You are on page 1of 68

‫انفصم انثبنِ‬

‫انضرر املؼنٌُ بني اننض ًانتطبْق ًفقب ألحكبو ىْئبث انتحكْى‬

‫الوجود القانوني لممسؤولية المدنية ال يتحقؽ اال اذا توافرت اركانيا مف خطا وضرر‬
‫وعالقة سببية وال يخفى عمى احد االىمية البالغة لمركف االوؿ والثالث في تحقؽ المسؤولية اال اف‬
‫(‪)1‬‬
‫فيو الركف االساس ونقطة االرتكاز لقياـ التعويض‬ ‫الضرر ىو قواميا عقدية كانت اـ تقصيرية‬
‫فال يمكف اف ينشا االلتزاـ بالتعويض اذا تخمؼ الضرر وقد يكوف ىذا االخير ماديا عندما يصيب‬
‫الشخص في جسمو او في مالو ‪ ,‬او اف يكوف معنويا ( ادبيا) اذا اصاب المضرور في شعوره او‬
‫عاطفتو او كرامتو او شرفو(‪.)2‬‬

‫فالضرر المادي يتمثؿ في االخالؿ بمصمحة لممضرور ذات قيمة مالية كإتالؼ االمواؿ‬
‫باختالؼ انواعيا او تفويت فرصة لمكسب المالي عمى خالؼ الضرر المعنوي الذي يمس‬
‫ويصيب المصمحة غير المالية لممضرور وال يتحقؽ ذلؾ اذا لـ تتوافر شروطو‪.‬‬

‫وكؿ ما ورد في االركاف المعروفة لممسؤولية فيو مف قبيؿ القواعد العامة و المثبتة‬
‫بكتابات لكبار فقياء القانوف عمى المستوييف الدولي والمحمي الغربي والعربي فال نرى اف ىنالؾ‬
‫مسوغ لمخوض في تفاصيميا – اال ما ليا صمة وثيقة بالموضوع من باب اكتمال الرؤية والترابط‬
‫في الموضوعات‪ -‬كونيا تمثؿ اميات االحكاـ‪ ,‬وما يعنينا في ىذا المقاـ ىو نوع مف انواع‬
‫الضرر اال وىو الضرر المعنوي ومدى امكانية الحكـ بالتعويض عنو في منازعات االستثمار في‬
‫ظؿ ىيئات التحكيـ الدولية واالقميمية‪ ,‬لما لو مف اىمية عممية وعممية فائقة في الوقت الذي‬
‫اختمفت التشريعات في مدى الحكـ بالتعويض ليذا النوع مف الضرر مف عدمو‪ ,‬فضال عف‬
‫غياب النص القانوني ليذا النوع في اغمب واف لـ يكف جميع المعاىدات الثنائية و متعددة‬
‫االطراؼ الخاصة باالستثمار والتحكيـ اال اف ذلؾ لـ يمنع قياـ بعض مراكز التحكيـ مف الحكـ‬

‫‪ - 1‬دً ‪٠‬شًّ طٌه ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌض‪١ٌٚ‬ز ثط ثْ ثٌض‪ٌٚ‬ز وجألفغثص لض صؤص‪ ٟ‬دؤفؼجي ِشجٌفز ٌٍمجٔ‪ٚ ْٛ‬صضغصخ ػٍ‪ٙ١‬ج ِـؤ‪١ٌٚ‬ض‪ٙ‬ج‬
‫ثٌض‪١ٌٚ‬ز ف‪ٕٙ‬جٌه صظ‪ٛ‬ع عجدش ف‪ ٟ‬ػّ‪١‬غ ثٌّجضّغ ثٌض‪ ٌٟٚ‬دئِىجٔ‪١‬ز ل‪١‬جَ ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضغصذز ػٍ‪ ٝ‬ثالسالي دم‪ٛ‬ثػض‬
‫ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌض‪ ٌٟٚ‬ػٍ‪ ٝ‬ثٌغغُ ِٓ ػضَ ثِىجٔ‪١‬ز صٍه ثٌم‪ٛ‬ثػض ِٓ ثٌؼثَ ثٌض‪ٚ‬ي دضفغ ثٌضؼ‪٠ٛ‬ؼجس ػٓ ثالػغثع ثٌٕجصجز‬
‫ػٓ ثالفؼجي ثٌّشجٌفز ٌٍمجٔ‪ ْٛ‬ثٌض‪ ٌٟٚ‬فجٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌض‪١ٌٚ‬ز صشًّ طثس ثالعوجْ ػٍ‪ِ ٝ‬شضٍف ثٌضـّ‪١‬جس ‪ٚ‬لضع صؼٍك‬
‫ثالِغ دجٌؼغع ف‪ ٛٙ‬عوٓ ِ‪ ُٙ‬جضث ٌم‪١‬جَ ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌض‪١ٌٚ‬ز ‪ٕ٠‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ‪:‬‬
‫‪ٕ٠ - 2‬ظغ ص‪ِ .‬ذّض دـٓ لجؿُ ‪ِ ,‬ذجصا ثٌمجٔ‪ , ْٛ‬ثٌّضسً ثٌ‪ ٝ‬ثٌمجٔ‪ٚ ْٛ‬ثالٌضؼثِجس ‪ ,‬صثع ثٌّطذ‪ٛ‬ػجس ثٌججِؼ‪١‬ز ‪,‬‬
‫ثالؿىٕضع‪٠‬ز ‪ , 2212 ,‬ص‪ِٚ 344‬ج دؼض٘ج‪.‬‬
‫بالتعويض المعنوي واالستجابة لطمبات بعض المستثمريف في المنازعات االستثمارية في بعض‬
‫احكاميا‪.‬‬

‫ففي اآلونة االخيرة اكتسبت قضية التعويض عف األضرار المعنوية اىتماما كبي ار في‬
‫نزاعات االستثمار الدولية‪ ,‬والمطالبات فيو اخذت بالتزايد يوما بعد اخر‪ ,‬اذ أصبحت تمعب دو اًر‬
‫ال يمكف إنكاره في تحكيـ االستثمار‪ ,‬ولقد نجح العديد مف المستثمريف في رفع دعاوى لممطالبات‬
‫بالتعويض عف االضرار المعنوية ضد الدوؿ المضيفة ‪ ,‬في حيف رفضت ىيئات التحكيـ‬
‫مطالبات أخرى وىذا يثير السؤاؿ عف األساس القانوني الذي ينبغي أف تستند إليو ىذه المطالبات‬
‫و الحاالت التي ينبغي فييا منح التعويض عف األضرار المعنوية وبالتالي البحث عف ما إذا كاف‬
‫يجوز لييئة التحكيـ ‪ ,‬والى أي مدى منح التعويض عف الضرر المعنوي لممستثمر االجنبي في‬
‫تحكيـ االستثمار‪.‬‬

‫وعميو ولبياف ذلؾ؛ نقسـ الفصؿ الى مبحثيف نبيف في االوؿ منيما مفيوـ الضرر‬
‫المعنوي واالعتراؼ بو في ىيئات التحكيـ‪ ,‬ونخصص الثاني الى بياف التطبيقات العممية الصادرة‬
‫مف ىيئات التحكيـ الدولية‪ ,‬واالقميمية‪ ,‬بخصوص الموضوع وعمى النحو االتي‪:‬‬

‫املبحث االًل‬

‫يفيٌو انضرر املؼنٌُ ً االػرتاف بو يف ىْئبث انتحكْى‬

‫“ ‪prejudice‬‬ ‫مصطمح "الضرر المعنوي" مشتؽ مف المصطمح القانوني الفرنسي‬


‫(‪)3‬‬
‫واختمفت‬ ‫‪ ”moral or 'le dommage moral‬الذي يعني االضرار المعنوية أو غير المالية‬
‫التعريفات مف حيث الصياغة في بياف مدلوؿ الضرر المعنوي او ما يسمى احيانا ( االدبي ) او‬
‫الضرر (غير المالي) اال انيا تؤدي الى مفيوـ واحد‪ ,‬كما اف التشريعات قد اختمفت في ايراد‬
‫مصطمح الضرر المعنوي‪ ,‬الذي تبعو الخوض في مسالة جوازية التعويض عف ىذا الضرر مف‬
‫عدمو ابتداء ‪ ,‬ولكوف الموضوع اثار جدال واسعا ولتعمؽ ىذا النوع مف الضرر بالقيـ االعتبارية‬
‫الحكمية لإلنساف‪ ,‬امتد الخالؼ عمى مدى احقية الشخص المعنوي في المطالبة بالتعويض عف‬
‫ذلؾ الضرر مف عدمو ‪ ,‬واذا كاف كؿ ذلؾ في اطار القانوف المدني فمذات الضرر بداية دولية‬

‫‪3‬‬
‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian, "Moral Damages in Investment Arbitration: Punitive‬‬
‫‪Damages in Compensatory Clothing?," Arbitration International,2013, vol. 29, p. 45-‬‬
‫‪62.‬‬
‫لالعتراؼ بو في ظؿ المحاكـ الدولية والذي اصبح يشكؿ جزء ميما مف ممارسات ذلؾ القانوف‬
‫وفؽ مرتكزات واسس لمحكـ بالتعويض عف الضرر محؿ البحث‪ ,‬ولموقوؼ عمى ما ورد نفرد لكؿ‬
‫موضوع فقرة خاصة وعمى شكؿ مطمبيف لموصوؿ الى نظرة عامة عف مفيوـ الضرر المعنوي‬
‫وىذا ما سنبينو مف خالؿ المطمب االوؿ وسنخصص الثاني الى بياف االعتراؼ بالضرر المعنوي‬
‫وحاالت التعويض عنو وفقا لالتي ‪:‬‬

‫املطهب االًل‬

‫يفيٌو انضرر املؼنٌُ‬

‫لمضرر المعنوي تعريفات عديدة‪ ,‬وتطبيقات اوردىا الفقو مف خالؿ تمؾ التعريفات ‪ ,‬في‬
‫ظؿ عدـ تحديد المشرع صو ار ثابتة ومحددة لو‪ ,‬كما انو ومتى ما توافرت شروط استحقاقو ال‬
‫يجوز ألي شخص المطالبة بو فضال عف تقييد حاالت انتقاؿ تمؾ المطالبة‪ ,‬وال سبيؿ لبحث كؿ‬
‫ما يتعمؽ كؿ ما يندرج تحت المفيوـ لذلؾ سنقتصر في بحثنا عمى المواضيع ذات الصمة‪ ,‬عميو‬
‫سنبيف والختالؼ التشريعات في ادراج تطبيقات الضرر المعنوي تحديد مدلولو ‪ ,‬ثـ بياف جواز‬
‫المطالبة بو وفي اي نطاؽ‪ ,‬مف بعدىا الخوض بمناقشة ما قيؿ بخصوص احقية الشخص‬
‫المعنوي مف المطالبة بيذا النوع مف الضرر وفقا لالتي‪:‬‬

‫انفرع االًل‬

‫حتذّذ يذنٌل انضرر املؼنٌُ‬

‫الضرر المعنوي ىو الضرر الذي ال يصيب الشخص في مالو‪ ,‬اال انو يصيبو في‬
‫مصمحة مشروعة غير مالية‪ ,‬نتيجة المساس باالعتبارات االدبية التي يحرص عمييا ‪ ,‬كشعوره‬
‫او عواطفو او شرفو او عرضو او كرامتو او مركزه االجتماعي او غير ذلؾ مف القيـ التي‬
‫(‪)4‬‬
‫االمر الذي ادى الى عدـ تصنيؼ بعض االضرار عمى انيا‬ ‫يصعب تحديدىا او تقييميا‬
‫(‪)5‬‬
‫فضال عف ذلؾ فاف صعوبة التقييـ ادت الى القوؿ باف‬ ‫اضرار معنوية بسبب تمؾ الحجة‬
‫مفيوـ الضرر المعنوي بعيد المناؿ ومحير ‪ ,‬كما انو غامض وغير دقيؽ عمى نحو ال يمكف‬

‫‪4‬‬
‫‪- M. T. Parish, A. K. Newlson, and C. B. Rosenberg, "Awarding moral damages to‬‬
‫‪respondent states in investment arbitration," Berkeley J. Int'l L.2011., vol. 29, p. 225.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- I. Schwenzer and P. Hachem, Moral damages in international investment‬‬
‫‪arbitration: Kluwer Law International, 2011.‬‬
‫انكاره‪ ,‬ومع ذلؾ فانو واف كانت "صعبة القياس أو التقدير وفقًا لمعايير الماؿ" ‪ ,‬فإنيا تظؿ مع‬
‫جدا" وبالتالي يجب تعويضيا لمساسيا بتمؾ االعتبارات (‪.)6‬‬
‫ذلؾ "حقيقية ً‬

