ > :2‬من َر َعى َحو َل ال ِح َمى يُ ِ‬
‫وش ُك أَن يَ َق َع‬
‫ِفيه ِ<(‪ )٤‬؟!‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب فضل من استبرأ لدينه‪ ،‬بلفظ‪> :‬الحالل‬
‫بين‪ ،‬والحرام بين‪ ،‬وبينهما مشبهات ال يعلمها كثير من الناس‪ ،‬فمن اتقى المشبهات استبرأ‬
‫لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه‪ ،‬أال وإن‬
‫لكل ملك حمى‪ ،‬أال إن حمى اهلل في أرضه محارمه‪ ،‬أال وإن في الجسد مضغة‪ :‬إذا‬
‫صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كله‪ ،‬أال وهي القلب<‪.‬‬
‫‪5٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َو َكم قَ َتلَت َه ِذهِ ال َغ َّد َار ُة ب ِ ِمث ِل ِحيلَ ِت َها َه ِذهِ‪ ،‬فَ ِإيَّا َك َو ِإيَّ َ‬
‫اها َكي الَ ُتتلِ َف َك‬
‫بِ َد َوا ِه َيها‪.‬‬

‫ن َ َ َ َ ِّ َ َ ن‬ ‫َ دا َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْنن َْن َ َ َ‬


‫ُيد‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫احل‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ام‬ ‫ع‬‫م‬ ‫ِف‬ ‫د‬
‫ِ ِ‬ ‫ُي‬ ‫َّت‬ ‫ح‬ ‫ان‬
‫‪ 19‬ــ ال يبلغ العبد ح ِقيق ِ ِ‬
‫يم‬ ‫اإل‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ دا دا َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ن دا َ‬
‫ات ِِف شهوات ِِهم مِن الَّلة ِ واحلالوة ِ‪.‬‬
‫أـهل الشهو ِ‬
‫ِذي ال َم َرات ِ ِب ال َك ِث َير ِة (حتى يجد في‬ ‫(ل يبله هغ العب هد حقيقة اإليمان)‬
‫وحانِ َّية ِ َواألَذ َوا ِق ال َقلب َِّية ِ (ما‬
‫اللَّ َذائِ ِذ الر َ‬ ‫اع ِته ِ َوال َّت َقر ِب ِإلَيه ِ ِم َن‬
‫همعاملة الحق) بِطَ َ‬
‫يج هد أه هل الشهوات في شهواتهم من اللذة والحلوة‪).‬‬
‫اصلَ ُة‬‫الح ِ‬‫وحانِ َّي ُة َ‬
‫البلُو ِغ ِإلَى َح ِقي َق ِته ِ‪َ ،‬و ِإ َّال فَاللَّ َذائِ ُذ الر َ‬ ‫ِ‬
‫َو َه َذا أَقَل َم َرات ِب ُ‬
‫ِألَه ِل ال ُم َع َاملَة ِ ال َكا ِملَة ِ َم َع اهلل ِ َت َعالَى أَعلَى َوأَ َجل َوأَك َم ُل َوأَبلَ ُغ‪ ،‬ال َ يَعرِفُ َها ِإ َّال‬
‫َمن َذاقَ َها‪ ،‬لَو َذاقَ َها ال َمح ُجوبُو َن ل َ َت َق َاتلُوا َعلَي َها‪.‬‬

‫دا ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫ِّ ِّ َ َ ُّ َ َ ن َ‬ ‫َْ‬ ‫َن َن‬


‫ان الِّس أقل مِن المؤون ِة ِِف َتو ِف إِفشائ ِ ِه مِمن‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِت‬ ‫ك‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫‪ 21‬ــ المؤون‬
‫نْ ن ن َ َْ‬
‫تطلِعه علي ِه‪.‬‬
‫(الم هؤون هة) َت َحم ُل ال َم َش َّقة ِ (في كتمان السر) ال َّ ِذي يَن ِز ُع ال َقل ُب ِإلَى‬
‫ِيح إِ َّال بَع َد ِإظ َها ِرهِ‪( ،‬أقل من الم هؤونة) ال َكائِنَة ِ (في تخوف‬ ‫اجه ِ َوال َ يَس َتر ُ‬
‫ِإخ َر ِ‬
‫إفشائه ممن هتطل هع هه عليه) فَالَ ُتطلِع َعلَى ِس ِّر َك ُك َّل أَ َح ٍد‪.‬‬
‫ص أَطلَ َع َغي َر ُه َعلَى ِس ِّرهِ ثُ َّم َص َار َس َب ًبا لِ َهالَ ِكه ِ أَو َخ َس َارتِه ِ أَو‬ ‫َو َكم ِمن َشخ ٍ‬
‫نَ َد َام ِته ِ ِح َ‬
‫ين الَ َتن َف ُع ُه النَّ َد َام ُة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ ُّ َ‬ ‫دا ن َ َ ن َ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬


‫الرج ِل‪ :‬ثناؤ نه لَع أق َران ِ ِه‪َ .‬وأدل د ِيل ٍل‬ ‫ال عق ِل‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫لَع‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫يل‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫‪ 21‬ــ أدل‬
‫ََ‬ ‫دا ْ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ ْ َ ُّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ ن‬
‫يم‪َ .‬وأدل د ِيل ٍل لَع‬ ‫حق فِي ِه اتلق ِد‬ ‫ري ِِف موط ٍِن يست ِ‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫أ‬‫ضاهن باتلدا‬ ‫ر‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫اض‬ ‫لَع تو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ن نَ َ‬ ‫ْ َ‬
‫احلق‪.‬‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ِف‬ ‫ق‬
‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫اخل‬ ‫اط‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫س‬ ‫إ‬
‫ِِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫اال‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫‪:‬‬‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫إِخال‬
‫(أدل دليل على كمال عقل الر هجل ثنا هؤ هه) ِمن َغي ِر أَن يَ ُكو َن ُم َرائِ ًيا ِفيه ِ‬
‫اب‬‫وه ِفي َعصرِهِ أَو إِقلِي ِمه ِ أَو بَلَ ِدهِ‪َ ،‬و ُجب َِل أَربَ ُ‬ ‫اح ُب ُ‬
‫ين َص َ‬ ‫(على أقرانه) ال َّ ِذ َ‬
‫اضهِم َو ِإف َش ِاء َم َساوِيهِم َو ِكت َما ِن‬
‫الع َد َاو ِة بَينَ ُهم َوال َّت َكلمِ ِفي أَع َر ِ‬
‫س َعلَى َ‬ ‫الن ُفو ِ‬
‫ِين لِ َقرِي ِنه ِ‪.‬‬ ‫َم َح ِ‬
‫اس ِن ِهمِ‪َ ،‬وقَلَّ َما يَسلَ ُم قَر ٌ‬
‫فَ َمن أَثنَى َعلَيهِم ُعلِ َم أَنَّ ُه َعاقِ ٌل أَد َر َك َح َقائِ َق األ ُ ُمو ِر َعلَى َما ِه َي َعلَيه ِ‪،‬‬
‫اء‪َ ،‬وقَد َم َّن َعلَيه ِ َحي ُث أَعطَى فَضلَ ُه‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َو َت َيق ََّن أَ َّن ال َفض َل ب َِيد اهلل يُؤتيه ِ َمن يَ َش ُ‬
‫وه ِفي قَرنِه ِ‪َ ،‬واأل َ ُخ َّ‬
‫الصادِ ُق يَف َر ُح ب ِ َفض ِل أَ ِخيه ِ‪.‬‬ ‫اح ُب ُ‬ ‫ِإخ َوانَ ُه ال َّ ِذ َ‬
‫ين َص َ‬
‫اضعه) لِلَّـه ِ َت َعالَى (رضا هه بالتأخير) ِمن َغي ِر َت َصن ٍع‪،‬‬ ‫(وأدل دليل على تو ه‬
‫بَل ِألَج ِل أَنَّ ُه يَ َرى نَف َس ُه أَح َقر ِمن َغيرِهِ (في موطن يستحق فيه التقديم)‬
‫س ال ِع َظام ِ َو َم َجا ِم ِع ال َخل ِق‪َ ،‬والَ يَ َتأَ َّتى َه َذا ِإ َّال ِم َّمن َعلِ َم أَ َّن‬ ‫َكال َم َح ِاف ِل َوال َم َجالِ ِ‬
‫نَف َس ُه أَح َق ُر األَش َي ِاء‪َ ،‬وأَ َّن َغي َر ُه أَ َعز َوأَ َجل‪.‬‬
‫(وأدل دليل على إخلصه) ِفي ُع ُبودِيَّ ِته ِ لِ َربِّه ِ (عد هم ال همبالة بإسخاط‬
‫الخلق في جنب الحق) َوأَي َشي ٍء يَ ُكو ُن َغي ُر ُه َت َعالَى َح َّتى يُس َخ َط ِأل َجلِه ِ؟!‬
‫َو ِإنَّ َما يَف َع ُل َذلِ َك َمن َع ِم َي قَل ُب ُه َو َذ َه َب َعقلُ ُه َو َجه َِل َربَّ ُه‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ ن ن ُّ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ ن ن َ ن ُّ َ‬ ‫ُّ ْ َ َ ْ َ‬
‫اجلاه ِ‪ .‬فمن‬ ‫ال‪ .‬واآلخر‪ :‬حب‬ ‫ان‪ :‬أحدـهما‪ :‬حب ال ِ‬
‫م‬ ‫‪ 22‬ــ ادلنيا شيئ ِ‬
‫َ ن َ َ َن ن‬ ‫َ َ َ َ ن َ ِّ ٌ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اجلاه ِ فه َو م َرا ٍء‪.‬‬ ‫ال دون‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ِف‬
‫ال واجلاه ِ فهو ِصديق‪ .‬ومن زـه ِ‬
‫ِد‬ ‫زـهِد ِِف الم ِ‬
‫َ َ َ َ دا َ َ َ ن َ َ ٌ َ َ ْ َ َ دا َ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫اجلاهَ َكن أصغ نر‬ ‫َومن زـهِد ِِف اجلاه ِ وأحب المال فهو َل ِيم‪ .‬ومن أحب المال و‬
‫َ نَ‬ ‫نن َ‬
‫ح ْرمانهما‪.‬‬
‫عقوبت ِ ِه ِ‬

‫اس َع ِن اللَّه ِ َت َعالَى َو َحالَت بَينَ ُهم َوبَي َن‬ ‫ُمع َظ ُم (الدنيا) ال َّ ِتي َش َغلَ ِ‬
‫ت النَّ َ‬
‫ات (شيئان) الَ ثَالِ َث ل َ ُه َـما ِمثلُ ُه َما‪:‬‬ ‫الجنَّ ِ‬ ‫َعالِي ال َّدر َج ِ ِ‬
‫ات في َ‬ ‫َ‬
‫ــ (أح هد ههما‪ :‬هحب المال) ال َّ ِذي ُجب َِل ا ِإلن َسا ُن َعلَى ُحبِّه ِ‪َ ،‬والَ يَش َب ُع ِمن ُه‪،‬‬
‫س يَز َد ُاد ِحر ُص ُهم بِزِيَ َاد ِة أَم َوالِهِم‪َ ،‬و ُه َو‬
‫ِإ َّال ِإن َر ِح َم ُه َموال َ ُه‪ ،‬بَل َك ِث ٌير ِم َن النَّا ِ‬
‫أَكثَ ُر ِفي الت َّجا ِر‪.‬‬
‫س‪َ ،‬و ُه َو أَك َث ُر ُه فِي ال ُخلَ َف ِاء َواألُ َم َر ِاء‬
‫ــ (واآلخ هر‪ :‬هحب الجاه) ِعن َد النَّا ِ‬
‫اب ال َمنَ ِ‬
‫اص ِب َوالد َو ِل‪.‬‬ ‫َوال ُملُو ِك َوأَربَ ِ‬
‫يما ِعن َد اللَّه ِ َت َعالَى َو َت َقر ًبا ِإلَيه ِ (ف ههو‬ ‫ِ‬
‫(فمن زهد في المال والجاه) َرغ َب ًة ف َ‬
‫صديق) َو ُه َو َمن َص َفى ظَا ِه ُر ُه َوبَا ِطنُ ُه َعن َغيرِ اللَّه ِ َت َعالَى َو َت َع َّم َرا بِه ِ‪.‬‬
‫(ومن زهد في المال هدون الجاه ف ههو همراء) َحي ُث َز ِه َد ِفي ال َما ِل لِ َجل ِب‬
‫ص َير َذا َجا ٍه ِعن َد ُهم لِ ُزه ِدهِ فِيه ِ‪َ ،‬و َه َذا َحالُ أَك َث ِر ال ُم َت َز ِّه َد ِة‬ ‫س ِإلَيه ِ‪َ ،‬ويَ ِ‬ ‫وب النَّا ِ‬ ‫قُلُ ِ‬
‫َوال ُم َت َص ِّوفَة ِ‪َ ،‬و َه ُؤال َ ِء أَخ َب ُث ِم َن األ َ َرا ِذ ِل‪.‬‬

‫(ومن زهد في الجاه وأحب المال ف ههو لئيم) َو َه َذا َحالُ َعبِي ِد ال َّد َرا ِهمِ‬
‫َوال َّدنَانِيرِ َوأَمثَالِه َِما ال َّ ِذ َ‬
‫ين يَ ُمو ُتو َن َعلَى َجم ِع َها‪ ،‬فَ ِإن أُعطُوا ِمن َها َر ُضوا‪َ ،‬و ِإ َذا لَم‬

‫‪5٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ين قَ َال ِفيهِم ‪َ > :2‬ت ِع َس َعب ُد‬


‫يُعطُوا ِمن َها ِإ َذا ُهم يَس َخطُو َن‪َ ،‬و ُه ُم ال َّ ِذ َ‬
‫ال ِّدر َهمِ َوال ِّدينَا ِر<(‪.)٤‬‬
‫انهما) فَالَ يَن َت ِف ُع ب َِمـالِه ِ‬
‫(ومن أحب المال والجاه كان أصغ هر هع هقوبته حرم ه‬
‫قربُ ُه ِإلَى َموال َ ُه‪َ ،‬وال َ يَب َقى َجا ُه ُه إِن َح َّصلَ ُه‪ ،‬بَل َعن قَر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِيب‬ ‫ــ ِإن َح َّصلَ ُه ــ ف َ‬
‫يما يُ ِّ‬
‫يَ ُزولُ ‪.‬‬

‫َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اِض ثالث‪:‬‬ ‫‪ 21‬ــ األر ِ‬
‫دا‬ ‫دا‬ ‫َ‬ ‫ن ْ َ َ َََ َ َ ن َ‬ ‫َْ ٌ َ ن َ ْ َََْ‬
‫اس اَّلِي‬ ‫ت العشب والُكأ‪ ،‬ومثلها مِن انل ِ‬ ‫ـ أرض إِذا س ِقيت أنبت ِ‬
‫ْ َ َ َ َ دا دا َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ دا َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ دا ن َ ْ َ ن‬
‫كن الماء سبب‬ ‫يتعلم َويفهم ِِف ال ِعل ِم‪ ،‬فكما أن انلبات ليس عي الماءِ ول ِ‬
‫ْ َ ن ن‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ ن َْ َ َ ْ‬ ‫ن ن‬
‫كن ع ِن ال ِعل ِم يكون‪.‬‬ ‫وَل ِ‪ ،‬فكذل ِك الفهم ليس عي ال ِعل ِم‪َ ،‬ول ِ ِ‬ ‫حص ِ‬
‫ََن‬ ‫دا‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ن دا َ ن ن ْ ن َ َ َ َ ن ْ ن َ َ َ َ َ َ ن َ‬
‫اس مثل‬ ‫ـ واألرض اثلانِية تم ِسك الماء وال تنبِت الُكأ‪ ،‬ومثلها مِن انل ِ‬
‫لَع َما ي َ ْس َم نع َف نهوَ‬ ‫َ َ ََْ َ َ َ َ َ ن َ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ ن‬ ‫دا‬
‫اَّلِي ُيفظ ال ِعل َم َوال يفه نم فِي ِه‪ ،‬وإِذا رأيت العال ِم ال ي ِزيد‬
‫ْ َن َ ن‬ ‫َ َ َ ََْن َ ن َ َْ َ ْ ً ن ن َ َ َ‬
‫ذاك‪َ ،‬وإِذا َرأيته ي ِزيد علي ِه شيئا ي َواف ِق ما س ِمع م َِن ال ِعل ِم فه َو األ داول‪.‬‬
‫اء‪َ ،‬و َم َثلن َها مِنَ‬ ‫ك ال َم َ‬ ‫َ َ ْ ن دا َ ن َ ْ ٌ َ ن ْ ن َ َ َ َ َ ن ْ ن‬
‫اثلة أرض ال تنبِت الُكأ وال تم ِس‬ ‫ـ واألرض اثل ِ‬
‫ْ َ َ ْ َ‬ ‫اس َم َث نل َم ْن الَ َُيْ َف نظ ال ِع ْل َم َوالَ َي ْف َه نم فِي ِه‪ ،‬فَإلْ َق ن‬
‫اء ال ِعل ِم إَِل من ـه ِذه ِ‬ ‫ِ‬ ‫انلدا ِ‬
‫َنَ َ َْ َ َ‬ ‫دا َ‬ ‫ْ َ َ َ َ دا دا َ ْ‬ ‫َنن َ َ ٌ‬
‫ِصفته إِضاعة ل ِل ِعل ِم‪ ،‬فكما أن َرب األر ِض ال ِِت ـه ِذه ِ ِصفتها ال يس ِقيها َوي َرى‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه‪ ،‬منها كتاب الرقاق‪ ،‬باب ما يتقى من فتنة‬
‫المال‪ ،‬بلفظ‪> :‬تعس عبد الدينار والدرهم< إلى آخره‪.‬‬
‫‪٦4‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ْ َ َ ْ ن َ ِّ ن ن َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َ ََْ َ ْ َ نَْ‬ ‫َأ دان َس ْق َي َها م َ‬


‫اإلضاع ِة‪ ،‬كذل ِك ينب ِِغ أن ال يلَق ال ِعل نم إَِل من يضيعه‪ ،‬بل‬
‫ِ‬ ‫ِن‬
‫َْ َ‬
‫أول‪.‬‬

‫(الراضي ثلث) أَي ثَالَثَ ُة أَن َوا ٍع َغالِ ًبا‪:‬‬


‫ِ ِ‬
‫ض بَع َد‬ ‫ــ (أرض) طَيِّ َبةٌ ُتربَ ُت َها (إذا هسقيت) بِال َماء الَّذي تحيَى بِه ِ األَر ُ‬
‫الياب َِس‪.‬‬
‫الرط َب (والكل) َ‬ ‫العشب) َّ‬ ‫َموت ِ َها (أنبتت ه‬
‫ين ُهم ُمخ َتلِ ُفو االس ِتع َدا ِد َمثَ ُل (الذي يتعل هم) ال ِعل َم‬ ‫(ومثلهها من الناس) ال َّ ِذ َ‬
‫وما‬‫وب يَحيَى بِه ِ َميِّ ُت َها‪( ،‬ويفه هم في العلم) َويُخر ُِج بِ َفه ِمه ِ ُعلُ ً‬ ‫ال َّ ِذي ُه َو َغي ُث ال ُقلُ ِ‬
‫بَ ِد َيع ًة َو َم َعار َِف َدقِي َق ًة‪.‬‬
‫(فكما أن النبات ليس عين الماء) َو َه َذا بَ ِديهِي يَعرِفُ ُه ُكل أَ َح ٍد‪( ،‬ولكن‬
‫وجد‪( ،‬فكذلك الفه هم ليس عين‬ ‫الماء سب هب هح هصوله) ِإذ لَو ل َم يَ ُكن لَـم يُ َ‬
‫ِ‬
‫العلم‪ ،‬ولكن عن العلم ي هكو هن) ال َفه ُم‪َ ،‬واألَف َه ُام ُمخ َتلِ َفةٌ‪َ ،‬وأَعال َ َها ال َفه ُم ف َ‬
‫يما‬
‫يُ َق ِّر ُب ِإلَيه ِ َت َعالَى‪.‬‬
‫ض الثاني هة هتمس هك الماء) ِالن ِخ َفا ِظ َها َو َصالَبَ ِت َها‪( ،‬ول هتنب هت الكل)‬ ‫(والر ه‬
‫ات‪.‬‬ ‫لِ َع َدم ِ قَابِلِيَّ ِت َها لِإلِنب ِ‬
‫َ‬
‫(ومثلهها من الناس مث هل الذي يحف هظ العلم) ال َّ ِذي يَس َم ُع ُه أَو يَ َر ُاه (ول‬
‫يفه هم فيه‪ .‬وإذا رأيت العالم ل يزي هد على ما يسم هع) أَو يَ َرى (ف ههو ذاك‪ ،‬وإذا‬
‫رأيت هه يزي هد عليه شيئ ًا هيواف هق ما سمع من العلم) َو ِإنَّ َما قُيِّ َد بِه ِ ِأل َ َّن َما الَ يُ َوافِ ُق ُه‬
‫لَي َس بِ َفه ٍم َمح ُمو ٍد (ف ههو الو هل) َو ُه َو أَعلَى َد َر َج ًة ِم َن الثَّانِي َو ِإن َكا َن الثَّانِي ال َ‬
‫ف‪.‬‬‫يخلُو َعن َشر ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪٦٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ث ُتربَ ِت َها (ول هتمس هك الماء)‬


‫ض الثالث هة أرض ل هتنب هت الكل) لِ ُخب ِ‬
‫(والر ه‬
‫ِالرت ِ َفا ِع َها‪.‬‬
‫(ومثلهها من الناس مث هل من ل يحف هظ العلم) ال َّ ِذي يَس َم ُع ُه لِ َع َدم ِ ال ُق َّو ِة‬
‫الح ِاف َظة ِ فِيه ِ‪ ،‬أَو ِإل َع َر ِ‬
‫اضه ِ َعن ُه‪( ،‬ول يفه هم فيه) لِ َغ َب َاوتِه ِ أَو لِ َع َدم ِ التِ َفاتِه ِ ِإلَى َما‬ ‫َ‬
‫يُل َقى ِإلَيه ِ‪.‬‬
‫اء العلم) ال َّ ِذي َكالد ِّر (إلى من هذه صف هت هه إضاعة للعلم‪).‬‬
‫(فإلق ه‬
‫ِي َعن ُه ‪ُ > :2‬م َعل ُِّم ال ِعلمِ َغي َر أَهلِه ِ َك ُم َقلِّ ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوفي أَم َثاله ِ َو َر َد َما ُرو َ‬
‫ال َخنَازِيرِ الد َّر<(‪.)٤‬‬
‫(فكما أن رب الرض التي هذه صف هتها ل يسقيها‪ ،‬ويرى) لِعلِ ِمه ِ ب َِحالِ َها‬
‫س بِال َ‬ ‫اب النَّف ِ‬ ‫(أن سقيها من اإلضاعة) َحي ُث ال َ يَ َت َر َّت ُب َعلَيه ِ فَائِ َدة ٌ‪ِ ،‬إنَّ َما ِفيه ِ ِإت َع ُ‬
‫طَائِل‪( ،‬كذلك ينبغي أن ل هيلقى العل هم إلى من هيضي هع هه‪ ،‬بل أولى) ِأل َ َّن َتضي َ‬
‫ِيع‬
‫ال ِعلمِ ــ ال َّ ِذي ُه َو أَن َف ُس األُ ُمو ِر َوأَغالَ َها ــ أَ َشد ِمن َتضيِي ِع ال َم ِاء ال َّ ِذي ُه َو‬
‫أَر َخ ُص األَش َي ِاء َغالِ ًبا‪.‬‬

‫وم بإ ْث َبات َِها ابلَيِّ َن نة مِنَ‬


‫َ دا َ ن َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ ن ن دا َ‬
‫ال حَّت تق ِ ِ‬ ‫‪ 24‬ــ ال تثبت ادلَع ِوي بِاألقو ِ‬
‫ََْ‬
‫ال‪.‬‬
‫األف ِ‬
‫ع‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أخرجه ابن ماجه في سننه‪ ،‬المقدمة‪ ،‬باب فضل العلماء والحث على طلب العلم‪ ،‬عن‬
‫أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪> :2‬طلب العلم فريضة على كل مسلم‪،‬‬
‫وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب<‬
‫‪٦٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(ل تث هب هت الدعاوي بالقوال) أَي ال َ يُ َسلَّ ُم لِ ُك ِّل ُم َّد ٍع َدع َو ُاه ب ُِم َج َّردِ قَولِه ِ إ َّن‬
‫ل َ ُه َك َذا (حتى ت هقوم بإثباتها البين هة من الفعال) ال َّ ِتي ُت َـميِّ ُـز ــ لِ ُص ُعوبَ ِت َها ــ بَي َن‬
‫ِين‪ ،‬فَ َمن َش ِه َد َعلَى قَولِه ِ ِفعلُ ُه فَ ُه َو َصا ِد ٌق‪َ ،‬و َمن َك َّذ َب ِفعلُ ُه‬ ‫الصا ِدقِ َ‬
‫ين َوال َكا ِذب َ‬ ‫َّ‬
‫قَول َ ُه فَ ُه َو ُم َّد ٍع ُمف َت ٍر‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫دا ْ َ َ َ‬ ‫َ دا َ ْ َ ْ ن َ َ دا َ َ ن َ ِّ ن َ ْ َ ن ن‬
‫‪ 25‬ــ إِذا ادعت نفسك أنها ال تفرق بي وجو ِد الَّشءِ وعد ِم ِه فال‬
‫ََْْ َ ً‬ ‫َ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ دا َ ْ َ َ َ‬
‫تقنع مِنها بِذل ِك حَّت َتت ِِبـها بِاألمري ِن مجِيعا‪.‬‬
‫(إذا ادعت نف هسك) ال َّ ِتي َت َّد ِعي ال َك َم َال ل َهاَ (أنها ل هتفر هق بين هو هجود‬
‫الشيء) ِمن َم َتا ِع الدن َيا (وعدمه) لِ َك َما ِل َت َوكلِ َها َعلَى َربِّ َها‪ ،‬أَو لِ َغايَة ِ ُزه ِد َها‪ ،‬أَو‬
‫َمعرِفَ ِت َها ب َِربِّ َها‪( ،‬فل تقنع منها بذلك) ال َّدع َوى (حتى تختبرها بالمرين) أَي‬
‫الشي ِء َو َع َد ِمه ِ (جميع ًا) فَ ِإن َكا َن َحال ُ َها ِعن َد َع َد ِم َها َك َحالِ َها ِعن َد ُو ُجودِهِ‬ ‫ُو ُجودِ َّ‬
‫َول َم َت َت َغ َّير فَاعلَم أَنَّ َها َصادِقَةٌ‪َ ،‬و ِإ َّال فَه َِي َكا ِذبَةٌ‪.‬‬
‫ام َصع ٌب الَ يَ ُفو ُز بِه ِ ِإ َّال ال ُك َّم ُل‬ ‫الو ُجودِ َو َ‬
‫الع َدم ِ َم َق ٌ‬ ‫َو َم َق ُام َع َدم ِ ال َفر ِق بَي َن ُ‬
‫العار ِِف َ‬
‫ين‪َ ،‬و َمن ِس َوا ُهم ُم َّد ُعو َن‪.‬‬ ‫ِم َن َ‬

‫َْن ََ ْ‬ ‫َ دا َ ن ُّ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َْ َ َ ََ‬


‫كن‬
‫ات الدَع ُك أح ٍد ما ليس عِنده‪ ،‬ول ِ‬ ‫‪ 26‬ــ لوال العالم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ن َ دا ن َ ْ َ دا‬ ‫َ ََ‬
‫ات يفرق بي الصاد ِِق والَكذ ِِب‪.‬‬ ‫بِالعالمات واألمار ِ‬
‫الصادِ ِق َو َك ِذ ِب ال َكا ِذ ِب (لدعى‬
‫ت َعلَى ِصد ِق َّ‬ ‫(لول العلمات) ال َّد َّاال ِ‬
‫هكل أحد) ِم َن ال َك َما ِل (ما ليس عند هه) َوال َت َب َس ال ُم ِحق بِال ُمب ِط ِل‪( ،‬ولكن بالعلمات‬
‫‪٦1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫والمارات هيفر هق بين الصادق) ِفي ال َّدع َوى (والكاذب) ِفيه ِ‪.‬‬
‫اس نَو َعا ِن‪:‬‬
‫َوالنَّ ُ‬
‫ــ ِمن ُهم َمن َص َّح َت َوكلُ ُه َعلَى َموال َ ُه‪َ ،‬و َخ َر َج ُحب الدن َيا ِمن قَل ِبه ِ‪ ،‬فَ ُه َو‬
‫ال َّ ِذي ال َ يُ َف ِّر ُق بَي َن ُو ُجودِ َها َو َع َد ِم َها‪.‬‬
‫ص َّح َت َوكلُ ُه َعلَيه ِ‪َ ،‬ول َم يُـخرِج ُح َّب َها ِمن قَل ِبه ِ‪ ،‬فَ ُه َو يَف َر ُح‬ ‫ــ َو ِمن ُهم َمن ل َم يَ ِ‬
‫ِعن َد ِإق َبالِ َها ِإلَيه ِ‪َ ،‬ويَغ َتم ِعن َد ِإدبَار َِها َعن ُه َعلَى قَد ِر َع َدم ِ ِص َّحة ِ َت َوكلِه ِ َو ُحبِّه ِ ِإيَّ َاها‪.‬‬

‫َ ْ َ َ دا َ ْ َ ن َ َ ن ن ن ْ َ دا ن َ َ َ دا َ ْ َ َ ْ َ َ ن ن‬
‫ابله‬ ‫اوية وتعِّست علي ِه مط ِ‬ ‫ابله األخر ِ‬ ‫‪ 27‬ــ من تيِّست َل مط ِ‬
‫ْ َ دا ن‬ ‫ن‬ ‫دا ِّ َ َ َ ْ َ َ دا َ ْ َ ن َ َ ن ن‬ ‫ُّ ْ َ دا ن َ ن َ ْ َ َ َ‬
‫اوية‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫األ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ابل‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫َل‬ ‫ت‬‫ِّس‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫انل‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫اوية فهو مِن ورث‬ ‫ادلني ِ‬
‫َ َ ْ َ َ دا َ ْ َ ن َ َ ن ن ُّ ْ َ دا ن‬ ‫َ‬
‫اوية‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ادل‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ابل‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫َل‬ ‫ت‬‫ِّس‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ادل ْن َياويدا نة َف نه َو م ِْن أ ْص َحاب ايلَ‬ ‫َو ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ْ َ دا ن َ ن َ َ ن ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ دا َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ دا َ ْ َ َ ْ‬
‫جي‪ .‬ومن تعِّست علي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫او‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫األ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫وتعِّست عل‬
‫ادل ْن َياويدا نة َف نه َو م َِن ال َم ْم نقوت ِي‪َ.‬‬ ‫ابلن نه األن ْخ َراويدا نة َو ُّ‬
‫َم َط ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(من تيسرت ل هه مطال هب هه الهخراوي هة) بِأَن َس َّه َل اللَّ ُه ل َ ُه امتِ َث َال أَ َوا ِمرِهِ َو َتر َك‬
‫اض ِع َس َخطَاتِه ِ‪( ،‬وتعسرت‬ ‫اب َعن َم َو ِ‬ ‫السع َي ِفي َمر َضاتِه ِ‪َ ،‬واالجتِنَ َ‬ ‫اجرِهِ‪َ ،‬و َّ‬ ‫َز َو ِ‬
‫ال‪َ ،‬م َع ر َِض ُاه َعلَى قَ َض ِاء َربِّه ِ‪،‬‬ ‫عليه مطال هب هه الدنياوي هة) بِأَن ل َم يُ َح ِّصل ِمن َها ِإ َّال قَلِي ً‬
‫ين َز َوى اللَّ ُـه َعن ُهم الدنيَا َو َمطَالِ َب َها؛ لِ ِخ َّس ِت َها ِعن َدهُ‬ ‫(ف ههو من ورثة النبيين) ال َّ ِذ َ‬
‫اآلخ َر ِة؛ لِ ِع َّزت ِ َها ِعن َد ُه َو َش َر ِفهِم ل َ َديه ِ‪.‬‬
‫َو َكراَم ِتهِم ل َ َديه ِ‪َ ،‬و َس َّه َل ل َ ُهم مطَالِ َب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ص اللَّ َه ِفي َمطَالِ ِب‬ ‫(ومن تيسرت ل هه مطال هب هه الهخراوي هة والدنياوي هة) َول َم يَع ِ‬

‫‪٦١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ين َج َم َع اللَّ ُه ل َ ُهم بَي َن َمطَالِ ِب الدن َيا‬ ‫الدن َيا (ف ههو من أصحاب اليمين) ال َّ ِذ َ‬
‫صيلِهِم َمطَالِ َب الدن َيا َتن ُق ُص َد َر َج ُت ُهم َعن َد َر َجة ِ‬ ‫َواألُخ َرى‪َ ،‬ول َ ِكنَّ ُهم َعلَى قَد ِر َتح ِ‬
‫ين؛ ِإذ من أَ َخ َذ ِم َن الدنيا َشي ًئا نَ ُق َص َعلَى قَد ِرهِ ِم َن ِ‬
‫اآلخ َر ِة‪.‬‬ ‫َو َرثَة ِ النَّبِيِّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(ومن تيسرت ل هه مطال هب هه الدنياوي هة وتعسرت عليه الهخراوي هة ف ههو من‬
‫ين يُ َق ِّربُ ُه ُم اللَّ ُه ِإلَى نِ َق ِمه ِ ب ِ ِن َع ِمه ِ‪َ ،‬ويَأ ُخ َذ ُهم ِمن َحي ُث ال َ‬
‫ال همستدرجين) ال َّ ِذ َ‬
‫يَد ُرو َن‪.‬‬
‫فَالَ يَغ َت َّر َّن َعاقِ ٌل بِ ِإق َبا ِل الدن َيا‪ ،‬فَ ِإ َّن اهلل َ يُع ِط َيها َمن يُ ِحب َو َمن الَ يُ ِحب‪،‬‬
‫ين إِ َّال َمن يُ ِحب‪.‬‬ ‫َوالَ يُع ِطي ال ِّد َ‬
‫(ومن تعسرت عليه مطال هب هه الهخراوي هة والدنياوي هة ف ههو من المم هقوتين)‬
‫اب الدنيا َو ِ‬
‫اآلخ َر ِة‪ ،‬الَ بِ ِن َعمِ َه ِذ ِه يَ َتلَ َّذ ُذو َن‪،‬‬ ‫ين ال َّ ِذ َ‬
‫ين َج َم َع اهلل ُ ل َ ُهم َع َذ َ‬ ‫وض َ‬ ‫ال َمب ُغ ِ‬
‫َ‬
‫اب يَذُوقُو َن‪.‬‬ ‫َو َال بِلَ َّذ ِة َه ِذهِ يَ َتنَ َّع ُمو َن‪ ،‬بَل ِفيه َِمـا أَ َش َّد َ‬
‫الع َذ ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُّ ن َ َ َ ْ َ َ ُّ َ دا ن َ َ ْ َ َ َ ْ ن َ ْ َ َ ْ‬
‫‪ 28‬ــ رش الفقراءِ‪ :‬من يود أنه مِن األغنِياءِ‪ ،‬وخري األغنِياءِ‪ :‬من ال‬
‫َ‬ ‫َ ْ َن َ ْ َ ن َ َ ن َ‬
‫يكره أن يكون مِن الفقراءِ‪.‬‬

‫(شر ال هفقراء‪ :‬من يود أن هه من الغنياء) ال َّ ِذ َ‬


‫ين اب َتالَ ُه ُم اللَّ ُه َت َعالَى بِأَو َسا ِخ‬
‫الدن َيا‪ ،‬قَلَّ َما يَسلَ ُمو َن ِمن أَق َذار َِها َوأَك َدار َِها‪َ .‬و َم َثلُ ُه َمثَ ُل الطَّا ِهرِ يُرِي ُد أَن يَ ِ‬
‫ص َير‬
‫ُم َتنَ ِّج ًسا‪.‬‬
‫ُوق َوبَال َ ُهم؛ ِأل َ َّن > َمن أَ َح َّب قَو ًما‬
‫َوالَ يَب ُع ُد أَن يُح َش َر يَو َم ال ِقيَ َامة ِ َم َع ُهم َويَذ َ‬

