‫العناية بالطفل في األيام األولى من حياته‬

‫*محمد رفعت‬
‫إن أشد األشياء خطراً على األطفال الصغار ھي العدوى‪ ،‬ولذلك تھتم‬
‫المستشفيات الراقبة بإبعادھم عن األشخاص المصابين بالبرد أو إلتھاب‬
‫الحلق أو النزالت المعوية أو االلتھابات الجلدية‪ .‬وإذا ولد الطفل في‬
‫المنزل فأتبعي نفس الطريقة‪ ،‬وتحتم بعض المستشفيات على الممرضات‬
‫لبس أقنعة من الشاش عندما يتولين العناية باألطفال كما تلبس األم قناعا ً‬
‫عندما ترضع الطفل‪ .‬ھذا وإن كانت مستشفيات أخرى ال تطلب كل ذلك‬
‫وال توجد في الواقع ضرورة للبس القناع إذا كان األشخاص الذين‬
‫يتولون رعاية الطفل خالين من العدوى‪.‬‬
‫ومعظم األطفال حديثي الوالدة يفقدون شيئا ً من وزنھم في األيام القليلة‬
‫األولى وال يعود وزنھم إلى ما كان عليه وقت الوالدة ال بعد فترة تتراوح‬
‫بين ‪ ٥‬و ‪ ٧‬أيام‪.‬‬
‫والسبب األساسي في ھذا النقص في الوزن يعود إلى حد كبير إلى فقدان‬
‫الماء وخروج المواد التي كانت مختزنة في أمعاء الطفل قبل الوالدة‪،‬‬
‫وھذا تكيف طبيعي في الجسم وال يستدعي أي قلق إال إذا كان وزن الطفل‬
‫لم يعد إلى الزيادة في نھاية األسبوع األول‪.‬‬
‫وقد تكبر أثداء بعض األطفال في األيام القليلة األولى ويحمر لونھما قليالً‬
‫بل وقد تنضح حلمات الطفل بضع قطرات من الحليب‪ .‬ويستوي في ھذا‬
‫أن يكون الطفل ذكراً أو أنثى ولكن ذلك قليل الحدوث بوجه عام وتفسيره‬
‫بسيط وھو أن المواد الداخلية التي تھيئ ثدييك للرضاعة قد وصلت إلى‬
‫جسم الطفل قبل الوالدة إذ أن إفرازاتك الداخلية تصل من جسمك إلى‬
‫جسم الطفل بنفس الطريقة التي يصله إليه بھا الغذاء واألوكسيجين خالل‬
‫المشيمة‪ .‬وھذا االنتفاخ في ثديي الطفل يختفي تدريجيا ً‪ .‬ومن المھم أال‬
‫تعصري ثديي الطفل أو تدعكيھما في ھذا الوقت‪.‬‬
‫وقد تنزل بضع قطرات من الدم من المھبل عند بعض األناث من األطفال‬
‫في األيام األولى بعد الوالدة‪ .‬وينشأ ھذا الدم بطريقة شبيھة بالطريقة التي‬
‫تسبب تضخم الثديين وھو ليس مدعاة للقلق وسوف يختفي بسرعة‪.‬‬
 ‫ـ العناية بالطفل حديث الوالدة في المنزل‪:‬‬
‫إذا ولد الطفل في المنزل أو إذا عدت من المستشفى إلى منزلك بسرعة‪،‬‬
‫اي في اليوم الثالث أو الرابع بعد الوالدة‪ ،‬فقد يمكنك االتفاق مع زائرة‬
‫صحية في منطقتك لتقضي معك بعض الوقت يوميا ً وتساعدك في قيامك‬
‫بتبعاتك الجديدة‪ ،‬وكثير من المراكز الصحية المحلية أو الھيئات التي تنشأ‬
‫في المنطقة التي تقوم فيھا األم‪ ،‬تقدم ھذا النوع من الخدمة لألمھات‬
‫الحديثات‪ .‬وفي وسع ھؤالء الزائرات أن يقمن بالكثير من األعمال حتى‬
‫تكون أيامك األولى في المنزل أخف عبئا ً وأسعد حاالً‪ .‬ويعد الحصول على‬
‫ممرضة خصوصية في المنزل خطأ ال تطيق مصاريفه كثيراً من األمھات‪.‬‬
‫على أن زيارة واحدة في اليوم وإن كانت قصيرة تقوم بھا الزائرة‬
‫الصحية لك ستساعدك على تسوية كثير من األمور‪ ،‬ومن المستحسن أن‬
‫تعرفي قبل الوالدة إذا كان ھذا النوع من الخدمة موجوداً في المنطقة‬
‫التي تقيمين فيھا‪.‬‬
‫ـ الطفل المولود قبل األوان‪:‬‬
‫يعتبر الطفل قد ولد قبل األوان إذا ولد قبل الموعد المتوقع بما يزيد على‬
‫أسبوعين وبما أنه يصعب تحديد ميعاد والدة الطفل على وجه التحديد‪،‬‬
‫فإن كل األطفال الذين يزنون أقل من خمسة أرطال ونصف يعتبرون غير‬
‫مستكملين لفترة حملھم ‪.‬وحتى إذا ولد الطفل في ميعاده حسب تقدير األم‬
‫وكان يزن أقل من خمسة أرطال ونصف فإنه يحتاج لعناية خاصة ويجب‬
‫أن يعامل معاملة المولودين قبل األوان‪.‬‬
‫واألطفال من ھذا النوع يحتاجون لرعاية خاصة ألن أجسامھم ليست على‬