‫كما اف المساس باالعتبارات المذكورة ال تتأتى فقط مف االعتداء عمى الحقوؽ غير‬
‫المالية واف كانت ىي االكثر شيوعا مف الناحية العممية‪ ,‬بؿ تشمؿ االعتداءات عمى الحقوؽ‬
‫المالية كذلؾ‪ ,‬وبما اف تمؾ الحقوؽ واسعة جدا فانو مف الصعوبة بمكاف حصرىا‪ ,‬واذا ما رجعنا‬
‫الى الكتب القانونية نجد اف الفقياء ال يخرجوف عف ذات المسار المبيف انفا ‪ ,‬في كوف اف ذلؾ‬
‫الضرر مناطو المساس بالقيـ االنسانية والحقوؽ غير المالية لو‪ ,‬ولتعدد تمؾ الحقوؽ و الصور‬
‫الواردة عمى سبيؿ المثاؿ حتى في القانوف المدني في سياقو نصو ‪ ,‬الممزمة لمتعويض فييا عف‬
‫الضرر االدبي‪ ,‬لذا فقد تعددت المفاىيـ الفقيية في بياف اىـ صور الضرر المعنوي مف خالؿ‬
‫التطبيقات العممية الموضوعة ليا وفي كؿ االحواؿ فممصور كافة رابط مشترؾ‪ ,‬ىو عدـ اصابة‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ,‬اي بمعنى اف كؿ ما‬ ‫المضرور في ذمتو المالية التي ال تؤثر عمى اوضاعو االقتصادية‬
‫يخرج عف نطاؽ الضرر المادي فيو ضرر معنوي(‪.)8‬‬

‫ففي فرنسا مثال ‪ ,‬يستخدـ تعبير الضرر المعنوي بشكؿ عاـ لتحديد األضرار التي تمحؽ‬
‫تماما ‪ ,‬وكما ىو معروؼ بشكؿ عاـ ‪ ,‬ليست كؿ‬
‫بالمصالح أو األصوؿ التي ال تعتبر ارثًا ً‬
‫الحقوؽ ذات طبيعة ارثية اي يمكف توريثيا ‪ ,‬اذ ىنالؾ حقوؽ ىامة مثؿ حقوؽ األسرة أو‬
‫الحقوؽ الشخصية ولكنيا ال تعد جزًءا مف ارث الشخص (ذمتو المالية)(‪.)9‬‬

‫وقد استخدـ مصطمح الضرر المعنوي ألوؿ مرة في فرنسا اوائؿ عاـ ‪ , 1833‬في قضية‬
‫تنطوي عمى ضرر بالسمعة التجارية ‪ ,‬حيث قدـ المدعي العاـ الفرنسي الحجة القائمة بأف‬
‫التعويض كاف مستحؽ الدفع لػ "الضرر المعنوي"‪ .‬وكذلؾ في عاـ ‪ , 1877‬منحت محكمة‬

‫‪6‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes," J. Int'l Arb.2010, vol. 27, p. 247.‬‬
‫‪ - 7‬ثٌؼغع ثٌّجص‪ ٛ٘ ٞ‬وً ػغع ‪٠‬ظ‪١‬خ ثٌششض ف‪ِ ٟ‬جٌٗ ‪ِّٚ‬ضٍىجصٗ ‪ِٚ‬ظجٌذٗ ثٌّجٌ‪١‬ز ث‪ ٚ‬دضٔٗ ف‪١‬ؼىؾ ؿٍذج ػٍ‪ٝ‬‬
‫طِضٗ ثٌّجٌ‪١‬ز ‪ٚ‬ث‪ٚ‬ػجػٗ ثاللضظجص‪٠‬ز ‪ٕ٠‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ص‪ِ .‬ظطف‪ ٝ‬ػذض ثٌذّ‪١‬ض ػض‪ , ٞٚ‬ثٌؼغع ثٌٕجشب ػٓ‬
‫ثالسالي ثٌؼمض‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثالٔىٍ‪١‬ؼ‪ ,ٞ‬صثع ثٌٕ‪ٙ‬ؼز ثٌؼغد‪١‬ز‪ ,‬ثٌمج٘غر ‪ ,2220 ,‬ص‪.30‬‬
‫‪ٕ٠ - 0‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ٚ ً١‬د‪١‬جْ ط‪ٛ‬ع ‪ٚ‬صطذ‪١‬مجس ثٌؼغع ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ػٍ‪ ٝ‬ثسضالف ِـّ‪١‬جصٗ ص‪ .‬ػذض ثٌغػثق ثٌـٕ‪ٛٙ‬ع‪, ٞ‬‬
‫ثٌ‪ٛ‬ؿ‪١‬ؾ ف‪ ٟ‬شغح ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ , ٟ‬ثٌجؼء ثال‪ٚ‬ي ‪ ,‬ثٌطذؼز ثٌغجٌغز‪ِٕ ,‬ش‪ٛ‬عثس صثع ثٌذٍذ‪ ٟ‬ثٌذم‪ٛ‬ل‪١‬ز‪ ,‬د‪١‬غ‪ٚ‬س ‪,‬‬
‫ٌذٕجْ‪ ,2222,‬ص‪ٚ 714‬وظٌه ص‪ .‬ػالء دـ‪ِ ٓ١‬طٍك ثٌضّ‪ , ّٟ١‬صؤط‪ ً١‬ثالصجج٘جس ثٌذض‪٠‬غز ف‪ ٟ‬ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ‪,‬‬
‫ثٌطذؼز ثال‪ , ٌٝٚ‬صثع ثٌٕ‪ٙ‬ؼز ثٌؼغد‪١‬ز ‪ ,‬ثٌمج٘غر ‪ ,2211 ,‬ص ‪ِٚ 151‬ج دؼض٘ج‪.‬‬
‫‪ٚ‬ػٍ‪ِ ٝ‬ـض‪ ٜٛ‬ثٌفمٗ ثٌفغٔـ‪ ٟ‬عثجغ ‪:‬‬
‫‪- Genevieve Viney et Patrice jourdain;Traite de droit civil-Lesobligations La‬‬
‫‪responsabilite; conditions,3 ed L.G.D.J.paris,1982,p39.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪- S. Litvinoff, "Moral Damages," La. L. Rev.1977, vol. 38, p. 1.‬‬
‫النقض الفرنسية تعويضاً عف االضرار المعنوية الناشئة عف القتؿ الخطأ‪ .‬وفي عاـ ‪, 1923‬‬
‫وفي قضية أخرى تنطوي عمى قتؿ خطأ ايضا ‪ ,‬أكدت محكمة النقض الفرنسية أف التعويض‬
‫مستحؽ لجميع أنواع األضرار الناجمة عف فعؿ غير مشروع‪ ,‬وأوضحت المحكمة أف التعويض‬
‫مستحؽ لمضرر الذي يأخذ أشكاال اخرى ( اضرار معنوية او غير مادية) وليس فقط التعويض‬
‫عف الخسارة في الثروة‪ ,‬اذ في ىذه القضية كاف التعويض عف الضرر المعنوي ناتجا عف المعاناة‬
‫النفسية والعاطفية الناجمة لممضرور عف فقداف ابييـ‪ ,‬أذف ما يالحظ انو لـ يكف المقصود‬
‫بالتعويض الممنوح عف االضرار الناتجة عف االذى المعنوي أف يكوف عقابياً بطبيعتو‪ ,‬يستحقو‬
‫صاحب الفعؿ الضار بؿ كاف يقصد بو التعويض المالي(‪.)10‬‬

‫والحقيقية في ىذا الصدد اليوـ ىي صعوبة التحديد الدقيؽ لمحاالت الواقعية التي يمكف‬
‫فييا منح التعويض عف االضرار المعنوية‪ ,‬في الوقت الذي تختمؼ األنظمة القانونية في بياف‬
‫ذلؾ‪ ,‬اذ اف بعض األنظمة تستخدـ أوصافاً ضيقة ومحددة لمغاية بينما تكوف األنظمة األخرى‬
‫سخاء بدائرة توسيع وشموؿ اوصاؼ ذلؾ الضرر(‪.)11‬‬
‫ً‬ ‫أكثر‬

‫وعمى العموـ سنبيف اىـ المفاىيـ لمضرر المعنوي عمى المستوييف الدولي والمحمي‪ ,‬ففي‬
‫االطار الدولي بينت لجنة القانوف الدولي الضرر المعنوي الذي يؤثر عمى الفرد ويمكف تعويضو‬
‫عموما بأنو الضرر الناتج عف االلـ والمعاناة‬
‫ً‬ ‫‪,‬حيث قالت‪ُ" :‬يفيـ الضرر غير المادي (المعنوي)‬
‫مف فقداف الشخص ألحبائو وكذلؾ اإلىانة وخدش المشاعر المرتبطة بالشخص أو الحياة‬
‫الخاصة (‪.)12‬‬

‫كما اوردت المحكمة االمريكية الدولية لحقوؽ االنساف تعريفا لمفيوـ الضرر المعنوي اذ‬
‫قررت اف " الضرر غير المالي يشمؿ كالً مف المعاناة والضيؽ الذي يمحؽ بالضحايا المباشريف‬

‫‪ٕ٠ - 12‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ‪:‬‬


‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian, "Moral Damages in Investment Arbitration,op,cit,p 45.‬‬
‫‪- J. Y. GOTANDA, "The Unpredictability Paradox: Punitive Damages and Interest in‬‬
‫‪International Arbitration," The Journal of World Investment & Trade, vol. 10, pp.‬‬
‫‪553-571, 2009.‬‬
‫‪ٕ٠ - 11‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬صٍه ثالٔظّز ‪:‬‬
‫"‪-I. Schwenzer and P. Hachem, "The Scope of the CISG Provisions on Damages,‬‬
‫‪2008.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes," J. Int'l Arb., vol. 27, p. 247, 2010.‬‬
‫وأقربائيـ ‪ ,‬والمساس بالقيـ ذات األىمية الكبيرة ليـ ‪ ,‬فضالً عف المعاناة األخرى التي ال يمكف‬
‫تقييميا مف الناحية المادية(‪.)13‬‬

‫ولعؿ اف اكثر تعريؼ شامؿ ألوصاؼ الضرر المعنوي ىو ما قاؿ بو الفقيو‬


‫(‪ ) Wittich‬اف الضرر المعنوي يشمؿ ‪ ,‬أوالً ‪ :‬اإلصابة الشخصية التي ال تسبب خسارة في‬
‫الدخؿ أو النفقات المالية‪ .‬وثانياً ‪ ,‬انو يشمؿ أشكاالً مختمفة مف األذى العاطفي ‪ ,‬مثؿ اإلىانة (‬
‫المعاممة الميينة) ‪ ,‬واإلذالؿ ‪ ,‬والعار ‪ ,‬والتشيير ‪ ,‬الضرر بالسمعة والمشاعر ‪ ,‬وأيضاً الضرر‬
‫الناجـ عف فقداف األحباء ‪ ,‬وعمى نحو أعـ ‪ ,‬فقداف المتعة مف الحياة‪ .‬أما الفئة الثالثة ‪ ,‬فيمكف‬
‫أف تحتضف ما يمكف تسميتو الضرر غير المادي ذي الطبيعة "الباثولوجية" (المرضية) ‪ ,‬مثؿ‬
‫اإلجياد االنفسي ‪ ,‬الكرب ‪ ,‬القمؽ ‪ ,‬األلـ ‪ ,‬المعاناة ‪ ,‬التوتر العصبي ‪ ,‬الرعب ‪ ,‬الخوؼ ‪,‬‬
‫أيضا عواقب ثانوية لفعؿ غير‬‫أخير ‪ ,‬فإف الضرر غير المادي يغطي ً‬ ‫التيديد أو الصدمة‪ .‬و ًا‬
‫أحيانا‬
‫ً‬ ‫مشروع ‪ ,‬عمى سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬اإلساءة المرتبطة بمجرد وقوع االنتياؾ أو ‪ ,‬كما يطمؽ عميو‬
‫(‪)14‬‬
‫‪" ,‬الضرر القانوني"‪.‬‬

‫كما يذىب الفقيو (‪ )Dumberry‬ايضا الى انو ينبغي اضافة نوع معيف مف االضرار‬
‫المعنوية الى ىذه القائمة وىو الضرر باالئتماف والسمعة لمشخص المعنوي او االعتباري(‪.)15‬‬

‫اما عمى المستوى المحمي فيي لـ تخرج عف ذات السياؽ في بياف مفيوـ الضرر‬
‫المعنوي بيف موسع ومضيؽ لذلؾ المفيوـ‪ ,‬فقد عرؼ عمى انو الضرر الذي ال يبدو في صورة‬
‫خسارة مالية وانما يتبدى في صورة الـ ينتج عف اصابة او مساس بالشعور ينتج عف اىانة او‬
‫(‪)16‬‬
‫وكذلؾ ورد عمى انو كؿ تعد عمى الغير يصيب‬ ‫تقييد لمحرية ينتج عف حبس دوف وجو حؽ‬
‫(‪)17‬‬
‫اذ وفقا ليذا يعد‬ ‫العاطفة والشعور والحناف ‪ ,‬يتمثؿ في ادخاؿ الغـ واالسى والحزف الى القمب‬
‫خطؼ االطفاؿ واالعتداء عمى االوالد او االب او االـ او الزوج او الزوجة او اصابة شخص في‬
‫معتقداتو الدينية او في شعوره االدبي تكوف ضر ار معنويا‪ ,‬وكذلؾ االصابة بالشرؼ واالعتبار‬