‫‪٦5‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ِ‬
‫ين ل َم يَر َضوا بِ َفقرِ ِهم‪.‬‬ ‫ُح ِش َر َم َع ُهم< ‪َ .‬و َه َذا َحالُ أَك َثرِ ال ُف َق َراء ال َّ ِذ َ‬
‫(‪)٤‬‬

‫ين َط َّه َر ُهم َموالَ ُهم‬ ‫(وخي هر الغنياء من ل يكر هه أن ي هكون من ال هفقراء) ال َّ ِذ َ‬
‫ِمن َو َس ِخ الدن َيا َوفَ َّر َغ ُهم لِ ِع َب َادتِه ِ‪َ .‬ويُر َجى ل َ ُه أَن يُح َش َر َم َع ُهم ِأل َ َّن َمن أَ َح َّب قَو ًما‬
‫فَ ُه َو َم َع ُهم‪.‬‬
‫لَو َعلِ َم ال ُف َق َر ُاء فَض َل فَقرِ ِهم َالز َد ُادوا ُح ًّبا َو ُشكر ًا لِ َخالِقهِم َو ُس ُرور ًا ِإلَى‬
‫الح ُمرِ ِم َن ال َقس َو َر ِة‪ .‬ل َ ِك َّن‬‫اء َوبَ َال ِغنَا ُهم ل َ َفروا ِمن ُه ِف َر َار ُ‬ ‫ُس ُرو ٍر‪َ ،‬ولَو َعلِ َم األَغ ِن َي ُ‬
‫الح َقائ ِ ِق َغ ِافلُو َن‪.‬‬
‫الح َيا ِة الدن َيا َو ُهم َع ِن َ‬ ‫س يَعلَ ُمو َن ظَا ِه ًرا ِم َن َ‬ ‫َك ِثير ًا ِم َن النَّا ِ‬

‫ََْ‬ ‫ََْ نْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫دا َ‬ ‫َ ْ َْ َ َ َ ْ ََ ن ن ن‬


‫ات ولم ين ِفق ما ِِف يدي ِه‬ ‫ول الشهو ِ‬ ‫‪ 29‬ــ من أمسك عن تناو ِل فض ِ‬
‫َ ُّ ْ َ ن ْ ن ن‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ن َ ْ ٌ دا َ َ َ دا ن َ‬ ‫ْ ن ن‬
‫ادلنيا َوين ِفقه ِِف‬ ‫ال فه َو حم نروم‪َ .‬واَّلِي يتمتع بِما ِِف ي ِده ِ مِن‬
‫ول األمو ِ‬
‫مِن فض ِ‬
‫نَ َ َ ْ َ َ ً ْن‬ ‫َ َ‬
‫شه َوات ِ ِه المباح ِة أحس نن حاال مِنه‪.‬‬
‫(من أمسك عن تن هاول فه هضول الشهوات)؛ لِ ِش َّد ِة ُش ِّحه ِ َعلَى َما ِفي يَ ِدهِ‪،‬‬
‫ِ‬
‫الجال َ ِل‬‫(ولم هينفق ما في يديه من فه هضول الموال) في َسبِي ِل ر َِضى ِذي َ‬
‫البطُو ِن‪،‬‬ ‫س َو ُ‬ ‫ص ُد َها أَه ُل الن ُفو ِ‬ ‫الج َما ِل (ف ههو مح هروم) ِمن ل َ َذائِ ِذ الدن َيا ال َّ ِتي يَق ِ‬ ‫َو َ‬
‫اآلخ َر ِة ال َّ ِتي قَ َص َد َها أَه ُل ال ُقر ِب ِإلَى اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬ويَص ُد ُق َعلَيه ِ قَول ُ ُه‬‫َوفَ َضائِ ِل ِ‬
‫اش ُق َها‬‫َت َعالَى‪{ :‬ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓﮔ} [النساء‪َ ،]٤١1 :‬و ُه َو َعابِ ُد الدنيا َو َع ِ‬
‫َ‬
‫ال َّ ِذي يَ َت َم َّت ُع ب َِجم ِع َها‪.‬‬
‫(والذي يتمت هع بما في يده من الدنيا) ِفي َمآ ِكلِه ِ َو َم َشا ِربِه ِ َو َمالَب ِِسه ِ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬من حديث أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين‪ ،‬كتاب الهجرة‪١٩1٦ :‬‬
‫‪٦٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َو َم َسا ِك ِنه ِ َو َمنَا ِك ِحه ِ َو َغير َِها (و هينف هق هه في شهواته ال همباحة أحس هن حا ًل من هه) َحي ُث‬
‫َت َـم َّت َع بِ ُدن َي ُاه َو ِإن َكا َن الَ يَخلُو ِمن َكونِه ِ َعب َد َّ‬
‫الشه َو ِة‪.‬‬
‫ات ال ُم َح َّر َمة ِ فَ ُه َو أَقب ُح ال ُك ِّل؛ َحي ُث َت َو َّص َل بِ ِنع َمة ِ‬
‫َ‬
‫الش َه َو ِ‬ ‫َوأَ َّما َمن يُن ِف ُق ُه ِفي َّ‬
‫وج ُب نِق َم َت ُه‪.‬‬‫ص َي ِته ِ ال َّ ِتي ُت ِ‬
‫اللَّه ِ ِإلَى َمع ِ‬

‫ْنن‬ ‫َ َ ِّ َ َ َ َ دا َ َ َ ْ ن‬ ‫َ َ ْ نن َ ن‬
‫ال دا‬
‫ري قو نَل َوف ِعله‬ ‫ادل ِاِع إَِل رب العال ِمي حَّت ي ِص‬ ‫‪ 11‬ــ ال يكمل ح‬
‫ن دا ً َ َ‬
‫لَع َمجِيع ال نم ْؤمن َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ح جة‬
‫ِ‬
‫(ل يك هم هل ح هال الداعي إلى رب العالمين) ال َّ ِذي ُه َو َوار ُِث األَنب َِياء ال َّ ِذ َ‬
‫ين‬
‫س لِ َيد ُعو ُهم ِإلَيه ِ (حتى يصير قول ههه وفعله هه هحج ًة على‬ ‫بَ َع َث ُه ُم اللَّ ُـه َت َعالَى ِإلَى النَّا ِ‬
‫جميع ال همؤمنين) بِأَن يَ ُكو َن ُم َت َب ِّحر ًا ِفي ُعلُوم ِ ال َّدع َو ِة ِإلَى اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬كا ِم َل‬
‫االتِّ َبا ِع ِفي ظَا ِهرِهِ َوبَا ِط ِنه ِ لِل َنب َِي ِاء َعلَيه ُِم َّ‬
‫السالَ ُم‪ ،‬يُ َص ِّد ُق قَول َ ُه ِفعلُ ُه‪َ ،‬و ِفعلَ ُه قَول ُ ُه‪،‬‬
‫الس َم َو ِ‬
‫ات‬ ‫َو َه َذا ال َّ ِذي يَن َت ِف ُع بِه ِ ِع َب ُاد اهلل ِ َت َعالَى‪َ ،‬ويَس َتغ ِف ُر ل َ ُه ُكل َما ِفي َّ‬
‫ين‪.‬‬‫ين‪َ ،‬و ُه َو َخلِي َف ُة ال ُمر َسلِ َ‬ ‫َواأل َ َر ِض َ‬

‫َ َ َ ْ َ َ َ ن ن َ ْ ن َ ْ َ ْ َ ْ َ دا ن َ ٌ َ َ‬
‫‪ 11‬ــ إِذا رأيت العال ِم ي ِفيد بِقو َِل ِ دون ف ِعلِ ِه فاعلم أنه ناق ِص‪ .‬وإِذا‬
‫دا ْ‬ ‫َ َ ْ َ ن َ َ ِّ َ ن ن ن َ ْ َ ن َ َ ن َ ِّ ن ن َ ْ َ ن َ ْ َ ْ َ دا ن َ‬
‫يل‬
‫ِ ِ‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫اتل‬ ‫ن‬
‫رأيت المتعلم ت ِفيده األقوال وال تؤدبه األفعال فاعلم أنه ِ‬
‫ع‬
‫َ َ ََْ ن َْ َ َ ْ‬
‫ان نظرْ‬ ‫َ ٌ َ َ َ َ ْ َ دا َ َ ْ َ ن َ ْ َ َ ْ‬
‫اَل ِ ف‬‫خ ِه وال ينت ِفع بِأفع ِ‬ ‫ال شي ِ‬‫ناك ِص‪ .‬وإِذا رأيت الطال ِب ينت ِفع بِأقو ِ‬
‫َ َْ َ‬ ‫الفائ َِدةن َفلَيْ َس ب ِ َ ْ‬
‫َ‬ ‫دا ْ َ َ ْ ن ن‬ ‫ََْ‬ ‫فَإ ْن ل َ ْم تَ َ‬
‫َّش ٍء‪َ ،‬وإِذا َرأيت‬ ‫ال الشيخِ ما َتصل ب ِ ِه‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ف‬ ‫أ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬

‫‪٦1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ ن ْ َ ُّ‬ ‫دا‬ ‫َ ْ َ َن ن ن َ َ ْ َ نْ‬


‫كن ال ُي ِس نن الطال نِب أن يست ِفيد فال يعتد ب ِ ِه‪.‬‬
‫أفعاَل ت ِفيد ول ِ‬

‫(إذا رأيت العالم هيفي هد بقوله) بِأَن يَ َت َكلَّ َم ب َِما يُ َو ِاف ُق َّ‬
‫الشر َع‪ ( ،‬هدون فعله)‬
‫بِأَن يَف َع َل ِخالَ َف َما يَ ُقولُ ‪ ،‬أَو الَ يَف َع ُل َما يَ ُقول ُ ُه‪( ،‬فاعلم أن هه ناقص) َع ِن‬
‫ال َك َما ِل‪َ ،‬و ُه َو ال َّ ِذي يَص ُد ُق َعلَيه ِ قَول ُ ُه َت َعالَى‪ { :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ}‬
‫[الجمعة‪َ ،]5 :‬ويُ َوبَّ ُخ بِ َقولِه ِ َت َعالَى‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ}‬
‫[البقرة‪َ ،]١١ :‬وقَولِه ِ‪{ :‬ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ} [الصف‪َ ،]٩ :‬و َه َذا َحالُ َغالِ ِب‬
‫َح َملَة ِ ُ‬
‫العلُوم ِ‪.‬‬
‫الصادِ َر ُة َع ِن الد َعا ِة‬
‫(وإذا رأيت ال همتعلم هتفي هد هه القو هال ول هتؤد هب هه الفع هال) َّ‬
‫اج ٌع‪ ،‬ال َ يُ َح ِّص ُل‬ ‫ِإلَى اللَّه ِ بِأَق َوالِهِم َوأَف َعالِهِم (فاعلم أن هه عن التحصيل ناكص) َر ِ‬
‫َشي ًئا يُع َبأُ بِه ِ‪َ ،‬وال ُم َت َعل ُِّم ال َكا ِم ُل‪َ :‬من ُت ِفي ُد ُه األَق َوالُ َو ُت َؤ ِّدبُه األَف َعالُ ‪.‬‬
‫ك ال ُملُو ِك (ينتف هع بأقوال شيخه‪ ،‬ول‬ ‫(وإذا رأيت الطالب) لِلسلُو ِك ِإلَى َملِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشي ُخ‪( ،‬فإن لم تر في‬ ‫يما يَف َعلُ ُه َّ‬ ‫ينتف هع بأفعاله) بِأَن الَ يَق َت ِدي بِه ِ ف َيها (فانظهر) ف َ‬
‫الشر ِع (فليس)‬ ‫أفعال الشيخ ما تح هص هل به الفائد هة) بِأَن َت ُكو َن َعلَى َغيرِ ن ِ َظام ِ َّ‬
‫الشي ُخ (بشيء) يُع َبأُ بِه ِ ِفي َطرِي ِق اللَّـه ِ‪ ،‬بَل َض َر ُر ُه ــ لِ َع َدم ِ ال َفائِ َد ِة ِفي‬ ‫َذلِ َك َّ‬
‫ِ‬
‫أَف َعالِه ِ ــ أَك َث ُر ِمن نَف ِع أَق َوالِه ِ‪َ .‬واعلَم أَ َّن ال ُم َت َعل َِّم ُم َوفَّ ٌق َحي ُث ل َم يَق َت ِد ب َِشي ِخه ِ ف َ‬
‫يما‬
‫الَ يُ َق ِّربُ ُه ِإلَى َربِّه ِ‪.‬‬
‫لشر ِع‪ ،‬يُ َراعي ِف َيها َك َم َال ال َّتق َوى‬ ‫(وإذا رأيت أفعال هه هتفي هد) لِ َكونِ َها ُمطَابِ َق ًة لِ َّ‬
‫ص‪( ،‬ولكن ل هيحس هن الطال هب أن يستفيد) ِمن َها َشيئ ًا لِ َع َدم ِ قَابِلِيَّ ِته ِ‬ ‫َوا ِإلخ َال ِ‬
‫الحا ِذ ُق يَس َت ِفي ُد ِمن‬
‫لِالس ِت َف َاد ِة (فل هيعتد به) َوالَ يَ َتأَ َّتى ِمن ُه َشيءٌ‪ِ ،‬إ ِذ الطَّالِ ُب َ‬
‫‪٦1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫أَف َعا ِل ُمر ِش ِدهِ ال ُم َت َش ِّر ِع ِمث َل َما يَس َت ِفي ُد ِمن أَق َوالِه ِ‪ ،‬بَل أَزيَ َد‪.‬‬

‫وص َف ب َما لَيْ َس ع ِْن َدهن م َِن اخلَ ْري‪َ ،‬و َكرهَ َأ ْن ين ْذ َكرَ‬ ‫َ ْ َ َ دا َ ْ ن َ‬
‫‪ 12‬ــ من أحب أن ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ائ‪.‬‬‫ر‬‫اعلَ ْم َأندا نه نم َ‬
‫َ دا ِّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫بِما فِي ِه مِن الّش‪ ،‬ف‬
‫ٍ‬
‫(من أحب أن هيوصف بما ليس عند هه من الخير) َم َع أَ َّن َذلِ َك يَقطَ ُع ظَه َر ُه‪،‬‬
‫(وكره أن هيذكر بما فيه من الشر) َم َع أَ َّن َذلِ َك يُ ِعينُ ُه َعلَى َتطهِيرِ نَف ِسه ِ َعن‬
‫وص َف ب َِما لَي َس ِفيه ِ‬ ‫أَق َذا ِرهِ‪( ،‬فاعلم أن هه همراء) ِأل َ َّن ال ُمخلِ َص‪َ :‬من الَ يُ ِحب أَن يُ َ‬
‫وص َف ب َِما ِفيه ِ؛ ِأل َ َّن َذلِ َك يُغرِي نَف َس ُه األ َ َّم َار َة‬
‫ِم َن ال َخيرِ‪ ،‬بَل َوالَ يُ ِحب أَن يُ َ‬
‫بِالس ِ‬
‫وء َعلَيه ِ فَ ُتهلِ َك ُه ب َِت َكبر َِها َوأَنَانِ َّي ِت َها‪َ ،‬ويُ ِحب أَن يُذ َك َر ب َِما ِفيه ِ ِم َن َّ‬
‫الش ِّر ِأل َ َّن‬
‫َذلِ َك يُ ِعينُ ُه َعلَى َكسرِ َشو َكة ِ نَف ِسه ِ َويَ ُحث ُه َعلَى َتطهِيرِهِ ِمن أَك َدا ِر َش ِّرهِ‪ ،‬بَل يَف َر ُح‬
‫بِ َذلِ َك‪.‬‬

‫ََ ن َ ْ ن ن نْ َ ْ ن ِ َ ن ََْن َ‬ ‫َ ً َ ََْ ن‬


‫وم َوالف ْرق بينهما‬‫ْب المذم‬ ‫ِ‬ ‫اجل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ود‬‫م‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫احل‬ ‫س‬ ‫‪ 11‬ـ كثِريا ما يلتبِ‬
‫َ ر َنَ نْن َ ْ ن ن‬ ‫َ دا ن دا َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ْب المذموم‬ ‫ري أ ْو َوقعت بِسبب ِ ِه ِِف رش فهو اجل‬ ‫أن ُك حيا ٍء ْحلك لَع تركِ خ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫دا َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ دا َ َ َ َ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫يث‪.‬‬
‫ِ ِ‬‫د‬‫احل‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ري‬ ‫ِب‬
‫ِ ِ ِ ٍ‬‫ال‬ ‫إ‬ ‫ِت‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫اء‬ ‫ي‬‫احل‬ ‫ن‬ ‫أل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫ا‬ ‫ي‬‫احل‬‫ولي ِ‬
‫ب‬ ‫س‬

‫الجبن المذ هموم) َعلَى َمن َال‬ ‫ود) َشرع ًا (ب ه‬ ‫اء المح هم ه‬
‫(كثير ًا ما يلتب هس الحي ه‬
‫ِعل َم ِعن َد ُه بِال َفر ِق بَينَ ُه َما‪( ،‬والفر هق بين ههما أن هكل حياء حملك على ترك خير)‬
‫َك َت َعلمِ ِعل ٍم (أو وقعت بسببه في شر) َك َتر ِك أَم ٍر بِال َمع ُرو ِ‬
‫ف أَو نَه ٍي َع ِن ال ُمن َكرِ‬

‫‪٦٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ود (ل‬ ‫وم وليس بالحياء) ال َمح ُمو ِد؛ (لن الحياء) ال َمح ُم َ‬ ‫الجب هن المذ هم ه‬ ‫(ف ههو ه‬
‫الح َياءُ ِم َن اللَّه ِ‬
‫ود ُه َو َ‬ ‫اء ال َمح ُم َ‬ ‫يأتي إل بخير كما في الحديث) َو َذلِ َك أَ َّن َ‬
‫الح َي َ‬
‫اء ِفي ال َم َح ِّل ال َّ ِذي يَر َض ُاه‪ ،‬فَ َمن يَس َتحيِي ِم َن اللَّه ِ َول َ ُه َال يَت ُر ُك َخير ًا‬ ‫الح َي ُ‬
‫َت َعالَى َو َ‬
‫الح َي ِاء‪ ،‬بَل َح َيا ُؤ ُه ِمن َربِّه ِ يَمنَ ُع ُه ِمن أَن يَ َر ُاه َمو َال ُه َتارِك ًا‬ ‫ِ‬
‫َو َال يَ َق ُع في َضي ٍر ب َِس َب ِب َ‬
‫لِ َما يَ ِج ُب أَو ُمر َت ِكب ًا لِ َما يَك َر ُه‪.‬‬

‫َ ْ َ ْ َ َ ِّ ْ َ َ ْ ن َ َ ن ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ ن َ ْ ن‬
‫‪ 14‬ــ من أـهمل الصدق حيث َياف استعمل الك ِذب حيث يرجو‪.‬‬

‫الصد ِق‪،‬‬ ‫(من أهمل الصدق) ِفي أَق َوالِه ِ (حي هث يخ هاف) َّ‬
‫الض َر َر ِم َن ِّ‬
‫وم َشرع ًا‪َ ،‬وقَد قَ َال َت َعالَى‪:‬‬
‫(استعمل الكذب حي هث ير هجو) النَّف َع‪َ ،‬و َه َذا َمذ ُم ٌ‬
‫{ﭷ ﭸ ﭹ} [التوبة‪.]٤٤٢ :‬‬
‫اب ال َك ِذ ِب أَبَد ًا‪ِ ،‬إ َّال‬
‫لصدق َحي ُث يُ َخ ُاف َويُر َجى‪َ ،‬واجتِنَ ُ‬ ‫فَ َين َب ِغي َت َح ِّري ا ِّ‬
‫ور ٍة ُمل ِج َئةٍ َك َجل ِب نَف ٍع َجلِي ٍل أَو َدف ِع َشر‪.‬‬
‫لِ َض ُر َ‬

‫َ ْ َ َ َ ُّ ْ َ َ ْ َ ْ‬
‫ِن َرأ ِس ِه َر َأى نغ نروراً َو نزوراً َو َم ْن َن َظرَ‬
‫‪ 15‬ــ من نظ َر إَِل ادلنيا بِعي ْ‬
‫َ‬
‫ِن قَ ْلب ِه َرأى َـه َب ً‬
‫اء َم ْن نثورا‪َ.‬‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ ْ َ‬
‫إِيلها بِعي‬
‫ِ‬
‫(من نظر إلى الدنيا) ال َّ ِتي ظَا ِه ُر َها زِينَ ٌة َوبَا ِطنُ َها ِجي َف ٌة َمن ِتنَ ٌة (بعيني رأسه)‬
‫وس (رأى هغ هرور ًا و هزور ًا) يَج ِذ ُب النَّا ِظر َ‬
‫ِين ِإلَي َها‬ ‫اللَّ َتي ِن َال ُتد ِر َكا ِن إِ َّال ال َمح ُس َ‬
‫َويَسلِ ُب ُع ُقول َ ُهم لِ ُحبِّ َها َويَج َعلُ ُهم ِمن ُع َّشاقِ َها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(ومن نظر إليها بعيني قلبه) اللَّ َتي ِن ُتد ِر َكا ِن َح َقائ ِ َق األَش َي ِاء َعلَى َما ِه َي‬
‫(رأى هبا ًء من هثورا) َال طَائ ِ َل َتح َت َها فَيَ ِفر ِمن َها أَ َش َّد ال ِف َرا ِر لِ َئ َّال يَ َق َع ِفي َش َب َك ِت َها‬
‫اس َها‪.‬‬‫اس َها َويَ َت َك َّد َر بِأَر َج ِ‬
‫َويَ َتلَطَّ َخ بِأَق َذار َِها َويَ َت َدنَّ َس بِأَدنَ ِ‬

‫ين اغ َتروا ب ِ َظا ِهر َِها َعن َح ِقي َقة ِ َحالِ َها َالس َتحيَوا ِمن‬ ‫لَو ُك ِش َف لِ ُع َّشاقِ َها ال َّ ِذ َ‬
‫وها‪ ،‬أَ َال َترى قَو َل أَعر ِ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وها‪ ،‬فَض ًال ِمن أَن يَع َش ُق َ‬ ‫وها‪ ،‬فَض ًال ِمن أَن يَطلُ ُب َ‬ ‫أَن يَق َربُ َ‬
‫ين بِاللَّه ِ ‪ِ > :2‬إ َّن الدن َيا أَه َو ُن ِعن َد اللَّه ِ ِمن ِسخلَةٍ َميِّ َتةٍ<(‪.)٤‬‬ ‫العال َ ِم َ‬
‫َ‬

‫ََ َ ََ ن‬ ‫ََ‬
‫لَع ال َمال َـه َال نك ِّ‬
‫اجلاه ِ ـهالك‬ ‫ين‪َ ،‬و ِِف احل ِْر ِص لَع‬
‫ِ‬ ‫ادل‬ ‫ِ‬ ‫‪ 16‬ـ ِِف احل ِْر ِص‬
‫ِّ َ َ َ ً‬
‫ال مجِيعا‪.‬‬ ‫ين والم ِ‬
‫ادل ِ‬
‫ِيص فِي َجم ِعه ِ‪َ ،‬ج َم َع ُه ِمن‬ ‫الحر ُ‬ ‫(في الحرص على المال) ب َِحي ُث َال يُ َبالِي َ‬
‫ص َيةٍ‪َ ،‬و َال يَ َّت ِقي اللَّ َه ِفي َجل ِبه ِ َو َال َصر ِفه ِ‬ ‫اعةٍ أَو َمع ِ‬ ‫َح َال ٍل أَو َح َرامٍ‪ ،‬أَو َج َم َع ُه بِطَ َ‬
‫ص َعلَيه ِ ِمن َذلِ َك‪َ ،‬و َما يَذ َه ُب ِمن‬ ‫ِفي َم َصار ِِفه ِ‪( ،‬هل هك الدين) ِإذ َالبُ َّد لِل َحرِي ِ‬
‫دِي ِنه ِ أَن َف ُع ِم َّـما يَح ُص ُل ِمن َمالِه ِ‪َ ،‬و َال َخي َر ِفي َما ٍل يُ ِ‬
‫وج ُب َه َال َك دِي ٍن‪ ،‬ل َ ِكن َعب ُد ُه‬
‫اب دِي ِنه ِ ِإ َذا َح َّص َل َمال َ ُه َو َسلِ َم ل َ ُه‪.‬‬
‫َال يُ َبالِي بِ َذ َه ِ‬
‫(وفي الحرص على الجاه هل هك الدين والمال جميع ًا)؛ ِإذ َال يَ ِتم ِإ َّال‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أصله الحديث الصحيح الذي أخرجه ابن ماجه في سننه‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب مثل الدنيا‪ ،‬عن‬
‫المستورد بن شداد‪ ،‬قال‪ :‬إني لفي الركب مع رسول اهلل ‪ 2‬إذ أتى على سخلة‬
‫منبوذة‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪> :‬أترون هذه هانت على أهلها< قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل من هوانها ألقوها‪،‬‬
‫أو كما قال‪ :‬قال‪> :‬فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على الل من هذه على أهلها<‪.‬‬
‫‪1٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫الج ُاه بَلِ َّي ٌة َع َّمت‪ ،‬قَ َّل َمن يَسلَ ُم ِمن‬
‫اب دِي ِنه ِ‪َ .‬و َ‬ ‫بِه َِما‪َ ،‬وال َخ ِ‬
‫اس ُر َمن َخ ِس َر بِ َذ َه ِ‬
‫َش ِّر َها‪.‬‬

‫ْ َ ِّ‬ ‫َ ْ َ ِّ َ َ دا ْ ً ْ ن ْ‬ ‫َْ َ َ ن َ‬
‫ك ِه مِن حق ِه‪.‬‬
‫ري حق ِه بِأقل إِثما مِن مم ِس ِ‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫اضع ال‬
‫‪ 17‬ــ ليس و ِ‬

‫(ليس واض هع المال في غير حقه) َكأَن يَصرِفَ ُه ِفي َما َح َّر َم اللَّ ُه َت َعالَى ِم َن‬
‫ال َخمرِ َوال ِّزنَا َوالل َِّوا َطة ِ (بأقل إثم ًا من هممسكه من حقه) َكأَن َال يُخر َِج ال َّز َكا َة ِمن ُه‬
‫َو َال يُن ِف َق ِمن ُه َعلَى َما َت ِج ُب َعلَيه ِ نَ َف َق ُت ُه‪ ،‬بَل ُربَّ َما يَ ُكو ُن أَزيَ َد ِإثم ًا َوأَ َش َّد ُع ُقوبَ ًة‪.‬‬

‫ري م ِْن إ ْم َساكه َف نه َو مِنَ‬


‫ٌ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ً َ َ َ دا ْ َ َ ن َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 18‬ــ من أمسك شيئا يرى أن إِنفاقه خ‬
‫نْ َ َْ‬
‫ين ل ُِّدلنيا‪.‬‬ ‫المؤث ِِر‬

‫(من أمسك شيئ ًا يرى أن إنفاق هه خير من إمساكه‪ ،‬ف ههو من ال همؤثرين‬
‫ين قَ َال اللَّ ُه ل َ ُهم‪{ :‬ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ}‬ ‫للدنيا) ال َّ ِذ َ‬
‫[األعلى‪ ٤٦ :‬ــ ‪َ ،]٤1‬و َه َذا ُه َو األَح َم ُق ال َّ ِذي َال يُ َبادِلُ ُد َّر ًة بِ َذ َّر ٍة‪َ ،‬و َال يُ َح ِّص ُل بَاقِ َي ًة‬
‫بِ َفانِ َيةٍ‪.‬‬

‫َ َ ْ‬ ‫ين ل ُِّدل ْن َيا َت ْم نحو نح داب اآل ِ َ‬


‫اـه َدةن ال نم ْؤث ِر َ‬
‫ن َ َ‬
‫ب‪،‬‬
‫خرة ِ مِن القل ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 19‬ــ مش‬
‫ن َ ََ‬ ‫ن َ ََ‬ ‫َ ََْ‬
‫فكيف ب ِالمجالس ِة َوالمخالط ِة؟!‬
‫( همشاهد هة ال همؤثرين للدنيا) َعلَى ِ‬
‫اآلخ َر ِة (تم هحو هحب اآلخرة من القلب‪،‬‬
‫‪1٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫فكيف بال همجالسة) َم َع ُهم (وال همخالطة؟!) أَي‪ُ :‬ه َما أَ َشد َض َرر ًا‪.‬‬
‫السر ِفي َذلِ َك أَ َّن من آثَر الدنيا َعلَى ِ‬
‫آخ َرتِه ِ يَ َت َك َّد ُر ظَا ِه ُر ُه َوبَا ِطنُ ُه‬ ‫َو ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اه َد ُه أَط َفأَت‬ ‫بِأَك َدار َِها‪َ ،‬و َتح ُص ُل ِفيه ِ ظُلُ َما ُت َها‪َ ،‬و َتظ َه ُر آثَ ُار َها َعلَى ظَا ِهرِهِ‪ ،‬فَ َمن َش َ‬
‫الرغ َبة ِ ِف َيها‪َ ،‬و َه َذا أَم ٌر‬ ‫ظُلم ُة ُدني ُاه نُور ُح ِّب ِ‬
‫اآلخ َر ِة ِمن قَل ِبه ِ‪َ ،‬و َج َذبَت ُه ِإلَى ُحبِّ َها َو َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب‪َ ،‬والصح َب ُة ُم َؤث ِّ َرة ٌ‪َ ،‬ولِ َذا قَ َال اللَّ ُه َت َعالَى لِنَبِيِّه ِ ‪{ :2‬ﮜ ﮝ‬ ‫ُم َج َّر ٌ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [طه‪.]٤1٤ :‬‬

‫ُّ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ ِّ‬ ‫َْ ن ًَ ََ َ‬ ‫دا ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬


‫ادلنيا‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ط‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫اَّل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َف‬ ‫ك‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫يب‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫اخل‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫غ‬ ‫الر‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫‪ 41‬ـ ك ِ‬
‫ب‬ ‫َف‬
‫دا ْ َ ً ْ ن‬ ‫َََ‬ ‫ُّ ْ َ ْ ً َ‬ ‫نن ًَ َََ‬
‫ب َعرا ل ِلملِ ِّم ب ِ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫اَّل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َف‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ح‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ِص‬ ‫ل‬ ‫فا‬ ‫ت‬‫ح‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫الظ‬ ‫عقوبة‪ ،‬وك ِ‬
‫ب‬ ‫َف‬

‫(كفى بفقدان الرغبة في الخير) ال َّ ِذي ُه َو َعلَ ُم َس َع َاد ِة ال َّد َاري ِن َوفَو ِز‬
‫ص َيب ًة ِإ َّال َمن َع َر َف فَائِ َد َة‬
‫صيبةٍ فَوقَ ُه؟! ل َ ِكن َال يَ ُعد َها ُم ِ‬
‫ِ‬
‫ال َكونَي ِن ( همصيب ًة)‪َ ،‬وأَي ُم َ‬
‫ال َخي ِر‪َ ،‬وأَنَّى لِل َغب ِِّي أَن يَعر َِف قَد َر الد ِّر؟!‪.‬‬
‫(وكفى بالذل في طلب الدنيا هع هقوب ًة) َو َذلِ َك أَ َّن الدن َيا أَح َق ُر ِعن َد اللَّه ِ ِم َن‬
‫س‪َ ،‬وأَ َّن ط َُّالبَ َها َكال ِك َال ِب‪ ،‬فَ َمن َطلَ َب َها ان َغ َم َس ِفي الذلِّ‬
‫ال ِجي َفة ِ ال َمن ِتنَة ِ ِعن َد النَّا ِ‬
‫ِ‬
‫اله َوا ِن؟!‪.‬‬‫اله َوا ِن‪َ ،‬وأي ُع ُقوبَةٍ فَو َق أَن يَ ُكو َن طَالِ َب َها َكال َكل ِب في الذلِّ َو َ‬ ‫َو َ‬
‫(وكفى بالظلم) َعلَى َخل ِق اللَّه ِ (حتف ًا) َه َالك ًا (لصاحبه) ِأل َ َّن الظل َم‬
‫ات يَو َم ال ِق َي َامة ِ‪.‬‬
‫ظُلُ َم ٌ‬
‫(وكفى بالذنب عار ًا لل هملم به) أَي‪ :‬لِ َفا ِعلِه ِ‪َ ،‬وأَي َعا ٍر فَو َق ِعص َيا ِن ِذي‬

‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ات َخ َج ًال ِمن َعا ِرهِ ال َّ ِذي َح َص َل ل َ ُه‬ ‫ا ِإلن َعام ِ َواالن ِت َقام ِ‪َ ،‬ولَو َكا َن لِل ُمذنِ ِب َح َياءٌ ل َ َم َ‬
‫ص َية ِ ُع ُقوبَةٌ ِإ َّال ِع َق َ‬
‫اب ال َق َّها ِر ل َ َك َفت‪.‬‬ ‫بِ ِعص َيا ِن َربِّه ِ‪َ ،‬ولَو لَم يَ ُكن لِل َمع ِ‬

‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ن َ َ ْ َ ن َ َ ْ َ َ َ َ َ دا ِّ َ َ ْ َ‬
‫‪ 41‬ـ من ترك اجلزم ل ِلوـه ِم فهو أْحق‪ ،‬ومن أقام لَع الشك مع إِمَك ِن‬
‫َنَ َ ْ َ ن‬ ‫ال َم ِص َ َ‬
‫ي فهو أخرق‪.‬‬ ‫ري إَِل ايل ِق ِ‬
‫ِ‬
‫َاع ِته ِ‬
‫اب َعلَى ط َ‬ ‫(من ترك الجزم) َو ُه َو َما َو َع َد ُه اللَّ ُه َت َعالَى ِم َن ال َّث َو ِ‬
‫الشر ِع (للوهم) َو ُه َو ال َمالُ َونَح ُو ُه (ف ههو‬ ‫ص َي ِته ِ َو َتر ِكه ِ ب ُِم َخال َ َفة ِ َّ‬ ‫َوال ِع َق ِ‬
‫اب َعلَى َمع ِ‬
‫أحم هق) َحي ُث يَت ُر ُك َطلَ َب َما ُه َو ِفي ُح ُصولِه ِ َجاز ٌِم‪َ ،‬ويَطلُ ُب َما ُه َو ِفي ُح ُصولِه ِ‬
‫َوا ِه ٌم‪.‬‬
‫(ومن أقام على الشك مع إمكان المصير إلى اليقين ف ههو أخر هق) َال‬
‫يَه َت ِدي ِإلَى َشي ٍء‪َ ،‬و ِم َثالُ َذلِ َك أَن يَ َت َر َّد َد ِفي ِح ِّل َشي ٍء َو ِحر َم ِته ِ َم َث ًال‪َ ،‬و َكا َن ِعن َد ُه‬
‫العلَ َم ِاء َمن لَو َسأَل َ ُه‬
‫اج َع َها ل َ َو َج َد ُحك َم ُه‪ ،‬أَو َكا َن ِعن َد ُه ِم َن ُ‬ ‫ِمن ُك ُت ِب ال ِفقه ِ لَو َر َ‬
‫ٍ‬
‫التأَم ِل َواج َت َه َد ل َ َز َال َشك ُه‪،‬‬ ‫ل َ َش َف ُاه‪ ،‬أَو يَح ُص ُل ل َ ُه َشك ِفي َشيء لَو َتأَ َّم َل ِفيه ِ َح َّق َ‬
‫َولِ َه َذا أَم ِثلَ ٌة َك ِث َيرة ٌ‪.‬‬

