You are on page 1of 106

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫ااعة احمد ووياا المسيلة‬
‫كلية العلوم االنسانية واال تماعية‬
‫قسم التاريخ‬

‫الرقم التسلسلي‪2018/.........:‬‬
‫رقم التسجيل‪..........................:‬‬

‫المحتشدات اإلستعمارية خالل ثورة التحرير الجزائرية‬


‫(‪)1962-1954‬‬

‫اذكرة اكملة لنيل شهادة الماستر في‪:‬‬


‫تخصص‪ :‬حديث واعاصر‬ ‫شعبة ‪ :‬تاريخ الجزائر‬

‫شراا األستاذ‪:‬‬ ‫عداد اللالبة ‪:‬‬


‫‪ -‬اقدر نورالدين‬ ‫‪ -‬ن لشهب عقيلة‬
‫رئيسا‬ ‫أستاذ احاور أ‬ ‫سيد علي أحمد اسعود‬
‫اشرففا‬ ‫أستاذ احاور أ‬ ‫اقدر نورالدين‬
‫امتحنا‬ ‫أستاذ احاور أ‬ ‫ن سديرة لياس‬

‫السنة الجااعية ‪2018/2017:‬‬


‫شكر وعرفان‬
‫الحمذ هلل الزي وفقني لهزا ‪،‬وما كنت ألثمم عملي لىاله‬
‫‪ ،‬فاللهم لك الحمذ حتى ثشض ى ولك الحمذ ارا سضيت‬
‫ولك الحمذ بعذ الشضا ‪.‬‬
‫ثم الشكش الى اسحاري الفاضل الزي وحنهي واسشذني‬
‫إلثمام هزا العمل‬
‫والشكش مىصىل أًضا ملححف املجاهذ وبالخصىص‬
‫مذًش املححف خميس ي السعذي‬
‫وإلى كل أساثزة حامعة محمذ بىضياف باملسيلة وعلى‬
‫سأسهم أساثزة قسم الحاسيخ ‪.‬‬
‫كما الًفىثني ثقذًم الشكش الى كل طلبة السنة الثانية‬
‫ماستر حذًث ومعاصش‪.‬‬
‫لكل هؤالء أسمى عباسات الشكش والحقذًش‪.‬‬
‫اإلهداء‪:‬‬
‫اخف ْخ َول ُه َوما َوح َونااَو‬ ‫َو ْخ‬
‫أهذي ثمسة حهذي الى من حق فيهما قىله « و ِف‬
‫ص ِفغ ًيرا (‪» )24‬‬ ‫الش ْخح َومة َوو ُقل َّرس ِّل ا ْخس َوح ْخم ُه َوما َوك َوما َوسَّرب َوياني َو‬
‫َّر‬ ‫ن‬
‫ُّذ‬
‫الز ِّلل م َو‬
‫ِف‬ ‫ِف‬ ‫ِف‬ ‫ِف ِف‬

‫إلى من سباني صغيرة و صاحبني كبيرة‪ ,‬إلى من سهش على ساحتي و‬

‫مسحقبلي إلى قشة عيني و ثاج سأس ي أبي‪.‬‬

‫إلى من كشست حياتها لحعليمي و وهبحني الثقة في نفس ي إلى‬

‫أعظم حىهشة إلى دواء قلبي و شفاء صذسي أمي‪.‬‬

‫كما الأنس ى إخىجي وأخىاجي‬

‫وإلى صذًقاجي وعلى سأسهم قشطىفة نىسة وسملي سمية‬


:‫المختصرات‬

: ‫– المختصرات باللغة الفرنسية‬

- SAS : Sections Administratives Spéciales.


- SAU : Sections Administratives Urbaine.
- OPA : Organisation Politico Administratives.
- DPU : Dispositif Protection Urbaine
‫مقدمة‬
‫‪ – 1‬التعريف بالموضوع ‪:‬‬

‫‪1954‬‬ ‫أعمن الجزائريون الثورة ضد االستعمار الفرنسي في الفاتح من نوفمبر‬


‫سواء عمى المستوى‬ ‫‪،‬ووضعيا في صميم المجتمع ولقد حققت الثورة انتصارات عديدة‬
‫السياسي أو العسكري ‪ ،‬األمر الذي دفع بالسمطات الفرنسية إلى اتخاذ كل الوسائل‬
‫القمعية و العسكرية‪.‬‬

‫ومن بين تمك اإلجراءات سياسة التيجير و الترحيل القصري التي تعد شكل من أشكال‬
‫حرب االبادة الجماعية في الجزائر ‪ ،‬استيدفت الشعب الجزائري بأكممو من خالل إبعاد‬
‫مئات اآلالف من العائالت الجزائرية عن أراضييا وديارىا بعد أن ىدمت قراىا ‪ ،‬وخربت‬
‫مزارعيا ‪ ،‬وأتمفت أرزاقيا ‪ ،‬وأرغمت سكانيا عمى االحتشاد في مراكز أطمق عمييا عدة‬
‫تسميات نذكر منيا ‪ " :‬مراكز التجميع " ‪ " ،‬المحتشدات " ‪ " ،‬مراكز الموت البطيء " ‪،‬‬
‫التي اتخذتيا السمطات الفرنسية ك أماكن من أجل عزل الشعب عن الثورة ال تحريرية و‬
‫وابعاد شبكات الدعم واإلسناد داخميا وخارجيا عنيا ‪ ،‬وىذا ما‬ ‫التقميل من فاعميتيا ‪،‬‬
‫سأتطرق إليو في ىذا الموضوع مسمطة الضوء عمى السياسة الفرنسية من خالل‬
‫المحتشدات االستعمارية خالل الفترة الممتدة من ‪.1962/1945‬‬

‫‪ – 2‬أهمية الموضوع ‪:‬‬

‫يدور موضوع ىذا البحث في إطار السياسة االستعمارية والمتمثمة في الترحيل اإلجباري‬
‫اإلستراتيجية لتمركز جيش التحرير الوطني في الجبال‬ ‫لممواطنين القاطنين باألماكن‬
‫واألرياف وىي إستراتيجية معتمدة من طرف سمطات االحتالل لمواجية المد المتصاعد‬
‫لمثورة ‪ ،‬وتتبمور أىمية الموضوع في أربعة نقاط وىي كاآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬يسمط ىذا الموضوع الضوء عمى السياسة االستعمارية التي اتخذتيا فرنسا لمقضاء‬
‫إجراءات فرنسية لفصل الشعب عن الثورة‬ ‫عمى الثورة الجزائرية ‪ ،‬وذلك باتخاذ عدة‬
‫التحريرية ‪.‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‬
‫ثانيا ‪ :‬ييتم ىذا الموضوع بدراسة جانب ميم من جوانب الثورة وذلك في إطار ردود الفعل‬
‫الفرنسية المختمفة اليادفة لطمسيا و القضاء عمييا‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬دراسة ىذا الموضوع يتناول التعريف بالمحتشدات التي أقاميا االستعمار الفرنسي‬
‫بالجزائر من حيث أنواعيا وأىدافيا ومراحل تطويرىا والتركيز عمى حياة السكان المجمعين‬
‫داخل المحتشدات من خالل التفتيش في ظروفيم اليومية ونمط معيشتيم وتعامل السكان‬
‫مع الظروف المأساوية التي مروا بيا في ىذه المراكز ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ىذه الدراسة تبرز االنعكاسات والنتائج المترتبة من خالل اآلثار السمبية ليا‪ ،‬والدور‬
‫الذي قام بو الشعب الجزائري في القضاء عمى ىذه السياسة والتصدي ليا ‪ ،‬وكذلك‬
‫انعكاساتيا عمى الثورة الجزائرية‪.‬‬

‫‪ – 3‬أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫تعتبر المحتشدات من السياسات الجينمية و اإلجرامية العسكرية التي لجأ إلييا االستعمار‬
‫األساليب ستجعل جيش التحرير يضعف‬ ‫لمقضاء عمى الثورة ألنو كان يرى أن ىذه‬
‫‪ ،‬وبالتالي سيواصل االستعمار تكريسو‬ ‫ويتخمى عن ثورتو ‪ ،‬نتيجة فصمو عن الشعب‬
‫لمسياسة االستعمارية عمى الشعب لكي يضمن بقائو تحت سيطرة السمطات الفرنسية‪،‬‬
‫الشيء الذي جعل ىذا الموضوع يحتاج إلى دراسة موضوعية ‪ ،‬وذلك من أجل التعمق و‬
‫الغوص فيو حتى نستطيع معرفة بعض الجوانب والحقائق عن ىذه المحتشدات التي تندرج‬
‫ضمن المواضيع الخاصة بتاريخ الثورة الجزائرية ‪.‬‬

‫ولعمى الدافع من وراء اختياري لموضوع ىذا البحث رغبتي الجامحة في الكشف عن‬
‫حقيقة السياسة التي اتخذتيا فرنسا لمقضاء عمى الثورة الجزائرية والمتمثمة في المحتشدات‪،‬‬
‫وتنقيبي جاىدة لمعرفة الدور الذي لعبتو ضد القاعدة الشعبية من خال عزليا عن جيش‬
‫وجبية التحرير الوطني ‪ ،‬وكذلك تأثيرىا في استمالة العقول لكبس تأييد الجماىير ليا من‬
‫خالل تواطئ بعض من أبناء الجزائر معيا من أجل اخماد ثورة نوفمبر ‪.‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‬
‫‪ – 4‬إشكالية الموضوع ‪:‬‬

‫تعتبر سياسة الترحيل والتجميع الجماعي لسكان األرياف‪ ،‬إحدى السياسات الكبرى‬
‫التي اتخذتيا السمطة االستعمارية الفرنسية إلضعاف قوة الثورة ‪ ،‬انطالقا من ىذا السياق‬
‫عمي طرح اإلشكال المتمثل في ‪:‬‬
‫وجب ّ‬
‫‪ ‬ىل استطاعت سمطات االحتالل بكل ما جيزت من وسائل ومخططات أن تفصل روح‬
‫الشعب الجزائري عن خدمة ثورتو المجيدة ؟‬
‫‪ ‬إلى أي مدى نجحت السياسة التي اعتمدتيا في إطار المحتشدات ؟‬

‫من خالل ىذه اإلشكالية يمكن تفريعيا إلى العديد من األسئمة الفرعية أىميا ما يمي ‪:‬‬

‫وما وىي األىداف التي سعت‬ ‫‪- 1‬ما مفيوم العام لمصطمح المحتشدات االستعمارية ؟‬
‫فرنسا لتحقيقيا جراء إقامتيا ليذه المحتشدات ؟‬
‫‪- 2‬كيف كان واقع ىذه السياسة عمى الشعب الجزائري ؟ وكيف استطاع مواجية تمك‬
‫الظروف الصعبة والضغوطات النفسية داخل تمك المراكز ؟‪.‬‬
‫‪- 3‬ىل كانت مراكز التجميع نقمة أم نعمة عمى الشعب الجزائري ؟ وىل أثرت عميو‬
‫بالسمب أو باإليجاب؟‪.‬‬
‫‪- 4‬ما ىو الدور الذي لعبو الشعب في استم اررية مسار الثورة الجزائرية ؟‪.‬‬
‫‪- 5‬إلى أي مدى تغمغمت جبية وجيش التحرير الوطني في أوساط السكان داخل‬
‫المحتشدات ؟ وكيف أسيمت أجيزة الثورة داخل ىذه المراكز ؟ وىل فشمت أم نجحت من‬
‫إحباط استراتيجية السياسة الفرنسية ؟ وكيف ذلك ؟‪.‬‬

‫‪ – 5‬المنهج المتبع ‪:‬‬

‫انطالقا من االشكالية السابقة التي تتمحور حوليا العديد من التساؤالت ومحاولة مني‬
‫لإلجابة عنيا ‪ ،‬اتبعت في بحثي ىذه المناىج ‪:‬‬

‫‪ - 1‬المنهج التاريخي الوصفي ‪ :‬الذي ييتم بوصف األحداث وتسمسميا كرونولوجيا من‬
‫حيث الزمان و المكان ألن موضوع البحث جممة من األحداث و التطورات التاريخية في‬

‫‌ج‬
‫مقدمة‬
‫مسار الثورة التحريرية ‪ ،‬و وصف المحتشدات و مراحل تكوينيا وتطورىا والحياة اليومية‬
‫لمسكان ‪.‬‬
‫‪ - 2‬المنهج التحميمي‪ :‬وذلك من خالل دراسة المادة العممية ونقدىا لمعرفة ماىية‬
‫المحتشدات واستخالص أىم األسباب واألىداف المرجوة من خالل اتخاذىا ليذه السياسة‬
‫لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‪ ،‬واستنتاج الظواىر االجتماعية لمسكان‪.‬‬
‫‪ - 6‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫لقد كتب الباحثين عن ىذا الموضوع ومن بين الدراسات التي اعتمدت عمييا رسالة‬
‫‪ ) 5‬نموذجا‬ ‫ماجستير ل ـ‪ :‬محمد شمبازي ‪ :‬المحتشدات بوالية سطيف (بازر سكرة(رقم‬
‫‪.1962-1954‬‬

‫‪ – 6‬عرض وتقييم أهم المصادر و المراجع المعتمدة عميها ‪:‬‬

‫لإللمام بجوانب الموضوع اعتمدت عمى مجموعة من المصادر و المراجع المختمفة ولعمى‬
‫أىميا ‪:‬‬

‫أ – المصادر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ميشال كورناتون ‪ :‬مراكز التجميع في حرب الجزائر ‪ ،‬وىو كتاب يتحدث عن‬
‫مراكز التجميع بالتفصيل ‪ ،‬حيث أفادني ىذا المصدر في معرفة أنواع المحتشدات‬
‫وأىداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع ‪ ،‬باإلضافة إلى مراحل تكوينيا وتطورىا‪.‬‬
‫‪ - 2‬عمار قميل ‪ :‬ممحمة الجزائر الجديدة ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬واستفدت من ىذا المصدر من خالل‬
‫معرفة ظروف حياة السكان داخل مراكز التجميع ‪ ،‬والدور الذي قام بو الشعب الجزائري‬
‫في ىذه الظروف‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد تقية ‪ :‬الثورة الجزائرية ‪ ،‬المصدر ‪ ،‬الرمز و المال ‪ ،‬واعتمدت عمى ىا‬
‫المصدر لمعرفة طرق إنشاء المحتشدات ‪ ،‬كذلك عدد المجمعين داخل ىذه المراكز‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الجرائد منيا ‪ :‬جريدة المجاىد بأجزائيا ‪ 4 ، 3 ، 2 :‬حيث استفدت‬ ‫‪‬‬
‫منيا بشكل كبير في ىا الموضوع خاصة في انعكاسات المحتشدات عمى الشعب و الثورة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وىناك أخرى سيتم ذكرىا في قائمة المصادر و المراجع‪.‬‬

‫‌د‬
‫مقدمة‬
‫ب – المراجع ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد المالك المرتاض ‪ :‬دليل مصطمحات ثورة التحرير الجزائرية ‪ ،‬وىو قاموس‬
‫خاص بمصطمحات الثورة التحريرية حيث أفادني في إعطاء تعريف شامل لمصطمح‬
‫المحتشدات‪.‬‬
‫‪ - 2‬مصطفى خياطي‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ‪ ،‬أفادني ىذا‬
‫المرجع في معرفة أقسام المحتشدات و المعاناة التي كان يعيشيا السكان ‪.‬‬
‫‪ - 3‬رشيد زبير ‪ :‬جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة ‪ ،‬واستفدت من ىذا المرجع‬
‫من خالل معرفة طرق تجميع السكان و نماذج من مراكز التجميع باإلضافة إلى مراجع‬
‫أخرى سيتم ذكرىا في قائمة المصادر و المراجع‪.‬‬

‫‪ – 7‬خطة البحث ‪:‬‬

‫يتألف موضوع البحث من مقدمة ومدخل تمييدي وفصمين وخاتمة ‪ ،‬إضافة إلى المالحق‬
‫و المصادر والمراجع ‪.‬‬

‫‪-‬المدخل التمييدي يقع تحت عنوان ‪ :‬السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫وىو مدخل يمثل تواطئة لفيم الفصمين ‪ ،‬وتطرقت فيو إلى قانون حالة الطوارئ وقانون‬
‫السمطات الخاصة ‪ ،‬باإلضافة إلى المناطق المحرمة و األسالك الشائكة وانشاء المصالح‬
‫االدارية المتخصصة‪.‬‬
‫‪-‬الفصل األول يقع تحت عنوان ‪ :‬ظروف إنشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‪.‬‬
‫يتألف من أربعة مباحث ‪ ،‬فالمبحث األول تناولت فيو تعريف المحتشدات و أنواعيا ‪ ،‬أما‬
‫المبحث الثاني ذكرت فيو أىداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع ‪ ،‬و المبحث الثالث‬
‫تطرقت فيو إلى مراحل و تطوير مراكز التجميع ‪ ،‬أما المبحث الرابع فتناولت فيو ظروف‬
‫حياة المجمعين‪.‬‬
‫‪-‬الفصل الثاني أدرجت فيو مضامينو تحت عنوان ‪ :‬انعكاسات المحتشدات عمى الشعب‬
‫الجزائري والثورة‪.‬‬

‫‌ه‬
‫مقدمة‬
‫فقسمتو إلى أربعة مباحث فخصصت المبحث األول لمحديث عن نتائج السمبية لمراكز‬
‫التجميع ‪ ،‬أما المبحث الثاني فخصصتو لمدور الذي قام بو المحشودينفالتجميع ‪ ،‬والمبحث‬
‫الثالث و الرابع فانصب اىتمامي عمى اآلثار السياسية و العسكرية‪.‬‬

‫أنييت ىذا الموضوع بخاتمة أردت من خالليا حوصمة النتائج التي توصمت إلييا ‪،‬‬
‫ومحاولة اإلجابة عن االشكالية و االستفسارات المرتبطة عنيا‪.‬‬

‫‪ – 8‬الصعوبات ‪:‬‬

‫وعند تطرق لدراسة موضوع المحتشدات تعرضت إلى صعوبات ولعمى أبرزىا ‪:‬‬
‫‪ -‬قمة المادة العممية الم تخصصة لمموضوع حيث تكاد أن تكون منعدمة خاصة في‬
‫الحديث عن النماذج‪.‬‬
‫‪ -‬تشابو المعمومات في المصادر و المراجع ‪.‬‬

‫‌و‬
‫قانون حالة الطوارئ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫قانون السمطات الخاصة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫المناطق المحرمة واالسالك الشائكة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫المصالح االدارية المتخصصة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬


‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫‪- 1‬قانون حالة الطوارئ ‪ 03‬أفريل ‪1955‬م‪:‬‬


‫رافق تنامي الثورة الجزائرية رد ود فعل استعمارية وكانت كل الوسائل مشروعة في نظر‬
‫فرنسا و القصد منيا القضاء عمى الثورة وارجاع األمور إلى ما كانت عمية قبل ‪ 1‬نوفمبر‬
‫(‪)1‬‬
‫حيث اتخذت فرنسا عدة إجراءات عسكرية و سياسية و قانونية ذات طابع‬ ‫‪ 1954‬م‬
‫قمعي وزجرية لمواجية الثوار‪ ،‬وقد كانت تصف ما يحدث في الجزائر أنيا مجرد أعمال‬
‫تخريبية تقوم بيا مجموعة من قطاع الطرق خارجين عن القانون‪ ،‬ومن بين اإلجراءات‬
‫التي قامت بيا الحكومة الفرنسية ىي سنيا ألخطر قانون وىو قانون حالة الطوارئ‪.‬‬
‫تعريف قانون حالة الطوارئ‪:‬‬
‫ىو عبارة عن جممة من اإلجراءات القانونية التعسفية كيفت بميارة لخنق الثورة والقضاء‬
‫عمييا في الميد قبل استفحال أمرىا ‪ ،‬وىذا القانون ىو نسخة من قانون الحصار الذي‬
‫كان قد أصدرتو الجميورية الفرنسية الثانية سنة ‪ ،1849‬وقامت و ازرة الداخمية الفرنسية‬
‫فقط بتحضيره وتنقيحو ليتالءم مع متطمبات المرحمة ثم تقديمو لمحكومة الفرنسية قصد‬
‫دراستو(‪.)2‬‬

‫مضمون قانون حالة الطوارئ‪:‬‬


‫ارتكزت إجراءاتو عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حظر حرية التجول لألشخاص ووسائل النقل‪.‬‬
‫‪ -2‬إمكانية غمق المقاىي وقاعات السينما والمسارح‪.‬‬
‫‪ -3‬تتولى المحاكم العسكرية المحاكمات بدال من المحاكم المدنية‪.‬‬

‫‪ -1‬حيىي بوعزيز‪ :‬ساحات الوعي تحدثني ‪ 11‬أوت ‪ ، 1956‬دار األمة للنشر والتوزيع‪[ ،‬د‪،‬م]‪[ ،‬د‪،‬ت]‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -2‬الغايل غريب‪ :‬فرنسا والثورة الجزائرية (‪ ،)1958 /1954‬دراسة يف السياسات وادلمارسات‪ ،‬غرناطة للنشر والتوزيع‪،‬اجلزائر‪ ، 2009 ،‬ص‬
‫‪.267‬‬

‫‪8‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫‪ -4‬الحكم باإلقامة الجبرية عمى أي شخص(‪.)1‬‬


‫‪ -5‬الطرد التعسفي لمسكان و الرقابة وفتحت المحتشدات لكن فرنسا استبدلت كممة محتشد‬
‫بكممة أخرى ىي التجمعات السكنية‪ ،‬واختارت أن تقيميا في المناطق النائية ليصعب‬
‫االتصال بالمجبرين عمى اإلقامة فييا(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬مداىمة المنازل في كل األوقات و تفتيشيا‪.‬‬
‫‪ -7‬تشديد الرقابة عمى الصحافة و المنشورات ومختمف وسائل اإلعالم المرئية‬
‫والسمعية‪ ،.‬مما يقوي سيطرة الحكومة عمى توجيات الرأي العام الفرنسي وحتى‬

‫الجزائري(‪.)3‬‬
‫فرض حالة الطوارئ‬
‫صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية في ‪ 30‬مارس ‪ 1955‬م عمى قانون حالة الطوارئ في‬

‫‪،‬فقد عقدت دورة استثنائية لدراسة واثراء المشروع فانقسمت مواقف النواب حولو‬ ‫(‪)4‬‬
‫الجزائر‬

‫ما بين التأييد و المعارضة فمنيم من أيد ىذا المسعى الحكومي بقناعتيم بأن إعالن حالة‬
‫‪ 1‬نوفمبر ‪1954‬‬ ‫الطوارئ معناه االعتراف بان ما يجري من أحداث في الجزائر منذ‬
‫عبارة عن حالة حرب ‪ ،‬وىو ما ال تريده الطبقة السياسية الفرنسية بمختمف توجياتيا‬
‫االعتراف بو ألن إقرار ىذا األمر من شانو أن يفتح طريق التدويل عمى مصراعيو ‪ ،‬وىو‬
‫ما يجعل احتواء الثورة والقضاء عمييا ميمة عسيرة في حين عارض نواب آخرون إقرار‬
‫ىذا القانون ألن في اعتقادىم أنو يتعارض مع أحكام الدستور حيث يتسبب في تقييد‬

‫‪ -1‬رمضان بورغدة‪ :‬الثورة الجزائرية والجنرال ديغول (‪ ،)1962/1958‬سنوات احلسم و اخلالص‪ ،‬مؤسسة بونه للبحوث والدراسات‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2012 ،‬ص‪. 103‬‬
‫فللنشر اجلزائر ‪ ، 2008،‬ص‪.150‬‬
‫‪ -2‬حممد حريب‪ :‬الثورة الجزائرية سنوات المخاض‪ ،‬مو م‬
‫‪ -3‬عقيلة ضيف اهلل‪ :‬التنظيم السياسي السياسي واإلداري للثورة ( ‪ ،)1962/1954‬البصائر للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر‪ .2013 ،‬ص ‪208‬‬
‫‪ -4‬بشري كاشة الفرحي‪ :‬مختصر وقائع وأحداث ليل اإلحتالل الفرنسي الجزائري‪ [، )1962/1830 (،‬د‪ ،‬د ‪ ،‬ن ] ‪ [،‬د‪ ،‬م ]‪2007 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪9‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقد أعمنت حالة الطوارئ بمقتضى القانون‬ ‫الحريات الفردية و الجماعية والمساس بيا‬
‫الصادر يوم ‪ 3‬أفريل ‪ 1955‬م لمدة ستة أشير باألغمبية ب‪ 379 :‬مقابل ‪ 219‬صوت‬
‫‪،‬وبيذا دخل القانون حيز التنفيذ وتكون الجزائر قد دخمت مرحمة جديدة من حياتيا‬
‫السياسية(‪ ،)2‬وتم فرضو في المناطق الساخنة خاصة في منطقة األوراس والقبائل ليعمم‬
‫(‪)4‬‬
‫أنو إجراء وقائي وىو‬ ‫عمى شرق الجزائري القسنطيني (‪ ،)3‬وكان يعتبره جاك سوستال‬
‫أفضل من حالة الحصار وأحق‪ ،‬وقد منح قانون الطوارئ لمقوات الفرنسية حرية أكبر في‬
‫مجال اإلجراءات األمنية و العمل العسكري كان لو األثر المباشر قي انتشار أعمال القتل‬
‫وفرض نظام صارم من المراقبة(‪.)5‬‬
‫تعميم قانون حالة الطوارئ‪:‬‬
‫‪ 20‬أوت‬ ‫عمم قانون حالة الطوارئ عمى كامل التراب الوطني الجزائري بموجب مرسوم‬
‫‪ 1955‬م وىذا بسبب أحداث الشمال القسنطيني وما ترتب عمييا من توسيع لرقعة العمل‬
‫الثوري ‪ ،‬ومباشرة بعد المصادقة عمى القانون سارعت القوات الفرنسية عمى تطبيق‬
‫اإلجراءات الردعية الواردة في نص القانون ‪ ،‬مما أدى إلى ارتكاز العديد من التجاوزات ‪،‬‬
‫حالة‬ ‫نتيجة التعسف المفرط من طرف السمطات المدنية و العسكرية المكمفة بتطبيق‬
‫بارالنج ‪ Parlange‬ميمة اإلشراف عمى‬ ‫الطوارئ ‪ ،‬وظير ذلك بعد استالم الجنرال‬

‫‪ -1‬رمضان بورغدة‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪103‬‬


‫‪ -2‬أمحد منغور‪ :‬موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية (‪ ، )1962/1954‬دار التنوير‪ ،‬اجلزائر‪، 2013 ،‬ص ‪. 137‬‬
‫‪ -3‬عمار عمورة‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر‪ ،‬دار رحيانة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2012 ،‬ص ‪. 80‬‬
‫‪ -4‬هو شخص من أصول يهودية ولد سنة ‪ 13‬فيفري ‪ ،1912‬حاصل على جائزة يف الفلسفة‪ ،‬ينتمي إىل اليسار الفرنسي ‪ ،‬انضم إىل ديغول‬
‫‪1951‬م ‪ ،‬عينه منديس فرانس حاكما عاما‬ ‫عام ‪ ، 1942‬توىل وزاريت اإلعالم واالتصال وادلستعمرات ‪ ،‬انتخب نائبا يف لربدلان الفرنسي‬
‫للجزائر يف فيفري ‪1955‬م وكان مواليا لديغول ‪ ،‬فعينه يف حكومته األوىل مث استقال عنها ‪ ،‬وأصبح خصما لديغول بسبب سياسة تقرير ادلصري‬
‫اليت تبناها ‪ ،‬بنظر ‪ :‬رمضان بورغدة‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم طاس‪ :‬السياسة الفرنسية في الجزائر و انعكاساتها على الثورة (‪ ، )1958/1956‬دار اذلدى للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‬
‫‪، 2013‬ص ص ‪. 216 ، 215‬‬

‫‪10‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫الشؤون العسكرية و السياسية و اإلدارية في المناطق التي كانت ساخنة و التي شممتيا‬

‫حالة الطوارئ(‪.)1‬‬
‫نتائج قانون حالة الطوارئ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتقال ونقل المئات من المناضمين و الوطنيين بالجزائر‪.‬‬
‫‪ -2‬رفع العمميات العقابية واإلجرامية ضد األىالي‪.‬‬
‫‪ -3‬قمع نشاطات المجاىدين ومناضمي جبية التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪ -4‬إنشاء مراكز االعتقال تسقي محتشدات اإليواء‪.‬‬
‫‪ -5‬نقل الحكم من السمطات المدنية إلى السمطات العسكرية في مجال حفظ النظام‬
‫وتوسيع صالحيات المحاكم العسكرية في مجال الجرائم (‪.)2‬‬
‫يعتبر قانون حالة الطوارئ من القوانين المشؤومة التي شيدتيا الجزائر‪ ،‬وىو في األمر‬
‫نقل السمطة من الجيات القضائية و اإلدارية إلى الجيش أي السمطة العسكرية التي‬
‫أصبحت ىي السمطة الفعمية في البالد(‪.)3‬‬
‫‪- 2‬قانون السمطات الخاصة ‪ 16‬مارس ‪:1956‬‬
‫يعتبر قانون السمطات الخاصة من القوانين القمعية و الزجرية التي قامت بيا الحكومة‬
‫‪.‬‬ ‫الفرنسية وذلك من أجل عزل جيش التحرير الوطني عن السكان وخنق الثورة الجزائرية‬
‫حيث ظير مطمب الحصول عمى السمطات الخاصة‪ ،‬لمواجية النشاط الميداني لممتمردين‬
‫الذي أصبح يشكل عمال حربيا حقيقيا ضد الدولة الفرنسية‪ ،‬فكان ال بد من خطة شاممة‬

‫‪ ،‬وىي الميمة التي‬ ‫‪ O.P.A.‬لجبية التحرير (‪.)4‬‬ ‫لتدمير التنظيم اإلداري و السياسي‪:‬‬

‫‪ -1‬الغايل الغريب‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪270 ، 269‬‬


‫‪ -2‬عمار بن تومي‪ :‬الدفاع عن الوطنيين ‪،‬تر‪ :‬مراد وزناجي ‪،‬دار غرناطة للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪ 2010‬ص ص ‪.121 ، 119‬‬
‫‪ -3‬عمار حبوش‪ :‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية ‪1962‬م ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ [،‬د‪ ،‬م ]‪ ، 1997،‬ص ‪.411‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ص ‪.218‬‬

‫‪11‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫تكفل بيا الوزير المقيم روبارالكوست(‪ ROBERT LACOSTE .)1‬متبعا نيج سمفو‬
‫جاك سوستال الذي كان يجمع بين القمع لمواجية العدو ‪ ،‬واقناع السكان بالسياسة‬
‫االستعمارية وىي المحاور الكبرى التي اشتغل عمييا قانون السمطات الخاصة (‪.)2‬‬
‫تطبيق قانون السمطات الخاصة‪:‬‬
‫تم تطبيق القانون بعدما حمت الجمعية الوطنية توقف العمل بقانون حالة الطوارئ‪ ،‬ومنح‬
‫الحكومة سمطات جديدة تخول ليا االستمرار في حماية الوضع المتدىور في الجزائر‪،‬‬
‫وفي شير مارس من عام ‪1956‬م قامت حكومة غي مولي بتقديم مشروع قانون‬
‫السمطات الخاصة إلى الجمعية الوطنية‪ ،‬وفي ظل جو من اإلجماع تم التصويت عمى‬
‫القانون يوم ‪ 16‬مارس ‪ 1956‬باألغمبية الساحقة ‪ 455‬صوت مقابل ‪ 76‬صوت من‬
‫(‪)3‬‬
‫طرف كل األحزاب‬
‫باستثناء حزب البوجاديست(‪ )4‬الذي كان يعتقد أن ىذه السياسة معتدلة جدا (‪ ،)5‬وقد نص‬
‫عمى أن الحكومة الفرنسية تمتمك في الجزائر سمطات واسعة التخاذ أي إجراء خاص‬
‫غي مولي‬ ‫تفرضو الظروف من أجل إعادة النظم وحماية الوحدة الترابية ‪ ،‬ووصف‬
‫السمطات الخاصة بأنيا أداة تحقق النظام العام و اإلصالح معا لألوضاع السيئة في‬
‫الجزائر والتي يذكر بأنيا بؤس أسود وأنيا ال تؤدي إلى إمكانية إجراء انتخابات حرة (‪.)6‬‬

