Professional Documents
Culture Documents
مذكرة نهائية
مذكرة نهائية
الرقم التسلسلي2018/.........:
رقم التسجيل..........................:
ومن بين تمك اإلجراءات سياسة التيجير و الترحيل القصري التي تعد شكل من أشكال
حرب االبادة الجماعية في الجزائر ،استيدفت الشعب الجزائري بأكممو من خالل إبعاد
مئات اآلالف من العائالت الجزائرية عن أراضييا وديارىا بعد أن ىدمت قراىا ،وخربت
مزارعيا ،وأتمفت أرزاقيا ،وأرغمت سكانيا عمى االحتشاد في مراكز أطمق عمييا عدة
تسميات نذكر منيا " :مراكز التجميع " " ،المحتشدات " " ،مراكز الموت البطيء " ،
التي اتخذتيا السمطات الفرنسية ك أماكن من أجل عزل الشعب عن الثورة ال تحريرية و
وابعاد شبكات الدعم واإلسناد داخميا وخارجيا عنيا ،وىذا ما التقميل من فاعميتيا ،
سأتطرق إليو في ىذا الموضوع مسمطة الضوء عمى السياسة الفرنسية من خالل
المحتشدات االستعمارية خالل الفترة الممتدة من .1962/1945
يدور موضوع ىذا البحث في إطار السياسة االستعمارية والمتمثمة في الترحيل اإلجباري
اإلستراتيجية لتمركز جيش التحرير الوطني في الجبال لممواطنين القاطنين باألماكن
واألرياف وىي إستراتيجية معتمدة من طرف سمطات االحتالل لمواجية المد المتصاعد
لمثورة ،وتتبمور أىمية الموضوع في أربعة نقاط وىي كاآلتي :
أوال :يسمط ىذا الموضوع الضوء عمى السياسة االستعمارية التي اتخذتيا فرنسا لمقضاء
إجراءات فرنسية لفصل الشعب عن الثورة عمى الثورة الجزائرية ،وذلك باتخاذ عدة
التحريرية .
أ
مقدمة
ثانيا :ييتم ىذا الموضوع بدراسة جانب ميم من جوانب الثورة وذلك في إطار ردود الفعل
الفرنسية المختمفة اليادفة لطمسيا و القضاء عمييا.
ثالثا :دراسة ىذا الموضوع يتناول التعريف بالمحتشدات التي أقاميا االستعمار الفرنسي
بالجزائر من حيث أنواعيا وأىدافيا ومراحل تطويرىا والتركيز عمى حياة السكان المجمعين
داخل المحتشدات من خالل التفتيش في ظروفيم اليومية ونمط معيشتيم وتعامل السكان
مع الظروف المأساوية التي مروا بيا في ىذه المراكز .
رابعا :ىذه الدراسة تبرز االنعكاسات والنتائج المترتبة من خالل اآلثار السمبية ليا ،والدور
الذي قام بو الشعب الجزائري في القضاء عمى ىذه السياسة والتصدي ليا ،وكذلك
انعكاساتيا عمى الثورة الجزائرية.
تعتبر المحتشدات من السياسات الجينمية و اإلجرامية العسكرية التي لجأ إلييا االستعمار
األساليب ستجعل جيش التحرير يضعف لمقضاء عمى الثورة ألنو كان يرى أن ىذه
،وبالتالي سيواصل االستعمار تكريسو ويتخمى عن ثورتو ،نتيجة فصمو عن الشعب
لمسياسة االستعمارية عمى الشعب لكي يضمن بقائو تحت سيطرة السمطات الفرنسية،
الشيء الذي جعل ىذا الموضوع يحتاج إلى دراسة موضوعية ،وذلك من أجل التعمق و
الغوص فيو حتى نستطيع معرفة بعض الجوانب والحقائق عن ىذه المحتشدات التي تندرج
ضمن المواضيع الخاصة بتاريخ الثورة الجزائرية .
ولعمى الدافع من وراء اختياري لموضوع ىذا البحث رغبتي الجامحة في الكشف عن
حقيقة السياسة التي اتخذتيا فرنسا لمقضاء عمى الثورة الجزائرية والمتمثمة في المحتشدات،
وتنقيبي جاىدة لمعرفة الدور الذي لعبتو ضد القاعدة الشعبية من خال عزليا عن جيش
وجبية التحرير الوطني ،وكذلك تأثيرىا في استمالة العقول لكبس تأييد الجماىير ليا من
خالل تواطئ بعض من أبناء الجزائر معيا من أجل اخماد ثورة نوفمبر .
ب
مقدمة
– 4إشكالية الموضوع :
تعتبر سياسة الترحيل والتجميع الجماعي لسكان األرياف ،إحدى السياسات الكبرى
التي اتخذتيا السمطة االستعمارية الفرنسية إلضعاف قوة الثورة ،انطالقا من ىذا السياق
عمي طرح اإلشكال المتمثل في :
وجب ّ
ىل استطاعت سمطات االحتالل بكل ما جيزت من وسائل ومخططات أن تفصل روح
الشعب الجزائري عن خدمة ثورتو المجيدة ؟
إلى أي مدى نجحت السياسة التي اعتمدتيا في إطار المحتشدات ؟
من خالل ىذه اإلشكالية يمكن تفريعيا إلى العديد من األسئمة الفرعية أىميا ما يمي :
وما وىي األىداف التي سعت - 1ما مفيوم العام لمصطمح المحتشدات االستعمارية ؟
فرنسا لتحقيقيا جراء إقامتيا ليذه المحتشدات ؟
- 2كيف كان واقع ىذه السياسة عمى الشعب الجزائري ؟ وكيف استطاع مواجية تمك
الظروف الصعبة والضغوطات النفسية داخل تمك المراكز ؟.
- 3ىل كانت مراكز التجميع نقمة أم نعمة عمى الشعب الجزائري ؟ وىل أثرت عميو
بالسمب أو باإليجاب؟.
- 4ما ىو الدور الذي لعبو الشعب في استم اررية مسار الثورة الجزائرية ؟.
- 5إلى أي مدى تغمغمت جبية وجيش التحرير الوطني في أوساط السكان داخل
المحتشدات ؟ وكيف أسيمت أجيزة الثورة داخل ىذه المراكز ؟ وىل فشمت أم نجحت من
إحباط استراتيجية السياسة الفرنسية ؟ وكيف ذلك ؟.
انطالقا من االشكالية السابقة التي تتمحور حوليا العديد من التساؤالت ومحاولة مني
لإلجابة عنيا ،اتبعت في بحثي ىذه المناىج :
- 1المنهج التاريخي الوصفي :الذي ييتم بوصف األحداث وتسمسميا كرونولوجيا من
حيث الزمان و المكان ألن موضوع البحث جممة من األحداث و التطورات التاريخية في
ج
مقدمة
مسار الثورة التحريرية ،و وصف المحتشدات و مراحل تكوينيا وتطورىا والحياة اليومية
لمسكان .
- 2المنهج التحميمي :وذلك من خالل دراسة المادة العممية ونقدىا لمعرفة ماىية
المحتشدات واستخالص أىم األسباب واألىداف المرجوة من خالل اتخاذىا ليذه السياسة
لمقضاء عمى الثورة الجزائرية ،واستنتاج الظواىر االجتماعية لمسكان.
- 6الدراسات السابقة:
لقد كتب الباحثين عن ىذا الموضوع ومن بين الدراسات التي اعتمدت عمييا رسالة
) 5نموذجا ماجستير ل ـ :محمد شمبازي :المحتشدات بوالية سطيف (بازر سكرة(رقم
.1962-1954
لإللمام بجوانب الموضوع اعتمدت عمى مجموعة من المصادر و المراجع المختمفة ولعمى
أىميا :
أ – المصادر :
- 1ميشال كورناتون :مراكز التجميع في حرب الجزائر ،وىو كتاب يتحدث عن
مراكز التجميع بالتفصيل ،حيث أفادني ىذا المصدر في معرفة أنواع المحتشدات
وأىداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع ،باإلضافة إلى مراحل تكوينيا وتطورىا.
- 2عمار قميل :ممحمة الجزائر الجديدة ،ج ، 3واستفدت من ىذا المصدر من خالل
معرفة ظروف حياة السكان داخل مراكز التجميع ،والدور الذي قام بو الشعب الجزائري
في ىذه الظروف.
- 3محمد تقية :الثورة الجزائرية ،المصدر ،الرمز و المال ،واعتمدت عمى ىا
المصدر لمعرفة طرق إنشاء المحتشدات ،كذلك عدد المجمعين داخل ىذه المراكز.
باإلضافة إلى الجرائد منيا :جريدة المجاىد بأجزائيا 4 ، 3 ، 2 :حيث استفدت
منيا بشكل كبير في ىا الموضوع خاصة في انعكاسات المحتشدات عمى الشعب و الثورة
الجزائرية ،وىناك أخرى سيتم ذكرىا في قائمة المصادر و المراجع.
د
مقدمة
ب – المراجع :
- 1عبد المالك المرتاض :دليل مصطمحات ثورة التحرير الجزائرية ،وىو قاموس
خاص بمصطمحات الثورة التحريرية حيث أفادني في إعطاء تعريف شامل لمصطمح
المحتشدات.
- 2مصطفى خياطي :معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ،أفادني ىذا
المرجع في معرفة أقسام المحتشدات و المعاناة التي كان يعيشيا السكان .
- 3رشيد زبير :جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة ،واستفدت من ىذا المرجع
من خالل معرفة طرق تجميع السكان و نماذج من مراكز التجميع باإلضافة إلى مراجع
أخرى سيتم ذكرىا في قائمة المصادر و المراجع.
يتألف موضوع البحث من مقدمة ومدخل تمييدي وفصمين وخاتمة ،إضافة إلى المالحق
و المصادر والمراجع .
-المدخل التمييدي يقع تحت عنوان :السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة
الجزائرية.
وىو مدخل يمثل تواطئة لفيم الفصمين ،وتطرقت فيو إلى قانون حالة الطوارئ وقانون
السمطات الخاصة ،باإلضافة إلى المناطق المحرمة و األسالك الشائكة وانشاء المصالح
االدارية المتخصصة.
-الفصل األول يقع تحت عنوان :ظروف إنشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير.
يتألف من أربعة مباحث ،فالمبحث األول تناولت فيو تعريف المحتشدات و أنواعيا ،أما
المبحث الثاني ذكرت فيو أىداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع ،و المبحث الثالث
تطرقت فيو إلى مراحل و تطوير مراكز التجميع ،أما المبحث الرابع فتناولت فيو ظروف
حياة المجمعين.
-الفصل الثاني أدرجت فيو مضامينو تحت عنوان :انعكاسات المحتشدات عمى الشعب
الجزائري والثورة.
ه
مقدمة
فقسمتو إلى أربعة مباحث فخصصت المبحث األول لمحديث عن نتائج السمبية لمراكز
التجميع ،أما المبحث الثاني فخصصتو لمدور الذي قام بو المحشودينفالتجميع ،والمبحث
الثالث و الرابع فانصب اىتمامي عمى اآلثار السياسية و العسكرية.
أنييت ىذا الموضوع بخاتمة أردت من خالليا حوصمة النتائج التي توصمت إلييا ،
ومحاولة اإلجابة عن االشكالية و االستفسارات المرتبطة عنيا.
– 8الصعوبات :
وعند تطرق لدراسة موضوع المحتشدات تعرضت إلى صعوبات ولعمى أبرزىا :
-قمة المادة العممية الم تخصصة لمموضوع حيث تكاد أن تكون منعدمة خاصة في
الحديث عن النماذج.
-تشابو المعمومات في المصادر و المراجع .
و
قانون حالة الطوارئ. .1
-1حيىي بوعزيز :ساحات الوعي تحدثني 11أوت ، 1956دار األمة للنشر والتوزيع[ ،د،م][ ،د،ت] ،ص .122
-2الغايل غريب :فرنسا والثورة الجزائرية ( ،)1958 /1954دراسة يف السياسات وادلمارسات ،غرناطة للنشر والتوزيع،اجلزائر ، 2009 ،ص
.267
8
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
الجزائري(.)3
فرض حالة الطوارئ
صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية في 30مارس 1955م عمى قانون حالة الطوارئ في
،فقد عقدت دورة استثنائية لدراسة واثراء المشروع فانقسمت مواقف النواب حولو ()4
الجزائر
ما بين التأييد و المعارضة فمنيم من أيد ىذا المسعى الحكومي بقناعتيم بأن إعالن حالة
1نوفمبر 1954 الطوارئ معناه االعتراف بان ما يجري من أحداث في الجزائر منذ
عبارة عن حالة حرب ،وىو ما ال تريده الطبقة السياسية الفرنسية بمختمف توجياتيا
االعتراف بو ألن إقرار ىذا األمر من شانو أن يفتح طريق التدويل عمى مصراعيو ،وىو
ما يجعل احتواء الثورة والقضاء عمييا ميمة عسيرة في حين عارض نواب آخرون إقرار
ىذا القانون ألن في اعتقادىم أنو يتعارض مع أحكام الدستور حيث يتسبب في تقييد
-1رمضان بورغدة :الثورة الجزائرية والجنرال ديغول ( ،)1962/1958سنوات احلسم و اخلالص ،مؤسسة بونه للبحوث والدراسات،
اجلزائر ،2012 ،ص. 103
فللنشر اجلزائر ، 2008،ص.150
-2حممد حريب :الثورة الجزائرية سنوات المخاض ،مو م
-3عقيلة ضيف اهلل :التنظيم السياسي السياسي واإلداري للثورة ( ،)1962/1954البصائر للنشر والتوزيع ،اجلزائر .2013 ،ص 208
-4بشري كاشة الفرحي :مختصر وقائع وأحداث ليل اإلحتالل الفرنسي الجزائري [، )1962/1830 (،د ،د ،ن ] [،د ،م ]2007 ،
،ص .146
9
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
()1
،وقد أعمنت حالة الطوارئ بمقتضى القانون الحريات الفردية و الجماعية والمساس بيا
الصادر يوم 3أفريل 1955م لمدة ستة أشير باألغمبية ب 379 :مقابل 219صوت
،وبيذا دخل القانون حيز التنفيذ وتكون الجزائر قد دخمت مرحمة جديدة من حياتيا
السياسية( ،)2وتم فرضو في المناطق الساخنة خاصة في منطقة األوراس والقبائل ليعمم
()4
أنو إجراء وقائي وىو عمى شرق الجزائري القسنطيني ( ،)3وكان يعتبره جاك سوستال
أفضل من حالة الحصار وأحق ،وقد منح قانون الطوارئ لمقوات الفرنسية حرية أكبر في
مجال اإلجراءات األمنية و العمل العسكري كان لو األثر المباشر قي انتشار أعمال القتل
وفرض نظام صارم من المراقبة(.)5
تعميم قانون حالة الطوارئ:
20أوت عمم قانون حالة الطوارئ عمى كامل التراب الوطني الجزائري بموجب مرسوم
1955م وىذا بسبب أحداث الشمال القسنطيني وما ترتب عمييا من توسيع لرقعة العمل
الثوري ،ومباشرة بعد المصادقة عمى القانون سارعت القوات الفرنسية عمى تطبيق
اإلجراءات الردعية الواردة في نص القانون ،مما أدى إلى ارتكاز العديد من التجاوزات ،
حالة نتيجة التعسف المفرط من طرف السمطات المدنية و العسكرية المكمفة بتطبيق
بارالنج Parlangeميمة اإلشراف عمى الطوارئ ،وظير ذلك بعد استالم الجنرال
10
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
الشؤون العسكرية و السياسية و اإلدارية في المناطق التي كانت ساخنة و التي شممتيا
حالة الطوارئ(.)1
نتائج قانون حالة الطوارئ:
-1اعتقال ونقل المئات من المناضمين و الوطنيين بالجزائر.
-2رفع العمميات العقابية واإلجرامية ضد األىالي.
-3قمع نشاطات المجاىدين ومناضمي جبية التحرير الوطني.
-4إنشاء مراكز االعتقال تسقي محتشدات اإليواء.