‫َ َ َ دا ن ْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ََْ َ ْ َن َ ََ ن َ‬
‫ي لَع ثالث ِة‬ ‫ور لَكم العال ِ ِم ب ِاهللِ مع َعم ِة المؤ ِم ِن‬ ‫‪ 42‬ــ ينب ِِغ أن يد‬
‫ْ َ ن دا َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ َ ن‬ ‫دا ن‬
‫ِتام الطاع ِة َواثلال ِث‪ :‬اجتِناب‬
‫دا‬ ‫َ‬ ‫أ نمور‪ :‬األ داو نل‪ :‬اتلدا ْذك ن‬
‫ِري بِانلِّع ِم َواثل ِاِن‪ :‬ال ِ‬ ‫ٍ‬
‫دا َ‬ ‫َ ْ َ َ ن ُّ َ َ َ َ َ َ َ دا ن َ َ َ دا َ ْ َ َ ْ ن ن َ ْ َ َ‬
‫ث‬ ‫ري ما يدخل َتت ـه ِذه ِ اثلال ِ‬ ‫المع ِصي ِة فُك َعل ٍِم أخذ يتُكم مع العام ِة بِغ ِ‬
‫َ ن َ دا ٌ‬
‫فه َو فتان‪.‬‬
‫‪1١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(ينبغي أن ي هدور كل هم العالم بالله) َوبِأَح َكام ِ َشر ِعه ِ (مع عامة ال همؤمنين)‬
‫اء بِاللَّه ِ (على ثلثة أ ه همور‪:‬‬
‫العلَ َم ُ‬ ‫ال َّ ِذ َ‬
‫ين ل َم يَعلَ ُموا َما َعلِ َم ُه ُ‬
‫ِيم ب ُِجودِهِ‪َ ،‬و ِه َي َال ُت َعد َو َال‬
‫ــ الوله ‪ :‬التذك هير بالنعم) ال َّ ِتي أَن َع َم ب َِها ال َكر ُ‬
‫ود ُه َويَز َد ُادوا ُح ّب ًا ل َ ُه َو ُشكر ًا لِ ِن َع ِمه ِ‪.‬‬
‫ُتح َصى‪ ،‬لِ َير ُجوا ُج َ‬
‫ــ (والثاني‪ :‬التز هام الطاعة) لِ َيس َع ُدوا ب ِ َفوز َِها‪.‬‬
‫اب المعصية) لِيَ ُقوا أَن ُف َس ُهم ِمن َوبَالِ َها‪.‬‬
‫ــ (والثال هث‪ :‬اجتن ه‬
‫ص َية ِ‪،‬‬
‫اب ال َمع ِ‬ ‫اعة ِ‪َ ،‬وال ِت َز ُام َها يُ ِع ُ‬
‫ين َع َلى اج ِتنَ ِ‬ ‫َت َذك ُر النِّ َعمِ يُ ِع ُ‬
‫ين َعلَى ال ِت َزامِ الطَّ َ‬
‫قَ َال اللَّ ُه َت َعالَى‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [العنكبوت‪.]١5 :‬‬
‫ين َال يَف َه ُمو َن َدقَائ ِ َق األ ُ ُمو ِر‬
‫(ف هكل عالم أخذ) َش َر َع (يتكل هم مع العامة) ال َّ ِذ َ‬
‫(بغير ما يد هخ هل تحت هذه الثلث ف ههو فتان) يَف ِت ُن ِع َب َاد اللَّه ِ تعالى‪َ .‬و َكم أَتلَ َف‬
‫ات لِ َع َدم ِ فَه ِمهِم‪،‬‬ ‫ات َوال ُمن َك َر ِ‬ ‫الع َو ِّام فَ َوقَ ُعوا ِفي البِد ِع َّي ِ‬
‫ات َوال ُكفرِيَّ ِ‬ ‫ِمث ُل َه َذا ِم َن َ‬
‫اس َعلَى قَد ِر ُع ُقولِهِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َولِ َذا ق َيل‪َ :‬كلِّمِ النَّ َ‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ٌ َ ْ ن ن َ َ َ ْ َ ٌ َ ْ ن ن َ َ دا َ ْ ن ن َ َ ْ َ ن‬
‫الهداي ِة‬‫‪ 41‬ــ رْحة تطلبك‪ ،‬ورْحة تطلبها‪ .‬فال ِِت تطلبك رْحة ِ‬
‫َ دا َ ْ ن ن َ َ َ دا ن‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ْ َ ن ُّ ن َ ْ َ ن ن ن‬ ‫ََ‬
‫اجلنة‪،‬‬ ‫ب‪ .‬وال ِِت تطلبها ِِه‬ ‫ان‪ .‬و ِألجلِها َكن إِرسال الرس ِل وإِنزال الك ِ‬
‫ت‬ ‫بِابلي ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ ن‬ ‫دا‬ ‫ََ‬ ‫َْ َ ََ‬
‫ون ال ِعل ِم انلدااف ِِع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ان‬ ‫ق‬ ‫لَع‬ ‫‪،‬‬ ‫ِح‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الص‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫الع‬‫تسَع ل ِ‬
‫ب‬ ‫ا‬ ‫ه‬

‫(رحمة تطله هبك‪ ،‬ورحمة) أُخ َرى (تطله هبها؛ فالتي تطله هبك رحم هة الهداية‬
‫بالبيان) فَال ِه َدايَ ُة ال َّ ِتي ِه َي َرح َم ُة اهلل ِ َعلَى ِع َبادِهِ َوالَّتِي بَ َّينَ َها لِ ِع َبادِهِ َتطلُ ُب َك أَن‬

‫‪15‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ي ب َِها َو َتق َب َل َما َتد ُعو َك ِإلَيه ِ ِمن ِفع ِل َما يُ َق ِّربُ َك ِإلَى رِض َوا ِن اهلل ِ َو َتر ِك َما‬ ‫َته َت ِد َ‬
‫يُب ِع ُد َك َعن ُه‪( ،‬ولجلها كان إرس هال الر هسل وإنز هال ال هك هتب) َد َعا اهللُ َت َعالَى بِهِم‬
‫ِإلَيه ِ َوبَ َّي َن بِهِم ِه َدايَ َت ُه‪.‬‬
‫(والتي تطله هبها هي الجن هة‪ ،‬تسعى لها بالعمل الصالح‪ ،‬على قا هنون العلم‬
‫اها ِمن َغيرِ أَن يَع َم َل ل َ َها‬
‫الصالِ ِح‪َ ،‬و َمن َت َمنَّ َ‬
‫ِالع َم ِل َّ‬ ‫النافع) َو َالبُ َّد ِم َن َّ‬
‫السع ِي ل َ َها ب َ‬
‫الع َم ُل َعلَى َوف ِق‬ ‫ور بَ َّط ٌال؛ َمن ل َم يَز َرع َال يَح ُص ُد‪َ ،‬و َالبُ َّد أَن يَ ُكو َن َذلِ َك َ‬ ‫َمغ ُر ٌ‬
‫ود َعلَى َوجه ِ َص ِ‬
‫اح ِبه ِ‪.‬‬ ‫الشر ِع؛ ِإذ َما َخال َ َف ُه َمر ُد ٌ‬
‫َّ‬

‫دا َ ن َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ ُّ ْ َ َ َ َ ٌ َ َ ن َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬


‫ي‬‫‪ 44‬ــ دو ِاِع احل ِر ِص لَع ادلنيا ثالثة‪ :‬أحدـها‪ :‬انلظر إِيلها بِع ِ‬
‫للتمتع‪َ .‬واثلدااِن‪َ :‬ت ْعظ ن‬
‫ُّ‬ ‫َ َ ْ ن َ ن ن ن ُّ َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫اس‬‫يم انلدا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابلقاءِ‬ ‫ان‪ .‬وعنه يكون حب‬ ‫االستِحس ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ ن َ ن ن دا َ ن ن َ دا َ ن ن َ دا ن َ َ ُّ َ ْ َ َ َ ن َ‬
‫ِألربابِها‪ .‬ومِنه يكون اتلفاخر واتلَكثر‪ .‬واثلال ِث‪ :‬توـهم أن ال ق ِوام بِدون ِها‪.‬‬
‫َ َ ْن َْ َ ن ن ْ ن َ َ ْ ن َْ‬
‫وعنه ينشأ ابلخل وخوف الفق ِر‪.‬‬

‫(دواعي الحرص على الدنيا ثلثة‪:‬‬


‫ــ أح هدها‪ :‬النظ هر إليها بعين الستحسان) بِأَن يَ َر َاها ُمس َتح َسنَ ًة َمر ُغوب ًا فِ َيها‪،‬‬
‫(وعن هه ي هكو هن هحب البقاء للتمتع‪.‬‬
‫الح َيا ِة الدن َيا‬
‫َ‬ ‫ين يَعلَ ُمو َن ظَا ِهر ًا ِم َن‬ ‫يم الناس) ال َّ ِذ َ‬ ‫ــ والثاني‪ :‬تعظ ه‬
‫اخ هر‬
‫ي هكو هن التف ه‬ ‫(لربابها) لِ َزع ِمهِم أَ َّن َمن َح َّصلَ َها َكا َن َشيئ ًا َع ِظيم ًا‪( ،‬ومن هه‬
‫العبِي ِد َواألَت َبا ِع َوال ُق ُصو ِر َو َغي ُر َذلِ َك‪.‬‬
‫والتكا هث هر) بِاألَم َوا ِل َو َ‬

‫‪1٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ات َو َما يُ َشا ِكلُ َها‬


‫ــ (والثال هث‪ :‬توهم أن ل قوام ب هدونها) لِ َما يَ َرو َن أَ َّن األَق َو َ‬
‫الجم ِع‬ ‫اث َعلَى َ‬ ‫الح ِّ‬
‫البخ هل) ب َِها (وخو هف الفقر) َ‬ ‫َمربُو َط ًة ب َِها‪( ،‬وعن هه ينشأ ه ه‬
‫المن ِع‪.‬‬
‫َو َ‬

‫ن َْ ً َ َ‬ ‫َ َ ْ َ نن َْ َن َ َ ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َن‬


‫‪ 45‬ـ أجهل اجلا ِـهلِي‪ :‬من ت ِزيده المع ِرفة بِسع ِة رْح ِة اهللِ جرأة لَع‬
‫ََ‬
‫اصي ِه‪.‬‬
‫مع ِ‬

‫(أجه هل الجاهلين) بِاللَّه ِ َت َعالَى (من تزي هد هه المعرف هة بسعة رحمة الل هجرأ ًة‬
‫َّار َك َذلِ َك ُه َو قَ َّه ٌار‪َ ،‬و َك َما ُه َو‬
‫صيه ِ َك َما ُه َو َغف ُ‬‫على معاصيه) أَ َول َم يَعلَم أَ َّن َمن يَع ِ‬
‫َاع ِته ِ ِإح َسانَ ُه؛ {ﯝ‬ ‫يم َك َذلِ َك ُمن َت ِق ٌم؟! َوقَد َو َع َد َعلَى ِعص َيانِه ِ ِع َقابَ ُه‪َ ،‬و َعلَى ط َ‬ ‫ِ‬
‫َرح ٌ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ} [األعراف‪.]5٦ :‬‬
‫ين من َتزِي ُد ُه ِش َّد َة َخو ٍ‬
‫ف ِمن ُه َو ِع َظ َم اح ِت َرا ٍز َعن‬ ‫العالِ ِم َ َ‬
‫َواعلَم أَ َّن أَعلَ َم َ‬
‫ِعص َيانِه ِ‪.‬‬

‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ دا َ َ ْ َ ن دا ْ َ َ دا ْ َ ْ َ ن ن‬
‫وع فِي ِه دَعهن ذل ِك‬
‫الوق ِ‬ ‫ب قبل‬ ‫‪ 46‬ــ من حدث نفسه بِاتلوب ِة مِن اَّلن ِ‬
‫َ ْ‬
‫إَِل ف ِعلِ ِه‪.‬‬
‫وب َو َتخ َد ُع َص ِ‬
‫اح َب َها بِال َّتوبَة ِ َعن َها‬ ‫(من حدث نفس هه) ال َّ ِتي َتن ِز ُع ِإلَى الذنُ ِ‬
‫يث (إلى فعله) لِ َزع ِمه ِ أَنَّ ُه‬ ‫الوقهوع فيه دع هاه ذلك) ال َّتح ِد ُ‬ ‫(بالتوبة من الذنب قبل ه‬
‫َس َي َتطَ َّه ُر ِمن رِج ِسه ِ بِال َّتوبَة ِ بَع َد ُه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ن َ َ َ ن دا ن َ ِّ ن َ َ َ ن َ َ ن ْ َ َ‬ ‫َ َ ن دا ن ْ‬
‫‪ 47‬ــ مثل اَّلِي يذن نِب ِيلَتوب مثل اَّلِي يدنس بدنه َوث ِيابه ِيلَغت ِسل!‬
‫دا َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ دا َ َ ْ َ َ َ ن ْ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ََْ‬
‫ادلن ِس ما استطاع‪ ،‬ث دام إِن َوقع‬ ‫ِتز مِن‬ ‫ِ‬ ‫ُي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ِغ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ن‬‫وما ـهكذا ين ِ ِ‬
‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫ِغ‬ ‫ب‬
‫ال‪.‬‬ ‫الواج نب َعلَ ْي ِه اتلدا َن ُّظ َف ِف َ‬
‫احل‬ ‫الس ْهو ََك َن َ‬ ‫ن ْ َ ْ َ َ دا‬
‫ِِبك ِم الغفل ِة و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫(مث هل الذي هيذن هب لي هتوب مث هل الذي هيدن هس بدن هه وثياب هه) بِاألَدنَا ِ‬
‫اب َو ُتطَ َّه ُر بِنَح ِو‬ ‫(ليغتسل)‪َ ،‬ك َما أَ َّن األَق َذ َار ال ِح ِّس َّي َة ُتنَ ِّج ُس األَب َدا َن َواألَث َو َ‬
‫ِ‬
‫الب َوا ِط َن َوال ُقلُ َ‬
‫وب َو ُت َط َّه ُر بِال َّتوبَة ِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال َماء‪َ ،‬ك َذل َك األَو َز ُار ُتنَ ِّج ُس َ‬
‫الع َق َال ِء‪ ،‬بَل َمن ِفع ِل ال َم َجانِي ِن‪،‬‬ ‫(وما هكذا ينبغي) َولَي َس َذا ِمن ِفع ِل ُ‬
‫(إنما ينبغي أن يحترز من الدنس ما استطاع) ِم َن االح ِت َرا ِز ( هثم إن وقع) ِفيه ِ‬
‫س قَصد ًا (كان‬ ‫الوقُو ُع ِفي األَدنَا ِ‬ ‫(ب هحكم الغفلة والسهو) َولَي َس ِمن َشأ ِن ال ُمؤ ِم ِن ُ‬
‫الصادِقَة ِ‪َ :‬و ُه َو النَّ َد ُم َعلَى‬ ‫س (في الحال) بِال َّتوبَة ِ َّ‬ ‫الواج هب عليه التنظف) ِم َن ال َّدنَ ِ‬
‫اء َما َو َج َب قَ َضا ُؤ ُه‬ ‫العود ِإلَيه ِ أَبَد ًا‪َ ،‬وقَ َض ُ‬
‫العز ُم َعلَى َع َدم ِ َ ِ‬ ‫ِفعلِه ِ‪َ ،‬واالن ِق َال ُع َعن ُه‪َ ،‬و َ‬
‫آخ َر‪َ ،‬و َمن َكا َن َك َذلِ َك قَلَّ َما يُ َؤ َ‬
‫اخ ُذ ب َِوبَا ِل‬ ‫ب َ‬ ‫َوأَم َك َن‪َ .‬و َتأ ِخ ُير ال َّتوبَة ِ َع ِن ال َّذن ِب َذن ٌ‬
‫ال َّذن ِب‪.‬‬

‫نْ‬
‫او ِر َوتث ِم نر‬ ‫ج َرة ِ ت ن ْس ََق ب َماءِ ّ َ‬
‫الِت ن‬ ‫َ َ ن دا َ‬
‫الش‬ ‫ل‬‫ث‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫األن نخ دا‬
‫و‬ ‫مثل‬
‫ََن‬
‫‪ 48‬ــ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ دا َ ن َ َ ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫دا َ ن َ َ َ‬
‫َواتلداق َوى‪ ،‬فإِذا لم تسق الشج َرة يبست‪َ ،‬وإِذا لم تث ِم ْر‬ ‫ِّ‬
‫الِب‬‫ِ‬ ‫اون لَع‬ ‫اتلع‬
‫ن َ ْ‬
‫ق ِطعت‪.‬‬
‫ات (مث هل الشجرة) ال َّ ِتي َتن ُمو‬ ‫(مث هل ال ه هخوة في الله) َو ِهي ِمن أَف َض ِل األُ ُخ َّو ِ‬
‫َ‬
‫َو َتب َقى َرط َب ًة ب َِم ِاء ال ُمز ِن‪ ( ،‬هتسقى) األُ ُخ َّو ُة ِفي اللَّه ِ (بماء ال ّتز هاور) لِلَّه ِ َو ُه َو ال َّ ِذي‬
‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ِين ِف َّي<(‪( )٤‬و هتثم هر التع هاون على البر والتقوى)‬


‫َو َر َد ِفيه ِ‪َ > :‬و َج َبت َم َح َّب ِتي لِل ُم َت َزا ِور َ‬
‫ال َّ َذي ِن قَ َال اهللُ َت َعالَى ِفيه َِما‪{ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ} [المائدة‪.]٩ :‬‬
‫ِ‬
‫َواألُ ُخ َّو ُة ِفي اللَّه ِ ِمن أَع َظمِ األَش َياء ال َّ ِتي ُت ِع ُ‬
‫ين َعلَى ال َّت َع ُاو ِن َعلَى الب ِِّر بِ ِفع ِل‬
‫ات‪( ،‬فإذا لم هتسق الشجر هة) بِال َم ِاء‬ ‫ات َوال َّتق َوى بِاالح ِت َرا ِز َع ِن َّ‬
‫السيِّ َئ ِ‬ ‫ال َخي َر ِ‬
‫(يبست) ِأل َ َّن َح َي َات َها بِال َماء‪( ،‬وإذا لم هتثمر قهطعت) ِإذ َال نَف َع ِف َيها َغي َر النَّف ِع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بست‪،‬‬ ‫ال َّ ِذي في أَخ َشاب َِها‪َ ،‬ك َذلِ َك األُ ُخ َّو ُة في اللَّـه ِ ِإ َذا ل َم ُتس َق ب َِماء ال ّت َز ُاو ِر يَ َ‬
‫ين‬‫َو ِإ َذا ل َم ُتث ِمر ال َّت َع ُاو َن َعلَى الب ِِّر َوال َّتق َوى يَن َب ِغي قَط ُع َها؛ َال َخي َر ِفي أُ ُخ َّو ٍة َال ُت ِع ُ‬
‫البع ِد ِمن َس َخ ِطه ِ‪.‬‬ ‫الرح َم ِن َو ُ‬‫َعلَى ال ُقر ِب ِمن ر َِضى َّ‬

‫َ َ َ دا َ َ ْ ْ‬ ‫َ َ ْ َ دا َ َ َ ْ ن ْ ْ َ‬
‫‪ 49‬ــ إِذا ع ِملت الطاعة فانظ ْر إِن ِشئت ِِف بِدايتِها ال ِِت َكنت ِِبَو ِل‬
‫ْ َ ن َ ْ َ ن ن ن دا‬ ‫َ َ َ ََْ‬ ‫َ ن دا َ ن ْ َ ْ‬
‫اإلعجاب‪َ ،‬ويبَق شهود ال ِمن ِة ِهللِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ف‬‫و‬ ‫اهللِ وقوت ِ ِه وحس ِن ت‬
‫َ ن ْ ن َ‬ ‫َ َ ن‬
‫يل اثلدا َ‬ ‫َ َ َ دا‬ ‫ََ َ َ ْ ْ َ ََ ْ َ‬
‫آب‪،‬‬‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬‫و‬ ‫اب‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِت‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ت‬‫اي‬ ‫ِه‬ ‫ن‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫تعاَل‪ .‬وإِن ِشئت نظر‬
‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ن َ ْ ن ن دا ْ َ ن َ َ ُّ ن َ َ َ ن‬
‫اومة‪َ ،‬واأل داول أت ُّم‪.‬‬ ‫وعِنده تعظم الرغبة وَتِف المد‬

‫وإذا وقعت منك معصية فإياك أن تنظهر إلى بدايتها التي هي التقد هير‪،‬‬
‫فيد هعوك ذلك إلى الحتجاج على الله‪ ،‬و ههو أعظ هم من المعصية‪ ،‬ولكن ينبغي‬
‫يم العقاب وعند هه هتباد هر إلى التوبة وتعظ ههم الرهب هة‪.‬‬ ‫أن تنظهر في نهايتها التي هي أل ه‬
‫اء األَح َالم ِ َو ُض َع َفاءُ‬ ‫(إذا عملت الطاعة) ال َّ ِتي يَ َق ُع ب َِها ِفي ا ِإلع َج ِ‬
‫اب ُس َف َه ُ‬
‫األَف َهام ِ (فانظهر إن شئت في بدايتها التي كانت بحول الله وقهوته) ِإذ َال َحو َل‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬أخرجه اإلمام مالك في الموطأ‪ ،‬كتاب الشعر‪ ،‬باب ما جاء في المتحابين في اهلل‪.‬‬
‫‪1٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َو َال قُ َّو َة إِ َّال بِه ِ‪( ،‬و هحسن توفيقه) َولَو َال َتو ِفي ُق ُه لَم يَ َت َي َّسر َع َم ٌل ِأل َ َح ٍد‪.‬‬
‫اب) ال َّ ِذي يُهلِ ُك ال ِع َب َاد َويَج َع ُل َع َملَ ُهم‬ ‫المذ ُكو ِر (ينتفي اإلعج ه‬ ‫(وبذلك) َ‬
‫ود المنة لله تعالى) َولَو َال َمنَّ ُه َعلَى ِع َبادِهِ ال ُف َق َر ِاء ِإلَى‬ ‫َه َبا ًء َمنثُور ًا‪( ،‬ويبقى هش هه ه‬
‫ف ال ِع َب َاد ِة‪.‬‬
‫فَضلِه ِ ل َ َما َشموا َرائِ َح َة َشر ِ‬
‫َ‬
‫(وإن شئت نظرت في نهايتها التي هي جز هيل الثواب) ال َّ ِذي ُه َو ِم َّما َال‬
‫َعي ٌن َرأَت َو َال أُ ُذ ٌن َس ِم َعت َو َال َخطَ َر َعلَى قَل ِب بَ َش ٍر (و هحس هن المآب) ِفي ِج َوا ِر‬
‫َّب اللَّ ُه َت َعالَى ِفيه ِ ِمن ِعب َادتِه ِ‬ ‫يما َرغ َ‬ ‫ِ‬
‫اب (وعند هه تعظ ههم الرغب هة) ف َ‬ ‫الو َّه ِ‬
‫ال َكرِيمِ َ‬
‫َ‬
‫اعة ِ‪.‬‬
‫المداوم هة) َعلَى الطَّ َ‬ ‫(وتخف ه‬
‫(والو هل) أَي‪ :‬النَّ َظ ُر ِإلَى أَنَّ َها ب َِحو ِل اللَّه ِ َوقُ َّوتِه ِ (أتم)‪.‬‬
‫(وإذا وقعت منك معصية فإياك أن تن هظر إلى بدايتها التي هي التقد هير‪،‬‬
‫فيد هعوك ذلك إلى الحتجاج على الله‪ ،‬و ههو أعظ هم من المعصية) بَل َذلِ َك َدأ ُب‬
‫ال ُكفَّا ِر ال َّ ِذ َ‬
‫ين ط ََر َد ُه ُم اللَّ ُه ِمن َرح َم ِته ِ‪.‬‬
‫اب‬ ‫يم العقاب) َو َش ِدي ُد َ‬
‫الع َذ ِ‬ ‫(ولكن ينبغي أن تنظهر في نهايتها التي هي أل ه‬
‫ات‬‫اب ِمن نَا ٍر َو َزم َهرِي ٍر َو َع َقار َِب َو َح َّي ٍ‬ ‫ِفي النَّا ِر ال َّ ِتي َج َم َعت بَي َن أَن َوا ِع َ‬
‫الع َذ ِ‬
‫الج َّبا ِر (وعند هه هتباد هر إلى‬ ‫ين َو َضرِي ٍع َو َزقومٍ َو َغير َِها‪َ ،‬وفَو َق َذلِ َك َغ َض ُب َ‬ ‫َو ِغسلِ َ‬
‫الشيطَا ُن‬ ‫التوبة) لِ َئ َّال يَف َجأَ َك َوبَال ُ َها (وتعظ ههم الرهب هة) ِم َن ال َق َّها ِر َو ِإن َوس َو َس ل َ َك َّ‬
‫ب َِشي ٍء ِمن بَ ِ‬
‫اب ال َق َد ِر فَ ُقل ل َ ُه‪ِ :‬إ َّن َربِّي َعد ٌل َال يُس َئ ُل َع َّما يَف َع ُل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫دا‬ ‫َ ُّ ن‬ ‫ِّ ْ َ‬ ‫ن ن‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ َ َ‬


‫الرفع ِة‪َ ،‬واتلداجمل ِِف ال ِقل ِة‪،‬‬ ‫‪ 51‬ـ مِن مَك ِر ِم األخال ِق‪ :‬اتلدا َواضع ِِف‬
‫َ ْ َ ن‬
‫اد ِف دا ْ‬
‫الَّث َوة ِ‪.‬‬ ‫واالقتِص ِ‬

‫اض هع في الرفعة)‬ ‫(من مكارم الخلق) ال َّ ِتي اخ ُت َّص ب َِها أَه ُل ال َك َما ِل (التو ه‬
‫الرف َعة ِ أَح َس ُن‪َ ،‬و ِضد ُه قَب ٌ‬
‫ِيح‬ ‫ف‪َ ،‬و ُه َو َح َس ٌن‪َ ،‬و ِمن ِذي ِّ‬ ‫الشر ِ‬ ‫م َع ال ِعلمِ َو َ ِ‬
‫الجاه َو َّ َ‬ ‫َ‬
‫اب َونَح ِو َها (في القلة) ِمن‬ ‫َو ِمن ِذي َّ‬
‫الر َذالَة ِ أَق َب ُح‪( ،‬والتجم هل) ِإظ َه ُار َ‬
‫الج َما ِل بِالثِّ َي ِ‬
‫الم ِع َيشة ِ َو ُه َو َغايَ ُة الشكرِ‪( ،‬والقتصا هد) بَي َن ال َّتب ِذيرِ َوال َّتق ِتيرِ (في الثروة)‬‫اب َ‬‫أَس َب ِ‬
‫ال ِغنَى‪.‬‬

‫دا َ‬ ‫َ‬ ‫دا َ َ َ َ‬ ‫العاق نِل دااَّلِي َال عِلْ َم َ نَل ََك دا‬
‫َ‬
‫لر ِشي ِد اَّلِي ال مال نَل‪َ ،‬والعال نِم اَّلِي ال‬ ‫‪ 51‬ـ‬
‫َ دا َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َن َ َ‬
‫ال اَّلِي ال نرشد نَل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫عقل َل ك‬

‫(العاق هل الذي ل علم ل هه) بِأُ ُمو ِر ال ِّدي ِن (كالرشيد الذي ل مال ل هه) َو ُرش ُد ُه‬
‫المالُ ال َّ ِذي يَس َتع ِم ُل ِفيه ِ ُرش َد ُه‪َ ،‬ك َذلِ َك َعق ُل‬ ‫الجد َوى ِإ َذا لَم يَ ُكن ِعن َد ُه َ‬ ‫قَلِ ُيل َ‬
‫العاقِ ِل قَلِ ُيل ال َفائِ َد ِة ِإ َذا لَم يَ ُكن ِعن َد ُه ال ِعل ُم ال َّ ِذي يُر ِش ُد ُه ِإلَى َما َال يَن َب ِغي‪.‬‬
‫َ‬
‫(والعال هم الذي ل عقل ل هه كصاحب المال الذي ل هرشد ل هه) فَ ُي َضيِّ ُع َمال َ ُه‬
‫العالِ ُم ال َّ ِذي َال َعق َل ِعن َد ُه يُ َضيِّ ُع ِعل َم ُه ب َِوض ِعه ِ ِفي‬
‫َويُتلِ ُف ُه ِفي أَدنَى َز َما ٍن‪َ ،‬ك َذلِ َك َ‬
‫َغيرِ م َحلِّه ِ‪َ .‬و َك ِثير ًا ما ي ُكو ُن َسب َب َخسارتِه ِ َو َه َال ِكه ِ ِفي الدنيا َو ِ‬
‫اآلخ َر ِة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫‪1٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ِّ َ ْ َ َ ْ َ َ ِّ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫‪ 52‬ـ سخ ْر عقلك ل ِ ِعل ِمك‪َ ،‬وسخ ْر نفسك ل ِعقلِك‪.‬‬

‫(سخر عقلك) ال َّ ِذي َم َّي َز َك بِه ِ َرب َك َعن َغيرِ َك ِم َن َ‬


‫الح َي َوانَ ِ‬
‫ات (لعلمك)‬
‫ود ُه ِإلَى َما يَن َب ِغي َويَ ُكف ُه َع َّما َال يَن َب ِغي‪.‬‬
‫فَ َي ُق ُ‬
‫ِ‬
‫(وسخر نفسك) األ َ َّم َار َة (لعقلك) ل َ ُي َقيِّ َد َها ب ِ َقي ِدهِ َو َال يُفلِ َت َها ف َ‬
‫يما َال‬
‫يَن َب ِغي‪ ،‬فَ َمن فَ َع َل َعك َس َما ُذ ِك َر فَ َقد َض َّي َع ِعل َم ُه َو َعقلَ ُه‪.‬‬

‫دا ْ ن ن ن ن‬ ‫دا َ‬ ‫دا ْ‬ ‫دا ْ‬ ‫ن ن‬ ‫دا ْ ن‬ ‫َ‬


‫ري‪ ،‬إِنما الشأن شهود‬
‫ري ِِف اتلق ِص ِ‬
‫‪ 51‬ـ ما الشأن ِِف شهو ِد اتلق ِص ِ‬
‫دا ْ‬ ‫دا ْ‬
‫ري‪.‬‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ش‬ ‫الت‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫اتل‬
‫اب ال َّذن ِب‬‫الجلِ ُيل (في هش ههود التقصير في التقصير) ِفي ارت ِ َك ِ‬ ‫(ما الشأ هن) َ‬
‫ود‬
‫يم ( هش هه ه‬ ‫الع ِظ ُ‬
‫اض ٍل‪( ،‬إنما الشأ هن) َ‬ ‫ِأل َ َّن َذلِ َك يَش َه ُد ُه ُكل َعاقِ ٍل َويُ َقبِّ ُح ُه ُكل فَ ِ‬
‫الع َوالِمِ‬
‫ات َ‬ ‫َ‬ ‫التقصير في التشمير) ِفي ط َ‬
‫َاعة ِ ال َق ِديرِ‪ ،‬بِأَن َت َرى ِإن لَو أَ َتي َت بِ ِعب َاد ِ‬
‫ُكل َِّها لَم ُت َسا ِو َشيئ ًا َولَم َت ُكن َشيئ ًا؛ ِأل َ َّن َح َّق اللَّه ِ أَعلَى َوأَ َج ّل‪ ،‬بَل ُربَّ َما‬
‫َتس َتحيِي‪َ ،‬هل ِمثلُ َك ال َّذلِ ُيل أَه ٌل أَن يَخ ِد َم َذلِ َك َ‬
‫الجلِي ِل‪.‬‬

‫ََن‬ ‫َ‬ ‫ن ْ ً‬ ‫اقا ً ِف َ‬ ‫َ ْ َ َ ّ‬ ‫َ ن ن َْن‬


‫آل‪َ ،‬ومثل‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫وا‬‫ل‬‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫احل‬ ‫َّث ش ِ‬ ‫‪ 54‬ــ يكون اخلري ِِف األك ِ‬
‫َ‬ ‫َ ن َ َ ن دا َ َ َ دا َ ْ َ‬ ‫َََ‬ ‫َ ْ َن‬ ‫َ َ ن دا‬ ‫َ‬
‫الراحة حَّت ينت ِِه إَِل‬ ‫ُيد‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ئ‬‫الك‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫ق‬ ‫الع‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ِي‬
‫اَّل‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ف‬
‫ْ َْ َ ََن‬ ‫َ َ َ ًّ‬ ‫ْ‬
‫َ ن ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ دا ُّ َ ن ن‬
‫ال ومثل‬ ‫ال وشاقا ِِف االستِقب ِ‬ ‫َّث حلوا ِِف احل ِ‬ ‫أعالـها والّش يكون ِِف األك ِ‬
‫َ َ ن َ َ َ َ دا َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ََ ن ْ نْ َ ََ ْ َْ‬ ‫َ َ ن دا‬ ‫َ‬
‫ُيد األلم حَّت يقع لَع‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ذ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ِي‬ ‫اَّل‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ف‬
‫َْ‬
‫األر ِض‪.‬‬

‫‪1٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(ي هكو هن الخي هر في الكثر شاقّ ًا في الحال‪ ،‬هحلو ًا في المآل‪ ،‬ومث هل فاعله‬
‫الصع َبة ِ (ل يج هد الراحة حتى ينتهي إلى‬
‫مث هل الذي يصع هد في العقبة الك هئود) َّ‬
‫أعلها) ال َّ ِذي فِيه ِ نِ َع ٌم َج َّمةٌ َوأَف َر ٌ‬
‫اح َك ِث َيرة ٌ‪.‬‬
‫(والشر ي هكو هن في الكثر هحلو ًا في الحال) ِألَنَّ ُه َتس َتلِذ ُه النَّف ُس (وشا ّق ًا في‬
‫ين يَظ َه ُر َوبَال ُ ُه‪( ،‬ومث هل فاعله مث هل الذي يق هع من هذروة جبل أو‬ ‫الستقبال) ِح َ‬
‫بيت‪ ،‬ل يج هد اللم حتى يقع على الرض) فَا ِع ُل ال َخيرِ َال يَعلَ ُم فَ َضائِلَ ُه َح َّتى‬
‫ات األَك َدا ِر‪.‬‬ ‫ُوق نَ َك َال النَّا ِر َذ ِ‬ ‫الجنَّ َة‪َ ،‬و َعا ِم ُل َّ‬
‫الش ِّر َال يَعلَ ُم َوبَال َ ُه َح َّتى يَذ َ‬ ‫يَد ُخ َل َ‬

‫َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ دا ن ن دا َ َ ْ َ ن َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ ن‬
‫‪ 55‬ــ ال ينب ِِغ أن تعتد بِأخوة ِ أ ٍخ يست ِطيع أن ينفعك فال يفعل‪.‬‬

‫(ل ينبغي أن تعتد بأ ه هخوة أخ يستط هيع أن ينفعك) ِفي أَمرِ ال ِّدي ِن أَو‬
‫ِي أَمرِ الدن َيا (فل يفع هل) لِنُق َصا ٍن فِيه ِ‪ ،‬فَ ِإنَّ ُه َال َخي َر ِفي أُ ُخ َّوتِه ِ‪َ ،‬واأل َ ُخ ِإ َذا‬ ‫َض ُرور ِّ‬
‫لَم يَن َفع أَ َخ ُاه فَأَي فَائِ َد ٍة ِفي أُ ُخ َّوتِه ِ؟!‪.‬‬