‫‪13‬‬
‫‪- R. Jeffery, "Beyond Repair?: Collective and Moral Reparations at the Khmer‬‬
‫‪Rouge Tribunal," Journal of Human Rights, vol. 13, pp. 103-119, 2014.‬‬
‫‪14‬‬
‫"‪- S. Wittich, "Non-material damage and monetary reparation in international law,‬‬
‫‪Finnish YB Int'l L., vol. 15, p. 321, 2004.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪- - P. Dumberry,op,cit.‬‬
‫‪ - 16‬ص‪ .‬ػذض ثٌّج‪١‬ض ثٌذى‪ٚ ُ١‬ثسغ‪ِ , ْٚ‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص ‪.212‬‬
‫‪ - 17‬ص‪ِ .‬ذّض دـجَ ِذّ‪ٛ‬ص ٌطف‪ , ٟ‬ثٌٕظغ‪٠‬ز ثٌؼجِز ٌالٌضؼثَ ‪ِ ,‬ظجصع ثالٌضؼثَ ‪ ,‬ثٌىضجح ثال‪ٚ‬ي‪ ,‬ؽ ‪, 2220 ,2‬‬
‫ص ‪.253‬‬
‫والعرض او في مركزه االجتماعي او المالي‪ ,‬فالقذؼ والسب وىتؾ العرض وايذاء السمعة‬
‫واالعتداء عمى الكرامة كميا تعد اضرار معنوية(‪.)18‬‬

‫انفرع انثبنِ‬

‫جٌاز انتؼٌّض ػن انضرر املؼنٌُ ين ػذيو‬

‫رجوعا الى ما تـ بيانو في تحديد مدلوؿ الضرر المعنوي نجد جميا اف ىنالؾ اختالؼ في‬
‫مسالة جواز التعويض عف ىذا النوع مف الضرر مف عدمو‪ ,‬واف االختالؼ منشأه عدـ فيـ‬
‫المقصود بالتعويض الذي يعني ازالة الضرر ومحو االثار الناجمة عف الخطأ ‪ ,‬اذ يعتقد‬
‫(‪)19‬‬
‫اف الضرر المعنوي مجرد افتراض وبالتالي ال يمكف اف تبنى االحكاـ عمى االفتراض‬ ‫البعض‬
‫واف التعويض عنو اف سمي ضر ار فال يجوز ‪ ,‬حيث اف الماؿ ال يعيد الكرامة او السمعة‪ ,‬واف‬
‫جاز فال يحقؽ الغاية المنشودة منو لصعوبة التقدير المالي الماس بتمؾ الكرامة او السمعة‬
‫التصاليا بالشعور االنساني فيي امور نفسية بحتو(‪.)20‬‬

‫اال اف ىذا االعتقاد والمسار سرعاف ما إنفض‪ ,‬لعدـ رجحاف حجج ومبررات الرفض‪,‬‬
‫فالصحيح اف التعويض ال يعيد الكرامة او السمعة‪ ,‬اال اف جوىره يشكؿ نوع مف العزاء لممضرور‬
‫وتخفيؼ اآلالـ عنو‪ ,‬فضال عف ذلؾ اف صعوبة تقديره ال تحوؿ دوف وصفو بانو ضر ار وبالتالي‬
‫لممحكمة اف تقدر عناصره في ضوء الدعوى المرفوعة اماميا اسوة بالضرر المادي‪ ,‬فتمؾ‬
‫الصعوبة ال يمكف معيا وباي حاؿ مف االحواؿ القوؿ بعدـ جواز التعويض كما اف السير وفؽ‬
‫ىذا االتجاه سيخمؽ نتيجة شاذة وىي ترؾ المتسبب دوف مساءلة(‪.)21‬‬

‫‪ٕ٠ - 10‬ظغ ص‪ .‬ػالء دـ‪ِ ٓ١‬طٍك ثٌضّ‪ِ , ّٟ١‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪ٚ 152‬ػٍ‪ ٝ‬ثٌّـض‪ ٜٛ‬ثٌمؼجة‪ ٟ‬عثجغ دىُ ثٌّذىّز‬
‫ثٌؼٍ‪١‬ج ثٌؼّجٔ‪١‬ز ثٌطؼٓ علُ ‪ِ َ 2225/154‬ضٔ‪ ٟ‬ػٍ‪١‬ج ‪ ,‬جٍـز ‪ٚ 2225/12/17‬وظٌه ؽؼٓ علُ ‪, َ2224/131‬‬
‫ِضٔ‪ ٟ‬ػٍ‪١‬ج ‪ ,‬جٍـز ‪ِ , 2225/4/32‬جّ‪ٛ‬ػز ثالدىجَ ثٌظجصعر ػٓ ثٌض‪ٚ‬ثةغ ثٌّضٔ‪١‬ز ‪ٚ‬ثٌضججع‪٠‬ز دجٌّذىّز ثٌؼٍ‪١‬ج ‪,‬‬
‫ثٌـٕز ‪ 5‬لؼجة‪١‬ز ‪ٌ ,‬ـٕز ‪ , 2225‬ص‪.225 ٚ 322‬‬
‫‪ٕ٠ - 11‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ‪ ,‬ثٌّـضشجع ع‪٠‬جع دٕج ‪ ,‬ثٌٕظغ‪٠‬ز ثٌؼجِز ٌٍّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌطذ‪١‬ز ف‪ ٟ‬ثٌضشغ‪٠‬ؼجس ثٌّضٔ‪١‬ز‬
‫‪ٚ‬صػ‪ ٜٛ‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌٕجشتز ػٕ‪ٙ‬ج ‪ ,‬صثع ثٌفىغ ثٌججِؼ‪ , ٟ‬ثالؿىٕضع‪٠‬ز ‪ ,2211,‬ص ‪ِٚ 547‬ج دؼض٘ج‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪- M. T. Parish, A. K. Newlson, and C. B. Rosenberg,op,cit.‬‬
‫‪ٚ‬دظثس ثٌّؼٕ‪ٚ ٝ‬ثٌـ‪١‬جق ‪ٕ٠‬ظغ ‪ :‬ص‪ .‬ثدّض ثد‪ ٛ‬ؿض‪١‬ش‪ٔ ,‬ظغ‪٠‬ز ثالٌضؼثَ ف‪ ٟ‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌّظغ‪ِ , ٞ‬طذؼز ِظغ ‪,‬‬
‫‪,1145‬ص‪.321‬‬
‫‪ٕ٠ - 21‬ظغ ص‪ .‬دشّش ثد‪ ٛ‬ؿضذش ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪ ٚ 442‬وظٌه ص‪ .‬دـ‪ ٓ١‬ػجِغ ‪ ,‬ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ثٌضمظ‪١‬غ‪٠‬ز‬
‫‪ٚ‬ثٌؼمض‪٠‬ز ‪ ,‬ؽ ‪ِ , 1‬طذؼز ِظغ ‪ ,1156 ,‬ص‪.221‬‬
‫وقد ثار التعويض عف الضرر المعنوي تبيانا تشريعيا ‪ ,‬بيف النص عميو صراحة‪ ,‬وبيف‬
‫السكوت عنو واالكتفاء بنصوص عامة مطمقة ‪ ,‬وبيف االعتراؼ بو في حاالت خاصة ويمكف‬
‫(‪)22‬‬
‫عمى النحو االتي ‪:‬‬ ‫تقسيميا‬

‫‪ -1‬التشريعات المقرة بالتعويض لمضرر المعنوي‪.‬‬

‫ومف بيف تمؾ التشريعات مشرعنا العراقي في المادة (‪ )205‬مف القانوف المدني رقـ ‪40‬‬
‫لسنة ‪ 1951‬والتي نصت وبشكؿ صريح عمى شموؿ التعويض لمضرر االدبي بقوليا ( ‪-1‬‬
‫يتناوؿ حؽ التعويض الضرر االدبي كذلؾ فكؿ تعد عمى الغير في حريتو وعرضو او في شرفو‬
‫او في سمعتو او في مركزه االجتماعي او في اعتباره المالي يجعؿ المتعدي مسؤوال عف‬
‫التعويض)‪.‬‬

‫وكذلؾ المشرع المصري في المادة (‪ )222‬مف القانوف المدني رقـ ‪ 131‬لسنة ‪1948‬‬
‫والتي نصت عمى انو ( يشمؿ التعويض الضرر االدبي ايضا ‪ )...‬وبقية التشريعات العربية‬
‫المقارنة التي اقرت وبشكؿ صريح التعويض عف الضرر المعنوي كالتشريع السوري واالردني‬
‫(‪)23‬‬
‫‪ ,‬وعمى المستوى الغربي فينالؾ الكثير مف التشريعات التي سارت بذات‬ ‫والمبناني والميبي‬
‫االتجاه المقر بالتعويض عف الضرر المعنوي كالقانوف االنكميزي والقانوف السويسري(‪.)24‬‬

‫‪ -2‬التشريعات المقرة لتعويض الضرر بصورة عامة دون تحديد‪.‬‬

‫ىذه التشريعات لـ تقر صراحة عمى شموؿ الضرر المعنوي بالتعويض بنص صريح‬
‫وانما ادرجت نصا في قوانينيا يشمؿ التعويض عف الضرر بصورة عامة دوف تحديد ماديا كاف اـ‬
‫ادبيا ومف بيف ىذه التشريعات التشريع الفرنسي في القانوف المدني لسنة ‪1084‬وذلؾ في نص‬
‫المادة (‪ ) 1382‬والتي جاء في معناىا انو كؿ فعؿ يصدر مف االنساف يتسبب بضرر لمغير‬
‫يكوف موجبا لمتعويض ‪ ,‬وكذلؾ التشريع الجزائري الذي جاء متأث ار بالقانوف المدني الفرنسي فأورد‬
‫نصا مماثال لو في القانوف المدني لسنة ‪ 1975‬في المادة (‪ )124‬منو‪.‬‬

‫‪ٕ٠ - 22‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ثٌضمـ‪ ُ١‬ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬صٍه ثٌضشغ‪٠‬ؼجس ِمضَ ثٌـؼ‪١‬ض ‪ ,‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ ثٌؼغع ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ف‪ٟ‬‬
‫ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ‪ ,‬صعثؿز ِمجعٔز ‪ ,‬ثٌطذؼز ثال‪ , ٌٝٚ‬صثع ثٌذضثعز ٌٍطذجػز ‪ٌٍٕ ٚ‬شغ ‪ٚ‬ثٌض‪ٛ‬ػ‪٠‬غ ‪ ,‬د‪١‬غ‪ٚ‬س ‪,1105 ,‬‬
‫ص‪ِٚ 142‬ج دؼض٘ج‪ٚ ,‬وظٌه ص‪ .‬ثؿّجػ‪ ً١‬طؼظجع ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص ‪ِٚ 13‬ج دؼض٘ج ‪.‬‬
‫‪ - 23‬ثٌفمغر (‪ ِٓ )1‬ثٌّجصر (‪ ِٓ )223‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌـ‪ٛ‬ع‪ ٞ‬علُ ‪ٌ 04‬ـٕز ‪ ٚ 1141‬ثٌفمغر (‪ ِٓ )1‬ثٌّجصر‬
‫(‪ ِٓ )267‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثالعصٔ‪ ٟ‬علُ ‪ٌ 43‬ـٕز ‪ ٚ1176‬ثٌّجصر (‪ ِٓ )134‬لجٔ‪ ْٛ‬ثٌّ‪ٛ‬جذجس ثٌٍذٕجٔ‪ٌ ٟ‬ـٕز‬
‫‪ ٚ 1132‬ثٌّجصر (‪ ِٓ )225‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌٍ‪١‬ذ‪ٌ ٟ‬ـٕز ‪.1154‬‬
‫‪ٕ٠ - 24‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬صٍه ثٌضشغ‪٠‬ؼجس ِمضَ ثٌـؼ‪١‬ض ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص‪.152- 140‬‬
‫‪ -3‬التشريعات المقرة لمتعويض عن الضرر المعنوي بحاالت خاصة(‪.)25‬‬

‫بعض مف التشريعات قد سارت بمسار مختمؼ عف المساريف اعاله وذلؾ بالنص عمى‬
‫اقرار التعويض لمضرر المعنوي بحاالت خاصة فقط ومف بيف تمؾ التشريعات التشريع االلماني‬
‫في قانونو المدني الصادر سنة ‪ 1911‬في المادة (‪ ) 847‬منو والتي شممت التعويض عف‬
‫حاالت االعتداء غير المشروع عمى الجسـ او الصحة او في حالة الحرماف مف الحرية‪ ,‬وكذلؾ‬
‫التشريع االيطالي في قانونو المدني لسنة ‪ 1942‬في المادة ( ‪.)2059‬‬