‫‪ -1‬هو نائب اشرتاكي ديثل منطقة دوردوين ‪ ،‬ومنحت له سلطات واسعة‪ ،‬أهم بكثري من السلطات اليت كان يتمتع هبا احلاكم فقد أصبح يسمى‬
‫وزيرا مقيما وأحيط مبساعدين لكل منه ا درجة « سكرتري دولة » مكلف بالشؤون اجلزائرية ‪ ،‬أحدمها لدى وزيرة الداخلية واآلخر لدى وزارة القوات‬
‫ادلسلحة ينظر‪ :‬رمضان بورغدة‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 110‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪ -3‬أمحد منغور‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -4‬البوجاديست‪ :‬نسبة إىل بيار بوجاد ‪ Pierr Poujade‬مؤسس حركة قامت عام ‪ 1954‬للدفاع عن التجار وأصحاب احلرف مث‬
‫أطلق االسم على كل من يسعى لتحقيق ادلصاحل اخلاصة على حساب ادلصلحة العامة ‪،‬ينظر‪ :‬إبراهيم الطاس‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫ينو‪ ،‬جون بال نشايس ‪ :‬حرب اجلزائر ( ملف وشهادات ) ‪ ،‬تر بن داود سالمية ‪ ،‬ج‪ 1‬دار الوعي للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ -5‬باتريك إف‬
‫اجلزائر‪، 2013 ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -6‬أمحد منغور‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪12‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫محتوى قانون السمطات الخاصة ‪:‬‬


‫يحتوي قانون ‪ 16‬مارس ‪ 1956‬عمى جزأين‪:‬‬
‫الجزء األول‪ :‬يرخص لمحكومة الفرنسية أن تتخذ إجراءات يتعمق بالتنمية االقتصادية و‬
‫االجتماعية و باإلصالحات اإلدارية‪.‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬يرخص لمحكومة الفرنسية أن تتخذ كل التدابير االستثنائية من أجل أعادة‬
‫األمن ومن أجل حماية األشخاص و الممتمكات و الحفاظ عمى األقميم ‪ ،‬وابتداء من يوم‬
‫‪ 17‬مارس ‪ 1956‬اتخذت حكومة غي مولي كل النصوص التطبيقية الخاصة بالجزء‬
‫الثاني من القانون أي القمع ‪ ،‬ومنو ىذا التاريخ أصبحت المحاكم العسكرية تنظر في كل‬
‫قضية ليا عالقة بالجرائم ضد األمن الداخمي وبالتمرد بالسالح وبجرائم تضر بالدفاع‬
‫الوطني(‪.)1‬‬
‫وقد طبقت السمطات االستثنائية بشكل رىيب خالل معركة الجزائر ‪ ،‬لما منح الجنرال‬
‫ماسي ابتداء من ‪ 7‬جانفي ‪ 1957‬سمطة حفظ األمن في مدينة الجزائر‪ ،‬وتفكيك خاليا‬
‫جبية التحرير الوطني(‪.)2‬‬
‫إن قانون السمطات الخاصة نجح في تحويل حرب الجزائر إلى حرب شاممة ال يمكن‬
‫إخمادىا ترتكب أبشع الجرائم ‪ ،‬حرب حقيقية ضد اإلنسانية من طرف الجيش الفرنسي و‬
‫(‪ ،)3‬و قد‬ ‫إعدامات بدون محاكمة ‪ ،‬واستعمال كل أنواع التعذيب و معامالت ال إنسانية‬
‫كان ييدف إلى إبقاء الجزائر فرنسية وال مجال لمتفكير في االستقالل ‪ ،‬حيث ال يمكن‬

‫‪ -1‬بوعالم بن محودة‪ :‬الثورة الجزائرية ‪ ،‬ثورة أول نوفمبر ‪ 1954‬معالمها األساسية‪ ،‬دار النعمان للطباعة والنشر والتوزيع ‪ [،‬د‪ ،‬م‬
‫‪،‬ن]‪ ، 2012،‬ص ص ‪. 259 ، 258‬‬
‫‪ -2‬رمضان بورغدة ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 111‬‬
‫‪ -3‬عمار بن تومي ‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 146 ، 145‬‬

‫‪13‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫حتى تصور الجزائر بدون الفرنسيين واحياء الجزائر فرنسية و بعثيا من جديد بإجراء‬
‫إصالحات شاممة(‪.)1‬‬

‫‪- 3‬المناطق المحرمة واالسالك الشائكة ‪:1955‬‬


‫إنشاء المناطق المحرمة‪:‬‬
‫لقد لجأت فرنسا إلى أسموب أخر أكثر قمعا و أكثر إستراتيجية وذلك من أجل فصل‬
‫الشعب الجزائري عن الثورة أي عزلو عن جبية التحرير الوطني و جيش التحرير وذلك‬
‫من خالل إنشائيما ما يعرف بالمناطق المحرمة ‪ ،‬والتي تعد مناطق عمى شكل ميدان‬
‫رمي لتسييل رقابة القوات الفرنسية األماكن الميجورة من السكان حيث منعت اإلقامة فييا‬
‫أو عبورىا(‪.)2‬‬
‫تعريف المناطق المحرمة‪:‬‬
‫ىي عبارة عن تفريغ مناطق معينة من سكانيا نيائيا ومنعيم من اإلقامة فييا تحت‬
‫أي ظرف من الظروف ‪ ،‬وذلك لعزل المجاىدين عن السكان ن حتى ال يجدوا أي عون‬
‫معنوي أو مادي وبذلك يسيل عمى العدو القضاء عمييم بسيولة (‪ ،)3‬كذلك ىي إقميم محدد‬
‫يحظر فيو أي شكل من أشكال النشاط والحياة البشرية والدخول فييا في نظر الجيش‬
‫عمل عدائي‪ ،‬ولذلك فإن الجنود ليم الحق أن يطمقوا النار عميو بدون سابق إنذار وىي‬
‫معرضة باستمرار وبشكل منظم إلى قصف مكثف سواء بالطيران أو المدفعية (‪.)4‬‬
‫أقسام المناطق‪:‬‬
‫قسمت البالد إلى مناطق قسما منيا تسمى بمناطق العمميات وىي المناطق المحرمة‬

‫‪ -1‬أمحد منغور‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 139‬‬


‫‪ -2‬دلياء بوقريوة‪ :‬تطور الثورة التحريرية الجزائرية اإلستراتيجية الفرنسية للقضاء عليها‪ ، )1959/1958 ( ،‬دار اذلدى للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬اجلزائر ‪ [،‬د‪ ،‬ت ‪،‬ن]‪ ،‬ص ‪. 48‬‬
‫‪ -3‬عمار قليل‪ :‬ملحمة الجزائر الجديدة‪ ،‬ج‪ ،3‬دار العثمانية‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2013،‬ص ‪12‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.126‬‬

‫‪14‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫والقسم الثاني ىي المناطق الهادئة فالمناطق المحرمة ال يجوز لكائن حتى أن يتحرك‬
‫فييا وينتقل عبرىا ففي غير أوقات التمشيط تصبح التي أجمى السكان عنيا بالقوة ميدانا‬
‫مفتوحا لمقصف الجوي و المدفعي ليال ونيا ار ‪ ،‬أما المناطق الهادئة فيي التي جمع فييا‬
‫السكان في معسكرات أي في المحتشدات محاطة باألسالك الشائكة يعيشون تحت حراسة‬
‫مشددة من طرف الجيش الفرنسي ‪ ،‬باإلضافة أن ىناك مناطق أخرى كالمناطق ذات‬
‫الرقابة المعززة و المناطق العادية ‪ ،‬ينبغي ترك فضاءات مفرغة تماما من السكان‬
‫المدنيين تمك ىي المناطق المحرمة التي ال ينبغي ألية تشكيمة عسكرية أن تقيم بيا ىي‬
‫خصوصية العزل التي تكمف القوات بفرض رقابة صارمة عمى مداخل ىذه المناطق (‪.)1‬‬
‫وتتميز المناطق المحرمة بخاصية تجعل منيا مناطق خطيرة عمى كل من يجعل حدودىا‬
‫‪ ،‬ىي معرضة دائما إلطالق النار من غير سابق لكافة السكان وتجميعيم في مناطق‬
‫خارجية أي مراكز التجميع(‪.)2‬‬
‫طرق إنشاء المناطق المحرمة‪:‬‬
‫أنشئت المناطق المحرمة بكيفيتين‪:‬‬
‫‪ -1‬الطريقة األولى‪ :‬شرع فييا حينما كانت األجزاء ساخنة أثناء العمميات العسكرية في‬
‫المناطق التي عفنيا كما يرى المستعمر أفراد الجيش التحرير الوطني و جبية التحرير‬
‫الوطني ‪ ،‬والتي يعتبر سكانيا مساندين ليذين التنظيمين حيث يتم اإلجالء في الحين و ال‬
‫يعطي أي أجل لمسكان لترتيب أمورىم ‪ ،‬ثم تقصف المداشر عن كامميا بعد إجالئيم و‬
‫إذا وقع ىذا الترحيل المرغم عقب اشتباكات مع وحدة من وحدات جيش التحرير الوطني‬

‫‪ -1‬مجال قنان‪ :‬قضايا ودراسات في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ‪ ،‬منشورات ادلتحف الوطين للمجاهد‪ [.،‬د‪ ،‬م]‪ [ ،‬د‪ ،‬ت ‪،‬ن]‪،‬ص‬
‫ص ‪. 274،275‬‬
‫‪ -2‬رفائيال برانش‪ :‬التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحريرية الجزائرية‪،‬تر‪ :‬أمحد بن حممد بكلي ‪ ،‬أمد وكال النشر‪ [ ،‬د‪،‬‬
‫م]‪ 2010 ،‬ص ‪. 38‬‬

‫‪15‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫في المداشر والقرى فإنو يتم قتل العديد من المدنيين قبل أن يطرد منيا سكانيا ‪ ،‬ثم‬
‫يصدر مرسوم يقضي بأن المنطقة محرمة وأن كل من يوجد ىناك يطمق عمية النار (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬الطريقة الثانية ‪ :‬فيتم من خالليا التحضير إلنشاء المناطق المحرمة عمى مستوى‬
‫قيادات أركان الجيش الفرنسي‪ ،‬التي تقوم بدراسة مختمف المناطق عمى أساس حجم‬
‫العمميات التي يقوم بيا الثوار وتؤشر عمى المناطق التي يشنون فييا عددا كبير من‬
‫العمميات ضد المصالح الفرنسية وعمى ضوء ذلك يتم توجيو إنذار لمسكان إلخالء تمك‬
‫المناطق خالل ميمة قصيرة وتتم تحويل مساكنيم ‪ ،‬ثم تقوم بعد ذلك تجميعيم في‬
‫(‪)2‬‬
‫بمعنى أن الطريقة األولى ال تعطي لمسكان‬ ‫محتشدات ووضعيم تحت رقابة مشددة‬
‫وقت لتنظيم أمورىم قبل إجالئيم من مساكنيم‪ ،‬أما الطريقة الثانية فإنيا تعطي ليم ميمة‬
‫وترسل لمسكان إنذار إلخالء المناطق‪.‬‬
‫ولقد شيدت أرياف الجزائر خالل سنة ‪ 1955‬ما يعرف بالمناطق المحرمة ‪ ،‬وقد‬
‫كانت منطقة األوراسي ىي أولى المناطق التي أرسل إلييا اإلنذار وطالبتيا فرنسا‬
‫باالستسالم وقامت بقنبمة جبال األوراس بالنابالم الذي أتمف األخضر واليابس (‪ ،)3‬وقد بدأ‬
‫تطبيق ىذه العممية بشكل واضح في شير ماي ‪ 1957‬وشممت معظم مناطق الجبال في‬
‫األوراس والشمال القسنطيني و بالد القبائل وجبال الونشريس ‪ ،‬وىذا مما أدى إلى إجبار‬
‫مراكز‬ ‫سكانيا عمى اإلجالء إلى المحتشدات ذات االسم الجميل في المصطمح الفرنسي‬
‫اإليواء(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬عمار قليل‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪. 12‬‬


‫‪ -2‬رمضان بو رغدة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪ -3‬حممد بلعباس‪ :‬الوجيز في تاريخ الجزائر‪ ،‬دار المعاصرة للنشر و التوزيع ‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2009 ،‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ -4‬برامهة بلوازع‪ :‬نظرة على الجزائريين ( ‪ ) 1962 ، 1947‬من خالل كتابات اجلزائريني يف الصحافة التونسية ( الزهرة‪،‬األسبوع‪،‬الصباح )‪،‬‬
‫منوذجا ‪،‬كوكب العلوم‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2015 ،‬ص ‪. 102‬‬

‫‪16‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫األسالك الشائكة‪:‬‬
‫لجأت فرنسا عمى عدة وسائل وأساليب قمعية والتي حاولت من خالليا القضاء عمى الثورة‬
‫الجزائرية المسمحة فجندت جيشا كبي ار وحضرت أسمحة و معدات حربية‪ ،‬من بينيا إقامة‬
‫األسالك الشائكة أي الخط المكيرب وىي وسيمة حربية اتخذتيا من أجل خنق كفاح‬
‫الجزائريين وقد أثرت ىذه األسالك عمى مسيرة جيش التحرير الوطني من خالل نقل‬
‫(‪)1‬‬
‫وأن يعيق عممو ويضعف قدراتو القتالية في مواجية القوات‬ ‫األسمحة و التموين‬
‫الفرنسية‪ ،‬وىكذا يسيل القضاء عميو (‪ .)2‬و تكمن ميمتيا في منع العدو ‪ ،‬ومن مفاجأة‬
‫المدافعين و‬
‫(‪)3‬‬
‫الحد من سرعة اندفاع المياجمين خالل مرحمة اليجوم‬
‫تعريف األسالك الشائكة‪:‬‬
‫ىي أسالك متكونة من الموانع االصطناعية و ىي تتألف من أوتاد معدنية أو خشبية‬
‫مغروسة في األرض عمى ‪ 4‬أو ‪ 5‬صفوف متصمة بأسالك معدنية ‪ ،‬وتبمغ المسافة بين‬
‫األوتاد ‪1.5‬م وكذلك بين الصفوف و تنصب األسالك الشائكة عمة مسافة ‪ 60 ، 50‬م‬
‫أمام مواقع المنشأة ‪ ،‬ويدعم نفس الشبكة بأشواك وألغام مضادة لألشخاص لمعدو من‬
‫اجتيازىا‪ ،‬كما تدعم بألغام تنفجر وتضيء المكان ‪ ،‬في حالة ما حاول العدو اجتياز‬
‫(‪ .)4‬وكان يصل توتر‬ ‫الشبكة‪ ،‬ويستخدم جياز عسكري خاص يربط باألسالك الشائكة‬
‫ومجرد مالمستيا يعني الموت‬ ‫‪ 3000‬و ‪ 12000‬فولط‬ ‫األسالك المكيربة بين‬
‫المحقق(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬علي زغرودة‪ :‬ذاكرة الثورة التحريرية الجزائرية ‪ ،‬طبع مؤسسة الوطنية لالتصال و النشر واإلشهار ‪ ،‬روبية‪ ، 2004 ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪ -2‬رمضان بورغدة‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -3‬الطاهر سعيداين‪ :‬القاعدة الشرقية قلب الثورة النابض‪ ،‬دار األمة للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2013،‬ص ‪. 126‬‬
‫‪ -4‬الطاهر سعيداين‪ :‬ادلرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -5‬العقيد الطاهر الزبريي‪ :‬مذكرات أخر قادة األوراس التاريخيين ( ‪ ،) 1962 / 1929‬منشورات ‪ [،ANEP‬د‪ ،‬م]‪،2008 ،‬‬
‫ص‪.220‬‬

‫‪17‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫تاريخ إقامة األسالك الشائكة‪:‬‬


‫بدأت األشغال في إقامة الخطوط الشائكة المكيربة عمى الحدود الجزائرية التونسية‬
‫أندري موريس و اكتممت‬ ‫في أواخر عام ‪1956‬م بأمر من وزير الدفاع الفرنسي‬
‫األشغال في عام ‪1957‬م و يمتد الخط من الساحل الشرقي لمدينة عنابو إلى جنوب‬
‫مدينة تبسو‪ ،‬وكان طول الخط ‪ 380‬كمم وفي نفس الوقت أقيم خط مماثل عمى الحدود‬
‫المغربية ‪ ،‬وأدركت السمطات االستعمارية الفرنسية األىمية اإلستراتيجية لمحدود الشرقية و‬
‫الغربية كمنافذ رئيسية تتسرب من خالليا األسمحة و الذخيرة القادمة من الدول التي تدعم‬
‫(‪)1‬‬
‫الشائكة المكيربة فكان‬ ‫العمل المسمح داخل الجزائر‪ ،‬لذلك لجأت إلى إنشاء الخطوط‬
‫خط موريس الذي تدعم فيما بعد بخط ثاني مماثل وىو خط شال(‪ ،)2‬كذلك استعانت فرنسا‬
‫في إقامة المحتشدات باألسالك الشائكة حيث كانت ىذه المراكز محاطة و مسجية‬
‫بأسالك الكيرباء‪.‬‬
‫األهداف من إقامة األسالك الشائكة‪:‬‬
‫‪ -1‬العسكرية‪:‬‬
‫‪.1‬توقيف قوافل السالح وعزل كل من القاعدتين الشرقية و الغربية‪.‬‬
‫‪.2‬منع المجاىدين من الدخول والخروج وفصميم عن القواعد الخمفية و الداخمية وعزليم‬
‫عم العالم الخارجي‪.‬‬
‫‪.3‬منع جيش التحرير الوطني من اإلمداد و التموين و العالج قصد خنق الثورة و القضاء‬
‫عمييا ‪.‬‬
‫‪ -2‬السياسية‪:‬‬
‫‪.1‬منع التواصل والترابط الذين ينعشان الثورة ويمنعانيا من القوة والنجاح‪.‬‬

‫‪ -1‬الغايل غريب‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 276،277‬‬


‫‪ -2‬الغايل غريب‪ :‬ادلرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪. 277‬‬

‫‪18‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫‪.2‬عمدت فرنسا إلى إسكات صوت الثورة وايقاف امتداد صداىا إلى الخارج عن احتكار‬
‫وسائل االتصال اإلعالمي و الدعاية المغرضة‪.‬‬
‫‪.3‬فرض الرقابة حتى ال تخرج الثورة عن نطاقيا الداخمي‪.‬‬

‫‪ -3‬النفسية‪:‬‬
‫وقصد الحط من معنويات الجيش وجبية التحرير الوطني‪ ،‬و تطويق الثورة من الداخل و‬
‫الخارج و إقناعيما بضعفيما لمتصدي ليذه السدود مستعممين لذلك الدعاية وكل وسائل‬
‫اإلعالم لمتضخيم و الترىيب(‪.)1‬‬
‫وقد وضعت األسالك الشائكة لحماية الجيوش الفرنسية المتمركزة عمى طول الحدود‬
‫الشرقية والغربية‪ ،‬وىي بمثابة ىجومات مطاردة وكمائن ضد وحدات جيش التحرير‬
‫الوطني(‪.)2‬‬
‫‪- 4‬المصالح اإلدارية المتخصصة ‪ 26‬سبتمبر ‪1955‬م‪:‬‬
‫‪ -‬تعريف المصالح اإلدارية المتخصصة‪:‬‬
‫في سياق تتطور السياسة االستعمارية الفرنسية في الجزائر‪ ،‬شكمت المصالح اإلدارية‬
‫«‪ »SAU‬المصالح‬ ‫وفي المدينة تسمى‬ ‫»‬
‫المتخصصة اختصار ألسم لصاص «‪SAS‬‬
‫اإلدارية الحضرية‪ ،‬بحيث نجد ىذه المؤسسات عبارة عن تنظيمات شبو عسكرية تعمل في‬
‫إطار العمل المزدوج االجتماعي والسيكولوجي لمجيش الفرنسي المتخصص في عممية‬
‫التيدئة في القرى و األرياف و المدن(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬الطاهر سعيداين‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص‪146،147‬‬


‫‪ -2‬عمار بوجالل‪ :‬حواجز ادلوت ( ‪ )1959 /1957‬اجلبهة ادلنسية‪ ،‬تر‪ :‬زينب قيب‪ ،‬منشورات ادلركز الوطين للدراسات والبحث يف احلركة‬
‫الوطنية وثورة أول نوفمرب ‪ [، 1954‬د‪،‬م ] ‪ ، 2010 ،‬ص ‪. 64‬‬
‫‪ -3‬رشيد زبري‪ :‬جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة ( ‪ ، ) 1962/1956‬دار احلكمة للنشر ‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2012 ،‬ص ص ‪42 ، 41‬‬

‫‪19‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫إنشاء األقسام اإلدارية المتخصصة‪:‬‬


‫لقد تقرر في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1955‬م أي عقب ىجوم ‪ 20‬أوت ‪ 1955‬م إنشاء أقسام‬
‫إدارية متخصصة بكل أنحاء القطر الجزائري وىي مكاتب متخصصة في إدارة و تسيير‬
‫شؤون الجزائريين باألرياف الجزائرية (‪ ،)1‬وتعتبر بدورىا نتاج عمل قوات تقوم بعمميات‬
‫مراقبة و تمشيط و تفتيش و مسائمة (‪ ،)2‬وأنشئت كونيا أعمدة لسياسة التيدئة و االستعمار‬
‫الجديد لمجزائر‪ ،‬فقد كانت مجيولة لدى الشارع الجزائري وقد كانت المثل الحقيقي لسياسة‬
‫اإلدماج الجزائر قي فرنسا من خالل مياميا اإلدارية و العسكرية (‪.)3‬‬
‫أهداف المصالح اإلدارية المتخصصة‪:‬‬
‫كانت تيدف إلى تحقيق المثالية في جعل الجزائريين مواطنين مثل الفرنسيين الذين‬ ‫‪.1‬‬
‫يقيمون في فرنسا‪.‬‬
‫اإلحصاء أي عمى عد السكان و مراقبة المجمعين في المحتشدات (‪.)4‬‬ ‫‪.2‬‬
‫محاربة الثورة بوسائل إدارية و نفسية بسيكولوجية لكسب أفراد الشعب وثقة‬ ‫‪.3‬‬
‫المواطنين جنبا إلى جنب مع العمل العسكري ولذلك كان كل مركز عسكري مقرونا بمركز‬
‫أو مصمحة إدارية خاصة بجانبو يقودىا ضباط متخصصون يتظاىرون بالمعاممة‬
‫اإلنسانية الحسنة‪.‬‬
‫مساعدة المواطنين و العمل عمى تخميصيم من العقوبات و العذاب المسمط عمييم‬ ‫‪.4‬‬

‫‪ -1‬عقيلة ضيف اهلل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 233‬‬


‫‪ -2‬رفائيال برانش‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ -3‬قريقور ماتياس‪ :‬الفرق اإلدارية المتخصصة في الجزائر بين المثالية و الواقع ( ‪ ، ) 1962 / 1955‬تر‪ ،‬م ‪ ،‬جعفري‪ ،‬منشورات‬
‫السائحي‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2013‬ص‪11‬‬
‫‪ -4‬قريقور ماتياس‪ :‬ادلرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 11‬‬

‫‪20‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫وذلك بيدف الحصول عمى ثقتيم كوسيمة لمحصول منيم عمى المعمومات المطموبة عن‬
‫(‪)1‬‬
‫الثورة‬
‫مهام الفرق اإلدارية المتخصصة‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫كانت ميمة ضابط المصالح اإلدارية المتخصصة تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يحمي السكان بمكافحة جيش التحرير الوطني بتنظيم الغارات و الكمائن‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يعمل عمى مطاردة السياسة اإلدارية «‪ »O,P,A‬أي المنظمة السياسية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -3‬يساعد الجيش الفرنسي عمى توفير المعمومات بيدف تدمير جيش التحرير الوطني‬
‫ومخابئ األسمحة‪.‬‬
‫‪ -4‬إحصاء المواطنين داخل المحتشدات و معرفة عدد العائالت و عدد األفراد الذين‬
‫تضميم كل عائمة ويتم إرسال ىذه القوائم من قبل الضباط الفرنسيين المشرفين عمى‬
‫المحتشد ويشرف عمى توزيع التموين الذي أرسمو الجيش الفرنسي(‪.)2‬‬
‫‪ -5‬مراقبة السكان وادارتيم و المساىمة في المجيود الحربي الفرنسي و تقديم خدمات‬
‫اجتماعية لمسكان بغرض كسبيم و إبعادىم عن تأثير جبية التحرير الوطني (‪.)3‬‬
‫‪ -6‬االحتكاك بالمسممين الجزائريين في الريف و التقريب منيم ‪ ،‬بيدف الحصول عمى‬
‫معمومات منيم حول الثورة والثوار تخدم القوات الفرنسية وتمكنيم من القضاء عمييا وذلك‬
‫مقابل خدمات اجتماعية تقدم إلييم في شكل العمل والغذاء قصد تحسين المستوى‬
‫المعيشي(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬حيىي بو عزيز‪ :‬الثورة يف الوالية الثالثة التارخيية أول نوفمبر ‪ 19 1954‬مارس ‪ ، 1962‬دار األمة للطباعة والنشر و التوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪،‬‬
‫‪ ، 2004‬ص ‪. 191‬‬
‫‪ -2‬قريقور ما تياس‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ -3‬رمضان بو رغدة‪ : :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ -4‬عقيلة ضيف اهلل‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪21‬‬
‫السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة الجزائرية‬ ‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫لقد ساىمت الثورة الجزائرية إلى تحقيق نجاحات كبيرة حيث كان ليا صدى كبير عبر‬
‫كامل التراب الجزائري ‪ ،‬ىذا ما جعل السمطات الفرنسية أن تنتيج سياسة قمعية وزجرية‬
‫ومن بينيا السياسة العسكرية‪ ،‬و المتمثمة في إعالن حالة الطوارئ وكان ىدفو خنق الثورة‬
‫الجزائرية و القضاء عمييا و فصل الشعب عنيا ‪ ،‬باإلضافة إلى قانون السمطات الخاصة‬
‫حيث نجح في تحويل حرب الجزائر إلى حرب شاممة و ارتكاب أبشع الجرائم ضد‬
‫اإلنسانية من طرف الجيش الفرنسي ‪ ،‬كذلك لجأت إلى أسموب أخر و المتمثل في إنشاء‬
‫المناطق المحرمة و األسالك الشائكة‪ ،‬وىذا ما أدى إلى ترحيل السكان و إجبارىم عمى‬
‫ترك مساكنيم و حشدىم في مراكز التجميع و قد كانت ىذه المراكز محاطة بأسالك‬
‫شائكة مكيربو و قد كانت تيدف إلى فصل الشعب عن جيش التحرير الوطني و إفراغ‬
‫الثورة من محتواىا ‪ ،‬كذلك أنشأت المصالح اإلدارية المتخصصة و التي كانت تشرف‬
‫عمى شؤون المجمعين داخل المحتشدات ‪ ،‬لكن رغم األساليب الوحشية التي اتخذتيا فرنسا‬
‫إال أنيا لم تستطيع أن تؤثر عمى الثورة الجزائرية و إخمادىا و ال عمى شعبيا‪ ،‬بل زادتيا‬
‫قوة و عزيمة من طرف الجيش و جبية التحرير الوطني‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تعريف المحتشدات وأنواعها‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أهداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬مراحل وتطوير مراكز التجميع‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬ظروف حياة المجمعين‪.‬‬


‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫تعريف المحتشدات و أنواعها‪:‬‬


‫إن االنتصارات التي حققتيا الثورة عمى المستويين السياسي والعسكري جعمت المستعمر‬
‫الفرنسي يخطط لضرب الثورة و ذلك من خالل انتياجيا لسياسة قمعية وزجرية في حق‬
‫الشعب وذلك من خالل طرد السكان من قراىم ومداشرىم و حشدىم في مراكز التجميع‬
‫محاطة بأسالك شائكة و مكيربو وذلك من أجل فصل الشعب عن الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫تعريف المحتشدات‪:‬‬
‫يعرف المحتشد‪ :‬لغة‪ :‬من فعل حشد‪ ،‬حشدوا‪ ،‬أو اجتمعوا و بابو ضرب وكذا احتشدوا‬
‫وتحشدوا وعندي حشد من الناس بوزن فمس أي جماعة و أصمو المصدر (‪.)1‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫«‬
‫مستوطنة غير طبيعية تضم وطنيين غير مدانين‬ ‫يعرفو عبد المالك المرتاض بأنو‬
‫قضائيا تحيط بيم األسالك الشائكة و يحرسيا جنود فرنسيين وقد أقاميا الجيش الفرنسي‬
‫خالل ثورة التحرير في براح من األرض ليحشر فييا الجزائريين وكانت تضم كل أصناف‬
‫الجزائريين من رجال ونساء وشباب و أطفال و شيوخ (‪.)2‬‬
‫«‬
‫ىو تحويل السكان من مداشرىم دون سابق إنذار و‬ ‫كذلك يعرفو مصطفى خياطي‬
‫تحرق مساكنيم البسيطة ‪ ،‬ثم يجمع ىؤالء السكان في أماكن خالية في غالب األحيان‬
‫ألنيا تضمن األمن األقصى لمجيش لمراقبتيم ‪ ،‬المعسكر مسيج باألسالك الشائكة التي‬
‫وضعت مسبقا و يوضع في عين المكان المنارات لمراقبة كل تحرك في كل األركان (‪.)3‬‬

‫عة مدققة كاملة التشكيل و شليزة ادلداخل‪ ،‬دائرة ادلعاجم‪ ،‬ص ‪58‬‬
‫‪ -1‬زلمد بن أيب بكر بن عبد القادر الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬طب‬
‫‪ -2‬عبد ادلالك ادلرتاض‪ :‬دليل مصطلحات ثورة التحرير الجزائرية (‪ )1962 /1954‬منشورات ادلركز الوطين للدراسات و البحث يف احلركة‬
‫الوطنية ثورة نوفمبر ‪ ، 1954‬الجزائر‪ [ ،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ن ] ‪،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬مصطفى خياطي‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ( ‪ ،)1962/1954‬تر‪ :‬زلمد ادلعراجي وعمر ادلعراجي‪ ،‬دار‬
‫ىومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ [،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ن ]‪ ،‬ص‪29‬‬

‫‪24‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫«‬
‫انتقال مكثف لمسكان يؤدي إلى إنشاء مركز جديد و غالبا ما‬ ‫كما يعرفو أيضا بأنو‪:‬‬
‫يكون ىذا التجمع بالقرب من منطقة محظورة » (‪.)1‬‬
‫أما يحيى بو عزيز فيعرفو‪ « :‬ىو تيجير السكان من قراىم و مداشرىم و مشاتييم في‬
‫األرياف و السيول و الجبال وحشدىم في مراكز ومحتشدات أعدت خصيصا لذلك و‬
‫أحيطت باألسالك الشائكة ومراكز مراقبة و الحراسة الشديدة ليال نيا ار »(‪.)2‬‬
‫أما عمار قميل فيعرف المحتشد أنو‪« :‬عبارة عن مكان فسيح من األرض البيضاء الخالية‬
‫من األشجار ويقع قرب ثكنة لمجيش الفرنسي ومحاط بأسالك شائكة مجيزة بأجيزة إنذار‬
‫تعمم جنود الحراسة و تنبييم عند لمس األسالك من طرف أي شخص كان‪ ،‬وعمى زوايا‬
‫المحتشد يوجد أبراج عالية يتناوب الحراسة فييا جنود فرنسيون طوال األربعة و العشرين‬
‫ساعة وىي مجيزة بمدافع رشاش وأضواء كاشفة قوية تقم بمسح المحتشد ومحيطة ليال‬
‫حتى ال يتسرب أحد إلى خارج المكان(‪.)3‬‬
‫ومنو فالمحتشدات‪ « :‬ىي عبارة ع ن تجمعات بشرية كبيرة وذلك عن طريق تيجير و‬
‫إجالء السكان من قراىم و مداشرىم في األرياف و السيول و الجبال‪ ،‬وحشدىم في مراكز‬
‫و محتشدات‪ ،‬وكانت تضم كل أصناف الجزائريين من رجال ونساء وأطفال و شيوخ‪،‬‬
‫وأحيطت بأسالك شائكة مجيزة بأجيزة إنذار و مراكز مراقبة و الحراسة الشديدة ليال‬
‫ونيارا‪ ،‬وكانت ىذه المحتشدات قريبة من المراكز العسكرية الفرنسية‪ ،‬وكان ىدفيا فصل‬
‫الشعب عن الثورة الجزائرية»‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى خياطي‪ :‬حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي‪ ،‬تر‪ ،ANEP :‬منشورات ‪ ، ANEP‬ادلؤسسة الوطنية‬
‫لالتصال النشر و اإلشهار ‪ ،‬الرويبة‪ ،2013 ،‬ص‪.249‬‬
‫‪ -2‬حيىي بوعزيز‪ :‬الثورة في الوالية الثالثة التاريخية‪ ،‬ادلرجع السابق‪،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -3‬عمار قليل‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 36‬‬