‫ْ َ ً َْ َ َ َ َْ َ َ ْ َ ْ َ َ ن َ َ‬ ‫َ ََْ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫حنه بِما ال‬ ‫َ‬
‫‪ 56‬ــ إِذا أردت أن تصط ِِف إِنسانا ِنلف ِسك فال بأس أن تمت ِ‬
‫ْ َ ن ن‬ ‫َ ُّ‬
‫اء بِدون ِ ِه‪.‬‬ ‫ي ِصح االص ِطف‬
‫(إذا أردت أن تصطفي) َتخ َتار (إنسان ًا لنفسك) لِ َت َّت ِخ َذ ُه َص ِ‬
‫احب ًا أَو َخادِم ًا‬ ‫َ‬
‫اء ب هدونه) ِأل َ َّن‬
‫أَو نَح َو َذل َك (فل بأس أن تمتحن هه) ُت َج ِّربَ ُه (بما ل يصح الصطف ه‬
‫ِ‬
‫الحس َر ِة‪َ ،‬ولَي َس ِم َن‬ ‫ِ‬
‫الشيءَ قَب َل ال َّتجرِبَة ِ َك ِثير ًا َما يَ َق ُع في النَّ َد َامة ِ َو َ‬
‫َم ِن اص َط َفى َّ‬
‫اء َمن َال يُعلَ ُم َحال ُ ُه قَب َل االم ِت َحا ِن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحزم ِ اصط َف ُ‬
‫َ‬
‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ََ نْ ن َ َ َ‬ ‫َ َ نن‬ ‫َ َ ْ َ ْ دا َ ْ َ ْ َ ن‬
‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِط‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ج‬‫و‬
‫ِ‬ ‫ُي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬‫و‬‫ق‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫ام‬ ‫ي‬‫ق‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫يع‬‫‪ 57‬ـ ال تصحب إِال من تست ِط‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫نن َ َ َ‬
‫ال قِيا ِم ِه بِها‪.‬‬
‫حقوق ِك؛ ل ِك ِ‬
‫م‬

‫(ل تصحب إل من تستط هيع القيام ب هح هقوقه) لِ ُق َّو ٍة َتعلَ ُم َها ِمن نَف ِس َك‪،‬‬
‫َو ُس ُهولَةٍ َتعلَ ُم َها ِم َّمن ُترِي ُد ُصح َب َت ُه (ول هيحو هجك لطلب هح هقوقك) ال َّ ِتي َتل َز ُم ُه‬
‫وم َو َال‬ ‫بِالصح َبة ِ (لكمال قيامه بها)‪َ ،‬و َال َتص َحب َمن ِس َو ُاه فَ ِإ َّن ُصح َب َت ُه َال َت ُد ُ‬
‫َتخلُو َعن َخلَ ٍل‪.‬‬

‫ن ْ َ َ َ َ دا َ‬ ‫ْ َ ََ َن‬ ‫نن‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ دا َ‬
‫ول العذ ِر َكن أقل ما‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫ق‬ ‫لَع‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫و‬‫خ‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬‫وق‬‫ق‬ ‫ح‬ ‫اط‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫‪ 58‬ــ من عو ِ ِ‬
‫إ‬ ‫ِف‬ ‫ل‬
‫َ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ََْ ن ْ‬
‫يلقاـهم ب ِ ِه ال ِغش َوالمك نر‪.‬‬
‫اصة ِ‬ ‫(من عول) اع َت َم َد (في إسقاط هح هقوق إخوانه) ال َّ ِتي َتل َز ُم ُه لِل ُُخ َّو ِة ال َخ َّ‬
‫العذر) ِم َّمن قَ َّص َر ِفي ُح ُقوقِه ِ (كان أقل ما يلقا ههم به الغش‬ ‫الع َّامة ِ (على ق هبول ه‬ ‫أَ ِو َ‬
‫المنَ ِاف ِق َ‬
‫ين‪.‬‬ ‫والمك هر) َو ُه َو ِمن َدي َد ِن ُ‬
‫َوال َّ ِذي يَن َب ِغي لِإلِن َسا ِن أَن يَج َت ِه َد أَ َّو ًال ِفي ِإع َط ِاء ُح ُقو ِق ا ِإلخ َوا ِن‪َ ،‬و ِإن‬
‫ين‪.‬‬ ‫ِالمنَ ِاف ِق َ‬
‫ص ٌير اتِّ َفاقِ ّي ًا يَع َت ِذ ُر ِعن َد َمن قَ َّص َر ِفي َح ِّقه ِ ِمن َغيرِ ُم َشابَ َهةٍ ب ُ‬
‫َوقَ َع ِمن ُه َتق ِ‬

‫َ ْ ْ ْ َ َ َ ْ َ ً َ ْ َ ن دا َ َ َ َ ْ َ دا َ َ َ ن َ ْ‬
‫‪ 59‬ــ أك ِرم إِخوانك إِكراما تست ِطيع ادلوام علي ِه؛ وإِال َكن مآل األم ِر‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫الوحش ِة َوالق ِطيع ِة‪.‬‬ ‫إَِل‬

‫(أكرم إخوانك) ال َّ ِذ َ‬
‫ين يُ َع ِ‬
‫اش ُرونَ َك (إكرام ًا تستط هيع الدوام عليه) بِأَن َال‬
‫‪1١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ُتفرِ َط ِفي َذلِ َك‪ ،‬بَل َتأ ُخذ بَي َن ا ِإلف َرا ِط َوال َّتفرِي ِط‪َ ،‬و َخي ُر األ ُ ُمو ِر أَ َوا ِسط َُها‪َ ،‬و َال‬
‫وم َم َع ال ُكل َفة ِ الصح َب ُة َك َما قَ َال‪( :‬وإل كان مآله المر إلى الوحشة والقطيعة)‬ ‫َت ُد ُ‬
‫َوقَد َوقَ َع َذلِ َك‪.‬‬

‫دا ْ ن َ َ َ ْ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬‫‪ 61‬ــ اتلأ ِويل لَع َضب ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ن َ َ ن دا ن َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ن ن َ َ ن ُّ َ َ َ‬
‫ام‪ .‬وـهذا‬ ‫ال‪ ،‬وـهو ما يؤول يل ِصل إَِل األفه ِ‬ ‫ـ أحدـهما‪ :‬يدل لَع الكم ِ‬
‫ُّ دا‬
‫اب َوالسن ِة‪.‬‬
‫َ‬
‫ِت‬‫ك‬ ‫ال‬ ‫ِف‬ ‫ع َكث ِ ٌ‬
‫ري‬
‫دا ْ ن‬
‫انلو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ن ُّ َ َ‬ ‫َ ن َ دا ن َ دا َ ْ ن ن َ ّ ً َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫دا‬
‫ري باط ٍِل‪َ ،‬وـهذا يدل لَع‬ ‫ـ َواثل ِاِن‪ :‬ما يؤول ِيل ِصح كونه حقا أو غ‬
‫َ َ َ ْ دا َ َ ْ ن ن‬ ‫ْ‬
‫يل لَع الوج ِه اثل ِاِن ال يكمل‬ ‫و‬ ‫أ‬‫اج ِف نص ْح َبت ِه إ ََل اتلدا‬ ‫َ ن ُّ َ ْ ن ْ َ ن‬
‫ت‬‫ُي‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ُك‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫ق‬
‫دا ْ‬
‫انل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ن ِّ ن َ َ ً دا َ َ ْ َ ن َ ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ دا‬ ‫ْ‬
‫اء ب ِ ِه؛ ِألن اتلداأ ِويل ال ُيَصل كماال‪َ ،‬وإِنما يدفع نقصا‪.‬‬ ‫االقت ِ َد ن‬

‫(التأو هيل) لِل ُمش َك ِل (على ضربين‪:‬‬


‫المش َكلَةِ‬‫أح هد ههما‪ :‬ي هدل على الكمال) لِل ُم َؤ َّو ِل ل َ ُه (و ههو ما هيؤو هل) ِم َن ال َكلِمِ ُ‬
‫السا ِم ِع ال َّ ِذي َال يَف َه ُم ُ‬
‫المش َكلَ َة‬ ‫الم َؤ َّولُ (إلى الفهام) أَي‪ :‬أَف َهام ِ َّ‬
‫َونَح ِو َها (ليصل) ُ‬
‫ِإ َّال بِال َّتأوِي ِل‪( ،‬وهذا النو هع) ِم َن ال َّتأوِي ِل (كثير في الكتاب والسنة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ما هيؤو هل ليصح كو هن هه ح ّق ًا أو غير باطل‪ ،‬وهذا ي هدل على‬
‫الم َؤ َّو ِل ل َ ُه؛ ِألَنَّ ُه لَو َكا َن َكا ِم ًال ِفي ِعل ِمه ِ َو َتعبِيرِهِ ل َ َما‬
‫ص ُ‬ ‫النقص) أَي‪َ :‬علَى نَق ِ‬
‫اج لِ َتص ِحي ِحه ِ ِإلَى َتأوِي ٍل‪َ .‬و َه َذا َك ِث ٌير ِفي َك َالم ِ َمن يَ َت َكلَّ ُم ِفي فَن ِمن‬ ‫أَ َتى ب َِما يُح َت ُ‬
‫ين يُبرِ ُزو َن َم َعانِي َص ِح َ‬
‫يح ًة‬ ‫فُنُو ِن ال ِعلمِ َولَم يَ َت َب َّحر ِفيه ِ‪ُ ،‬خ ُصوص ًا ُ‬
‫الم َت َص ِّوفَ ُة ال َّ ِذ َ‬
‫‪15‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫العلَ َم ِاء بِاللَّه ِ َعلَيهِم‪.‬‬ ‫ِفي َكلِ َم ٍ‬


‫ات ظَا ِه ُر َها ُكف ٌر‪َ ،‬ولِ َذا اش َت َّد نَ ِك ُير ُ‬
‫اج في هصحبته إلى التأويل) لِ َما يَف َع ُل َويَ ُقولُ (على الوجه‬ ‫(ف هكل شيخ هيحت ه‬
‫الثاني) بِأَن يَف َع َل ِفع ًال أَو يَ ُق َ‬
‫ول قَو ًال يُ َخالِ ُف ظَا ِه َر َّ‬
‫الشر ِع‪َ ،‬و ِإنَّ َما يُ َص َّح ُح ــ ِإن‬
‫َص َّح ــ بِال َّتأوِي ِل‪( ،‬ل يك هم هل القتداءه به؛ لن التأويل ل هيحص هل كما ًل‪ ،‬وإنما‬
‫يدف هع نقص ًا) َمن ُسوب ًا ِإلَيه ِ‪.‬‬
‫اس ثَ َالثَ ُة أَق َسامٍ‪:‬‬
‫َوأَيض ًا ِإ َّن النَّ َ‬
‫يء ال َّظ َّن بِه ِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــ من ُهم َمن يَعلَ ُم َتأو َِيل َما َص َد َر من ُه‪ ،‬فَ َيح ِملُ ُه َعلَيه ِ‪َ ،‬و َال يُ ِس ُ‬
‫َويَن َت ِف ُع بِه ِ(‪.)٤‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬من ذلك قول اإلمام الحافظ محيي الدين النووي في شرح كالم مشكل ألبي يزيد البسطامي‬
‫الذي يقول فيه عن الخلق بعد مجاهدة نفسه‪> :‬فرأيتهم موتى‪ ،‬فكبرت عليهم أربع‬
‫وجد في غير‬ ‫والحس ِن‪ ،‬قلَّ أن يُ َ‬
‫تكبيرات<‪ :‬قوله‪> :‬فرأيتهم موتى< هو في غاية من النفاسة ُ‬
‫حصل معناه‪ ،‬وأنا أشير إلى معناه بعبارة وجيزة‪ ،‬فمعناه أنه‬
‫كالم ي ّ‬
‫كالم النبي ‪ٌ 2‬‬
‫ّلما جاهد هذه المجاهدة وتهذبت نفسه واستنار قلبه واستولى على نفسه وقهرها وملكها ملكا‬
‫تاما وانقادت له انقيادا خالصا نظر إلى جميع المخلوقين فوجدهم موتى ال حكم لهم‪ ،‬فال‬
‫يضرون وال ينفعون‪ ،‬وال يعطون وال يمنعون‪ ،‬وال يحيون وال يميتون‪ ،‬وال يصلون وال‬
‫يقطعون‪ ،‬وال يقربون وال يبعدون‪ ،‬وال يسعدون وال يشقون‪ ،‬وال يرزقون وال يحرمون‪ ،‬وال‬
‫يملكون ألنفسهم نفعا وال ضرا‪ ،‬وال يملكون موتا وال حياة وال نشورا‪ ،‬وهذه صفة‬
‫األموات‪ ،‬فينبغي أن يعاملوا معاملة الموتى في هذه األمور المذكورة‪ ،‬وأن ال يخافوا وال‬
‫يرجوا وال يطمع فيما عندهم‪ ،‬وال يراؤوا وال يداهنوا وال يشتغل بهم وال يحتقروا وال‬
‫ينتقصوا وال تذكر عيوبهم وال تتبع عثراتهم وال ينقب عن زالتهم وال يحسدوا وال يستكثر‬
‫فيهم ما أعطاهم اهلل تعالى من نعمة‪ ،‬ويرحموا ويعذروا فيما يأتونه من النقائص‪ ،‬مع أنا نقيم‬
‫الحدود عليهم ما جاء الشرع به من الحدود‪ ،‬وال يمنعنا إقامة الحد ما قدمناه‪ ،‬وال يمنعنا‬
‫أيضا ما قدمناه من إقامة الحد أن نحرص على ستر عوراتهم‪ ،‬من غير تنقص لهم‪ ،‬كما=‬

‫‪1٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ــ َو ِمن ُهم من َال يعلَ ُم ُه‪ ،‬فَ ِإ َّما أَن يح ِملَ ُه َعلَى ظَا ِهرِهِ َويع َت ِق َد ُه َح ّق ًا َعلَى ظَا ِهرِهِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الض َر ُر ال َّ ِذي يَح ُص ُل ل َ ُه ِمن َذلِ َك أَك َث ُر ِم َن النَّف ِع ال َّ ِذي يُ َح ِّصلُ ُه ِمن ُه‪.‬‬ ‫فَ َيغ ِوي‪َ ،‬و َّ‬
‫ــ َوإِ َّما أَن يَح ِملَ ُه َعلَى ظَا ِهرِهِ‪َ ،‬م َع َع َدم ِ اع ِت َقادِ َح ِّقيَّ ِته ِ َعلَيه ِ‪ ،‬فَ ُي َك ِّف ُر َّ‬
‫الشي َخ‬
‫اس َد َك ِث َيرة‪.‬‬‫أَو يُب ِّد ُع ُه أَو يُ َف ِّس ُق ُه‪َ ،‬ويُ َؤ ِّدي َذلِ َك ِإلَى َم َف ِ‬
‫َ‬
‫الشر ِع فِي أُ ُمو ِر ِه ُكل َِّها‪َ ،‬و َال‬ ‫الشي ُخ ال َكا ِم ُل ُه َو ال َّ ِذي يَس َت ِق ُ‬
‫يم َعلَى ِم َيزا ِن َّ‬ ‫َو َّ‬
‫اس‪.‬‬ ‫يَف َع ُل َو َال يَ ُقولُ َما يَفتِ ُن النَّ َ‬

‫ََ َ‬ ‫ُّ ْ َ ن َ َ‬
‫ادلنيا المباح ِة‪َ ،‬وقع ال‬ ‫ات‬‫و‬‫‪ 61‬ــ َم ْن َأ ْف َر َط ِف نح ِّب َش ْه َوة م ِْن َش َه َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫دا َ َ‬ ‫ََ ََ ن‬
‫ار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الع‬ ‫و‬‫أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ار‬ ‫انل‬ ‫ب‬‫حمالة ِِف ِ ِ‬
‫ج‬‫و‬ ‫م‬
‫المباحة‪ ،‬وقع ل محالة في‬
‫(من أفرط في هحب شهوة من شهوات الدنيا ه‬
‫وجبِهِما‪ ،‬وقد قال ‪> :2‬من رتع حول‬ ‫هموجب النار أو العار) أو فِي ُم ِ‬
‫ات بع ُضها جا ِذبات لِبعض‪ ،‬وقد ُج ِّرب‬ ‫وش ُك أن يُواقِع ُه<(‪ ،)1‬و َّ‬
‫الشهو ُ‬ ‫ال ِحمى يُ ِ‬
‫هذا َك ِثير ًا‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= يفعل ذلك بالميت‪ ،‬وإذا ذكرهم ذاكر بشين نهيناه عن الخوض في ذلك كما ننهاه عن ذلك‬
‫في الميت‪ ،‬وال نفعل شيئا لهم‪ ،‬وال نتركه لهم‪ ،‬وال نمتنع من القيام بشيء من طاعات اهلل‬
‫بسببهم‪ ،‬كما ال نمتنع من ذلك بسبب الميت‪ ،‬وال نكترث بمدحهم وال نحبه‪ ،‬وال نكره‬
‫سبهم إيانا وال نقابله‪ ،‬فالحاصل أنهم كالعدم في جميع ما ذكرناه‪ ،‬فهم مدبَّرون تجري فيهم‬
‫أحكام اهلل تعالى‪ ،‬فمن عاملهم هذه المعاملة جمع خير اآلخرة والدنيا‪ ،‬نسأل اهلل الكريم‬
‫التوفيق لذلك‪( .‬بستان العارفين‪ ،‬ص ‪)5١ ،51‬‬
‫(‪ )٤‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب فضل من استبرأ لدينه؛ وأيضا في‬
‫كتاب البيوع‪ ،‬باب‪ :‬الحالل ّبين؛ ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المساقاة‪ ،‬باب أخذ الحالل‬
‫وترك الشبهات‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ََ َ‬ ‫َ ْ ن َ ْ َ ن َ ُّ ن َ َ َ ُّ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫حب ِ ِه‪َ ،‬وت َرافعا إَِل‬
‫َض لَع صا ِ‬ ‫‪ 62‬ــ َتاصم العجز واحل ِرمان أيهما أ‬
‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ ن َ َ دا َ ْ َ َ ْ ٌ َ ْ َ َ ْ ن ن‬
‫العق ِل‪ ،‬فقَض بينهما أن العجز أصل واحل ِرمان فرعه‪.‬‬
‫(تخاصم العج هز) َعن ِفع ِل ال َك َما ِل (والحرما هن) َع ِن ال َف َوائِ ِد‪ ،‬بِلِ َسا ِن‬
‫العج ُز لِل ِحر َما ِن‪ :‬أَن َت أَ َضر َعلَيه ِ‪َ ،‬وقَ َال‬
‫لحا ِل‪( ،‬أي ههما أضر على صاحبه) فَ َق َال َ‬ ‫ا َ‬
‫ال ِحر َما ُن ل َ ُه‪ :‬بَل أَن َت أَ َضر َعلَيه ِ منِّي‪.‬‬
‫(وترافعا إلى العقل) ال َّ ِذي يَعر ُِف َح َقائِ َق األُ ُمو ِر َعلَى َما ِه َي َعلَيه ِ‪،‬‬
‫اص َم ُه َما (أن العجز أصل)‬ ‫َوأَظ َه َرا قِ َّص َت ُه َما ل َ َديه ِ‪( ،‬فقضى بين ههما) قَا ِطع ًا َت َخ ُ‬
‫لِل ِحر َما ِن‪ِ ،‬إذ لَو لَم يَ ُكن لَم يَ ُكن‪( ،‬والحرمان فر هع هه) ُ‬
‫الم َت َرتِّ ُب َعلَيه ِ‪ ،‬فَ َم ِن اب ُتلِ َي‬
‫ِالعج ِز َعن َعالِي األ ُ ُمو ِر فَليُ َب ِّشر نَف َس ُه بِال ِحر َما ِن َعن فَ َوائِ ِد َها‪.‬‬
‫ب َ‬

‫َ ْ َ دا دا َ َ َ دا ٌ‬
‫‪ 61‬ــ ما مِن ط ِوي ٍة‪ ،‬إِال وفِيها خ ِفية‪.‬‬
‫س َمن يَ ُكو ُن‬ ‫وب (إل وفيها خفية) فَ ِم َن النَّا ِ‬ ‫(ما من طوية) ِمن ط ََوايَا ال ُقلُ ِ‬
‫ِفي َط ِويَّ ِته ِ َخصلَةٌ طَيِّ َبةٌ يَ ُفو ُز ب َِها ِفي ال َّد َاري ِن‪َ ،‬و َك ِثير ًا َما يَظ َه ُر أَثَ ُر َها َعلَى ظَا ِهرِهِ‪،‬‬
‫س َمن يَ ُكو ُن ِفي َط ِويَّ ِته ِ َخصلَةٌ َردِي َئةٌ يَخ َس ُر ب َِها ِفي ال َكونَي ِن‪َ ،‬و َكثِير ًا َما‬ ‫َو ِم َن النَّا ِ‬
‫ات بَ َدنِه ِ‪.‬‬
‫َتظ َه ُر َع َال َما ُت َها َعلَى َص َف َح ِ‬

‫َ ن‬ ‫َ َ ن َْ َ‬ ‫َ َ ن َ‬
‫اصد‪.‬‬
‫ب الق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬‫اص‬
‫ِ‬ ‫ق‬‫الم‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫‪ 64‬ــ إِذا صل‬
‫اب قَ ِ‬
‫اص ُد َها‬ ‫(إذا صلهحت المقاص هد‪ ،‬لم يخب القاص هد)‪َ ،‬و ِإ َذا فَ َس َدت َخ َ‬
‫ِفي ال َّد َاري ِن أَو ِفي أَ َح ِد ِه َما‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ ْ َ ن ْن ََ‬
‫لَع إ ْض َالل َ‬ ‫دا ْ َ ن َ َ ْ َ‬
‫اجلاـه ِِل؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ص‬ ‫ر‬‫ح‬ ‫أ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الع‬ ‫ل‬
‫‪ 65‬ــ الشيطان لَع إِض ِ‬
‫ال‬
‫َ دا َ َ َ َ دا َ ُّ َ َ َ ْ ن ن َ َ ن َ ْ َ َ َ َ‬
‫اجلاـهِل ليس كذل ِك‪.‬‬ ‫ِألن العال ِم إِذا ضل ي ِضل بِضال َِل ِ غريه‪ ،‬و‬

‫(الشيطا هن) ال َّ ِذي ُطب َِع َعلَى َع َد َاو ِة ا ِإلن َسا ِن (على إضلل العالم) ال َّ ِذي ِمن‬
‫ِ‬
‫ي بِه ِ َغي ُر ُه (أحر هص من هه على إضلل الجاهل‪ ،‬لن العالم إذا ضل)‬ ‫َشأنه ِ أَن يَه َت ِد َ‬
‫المس َت ِقيمِ (يضل بضلله غي هر هه) ال َّ ِذي يَق َت ِدي بِه ِ ِفي َض َاللِه ِ‪.‬‬ ‫الص َرا ِط ُ‬ ‫َع ِن ِّ‬
‫السائِ َر ِة ِفي َطرِي ٍق ِذي ِش َع ٍ‬
‫اب َواش ِت َبا ٍه‬ ‫العالِمِ َمثَ ُل َدلِي ِل ال َق ِافلَة ِ َّ‬
‫َو َمثَ ُل َ‬
‫َو َراءَ ُه‪ ،‬فَ ِإ ِن اس َت َق َام َعلَى الطَّرِي ِق اس َت َق َامت‪َ ،‬و ِإن َض َّل َضلَّت‪.‬‬
‫السائِرِ َوح َد ُه‪ ،‬فَ ِإنَّ ُه ب َِض َاللِه ِ َال يَ ِضل‬
‫(والجاه هل ليس كذلك) َو ُه َو ِمث َل َّ‬
‫َغي ُر ُه‪.‬‬

‫َ ْ َ ْ َ َ دا َ ن َ َ َ ن ْ دا َ ن‬
‫‪ 66‬ــ من أصلح ن ِيته‪ ،‬بلغ أمنِيته‪.‬‬

‫الريَ ِاء (بلغ أهمنيت هه) ال َّ ِتي يَ َت َمنَّ َ‬


‫اها‪،‬‬ ‫(من أصلح نيت هه) َعن َش َوائ ِ ِب ال َف َسادِ َو ِّ‬
‫َو َمن أَف َس َد َها لَم يَبلُغ َها‪.‬‬

‫دا َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ن ُّ َ‬ ‫َ ْ ن ن ن ن ن َ‬
‫ال‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ه‬
‫ِِ‬ ‫ب‬‫ل‬‫ق‬ ‫لَع‬ ‫ب‬‫ل‬ ‫غ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫لَع‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫انل‬ ‫يل‬
‫‪ 67‬ـ يصعب سلوك ِ ِ‬
‫ب‬ ‫س‬
‫اجلاهن‪.‬‬
‫َو َ‬

‫ِ‬
‫ود ِ‬
‫ات‪،‬‬ ‫(يص هع هب هسلهو هك سبيل النجاة) بِاالج ِت َها ِد ف َ‬
‫يما يُر ِضي َر َّب َ‬
‫المو ُج َ‬
‫ات‪( ،‬على من غلب على قلبه)‬ ‫الس َم َاو ِ‬‫ض َو َّ‬‫اب َع َّما يَك َر ُه ُه َخالِ ُق األَر ِ‬
‫َواالج ِتنَ ِ‬
‫‪1٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ال َّ ِذي ُه َو قُط ُب بَ َدنِه ِ‪َ ،‬علَيه ِ َم َد ُار ُه َص َالح ًا َوفَ َساد ًا(‪ ( )٤‬هحب المال) ال َّ ِذي يَ ِم ُيل‬
‫اب َغالِب ًا‪( ،‬والجاه)؛ فَ ِإنَّ ُه َما قَي َدا ِن ثَ ِق َيال ِن ِفي أَر ُج ِل‬ ‫الص َو ِ‬‫اح ِبه ِ َعن َصو ِب َّ‬ ‫ب َِص ِ‬

‫وج َبا ِن ل َ ُهم َغالِب ًا َ‬


‫اله َال َك‪.‬‬ ‫أَربَابِه َِما‪ ،‬يَمنَ َعانِهِم ِمن ُسلُو ِك َسبِي ِل النَّ َجا ِة‪َ ،‬ويُ ِ‬
‫فَ َمن أَ َر َاد ُسلُو َك َسب َِيل النَّ َجا ِة فَل َي ُف َّك نَف َس ُه َعن ُه َما‪َ ،‬ول َير ِمه َِما َو َراءَ ظَهرِهِ‪.‬‬
‫ين‪َ .‬و َال‬‫الملُو ِك‪َ ،‬و َج َع َال ُه ِفي األَس َفلِ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫َو َكم ِمن ِإن َسا ٍن قَ َّي َد ُاه ِم َن السلُو ِك ِإلَى َملِ ِ‬
‫العاقِ ُل ب ِ َظا ِهرِ ِه َما‪ ،‬فَ ِإ َّن ِفيه َِما ُس ّم ًا نَاقِع ًا(‪.)٩‬‬
‫يَغ َت َّر َّن َ‬

‫دا ْ َ دا َ َ دا دا‬ ‫الش َه َ‬‫َ ْ دا‬ ‫دا ن َ ْ َ ن‬ ‫َْن‬


‫ادلنِي ِة‬ ‫الهم ِم‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫س‬‫ف‬ ‫انل‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫حم‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ِق‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫الص‬ ‫ف‬ ‫‪ 68‬ــ اخلو‬
‫َ َ ن ََ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َع َم َل انلداار ِف إ ْح َ‬
‫اهلل تعاَل‪{ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ار؛ قال‬‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ش‬ ‫األ‬ ‫اق‬‫ر‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ﮉ} [البقرة‪.]٩٦٦ :‬‬
‫دا‬ ‫دا ِّ َ َ َ ْ َ‬ ‫ِّ دا‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ دا َ ن دا ن َ ْ َ ن‬
‫الص ِ َ‬
‫احل ِة‬ ‫ال‬
‫ات الطيب ِة واألع ِ‬
‫م‬ ‫اج انلي ِ‬ ‫اء الصادِق يعمل ِِف استِخ َر ِ‬ ‫والرج‬
‫َ َ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫عمل الماءِ ِِف األر ِض الهامِدة ِ اخلا ِشع ِة؛ قال تعاَل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [الحج‪]5 :‬‬

‫في ُحف َر ِة النَّا ِر‬ ‫(الخو هف الصاد هق) ِم َن ال َق َّها ِر ال َّ ِذي َمن يَغ َضب َعلَيه ِ يَل ِقيه ِ ِ‬
‫وجبة ِ لِل َّز َّال ِ‬ ‫َو َال يُ َبالِي ب َِما يَف َع ُل‪( ،‬يعم هل في محو الشهوات النفسانية) ُ‬
‫ت‬ ‫الم ِ َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِ‬
‫الج َس ِد ُمض َغ ٌة ِإ َذا َصلُ َحت َصلُ َح َ‬
‫الج َس ُد ُكل ُه‪َ ،‬و ِإ َذا‬ ‫(‪ )٤‬لقول نبينا ‪> :2‬أَ َال َو ِإ َّن في َ‬
‫الج َس ُد ُكل ُه‪ ،‬أَ َال َو ِه َي ال َقل ُب< أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب اإليمان‪،‬‬ ‫فَ َس َدت ف َ َس َد َ‬
‫باب فضل من استبرأ لدينه‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المساقاة‪ ،‬باب أخذ الحالل‬
‫وترك الشبهات‪.‬‬
‫(‪ُ )٩‬سم نَاقِ ٌع‪ :‬بالِ ٌغ قات ِ ٌل‪.‬‬
‫‪٢4‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫العلِيلَة ِ‪ ،‬أَي‪:‬‬ ‫ات‪( ،‬والهمم الدنية) َ‬ ‫الم َت َسبِّ َبة ِ ِأل َ َش ِّد ُ‬
‫الع ُقوبَ ِ‬ ‫ات ُ‬ ‫السيِّ َئ ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫َوال َه َف َو ِ‬
‫الياب َِسة ِ‪ ،‬فَال َخو ُف نَ ُار اللَّه ِ َت َعالَى‬ ‫األُ ُمو ِر َّ ِ‬
‫الرذيلَة ِ (عمل النار في إحراق الشجار) َ‬
‫س‬‫ات َغ َضبِه ِ َو ِع َقابِه ِ‪َ ،‬ويُطَ ِّه ُر بِه ِ ِمن أَق َذا ِر األَو َزا ِر َوأَدنَا ِ‬ ‫وجب ِ‬
‫رق ب َِها ُم ِ َ‬ ‫يَح ُ‬
‫ِ‬
‫ِيح َش ِدي ٌد‬‫س؛ (قال الل هه تعالى) في َجنَّة ِمثلَ َها‪{( :‬ﮅ ﮆ}) ر ٌ‬ ‫األَر َجا ِ‬
‫({ﮇ ﮈ ﮉ} [البقرة‪.)]٩٦٦ :‬‬
‫ات َواالح ِت َرا ُز‬ ‫اع ِ‬ ‫اء الصاد هق) ال َّ ِذي يَ َت َر َّت ُب َعلَيه ِ االج ِت َه ُاد ِفي الطَّ َ‬ ‫(والرج ه‬
‫اصي (يعم هل في استخراج النيات الطيبة) الَّتِي ِه َي أُ ُصولُ األَع َما ِل‪،‬‬ ‫الم َع ِ‬
‫َع ِن َ‬
‫ات‬‫وال َو َر ّد ًا‪( ،‬والعمال الصالحة) ال َّ ِتي ِهي نَ َتائِ ُج الن ِّ َّي ِ‬ ‫َو َعلَي َها َم َد ُار َها قَ ُب ً‬
‫َ‬
‫ات (عمل الماء في الرض الهامدة الخاشعة) لِ ُيب ِس َها َو َع َدم ِ نَ َبات ِ َها؛ (قال‬ ‫الصالِ َح ِ‬‫َّ‬
‫يها ({ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫تعالى‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ}) أَي‪ :‬ميِّ َت ًة َال نَب َ ِ‬
‫ات ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [الحج‪.)]5 :‬‬

‫ِالر َجا ِء َّ‬


‫الصادِ ِق‬ ‫الصادِ َق يَقطَ ُع أَش َج َار األَو َزا ِر‪َ ،‬وب َّ‬ ‫اص ُل أَ َّن ال َخو َف َّ‬ ‫الح ِ‬ ‫َو َ‬
‫ات َوالنَّ َجا ِة ِم َن‬ ‫الجنَّ ِ‬
‫ات َ‬ ‫ات‪َ ،‬وبِ َذلِ َك يُ َت َو َّص ُل ِإلَى َد َر َج ِ‬ ‫اع ِ‬ ‫ات الطَّ َ‬ ‫يَن ُب ُت نَ َب ُ‬
‫ات‪.‬‬‫ات‪َ ،‬و َه َذا َغايَ ُة األُم ِن َي ِ‬
‫ات‪َ ،‬ويُنَالُ ر َِضا َر ِّب البرِيَّ ِ‬ ‫ال َّد َر َك ِ‬
‫َ‬

‫دا‬ ‫َ ََ‬ ‫دا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ْ ن َ َ َ َ ً‬


‫‪ 69‬ـ ينب ِِغ أن توق ِد لك ِِساجا مِن ال ِعل ِم انلاف ِِع والعم ِل الصال ِِح‬
‫ُّ ْ َ َ دا َ ْ ن َ َ َ ْ َ َ ْ ن َ ْ َ ْ َ ْ ن‬ ‫َ ن نَ‬ ‫َْ َ‬
‫ت أو شمس‬ ‫ات ادلنيا حَّت يطلع عليك فجر المو ِ‬ ‫تست ِِض نء ب ِ ِه ِِف ْيل ِل ظلم ِ‬
‫الف ْجر َأوْ‬‫َْ َ َ َ ََْ ن ن ن َ َ َ َ‬
‫ا‬ ‫ذ‬‫ـه‬ ‫وع‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫اج‬ ‫ِس‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫يل‬ ‫ِف‬
‫دا َ َ دا َ ْ َ َ‬
‫يت‬ ‫الساع ِة‪ ،‬فإِنك إِن ب ِق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ دا َ َ ْ َ َ ن‬ ‫دا ْ‬ ‫ن ن َ َ‬
‫ك ق ْول اهللِ تعاَل‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫سطوع ـه ِذه ِ الشم ِس‪ ،‬حق علي‬

‫‪٢٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [اإلسراء‪.]1٩ :‬‬

‫(ينبغي) ل َ َك يَا طَالِ َب ال َخيرِ (أن هتوقد لك سراج ًا من العلم النافع) بِأَن‬
‫الح ِّق‪َ ،‬و َما يُ ِ‬
‫وج ُب َغ َض َب ُه َو َك َر َاه َت ُه‪( ،‬والعمل الصالح)‬ ‫َتعلَ َم َما يُ َق ِّربُ َك ِإلَى ر َِضا َ‬
‫َعلَى ِطب ِق ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع‪.‬‬

‫ليل ظهلهمات الدنيا) ال َّ ِتي بَع ُض َها فَو َق‬ ‫يء به في‬ ‫ِ ِ‬
‫ور (تستض ه‬ ‫َول ُكل من ُه َما نُ ٌ‬
‫الصالِ ِح‪( ،‬حتى‬ ‫الع َم ِل َّ‬ ‫ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع َو َ‬ ‫ض‪َ ،‬ال يُم ِك ُن السلُو ُك َم َع َها ِإ َّال بِنُو ِر‬ ‫بَع ٍ‬
‫يطلهع عليك فج هر الموت) فَ َتر َت ِف ُع َعن َك‪( ،‬أو شم هس الساعة‪ ،‬فإنك إن بقيت في‬
‫الصالِ ِح‬
‫الع َم ِل َّ‬ ‫ات الدن َيا (بل سراج) ِم َن ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع َو َ‬ ‫ليلها) ِفي لَي ِل ظُلُ َم ِ‬
‫(تنتظ هر هطلهوع هذا الفجر أو هسطهوع هذه الشمس‪ ،‬حق عليك قو هل الله تعالى‪:‬‬
‫الح ِّق ({ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫{ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ}) َع َّما يَس َتر ِش ُد بِه ِ إِلَى َ‬
‫صير ًا فَ ُه َو ِفي‬
‫وم ُه‪َ :‬من َكا َن ِفي َه ِذهِ بَ ِ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ } [اإلسراء‪َ )]1٩ :‬و َمف ُه ُ‬
‫صير ًا َوأَه َدى َسب ًِيال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخ َر ِة بَ ِ‬

‫َ دا ن ن َ ً‬ ‫ْ َ‬ ‫َ دا َ ن َ ً َ َ َ‬ ‫دا َ‬ ‫ََ‬
‫اجلن ِة عقوبة‪.‬‬ ‫ان‬
‫ار مثوبة وكَف ِِبِرم ِ‬ ‫ِ‬ ‫انل‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫انل‬‫‪ 71‬ـ ك ِ‬
‫ب‬ ‫َف‬