‫اذ اف التبايف التشريعي الوارد في اعاله جعؿ كفتي الفقو والقضاء غير مستقرتيف ال مف‬
‫حيث جواز وعدـ جواز التعويض عف الضرر المعنوي كمبدأ عاـ‪ ,‬وانما في تحديد نطاق تمك‬
‫المطالبة بذلك التعويض‪ ,‬بيف موسع وشامؿ االستحقاؽ لكال المسؤوليتيف‪ ,‬فالضرر المعنوي و‬
‫اف كانت المسؤولية التقصيرية تعد ارضا خصبة لممطالبة بالتعويض بو‪ ,‬اال انو وارد الوقوع في‬
‫المسؤولية العقدية واف كاف ذلؾ ناد ار (‪ )26‬وبيف مقيد لممطالبة لنوع مسؤولية دوف اخرى‪ ,‬مقتص ار‬
‫بذلؾ شموؿ الضرر المعنوي في المسؤولية التقصيرية دوف العقدية(‪.)27‬‬

‫ففي فرنسا مثال بعد صراع داـ طويال بشاف التضييؽ في باب االضرار المعنوية والحكـ‬
‫استقر‬ ‫فيو في حاالت استثنائية‪ ,‬واقتصارىا في محيط المسؤولية التقصيرية دوف العقدية‪,‬‬
‫بصدور القانوف المدني الجديد وفي اطار المادة (‪ ) 1382‬بنص عاـ مطمؽ دوف تحديد لذا‬
‫يذىب البعض بشموؿ التعويض وفقا ليذه المادة لمضرريف ( المادي واالدبي)(‪.)28‬‬

‫كما يذىب بعض الشراح الى اف الضرر المعنوي في التشريع الفرنسي وفقا لما ورد في‬
‫اعاله شامؿ لكال المسؤولتيف العقدية والتقصيرية وسندىـ في ذلؾ المادة (‪ )1142‬مف القانوف‬
‫المدني الفرنسي التي تنص عمى انو ( اذا استحاؿ عمى المديف اف ينفذ االلتزاـ عينا حكـ عميو‬
‫بالتعويض لعدـ الوفاء بالتزامو ) فضال عف ما مبيف في النص المذكور فاف المادة ( ‪ )1149‬مف‬

‫‪ٕ٠ - 25‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬صٍه ثٌضشغ‪٠‬ؼجس ِمضَ ثٌـؼ‪١‬ض ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص‪ِٚ 162‬ج دؼض٘ج‪.‬‬
‫‪ٕ٠ - 26‬ظغ ص‪ .‬ثدّض ش‪ٛ‬ل‪ِ ٟ‬ذّض ػذض ثٌغدّٓ ‪ ,‬ثٌضعثؿجس ثٌذذغ‪١‬ز ف‪ ٟ‬ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ‪ ,‬ثٌّجٍض ثال‪ٚ‬ي ‪,‬‬
‫ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ثٌششظ‪١‬ز ف‪ ٟ‬ثٌفمٗ ‪ٚ‬ثٌمؼجء ثٌّظغ‪ٚ ٞ‬ثٌفغٔـ‪ِٕ ,ٟ‬شؤر ثٌّؼجعف ‪ ,‬ثالؿىٕضع‪٠‬ز ‪ ,2227 ,‬ص‬
‫‪ٚ 103‬وظٌه ِذّض ‪٠‬ذ‪ ٟ١‬ثٌّذجؿٕز ‪ ,‬دذظ دؼٕ‪ٛ‬ثْ ثٌّجصر ‪ِ 362‬ضٔ‪ ٟ‬ثعصٔ‪ٚ ٟ‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ ثٌؼغع ثالصد‪ ٟ‬ف‪ٟ‬‬
‫ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌؼمض‪٠‬ز ‪ِٕ ,‬ش‪ٛ‬ع ف‪ِ ٟ‬جٍز ثٌذم‪ٛ‬ق ثٌى‪٠ٛ‬ض‪١‬ز‪ ,‬ثٌؼضص ثٌغجٌظ‪ ,‬ثٌـٕز ثٌغثدؼز ‪ٚ‬ثٌؼشغ‪ ,2222 ,ْٚ‬ص‪.260‬‬
‫‪ٕ٠ - 27‬ظغ ص‪ .‬دـٓ ػٍ‪ ٟ‬طٔ‪ ,ْٛ‬ثٌّذـ‪ٛ‬ؽ ف‪ ٟ‬ثٌّـت‪١ٌٛ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز‪ ,‬ثٌجؼء ثال‪ٚ‬ي ‪ ,‬ثٌؼغع ‪ ,‬شغوز ثٌضج‪ّ٠‬ؾ ٌٍطذغ‬
‫‪ٚ‬ثٌٕشغ ‪ ,‬دغضثص ‪ ,1111 ,‬ص‪.223‬‬
‫‪ٕ٠ - 20‬ظغ ثٌّـضشجع ِٕ‪١‬غ ع‪٠‬جع دٕج ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪.540‬‬
‫نفس القانوف بينت باف التعويض ما يمحؽ الدائف مف خسارة والمفظ المطمؽ ينصرؼ الى االضرار‬
‫بكال نوعييا(‪.)29‬‬

‫وكذلؾ الحاؿ في مصر فقد تأثر المشرع بما سار بو المشرع الفرنسي واقتناعا منو باف‬
‫ىنالؾ امو ار في الحياة االنسانية تستأىؿ التقدير وحماية لمقانوف ولو لـ تتعمؽ بقيمة مالية واقتناعا‬
‫باف االثر الذي يرتبو الضرر المعنوي قد يفوؽ الضرر المادي فنص في المادة (‪ )222‬مف‬
‫القانوف المدني صراحة بشموؿ التعويض لمضرر ماديا كاف اـ ادبيا واستجابة لالعتبارات المذكورة‬
‫قضت محكمة النقض المصرية باف مفاد النصوص (‪121‬و ‪ 163‬و ‪ )170‬مف القانوف المدني‬
‫اف الضرر يعد ركنا مف اركاف المسؤولية وشرطا الزما لقياميا وتبعا لذلؾ يستوي في استحقاؽ‬
‫التعويض عف الضرر ماديا كاف اـ ادبيا ‪ ,‬وال يقصد بالضرر االدبي وىو ال يمثؿ خسارة مالية‬
‫محو ىذا الضرر وازالتو مف الوجود اذ ىو نوع مف الضرر ال يمحى وال يزوؿ بتعويض مادي‬
‫وكاف يقصد بالتعويض اف يستحدث المتضرر لنفسو بديال عما اصابو مف الضرر االدبي‬
‫فالخسارة ال تزوؿ ولكف يقوـ الى جانبيا كسب يعوض عنيا (‪.)30‬‬

‫اما بخصوص المشرع العراقي فحسـ الموضوع كما راينا بنص صريح يجيز التعويض‬
‫(‪)31‬‬
‫وىذا ما سار عميو‬ ‫عف الضرر االدبي اال انو يقصره عمى المسؤولية التقصيرية دوف العقدية‬
‫(‪)32‬‬
‫عمى الرغـ مف تقتيره في تقدير التعويض عف ذلؾ الضرر رغبة منو بتضييؽ‬ ‫القضاء العراقي‬
‫دائرتو في حدود معقولة وحتى ال يكوف مصدر ثراء لممضرور(‪.)33‬‬

‫‪ٕ٠ - 21‬ظغ ف‪ ٟ‬د‪١‬جْ ِ‪ٛ‬لف ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌفغٔـ‪ ٟ‬ص‪ .‬دـ‪ ٓ١‬ػجِغ ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص ‪ٚ 327‬وظٌه ص‪ .‬عػض ػضث‪ٞ‬‬
‫دـ‪ , ٓ١‬ص‪ٚ‬ع ثٌّضؼغع ف‪ ٟ‬صشف‪١‬ف ثٌؼغع ف‪ٔ ٟ‬طجق ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز ‪ ,‬صعثؿز ِمجعٔز ‪ِٕ ,‬ش‪ٛ‬عثس ثٌذٍذ‪ٟ‬‬
‫ثٌذم‪ٛ‬ل‪١‬ز ‪ ,‬ثٌطذؼز ثال‪ ,2217 , ٌٝٚ‬ص‪.31‬‬
‫‪ٔ - 32‬مغ ِضٔ‪ , ٟ‬ثٌطؼٓ علُ ‪ٌ 320‬ـٕز ‪ 50‬ق جٍـز ‪ٔ 1112/3/15‬مال ػٓ ثٌّـضشجع ِٕ‪١‬غ ع‪٠‬جع دٕج ‪,‬‬
‫ِظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪.541‬‬
‫‪ٕ٠ - 31‬ظغ ص‪ .‬ػذض ثٌّج‪١‬ض ثٌذى‪ٚ ُ١‬ثسغ‪ِ , ْٚ‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص ‪.214‬‬
‫‪ - 32‬لؼش ِذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز ثٌؼغثل‪١‬ز دجٔٗ ( ثٌمجطغ ثٌّ‪ٌٛٛ‬ص دؼض ‪ٚ‬فجر ‪ٚ‬ثٌضٖ ٔض‪١‬جز ثٌذجصط ‪٠‬ـضذك‬
‫ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ ٟ‬ألٔٗ ‪٠‬شؼغ دظٌز ثٌ‪١‬ضُ ‪ِٚ‬غثعر فمضثْ ثٌ‪ٛ‬ثٌض ) ثٌمغثع علُ ‪ 107-106‬ثٌ‪١ٙ‬تز ثٌّضٔ‪١‬ز ِٕم‪ٛ‬ي ‪2220/‬‬
‫ثٌظجصع دضجع‪٠‬ز ‪ 2220/1/11‬وظٌه ثٌمغثع علُ ‪١٘/ 224‬تز ثالدضثط ‪ ,2221/‬ثٌٕشغر ثٌمؼجة‪١‬ز ثٌؼضص ثٌـجدغ ‪,‬‬
‫دؼ‪٠‬غثْ ‪.2221 ,‬‬
‫‪٘ٚ - 33‬ظث ِج ط٘ذش ثٌ‪ِ ٗ١‬ذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز ثٌؼغثل‪١‬ز ف‪ ٟ‬ثدض لغثعثص‪ٙ‬ج دضجع‪٠‬ز ‪ 2220/1/20‬دجٔٗ ( ثٌغغع‬
‫ِٓ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ ٛ٘ ٟ‬جذغ ثٌؼغع ‪١ٌٚ‬ؾ ثالعغثء ‪ٚ‬ثْ صمغ‪٠‬غ ثٌٍجٕز ثٌّضؼٍك دضمض‪٠‬غ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ ٟ‬ججء ِٕجؿذج‬
‫‪ِٚ‬ضفك ِغ ِج ثؿضمغ ػٍ‪ ٗ١‬لؼجء ثٌ‪١ٙ‬تز ) ثٌّ‪ٛ‬لغ ثٌغؿّ‪ٌّ ٟ‬جٍؾ ثٌمؼجء ثالػٍ‪: ٝ‬‬
‫‪ٚ‬ثْ وجْ ٕ٘جٌه عث‪ٕ٠ ٞ‬جص‪ ٞ‬دشالف طٌه ‪٠ٚ‬ضػ‪ ٛ‬ثٌ‪ ٝ‬ثػجصر ثٌٕظغ دّج ‪ٚ‬عص دّـجع ثٌّذىّز ِٓ د‪١‬ظ ثْ ثٌغج‪٠‬ز ِٓ‬
‫ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ٘‪ ٛ‬جذغ ثٌؼغع لضع ثالِىجْ ‪ٕ٠ٚ‬ذغ‪ ٟ‬صغج‪١‬خ ٘ظٖ ثٌغج‪٠‬ز ػٍ‪ ٝ‬غ‪١‬غ٘ج ِٓ ثػضذجعثس لجٔ‪١ٔٛ‬ز فؼال ػٓ‬
‫طٌه فجْ ثٌضمض‪١‬غ ف‪ ٟ‬صمض‪٠‬غ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ِٓ شجٔٗ ثْ ‪ٕ٠‬ؼىؾ ‪٠ٚ‬مٍخ ثالِ‪ٛ‬ع ػٍ‪ ٝ‬غ‪١‬غ ِجغث٘ج فذضال ِٓ ثْ ‪٠‬ى‪ْٛ‬‬
‫ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ‪ٚ‬فك ٘ظٖ ثٌّمجص‪٠‬غ ِغّ٘ج ٌٍجغ‪ٚ‬ح ثٌٕفـ‪١‬ز ‪ٚ‬ثٌ‪ٛ‬جضثٔ‪١‬ز فجٔٗ ؿ‪١‬ـذخ جغدج جض‪٠‬ضث ٌٍّؼغ‪ٚ‬ع ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ف‪ٟ‬‬
‫اال اف ىنالؾ اتجاه فقيي يرى اف التعويض شامؿ لمضرر المادي واالدبي في كال‬
‫المسؤولتيف وسندىـ في ذلؾ الفقرة (‪ )2‬مف نص المادة (‪ )169‬والتي نصت عمى انو ( ويكوف‬
‫التعويض عف كؿ التزاـ ينشا عف العقد سواء كاف التزاما بنقؿ ممكية او منفعة او اي حؽ عيني‬
‫اخر او التزاما بعمؿ او بامتناع عف عمؿ ويشمؿ ما لحؽ الدائف مف خسارة وما فاتو مف كسب‬
‫بسبب ضياع الحؽ عميو او بسبب التأخر في استيفائو بشرط اف يكوف ىذا نتيجة طبيعية لعدـ‬
‫وفاء المديف بااللتزاـ او لتأخره عف الوفاء بو) ففي الوقت الذي لـ يضـ النص المذكور صراحة‬
‫الضرر االدبي اال انو ال يوجد ما يمنع مف ذلؾ فضال عف ذلؾ اف مصطمح (ما لحق الدائن‬
‫من خسارة) مصطمح عاـ يشمؿ كال الضرريف وال يمكف تقييده عف نوع مف الضرر دوف غيره‬
‫والمطمؽ يجري عمى اطالقو ما لـ يقيد بقيد والقيد المشار اليو ال ينصرؼ الى نوع التعويض وانما‬
‫الى سببو (‪.)34‬‬