‫‪25‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫العبارات التي استعممت لتعيين تجميعات السكان‪:‬‬


‫إعادة اإلسكان‪ :‬ويعني ذلك أفواجا صغيرة من السكان القرويين الذين غادروا‬ ‫‪.1‬‬
‫أراضييم آخذين معيم القميل من أمتعتيم ليسكنوا في مجمعات سكنية موجودة من قبل وأن‬
‫تكون ىذه مراكز سكنية قروية أخرى أو مساكن قصديرية في المدن ‪ ،‬إن األشخاص الذين‬
‫أعيد إسكانيم بيذه الطريقة سواء كانوا لوحدىم أو معية عائالتيم ال يعتبرون مثل‬
‫المجمعين‪.‬‬
‫التجميع الخاص‪ :‬يعني تجميع كل سكان أو دشرة أو قرية صغيرة أو مركز بالقرب‬ ‫‪.2‬‬
‫من منطقة قد أخميت من سكانيا وتكون المسافة تبعد بعض مئات األمتار (الجبل) أو‬
‫العديد من الكيمومترات‪.‬‬
‫التضييق‪ :‬ويتعمق األمر ىنا بالسكان الذين كانوا يعيشون إلى حد ىذا الوقت‬ ‫‪.3‬‬
‫مشتتين عمى المنطقة أو في نقطة من ىذه المنطقة التي كانوا يقطنون بيا و تصير ىكذا‬
‫القرية الصغيرة تضم بعد ذلك توافد أىم من السكان(‪.)1‬‬
‫أنواع المحتشدات‪:‬‬
‫لقد قسمت مراكز التجميع الى عدة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬التجميعات المؤقتة‪ :‬وىي التجميعات التي تعتبر غير قابمة لمعيش ال اقتصاديا وال‬
‫اجتماعيا فيي بؤر فقر وم اررة‪ ،‬كل كره وحقد عمى السمطة الفرنسية (‪ .)2‬وىي تعتبر كذلك‬
‫كمخيمات الجئين‪ ،‬وىي تجميعات فرضت ألسباب عسكرية فقط (‪.)3‬‬
‫فيي تمك التجميعات الني تكون قاعدتيا االقتصادية سميمة‬ ‫‪ -2‬التجميعات النهائية‪:‬‬
‫وتكون مزودة بمزايا الحياة العصرية في احترام تام لمتقاليد العرفية التي طالما عمرت في‬

‫‪ -1‬مصطفى خياطي‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ -2‬ميشال كورناتون‪ :‬مراكز التجميع في حرب الجزائر‪ ،‬تقدمي ‪ :‬تيليون‪،‬تر‪ :‬صالح الدين ‪،‬ط‪ ،1‬منشورات السائحي‪ ،‬اجلزائر‪ ،2013،‬ص‬
‫‪.83‬‬
‫‪ -3‬مصطفى خياطي‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪26‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويفترض أنيا تكون بؤ ار ال تزاغ فييا من الترقية االجتماعية و العيش الجيد‪،‬‬ ‫بمد مسمم‬
‫إنيا مبنية بالحجارة و لدييا تجييزات جماعية وتستطيع أن تصبح قرى جديدة وامكانية‬
‫ضمان حركة اقتصادية لممجمعين(‪.)2‬‬
‫القسم األول يتمثل في ‪ :‬قريب من الطرق‬ ‫وتقسم المحتشدات إلى قسمين رئيسيين‪:‬‬
‫العمومية واألراضي المنبسطة و ىذا القسم معرض لرؤية الصحافيين و غيرىم ولذلك‬
‫اعتنى الجيش الفرنسي بو فوفر لمجميع فيو بعض المساكن المقبولة وحد أدنى من‬
‫المعيشة ليتظاىر بأنو ال يرمي من إقامة ىذه المراكز إلى إبادة الشعب الجزائري‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬فيي المراكز البعيدة وىي األكثرية المطمقة ليذه المراكز وىي مثال لمبؤس‬
‫‪ 15‬و ‪ 16‬عائمة كبيرة في غرفة‬ ‫و التعاسة التي ال نظير ليا فنجد االستعمار يحشد‬
‫(‪)3‬‬
‫واحدة وىي عبارة عن كوخ حقير ال يقييم من البرد والمطر‬
‫كذلك تقسم مراكز التجميع إلى مراكز انتقالية وىي المراكز التي تنشأ بالقرب من الطرق‬
‫العمومية و السيول‪ ،‬وتمثل النموذج الذي يريد الفرنسيون تقديمو لمرأي العام ووسائل‬
‫( ‪ ،) 4‬أما المراكز التمقائية فيي‬ ‫اإلعالم لذا يتم االعتناء بيا‪ ،‬وعدد ىذه المراكز قميل‬
‫(‪)5‬‬
‫المحتشدات التي تم إنشاؤىا بسرعة لتسمح بتطويق وتنظيف منطقة معينة‬
‫طرق تجميع السكان‪:‬‬
‫منذ سنة ‪ 1956‬أخذت فكرة التجميع طابع الخطة المستمدة إلخالء كل المناطق‬
‫المعروفة بوالئيا لجيش التحرير من السكان وجعميا مناطق محرمة ومن ىذه السنة تحدد‬
‫أسموب عممية التجمع و يكون بطريقتين (‪:)6‬‬

‫‪ -1‬ميشال كورناتون‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 83‬‬


‫‪ -2‬مصطفى خياطي‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر‪ ،‬ادلرجع السابق ‪،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد‪:‬الجيش الفرنسي يستمر في إجالء السكان عن البوادي‪ ،‬ج‪ ،2‬العدد‪ ، 1959/07/19 ، 46 :‬ص ‪. 10‬‬
‫‪ -4‬إبراىيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫صبللنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2010 ،‬ص ‪. 378‬‬
‫‪ -5‬زلمد تقية‪ :‬الثورة الجزائرية‪ ،‬المصدر‪ ،‬الرمز و المال‪ ،‬تر‪ :‬عبد السالم عزيزي‪ ،‬دار الق ة‬
‫‪ -6‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 126‬‬

‫‪27‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الطريقة األولى‪:‬‬
‫‪ -1‬التجميعات العفوية وغير اإلرادية‪:‬‬
‫وىي التجميعات التي أنشأت بسرعة من أجل أن يسمح بتطيير جية ما (‪ ،)1‬و تكون ىذه‬
‫الطريقة دون عمم السكان ويتم تجميعيم بسرعة من طرف الوحدات العسكرية العميا‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪،‬وتنشأ بناءاً عمى أوامر قيادة أركان‬ ‫فالشعب المحتشد يصبح تحت اإلدارة العسكرية‬
‫الفرق حيث يتم حشر السكان إلييا بالقمع و القوة دون إعطاء ميمة حيث تيدم قراىم و‬
‫مداشرىم وتجمع في السيارات والشاحنات و تنقميم بنفسيا إلى مراكز التجميع‪ ،‬حيث‬
‫يأمرون ببناء األكواخ من القش و الطين و يفرض عمييم أن تكون ضيقة متالصقة وليا‬
‫باب واحدة صغيرة حتى تتمكن من مراقبتيا من برج الحراسة بسيولة (‪.)3‬‬
‫ومن أمثمة المراكز التي تم إنشاءىا بالطريقة العفوية والغير إرادية بالوالية الرابعة‪ :‬مركز‬
‫برج بونعامة‪ ،‬بوقايد ولزهرية حيث تم جمع كل مداشر و جبال الونشريس (‪.)4‬‬
‫‪ -2‬التجميعات اإلرادية‪:‬‬
‫وىي تمك التي عادة ما يتم إنشاؤىا ببعض البرودة في غياب عمميات ذات أىمية كبيرة‬
‫ويتم غالبا المجوء إلى ىذه الحمول بعد بناء مداشر جديدة واذ كانت بعض المراكز‬
‫المعروفة(‪ ،)5‬وتنشأ عندما توجو أوامر لمسكان بااللتحاق بمركز معين مع إعطائيم ميمة‬
‫ال تتعدى ‪ 24‬ساعة ثم تقوم الطائرات أو الدبابات بقنبمة القرية مباشرة بعد انتياء الميمة‬
‫حتى ولو بقي بيا ( ‪ ،) 6‬و يتم إقرارىا في غياب العمميات العسكرية الواسعة وبعد بناء‬
‫(‪)7‬‬
‫حيث تتخذ االحتياطات الالزمة كإنشاء ىذه المراكز قرب المراكز‬ ‫المشتى أحيانا‬

‫‪ -1‬باتريك إفينو‪ ،‬جون بالنشايس‪ :‬حرب الجزائر‪ ،‬ج‪، 2‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 100‬‬
‫‪ -2‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -4‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ -5‬باتريك إفينو‪ ،‬جون بالنشايس‪ :‬حرب الجزائر‪ ،‬ج‪، 2‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 100‬‬
‫‪ -6‬إبراىيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 121‬‬
‫‪ -7‬زلمد تقية‪ :‬الثورة الجزائرية‪ ،‬ادلصدر‪ ،‬الرمز و ادلال ‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 379‬‬

‫‪28‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫)‪ ،‬ويشرف عمييا مسئولي القطاع أو المصالح اإلدارية‬ ‫( ‪1‬‬


‫العسكرية قبل الرحيل‬
‫المتخصصة(‪.)2‬‬
‫أوالد زياد‬ ‫ومن أمثمة ىذه المراكز التي تم إنشاءىا بالطريقة المنظمة أو اإلرادية‪ :‬مركز‬
‫بالشمف ومطماطة و جبابرة بدائرة مميانة(‪.)3‬‬
‫أهداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع‪:‬‬
‫لقد لجأت السمطات الفرنسية إلى إخراج سكان األرياف من مساكنيم و تيجيرىم و‬
‫تجميعيم في محتشدات قريبة من المراكز العسكرية‪ ،‬و لقد لجأت ليذه اإلستراتيجية ضد‬
‫الشعب الجزائري‪ ،‬من أجل تحقيق عدة أغراض و أىداف شتى‪،‬نذكر من أىميا‪:‬‬
‫فصل الشعب الجزائري عن الثوار وذلك من خالل‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عزلو وجعمو مراقبا أشد مراقبة إذ أن العين العسكرية تحرسو ىذه المرة أحسن من‬ ‫‪)1‬‬
‫أن يبقى ىذا الشعب في مساكنو و في بيوتو‪.‬‬
‫ترىيبو وبعث الخوف و اليمع في نفسو حتى يركع لمسمطات العسكرية‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫تجويعو أكثر مطبقا « أن كل ما جوعت الشعب أطاعك »‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫تفكيك رابطتو االجتماعية و فصمو عن الثوار و عن الجانب العسكري (‪.)4‬‬ ‫‪)4‬‬
‫األهداف العسكرية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫كانت فرنسا تسعى من خالل إقامتيا لمتجميعات السكانية لتحقيق أىداف عسكريو من‬
‫بينيا ‪:‬‬
‫تجويع الفالقة و حرمانيم من أية صمة بذوييم و باعتراف السمطات الفرنسية‬ ‫‪)1‬‬
‫نفسيا فإن التجميعات ىي قبل كل شيء آلة حربية تسمح بقطع جيش التحرير الوطني‬

‫‪ -1‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 128‬‬


‫‪ -2‬إبراىيم طاس‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 121‬‬
‫‪ -3‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 128‬‬
‫‪ -4‬خلضر شريط ‪ :‬إستراتيجية العدو الفرنسي لتصفية الثورة الجزائرية ‪ ،‬طبعة خاصة‪ ،‬منشورات ادلركز الوطين للدراسات و البحث يف احلركة‬
‫الوطنية وثورة نوفمرب ‪1954‬م ‪ ،‬سلسلة ادلشاريع الوطنية‪ ، 2007،‬ص ‪. 203‬‬

‫‪29‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫مثل‪ :‬التموين‪ ،‬التجنيد‪ ،‬إرشاد‬ ‫عن قواعده الشعبية و دعميا الموجستي الضروري‬
‫واستعالمات‪.‬‬
‫شل حركات جيش التحرير الوطني ومنو التحرك في داخل البالد ومد الجسور بينو‬ ‫‪)2‬‬
‫وبين الشعب‪.‬‬
‫‪ )3‬عزل جيش التحرير الوطني عن عمقو اإلستراتيجي‪ ،‬و محاصرة الثورة‪ ،‬من خالل‬
‫قطع الصمة بينيا وبين الريف الذي يعتبر الممول الرئيسي ليا (‪.)1‬‬
‫‪ )4‬تطويق المجتمع الريفي و مراقبتو‪ ،‬ىناك أىداف أكثر أىمية الذي جعل القوات‬
‫الفرنسية تحرص عمى إقامتيا بالقرب من المراكز العسكرية حيث يوجد برج المراقبة و‬
‫كأنيا نافذة بارزة يمكن أن تراقب الثوار‬
‫عمى مسافة بعيدة و إحاطتيا بأسالك شائكة (‪.)2‬‬
‫لجأت فرنسا إلى إقامة المحتشدات و ذلك من أجل تحقيق غايتيا و ىدفيا والمتمثل في‪:‬‬
‫‪ )1‬حماية السكان من ضربات جيش التحرير الوطني ومن عمميات التأثير التي تقوم بيا‬
‫جبية التحرير الوطني و ذلك تطبيقا لمسياسة المعتمدة عمى مبدأ تجفيف حوض الماء‬
‫ليختنق السمك متفطنة لمقولة ماوتسي تونغ الشييرة « إن جيش التحرير الوطني ال بد أن‬
‫يكون وسط الشعب كما يكون السمك في الماء (‪.»)3‬‬
‫‪ )2‬جمع الشعب في مناطق معينو مكشوفة تحاط باألسالك الشائكة و المراقبة الدقيقة‬
‫لكل من يدخل أو يخرج من ىذا المحتشد (‪.)4‬‬
‫‪ )3‬فصل الشعب عن المجاىدين حتى ال يجدوا المأوى و ال الطعام وال المساعدة‬
‫الضرورية لمقيام بيجومات عمى العدو‪ ،‬وقطع أي مساعدة لوجستية ممكنة قد يقدميا ىؤالء‬

‫‪ -1‬ميشال كورناتون‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 92‬‬


‫‪ -2‬رشيد زبري ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 129‬‬
‫‪ -3‬دلياء بوقريوه‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬
‫‪ -4‬عمار قليل‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 34‬‬

‫‪30‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫السكان لمثوار(‪.)1‬‬
‫‪ )4‬تحطيم مختمف أشكال التضامن التي تجمع بين القرويين و المتمردين ‪ ،‬وكذلك سبل‬
‫األمن العسكري تمر أيضا عبر التفكيك االجتماعي و ليست قضية تحويل بسيط في‬
‫جيات أخرى تندرج العممية في منظور ىيكمي أي إعادة تنظيم اجتماعي بحق يراىا أحد‬
‫المتحمسين ليا فوق النمط المتبع من أجل فرض الرقابة عمى السكان (‪.)2‬‬
‫‪ )5‬أقامت فرنسا المحتشدات لمقضاء عمى فكرة االستقالل وعمى نظام جبية التحرير‬
‫الوطني وذلك من خالل الدعاية االستعمارية وأساليبيا الممتوية في المسخ و التنويو‬
‫ومحاولة القضاء عمى الكيان الجزائري(‪.)3‬‬
‫‪ )6‬كانت السمطات االستعمارية تيدف من إقامة مراكز التجميع ىو حرمان الثورة من‬
‫الم دد الذي يأتييا من الشعب فقد كان جيش التحرير يمول أساسا من الشعب وكانت‬
‫مصادره موزعة كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬االشتراكات وحدىا ‪ 200‬فرنك قديم عمى كل جزائري ‪.‬‬
‫‪ .2‬ضريبة تبرعات تفرض عمى األغنياء‪.‬‬
‫‪ .3‬غرامات لممخالفين لمتعميمات ‪.‬‬
‫‪ .4‬التبرعات بالمواد ‪ ،‬ألبسة‪ ،‬غذاء‪ ،‬أدوية‪،‬‬
‫و فوق ذلك عمدت السمطات االستعمارية التي توزع ال مؤونة عمى السكان‪ ،‬بوصل لمنع‬
‫تموين الثورة وكل واحد يأخذ ما يقتات بو و أسرتو لمدة أسبوع أو شير‪ ،‬ويكون المقدار‬
‫محدد حسب عدد أفراد األسرة(‪.)4‬‬
‫‪ )7‬التأثير عمى معنويات المجاىدين الذين ال يمكنيم االستمرار في المقاومة دون مساندة‬

‫‪ -1‬عبد ادلالك ادلرتاض‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 76‬‬


‫‪ -2‬رافائيال برانش‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 365‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد‪ :‬كفاح في المحتشد‪،‬ج‪ ، 3‬العدد ‪ 13 ، 70 :‬جوان ‪ ، 1960‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -4‬إبراىيم الطاس‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 123 ، 122‬‬

‫‪31‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الشعب ليم فيستسممون بعد أن يحرموا من التموين و التجييز وايصال المعمومات و‬


‫األخبار التي تخص العدو تحركاتو (‪.)1‬‬
‫‪ )8‬منع السكان من التناسل حتى يحرم الشعب الجزائري من جيل جديد لممستقبل وذلك‬
‫من خالل القيام بعمميات تعقيم الشباب من ذكور و إناث كوسيمة من وسائل الناجعة في‬
‫إبادة الشعب الجزائري‪.‬‬
‫‪ )9‬تطويق الجزائر بأكمميا من خالل إنشاء المناطق المحرمة‪ ،‬وجمع سكانيا في‬
‫محتشدات و إحاطة القرى و المدن باألسالك الشائكة‪ ،‬ووضع السدود المكيربة عمى‬
‫الحدوديين الشرقية و الغربية من الوطن من أجل أن تصبح الجزائر عبارة عن سجن‬
‫كبير‪ ،‬يمكن لمسمطات االستعمارية قطع المؤن و العتاد و المساعدات المختمفة التي تأتي‬
‫من خارج الوطن ومن خارج أرض المعركة‪.‬وبالتالي يتسنى ليا حرمان جيش التحرير‬
‫الوطني من كل ا إلمدادات التي كان يتمقاىا من الشعب وىو يسيل عمييا محاصرتو ثم‬
‫القضاء عميو نيائياً(‪.)2‬‬
‫‪ )10‬استعمال ىذه المراكز كقواعد خمفية لتموين مختمف العمميات القتالية ال سيما‬
‫التشيط‪ ،‬ىذه التجمعات السكانية معروفة ومحددة‪ ،‬يقوم العدو بناء أعمى ذلك بمالحظة‬
‫م‬
‫(‪.)3‬‬
‫القوى المحيطة لمراقبة كل التحركات المشبوىة‪ ،‬ومنيا يراقب المناطق الممنوعة‬
‫مراحل وتطوير مراكز التجميع‪:‬‬
‫إن مفيوم تجميع السكان موجود كمفيوم إداري في قانون الغابات الفرنسي الصادر في‬
‫سنة ‪ 1827‬م ‪ ،‬وقد كان اليدف منو تحويل حق استعمال المناطق الغابية إلى حق‬
‫ممكية تامة وحرية التصرف الكاممة بمساحة محدودة منيا لتحديد المستفيدين عمى مستوى‬

‫‪ -1‬الغايل الغريب‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 274‬‬


‫ص ص ‪.41 ،40‬‬ ‫‪ -2‬أحسن بومايل‪ :‬مراكز الموت البطيء ‪ :‬وصمة عار في جبين فرنسا االستعمارية‪ ،‬زللية ادلصادر‪ ،‬العدد‪، 8 :‬ماي ‪،2003‬‬
‫‪ -3‬صاحل ميكاشري‪ :‬حرب التحرير الوطنية في مراكز القيادة للوالية الثالثة‪ ،)1962 / 1957( ،‬تر‪ :‬العيد دوان األمل للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬تيزي وزو‪ ، 2012 ،‬ص ‪.156‬‬

‫‪32‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الغابات قامت اإلدارة االستعمارية ابتداء من سنة ‪1840‬م بنقل ىذا المبدأ إلى الجزائر و‬
‫تطبيقو في إطار آخر‪ ،‬إذ أن األراضي المعينة ىذه المرة كانت تشمل أراضي القبائل‬
‫الجماعية عمى أساس عدم عرضيا لمبيع‪ ،‬إذا فيي ليست بممكيات بل مناطق محدودة يتم‬
‫منحيا لممزارعين ( ‪ .) 1‬وتميزت سياسة التجميع خالل تطبيقيا أثناء حرب الجزائر بثالث‬
‫مراحل‪:‬‬
‫المرحمة األولى‪ :‬تمتد من ‪ 1955‬إلى ‪ 1959‬ويمكن القول أن كل واحد قد جمع‬ ‫‪-‬‬
‫دون فكرة رائدة دقيقة صادرة عن سمطات أعمى ‪.‬‬
‫المرحمة الثانية‪ :‬تمتد ىذه المرحمة من ‪ 1959‬الى‪1961‬م فتوافق نشأة سياسة‬ ‫‪-‬‬
‫رسمية لمتجميعات وتطورىا‪.‬‬
‫المرحمة الثالثة‪ :‬كانت ىذه المرحمة ابتداءا من ماي ‪ 1961‬حيث انطمقت سياسة‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪،‬وكان ىدف فرنسا منيا ىو تشتيت الجزائريين ‪،‬وابعادىم عن منطقة عمميم‬ ‫التشتيت‬
‫االصمية إلضعاف امكانتياتيم االقتصادية واضعاف مستواىم المعيشي ‪ ،‬عمى أمل ان‬
‫ينخمو عن اعانة الثورة ‪،‬فعممية التشتيت في المدن متممة لعممية التجميع في البوادي ألنيا‬
‫(‪)3‬‬
‫تخدم غرضا واحدا‬
‫منذ الطمقات النارية األولى المعمنة لبداية حرب الجزائر قامت السمطة العسكرية المستعمرة‬
‫في الجزائر بحوصمة و أقرت أن األوراس ىي البؤرة األكثر أىمية لالنتفاضة و يجب‬
‫القمع أن يبدأ من ىذه المنطقة‪ ،‬حيث أقيمة أولى مراكز التجميع باألوراس سنة ‪1955‬م ‪،‬‬
‫وكانت بمناطق مشونش وتكوت و بوحمامة (‪ ،)4‬حيث تم تجميع سكان الدواوير ال مبعثرة‬
‫قرب مركز عسكري‪ ،‬حيث سمح بإنشاء مناطق المحرمة لتطبيق األرض المحروقة‪ ،‬وقد‬

‫‪ -1‬مصطفى خياطي‪ :‬حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫ميشال كورناتون ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد ‪ :‬مراحل مراكز التجميع وتطويرها‪ ،‬ج‪ ، 4‬العدد ‪ 03 ،99:‬جويلية ‪،1961‬ص‪.04‬‬
‫‪ -4‬مصطفى خياطي‪ :‬حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬

‫‪33‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫و ظيرت‬ ‫شرعت األركان الفرنسية في القيام بعمميات واسعة النطاق أرضية وجوية‬
‫المحتشدات بمجرد ما وضعت حالة الطوارئ حيز التنفيذ حيث دخمت الجزائر مرحمة‬
‫جديدة من حياتيا‪،‬وكان المجوء إلى إنشاء المحتشدات أم ار منطقيا يندرج في إطار المادة‬
‫السابعة من وثيقة حالة الطوارئ (‪.)2‬‬
‫أخذت فكرة التجمع طابع المنطقة خالل سنة ‪1956‬م إلجالء كل المناطق المتعفنة من‬
‫السكان وجمعيا‪ ،‬ومنذ ىذه السنة أيضا تحدد أسموب عممية التجمع عمى الشكل النيائي‬
‫ويتمثل ىذا األسموب في القيام بعممية عسكرية واسعة النطاق " منطقة ‪ ،‬منطقة " فيضرب‬
‫الحصار الكامل حول المنطقة التي تصبح تحت رحمة الطائرات والمدافع(‪.)3‬‬
‫فالتجميعات السكانية ىي ممحق المناطق الحرمة ‪ ،‬حيث شممت مراكز التجميع خالل‬
‫(‪)5‬‬
‫ىو الذي أنشأ‬ ‫السنتين ‪1957‬م و ‪ 1958‬الجزائر كميا ( ‪ ،) 4‬ويعد الجنرال بارالنج‬
‫مراكز التجميع في منطقة األوراس‪ ،‬حيث عين قائدا مدنيا وعسكريا ألوراس النمامشة (‪.)6‬‬
‫«‬
‫لقد أنشئت التجميعات الثالثة‬ ‫وقد كتب الجنرال بارالنج بتاريخ ‪ 28‬جويمية ‪1960‬م‬
‫ألن‬ ‫األولى لألوراس سنة ‪1955‬م في ثالثة مراكز لمشونش و تك وت و بوحمامة‬
‫عب و الغابيو » واعتبرت مراكز‬
‫عصابات الثوار كانت تضغط عمى سكان ىذه الجبال الص ة‬
‫التجميع لسياسة إحالل السمم التي وصمت إلى إنشاء المناطق المحرمة‪ ،‬وخالل سنة‬
‫‪1957‬م طبقت إستراتيجية لمراكز التجميع وتوسعت إلى كل الوطن مع موافقة كل قادة‬

‫‪ -1‬فاروق عطية‪ :‬األعمال اإلنسانية أثناء حرب التحرير ‪ 1962/1954‬تقدمي ‪ :‬سعد دحلب و مصطفى مكاشي‪ ،‬تر‪ :‬كابوية عبد الرمحن‬
‫وسامل‪ ،‬منشورات دحلب‪ ،‬اجلزائر ‪، 2010‬ص ‪. 128‬‬
‫‪ -2‬زلمد العريب الزبريي‪ :‬تاريخ الجزائر المعاصر‪،‬ج‪ ، 2‬منشورات لكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،1999 ،‬ص ‪. 24‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد‪ :‬ج‪ ، 4‬العدد ‪، 99 :‬ادلصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ -4‬ميشال كورناتون‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫ىو مغريب عريق مروض على العرب كما على السلم ويتمتع بشجاعة كبرية وقد عني يف ‪1955/04/28‬م قائدا عاما للمناطق اليت أعلنت فيها حالة الطوارئ لإلطالع‬ ‫‪-5‬‬
‫بالتدابري العسكرية و السياسية و اإلدارية علما أنو كان قائدا لناحية الصو يرة بادلغرب األقصى‪ ،‬ويتقن اللغتني‪ :‬العربية والرببرية‪ ،‬ووضعت السلطات الفرنسية حتت سلط تو الفيلق‬
‫الذي حصل على أكرب عدد من األومسة من بني فيالق اجليش الفرنسي‪ ،‬ينظر‪ :‬رمضان بورغدة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫‪ -6‬ميشال كورناتون‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪34‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عبر أنحاء التراب الوطني‪ ،‬وييدف إعطاء‬ ‫وتميزت بالحدة و بالخطورة‬ ‫الجيش‬
‫الشريحة ليذه العممية الالإنسانية أصدرت السمطات االستعمارية قرار بتاريخ‬
‫(‪)2‬‬
‫حيث‬ ‫‪1957/09/17‬م يقضي بترحيل سكان الجبال بمختمف الطرق وبأسرع ما يمكن‬
‫تم حشد عدد كبير من الناس في مراكز خصصت ليذا الغرض ألن منظري الحرب‬
‫»‬ ‫«‬
‫وىكذا‬ ‫مثل الحوت في البحر‬ ‫المضادة لمثورة يرون أن اليكون جيش التحرير الوطني‬
‫اضطر العديد من الفالحين إلى ىجرة أراضييم وممتمكاتيم فبقيت المساكن خالية‪ ،‬ثم يأتي‬
‫دور العساكر الفرنسية لتستولي عمى ثرواتيم وبعد أن تخمى ىذه المناطق من السكان‬
‫يشرع في قصفيا بالمدفعية الثقيمة(‪.)3‬‬
‫تجميع القبائل البدو و الرحل‪:‬‬
‫‪ 1957‬م‪ ،‬حيث تم تجميع قرابة‬ ‫بدأت عمميات حشد قبائل البدو و الرحل منذ سنة‬
‫(‪)5‬‬
‫وتحت الخيام و بخاصة في مقاطعات تيارت‬ ‫« من البدو وأشباه البدو‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪400000‬‬
‫وسعيدة ووىران و المدية و باتنو و عنابو ووجود مراكز في الوادي و تقرت و خاصة في‬
‫بشار(‪.)6‬‬
‫أسباب حشد قبائل الرحل‪:‬‬
‫إفالس السكان لفقدانيم لمواشييم‪ ،‬وحرمانيم من التأمينات واألماكن الذي كانوا‬ ‫‪.1‬‬
‫يتمتعون بو من قبل و تركيم للخم ول والبطالة‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى خياطي‪ : :‬معسكرات التجميع في الجزائر‪،‬أثناء حرب التحرير ادلرجع السابق ص ‪. 55،56‬‬
‫‪ -2‬أحسن بومايل‪:‬ادلرجع السابق ص‪. 41‬‬
‫صب‪ ،‬اجلزائر‪، 2012 ،‬ص ص ‪. 76،77‬‬
‫‪ -3‬زلمد تقية‪ :‬حرب التحرير في الوالية الرابعة‪ ،‬تر‪ :‬بشري بو لفراق‪ ،‬دار الق ة‬
‫‪ -4‬ميشال كورناتون‪ :‬مصدر السابق ص ‪. 137‬‬
‫‪ -5‬أشباه البدو ال يكادون ينحازون حدود الدائرة و مييلون إىل االستقرار‪ ،‬أما البدو فإهنم يعهدون بزراعة أراضيهم ألىل القصور وميلكون قطعانا‬
‫أكرب فإن بإمكاهنم جتاوز حدود الدائرة‪ ،‬وقد انتشر البدو وأشباه البدو على حواف الصحراء يف ضلو عشرة مقاطعات و لكن أكثر عدداُ يف‬
‫اذلضاب العليا الوىرانية‪ ،‬ينظر ‪ :‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر نفسو‪ ،‬ص ‪. 137‬‬
‫‪ -6‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر نفسو‪ ،‬ص ‪. 137‬‬