‫الجا ِم َعة ِ لِ َغ َض ِب‬


‫ين‪( :‬كفى بالنجاة من النار) َ‬ ‫َوقَ َال ‪َ ‬ونَ َف َع بِه ِ آ ِم َ‬
‫ات‪َ ،‬وأَي م ُثوبَةٍ‬ ‫الح َسنَ ِ‬
‫ث األَك َدا ِر َوأَغلَ ِظ األَق َذا ِر (م هثوب ًة) َعلَى َ‬ ‫ال َق َّها ِر َوأَخب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أَعلَى ِم َن النَّ َجا ِة ِمن َه ِذهِ ال َّدا ِه َية ِ‪.‬‬

‫المنَّا ِن َوأَعلَى أَن َوا ِع‬ ‫الجا ِم َعة ِ لِ ُرؤيَة ِ َّ‬


‫الرح َم ِن َور َِضا َ‬ ‫(وكفى بحرمان الجنة) َ‬
‫‪٢٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫الحو ِر َوال ِول َدا ِن َو َغير َِها ِم َّما َال‬


‫االم ِتنَا ِن َوأَ َج ِّل َم َرات ِ ِب ا ِإلح َسا ِن َوال ُق ُصو ِر َو ُ‬
‫الجنَا ِن ( هع هقوب ًة)‪.‬‬ ‫ي ِج ِ‬
‫يء في َ‬ ‫َ ُ‬

‫يق ِة َال َ ْ‬
‫َشء‪َ.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َن‬ ‫َ َن َ ْ نََ‬
‫ِسه ِ متال ٍش وـهو ِِف احل ِق‬
‫‪ 71‬ـ العالم بِأ ِ‬
‫(العال هم بأسره) ُكل ُه ( همتلش) َشيئ ًا فَ َشيئ ًا‪َ ،‬ال يَب َقى َدائِم ًا‪( ،‬و ههو في‬
‫ود ُه َك َع َد ِمه ِ‪.‬‬ ‫الحقيقة) ب ِالنِّس َبة ِ ِإلَى ُو ُجودِ َ‬
‫الح ِّق َو َع َظ َم ِته ِ (ل شيء)؛ ُو ُج ُ‬

‫ْ ْ َ ِّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ ن‬
‫‪ 72‬ـ مِن َرْح ِة َربك بِك أن حجبك عنه‪.‬‬

‫(من رحمة ربك بك أن حجبك عن هه) بِاآلثَا ِر َواألَغ َيا ِر؛ ِإذ لَو َك َش َف ل َ َك‬
‫ِ‬
‫يما َال‬‫َعن ُه َولَم َتس َت ِع َّد َولَم َت َتأَ َّهل بَع ُد لِ ُش ُهودِهِ ل َ َت َال َشي َت َو َت َفانَي َت‪ ،‬أَو َوقَع َت ف َ‬
‫يَن َب ِغي؛ أ َ َال َت َرى ِإلَى قَولِه ِ َت َعالَى‪{ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ} [األعراف‪.]٤١1 :‬‬

‫َ دا ْ‬ ‫َْ ٌَ ََ َ‬ ‫َْ ن‬
‫يط‪.‬‬
‫ري فِي ِه إَِل اتلف ِر ِ‬
‫ِ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫لَع‬ ‫ة‬ ‫آي‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫اط‬ ‫اإلفر‬
‫‪ 71‬ـ ِ‬
‫َمن‬ ‫(اإلفرا هط في المر آية) َع َال َمةٌ (على المصير فيه إلى التفريط)‪َ ،‬وقَلَّ‬
‫اللَّه ِ‬ ‫أَف َر َط ِفي َشي ٍء إِ َّال فَ َّر َط ِفيه ِ‪َ ،‬و َخي ُر األُ ُمو ِر أَو َسط َُها‪َ ،‬وأَ َحب األَع َما ِل ِإلَى‬
‫أَد َو ُم َها َو ِإن قَلَّ ‪.‬‬

‫‪٢1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ دا َ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ ْ ََ َ َ َْ َ‬
‫‪ 74‬ــ من مدحك عِند ِرضائ ِ ِه بِما ليس فِيك‪ ،‬ذمك ال حمالة عِند‬
‫َ‬ ‫َ َْ َ َ َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫غضب ِ ِه عليك بِما ليس فِيك‪.‬‬
‫ــوه وإن ههـــو قـــد جفـــاني‬ ‫فـــل أج هفـ ه‬ ‫ـــــت مــــــن خــــــل جفــــــا ًء‬
‫إذا آنسـ ه‬
‫وأهمسـ ه‬
‫ــــك عـــــن تن هاولـــــه لســـــاني‬ ‫ولكنــــــــــي أهفارقهـ‬
‫ـــــــــه برفــــــــــق‬
‫ه‬
‫(من مدحك عند رضائه) َعن َك بَنَح ِو َع ِط َّيةٍ َو ِإح َسا ٍن َو َج َما ٍل َو َك َما ٍل (بما‬
‫ليس فيك‪ ،‬ذمك ل محالة عند غضبه عليك بما ليس فيك)؛ ِألَنَّ ُه َعب ُد نَف ِسه ِ‪،‬‬
‫يَم َد ُح َك َمن َتر َض ُاه‪َ ،‬ويَذُم َمن َتك َر ُه ُه‪ ،‬فَ َال ُت َبا ِل ب َِمد ِح َه َذا‪.‬‬
‫الع َق َال ِء ِشعر ًا‪( :‬إذا آنس هت) أَح َسس ُت (من خل) َخلِي ٍل‬
‫ض الش َع َر ِاء ُ‬ ‫قَ َال بَع ُ‬
‫وه) َج َزا ًء لِ َج َفائِه ِ‪( ،‬وإن ههو قد جفاني) َولَي َس ِمن َدأ ِب‬ ‫لِي (جفا ًء فل أج هف ه‬
‫ِالج َف ِاء (ولكني أهفارقه هه برفق وأ همس هك عن تن هاوله لساني)‬ ‫ِ‬
‫الج َفاء ب َ‬
‫ِ‬
‫ال ُك َر َماء ُم َقابَلَ ُة َ‬
‫فَ َال أَقَ ُع ِفي ِعر ِضه ِ‪.‬‬
‫الم َس َام َح ُة ِفي‬ ‫ِ‬
‫َو َه َك َذا يَن َب ِغي لِل َعاقِ ِل أَن يَف َع َل ِإ َذا َج َف ُاه ِخل ُه‪َ ،‬و َشأ ُن ال ُك َر َماء ُ‬
‫األَش َي ِاء‪.‬‬

‫ْ َ‬ ‫َ ْ ن َ َ ِّ دا‬
‫وب ُي ِذبها ِِباصيت ِ ِه مِن م َواط ِِن‬
‫ن ن‬
‫ل‬ ‫الق‬
‫ََْ ن‬
‫ِيس‬
‫ط‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫غ‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلل‬ ‫اَّل ْك ن‬
‫ر‬
‫ِّ‬
‫‪ 75‬ــ‬
‫ِ‬
‫وب‪.‬‬
‫نن‬
‫ي‬ ‫الغ‬ ‫ِم‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫و‬‫الغ ْفلَ ِة إ ََل َع َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َوقَ َال ‪َ ‬ونَ َف َع بِه ِ‪( :‬الذك هر) ال َقلبِي‪َ ،‬والل َِّسانِي ال َخالِ ُص (لله) بِأَ ِّ‬
‫ي نَو ٍع‬
‫البع ِد َع ِن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الح ِّق‪،‬‬ ‫يس ال هقلهوب) الَّتي ه َي َم َحال األَك َدا ِر َوالظلُ َمات َو ُ‬ ‫َكا َن (مغناط ه‬
‫اص َّيةٍ‪.‬‬ ‫َو ُه َو َح َج ٌر يَج ِذ ُب َ‬
‫الح ِدي َد إِلَيه ِ بِ َخ ِّ‬
‫‪٢١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(يجذ هبها بخاصيته) ال َّ ِتي ُو ِض َعت ِفيه ِ (من مواطن الغفلة إلى عوالم‬
‫المظلِ َمة ِ بِاآلثَا ِر‪،‬‬
‫وب ُ‬ ‫ات ال ُقلُ ِ‬ ‫ال هغ هيوب) َو َذلِ َك ِأل َ َّن لِلذِّكرِ نُور ًا َال يَ َزالُ يَدفَ ُع ظُلُ َم ِ‬
‫الم َت َك ِّد َر ِة بِاألَك َدا ِر‪َ ،‬ح َّتى َت َتنَ َّو َر َو َتن َك ِش َف ل َ َها َح َقائ ِ ُق األُ ُمو ِر َعلَى َما ِه َي َعلَيه ِ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ور ال َّ ِتي َال ُتد َر ُك ِإ َّال بِنُو ِر ال ُقلُ ِ‬
‫َو َتظ َه َر ل َ َها األ ُ ُم ُ‬
‫الم َغ َّيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َويَ َرى ُص َو َر‬ ‫َول َذا َال يَ َزالُ ال َّذاك ُر يَ َت َرقَّى ِإلَى أَن يَن َكش َف ل َ ُه م َن ُ َ‬
‫ات َو َكلِ َمات ِ َها‪.‬‬ ‫الم َالئِ َكة ِ‪َ ،‬ويَس َم َع َك َال َم ُهم‪َ ،‬ويَف َه َم أَذ َك َار َ‬
‫الج َم َاد ِ‬ ‫َ‬

‫َ ْ َ ْ ن ِّ ْ َ ْ َ ن َ َ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫نن‬ ‫َ َْ َن‬


‫ار من لم ي َوطن نفسه لَع‬ ‫ِ‬ ‫ط‬‫و‬ ‫األ‬‫و‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫اآلم‬ ‫ِ‬
‫وغ‬‫ل‬ ‫ب‬ ‫ِف‬ ‫‪ 76‬ـ ال يطم ِ‬
‫ع‬
‫ََْ َ َْ َ‬ ‫ن ن‬
‫ار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫األ‬‫و‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫و‬‫ـه‬‫األ‬ ‫وب‬
‫ر ِ‬
‫ك‬

‫الربَّانِ َّي ُة (والوطار)‬ ‫العالِ َية ِ ال َّ ِتي ِه َي َ‬


‫الم َعار ُِف َّ‬ ‫(ل يطم هع في هبلهوغ اآلمال) َ‬
‫اج ُة‪،‬‬ ‫ات َعد ٍن‪َ ،‬واألَوط َُار َجم ُع َو َطر‪َ :‬و ُه َو َ‬
‫الح َ‬ ‫الجلِيلَ ُة ِفي َجنَّ ِ‬
‫ال َّ ِتي ِه َي الن ِّ َع ُم َ‬
‫ات (على هر هكوب الهوال‬ ‫اع ِ‬
‫اله َّرابَ َة َعن أَث َقا ِل الطَّ َ‬ ‫(من لم هيوطن نفس هه) َ‬
‫والخطار) ال َّطا ِر َئة ِ َعلَى َمن يُرِي ُد أَعلَى َ‬
‫اآلما ِل َواألَوطَا ِر‪.‬‬
‫وم َها‬ ‫َولَي َست ب َِسهلَةٍ َح َّتى ي ُروم َها البطَّالُو َن‪َ ،‬و َال بِر ِخ َ ٍ‬
‫يصة َح َّتى يَ ُس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫المفلِ ُسو َن‪ِ ،‬إنَّ َما ه َي أُ ُم ٌ‬
‫ور ُم َت َع ِّس َرة ٌ‪ ،‬ثَ َمنُ َها بَذلُ األَربَا ِح َواألَش َبا ِح َواألَر َوا ِح‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فَ َمن َر َام َها فَل َيب ِذل َمال َ ُه َوبَ َدنَ ُه َونَف َس ُه ل َ َها‪ ،‬أ َ َال َت َرى إِلَى قَولِه ِ َت َعالَى‪{ :‬ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [التوبة‪.]٤٤٤ :‬‬

‫‪٢5‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َْ َ‬ ‫َ ن ُّ َ ْ‬ ‫َ ْ ن َ َ َ َ دا‬ ‫َْ‬ ‫َ ََْ‬


‫اجلاـهِل اَّلِي يظن بِنف ِس ِه العقل‬ ‫‪ 77‬ــ ال ينب ِِغ ل ِلعاق ِِل أن َياطِب‬
‫َ َ ن َ ِّ ً ْ َ ْ َ ن ْ َ ً‬ ‫َ ْ ً َ دا ن ْ َ َ َ ن َ َ ن ْ َ َ َ ْ‬
‫أصال؛ ِألنه إِن خاطبه لَع مقتَض عقلِ ِه َكن مضيعا ل ِلعق ِل ومست ِهينا‬
‫ال ن‬ ‫َ ْ َ َ ن َ َ ِّ ً َ َ ْ ن ً ْ َ ن َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َن َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫اهلل‬ ‫ب جهلِ ِه َكن متشبها ب ِ ِه ومعدودا مِثله؛ ق‬‫ب ِفضلِ ِه‪ .‬وإِن خاطبه ِِبس ِ‬
‫ِّ‬ ‫ََ َ‬
‫تعاَل ِنلَبِي ِه‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [األعراف‪.]٤٢٢ :‬‬
‫(ل ينبغي للعاقل أن هيخاطب الجاهل الذي يظهن بنفسه العقل أص ًل؛ لن هه‬
‫إن خاطب هه على همقتضى عقله كان همضيع ًا للعقل) َحي ُث اس َتع َملَ ُه َم َع َمن َال يَن َت ِف ُع‬
‫العق ِل‪َ ،‬ويَ َرى‬ ‫يح َ‬ ‫بِه ِ‪( ،‬و همستهين ًا بفضله)؛ ِأل َ َّن َم ِن اخ َت َّل َعقلُ ُه يَ َرى نَف َس ُه َص ِح َ‬
‫ين َكانُوا يَ ُقولُو َن‬ ‫الواقِ ِع ُمخ َتلَّ ُه فَ ُيهِينُ ُه‪ ،‬أَ َال َت َرى ِإلَى ال ُكفَّا ِر ال َّ ِذ َ‬ ‫َص ِحيح َ ِ‬
‫العق ِل في َ‬ ‫َ‬
‫ِألَع َق ِل ال َخل ِق ‪{ :2‬ﮁ ﮂ} [الحجر‪.]٦ :‬‬
‫(وإن خاطب هه بحسب جهله) َو َم َشى َعلَى ِطب ِق قِلَّة ِ َعقلِه ِ (كان همتشبه ًا به)‬
‫ِفي َجهلِه ِ َحي ُث َخا َط َب ُه َعلَى ِطب ِق َجهلِه ِ‪( ،‬ومع هدود ًا مثل هه) ِأل َ َّن َ‬
‫العاقِ َل ِإ َذا َم َشى‬
‫الجا ِه ِل يُ َعد َجا ِه ًال؛ (قال الل هه تعالى لنبيه‪{( :‬ﭵ ﭶ}) َع ِن النَّا ِ‬
‫س‬ ‫َمش َي َ‬
‫الشر ِع ِّي ({ﭹ ﭺﭻ} [األعراف‪)]٤٢٢ :‬‬ ‫ف َّ‬ ‫ِالمع ُرو ِ‬
‫({ﭷ ﭸ}) ب َ‬
‫َو َال ُت َعا ِمل ُهم َعلَى طِب ِق َجهلِهِم‪.‬‬

‫َ ن َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ ن ُّ َ‬
‫‪ 78‬ــ من أرضاك بِما يْضك ِِف دِينِك ــ َكلمداـهن ِة لك وعدم انلص ِح‬
‫ْ َْ ن‬ ‫ْ َ َ ْ َْ ن َ َ ن َ‬ ‫َن َ َ َ ن‬ ‫نن‬ ‫َ دا ْ‬
‫وب ــ فه َو لك عدو‪َ ،‬وإِن َكنت نفسك ت ِميل إ ِ ْيل ِه مِن حيث‬ ‫ري بِالعي ِ‬‫ِ‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫واتل‬
‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫نَ‬ ‫دا‬ ‫َ ْ ن َ َ َ َ َ َ ن َ َ دا َ‬
‫ام الَّلِي ِذ المالئ ِِم‪َ ،‬وفِي ِه الس ُّم انلدااق ِع‪.‬‬
‫لطع ِ‬ ‫طبعها وـهواـها‪ ،‬وـهو َك‬

‫‪٢٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫نن‬ ‫ََ‬ ‫دا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ََْ ن َ‬


‫وب‬‫ِ‬ ‫ي‬‫الع‬ ‫لَع‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫اتل‬ ‫ل‬ ‫ِث‬ ‫م‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ِي‬
‫د‬ ‫ِف‬
‫ومن أسخطك بِما ينفع ِ‬
‫ك‬
‫ك‪َ ،‬و َم َثلن نه ََك دا‬
‫دل َواءِ‬
‫َ َنَ َ َ َ َ ْ َ َْن َ ْ َ‬
‫ِه فِيك ـ فهو لك و ِِل وإِن ك ِرـهته بِطب ِع‬ ‫َوانلدا َقائ ِِص الداِت ِ َ‬
‫ِ‬
‫َ َ ن َ ِّ‬
‫الش َف ن‬ ‫ْ‬ ‫ن دا َ ن ن‬
‫اء‪.‬‬ ‫الم ِّر اَّلِي يكون ِِف ِضمنِ ِه العافِية و‬

‫المسلِمِ‬‫(من أرضاك بما ي هضرك في دينك) ال َّ ِذي ُه َو أَ َعز األُ ُمو ِر ِعن َد ُ‬
‫المداهنة لك) ِإ َذا فَ َعل َت ُمن َكر ًا (وعدم النصح) َم َع َك ب َِع َدم ِ بَ َيا ِن َحالِ َك (و)‬ ‫(ك ه‬
‫المؤ ِم ِن‪،‬‬
‫المؤ ِم َن ِمرآ ُة ُ‬ ‫يك لِ َتح َترِ َز َعن َها‪َ ،‬م َع أَ َّن ُ‬ ‫الع هيوب) ال َّ ِتي فِ َ‬‫َع َدم ِ (التبصير ب ه‬
‫َال يُ َدا ِهنُ ُه ِإ َذا أَ َتى ُمن َكر ًا‪ ،‬بَل يَن َه ُاه َعن ُه َم َع َش َف َق ِته ِ َعلَيه ِ‪َ ،‬ويَن َص ُح ُه بِب َِيا ِن َحالِه ِ‬
‫اب َعن ُه‪َ ،‬ويب ِّصر ُه ُعيوب ُه لِينَظ َِّف نَفس ُه ِمن أَو َس ِ‬
‫اخ َها‬ ‫لِ َي َت َجنَّ َب َع َّما يَن َب ِغي االج ِتنَ ُ‬
‫َ‬ ‫َُ ُ ُ َ ُ‬
‫قَب َل أَن يُب َتلَى ب َِوبَالِ َها‪.‬‬
‫(ف ههو لك ع هدو)؛ ِإذ لَو َكا َن ُم ِح َّب َك َألَر َش َد َك ِإلَى َما ُه َو َخي ٌر ل َ َك ِفي‬
‫الم َّد َع ِي ُة ل َ َها ال َك َم َال (تم هيل إليه من حي هث‬ ‫ال َّد َاري ِن َولَم يَ ُغ َّش َك‪( ،‬وإن كانت نف هسك) ُ‬
‫الض َر ِر (كالطعام‬ ‫طب هعها وهواها) فَ ِإ َّن َها ُت ِحب َمن يُ َدا ِهنُ َها َويُر َِيها ال َك َم َال‪( ،‬و ههو) ِفي َّ‬
‫البالِ ُغ َّ‬
‫الش ِدي ُد‪.‬‬ ‫الملئم) لل َك ِل (وفيه السم الناق هع) َ‬
‫ِ‬ ‫اللذيذ) ال َّ ِذي َتش َتهِيه ِ ( ه‬
‫يك‬ ‫الع هيوب) ال َّ ِتي ِف َ‬ ‫(ومن أسخطك بما ينف هعك في دينك مثل التنبيه على ه‬
‫ش َمن يَ َّد ِعي لِنَف ِسه ِ ال َّت َطه َر‬‫(والنقائص التي هي فيك) َو َمن يَخلُو َعن َها؟! لَو فَ َّت َ‬
‫َعن َها ل َ َو َج َد ِمن َها فِ َيها َما َال يُ َعد َو َال يُح َصى‪( ،‬ف ههو لك ولي) فَاس َمع َك َال َم ُه‪،‬‬
‫ِِ‬
‫اء (وإن كرهت هه بطبعك) َوا ِإلن َسا ُن‬ ‫َواق َبل نُص َح ُه‪َ ،‬و َال ُت َعاده َك َما يَف َعلُ ُه األَغب َِي ُ‬
‫المر الذي ي هكو هن في ضمنه‬ ‫ض َمن يَذ ُك ُر ل َ ُه َعي َب ُه‪( ،‬ومثله هه كالدواء ه‬ ‫َمط ُبو ٌع َعلَى بُغ ِ‬
‫اء)‪.‬‬
‫العافي هة والشف ه‬
‫‪٢1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫اضنَا الَّتي َت ُضر ب َِب َدنِنَا أَ َجبنَ ُاه‪َ ،‬و َس ِمعنَا‬


‫َع َجب ًا لِ َغ َب َاوتِنَا! ِإ َذا بَيَّ َن أَ َح ٌد أَم َر َ‬
‫قَول َ ُه‪َ ،‬و َس َعينَا ِفي َجل ِب َما يَدفَ ُع َها َعن َها‪َ ،‬و َص َبرنَا َعلَى َم َر َار ِة األَدوِيَة ِ‪َ ،‬و َش َكرنَا‬
‫ِيب‪َ ،‬و ِإ َذا بَ َّي َن لَنَا أَ َح ٌد ُعيُوبَنَا ال َّ ِتي َت ُضر بِ ِدي ِننَا أَب َغضنَ ُاه‪َ ،‬ولَم نَس َمع قَول َ ُه‪،‬‬ ‫الطَّب َ‬
‫ات ال َّ ِتي ِه َي‬
‫اع ِ‬ ‫َولَم نَس َع ِفي َدف ِع َما ِفينَا ِم َن ال َق َبائِ ِح‪َ ،‬ولَم نَصبِر َعلَى أَث َقا ِل الطَّ َ‬
‫اب‪.‬‬ ‫اب ِعن َد أُولِي األَل َب ِ‬ ‫البا ِطنَة ِ‪َ ،‬و َه َذا َشيءٌ ُع َج ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫أَدوِيَ ُة األَم َرا ِ‬

‫ن‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ دا َ ْ َ ْ ن َ ن دا ن َ ن ْ ن َ َ ْ َ‬
‫ال‪َ ،‬وـه َو‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫الك‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ء‬‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫َّش‬ ‫‪ 79‬ــ من أحب أن يذكره انلاس ويثنوا علي ِه ب ِ‬
‫ْ َ َن َ َْ‬ ‫َ َ ن َ َ َ َ ْ َ ن ُّ ن َ ْ َ ْ َ ن ْ َ ْ‬ ‫ََْ ْ َْ‬
‫خالفه‪ ،‬وك ِره أن يذموه بِأم ٍر يعلم مِن نف ِس ِه ان ِطواءه علي ِه‪،‬‬ ‫يعل نم مِن نف ِس ِه ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ن ن َ ْ ن َ ْ َ ْ َ ن ُّ ن َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ دا َ َ َ ْ‬
‫ري يف َرح َوي ِميل إَِل من يمدحه‪َ ،‬وينفر َويك َره من يذمه‪ ،‬فقد‬ ‫حَّت ي ِص‬
‫َ ن َ ْ َ َ َ ن ن َ َ دا ْ َ َ َ ن ن‬
‫اوته‪.‬‬ ‫عظمت ْحاقته وتمت غب‬
‫اس و هيثنهوا عليه بشيء من الكمال) ال َّ ِذي َتش َتهِيه ِ‬
‫(من أحب أن يذ هكر هه الن ه‬
‫ص َيرة ٌ َولَو أَل َقى‬ ‫نَف ُس ُه (و ههو يعل هم من نفسه خلف هه) َوا ِإلن َسا ُن َعلَى نَف ِسه ِ بَ ِ‬
‫وه بأمر يعل هم من نفسه انطواء هه عليه‪ ،‬حتى يصير يفرح‬ ‫َم َعا ِذ َير ُه‪( ،‬وكره أن يذهم ه‬
‫ب ِفيه ِ ِعن َد ُه‪( ،‬وين هفر ويكره من يذهم هه)‬ ‫ويميل إلى من يمد هح هه) بِ َذلِ َك َم َع أَنَّ ُه َكا ِذ ٌ‬
‫َح َّتى َكأَنَّ ُه أَع َدى أَع َدائِه ِ‪( ،‬فقد عظهمت حماق هت هه) َحي ُث يَت ُر ُك يَ ِقينَ ُه لِ َك ِذ ٍب أَو‬
‫َخ َيا ِل َغيرِهِ‪َ ،‬و ِمثلُ ُه َمن يَ َرى نَف َس ُه َغ ِن ّي ًا ِإ َذا قِ َيل ل َ ُه‪ِ :‬عن َد َك أُل ُ ٌ‬
‫وف ُمأَل َّ َفةٌ‪َ ،‬م َع أَنَّ ُه َما‬
‫ِعن َد ُه َشيءٌ‪( ،‬وتمت غباو هت هه) َحي ُث يَك َر ُه َمن يَن َص ُح ُه َويُرِي ُد ِإص َال َح ُه‪َ ،‬و َه َذا‬
‫َحالُ أَغلَبِنَا‪.‬‬

‫‪٢1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ْ َ َ ن َ ََ ن‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ن َ َ ٌَ َ ٌَ َْ‬
‫ارف‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫الم‬‫و‬ ‫ات‬ ‫اد‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ت‬‫االع‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫الق‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫اإليمان شجرة ثابِتة ِِف أ‬ ‫‪ 81‬ــ ِ‬
‫َْ َ ن َ ْ ن َن‬ ‫ْ َ دا َ‬ ‫َ ن‬ ‫ن ن‬ ‫َ دا ن َ ْ َ‬
‫وق ِتل ِلك الشج َرة ِ‪َ ،‬واألخالق المحمودة‬ ‫ِ‬
‫الع ن‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫ص‬ ‫األ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ْنل‬
‫اإليمان ِية بِم ِ‬
‫ِ‬
‫ََ‬ ‫نن ِ َ ن ن‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ن دا َ ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫ون لها‪.‬‬
‫وع والغص ِ‬ ‫ْنل ِة الفر‬
‫احلة بِم ِ‬ ‫واألعمال الص ِ‬
‫ْ دا‬ ‫َ‬ ‫َْ ن ن‬ ‫َ‬ ‫الم ْو َ َ َ ْ ن ْ َ ن َ‬ ‫َ َ ن َ‬
‫ت َو ُيصل ب ِ َوا ِسطت ِ ِه مِن ِشدة ِ‬ ‫ت وما يع ِرض عِنده مِن ال ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومِثال‬
‫ن َ ْ َ دا‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دا َ‬ ‫ََ ْ‬‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ِّ دا‬ ‫َ َ َ دا ْ‬
‫يح المزع ِزع ِة ال ِِت‬ ‫األل ِم‪َ :‬كلسي ِل الق ِوي اَّلِي ُي ِري لَع أص ِل الشجرة ِ‪ ،‬أ ِو الر ِ‬
‫ن َ ِّ ن ن ن َ َ َ َ ن َ َ ً َ َ ً‬
‫َترك فروعها وت ِميل بِها ي ِمينا و ِشماال‪.‬‬

‫الر نس ِ‬ ‫الق داوة ِ َوانلُّ نم ِّو َو ُّ‬ ‫َ َ ن‬ ‫دا َ َ ن دا َ ن‬ ‫َ ْ َْ َ ن ْ َ‬


‫وخ‪،‬‬ ‫الّشيفة ِِف ن ِهاي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬‫ج‬ ‫الش‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫ـه‬ ‫فإِن لم تكن‬
‫ْ َ ن َ َ َْ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫ن ن ً َن ن ً‬
‫ت‪.‬‬ ‫خيف عليها االن ِقالع ِِف ذل ِك الوق ِ‬ ‫فروَع وأصوال‪ِ ،‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ْ ن‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ْ َ دا َ ْ ن‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫الق‬ ‫غ‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ِم‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫اخل‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ِِ‬ ‫اب‬ ‫ك‬ ‫األ‬ ‫ف‬ ‫ومِن أج ِل ذل ِك اشتد خو‬
‫َْ َْ‬
‫ت‪.‬‬‫عِند المو ِ‬
‫ن دا دا َ َ َ َ َ َ َ دا َ ْ ن ن ن َ َ َ َ ُّ ن‬
‫ارض ال ِِت تع ِرض ِألصول ِها مِن ابلِد ِع والشكوكِ‬ ‫ثم إِن القوادِح والعو ِ‬
‫ج َرة ِ مِنَ‬ ‫دا َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ََْ َ َْ ن‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ول الش‬ ‫خرة ِ‪ُ ،‬ي ِري َمرى ما يع ِرض ِِف أص ِ‬ ‫اب ِِف أم ِر اآل ِ‬ ‫واالض ِطر ِ‬
‫َ ن‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ن َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫اِص َتْ ِري مِن َها َم َرى َما َيق نع ل ِف نروعِ‬ ‫ََ‬
‫وم ِة‪َ ،‬والمع ِ‬ ‫ات واألخال ِق المذم‬ ‫اآلف ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ َ ن‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ َ َ دا‬ ‫َ‬ ‫دا َ َ َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫ار ِض‪ ،‬فال جرم أن َكن اَّلِي يقدح ِِف األص ِل‬ ‫الشجرة ِ وأغصان ِها مِن العو ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫دا‬ ‫َ ن ن ن َ َ دا َ َ دا َ َ ً‬
‫وع‪.‬‬ ‫ج َرة ِ كثِريا م َِن اَّلِي َيق نع لَع الف نر ِ‬ ‫ويوـهِنه أَض لَع الش‬
‫َ‬ ‫ََ َ ََ َ‬ ‫َ َ َ َ ن َ َ ْ ن ْ َ َ دا ُّ‬
‫حب ِه أ ََضدا‬ ‫َ ِْ‬
‫خ ِر‪ ،‬وَكن لَع صا ِ ِ‬ ‫ول ِهذا عظم أمر ابلِدع ِة والشك ِِف ايلوم اآل ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ َن َ َ ََ َ ََ َ ََ‬ ‫َ َ َ ِ َ ن َ دا َ‬
‫اإلسال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫اة‬ ‫ف‬‫الو‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫الع‬ ‫اهلل‬ ‫ل‬ ‫أ‬‫س‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫ات‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫مِن المعاِص والمحر‬

‫‪٢٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ِالباطِ ِن َوال َّظا ِهرِ (شجرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(اإليما هن) الَّذي ُه َو ع َب َارة ٌ َعن َمج ُمو ِع َما يَ َت َعلَّ ُق ب َ‬
‫يِهَلِ‬
‫ف ا ِإل َ ِ َّ‬ ‫ثابتة) أَي‪ :‬ثَاب ٌِت أَصلُ َها (في أرض القلب) ال َّ ِذي ُه َو َمن َب ُت َ‬
‫الم َعا ِر ِ‬
‫الم َو ِاف َق ُة لِل َواقِ ِع (والمعار هف اإليماني هة‬ ‫الح َّق ُة ُ‬
‫ات) َ‬ ‫العلُوم ِ ا َّلربَّانِ َّية ِ‪( ،‬والعتقاد ه‬ ‫َو ُ‬
‫يمان ِ َّية ِ‪.‬‬
‫الع هروق لتلك الشجرة) ا ِإل َ‬ ‫بمنزلة ال ه هصول و ه‬
‫الرأفَة ِ‪( ،‬والعم هال‬ ‫الجودِ َوال ِحلمِ َو َّ‬ ‫(والخل هق المح همود هة) َكال َك َرم ِ َو ُ‬
‫الح ِّج (بمنزلة ال هف هروع وال هغ هصون لها) أَي لِ ِتل َك‬ ‫ات َوال َّز َكا ِة َو َ‬ ‫الصلَ َو ِ‬ ‫الصالح هة) َك َّ‬
‫اس َها‪.‬‬ ‫يمانِ َّية ِ‪َ ،‬ه ِذهِ زِينَ ُت َها َو َك َمال ُ َها‪َ ،‬ك َما أَ َّن االعتِ َقا َدات َو َ‬
‫الم َعار َِف أَ َس ُ‬ ‫الش َج َر ِة ا ِإل َ‬
‫َّ‬
‫الباقِ َية ِ‪،‬‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫(ومث هال الموت) الَّذي َوق ُت ُه َوق ُت ارت َحال من َهذه ال َفان َية ِإلَى َ‬
‫ِ‬
‫الشي َطانِ َّية ِ َحي ُث يَظ َه ُر لِل ُمح َت ِض ِر َويُ َعالِ ُج أَ َش َّد‬ ‫ض عند هه من الفتن) َّ‬ ‫(وما يعر ه‬
‫يمانَ ُه أَو يَمنَ َع ُه ِم َّما ُه َو أَولَى ل َ ُه‪( ،‬ويح هص هل بواسطته من شدة‬ ‫ال ِع َال ِج أَن يَسلُ َب ِإ َ‬
‫ف َسي ٍ‬ ‫ِ‬
‫ف‪( ،‬كالسيل‬ ‫الضر ِب بِأَل ِ‬ ‫ت أَ َشد ِم َن َّ‬ ‫المو ِ‬‫اللم)‪َ ،‬ح َّتى ق َيل‪ِ :‬إ َّن أَل َ َم ِش َّد ِة َ‬
‫القوي) لِ َكث َر ِة َمائِه ِ َو ِش َّد ِة ان ِدفَا ِعه ِ (الذي يجري على أصل الشجرة) َويَأ ُك ُل‬
‫المزعزعة) ل َ َها (التي‬ ‫أَصلَ َها َويُض ِع ُف ُع ُروقَ َها‪َ ،‬و َك ِثير ًا َما يُس ِقط َُها‪( ،‬أو الريح ه‬
‫هتحر هك فه هروعها) َتحرِيك ًا َش ِديد ًا يُ َؤثِّ ُر ِفي َو َه ِن ُع ُروقِ َها‪( ،‬وتم هيل بها يمين ًا‬
‫وشما ًل) َو َكثِير ًا َما ُت َقل ُِّع َما ُت َزعز ُِع ُه‪.‬‬
‫الش َر ُف ُكل ُه ب َِها‬‫يط َّ‬ ‫يمان ِ َّي ُة (الشريف هة) ال َّ ِتي ن ِ َ‬ ‫(فإن لم ت هكن هذه الشجر هة) ا ِإل َ‬
‫(في نهاية ال هقوة) ِفي اع ِت َقا ِد َها َو َم َعار ِِف َها (والن همو والر هسوخ‪ ،‬فه هروع ًا وأ ه هصو ًل‪،‬‬
‫خيف عليها النقلع في ذلك الوقت) ال َّ ِذي ُت َزعز ُِع ُه ِفيه ِ ال ِف َت ُن َو َّ‬
‫الش َدائِ ُد‪.‬‬
‫ين يَعلَ ُمو َن َما َال‬ ‫(ومن أجل ذلك) ال َّ ِذي َم َّر (اشتد خو هف الكابر) ال َّ ِذ َ‬
‫‪٤44‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(من هسوء الخاتمة)‪َ ،‬واألَم ُر بِال َخ َواتِيمِ‪( ،‬وزيغ القلب) ال َّ ِذي‬ ‫يَعلَ ُم ُه األ َ َصا ِغ ُر‪،‬‬
‫ات َعلَى َما يُ ِحب‬‫ِإلَى َحا ٍل‪( ،‬عند الموت) نَسأَلُ اللَّ َه الثَّ َب َ‬ ‫يَ َت َقلَّ ُب ِمن َحا ٍل‬
‫َويَر َضى ِعن َد ُه‪.‬‬
‫الس َع َاد ُة ِفي األ َ َز ِل َال َت َت َقلَّ ُع‬ ‫ثُ َّم َم َد ُار ال َخات ِ َمة ِ َعلَى َّ‬
‫الساب ِ َقة ِ‪ ،‬فَ َمن َس َب َقت ل َ ُه َّ‬
‫الش َق َاو ُة ِفيه ِ‬ ‫يمانِه ِ بِال َّد َوا ِهي النَّا ِزلَة ِ ِعن َد ُحلُو ِل األ َ َج ِل‪َ ،‬و َمن َس َب َقت ل َ ُه َّ‬ ‫َش َج َر ُة ِإ َ‬
‫َتن َقلِ ُع ب َِما يَط َرأُ َعلَيه ِ‪.‬‬
‫ض‬ ‫( هثم إن القوادح) ِفي ال ِّدي ِن (والعوارض) ُ ِ‬
‫الموهنَ َة ل َ ُه (التي تعر ه‬
‫البا ِط ِل َح ّق ًا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل ه هصولها) ال َّ ِتي ِهي َ ِ‬
‫الع َقائ ُد (من البدع) في االعت َق َادات َو ُه َو اعت َق ُاد َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الح َّقة ِ‪( ،‬والضطراب في أمر اآلخرة‪،‬‬ ‫لِ ُشب َهةٍ‪( ،‬والش هكوك) الطَّا ِر َئة ِ في األُ ُمو ِر َ‬
‫وج َبة ِ لِ َو َه ِن َها‬ ‫ض في أ ه هصول الشجرة من اآلفات) ُ‬
‫الم ِ‬ ‫يجري مجرى ما يعر ه‬
‫ات ال َّطا ِر َئة ِ َعلَى فُ ُرو ِع َها‪( ،‬والخلق‬ ‫َو ُس ُقو ِط َها‪َ ،‬و ِهي أَ َشد َض َرر ًا ِم َن اآلفَ ِ‬
‫َ‬
‫الع َد َاو ِة َوال َّت َكبرِ‪.‬‬
‫الح َس ِد َوال ِحق ِد َو َ‬
‫المذ همومة) َك َ‬
‫الرش َو ِة (تجري منها مجرى ما‬ ‫الربَا َو ِّ‬
‫(والمعاصي) َكال ِّزنَا َو ُشر ِب ال َخمرِ َو ِّ‬
‫المو ِهنَة ِ ل َ َها‪( ،‬فل جرم أن كان‬ ‫يق هع ل هف هروع الشجرة وأغصانها من العوارض) ُ‬
‫الذي يقد هح في الصل و هيوهنه هه أضر على الشجرة كثير ًا من الذي يق هع على‬
‫وج ُب ِإت َالفَ َها ُكل َّها‪،‬‬ ‫ال هف هروع) َو ِإن َكا َن ال ُكل ُم ِض ّر ًا ل َ َها؛ ِأل َ َّن َما يُو ِه ُن أَصلَ َها يُ ِ‬
‫وج ُب ِإت َال َف زِينَ ِت َها‪.‬‬
‫وع َها يُ ِ‬‫َو َما يُو ِه ُن فُ ُر َ‬
‫الع ِقي َد ِة (والشك في اليوم اآلخر‪ ،‬وكان)‬ ‫(ولهذا عظهم أم هر البدعة) ِفي َ‬
‫وج ُب ان ِق َال َع‬
‫المحرمات) فَ ِإنَّ ُه يُ ِ‬
‫ور (على صاحبه أضر من المعاصي و ه‬
‫المذ ُك ُ‬
‫َ‬
‫‪٤4٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫وج ُب النَّق َص ِفي زِينَ ِت َها‪.‬‬