-5نقل الحكم من السمطات المدنية إلى السمطات العسكرية في مجال حفظ النظام
وتوسيع صالحيات المحاكم العسكرية في مجال الجرائم (.)2
يعتبر قانون حالة الطوارئ من القوانين المشؤومة التي شيدتيا الجزائر ،وىو في األمر
نقل السمطة من الجيات القضائية و اإلدارية إلى الجيش أي السمطة العسكرية التي
أصبحت ىي السمطة الفعمية في البالد(.)3
- 2قانون السمطات الخاصة 16مارس :1956
يعتبر قانون السمطات الخاصة من القوانين القمعية و الزجرية التي قامت بيا الحكومة
. الفرنسية وذلك من أجل عزل جيش التحرير الوطني عن السكان وخنق الثورة الجزائرية
حيث ظير مطمب الحصول عمى السمطات الخاصة ،لمواجية النشاط الميداني لممتمردين
الذي أصبح يشكل عمال حربيا حقيقيا ضد الدولة الفرنسية ،فكان ال بد من خطة شاممة
،وىي الميمة التي O.P.A.لجبية التحرير (.)4 لتدمير التنظيم اإلداري و السياسي:
11
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
تكفل بيا الوزير المقيم روبارالكوست( ROBERT LACOSTE .)1متبعا نيج سمفو
جاك سوستال الذي كان يجمع بين القمع لمواجية العدو ،واقناع السكان بالسياسة
االستعمارية وىي المحاور الكبرى التي اشتغل عمييا قانون السمطات الخاصة (.)2
تطبيق قانون السمطات الخاصة:
تم تطبيق القانون بعدما حمت الجمعية الوطنية توقف العمل بقانون حالة الطوارئ ،ومنح
الحكومة سمطات جديدة تخول ليا االستمرار في حماية الوضع المتدىور في الجزائر،
وفي شير مارس من عام 1956م قامت حكومة غي مولي بتقديم مشروع قانون
السمطات الخاصة إلى الجمعية الوطنية ،وفي ظل جو من اإلجماع تم التصويت عمى
القانون يوم 16مارس 1956باألغمبية الساحقة 455صوت مقابل 76صوت من
()3
طرف كل األحزاب
باستثناء حزب البوجاديست( )4الذي كان يعتقد أن ىذه السياسة معتدلة جدا ( ،)5وقد نص
عمى أن الحكومة الفرنسية تمتمك في الجزائر سمطات واسعة التخاذ أي إجراء خاص
غي مولي تفرضو الظروف من أجل إعادة النظم وحماية الوحدة الترابية ،ووصف
السمطات الخاصة بأنيا أداة تحقق النظام العام و اإلصالح معا لألوضاع السيئة في
الجزائر والتي يذكر بأنيا بؤس أسود وأنيا ال تؤدي إلى إمكانية إجراء انتخابات حرة (.)6
-1هو نائب اشرتاكي ديثل منطقة دوردوين ،ومنحت له سلطات واسعة ،أهم بكثري من السلطات اليت كان يتمتع هبا احلاكم فقد أصبح يسمى
وزيرا مقيما وأحيط مبساعدين لكل منه ا درجة « سكرتري دولة » مكلف بالشؤون اجلزائرية ،أحدمها لدى وزيرة الداخلية واآلخر لدى وزارة القوات
ادلسلحة ينظر :رمضان بورغدة ،ادلرجع السابق ،ص . 110
-2إبراهيم طاس :ادلرجع السابق ،ص .218
-3أمحد منغور :ادلرجع السابق ،ص .137
-4البوجاديست :نسبة إىل بيار بوجاد Pierr Poujadeمؤسس حركة قامت عام 1954للدفاع عن التجار وأصحاب احلرف مث
أطلق االسم على كل من يسعى لتحقيق ادلصاحل اخلاصة على حساب ادلصلحة العامة ،ينظر :إبراهيم الطاس :ادلرجع السابق ،ص .218
ينو ،جون بال نشايس :حرب اجلزائر ( ملف وشهادات ) ،تر بن داود سالمية ،ج 1دار الوعي للطباعة والنشر والتوزيع،
-5باتريك إف
اجلزائر، 2013 ،ص .190
-6أمحد منغور :ادلرجع السابق ،ص .138
12
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
-1بوعالم بن محودة :الثورة الجزائرية ،ثورة أول نوفمبر 1954معالمها األساسية ،دار النعمان للطباعة والنشر والتوزيع [،د ،م
،ن] ، 2012،ص ص . 259 ، 258
-2رمضان بورغدة :ادلرجع السابق ،ص. 111
-3عمار بن تومي :ادلرجع السابق ،ص ص . 146 ، 145
13
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
حتى تصور الجزائر بدون الفرنسيين واحياء الجزائر فرنسية و بعثيا من جديد بإجراء
إصالحات شاممة(.)1
14
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
والقسم الثاني ىي المناطق الهادئة فالمناطق المحرمة ال يجوز لكائن حتى أن يتحرك
فييا وينتقل عبرىا ففي غير أوقات التمشيط تصبح التي أجمى السكان عنيا بالقوة ميدانا
مفتوحا لمقصف الجوي و المدفعي ليال ونيا ار ،أما المناطق الهادئة فيي التي جمع فييا
السكان في معسكرات أي في المحتشدات محاطة باألسالك الشائكة يعيشون تحت حراسة
مشددة من طرف الجيش الفرنسي ،باإلضافة أن ىناك مناطق أخرى كالمناطق ذات
الرقابة المعززة و المناطق العادية ،ينبغي ترك فضاءات مفرغة تماما من السكان
المدنيين تمك ىي المناطق المحرمة التي ال ينبغي ألية تشكيمة عسكرية أن تقيم بيا ىي
خصوصية العزل التي تكمف القوات بفرض رقابة صارمة عمى مداخل ىذه المناطق (.)1
وتتميز المناطق المحرمة بخاصية تجعل منيا مناطق خطيرة عمى كل من يجعل حدودىا
،ىي معرضة دائما إلطالق النار من غير سابق لكافة السكان وتجميعيم في مناطق
خارجية أي مراكز التجميع(.)2
طرق إنشاء المناطق المحرمة:
أنشئت المناطق المحرمة بكيفيتين:
-1الطريقة األولى :شرع فييا حينما كانت األجزاء ساخنة أثناء العمميات العسكرية في
المناطق التي عفنيا كما يرى المستعمر أفراد الجيش التحرير الوطني و جبية التحرير
الوطني ،والتي يعتبر سكانيا مساندين ليذين التنظيمين حيث يتم اإلجالء في الحين و ال
يعطي أي أجل لمسكان لترتيب أمورىم ،ثم تقصف المداشر عن كامميا بعد إجالئيم و
إذا وقع ىذا الترحيل المرغم عقب اشتباكات مع وحدة من وحدات جيش التحرير الوطني
-1مجال قنان :قضايا ودراسات في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ،منشورات ادلتحف الوطين للمجاهد [.،د ،م] [ ،د ،ت ،ن]،ص
ص . 274،275
-2رفائيال برانش :التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحريرية الجزائرية،تر :أمحد بن حممد بكلي ،أمد وكال النشر [ ،د،
م] 2010 ،ص . 38
15
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
في المداشر والقرى فإنو يتم قتل العديد من المدنيين قبل أن يطرد منيا سكانيا ،ثم
يصدر مرسوم يقضي بأن المنطقة محرمة وأن كل من يوجد ىناك يطمق عمية النار (.)1
-2الطريقة الثانية :فيتم من خالليا التحضير إلنشاء المناطق المحرمة عمى مستوى
قيادات أركان الجيش الفرنسي ،التي تقوم بدراسة مختمف المناطق عمى أساس حجم
العمميات التي يقوم بيا الثوار وتؤشر عمى المناطق التي يشنون فييا عددا كبير من
العمميات ضد المصالح الفرنسية وعمى ضوء ذلك يتم توجيو إنذار لمسكان إلخالء تمك
المناطق خالل ميمة قصيرة وتتم تحويل مساكنيم ،ثم تقوم بعد ذلك تجميعيم في
()2
بمعنى أن الطريقة األولى ال تعطي لمسكان محتشدات ووضعيم تحت رقابة مشددة
وقت لتنظيم أمورىم قبل إجالئيم من مساكنيم ،أما الطريقة الثانية فإنيا تعطي ليم ميمة
وترسل لمسكان إنذار إلخالء المناطق.
ولقد شيدت أرياف الجزائر خالل سنة 1955ما يعرف بالمناطق المحرمة ،وقد
كانت منطقة األوراسي ىي أولى المناطق التي أرسل إلييا اإلنذار وطالبتيا فرنسا
باالستسالم وقامت بقنبمة جبال األوراس بالنابالم الذي أتمف األخضر واليابس ( ،)3وقد بدأ
تطبيق ىذه العممية بشكل واضح في شير ماي 1957وشممت معظم مناطق الجبال في
األوراس والشمال القسنطيني و بالد القبائل وجبال الونشريس ،وىذا مما أدى إلى إجبار
مراكز سكانيا عمى اإلجالء إلى المحتشدات ذات االسم الجميل في المصطمح الفرنسي
اإليواء(.)4
16
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
األسالك الشائكة:
لجأت فرنسا عمى عدة وسائل وأساليب قمعية والتي حاولت من خالليا القضاء عمى الثورة
الجزائرية المسمحة فجندت جيشا كبي ار وحضرت أسمحة و معدات حربية ،من بينيا إقامة
األسالك الشائكة أي الخط المكيرب وىي وسيمة حربية اتخذتيا من أجل خنق كفاح
الجزائريين وقد أثرت ىذه األسالك عمى مسيرة جيش التحرير الوطني من خالل نقل
()1
وأن يعيق عممو ويضعف قدراتو القتالية في مواجية القوات األسمحة و التموين
الفرنسية ،وىكذا يسيل القضاء عميو ( .)2و تكمن ميمتيا في منع العدو ،ومن مفاجأة
المدافعين و
()3
الحد من سرعة اندفاع المياجمين خالل مرحمة اليجوم
تعريف األسالك الشائكة:
ىي أسالك متكونة من الموانع االصطناعية و ىي تتألف من أوتاد معدنية أو خشبية
مغروسة في األرض عمى 4أو 5صفوف متصمة بأسالك معدنية ،وتبمغ المسافة بين
األوتاد 1.5م وكذلك بين الصفوف و تنصب األسالك الشائكة عمة مسافة 60 ، 50م
أمام مواقع المنشأة ،ويدعم نفس الشبكة بأشواك وألغام مضادة لألشخاص لمعدو من
اجتيازىا ،كما تدعم بألغام تنفجر وتضيء المكان ،في حالة ما حاول العدو اجتياز
( .)4وكان يصل توتر الشبكة ،ويستخدم جياز عسكري خاص يربط باألسالك الشائكة
ومجرد مالمستيا يعني الموت 3000و 12000فولط األسالك المكيربة بين
المحقق(.)5
-1علي زغرودة :ذاكرة الثورة التحريرية الجزائرية ،طبع مؤسسة الوطنية لالتصال و النشر واإلشهار ،روبية ، 2004 ،ص .155
-2رمضان بورغدة :ادلرجع السابق ،ص .122
-3الطاهر سعيداين :القاعدة الشرقية قلب الثورة النابض ،دار األمة للطباعة والنشر و التوزيع ،اجلزائر ، 2013،ص . 126
-4الطاهر سعيداين :ادلرجع نفسه ،ص .126
-5العقيد الطاهر الزبريي :مذكرات أخر قادة األوراس التاريخيين ( ،) 1962 / 1929منشورات [،ANEPد ،م]،2008 ،
ص.220
17
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
18
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
.2عمدت فرنسا إلى إسكات صوت الثورة وايقاف امتداد صداىا إلى الخارج عن احتكار
وسائل االتصال اإلعالمي و الدعاية المغرضة.
.3فرض الرقابة حتى ال تخرج الثورة عن نطاقيا الداخمي.
-3النفسية:
وقصد الحط من معنويات الجيش وجبية التحرير الوطني ،و تطويق الثورة من الداخل و
الخارج و إقناعيما بضعفيما لمتصدي ليذه السدود مستعممين لذلك الدعاية وكل وسائل
اإلعالم لمتضخيم و الترىيب(.)1
وقد وضعت األسالك الشائكة لحماية الجيوش الفرنسية المتمركزة عمى طول الحدود
الشرقية والغربية ،وىي بمثابة ىجومات مطاردة وكمائن ضد وحدات جيش التحرير
الوطني(.)2
- 4المصالح اإلدارية المتخصصة 26سبتمبر 1955م:
-تعريف المصالح اإلدارية المتخصصة:
في سياق تتطور السياسة االستعمارية الفرنسية في الجزائر ،شكمت المصالح اإلدارية
« »SAUالمصالح وفي المدينة تسمى »
المتخصصة اختصار ألسم لصاص «SAS
اإلدارية الحضرية ،بحيث نجد ىذه المؤسسات عبارة عن تنظيمات شبو عسكرية تعمل في
إطار العمل المزدوج االجتماعي والسيكولوجي لمجيش الفرنسي المتخصص في عممية
التيدئة في القرى و األرياف و المدن(.)3
19
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
20
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
وذلك بيدف الحصول عمى ثقتيم كوسيمة لمحصول منيم عمى المعمومات المطموبة عن
()1
الثورة
مهام الفرق اإلدارية المتخصصة: .5
كانت ميمة ضابط المصالح اإلدارية المتخصصة تتمثل في:
-1أن يحمي السكان بمكافحة جيش التحرير الوطني بتنظيم الغارات و الكمائن.
-2أن يعمل عمى مطاردة السياسة اإلدارية « »O,P,Aأي المنظمة السياسية اإلدارية.
-3يساعد الجيش الفرنسي عمى توفير المعمومات بيدف تدمير جيش التحرير الوطني
ومخابئ األسمحة.
-4إحصاء المواطنين داخل المحتشدات و معرفة عدد العائالت و عدد األفراد الذين
تضميم كل عائمة ويتم إرسال ىذه القوائم من قبل الضباط الفرنسيين المشرفين عمى
المحتشد ويشرف عمى توزيع التموين الذي أرسمو الجيش الفرنسي(.)2
-5مراقبة السكان وادارتيم و المساىمة في المجيود الحربي الفرنسي و تقديم خدمات
اجتماعية لمسكان بغرض كسبيم و إبعادىم عن تأثير جبية التحرير الوطني (.)3
-6االحتكاك بالمسممين الجزائريين في الريف و التقريب منيم ،بيدف الحصول عمى
معمومات منيم حول الثورة والثوار تخدم القوات الفرنسية وتمكنيم من القضاء عمييا وذلك
مقابل خدمات اجتماعية تقدم إلييم في شكل العمل والغذاء قصد تحسين المستوى
المعيشي(.)4
-1حيىي بو عزيز :الثورة يف الوالية الثالثة التارخيية أول نوفمبر 19 1954مارس ، 1962دار األمة للطباعة والنشر و التوزيع ،اجلزائر ،
، 2004ص . 191
-2قريقور ما تياس :ادلرجع السابق ،ص11
-3رمضان بو رغدة : :ادلرجع السابق ،ص .134
-4عقيلة ضيف اهلل :ادلرجع السابق ،ص .233
21
السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية مدخل تمهيدي:
لقد ساىمت الثورة الجزائرية إلى تحقيق نجاحات كبيرة حيث كان ليا صدى كبير عبر
كامل التراب الجزائري ،ىذا ما جعل السمطات الفرنسية أن تنتيج سياسة قمعية وزجرية
ومن بينيا السياسة العسكرية ،و المتمثمة في إعالن حالة الطوارئ وكان ىدفو خنق الثورة
الجزائرية و القضاء عمييا و فصل الشعب عنيا ،باإلضافة إلى قانون السمطات الخاصة
حيث نجح في تحويل حرب الجزائر إلى حرب شاممة و ارتكاب أبشع الجرائم ضد
اإلنسانية من طرف الجيش الفرنسي ،كذلك لجأت إلى أسموب أخر و المتمثل في إنشاء
المناطق المحرمة و األسالك الشائكة ،وىذا ما أدى إلى ترحيل السكان و إجبارىم عمى
ترك مساكنيم و حشدىم في مراكز التجميع و قد كانت ىذه المراكز محاطة بأسالك
شائكة مكيربو و قد كانت تيدف إلى فصل الشعب عن جيش التحرير الوطني و إفراغ
الثورة من محتواىا ،كذلك أنشأت المصالح اإلدارية المتخصصة و التي كانت تشرف
عمى شؤون المجمعين داخل المحتشدات ،لكن رغم األساليب الوحشية التي اتخذتيا فرنسا
إال أنيا لم تستطيع أن تؤثر عمى الثورة الجزائرية و إخمادىا و ال عمى شعبيا ،بل زادتيا
قوة و عزيمة من طرف الجيش و جبية التحرير الوطني.
22
المبحث األول :تعريف المحتشدات وأنواعها.
عة مدققة كاملة التشكيل و شليزة ادلداخل ،دائرة ادلعاجم ،ص 58
-1زلمد بن أيب بكر بن عبد القادر الرازي :مختار الصحاح ،طب
-2عبد ادلالك ادلرتاض :دليل مصطلحات ثورة التحرير الجزائرية ( )1962 /1954منشورات ادلركز الوطين للدراسات و البحث يف احلركة
الوطنية ثورة نوفمبر ، 1954الجزائر [ ،د ،ت ،ن ] ،ص.29
-3مصطفى خياطي :معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ( ،)1962/1954تر :زلمد ادلعراجي وعمر ادلعراجي ،دار
ىومة للطباعة والنشر والتوزيع ،اجلزائر [،د ،ت ،ن ] ،ص29
24
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
«
انتقال مكثف لمسكان يؤدي إلى إنشاء مركز جديد و غالبا ما كما يعرفو أيضا بأنو:
يكون ىذا التجمع بالقرب من منطقة محظورة » (.)1
أما يحيى بو عزيز فيعرفو « :ىو تيجير السكان من قراىم و مداشرىم و مشاتييم في
األرياف و السيول و الجبال وحشدىم في مراكز ومحتشدات أعدت خصيصا لذلك و
أحيطت باألسالك الشائكة ومراكز مراقبة و الحراسة الشديدة ليال نيا ار »(.)2
أما عمار قميل فيعرف المحتشد أنو« :عبارة عن مكان فسيح من األرض البيضاء الخالية
من األشجار ويقع قرب ثكنة لمجيش الفرنسي ومحاط بأسالك شائكة مجيزة بأجيزة إنذار
تعمم جنود الحراسة و تنبييم عند لمس األسالك من طرف أي شخص كان ،وعمى زوايا
المحتشد يوجد أبراج عالية يتناوب الحراسة فييا جنود فرنسيون طوال األربعة و العشرين
ساعة وىي مجيزة بمدافع رشاش وأضواء كاشفة قوية تقم بمسح المحتشد ومحيطة ليال
حتى ال يتسرب أحد إلى خارج المكان(.)3
ومنو فالمحتشدات « :ىي عبارة ع ن تجمعات بشرية كبيرة وذلك عن طريق تيجير و
إجالء السكان من قراىم و مداشرىم في األرياف و السيول و الجبال ،وحشدىم في مراكز
و محتشدات ،وكانت تضم كل أصناف الجزائريين من رجال ونساء وأطفال و شيوخ،
وأحيطت بأسالك شائكة مجيزة بأجيزة إنذار و مراكز مراقبة و الحراسة الشديدة ليال
ونيارا ،وكانت ىذه المحتشدات قريبة من المراكز العسكرية الفرنسية ،وكان ىدفيا فصل
الشعب عن الثورة الجزائرية».
-1مصطفى خياطي :حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي ،تر ،ANEP :منشورات ، ANEPادلؤسسة الوطنية
لالتصال النشر و اإلشهار ،الرويبة ،2013 ،ص.249
-2حيىي بوعزيز :الثورة في الوالية الثالثة التاريخية ،ادلرجع السابق،ص .190
-3عمار قليل :ادلصدر السابق ،ص . 36
25
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
-1مصطفى خياطي :معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ،ادلرجع السابق ،ص .2
-2ميشال كورناتون :مراكز التجميع في حرب الجزائر ،تقدمي :تيليون،تر :صالح الدين ،ط ،1منشورات السائحي ،اجلزائر ،2013،ص
.83
-3مصطفى خياطي :معسكرات التجميع في الجزائر ،ادلرجع السابق ،ص .26
26
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
()1
ويفترض أنيا تكون بؤ ار ال تزاغ فييا من الترقية االجتماعية و العيش الجيد، بمد مسمم
إنيا مبنية بالحجارة و لدييا تجييزات جماعية وتستطيع أن تصبح قرى جديدة وامكانية
ضمان حركة اقتصادية لممجمعين(.)2
القسم األول يتمثل في :قريب من الطرق وتقسم المحتشدات إلى قسمين رئيسيين:
العمومية واألراضي المنبسطة و ىذا القسم معرض لرؤية الصحافيين و غيرىم ولذلك
اعتنى الجيش الفرنسي بو فوفر لمجميع فيو بعض المساكن المقبولة وحد أدنى من
المعيشة ليتظاىر بأنو ال يرمي من إقامة ىذه المراكز إلى إبادة الشعب الجزائري.
القسم الثاني :فيي المراكز البعيدة وىي األكثرية المطمقة ليذه المراكز وىي مثال لمبؤس
15و 16عائمة كبيرة في غرفة و التعاسة التي ال نظير ليا فنجد االستعمار يحشد
()3
واحدة وىي عبارة عن كوخ حقير ال يقييم من البرد والمطر
كذلك تقسم مراكز التجميع إلى مراكز انتقالية وىي المراكز التي تنشأ بالقرب من الطرق
العمومية و السيول ،وتمثل النموذج الذي يريد الفرنسيون تقديمو لمرأي العام ووسائل
( ،) 4أما المراكز التمقائية فيي اإلعالم لذا يتم االعتناء بيا ،وعدد ىذه المراكز قميل
()5
المحتشدات التي تم إنشاؤىا بسرعة لتسمح بتطويق وتنظيف منطقة معينة
طرق تجميع السكان:
منذ سنة 1956أخذت فكرة التجميع طابع الخطة المستمدة إلخالء كل المناطق
المعروفة بوالئيا لجيش التحرير من السكان وجعميا مناطق محرمة ومن ىذه السنة تحدد
أسموب عممية التجمع و يكون بطريقتين (:)6
27
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
الطريقة األولى:
-1التجميعات العفوية وغير اإلرادية:
وىي التجميعات التي أنشأت بسرعة من أجل أن يسمح بتطيير جية ما ( ،)1و تكون ىذه
الطريقة دون عمم السكان ويتم تجميعيم بسرعة من طرف الوحدات العسكرية العميا،
()2
،وتنشأ بناءاً عمى أوامر قيادة أركان فالشعب المحتشد يصبح تحت اإلدارة العسكرية
الفرق حيث يتم حشر السكان إلييا بالقمع و القوة دون إعطاء ميمة حيث تيدم قراىم و
مداشرىم وتجمع في السيارات والشاحنات و تنقميم بنفسيا إلى مراكز التجميع ،حيث
يأمرون ببناء األكواخ من القش و الطين و يفرض عمييم أن تكون ضيقة متالصقة وليا
باب واحدة صغيرة حتى تتمكن من مراقبتيا من برج الحراسة بسيولة (.)3
ومن أمثمة المراكز التي تم إنشاءىا بالطريقة العفوية والغير إرادية بالوالية الرابعة :مركز
برج بونعامة ،بوقايد ولزهرية حيث تم جمع كل مداشر و جبال الونشريس (.)4
-2التجميعات اإلرادية:
وىي تمك التي عادة ما يتم إنشاؤىا ببعض البرودة في غياب عمميات ذات أىمية كبيرة
ويتم غالبا المجوء إلى ىذه الحمول بعد بناء مداشر جديدة واذ كانت بعض المراكز
المعروفة( ،)5وتنشأ عندما توجو أوامر لمسكان بااللتحاق بمركز معين مع إعطائيم ميمة
ال تتعدى 24ساعة ثم تقوم الطائرات أو الدبابات بقنبمة القرية مباشرة بعد انتياء الميمة
حتى ولو بقي بيا ( ،) 6و يتم إقرارىا في غياب العمميات العسكرية الواسعة وبعد بناء
()7
حيث تتخذ االحتياطات الالزمة كإنشاء ىذه المراكز قرب المراكز المشتى أحيانا
-1باتريك إفينو ،جون بالنشايس :حرب الجزائر ،ج، 2ادلرجع السابق ،ص . 100
-2رشيد زبري :ادلرجع السابق ،ص . 127
-3إبراىيم طاس :ادلرجع السابق ،ص .121
-4رشيد زبري :ادلرجع السابق ،ص . 127
-5باتريك إفينو ،جون بالنشايس :حرب الجزائر ،ج، 2ادلرجع السابق ،ص . 100
-6إبراىيم طاس :ادلرجع السابق ،ص . 121
-7زلمد تقية :الثورة الجزائرية ،ادلصدر ،الرمز و ادلال ،ادلصدر السابق ،ص . 379
28
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
29
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
مثل :التموين ،التجنيد ،إرشاد عن قواعده الشعبية و دعميا الموجستي الضروري
واستعالمات.