‫‪35‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫سمب السكان مسؤولية تقرير مصيرىم و جعميم تحت السمطة الفرنسية (‪.)1‬‬ ‫‪.2‬‬
‫حماية السكان من انتقام المتمردين وسيولة التمكين لممراقبة أفضل‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تسييل تعقيب الفالقة العابرين أو المقيمين في المنطقة‪ ،‬وقد أيد القياد ورؤساء‬ ‫‪.4‬‬
‫أنسيم لوضعيم تحت حماية فرنسا (‪.)2‬‬
‫الدوار أنفسيم رغبة في تجميع ا‬
‫سياسة األلف قرية لمتجميعات‪:‬‬
‫شيدت سنة ‪ 1959‬م ميالد سياسة رسمية لمتجميعات سعت المفوضية العامة بإحالليا‬
‫محل السياسة الفوضوية لقادة القطاعات واألحياء الفرعية‪ ،‬حيث تم إنشاء مشروع ألف‬
‫قرية تحت إشراف الضباط العسكريين المسيرين لألقسام اإلدارية المتخصصة )‪، ( SAS‬‬
‫ويقوم ىذا المخطط عمى أساس تحويل المحتشدات إلى قرى حقيقية‪ ،‬ومن اإلجراءات‬
‫السكان واقامة في بداية األمر‬ ‫عمى أساس تيجير‬ ‫العسكرية القائمة في ىذا الشأن‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫يوم ‪25‬‬ ‫‪ ،‬كتب بول دولوفريية‬ ‫المحتشدات ليم ثم تحويل ىذه األخيرة إلى قرى‬
‫ماي ‪1960‬م إن الخبرة المكتسبة سنة ‪1959‬م وتطور إحالل السمم‪ ،‬أعطيكم تعميمات‬
‫جديدة في ما يتصل بتجميع السكان فعمى النظري أدعوكم إلى استيعاب المفيوم اآلتي‪:‬‬
‫إن التجميع ال يمكن تصوره إال منظور أ نو مرحمة نحو القرية التي ىي السوسيولوجية‬
‫القابمة لمحياة ورمز تقدم البمد وينبغي أن تتأسس القرية بحسب المواد المتوفرة في محيط‬
‫استصالح فيي تتبع من االقتصاد المحمي وتشيد عمى حيوية وارادة خاصة في االستدامة‬
‫الم جمعين ‪ ،‬ومنو أصبحت التجميعات المؤقتة و‬ ‫وال يمكن إقامتيا إال بموافقة السكان‬
‫النيائية مبينو بالصمب والمزودة بتجييز جماعي "القرى الجديدة"(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬مصطفى خياطي‪ :‬حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي‪،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 250‬‬
‫‪ -2‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر السابق ‪،‬ص ‪. 144‬‬
‫‪ -3‬خلضر شريط ‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ -4‬ىو مفتش عام دلراكز التجميع وقد أصلز مهمة ر تو‬
‫قاب بزيارة ادلراكز و االتصال بالسلطات ادلدنية و العسكرية وإعداد مشاريع اإلصالح من‬
‫شأهنا حتسني قدر السكان اجملمعني‪ ،‬و ىو الذي أطلق عبارة األلف قرية وىو الشعار الذي ال حيدد ثبات عدد القرى اجلديدة‪ ،‬ينظر‪ :‬ميشال‬
‫كورناتون‪ :‬املصدر السابق‪،‬ص ‪. 100‬‬
‫‪ -5‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر نفسو ‪،‬ص ‪.100‬‬

‫‪36‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫أقامت فرنسا ما يزيد عن ‪ 2500‬محتشد عمى سفوح الجبال و المواقع المكشوفة (‪،)1‬‬
‫وعمت جميع أنحاء البالد‪ ،‬ىجر إلييا جيش االحتالل السكان بالجممة وبعشرات اآلالف‪،‬‬
‫وقد أحيطت ىذه المحتشدات باألسالك الشائكة وفرق الجيش والشرطة وجنود الحركة و‬
‫القوم وضباط الشؤون األىمية وسمط عمى السكان جميع أساليب القمع و االضطياد(‪.)2‬‬
‫إحصاءات عدد المحشودين داخل مراكز التجميع‪:‬‬
‫‪1958‬م‬ ‫اعترفت السمطات الفرنسية بأن عدد األشخاص في مراكز التجميع خالل سنة‬
‫قد بمغ ‪ 740‬ألف ثم أصبح ىذا العدد في سنة ‪ 1959‬حسب األرقام الرسمية الفرنسية‬
‫يناىز المميون‪ ،‬و ىنا يجب أن نالحظ بأن السمطات الفرنسية لم تكن في يوم من األيام‬
‫تقدم أرقاما صحيحة في أي شيء يتصل بالجزائر فيي تزيف األرقام حسب ىواىا‬
‫جويمية ‪1959‬م إحصاء‬ ‫ومصمحتيا(‪ ،)3‬لكن ىناك من يذكر أن عدد المجمعين خالل‬
‫مميونين من األشخاص الميجرين (‪ ،)4‬وكان عدد الرجال المتواجدين في ىذه المراكز كان‬
‫«‪،‬حيث كانت نسبة األطفال مرتفعة جدا داخل‬ ‫(‪)5‬‬
‫منخفضا مقارنة بعدد النساء واألطفال‬
‫مراكز الحشد حيث وصل عددىم خالل سنة ‪1959‬م إلى أزيد من مميون(‪.»)6‬‬
‫‪ 166‬محتشد و ‪ 180‬في الوالية األولى‬ ‫بمغ عدد المحتشدات في الوالية الثانية حوالي‬
‫‪ ،)7(1959‬أما عدد المجمعين فقد بمغ عددىم في‬ ‫خالل فترة تطبيق مخطط شال سنة‬
‫الجزائر العاصمة ‪ ، 730937‬ووىران بمغ عددىم ‪ ، 454124‬أما قسنطينة فقد بمغ‬

‫فضذلا ادلؤسسة العسكرية الفرنسية إلقامة احملتشدات ألهنا تسمح بادلراقبة‪ .‬ينظر‪ :‬رشيد زبري‪:‬‬
‫‪ -1‬سفوح اجلبال وادلواقع ادلكشوفة ىي ادلواقع اليت ت‬
‫ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫‪ -2‬دلياء بوقريوة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد‪ :‬ج‪ ، 4‬ادلصدر السابق‪ ،‬العدد ‪ ، 1961 /7/ 13 ، 99 :‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ -4‬زلمد تقية‪ :‬الثورة الجزائرية‪ ،‬ادلصدر‪ ،‬الرمز والمال‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 380‬‬
‫‪ -5‬باتريك إفينو‪ ،‬جون بالنشايس‪ ،‬حرب الجزائر‪ ،‬ج‪ ، 2‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 101‬‬
‫‪ -6‬زلمد تقية‪ :‬الثورة الجزائرية‪ ،‬المصدر‪ ،‬الرمز وادلال‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 380‬‬
‫‪ -7‬دلياء بوقريوة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 57‬‬

‫‪37‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫عددىم ‪ 601098‬شخص(‪ ،)1‬أما في عمالة تممسان فيذكر ديموفرييه أن عدد المجمعين‬


‫إلى ‪ 70‬ألف بينما ىو يتجاوز مائة ألف والعدد الرسمي في دائرة سطيف يقدر ب‬
‫‪ 2500‬محتشد ‪ ،‬وأن عدد‬ ‫‪ 66800‬شخص(‪ ،)2‬وقد بمغ عدد المحتشدات في الجزائر‬
‫الجزائريين الذين زج بيم في مراكز التجميع كان يتراوح بين ‪ 2571000‬و ‪3000000‬‬
‫شخص و فرض عمييم جميعا الحصار المشدد ومنعوا من التجول في أوقات محددة‬
‫ومعينة(‪.)3‬‬
‫ظروف حياة المجمعين‪:‬‬
‫إن ظروف العيش لمسكان داخل مراكز التجميع متدنية ومزرية لمغاية يمكن وصفيا‬
‫بالمراكز العقابية‪ ،‬حيث تنعدم فييا الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وكانت حالة المجمعين‬
‫مأساوية تنعدم فييا أدنى شروط الحياة‪ ،‬حيث كان السكان مجمعين في محتشدات في‬
‫العراء تحت ح اررة الصيف وبرودة الشتاء وسط األسالك الشائكة وتم االستيالء عمى كل‬
‫( ‪ ،) 4‬وأصبحت أوضاعيم في ىذه‬ ‫م متمكات الشعب واتالفيا وتركيم دون مئونة أو زاد‬
‫المحاشر أشبو ما تكون التي كان يعيشيا المعتقمون في معسكرات االعتقال النازية خالل‬
‫الحرب العالمية الثانية حيث حرموا من أبسط شروط الحياة بعد أن فقدوا موارد رزقيم‬
‫حينما أجبروا عمى ترك مواطنيم التي ارتبطوا بيا منذ القدم‪ ،‬وفي ىذا اإلطار اعترف‬
‫تقرير رسمي فرنسي نشرتو يوم ‪ 15‬أفريل ‪ 1959‬لجنة تحقيق أ نشأىا المفوض العام‬

‫لمحكومة الفرنسية في الجزائر‪ ،‬السيد دولوفريه بأن سكان ىذه المحتشدات يعيشون ظروفاً‬
‫(‪)5‬‬
‫قاسية‬

‫‪ -1‬خلضر شريط‪ ،‬سلسلة المشاريع الوطنية للبحث‪ :‬ادلرجع السابق ص ‪. 204‬‬


‫‪ -2‬اجملاىد‪ :‬ج ‪ ، 4‬العدد‪ ، 99 : ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ -3‬دلياء بوقريوة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫‪ -4‬سلتار فياليل‪ :‬فرنسا وأساليب القمع والتعذيب الوحشي و الحرب النفسية ضمن مخطط القضاء على الثورة الجزائرية‪ ،‬رللة الرتاث‪،‬‬
‫العدد‪ ، 5 :‬فيفري‪ 1992،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -5‬رمضان بو رغدة‪ : :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪38‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الحياة االقتصادية‪:‬‬
‫المستوى المعيشي‪:‬‬
‫إن المستوى المعيشي لممحتشدين بات يىددىم بظاىرة المجاعة حيث جاء في تقرير الذي‬
‫سمم إلى ديموفرييه من طرف المحققين ما يمي‪« :‬إن أكثر من مميون من المحتشدين رجال‪،‬‬
‫نساء وأطفال ميددون بالمجاعة »‪ ،‬حيث أصبحت ظاىرة المجاعة تخيم عمى كل مراكز‬
‫التجميع حتى أصبح يطمق عمييا بمحتشدات الموت‪ ،‬وىذا ما أكدتو شيادة الراىب لومنت‬
‫بما يمي‪ « :‬في إحدى مراكز إقميم الجزائر رأيت خمسة أطفال يموتون موتا حقيقيا بالجوع‪،‬‬
‫وفي مركز يبعد عن الجزائر ب ‪ 75‬كمم تم توزيع البطاطس عمى المحتشدين فأكموىا بميفة‬
‫لشدة الجوع (‪ ،)1‬ولقد عانى أبناء الريف الجزائري آالم الجوع‪ ،‬والمرض وتعذيب المستعمر‬
‫فقد جاء في تقرير الموظفين فرنسيين أفريل ‪ 1959‬قولو‪ << :‬في إحدى المراكز التي‬
‫زرناىا وجدنا أن توزيع المواد الغذائية قد انقطع منذ شير ونصف كما أن بقية أشكال‬
‫اإلغاثة من مالبس وخدمات اجتماعية تتعرض ه ي أيضا لمتوقف واالنقطاع بال سبب‬
‫وبدون سابق إعالم‪ ،‬وفي وسط طبيعة الريف القاسية‪ ،‬البرودة بثموجيا عانى األطفال في‬
‫>> (‪)2‬‬
‫المحتشدات ‪.‬‬
‫‪ -2‬بؤس المجمعين‪:‬‬
‫السكان‬ ‫عشية التجمعات كان االقتصاد الزراعي غارقا في أزمة عميقة ولم يكن معاش‬
‫المسممين مضمونا من سنة ألخرى‪ ،‬فقد كان يكفي الجفاف أو يقسو الشتاء حتى ظيرت‬
‫المجاعات‪ ،‬وقد الحظ الجنرال بارالنج منذ جولة تفتيشية األولى عمى ىذا التفاقم من‬
‫الجانب االقتصادي فقر شديد وكانوا يعيشون وضعا متقمبا بعد فقدانيم حقوليم وقطعانيم‬

‫‪ -1‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 137‬‬


‫‪ -2‬زلمد حلسن زغيدي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 234‬‬

‫‪39‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫حيث عرف فيو انتشار‬ ‫مثل‪ :‬مركز اليسري‬ ‫ولم يعودوا قادرين عن زراعة أراضييم‬
‫األمراض وسوء التغذية حيث كان بؤس كبير من المجمعين (‪.)3‬‬
‫وقد قامت فرنسا االستعمارية بتعذيب الشعب الجزائري‪ ،‬بال م وت البطيء وذلك بجعمو في‬
‫»‬ ‫«‬
‫في ‪15‬‬ ‫فرانس سوار‬ ‫محتشدات يعيش أقصى أنواع الحياة بؤسا‪ ،‬فقد كتبت جريدة‬
‫<<‬
‫أما األن فيم في‬ ‫أفريل ‪1960‬م عن مراكز التجميع مقاالً جاء فيو عمى الخصوص‬
‫بؤس قاتل بالمعنى الحقيقي لمكممة أن كثي ار منيم يموتون في الغالب وخاصة‬
‫(‪>> )4‬‬
‫األطفال ‪.‬‬
‫كانت حياة السكان ال يرثى ليا‪ ،‬تمتمس العيش بجميع الوسائل ال حرفة ليم وال تعميم في‬
‫ىذه المراكز حيث يعيشون مسجونين‪ ،‬محاطين باألسالك الشائكة يتم انقراضيم شيئا‬
‫يبقى عمى ىذه الوضعية بتوزيعو‬ ‫فشيئا‪ ،‬ولتسييل ىذا الموت البطيء يحمو لمعدو أن‬
‫عمييم يوميا ممعقة من حساء الحمص أو العدس‪ ،‬عمى كل عائمة تعيش في المخيم (‪.)5‬‬
‫ومن أمثمة مراكز التجميع التي كانت ظروفيا قاسية نذكر‪ :‬محتشد بازر سكرة(‪ :)6‬يقع‬
‫المحتشد جنوب مدينة العممو عمى بعد ‪ 5‬كمم ‪ ،‬بمحاذاة الطريق الموجو نحو باتنة‪ ،‬حيث‬
‫ال يبعد عنو سوى ‪ 20‬مت ار وأقرب التجميعات السكانية إليو من الجية الجنوبية‪ ،‬ىناك‬
‫دوار العوازقة و القاللة عمى مسافة ‪ ،‬بعد عممية تيجير السكان أصبحت ظروفيم مزرية و‬

‫‪ -1‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر السابق ‪،‬ص ‪.123‬‬


‫‪ -2‬الواقع على بعد ‪80‬كلم عن اجلزائر‪،‬ينظر‪ :‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -3‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ -4‬زلمد حلسن زغيدي‪ :‬ادلرجع السابق ص‪. 235‬‬
‫‪ -5‬علي كايف‪ :‬مذكرات الرئيس علي كافي من المناضل السياسي إلى القائد العسكري‪ 1962 ، 1946 ،‬ط‪ ،2‬منقحة ومزيدة‪ ،‬دار‬
‫القصبة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،2011،‬ص ‪252‬‬
‫‪ -6‬خالل فرتة الثورة كان يتوسط ‪ 3‬ثكنات عسكرية‪ ،‬العلمة من اجلهة الشمالية‪ ،‬ثكنة الصراف حبوبة‪ ،‬ثكنة الكبائية غربا‪ ،‬وكلها تبعد عن‬
‫احملتشد ب ‪5‬كلم‪ ،‬ينظر‪ ،‬زلمد مشبازي‪ :‬احملتشدات بوالية سطيف زلتشد (بازر سكرة رقم ‪ ) 5‬منوذجا ‪ 1962-1954‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫شهادة ادلاجستري يف تاريخ اجملتمع ادلغاريب احلديث و ادلعاصر ‪،‬جامعة سطيف‪ ، 2008 ،2007 ،‬ص ‪. 50‬‬

‫‪40‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫م كاتب الفرق‬ ‫فقدوا مخزونيم الغذائي و أصبح مصيرىم مرتبط بالقيادات العسكرية‪ .‬و‬
‫اإلدارية المتخصصة ) ‪.)1( ( SAS‬‬
‫إن التجمعات ىي التي قضت عمى النسيكة االقتصادية حيث يضطرون إلى التخمي عن‬
‫فكرة تخزين المواد الغذائية الضرورية‪ ،‬عمى وجو الخصوص حبوب غمل المواسم الفالحية‬
‫ألراضييم وسبب ىذا االبتالء الذي أخذ منيم مصدر قوتيم بالقوة‪ ،‬و يقدر عدد المجمعين‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الذين ليس ليم أي مصدر عيش بما ال يقل ع ن مائتي ألف شخص‬
‫إن حوالي نصف مراكز التجميع ليست ليا أي مستقبل اقتصادي نظ ار النعدام األراضي‬
‫الزراعية حوليا‪ ،‬ويعتبر كل سكان ىذه المراكز ممن يعتمدون اعتمادا كميا أو شبو كمي‬
‫عمى المساعدات المقدم ليم حيث ال يتناولون ربع ما ندعوه بالحد األدنى لمحياة (‪.)3‬‬
‫األوضاع االجتماعية‪:‬‬
‫إن األوضاع االجتماعية التي كان يعيشيا الشعب الجزائري داخل المحتشدات مأساوية‬
‫ومزرية لمغاية‪ ،‬حيث كانوا يعانون الفقر الشديد و الجوع وىذه الظروف أدت إلى تدىور‬
‫أوضاعيم الصحية حيث كانوا يعانون األمراض المزمنة و كانت مساكتيم غير الئقة‬
‫عبارة عن أكواخ وخيام بالية‪ ،‬وقد قامت فرنسا بيذه السياسة القمعية التي كانت تسمى‬
‫بمراكز الموت البطيء من أجل فصل الشعب عن الثورة الجزائرية و القضاء عمييا نيائيا‪.‬‬
‫‪ - 1‬مساكن المجمعين‪:‬‬
‫يقر الجنرال « بارالنج » برداءة أوضاع المحتشدات االجتماعية حيث أنيا ساىمت في‬
‫تفكيك األسرة وظيور عدة آفات اجتماعية عمى حد قولو فكانت األوضاع مأساوية ىذا‬
‫باعتراف المسئولين و الصحف الفرنسية و المجان الدولية وحتى رجال الكنسية حيث‬
‫التعرف عن ذلك بتطرق ان على السكن‪ ،‬فقد كانت مساكن المحتشدين مركبة من وسائل‬

‫‪ - 1‬زلمد مشبازي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 64‬‬


‫‪ -2‬باتريك إفنينو‪ ،‬جون بالنشايس ‪ ،‬حرب الجزائر‪ ،‬ج‪،2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫‪ -3‬اجملاىد‪ :‬مراكز التجمع‪،‬ج‪ ،2‬العدد ‪، 1959/12/15 ، 57 :‬ص ‪. 4‬‬

‫‪41‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫تقميدية تشبو األكواخ ولكنيا ضعيفة و ىي مجرد من أدنى شروط الحياة اإلنسانية كما‬
‫توجد مساكن في بعض المراكز عبارة عن خيم بالية أو عمى شكل إسطبالت تجمعت فييا‬
‫العائالت(‪.)1‬‬
‫وكان السكان في غالب العموم يحشرون في مكان ينصب بو مرقب ويحاط بأسالك شائكة‬
‫فكانوا يرقدون تحت الخيمة أو مباشرة في العراء و قضاء الشتاء تحت الخيام في قمب‬
‫الجبال‪،‬حيث كان سكان إيغزر أمقران يوضعون في مباني مصادرة تكدس ‪ 600‬امرأة‬
‫وطفل داخل مخزن غالل ذي طابق واحد مع فتحات قميمة و مجاري اليواء ال تكاد تطرد‬
‫(‪)2‬‬
‫أما مركز‬ ‫دخان نيران الخشب الكثيفة التي كانت توقد عمى أرضية المخزن‬
‫مطماطة(‪)3‬فقد كانت مساكنيا عبارة عن أكواخ من الطين تعرضت عدة مرات لإلنييار‬
‫سواءا بسبب الفيضان أو نشوب حرائق وقد بمغ عدد العائالت بالمركز ‪ 466‬عائمة بعدد‬
‫‪ 2630‬نسمة(‪ ،)4‬ومركز جبابرة(‪ )5‬يضم ‪ 944‬نسمة تعيش في ‪ 181‬مسكن(‪.)6‬‬
‫لقد أدلى راىب فرنسي يدعى رومنت بعد زيارتو لمحتشدات مقاطعة الشمف بيذه الشيادة‪:‬‬
‫«‬
‫قد زرت بعض المراكز ال يوجد فييا أغطية عمى اإلطالق ويقيمون في خيمة بالية‬
‫وبالقرب من الشمف جمعت تسع عائالت في إحدى اإلسطبالت وأن ىذه المساكن الضيقة‬
‫حرمت الفالحين من تربية الحيوانات و الدواجن التي تعتمد عمييا الكثير في غذائيا إنما‬

‫‪ -1‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬


‫‪ -2‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر السابق ‪،‬ص ص ‪. 113 ، 112‬‬
‫‪ -3‬ىو مركز مبقاطعة الشلف يقع ىذا ادلركز على بعد ‪ 4‬كلم جنوب ملياتة يف اجلهة العليا لوادي دردار يف أسفل احلاجز الصخري الذي يقطع‬
‫بني السكان السهل وجبال اللوح وبعد مهزة وصل بينهما ويقع ىذا ادلركز على ارتفاع ‪ 1100‬م و قد أنشئ يف جوان ‪1958‬م بعد ما مت إقرار‬
‫منطقة اللوح منطقة زلرمة‪،‬ينظر‪ :‬رشيد زبير‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ -4‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪ -5‬ىو تابع لبلدية محام ريغة دائرة مليانة وقد أنشيء ىذا ادلركز يف مكان يسمى« ذراع درياس » على خط وادي جرادة ميمون الذي يفصل دوار‬
‫اجلبابرة عن دوار ادلرجة على ‪ 4.5‬كلم مشال شرق محام ريغة‪ ،‬ينظر‪ :‬رشيد زبير‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 143‬‬
‫‪ -6‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪42‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫مساكن هشه معرضة لالنييار وغير مقاومة لمظروف الطبيعية فعمى سبيل المثال تعرض‬
‫مركز مطماطة بدائرة مميانة لمفيضانات فانيار جزء كبير منو (‪.)1‬‬
‫‪ - 2‬فقدان الحرية وارادة المواطنين‪:‬‬
‫أصبح سكان التجميع يعيشون تحت رحمة الجيش الفرنسي المدعوم بفرق الحركة‬
‫)‪ (S.A.S.‬تقوم بدور بارز في مسخ‬ ‫والقومية‪ ،‬حيث كانت األجيزة اإلدارية المختصة‬
‫المواطن‪ ،‬ومحاولة إبعاده بمختمف الوسائل عن الثورة‪ ،‬فكان ىذا الجياز يقوم بمراقبة‬
‫شديدة ومستمرة حتى يمنع وصول األخبار إلى جبية وجيش التحرير الوطني‪ ،‬وكانوا في‬
‫نظرىم أن المجموعات الموجودة في وسط الجبال عبارة عن أفراد من قطاع الطرق ال‬
‫يمثمون إال أنفسيم ( ‪ .) 2‬ولم يكن المجمعون يعانون البؤس المادي فقط بل كانوا يعانون‬
‫منح األسالك‬ ‫كذلك البؤس المعنوي فقد فقدوا حريتيم واكتست مظير المدن الميتو وت‬
‫(‪)3‬‬
‫الشائكة وأبراج المراقبة ألغمب التجميعات مظير مخيمات األسرى‬
‫ون‬
‫لقد كان المسؤولون العسكريون يأمرون الجنود بحمل جثث الشيداء فوق البغال ويطو ف‬
‫« الحركة القومية (‪ )5‬الذين‬ ‫بيا داخل مراكز التجميع (‪ ،)4‬وقد كانت توكل ىذه الميمة إلى‬
‫أصبحوا يقومون بأدوار كثرة متعددة داخل مراكز التجمع‪ ،‬حيث يقومون بعمميات التعذيب‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ .‬وكانت تعتبر الحرية بالنسبة لمفالح ىي‬ ‫وعمميات المتابعة واالعتداء عمى الحرمات‬
‫أن يتصرف في وقتو كما يحمو لو وأن يرى أرضو كما يرغب في ذلك وكذلك محصولو‬
‫وألن المجمع لم يعد سيد نفسو ووقتو ومتاعو فيو يعتبر المركز سجنا (‪.)7‬‬

‫‪ -1‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.134‬‬


‫‪ -2‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬
‫‪ -3‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر السابق ص ‪. 132‬‬
‫‪ -4‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ -5‬مصطلح للجيش الفرنسي لفرقة تدعى باحلركى‪ ،‬اسم مستعمل يف اجلزائر‪ ،‬استعمل االمسني ( قومي و حركي ) ‪ ،‬ينظر‪ :‬زلمد تومي‪ :‬طبيب‬
‫في معاقل الثورة حرب التحرير الوطني (‪ ،)1962/1954‬تر حضرية يوسفي‪،‬دار األمة‪،‬اجلزائر‪ 2010،‬ص ‪.383‬‬
‫‪ -6‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ -7‬ميشال كورناتون‪ :‬املصدر السابق ص ‪. 136‬‬

‫‪43‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫وبذلك فقد سكان مراكز التجمع حريتيم و إرادتيم من خالل إىانتيم و الدوس عمى كرامتيم‬
‫باستمرار‪ ،‬إذ أنيم أصبحوا مجبرين عمى الخضوع و التبعية المطمقة لممسؤول العسكري أو‬
‫لضباط الشئون األىمية )‪ (S.A.S.‬ولم يعد من حقيم اتخاذ أية مبادرة شخصية في أي‬
‫ىذه المراكز يخضعون عمى الدوام إلجراءات‬ ‫ميدان من الميادين‪ ،‬وقد كان السكان في‬
‫قاسية كميا إىانات وانتياك لمحرمات وتحطيم لممعنويات باإلضافة إلى إنتظار الموت‬
‫البطيء من خالل الرقابة والتفتيش والحراسة العسكرية الدائمة(‪.)1‬‬
‫األوضاع الصحية لمسكان المجمعين‪:‬‬
‫تعتبر األوضاع الصحية داخل المحتشدات سيئة لمغاية‪ ،‬وذلك نظ ار لنقص الغذاء وحالة‬
‫الجوع المزمنة التي عانى منيا السكان وبوجودىم داخل أماكن ضيقة‪ ،‬وأعداد كبيرة تفتقر‬
‫إلى أدنى شروط النظافة والعناية الصحية‪ ،‬عالوة عمى تجميع مياه الصرف القذرة وتولد‬
‫(‪)2‬‬
‫باإلضافة إلى سوء التغذية التي أدت إلى ارتفاع‬ ‫الحشرات المؤذية كالذباب والبعوض‪،‬‬
‫«‬
‫الحالة الفزيولوجية العامة‬ ‫الوفيات خاصة األطفال‪ ،‬إلى درجة أن تقرير اعتبر أن ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫لمسكان سيئة إلى درجة أن األدوية تفقد فاعميتيا العالجية ألجساد منيكة بفعل الجوع‬
‫‪.‬‬
‫عائرة‬ ‫إن حالة السكان الصحية قد تدىورت كثي ار فاألجسام ىزيمة وضعيفة‪ ،‬العيون‬
‫والعظام بارزة « ‪،‬ولقد ترتب عن الوضع المأساوي الذي كان يعيشو سكان مراكز التجمع‬
‫تدىور الحالة الصحية لسكان ىذه المراكز بصفو عامة وأصبح أولئك السكان يتعرضون‬
‫»‬
‫بالفعل لمموت البطيء‪.‬‬
‫«‬ ‫»‬
‫في ‪ 14‬و ‪ 15‬أكتوبر‪ :‬ما يمي‬ ‫لقد جاء في كراسة مالحظات األسقف « جاك بومون‬
‫رأيت أطفاالً تتميز عظاميم تحت البشرة بوضوح‪ ،‬إنيم أطفال أنيكتيم الحمى والبرد فمم‬

‫‪ -1‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬


‫‪ -2‬عمار قليل‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ -3‬رمضان بو رغدة‪ : :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪44‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫يكتمل نموىم و رافقيم الشحوب و اليزال و أكمتيم األمراض المختمفة دون أن يجدوا قرصا‬
‫إليقاف الحمى‪ ،‬لقد رأيتيم يرتجفون من الحمى وىم راقدون عمى األرض بدون غطاء‪ ،‬لقد‬
‫زرت كثير من المراكز التي ال يوجد بيا غطاء واحد‪ ،‬واذا وجد في بعض األحيان فيو‬
‫(‪.)1‬‬ ‫>>‬
‫غطاء واحد‪ ،‬لثالثة عشر شخصا يتغطون بو جميعا في خيمة واحدة‬
‫<<رأيت طفال في سن ‪ 13‬سنة مريضا بحمى المستنقعات لم‬ ‫»‪:‬‬
‫ويضيف « جاك بومون‬
‫يتناول سوى قرص كينين واحد في مدة عشرين يوما‪ ،‬ومات ثالثة أطفال آخرين بسبب قمة‬
‫التغذية‪ ،‬ألنيم كانوا يتناولون قميال من القيوة و القمح أثناء فطاميم‪ ،‬ورأيت أطفاال أنيكتيم‬
‫الحمى والبرد فمم يكتمل نموىم ورافقيم الشحوب واألمراض المختمفة دون أن يجدوا قرصا‬
‫واحد من كينين إليقاف الحمى‪ ،‬لقد رايتيم يرتجفون من الحمى وىم نائمون عمى األرض‬
‫(‪>> )2‬‬
‫بدون غطاء ‪.‬‬
‫إن نسبة الوفيات قد ارتفغت بعد إنشاء مراكز التجمع بحيث مات ‪ 500‬طفل من مجموع‬
‫‪ 1000‬طفل في أحد المراكز مما يدل داللة واضحة عمى أن الحالة الصحية متدىورة‬
‫جدا‪ ،‬وأن الحرب قد زادتيا سوءا (‪ ،)3‬باإلضافة إلى غياب التجييز الصحي ليذه المراكز‬
‫فيو منعدم تماما(‪.)4‬‬
‫إن سكان مراكز التجمع أصبحوا فريسة لألمراض المختمفة وخاصة األمراض الخطيرة‬
‫المعدية‪ ،‬التي أصبحت تفتك بيم فتكا وانتشرت األوبئة بينيم كالحمى و التيفوئيد وحتى‬
‫( ‪ ،) 5‬كذلك من بين‬ ‫الكولي ار التي تنشط جراثيميا في مثل ىذه الظروف الصحية القاسية‬
‫األمراض المنتشرة بين سكان المحتشدات مرض السل القاتل‪ ،‬الذي كاد أن يصير من‬
‫األمراض التاريخية في الجزائر وذلك بسبب فقدان أجسادىم لعوامل الصناعة كما جاء في‬

‫‪ -1‬زلمد حلسن زغيدي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 234‬‬


‫‪ -2‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪. 63‬‬
‫‪ -4‬اجملاىد‪ :‬ج‪ ، 2‬العدد ‪ ، 57 :‬ادلصدر السابق ‪،‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -5‬عمار قليل‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 41‬‬