‫يمانِ َّية ِ ِمن أَصلِ َها‪ ،‬ب ِِخ َال ِف َها فَ ِإنَّ َها ُت ِ‬
‫الش َج َر ِة ا ِإل َ‬
‫َّ‬
‫العار َِضة ِ لِ َش َج َر ِة‬
‫ض َ‬ ‫(نسأ هل الله) ال َّ ِذي ب َِي ِدهِ األَم ُر ُكل ُه (العافية) ِم َن َ‬
‫الع َوا ِر ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫الر ِ‬
‫اح ِم َ‬ ‫يما ِن (والوفاة على اإلسلم) آ ِم َ‬
‫ين يَا أَر َح َم َّ‬ ‫ا ِإل َ‬

‫َ َ‬ ‫احلال‪ ً َ ِ ،‬دا‬ ‫لَع َن ْف ِس َها بلِ َسان َ‬ ‫ََ‬ ‫ُّ ْ َ ن َ‬


‫ي فِيها‪:‬‬ ‫خطابا ل ِلرا ِغبِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادلنيا تنادِي‬ ‫‪ 81‬ــ‬
‫َ ن ْ‬ ‫َ‬
‫َْ ن ْ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫ٌَْ ن ن‬ ‫َ دا‬ ‫اح َذ ن‬‫ْ‬
‫خ َرة ِ‪َ ،‬وامتثِلوا أم َر اهللِ لكم ِِف‬ ‫ون فإِن ِِن ف ِتنة‪َ ،‬وخذوا مِِن زاد اآل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِف َوالمتمتع َ‬‫ن‬ ‫الزاـهد َ‬
‫ين ِ دا‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِبوا بمن مَض مِن قبلك ْم م َِن دا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ن ْ َ َ‬
‫دا‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ترك ِكم إِياي‪ ،‬واعت ِ ِ‬
‫دا ن َ ْ ن ْ‬ ‫َ ْ َ َْ َ َ َن َ َْ َن َ‬ ‫َ ْن ن‬
‫الزاـهِدون مِنهم‬ ‫خ َرة ِ‪،‬‬‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫َل‬ ‫ريـهِم وكيف ذـهبوا وانقلبوا إ ِ‬ ‫ِب‪ ،‬وانظروا ِِف ِس ِ‬
‫َ ْ َ َ ََْ ن‬ ‫َْن‬ ‫َ ََْ‬ ‫َ‬
‫ِّس ٍة ال تنق ِطع‪.‬‬ ‫يم ال ينق ِِض‪َ ،‬وأـهل احل ِْر ِص ِِب‬ ‫بِن ِع ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‬
‫ور َو ُز ٌ‬
‫ور َوبَاطنُ َها ُش ُر ٌ‬ ‫َوقَ َال ‪َ ‬ونَ َف َع بِه ِ‪( :‬الدنيا) الَّتي ظَاه ُر َها ُغ ُر ٌ‬
‫ف بَاطِ ِن َها (بلسان الحال خطاب ًا‬ ‫( هتنادي على نفسها) ال َّ ِتي ظَا ِه ُر َها َعلَى ِخ َال ِ‬
‫ين ِإلَي َها‪( :‬احذ هروني) يَا ُع َّشاقِي؛ (فإنني‬ ‫السا ِع َ‬ ‫اش ِق َ‬
‫ين ل َ َها َو َّ‬ ‫الع ِ‬‫للراغبين فيها) َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتنة) أَف ِت ُن ال ِع َب َاد َع ِن َّ‬
‫ك‪َ ،‬و ِإيَّا ُكم أَن َتغ َتروا‬‫الم َهالِ ِ‬
‫الم َهاوِي َو َ‬ ‫الر َشادِ َوأُوق ُع ُهم في َ‬
‫بِ َظا ِهرِي؛ فَ ِإنِّي َكطَ َعامٍ َشهِي ظَا ِه ُر ُه طَيِّ ٌب َو ِفي بَا ِط ِنه ِ ُسم قَات ِ ٌل‪.‬‬
‫وج ُب فَو َز ُكم ب ِنَ ِعي ِم َها‪،‬‬‫يما يُ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(و هخذهوا مني زاد اآلخرة) بِأَن َتصرِفُوني ف َ‬
‫فَ ِإنِّي َمز َر َع ُت َها‪َ ،‬و َال َتغ َفلُوا بِي َعن َها‪( ،‬وامتثلهوا أمر الله ل هكم في ترك هكم إياي)‬
‫َو َذلِ َك أَ َّن َربِّي َح َّب َب ِني ِفي قُلُوبِ ُكم‪َ ،‬وأَح َالنِي ِفي ُع ُيونِ ُكم‪َ ،‬وام َت َحنَ ُكم بِأَن َمنَ َع ُكم‬
‫ِمن أَن َتأ ُخذُوا ِمنِّي َما يَك َر ُه ُه أَو يَش َغلُ ُكم َعن ُه لِ َيعلَ َم َهل ُت ِط ُيعونَ ُه ِفي َذلِ َك أَم َال‪.‬‬
‫فَأَ ِط ُيعوا َمو َال ُكم ِفي َتر ِكي ل َ َعلَّ ُكم َت ُفو ُزوا بِ َفو ِز ام ِت َثالِه ِ‪َ ،‬و َال ُت ِط ُيعوا أَن ُف َس ُكم‬
‫‪٤4٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َاع َها أَهلَ َكت ُه‪( ،‬واعتب هروا بمن مضى من قبل هكم من الزاهدين في)‬ ‫فَ ِإ َّن َمن أَط َ‬
‫المتمتعين بي)‬ ‫ين َع َرفُوا ِخ َّس ِتي َواس َتن َك ُفوا ِمن أَن يَل َت ِف ُتوا ِإلَى ِمثلِي‪( ،‬و ه‬ ‫ال َّ ِذ َ‬
‫ين َرأَوا ظَا ِهرِي َو َع َموا َعن بَا ِط ِني‪ ،‬فَ َت َهال َ ُكوا َعلَى ال َّت َمت ِع بِي‪َ ،‬و َرأَوا أَ َّن َذلِ َك‬ ‫ال َّ ِذ َ‬
‫البغ َي ُة ال ُكب َرى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ه َي ُ‬
‫ف َال‬ ‫ف َو َشر ٍ‬‫ِفي ِعز َو َع َفا ٍ‬ ‫اش الز َّه ُاد‬
‫َ‬ ‫(وانظ ههروا في سيرهم) َحي ُث َع َ‬
‫ُذل َو َتلَط ٍخ بِأَك َدارِي ُمب َتلِ َ‬
‫ين‬ ‫اش كِ َالبِي ِفي‬ ‫يَ ُزولُ ‪َ ،‬و َت َطه ٍر َع ِن األَو َسا ِخ‪َ ،‬و َع َ‬
‫بِ َد َوا ِه َّي‪ ،‬أُب ِكي َمن أُفَا ِرقُ ُه َوأُنَ ِّج ُس َمن أُ َعانِ ُق ُه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(وكيف ذه هبوا وانقل هبوا إلى اآلخرة) فَ َه ُؤ َالء الز َّه ُاد ان َقلَ ُبوا بِ ِت َج َارة لَن َت ُب َ‬
‫ور‬
‫الرا ِغ ُبو َن ِف َّي ان َقلَ ُبوا بِ َخ َس َار ٍة َونَ َد َامةٍ َو َحس َر ٍة‪ ،‬تِل َك‬ ‫ِ‬
‫َو ِعز َال يَفنَى‪َ ،‬و َه ُؤ َالء َّ‬
‫وت ُة‪َ ،‬ت َر ُكوا َما َج َم ُعوا لِ َغيرِ ِهم‪َ ،‬ك َما‬ ‫المم ُق َ‬ ‫وض ُة‪َ ،‬و َه ِذهِ قُ ُص ُ‬
‫ور ُهم َ‬ ‫المب ُغ َ‬ ‫ور ُهم َ‬ ‫قُ ُب ُ‬
‫قَ َال‪( :‬الزاه هدون من ههم) ُم َتلَبِّ ُسو َن (بنعيم ل ينقضي) أَبَ َد اآلبَادِ‪( ،‬وأه هل‬
‫صر‬ ‫الحرص) بِي (بحسرة ل تنقط هع) َسر َمد ًا‪ ،‬ل َ ِكن َال يَس َم ُع نِ َد َاء َها إِ َّال َمن لَم يَ ِ‬
‫صم‪.‬‬ ‫الشي ِء يُع ِمي َويُ ِ‬
‫أَع َمى َوأَ َص َّم ب ُِحبِّ َها ِأل َ َّن ُح َّب َّ‬

‫ََ َ َ ََن‬ ‫ْ ن َ ن ْ َ ن َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ن َََْن َ ْ‬


‫‪ 82‬ــ الكمال أربعة أجزا ٍء‪ :‬ال ِعلم‪ ،‬وب ِ ِه يعرف حق اهللِ تعاَل‪ .‬والعمل‬
‫ن َ ْ َن َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ن‬ ‫ْ َنَ َ ن َْ‬
‫اإلخالص ِِف ال ِعل ِم َوالعم ِل‪َ ،‬وـه َو تص ِفية ما‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫بِال ِعل ِم‪ ،‬وـهو ال ِقيام بِأ ِ‬
‫م‬
‫َ َ ْ َ َ َ دا‬ ‫ْ َ ن ََ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ِ َ ََ َن َ َْ‬
‫احلو ِل َوالق داوة ِ‪َ ،‬وـه َو االعتِماد لَع اهللِ‪ .‬فمن ع َرف حق اهللِ‪،‬‬ ‫هلل داِ‪ .‬والِباءة مِن‬
‫َض‪َ ،‬‬
‫الو ُّ‬ ‫َنَ َْ ن نَْ َ‬ ‫َ ْ ََ َ ََ‬ ‫َ َ دا َ‬ ‫ََ َ َْ‬
‫ِل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ر‬‫الم‬ ‫ان‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫لَع‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫اع‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫داِ‬ ‫هلل‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َف‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫وقام بِأ ِ‬
‫م‬
‫ن َْ‬
‫ِهلل داِ المجت َ ‪.‬‬

‫‪٤41‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫(الكم هال) ال ِّدي ِني (أربع هة أجزاء‪:‬‬


‫الالز ُِم َعلَى َخل ِقه ِ‪،‬‬‫ــ العل هم) بِاللَّه ِ َوبِأَح َكا ِمه ِ‪( ،‬وبه هيعر هف حق الله تعالى) َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِم َن االعتِ َقادِ فيه ِ َت َعالَى َوف َ‬
‫يما قَ َال‪َ ،‬و ِإت َيا ِن َما أَ َم َر بِه ِ‪َ ،‬و َتر ِك َما َز َج َر َعن ُه‪َ ،‬و ُه َو‬
‫اس‪.‬‬ ‫األ َ َس ُ‬
‫ــ (والعم هل بالعلم‪ ،‬و ههو القي هام بأمر الله) ظَا ِهر ًا َوبَا ِطن ًا َو ِفع ًال َو َترك ًا‪،‬‬
‫َوال ِعل ُم ب َِال َع َم ٍل َك َّ‬
‫الش َجرِ ب َِال ثَ َم ٍر‪.‬‬
‫ــ (واإلخل هص في العلم والعمل) بِأَن يُ َر َاد بِه َِما َوج ُه اللَّه ِ فَ َقط‪( ،‬و ههو‬
‫تصفي هة ما لله) َعن َش َوائِ ِب ِشر َكة ِ َغيرِهِ‪َ ،‬و َعلَيه ِ َم َد ُار ُه َما قَ ُب ً‬
‫وال َو َر ّد ًا‪.‬‬
‫ــ (والبراء هة من الحول) ِفي َدف ِع َما يَ ُضر (وال هقوة) ِفي َجل ِب َما يَن َف ُع (و ههو‬
‫العتم هاد على الله) ال َّ ِذي ل َ ُه َ‬
‫الحولُ َوال ُق َّو ُة‪َ ،‬ولَي َس لِ َغيرِهِ ِمن ُه َما َشيءٌ‪.‬‬
‫(فمن عرف حق الله) بِال ِعلمِ ال َّ ِذي َعلِ َم ُه بِلِ َسا ِن َر ُسولِه ِ ‪ 2‬أَو‬
‫ِالع َم ِل َعلَى ال ِعلمِ‪( ،‬وصفى) َو َج َع َل َص ِافي ًا َعن‬ ‫ُو ِه َب ُه‪( ،‬وقام بأمر الله) ب َ‬
‫ُم َال َح َظة ِ ال َغيرِ (ما لله) َعلَيه ِ‪( ،‬واعتمد على الله) ِفي أُ ُمو ِرهِ ُكل َِّها (ف ههو اإلنسا هن‬
‫المجتبى) ال َّ ِذي اج َت َب ُاه ِمن ِع َبادِهِ‪َ .‬و َمن‬ ‫المرتضى) ار َت َض ُاه َمو َال ُه‪( ،‬الولي لله ه‬ ‫ه‬
‫قَ َّص َر ِفي َشي ٍء ِمن َذلِ َك نَ ُق َص ِمن َك َمالِه ِ َعلَى قَد ِر َذلِ َك‪.‬‬

‫َْ ََ‬ ‫ْ‬ ‫دا َ َ َ َ‬ ‫دا َ ن ْ‬ ‫دا َ ن ن ْ‬


‫أـهلِ ِه مع‬ ‫مِن‬ ‫ِيم‪ ،‬إِذا َوقع‬ ‫يم‪َ ،‬و ُي ِِي الرم‬ ‫‪ 81‬ــ السماع يش ِِف الس ِق‬
‫ن ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ نَ ٌَْ‬ ‫َ َ َ َ َ ِّ دا‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫المست ِم ِع‬ ‫لَع‬ ‫ت القاب ِ ِل َِّلل ِك‪ ،‬والمحل الالئ ِِق ب ِ ِه‪ .‬وـهو ف ِتنة‬
‫أـهلِ ِه ِِف الوق ِ‬

‫‪٤4١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ِّ َ َ َ َ َ َ ن َ ِّ َ َ َ َ َ ْ‬
‫الوج ِه‪.‬‬ ‫بِاحلظ والهوى‪ ،‬ولَع المسم ِع لَع ـهذا‬

‫الرح َمانِي َو ُه َو َما يُطَاب ُِق َشر َع ُم َح َّم ٍد‬ ‫َّ‬


‫(‪)٤‬‬
‫َوقَ َال ‪( :‬السما هع)‬
‫ين‪ ( ،‬هيشفي السقيم)‬ ‫الشيطَانِي ال َّ ِذي ُه َو َحظ َ‬
‫المط ُرودِ َ‬ ‫الس َما ُع َّ‬
‫‪َ ،2‬ال َّ‬
‫الميِّ َت قَل ُب ُه ب ُِس ُح ِب اآلثَا ِر‪ ،‬بِاألَن َوا ِر‬
‫قَل ُب ُه بُ ُح ُج ِب األَغ َيا ِر‪( ،‬و هيحيي الرميم) َ‬
‫َواألَس َرا ِر (إذا وقع من أهله) ال َّ ِذي ُه َو أَه ٌل أَن يُس ِم َع‪َ ،‬و ُكل َك َالمٍ يَب ُر ُز َو َعلَيه ِ‬
‫ُكس َو ُة َصا ِح ِبه ِ‪( ،‬مع أهله) ال َّ ِذي ُه َو ِم َن اللَّه ِ لِلَّه ِ‪( ،‬في الوقت القابل لذلك)‬
‫ت قَاب ِ ٍل ل َ ُه‪( ،‬والمحل اللئق به) َولَي َس ُكل َم َحل يَلِ ُيق بِه ِ‪.‬‬ ‫َولَي َس ُكل َوق ٍ‬

‫المستمع) ال َّ ِذي يَس َت ِم ُع (بالحظ) النَّف َسانِ ِّي (والهوى)‬ ‫(و ههو فتنة على ه‬
‫المسمع) ال َقو ِل ال َّ ِذي يُس َم ُع (على هذا الوجه) أَي ب َ‬
‫ِالح ِّظ‬ ‫الشيطَانِ ِّي (وعلى ه‬ ‫َّ‬
‫الحظ النَّف َسانِي‬ ‫المس ِم ِع َ ِ‬
‫ين في أَز ِمنَ ِتنَا َه ِذهِ ُه َو َ‬ ‫ين َو ُ‬ ‫السا ِم ِع َ‬
‫يب َّ‬ ‫ص ُ‬ ‫اله َوى‪َ ،‬ونَ ِ‬
‫َو َ‬
‫الشيطَانِي‪َ ،‬وقَ َّل َمن يَس َم ُع َويُس ِم ُع لِلَّه ِ َو ِم َن اللَّه ِ َت َعالَى‪ ،‬أَي َشي ٍء أَد َخ َل‬ ‫اله َوى َّ‬
‫َو َ‬
‫الس َفلَة ِ ِفي األَس َما ِع ِم َن ال ِفتنَة ِ َوالبِد َعة ِ؟!‪.‬‬
‫الشي َطا َن َعلَى َّ‬
‫َّ‬

‫ْ َْ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ن ن‬ ‫َ ن دا ْ ْ َ‬
‫خ َرة ِ مِن أم َري ِن‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫اد‬ ‫ع‬‫س‬ ‫َل‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬ ‫ول‬ ‫ص‬ ‫الو‬ ‫ِف‬
‫‪ 84‬ــ البد ل ِِإلن ِ ِ‬
‫ان‬ ‫س‬
‫دا‬ ‫َْ‬ ‫َنَ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ن َ دا ْ ن‬ ‫َ َ ن نَ‬
‫ث اَّلِي‬
‫ْنل ِة الغي ِ‬ ‫الهداية واتلوفِيق مِن اهللِ‪ ،‬وـهو بِم ِ‬ ‫* أحدـهما‪ِ :‬‬
‫ن ن َْ َ‬
‫ي ِصيب األرض‪.‬‬
‫ام ِة‪َ ،‬و نـه َو ب َم ْْنلَ ِة َ ْ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ََ َْ‬ ‫دا ْ َ‬
‫* َواثلدا ِاِن‪ :‬الس ن‬
‫ث‬
‫احلر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫االس‬ ‫اج‬
‫ِ‬ ‫ه‬‫ِن‬‫م‬ ‫لَع‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫َل‬ ‫ْع إ ِ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )٤‬هو اإلنشاد الديني الذي يدور حول حب اهلل وحب رسوله ‪.2‬‬
‫‪٤45‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ََْ َن‬ ‫َ َ ْ َ دا ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ُّ َ َ َ ْ َ ن َ‬ ‫َْْ‬


‫حية‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ظ‬
‫ِ‬ ‫ِف‬ ‫حل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫الِت‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ابل‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ه‬ ‫يل‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫اج‬ ‫ت‬‫َت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫ا‬ ‫ـه‬ ‫د‬‫ه‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ل ِْل‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫نْ‬
‫ري ذل ِك‪.‬‬ ‫المؤذِي‪ ،‬إَِل غ ِ‬
‫دا ْ ن َ َ ٌ َ َ َ ٌ َ َ‬ ‫ن َ َ ْ ن ََ‬ ‫َ َ ْ ن َْ‬
‫اص ٍل‪،‬‬ ‫فحرث األر ِض دون أن ي ِصيبها السيل عناء وتعب بِال ح ِ‬
‫َ َ ٌ‬
‫ث إِضاعة‪.‬‬ ‫الس ْيل ل َ َها َم َع تَ ْركِ َ ْ‬‫َ َ َ ن دا‬
‫احلر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِصابة‬
‫َ َ ن‬ ‫َْ َ ٌ‬ ‫َْْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ دا ْ ن‬
‫ث‪ ،‬ليس ل ِلعب ِد فِي ِه مدخل‪َ ،‬وذل ِك ـه َو‬ ‫فاتلوفِيق مِن اهللِ َكلغي ِ‬
‫َ َ َ ُّ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫اد دااَّلِي نـه َو ب َم ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ ن َ دا ْ ن َ ْ َ ن‬
‫ث األر ِض وتعه ِدـها إَِل‬ ‫ْنل ِة حر ِ‬‫ِ ِ‬ ‫احل ِقيقة‪ .‬والسْع واالجتِه‬
‫َ‬
‫َ ْ َ ن َ َ ْ ن ن َ َ ْ ن ن ْ ن َ َ َ ْ ن ْ َ َ َ َ ن َ دا َ ن‬
‫الّشيعة‪.‬‬‫ِ‬ ‫العب ِد‪ ،‬وـهو كسبه‪ ،‬وعنه يسأل‪ ،‬وعلي ِه ُيزى‪ ،‬وذل ِك ـهو‬

‫الو هصول إلى سعادات اآلخرة من أمرين‪:‬‬


‫(ل هبد للنسان في ه‬
‫* أح هد ههما‪ :‬الهداي هة) لِ َسبِي ِل ال َخيرِ (والتوف هيق) لِ ِفع ِل ال َخي َر ِ‬
‫ات َو َتر ِك‬
‫ات (من الله) ال َّ ِذي ب َِي ِدهِ ال ِه َدايَ ُة َوال َّتو ِف ُيق‪( ،‬و ههو بمنزلة الغيث الذي‬ ‫السيِّ َئ ِ‬
‫َّ‬
‫يب الرض) فَ ُيحي َِيها بَع َد َموت ِ َها‪َ ،‬و َعلَيه ِ َ‬
‫الم َد ُار‪.‬‬ ‫هيص ه‬
‫* (والثاني‪ :‬السع هي إلى الل) ال َّ ِذي أَ َم َر ِع َب َاد ُه ب َّ‬
‫ِالسع ِي ِإلَيه ِ (على منهاج‬
‫ف ِفي األُ ُصو ِل‬
‫المح َّم ِديَّة ِ‪ِ ،‬من َغيرِ قُ ُصو ٍر َو َال ان ِحرا ٍ‬
‫َ‬ ‫الستقامة) َعلَى الطَّرِي َقة ِ ُ َ‬
‫َوال ُف ُرو ِع‪.‬‬
‫(و ههو بمنزلة الحرث للرض) ال َّ ِتي َال ُتنب ُِت ال َّزر َع ب ُِم َج َّر ٍد ُوقُو ِع ال َغي ِ‬
‫ث‬
‫اج إليه من البذر) ال َّ ِذي ُه َو َما َّد ُة ال َّزر ِع‪( ،‬والتربية)‬ ‫َعلَي َها‪( ،‬وتعهدها بما تحت ه‬
‫المؤذي) ال َّ ِذي َال يَصلُ ُح بِه ِ‬ ‫(‪)٤‬‬
‫بِنَح ِو ال ِّدم ِن ‪( ،‬والحفظ) َع َّما يَ ُضر (وتنحي هة ه‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الب َع ُر‪.‬‬
‫(‪ )٤‬ال ِّدم ُن‪َ :‬‬
‫‪٤4٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫اج ِإلَيه ِ ِفي أَمرِ ال َّزر ِع‪.‬‬


‫ال َّزر ُع‪( ،‬إلى غير ذلك) ِم َّما يُح َت ُ‬
‫(فحر هث الرض هدون أن هيصيبها السي هل) أَو َما يَ ُق ُ‬
‫وم َم َق َام ُه (عناء وتعب‬
‫ض ب َِال َم ٍاء‪( ،‬وإصاب هة السيل لها مع ترك الحرث‬ ‫بل حاصل)؛ ِإذ َال ُتنب ُِت األَر ُ‬
‫إضاعة) ِإذ َال ُتنب ُِت ب َِال ِع َال ٍج‪.‬‬
‫(فالتوف هيق من الله كالغيث‪ ،‬ليس للعبد فيه مدخل) بَل ُه َو فَض ُل اللَّه ِ يُؤثِ ُر‬
‫ِ‬
‫الح ِقي َقة ِ األُ ُم ُ‬
‫ور ُكل َها ب َِي ِد اللَّه ِ‪ ،‬لَي َس‬ ‫بِه ِ َمن يَخ َت ُار ُه‪( ،‬وذلك ههو الحقيق هة) ِإذ في َ‬
‫لِل َعب ِد َشيءٌ‪.‬‬
‫يما أَ َم َر بِاالج ِت َها ِد ِفيه ِ (الذي ههو بمنزلة حرث‬ ‫ِ‬
‫(والسع هي والجته هاد) ف َ‬
‫الرض وتعهدها إلى العبد‪ ،‬و ههو كس هب هه)‪.‬‬
‫ف‬ ‫َو َحل َه َذا أَ َّن اللَّ َه َت َعالَى َج َع َل ِفي ال َقل ِب قُ َّو َة إِ َر َاد ِة ال َخيرِ َواالتِّ َصا ِ‬
‫ِالع َقائِ ِد البا ِطلَة ِ‬ ‫وء َو َع َدم ِ االتِّ َصا ِ‬ ‫بِالع َقائِ ِد الح َّقة ِ‪ ،‬وقُ َّو َة ع َدم ِ ِإراد ِة الس ِ‬
‫َ‬ ‫ف ب َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َع ِن‬ ‫صرا ِ‬
‫ات َواالن ِ َ‬ ‫المبطلَة ِ‪َ ،‬و َج َع َل ِفي أَع َضائِه ِ قُ َّو َة ِفع ِل ال َخي َر ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫الم َعا ِر ِ‬
‫َو َ‬
‫ِ ِ‬
‫يما يَر َضاهُ‬ ‫ات‪َ ،‬و َكلَّ َف ُه َما يُ ِطي ُق ُه‪ ،‬فَ َم ِن اس َتع َم َل قُ َّو َت ُه ب َِه َدايَة ِ اللَّه ِ َو َتوفي ِقه ِ ف َ‬
‫السيِّ َئ ِ‬ ‫َّ‬
‫وم‪َ ،‬ولِل َعب ِد ِفي ِفعلِه ِ َو َتر ِكه ِ اخ ِتيَ ٌار‬ ‫الملُ ُ‬ ‫فَ ُه َو ال َفائِ ُز‪َ ،‬و َمن َع َج َز َعن َذلِ َك فَ ُه َو َ‬
‫اخ ُذ بِه ِ‪َ ،‬و ِإن َكا َن اللَّ ُه يَخلُ ُق َذلِ َك االخ ِتيَ َار‪.‬‬ ‫اب َعلَيه ِ َويُ َؤ َ‬ ‫يُ َث ُ‬
‫س ب َِما‬ ‫(وعن هه هيسأ هل) يَو َم ال ِقيَ َامة ِ (وعليه هيجزى) يَو َم ُتج َزى ُكل نَف ٍ‬
‫اعا ِة ُح ُدودِ َها َوأَح َكا ِم َها‪َ ،‬و ُكل‬ ‫َع ِملَت‪( ،‬وذلك ههو الشريع هة) ال َّ ِتي َالبُ َّد ِمن ُم َر َ‬
‫الشر َِيع َة فَه َِي بَا ِطلَةٌ‪َ ،‬ك َما أَ َّن ُك َّل َشر َِيعةٍ ُت َخالِ ُف َ‬
‫الح ِقي َق َة فَه َِي‬ ‫َح ِقي َقةٍ ُت َخالِ ُف َّ‬
‫ُم َعطَّلَ ٌة‪.‬‬
‫‪٤41‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ن دا‬ ‫رية ِ ُّ دا‬ ‫َ‬


‫الكث ِ َ‬ ‫ن ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ ْ َ َ ْ َ‬
‫اب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫الغ‬ ‫و‬ ‫اق‬
‫ِ‬ ‫الِّس‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫و‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ِي‬
‫د‬ ‫ا‬ ‫ابل‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ْنل‬
‫‪ 85‬ــ ادلنيا بِم ِ‬
‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ن َ َ َ َ ُّ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َن َْ َ َ َ‬
‫ادلنيا ِيلَأخذ‬ ‫اإلنسان خرج إَِل‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫اآل‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫يب‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫اخل‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ْنل ِة الم ِد‬
‫خرة بِم ِ‬ ‫َواآل ِ‬
‫دا َ َ ن َ ِّ ن ْ‬
‫خ َرة ِ‪.‬‬‫مِما فِيها فيقدمه ل ِْل ِ‬
‫َ َ ْ ٌ ْ َ ْ َ َ َ دا َ ن َ َ َ ن َ ن ْ َ َ‬ ‫َ َ ن ن دا َ َ َ َ‬
‫فالعاق ِل ُكما حصل ِِف ي ِده ِ َشء مِن أمت ِعت ِها قدمه أمامه؛ يلحفظ‬
‫َن‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ِّ ْ ْ َ َ ن‬ ‫َ َْ َ َ َ َْ َ ََْ َ‬
‫خرة‪.‬‬ ‫اره ِ وـهو اآل ِ‬ ‫ويأمن علي ِه وينت ِفع ب ِ ِه إِذا وصل إَِل حمل استِقر ِ‬
‫َ دا َ ْ َ ْ ن َ ن ُّ دا ن ْ‬ ‫َ َ ن ََْ ن َ َ َ ن ْ َ نًْ‬
‫اجلاـهِل ُيتبِس ما معه عِندهن ِبال ب ِ ِه‪ ،‬فإِما أن يأخذه الغصاب مِن‬ ‫و‬
‫َ ن ُّ ْ َ َ دا ْ ن َ َ َ َ َ دا َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ار نَل‬ ‫ال آفات ادلنيا‪ ،‬وإِما أن يساف ِر مِن ابلادِي ِة ال ِِت ال قر‬ ‫يَ ِده ِ‪َ ،‬و ِ َ‬
‫ِه ِِف ال ِم ِ‬
‫ث‬
‫َ َ ِّ دا‬ ‫َ َ َ َ ْ ْ ن َ ن َ دا َ َ ْ َ َ َ َ ن َ َ ْ ن ن ن َ ْ َ ْ َ‬
‫بِها لَع القه ِر مِنه‪ ،‬ويكلف ترك ما معه‪ ،‬فيأخذه من يبَق ِِف المحل اَّلِي‬
‫ََْ َ َْن‬
‫انتقل عنه‪.‬‬
‫َ َ َ ٌ َ ٌ َ ْ َ ْ َ ْ ن َ ن دا ن َ َ ن َ َ َ‬
‫اهلل تعاَل‪{ :‬ﮣ‬ ‫جيب‪ ،‬فليفهمه العاق ِل اللبِيب‪ ،‬قال‬ ‫ـهذا مِثال ع ِ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ} [العنكبوت‪.]١1 :‬‬
‫َوقَ َال ‪َ ‬ونَ َف َعنَا بِه ِ‪( :‬الدنيا) ال َّ ِتي ِه َي َد ُار ال َّد َوا ِهي َوال ِم َح ِن (بمنزلة‬
‫المخوفة) ال َّ ِتي يُ َخ ُاف ِف َيها‪( ،‬الكثيرة السراق) ال َّ ِذ َ‬
‫ين يَسرِقُو َن أَم َو َال َمن‬ ‫البادية ه‬
‫يَسلُ ُك َها (وال هغصاب‪ ،‬واآلخر هة بمنزلة المدينة الخصيبة اآلمنة) ِم َن الس َّرا ِق‬
‫اب َوال ُقطَّا ِع‪.‬‬
‫َوال ُغ َّص ِ‬
‫ِالو ُجودِ (ليأ هخذ مما فيها) ِم َن‬ ‫الع َدم ِ (إلى الدنيا) ب ُ‬ ‫(واإلنسا هن خرج) ِم َن َ‬
‫ال اللَّ ُه َت َعالَى‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫الح َسنَ ِ‬
‫ات (ف هيقدم هه لْلخرة) قَ َ‬ ‫َ‬
‫ﭾ} [النحل‪َ ،]٢٦ :‬وقَ َال‪{ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬

‫‪٤41‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ﮡ ﮢ} [المزمل‪َ ]٩4 :‬وقَ َال‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [النجم‪.]1٢ :‬‬