‫ونؤيد ما ذىب اليو الشراح اعاله بشموؿ الضرر المعنوي في كال المسؤوليتيف‪ ,‬اذ ال‬
‫يوجد ما يمكف اف يقصر ذلؾ التعويض لمسؤولية دوف اخرى‪ ,‬كما ال يمكف التسميـ بالمجوء الى‬
‫مكاف ورود النص وموقعو في متف القانوف ‪-‬كحجج اقتصار التعويض عف الضرر المادي‪-‬‬
‫والتقرير بالتعويض مف عدمو‪.‬‬

‫انفرع انثبنث‬

‫يذٍ ايكبنْت يطبنبت انشخض االػتببرُ ببنضرر املؼنٌُ‬

‫ليس كؿ ضرر يصيب المضرور يكوف محال لممطالبة ‪ ,‬ما لـ تتوافر فيو الشروط‬
‫الواجب توافرىا إلتماـ دعوى التعويض بغض النظر عف اختالفات الفقو بشاف بياف تمؾ الشروط‬
‫(‪)36‬‬ ‫(‪)35‬‬
‫اال اف االستقرار االمثؿ لتمؾ الشروط ال يخرج عف ثالثة‪ :‬وجوبية اف يكوف الضرر محققا‬

‫غٕ‪ ٝ‬ػٕٗ ‪ٚ‬ؿضفمض ثالدىجَ ف‪٘ ٟ‬ظث ثٌّمجَ ججٔخ وذ‪١‬غ ِٓ ‪ٚ‬ظ‪١‬فض‪ٙ‬ج ‪ٚ‬ال صذمك ثٌغج‪٠‬ز ثٌّٕش‪ٛ‬صر ِٓ صػ‪ ٜٛ‬ثٌّؼغ‪ٚ‬ع‬
‫‪ٕ٠‬ظغ ف‪٘ ٟ‬ظث ثٌغث‪ ٞ‬ص‪ .‬عػض ػضث‪ ٞ‬دـ‪ِ , ٓ١‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪.44‬‬
‫‪ٕ٠ - 34‬ظغ ص‪ .‬دـ‪ ٓ١‬ػجِغ ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك ‪ٚ 327 ,‬ص‪ .‬عػض ػضث‪ ٞ‬دـ‪ِ , ٓ١‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص‪.32‬‬
‫‪ٌ - 35‬مض ثسضٍف ثٌفمٗ ثٌمجٔ‪ ٟٔٛ‬دشؤْ ثٌشغ‪ٚ‬ؽ ثٌ‪ٛ‬ثجخ ص‪ٛ‬ثفغ٘ج ف‪ ٟ‬ثٌؼغع ٌى‪٠ ٟ‬ى‪ِٛ ْٛ‬جذج ٌٍضؼ‪٠ٛ‬غ فّٕ‪ِٓ ُٙ‬‬
‫لظغٖ ػٍ‪ ٝ‬شغؽ‪ٚ ٓ١‬آسغ‪ ٓ٠‬لجٌ‪ٛ‬ث دؼغ‪ٚ‬عر ص‪ٛ‬ثفغ عالعز شغ‪ٚ‬ؽ ‪٠ٚ‬غ‪ ٜ‬ثٌذؼغ ث‪٢‬سغ أٔ‪ٙ‬ج سّـز شغ‪ٚ‬ؽ ‪٠ٚ‬ذض‪ ٚ‬أْ‬
‫ؿذخ ثالسضالف ٘‪ ٛ‬أْ دؼغ ٘ظٖ ثٌشغ‪ٚ‬ؽ ‪٠‬ضطٍخ ‪ٚ‬ج‪ٛ‬ص٘ج ف‪ ٟ‬ثٌؼغع ٔفـٗ ‪ٚ‬دؼؼ‪ٙ‬ج ث‪٢‬سغ ‪٠‬شضغؽ ص‪ٛ‬ثفغٖ ف‪ٟ‬‬
‫ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػ ٓ ثٌؼغع ‪ِّٙٚ‬ج وجْ ِٓ ٘ظث ثٌشؤْ فئْ ٕ٘جن ثسضالف د‪ ٓ١‬ثٌشغ‪ٚ‬ؽ ثٌ‪ٛ‬ثجخ ص‪ٛ‬ثفغ٘ج ف‪ ٟ‬ثٌؼغع ػٓ‬
‫شغ‪ٚ‬ؽ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ٌّؼ‪٠‬ض ِٓ ثٌضفجط‪ ً١‬عثجغ ‪ :‬ػذض ثٌّج‪١‬ض ثٌذى‪ٚ ُ١‬آسغ‪ِ ْٚ‬ظجصع ثالٌضؼثَ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪,‬‬
‫ص‪ٚ , 213‬ص‪ .‬ؿؼض‪ ْٚ‬ثٌؼجِغ‪ ,ٞ‬صؼ‪٠ٛ‬غ ثٌؼغع ف‪ ٟ‬ثٌّـت‪١ٌٛ‬ز ثٌضمظ‪١‬غ‪٠‬ز‪ِٕ ,‬ش‪ٛ‬عثس ِغوؼ ثٌذذ‪ٛ‬ط ثٌمجٔ‪١ٔٛ‬ز‪,‬‬
‫ؽذؼز ‪ٚ‬ػثعر ثٌؼضي‪ ,‬دغضثص‪ ,1101 ,‬ص‪ٚ 213‬ص‪ .‬ػذض ثٌّٕؼُ ثٌذضعث‪ِ ,ٞٚ‬ظجصع ثالٌضؼثَ‪ ,‬صثع ثٌٕ‪ٙ‬ؼز ثٌؼغد‪١‬ز‬
‫ٌٍطذجػز ‪ٚ‬ثٌٕشغ‪ ,‬د‪١‬غ‪ٚ‬س‪ ,‬دض‪ ْٚ‬ؿٕز ٔشغ‪ ,‬ثٌفمغر ‪ ,330‬ص‪.463‬‬
‫(‪)38‬‬ ‫(‪)37‬‬ ‫(‪)36‬‬
‫او مصمحة مالية مشروعة‬ ‫واف يصيب حقا مف حقوؽ الشخص المضرور‬ ‫محققا‬
‫فضال عف شخصية الضرر‪.‬‬

‫وقدر تعمؽ االمر بالشرط الثالث بكوف وجوبية اف يكوف الضرر شخصيا والمقصود بو‬
‫أف يصيب شخصاً معنياً بذاتو أو أشخاصاً معينيف بذواتيـ(‪ ,)39‬فيذا الشرط ميـ جدا اذ يعد مف‬
‫متطمبات توجو الخصومة في دعوى التعويض التي يجب عمى القاضي التثبت مف توافرىا قبؿ‬
‫الدخوؿ في أساس الدعوى(‪ ,)40‬فضالً عف شرط المصمحة في كؿ دعوى يستمزـ أف يكوف‬
‫المدعي في دعوى التعويض قد تضرر شخصياً‪ ,‬واذا ما انتفت تمؾ المصمحة فترد‪ ,‬وال تقبؿ‬
‫دعواه‪ ,‬إال إذا كاف المدعي يطالب بتعويض عف ضرر أصاب غيره‪ ,‬وىو نائب عنو‪ ,‬أو خمؼ‬
‫لو كالوارث بعد أف يثبت ذلؾ(‪.)41‬‬

‫ووفقا لما ورد في اعاله فال صعوبة تذكر بالنسبة لمشخص الطبيعي متى ما توافرت‬
‫الشروط المتممة الستحقاؽ التعويض عف الضرر ماديا كاف اـ ادبيا‪ -‬بالنسبة لمقوانيف التي تأخذ‬
‫بذلؾ‪ -‬وبالرجوع الى نصوص قانوف االستثمار كما بينا سابقا باف المستثمر قد يكوف شخصا‬

‫‪٠ٚ - 36‬مظض دظٌه ٌٕٗ ‪٠‬جخ أْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ثٌؼغع عجدضج ً ػٍ‪ٚ ٝ‬جٗ ثٌ‪١‬م‪ٚ ٓ١‬ثٌضؤو‪١‬ض‪ ,‬ال أْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ثدضّجٌ‪١‬جً دذ‪١‬ظ ‪٠‬ى‪ْٛ‬‬
‫ثٌمجػ‪ٚ ٟ‬ثعمج ً ِٓ أْ ؽجٌخ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ف‪ٚ ٟ‬ػغ أفؼً ٌ‪ٍ٠ ٌُ ٛ‬ذك دٗ ػغعثً ‪ٚ‬ال ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬طٌه ػغ‪ٚ‬عر ‪ٚ‬ج‪ٛ‬ص‬
‫ثٌؼغع فؼالً ‪ٚ‬لش دظ‪ٛ‬ي ثٌضؼض‪ ,ٞ‬دً ‪٠‬ىضف‪ ٟ‬أْ ‪٠‬ى‪ٚ ْٛ‬ل‪ٛ‬ػٗ ِذضّج ً ‪ ٌٛٚ‬صغثس‪ ٝ‬إٌ‪ٚ ٝ‬لش الدك ٌّؼ‪٠‬ض ِٓ‬
‫ثٌضفجط‪ ً١‬عثجغ ص‪ .‬ؿؼض‪ ْٚ‬ثٌؼجِغ‪ِ ,ٞ‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 37‬ثٌذك ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬دك ثإلٔـجْ ف‪ ٟ‬ثٌذ‪١‬جر ‪ٚ‬ثٌضىجًِ ثٌجـض‪ٚ ,ٞ‬ثٌذك ف‪ ٟ‬ثٌىغثِز فىً ِـجؽ ‪٠‬ؤص‪ ٞ‬إٌ‪ ٝ‬فمض ثٌذ‪١‬جر‪ ,‬أ‪ٚ‬‬
‫فمض ؿالِز أدض ثألػؼجء‪ ,‬أ‪ِ ٚ‬ى‪ٔٛ‬جس ثٌجـُ أ‪ ٚ‬إطجدضٗ دجغ‪ٚ‬ح أ‪ ٚ‬ثِض‪ٙ‬جْ وغثِضٗ‪ ,‬صؼض ِٓ ثٌذم‪ٛ‬ق ثٌض‪٠ ٟ‬ضّضغ د‪ٙ‬ج‬
‫ثإلٔـجْ ‪ٚ‬ثٌّذّ‪١‬ز لجٔ‪ٔٛ‬ج ً وٕض ثٌّجصر (‪ ِٓ )222‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌؼغثل‪ٚ ٟ‬وظٌه ِـجع ثٌمؼجء ف‪ ٟ‬ثػضذجع ثٌّـجؽ‬
‫د‪ٙ‬ظٖ ثٌذم‪ٛ‬ق ‪٠‬شىً ػغعث ٔمغ ِضٔ‪ِ ٟ‬ظغ‪ ٞ‬جٍـز ‪ 2221/4/5‬ثٌطؼٓ علُ (‪ 3210‬ؽ‪ 36‬ق) ِجّ‪ٛ‬ػز أدىجَ‬
‫ثٌٕمغ ٌـٕز ‪ ,2221‬ثٌؼضص ثأل‪ٚ‬ي‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص‪.521‬‬
‫‪ - 30‬ثٌّظٍذز ثٌّشغ‪ٚ‬ػز ٘‪ ٟ‬ثٌّظٍذز ثٌّذّ‪١‬ز دّ‪ٛ‬جخ ثٌمجٔ‪ٚ ْٛ‬غ‪١‬غ ِشجٌفز ٌٍٕظجَ ثٌؼجَ ‪ٚ‬ث‪٢‬صثح ثٌؼجِز ‪ٕ٠‬ظغ‬
‫ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ص‪ .‬ػذض ثٌّج‪١‬ض ثٌذى‪ٚ ُ١‬ثالؿضجط ػذض ثٌذجل‪ ٟ‬ثٌذىغ‪ٚ ٞ‬ثالؿضجط ِذّض ؽٗ ثٌذش‪١‬غ ‪ ,‬ثٌ‪ٛ‬ج‪١‬ؼ ف‪ٔ ٟ‬ظغ‪٠‬ز‬
‫ثالٌضؼثَ ف‪ ٟ‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌؼغثل‪ , ٟ‬ثٌجؼء ثال‪ٚ‬ي ف‪ِ ٟ‬ظجصع ثالٌضؼثَ ‪ , 1102,‬ص ‪٘ٚ .214‬ظث ِج ثلغصٗ‬
‫ِذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز ثٌؼغثل‪١‬ز ف‪ ٟ‬لغثع ٌ‪ٙ‬ج ‪ٚ‬ثٌّغلُ ‪ِ 623‬ضٔ‪١‬ز ِٕم‪ٛ‬ي ‪ , 2220/‬ثٌٕشغر ثٌمؼجة‪١‬ز ‪ ,‬ثٌؼضص ‪, 7‬‬
‫دؼ‪٠‬غثْ ‪.2221,‬‬
‫‪ٕ٠ - 31‬ظغ ص‪ِٕ .‬ظع ثٌفؼً‪ِ ,‬ظضع ؿجدك‪ ,‬ص‪.351‬‬
‫‪٘ٚ - 42‬ظث ِج ٔظش ػٍ‪ ٗ١‬ثٌّجصر (‪ ِٓ )51‬لجٔ‪ ْٛ‬ثٌّغثفؼجس ثٌّضٔ‪١‬ز ثٌؼغثل‪ ٟ‬علُ (‪ٌ )03‬ـٕز (‪ )1161‬ثٌّؼضي‬
‫‪ٚ‬ثٌّٕش‪ٛ‬ع دجٌ‪ٛ‬لجةغ ثٌؼغثل‪١‬ز علُ (‪ 1766‬ف‪.)1161/11/1 ٟ‬‬
‫‪ٕ٠ - 41‬ظغ ص‪ .‬دـٓ ػٍ‪ ٟ‬طٔ‪ ,ْٛ‬ثٌّذـ‪ٛ‬ؽ ف‪ ٟ‬ثٌّـت‪١ٌٛ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز‪ ,‬ثٌجؼء ثال‪ٚ‬ي ‪ ,‬ثٌؼغع ‪ ,‬شغوز ثٌضج‪ّ٠‬ؾ ٌٍطذغ‬
‫‪ٚ‬ثٌٕشغ ‪ ,‬دغضثص ‪ ,1111 ,‬ص‪.342‬‬
‫طبيعيا وقد يكوف شخصا معنويا كالشركات االستثمارية وبالتالي السؤاؿ الذي يطرح حوؿ االخير‬
‫ومدى امكانيتو بالمطالبة بالتعويض في المنازعات االستثمارية ؟‪.‬‬