‫‪45‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬
‫«‬ ‫»‬ ‫«‬ ‫»‬ ‫«‬
‫في كل‬ ‫الفرنسية‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫‪La Croix‬‬ ‫لجريدة‬ ‫رودان‬ ‫تصريح األسقف‬
‫المستشفيات يالحظ األطباء والممرضات أن مرض السل قد بدأ يقل منذ عشر سنوات‬
‫عاد ينتشر بشكل مفزع بسبب قمة التغذية وخاصة بين األطفال‪ ،‬وفي كثير من‬
‫المستشفيات الحظ المسئولون أن األدوية لم تعد تؤثر في المرض‪ ،‬النيم أصبحوا في‬
‫حالة ضعف خطيرة جدا ويجب أوال تغذيتيم ثم إعطائيم الدواء بعد ذلك (‪.>>)1‬‬
‫جاك بومون عن انتشار مرض السل بين‬ ‫وورد في كراسة مالحظات األسقف‬
‫«‬
‫في كل المستشفيات يالحظ األطباء و الممرضون أن السل الذي كان ال‬ ‫األطفال قال‬
‫بدأ يقل منذ عشر سنوات عاد ينتشر بشكل مفزع بسبب قمة التغذية وخاصة بين‬
‫>>(‪)2‬‬
‫األطفال‪.‬‬
‫»‬
‫وورد في تقرير طبي رسمي فرنسي أذيع ونشرتو جريدة « لومند » « ‪Le Monde‬‬
‫الفرنسية جاء فيو بالخصوص‪ « :‬رغم أن اإلحصاءات المدققة لم يقع ضبطا فيما يخص‬
‫الوفيات فمن المالحظ أن يموت في كل يوم في كل مركز‪ ،‬وبصفة عامة يموت طفل كل‬
‫يومين في المراكز التي يبمغ عدد سكانيا حوالي ألف شخص »‪.‬‬
‫«‬
‫حدا‬
‫ويضيف التقرير الطبي‪ :‬وكما يالحظ أن الحالة الصحية لمسكان بمغت من التدىور َ‬
‫>>(‪)3‬‬
‫جعل األدوية نفسيا لم يعد ليا أي تأثير عمى أجيزة مقاومة األمراض لمسكان ‪.‬‬
‫يقول‪ « :‬إن في‬ ‫( ‪)4‬‬
‫الونشريش‬ ‫يقول ضابط المصالح اإلدارية الخاصة عن مركز‬
‫بعض األيام يصل عدد وفيات األطفال إلى أربعة أطفال في اليوم بسبب انتشار مرض‬
‫التيفويد »‪ .‬وأن األطفال في كل مركز تظير بوضوح عمى أجساميم أعراض المرض ولم‬
‫يبقى فييم إال الييكل العظمي وآخرون يعانون من الحمى وىم راقدون عمى األرض بدون‬
‫أي فراش أو غطاء‪ ،‬وىم ال يجدون أي نوع من أنواع الدواء وأن الحالة السيكولوجية‬

‫‪ -1‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 63‬‬


‫‪ -2‬زلمد حلسن زغيدي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.235- 234‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 63‬‬
‫‪ -4‬مركز الونشريش‪ :‬ىو برج بو نعامة حاليا الذي جيمع ‪ 1100‬نسمة بينهو ‪ 600‬طفل‪ ،‬ينظر رشيد زبير‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪135‬‬

‫‪46‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫العامة لممحتشدين منيارة جداً‪ ،‬مما أثر عمى فاعمية الدواء وفي الحقيقة أن الحالة الصحية‬
‫ما ىي إال انعكاسا لممستوى المعيشي الذي وصل إلى أدنى المستويات (‪.)1‬‬
‫نتيجة لتدىور الوضع الصحي في مراكز التجمع رفعت نداءات لتنبيو الرأي العالمي لمل‬
‫آلت إليو وضعية المحتشدات في الجزائر حيث كان النداء األول من باريس من طرف‬
‫رئيس الكنيسة اإلصالحية في فرنسا موجو إلى األمة الفرنسية جاء فيو‪« :‬إن النقص الفادح‬
‫لألطباء والمساعدين االجتماعيين قد تسبب في نتائج فاجعة »‪.‬‬
‫أما النداء الثاني كان من جنيف أثناء انعقاد المجمس العالمي لمصحة التابع لييئة األمم‬
‫إلى المؤتمر بخصوص المحتشدات‬ ‫‪ 17‬دولة‬ ‫المتحدة وبيذه المناسبة رفعت وفود‬
‫«‬
‫إننا متأثرون من الطابع المأساوي الذي أصبح عميو مئات‬ ‫الجزائرية الئحة التالية‪:‬‬
‫اآلالف من الجزائريين وأغمبيتيم أطفال ونساء وشيوخ لذا نطمب من الحكومة الفرنسية ما‬
‫يمي‪:‬‬
‫العدول عن كل عمميات التجمع أصال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العمل بميثاق األمم المتحدة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إزالة المراكز التي أقامتيا فرنسا (‪.)2‬‬ ‫‪-‬‬
‫نماذج من شهادات عن وضعية مراكز التجميع‪:‬‬
‫شيادات مختمفة عن سكان « مراكز التجمع » ابتداء من ترحيميم إلى غاية إبادتيم بشيادات‬
‫«‬
‫صدرت عن الصحافة الفرنسية والجيش اإلستعماري‪ ،‬وكذا المواطنين الذين عاشوا جحيم‬
‫»‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مراكز التجمع‬
‫الشهادة األولى‪ :‬قدمتيا جريدة « ‪ » Le Figaro‬الفرنسية من خالل التحقيق الذي عاد‬
‫بيسمبورغ » الكائن‬ ‫«‬
‫بو أحد مبعوثييا الخاص إلى الجزائر‪ ،‬ويتعمق ىذا التحقيق بمركز‬

‫‪ -1‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.136‬‬


‫‪ -2‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬

‫‪47‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫بناحية القل في الشمال القسنطيني حيث يقدم الصحافي وصفا شامال ليذا المركز‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫« العيش في ىذا المركز ‪ 2774‬نسمة منذ عاميين‪ ،‬وتوجد بو ‪ 123‬خيمة متراصة تحت‬
‫شجر الصنوبر و ‪ 57‬كوخا مغطى بالتبن و ‪ 47‬دار حجرية‪ ،‬وفي كل خيمة أ و مسكن‬
‫يعيش نحو ‪ 15‬فالدا وصار من المتعذر وصف حالة البؤس التي يتخبطون فييا منذ‬
‫شير جوان ‪ ، 1957‬فمن المستحيل أن يعيش اإلنسان في مثل ىذه المخيمات‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة لممواد الغذائية الدسمة فإنيا لم توزع إال مرة واحدة خالل الثمانية أشير األخيرة‪،‬‬
‫(‪>> )1‬‬
‫والسكر لم يوزع قط منذ عام كامل‪ ،‬وكذلك الحمص والصابون ‪.‬‬
‫وجاء فييا بما يمي‪ « :‬في إحدى مراكز إقميم‬ ‫»‬
‫لومنت‬ ‫«‬
‫الشهادة الثانية‪ :‬قدميا الراىب‬
‫الجزائر رأيت خمسة أطفال يموتون موتا حقيقيا بالجوع وفي مركز يبعد عن الجزائر ب‬
‫‪ 75‬كمم تم توزيع البطاطس عمى المحتشدين فأكموىا بميفة بشدة الجوع (‪.>>)2‬‬
‫الشهادة الثالثة‪ :‬قدميا ضابطان فرنسيان تبرز أحد الجوانب التي كانت تالزم سكان‬
‫مراكز التجمع في حياتيم اليومية ‪ ،‬و المتمثمة في إخضاعيم لمعمل النفسي‪ ،‬الذي كان‬
‫يمارسو عمييم الضباط الفرنسيون المختصون بطرق مختمفة حتى يتسنى ليم احتواء عدد‬
‫كبير منيم في صفوفيم بحيث يكمفونيم القيام بميام متعددة في أوساطيم (‪.)3‬‬
‫ومن شيادات المواطنين الذين عاشوا جحيم مراكز التجمع نذكر ما يمي‪:‬‬
‫حيث يقول‪ « :‬جمعنا الجيش‬ ‫(‪>>)4‬‬
‫المواطن األول‪ :‬قدميا « عمايدية عمي بن رمضان‬
‫(‪)5‬‬
‫في أواخر ‪ 1956‬وأصبحنا نقيم في أكواخ‬ ‫الفرنسي بالقوة في معسكر فوج أم اروا‬
‫ضيقة جدا بحيث أن العائمة من عشرة أشخاص مثل عائمتي تنام كميا في كوخ ال يزيد‬

‫‪ -1‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 66‬‬


‫‪ -2‬رشيد زبري‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.137-136‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 68‬‬
‫‪ -4‬يدعى عمايدية علي بن رمضان من اوالد مومن جبهة سوق أىراس‪ ،‬وكانت لو أرض تبعد عن جتمع « فج أمراو » حبوايل ‪ 10‬كيلومتر يعيش‬
‫من فالحة أرضو ومن تربية األغنام‪ ،‬ينظر‪ :‬أحسن بومالي ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪69‬‬
‫‪ -5‬ىو مركز كبري يوجد فيو حوايل ‪ 700‬نسمة أغلبهم من النساء و األطفال وبعض الشيوخ العجز ألن أغلبية الشبان التحقوا جبيش التحرير الوطين‪ ،‬ينظر‪،‬‬
‫أحسن بومايل‪:‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪. 70‬‬

‫‪48‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫طولو عن مترين فتنحشر فيو كأنيا ( سردينة ) وىذه األكواخ مبنية بالطوب ومغطاة‬
‫بالديس‪ ،‬فإذا نزل المطر امتأل الكوخ بالماء وأصبح كالبركة القذرة‪ ،‬فنحن نفترش األرض‪،‬‬
‫وتتغطى العائمة كميا بغطاء واحد ممزق من جيات عديدة‪ ،‬وىم يجبرون النساء عمى‬
‫(‪>> )1‬‬
‫العمل في المركز لصالح الجيش الفرنسي وال يدفعون لين أج ار ‪.‬‬
‫«‬
‫ونتيجة كل ىذا أصبحنا نعيش قي عذاب وبؤس ال نظر لو وىم‬ ‫ويضيف المواطن‪:‬‬
‫يميزون بيننا في التموين‪ ،‬فالبعض يعطونيم شيريا قميال من القمح والشعير وال يزيدون‬
‫عمى ذلك‪ ،‬و البعض اآلخر يجردونيم من كل شيء حتى يكاد يقتميم الجوع وتنتشر فييم‬
‫األمراض(‪.>>)2‬‬
‫«‬
‫إلى‬ ‫ومنذ أن جاءوا بنا‬ ‫‪ ،‬يقول‬ ‫المواطن الثاني‪ :‬يدعى ش اربسة فرحات بن العيد‬
‫»‬
‫مرت عمينا أربعة سنوات وكأنيا الجحيم األبدي ال يمكن اإلفالت‬ ‫معسكر« فج امراو‬
‫منو‪ ،‬ولم أكن أنتظر أن يأتي يوم الخروج من ىذا الجحيم وأنا حي ألني شيخ طاعن في‬
‫السن وقد جعمتني ىذه السنوات األربع التي قضيتيا مع عائمتي في البؤس و العذاب‪ ،‬ال‬
‫أفكر في غير نيايتي القريبة و منت مقتنعا أن الموت فقط ىو الذي سينقذني من أيدي‬
‫الوحوش اآلدمية و من عذاب مركز التجمع‪ ،‬ولو قال لي إنسان أن يوم حريتك وخالصك‬
‫(‪>> )3‬‬
‫‪.‬‬ ‫قريب لقمت لو ىذا مستحيل لكثرة ما عانيتو عمى يد الجيش االستعماري المجرم‬
‫»‬
‫تبمغ من العمر خمسة وخمسين عاما‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫المواطنة الثالثة‪ :‬تدعى « فاطمة ما جري‬
‫قبل أن يجبرونا عمى مغادرة مزرعتنا واالحتشاد في معسر «فج امراو » كنا عائمة غنية‬ ‫«‬

‫يقنبمون منازلنا‬ ‫ولكننا كنا نعيش في جو من اإلرىاب الدائم ألن العساكر الفرنسيين كانوا‬
‫ويعذبون رجالنا ويعتدون عمينا ويسمبون أمتعتنا وقد أخذوا من منزلنا األغطية واألفرش ة و‬
‫األواني وحمي النساء واستولوا عمى الماشية ثم جاءوا بنا إلى المركز‪ ،‬لقد منعوا عنا حتى‬

‫‪ -1‬اجملاىد‪ :‬جيش التحرير الوطني ينقذ مئات الجزائريين من مراكز الموت الفرنسية‪،‬ج‪ ، 3‬العدد ‪، 1960/12/12 ، 84 :‬ص ‪. 5‬‬
‫‪ -2‬اجملاىد‪ :‬ج‪ ، 3‬ادلصدر نفسو ‪،‬ص ‪. 5‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومايل ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬

‫‪49‬‬
‫ظروف انشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الماء فإذا ذىبنا لمسقي يقول لنا العسكر خذوا ماء البرك أو انتظروا حتى تشرب خيولنا‬
‫من ماء الحوض ثم خذوا منو ألن خيمنا أفضل منكم‪ ،‬واننا لم ننجي طوال الفترة التي‬
‫قضيناىا في المركز من مضايقاتيم(‪.)1‬‬
‫لقد اتخذت السمطات الفرنسية خالل الثورة الجزائرية أسموب قمعي ووحشي و المتمثل في‬
‫إقامة المحتشدات االستعمارية‪ ،‬وىي طرد السكان من قراىم ومداشرىم بعد إعالنيا مناطق‬
‫محرمة وتحويميم و تيجيرىم في أماكن خالية و التي تسمى بمراكز التجميع‪ ،‬و كانت ىذه‬
‫المراكز محاطة بأسالك شائكة وأبراج مراقبة ليال ونيارا‪ ،‬وانقسمت مراكز التجميع إلى‬
‫أنواع منيا التجميعات المؤقتة‪ ،‬ومنيا التجميعات النيائية‪ ،‬األولى غير القابمة لمعيش‪ ،‬أما‬
‫الثانية فتكون قاعدتيا االقتصادية سميمة‪ ،‬وقد أنشأت عممية التجميع بطريقتين‪:‬‬
‫األولى عفوية وغير إرادية‪ ،‬أما الطريقة الثانية فتمثمت في التجميعات اإلرادية‪ ،‬وقد مرت‬
‫ىذه المحتشدات خالل إنشائيا بعدة مراحل خالل الثورة‪ ،‬وكانت تسعى فرنسا من خالل‬
‫إقامتيا لمراكز التجميع إلى فصل الشعب الجزائري عن الثورة‪ ،‬وعزلة و جعمو مراقبا أشد‬
‫مراقبة‪ ،‬والتأثير عمى معنويات المج اىدين الذين ال يمكنيم االستمرار في المقاومة‪ ،‬وعزل‬
‫جيش التحرير الوطني عن عمقو االستراتيجي و محاصرة الثورة‪ ،‬وقد كانت ظروف حياة‬
‫المجمعين داخل المحتشدات مزرية وسيئة لمغاية وصعوبة العيش فييا وقد أطمق عمييا‬
‫محتشدات الموت‪.‬‬

‫‪ -1‬أحسن بومايل‪ :‬ادلرجع نفسو‪،‬ص ص ‪. 74 ، 73‬‬

‫‪50‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬النتائج السمبية لمراكز التجميع‪.‬‬

‫لمبحث الثاني ‪ :‬دور المحشودين في مراكز التجميع‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬اآلثار السياسية‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬اآلثار العسكرية‪.‬‬


‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النتائج السمبية لمراكز التجميع‪:‬‬

‫لقد لجأت السمطات إلى سياسة التيجير الجماعي وقامت بترحيل السكان إلى مراكز‬
‫أطمقت عمييا باسم المحتشدات‪ ،‬وذلك بيدف فصل الشعب عن الثوار وعدم االلتفاف حول‬
‫الثورة الجزائرية‪ ،‬وقد ترتب عن ىذه السياسة انعكاسات‪ ،‬منيا االنعكاسات السمبية عمى‬
‫الشعب الجزائري من خبلل المعاناة المأساوية التي عاشيا في مراكز التجميع‪ ،‬لكن رغم‬
‫ىذه الظروف إال أن الشعب الجزائري كان لو دور فعال وبارز من خبلل تقديم‬
‫المساعدات لمثورة التحريرية‪ ،‬كذلك كانت ليا آثار عمى الصعيد السياسي و العسكري من‬
‫خبلل دور جبية التحرير وجيش التحرير الوطني‪.‬‬
‫تعد مراكز التجميع ىو أسموب وحشي الذي يرمي إلى إبادة السكان إبادة تدريجية‪،‬‬
‫حيث يسمط الجيش الفرنسي عمى الشعب الجزائري العزل حرب اإلبادة الجماعية حقيقة‬
‫تدمر فييا القرى و المداشر عمى سكانيا‪ ،‬و تحرق الغابات و المزارع و تمقي القنابل عمى‬
‫كل ما يتحرك من إنسان و حيوان في مناطق بأجمعيا‪ ،‬و من مظاىر ىذا القمع الوحشي‬
‫المسمط عمى الشعب الجزائري نجد ىذه اآلالف من المحتشدات المنتشرة في كل مكان و‬
‫التي يحشر فييا السكان حش ار حيث يعانون حياة قاسية ىي الموت البطيء في صورتو‬
‫الحقيقية(‪.)1‬‬
‫ومن النتائج السمبية لمراكز التجميع نجد ثبلثة حقائق‪:‬‬
‫ىذا اإلجبلء لم يتم برضى السكان و إنما أجبروا عمية بقوة السبلح كما تعترف بذلك‬
‫صحيفة لومند الصادرة بتاريخ ‪ 4‬جويمية ‪. 1959‬‬

‫‪ -1‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ ،57 :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬

‫‪52‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بعد ىؤالء السكان عن لون معيشتيم السابقة وحرمانيم من المراعي يتسبب في‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫انخفاض المستوى المعيشي وتدىوره بكيفية فاحشة‬
‫إن جمع عشرات اآلالف ألقوا حياة البادية و التنقل و أجبرىم عمى حياة جماعية‬ ‫‪.2‬‬
‫ثابتة لم يعرفوىا أبدا تخمق ظروفا صحية صعبة و معنوية سيئة جدا و لكي نتصور ىذه‬
‫الحقيقة بوضوح يجب أن نعرف أن الغنم بالنسبة لسكان الجنوب تمثل مأكميم و ممبسيم‬
‫وثروتيم وىي زيادة عمى ذلك مصدر دفيء ليم في الشتاء و ليذا فعندما يجبر ىؤالء‬
‫السكان عمى اإلقامة الثابتة في مركز بدون أغناميم‪ ،‬ال يتحممون برد الشتاء زيادة عمى‬
‫نقص المأكل و والممبس وانعدام المصدر الوحيد لمعيش و خصوصا الصغار الذي يقضي‬
‫عمييم البرد بسيولة في الشتاء(‪.)2‬‬
‫إن السكان الميجرين قد عانوا الكثير من الحصار المضروب عمييم‪ ،‬و من التعذيب‬
‫المسمط عمييم‪ ،‬كما عانى الشيوخ و األطفال و النساء من آ الم الجوع و المرض (‪ ،)3‬حيث‬
‫يسقط في كل يوم منيم أحد ضحية الظروف المأساوية و اإلىمال فيوارون التراب من‬
‫غير أن يسمع بيم أحد‪ ،‬حيث ارتكب العسكريون الفرنسيون كل يوم من فظائع بمغت‬
‫درجة أعمق و أخط ر و أوسع مدى من أن تطمع عمييا‪ ،‬إن ىذه األعمال بمغت درجة من‬
‫الوحشية و الفظاعة جعمت بعض الضباط الفرنسيين يريدون أن يمحوا الشعب الجزائري‬
‫عن آخره حتى ال يبقى منو أحد يروي العالم الحقيقة عن أعمال العسكريين الفرنسيين‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫بالجزائر‬

‫‪ -1‬المجاىد‪ :‬الجيش الفرنسي يستمر في إجالء السكان عن البوادي‪ ،‬ج‪ ،2‬العدد‪،1959/12/46،13:‬ص‪10‬‬


‫‪ -2‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪. 10‬‬
‫‪ -3‬لخضر شريط ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ -4‬المجاىد‪ :‬مراكز التجمع‪ ،‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ 11 ،59 :‬جانفي ‪ ،1960‬ص ‪. 5‬‬

‫‪53‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حيث كان السكان يساقون إلى ىذه المحتشدات بالقوة بعد إجراء الحمبلت القمعية‬
‫االستعمارية التي يشاىدون أثناءىا حرق قراىم و نيب أرزاقيم ولمزيادة في ترويع ىؤالء‬
‫األىالي األبرياء يعدم الكثير منيم بصفة عمنية‪ ،‬إن ىذه المحتشدات قد انتشرت في كامل‬
‫التراب الوطني حيث حشد ما يقرب من مميوني جزائري جميم من الشيوخ و النساء و‬
‫األطفال‪.‬‬
‫إن المحتشدات في الجزائر تشكل حقيقة مراكز لمموت البطيء‪ ،‬إن األىالي يعزلون‬
‫فييا بصفة مستمرة إلى الجوع و تأثيرات األمراض المعدية و األشغال الشاقة و إلى كل‬
‫أحوال نظام المحتشدات المعروف بمواصمة سياسة التقتيل رغم استنكار الرأي العام‬
‫العالمي‪ ،‬فإن الحكومة الفرنسية تتحمل المسؤولية الثقيمة في ازدياد خطورة ىذه‬
‫الحرب التي تيدد كل يوم أكثر السبلم واألمن في العالم (‪.)1‬‬
‫النتائج عمى المستوى اإلداري و االجتماعي‪:‬‬
‫من المبلحظ أن عممية إنشاء المحتشدات كانت ليا نتائج سمبية و كان لو أثره‬
‫الواضح عمى مستوى اإلداري‪ :‬حيث أصبحت اإلدارات المحمية أي البمديات تعاني مشاكل‬
‫مادية و تمك الصعوبات التي عمى اإلدارة االستعمارية أن تتكفل بيا‪ ،‬ال سيما و أن‬
‫المدفوعات من الضرائب ال منفذ ليا اآلن ىو إسكان ىؤالء في المحتشدات‪ ،‬و الخبلصة‬
‫أن التنظيم اإلداري المحمي تزعزع في أركانو جميعيا ال سيما الجانب المالي‪ ،‬ولذلك نظ ار‬
‫لمنفقات الباىظة التي تتطمبيا عممية إنشاء المحتشدات (‪.)2‬‬
‫‪ -2‬المستوى االجتماعي‪:‬‬
‫يمكن القول أن إنشاء المحتشدات كان قد انعكس باألحرى سمبا عمى المستوى‬

‫‪ -1‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ،3‬من مراكز الموت البطيء‪ ،‬العدد‪ 22 ،75 :‬أوت ‪ ،1960‬ص‪5‬‬
‫‪ -2‬لخضر شريط‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 204‬‬

‫‪54‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االجتماعي من خبلل انتشار الفقر و الجوع ‪ ،‬واألمراض الخطيرة خاصة لدى الشيوخ‬
‫واألطفال و النساء‪ ،‬مما كان لو أثره الوخيم أيضا عمى مستوى الشعب الجزائري عامة و‬
‫ىذه الفئة خاصة(‪.)1‬‬
‫خبلل مطمع الخمسينيات تجاوز عدد السكان المسممين الجزائريين عتبة الثمانية‬
‫‪ %4.5‬إال أن ىذه‬ ‫مميون نسمة كما ارتفعت نسبة المواليد في ىذه المرحمة إلى حدود‬
‫النسبة المرتفعة لمخصوبة و لممواليد تخفي ورائيا نسبة وفايات مرتفعة أيضا‪ ،‬تصل لحد‬
‫‪ %2.5‬و ىو ما يؤشر عمى استمرار الظروف السيئة‪ ،‬كسوء التغذية و تجدد موجات‬
‫ا مع السياسة التي‬ ‫األوبئة خاصة لدى شريحة األطفال‪ ،‬و قد ازدادت األوضاع تدىور‬
‫مارستيا السمطة الفرنسية لمواجية الثورة من خبلل إقامتيا لممحتشدات (‪.)2‬‬
‫كذلك الظروف الصحية في كل المحتشدات ومراكز التجميع كانت عمى درجة كبيرة‬
‫من التدىور و ذلك من خبلل مظاىر الفقر المدقع و األمراض و الموت الذي يبلزم‬
‫سكان ىذه المراكز و أصبحوا يتعرضون بالفعل لمموت البطيء (‪.)3‬‬
‫وقد اعتبر مؤتمر الشعوب اإلفريقية المنعقد من ‪ 31 - 29‬ماي من سنة ‪1959‬م‬
‫«‬
‫مراكز‬ ‫‪:‬‬ ‫أن عممية ترحيل المواطنين الجزائريين من إقامتيم األصمية و وضعيم في‬
‫»‬
‫في انتظار الموت البطيء اعتبرىا المؤتمر جريمة في حق اإلنسانية ككل‪،‬‬ ‫التجميع‬
‫«‬
‫‪ ...‬نظ ار إلى أن ىذه الحرب الدامية قد تسبب ت في نقل‬ ‫حيث ورد فيو بالخصوص‬
‫جماعي لممدنين الجزائريين إلى المحتشدات‪ ،‬نقل استيدفت فيو أكثر من مميونين من‬
‫السكان أغمبيم نساء وأطفال وشيوخ وىو ما يساوي خمس مجموع سكان القطر الجزائري‪،‬‬
‫‪ 300‬في األلف من المدنيين‪ ،‬وىي نسبة قد‬ ‫وفي ىذه المحتشدات يتعرض لمموت‬

‫‪ -1‬لخضر شريط‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 205‬‬


‫‪ -2‬محمد شمبازي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 102‬‬
‫‪ -3‬محمد شمبازي ‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 102‬‬

‫‪55‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اعترف بيا المحققون الفرنسيون أنفسيم بحيث تجعمنا نطمق عمييا اسم إبادة الشعوب‬
‫‪. )1(»......‬‬
‫تعد المحتشدات الموحة السوداء بالنسبة لمسكان المجمعين ألن سياسة مراكز التجمع‬
‫لم يطمبيا السكان و لكن فرضيا الفرنسيون‪ ،‬و التي تعد من ضرورات مقاومة الحرب‬
‫الثورية في الجزائر و عزل جيش التحرير الوطني عن السكان حتى ينقطع عنو المدد و‬
‫إبعاد السكان عن أراضييم و قراىم و إجبارىم عن مغادرتيا تتسبب في تعريض‬
‫الجزائريين إلى اآلم ال تحصى‪ ،‬وأن المساكن التي بنيت ىذه المراكز غير صالحة لمسكن‪،‬‬
‫و قد عاشوا وطأة البؤس و كل الحقائق التي تكشف عن حقيقة المحاولة الفرنسية و‬
‫التصريحات الرسمية‪ ،‬أنيا محاولة دعائية تيدف إلى أن تمحو من األذىان الموحة‬
‫السوداء التي تكونت عن فرنسا في الجزائر‪ ،‬و تحاول إقناع الرأي العام العالمي أن‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحضور الفرنسي في الجزائر عبارة عن كتمة من فضائل‬
‫»‬ ‫«‬
‫الذي كان مسؤوال عن إدارة ىذه المراكز بخطورة‬ ‫بارالنج‬ ‫وقد اعترف الجنرال‬
‫«‬
‫تفكك األسرة‪ ،‬وانتشار‬ ‫أوضاع االجتماعية لمسكان‪ ،‬وباآلثار االجتماعية فتحدث عن‪: :‬‬
‫ظاىرة التشرد » و قد ورثت الجزائر المستقمة خاصة في نشأة و توسع األحياء القصديرية‬
‫المحيطة بالمدن‪ ،‬و تراكم المشاكل االجتماعية‪ ،‬بحيث عصية‬
‫عن الحل(‪.)3‬‬
‫اآلثار النفسية لممحتشدين‪:‬‬
‫لقد أصبح السكان في المحتشدات بعد تشريدىم وتجريدىم من أمبلكيم وابعادىم من‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬


‫‪ -2‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 4‬مراكز التجمع وتفكيكيا‪ ،‬العدد‪ 19 ، 98 :‬جوان ‪ ،1961‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -3‬رمضان بو رغدة‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 120‬‬

‫‪56‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قراىم‪ ،‬عرضة لآلفات االجتماعية و غيرىا فمقد دمرت حياتيم تماما فمنازليم مخربة‬
‫و ممتمكاتيم ضائعة‪ ،‬كما أىمكت ماش اتيىم‪ ،‬وأبيدت عائبلتيم عن آخرىا‪ ،‬و بحكم قرب‬
‫ىذه المحتشدات من الحامية العسكرية‪ ،‬إذ أن جميعيا أقيمت حول المراكز العسكرية‬
‫أصبح السكان معرضين لكل أنواع اليوان والدعايات المغرضة والشعارات المغرية مثل‪: :‬‬
‫سنبني جزائر جديدة » ‪ « ،‬فبلقة قضي عمييم »(‪. )1‬‬ ‫«‬

‫ومن أساليب العمل النفسي الذي لجأ إليو االستعمار الفرنسي مثل الذي يطبق في‬
‫تبلك و كيفية ذلك أننا ندخل إلى مراكز التجمع أناسا من أعواننا عمى أنيم أسرى من‬
‫جيش التحرير‪ ،‬وتكمفيم بضرب وشتم المناضمين الحقيقيين لمجبية حتى تكون النتيجة ىي‬
‫أن تتحطم معنويات مناضمي الجبية إذ يقولون ضربنا و اعتدى عمينا أولئك الذين كافحنا‬
‫من أجميم(‪.)2‬‬
‫>>‬ ‫<<‬
‫‪ ،‬حيث توجد في‬ ‫غسل المخاخ‬ ‫كذلك لجأت السمطة الفرنسية إلى أسموب ‪،‬‬
‫جية األصنام ( الشمف ) مراكز التجمع لكنيا من نوع خاص‪ ،‬إذ تجمع ما يقرب من‬
‫‪ 600‬إلى ‪ 800‬عائمة‪ ،‬وأول عمل يقع البدء بو ىو فصل الرجال عن النساء‪ ،‬فينقل‬
‫الرجال إلى مخيم يطمق عميو ( مخيم غسل األمخاخ ) و خبلل األسبوع األول يجمع كل‬
‫يوم من ‪ 400‬إلى ‪ 500‬شخص ويسمط عمييم العمل النفسي‪ ،‬فيصور ليم الضابط دور‬
‫فرنسا في التمدن والحضارة و ينتقد أماميم جبية التحرير الوطني و مبادئيا‪ ،‬وفي األسبوع‬
‫الثاني يكمف الجزائريون بتوجيو األسئمة إلى الضباط المختصين في ( غسل األمخاخ ) و‬
‫في األسبوع الثالث يكمف كل جزائري بانتقاد نفسو عبلنية و أمام جميرة السكان (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬جودي أتومي‪ :‬وقائع سنين الحرب في الوالية الثالثة‪ ،‬منطقة القبائل ‪ 1962/1956 ،‬قصص حرب ‪ ،‬ج ‪2‬‬
‫‪ ،‬دار ريم لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ، 2013 ،‬ص ‪8‬‬
‫‪ -2‬المجاىد‪ :‬العمل النفسي داخل المحتشد‪ ،‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ 19 ،53 :‬أكتوبر ‪ ،1959‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 68‬‬

‫‪57‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫«‬
‫أنتم تعرفون‬ ‫وذكر ضابط فرنسي عن العمل النفسي في مراكز التجميع فيقول‪:‬‬
‫قاسطون » فقد قرر ىذا‬ ‫«‬
‫روشيمو» الذي يشرف عمية المسمى ‪،‬‬ ‫«‬
‫قطعا حكاية مركز ‪،‬‬
‫القائد أن يدخل تعديبلت عمى نظام مراكز التجمع ورأى وجوب حذف لباس ( الشاشية )‬
‫‪ 1000‬بيري لمرجال و ‪ 1000‬سروال من‬ ‫و ( البمغة ) لكي يتفرنس الجزائري فاشترى‬
‫نوع بموجين لمنساء‪ ،‬وطالب الجميع بالمشي عمى نغمة ( البوق العسكري )‪ ،‬الرجال من‬
‫جية و النساء من جية أخرى‪ ،‬و القائد ىو الذي يوزع العمل‪ ،‬إن ىذا المخيم ىو مخيم‬
‫التيدئة المثالية (‪.»)1‬‬
‫»‬ ‫«‬
‫األعمال الشنيعة و‬ ‫بوحميدي‬ ‫و عن آالم السكان المجمعين ذكر المؤرخ ‪:‬‬
‫األضرار التي تتسبب فييا االستعمار و عمى الخصوص تمك األحزمة البشرية المحشودة‬
‫في األكواخ و األحياء القصديرية المكتظة بالكادحين حول المدن الكبرى التي كان‬
‫محمد رباح » الفترة المؤلمة لمعسكرات التجميع‬ ‫«‬
‫يستغميا المعمرون‪ ،‬ويذكر مؤرخ آخر ‪:‬‬
‫»‬ ‫«‬
‫ثل الحيوانات و‬ ‫المئيمة و يؤكد عمى تجميع القرويين م‬ ‫‪SAS‬‬ ‫صص ‪:‬‬
‫ومراكز ل ا‬
‫االجتثاث و التحويل المكره و اإلحاطة باألسبلك الشائكة و ىم في حرمان كامل وسط‬
‫»‬ ‫«‬
‫أن مراكز التجميع كانت كاممة العراء و‬ ‫ممحاني‬ ‫هذه المعسكرات لمتجميع‪ ،‬كما ذكر‬
‫بصفة وحشية و تأزيم أوضاع السكان القرويين بفصميم عن محاصيميم و حقوليم و‬
‫مواشييم و قتميم بالبرد و الجوع و الحرمان الكامل (‪.)2‬‬
‫وقد أدت ىذه السياسة إلى زلزلة عالم الريف‪ ،‬و كانت حصيمتيا كما ذكر أحد‬
‫«‬
‫‪ 1960‬بمغ عدد المجمعين الجزائريين‬ ‫في سنة‬ ‫المؤرخين الفرنسيين كالتالي‪:‬‬
‫‪ 2.175.000‬إنسان أي ما يعادل ربع مجموع السكان‪ ،‬و إذا أضفنا إلى عدد النازحين‬
‫‪ 1960‬يقدر‬ ‫إلى المدن‪ ،‬فيمكننا أن نقدر بأن عدد األشخاص الذين تركوا منازليم عام‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 68‬‬