شل حركات جيش التحرير الوطني ومنو التحرك في داخل البالد ومد الجسور بينو )2
وبين الشعب.
)3عزل جيش التحرير الوطني عن عمقو اإلستراتيجي ،و محاصرة الثورة ،من خالل
قطع الصمة بينيا وبين الريف الذي يعتبر الممول الرئيسي ليا (.)1
)4تطويق المجتمع الريفي و مراقبتو ،ىناك أىداف أكثر أىمية الذي جعل القوات
الفرنسية تحرص عمى إقامتيا بالقرب من المراكز العسكرية حيث يوجد برج المراقبة و
كأنيا نافذة بارزة يمكن أن تراقب الثوار
عمى مسافة بعيدة و إحاطتيا بأسالك شائكة (.)2
لجأت فرنسا إلى إقامة المحتشدات و ذلك من أجل تحقيق غايتيا و ىدفيا والمتمثل في:
)1حماية السكان من ضربات جيش التحرير الوطني ومن عمميات التأثير التي تقوم بيا
جبية التحرير الوطني و ذلك تطبيقا لمسياسة المعتمدة عمى مبدأ تجفيف حوض الماء
ليختنق السمك متفطنة لمقولة ماوتسي تونغ الشييرة « إن جيش التحرير الوطني ال بد أن
يكون وسط الشعب كما يكون السمك في الماء (.»)3
)2جمع الشعب في مناطق معينو مكشوفة تحاط باألسالك الشائكة و المراقبة الدقيقة
لكل من يدخل أو يخرج من ىذا المحتشد (.)4
)3فصل الشعب عن المجاىدين حتى ال يجدوا المأوى و ال الطعام وال المساعدة
الضرورية لمقيام بيجومات عمى العدو ،وقطع أي مساعدة لوجستية ممكنة قد يقدميا ىؤالء
30
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
السكان لمثوار(.)1
)4تحطيم مختمف أشكال التضامن التي تجمع بين القرويين و المتمردين ،وكذلك سبل
األمن العسكري تمر أيضا عبر التفكيك االجتماعي و ليست قضية تحويل بسيط في
جيات أخرى تندرج العممية في منظور ىيكمي أي إعادة تنظيم اجتماعي بحق يراىا أحد
المتحمسين ليا فوق النمط المتبع من أجل فرض الرقابة عمى السكان (.)2
)5أقامت فرنسا المحتشدات لمقضاء عمى فكرة االستقالل وعمى نظام جبية التحرير
الوطني وذلك من خالل الدعاية االستعمارية وأساليبيا الممتوية في المسخ و التنويو
ومحاولة القضاء عمى الكيان الجزائري(.)3
)6كانت السمطات االستعمارية تيدف من إقامة مراكز التجميع ىو حرمان الثورة من
الم دد الذي يأتييا من الشعب فقد كان جيش التحرير يمول أساسا من الشعب وكانت
مصادره موزعة كاآلتي :
.1االشتراكات وحدىا 200فرنك قديم عمى كل جزائري .
.2ضريبة تبرعات تفرض عمى األغنياء.
.3غرامات لممخالفين لمتعميمات .
.4التبرعات بالمواد ،ألبسة ،غذاء ،أدوية،
و فوق ذلك عمدت السمطات االستعمارية التي توزع ال مؤونة عمى السكان ،بوصل لمنع
تموين الثورة وكل واحد يأخذ ما يقتات بو و أسرتو لمدة أسبوع أو شير ،ويكون المقدار
محدد حسب عدد أفراد األسرة(.)4
)7التأثير عمى معنويات المجاىدين الذين ال يمكنيم االستمرار في المقاومة دون مساندة
31
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
32
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
الغابات قامت اإلدارة االستعمارية ابتداء من سنة 1840م بنقل ىذا المبدأ إلى الجزائر و
تطبيقو في إطار آخر ،إذ أن األراضي المعينة ىذه المرة كانت تشمل أراضي القبائل
الجماعية عمى أساس عدم عرضيا لمبيع ،إذا فيي ليست بممكيات بل مناطق محدودة يتم
منحيا لممزارعين ( .) 1وتميزت سياسة التجميع خالل تطبيقيا أثناء حرب الجزائر بثالث
مراحل:
المرحمة األولى :تمتد من 1955إلى 1959ويمكن القول أن كل واحد قد جمع -
دون فكرة رائدة دقيقة صادرة عن سمطات أعمى .
المرحمة الثانية :تمتد ىذه المرحمة من 1959الى1961م فتوافق نشأة سياسة -
رسمية لمتجميعات وتطورىا.
المرحمة الثالثة :كانت ىذه المرحمة ابتداءا من ماي 1961حيث انطمقت سياسة -
()2
،وكان ىدف فرنسا منيا ىو تشتيت الجزائريين ،وابعادىم عن منطقة عمميم التشتيت
االصمية إلضعاف امكانتياتيم االقتصادية واضعاف مستواىم المعيشي ،عمى أمل ان
ينخمو عن اعانة الثورة ،فعممية التشتيت في المدن متممة لعممية التجميع في البوادي ألنيا
()3
تخدم غرضا واحدا
منذ الطمقات النارية األولى المعمنة لبداية حرب الجزائر قامت السمطة العسكرية المستعمرة
في الجزائر بحوصمة و أقرت أن األوراس ىي البؤرة األكثر أىمية لالنتفاضة و يجب
القمع أن يبدأ من ىذه المنطقة ،حيث أقيمة أولى مراكز التجميع باألوراس سنة 1955م ،
وكانت بمناطق مشونش وتكوت و بوحمامة ( ،)4حيث تم تجميع سكان الدواوير ال مبعثرة
قرب مركز عسكري ،حيث سمح بإنشاء مناطق المحرمة لتطبيق األرض المحروقة ،وقد
-1مصطفى خياطي :حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي ،ادلرجع السابق ،ص .244
ميشال كورناتون ،المصدر السابق ،ص .81 -2
-3اجملاىد :مراحل مراكز التجميع وتطويرها ،ج ، 4العدد 03 ،99:جويلية ،1961ص.04
-4مصطفى خياطي :حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي ،ادلرجع السابق ،ص .250
33
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
()1
و ظيرت شرعت األركان الفرنسية في القيام بعمميات واسعة النطاق أرضية وجوية
المحتشدات بمجرد ما وضعت حالة الطوارئ حيز التنفيذ حيث دخمت الجزائر مرحمة
جديدة من حياتيا،وكان المجوء إلى إنشاء المحتشدات أم ار منطقيا يندرج في إطار المادة
السابعة من وثيقة حالة الطوارئ (.)2
أخذت فكرة التجمع طابع المنطقة خالل سنة 1956م إلجالء كل المناطق المتعفنة من
السكان وجمعيا ،ومنذ ىذه السنة أيضا تحدد أسموب عممية التجمع عمى الشكل النيائي
ويتمثل ىذا األسموب في القيام بعممية عسكرية واسعة النطاق " منطقة ،منطقة " فيضرب
الحصار الكامل حول المنطقة التي تصبح تحت رحمة الطائرات والمدافع(.)3
فالتجميعات السكانية ىي ممحق المناطق الحرمة ،حيث شممت مراكز التجميع خالل
()5
ىو الذي أنشأ السنتين 1957م و 1958الجزائر كميا ( ،) 4ويعد الجنرال بارالنج
مراكز التجميع في منطقة األوراس ،حيث عين قائدا مدنيا وعسكريا ألوراس النمامشة (.)6
«
لقد أنشئت التجميعات الثالثة وقد كتب الجنرال بارالنج بتاريخ 28جويمية 1960م
ألن األولى لألوراس سنة 1955م في ثالثة مراكز لمشونش و تك وت و بوحمامة
عب و الغابيو » واعتبرت مراكز
عصابات الثوار كانت تضغط عمى سكان ىذه الجبال الص ة
التجميع لسياسة إحالل السمم التي وصمت إلى إنشاء المناطق المحرمة ،وخالل سنة
1957م طبقت إستراتيجية لمراكز التجميع وتوسعت إلى كل الوطن مع موافقة كل قادة
-1فاروق عطية :األعمال اإلنسانية أثناء حرب التحرير 1962/1954تقدمي :سعد دحلب و مصطفى مكاشي ،تر :كابوية عبد الرمحن
وسامل ،منشورات دحلب ،اجلزائر ، 2010ص . 128
-2زلمد العريب الزبريي :تاريخ الجزائر المعاصر،ج ، 2منشورات لكتاب العرب ،دمشق ،1999 ،ص . 24
-3اجملاىد :ج ، 4العدد ، 99 :ادلصدر السابق ،ص . 8
-4ميشال كورناتون :ادلصدر السابق ،ص .92
ىو مغريب عريق مروض على العرب كما على السلم ويتمتع بشجاعة كبرية وقد عني يف 1955/04/28م قائدا عاما للمناطق اليت أعلنت فيها حالة الطوارئ لإلطالع -5
بالتدابري العسكرية و السياسية و اإلدارية علما أنو كان قائدا لناحية الصو يرة بادلغرب األقصى ،ويتقن اللغتني :العربية والرببرية ،ووضعت السلطات الفرنسية حتت سلط تو الفيلق
الذي حصل على أكرب عدد من األومسة من بني فيالق اجليش الفرنسي ،ينظر :رمضان بورغدة :المرجع السابق ،ص . 106
-6ميشال كورناتون :ادلصدر السابق ،ص .93
34
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
()1
عبر أنحاء التراب الوطني ،وييدف إعطاء وتميزت بالحدة و بالخطورة الجيش
الشريحة ليذه العممية الالإنسانية أصدرت السمطات االستعمارية قرار بتاريخ
()2
حيث 1957/09/17م يقضي بترحيل سكان الجبال بمختمف الطرق وبأسرع ما يمكن
تم حشد عدد كبير من الناس في مراكز خصصت ليذا الغرض ألن منظري الحرب
» «
وىكذا مثل الحوت في البحر المضادة لمثورة يرون أن اليكون جيش التحرير الوطني
اضطر العديد من الفالحين إلى ىجرة أراضييم وممتمكاتيم فبقيت المساكن خالية ،ثم يأتي
دور العساكر الفرنسية لتستولي عمى ثرواتيم وبعد أن تخمى ىذه المناطق من السكان
يشرع في قصفيا بالمدفعية الثقيمة(.)3
تجميع القبائل البدو و الرحل:
1957م ،حيث تم تجميع قرابة بدأت عمميات حشد قبائل البدو و الرحل منذ سنة
()5
وتحت الخيام و بخاصة في مقاطعات تيارت « من البدو وأشباه البدو ()4
400000
وسعيدة ووىران و المدية و باتنو و عنابو ووجود مراكز في الوادي و تقرت و خاصة في
بشار(.)6
أسباب حشد قبائل الرحل:
إفالس السكان لفقدانيم لمواشييم ،وحرمانيم من التأمينات واألماكن الذي كانوا .1
يتمتعون بو من قبل و تركيم للخم ول والبطالة.
-1مصطفى خياطي : :معسكرات التجميع في الجزائر،أثناء حرب التحرير ادلرجع السابق ص . 55،56
-2أحسن بومايل:ادلرجع السابق ص. 41
صب ،اجلزائر، 2012 ،ص ص . 76،77
-3زلمد تقية :حرب التحرير في الوالية الرابعة ،تر :بشري بو لفراق ،دار الق ة
-4ميشال كورناتون :مصدر السابق ص . 137
-5أشباه البدو ال يكادون ينحازون حدود الدائرة و مييلون إىل االستقرار ،أما البدو فإهنم يعهدون بزراعة أراضيهم ألىل القصور وميلكون قطعانا
أكرب فإن بإمكاهنم جتاوز حدود الدائرة ،وقد انتشر البدو وأشباه البدو على حواف الصحراء يف ضلو عشرة مقاطعات و لكن أكثر عدداُ يف
اذلضاب العليا الوىرانية ،ينظر :ميشال كورناتون :املصدر نفسو ،ص . 137
-6ميشال كورناتون :املصدر نفسو ،ص . 137
35
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
سمب السكان مسؤولية تقرير مصيرىم و جعميم تحت السمطة الفرنسية (.)1 .2
حماية السكان من انتقام المتمردين وسيولة التمكين لممراقبة أفضل. .3
تسييل تعقيب الفالقة العابرين أو المقيمين في المنطقة ،وقد أيد القياد ورؤساء .4
أنسيم لوضعيم تحت حماية فرنسا (.)2
الدوار أنفسيم رغبة في تجميع ا
سياسة األلف قرية لمتجميعات:
شيدت سنة 1959م ميالد سياسة رسمية لمتجميعات سعت المفوضية العامة بإحالليا
محل السياسة الفوضوية لقادة القطاعات واألحياء الفرعية ،حيث تم إنشاء مشروع ألف
قرية تحت إشراف الضباط العسكريين المسيرين لألقسام اإلدارية المتخصصة )، ( SAS
ويقوم ىذا المخطط عمى أساس تحويل المحتشدات إلى قرى حقيقية ،ومن اإلجراءات
السكان واقامة في بداية األمر عمى أساس تيجير العسكرية القائمة في ىذا الشأن
()4 ()3
يوم 25 ،كتب بول دولوفريية المحتشدات ليم ثم تحويل ىذه األخيرة إلى قرى
ماي 1960م إن الخبرة المكتسبة سنة 1959م وتطور إحالل السمم ،أعطيكم تعميمات
جديدة في ما يتصل بتجميع السكان فعمى النظري أدعوكم إلى استيعاب المفيوم اآلتي:
إن التجميع ال يمكن تصوره إال منظور أ نو مرحمة نحو القرية التي ىي السوسيولوجية
القابمة لمحياة ورمز تقدم البمد وينبغي أن تتأسس القرية بحسب المواد المتوفرة في محيط
استصالح فيي تتبع من االقتصاد المحمي وتشيد عمى حيوية وارادة خاصة في االستدامة
الم جمعين ،ومنو أصبحت التجميعات المؤقتة و وال يمكن إقامتيا إال بموافقة السكان
النيائية مبينو بالصمب والمزودة بتجييز جماعي "القرى الجديدة"(.)5
-1مصطفى خياطي :حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي،ادلرجع السابق ،ص . 250
-2ميشال كورناتون :املصدر السابق ،ص . 144
-3خلضر شريط :ادلرجع السابق ،ص . 226
-4ىو مفتش عام دلراكز التجميع وقد أصلز مهمة ر تو
قاب بزيارة ادلراكز و االتصال بالسلطات ادلدنية و العسكرية وإعداد مشاريع اإلصالح من
شأهنا حتسني قدر السكان اجملمعني ،و ىو الذي أطلق عبارة األلف قرية وىو الشعار الذي ال حيدد ثبات عدد القرى اجلديدة ،ينظر :ميشال
كورناتون :املصدر السابق،ص . 100
-5ميشال كورناتون :املصدر نفسو ،ص .100
36
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
أقامت فرنسا ما يزيد عن 2500محتشد عمى سفوح الجبال و المواقع المكشوفة (،)1
وعمت جميع أنحاء البالد ،ىجر إلييا جيش االحتالل السكان بالجممة وبعشرات اآلالف،
وقد أحيطت ىذه المحتشدات باألسالك الشائكة وفرق الجيش والشرطة وجنود الحركة و
القوم وضباط الشؤون األىمية وسمط عمى السكان جميع أساليب القمع و االضطياد(.)2
إحصاءات عدد المحشودين داخل مراكز التجميع:
1958م اعترفت السمطات الفرنسية بأن عدد األشخاص في مراكز التجميع خالل سنة
قد بمغ 740ألف ثم أصبح ىذا العدد في سنة 1959حسب األرقام الرسمية الفرنسية
يناىز المميون ،و ىنا يجب أن نالحظ بأن السمطات الفرنسية لم تكن في يوم من األيام
تقدم أرقاما صحيحة في أي شيء يتصل بالجزائر فيي تزيف األرقام حسب ىواىا
جويمية 1959م إحصاء ومصمحتيا( ،)3لكن ىناك من يذكر أن عدد المجمعين خالل
مميونين من األشخاص الميجرين ( ،)4وكان عدد الرجال المتواجدين في ىذه المراكز كان
«،حيث كانت نسبة األطفال مرتفعة جدا داخل ()5
منخفضا مقارنة بعدد النساء واألطفال
مراكز الحشد حيث وصل عددىم خالل سنة 1959م إلى أزيد من مميون(.»)6
166محتشد و 180في الوالية األولى بمغ عدد المحتشدات في الوالية الثانية حوالي
،)7(1959أما عدد المجمعين فقد بمغ عددىم في خالل فترة تطبيق مخطط شال سنة
الجزائر العاصمة ، 730937ووىران بمغ عددىم ، 454124أما قسنطينة فقد بمغ
فضذلا ادلؤسسة العسكرية الفرنسية إلقامة احملتشدات ألهنا تسمح بادلراقبة .ينظر :رشيد زبري:
-1سفوح اجلبال وادلواقع ادلكشوفة ىي ادلواقع اليت ت
ادلرجع السابق ،ص 125
-2دلياء بوقريوة :ادلرجع السابق ،ص . 55
-3اجملاىد :ج ، 4ادلصدر السابق ،العدد ، 1961 /7/ 13 ، 99 :ص . 8
-4زلمد تقية :الثورة الجزائرية ،ادلصدر ،الرمز والمال ،ادلصدر السابق ،ص . 380
-5باتريك إفينو ،جون بالنشايس ،حرب الجزائر ،ج ، 2ادلرجع السابق ،ص . 101
-6زلمد تقية :الثورة الجزائرية ،المصدر ،الرمز وادلال ،ادلصدر السابق ،ص . 380
-7دلياء بوقريوة :ادلرجع السابق ،ص . 57
37
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
لمحكومة الفرنسية في الجزائر ،السيد دولوفريه بأن سكان ىذه المحتشدات يعيشون ظروفاً
()5
قاسية
38
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
الحياة االقتصادية:
المستوى المعيشي:
إن المستوى المعيشي لممحتشدين بات يىددىم بظاىرة المجاعة حيث جاء في تقرير الذي
سمم إلى ديموفرييه من طرف المحققين ما يمي« :إن أكثر من مميون من المحتشدين رجال،
نساء وأطفال ميددون بالمجاعة » ،حيث أصبحت ظاىرة المجاعة تخيم عمى كل مراكز
التجميع حتى أصبح يطمق عمييا بمحتشدات الموت ،وىذا ما أكدتو شيادة الراىب لومنت
بما يمي « :في إحدى مراكز إقميم الجزائر رأيت خمسة أطفال يموتون موتا حقيقيا بالجوع،
وفي مركز يبعد عن الجزائر ب 75كمم تم توزيع البطاطس عمى المحتشدين فأكموىا بميفة
لشدة الجوع ( ،)1ولقد عانى أبناء الريف الجزائري آالم الجوع ،والمرض وتعذيب المستعمر
فقد جاء في تقرير الموظفين فرنسيين أفريل 1959قولو << :في إحدى المراكز التي
زرناىا وجدنا أن توزيع المواد الغذائية قد انقطع منذ شير ونصف كما أن بقية أشكال
اإلغاثة من مالبس وخدمات اجتماعية تتعرض ه ي أيضا لمتوقف واالنقطاع بال سبب
وبدون سابق إعالم ،وفي وسط طبيعة الريف القاسية ،البرودة بثموجيا عانى األطفال في
>> ()2
المحتشدات .