‫وفي معرض االجابة عمينا ابتداء ضرورة بياف المقصود بالشخص المعنوي وفقا لمقانوف‬
‫ومف ثـ بياف مدى مالئمة النص القانوني لمحالة محؿ البحث‪ ,‬ومف ثـ عرض التطبيقات‬
‫القضائية بخصوص الموضوع وتحميميا لموصوؿ الى المبتغى‪.‬‬

‫اذ انو و بالرجوع الى الفقرة (‪ )2‬مف المادة (‪ )48‬مف القانوف المدني العراقي رقـ ‪40‬‬
‫لسنة ‪ 1951‬والتي نصت عمى انو ( ويتمتع الشخص المعنوي بجميع الحقوق اال ما كان منيا‬
‫(‪)42‬‬
‫نجد اف القانوف‬ ‫مالزما لصفة الشخص الطبيعي وذلك في الحدود التي يقررىا القانون)‬
‫يساوي بيف الشخص المعنوي والشخص الطبيعي مف حيث الحقوؽ اال ما اتصؿ بيذا االخير مف‬
‫صفات ‪ ,‬ففي كؿ االحواؿ ال يكتسب مف الحقوؽ وال يتحمؿ مف االلتزامات اال ما يتفؽ مع‬
‫(‪)43‬‬
‫مما يجعؿ الحقوؽ غير مطمقة وتبقى في دائرة التقييد بالصفة االنسانية التي يتمتع بيا‬ ‫تكوينو‬
‫االدمي دوف غيره ‪.‬‬

‫وبالتالي لو افترضنا وقوع اعتداء عمى ىذا الكياف مما ادى الى اصابتو بضرر وبالتالي‬
‫جاز لو قانونا المطالبة بالتعويض متى ما توافرت شروط دعواه فيؿ يجوز لو المطالبة بالتعويض‬
‫عف االضرار المعنوية التي يدعييا مع العمـ اف االخيرة ىي مجموعة مف القيـ المعنوية المتعمقة‬
‫باإلنساف بشرفو ووجدانو وشعوره وعاطفتو وآالمو والتي تمثؿ في مجمميا حقوقا غير مالية وىي‬
‫الوجو االكثر شيوعا ووقوعا مف الناحية العممية فيؿ يمكف التسميـ ووفقا لمنص المذكور اعاله‬
‫بشموؿ الشخص المعنوي بذات الحؽ الممنوح لمشخص الطبيعي في ظؿ اختالؼ النصوص‬
‫القانونية عف الضرر المعنوي بحد ذاتو ؟‬

‫وبيذا الصدد اختمؼ الفقو حوؿ االحقية في المطالبة مف عدميا الى ثالثة اراء ذىب‬
‫الراي االول الى جواز المطالبة منطمقا مف مبدا المساواة في ىذا الحؽ فالشخص المعنوي‬
‫كالشخص الطبيعي يصاب بالضرر المعنوي في اعتباره المالي او في الثقة التي تمثؿ جوىر‬

‫‪٠ - 42‬مجدٍ‪ٙ‬ج ثٌفمغر (‪ ِٓ )1‬ثٌّجصر ( ‪ ِٓ )53‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثٌّظغ‪ ٞ‬علُ ‪ٌ 131‬ـٕز ‪1140‬‬
‫‪ٕ٠ - 43‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ثؿضجطٔج ثٌضوض‪ٛ‬ع ِذّ‪ٛ‬ص ػذض ثٌغدّٓ ِذّض ‪ِ ,‬ذجصا ثٌمجٔ‪ٔ ( ْٛ‬ظغ‪٠‬ز ثٌمجٔ‪ٔٚ ْٛ‬ظغ‪٠‬ز‬
‫ثٌذك ) صثع ثٌٕ‪ٙ‬ؼز ثٌؼغد‪١‬ز ‪,2212 ,‬ص‪ِٚ 175‬ج دؼض٘ج‪.‬‬
‫القياـ بأعمالو اماـ الجميور اما الراي الثاني جاء مخالفا لألوؿ مف حيث اقتصار ىذا الحؽ عمى‬
‫الطبيعي دوف المعنوي لكوف اف االالـ والشعور واالحساس يمثؿ صفة انسانية بحتو اما الراي‬
‫الثالث اجاز ذلؾ بحدود معينة فصور الضرر المعنوي واسعة وليس بمكاف حصرىا وبالتالي ما‬
‫ال يتصؿ بالصفة االنسانية مف شعور واحساس وغيرىا يتساوى فييا مع الشخص الطبيعي مف‬
‫حيث جواز المطالبة بالتعويض عف ذلؾ الضرر(‪.)44‬‬

‫وعمى خالؼ التبايف الفقيي الوارد بشاف جوازية الشخص المعنوي لممطالبة مف عدمو‬
‫بشاف التعويض عف االضرار المعنوية نرى اف القضاء لو موقؼ ثابت ومغاير عما ذىب الفقو‬
‫ففي ق ارريف حديثيف لمحكمة التمييز االتحادية ( القرار رقـ ‪ 1650‬لسنة ‪ 2012‬و القرار ‪/2‬‬
‫مدني ‪ /‬الييئة العامة لسنة ‪ )2019‬بمبدأ ثابت انو (( المطالبة بالتعويض عن الضرر األدبي‬
‫يكون من حق األشخاص الطبيعية وليس األشخاص المعنوية))(‪ )45‬مبرريف ذلؾ في اف مناط‬
‫ويدخؿ الى قمبو‬
‫ىذا التعويض يكمف في اف الضرر يصيب المضرور في عاطفتو ووجدانو ُ‬
‫الحزف واالسى عف طريؽ التشيير بسمعتو وقد يرتب ذلؾ جرحاً عميقاً في الفؤاد ال يندمؿ مطمقاً‬
‫رغـ توالي السنيف وال يجبره أي تعويض اذاً فالضرر المعنوي ىو الضرر الذي يصيب المضرور‬
‫في شعوره او عاطفتو او كرامتو او أي معنى مف المعاني السامية التي يحرص عامة الناس‬
‫عمييا ايما حرص مف الخدش او االنتياؾ وال يصيب ىذا الضرر المضرور في حؽ مف حقوقو‬

‫‪ٕ٠ - 44‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ ً١‬طٌه ص‪ .‬دـٓ طٔ‪ , ْٛ‬ص ‪ٚ 221‬وظٌه ص‪ .‬ؿؼض‪ ْٚ‬ثٌؼجِغ‪, ٞ‬ص ‪ 43‬وّج ‪ٕ٠‬ظغ ف‪ ٟ‬صفظ‪ً١‬‬
‫صٍه ث‪٢‬عثء ص‪ .‬ثؿّجػ‪ ً١‬طؼظجع ‪ِ ,‬ـؤ‪١ٌٚ‬ز ثالصثعر ػٓ صؼ‪٠ٛ‬غ ثٌؼغع ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ف‪ ٟ‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌؼغثل‪ , ٟ‬ثؽغ‪ٚ‬دز‬
‫صوض‪ٛ‬عثٖ ِمضِز ثٌ‪ ٝ‬وٍ‪١‬ز ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ججِؼز دغضثص ‪ , 2223 ,‬ص‪ِٚ 03‬ج دؼض٘ج ‪.‬‬
‫‪ - 45‬لؼـش ِذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز فــ‪ ٟ‬لغثع٘ــج ثٌّغلـــُ ‪ 1652‬دضجع‪٠‬ز ‪ 2212/12/21‬دؤٔٗ‪ٌ( :‬ض‪ ٜ‬ثٌضضل‪١‬ك‬
‫‪ٚ‬ثٌّضث‪ٌٚ‬ز ‪ٚ‬جض أْ ثٌطؼٓ ثٌضّ‪١١‬ؼ‪ِ ٞ‬مضَ ػّٓ ثٌّضر ثٌمجٔ‪١ٔٛ‬ز فمغع لذ‪ ٌٗٛ‬شىال‪ٌٚ .‬ض‪ ٜ‬ػطف ثٌٕظغ ػٍ‪ ٝ‬ثٌذىُ‬
‫ثٌّّ‪١‬ؼ ‪ٚ‬جض دؤْ ثٌّضػ‪ /ٟ‬ثػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ لض ألجَ ثٌضػ‪ ٜٛ‬ػٍ‪ ٝ‬ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ٌّ ُٙ١‬طجٌذض‪ ُٙ‬دٕشغ صىظ‪٠‬خ ٌٍّمجي ثٌظ‪ٞ‬‬
‫ٔشغصٗ جغ‪٠‬ضر ثٌؼجٌُ دضجع‪٠‬ز ‪ٚ 2212/7/26‬دجٌؼضص ‪ 150‬صذش ػٕ‪ٛ‬ثْ صمغ‪٠‬غ ٕ٘ضؿ‪ ٟ‬صجج‪ٚ‬ػثس ‪٘ٚ‬ضع ‪ٙ٠‬ضص ِٕشآس‬
‫ثٌّضٔ‪١‬ز ثٌغ‪٠‬ج ػ‪١‬ز ف‪ ٟ‬ثٌذظغر دجالٔ‪١ٙ‬جع ‪ٚ‬صذّ‪ِ ٍُٙ١‬ذٍغ ٍِ‪١‬جع ص‪ٕ٠‬جع ػٓ ثؿجءر ثٌـّؼز ‪ٚ‬صؼ‪٠ٛ‬ؼج أصد‪١‬ج ػّج ٌذمٗ ِٓ‬
‫ٔشغ ٘ظٖ ثالفضغثءثس دجٌضىجفً ‪ٚ‬ثٌضؼجِٓ ‪ٌّٚ‬ج وجٔش ثٌّجصر ‪ ِٓ 2/40‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ٔ ٟ‬ظش ػٍ‪ ٝ‬أٔٗ ‪٠ٚ‬ضّضغ‬
‫ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬دجّ‪١‬غ ثٌذم‪ٛ‬ق إال ِج وجْ ِٕ‪ٙ‬ج ِالػِج ٌظفز ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ٚ ٟ‬طٌه ف‪ ٟ‬ثٌذض‪ٚ‬ص ثٌض‪٠ ٟ‬مغع٘ج‬
‫ثٌمجٔ‪ٚ ْٛ‬ثْ ثٌّجصر ‪ ِٓ 1/225‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّظو‪ٛ‬ع لؼش دؤٔٗ ‪٠‬ضٕج‪ٚ‬ي دك ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌؼغع ثألصد‪ ٟ‬وظٌه فىً صؼض‬
‫ػٍ‪ ٝ‬ثٌغ‪١‬غ ف‪ ٟ‬دغ‪٠‬ضٗ أ‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ػغػٗ أ‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬شغفٗ أ‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ؿّؼضٗ أ‪ِ ٚ‬غوؼٖ ثالجضّجػ‪ ٟ‬أ‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ثػضذجعٖ ثٌّجٌ‪٠ ٟ‬جؼً‬
‫ثٌّضؼض‪ِ ٞ‬ـؤ‪ٚ‬ال ػٓ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ‪ٚ‬ػٍ‪ ٗ١‬فؤْ ثٌّطجٌذز دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ ثٌؼغع ثألصد‪٠ ٟ‬ى‪ ِٓ ْٛ‬دك ثألششجص‬
‫ثٌطذ‪١‬ؼ‪١‬ز ‪١ٌٚ‬ؾ ثألششجص ثٌّؼٕ‪٠ٛ‬ز ‪ٚ‬د‪١‬ظ أْ ثٌضػ‪ ٜٛ‬أل‪ّ١‬ش ِٓ لذً ثٌّضػ‪ /ٟ‬ثػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ فىجْ ‪٠‬مضؼ‪ِٓ ٟ‬‬
‫ثٌّذىّز أْ صذىُ دغص ثٌضػ‪٘ ِٓ ٜٛ‬ظٖ ثٌٕجد‪١‬ز ‪ٌّٚ‬ج وجْ ثٌذىُ ثٌّّ‪١‬ؼ لض لؼ‪ ٝ‬دغص ثٌضػ‪ ٜٛ‬ػٓ ؿذخ آسغ‪ .‬فمغع‬
‫صظض‪٠‬مٗ ِٓ د‪١‬ظ ثٌٕض‪١‬جز ‪ٚ‬صذّ‪ ً١‬ثٌّّ‪١‬ؼ عؿُ ثٌضّ‪١١‬ؼ ‪ٚ‬طضع ثٌمغثع دجالصفجق ف‪ِ/16 ٟ‬ذغَ‪٘ 1432 /‬ـ ثٌّ‪ٛ‬ثفك‬
‫‪.)2212/12/21‬‬
‫المالية فالضرر االدبي اذاً ىو ضرر شخصي بحت لصيؽ باإلنساف الطبيعي وال يمتد تحت أي‬
‫ظرؼ او مبرر وبأي شكؿ مف االشكاؿ الى الشخص المعنوي وىذه نتيجة طبيعية وذلؾ‬
‫لالختالؼ الجذري ما بيف الشخصية الطبيعية و الشخصية المعنوية(‪.)46‬‬