‫‪ -2‬مصطفى خياطي‪:‬معسكرات التجميع في الجزائر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 211‬‬

‫‪58‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ 3.000.000 :‬شخص أي نصف سكان الريف‪ ،‬وبذلك فيو واحد من أسوء عمميات‬
‫النزوح السكاني في التاريخ أما سكان المسممين في مختمف المدن الجزائرية قد أخضعوا‬
‫(‪)1‬‬
‫لرقابة جياز الحماية الحضرية‬
‫‪. » )2( DPU‬‬
‫دور المحشودين في مراكز التجميع‪:‬‬
‫إن األسموب الذي اتخذتو فرنسا والمتمثل في تىجير السكان وحشدىم في معسكرات‬
‫التجميع انعكس عمييا بالسمب‪ ،‬ألن ىذا األسموب الوحشي زاد في تعبئة الجزائريين و‬
‫تجنيدىم و إبطال مقوالت فرمسا التي كانت تزعم أن الجزائريين التحقوا بالثورة مكرىين و‬
‫مجبورين(‪ ،)3‬وأن الرياح تجري بما ال تشتيي مخططات السمطات االستعمارية فيذه‬
‫المحتشدات التي تضم مختمف شرائح المجتمع مكنت الجزائريين من االحتكاك يبعضيم‬
‫البعض و خمقت بينيم جوا من التآزر و التعاون و مكنيم من التكيف مع الظروف‬
‫االستثنائية التي جمعتيم‬
‫في المراكز(‪.)4‬‬
‫»‬ ‫«‬
‫نتيجة ذلك حول جبية و جيش التحرير‬ ‫مراكز التجميع‬ ‫وقد التف سكان ‪:‬‬
‫الوطني‪ ،‬وأصبحوا يحققون معجزات يومية داخل مراكزىم‪ ،‬وذلك بفضل جيود العائبلت‬
‫المحتقرة الميانة‪ ،‬التي فقدت معظم رجاليا وشبابيا من خبلل تنظيم صفوفيا و مقاومتيا‬

‫‪ -1‬رمضان بو رغدة‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪120‬‬


‫‪ -2‬وىو جياز أنشاه العقيد روجي ترينكي في نياية عام ‪ ،1956‬وكان أحد أبرز وسائل الحرب المضادة لمحرب‬
‫الثورية‪ ،‬إن جياز الحماية الحضرية قد برز بسرعة كأداة لمكفاح وقد مكنت من تفكيك خبليا جبية التحرير الوطني‬
‫في مدينة الجزائر‪ ،‬ينظر‪ :‬رمضان بو رغدة‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪. 121 ،120‬‬
‫‪ -3‬جمال خرشي‪ :‬االستعمار و سياسة االستيعاب و اإلدماج في الجزائر ( ‪ ،) 1962/1830‬تر‪ :‬عبد العزيز‬
‫السبلم عزيزي‪ ،‬دار القصية لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪. 475‬‬
‫‪ -4‬إبراىيم الطاس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 73‬‬

‫‪59‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لمعدو بمختمف األساليب و الوسائل و مشاركتيا في الثورة بإمكانياتيا المتواضعة بحيث‬


‫(‪)1‬‬
‫والمتمثمة في الحصص الغذائية التي‬ ‫كانت ترسل من داخل المراكز المطوقة الم ؤونة‬
‫(‪)2‬‬
‫باإلضافة إلى‬ ‫يحصمون عمييا ويقدمونيا لممجاىدين عمى حساب أبنائيم الصغار‬
‫المعمومات التي تخدم جيش التحرير الوطني في مواجيتو لقوات العدو الشرسة (‪.)3‬‬
‫إن محاولة فرنسا في إقامتيا لممحتشدات لم تنجح‪ ،‬فاتصال السكان بجيش التحرير‬
‫ما يزال مستم ار رغم األسبلك الشائكة المقامة عمى ىذه المراكز‪ ،‬و الحظ الفرنسيون أيضا‬
‫التحرير و نظر لكثرة‬ ‫كثرة فرار الجزائريين من مراكز التجمع التي يسيطر عمييا جيش‬
‫»‬ ‫«‬
‫يوم ‪ 9‬ديسمبر ‪ 1959‬بزيارة مراكز التجمع‬ ‫بارالنج‬ ‫حوادث الفرار قام الجنرال‬
‫ة لدراسة التدابير البلزمة لمواجية ىذه‬ ‫المقامة في دائرة قسنطين ة و دائرة سكيكد‬
‫الوضعية(‪.)4‬‬
‫ولقد قدم الشعب الجزائري العون لمثورة التحريرية و من بين الذين قدموا خدمات‬
‫لمثورة في ىذا الميدان بسيكري بوخميس الذي كان يعيش في محتشدات أوالد عربي دائرة‬
‫الميميو مثمت ىذه الوضعية أ صدق تمثيل لحالة الشعب الذي عاش إبان الثورة بين نارين‬
‫ففرنسا تجبر السكان عمى عمل شيء معين و الثورة تجبرىم عمى عمل شيء مضاد‪ ،‬كما‬
‫قال السفاح الكوست في مقارنة لو بين الثورة والجيش الفرنسي أنيما يشبيان فريقين‬
‫رياضيين متنافسين و الحكم ىو الشعب الجزائري و من يقف معو الحكم سيفوز بالتأكيد‪،‬‬
‫والشعب الجزائري أثبت رغم ما سمط عميو من قمع وارىاب أنو دائما بجانب الثورة و‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 76‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز وعمي‪ :‬جياز التموين بالوالية الثالثة أثناء الثورة التحريرية‪ ،‬مجمة أول نوفمبر‪ ،‬العدد‪، 176 :‬‬
‫ديسمبر ‪ ، 2011‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ -3‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 76‬‬
‫‪ -4‬المجاىد‪ :‬مراكز التجمع مصدر قمق لمقيادة الفرنسية ‪ ،‬ج‪ 2‬العدد‪ ،1959/12/15 ،58 :‬ص ‪. 11‬‬

‫‪60‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الثوار و رغم أن بعض أفراد الشعب قد قدموا خدمات لفرنسا إال أن ما قدموه لمثورة كان‬
‫أضعاف ما قدموه لفرنسا(‪.)1‬‬
‫و عن تنظيمات سكان مراكز التجمع و مقاومتيم لمعدو و بكل الوسائل يقول السيد‬
‫عمايديو عمي بن رمضان » الذي كان ينتمي إلى مركز التجمع ب « فج امراو»‪:‬‬ ‫«‬

‫«‬
‫إن الشعب نفسو داخل األسبلك الشائكة أقام مجمسا شعبيا و كانت لو طرقو الخاصة‬
‫في االتصال بجيش التحرير الوطني و إمداده بالمعمومات عن تحركات الجيش الفرنسي و‬
‫عن الخونة المتعاونين معو‪ ،‬بل تمكن المجمس الشعبي نتيجة التنظيم و السرية من‬
‫الحصول عمى األسمحة و الذخيرة و كان كمما ألقى الجيش الفرنسي القبض عمى أحد‬
‫األشخاص من العاممين في صفوف جيش التحرير الوطني أو قتمو حل شخص جديد‬
‫محمو‪ ،‬مما أدى بالجيش الفرنسي إلى أن يعتقل كل من يشك فيو و يعذبو قصد معرفة‬
‫أعضاء المجمس الشعبي لممركز(‪. »)2‬‬
‫أصبح الشعب كمو منظم في خبليا وأفواج تنظيما سياسيا يتمشى مع التنظيم العسكري‬
‫لمجيش‪ ،‬و في كل دشرة أو قرية ‪ ،‬و حتى داخل مراكز التجميع توجد مجالس ويبدي‬
‫الشعب دور كبير لمتطوع في جيش التحرير ‪ ،‬ولوال نقص األسمحة لتطوع الشعب بأجمعو‪،‬‬
‫القوة بحيث لم تعد‬ ‫فقد تعود عمى أعظم التضحيات و أصبح وعيو الثوري من العمق و‬
‫تؤثر عميو المصاعب(‪.)3‬‬
‫دور المرأة الجزائرية في مراكز التجميع‪:‬‬
‫إن سياسة الحصار والتجويع و التقتيل البطيء‪ ،‬لم تؤثر عمى الثورة بل استطاعت‬
‫أن تسرب بدورىا إلى داخل المحتشدات و ذلك بفضل المرأة الجزائرية التي مارست دو ار‬

‫‪ -1‬عمار قميل‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 41‬‬


‫‪ -2‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 68‬‬
‫‪ -3‬المجاىد‪ :‬أعمال توحش رىيبة في المدن الجزائرية‪ ،‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ 42،18 :‬ماي ‪ ،1959‬ص ‪. 9‬‬

‫‪61‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كبي ار في تأسيس الخبليا السياسية داخل تمك المراكز‪ ،‬و استطاعت أيضا أن تربط‬
‫االتصال بجيش التحرير‪ ،‬كما أن المواتي يستخدمين الجيش الفرنسي لغسل مبلبس جنوده‬
‫كانت تستولي عمى الكثير من المبلبس‪ ،‬وترسل بيا إلى جيش التحرير و تيرب المئونة و‬
‫الذخيرة باستمرار‪ ،‬إضافة إلى تدبير ىروب الشبان و انضماميم لجيش التحرير و بفضل‬
‫نضال المرأة الجزائرية‪ ،‬استطاعت جبية التحرير الوطني أن تتحدى كل أساليب‬
‫المستعمر‪ ،‬وتدخل إلى محتشدات و تنظم الشعب (‪.)1‬‬
‫و كانت لمنساء دور في إنجاز بعض المخابئ و دو ار ىاما في استم اررية االتصال‬
‫بين الثورة ورعاياىا طيمة سنوات حرب التحرير‪ ،‬و رغم الظروف القاسية لكن النساء ىبت‬
‫إلكمال المشوار بدون أن تبرىن قوة العدو و بطشو أو تخيفين و حشي تو وجبروتو يغذين‬
‫االتصال بين الشعب وثورتو (‪.)2‬و المرأة الجزائرية قامت بواجباتيا اتجاه الوطن‪ ،‬رغم‬
‫محاوالت المستعمر العديدة لقتل روح المقاومة والثورة و التمرد في نفسيا‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدامو لشتى الوسائل المدمرة لكيان ىذا الشعب وكل أنواع العذاب‪ ،‬إال أن المرأة‬
‫أصرت عمى تمردىا و كان ليا الدور الكبير و اليائل في إنجاح الثورة‪ ،‬إذ نجدىا مقاتمة و‬
‫ممرضة و طباخة و مسؤولة اتصال و مشرفو و غيرىا من الميام العديدة التي كانت تقوم‬
‫بيا في مراكز التجميع (‪ ،)3‬وأصبحت مرشدة اجتماعية و مجاىدة حاممة السبلح‪ ،‬فكانت‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫تتولى خدمة المجاىدين ليل و نيار‬
‫مراكز التجمع » درجة من الوعي السياسي‪ ،‬والحماس الثوري‬ ‫«‬
‫و قد بمغت المرأة في‬
‫ال مثيل ليما‪ ،‬فكان النساء في ىذه المراكز يرفضن التحدث مع نساء الحركة و القومية و‬

‫‪ -1‬محمد لحسن زغيدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 236 ، 235‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز وعمي‪ :‬أحداث ووقائع في تاريخ الثورة بالوالية الثالثة‪ ،‬دار الجزائر لمكتب‪ ،‬الجزائر‪، 2011 ،‬‬
‫ص ‪. 306‬‬
‫‪ -3‬مجمة أول نوفمبر‪ :‬دور المرأة الجزائرية ‪،‬العدد‪ :183 :‬مارس ‪ ، 2017‬ص ‪. 49‬‬
‫‪ -4‬عمي كافي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬

‫‪62‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال يقبمن زيارتين أو مرافقتين لجمب الماء‪ ،‬كما كن يستولين عمى كثير من المبلبس‬
‫العسكرية لمجنود الفرنسيين و يرسمنيا إلى جنود جيش التحرير الوطني نتيجة استعمالين‬
‫من قبل الجيش الفرنسي لغسل مبلبس جنوده (‪.)1‬‬
‫و نجد األطفال رغم األمراض التي كانت تنخر أجسادىم الطرية يرددون األناشيد‬
‫الوطنية و من بينيا ‪ :‬من جبالنا طمع صوت األحرار ينادينا إلى استقبلل‪ ،‬شعب الجزائر‬
‫مسمم و إلى العروبة ينتسب‪ ،‬باإلضافة إلى تقميدىم جنود جيش التحرير الوطني حيث‬
‫يشكمون األفواج و الكتائب‪ ،‬و يسخرون من الجنود الفرنسيين الجبناء و يتوعدونيم بالموت‬
‫عمى يد أبطال جيش التحرير الوطني (‪.)2‬‬
‫ىا أمل حازم و‬ ‫رغم ىذه الظروف البائسة‪ ،‬ورغم أآلميم الحادة‪ ،‬فإن قموبيم يمؤل‬
‫ال تتأثر‪ ،‬ىي دعم كامل لمثورة‪ ،‬رغم المشاكل يقيمون و‬ ‫مصمم و معنوياتيم التي‬
‫يحافظون عمى االتصال بالكفاح المسمح‪ ،‬إن وفائيم و تضحياتيم مثالية لدرجة أنيم‬
‫يقدمون أغمى ما لدييم إلرضاء مجاىدييم (‪ ،)3‬كذلك إن الشبيبة الواعية الجزائرية فقد أمدت‬
‫ىذه المحتشدات من خبلل العمم واليدى و نشر تعاليم اإلسبلم و دعوة القرآن ورفع األمية‬
‫و رفع كابوس الجاىمية عن رجاليا و عمرت المحتشدات برجال كانوا يعمرون المدارس و‬
‫(‪)4‬‬
‫يعمرون بيوت اهلل‬
‫و أصبح الطابع المميز لسكان مراكز التجميع تتمثل في فرار األشخاص و‬
‫»‬
‫إلى الجبال لئللتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني‪ ،‬و‬ ‫العائبلت من « مراكز التجمع‬
‫إذا تعذر عمييم ذلك فضموا العيش في الغابات بدون مأوى و ال طعام و ال غطاء ‪...‬عمى‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪.77‬‬


‫‪ -2‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع نفسو ‪ :‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ -3‬عمي كافي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 252‬‬
‫‪ -4‬البصائر‪ :‬وىذه المحتشدات ‪ ،‬لسان حال جمعية العمماء المسممين الجزائريين‪ ،‬العدد ‪ ، 317 :‬دار المغرب‬
‫اإلسبلمي ‪/25 ،‬جوان‪ ،1955/‬ص ‪. 209‬‬

‫‪63‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أن يبقوا في تمك المراكز التي كانوا يتعرضون فييا لمموت البطيء‪ ،‬ولكل أساليب‬
‫االستنطاق ووسائل التعذيب التي يسمطيا عمييم االستعمار في كل وقت (‪.)1‬‬
‫رغم ىذا العذاب المسمط عمى الشعب فإن مقاومتو لم تضعف و ىو يحرض بنفسو‬
‫الجيش عمى الصمود و الصبر‪ ،‬فالشعب الجزائري يبقى السبلح المميز لممجاىدين والدعم‬
‫المعنوي و المادي الذي يقدمو لجيش التحرير الوطني وذو دولة كبرى‪ ،‬رغم المشاكل و‬
‫الظروف الشاقة التي يعيشيا حيث أصبحت معنويات وطاعة و انضباط الجماىير مرتفعة‬
‫و لمجيل الصاعد ال يشغمو إال الكفاح‪ ،‬إن السنوات السبع لمحرب قد أثرت عمى الشعب‬
‫بالتجارب في جميع الميادين‪ ،‬وأن ضحيتو فكريا وروحيا بصفة ممموسة(‪.)2‬‬
‫وبصفة عامة فإن الشعب الجزائري قد تربى في النضال و تكون تكوينا جديدا خبلل‬
‫سنوات الكفاح‪ ،‬و ىو مؤمن بمصيره الحر متطمع نحو مستقبمو المشرق‪ ،‬و خاصة بعد‬
‫إعبلن الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية الذي اعتبر يوم إعبلنيا عيدا وطنيا احتفل بو‬
‫الناس و تبادلوا التياني و التمنيات‪ ،‬وأصبح الناس منذ ذلك اليوم التاريخي العظيم ال‬
‫يتحدثون إال عن أخبار الحكومة و نشاطيا في الخارج و الداخل‪ ،‬وىي مرحمة جديدة‬
‫عظيمة قد قطعت في تاريخ الثورة الجزائرية‪ ،‬وأن يوم الحرية و االستقبلل لم يعد باليوم‬
‫البعيد(‪.)3‬‬
‫إن الثورة الجزائرية واصمت مسيرتيا‪ ،‬وسارت من نصر إلى نصر عسكريا وسياسيا‬
‫رغم التضحيات الكبرى الجسام التي تحمميا الشعب إيمانا منو بالنصر المبين (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 78‬‬


‫‪ -2‬عمي كافي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 254 ، 253‬‬
‫‪ -3‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ ،42 :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪9‬‬
‫‪ -4‬عمار مبلح‪ :‬قادة جيش التحرير الوطني‪ ،‬الوالية األولى‪ ،‬ج ‪ ، 2‬دار اليدى لمطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ، 2012 ،‬ص ‪. 109‬‬

‫‪64‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كانت ترمي فرنسا خبلل إقامتيا لممحتشدات التي تحقيق ما سمتو فصل البذور‬
‫الفاسدة عن البذور السميمة أي عزل المجاىدين العناصر النشطة عن الجماىير الشعبية‬
‫ىذه التدابير بناء عمى فيميا لمثورة‬ ‫الجزائرية‪ ،‬و كانت السمطات الفرنسية قد اتخذت‬
‫الجزائرية و كونيا ثورة أقمية يكفي إبعادىم في المحتشدات‪ ،‬لكن النتائج كانت عكسية ليذه‬
‫الظاىرة‪ ،‬و ىي االعتراف باستقبلل ىذا الشعب‪ ،‬حيث ثار و أن الجزائر كميا محتشد‬
‫كبير‪ ،‬وغضبو و رجولتو يعيش في أعماق الثورة (‪ ،)1‬و أن جميع األجيزة القمعية لم تتمكن‬
‫(‪)2‬‬
‫من زعزعة إيمان الشعب يقف كرجل واحد خمف المبادئ العظيمة‪.‬‬
‫اآلثار السياسية‪:‬‬
‫كانت المحتشدات في ظاىرىا نقمة عمى الجزائريين فإنيا في الحقيقة قد ساعدت‬
‫كثي ار عمى نشر المبادئ وأىداف جبية التحرير الوطني إذ سرعان ما تحولت إلى منابع‬
‫تزود روافد الكفاح المسمح سواء في الريف أو المدينة‪ ،‬وقد استغمت اإلطارات السياسية‬
‫تمك التجمعات اليائمة لتنظيم الدروس اإلستعجالي ة في كافة الميادين و لتعد الذىنية‬
‫الجزائرية لمتكيف مع األوضاع الجديدة المفروضة عمى الببلد(‪.)3‬‬
‫و من األكيد أن مستوى الوعي و اإلدراك لدى الجماىير الجزائرية قد ارتفع بنسبة‬
‫»‬ ‫«‬
‫من معرفة ما كان باإلمكان نقلىا بمثل تمك‬ ‫المحتشدات‬ ‫عالية جدا بفضل ماقدمتو‬
‫السرعة إلى مثل تمك المجموعات اليائمة ذلك أن كل من يخمي سبيمو و يرجع إلى ذويو‬
‫يتحول تمقائيا إلى داعية متشبع بالعقيدة قادر عمى اإلقناع‪ ،‬وان حالة الطوارئ التي كان‬

‫‪ -1‬المقاومة الجزائرية‪ :‬ج ‪ ، 1‬العدد ‪ ،18‬ط‪ ، 3‬منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية‬
‫وثورة أول نوفمبر‪ 1 ،‬جويمية ‪ ،1958‬ص ‪. 12‬‬
‫‪ -2‬محمد فريحة‪ :‬ديسمبر ‪ ، 1960‬في وىران‪ ،‬تر‪ :‬دار القدس‪ ،‬العربي لمنشر والتوزيع‪ ،‬وىران ‪ 2013‬ص‬
‫‪. 194‬‬
‫‪ -3‬محمد العربي الزبيري ‪ :‬تاريخ الجزائر المعاصر ( ‪ ،) 1962/1954‬ج‪ ، 2‬منشورات اتحاد العرب‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص ‪. 24‬‬

‫‪65‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المقصود منيا شل الحركة النضالية و إخماد النشاط الثوري قبل است فحالو قد أتت بنتائج‬
‫عكسية سيكون ليا مفعول كبير في صقل روح المقاومة خاصة عند النخبة من أبناء‬
‫الشعب الجزائري(‪.)1‬‬
‫و أدخمت جبية التحرير الوطني نظاما يسير عمى توجيو الجزائريين و حمايتيم من‬
‫الدعاية االستعمارية وأساليبيا الممتوية في المسخ و التشويو و محاولة القضاء عمى الكيان‬
‫الجزائري‪ ،‬و شيئا فشيئا تحولت المحتشدات و بفضل نظام الجبية إلى مدرسة إطارات‬
‫(‪ ،)2‬و‬ ‫لمتكوين السياسي والتوجيو الوطني و تعزيز الطاقة النضالية و إرادة االستقبلل‬
‫مراكز التجمع » من الناحية االجتماعية وذلك بفضل جبية التحرير الوطني و‬ ‫«‬
‫تحولت‬
‫السرية إلى نظام رائع فكان الناس يتعممون القراءة و الكتابة بفضل المثقفين الذين كانوا‬
‫يتواجدون ىناك‪ ،‬وكانت الصموات تقام جماعة و لم يبمغ االستعمار من وراء إقامتيا ىدفا‬
‫(‪)3‬‬
‫كما خمقت‬ ‫واضحا إال اإلكثار من الضحايا الذين كانوا يموتون تحت وطأة العذاب‬
‫فرنسا وسيمة جديدة لمقضاء عمى جبية التحرير الوطني‪ ،‬و انقمبت عمييا وسيمتيا واجية‬
‫حربية جديدة لم تق أر ليا حسابا(‪.)4‬‬
‫إن النتائج التي كانت تنتظرىا السمطات الفرنسية من وراء إقامة ىذا النوع من‬
‫المحتشدات كانت مخيبة لآلمال‪ ،‬فمن جانب جبية التحري فإنو رغم إجراءات االحتياط و‬
‫(‪)5‬‬
‫إال أنيا أوجدت موالين‬ ‫الحراس و التجسس المضروبة عمى المحتشدات ىذه ليبل نيا ار‬
‫ليا و عمى ىذا األساس فمقد تم إنشاء خبليا سرية داخل ىذه المحتشدات وكان عمميا‬

‫‪ -1‬محمد العربي الزبيري ‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 25‬‬


‫‪ -2‬المجاىد‪ :‬كفاح في المحتشد‪،‬ج ‪ ، 3‬العدد‪ 13 ،70 :‬جوان ‪ ،1960‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -3‬عبد المالك المرتاض‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 76‬‬
‫‪ -4‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 3‬العدد‪ 13 ،70 :‬جوان ‪ ،1960‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -5‬الغالي غربي‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪. 275‬‬

‫‪66‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يتمثل في توعية السكان وربطيم المباشر ليا (‪ ،)1‬واستطاعت أن تخترق الحصار و تتصل‬
‫بالسكان و توصل ليم األخبار و األوامر‪ ،‬والتنظيمات التي تخدم أىداف الثورة (‪.)2‬‬
‫ولقد تحولت المحتشدات إلى مراكز عمل سري منظم و دقيق و صارت حرب الظل‬
‫فييا أىم من حرب العمن‪ ،‬إذ عمد العدو إلى تزويد المحتشدات بضباط مثقفين و مدربين‬
‫عمى غسل الدماغ و بث الدعاية المضادة لمثورة والتنكر لقيم الثورة و الدوس عمى‬
‫المجاىدين ورسالتيم‪ ،‬لكن الثورة قاومت ىذا األسموب الجينمي الجديد برجال مماثمين‬
‫لرجالو وجندت المحافظين السياسيين الذين كانوا ييدمون بالميل ما بنا ه ضباط الصاص‬
‫في النيار‪ ،‬إلى جانب كونيم يسربون جميع الوثائق و أسرار العدو و أخبار من داخل‬
‫المحتشد إلى خارجو و غدا المحتشد قاعدة خمفية قوية لمثورة والثوار(‪.)3‬‬
‫وكانت األسر في المحتشد يرسمون المعونة من أغذية و أدوية و أخبار عن تحركات‬
‫العدو و عمبلئو‪ ،‬و ىذه عبلمات ساطعة عمى أن وعي الجماىير بمواصمة رفد ثورتيا‬
‫أمر ال يردىا عنو عميل أو ضابط كانت أو وسائل القمع و التعذيب و التقتيل أو‬
‫المراوغة أو المغالطة(‪.)4‬‬
‫و ترتب عن إقامة المحتشدات ظيور مناضمي و أنصار جبية التحرير الوطني‪،‬‬
‫الذين تمكنوا من القيام بنشاطيم الثوري داخل تمك المراكز‪ ،‬حيث أسسو ا خبليا الجبية و‬
‫دعوا السكان لبللتفاف حول جبية و جيش التحرير الوطني‪ ،‬و إلى جانب ذلك كان‬
‫المكمفون بميام التوعية و التعبئة يقومون بما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬لخضر شريط‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 205‬‬


‫‪ -2‬الغالي غربي‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪. 276‬‬
‫‪ -3‬لخضر بو رقعة‪ :‬شاىد عمى اغتيال الثورة‪ ،‬تحرير‪ :‬صادق بخوش‪ ،‬تقديم‪ :‬سعد الدين الشاذلي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫مزيدة وممقحة‪ ،‬دار األمة لمطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ، 2000،‬ص ‪. 221‬‬
‫‪ -4‬لخضر بو رقعة‪ :‬المصدر نفسو‪ ،‬ص ‪. 222‬‬

‫‪67‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .1‬شرح الغرض من الثورة لكي يؤمن كل فرد بعدالة القضية التي يكافح من أجميا‬
‫الشعب و بقيم ة التضحية التي يقدميا‪.‬‬
‫‪ .2‬تعزيز الروح المعنوية لكي يستطيعوا مقاومة قسوة الحرب الطويمة األمد‪ ،‬الكثيرة‬
‫النفقات الثقيمة التبعات‪.‬‬
‫‪ .3‬القيام بأعمال الدعاية المضادة لدعاية العدو و ذلك إلثبات بطبلنيا‪ ،‬و خمق‬
‫شعور الكراىية نحو العدو(‪.)1‬‬
‫ولقد لعب المحافظون السياسيون دو ار فعاال في ىذه المحتشدات‪ ،‬حيث أسست‬
‫مجالس شعبية سرية‪ ،‬وتواصمت معيا جمع التبرعات و االشتراكات‪ ،‬فعوض أن تحاصر‬
‫ىذه المحتشدات الثورة أصبحت تحركاتو أمام سمع و بصر السكان‪ ،‬و كانت ليا نتائج‬
‫عكسية حيث ساىمت في نقل الثورة من الجبال و األرياف إلى المدن والقرى‪ ،‬و تقريب‬
‫المدنيين من الثوار الذين عمموا عمى نشر الوعي الوطني و السياسي (‪.)2‬‬
‫و كانت جبية التحرير الوطني تعمل عمى توثيق صبلتيا بكل شرائح المجتمع‬
‫وفئاتو في المدن كما في األرياف‪ ،‬و من أىم الق اررات التي انبثقت عن مؤتمر الصومام و‬
‫التي كان ليا الدور الكبير في تحقيق تبلحم الشعب مع الثورة‪ ،‬قرار إنشاء المجالس‬
‫(‪» )4‬‬
‫الذي يشرف عمى إدارة شؤون القرية و السير‬ ‫الشعبية(‪ ،)3‬و منيا « المجمس البمدي‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫عمى حاجيات سكانيا الضرورية‬

‫‪ -1‬أحسن بومالي‪ :‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 76‬‬


‫‪ -2‬إبراىيم طاس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم طاس‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪73‬‬
‫‪ -4‬وىو مجمس يتكون من خمسة أفراد من بينيم امرأة‪ ،‬و ىذا المجمس يدخل في نطاق المجالس الشعبية التي‬
‫كونتيا الثورة و التي ينتخبيا الشعب انتخابا عاما في كل قرى الجزائر‪ ،‬ينظر‪ :‬المجاىد‪ :‬من مراكز الموت الى دشرة‬
‫المجاىد‪ ،‬ج ‪ ،4‬العدد‪ 10 ، 93 :‬أفريل ‪ ، 1961‬ص‪.4‬‬
‫‪ -5‬المجاىد ‪ :‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪. 4‬‬

‫‪68‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و قد كانت المجالس الشعبية في القرى والمدن توزع المساعدات عمى المحتاجين و‬


‫ضحايا القمع االستعماري‪ ،‬واذا كانت خطة الجيش الفرنسي ىي إبادة الشعب الجزائري‬
‫فإن خطة جبية التحرير ىي المحافظة عمى الشعب الجزائري و تنظيم حياتو االجتماعية‬
‫و إن السمطة الحقيقة في الجزائر ىي في يد الجبية حتى أن كثي ار من المعمرين يدفعون‬
‫لنا االشتراكات و التبرعات و يقدمون المئونة لمجيش (‪.)1‬‬
‫لم تكن الثورة غائبة عن ىذه التجميعات بأي حال من األحوال فقد كان ىناك قسم‬
‫مكمف بالمحتشد غالبا ما يكون أفراده خارج المحتشد‪ ،‬ولكن ينوب عنيم شخص أو‬
‫أشخاص داخل المحتشد يولون تنظيم المقيمين ورفع معنوياتيم‪ ،‬و حثيم عمى عدم التعاون‬
‫مع ضباط ال صاص تحت أي ظرف من الظروف حتى ال يسيئوا لمثورة تحت إغراءات‬
‫(‪)2‬‬
‫كما عممت الثورة عمى استقطاب مختمف فئات‬ ‫الطعام و ىم يعانون وطأة الجوع‬
‫المجتمع من طمبو و عمال و تجار‪ ،‬واستطاعت أن تترجم ىذا التأطير الجماىيري من‬
‫خبلل الدعوة إلى اإلضراب‪ ،‬ىذا األسموب الذي كان لو صدى عمى المستوى الوطني و‬
‫‪ 28‬جانفي‬ ‫الدولي كإضراب الطمبة ‪ 19‬ماي ‪ 1956‬و إضراب الثمانية أيام من‬
‫‪ 1957‬إلى ‪ 4‬فيفري و يفضل ىذه التنظيمات تج ذرت الثورة في أوساط الشعب و‬
‫أصبحت جزء منو(‪.)3‬‬
‫و يبلحظ أن جبية التحرير الوطني قد تمكنت بالرغم من اإلجراءات العسكرية‬
‫الفرنسية القاسية المفروضة عمييم‪ ،‬من إنشاء خاصة لمدعاية و اإلعبلم و تيدف إلى‬
‫تيريب سكان المحتشدات‪ ،‬و تعبئة من تبقوا من رفع معنوياتيم الحتضان الثورة و‬