-2بؤس المجمعين:
السكان عشية التجمعات كان االقتصاد الزراعي غارقا في أزمة عميقة ولم يكن معاش
المسممين مضمونا من سنة ألخرى ،فقد كان يكفي الجفاف أو يقسو الشتاء حتى ظيرت
المجاعات ،وقد الحظ الجنرال بارالنج منذ جولة تفتيشية األولى عمى ىذا التفاقم من
الجانب االقتصادي فقر شديد وكانوا يعيشون وضعا متقمبا بعد فقدانيم حقوليم وقطعانيم
39
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
()2 ()1
حيث عرف فيو انتشار مثل :مركز اليسري ولم يعودوا قادرين عن زراعة أراضييم
األمراض وسوء التغذية حيث كان بؤس كبير من المجمعين (.)3
وقد قامت فرنسا االستعمارية بتعذيب الشعب الجزائري ،بال م وت البطيء وذلك بجعمو في
» «
في 15 فرانس سوار محتشدات يعيش أقصى أنواع الحياة بؤسا ،فقد كتبت جريدة
<<
أما األن فيم في أفريل 1960م عن مراكز التجميع مقاالً جاء فيو عمى الخصوص
بؤس قاتل بالمعنى الحقيقي لمكممة أن كثي ار منيم يموتون في الغالب وخاصة
(>> )4
األطفال .
كانت حياة السكان ال يرثى ليا ،تمتمس العيش بجميع الوسائل ال حرفة ليم وال تعميم في
ىذه المراكز حيث يعيشون مسجونين ،محاطين باألسالك الشائكة يتم انقراضيم شيئا
يبقى عمى ىذه الوضعية بتوزيعو فشيئا ،ولتسييل ىذا الموت البطيء يحمو لمعدو أن
عمييم يوميا ممعقة من حساء الحمص أو العدس ،عمى كل عائمة تعيش في المخيم (.)5
ومن أمثمة مراكز التجميع التي كانت ظروفيا قاسية نذكر :محتشد بازر سكرة( :)6يقع
المحتشد جنوب مدينة العممو عمى بعد 5كمم ،بمحاذاة الطريق الموجو نحو باتنة ،حيث
ال يبعد عنو سوى 20مت ار وأقرب التجميعات السكانية إليو من الجية الجنوبية ،ىناك
دوار العوازقة و القاللة عمى مسافة ،بعد عممية تيجير السكان أصبحت ظروفيم مزرية و
40
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
م كاتب الفرق فقدوا مخزونيم الغذائي و أصبح مصيرىم مرتبط بالقيادات العسكرية .و
اإلدارية المتخصصة ) .)1( ( SAS
إن التجمعات ىي التي قضت عمى النسيكة االقتصادية حيث يضطرون إلى التخمي عن
فكرة تخزين المواد الغذائية الضرورية ،عمى وجو الخصوص حبوب غمل المواسم الفالحية
ألراضييم وسبب ىذا االبتالء الذي أخذ منيم مصدر قوتيم بالقوة ،و يقدر عدد المجمعين
()2
. الذين ليس ليم أي مصدر عيش بما ال يقل ع ن مائتي ألف شخص
إن حوالي نصف مراكز التجميع ليست ليا أي مستقبل اقتصادي نظ ار النعدام األراضي
الزراعية حوليا ،ويعتبر كل سكان ىذه المراكز ممن يعتمدون اعتمادا كميا أو شبو كمي
عمى المساعدات المقدم ليم حيث ال يتناولون ربع ما ندعوه بالحد األدنى لمحياة (.)3
األوضاع االجتماعية:
إن األوضاع االجتماعية التي كان يعيشيا الشعب الجزائري داخل المحتشدات مأساوية
ومزرية لمغاية ،حيث كانوا يعانون الفقر الشديد و الجوع وىذه الظروف أدت إلى تدىور
أوضاعيم الصحية حيث كانوا يعانون األمراض المزمنة و كانت مساكتيم غير الئقة
عبارة عن أكواخ وخيام بالية ،وقد قامت فرنسا بيذه السياسة القمعية التي كانت تسمى
بمراكز الموت البطيء من أجل فصل الشعب عن الثورة الجزائرية و القضاء عمييا نيائيا.
- 1مساكن المجمعين:
يقر الجنرال « بارالنج » برداءة أوضاع المحتشدات االجتماعية حيث أنيا ساىمت في
تفكيك األسرة وظيور عدة آفات اجتماعية عمى حد قولو فكانت األوضاع مأساوية ىذا
باعتراف المسئولين و الصحف الفرنسية و المجان الدولية وحتى رجال الكنسية حيث
التعرف عن ذلك بتطرق ان على السكن ،فقد كانت مساكن المحتشدين مركبة من وسائل
41
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
تقميدية تشبو األكواخ ولكنيا ضعيفة و ىي مجرد من أدنى شروط الحياة اإلنسانية كما
توجد مساكن في بعض المراكز عبارة عن خيم بالية أو عمى شكل إسطبالت تجمعت فييا
العائالت(.)1
وكان السكان في غالب العموم يحشرون في مكان ينصب بو مرقب ويحاط بأسالك شائكة
فكانوا يرقدون تحت الخيمة أو مباشرة في العراء و قضاء الشتاء تحت الخيام في قمب
الجبال،حيث كان سكان إيغزر أمقران يوضعون في مباني مصادرة تكدس 600امرأة
وطفل داخل مخزن غالل ذي طابق واحد مع فتحات قميمة و مجاري اليواء ال تكاد تطرد
()2
أما مركز دخان نيران الخشب الكثيفة التي كانت توقد عمى أرضية المخزن
مطماطة()3فقد كانت مساكنيا عبارة عن أكواخ من الطين تعرضت عدة مرات لإلنييار
سواءا بسبب الفيضان أو نشوب حرائق وقد بمغ عدد العائالت بالمركز 466عائمة بعدد
2630نسمة( ،)4ومركز جبابرة( )5يضم 944نسمة تعيش في 181مسكن(.)6
لقد أدلى راىب فرنسي يدعى رومنت بعد زيارتو لمحتشدات مقاطعة الشمف بيذه الشيادة:
«
قد زرت بعض المراكز ال يوجد فييا أغطية عمى اإلطالق ويقيمون في خيمة بالية
وبالقرب من الشمف جمعت تسع عائالت في إحدى اإلسطبالت وأن ىذه المساكن الضيقة
حرمت الفالحين من تربية الحيوانات و الدواجن التي تعتمد عمييا الكثير في غذائيا إنما
42
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
مساكن هشه معرضة لالنييار وغير مقاومة لمظروف الطبيعية فعمى سبيل المثال تعرض
مركز مطماطة بدائرة مميانة لمفيضانات فانيار جزء كبير منو (.)1
- 2فقدان الحرية وارادة المواطنين:
أصبح سكان التجميع يعيشون تحت رحمة الجيش الفرنسي المدعوم بفرق الحركة
) (S.A.S.تقوم بدور بارز في مسخ والقومية ،حيث كانت األجيزة اإلدارية المختصة
المواطن ،ومحاولة إبعاده بمختمف الوسائل عن الثورة ،فكان ىذا الجياز يقوم بمراقبة
شديدة ومستمرة حتى يمنع وصول األخبار إلى جبية وجيش التحرير الوطني ،وكانوا في
نظرىم أن المجموعات الموجودة في وسط الجبال عبارة عن أفراد من قطاع الطرق ال
يمثمون إال أنفسيم ( .) 2ولم يكن المجمعون يعانون البؤس المادي فقط بل كانوا يعانون
منح األسالك كذلك البؤس المعنوي فقد فقدوا حريتيم واكتست مظير المدن الميتو وت
()3
الشائكة وأبراج المراقبة ألغمب التجميعات مظير مخيمات األسرى
ون
لقد كان المسؤولون العسكريون يأمرون الجنود بحمل جثث الشيداء فوق البغال ويطو ف
« الحركة القومية ( )5الذين بيا داخل مراكز التجميع ( ،)4وقد كانت توكل ىذه الميمة إلى
أصبحوا يقومون بأدوار كثرة متعددة داخل مراكز التجمع ،حيث يقومون بعمميات التعذيب
()6
.وكانت تعتبر الحرية بالنسبة لمفالح ىي وعمميات المتابعة واالعتداء عمى الحرمات
أن يتصرف في وقتو كما يحمو لو وأن يرى أرضو كما يرغب في ذلك وكذلك محصولو
وألن المجمع لم يعد سيد نفسو ووقتو ومتاعو فيو يعتبر المركز سجنا (.)7
43
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
وبذلك فقد سكان مراكز التجمع حريتيم و إرادتيم من خالل إىانتيم و الدوس عمى كرامتيم
باستمرار ،إذ أنيم أصبحوا مجبرين عمى الخضوع و التبعية المطمقة لممسؤول العسكري أو
لضباط الشئون األىمية ) (S.A.S.ولم يعد من حقيم اتخاذ أية مبادرة شخصية في أي
ىذه المراكز يخضعون عمى الدوام إلجراءات ميدان من الميادين ،وقد كان السكان في
قاسية كميا إىانات وانتياك لمحرمات وتحطيم لممعنويات باإلضافة إلى إنتظار الموت
البطيء من خالل الرقابة والتفتيش والحراسة العسكرية الدائمة(.)1
األوضاع الصحية لمسكان المجمعين:
تعتبر األوضاع الصحية داخل المحتشدات سيئة لمغاية ،وذلك نظ ار لنقص الغذاء وحالة
الجوع المزمنة التي عانى منيا السكان وبوجودىم داخل أماكن ضيقة ،وأعداد كبيرة تفتقر
إلى أدنى شروط النظافة والعناية الصحية ،عالوة عمى تجميع مياه الصرف القذرة وتولد
()2
باإلضافة إلى سوء التغذية التي أدت إلى ارتفاع الحشرات المؤذية كالذباب والبعوض،
«
الحالة الفزيولوجية العامة الوفيات خاصة األطفال ،إلى درجة أن تقرير اعتبر أن :
()3
. لمسكان سيئة إلى درجة أن األدوية تفقد فاعميتيا العالجية ألجساد منيكة بفعل الجوع
.
عائرة إن حالة السكان الصحية قد تدىورت كثي ار فاألجسام ىزيمة وضعيفة ،العيون
والعظام بارزة « ،ولقد ترتب عن الوضع المأساوي الذي كان يعيشو سكان مراكز التجمع
تدىور الحالة الصحية لسكان ىذه المراكز بصفو عامة وأصبح أولئك السكان يتعرضون
»
بالفعل لمموت البطيء.
« »
في 14و 15أكتوبر :ما يمي لقد جاء في كراسة مالحظات األسقف « جاك بومون
رأيت أطفاالً تتميز عظاميم تحت البشرة بوضوح ،إنيم أطفال أنيكتيم الحمى والبرد فمم
44
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
يكتمل نموىم و رافقيم الشحوب و اليزال و أكمتيم األمراض المختمفة دون أن يجدوا قرصا
إليقاف الحمى ،لقد رأيتيم يرتجفون من الحمى وىم راقدون عمى األرض بدون غطاء ،لقد
زرت كثير من المراكز التي ال يوجد بيا غطاء واحد ،واذا وجد في بعض األحيان فيو
(.)1 >>
غطاء واحد ،لثالثة عشر شخصا يتغطون بو جميعا في خيمة واحدة
<<رأيت طفال في سن 13سنة مريضا بحمى المستنقعات لم »:
ويضيف « جاك بومون
يتناول سوى قرص كينين واحد في مدة عشرين يوما ،ومات ثالثة أطفال آخرين بسبب قمة
التغذية ،ألنيم كانوا يتناولون قميال من القيوة و القمح أثناء فطاميم ،ورأيت أطفاال أنيكتيم
الحمى والبرد فمم يكتمل نموىم ورافقيم الشحوب واألمراض المختمفة دون أن يجدوا قرصا
واحد من كينين إليقاف الحمى ،لقد رايتيم يرتجفون من الحمى وىم نائمون عمى األرض
(>> )2
بدون غطاء .
إن نسبة الوفيات قد ارتفغت بعد إنشاء مراكز التجمع بحيث مات 500طفل من مجموع
1000طفل في أحد المراكز مما يدل داللة واضحة عمى أن الحالة الصحية متدىورة
جدا ،وأن الحرب قد زادتيا سوءا ( ،)3باإلضافة إلى غياب التجييز الصحي ليذه المراكز
فيو منعدم تماما(.)4
إن سكان مراكز التجمع أصبحوا فريسة لألمراض المختمفة وخاصة األمراض الخطيرة
المعدية ،التي أصبحت تفتك بيم فتكا وانتشرت األوبئة بينيم كالحمى و التيفوئيد وحتى
( ،) 5كذلك من بين الكولي ار التي تنشط جراثيميا في مثل ىذه الظروف الصحية القاسية
األمراض المنتشرة بين سكان المحتشدات مرض السل القاتل ،الذي كاد أن يصير من
األمراض التاريخية في الجزائر وذلك بسبب فقدان أجسادىم لعوامل الصناعة كما جاء في
45
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
« » « » «
في كل الفرنسية ،حيث يقول: La Croix لجريدة رودان تصريح األسقف
المستشفيات يالحظ األطباء والممرضات أن مرض السل قد بدأ يقل منذ عشر سنوات
عاد ينتشر بشكل مفزع بسبب قمة التغذية وخاصة بين األطفال ،وفي كثير من
المستشفيات الحظ المسئولون أن األدوية لم تعد تؤثر في المرض ،النيم أصبحوا في
حالة ضعف خطيرة جدا ويجب أوال تغذيتيم ثم إعطائيم الدواء بعد ذلك (.>>)1
جاك بومون عن انتشار مرض السل بين وورد في كراسة مالحظات األسقف
«
في كل المستشفيات يالحظ األطباء و الممرضون أن السل الذي كان ال األطفال قال
بدأ يقل منذ عشر سنوات عاد ينتشر بشكل مفزع بسبب قمة التغذية وخاصة بين
>>()2
األطفال.
»
وورد في تقرير طبي رسمي فرنسي أذيع ونشرتو جريدة « لومند » « Le Monde
الفرنسية جاء فيو بالخصوص « :رغم أن اإلحصاءات المدققة لم يقع ضبطا فيما يخص
الوفيات فمن المالحظ أن يموت في كل يوم في كل مركز ،وبصفة عامة يموت طفل كل
يومين في المراكز التي يبمغ عدد سكانيا حوالي ألف شخص ».
«
حدا
ويضيف التقرير الطبي :وكما يالحظ أن الحالة الصحية لمسكان بمغت من التدىور َ
>>()3
جعل األدوية نفسيا لم يعد ليا أي تأثير عمى أجيزة مقاومة األمراض لمسكان .
يقول « :إن في ( )4
الونشريش يقول ضابط المصالح اإلدارية الخاصة عن مركز
بعض األيام يصل عدد وفيات األطفال إلى أربعة أطفال في اليوم بسبب انتشار مرض
التيفويد » .وأن األطفال في كل مركز تظير بوضوح عمى أجساميم أعراض المرض ولم
يبقى فييم إال الييكل العظمي وآخرون يعانون من الحمى وىم راقدون عمى األرض بدون
أي فراش أو غطاء ،وىم ال يجدون أي نوع من أنواع الدواء وأن الحالة السيكولوجية
46
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
العامة لممحتشدين منيارة جداً ،مما أثر عمى فاعمية الدواء وفي الحقيقة أن الحالة الصحية
ما ىي إال انعكاسا لممستوى المعيشي الذي وصل إلى أدنى المستويات (.)1
نتيجة لتدىور الوضع الصحي في مراكز التجمع رفعت نداءات لتنبيو الرأي العالمي لمل
آلت إليو وضعية المحتشدات في الجزائر حيث كان النداء األول من باريس من طرف
رئيس الكنيسة اإلصالحية في فرنسا موجو إلى األمة الفرنسية جاء فيو« :إن النقص الفادح
لألطباء والمساعدين االجتماعيين قد تسبب في نتائج فاجعة ».
أما النداء الثاني كان من جنيف أثناء انعقاد المجمس العالمي لمصحة التابع لييئة األمم
إلى المؤتمر بخصوص المحتشدات 17دولة المتحدة وبيذه المناسبة رفعت وفود
«
إننا متأثرون من الطابع المأساوي الذي أصبح عميو مئات الجزائرية الئحة التالية:
اآلالف من الجزائريين وأغمبيتيم أطفال ونساء وشيوخ لذا نطمب من الحكومة الفرنسية ما
يمي:
العدول عن كل عمميات التجمع أصال. -
العمل بميثاق األمم المتحدة. -
إزالة المراكز التي أقامتيا فرنسا (.)2 -
نماذج من شهادات عن وضعية مراكز التجميع:
شيادات مختمفة عن سكان « مراكز التجمع » ابتداء من ترحيميم إلى غاية إبادتيم بشيادات
«
صدرت عن الصحافة الفرنسية والجيش اإلستعماري ،وكذا المواطنين الذين عاشوا جحيم
». ()3
مراكز التجمع
الشهادة األولى :قدمتيا جريدة « » Le Figaroالفرنسية من خالل التحقيق الذي عاد
بيسمبورغ » الكائن «
بو أحد مبعوثييا الخاص إلى الجزائر ،ويتعمق ىذا التحقيق بمركز
47
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
بناحية القل في الشمال القسنطيني حيث يقدم الصحافي وصفا شامال ليذا المركز ،فيقول:
« العيش في ىذا المركز 2774نسمة منذ عاميين ،وتوجد بو 123خيمة متراصة تحت
شجر الصنوبر و 57كوخا مغطى بالتبن و 47دار حجرية ،وفي كل خيمة أ و مسكن
يعيش نحو 15فالدا وصار من المتعذر وصف حالة البؤس التي يتخبطون فييا منذ
شير جوان ، 1957فمن المستحيل أن يعيش اإلنسان في مثل ىذه المخيمات ،أما
بالنسبة لممواد الغذائية الدسمة فإنيا لم توزع إال مرة واحدة خالل الثمانية أشير األخيرة،
(>> )1
والسكر لم يوزع قط منذ عام كامل ،وكذلك الحمص والصابون .