‫(فالعاق هل) ال َّ ِذي يَخ َت ُار َما يَن َب ِغي َعلَى َما َال يَن َب ِغي‪َ ،‬ويَ َض ُع األَش َياءَ ِفي‬
‫الالئِ َقة ِ ب َِها‪ ( ،‬هكلما حصل في يده شيء من أمتعتها قدم هه أمام هه‬ ‫اض ِع َها َّ‬
‫َم َو ِ‬
‫اله َال ِك‪( ،‬وينتفع به إذا‬ ‫ف‪( ،‬ويأمن عليه) ِم َن َ‬ ‫وم ُه بِا ِإلت َال ِ‬
‫ل هيحفظ) ل َ ُه َع َّما يَ ُر ُ‬
‫وصل إلى محل استقراره و ههو اآلخر هة) أَح َو ُج َما يَ ُكو ُن ِإلَى َما قَ َّد َم ُه ِإلَي َها‪.‬‬
‫ور ِفي‬ ‫(والجاه هل) ال َّ ِذي يَخ َت ُار َما َال يَن َب ِغي َعلَى َما يَن َب ِغي‪َ ،‬ويَ َض ُع األ ُ ُم َ‬
‫الالئ ِ َقة ِ ب َِها‪( ،‬يحتب هس ما مع هه عند هه هبخ ًل به) لِ ِش َّد ِة ِحر ِصه ِ َعلَى َما‬ ‫َغيرِ َم َحال َِّها َّ‬
‫ص ُير ُمع َدم ًا لَي َس ِعن َد ُه َشيءٌ‪( ،‬وهي‬ ‫اب من يده) فَ َي ِ‬ ‫ِعن َد ُه‪( ،‬فإما أن يأ هخذ هه الغص ه‬
‫ات الدنيا) ال َّ ِتي يَن َهلِ ُك ب َِها َما يُم ِك ُن أَن يَ َت َو َّص َل بِه ِ ِإلَى َخيرِ‬ ‫في المثال آف ه‬
‫اآلخ َر ِة‪( ،‬وإما أن هيسافر من البادية التي ل قرار ل هه بها على القهر من هه)‬ ‫ِ‬
‫َوال َغص ِب َعلَيه ِ‪( ،‬و هيكلف ترك ما مع هه‪ ،‬فيأ هخذ ههه من يبقى في المحل الذي انتقل‬
‫المو ُت ال َّ ِذي يَأ ُخ ُذ ب َِرقَ َبة ِ ُك ِّل ِذي ُرو ٍح‪َ ،‬ويَ ُجر ُه ِإلَى ُحف َر ِة‬ ‫ِ‬
‫عن هه) َو ُه َو في ال ِمثَا ِل َ‬
‫ِ‬
‫ات‪َ ،‬مسلُوب ًا َع َّما َج َم َع ُه‪َ ،‬وال َخائ ُب َمن يَ ِكد َويَج َم ُع لِ َغيرِهِ‪َ ،‬و َ‬
‫الوبَالُ َعلَيه ِ‪.‬‬ ‫الظلُ َم ِ‬

‫ص َعن َش َوائِ ِب‬


‫يب) ُذو َعق ٍل َخالِ ٍ‬ ‫(هذا مثال عجيب‪ ،‬فليفهم هه العاق هل اللب ه‬
‫األَك َدا ِر؛ (قال الل هه تعالى‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫الجا ِهلُو َن‪.‬‬
‫اء َ‬ ‫ِ‬
‫ﮫ} [العنكبوت‪ )]١1 :‬أَي‪َ :‬و َال يَن َتف ُع ب َِها األَغب َِي ُ‬

‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ دا‬ ‫نْ‬ ‫َْ ن َ ََْ ََ َ ْ َ ن َ‬


‫ان‬
‫ِ ِ‬‫يم‬ ‫اإل‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬‫و‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ؤ‬ ‫الم‬ ‫ن‬
‫‪ 86‬ــ اخلوف ال ينت ِِف وال يذـهب ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ ن َ ْ ََ َ ََن ْ ََ َ َ َ‬
‫اخل ْو نف أ ْع َظم‪َ.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ ن دا َ َ َ‬
‫اإليمان أكمل والعمل أصلح َكن‬ ‫صال ِح العم ِل‪ ،‬بل ُكما َك ِ‬
‫ن‬
‫‪٤4٢‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫ْ َ ن َ ن ن َ َ ن دا َ ن َ دا ن َ َ ن َ ْ َ ن‬ ‫َ ن َ َ‬
‫رية َواألق ِمشة‬ ‫اإلنسان يكون معه اَّلـهب وال ِفضة الكث ِ‬ ‫مِثال ذل ِك‪ِ :‬‬
‫َ َ دا ن‬ ‫َ َ ن دا‬ ‫َ َْ نْ‬ ‫َْ نْ‬ ‫َ َ ن ن ن َ‬
‫الملِيحة َوـه َو مساف ٌِر ِِف خب ٍت ُم ِو ٍف أ ْو ِب ٍر مغ ِر ٍق‪ ،‬فالمال اَّلِي يت َوصل ب ِ ِه‬
‫َ ََ ن‬ ‫َ ْ َ ُّ َ ْ ن ن َ َ َ ْ‬ ‫َ َ دا َ َ َ ن َ دا ن َ ن ْ َ ُّ‬ ‫َ‬
‫الّش ِف معه‪َ ،‬ولكِنه ال يعتد ب ِ ِه َويشتد خوفه لَع فوت ِ ِه َوال َياف‬ ‫إَِل ال ِغَن و‬
‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ ن َ ْ ٌ ن دا دا ن َ َ ُّ ن ن ن َ‬
‫اَل ِ‪َ ،‬وينت ِِف‬ ‫ال بِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫ـه‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫من ليس معه َشء ثم إِنه ال يتِم ِسور‬
‫دا َ َ َ‬ ‫َ ْ ن َ ْ ن َ دا َ َ ْ َ َ َ َ دا‬
‫عنه اخلوف حَّت ي ِصل ابلَند َر َويتيق َن السالمة‪.‬‬
‫َ ن َ َ ْ َ ن َ ْ َ ُّ ْ َ َ َ ْ ن ن ْ ن َ َ ن ن ْ ن‬ ‫َ‬
‫خرة ِِه بندر األم ِن‪ ،‬وادلنيا ِِه ابلحر المغ ِرق واخلبت المخ ِوف‪،‬‬ ‫فاآل ِ‬
‫ْ َ ن َ ُّ ن ن َ َ ْ َ ن دا َ ن ن َ َ ن َ َ َ ن‬ ‫الم َساف نِر نـه َ‬
‫َ ن‬
‫ارف‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫الم‬ ‫ِه‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ِت‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ش‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫األ‬ ‫و‬ ‫ود‬ ‫ق‬ ‫انل‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ان‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫اإل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫و‬
‫َ َ دا َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ن‬
‫َ دا ن َ ْ َ ن دا َ ن َ ن ن دا َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ور ال ِِت َيَش مِنها ِِف ـهذا السف ِر لَع‬ ‫احلة‪ ،‬واألم‬ ‫اإليمان ِية واألعمال الص ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ن‬ ‫دا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن‬ ‫دا َ َ ُّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬
‫ان واألعم ِ‬ ‫ِه الشكوك واآلفات ال ِِت تع ِرض ل ِِإليم ِ‬ ‫الّشيف ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫ـه ِذه ِ األمتِع ِة‬
‫دا َ َ ن ْ ن َ َ ْ َ ن َ َ َ َ‬
‫احل ِة فتف ِسدـها‪ .‬نسأل اهلل العافِية‪.‬‬ ‫الص ِ‬

‫المؤمن)‬ ‫قَ َال ‪( :‬الخو هف) ِم َن اللَّه ِ َت َعالَى (ل ينتفي‪ ،‬ول يذه هب عن ه‬
‫ور َعلَى ال َخ َواتِيمِ‪،‬‬ ‫ال َّ ِذي َآم َن بِأَ َّن َربَّ ُه ُسلطَا ٌن يَف َع ُل َما يُرِي ُد َو َال يُ َبالِي‪َ ،‬وأَ َّن األ ُ ُم َ‬
‫الس َوابِ ِق‪َ ،‬و ِه َي َمج ُهولَةٌ ِعن َد ال َخ َالئ ِ ِق‪( ،‬وإن كان قوي اإليمان)‬ ‫َو ِه َي َعلَى َّ‬
‫اس َخ ال ِعرفَا ِن‪( ،‬صالح العمل‪ ،‬بل هكلما كان اإليما هن‬ ‫ثَاب َِت ال َق َدم ِ ِفي ا ِإلي َقا ِن‪َ ،‬ر ِ‬

‫أكمل والعم هل أصلح كان الخو هف أعظم) ِإ ِذ ال َخو ُف نَتِ َ‬


‫يج ُة ال ِعلمِ؛ قَ َال اللَّ ُه‬
‫َت َعالَى‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ} [فاطر‪َ ،]٩1 :‬و َال يَ َخ ُاف ِم َن َّ‬
‫الشيطَا ِن‬
‫يما ِن‪.‬‬‫الع َم ِل َو َج َوا ِه ُر ا ِإل َ‬
‫ِإ َّال َمن َكا َن َم َع ُه َآللِ ُئ َ‬
‫(مث هال ذلك‪ :‬اإلنسا هن ي هكو هن مع هه الذه هب والفض هة الكثير هة والقمش هة‬

‫‪٤٤4‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫يم ِت َها (و ههو همسافر في خبت(‪ ) )٤‬قَف ٍر‬ ‫ِ‬


‫المليح هة) ال َّ ِتي ال َخو ُف َعلَي َها َعلَى قَد ِر ق َ‬
‫( همخوف) يُ َخ ُاف ِفيه ِ ِم َن الس َّرا ِق َوال ُقطَّا ِع‪( ،‬أو بحر همغرق‪ ،‬فالم هال الذي‬
‫يتوص هل به إلى الغنى والشرف) َكائِ ٌن (مع هه‪ ،‬ولكن هه ل هيعتد به) لِ َكونِه ِ ِفي َص َددِ‬
‫ال َّز َوا ِل‪( ،‬ويشتد خوفه هه على فوته) لِ ِع َظمِ فَائِ َدتِه ِ (ول يخ هاف من ليس مع هه شيء)‬
‫ور صاحب‬ ‫اب األَم َوا ِل‪ ( ،‬هثم إن هه ل يتم هس هر ه‬ ‫ِمن َها؛ ِإذ َال يَق ِ‬
‫ص ُد ال ُقطَّا ُع ِإ َّال أَربَ َ‬
‫هذا المال بماله‪ ،‬وينتفي عن هه الخو هف) َعلَى َمالِه ِ (حتى يصل البندر(‪ ) )٩‬أَو‬
‫لِ َمأ َم ٍن (ويتيقن السلمة) َعلَى َمالِه ِ‪.‬‬

‫المؤ ِم ُن َال يَ َزالُ يَز َد ُاد َخوفُ ُه َم َع ازدِيَادِ َخيرِهِ َح َّتى يَ َت َع َّدى َع َق َب َة‬
‫َك َذلِ َك ُ‬
‫المغر هق والخب هت‬ ‫ِالس َال َمة ِ (فاآلخر هة هي بند هر المن‪ ،‬والدنيا هي البح هر ه‬ ‫ت ب َّ‬ ‫المو ِ‬
‫َ‬
‫ود والقمش هة التي ت هكو هن مع هه هي‬
‫المساف هر ههو اإلنسا هن‪ ،‬والن هق ه‬‫المخو هف‪ ،‬و ه‬ ‫ه‬
‫ور التي يخشى منها في هذا السفر‬ ‫المعار هف اإليماني هة والعم هال الصالح هة‪ ،‬وال ه هم ه‬
‫ض لليمان والعمال‬
‫ات التي تعر ه‬
‫على هذه المتعة الشريفة هي الش هكو هك واآلف ه‬
‫الصالحة ف هتفس هدها‪ .‬نسأ هل الله العافية)‪.‬‬

‫ادل ْن َيا َش ْيئا ً فَ َشيْئا ً‪َ ،‬ح داَّت َال َي ْب ََق م ِْن َها َ ْ‬
‫َش ٌء‪.‬‬ ‫‪ 87‬ــ تَ ْذ َـه نب ُّ‬

‫قَ َال ‪َ ‬ونَ َف َع بِه ِ‪( :‬تذه هب الدنيا) ال َّ ِتي ُخلِ َقت لِل َفنَ ِاء (شيئ ًا فشيئ ًا)‬
‫الشم َعة ِ أُوقِ َدت فَتِيلَ ُت َها‪َ ،‬تذ َه ُب َشيئ ًا فَ َشيئ ًا (حتى ل يبقى منها شيء)‪ ،‬فَ ُخذُوا‬
‫َك َّ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المتسع من األرض‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(‪ )٤‬ال َخب ُت‪:‬‬
‫البن َد ُر‪ :‬الموضع الذي ترفأ فيه السفن‪ ،‬وهو ساحل كل نهر‪.‬‬
‫(‪َ )٩‬‬
‫‪٤٤٤‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫الباقِ َية ِ‪َ ،‬و َال َت ُكونُوا َكال َّ ِذ َ‬


‫ين نَ ُسوا أَن ُف َس ُهم ِم َن ال َّزادِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن ال َفان َية َما يَن َف ُع ُكم في َ‬
‫الم َعادِ‪.‬‬
‫فَ َخ َر ُجوا فُ َق َر َاء ِإلَى َ‬

‫َ ِّ ْ ن ٌ َ َ َ َ ٌ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ ن َ ْ‬
‫يح‬
‫اإلخال ِص والصد ِق نور وبركة وإِن َكن غري ف ِص ٍ‬ ‫‪ 88‬ـ لَكم أـه ِل ِ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ ن َ ْ ِّ َ َ دا َ ُّ ن َ ٌ َ َ ْ َ ٌ َ ْ َ َ َ‬
‫ْ‬
‫وَكم أـه ِل الرياءِ واتلُك ِف ظلمة ووحشة وإِن َكن ف ِصيحا‪.‬‬

‫(كل هم أهل اإلخلص) لِلَّه ِ (والصدق) َم َع اللَّه ِ َت َعالَى (نهور) يُنَ ِّو ُر ال ُقلُ َ‬
‫وب‬
‫الملُو ِك (وإن كان غير‬ ‫ك ُ‬ ‫المظلِ َم َة‪( ،‬وبركة) يَن َت ِف ُع بِه ِ أَه ُل السلُو ِك ِإلَى َملِ ِ‬ ‫ُ‬
‫الم َبال َ َغ ُة ِفي ال َف َص َ‬
‫احة ِ‪.‬‬ ‫فصيح) َولَي َس ِمن َشأنِهِم ُ‬
‫(وكل هم أهل الرياء والتكلف ظهلمة ووحشة) َتن ُف ُر َعن ُه الط َِّبا ُع (وإن كان‬
‫احبِه ِ‪ ،‬فَانظُر ِإلَى َك َالم ِ األَنب َِي ِاء‬
‫فصيح ًا) ِإذ ُكل َك َالمٍ يخر ُج َو َعلَيه ِ ُكسو ُة قَل ِب َص ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫البلَ َغ ِاء َوالش َع َر ِاء‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الس َال ُم َواألَوليَاء‪َ ،‬وإِلَى َك َالم ِ ُ‬
‫َعلَيه ُِم َّ‬

‫َ َ َ َ ن ن َ ِّ َ َ ن‬
‫لم َؤ ِّدب َ‬ ‫َ ْ َْ َ ن ْ َن َ َ ٌ َ ْ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ع‬‫الم‬ ‫ب‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫‪ 89‬ــ من لم تكن َل ب ِصرية ت‬
‫فِي ِه‪.‬‬

‫ور قَلبِي‪( ،‬تهديه) ِإلَى َما يُر َش ُد ِإلَيه ِ‪( ،‬طال‬ ‫(من لم ت هكن ل هه بصيرة) نُ ٌ‬
‫المؤدبين فيه)؛ ِإذ لِ َغ َب َاوتِه ِ قَلَّ َما يَس َتر ِش ُد بِ ِإر َشادِ ِهم َويَن َت ِف ُع‬ ‫المعلمين و ه‬ ‫تع هب ه‬
‫ب َِتعلِي ِمهِم َو َتأدِي ِبهِم‪.‬‬

‫‪٤٤٩‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َْ‬ ‫ْ َ َ ن ن ُّ ِّ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ دا َ َ َ َ ِّ َ ْ‬
‫اهلل بِاَّلل ل ِلباط ِِل َوأـهلِ ِه‪،‬‬ ‫احلق َوأـهلِ ِه ابتاله‬ ‫‪ 91‬ــ من تكِب لَع‬
‫ََن نن ََََْ َ َن ََ‬ ‫ََ ْ َ ن َ َْ ْ َ َ َ ن ََ َ ن ن ََ‬
‫ان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫وب‬‫ث‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫ب‬‫ق‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ه‬ ‫وت‬‫ف‬ ‫ت‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ان‬
‫ان وعقوب ِ‬
‫ت‬ ‫فيجت ِمع علي ِه عِند ذل ِك م ِصيبت ِ‬
‫احد ًا‪ ،‬بَل أَش َر َك َم َع ُه َغي َر ُه‪ ،‬أَو لَم‬ ‫(من تكبر على الحق) بِأَن لَم يع َت ِقد ُه َو ِ‬
‫َ‬
‫يَم َت ِثل َما أَ َم َر بِه ِ َولَم يَت ُرك َما نَ َه ُاه َعن ُه‪( ،‬وأهله) ِم َن األَنب َِي ِاء َعلَيه ُِم َّ‬
‫الس َال ُم‬
‫العلَ َم ِاء َواألَولِ َي ِاء بِأَن لَم يُذ ِعن ل َ ُهم‪( ،‬ابتل هه الل هه بالذل للباطل‬ ‫َو ُخلَ َفا َئ ُهم ِم َن ُ‬
‫وأهله)؛ أَ َال َت َرى ِإلَى َم ِن اس َتن َك َف ِمن أَن يُ َو ِّح َد َخالِ َق ُه َويَ ُكو َن َعب َد ُه‪َ ،‬ج َعلَ ُه َعب َد‬
‫لش ِّر َو َعب َد نَف ِسه ِ‬‫الشيطَا ِن‪َ ،‬و َمن َع َص ُاه َج َعلَ ُه ُمن َقاد ًا لِ َّ‬‫َعبِي ِدهِ َو َذلِ ًيال لِ ُر ُسوم ِ ال ُكفرِ َو َّ‬
‫الشيطَا ِن‪.‬‬ ‫َو َّ‬
‫ص َيب ُة‬‫صيب ُة ال َّت َكب ِر َعلَى اللَّه ِ َت َعالَى‪َ ،‬و ُم ِ‬‫ِ‬
‫(فيجتم هع عليه عند ذلك همصيبتان) ُم َ‬
‫الذلِّ لِل َبا ِط ِل َوأَهلِه ِ‪( ،‬و هع هقوبتان) ُع ُقوبَ ُة الذلِّ ِعن َد َ‬
‫الح ِّق َوأَهلِه ِ‪َ ،‬و ُع ُقوبَ ُة الذلِّ‬
‫لِل َبا ِط ِل َوأَهلِه ِ‪( ،‬وت هفو هت هه منقبتان) َمن َق َب ُة ال َّت َو ُ‬
‫اض ِع لِلَّه ِ َوأَهلِه ِ‪َ ،‬و َمن َق َب ُة ال َّت َكبرِ َعلَى‬
‫ِالج َز ِاء‪َ ،‬واللَّ ُه‬
‫اآلخ َر ِة ب َ‬‫الباطِ ِل َوأَهلِه ِ‪( ،‬وم هثوبتان) مثُوب ُة الدنيا بِالثَّنَ ِاء‪َ ،‬ومثُوب ُة ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫أَعلَ ُم‪.‬‬

‫نَ ن‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ دا ن‬ ‫َ َ‬ ‫ن ْ ن َ َ َ دا ن‬
‫ات‪َ ،‬والمناف ِق‬
‫ات‪ ،‬وال يتجوز ِِف ال ِعباد ِ‬ ‫‪ 91‬ــ المؤمِن يتجوز ِِف العاد ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ دا ن‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ دا ن‬
‫ات‪.‬‬
‫ات‪ ،‬وال يتجوز ِِف العاد ِ‬ ‫يتجوز ِِف ال ِعباد ِ‬
‫ص ُر (في العادات) النَّف َسان ِ َّية ِ‪،‬‬ ‫المؤم هن) ال َّ ِذي َهم ُه ِ‬
‫اآلخ َر ُة (يتجو هز) يَخ َت ِ‬ ‫( ه‬
‫ور ِة‪( ،‬ول يتجو هز في العبادات) َو َال يَش َب ُع ِمن َها َما َد َام‬ ‫الض ُر َ‬ ‫َويَك َت ِفي ِمن َها قَد َر َّ‬
‫وح ُه ِفي َج َس ِدهِ لِ ِعل ِمه ِ بِ َف َوائِ ِد َها‪.‬‬
‫ُر ُ‬
‫‪٤٤1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫يمانِه ِ‬
‫(وال همناف هق) ال َّ ِذي َهم ُه الدن َيا (يتجو هز في العبادات) لِ ِثقلِ َها لِ َع َدم ِ ِإ َ‬
‫بِ َف َوائِ ِد َها‪( ،‬ول يتجو هز في العادات) لِ َزع ِمه ِ أَنَّ َها ِه َي َجنَّ ُت ُه َول َ َّذ ُت ُه‪.‬‬

‫ََ َ ن‬
‫الك َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ دا ْ َ ْ َ ن ن ِّ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ِب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ابل‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫‪ 92‬ــ من لم يت ِهم نفسه ِِف ُك ِور ٍد وصد ٍر وقع مِن‬

‫وء (في هكل ورد وصدر) أَي‪ِ :‬في ُك ِّل َما‬ ‫(من لم يتهم نفسه) األَمار َة بِالس ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ه‬
‫َتأتِي َو َت َذ ُر (وقع منها في البليا ال هكبر) فَ َين َب ِغي لِإلِن َسا ِن أَن يَ َّته َِم َها ِفي ُك ِّل‬
‫أَح َوالِ َها َو َال يُ َح ِّس َن َمآل َ َها َكي يَن ُج َو ِمن َوبَالِ َها‪.‬‬

‫يَ ْد نعو إ ََل ِّ‬ ‫َ َ َ َ دا َ َ ن َ َ دا ِ َ دا ن‬ ‫دا َ‬


‫ين‬
‫ِ‬ ‫ادل‬ ‫ِ‬ ‫‪ 91‬ــ نرب د ٍ‬
‫اع إَِل الهوى والطبِيع ِة وـهو يدِع أنه‬
‫َ دا َ‬
‫الّشيع ِة‪.‬‬
‫و ِ‬
‫( هرب داع إلى الهوى والطبيعة) َم َع َد َغ ٍل(‪ِ )٤‬في قَل ِبه ِ (و ههو يدعي أن هه يد هعو‬
‫إلى الدين والشريعة)‪َ ،‬و َه َذا َحالُ َمن يَ َّتب ُِع َه َو ُاه‪َ ،‬ويَج َع ُل دِينَ ُه َت َبع ًا لِ ُك ِّل َما‬
‫الم ِح ّق إِ َّال َمن َكا َن‬ ‫الباطِ َل َح ّق ًا‪َ ،‬ويَز ُع ُم أَنَّ ُه لَي َس ُ‬ ‫ِ‬
‫الح َّق بَاط ًال َو َ‬
‫يَه َو ُاه‪َ ،‬ح َّتى يَ َرى َ‬
‫َعلَى ِمث ِل َما ُه َو َعلَيه ِ‪.‬‬

‫َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ دا َ ْ َ َ‬
‫‪ 94‬ــ ال ِعل نم عليك حَّت تعمل ب ِ ِه‪ ،‬فإِذا ع ِملت ب ِ ِه َكن ال ِعل نم لك‪.‬‬

‫(العل هم عليك حتى تعمل به) لِلَّه ِ َت َعالَى‪( ،‬فإذا عملت به كان العل هم) نَ ِافع ًا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفساد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(‪ )٤‬ال َّد َغ ُل‪:‬‬
‫‪٤٤١‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫الم َق ِّص ُرو َن َعن ِعل ٍم‬


‫(لك)‪َ ،‬و َال َتز ُع َم َّن أَنَّ ُه ب َِال َع َم ٍل َعلَيه ِ يَن َف ُع َك‪َ ،‬ال يَس َت ِوي ُ‬
‫صي ٍر‪.‬‬‫الم َق ِّص ُرو َن َعن َجه ٍل‪َ ،‬وأَن لَي َس ِأل َ َح ٍد ُعذ ٌر ِفي َتق ِ‬ ‫َو ُ‬

‫اء َأ َش داد َْحَاقَ ًة م داِم ْن َي ْعلَمن‬ ‫َ ْ َ ن َ َ َ َ دا ْ َ‬


‫الغ ْ َ‬
‫ِب ن‬ ‫ت اخلْضاء وال أقلت‬
‫َ َ َ دا‬
‫‪ 95‬ــ ما أظل ِ‬
‫ن ْ َ َ ْ َ ن َ َن َ ٌ َ َ ْ َ ن ن ْ َ َ ْ ن َ َ ٌ‬
‫َش ٍء َوـه َو نَل فاعِل‪.‬‬ ‫ارك ويعلم قبح‬
‫حسن َش ٍء وـهو َل ت ِ‬

‫الس َماءُ (ول أقلت) َرفَ َعت (الغبر هاء) أَي‪:‬‬ ‫(ما أظلت الخضر هاء) أَي‪َّ :‬‬
‫العالِ ُم ال َّ ِذي‬ ‫ض (أشد حماق ًة ممن يعل هم هحسن شيء و ههو ل هه تارك) َو ُه َو َ‬ ‫األَر ُ‬
‫يَعلَ ُم ُحس َن َما يُ َق ِّر ُب ِإلَى اللَّه ِ ثُ َّم يَت ُر ُك ُه‪( ،‬ويعل هم قهبح شيء و ههو ل هه فاعل) َو ُه َو‬
‫وج ُب َغ َض َب اللَّه ِ َو ِحر َما َن ثَ َوابِه ِ َواالب ِت َال َء بِ ِع َقابِه ِ ثُ َّم‬ ‫العالِ ُم ال َّ ِذي يَعلَ ُم قُب َح َما يُ ِ‬
‫َ‬
‫يَف َعلُ ُه‪َ ،‬و َه َذا َحالُ أَك َثرِنَا‪ ،‬نَسأَلُ اللَّ َه َ‬
‫العف َو َوال ُغف َرا َن‪.‬‬

‫َ ِّ ن ْ َ ْ َ ِّ ن ن ْ‬
‫‪ 96‬ــ دب ْر ث دام افعل‪ ،‬فك ْر ث دام قل‪.‬‬

‫(دبر) األَم َر ال َّ ِذي ُترِي ُد ِفعلَ ُه َو َال َتعر ُِف َعاقِ َب َت ُه‪ ( ،‬هثم افعل) ِإن ظ ََه َر ل َ َك‬
‫ُرش ُد ُه‪َ ،‬و َمن فَ َع َل أَمر ًا ُمب َهم ًا ِمن َغيرِ َتدبِي ٍر َك ِثير ًا َما يَ َق ُع ِفي النَّ َدم ِ‪.‬‬

‫(فكر) ِفي ال َقو ِل ال َّ ِذي ُترِي ُد ال َّت َكل َم بِه ِ َو َال َتعلَ ُم ُرش َد ُه ِمن َغيِّه ِ‪ ( ،‬هثم قهل)‬
‫ِإن بَا َن ل َ َك ُرش ُد ُه‪َ .‬و َكم ِمن ِإن َسا ٍن َت َف َّو َه ِمن َغيرِ َت َفك ٍر َر َج َع قَول ُ ُه َوبَ ًاال َعلَيه ِ‪.‬‬

‫‪٤٤5‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ ْ ْ َْ‬ ‫َ َ َ ً َ دا ن دا َ َ ن ُّ َ ْ ن ْ َ‬ ‫ََ ََْ‬


‫رشفا أن ُك أح ٍد ُيِب أن ينس َب إ ِ ْيل ِهم َوإِن لم‬ ‫خرة ِ‬
‫ِ‬ ‫اآل‬ ‫ل‬ ‫‪ 97‬ــ كَف أـه‬
‫نَْ ْ‬ ‫َ ن ْ ْ ن ْ َ َ َ َ ْ َ ُّ ْ َ َ َ ً َ دا ن دا َ َ ن ْ َ ْ ن ْ َ‬
‫ادلنيا ضعة أن ُك أح ٍد يك َرهن أن يذك َر ِِف مجلت ِ ِهم‪،‬‬ ‫يكن مِنهم‪ ،‬وكَف أـهل‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ‬
‫َوإِن َكن مِن أكاب ِ ِرـهِم‪.‬‬

‫(كفى أهل اآلخرة شرف ًا) ِفي الدنيَا (أن هكل أحد) ِمن أَه ِل ا ِإلس َالم ِ‬
‫( هيحب أن هينسب إليهم) لِيَ َت َش َّر َف ب َِش َر ِفهِم (وإن لم ي هكن من ههم) َح ِقي َق ًة‪( ،‬وكفى‬
‫وها أَك َب َر َه ِّمهِم َو َمبلَ َغ ُعلُو ِمهِم (ضع ًة) ُذ ًّال َو َه َوان ًا (أن‬ ‫أهل الدنيا) ال َّ ِذ َ‬
‫ين َج َعلُ َ‬
‫هكل أحد هيكر هه أن هيذكر في هجملتهم‪ ،‬وإن كان من أكابرهم)‪.‬‬

‫ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ دا َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫ِب الكبائ ِِر ابلاطِن ِة والظاـهِرة ِ أن تلت ِمس مِن أصحابِك‬
‫‪ 98‬ــ مِن أك ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ ْ َ ن ْ َ ْ َ ن َ ْ َ‬
‫خ َرة‪.‬‬
‫ادلنيا َوـهم يلت ِمسون مِنك اآل ِ‬

‫(من أكبر الكبائر الباطنة والظاهرة) يَا أَي َها ال ِمس ِكي ِن (أن تلتمس) قَ ًاال‬
‫َو َح ًاال (من أصحابك) ال َّ ِذ َ‬
‫ين يَج َت ِم ُعو َن ِإلَي َك لِ َين َت ِف ُعوا ب َِك (الدنيا) َ‬
‫المل ُعونَ َة‬
‫يب ال ُكفَّا ِر (و ههم يلتم هسون منك اآلخرة) َو َه َذا َشأ ُن أَك َثرِنَا‪ ،‬نَسأَلُ‬ ‫ص ُ‬‫ال َّ ِتي ِهي نَ ِ‬
‫َ‬
‫اللَّ َه َ‬
‫العف َو‪.‬‬

‫ُّ ْ َ َ َ ْ ن ن ن ْ ن ْ‬ ‫َْ َْ‬ ‫َن َْ‬


‫ان عِند أـه ِل ادلنيا‪ :‬ما يأخذه مِنهم‪.‬‬
‫اإلنس ِ‬
‫‪ 99‬ــ قِيمة ِ‬
‫(قيم هة اإلنسان) َوقَد ُر ُه (عند أهل الدنيا ما يأ هخذ ههه من ههم) ِإن أَ َخ َذ ِمن ُهم َما‬
‫يُ َق ِّر ُب ِإلَى اللَّه ِ َع َّز َعلَيهِم‪َ ،‬و ِإن َط ِم َع ِفي ُدن َيا ُهم َها َن ِعن َد ُهم‪.‬‬

‫‪٤٤٦‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ً َ َ ِّ ْ َ دا ن ن ن َ َ ْ َ ن َ َ َ َ‬
‫ري عليك بِمخالف ِة ما‬ ‫‪ 111‬ــ إِذا أردت أن تست ِشري إِنسانا فقدر أنه ي ِش‬
‫ن ُّ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ن دا َ َ ْ‬
‫اَل‪َ ،‬وإِال فدع‪.‬‬ ‫َتِب‪ ،‬فإِن رأيت امتِث‬

‫(إذا أردت أن تستشير إنسان ًا) ِفي َشي ٍء أَ َه َّم َك (فقدر) ِفي َعقلِ َك (أن هه‬
‫يما يُ ِش ُير َعلَي َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هيش هير عليك ب همخالفة ما هتحب‪ ،‬فإن رأيت) في نَف ِس َك (امتثال هه) ف َ‬
‫الخب َر ِة َو َ‬
‫العق ِل‬ ‫َو ِإن َكا َن ُم َخالِف ًا لِ َما ُت ِحب فَ َشاوِر ُه ِأل َ َّن ُ‬
‫الم َش َاو َر َة َم َع أَه ِل ِ‬
‫وب‪( ،‬وإل) َو ِإن لَم َتأ ُخذ ب َِرأيِه ِ ِإن أَ َش َار َعلَي َك َما يُ َخالِ ُف َه َوا َك (فدع)‬ ‫َمطلُ ٌ‬
‫ُم َش َاو َر َت ُه ِإذ َال فَائِ َد َة ِف َيها‪.‬‬

‫ََ ََْ َ ْ َ َ َ ن ْ َ َ ْ‬ ‫َْ ن ْ َ َْ‬ ‫َْ ن ْ َ‬


‫ان فرع عِل ِم ِه وعقلِ ِه‪ ،‬فال ينب ِِغ أن يضعه عِند من‬
‫اإلنس ِ‬
‫‪ 111‬ــ رأي ِ‬
‫َ َْ ن ن‬
‫ال يأخذ ب ِ ِه‪.‬‬

‫اس ِخ‪( ،‬فل ينبغي‬ ‫الر ِ‬


‫المح َكمِ (وعقله) َّ‬ ‫يج ُة (علمه) ُ‬ ‫(رأ هي اإلنسان فر هع) نَ ِت َ‬
‫أن يضع هه عند من ل يأ هخ هذ به)‪َ ،‬و َم َث ُل َمن يَ َض ُع َرأيَ ُه ِعن َد َمن َال يَأ ُخ ُذ بِه ِ َمثَ ُل َمن‬
‫الج َوا ِه َر ِفي ِرقَ ِ‬
‫اب ال َخنَازِيرِ‪.‬‬ ‫يُ َعل ُِّق َ‬

‫َ ْ َ َ َ ََ َ َ ْ َ َ ََ َ‬
‫‪ 112‬ــ من سلك ملك‪َ ،‬ومن حاد ـهلك‪.‬‬

‫الضيرِ (ملك) َما َت َقر بِه ِ َعينُ ُه‬ ‫(من سلك) ُس ُب َل ال َخيرِ َجانِب ًا َعن ط ُُر ِق َّ‬
‫الر َدى (هلك)‬ ‫َمح ُفوظ ًا َع َّما يَ ُضر ُه‪( ،‬ومن حاد) َم َال ِمن ط ُُر ِق ُ‬
‫اله َدى ِإلَى ُس ُب ِل َّ‬
‫ِفي ُح َفرِ ال ِغ َوايَة ِ َمح ُروم ًا َعن نَ َجا ِة ال ِه َدايَة ِ‪.‬‬

‫‪٤٤1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ن َ َ ن َ‬
‫‪ 111‬ــ من ح ِفظ الفؤاد‪ ،‬ح ِفظ م َِن الفسا ِد‪.‬‬

‫(من حفظ ال هفؤاد) َع َّما َال يَن َب ِغي ( هحفظ من الفساد) فِي أَمرِهِ ُكلِّه ِ‪.‬‬

‫َ ْ َ َ ََ َ َ َ ََ َ‬
‫ارح‪ ،‬أمِن اجلوائ ِح‪.‬‬
‫‪ 114‬ــ من ح ِفظ اجلو ِ‬
‫(من حفظ الجوارح) َع َّما َال يَنب ِغي (أمن الجوائح) اآلفَ ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َ‬

‫َ َ َ ن َ ْ َ َ ن َ َن َ ن ََ َ َ ْ َ ن َ ْ َ َ ن َ‬
‫ون ََلن‬‫‪ 115‬ــ َكد العاق ِل أن ال يكون َل عدو‪ ،‬وَكد األْحق أن ال يك‬
‫َ ٌ‬
‫ص ِديق‪.‬‬
‫س ِإل َيه ِ لِ َك َما ِل ِحل ِمه ِ َو َعف ِوهِ َو َك َر ِمه ِ‬‫(كاد العاق هل) ال َّ ِذي يَجلِ ُب أَف ِئ َد َة النَّا ِ‬
‫َو َت َس ُام ِحه ِ َو َت َحف ِظه ِ ِفي أَمرِهِ‪َ ،‬و َع َدم ِ َت َعر ِضه ِ لِ َما َال يَن َب ِغي (أن ل ي هكون ل هه ع هدو)‬
‫الع َق َال ِء‬
‫ض ُ‬ ‫ِ‬
‫الح َم َقاء يُ َع ُادو َن بَع َ‬
‫ض ُ‬ ‫ِ‬
‫ِإذ قَ َّل َمن يُ َعادي َح َّتى يُ َع َادى‪َ ،‬و ِإن َكا َن بَع ُ‬
‫س ب ُِحم ِقه ِ (أن‬ ‫وب النَّا ِ‬‫لِ ُحم ِقهِم َال لِ َس َب ٍب ِمن ُهم‪( .‬وكاد الحم هق) ال َّ ِذي يَج َر ُح قُلُ َ‬
‫ِ‬ ‫ل ي هكون ل هه صديق)‪ ،‬فَ َ ِ‬
‫ب بِه ِ‪.‬‬ ‫ِيح ِمن َت َع ِب األَع َداء‪َ ،‬واألَح َم ُق ُم َع َّذ ٌ‬ ‫العاق ُل ُمس َتر ٌ‬