‫استعداد لمسايرة مطالب الحياة كاألطفال الذين يولدون أكبر حجما ً‪ .‬فقد‬
‫يحتاجون للحياة في جھاز خاص تنظم فيه درجة الحرارة والرطوبة بدقة‪.‬‬
‫ويحصلون فيه على قدر أكبر من األوكسيجين‪ .‬وإذا كانت أجسامھم‬
‫شديدة الضآلة فإنه ال ينبغي تحريكھم إال للضرورة القصوى‪ .‬ومثل ھذه‬
‫القيود تجعل من المستحيل على األم العناية بطفلھا في ھذه األيام األولى‪.‬‬
‫وقد يعني ھذا أيضا ً أنھا ال تستطيع رؤيته إال من خالل نوافد الجھاز‪ .‬وقد‬
‫ال تستطيع أن تصحبه عند خروجھا من المستشفى كما أنھا ال تستطيع‬
‫االحتفاز به في المنزل إذا ولد ھناك‪ .‬وتتوقف مدة إقامته بالمستشفى إلى‬
 ‫حد ما على وزنه وھل ھو شديد الضآلة أم ھو فقط أقل قليالً من خمسة‬
‫أرطال ونصف الرطل‪ .‬وال يرسل ھؤالء األطفال إلى منازلھم حتى يصل‬
‫وزنھم إلى خمسة أرطال ونصف أو ستة أرطال‪.‬‬
‫وربما ال تستطيع األم إرضاع الطفل أول األمر ولو أن طبيبھا قد يطلب‬
‫منھا أن تتعلم كيف تعصر حليبھا بيدھا أو بالشفاطة حتى يمكن إعطاؤه‬
‫للطفل‪ .‬وكثير من األمھات ُيظھرن مھارة في ھذا العمل إلى حد يستطعن‬
‫معه أن يحتفظن بكمية ال بأس بھا من اللبن تمكنھن من إرضاع الطفل‬
‫عندما يكبر ويعود للمنزل‪.‬‬
‫ويجب أن تكون والدة الطفل من ھذا النوع في المستشفى حيث توجد‬
‫التسھيالت الالزمة للعناية به‪ .‬أما إذا ولد في المنزل وكان حجمه صغيراً‬
‫جداً فيجب بذل كل مجھود لنقله إلى مستشفى مجھز باألجھزة الالزمة‬
‫للعناية باألطفال الذين ولدوا قبل األوان وقد يكون ھناك استعداد خاص‬
‫لمثل ھؤالء األطفال في المستشفى الموجود في منطقتك أو في مستشفى‬
‫آخر في المدينة‪.‬‬
‫والعناية بالطفل الناقص في المنزل مشكلة كبيرة معقدة ويجب تحاشيھا‬
‫كلية إال إذا لم يكن ھناك أي سبيل للعناية به في المستشفى‪ .‬أما إذا كان‬
‫الطفل الناقص كبير الحجم نسبياً‪ ،‬كأن يكون وزنه أربعة أرطال أو أكثر‪،‬‬
‫فيمكن العناية به في المنزل إذا ولد ھناك‪ .‬وتستطيع الزائرة الصحية أن‬
‫تساعد كثيراً في العناية بالطفل الناقص‪.‬‬

‫ـ االستمتاع بالطفل‪:‬‬
‫كثير من األمھات حديثات العھد باألمومة يشعرن باالضطراب والحيرة‬
‫إزاء التبعات الجديدة‪ ،‬وما ينبغي عمله وما ال ينبغي عمله‪ ،‬حتى يصبن‬
‫باإلجھاد ويغلب عليھن القلق في األيام األولى من حياة الطفل‪ .‬وتبدأ ھذه‬
‫الصعوبات غالبا ً عندما تعود األم مع طفلھا إلى المنزل‪ .‬وكثيراً ما يبدي‬
‫األقارب واألصدقاء استعدادھم لتقديم العون‪ ،‬إال أنھم ال يزيدونك إال‬
‫إرتباكا ً ‪.‬وقد يكون في مقدورك أن تتفادي قدراً من االضطراب إذا كانت‬
‫قد قامت إلفة بينك وبين طبيبك الذي سيعتني بطفلك‪ .‬وإذا لم يكن ھو‬
 ‫نفس طبيبك المولد فحاولي أن تتصلي به وتتحدثي معه في أثناء الحمل‬
‫وبذلك تجدين أنه يسھل عليك التفاھم معه على كثير من الشؤون بعد‬
‫والدة الطفل‪ .‬وقد يرغب في رؤيتك وطفلك في المستشفى‪ .‬إعرضي‬
‫مشكلتك وألقي أسئلتك على الطبيب أو الممرضة وأقضي أكبر قدر ممكن‬
‫من الوقت في االستمتاع بطفلك وال شيء غير ذلك‪.‬‬
‫ولن يؤذي الطفل أن تحمليه وتھزيه عندما يبكي بل إن ھذه ھي إحدى‬
‫الطرق التي تشعره بالراحة واالطمئنان اللتين تشتد حاجته إليھا أثناء‬
‫نموه‪.‬‬
‫وإذا كان الطفل يتبع طريقة التنظيم الذاتي في الرضاعة فسوف تجدين‬
‫حينما تستعيدين قدراً من القوة يسمح لك بالخروج وقضاء بعض‬
‫حاجياتك بنفسك‪ ،‬أن طفلك قد استقر على نظام معين‪ .‬وكثير من األمھات‬
‫قد وجدن أن ھذه الطريقة للعناية بالطفل مريحة ومرضية‪ .‬وعلى الرغم‬
‫من ضعف ھذا المولود فھو إنسان كامل قد ابتدأ يحتل مكانه في ھذا‬
‫العالم‪.‬‬