وجاء فييا بما يمي « :في إحدى مراكز إقميم »
لومنت «
الشهادة الثانية :قدميا الراىب
الجزائر رأيت خمسة أطفال يموتون موتا حقيقيا بالجوع وفي مركز يبعد عن الجزائر ب
75كمم تم توزيع البطاطس عمى المحتشدين فأكموىا بميفة بشدة الجوع (.>>)2
الشهادة الثالثة :قدميا ضابطان فرنسيان تبرز أحد الجوانب التي كانت تالزم سكان
مراكز التجمع في حياتيم اليومية ،و المتمثمة في إخضاعيم لمعمل النفسي ،الذي كان
يمارسو عمييم الضباط الفرنسيون المختصون بطرق مختمفة حتى يتسنى ليم احتواء عدد
كبير منيم في صفوفيم بحيث يكمفونيم القيام بميام متعددة في أوساطيم (.)3
ومن شيادات المواطنين الذين عاشوا جحيم مراكز التجمع نذكر ما يمي:
حيث يقول « :جمعنا الجيش (>>)4
المواطن األول :قدميا « عمايدية عمي بن رمضان
()5
في أواخر 1956وأصبحنا نقيم في أكواخ الفرنسي بالقوة في معسكر فوج أم اروا
ضيقة جدا بحيث أن العائمة من عشرة أشخاص مثل عائمتي تنام كميا في كوخ ال يزيد
48
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
طولو عن مترين فتنحشر فيو كأنيا ( سردينة ) وىذه األكواخ مبنية بالطوب ومغطاة
بالديس ،فإذا نزل المطر امتأل الكوخ بالماء وأصبح كالبركة القذرة ،فنحن نفترش األرض،
وتتغطى العائمة كميا بغطاء واحد ممزق من جيات عديدة ،وىم يجبرون النساء عمى
(>> )1
العمل في المركز لصالح الجيش الفرنسي وال يدفعون لين أج ار .
«
ونتيجة كل ىذا أصبحنا نعيش قي عذاب وبؤس ال نظر لو وىم ويضيف المواطن:
يميزون بيننا في التموين ،فالبعض يعطونيم شيريا قميال من القمح والشعير وال يزيدون
عمى ذلك ،و البعض اآلخر يجردونيم من كل شيء حتى يكاد يقتميم الجوع وتنتشر فييم
األمراض(.>>)2
«
إلى ومنذ أن جاءوا بنا ،يقول المواطن الثاني :يدعى ش اربسة فرحات بن العيد
»
مرت عمينا أربعة سنوات وكأنيا الجحيم األبدي ال يمكن اإلفالت معسكر« فج امراو
منو ،ولم أكن أنتظر أن يأتي يوم الخروج من ىذا الجحيم وأنا حي ألني شيخ طاعن في
السن وقد جعمتني ىذه السنوات األربع التي قضيتيا مع عائمتي في البؤس و العذاب ،ال
أفكر في غير نيايتي القريبة و منت مقتنعا أن الموت فقط ىو الذي سينقذني من أيدي
الوحوش اآلدمية و من عذاب مركز التجمع ،ولو قال لي إنسان أن يوم حريتك وخالصك
(>> )3
. قريب لقمت لو ىذا مستحيل لكثرة ما عانيتو عمى يد الجيش االستعماري المجرم
»
تبمغ من العمر خمسة وخمسين عاما ،تقول: المواطنة الثالثة :تدعى « فاطمة ما جري
قبل أن يجبرونا عمى مغادرة مزرعتنا واالحتشاد في معسر «فج امراو » كنا عائمة غنية «
يقنبمون منازلنا ولكننا كنا نعيش في جو من اإلرىاب الدائم ألن العساكر الفرنسيين كانوا
ويعذبون رجالنا ويعتدون عمينا ويسمبون أمتعتنا وقد أخذوا من منزلنا األغطية واألفرش ة و
األواني وحمي النساء واستولوا عمى الماشية ثم جاءوا بنا إلى المركز ،لقد منعوا عنا حتى
-1اجملاىد :جيش التحرير الوطني ينقذ مئات الجزائريين من مراكز الموت الفرنسية،ج ، 3العدد ، 1960/12/12 ، 84 :ص . 5
-2اجملاىد :ج ، 3ادلصدر نفسو ،ص . 5
-3أحسن بومايل :ادلرجع السابق ،ص . 71
49
ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير الفصل األول :
الماء فإذا ذىبنا لمسقي يقول لنا العسكر خذوا ماء البرك أو انتظروا حتى تشرب خيولنا
من ماء الحوض ثم خذوا منو ألن خيمنا أفضل منكم ،واننا لم ننجي طوال الفترة التي
قضيناىا في المركز من مضايقاتيم(.)1
لقد اتخذت السمطات الفرنسية خالل الثورة الجزائرية أسموب قمعي ووحشي و المتمثل في
إقامة المحتشدات االستعمارية ،وىي طرد السكان من قراىم ومداشرىم بعد إعالنيا مناطق
محرمة وتحويميم و تيجيرىم في أماكن خالية و التي تسمى بمراكز التجميع ،و كانت ىذه
المراكز محاطة بأسالك شائكة وأبراج مراقبة ليال ونيارا ،وانقسمت مراكز التجميع إلى
أنواع منيا التجميعات المؤقتة ،ومنيا التجميعات النيائية ،األولى غير القابمة لمعيش ،أما
الثانية فتكون قاعدتيا االقتصادية سميمة ،وقد أنشأت عممية التجميع بطريقتين:
األولى عفوية وغير إرادية ،أما الطريقة الثانية فتمثمت في التجميعات اإلرادية ،وقد مرت
ىذه المحتشدات خالل إنشائيا بعدة مراحل خالل الثورة ،وكانت تسعى فرنسا من خالل
إقامتيا لمراكز التجميع إلى فصل الشعب الجزائري عن الثورة ،وعزلة و جعمو مراقبا أشد
مراقبة ،والتأثير عمى معنويات المج اىدين الذين ال يمكنيم االستمرار في المقاومة ،وعزل
جيش التحرير الوطني عن عمقو االستراتيجي و محاصرة الثورة ،وقد كانت ظروف حياة
المجمعين داخل المحتشدات مزرية وسيئة لمغاية وصعوبة العيش فييا وقد أطمق عمييا
محتشدات الموت.
50
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
لقد لجأت السمطات إلى سياسة التيجير الجماعي وقامت بترحيل السكان إلى مراكز
أطمقت عمييا باسم المحتشدات ،وذلك بيدف فصل الشعب عن الثوار وعدم االلتفاف حول
الثورة الجزائرية ،وقد ترتب عن ىذه السياسة انعكاسات ،منيا االنعكاسات السمبية عمى
الشعب الجزائري من خبلل المعاناة المأساوية التي عاشيا في مراكز التجميع ،لكن رغم
ىذه الظروف إال أن الشعب الجزائري كان لو دور فعال وبارز من خبلل تقديم
المساعدات لمثورة التحريرية ،كذلك كانت ليا آثار عمى الصعيد السياسي و العسكري من
خبلل دور جبية التحرير وجيش التحرير الوطني.
تعد مراكز التجميع ىو أسموب وحشي الذي يرمي إلى إبادة السكان إبادة تدريجية،
حيث يسمط الجيش الفرنسي عمى الشعب الجزائري العزل حرب اإلبادة الجماعية حقيقة
تدمر فييا القرى و المداشر عمى سكانيا ،و تحرق الغابات و المزارع و تمقي القنابل عمى
كل ما يتحرك من إنسان و حيوان في مناطق بأجمعيا ،و من مظاىر ىذا القمع الوحشي
المسمط عمى الشعب الجزائري نجد ىذه اآلالف من المحتشدات المنتشرة في كل مكان و
التي يحشر فييا السكان حش ار حيث يعانون حياة قاسية ىي الموت البطيء في صورتو
الحقيقية(.)1
ومن النتائج السمبية لمراكز التجميع نجد ثبلثة حقائق:
ىذا اإلجبلء لم يتم برضى السكان و إنما أجبروا عمية بقوة السبلح كما تعترف بذلك
صحيفة لومند الصادرة بتاريخ 4جويمية . 1959
52
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
بعد ىؤالء السكان عن لون معيشتيم السابقة وحرمانيم من المراعي يتسبب في .1
()1
انخفاض المستوى المعيشي وتدىوره بكيفية فاحشة
إن جمع عشرات اآلالف ألقوا حياة البادية و التنقل و أجبرىم عمى حياة جماعية .2
ثابتة لم يعرفوىا أبدا تخمق ظروفا صحية صعبة و معنوية سيئة جدا و لكي نتصور ىذه
الحقيقة بوضوح يجب أن نعرف أن الغنم بالنسبة لسكان الجنوب تمثل مأكميم و ممبسيم
وثروتيم وىي زيادة عمى ذلك مصدر دفيء ليم في الشتاء و ليذا فعندما يجبر ىؤالء
السكان عمى اإلقامة الثابتة في مركز بدون أغناميم ،ال يتحممون برد الشتاء زيادة عمى
نقص المأكل و والممبس وانعدام المصدر الوحيد لمعيش و خصوصا الصغار الذي يقضي
عمييم البرد بسيولة في الشتاء(.)2
إن السكان الميجرين قد عانوا الكثير من الحصار المضروب عمييم ،و من التعذيب
المسمط عمييم ،كما عانى الشيوخ و األطفال و النساء من آ الم الجوع و المرض ( ،)3حيث
يسقط في كل يوم منيم أحد ضحية الظروف المأساوية و اإلىمال فيوارون التراب من
غير أن يسمع بيم أحد ،حيث ارتكب العسكريون الفرنسيون كل يوم من فظائع بمغت
درجة أعمق و أخط ر و أوسع مدى من أن تطمع عمييا ،إن ىذه األعمال بمغت درجة من
الوحشية و الفظاعة جعمت بعض الضباط الفرنسيين يريدون أن يمحوا الشعب الجزائري
عن آخره حتى ال يبقى منو أحد يروي العالم الحقيقة عن أعمال العسكريين الفرنسيين
()4
. بالجزائر
53
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
حيث كان السكان يساقون إلى ىذه المحتشدات بالقوة بعد إجراء الحمبلت القمعية
االستعمارية التي يشاىدون أثناءىا حرق قراىم و نيب أرزاقيم ولمزيادة في ترويع ىؤالء
األىالي األبرياء يعدم الكثير منيم بصفة عمنية ،إن ىذه المحتشدات قد انتشرت في كامل
التراب الوطني حيث حشد ما يقرب من مميوني جزائري جميم من الشيوخ و النساء و
األطفال.
إن المحتشدات في الجزائر تشكل حقيقة مراكز لمموت البطيء ،إن األىالي يعزلون
فييا بصفة مستمرة إلى الجوع و تأثيرات األمراض المعدية و األشغال الشاقة و إلى كل
أحوال نظام المحتشدات المعروف بمواصمة سياسة التقتيل رغم استنكار الرأي العام
العالمي ،فإن الحكومة الفرنسية تتحمل المسؤولية الثقيمة في ازدياد خطورة ىذه
الحرب التي تيدد كل يوم أكثر السبلم واألمن في العالم (.)1
النتائج عمى المستوى اإلداري و االجتماعي:
من المبلحظ أن عممية إنشاء المحتشدات كانت ليا نتائج سمبية و كان لو أثره
الواضح عمى مستوى اإلداري :حيث أصبحت اإلدارات المحمية أي البمديات تعاني مشاكل
مادية و تمك الصعوبات التي عمى اإلدارة االستعمارية أن تتكفل بيا ،ال سيما و أن
المدفوعات من الضرائب ال منفذ ليا اآلن ىو إسكان ىؤالء في المحتشدات ،و الخبلصة
أن التنظيم اإلداري المحمي تزعزع في أركانو جميعيا ال سيما الجانب المالي ،ولذلك نظ ار
لمنفقات الباىظة التي تتطمبيا عممية إنشاء المحتشدات (.)2
-2المستوى االجتماعي:
يمكن القول أن إنشاء المحتشدات كان قد انعكس باألحرى سمبا عمى المستوى
-1المجاىد :ج ،3من مراكز الموت البطيء ،العدد 22 ،75 :أوت ،1960ص5
-2لخضر شريط :المرجع السابق ،ص . 204
54
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
االجتماعي من خبلل انتشار الفقر و الجوع ،واألمراض الخطيرة خاصة لدى الشيوخ
واألطفال و النساء ،مما كان لو أثره الوخيم أيضا عمى مستوى الشعب الجزائري عامة و
ىذه الفئة خاصة(.)1
خبلل مطمع الخمسينيات تجاوز عدد السكان المسممين الجزائريين عتبة الثمانية
%4.5إال أن ىذه مميون نسمة كما ارتفعت نسبة المواليد في ىذه المرحمة إلى حدود
النسبة المرتفعة لمخصوبة و لممواليد تخفي ورائيا نسبة وفايات مرتفعة أيضا ،تصل لحد
%2.5و ىو ما يؤشر عمى استمرار الظروف السيئة ،كسوء التغذية و تجدد موجات
ا مع السياسة التي األوبئة خاصة لدى شريحة األطفال ،و قد ازدادت األوضاع تدىور
مارستيا السمطة الفرنسية لمواجية الثورة من خبلل إقامتيا لممحتشدات (.)2
كذلك الظروف الصحية في كل المحتشدات ومراكز التجميع كانت عمى درجة كبيرة
من التدىور و ذلك من خبلل مظاىر الفقر المدقع و األمراض و الموت الذي يبلزم
سكان ىذه المراكز و أصبحوا يتعرضون بالفعل لمموت البطيء (.)3
وقد اعتبر مؤتمر الشعوب اإلفريقية المنعقد من 31 - 29ماي من سنة 1959م
«
مراكز : أن عممية ترحيل المواطنين الجزائريين من إقامتيم األصمية و وضعيم في
»
في انتظار الموت البطيء اعتبرىا المؤتمر جريمة في حق اإلنسانية ككل، التجميع
«
...نظ ار إلى أن ىذه الحرب الدامية قد تسبب ت في نقل حيث ورد فيو بالخصوص
جماعي لممدنين الجزائريين إلى المحتشدات ،نقل استيدفت فيو أكثر من مميونين من
السكان أغمبيم نساء وأطفال وشيوخ وىو ما يساوي خمس مجموع سكان القطر الجزائري،
300في األلف من المدنيين ،وىي نسبة قد وفي ىذه المحتشدات يتعرض لمموت
55
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
اعترف بيا المحققون الفرنسيون أنفسيم بحيث تجعمنا نطمق عمييا اسم إبادة الشعوب
. )1(»......