‫‪ -1‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ ، 42‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 9‬‬


‫‪ -2‬عمار قميل‪ :‬الم صدر السابق‪ :‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ -3‬إبراىيم طاس‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪73‬‬

‫‪69‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تحريضيم عمى عصيان السمطات الفرنسية‪ ،‬و بذلك زاد التحام سكان المحتشدات بالثورة‬
‫عمى عكس ما كان يتوقعو الجيش الفرنسي (‪.)1‬‬
‫اآلثار العسكرية‪:‬‬
‫لقد نتج عمى السمطات الفرنسية من خبلل اتخاذىا لسياسة التجميعات آثار لم يتوقعيا‬
‫الفرنسيون‪ ،‬بح يث كانوا يتوىمون أنيم عندما يجمعون األىالي حول مراكز التجميع‬
‫سيخنقون جيش التحرير‪ ،‬إذ يحرمونو من العون المادي و البشري و المعمومات‪ ،‬إال أن‬
‫النتيجة كانت عكسية حيث أفسدت جميع خططيم وطارت جميع حساباتيم و حطمت كل‬
‫آماليم‪ ،‬و نجم عن إسكان األىالي حول المحتشدات أن الفرنسيين فقدوا االستعبلمات التي‬
‫كانوا يتحصمون عمييا بمختمف الوسائل‪ ،‬فصاروا ال يعرفون شيئا عن تنقل جيش التحرير‬
‫و ال عن تحركاتو‪ ،‬و ىذا في نفس الوقت لم يتأثر فيو جياز االستعبلمات التابع لجيش‬
‫التحرير(‪.)2‬‬
‫ولم تنقطع الحياة الثورية داخل ىذه المناطق المحرمة بل عشعشت في نسيجيا‬
‫المخابئ و أقيمت بيا مراكز التواصل لجيش التحرير الوطني‪ ،‬لكنيا تتسم بكثرة التنقل‬
‫خاصة في الميل أما في النيار يذوب المجاىدون داخل ىذه المحتشدات‪ ،‬ىناك العديد من‬
‫جنراالت االحتبلل الفرنسي ممن يعتبرون أنفسيم خبراء متفوقين في اإلستراتيجية الحربية‬
‫يرون ىذا محال(‪.)3‬‬
‫ن‬ ‫وعمى الرغم من عزل جيش التحرير الوطني عن أسس الدعم إال أنو استطاع أ‬
‫يتحدى إرادة العدو فأرسل إلى ىذه المحتشدات مس ؤولين تمكنوا من تنظيم المواطنين و‬
‫تأطيرىم بداخميا و قاموا بجمع التبرعات و تقديم المساعدات ألسر الشيداء و المعتقمين‬

‫‪ -1‬عقيمة ضيف اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 352‬‬


‫‪ -2‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ 6 ، 36‬فيفري ‪ ، 1959‬ص ‪9‬‬
‫‪ -3‬محمد تقية‪ :‬حرب التحرير في الوالية الرابعة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪. 78‬‬

‫‪70‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واسترجاع ما أمكن من األلبسة العسكرية و الذخيرة و األدوية و قد وجد ىؤالء المس ؤولين‬
‫من يأوييم ويساعدونىم بدون خوف عمى أداء مياميم من بين سكان ىذه المحتشدات(‪.)1‬‬
‫«‬ ‫»‬ ‫«‬
‫أقول دون تردد أن‬ ‫عن النتائج من اقامة المحتشدات ‪:‬‬ ‫لخضر بو رقعة‬ ‫يقول‬
‫العدو فشل فشبل ذريعا في مخططاتو التي لجأ إلييا في أرض المعركة بما ذلك أسموب‬
‫المحتشدات و عزل الشعب عن الثورة و أسموب األراضي المحرمة ألن الثورة تسممت إلى‬
‫(‪» )2‬‬
‫وقد‬ ‫أعماق المحتشدات و حولتيا إلى قواعد صمبة تمدىا بالرجال واإلمداد واإلسراع‬
‫تضمنت منيجيتيا في مقاومة العدو بعض البنود أىميا‪:‬‬
‫‪ .1‬تحويل المناطق المحرمة إلى مناطق محررة‪.‬‬
‫‪ .2‬تحويل المحتشدات إلى مراكز سرية لصالح الثورة الجزائرية(‪.)3‬‬
‫و قد أصبح الجيش الفرنسي يجد حولو فراغا ىائبل‪ ،‬فاختنق ىو من حيث أراد خنق‬
‫جيش التحرير‪ ،‬و أصبحت الدوريات الفرنسية تتعرض في كل جية لميجمات المفاجأة و‬
‫تتكبد أفدح الخسائر‪ ،‬وال يجرؤون عمى مقابمة جيش التحرير و أصبحت القوات الفرنسية‬
‫منزوية في مراكزىا‪ ،‬ال تياجم جيش التحرير إال من بعيد بواسطة األسمحة الثقيمة من‬
‫مدفعية و طيران‪ ،‬وال تخرج إال في قوات كبيرة تعد باآلالف و عشرات اآلالف و أصبحوا‬
‫متأكدين من انتصار الثورة في نياية األمر (‪.)4‬‬
‫و قد تمكن جيش التحرير الوطني من تكثيف عممياتو العسكرية في الدوائر التي‬
‫«‬
‫عمي‬ ‫أعمنت مناطق محرمة عن طريق نصب الكمائن لعناصر الجيش الفرنسي و يقول‬
‫كافي » قائد الوالية الثانية في ىذا الشأن ‪ «:‬لقد أراد العدو أن يفصمنا عن السكان فكانت‬

‫‪ -1‬محمد تقية‪ :‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪. 79‬‬


‫‪ -2‬لخضر بو رقعة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 221‬‬
‫‪ -3‬لخضر بو رقعة‪ :‬المصدر نفسو‪ ،‬ص ‪. 221‬‬
‫‪ -4‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ ، 36‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪71‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النتيجة أن أصبح من جراء ذلك في خوف دائم من اليجومات المفاجأة و الكمائن‬


‫المباغتة » و ىكذا تكون سياسة المحتشدات و حرب اإلبادة المطمقة و الشاممة قد خدمت‬
‫بدورىا جيش التحرير الوطني أكثر ممن خدمت السمطات الفرنسية (‪.)1‬‬
‫و استغل جيش التحرير الوطني ىذه المراكز فاستخدميا كمبلجئ إذ ينجح في‬
‫التغمغل بداخميا من آليات الحراسة المشددة و كثي ار ما يدخل في اشتباكات داخل األسبلك‬
‫الشائكة مع القوات الفرنسية‪ ،‬وأحيانا تستغل ىذه المراكز كمصادر لتموين المجاىدين‬
‫باألسمحة فبقدر ما تتسع المحتشدات بقدر ما تزداد صعوبة إدارتيا من طرف الجيش‬
‫الفرنسي األمر الذي يمكن جيش التحرير من اختراقيا إلى درجة أنيا لم تفمح في إيجاد‬
‫المعادلة المطموبة لمتحكم في تمك الكتل البشرية اليائمة التي وضعت تحت اإلقامة الجبرية‬
‫الدائمة‪ ،‬و عرف جيش التحرير الوطني كيف يستغل الصعوبات و عرف كيف يتسمل بكل‬
‫جرأة داخل ىذه المساحات لتنظيم عناصره في ىذه المناطق(‪.)2‬‬
‫و قد تمكنت قوات جيش التحرير الوطني بعدة محاوالت جريئة إلنقاذ السكان و‬
‫تحطيم المحتشدات (‪ ،)3‬و ذلك من خبلل شنو لحمبلت مماثمة عمى مراكز العدو و ضميم‬
‫إلى رجال جيش التحرير الوطني أو إلى أقاربيم و إخوانيم و بذلك أصبح من الضروري‬
‫(‪ ،)4‬و أن جيش التحرير قد‬ ‫أن تبنى ليم مساكن تأوييم و تنقذىم من البؤس و المرض‬
‫تمكن من النفوذ إلى داخل المحتشدات و أقام تنظيمات مقاومة داخل ىذه المحتشدات‪،‬‬
‫ىذه التنظيمات التي دوخت التنظيمات السمطات العسكرية الفرنسية (‪ ،)5‬من خبلل إنشائو‬

‫‪ -1‬عقيمة ضيف اهلل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 353‬‬


‫‪ -2‬محمد تقية‪ :‬حرب التحرير في الوالية الرابعة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ -3‬الغالي غربي‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪. 275‬‬
‫‪ -4‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 4‬العدد‪ ، 93 :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -5‬لخضر شريط‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 226‬‬

‫‪72‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫دشرة المجاىد » ( ‪ .)1‬و التي تجندت فييا جميع الطاقات و شاركت في تدعيم‬ ‫«‬
‫لمشروع‬
‫أسسو مختمف وحدات جيش التحرير الوطني (‪.)2‬‬
‫وكان المسؤولون عمى المحتشدات يعممون عمى إخبار الثوار عن أي تحرك‬
‫إذا كان ىناك استعدادات لشن عمميات‬ ‫يبلحظونو لجنود الثكنة أو القومية و خصوصا‬
‫تشيط في الجبال فكانت المعمومات ترسل غالبا مع النساء إلى المجاىدين و يقتربون ليبل‬
‫م‬
‫من األسبلك الشائكة و يتصمون بالسكان داخل المحتشدات إال أنيم كان ليم الفضل‬
‫الكبير في نقل الثورة من األرياف و الجبال إلى القرى و المدن‪ ،‬فيؤالء السكان قد عايشوا‬
‫الثورة عند قياميا و خالطوا المجاىدين و سمعوا منيم و تعمموا عمى أيدييم و نمت في‬
‫كرة الجياد و الحرية واالستقبلل(‪.)3‬‬
‫داخميم ف‬
‫إن إجبلء السكان عن البوادي و تجميعيم حول المراكز الفرنسية‪ ،‬مكن جيش‬
‫التحرير من الحرية الكبيرة في التنقل و الحركة‪ ،‬و ىذا في نفس الوقت الذي صار فيو‬
‫مزودا بأحدث األسمحة(‪ ،)4‬حيث لم يكن مشكل التموين مشكمو صعبة و ال يمثل أي خطر‬
‫»‬ ‫«‬
‫مراكز التجميع‬ ‫عمى استمرار الثورة و أن سياسة نقل جماىير الشعب الجزائري إلى‬
‫دليل عمى ضعف و االعتراف بأمر الواقع (‪ ،)5‬و قد برىن جيش التحرير الوطني عمى‬

‫‪ -1‬تقع الدشرة في وسط غابة كثيفة من الصنوبر و تتكون من أكواخ خشبية متينة نسقت في شكل ىندسي مربع‪،‬‬
‫تتوسطيا ساحة كبرى بينت فييا مدرسة تختمف عن المساكن الشعبية في مظيرىا و جدرانيا و سقفيا و بجوار‬
‫المدرسة مصحة لمعالجة المرضى و توزيع األدوية‪ ،‬ينظر‪ :‬المجاىد‪ :‬ج ‪ ، 4‬العدد‪ ، 93 :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.4‬‬
‫‪ -2‬المجاىد‪ :‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪. 4‬‬
‫‪ -3‬عمار قميل‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ -4‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ ، 36‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -5‬زادار فكوبيكار‪ :‬الجزائر شيادة صحافي يوغسالفي عن حرب الجزائر ‪ ،‬تر‪ :‬فتحي سعيدي ‪ ،‬موفم لمنشر‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ، 2011،‬ص ‪. 407‬‬

‫‪73‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫طاقتو النضالية التي ال تقير و مقدرتو في القتال و خبرتو بأساليب الحرب‪ ،‬بتغييره‬
‫لمتكتيك العسكري حسب الظروف و مرونتو الحربية الخارقة (‪.)1‬‬
‫ولقد استطاع جيش التحرير الوطني أن يشن ىجومات مظافرة عمى المراكز الفرنسية‬
‫و استطاع أن يحرر عدد كبير من السكان الذين يعيشون في جحيم معسكرات الموت‬
‫مراكز التجمع »(‪ ، )2‬وكان يجوب المناطق ليبل و نيار‬ ‫«‬
‫البطيء الذي يسمييا الفرنسيون‬
‫و يعرفون كل داخل أو خارج منيا‪ ،‬الشيء الذي جعل القوات االستعمارية في حالة ارتباك‬
‫النقطاع أخبار جيش التحرير عن ض باط المخابرات التابعين لمجيش الفرنسي‪ ،‬فبدال من‬
‫عزل الثوار أصبح الجيش االستعماري ىو المعزول حقيقة حول ما يجري حولو‪ ،‬و ىذا‬
‫بدوره أثر تأثير كبي ار عمى معنويات الجنود الفرنسيين الذين أصبحوا فاقدين لكل روح قتالية‬
‫خصوصا و أن ما يقاتمونو قد أصبح مجيوال لدييم و ال يعممون شيئا عن تحركاتو (‪.)3‬‬
‫كما أمكنت ىذه الحالة سكان المحتشدات من اإلطبلع عمى حقيقة ما يجري حوليم‬
‫خصوصا عندما يخرج جنود الثكنات المحيطة بيم لمياجمة الثوار في الجبال رفقة رجال‬
‫القومية عند عودتيم‪ ،‬كان سكان المحتشد يعرفون و ببساطة عدد القتمى و عدد المجاريح‬
‫من جنود الثكنة و عمبلئيم الشيء الذي كان يعزييم عن وضعيتيم الصعبة و يبث‬
‫فييم األمل في االنتصار القريب و التحرر من ىذه الوضعية التي كانت تشبو‬
‫الكابوس(‪.)4‬‬
‫وان القوات الفرنسية العسكرية بأنيم لم يصموا عسكريا إلى التغمب عمى المقاومة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وىم يستعممون ىذه المحتشدات عمى أمل قطع االنسحاب و التراجع أمام جيش‬

‫‪ -1‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ ، 36‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪ -2‬المجاىد ‪ :‬ج ‪ ،3‬العدد ‪ ، 84‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -3‬عمار قميل‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 43 ، 42‬‬
‫‪ -4‬عمار قميل‪ :‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪. 43‬‬

‫‪74‬‬
‫انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التحرير الوطني و تجويع الشعب الجزائري‪ ،‬حتى يجد نفسو مضطر لبلنضمام إلى القوات‬
‫الفرنسية‪ ،‬فالشعب سيعرف بكفاحو كيف يستعيد استقبللو رغم ما فعمتو فرنسا من أساليب‬
‫قمعية(‪.)1‬‬
‫إن سياسة التنكيل و التيجير الجماعي ىذه و إقامة المحتشدات‪ ،‬قد عرف استنكار‬
‫و استيجانا لدى الرأي العالمي و ال سيما في المحافل الدولية‪ ،‬فقد أصبحت دول العالم‬
‫تستنكر ىذا األسموب‪ ،‬و بدأت صورة فرنسا تتشوه ال سيما في ىيئة األمم المتحدة و في‬
‫المنظمات الدولية األخرى كتنظيمات الوحدة اإلفريقية و تنظيمات عدم االنحياز (‪.)2‬‬
‫«‬
‫وبذلك لم تنجح الخطة التي طبقتيا السياسة الفرنسية المتمثمة في نقل السكان إلى‬
‫مراكز التجمع » حتى يتسنى ليم عزل جيش التحرير الوطني عن الشعب‪ ،‬و إضعاف قوة‬
‫جبية التحرير الوطني و طاقتيا النضالية و إمكانياتيا المادية و العسكرية كما أنيم فشموا‬
‫فشبل ذريعا في الميدان السياسي و العسكري و النفسي رغم اإلمكانيات الضخمة التي‬
‫وظفوىا إلنجاح ىذه العممية الجينمية‪ ،‬إنيم لم يستطيعوا أن يقضوا عمى الثورة الجزائرية و‬
‫عمى المقاومة الذاتية لمسكان و إنما زادوه قوة و صبلبة و تماسكا أكثر من أي وقت‬
‫مضى‪ ،‬ألن سياسة التجويع و اآلالم و المحن و المصائب التي يعجز القمم عن وصفيا‪،‬‬
‫زادتو صمودا و تحديا و عمقا في الوعي و أمبل في إحراز النصر الكبير‪.‬‬

‫‪ -1‬المقاومة الجزائرية‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد‪ ،6 :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 2‬‬


‫‪ -2‬لخضر شريط‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 227‬‬

‫‪75‬‬
‫الـ ـ ـ ـ ــخاتمة‬
‫وفي األخير إن موضوع بحث يتمحور حول المحتشدات االستعمارية خالل الثورة‬
‫و الذي يعد إجراء يقع ضمن استراتيجية كاممة متكاممة ‪ ،‬نفذتيا السمطات الفرنسية في‬
‫معظم كامل التراب الجزائري محاولة بذلك استعادة زمام األمور في صراعيا مع الثورة‪.‬‬
‫وخالل دراسة لىذا الموضوع استخمصت مجموعة من االستنتاجات ولعمى أبرزىا ‪:‬‬

‫‪ - 1‬إدراك السمطة الفرنسية بعد اندالع الثورة التحريرية ال بد باتخاذ كل االجراءات و‬


‫التدابير القمعية و العسكرية ومن بينيا قانون حالة الطوارئ و قانون السمطات الخاصة ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى افراغ السكان من قراىم و مداشرىم و إعالنيا مناطق محرمة ‪ ،‬وكذلك‬
‫إنشاء المصالح اإلدارية المتخصصة ‪ ،‬لكن رغم كل ىذه السياسات الجزرية إال أنيا كانت‬
‫عديمة التأثير في استمالة الشعب و القضاء عمى الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن سياسة المحتشدات تعد كغيرىا من ردود الفعل الفرنسية عمى الثورة وال تختمف‬
‫عنيم من حيث الجينمية و الوحشية وىذه اآللة التي لم تفرق بين فئات الشعب الجزائري‬
‫ونكمت كل من يعترض طريقيا ‪ ،‬بغية تحقيق ىدفيا الرامي إلى فصل الشعب عن الثورة‬
‫واستمالة عقوليم بما يخدم المصالح الفرنسية‪.‬‬
‫‪ - 3‬لقد مرت سياسة التيجير و الترحيل لمسكان داخل المحتشدات خالل تكوينيا بعدة‬
‫مراحل ولم تكن عمى مرحمة واحدة‪.‬‬
‫‪ - 4‬تعد المحتشدات بالنسبة لمسكان المجمعين الموحة السوداء ألنيا سياسة فرضت‬
‫عمييم بالقوة ‪ ،‬وىي تعتبر مراكز الموت البطيء وجريمة في حق االنسانية ككل ‪ ،‬وذلك‬
‫نتيجة لمطروف المأساوية و المزرية التي عاشوىا داخل مراكز التجميع ‪ ،‬لكن رغم ىذه‬
‫األوضاع السيئة إال أن عزيمتيم لم تضعف وبقوا متمسكين بالثورة‪.‬‬
‫‪ - 5‬إن تفريغ مناطق واسعة من سكانيا وتجميعيم في مراكز ومحتشدات محروسة‬
‫لم يكن الحل الذي كانت تنشده وتيدف إليو السمطة‬ ‫بأسالك شائكة وأبراج مراقبة‪،‬‬
‫االستعمارية ‪ ،‬ولم يكن لو تأثير كبير عمى سير الثورة في االتجاه الذي يخدميا ‪ ،‬وذلك‬
‫لعدة اعتبارات نذكر أىميا ‪:‬‬
‫استطاع الثوار اختراق ىذه السياسة و التغمغل في أوساط ىذه المراكز وبعثيم‬ ‫‪‬‬
‫األمان في األوساط الشعبية وتشجيعيم عمى الصمود من أجل بموغ اليدف‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الـ ـ ـ ـ ــخاتمة‬
‫أن المحتشدات نفسيا أصبحت وك ار لخاليا الثورة ‪ ،‬ومصدر لتيريب المؤن و‬ ‫‪‬‬
‫المباس و االشتراكات‪.‬‬
‫ارتفاع معنويات السكان داخل المحتشدات رغم سياسة التجويع و اآلالم التي‬ ‫‪‬‬
‫عاشوىا ‪ ،‬بل زادتيم صمود و تحديا و ذلك من أجل إنجاح الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫أصبحت مراكز التجميع تضم مختمف شرائح المجتمع و التي مكنت الجزائريين من‬ ‫‪‬‬
‫االحتكاك ببعضيم البعض وخمقت جوا من التآزر و التعاون مكنيم من التكيف مع‬
‫الظروف الصعبة‪.‬‬
‫أن نجاح الثورة في مجال الدعاية المضادة داخل المحتشدات و الفشل االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫الذي واكب العممية برمتيا لم يشجع السكان عمى التقرب من المشروع الفرنسي ‪ ،‬وبالتالي‬
‫لم يفمح في صدىم عن دعم الثورة‪.‬‬
‫تعد سياسة التجميع في ظاىرىا نقمة عمى الجزائريين لكن في داخميا كانت نعمة‬ ‫‪‬‬
‫عمييم ‪ ،‬حيث ساعدتيم في نشر الوعي الوطني و السياسي ‪ ،‬وأيضا نشر مبادئ الثورة و‬
‫أىدافيا و التي تسممت إلى أعماق المحتشدات وحولتيا إلى قواعد صمبة تمدىا بالعون‪.‬‬
‫لقد قام الشعب الجزائري بدور فعال في استم اررية الثورة واصبح يعيش داخل‬ ‫‪‬‬
‫جذورىا ‪ ،‬ولم تتمكن األجيزة القمعية االستعمارية من زعزعة إيمان الشعب بالوقوق في‬
‫وجو العدو ‪ ،‬وفضال عن ذلك فقد كانت لممرأة الجزائرية أثر بارز في ىذه المراكز من‬
‫خالل إنجازىا لبعض المخابئ السرية و االستمرار في االتصال بين الثورة و الشعب‬
‫الجزائري وبفضميا أيضا استطاعت الثورة أن تتحدى كل أساليب المستعمر وتدخل‬
‫المحتشدات‪.‬‬

‫‪ – 6‬إخفاق السياسة الفرنسية من خالل إقامتيا لممحتشدات حيث كانت ليا نتائج عكسية‬
‫فيي لم تحقق ىدفيا الرامي إلى فصل الشعب عن الثورة ‪ ،‬وبالتالي نجد تمكن الثورة من‬
‫االنغراس و التغمغل في األوساط الشعبية بفضل الدور الكبير لجيازىا االداري السياسي‬
‫الذي امتد في كل مراكز التجميع وحتى المداشر و القرى و المدن ‪ ،‬وبيذا االنتشار‬
‫الواسع استطاع ىذا الجياز القضاء عمى سياسة السمطة الفرنسية من خالل ‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫الـ ـ ـ ـ ــخاتمة‬
‫‪ - 1‬أن خطة جبية التحرير الوطني ىي المحافظة عمى الشعب الجزائري ‪ ،‬وتنظيم‬
‫حياتو االجتماعية ‪ ،‬عكس خطة االستعمار الفرنسي التي كانت ترمي إلى إبادتو والقضاء‬
‫عميو‪.‬‬
‫‪ - 2‬تأسيس المجالس الشعبية داخل المحتشدات من طرف المحافظين السياسيين والتي‬
‫ساىمت بدورىا في نقل الثورة من الجبال و القرى إلى المدن‪.‬‬
‫‪ - 3‬أوجدت مجتمعا تحمل النضال بأشكال جديدة كاإلضرابات و المظاىرات‪ ،‬وقد‬
‫ساىمت ىذه األساليب في حسم المعركة في النياية لصالح الثورة و المتمثل في تحقيق‬
‫االستقالل‪.‬‬

‫ومنو يبقى الجانب االجتماعي لمثورة مجاال يستدعي المزيد من الدراسات ‪ ،‬خاصة إذا‬
‫تعمق األمر بموضوع المحتشدات‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ملحق رقم ‪ : 1‬حالة طوارئ‬

‫القانون رقم ‪ 385-55‬ادلؤرخ يف ‪ 03‬أفريل ‪ 1955‬الذي يعلن ويفرض حالة طوارئ يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪ -‬الربدلان الوطين و رللس اجلمهورية ناقشتا‪.‬‬


‫‪ -‬صادق الربدلان الوطين‪.‬‬
‫‪ -‬اصدار رئيس اجلمهورية القانون الذي مضمونو التايل ‪:‬‬

‫الباب األول‬

‫المادة ‪:1‬ميكن أن يعلن عن حالة الطوارئ على كامل أو جزء من إقليم البلد الرئيسي ‪ ،‬اجلزائر أو مقاطعات ما وراء‬
‫البحر ‪ ،‬إما يف حالة خطر وشيك ناتج عن اعتداءات خطًنة على األمن العام ‪ ،‬وإما يف حالة حوادث دتثل بطبيعتها‬
‫وخطورهتا صفة كوارث عامة‪.‬‬

‫المادة ‪:2‬ال ميكن االعالن عن حالة الطوارئ إال بقانون‪.‬‬

‫حيدد القانون الظروف اإلقليمية اليت يدخل حيز التنفيذ هبا ‪ ،‬يف حدود ىذه الدوائر االدارية ‪ ،‬أما ادلناطق اليت تطبق‬
‫فيها حالة الطوارئ ستحدد مبرسوم يصدر عن يؤخذ يف رللس الوزراء ‪ ،‬على أساس تقرير وزير الداخلية‪.‬‬

‫المادة ‪:3‬حيدد القانون مدة حالة الطوارئ اليت ال ميكن دتديدىا إال بقانون جديد‪.‬‬

‫إال أنو يف حالة استقالة احلكومة أو شغور رئاسة اجمللس ‪ ،‬يتوجب على احلكومة اجلديدة طلب تأكيد من طرف‬
‫الربدلان للقانون ادلعلن عن حالة الطوارئ ‪ ،‬يف أجل ستسة عشر يوم كاملة من التاريخ اليت حتصلت فيو على ثقة‬
‫الربدلان الوطين‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫إذا مل يتم تقدمي الطلب يف اآلجال احملددة ‪ ،‬يعترب القانون باطال‪.‬‬

‫المادة ‪ :4‬يف حالة حل الربدلان الوطين ‪ ،‬ينسخ القانون الذي يعلن حالة الطوارئ بقوة القانون‪.‬‬

‫المادة ‪:5‬االعالن عن حالة الطوارئ مينح السلطة للمحافظ الذي توجد مقاطعتو كليا أو جزئيا ضمن دائرة إدارية‬
‫منصوص عليها يف ادلادة ‪:2‬‬

‫‪ – 1‬مينع جتوال األشخاص أو العربات يف األماكن ويف األوقات احملددة بقرار‪.‬‬

‫‪ 1‬حسٌن بوزاىر ‪ :‬العدالة القمعية يف اجلزائر ادلستعمرة ‪ ،1962-1830‬تر‪ :‬بوجلة عبد اجمليد ‪ ،‬دار ىومة ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2011 ،‬ص ص ‪.211 ، 210‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ – 2‬حتدد بقرار مناطق زتاية أو أمن من حيث يتم تنظيم إقامة االشخاص‪.‬‬

‫‪ – 3‬تدخل االقامة يف كامل أو يف جزء من ادلقاطعة لكل شخص يبحث عن عرقلة ‪ ،‬بأية طريقة كانت ضمن‬
‫صالحيات السلطات العمومية‪.‬‬

‫المادة ‪:6‬ميكن لوزير الداخلية ‪ ،‬يف كل احلاالت ‪ ،‬للحاكم العام يف اجلزائر أن يقرر االقامة اجلربية يف دائرة إدارية‬
‫إقليمية أو قرية زلددة ‪ ،‬لكل شخص يقيم يف ادلنطقة احملددة بادلرسوم ادلؤشر يف ادلادة ‪ ، 2‬والذي يبدو نشاطو خطًن‬
‫على األمن و النظام العام للدوائر االدارية االقليمية ادلؤشرة يف ادلادة ادلذكورة‪.‬‬

‫ال ميكن يف أية حالة كانت ‪ ،‬أن تسفر االقامة اجلربية على خلق مراكز أين يتم سجن االشخاص ادلشار إليهم يف‬
‫الفقرة السابقة‪.‬‬

‫يتوجب على السلطة االدارية أن تتخذ كل التدابًن لضمان إعالة األشخاص اخلاضعٌن لإلقامة اجلربية وكذا عائالهتم‪.‬‬

‫المادة ‪:7‬ميكن لكل شخص تعرض لالجراءات ادلتخذة تطبيقا للمادة (فقرة ‪ )3‬أو ادلادة ‪ 6‬إلغاء ىذا االجراء ‪،‬‬
‫بتقدمي طلب إىل جلنة استشارية تتضمن مندوبٌن من اجمللس العام معينٌن من طرف ىذا األخًن ‪ ،‬يف اجلزائر ‪ ،‬على‬
‫قاعدة التمثيل ادلتساوي األعضاء من منتخيب اذليئتٌن ‪.‬‬

‫إن تشكيلة ومنط التعيٌن وشروط عمل اللجنة من االدارة العمومية‪.‬‬

‫ميكن لنفس األشخاص أن يقدموا طعنا على تعسف يف السلطة ضد القرار ادلشار إليو يف الفقرة األوىل أعاله أمام‬
‫احملكمة االدارية ادلختصة‪.‬‬

‫يتوجب على ىذه األخًنة الرد خالل شهر واحد من تاريخ تقدمي الطعن يف حالة استئناف ‪ ،‬يتوجب أن يصدر قرار‬
‫رللس الدولة يف غضون ثالثة أشهر من االستئناف ‪ ،‬مع عدم تقرير اذليئات أعاله يف اآلجال احملددة بالفقرة السابقة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫تتوقف االجراءات ادلتخذة تطبيقا للمادة ‪( 5‬فقرة ‪ )3‬أو ادلادة ‪ 6‬عن التنفيذ‪.‬‬

‫المادة ‪:8‬ميكن لوزير الداخلية بالنسبة لكل األقاليم أين أعلنت حالة الطوارئ ‪ ،‬احلاكم العام بالنسبة للجزائر و‬
‫احملافظ يف ادلقاطعة ‪ ،‬أن يأمر بغلق مؤقت لقاعات احلفالت ‪ ،‬متاجر ادلشروبات وكل أماكن االجتماعات يف ادلناطق‬
‫احملددة بادلرسوم ادلنصوص عليو يف ادلادة ‪.2‬‬

‫ميكنو أيضا أن يضع بصفة عامة أو خاصة ‪ ،‬االجتماعات اليت تسبب الفوضى‪.‬‬

‫‪ 1‬حسٌن بوزاىر ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ص ‪.212 ، 211‬‬


‫‪82‬‬
‫المادة ‪:9‬ميكن للسلطات ادلشار إليها يف ادلادة ‪ 6‬أن تأمر بتقدمي األسلحة من الصنف األول ‪ ،‬الرابع و اخلامس‬
‫احملددة مرسوم ‪ 18‬أفريل ‪ 1939‬و الذخًنة ادلوافقة ذلا ‪ ،‬واألمر بوضعها بٌن أيدي السلطات ويف األماكن ادلعينة‬
‫لذلك‪ ،‬مع استالم وصل بالنسبة لألسلحة من الصنف اخلامس احملددة يف االحكام السابقة وسيتم إختاذ كل التدابًن‬
‫إلعادهتا ألصحاهبا باحلالة اليت كانت عليها حلظة تسليمها‪.‬‬

‫المادة ‪:10‬االعالن عن حالة الطوارئ يضاف إىل ادلادة ‪ 1‬من قانون ‪ 11‬جويلية ‪ 1938‬حول التنظيم العام للوطن‬
‫يف وقت احلر لتنفيذ كامل أو جزء من أحكام القانون ادلذكور هبدف تغطية احلاجات الناجتة عن الظروف ادلنصوص‬
‫عليها يف ادلادة ‪.1‬‬

‫المادة ‪ :11‬ميكن للقانون ادلعلن حلالة الطوارئ ‪ ،‬بتعليمة عاجلة أن ‪:‬‬

‫‪ – 1‬مينح السلطات االدارية ادلشار إليها يف ادلادة ‪ 8‬سلطة األمر بتفتيش ادلساكن هنارا أو ليال‪.‬‬