‫اح‪َ ،‬وِف َأ ْس َفار األَ ْخ َطار َت َعبن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ َ َ ن َ‬ ‫َ ْ َ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اح راحة األرو ِ ِ‬ ‫ار األرب ِ‬ ‫‪ 116‬ــ ِِف أسف ِ‬
‫َ‬
‫اهلل أ ْعلَم‪.‬ن‬ ‫َ‬ ‫دا‬
‫ِسار‪َ .‬و ن‬‫الظ َواـهِر َواأل ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ُة‬
‫ات َر َ‬ ‫(في أسفار الرباح راح هة الرواح) أَي‪ِ :‬في َت َحم ِل أَث َقا ِل الطَّ َ‬
‫اع ِ‬
‫اب‬ ‫ات‪( ،‬وفي أسفار الخطار) أَي‪ِ :‬في ارت ِ َك ِ‬ ‫األَر َوا ِح ِعن َد ُم َالقَا ِة َ‬
‫المثُوبَ ِ‬

‫‪٤٤1‬‬
‫رشح احلكم احلدادية‬

‫اب (والسرار) بِأَق َسام ِ ال ُغ ُموم ِ‪( ،‬والل هه‬ ‫السيِّ َئ ِ‬


‫ات (تع هب الظواهر) بِأَن َوا ِع َ‬
‫الع َذ ِ‬ ‫َّ‬
‫أعل هم)‪.‬‬
‫َال يَخلُو َما َك َتب ُت ِم َن ال َخلَ ِل لِ َس َق ٍم ِفي األَص ِل‪َ ،‬و َال يَخلُو فَه ِمي َوقَلبِي‬
‫ِم َن ال َّزل َ ِل‪ ،‬اللَّ ُه َّم ِإنَّا نَسأَل ُ َك َما ُت ِحب َو َتر َضى‪َ ،‬ونَ ُعو ُذ ب َِك ِم َّما َتك َر ُه‪َ ،‬و َص ِّل‬
‫ين‪.‬‬ ‫َو َسلِّم َعلَى َحبِيبِنَا َو َسيِّ ِدنَا ُم َح َّم ٍد َو َعلَى آلِه ِ َوأَص َحابِه ِ َوأُ َّم ِته ِ‪ ،‬آ ِم َ‬
‫كمل شرح سيدنا وموالنا وشيخنا سيدي محمد حياة السندي ثم المدني‬
‫على حكم الشيخ الحداد غفر اهلل لهما‪ ،‬ولكاتبه العبد الفقير إلى اهلل تعالى عبد‬
‫السالم بن علي المفتي وقت التاريخ بقابس أواسط محرم عام سبعة وستين‬
‫ومائة وألف (‪٤٤٦1‬هـ) والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫ويقول الفقير إلى ربه الهادي نزار بن علي حمادي‪ :‬قد أكملت بفضل اهلل‬
‫تعالى صف هذا المخطوط المبارك ومقارنته بأصله والعناية به في ليلة ‪ ٩٦‬من‬
‫شهر رمضان المبارك لسنة ‪٤١1٩‬هـ‪ ،‬الموافق ليوم ‪ ٩٦‬أوت لسنة ‪٩4٤٤‬م‬
‫بتونس العاصمة‪ ،‬جعله اهلل تعالى عمال خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬ونفعني به‬
‫وجميع المسلمين‪ ،‬آمين‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪٤٤٢‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫فهرس اآليات القرآنية‬


‫{ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [البقرة‪٦1 .............................. ]١١ :‬‬
‫{ﭳ ﭴ} [البقرة‪54 ............................................ ]٤11 :‬‬
‫{ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ} [البقرة‪٢4 ،٩٦ ...................... ]٩٦٦ :‬‬
‫{ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [آل عمران‪5٤ ................. ]٤5٢ :‬‬
‫{ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓﮔ} [النساء‪٦٦................................... ]٤١1 :‬‬
‫{ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ} [المائدة‪1٢................................... ]٩ :‬‬
‫{ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ} [األعراف‪11 ..................... ]5٦ :‬‬
‫{ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [األعراف‪٢٩....... ]٤١1 :‬‬
‫{ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [األعراف‪٢٦ ،٩1 .......... ]٤٢٢ :‬‬
‫{ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ‪[ }...‬التوبة‪٢5 .......... ]٤٤٤ :‬‬
‫{ﭷ ﭸ ﭹ} [التوبة‪14.................................... ]٤٤٢ :‬‬
‫{ﰗ ﰘ ﰙﰚ} [فصلت‪١1..................................... ]١٦ :‬‬
‫{ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [طه‪11 . ]٤1٤ :‬‬
‫{ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [النمل‪١5........................................ ]14 :‬‬
‫{ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‪[ }...‬العنكبوت‪1٤ ....................... ]١1 :‬‬
‫{ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [غافر‪١5 ،٤5 ............................ ]٤1 :‬‬
‫{ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ} [التغابن‪54 ............................... ]٤5 :‬‬

‫‪٤٩٤‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫{ﮁﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [التحريم‪5٩............. ]٢ :‬‬


‫{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [الجاثية‪5١................................... ]٩1 :‬‬
‫{ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ} [الفرقان‪5١......................... ]١١ :‬‬
‫{ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ} [الحشر‪5١.................... ]٢ :‬‬
‫{ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [الجمعة‪٦1................................. ]5 :‬‬
‫{ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ} [الصف‪٦1.................................... ]٩ :‬‬
‫{ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [العنكبوت‪1٤ ..................... ]١5 :‬‬
‫{ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‪[ }...‬الحج‪٩٦..... ]5 :‬‬
‫{ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [اإلسراء‪٩٦ ..... ]1٩ :‬‬
‫{ﮁ ﮂ} [الحجر‪٢٦............................................... ]٦ :‬‬
‫{ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [النحل‪٤41 ........................... ]٢٦ :‬‬
‫{ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ} [المزمل‪٤4٢ ...... ]٩4 :‬‬
‫{ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [النجم‪٤4٢ .............................. ]1٢ :‬‬
‫{ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ} [فاطر‪٤٤4 ............................. ]٩1 :‬‬
‫{ﭑ ﭒﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [األعلى‪ ٤٦ :‬ــ ‪1٩ ............ ]٤1‬‬

‫‪٤٩٩‬‬
‫فهرس األحاديث انلبوية‬

‫فهرس األحاديث النبوية‬

‫> ِإ َّن الدن َيا أَه َو ُن ِعن َد اهلل ِ ِمن ِسخلَةٍ َميِّ َتةٍ< ‪1٤ ..........................‬‬
‫> َت ِع َس َعب ُد ال ِّدر َهمِ َوال ِّدينَا ِر< ‪٦4 ...................................‬‬
‫>الدن َيا َمل ُعونَةٌ َمل ُعو ٌن َما فِ َيها‪ِ ،‬إ َّال ِذك ُر اهلل ِ َو َما َو َاال ُه< ‪54 .................‬‬
‫> َمن أَ َح َّب قَو ًما ُح ِش َر َم َع ُهم< ‪٦5 ...................................‬‬
‫> ُم َعل ُِّم ال ِعلمِ َغي َر أَهلِه ِ َك ُم َقلِّ ِد ال َخنَازِيرِ الد َّر<‪٦٩ ........................‬‬
‫وش ُك أَن يَ َق َع فِيه ِ< ‪5٦ ........................‬‬
‫> َمن َر َعى َحو َل ال ِح َمى يُ ِ‬
‫وش ُك أَن يُ َواقِ َع ُه<‪11 ..........................‬‬ ‫> َمن َر َت َع َحو َل ال ِح َمى يُ ِ‬
‫ِين ِف َّي<‪1٢ .................................‬‬ ‫> َو َج َبت َم َح َّب ِتي لِل ُم َت َزا ِور َ‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫‪٤٩1‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫فهرس أطراف احلكم‬

‫الح ِّق الَ يَخلُو أَ َح ٌد ِمن ُهم أَن يَ ُكو َن ِفي إِح َدى ال َّدائِ َر َتي ِن ‪١٩ ....‬‬
‫‪ ٤‬ــ ال َخل ُق َم َع َ‬
‫‪ ٩‬ــ َما َت َر َك ِم َن ال َك َما ِل َشي ًئا َمن أَقَ َام نَف َس ُه ِمن َربِّه ِ َم َق َام َعب ِدهِ ِمن نَف ِسه ِ‪١١ ... .‬‬
‫‪ 1‬ــ النَّائِ ُم يُوقَ ُظ‪َ ،‬وال َغ ِاف ُل يُ َذك َُّر‪َ ،‬و َمن لَم يُج ِد فِيه ِ ال َّتذ ِك ُير َوالَ ال َّتنب ُِيه فَ ُه َو‬
‫َميِّ ٌت‪١١ .................................................... .‬‬
‫المو ِع َظ ُة َمن أَق َب َل َعلَي َها ب َقل ِبه ِ‪١5 ........................‬‬ ‫‪ ١‬ــ ِإنَّ َما َتن َف ُع َ‬
‫ين ب َِس َخ ِط َر ِّب‬ ‫المخلُوقِ َ‬ ‫ين َمن يُر ِضي َ‬ ‫المؤ ِم ِن َ‬
‫‪ 5‬ــ َكي َف يَ ُكو ُن ِم َن ُ‬
‫ين؟! ‪١5 ................................................‬‬ ‫العال َ ِم َ‬
‫َ‬
‫الع َاد ُة ِإ َذا َر َس َخت نَ َس َخت‪١٦ ..................................‬‬
‫‪ ٦‬ــ َ‬
‫وم َم َع ال ُكل َفة ِ أُل َفةٌ‪١٦ ....................................‬‬
‫‪ 1‬ــ الَ َت ُد ُ‬
‫الما ِل‪ ،‬لَم يُ َح ِّصل ل َ ُه ال ِغنَى َك ِث ُير ُه‪١1 ........‬‬
‫‪ 1‬ــ َمن لَم يَدفَع َعن ُه ال َفق َر قَلِ ُيل َ‬
‫‪ ٢‬ــ ُمنَا ِز ُع األَق َدا ِر‪َ :‬م ِن اس َتق َب َح ِمن أَ ِخيه ِ َما الَ يَد ُخ ُل َتح َت االخ ِت َيا ِر ‪١1 .....‬‬
‫ِ‬
‫الر َضى بِال َق َضاء يَن َت ِفي َم َع ُه االع ِت َر ُ‬
‫اض َعلَى اللَّه ‪١٢ .................‬‬ ‫‪ ٤4‬ــ ِّ‬
‫ص ُل ب َِها ِإلَى ِفع ِل َخي ٍر‪١٢ ...............‬‬
‫ود ُة‪ِ :‬هي ال َّ ِتي يَ ِ‬
‫َ‬ ‫‪ ٤٤‬ــ الدن َيا ال َمح ُم َ‬
‫س َمن يَك َت ِفي بِا ِإل َش َار ِة َع ِن ال َّتعيِي ِن ‪5٤ ....................‬‬
‫‪ ٤٩‬ــ ِم َن النَّا ِ‬
‫‪٤٩5‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫‪ ٤1‬ــ ِإن ِشئ َت أَن َت ُكو َن ُح ّر ًا فَات ُرك ُك َّل أَم ٍر ِإن لَم َتت ُرك ُه اختِ َيار ًا َت َرك َت ُه‬
‫اض ِط َرار ًا ‪51 ..................................................‬‬
‫الشي ِء بِ ِمث ِل ِض ِّدهِ ‪51 ............................‬‬
‫‪ ٤١‬ــ َما ُعر َِف قَد ُر َّ‬
‫‪ ٤5‬ــ َمن َش َغلَ ُه َحق َربِّه ِ َعن ُح ُقو ِق نَف ِسه ِ َو ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ فَ ُه َو َعب ُد‬
‫الحض َر ِة‪51 ...................................................‬‬ ‫َ‬
‫صيلِ َها َعلَى َوه ٍم ‪55 .............‬‬ ‫‪ ٤٦‬ــ َع َج ًبا لِ َمن يَطلُ ُب الدن َيا َو ُه َو ِمن َتح ِ‬
‫‪ ٤1‬ــ َمن َت َع َّو َد ال َغ َرائِ َم ِح َيل بَينَ ُه َوبَي َن ال َغنَائِمِ‪55 ..................... .‬‬
‫ول‪ :‬أُ ِج ُيب َها ‪5٦ ......‬‬ ‫‪ ٤1‬ــ ِإ َذا َد َعت َك نَف ُس َك ِإل َى َشه َو ٍة َو َش َغلَت َك‪ ،‬فَ ِإيَّا َك أَن َت ُق َ‬
‫ِ‬
‫الح ِّق ‪51 ..........‬‬ ‫العب ُد َح ِقي َق َة ا ِإل َ‬
‫يما ِن َح َّتى يَ ِج َد في ُم َع َاملَة ِ َ‬ ‫‪ ٤٢‬ــ الَ يَبلُ ُغ َ‬
‫الس ِّر أَقَل ِم َن ال َم ُؤونَة ِ ِفي َت َخو ِ‬
‫ف ِإف َشائِه ِ ‪51 ........‬‬ ‫‪ ٩4‬ــ ال َم ُؤونَ ُة ِفي كِت َما ِن ِّ‬
‫الر ُج ِل‪ :‬ثَنَا ُؤ ُه َعلَى أَق َرانِه ِ‪51 ..............‬‬
‫‪ ٩٤‬ــ أَ َدل َدلِي ٍل َعلَى َك َما ِل َعق ِل َّ‬
‫الجاهِ ‪5٢ .........‬‬ ‫‪ ٩٩‬ــ الدن َيا َشي َئا ِن‪ :‬أَ َح ُد ُه َما‪ُ :‬حب ال َما ِل‪َ .‬و َ‬
‫اآلخ ُر‪ُ :‬حب َ‬
‫العش َب َوال َك َل َ‪٦4 ...........‬‬
‫ت ُ‬ ‫اضي ثَالَ ٌث أَرض ِإ َذا ُس ِق َيت أَنب َت ِ‬
‫‪ ٩1‬ــ األ َ َر ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫البيِّنَ ُة ِم َن األَف َعا ِل‪٦٩ ... .‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٩١‬ــ الَ َتث ُب ُت ال َّد َعاوِي بِاألَق َوا ِل َح َّتى َت ُق َ‬
‫وم بِ ِإث َبات َها َ‬
‫الشي ِء َو َع َد ِمه ِ ‪٦٩ ..........‬‬ ‫‪ ٩5‬ــ ِإ َذا ا َّد َعت نَف ُس َك أَنَّ َها الَ ُت َف ِّر ُق بَي َن ُو ُجودِ َّ‬
‫العال َ َمات َال َّد َعى ُكل أَ َح ٍد َما لَي َس ِعن َد ُه ‪٦1 ..................‬‬
‫‪ ٩٦‬ــ لَوالَ َ‬
‫‪ ٩1‬ــ َمن َت َي َّس َرت ل َ ُه َمطَالِ ُب ُه األُخ َراوِيَّ ُة َو َت َع َّس َرت َعلَيه ِ َمطَالِ ُب ُه الدنيَاوِيَّ ُة ‪٦١ .....‬‬
‫‪٤٩٦‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫‪ ٩1‬ــ َشر ال ُف َق َر ِاء َمن يَ َود أَنَّ ُه ِم َن األَغ ِن َي ِاء‪٦5 ..........................‬‬


‫الش َه َو ِ‬
‫ات ‪٦٦ .......................‬‬ ‫‪ ٩٢‬ــ َمن أَم َس َك َعن َتنَ ُاو ِل فُ ُضو ِل َّ‬
‫ين َح َّتى ‪٦1 .................‬‬ ‫‪ 14‬ــ الَ يَك ُم ُل َحالُ ال َّدا ِعي ِإلَى َر ِّب َ‬
‫العال َ ِم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1٤‬ــ ِإ َذا َرأَي َت َ ِ ِ‬
‫العال َم يُفي ُد بِ َقوله ِ ُدو َن فعلِه ِ فَاعلَم أَنَّ ُه نَاق ٌ‬
‫ص ‪٦1 ............‬‬
‫وص َف ب َِما لَي َس ِعن َد ُه ِم َن ال َخيرِ ‪٦٢ .................‬‬ ‫‪ 1٩‬ــ َمن أَ َح َّب أَن يُ َ‬
‫ِالجب ِن ال َمذ ُموم ِ‪٦٢ ................‬‬
‫ود ب ُ‬
‫اء ال َمح ُم ُ‬ ‫‪ 11‬ــ َكثِير ًا َما يَل َتب ُِس َ‬
‫الح َي ُ‬
‫الصد َق َحي ُث يَ َخ ُاف اس َتع َم َل ال َك ِذ َب َحي ُث يَر ُجو ‪14 .......‬‬
‫‪ 1١‬ــ َمن أَه َم َل ِّ‬
‫‪ 15‬ــ َمن نَ َظ َر ِإلَى الدن َيا ب َِعينَي َرأ ِسه ِ َرأَى ُغ ُرور ًا َو ُزور ًا ‪14 ...............‬‬
‫‪ 1٦‬ــ ِفي ال ِحر ِ‬
‫ص َعلَى ال َما ِل َه َال ُك ال ِّدي ِن‪1٤ .........................‬‬
‫اض ُع ال َما ِل فِي َغي ِر َح ِّقه ِ بِأَقَ َّل إِثم ًا ِمن ُمم ِس ِكه ِ ِمن َح ِّقه ِ‪1٩ ..... .‬‬
‫‪ 11‬ــ لَي َس َو ِ‬

‫‪ 11‬ــ َمن أَم َس َك َشيئ ًا يَ َرى أَ َّن ِإن َفاقَ ُه َخي ٌر ِمن إِم َسا ِكه ِ فَ ُه َو ِم َن ال ُمؤثِر َ‬
‫ِين‬
‫لِلدن َيا‪1٩ .....................................................‬‬
‫ِين لِلدنيا َتم ُحو ُح َّب ِ‬
‫اآلخ َر ِة ِم َن ال َقل ِب ‪1٩ ...........‬‬ ‫اه َد ُة ال ُمؤثِر َ‬
‫‪ 1٢‬ــ ُم َش َ‬
‫َ‬
‫ال َخيرِ ُم ِ‬
‫صيب ًة‪37 .........................‬‬
‫َ‬ ‫الرغ َبة ِ فِي‬
‫‪ ١4‬ــ َك َفى ب ِ ِفق َدا ِن َّ‬
‫الجز َم لِل َوهمِ فَ ُه َو أَح َم ُق‪1١ ............................‬‬
‫‪ ١٤‬ــ َمن َت َر َك َ‬
‫العالِمِ بِاللَّه ِ َم َع َع َّامة ِ ال ُمؤ ِم ِن َ‬
‫ين َعلَى ثَ َالثَة ِ أُ ُمو ٍر‪1١ ..‬‬ ‫‪ ١٩‬ــ يَن َب ِغي أَن يَ ُد َ‬
‫ور َك َال ُم َ‬

‫‪٤٩1‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫‪ ١1‬ــ َرح َم ٌة َتطلُ ُب َك‪َ ،‬و َرح َم ٌة َتطلُ ُب َها ‪15 .............................‬‬
‫‪ ١١‬ــ َد َوا ِعي ال ِحر ِ‬
‫ص َعلَى الدن َيا ثَ َالثَةٌ ‪1٦ ...........................‬‬
‫ين َمن َتزِي ُد ُه ال َمعرِفَ ُة ب َِس َعة ِ َرح َمة ِ اهلل ِ ُجرأَ ًة َعلَى‬
‫الجا ِهلِ َ‬
‫‪ ١5‬ــ أَج َه ُل َ‬
‫اصيه ِ‪11 .................................................. .‬‬ ‫َم َع ِ‬

‫الوقُو ِع ِفيه ِ َد َع ُاه َذلِ َك ِإلَى‬


‫‪ ١٦‬ــ َمن َح َّد َث نَف َس ُه بِال َّتوبَة ِ ِم َن ال َّذن ِب قَب َل ُ‬
‫ِفعلِه ِ‪11 ......................................................‬‬
‫وب َم َث ُل ال َّ ِذي يُ َدن ِّ ُس بَ َدنَ ُه َوثِ َيابَ ُه لِ َيغ َت ِس َل ‪11 ......‬‬‫‪ ١1‬ــ َمثَ ُل ال َّ ِذي يُذنِ ُب لِيَ ُت َ‬
‫الش َج َر ِة ُتس َقى ب َِم ِاء ال ّت َز ُاو ِر َو ُتث ِم ُر ال َّت َع ُاو َن ‪11 ..‬‬
‫‪ ١1‬ــ َمثَ ُل األُ ُخ َّو ِة ِفي اللَّه ِ َم َث ُل َّ‬
‫اع َة فَانظُر ِإن ِشئ َت ِفي بِ َدايَ ِت َها ‪1٢ ..................‬‬
‫‪ ١٢‬ــ ِإ َذا َع ِمل َت الطَّ َ‬
‫اض ُع ِفي ِّ‬
‫الرف َعة ِ ‪1٤ .....................‬‬ ‫‪ 54‬ــ ِمن َم َكا ِرم ِ األَخ َال ِق‪ :‬ال َّت َو ُ‬

‫العاقِ ُل ال َّ ِذي َال ِعل َم ل َ ُه َك َّ‬


‫الر ِشي ِد ال َّ ِذي َال َم َال ل َ ُه ‪1٤ ................‬‬ ‫‪ 5٤‬ــ َ‬
‫‪ 5٩‬ــ َس ِّخر َعقلَ َك لِ ِعل ِم َك‪َ ،‬و َس ِّخر نَف َس َك لِ َعقلِ َك ‪1٩ ...................‬‬
‫صيرِ ِفي ال َّتق ِ‬
‫صيرِ ‪1٩ ......................‬‬ ‫الشأ ُن ِفي ُش ُهودِ ال َّتق ِ‬
‫‪ 51‬ــ َما َّ‬
‫المآ ِل ‪1٩ ..........‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحا ِل‪ُ ،‬حلو ًا في َ‬
‫‪ 5١‬ــ يَ ُكو ُن ال َخي ُر في األَكثَرِ َشاقّ ًا في َ‬
‫‪ 55‬ــ َال يَن َب ِغي أَن َتع َت َّد بِأُ ُخ َّو ِة أَ ٍخ يَس َت ِط ُ‬
‫يع أَن يَن َف َع َك فَ َال يَف َع ُل ‪11 ..........‬‬
‫‪ 5٦‬ــ ِإ َذا أَ َرد َت أَن َتصطَ ِف َي ِإن َسان ًا لِنَف ِس َك‪11 .........................‬‬
‫يع ال ِق َي َام ب ُِح ُقوقِه ِ ‪1١ .....................‬‬
‫‪ 51‬ــ َال َتص َحب إِ َّال َمن َتس َت ِط ُ‬
‫‪٤٩1‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫‪ 51‬ــ َمن َع َّو َل ِفي ِإس َقا ِط ُح ُقو ِق ِإخ َوانِه ِ َعلَى قَ ُبو ِل ُ‬
‫العذر ‪1١ .............‬‬

‫‪ 5٢‬ــ أَكرِم إِخ َوانَ َك ِإك َرام ًا َتس َت ِط ُ‬


‫يع ال َّد َو َام َعلَيه ِ ‪1١ .....................‬‬
‫‪ ٦4‬ــ ال َّتأو ُِيل َعلَى َضربَي ِن‪15 .....................................‬‬
‫احة ِ ‪11 .............‬‬
‫الم َب َ‬ ‫‪ ٦٤‬ــ َمن أَف َر َط ِفي ُح ِّب َشه َو ٍة ِمن َش َه َو ِ‬
‫ات الدن َيا ُ‬
‫العج ُز َوال ِحر َما ُن أَي ُه َما أَ َضر َعلَى َصا ِح ِبه ِ ‪11 ...............‬‬
‫اصم َ‬
‫‪ ٦٩‬ــ َت َخ َ‬
‫‪ ٦1‬ــ َما ِمن َط ِويَّةٍ‪ِ ،‬إ َّال َو ِف َيها َخ ِف َّي ٌة‪11 ............................. .‬‬
‫اص ُد‪ ،‬لَم يَ ِخ ِب ال َق ِ‬
‫اص ُد‪11 ......................‬‬ ‫الم َق ِ‬
‫ت َ‬ ‫‪ ٦١‬ــ ِإ َذا َصلُ َح ِ‬
‫الجا ِه ِل ‪1٢ ......‬‬
‫العالِمِ أَح َر ُص ِمن ُه َعلَى إِض َال ِل َ‬
‫الشي َطا ُن َعلَى ِإض َال ِل َ‬
‫‪ ٦5‬ــ َّ‬
‫‪ ٦٦‬ــ َمن أَصلَ َح ن ِ َّي َت ُه‪ ،‬بَلَ َغ أُم ِنيَّ َت ُه ‪1٢ ................................‬‬

‫‪ ٦1‬ــ يَص ُع ُب ُسلُو ُك َسبِي ِل النَّ َجا ِة َعلَى َمن َغلَ َب َعلَى قَل ِبه ِ ُحب َ‬
‫الما ِل‬
‫الج ُاه‪1٢ ....................................................‬‬ ‫َو َ‬
‫ات النَّف َسانِ َّية ِ‪٢4 ..............‬‬ ‫الصادِ ُق يَع َم ُل ِفي َمح ِو َّ‬
‫الش َه َو ِ‬ ‫‪ ٦1‬ــ ال َخو ُف َّ‬
‫الصالِ ِح ‪٢٤ ........‬‬ ‫‪ ٦٢‬ــ يَن َب ِغي أَن ُتوقِ َد ل َ َك ِس َراج ًا ِم َن ال ِعلمِ النَّ ِاف ِع َو َ‬
‫الع َم ِل َّ‬

‫‪ 14‬ــ َك َفى بِالنَّ َجا ِة ِم َن النَّا ِر َمثُوبَ ًة َو َك َفى بِ ِحر َما ِن َ‬


‫الجنَّة ِ ُع ُقوبَ ًة‪٢٩ ...........‬‬
‫الح ِقي َقة ِ َال َشيءَ‪٢1 ..................‬‬ ‫ِ‬ ‫العال َ ُم بِأَسرِهِ ُم َت َال ٍ‬
‫ش َو ُه َو في َ‬ ‫‪ 1٤‬ــ َ‬
‫‪ 1٩‬ــ ِمن َرح َمة ِ َربِّ َك ب َِك أَن َح َج َب َك َعن ُه ‪٢1 .........................‬‬

‫‪٤٩٢‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫صيرِ فِيه ِ ِإلَى ال َّتفرِي ِط ‪٢1 ..............‬‬


‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 11‬ــ ا ِإلف َرا ُط في األَمرِ آيَةٌ َعلَى َ‬
‫‪ 1١‬ــ َمن َم َد َح َك ِعن َد ر َِضائِه ِ ب َِما لَي َس ِف َ‬
‫يك‪َ ،‬ذ َّم َك َال َم َحال َ َة ِعن َد َغ َض ِبه ِ‬
‫َعلَي َك ‪٢١ ....................................................‬‬
‫وب ‪٢5 ...............................‬‬ ‫‪ 15‬ــ الذِّك ُر لِلَّه ِ َمغنَاطِ ُ‬
‫يس ال ُقلُ ِ‬
‫اآلما ِل َواألَوطَا ِر َمن لَم يُ َوطِّن نَف َس ُه‪٢5 ............‬‬ ‫ِ‬
‫‪ 1٦‬ــ َال يَط َم ُع في بُلُو ِغ َ‬
‫الجا ِه َل ال َّ ِذي يَظُن بِنَف ِسه ِ َ‬ ‫ِ‬
‫العق َل أَص ً‬
‫ال ‪٢٦ ..‬‬ ‫‪ 11‬ــ َال يَن َب ِغي لِل َعاق ِل أَن يُ َخا ِط َب َ‬
‫‪ 11‬ــ َمن أَر َضا َك ب َِما يَ ُضر َك ِفي دِي ِن َك َك ُ‬
‫الم َد َاهنَة ِ ل َ َك َو َع َدم ِ النص ِح‬
‫وب فَ ُه َو ل َ َك َع ُدو‪٢٦ .................................‬‬ ‫ِالع ُي ِ‬ ‫َوال َّتب ِ‬
‫صيرِ ب ُ‬
‫اس َويُثنُوا َعلَيه ِ ب َِشي ٍء ِم َن ال َك َما ِل َو ُه َو يَعلَ ُم‬
‫‪ 1٢‬ــ َمن أَ َح َّب أَن يَذ ُك َر ُه النَّ ُ‬
‫ِمن نَف ِسه ِ ِخ َالفَ ُه ‪٢1 .............................................‬‬
‫ض ال َقل ِب ‪٢٢ ........................‬‬ ‫يما ُن َش َج َرة ٌ ثَاب َِت ٌة فِي أَر ِ‬
‫‪ 14‬ــ ا ِإل َ‬
‫ِين ِف َيها‪:‬‬ ‫الحا ِل ِخطَاب ًا لِ َّلرا ِغب َ‬
‫‪ 1٤‬ــ الدن َيا ُتنَادِي َعلَى نَف ِس َها بِلِ َسا ِن َ‬
‫اح َذ ُرونِي‪٤4٩ .................................................‬‬
‫‪ 1٩‬ــ ال َك َمالُ أَربَ َع ُة أَج َز ٍاء‪٤41 ....................................‬‬
‫يم‪ِ ،‬إ َذا َوقَ َع ِمن أَهلِه ِ ‪٤4١ .........‬‬ ‫الس ِقيم‪َ ،‬ويُحيِي َّ ِ‬
‫الرم َ‬ ‫الس َما ُع يُش ِفي َّ َ‬
‫‪ 11‬ــ َّ‬
‫ات ِ‬
‫اآلخ َر ِة ِمن أَم َري ِن‪٤45 ........‬‬ ‫ِ‬
‫‪ 1١‬ــ َالبُ َّد لِإلِن َسا ِن في ُ‬
‫الو ُصو ِل ِإلَى َس َع َاد ِ‬

‫البادِيَة ِ ال ُمخ ِوفَة ِ ال َك ِث َير ِة الس َّرا ِق َوال ُغ َّص ِ‬


‫اب ‪٤41 .........‬‬ ‫ِ‬
‫‪ 15‬ــ الدن َيا ب َِمن ِزلَة َ‬

‫‪٤14‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫يما ِن‪٤4٢ ....‬‬ ‫المؤ ِم ِن َو ِإن َكا َن قَ ِو َّ‬


‫ي ا ِإل َ‬ ‫‪ 1٦‬ــ ال َخو ُف َال يَن َت ِفي َو َال يَذ َه ُب َع ِن ُ‬
‫‪ 11‬ــ َتذ َه ُب الدن َيا َشيئ ًا فَ َشيئ ًا‪َ ،‬ح َّتى َال يَب َقى ِمن َها َشيءٌ‪٤٤٤ ............ .‬‬

‫الصد ِق نُ ٌ‬
‫ور َوبَ َر َك ٌة ‪٤٤٩ ....................‬‬ ‫ص َو ِّ‬ ‫‪ 11‬ــ َك َال ُم أَه ِل ا ِإلخ َال ِ‬
‫ِين فِيه ِ‪٤٤٩ ... .‬‬
‫الم َؤ ِّدب َ‬
‫ين َو ُ‬ ‫ص َيرة ٌ َته ِديه ِ ط ََال َت َع ُب ُ‬
‫الم َعلِّ ِم َ‬ ‫‪ 1٢‬ــ َمن لَم َت ُكن ل َ ُه بَ ِ‬
‫الح ِّق َوأَهلِه ِ اب َت َال ُه اللَّ ُه بِالذلِّ لِل َبا ِط ِل َوأَهلِه ِ ‪٤٤1 ........‬‬
‫‪ ٢4‬ــ َمن َت َك َّب َر َعلَى َ‬
‫ات‪َ ،‬و َال يَ َت َج َّو ُز ِفي ال ِعب َاد ِ‬
‫ات ‪٤٤1 ...........‬‬ ‫المؤ ِم ُن يَ َت َج َّو ُز ِفي َ‬
‫الع َاد ِ‬ ‫‪ ٢٤‬ــ ُ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪ ٢٩‬ــ َمن لَم يَ َّتهِم نَف َس ُه في ُك ِّل وِرد َو َص َد ٍر َوقَ َع من َها في َ‬
‫الب َاليَا ال ُك َبرِ‪٤٤١ .. .‬‬
‫اله َوى َوالطَّب َِيعة ِ َو ُه َو يَ َّد ِعي أَنَّ ُه يَد ُعو ِإلَى ال ِّدي ِن‬
‫‪ ٢1‬ــ ُر َّب َدا ٍع ِإلَى َ‬
‫الشر َِيعة ِ‪٤٤١ .................................................‬‬ ‫َو َّ‬
‫‪ ٢١‬ــ ال ِعل ُم َعلَي َك َح َّتى َتع َم َل بِه ِ‪ ،‬فَ ِإ َذا َع ِمل َت بِه ِ َكا َن ال ِعل ُم ل َ َك ‪٤٤١ ........‬‬
‫ت ال َخض َراءُ َو َال أَقَلَّت ال َغب َراءُ أَ َش َّد َح َماقَ ًة ِم َّمن يَعلَ ُم ُحس َن‬
‫‪ ٢5‬ــ َما أَظَلَّ ِ‬
‫َشي ٍء َو ُه َو ل َ ُه َتا ِر ٌك ‪٤٤5 ..........................................‬‬
‫‪ ٢٦‬ــ َدبِّر ثُ َّم اف َعل‪ ،‬فَكِّر ثُ َّم قُل‪٤٤5 ................................‬‬
‫‪ ٢1‬ــ َك َفى أَه ُل ِ‬
‫اآلخ َر ِة َش َرف ًا أَ َّن ُك َّل أَ َح ٍد يُ ِحب أَن يُن َس َب ِإلَيهِم ‪٤٤٦ ........‬‬
‫البا ِطنَة ِ َوال َّظا ِه َر ِة أَن َتل َت ِم َس ِمن أَص َحاب َِك الدن َيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ٢1‬ــ من أَك َبرِ ال َك َبائرِ َ‬
‫اآلخ َر َة‪٤٤٦ ....................................‬‬ ‫َو ُهم يل َت ِم ُسو َن ِمن َك ِ‬
‫َ‬
‫يم ُة ا ِإلن َسا ِن ِعن َد أَه ِل الدن َيا‪َ :‬ما يَأ ُخذ ُُه ِمن ُهم ‪٤٤٦ .................‬‬‫ِ‬
‫‪ ٢٢‬ــ ق َ‬
‫‪٤1٤‬‬
‫فهرس أطراف احلكم‬

‫‪ ٤44‬ــ ِإ َذا أَ َرد َت أَن َتس َت ِش َير ِإن َسان ًا ‪٤٤1 .............................‬‬
‫ي ا ِإلن َسا ِن فَر ُع ِعل ِمه ِ َو َعقلِه ِ ‪٤٤1 ...........................‬‬
‫‪ ٤4٤‬ــ َرأ ُ‬
‫‪ ٤4٩‬ــ َمن َسلَ َك َملَ َك‪َ ،‬و َمن َح َاد َهلَ َك‪٤٤1 ..........................‬‬
‫‪ ٤41‬ــ َمن َح ِف َظ ال ُف َؤ َاد‪ُ ،‬ح ِف َظ ِم َن ال َف َسادِ ‪٤٤1 ........................‬‬
‫الج َوائِ َح ‪٤٤1 ........................‬‬
‫الج َوا ِر َح‪ ،‬أَ ِم َن َ‬
‫‪ ٤4١‬ــ َمن َح ِف َظ َ‬
‫العاقِ ُل أَن َال يَ ُكو َن ل َ ُه َع ُدو ‪٤٤1 ..........................‬‬
‫‪ ٤45‬ــ َك َاد َ‬
‫‪ ٤4٦‬ــ ِفي أَس َفا ِر األَربَا ِح َر َ‬
‫اح ُة األَر َوا ِح ‪٤٤1 .........................‬‬

‫‪٤1٩‬‬

You might also like