تعد المحتشدات الموحة السوداء بالنسبة لمسكان المجمعين ألن سياسة مراكز التجمع
لم يطمبيا السكان و لكن فرضيا الفرنسيون ،و التي تعد من ضرورات مقاومة الحرب
الثورية في الجزائر و عزل جيش التحرير الوطني عن السكان حتى ينقطع عنو المدد و
إبعاد السكان عن أراضييم و قراىم و إجبارىم عن مغادرتيا تتسبب في تعريض
الجزائريين إلى اآلم ال تحصى ،وأن المساكن التي بنيت ىذه المراكز غير صالحة لمسكن،
و قد عاشوا وطأة البؤس و كل الحقائق التي تكشف عن حقيقة المحاولة الفرنسية و
التصريحات الرسمية ،أنيا محاولة دعائية تيدف إلى أن تمحو من األذىان الموحة
السوداء التي تكونت عن فرنسا في الجزائر ،و تحاول إقناع الرأي العام العالمي أن
()2
. الحضور الفرنسي في الجزائر عبارة عن كتمة من فضائل
» «
الذي كان مسؤوال عن إدارة ىذه المراكز بخطورة بارالنج وقد اعترف الجنرال
«
تفكك األسرة ،وانتشار أوضاع االجتماعية لمسكان ،وباآلثار االجتماعية فتحدث عن: :
ظاىرة التشرد » و قد ورثت الجزائر المستقمة خاصة في نشأة و توسع األحياء القصديرية
المحيطة بالمدن ،و تراكم المشاكل االجتماعية ،بحيث عصية
عن الحل(.)3
اآلثار النفسية لممحتشدين:
لقد أصبح السكان في المحتشدات بعد تشريدىم وتجريدىم من أمبلكيم وابعادىم من
56
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
قراىم ،عرضة لآلفات االجتماعية و غيرىا فمقد دمرت حياتيم تماما فمنازليم مخربة
و ممتمكاتيم ضائعة ،كما أىمكت ماش اتيىم ،وأبيدت عائبلتيم عن آخرىا ،و بحكم قرب
ىذه المحتشدات من الحامية العسكرية ،إذ أن جميعيا أقيمت حول المراكز العسكرية
أصبح السكان معرضين لكل أنواع اليوان والدعايات المغرضة والشعارات المغرية مثل: :
سنبني جزائر جديدة » « ،فبلقة قضي عمييم »(. )1 «
ومن أساليب العمل النفسي الذي لجأ إليو االستعمار الفرنسي مثل الذي يطبق في
تبلك و كيفية ذلك أننا ندخل إلى مراكز التجمع أناسا من أعواننا عمى أنيم أسرى من
جيش التحرير ،وتكمفيم بضرب وشتم المناضمين الحقيقيين لمجبية حتى تكون النتيجة ىي
أن تتحطم معنويات مناضمي الجبية إذ يقولون ضربنا و اعتدى عمينا أولئك الذين كافحنا
من أجميم(.)2
>> <<
،حيث توجد في غسل المخاخ كذلك لجأت السمطة الفرنسية إلى أسموب ،
جية األصنام ( الشمف ) مراكز التجمع لكنيا من نوع خاص ،إذ تجمع ما يقرب من
600إلى 800عائمة ،وأول عمل يقع البدء بو ىو فصل الرجال عن النساء ،فينقل
الرجال إلى مخيم يطمق عميو ( مخيم غسل األمخاخ ) و خبلل األسبوع األول يجمع كل
يوم من 400إلى 500شخص ويسمط عمييم العمل النفسي ،فيصور ليم الضابط دور
فرنسا في التمدن والحضارة و ينتقد أماميم جبية التحرير الوطني و مبادئيا ،وفي األسبوع
الثاني يكمف الجزائريون بتوجيو األسئمة إلى الضباط المختصين في ( غسل األمخاخ ) و
في األسبوع الثالث يكمف كل جزائري بانتقاد نفسو عبلنية و أمام جميرة السكان (.)3
-1جودي أتومي :وقائع سنين الحرب في الوالية الثالثة ،منطقة القبائل 1962/1956 ،قصص حرب ،ج 2
،دار ريم لمنشر ،الجزائر ، 2013 ،ص 8
-2المجاىد :العمل النفسي داخل المحتشد ،ج ، 2العدد 19 ،53 :أكتوبر ،1959ص . 8
-3أحسن بومالي :المرجع السابق :ص . 68
57
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
«
أنتم تعرفون وذكر ضابط فرنسي عن العمل النفسي في مراكز التجميع فيقول:
قاسطون » فقد قرر ىذا «
روشيمو» الذي يشرف عمية المسمى ، «
قطعا حكاية مركز ،
القائد أن يدخل تعديبلت عمى نظام مراكز التجمع ورأى وجوب حذف لباس ( الشاشية )
1000بيري لمرجال و 1000سروال من و ( البمغة ) لكي يتفرنس الجزائري فاشترى
نوع بموجين لمنساء ،وطالب الجميع بالمشي عمى نغمة ( البوق العسكري ) ،الرجال من
جية و النساء من جية أخرى ،و القائد ىو الذي يوزع العمل ،إن ىذا المخيم ىو مخيم
التيدئة المثالية (.»)1
» «
األعمال الشنيعة و بوحميدي و عن آالم السكان المجمعين ذكر المؤرخ :
األضرار التي تتسبب فييا االستعمار و عمى الخصوص تمك األحزمة البشرية المحشودة
في األكواخ و األحياء القصديرية المكتظة بالكادحين حول المدن الكبرى التي كان
محمد رباح » الفترة المؤلمة لمعسكرات التجميع «
يستغميا المعمرون ،ويذكر مؤرخ آخر :
» «
ثل الحيوانات و المئيمة و يؤكد عمى تجميع القرويين م SAS صص :
ومراكز ل ا
االجتثاث و التحويل المكره و اإلحاطة باألسبلك الشائكة و ىم في حرمان كامل وسط
» «
أن مراكز التجميع كانت كاممة العراء و ممحاني هذه المعسكرات لمتجميع ،كما ذكر
بصفة وحشية و تأزيم أوضاع السكان القرويين بفصميم عن محاصيميم و حقوليم و
مواشييم و قتميم بالبرد و الجوع و الحرمان الكامل (.)2
وقد أدت ىذه السياسة إلى زلزلة عالم الريف ،و كانت حصيمتيا كما ذكر أحد
«
1960بمغ عدد المجمعين الجزائريين في سنة المؤرخين الفرنسيين كالتالي:
2.175.000إنسان أي ما يعادل ربع مجموع السكان ،و إذا أضفنا إلى عدد النازحين
1960يقدر إلى المدن ،فيمكننا أن نقدر بأن عدد األشخاص الذين تركوا منازليم عام
58
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
ب 3.000.000 :شخص أي نصف سكان الريف ،وبذلك فيو واحد من أسوء عمميات
النزوح السكاني في التاريخ أما سكان المسممين في مختمف المدن الجزائرية قد أخضعوا
()1
لرقابة جياز الحماية الحضرية
. » )2( DPU
دور المحشودين في مراكز التجميع:
إن األسموب الذي اتخذتو فرنسا والمتمثل في تىجير السكان وحشدىم في معسكرات
التجميع انعكس عمييا بالسمب ،ألن ىذا األسموب الوحشي زاد في تعبئة الجزائريين و
تجنيدىم و إبطال مقوالت فرمسا التي كانت تزعم أن الجزائريين التحقوا بالثورة مكرىين و
مجبورين( ،)3وأن الرياح تجري بما ال تشتيي مخططات السمطات االستعمارية فيذه
المحتشدات التي تضم مختمف شرائح المجتمع مكنت الجزائريين من االحتكاك يبعضيم
البعض و خمقت بينيم جوا من التآزر و التعاون و مكنيم من التكيف مع الظروف
االستثنائية التي جمعتيم
في المراكز(.)4
» «
نتيجة ذلك حول جبية و جيش التحرير مراكز التجميع وقد التف سكان :
الوطني ،وأصبحوا يحققون معجزات يومية داخل مراكزىم ،وذلك بفضل جيود العائبلت
المحتقرة الميانة ،التي فقدت معظم رجاليا وشبابيا من خبلل تنظيم صفوفيا و مقاومتيا
59
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
60
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
الثوار و رغم أن بعض أفراد الشعب قد قدموا خدمات لفرنسا إال أن ما قدموه لمثورة كان
أضعاف ما قدموه لفرنسا(.)1
و عن تنظيمات سكان مراكز التجمع و مقاومتيم لمعدو و بكل الوسائل يقول السيد
عمايديو عمي بن رمضان » الذي كان ينتمي إلى مركز التجمع ب « فج امراو»: «
«
إن الشعب نفسو داخل األسبلك الشائكة أقام مجمسا شعبيا و كانت لو طرقو الخاصة
في االتصال بجيش التحرير الوطني و إمداده بالمعمومات عن تحركات الجيش الفرنسي و
عن الخونة المتعاونين معو ،بل تمكن المجمس الشعبي نتيجة التنظيم و السرية من
الحصول عمى األسمحة و الذخيرة و كان كمما ألقى الجيش الفرنسي القبض عمى أحد
األشخاص من العاممين في صفوف جيش التحرير الوطني أو قتمو حل شخص جديد
محمو ،مما أدى بالجيش الفرنسي إلى أن يعتقل كل من يشك فيو و يعذبو قصد معرفة
أعضاء المجمس الشعبي لممركز(. »)2
أصبح الشعب كمو منظم في خبليا وأفواج تنظيما سياسيا يتمشى مع التنظيم العسكري
لمجيش ،و في كل دشرة أو قرية ،و حتى داخل مراكز التجميع توجد مجالس ويبدي
الشعب دور كبير لمتطوع في جيش التحرير ،ولوال نقص األسمحة لتطوع الشعب بأجمعو،
القوة بحيث لم تعد فقد تعود عمى أعظم التضحيات و أصبح وعيو الثوري من العمق و
تؤثر عميو المصاعب(.)3
دور المرأة الجزائرية في مراكز التجميع:
إن سياسة الحصار والتجويع و التقتيل البطيء ،لم تؤثر عمى الثورة بل استطاعت
أن تسرب بدورىا إلى داخل المحتشدات و ذلك بفضل المرأة الجزائرية التي مارست دو ار
61
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
كبي ار في تأسيس الخبليا السياسية داخل تمك المراكز ،و استطاعت أيضا أن تربط
االتصال بجيش التحرير ،كما أن المواتي يستخدمين الجيش الفرنسي لغسل مبلبس جنوده
كانت تستولي عمى الكثير من المبلبس ،وترسل بيا إلى جيش التحرير و تيرب المئونة و
الذخيرة باستمرار ،إضافة إلى تدبير ىروب الشبان و انضماميم لجيش التحرير و بفضل
نضال المرأة الجزائرية ،استطاعت جبية التحرير الوطني أن تتحدى كل أساليب
المستعمر ،وتدخل إلى محتشدات و تنظم الشعب (.)1
و كانت لمنساء دور في إنجاز بعض المخابئ و دو ار ىاما في استم اررية االتصال
بين الثورة ورعاياىا طيمة سنوات حرب التحرير ،و رغم الظروف القاسية لكن النساء ىبت
إلكمال المشوار بدون أن تبرىن قوة العدو و بطشو أو تخيفين و حشي تو وجبروتو يغذين
االتصال بين الشعب وثورتو (.)2و المرأة الجزائرية قامت بواجباتيا اتجاه الوطن ،رغم
محاوالت المستعمر العديدة لقتل روح المقاومة والثورة و التمرد في نفسيا ،وذلك
باستخدامو لشتى الوسائل المدمرة لكيان ىذا الشعب وكل أنواع العذاب ،إال أن المرأة
أصرت عمى تمردىا و كان ليا الدور الكبير و اليائل في إنجاح الثورة ،إذ نجدىا مقاتمة و
ممرضة و طباخة و مسؤولة اتصال و مشرفو و غيرىا من الميام العديدة التي كانت تقوم
بيا في مراكز التجميع ( ،)3وأصبحت مرشدة اجتماعية و مجاىدة حاممة السبلح ،فكانت
()4
. تتولى خدمة المجاىدين ليل و نيار
مراكز التجمع » درجة من الوعي السياسي ،والحماس الثوري «
و قد بمغت المرأة في
ال مثيل ليما ،فكان النساء في ىذه المراكز يرفضن التحدث مع نساء الحركة و القومية و
62
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
ال يقبمن زيارتين أو مرافقتين لجمب الماء ،كما كن يستولين عمى كثير من المبلبس
العسكرية لمجنود الفرنسيين و يرسمنيا إلى جنود جيش التحرير الوطني نتيجة استعمالين
من قبل الجيش الفرنسي لغسل مبلبس جنوده (.)1
و نجد األطفال رغم األمراض التي كانت تنخر أجسادىم الطرية يرددون األناشيد
الوطنية و من بينيا :من جبالنا طمع صوت األحرار ينادينا إلى استقبلل ،شعب الجزائر
مسمم و إلى العروبة ينتسب ،باإلضافة إلى تقميدىم جنود جيش التحرير الوطني حيث
يشكمون األفواج و الكتائب ،و يسخرون من الجنود الفرنسيين الجبناء و يتوعدونيم بالموت
عمى يد أبطال جيش التحرير الوطني (.)2
ىا أمل حازم و رغم ىذه الظروف البائسة ،ورغم أآلميم الحادة ،فإن قموبيم يمؤل
ال تتأثر ،ىي دعم كامل لمثورة ،رغم المشاكل يقيمون و مصمم و معنوياتيم التي
يحافظون عمى االتصال بالكفاح المسمح ،إن وفائيم و تضحياتيم مثالية لدرجة أنيم
يقدمون أغمى ما لدييم إلرضاء مجاىدييم ( ،)3كذلك إن الشبيبة الواعية الجزائرية فقد أمدت
ىذه المحتشدات من خبلل العمم واليدى و نشر تعاليم اإلسبلم و دعوة القرآن ورفع األمية
و رفع كابوس الجاىمية عن رجاليا و عمرت المحتشدات برجال كانوا يعمرون المدارس و
()4
يعمرون بيوت اهلل
و أصبح الطابع المميز لسكان مراكز التجميع تتمثل في فرار األشخاص و
»
إلى الجبال لئللتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني ،و العائبلت من « مراكز التجمع
إذا تعذر عمييم ذلك فضموا العيش في الغابات بدون مأوى و ال طعام و ال غطاء ...عمى
63
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
أن يبقوا في تمك المراكز التي كانوا يتعرضون فييا لمموت البطيء ،ولكل أساليب
االستنطاق ووسائل التعذيب التي يسمطيا عمييم االستعمار في كل وقت (.)1
رغم ىذا العذاب المسمط عمى الشعب فإن مقاومتو لم تضعف و ىو يحرض بنفسو
الجيش عمى الصمود و الصبر ،فالشعب الجزائري يبقى السبلح المميز لممجاىدين والدعم
المعنوي و المادي الذي يقدمو لجيش التحرير الوطني وذو دولة كبرى ،رغم المشاكل و
الظروف الشاقة التي يعيشيا حيث أصبحت معنويات وطاعة و انضباط الجماىير مرتفعة
و لمجيل الصاعد ال يشغمو إال الكفاح ،إن السنوات السبع لمحرب قد أثرت عمى الشعب
بالتجارب في جميع الميادين ،وأن ضحيتو فكريا وروحيا بصفة ممموسة(.)2
وبصفة عامة فإن الشعب الجزائري قد تربى في النضال و تكون تكوينا جديدا خبلل
سنوات الكفاح ،و ىو مؤمن بمصيره الحر متطمع نحو مستقبمو المشرق ،و خاصة بعد
إعبلن الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية الذي اعتبر يوم إعبلنيا عيدا وطنيا احتفل بو
الناس و تبادلوا التياني و التمنيات ،وأصبح الناس منذ ذلك اليوم التاريخي العظيم ال
يتحدثون إال عن أخبار الحكومة و نشاطيا في الخارج و الداخل ،وىي مرحمة جديدة
عظيمة قد قطعت في تاريخ الثورة الجزائرية ،وأن يوم الحرية و االستقبلل لم يعد باليوم
البعيد(.)3
إن الثورة الجزائرية واصمت مسيرتيا ،وسارت من نصر إلى نصر عسكريا وسياسيا
رغم التضحيات الكبرى الجسام التي تحمميا الشعب إيمانا منو بالنصر المبين (.)4
64
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
كانت ترمي فرنسا خبلل إقامتيا لممحتشدات التي تحقيق ما سمتو فصل البذور
الفاسدة عن البذور السميمة أي عزل المجاىدين العناصر النشطة عن الجماىير الشعبية
ىذه التدابير بناء عمى فيميا لمثورة الجزائرية ،و كانت السمطات الفرنسية قد اتخذت
الجزائرية و كونيا ثورة أقمية يكفي إبعادىم في المحتشدات ،لكن النتائج كانت عكسية ليذه
الظاىرة ،و ىي االعتراف باستقبلل ىذا الشعب ،حيث ثار و أن الجزائر كميا محتشد
كبير ،وغضبو و رجولتو يعيش في أعماق الثورة ( ،)1و أن جميع األجيزة القمعية لم تتمكن
()2
من زعزعة إيمان الشعب يقف كرجل واحد خمف المبادئ العظيمة.
اآلثار السياسية:
كانت المحتشدات في ظاىرىا نقمة عمى الجزائريين فإنيا في الحقيقة قد ساعدت
كثي ار عمى نشر المبادئ وأىداف جبية التحرير الوطني إذ سرعان ما تحولت إلى منابع
تزود روافد الكفاح المسمح سواء في الريف أو المدينة ،وقد استغمت اإلطارات السياسية
تمك التجمعات اليائمة لتنظيم الدروس اإلستعجالي ة في كافة الميادين و لتعد الذىنية
الجزائرية لمتكيف مع األوضاع الجديدة المفروضة عمى الببلد(.)3
و من األكيد أن مستوى الوعي و اإلدراك لدى الجماىير الجزائرية قد ارتفع بنسبة
» «
من معرفة ما كان باإلمكان نقلىا بمثل تمك المحتشدات عالية جدا بفضل ماقدمتو
السرعة إلى مثل تمك المجموعات اليائمة ذلك أن كل من يخمي سبيمو و يرجع إلى ذويو
يتحول تمقائيا إلى داعية متشبع بالعقيدة قادر عمى اإلقناع ،وان حالة الطوارئ التي كان
-1المقاومة الجزائرية :ج ، 1العدد ،18ط ، 3منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية
وثورة أول نوفمبر 1 ،جويمية ،1958ص . 12
-2محمد فريحة :ديسمبر ، 1960في وىران ،تر :دار القدس ،العربي لمنشر والتوزيع ،وىران 2013ص
. 194
-3محمد العربي الزبيري :تاريخ الجزائر المعاصر ( ،) 1962/1954ج ، 2منشورات اتحاد العرب ،دمشق،
،1999ص . 24
65
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
المقصود منيا شل الحركة النضالية و إخماد النشاط الثوري قبل است فحالو قد أتت بنتائج
عكسية سيكون ليا مفعول كبير في صقل روح المقاومة خاصة عند النخبة من أبناء
الشعب الجزائري(.)1
و أدخمت جبية التحرير الوطني نظاما يسير عمى توجيو الجزائريين و حمايتيم من
الدعاية االستعمارية وأساليبيا الممتوية في المسخ و التشويو و محاولة القضاء عمى الكيان
الجزائري ،و شيئا فشيئا تحولت المحتشدات و بفضل نظام الجبية إلى مدرسة إطارات
( ،)2و لمتكوين السياسي والتوجيو الوطني و تعزيز الطاقة النضالية و إرادة االستقبلل
مراكز التجمع » من الناحية االجتماعية وذلك بفضل جبية التحرير الوطني و «
تحولت
السرية إلى نظام رائع فكان الناس يتعممون القراءة و الكتابة بفضل المثقفين الذين كانوا
يتواجدون ىناك ،وكانت الصموات تقام جماعة و لم يبمغ االستعمار من وراء إقامتيا ىدفا
()3
كما خمقت واضحا إال اإلكثار من الضحايا الذين كانوا يموتون تحت وطأة العذاب
فرنسا وسيمة جديدة لمقضاء عمى جبية التحرير الوطني ،و انقمبت عمييا وسيمتيا واجية
حربية جديدة لم تق أر ليا حسابا(.)4
إن النتائج التي كانت تنتظرىا السمطات الفرنسية من وراء إقامة ىذا النوع من
المحتشدات كانت مخيبة لآلمال ،فمن جانب جبية التحري فإنو رغم إجراءات االحتياط و
()5
إال أنيا أوجدت موالين الحراس و التجسس المضروبة عمى المحتشدات ىذه ليبل نيا ار
ليا و عمى ىذا األساس فمقد تم إنشاء خبليا سرية داخل ىذه المحتشدات وكان عمميا
66
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
يتمثل في توعية السكان وربطيم المباشر ليا ( ،)1واستطاعت أن تخترق الحصار و تتصل
بالسكان و توصل ليم األخبار و األوامر ،والتنظيمات التي تخدم أىداف الثورة (.)2
ولقد تحولت المحتشدات إلى مراكز عمل سري منظم و دقيق و صارت حرب الظل
فييا أىم من حرب العمن ،إذ عمد العدو إلى تزويد المحتشدات بضباط مثقفين و مدربين
عمى غسل الدماغ و بث الدعاية المضادة لمثورة والتنكر لقيم الثورة و الدوس عمى
المجاىدين ورسالتيم ،لكن الثورة قاومت ىذا األسموب الجينمي الجديد برجال مماثمين
لرجالو وجندت المحافظين السياسيين الذين كانوا ييدمون بالميل ما بنا ه ضباط الصاص
في النيار ،إلى جانب كونيم يسربون جميع الوثائق و أسرار العدو و أخبار من داخل
المحتشد إلى خارجو و غدا المحتشد قاعدة خمفية قوية لمثورة والثوار(.)3
وكانت األسر في المحتشد يرسمون المعونة من أغذية و أدوية و أخبار عن تحركات
العدو و عمبلئو ،و ىذه عبلمات ساطعة عمى أن وعي الجماىير بمواصمة رفد ثورتيا
أمر ال يردىا عنو عميل أو ضابط كانت أو وسائل القمع و التعذيب و التقتيل أو
المراوغة أو المغالطة(.)4
و ترتب عن إقامة المحتشدات ظيور مناضمي و أنصار جبية التحرير الوطني،
الذين تمكنوا من القيام بنشاطيم الثوري داخل تمك المراكز ،حيث أسسو ا خبليا الجبية و
دعوا السكان لبللتفاف حول جبية و جيش التحرير الوطني ،و إلى جانب ذلك كان
المكمفون بميام التوعية و التعبئة يقومون بما يمي:
67
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
.1شرح الغرض من الثورة لكي يؤمن كل فرد بعدالة القضية التي يكافح من أجميا
الشعب و بقيم ة التضحية التي يقدميا.
.2تعزيز الروح المعنوية لكي يستطيعوا مقاومة قسوة الحرب الطويمة األمد ،الكثيرة
النفقات الثقيمة التبعات.
.3القيام بأعمال الدعاية المضادة لدعاية العدو و ذلك إلثبات بطبلنيا ،و خمق
شعور الكراىية نحو العدو(.)1
ولقد لعب المحافظون السياسيون دو ار فعاال في ىذه المحتشدات ،حيث أسست
مجالس شعبية سرية ،وتواصمت معيا جمع التبرعات و االشتراكات ،فعوض أن تحاصر
ىذه المحتشدات الثورة أصبحت تحركاتو أمام سمع و بصر السكان ،و كانت ليا نتائج
عكسية حيث ساىمت في نقل الثورة من الجبال و األرياف إلى المدن والقرى ،و تقريب
المدنيين من الثوار الذين عمموا عمى نشر الوعي الوطني و السياسي (.)2
و كانت جبية التحرير الوطني تعمل عمى توثيق صبلتيا بكل شرائح المجتمع
وفئاتو في المدن كما في األرياف ،و من أىم الق اررات التي انبثقت عن مؤتمر الصومام و
التي كان ليا الدور الكبير في تحقيق تبلحم الشعب مع الثورة ،قرار إنشاء المجالس
(» )4
الذي يشرف عمى إدارة شؤون القرية و السير الشعبية( ،)3و منيا « المجمس البمدي
()5
. عمى حاجيات سكانيا الضرورية
68
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
69
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
تحريضيم عمى عصيان السمطات الفرنسية ،و بذلك زاد التحام سكان المحتشدات بالثورة
عمى عكس ما كان يتوقعو الجيش الفرنسي (.)1
اآلثار العسكرية:
لقد نتج عمى السمطات الفرنسية من خبلل اتخاذىا لسياسة التجميعات آثار لم يتوقعيا
الفرنسيون ،بح يث كانوا يتوىمون أنيم عندما يجمعون األىالي حول مراكز التجميع
سيخنقون جيش التحرير ،إذ يحرمونو من العون المادي و البشري و المعمومات ،إال أن
النتيجة كانت عكسية حيث أفسدت جميع خططيم وطارت جميع حساباتيم و حطمت كل
آماليم ،و نجم عن إسكان األىالي حول المحتشدات أن الفرنسيين فقدوا االستعبلمات التي
كانوا يتحصمون عمييا بمختمف الوسائل ،فصاروا ال يعرفون شيئا عن تنقل جيش التحرير
و ال عن تحركاتو ،و ىذا في نفس الوقت لم يتأثر فيو جياز االستعبلمات التابع لجيش
التحرير(.)2
ولم تنقطع الحياة الثورية داخل ىذه المناطق المحرمة بل عشعشت في نسيجيا
المخابئ و أقيمت بيا مراكز التواصل لجيش التحرير الوطني ،لكنيا تتسم بكثرة التنقل
خاصة في الميل أما في النيار يذوب المجاىدون داخل ىذه المحتشدات ،ىناك العديد من
جنراالت االحتبلل الفرنسي ممن يعتبرون أنفسيم خبراء متفوقين في اإلستراتيجية الحربية
يرون ىذا محال(.)3
ن وعمى الرغم من عزل جيش التحرير الوطني عن أسس الدعم إال أنو استطاع أ
يتحدى إرادة العدو فأرسل إلى ىذه المحتشدات مس ؤولين تمكنوا من تنظيم المواطنين و
تأطيرىم بداخميا و قاموا بجمع التبرعات و تقديم المساعدات ألسر الشيداء و المعتقمين
70
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
واسترجاع ما أمكن من األلبسة العسكرية و الذخيرة و األدوية و قد وجد ىؤالء المس ؤولين
من يأوييم ويساعدونىم بدون خوف عمى أداء مياميم من بين سكان ىذه المحتشدات(.)1
« » «
أقول دون تردد أن عن النتائج من اقامة المحتشدات : لخضر بو رقعة يقول
العدو فشل فشبل ذريعا في مخططاتو التي لجأ إلييا في أرض المعركة بما ذلك أسموب
المحتشدات و عزل الشعب عن الثورة و أسموب األراضي المحرمة ألن الثورة تسممت إلى
(» )2
وقد أعماق المحتشدات و حولتيا إلى قواعد صمبة تمدىا بالرجال واإلمداد واإلسراع
تضمنت منيجيتيا في مقاومة العدو بعض البنود أىميا:
.1تحويل المناطق المحرمة إلى مناطق محررة.