‫‪ – 2‬تؤىل نفس السلطات الختاذ كل التدابًن لضمان مراقبة الصحافة و ادلطبوعات جبميع أشكاذلا ‪ ،‬وكذا البث‬
‫اإلذاعي ‪ ،‬والعروض السينمائية و ادلسرحية‪.‬‬

‫ال ينطبق أحكام الفقرة األوىل من ىذه ادلادة إال يف ادلناطق احملددة بادلرسوم ادلنصوص عليو يف ادلادة ‪ 2‬أعاله‪.‬‬

‫المادة ‪ :12‬يف حالة إعالن حالة الطوارئ يف رتيع أحناء ادلقاطعة أو يف جزء منها ‪ ،‬ميكن دلرسوم متخذ تبعا لتقرير‬
‫حافظ األختام ‪ ،‬وزير العدالة ‪ ،‬ووزير الدفاع الوطين ‪ ،‬أن يرخص للسلطة القضائية العسكرية أن تتكفل باجلرائم ‪،‬‬
‫وكذا اجلنح ادلرتبطة هبا ‪ ،‬واليت تعترب من اختصاص زلكمة اجلنايات ذلذه ادلقاطعة ‪.1‬‬

‫تبقى السلطة القضائية للتشريع العام معنية برفع الدعاوي ‪ ،‬طادلا تتبىن السلطة العسكرية ادلتابعة ويف كل احلاالت ‪ ،‬إىل‬
‫غاية األمر ادلنصوص عليو يف ادلادة ‪ 133‬من قانون التحقيقات اجلنائية ‪ ،‬وإذا ما تبنت السلطة العسكرية ادلختصة‬
‫رفع دعوة لدى اذليئة القضائية العسكرية فان ىذه ادلتابعة تستوجب أن ترفع االجراءات بالرغم من أحكام ادلادة ‪،24‬‬
‫‪ 68‬من قانون‬ ‫الفقرة األخًنة من قانون العدالة العسكرية ‪ ،‬بقوة القانون أمام غرفة االدانة ادلنصوص عليها يف ادلادة‬
‫العدالة العسكرية ‪ ،‬إذا ما مل تدل غرفة االدانة بقرارىا ‪ ،‬إما أمام اذليئة القضائية العسكرية ادلختصة مل تدل حٌن يتم‬
‫النطق بقرار االحالة‪.‬‬

‫تشكل احملكمة العسكرية وتصدر أحكامها وفق الشروط احملددة يف الفقرتٌن األخًنتٌن من ادلادة ‪ 10‬من قانون العدالة‬
‫العسكرية‪.‬‬

‫‪ -1‬حسٌن بوزاىر ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ص ‪.214 ، 213‬‬


‫‪83‬‬
‫عندما يدخل ادلرسوم ادلنصوص عليو يف الفقرة األوىل من ادلادة احلاضرة ‪ ،‬وبالنسبة لكل االجراءات احملالة للهيئة‬
‫القضائية العسكرية ‪ ،‬تعلق كل الطعون بالنقض ضد قرارات ىيئات التحقيق ‪ ،‬مبا يف ذلك قرار االحالة ‪ ،‬وال ميكن‬
‫شلارستها عند االقتضاء إال بعد قرار أو حكم االدانة ‪ ،‬وإذا كان ىناك أيضا طعن ضد ىذا القرار وعليو تصدر زلكمة‬
‫أحكامها بقرار واحد نفسو بالنسبة لكل الوسائل‪.‬‬

‫المادة ‪ :13‬تعاقب سلالفات أحكام ادلواد ‪ 5،6،8،9‬و ‪(11‬فقرة‪ )2‬بالسجن من ذتانية أيام إىل شهرين وبغرامة من‬
‫‪ 5000‬إىل ‪ 200000‬فرنك ‪ ،‬أو بإحدى ىذين العقوبتٌن فقط‪.‬‬

‫ميكن ضمان من طرف السلطة االدارية ‪ :‬للتدابًن ادلنصوص عليها بالرغم من وجود ىذه األحكام العقابية‪.‬‬

‫المادة ‪:14‬يتوقف مفعول التدابًن ادلتخذة للتطبيق يف ىذا القانون يف نفس الوقت الذي تنتهي فيو حالة الطوارئ ‪.1‬‬

‫‪ 1‬حسٌن بوزاىر ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ص ‪.214 ، 213 ،‬‬


‫‪84‬‬
‫ملحق رقم ‪ : 2‬قانون السلطات الخاصة ‪ 16‬مارس ‪1956‬‬

‫المادة األولى ‪ :‬تنص على أنو تعتمد مراسم رللس الوزراء على تقرير الوزير ادلقيم باجلزائر والوزراء ادلعنيٌن بعد مشاورة‬
‫الدولة باجلزائر كل االجراءات فيما تتبع صياغة النص بسلسة من ادلسائل ادلتعلقة باجلانب االقتصادي وادلايل‬
‫واالجتماعي واالداري بدءا بالتجهيزات ادلدرسية والصحبة وكذا احلصول على ادللكية اخلاصة الريفية وإعادة تنظيم‬
‫اجلماعات احمللية وإصالحات احلكومة العامة مرورا بتخفيض سعر الطاقة ودخول ادلسلمٌن سلك الوظيف العمومي‬
‫منحهم الفرصة إلنشاء مصانع جديدة‪.‬‬

‫المادة الثانية‪ :‬تتضمن ادلصادقة من طرف الربدلان يف ظرف سنة واحدة على مراسيم تعدل أو تلغي االجراءات القانونية احلالية‪.‬‬

‫المادة الثالثة‪ :‬فهي دتنح احلكومة صالحيات اختاذ إجراءات يف رلال فتح القروض ادلرتتبة على تطبيق ادلواد الواردة أعاله اعتمادا‬
‫على تقارير وزير الشؤون االقتصادية وادلالية بعد احلصول على موافقة جلان ادلالية للجمعية العامة ورللس الوزراء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ىذه ادلراسيم جيب أن حتظى مبوافقة الربدلان يف مدة زمنية حددت بعام واحد ابتداءا من اليوم الذي حررت فيو‪.‬‬

‫المادة الرابعة‪ :‬تنص على أن للحكومة احلق يف أن تصدر مراسيم يف أي حال بناءا على تقرير الوزير ادلقيم باجلزائر و الوزراء ادلعنيٌن‬
‫وذلك يف إطار رللس الوزراء وبعد مشاورة رللس الدولة لتمديد ىذه االجراءات إىل اجلزائر مع وجوب تطابقها مع القوانٌن وادلراسيم‬
‫ادلعمول هبا فوق الرتاب الفرنسي‪.‬‬

‫المادة الخامسة‪ :‬فهي تعطي احلق للحكومة يف أن تكون ذلا الصالحيات ادلمكنة من أجل اختاذ اجراءات خاصة تتطلبها الظروف‬
‫من أجل استتاب األمن واحلفاظ على حياة االشخاص وسالمتهم وكذا تأمٌن شلتلكاهتم واإلقليم بصفة عامة وعندما تأخذ ىذه‬
‫االجراءات ادلذكورة وتتخذ صلة لتغيًن القانون فاهنا ستأخذ عن طريق مرسوم صادر عن رللس الوزراء‪.‬‬

‫المادة السادسة‪ :‬على أن السلطات ادلخولة قانونا يف ادلواد السالفة الذكر سيتم إلغاؤىا مع إنتهاء مهام احلكومة احلالية‪.‬‬

‫ويف حالة استقالة احلكومة أو شغور منصب رئاسة اجمللس جيب على احلكومة اجلديدة أن تطلب التأكيد من طرف‬
‫الربدلان على القانون الذي مينح تلك االجراءات اخلاصة ادلتخذة يف إطار السلطات اليت ختوذلا ادلادة اخلامسة يف ظرف‬
‫زمين ال يتعدى عشرة أيام ابتداءا من تاريخ حصولو على ثقة اجلمعية العامة ‪ ،‬كما سيلغي ىذا القانون إن مل يقدم‬
‫الطلب يف ىذا الشأن يف خالل الظرف الزمين احملدد لو قانونيا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ملحق رقم ‪ :3‬جداول تعداد المجمعين و التجميعات‬

‫‪ 1‬باتريك إفينيو ‪ ،‬جون بالنشايس ‪ :‬حرب اجلزائر ‪ ،‬ملف و شهادات ‪ ،‬ج‪ ،1‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.191 ، 190 ،‬‬
‫‪2‬مصطفى خياطي ‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.282 ،‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ - 1‬دائرة عين تيموشنت‬
‫السكان ‪1961‬‬ ‫التجميعات‬ ‫البلديات‬
‫‪2.000‬‬ ‫العامر ‪ ،‬قرية السود‬ ‫العامرية‬
‫‪697‬‬ ‫رويبة ماقرة‬
‫‪1730‬‬ ‫بوجزار مزايد‬
‫‪973‬‬ ‫أوالد حتوي‬ ‫حاسي الغلة (الراحل)‬
‫‪1309‬‬ ‫بورتعة‬
‫‪300‬‬ ‫قطنة‬ ‫ترقة‬
‫‪568‬‬ ‫حبارة‬
‫‪1195‬‬ ‫أوالد كيحل‬
‫‪1300‬‬ ‫سيدي سعيد‬ ‫ادلاحل‬
‫‪1200‬‬ ‫الشفاء‬ ‫سيدي بن عدة‬
‫‪200‬‬ ‫سيدي سلفي‬ ‫شعبة اللحم‬
‫‪250‬‬ ‫حي الشباط‬
‫‪5.500‬‬ ‫دوار موالي مصطفى‬ ‫عٌن تيموشنت‬
‫‪250‬‬ ‫كروليس شنتوف‬
‫‪300‬‬ ‫العٌن البيضاء‬ ‫زتام بوحجر‬
‫‪2500‬‬ ‫بيزي‬
‫‪1150‬‬ ‫سوالر‬
‫‪1700‬‬ ‫احلدوة‬
‫‪60‬‬ ‫حجايرية‬
‫‪1200‬‬ ‫حي البحًنة الصغًنة‬ ‫عٌن االربعاء‬
‫‪208‬‬ ‫سيدي بومدين‬
‫‪230‬‬ ‫سيدي زلمد بلخضري‬
‫‪1530‬‬ ‫احلساسة‬ ‫احلساسة ( وادي بركاش)‬
‫‪120‬‬ ‫دوار بيطار‬
‫‪1200‬‬ ‫وادي الصباح‬ ‫وادي الصباح‬
‫‪251‬‬ ‫بورعدة‬
‫‪30093‬‬ ‫‪ 28‬مراكز‬ ‫اجملموع‬

‫‪86‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ - 2‬دائرة القل ‪:‬‬
‫السكان ‪1961‬‬ ‫التجميعات‬ ‫البلديات‬
‫‪1503‬‬ ‫سيدي عاشور‬ ‫القل‬
‫‪4545‬‬ ‫العلوج‬
‫‪3059‬‬ ‫الدوار‬
‫‪1237‬‬ ‫علي الشريف‬
‫‪933‬‬ ‫الشعبة‬
‫‪4736‬‬ ‫الكركرة‬
‫‪1800‬‬ ‫بوغرايطة‬
‫‪1060‬‬ ‫القريدة‬
‫‪1100‬‬ ‫حجرية الزوبياء‬
‫‪3500‬‬ ‫بسمبورغ‬ ‫بسمبورغ‬
‫‪1785‬‬ ‫عٌن أغبيك‬
‫‪1400‬‬ ‫شرابعة‬
‫‪1106‬‬ ‫أغنسو‬
‫‪1500‬‬ ‫كنوة‬
‫‪500‬‬ ‫بوقروين‬
‫‪300‬‬ ‫تبلوط‬
‫‪810‬‬ ‫ىاللة‬
‫‪1800‬‬ ‫العوينات‬ ‫أوال عطية العوينات‬
‫‪880‬‬ ‫خنق ميون‬
‫‪540‬‬ ‫الوجلة‬
‫‪500‬‬ ‫أوالد شعبان‬
‫‪1278‬‬ ‫بزبقرة سكوان‬
‫‪775‬‬ ‫أوالدي جبل‬
‫‪2025‬‬ ‫مالح‬
‫‪1009‬‬ ‫رقوبة‬
‫‪1079‬‬
‫‪5367‬‬ ‫دتلوس‬ ‫دتلوس‬
‫‪1913‬‬ ‫سيدي منصور‬
‫‪1293‬‬ ‫غريب القلعة‬
‫‪4852‬‬ ‫عٌن الطابية‬
‫‪1290‬‬ ‫بن الودان‬
‫‪1521‬‬ ‫رتلة طابلة‬
‫‪103‬‬ ‫دخنة‬
‫‪7609‬‬ ‫أم الطوب‬ ‫أم الطوب‬
‫‪1329‬‬ ‫سيدي كمرب‬
‫‪1520‬‬ ‫بين رسدون‬
‫‪1521‬‬ ‫وادي األبيار‬

‫‪3000‬‬ ‫عٌن القشرة‬ ‫عٌن القشرة‬


‫‪1688‬‬ ‫بوسبعة‬
‫‪1495‬‬ ‫برج القايد‬
‫‪475‬‬ ‫بين صاحل‬
‫‪930‬‬ ‫صفصافة‬
‫‪1355‬‬ ‫بودروخة‬
‫‪1639‬‬ ‫بوبلوط‬
‫‪4998‬‬ ‫زرقاء‬ ‫بين ولبان الزرقاء‬
‫‪1300‬‬ ‫قرماطة‬
‫‪85.358‬‬ ‫‪ 46‬مركز‬ ‫المجموع‬

‫‪ 1‬مصطفى خياطي ‪ :‬ادلرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.285‬‬


‫‪87‬‬
88
‫ملحق رقم ‪ :04‬معاناة المرأة الجزائرية في المعسكرات الفرنسية‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫المجاهد ‪ :‬ج‪،3‬العدد‪ ،75:‬المصدر السابق‪،‬ص ‪. 5‬‬

‫‪87‬‬
‫ملحق رقم ‪ :06‬وضع تجميعات دائرة القل‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫ميشال كورناتون‪،‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.355‬‬

‫‪88‬‬
‫ملحق رقم ‪ :07‬وضع تجميعات دائرة عين مليلة‬

‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫ميشال كورناتون‪،‬المصدر نفسه‪،‬ص ‪.357‬‬

‫‪89‬‬
‫ملحق رقم ‪ :08‬المناطق المحرمة‬

‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫الغالي غربي‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.576‬‬

‫‪90‬‬
‫ملحق رقم ‪ :09‬خط شال بين عين الكرمة وسوق اهراس‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬
‫خالد نزار‪:‬يوميات الحرب الجزائر( ‪ ،)1962/1954‬طبع المؤسسة الوطنية لالتصال النشر واالشهار‪ ،‬الجزائر ‪،2008 ،‬ص‪7‬‬

‫‪91‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪. 1‬قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫الكتب‪:‬‬
‫أ‪.‬المصادر‪:‬‬

‫‪ .1‬بورقعة لخضر‪ :‬ط‪ ،2‬شاىد عمى اغتيال الثورة‪ ،‬تحرير‪ :‬صادق بخوش‪ ،‬تقديم‪ :‬سعد الدين الشاذلي‪ ،‬ط‪ ،2‬مزيدة‬
‫وممقحة‪ ،‬دار األمة لمطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2000،‬‬

‫‪ .2‬تقية محمد‪ :‬الثورة الجزائرية‪ ،‬المصدر‪ ،‬الرمز و المال‪ ،‬تر‪ :‬عبد السالم عزيزي‪ ،‬دار القصبة لمنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪. 2010‬‬

‫‪ .3‬تقية محمد‪ :‬حرب التحرير في الوالية الرابعة‪ ،‬تر‪ :‬بشير بو لفراق‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪. 2012 ،‬‬

‫‪ .4‬حربي محمد‪ :‬الثورة الجزائرية سنوات المخاض‪ ،‬موفم لمنشر الجزائر ‪.2008،‬‬

‫‪ .5‬قميل عمار‪ :‬ممحمة الجزائر الجديدة‪ ،‬ج‪ ،3‬دار العثمانية‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬

‫‪ .6‬كافي عمي‪ :‬مذكرات الرئيس عمي كافي من المناضل السياسي إلى القائد العسكري‪ 1962 ، 1946 ،‬ط‪ ،2‬منقحة‬
‫ومزيدة‪ ،‬دار القصبة لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬

‫‪ .7‬كورناتون ميشال‪ :‬مراكز التجميع في حرب الجزائر‪ ،‬تقديم ‪ :‬تيميون‪،‬تر‪ :‬صالح الدين ‪،‬ط‪ ،1‬منشورات السائحي‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013،‬‬
‫ب‪.‬المراجع‬

‫‪ .8‬أتومي جودي‪ :‬وقائع سنين الحرب في الوالية الثالثة‪ ،‬منطقة القبائل ‪ 1962/1956 ،‬قصص حرب ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬دار‬
‫ريم لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ .9‬إفينو باتريك ‪ ،‬بال نشايس جون‪ :‬حرب الجزائر ( ممف وشيادات ) ‪ ،‬تر بن داود سالمية ‪ ،‬ج‪ 1‬دار الوعي‬
‫لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪. 2013 ،‬‬

‫‪ .10‬باتريك إفينو‪ ،‬جون بالنشايس‪ ،‬حرب الجزائر‪ ،‬ج‪،2‬دار الوعي لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ .11‬بحوش عمار‪ :‬التاريخ السياسي لمجزائر من البداية ولغاية ‪1962‬م ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ [،‬د‪ ،‬م ]‪.1997،‬‬

‫‪ .12‬برانش رفائيال‪ :‬التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحريرية الجزائرية‪،‬تر‪ :‬أحمد بن محمد بكمي ‪،‬‬
‫أمد وكال النشر‪ [،‬د‪ ،‬م]‪ 2010 ،‬ص ‪. 38‬‬

‫‪ .13‬بمعباس محمد‪ :‬الوجيز في تاريخ الجزائر‪ ،‬دار المعاصرة لمنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر‪. 2009 ،‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .14‬بموازع براهمة‪ :‬نظرة عمى الجزائريين ( ‪ ) 1962 ، 1947‬من خالل كتابات الجزائريين في الصحافة التونسية‬
‫( الزىرة‪،‬األسبوع‪،‬الصباح )‪ ،‬نموذجا ‪،‬كوكب العموم‪ ،‬الجزائر‪. 2015 ،‬‬

‫‪ .15‬بن تومي عمار‪ :‬الدفاع عن الوطنيين ‪،‬تر‪ :‬مراد وزناجي ‪،‬دار غرناطة لمنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ 2010‬ص‬
‫ص ‪.119‬‬

‫‪ .16‬بن حمودة بوعالم‪ :‬الثورة الجزائرية ‪ ،‬ثورة أول نوفمبر ‪ 1954‬معالميا األساسية‪ ،‬دار النعمان لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ [،‬د‪ ،‬م ‪،‬ن]‪.2012،‬‬

‫‪ .17‬بوجالل عمار‪ :‬حواجز الموت ( ‪ )1959 /1957‬الجبية المنسية‪ ،‬تر‪ :‬زينب قبي‪ ،‬منشورات المركز الوطني‬
‫لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ‪ [، 1954‬د‪،‬م ] ‪.2010 ،‬‬

‫‪ .18‬بورغدة رمضان‪ :‬الثورة الجزائرية والجنرال ديغول (‪ ،)1962/1958‬سنوات الحسم و الخالص‪ ،‬مؤسسة بونو‬
‫لمبحوث والدراسات‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ .19‬بوزاهر حسين ‪ :‬العدالة القمعية في الجزائر المستعمرة ‪ ،1962-1830‬تر‪ :‬بوجمة عبد المجيد ‪ ،‬دار ىومة ‪،‬‬
‫الجزائر ‪. 2011 ،‬‬

‫‪ .20‬بوعزيز يحيى‪ :‬ساحات الوعي تحدثني ‪ 11‬أوت ‪ ، 1956‬دار األمة لمنشر والتوزيع‪[ ،‬د‪،‬م]‪[ ،‬د‪،‬ت]‪.‬‬

‫‪ .21‬بوعزيز يحيى‪ :‬الثورة في الوالية الثالثة التاريخية أول نوفمبر ‪ 19 1954‬مارس ‪ ، 1962‬دار األمة لمطباعة‬
‫والنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪. 2004 ،‬‬

‫‪ .22‬بوعزيز يحي‪:‬الثورة في الوالية الثالثة التاريخية (أول نوفمبر ‪ 19/1954‬مارس ‪ ،)1962‬دار االمة ‪،‬‬
‫الجزائر‪2004،‬‬

‫‪ .23‬بوقريوة لمياء‪ :‬تطور الثورة التحريرية الجزائرية اإلستراتيجية الفرنسية لمقضاء عمييا‪ ، )1959/1958 ( ،‬دار‬
‫اليدى لمطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ [،‬د‪ ،‬ت ‪،‬ن]‪.‬‬

‫تومي محمد‪ :‬طبيب في معاقل الثورة حرب التحرير الوطني (‪ ،)1962/1954‬تر حضرية يوسفي‪،‬دار‬ ‫‪.24‬‬
‫األمة‪،‬الجزائر‪ 2010،‬ص ‪.383‬‬

‫خرشي جمال‪ :‬االستعمار و سياسة االستيعاب و اإلدماج في الجزائر ( ‪ ،) 1962/1830‬تر‪ :‬عبد العزيز‬ ‫‪.25‬‬
‫السالم عزيزي‪ ،‬دار القصية لمنشر‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬

‫‪ .26‬خياطي مصطفى‪ :‬حقوق اإلنسان في الجزائر خالل االحتالل الفرنسي‪ ،‬تر‪ ،ANEP :‬منشورات ‪، ANEP‬‬
‫المؤسسة الوطنية لالتصال النشر و اإلشيار ‪ ،‬الرويبة‪.2013 ،‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .27‬خياطي مصطفى‪ :‬معسكرات التجميع في الجزائر أثناء حرب التحرير ( ‪ ،)1962/1954‬تر‪ :‬محمد المعراجي‬
‫وعمر المعراجي‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ [،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ن ]‪.‬‬

‫‪ .28‬زبير رشيد‪ :‬جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة ( ‪ ، ) 1962/1956‬دار الحكمة لمنشر ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪. 2012‬‬

‫‪ .29‬الزبيري الطاهر‪ :‬مذكرات أخر قادة األوراس التاريخيين ( ‪ ،) 1962 / 1929‬منشورات ‪ [،ANEP‬د‪ ،‬م]‪،‬‬
‫‪.2008‬‬

‫‪ .30‬الزبيري محمد العربي ‪ :‬تاريخ الجزائر المعاصر ( ‪ ،) 1962/1954‬ج‪ ، 2‬منشورات اتحاد العرب‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫‪.1999‬‬

‫‪ .31‬زغرودة عمي‪ :‬ذاكرة الثورة التحريرية الجزائرية ‪ ،‬طبع مؤسسة الوطنية لالتصال و النشر واإلشيار ‪ ،‬روبية‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ .32‬سعيداني الطاهر‪ :‬القاعدة الشرقية قمب الثورة النابض‪ ،‬دار األمة لمطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬

‫‪ .33‬شريط لخضر‪ :‬استراتيجية العدو الفرنسي لتصفية الثورة الجزائرية ‪،‬طبعة خاصة ‪،‬منشورات المركز الوطني‬
‫لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر ‪.2007، 1954‬‬

‫‪ .34‬ضيف اهلل عقيمة‪ :‬التنظيم السياسي السياسي واإلداري لمثورة ( ‪ ،)1962/1954‬البصائر لمنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪ .35‬طاس إبراهيم‪ :‬السياسة الفرنسية في الجزائر و انعكاساتيا عمى الثورة (‪ ، )1958/1956‬دار اليدى لمطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪.2013‬‬

‫‪ .36‬عطية فاروق‪ :‬األعمال اإلنسانية أثناء حرب التحرير ‪ 1962/1954‬تقديم ‪ :‬سعد دحمب و مصطفى مكاشي‪،‬‬
‫تر‪ :‬كابوية عبد الرحمن وسالم‪ ،‬منشورات دحمب‪ ،‬الجزائر ‪. 2010‬‬

‫‪ .37‬عمورة عمار‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر‪ ،‬دار ريحانة لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ .38‬غربي الغالي‪ :‬فرنسا والثورة الجزائرية (‪ ،)1958 /1954‬دراسة في السياسات والممارسات‪ ،‬غرناطة لمنشر‬
‫والتوزيع‪،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬

‫‪ .39‬الفرحي بشير كاشة‪ :‬مختصر وقائع وأحداث ليل اإلحتالل الفرنسي الجزائري‪ [، )1962/1830 (،‬د‪ ،‬د ‪ ،‬ن‬
‫] ‪ [،‬د‪ ،‬م ]‪.2007 ،‬‬

‫‪ .40‬فريحة محمد‪ :‬ديسمبر ‪ ، 1960‬في وىران‪ ،‬تر‪ :‬دار القدس‪ ،‬العربي لمنشر والتوزيع‪ ،‬وىران ‪. 2013‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .41‬فكوبيكار زادار‪ :‬الجزائر شيادة صحافي يوغسالفي عن حرب الجزائر‪ ،‬تر‪ :‬فتحي سعيدي ‪ ،‬موفم لمنشر‪،‬‬
‫الجزائر ‪.2011،‬‬

‫قنان جمال‪ :‬قضايا ودراسات في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ‪ ،‬منشورات المتحف الوطني لممجاىد‪[.،‬‬ ‫‪.42‬‬
‫د‪ ،‬م]‪ [ ،‬د‪ ،‬ت ‪،‬ن]‪.‬‬

‫‪ .43‬ماتياس قريقور‪ :‬الفرق اإلدارية المتخصصة في الجزائر بين المثالية و الواقع ( ‪ ، ) 1962 / 1955‬تر‪ ،‬م ‪،‬‬
‫جعفري‪ ،‬منشورات السائحي‪ ،‬الجزائر ‪.2013‬‬

‫‪ .44‬مالح عمار‪ :‬قادة جيش التحرير الوطني‪ ،‬الوالية األولى‪ ،‬ج ‪ ، 2‬دار اليدى لمطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ .45‬منغور أحمد‪ :‬موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية (‪ ، )1962/1954‬دار التنوير‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪. 2013‬‬

‫‪ .46‬ميكاشير صالح‪ :‬حرب التحرير الوطنية في مراكز القيادة لموالية الثالثة‪ ،)1962 / 1957( ،‬تر‪ :‬العيد دوان‬
‫األمل لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬تيزي وزو‪.2012 ،‬‬

‫‪ .47‬وعمي عبد العزيز‪ :‬أحداث ووقائع في تاريخ الثورة بالوالية الثالثة‪ ،‬دار الجزائر لمكتب‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪ .48‬خالد نزار‪:‬يوميات الحرب الجزائر(‪ ،)1962/1954‬طبع المؤسسة الوطنية لالتصال النشر واالشيار‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫ج ‪ .‬الجرائد والمجالت‪:‬‬
‫‪.1‬الجرائد‪:‬‬

‫‪ .49‬جريدة المجاهد‪،‬ج‪ ،2‬العدد‪، 1959/02/06، 36:‬العدد‪ ،1959/05/18 ،42:‬العدد‪، 1959/07/19 ،46:‬‬


‫العدد‪ ،1959/10/19:‬العدد ‪،1959/12/15 ،57:‬العدد‪.1960/01/59،11:‬‬

‫‪ .50‬جريدة المجاهد‪،‬ج‪ ،3‬العدد‪، 1960/06/13، 70:‬العدد‪ ،1960/08/22 ،75:‬العدد‪، 1960/12/12 ،84:‬‬

‫‪ .51‬جريدة المجاهد‪،‬ج‪ ،4‬العدد‪، 1961/04/10، 93:‬العدد‪ ،1961/06/19 ،98:‬العدد‪، 1961/07/03 99:‬‬

‫‪ .52‬البصائر‪ :‬وىذه المحتشدات ‪ ،‬لسان حال جمعية العمماء المسممين الجزائريين‪ ،‬العدد ‪ ، 317 :‬دار المغرب‬
‫اإلسالمي ‪/25 ،‬جوان‪.1955/‬‬

‫‪ .53‬المقاومة الجزائرية‪ :‬ج ‪ ، 1‬العدد ‪ ،18‬ط‪ ،3‬منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية‬
‫وثورة أول نوفمبر‪ 1 ،‬جويمية ‪.1958‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .54‬المقاومة الجزائرية‪ :‬ج ‪ ، 2‬العدد ‪ ،06‬منشورات المركز الوطني لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة‬
‫أول نوفمبر ‪.1954‬‬
‫‪.2‬المجالت‪:‬‬

‫‪ .55‬بومالي أحسن‪ :‬مراكز الموت البطيء ‪ :‬وصمة عار في جبين فرنسا االستعمارية‪ ،‬محمية المصادر‪ ،‬العدد‪8 :‬‬
‫‪ ،‬ماي ‪. 2003‬‬

‫‪ .56‬فياللي مختار‪ :‬فرنسا وأساليب القمع والتعذيب الوحشي و الحرب النفسية ضمن مخطط القضاء عمى الثورة‬
‫الجزائرية‪ ،‬مجمة التراث‪ ،‬العدد‪ ، 5 :‬فيفري‪. 1992،‬‬

‫‪ .57‬مجمة أول نوفمبر‪ :‬دور المرأة الجزائرية ‪،‬العدد‪ :183 :‬مارس ‪.2017‬‬

‫‪ .58‬وعمي عبد العزيز‪ :‬جياز التموين بالوالية الثالثة أثناء الثورة التحريرية‪ ،‬مجمة أول نوفمبر‪ ،‬العدد‪، 176 :‬‬
‫ديسمبر ‪.2011‬‬
‫د‪ .‬القواميس والمعاجم‬

‫‪ .59‬الرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬طبقة مدققة كاممة التشكيل و مميزة المداخل‪ ،‬دائرة‬
‫المعاجم‪.‬‬

‫‪ .60‬المرتاض عبد المالك‪ :‬دليل مصطمحات ثورة التحرير الجزائرية (‪ )1962 /1954‬منشورات المركز الوطني‬
‫لمدراسات و البحث في الحركة الوطنية ثورة نوفمبر ‪ ، 1954‬الجزائر‪ [ ،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ن ]‪.‬‬
‫ه‪.‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫رسالة ماجستير‪:‬‬

‫‪ .61‬محمد شمبازي‪ :‬المحتشدات بوالية سطيف محتشد (بازر سكرة رقم ‪ ) 5‬نموذجا ‪ 1962-1954‬مذكرة مقدمة‬
‫لنيل شيادة الماجستير في تاريخ المجتمع المغاربي الحديث و المعاصر جامعة سطيف‪.2008 ،2007 ،‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫شكر وعرفان‬
‫إهداء‬
‫قائمة المختصرات‬
‫أ‪-‬و‬ ‫مقدمة‬
‫مدخل تمهيدي‪:‬السياسة الفرنسية القمعية لمقضاء عمى الثورة‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫‪10-8‬‬ ‫قانون حالة الطوارئ‪.‬‬
‫‪13-11‬‬ ‫قانون السمطات الخاصة‪.‬‬
‫‪18-14‬‬ ‫المناطق المحرمة واألسالك الشائكة‪.‬‬
‫‪22-19‬‬ ‫المصالح اإلدارية المتخصصة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ظروف إنشاء المحتشدات خالل ثورة التحرير‪.‬‬
‫‪28-24‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف المحتشدات وأنواعها‪.‬‬
‫‪32-29‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أهداف فرنسا من إقامة مراكز التجميع‪.‬‬
‫‪37-32‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مراحل وتطوير مراكز التجميع‪.‬‬
‫‪50-38‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬ظروف حياة المجمعين‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬انعكاسات المحتشدات عمى الشعب الجزائري و الثورة‪.‬‬
‫‪58-52‬‬ ‫المبحث األول‪:‬النتائج السمبية لمراكز التجميع‪.‬‬
‫‪64-59‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬دور المحشودين في مراكز التجميع‪.‬‬
‫‪69-65‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار السياسية‪.‬‬
‫‪75-70‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬اآلثار العسكرية‪.‬‬
‫‪78-76‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪91-80‬‬ ‫المالحق‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

You might also like