‫‪ِ - 46‬ضٔ‪ ٟ‬علُ ثٌمغثع ‪/2‬ثٌ‪١ٙ‬تز ثٌؼجِز‪2211/‬ج‪ٙ‬ز ثالطضثع‪ِ::‬ذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز ‪ٌ..‬ض‪ ٜ‬ثٌضضل‪١‬ك ‪ٚ‬ثٌّضث‪ٌٚ‬ز‬
‫ِٓ لذً ثٌ‪١ٙ‬تز ثٌؼجِز ٌّذىّز ثٌضّ‪١١‬ؼ ثالصذجص‪٠‬ز ٌ‪ٛ‬دع دؤْ ثٌطؼٓ ثٌضّ‪١١‬ؼ‪ِ ٞ‬مضَ ف‪ِ ٟ‬ضصٗ ثٌمجٔ‪١ٔٛ‬ز لغع لذ‪ ٌٗٛ‬شىالً‬
‫‪ٌٚ‬ض‪ ٜ‬ػطف ثٌٕظغ ػٍ‪ ٝ‬ثٌذىُ ثٌّّ‪١‬ؼ ‪ٚ‬جض دجٔٗ طذ‪١‬خ ‪ِٛٚ‬ثفك ألدىجَ ثٌمجٔ‪ ْٛ‬الْ ثٌّضػ‪ ٟ‬ثٌغة‪١‬ؾ ثٌضٕف‪١‬ظ‪ٞ‬‬
‫ٌشغوز ثع‪١‬غ الصظجالس ثٌؼغثق ثٌّذض‪ٚ‬صر إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ لض ث‪ٚ‬ػخ ف‪ ٟ‬ػغ‪٠‬ؼز صػ‪ٛ‬ثٖ ثٌذضثة‪١‬ز دجٔٗ ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ٗ١‬‬
‫لجَ دجإلؿجءر ثٌ‪ ٝ‬ؿّؼز ثٌشغوز دطغ‪٠‬مز غ‪١‬غ ثسالل‪١‬ز ‪ٚ‬غ‪١‬غ ِ‪ِٕٚ ٗ١ٕٙ‬ىالً د‪ٙ‬ج ‪ٚ‬طٌه ػٓ ؽغ‪٠‬ك ل‪١‬جِٗ دٕشغ ثصػجءثس‬
‫وجطدز ػٍ‪ِٛ ٝ‬ثلغ ثٌض‪ٛ‬ثطً ثالجضّجػ‪ِ ٟ‬ض‪ّٙ‬ج ثٌشغوز دجٔ‪ٙ‬ج صؼًّ ػٍ‪ ٝ‬ثؿجؽ ثٌّذـ‪ٛ‬د‪١‬ز ‪ٚ‬ثٌؼاللجس ثٌششظ‪١‬ز ص‪ْٚ‬‬
‫ثال٘ضّجَ دجٌججٔخ ثٌؼٍّ‪ٚ ٟ‬ثْ ٔشغ ِغً ٘ىظث ثصػجءثس وجطدز صـب ٌـّؼز ثٌشغوز ؿ‪ٛ‬ثء ِٓ ثٌؼجٍِ‪ ٓ١‬ف‪ٙ١‬ج ث‪ٚ‬‬
‫ثٌّضؼجٍِ‪ِ ٓ١‬ؼ‪ٙ‬ج ‪ٚ‬ص‪ٛ‬عغ دشىً ؿٍذ‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬ثٌٕشجؽ ثٌضججع‪ٌٙ ٞ‬ج ‪ٚ‬لض صضشظ ثٌشغوجس ثٌّٕجفـز ٘ظٖ ثالصػجءثس ‪ٚ‬ؿ‪ٍ١‬ز‬
‫صـضشضَ ػض ثٌشغوز ٌغغع ثٌضش‪١ٙ‬غ د‪ٙ‬ج ‪ ِٓٚ‬عُ ثإلػغثع ثلضظجص‪٠‬ج ً د‪ٙ‬ج ٌظث ؽٍخ ثٌذىُ دئٌؼثَ ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ ٗ١‬دؼضَ‬
‫ٔشغ أ‪ِٕ ٞ‬ش‪ٛ‬ع ‪٠‬ـ‪ٟ‬ء ٌٍشغوز ‪ٚ‬ثٌؼثِٗ دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّؼٕ‪ٚ ٞٛ‬ثٌّجص‪ ٞ‬ثٌظ‪ ٞ‬ثطجح ثٌشغوز ‪ٚ‬ثٌظ‪٠ ٞ‬مضعٖ دّذٍغ‬
‫سّـّجةز ٍِ‪ ْٛ١‬ص‪ٕ٠‬جع ػغثل‪ٚ .ٟ‬دؼض ؿٍـٍز ِٓ ثٌّغثفؼجس ثٌذؼ‪ٛ‬ع‪٠‬ز ثٌؼٍٕ‪١‬ز أطضعس ِذىّز دضثءر ثٌىغر دىّ‪ٙ‬ج‬
‫دجٌؼضص ‪/2753‬ح‪ 2210/‬ف‪ٚ 2210/11/14 ٟ‬ثٌظ‪ ٞ‬لؼ‪ ٝ‬دئٌؼثَ ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ ٗ١‬دضؤص‪٠‬ضٗ ٌٍّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ‬
‫ِذٍغ لضعٖ ٍِ‪ٔٛ١‬ج ص‪ٕ٠‬جع صؼ‪٠ٛ‬ؼج ً ٌٗ (ػٓ جذغ ثٌش‪ٛ‬ثؽغ) ‪ٚ‬فمج ً ٌّج ججء دضمغ‪٠‬غ ثٌشذغثء ثٌمؼجة‪ ٓ١١‬ثٌغالعز ‪ٚ‬عص صػ‪ٜٛ‬‬
‫ثٌّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ دجٌؼ‪٠‬جصر ‪ٚ‬ثٌظ‪ ٞ‬ثعصؼ‪ ٝ‬د‪ٙ‬ظث ثٌذىُ ‪٠ ٌُٚ‬طؼٓ دٗ دشظ‪ٛ‬ص عص صػ‪ٛ‬ثٖ دجٌّطجٌذز دجٌذىُ ٌٗ‬
‫دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ٚ ٞ‬ػضَ ثٌٕشغ ٌّٕش‪ٛ‬عثس صـ‪ٟ‬ء ٌٗ‪ٚ .‬أِج ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ ٗ١‬فجٔٗ لض ؽؼٓ دجٌذىُ ثٌذضثة‪ ٟ‬ثٌظ‪ ٞ‬لؼ‪ٝ‬‬
‫دئٌؼثِٗ دضـض‪٠‬ض ٌٍّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ ِذٍغ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ٚ ٟ‬د‪ٙ‬ظث صى‪ ْٛ‬ثٌضػ‪ ٜٛ‬لض ثٔذظغس ‪ٚ‬صغوؼس‬
‫ثٌضذم‪١‬مجس ف‪ٙ١‬ج دّض‪ ٜ‬ثؿضذمجق ثٌّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ دجػضذجعٖ ششظج ً ِؼٕ‪٠ٛ‬ج ً ٌٍضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ ثٌؼغع ثألصد‪ِٓ ٟ‬‬
‫ػضِٗ ‪ٚ‬د‪ٙ‬ظث ثٌظضص أوٍّش ِذىّز ثالؿضتٕجف صذم‪١‬مجص‪ٙ‬ج ‪ٚ‬ثؿضف‪ّٙ‬ش ِٓ ثٌشذغثء ثٌغالعز ػٓ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌظ‪ ٞ‬لضع‪ٖٚ‬‬
‫ٌٍّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ أِجَ ِذىّز ثٌذضثءر دّ‪ٛ‬جخ صمغ‪٠‬غُ٘ ثٌّؤعر ‪ٚ 2210/12/24‬ثٌذجٌغ ٍِ‪ٔٛ١‬ج ص‪ٕ٠‬جع(‪ٚ‬طٌه‬
‫جذغثً ٌٍش‪ٛ‬ثؽغ) ً٘ ثٌّمظ‪ٛ‬ص د‪ٙ‬ظث ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ِجص‪ ٞ‬أَ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثألصد‪ٚ ٟ‬لض ث‪ٚ‬ػخ ثٌشذغثء ثٌمؼجة‪ ٓ١١‬ثٌغالعز‬
‫دّ‪ٛ‬جخ ٍِذك صمغ‪٠‬غُ٘ ثٌّؤعر ‪ 2210/12/15‬دجْ ثٌّمظ‪ٛ‬ص دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌظ‪٠ ٞ‬ـضذمٗ ثٌّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ‬
‫٘‪ ٛ‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪١ٌٚ ٟ‬ؾ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ٚ ٞ‬لض لغعس ِذىّز ثالؿضتٕجف دؼض دظٌه فـز ثٌذىُ ثٌذضثة‪ٚ ٟ‬عص‬
‫صػ‪ ٜٛ‬ثٌّضػ‪ ٟ‬إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ دجٌّطجٌذز دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ ٟ‬الْ ثٌّطجٌذز د‪ٙ‬ظث ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ‪٠‬مضظغ ػٍ‪ ٝ‬ثالششجص‬
‫ثٌطذ‪١‬ؼ‪١‬ز ص‪ ْٚ‬ثالششجص ثٌّؼٕ‪٠ٛ‬ز ‪ٚ‬الْ ثٌغجدش لجٔ‪ٔٛ‬ج ً ‪ٚ‬فم‪ٙ‬ج ً ‪ٚ‬لؼج ٍء ‪ٚ‬ثٌظ‪ ٞ‬ال ثسضالف ف‪ ٗ١‬دجْ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ‬
‫ثٌؼغع ثٌّجص‪ ٞ‬ف‪ِ ٟ‬ججي ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌؼمض‪٠‬ز ثَ ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌضمظ‪١‬غ‪٠‬ز ‪٠‬شًّ ِج ٌذك ثٌّؼغ‪ٚ‬ع ِٓ سـجعر ‪ِٚ‬ج فجصٗ‬
‫ِٓ وـخ‪٘ٚ .‬ظث ثالِغ ال ‪ٚ‬ج‪ٛ‬ص ٌٗ ف‪ ٟ‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ ثٌؼغع ثالصد‪ ٟ‬الْ فٍـفز ٘ظث ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ صىّٓ ف‪ ٟ‬ثْ ثٌؼغع‬
‫‪٠‬ظ‪١‬خ ثٌّؼغ‪ٚ‬ع ف‪ ٟ‬ػجؽفضٗ ‪ٚ‬شؼ‪ٛ‬عٖ ‪ُ٠ٚ‬ضسً ثٌ‪ ٝ‬لٍذٗ ثٌغُ ‪ٚ‬ثٌذؼْ ‪ٚ‬ثالؿ‪ٚ ٝ‬ثٌذـغر ػٓ ؽغ‪٠‬ك ثٌطؼٓ دـّؼضٗ‬
‫‪ٚ‬لض ‪٠‬غصخ طٌه جغدج ً ػّ‪١‬مج ً ف‪ ٟ‬ثٌفؤثص ال ‪ٕ٠‬ضًِ ِطٍمج ً عغُ ص‪ٛ‬ثٌ‪ ٟ‬ثٌـٕ‪ٚ ٓ١‬ال ‪٠‬جذغٖ أ‪ ٞ‬صؼ‪٠ٛ‬غ ‪.‬ثطثً فجٌؼغع‬
‫ثالصد‪ ٟ‬ث‪ ٚ‬ثٌّؼٕ‪ ٛ٘ ٞٛ‬ثٌؼغع ثٌظ‪٠ ٞ‬ظ‪١‬خ ثٌّؼغ‪ٚ‬ع ف‪ ٟ‬شؼ‪ٛ‬عٖ ث‪ ٚ‬ػجؽفضٗ ث‪ ٚ‬وغثِضٗ ث‪ ٚ‬أ‪ِ ٞ‬ؼٕ‪ ِٓ ٝ‬ثٌّؼجٔ‪ٟ‬‬
‫ثٌـجِ‪١‬ز ثٌض‪٠ ٟ‬ذغص ػجِز ثٌٕجؽ ػٍ‪ٙ١‬ج ث‪ّ٠‬ج دغص ِٓ ثٌشضف ث‪ ٚ‬ثالٔض‪ٙ‬جن ‪ٚ‬ال ‪٠‬ظ‪١‬خ ٘ظث ثٌؼغع ثٌّؼغ‪ٚ‬ع ف‪ٟ‬‬
‫دك ِٓ دم‪ٛ‬لٗ ثٌّجٌ‪١‬ز‪ .‬فجٌؼغع ثالصد‪ ٟ‬ثطثً ٘‪ ٛ‬ػغع ششظ‪ ٟ‬دذش ٌظ‪١‬ك دجإلٔـجْ ثٌطذ‪١‬ؼ‪ٚ ٟ‬ال ‪ّ٠‬ضض صذش أ‪ٞ‬‬
‫ظغف ث‪ِ ٚ‬ذغع ‪ٚ‬دؤ‪ ٞ‬شىً ِٓ ثالشىجي ثٌ‪ ٝ‬ثٌششض ثٌّؼٕ‪٘ٚ ٞٛ‬ظٖ ٔض‪١‬جز ؽذ‪١‬ؼ‪١‬ز ‪ٚ.‬طٌه ٌالسضالف ثٌجظع‪ِ ٞ‬ج‬
‫د‪ ٓ١‬ثٌششظ‪١‬ز ثٌطذ‪١‬ؼ‪١‬ز ػٓ ثٌششظ‪١‬ز ثٌّؼٕ‪٠ٛ‬ز ‪٘ٚ.‬ظٖ ثالس‪١‬غر ٘‪ِ ٟ‬جّ‪ٛ‬ػز ِٓ ثالفغثص ث‪ ٚ‬ثالِ‪ٛ‬ثي ‪٠‬ؼضغف ٌ‪ٙ‬ج‬
‫ثٌمجٔ‪ ْٛ‬دجٌششظ‪١‬ز ثٌمجٔ‪١ٔٛ‬ز ‪ٚ‬صضّ‪١‬ؼ ػٓ ثألفغثص ث‪ ٚ‬ثألِ‪ٛ‬ثي ثٌّى‪ٔٛ‬ز ٌ‪ٙ‬ج‪ٚ .‬دّؼٕ‪ ٝ‬ثصق ٌ‪ٙ‬ج طِز ِجٌ‪١‬ز ِـضمٍز ػٓ طِز‬
‫ثالفغثص ثٌظ‪ ٓ٠‬صضى‪ ُِٕٙ ْٛ‬ث‪ِ ِٓ ٚ‬جّ‪ٛ‬ػز ثالِ‪ٛ‬ثي طثص‪ٙ‬ج‪ .‬ثٌّؼضغف ٌ‪ٙ‬ج دجٌششظ‪١‬ز ثٌمجٔ‪١ٔٛ‬ز ‪ٚ‬صمـُ ثٌششظ‪١‬ز‬
‫ثٌّؼٕ‪٠ٛ‬ز ثٌ‪ ٝ‬ششظ‪١‬ز ِؼٕ‪٠ٛ‬ز ػجِز وجٌض‪ٌٚ‬ز ‪ٚ‬ثٌّذجفظجس ‪ٚ‬ششظ‪١‬ز ِؼٕ‪٠ٛ‬ز سجطز وجٌشغوجس ‪ٚ‬ثٌجّؼ‪١‬جس ‪ٚ‬لض‬
‫ػجٌج ثٌّشغع ثٌؼغثل‪ ٟ‬ثدىجَ ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ف‪ ٟ‬ثٌّجصر(‪)40‬دفمغثص‪ٙ‬ج ثٌـش ِٓ ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ٚ ٟ‬دّ‪ٛ‬جخ‬
‫وفي حقيقة االمر اذا ما سممنا بيذا المسار باقتصار المطالبة باألضرار المعنوية‬
‫لألشخاص الطبيعية دوف المعنوية ففيو ابتعاد عف المسار القانوني الذي رسمتو الفقرة (‪ )2‬مف‬
‫المادة (‪ )48‬الوارد ذكرىا انفا والتي جاءت بإشارة صريحة وواضحة وبمبدأ ثابت ىو المساواة في‬
‫الحقوؽ اال ما كاف مالصقا لمصفة االنسانية ‪ ,‬االمر الذي يتطمب ابتداء الخوض في معرفة‬