.2تحويل المحتشدات إلى مراكز سرية لصالح الثورة الجزائرية(.)3
و قد أصبح الجيش الفرنسي يجد حولو فراغا ىائبل ،فاختنق ىو من حيث أراد خنق
جيش التحرير ،و أصبحت الدوريات الفرنسية تتعرض في كل جية لميجمات المفاجأة و
تتكبد أفدح الخسائر ،وال يجرؤون عمى مقابمة جيش التحرير و أصبحت القوات الفرنسية
منزوية في مراكزىا ،ال تياجم جيش التحرير إال من بعيد بواسطة األسمحة الثقيمة من
مدفعية و طيران ،وال تخرج إال في قوات كبيرة تعد باآلالف و عشرات اآلالف و أصبحوا
متأكدين من انتصار الثورة في نياية األمر (.)4
و قد تمكن جيش التحرير الوطني من تكثيف عممياتو العسكرية في الدوائر التي
«
عمي أعمنت مناطق محرمة عن طريق نصب الكمائن لعناصر الجيش الفرنسي و يقول
كافي » قائد الوالية الثانية في ىذا الشأن «:لقد أراد العدو أن يفصمنا عن السكان فكانت
71
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
72
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
دشرة المجاىد » ( .)1و التي تجندت فييا جميع الطاقات و شاركت في تدعيم «
لمشروع
أسسو مختمف وحدات جيش التحرير الوطني (.)2
وكان المسؤولون عمى المحتشدات يعممون عمى إخبار الثوار عن أي تحرك
إذا كان ىناك استعدادات لشن عمميات يبلحظونو لجنود الثكنة أو القومية و خصوصا
تشيط في الجبال فكانت المعمومات ترسل غالبا مع النساء إلى المجاىدين و يقتربون ليبل
م
من األسبلك الشائكة و يتصمون بالسكان داخل المحتشدات إال أنيم كان ليم الفضل
الكبير في نقل الثورة من األرياف و الجبال إلى القرى و المدن ،فيؤالء السكان قد عايشوا
الثورة عند قياميا و خالطوا المجاىدين و سمعوا منيم و تعمموا عمى أيدييم و نمت في
كرة الجياد و الحرية واالستقبلل(.)3
داخميم ف
إن إجبلء السكان عن البوادي و تجميعيم حول المراكز الفرنسية ،مكن جيش
التحرير من الحرية الكبيرة في التنقل و الحركة ،و ىذا في نفس الوقت الذي صار فيو
مزودا بأحدث األسمحة( ،)4حيث لم يكن مشكل التموين مشكمو صعبة و ال يمثل أي خطر
» «
مراكز التجميع عمى استمرار الثورة و أن سياسة نقل جماىير الشعب الجزائري إلى
دليل عمى ضعف و االعتراف بأمر الواقع ( ،)5و قد برىن جيش التحرير الوطني عمى
-1تقع الدشرة في وسط غابة كثيفة من الصنوبر و تتكون من أكواخ خشبية متينة نسقت في شكل ىندسي مربع،
تتوسطيا ساحة كبرى بينت فييا مدرسة تختمف عن المساكن الشعبية في مظيرىا و جدرانيا و سقفيا و بجوار
المدرسة مصحة لمعالجة المرضى و توزيع األدوية ،ينظر :المجاىد :ج ، 4العدد ، 93 :المصدر السابق ،ص
.4
-2المجاىد :المصدر نفسو ،ص . 4
-3عمار قميل :المصدر السابق ،ص . 42
-4المجاىد :ج ، 2العدد ، 36المصدر السابق ،ص .5
-5زادار فكوبيكار :الجزائر شيادة صحافي يوغسالفي عن حرب الجزائر ،تر :فتحي سعيدي ،موفم لمنشر،
الجزائر ، 2011،ص . 407
73
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
طاقتو النضالية التي ال تقير و مقدرتو في القتال و خبرتو بأساليب الحرب ،بتغييره
لمتكتيك العسكري حسب الظروف و مرونتو الحربية الخارقة (.)1
ولقد استطاع جيش التحرير الوطني أن يشن ىجومات مظافرة عمى المراكز الفرنسية
و استطاع أن يحرر عدد كبير من السكان الذين يعيشون في جحيم معسكرات الموت
مراكز التجمع »( ، )2وكان يجوب المناطق ليبل و نيار «
البطيء الذي يسمييا الفرنسيون
و يعرفون كل داخل أو خارج منيا ،الشيء الذي جعل القوات االستعمارية في حالة ارتباك
النقطاع أخبار جيش التحرير عن ض باط المخابرات التابعين لمجيش الفرنسي ،فبدال من
عزل الثوار أصبح الجيش االستعماري ىو المعزول حقيقة حول ما يجري حولو ،و ىذا
بدوره أثر تأثير كبي ار عمى معنويات الجنود الفرنسيين الذين أصبحوا فاقدين لكل روح قتالية
خصوصا و أن ما يقاتمونو قد أصبح مجيوال لدييم و ال يعممون شيئا عن تحركاتو (.)3
كما أمكنت ىذه الحالة سكان المحتشدات من اإلطبلع عمى حقيقة ما يجري حوليم
خصوصا عندما يخرج جنود الثكنات المحيطة بيم لمياجمة الثوار في الجبال رفقة رجال
القومية عند عودتيم ،كان سكان المحتشد يعرفون و ببساطة عدد القتمى و عدد المجاريح
من جنود الثكنة و عمبلئيم الشيء الذي كان يعزييم عن وضعيتيم الصعبة و يبث
فييم األمل في االنتصار القريب و التحرر من ىذه الوضعية التي كانت تشبو
الكابوس(.)4
وان القوات الفرنسية العسكرية بأنيم لم يصموا عسكريا إلى التغمب عمى المقاومة
الجزائرية ،وىم يستعممون ىذه المحتشدات عمى أمل قطع االنسحاب و التراجع أمام جيش
74
انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة الفصل الثاني:
التحرير الوطني و تجويع الشعب الجزائري ،حتى يجد نفسو مضطر لبلنضمام إلى القوات
الفرنسية ،فالشعب سيعرف بكفاحو كيف يستعيد استقبللو رغم ما فعمتو فرنسا من أساليب
قمعية(.)1
إن سياسة التنكيل و التيجير الجماعي ىذه و إقامة المحتشدات ،قد عرف استنكار
و استيجانا لدى الرأي العالمي و ال سيما في المحافل الدولية ،فقد أصبحت دول العالم
تستنكر ىذا األسموب ،و بدأت صورة فرنسا تتشوه ال سيما في ىيئة األمم المتحدة و في
المنظمات الدولية األخرى كتنظيمات الوحدة اإلفريقية و تنظيمات عدم االنحياز (.)2
«
وبذلك لم تنجح الخطة التي طبقتيا السياسة الفرنسية المتمثمة في نقل السكان إلى
مراكز التجمع » حتى يتسنى ليم عزل جيش التحرير الوطني عن الشعب ،و إضعاف قوة
جبية التحرير الوطني و طاقتيا النضالية و إمكانياتيا المادية و العسكرية كما أنيم فشموا
فشبل ذريعا في الميدان السياسي و العسكري و النفسي رغم اإلمكانيات الضخمة التي
وظفوىا إلنجاح ىذه العممية الجينمية ،إنيم لم يستطيعوا أن يقضوا عمى الثورة الجزائرية و
عمى المقاومة الذاتية لمسكان و إنما زادوه قوة و صبلبة و تماسكا أكثر من أي وقت
مضى ،ألن سياسة التجويع و اآلالم و المحن و المصائب التي يعجز القمم عن وصفيا،
زادتو صمودا و تحديا و عمقا في الوعي و أمبل في إحراز النصر الكبير.
75
الـ ـ ـ ـ ــخاتمة
وفي األخير إن موضوع بحث يتمحور حول المحتشدات االستعمارية خالل الثورة
و الذي يعد إجراء يقع ضمن استراتيجية كاممة متكاممة ،نفذتيا السمطات الفرنسية في
معظم كامل التراب الجزائري محاولة بذلك استعادة زمام األمور في صراعيا مع الثورة.
وخالل دراسة لىذا الموضوع استخمصت مجموعة من االستنتاجات ولعمى أبرزىا :
77
الـ ـ ـ ـ ــخاتمة
أن المحتشدات نفسيا أصبحت وك ار لخاليا الثورة ،ومصدر لتيريب المؤن و
المباس و االشتراكات.
ارتفاع معنويات السكان داخل المحتشدات رغم سياسة التجويع و اآلالم التي
عاشوىا ،بل زادتيم صمود و تحديا و ذلك من أجل إنجاح الثورة الجزائرية.
أصبحت مراكز التجميع تضم مختمف شرائح المجتمع و التي مكنت الجزائريين من
االحتكاك ببعضيم البعض وخمقت جوا من التآزر و التعاون مكنيم من التكيف مع
الظروف الصعبة.
أن نجاح الثورة في مجال الدعاية المضادة داخل المحتشدات و الفشل االقتصادي
الذي واكب العممية برمتيا لم يشجع السكان عمى التقرب من المشروع الفرنسي ،وبالتالي
لم يفمح في صدىم عن دعم الثورة.
تعد سياسة التجميع في ظاىرىا نقمة عمى الجزائريين لكن في داخميا كانت نعمة
عمييم ،حيث ساعدتيم في نشر الوعي الوطني و السياسي ،وأيضا نشر مبادئ الثورة و
أىدافيا و التي تسممت إلى أعماق المحتشدات وحولتيا إلى قواعد صمبة تمدىا بالعون.
لقد قام الشعب الجزائري بدور فعال في استم اررية الثورة واصبح يعيش داخل
جذورىا ،ولم تتمكن األجيزة القمعية االستعمارية من زعزعة إيمان الشعب بالوقوق في
وجو العدو ،وفضال عن ذلك فقد كانت لممرأة الجزائرية أثر بارز في ىذه المراكز من
خالل إنجازىا لبعض المخابئ السرية و االستمرار في االتصال بين الثورة و الشعب
الجزائري وبفضميا أيضا استطاعت الثورة أن تتحدى كل أساليب المستعمر وتدخل
المحتشدات.
– 6إخفاق السياسة الفرنسية من خالل إقامتيا لممحتشدات حيث كانت ليا نتائج عكسية
فيي لم تحقق ىدفيا الرامي إلى فصل الشعب عن الثورة ،وبالتالي نجد تمكن الثورة من
االنغراس و التغمغل في األوساط الشعبية بفضل الدور الكبير لجيازىا االداري السياسي
الذي امتد في كل مراكز التجميع وحتى المداشر و القرى و المدن ،وبيذا االنتشار
الواسع استطاع ىذا الجياز القضاء عمى سياسة السمطة الفرنسية من خالل :
78
الـ ـ ـ ـ ــخاتمة
- 1أن خطة جبية التحرير الوطني ىي المحافظة عمى الشعب الجزائري ،وتنظيم
حياتو االجتماعية ،عكس خطة االستعمار الفرنسي التي كانت ترمي إلى إبادتو والقضاء
عميو.
- 2تأسيس المجالس الشعبية داخل المحتشدات من طرف المحافظين السياسيين والتي
ساىمت بدورىا في نقل الثورة من الجبال و القرى إلى المدن.
- 3أوجدت مجتمعا تحمل النضال بأشكال جديدة كاإلضرابات و المظاىرات ،وقد
ساىمت ىذه األساليب في حسم المعركة في النياية لصالح الثورة و المتمثل في تحقيق
االستقالل.
ومنو يبقى الجانب االجتماعي لمثورة مجاال يستدعي المزيد من الدراسات ،خاصة إذا
تعمق األمر بموضوع المحتشدات.
79
ملحق رقم : 1حالة طوارئ
القانون رقم 385-55ادلؤرخ يف 03أفريل 1955الذي يعلن ويفرض حالة طوارئ يف اجلزائر.
الباب األول
المادة :1ميكن أن يعلن عن حالة الطوارئ على كامل أو جزء من إقليم البلد الرئيسي ،اجلزائر أو مقاطعات ما وراء
البحر ،إما يف حالة خطر وشيك ناتج عن اعتداءات خطًنة على األمن العام ،وإما يف حالة حوادث دتثل بطبيعتها
وخطورهتا صفة كوارث عامة.
حيدد القانون الظروف اإلقليمية اليت يدخل حيز التنفيذ هبا ،يف حدود ىذه الدوائر االدارية ،أما ادلناطق اليت تطبق
فيها حالة الطوارئ ستحدد مبرسوم يصدر عن يؤخذ يف رللس الوزراء ،على أساس تقرير وزير الداخلية.
المادة :3حيدد القانون مدة حالة الطوارئ اليت ال ميكن دتديدىا إال بقانون جديد.
إال أنو يف حالة استقالة احلكومة أو شغور رئاسة اجمللس ،يتوجب على احلكومة اجلديدة طلب تأكيد من طرف
الربدلان للقانون ادلعلن عن حالة الطوارئ ،يف أجل ستسة عشر يوم كاملة من التاريخ اليت حتصلت فيو على ثقة
الربدلان الوطين.
1
إذا مل يتم تقدمي الطلب يف اآلجال احملددة ،يعترب القانون باطال.
المادة :4يف حالة حل الربدلان الوطين ،ينسخ القانون الذي يعلن حالة الطوارئ بقوة القانون.
المادة :5االعالن عن حالة الطوارئ مينح السلطة للمحافظ الذي توجد مقاطعتو كليا أو جزئيا ضمن دائرة إدارية
منصوص عليها يف ادلادة :2
1حسٌن بوزاىر :العدالة القمعية يف اجلزائر ادلستعمرة ،1962-1830تر :بوجلة عبد اجمليد ،دار ىومة ،اجلزائر ، 2011 ،ص ص .211 ، 210
81
– 2حتدد بقرار مناطق زتاية أو أمن من حيث يتم تنظيم إقامة االشخاص.
– 3تدخل االقامة يف كامل أو يف جزء من ادلقاطعة لكل شخص يبحث عن عرقلة ،بأية طريقة كانت ضمن
صالحيات السلطات العمومية.
المادة :6ميكن لوزير الداخلية ،يف كل احلاالت ،للحاكم العام يف اجلزائر أن يقرر االقامة اجلربية يف دائرة إدارية
إقليمية أو قرية زلددة ،لكل شخص يقيم يف ادلنطقة احملددة بادلرسوم ادلؤشر يف ادلادة ، 2والذي يبدو نشاطو خطًن
على األمن و النظام العام للدوائر االدارية االقليمية ادلؤشرة يف ادلادة ادلذكورة.
ال ميكن يف أية حالة كانت ،أن تسفر االقامة اجلربية على خلق مراكز أين يتم سجن االشخاص ادلشار إليهم يف
الفقرة السابقة.
يتوجب على السلطة االدارية أن تتخذ كل التدابًن لضمان إعالة األشخاص اخلاضعٌن لإلقامة اجلربية وكذا عائالهتم.
المادة :7ميكن لكل شخص تعرض لالجراءات ادلتخذة تطبيقا للمادة (فقرة )3أو ادلادة 6إلغاء ىذا االجراء ،
بتقدمي طلب إىل جلنة استشارية تتضمن مندوبٌن من اجمللس العام معينٌن من طرف ىذا األخًن ،يف اجلزائر ،على
قاعدة التمثيل ادلتساوي األعضاء من منتخيب اذليئتٌن .
ميكن لنفس األشخاص أن يقدموا طعنا على تعسف يف السلطة ضد القرار ادلشار إليو يف الفقرة األوىل أعاله أمام
احملكمة االدارية ادلختصة.
يتوجب على ىذه األخًنة الرد خالل شهر واحد من تاريخ تقدمي الطعن يف حالة استئناف ،يتوجب أن يصدر قرار
رللس الدولة يف غضون ثالثة أشهر من االستئناف ،مع عدم تقرير اذليئات أعاله يف اآلجال احملددة بالفقرة السابقة،
1
تتوقف االجراءات ادلتخذة تطبيقا للمادة ( 5فقرة )3أو ادلادة 6عن التنفيذ.
المادة :8ميكن لوزير الداخلية بالنسبة لكل األقاليم أين أعلنت حالة الطوارئ ،احلاكم العام بالنسبة للجزائر و
احملافظ يف ادلقاطعة ،أن يأمر بغلق مؤقت لقاعات احلفالت ،متاجر ادلشروبات وكل أماكن االجتماعات يف ادلناطق
احملددة بادلرسوم ادلنصوص عليو يف ادلادة .2
ميكنو أيضا أن يضع بصفة عامة أو خاصة ،االجتماعات اليت تسبب الفوضى.
المادة :10االعالن عن حالة الطوارئ يضاف إىل ادلادة 1من قانون 11جويلية 1938حول التنظيم العام للوطن
يف وقت احلر لتنفيذ كامل أو جزء من أحكام القانون ادلذكور هبدف تغطية احلاجات الناجتة عن الظروف ادلنصوص
عليها يف ادلادة .1
– 1مينح السلطات االدارية ادلشار إليها يف ادلادة 8سلطة األمر بتفتيش ادلساكن هنارا أو ليال.
– 2تؤىل نفس السلطات الختاذ كل التدابًن لضمان مراقبة الصحافة و ادلطبوعات جبميع أشكاذلا ،وكذا البث
اإلذاعي ،والعروض السينمائية و ادلسرحية.
ال ينطبق أحكام الفقرة األوىل من ىذه ادلادة إال يف ادلناطق احملددة بادلرسوم ادلنصوص عليو يف ادلادة 2أعاله.
المادة :12يف حالة إعالن حالة الطوارئ يف رتيع أحناء ادلقاطعة أو يف جزء منها ،ميكن دلرسوم متخذ تبعا لتقرير
حافظ األختام ،وزير العدالة ،ووزير الدفاع الوطين ،أن يرخص للسلطة القضائية العسكرية أن تتكفل باجلرائم ،
وكذا اجلنح ادلرتبطة هبا ،واليت تعترب من اختصاص زلكمة اجلنايات ذلذه ادلقاطعة .1
تبقى السلطة القضائية للتشريع العام معنية برفع الدعاوي ،طادلا تتبىن السلطة العسكرية ادلتابعة ويف كل احلاالت ،إىل
غاية األمر ادلنصوص عليو يف ادلادة 133من قانون التحقيقات اجلنائية ،وإذا ما تبنت السلطة العسكرية ادلختصة
رفع دعوة لدى اذليئة القضائية العسكرية فان ىذه ادلتابعة تستوجب أن ترفع االجراءات بالرغم من أحكام ادلادة ،24
68من قانون الفقرة األخًنة من قانون العدالة العسكرية ،بقوة القانون أمام غرفة االدانة ادلنصوص عليها يف ادلادة
العدالة العسكرية ،إذا ما مل تدل غرفة االدانة بقرارىا ،إما أمام اذليئة القضائية العسكرية ادلختصة مل تدل حٌن يتم
النطق بقرار االحالة.
تشكل احملكمة العسكرية وتصدر أحكامها وفق الشروط احملددة يف الفقرتٌن األخًنتٌن من ادلادة 10من قانون العدالة
العسكرية.
المادة :13تعاقب سلالفات أحكام ادلواد 5،6،8،9و (11فقرة )2بالسجن من ذتانية أيام إىل شهرين وبغرامة من
5000إىل 200000فرنك ،أو بإحدى ىذين العقوبتٌن فقط.
ميكن ضمان من طرف السلطة االدارية :للتدابًن ادلنصوص عليها بالرغم من وجود ىذه األحكام العقابية.
المادة :14يتوقف مفعول التدابًن ادلتخذة للتطبيق يف ىذا القانون يف نفس الوقت الذي تنتهي فيو حالة الطوارئ .1
المادة األولى :تنص على أنو تعتمد مراسم رللس الوزراء على تقرير الوزير ادلقيم باجلزائر والوزراء ادلعنيٌن بعد مشاورة
الدولة باجلزائر كل االجراءات فيما تتبع صياغة النص بسلسة من ادلسائل ادلتعلقة باجلانب االقتصادي وادلايل
واالجتماعي واالداري بدءا بالتجهيزات ادلدرسية والصحبة وكذا احلصول على ادللكية اخلاصة الريفية وإعادة تنظيم
اجلماعات احمللية وإصالحات احلكومة العامة مرورا بتخفيض سعر الطاقة ودخول ادلسلمٌن سلك الوظيف العمومي
منحهم الفرصة إلنشاء مصانع جديدة.
المادة الثانية :تتضمن ادلصادقة من طرف الربدلان يف ظرف سنة واحدة على مراسيم تعدل أو تلغي االجراءات القانونية احلالية.
المادة الثالثة :فهي دتنح احلكومة صالحيات اختاذ إجراءات يف رلال فتح القروض ادلرتتبة على تطبيق ادلواد الواردة أعاله اعتمادا
على تقارير وزير الشؤون االقتصادية وادلالية بعد احلصول على موافقة جلان ادلالية للجمعية العامة ورللس الوزراء.
1
ىذه ادلراسيم جيب أن حتظى مبوافقة الربدلان يف مدة زمنية حددت بعام واحد ابتداءا من اليوم الذي حررت فيو.
المادة الرابعة :تنص على أن للحكومة احلق يف أن تصدر مراسيم يف أي حال بناءا على تقرير الوزير ادلقيم باجلزائر و الوزراء ادلعنيٌن
وذلك يف إطار رللس الوزراء وبعد مشاورة رللس الدولة لتمديد ىذه االجراءات إىل اجلزائر مع وجوب تطابقها مع القوانٌن وادلراسيم
ادلعمول هبا فوق الرتاب الفرنسي.
المادة الخامسة :فهي تعطي احلق للحكومة يف أن تكون ذلا الصالحيات ادلمكنة من أجل اختاذ اجراءات خاصة تتطلبها الظروف
من أجل استتاب األمن واحلفاظ على حياة االشخاص وسالمتهم وكذا تأمٌن شلتلكاهتم واإلقليم بصفة عامة وعندما تأخذ ىذه
االجراءات ادلذكورة وتتخذ صلة لتغيًن القانون فاهنا ستأخذ عن طريق مرسوم صادر عن رللس الوزراء.
المادة السادسة :على أن السلطات ادلخولة قانونا يف ادلواد السالفة الذكر سيتم إلغاؤىا مع إنتهاء مهام احلكومة احلالية.
ويف حالة استقالة احلكومة أو شغور منصب رئاسة اجمللس جيب على احلكومة اجلديدة أن تطلب التأكيد من طرف
الربدلان على القانون الذي مينح تلك االجراءات اخلاصة ادلتخذة يف إطار السلطات اليت ختوذلا ادلادة اخلامسة يف ظرف
زمين ال يتعدى عشرة أيام ابتداءا من تاريخ حصولو على ثقة اجلمعية العامة ،كما سيلغي ىذا القانون إن مل يقدم
الطلب يف ىذا الشأن يف خالل الظرف الزمين احملدد لو قانونيا.
2
ملحق رقم :3جداول تعداد المجمعين و التجميعات
1باتريك إفينيو ،جون بالنشايس :حرب اجلزائر ،ملف و شهادات ،ج ،1ادلرجع السابق ،ص ص .191 ، 190 ،
2مصطفى خياطي :ادلرجع السابق ،ص .282 ،
85
- 1دائرة عين تيموشنت
السكان 1961 التجميعات البلديات
2.000 العامر ،قرية السود العامرية
697 رويبة ماقرة
1730 بوجزار مزايد
973 أوالد حتوي حاسي الغلة (الراحل)
1309 بورتعة
300 قطنة ترقة
568 حبارة
1195 أوالد كيحل
1300 سيدي سعيد ادلاحل
1200 الشفاء سيدي بن عدة
200 سيدي سلفي شعبة اللحم
250 حي الشباط
5.500 دوار موالي مصطفى عٌن تيموشنت
250 كروليس شنتوف
300 العٌن البيضاء زتام بوحجر
2500 بيزي
1150 سوالر
1700 احلدوة
60 حجايرية
1200 حي البحًنة الصغًنة عٌن االربعاء
208 سيدي بومدين
230 سيدي زلمد بلخضري
1530 احلساسة احلساسة ( وادي بركاش)
120 دوار بيطار
1200 وادي الصباح وادي الصباح
251 بورعدة
30093 28مراكز اجملموع
86
1
- 2دائرة القل :
السكان 1961 التجميعات البلديات
1503 سيدي عاشور القل
4545 العلوج
3059 الدوار
1237 علي الشريف
933 الشعبة
4736 الكركرة
1800 بوغرايطة
1060 القريدة
1100 حجرية الزوبياء
3500 بسمبورغ بسمبورغ
1785 عٌن أغبيك
1400 شرابعة
1106 أغنسو
1500 كنوة
500 بوقروين
300 تبلوط
810 ىاللة
1800 العوينات أوال عطية العوينات
880 خنق ميون
540 الوجلة
500 أوالد شعبان
1278 بزبقرة سكوان
775 أوالدي جبل
2025 مالح
1009 رقوبة
1079
5367 دتلوس دتلوس
1913 سيدي منصور
1293 غريب القلعة
4852 عٌن الطابية
1290 بن الودان
1521 رتلة طابلة
103 دخنة
7609 أم الطوب أم الطوب
1329 سيدي كمرب
1520 بين رسدون
1521 وادي األبيار
1
1
المجاهد :ج،3العدد ،75:المصدر السابق،ص . 5
87
ملحق رقم :06وضع تجميعات دائرة القل
2
2
ميشال كورناتون،المصدر السابق،ص .355
88
ملحق رقم :07وضع تجميعات دائرة عين مليلة
3
3
ميشال كورناتون،المصدر نفسه،ص .357
89
ملحق رقم :08المناطق المحرمة
4
4
الغالي غربي :المرجع السابق،ص .576
90
ملحق رقم :09خط شال بين عين الكرمة وسوق اهراس
5
5
خالد نزار:يوميات الحرب الجزائر( ،)1962/1954طبع المؤسسة الوطنية لالتصال النشر واالشهار ،الجزائر ،2008 ،ص7
91
قائمة المصادر و المراجع
.1بورقعة لخضر :ط ،2شاىد عمى اغتيال الثورة ،تحرير :صادق بخوش ،تقديم :سعد الدين الشاذلي ،ط ،2مزيدة
وممقحة ،دار األمة لمطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر.2000،
.2تقية محمد :الثورة الجزائرية ،المصدر ،الرمز و المال ،تر :عبد السالم عزيزي ،دار القصبة لمنشر ،الجزائر،
. 2010
.3تقية محمد :حرب التحرير في الوالية الرابعة ،تر :بشير بو لفراق ،دار القصبة ،الجزائر. 2012 ،
.4حربي محمد :الثورة الجزائرية سنوات المخاض ،موفم لمنشر الجزائر .2008،
.6كافي عمي :مذكرات الرئيس عمي كافي من المناضل السياسي إلى القائد العسكري 1962 ، 1946 ،ط ،2منقحة
ومزيدة ،دار القصبة لمنشر ،الجزائر.2011،
.7كورناتون ميشال :مراكز التجميع في حرب الجزائر ،تقديم :تيميون،تر :صالح الدين ،ط ،1منشورات السائحي،
الجزائر.2013،
ب.المراجع
.8أتومي جودي :وقائع سنين الحرب في الوالية الثالثة ،منطقة القبائل 1962/1956 ،قصص حرب ،ج ، 2دار
ريم لمنشر ،الجزائر.2013 ،
.9إفينو باتريك ،بال نشايس جون :حرب الجزائر ( ممف وشيادات ) ،تر بن داود سالمية ،ج 1دار الوعي
لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر. 2013 ،
.10باتريك إفينو ،جون بالنشايس ،حرب الجزائر ،ج،2دار الوعي لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.2013 ،
.11بحوش عمار :التاريخ السياسي لمجزائر من البداية ولغاية 1962م ،دار الغرب اإلسالمي [،د ،م ].1997،
.12برانش رفائيال :التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحريرية الجزائرية،تر :أحمد بن محمد بكمي ،
أمد وكال النشر [،د ،م] 2010 ،ص . 38
.13بمعباس محمد :الوجيز في تاريخ الجزائر ،دار المعاصرة لمنشر و التوزيع ،الجزائر. 2009 ،
قائمة المصادر و المراجع
.14بموازع براهمة :نظرة عمى الجزائريين ( ) 1962 ، 1947من خالل كتابات الجزائريين في الصحافة التونسية
( الزىرة،األسبوع،الصباح ) ،نموذجا ،كوكب العموم ،الجزائر. 2015 ،
.15بن تومي عمار :الدفاع عن الوطنيين ،تر :مراد وزناجي ،دار غرناطة لمنشر والتوزيع ،الجزائر 2010ص
ص .119
.16بن حمودة بوعالم :الثورة الجزائرية ،ثورة أول نوفمبر 1954معالميا األساسية ،دار النعمان لمطباعة والنشر
والتوزيع [،د ،م ،ن].2012،
.17بوجالل عمار :حواجز الموت ( )1959 /1957الجبية المنسية ،تر :زينب قبي ،منشورات المركز الوطني
لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر [، 1954د،م ] .2010 ،
.18بورغدة رمضان :الثورة الجزائرية والجنرال ديغول ( ،)1962/1958سنوات الحسم و الخالص ،مؤسسة بونو
لمبحوث والدراسات ،الجزائر.2012 ،
.19بوزاهر حسين :العدالة القمعية في الجزائر المستعمرة ،1962-1830تر :بوجمة عبد المجيد ،دار ىومة ،
الجزائر . 2011 ،
.20بوعزيز يحيى :ساحات الوعي تحدثني 11أوت ، 1956دار األمة لمنشر والتوزيع[ ،د،م][ ،د،ت].
.21بوعزيز يحيى :الثورة في الوالية الثالثة التاريخية أول نوفمبر 19 1954مارس ، 1962دار األمة لمطباعة
والنشر و التوزيع ،الجزائر . 2004 ،
.22بوعزيز يحي:الثورة في الوالية الثالثة التاريخية (أول نوفمبر 19/1954مارس ،)1962دار االمة ،
الجزائر2004،
.23بوقريوة لمياء :تطور الثورة التحريرية الجزائرية اإلستراتيجية الفرنسية لمقضاء عمييا ، )1959/1958 ( ،دار
اليدى لمطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر [،د ،ت ،ن].
تومي محمد :طبيب في معاقل الثورة حرب التحرير الوطني ( ،)1962/1954تر حضرية يوسفي،دار .24
األمة،الجزائر 2010،ص .383
خرشي جمال :االستعمار و سياسة االستيعاب و اإلدماج في الجزائر ( ،) 1962/1830تر :عبد العزيز .25
السالم عزيزي ،دار القصية لمنشر ،الجزائر.2009 ،
.26خياطي مصطفى :حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي ،تر ،ANEP :منشورات ، ANEP
المؤسسة الوطنية لالتصال النشر و اإلشيار ،الرويبة.2013 ،
قائمة المصادر و المراجع
.27خياطي مصطفى :معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ( ،)1962/1954تر :محمد المعراجي
وعمر المعراجي ،دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر [،د ،ت ،ن ].
.28زبير رشيد :جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة ( ، ) 1962/1956دار الحكمة لمنشر ،الجزائر،
. 2012
.29الزبيري الطاهر :مذكرات أخر قادة األوراس التاريخيين ( ،) 1962 / 1929منشورات [،ANEPد ،م]،
.2008
.30الزبيري محمد العربي :تاريخ الجزائر المعاصر ( ،) 1962/1954ج ، 2منشورات اتحاد العرب ،دمشق،
.1999
.31زغرودة عمي :ذاكرة الثورة التحريرية الجزائرية ،طبع مؤسسة الوطنية لالتصال و النشر واإلشيار ،روبية،
.2004
.32سعيداني الطاهر :القاعدة الشرقية قمب الثورة النابض ،دار األمة لمطباعة والنشر و التوزيع ،الجزائر.2013،
.33شريط لخضر :استراتيجية العدو الفرنسي لتصفية الثورة الجزائرية ،طبعة خاصة ،منشورات المركز الوطني
لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر .2007، 1954
.34ضيف اهلل عقيمة :التنظيم السياسي السياسي واإلداري لمثورة ( ،)1962/1954البصائر لمنشر والتوزيع ،
الجزائر.2013 ،
.35طاس إبراهيم :السياسة الفرنسية في الجزائر و انعكاساتيا عمى الثورة ( ، )1958/1956دار اليدى لمطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر .2013
.36عطية فاروق :األعمال اإلنسانية أثناء حرب التحرير 1962/1954تقديم :سعد دحمب و مصطفى مكاشي،
تر :كابوية عبد الرحمن وسالم ،منشورات دحمب ،الجزائر . 2010
.37عمورة عمار :موجز في تاريخ الجزائر ،دار ريحانة لمنشر والتوزيع ،الجزائر.2012 ،
.38غربي الغالي :فرنسا والثورة الجزائرية ( ،)1958 /1954دراسة في السياسات والممارسات ،غرناطة لمنشر
والتوزيع،الجزائر.2009 ،
.39الفرحي بشير كاشة :مختصر وقائع وأحداث ليل اإلحتالل الفرنسي الجزائري [، )1962/1830 (،د ،د ،ن
] [،د ،م ].2007 ،
.40فريحة محمد :ديسمبر ، 1960في وىران ،تر :دار القدس ،العربي لمنشر والتوزيع ،وىران . 2013
قائمة المصادر و المراجع
.41فكوبيكار زادار :الجزائر شيادة صحافي يوغسالفي عن حرب الجزائر ،تر :فتحي سعيدي ،موفم لمنشر،
الجزائر .2011،
قنان جمال :قضايا ودراسات في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ،منشورات المتحف الوطني لممجاىد[.، .42
د ،م] [ ،د ،ت ،ن].
.43ماتياس قريقور :الفرق اإلدارية المتخصصة في الجزائر بين المثالية و الواقع ( ، ) 1962 / 1955تر ،م ،
جعفري ،منشورات السائحي ،الجزائر .2013
.44مالح عمار :قادة جيش التحرير الوطني ،الوالية األولى ،ج ، 2دار اليدى لمطباعة و النشر و التوزيع،
الجزائر.2012 ،
.45منغور أحمد :موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية ( ، )1962/1954دار التنوير ،الجزائر،
. 2013
.46ميكاشير صالح :حرب التحرير الوطنية في مراكز القيادة لموالية الثالثة ،)1962 / 1957( ،تر :العيد دوان
األمل لمطباعة والنشر والتوزيع ،تيزي وزو.2012 ،
.47وعمي عبد العزيز :أحداث ووقائع في تاريخ الثورة بالوالية الثالثة ،دار الجزائر لمكتب ،الجزائر.2011 ،
.48خالد نزار:يوميات الحرب الجزائر( ،)1962/1954طبع المؤسسة الوطنية لالتصال النشر واالشيار ،الجزائر ،
.2008
ج .الجرائد والمجالت:
.1الجرائد:
.52البصائر :وىذه المحتشدات ،لسان حال جمعية العمماء المسممين الجزائريين ،العدد ، 317 :دار المغرب
اإلسالمي /25 ،جوان.1955/
.53المقاومة الجزائرية :ج ، 1العدد ،18ط ،3منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية
وثورة أول نوفمبر 1 ،جويمية .1958
قائمة المصادر و المراجع
.54المقاومة الجزائرية :ج ، 2العدد ،06منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة
أول نوفمبر .1954
.2المجالت:
.55بومالي أحسن :مراكز الموت البطيء :وصمة عار في جبين فرنسا االستعمارية ،محمية المصادر ،العدد8 :
،ماي . 2003
.56فياللي مختار :فرنسا وأساليب القمع والتعذيب الوحشي و الحرب النفسية ضمن مخطط القضاء عمى الثورة
الجزائرية ،مجمة التراث ،العدد ، 5 :فيفري. 1992،
.57مجمة أول نوفمبر :دور المرأة الجزائرية ،العدد :183 :مارس .2017
.58وعمي عبد العزيز :جياز التموين بالوالية الثالثة أثناء الثورة التحريرية ،مجمة أول نوفمبر ،العدد، 176 :
ديسمبر .2011
د .القواميس والمعاجم
.59الرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر :مختار الصحاح ،طبقة مدققة كاممة التشكيل و مميزة المداخل ،دائرة
المعاجم.
.60المرتاض عبد المالك :دليل مصطمحات ثورة التحرير الجزائرية ( )1962 /1954منشورات المركز الوطني
لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية ثورة نوفمبر ، 1954الجزائر [ ،د ،ت ،ن ].
ه.الدراسات السابقة:
رسالة ماجستير:
.61محمد شمبازي :المحتشدات بوالية سطيف محتشد (بازر سكرة رقم ) 5نموذجا 1962-1954مذكرة مقدمة
لنيل شيادة الماجستير في تاريخ المجتمع المغاربي الحديث و المعاصر جامعة سطيف.2008 ،2007 ،
فهرس المحتويات
شكر وعرفان
إهداء
قائمة المختصرات
أ-و مقدمة
مدخل تمهيدي:السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة
الجزائرية.
10-8 قانون حالة الطوارئ.
13-11 قانون السمطات الخاصة.
18-14 المناطق المحرمة واألسالك الشائكة.
22-19 المصالح اإلدارية المتخصصة.
الفصل األول :ظروف إنشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير.
28-24 المبحث األول :تعريف المحتشدات وأنواعها.
32-29 المبحث الثاني :أهداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع.
37-32 المبحث الثالث :مراحل وتطوير مراكز التجميع.
50-38 المبحث الرابع :ظروف حياة المجمعين.
الفصل الثاني :انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة.
58-52 المبحث األول:النتائج السمبية لمراكز التجميع.
64-59 المبحث الثاني:دور المحشودين في مراكز التجميع.
69-65 المبحث الثالث :اآلثار السياسية.
75-70 المبحث الرابع :اآلثار العسكرية.
78-76 الخاتمة
91-80 المالحق
قائمة المصادر والمراجع