‫ثٌفمغثس(‪ ِٓ)6ٚ5ٚ4ٚ3ٚ1‬ثٌّجصر ثػالٖ فؤْ ٌىً ششض ِؼٕ‪ِّ ٞٛ‬غالً ػٓ ثعثصصٗ ‪ ٌٗٚ‬طِز ِجٌ‪١‬ز ِـضمٍز ‪ ٌٗٚ‬ثٍ٘‪١‬ز‬
‫ثالصثء ‪ٚ‬دك ثٌضمجػ‪ِٛ ٌٗٚ ٟ‬ؽٓ سجص دٗ ‪ِٚ‬ج ٔغوؼ ػٍ‪ ٛ٘ ٗ١‬ثٌفمغر(‪ ِٓ)2‬ثٌّجصر (‪ِ )40‬ضٔ‪ ٟ‬ثٌض‪ٔ ٟ‬ظش (‪٠ٚ‬ضّضغ‬
‫ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬دجّ‪١‬غ ثٌذم‪ٛ‬ق ثال ِج وجْ ِٕ‪ٙ‬ج ِالػِج ً ٌظفز ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ٚ ٟ‬طٌه ف‪ ٟ‬ثٌذض‪ٚ‬ص ثٌض‪٠ ٟ‬مغع٘ج‬
‫ثٌمجٔ‪ ِٓٚ )ْٛ‬سالي طغثدز ٘ظث ثٌٕض فال صغذش ٌٍششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ثٌذم‪ٛ‬ق ثٌّالطمز ٌطذ‪١‬ؼز ثالٔـجْ الْ‬
‫ثٌششض ثٌّؼٕ‪١ٌ ٞٛ‬ؾ ٌٗ جـض ِجص‪ٚ ٞ‬ال ثعثصر ث‪ ٚ‬ثصعثن ‪١ٌٚ‬ؾ ٌٗ ٔفؾ ‪ٚ‬ثػ‪١‬ز ‪ٚ‬ال ‪ّ٠‬ىٓ ٌٗ ِّجعؿز ٔشجؽٗ‬
‫ِذجشغر ث‪ ٚ‬ثْ ‪ٍ٠‬ضؼَ لجٔ‪ٔٛ‬ج ً ثال ػٓ ؽغ‪٠‬ك ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪( ٟ‬ثالٔـجْ) ثٌظ‪ّ٠ ٞ‬غٍٗ ‪ٚ‬ثٌظ‪٠ ٞ‬ؼغ ف‪ ٟ‬سضِضٗ (أ‪ٞ‬‬
‫ٌٍششض ثٌّؼٕ‪ )ٞٛ‬ثصعثوٗ ‪ٚ‬ثعثصصٗ ‪ّ٠ٚ‬جعؽ ٔشجؽجً ‪٠‬ذـخ ٌٍششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ػٓ ؽغ‪٠‬ك دىُ ثٌمجٔ‪٠ٚ ْٛ‬ضغصخ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬طٌه دجْ ثٌششض ثٌّؼٕ‪١ٌ ٞٛ‬ؾ ٌٗ أ‪ ٞ‬دم‪ٛ‬ق وذك ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ثألؿغر ‪١ٌٚ‬ؾ ٌٗ أ‪ ٞ‬دك ششظ‪ٟ‬‬
‫‪ٙ٠‬ضف ثٌ‪ ٝ‬دّج‪٠‬ز ثٌى‪١‬جْ ثٌّجص‪ ٞ‬وّج ٘‪ ٛ‬ػٍ‪ ٗ١‬ثٌذجي ف‪ ٟ‬ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬ثٌظ‪ ٌٗ ٞ‬ثٌذك ف‪ ٟ‬ؿالِز ثٌجـض ‪ٚ‬الْ‬
‫ثٌذم‪ٛ‬ق ثٌّؼٕ‪٠ٛ‬ز ‪ٚ‬ثالصد‪١‬ز ِالطمز ٌٍششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬فمؾ ٌظث ال ‪ّ٠‬ىٓ ثٌششض ثٌّؼٕ‪ٌٍّ ٞٛ‬طجٌذز دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ػٓ‬
‫ثٌؼغع ثالصد‪ٚ ٟ‬فمج ً ٌم‪ٛ‬ثػض ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌضمظ‪١‬غ‪٠‬ز ‪٠ٚ‬مضظغ ِطجٌذضٗ دظٌه ػٍ‪ ٝ‬ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ ٞ‬فمؾ ‪ٚ‬طٌه دّج فجصٗ‬
‫ِٓ وـخ ‪ِٚ‬ج ٌذمٗ ِٓ ػغع‪ٚ .‬ػٓ ؽغ‪٠‬ك ٘ظث ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ‪٠‬ضُ جذغ ثٌؼغع ثٌّجص‪ ٞ‬ثٌظ‪ٌ ٞ‬ذك دٗ ثط ال ‪ّ٠‬ىٓ شّ‪ٛ‬ي‬
‫ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬دؤدىجَ ثٌّجصر(‪ ِٓ)1/225‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ٚ ٟ‬ثٌض‪ٔ ٟ‬ظش (‪٠‬ضٕج‪ٚ‬ي دك ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌؼغع ثالصد‪ٟ‬‬
‫وظٌه فىً صؼ ٍض ػٍ‪ ٝ‬ثٌغ‪١‬غ ف‪ ٟ‬دغ‪٠‬ضٗ ث‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ػغػٗ ث‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬شغفٗ ث‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ؿّؼضٗ ث‪ ٚ‬ف‪ِ ٟ‬غوؼٖ ثالجضّجػ‪ ٟ‬ث‪ ٚ‬ف‪ٟ‬‬
‫ثػضذجعٖ ثٌّجٌ‪٠ ٟ‬جؼً ثٌّضؼض‪ِ ٞ‬ـؤ‪ٚ‬الً ػٓ ثٌضؼ‪٠ٛ‬غ)‪ٚ‬دّ‪ٛ‬جخ ٘ظث ثٌٕض فجْ جّ‪١‬غ ثٌذم‪ٛ‬ق ثٌض‪ ٟ‬صى‪ ْٛ‬ػغػزً‬
‫ٌٍضؼض‪ ٞ‬ػٍ‪ٙ١‬ج عجدضز ٌٍششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬فمؾ ص‪ ْٚ‬ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬الْ ثٌّمظ‪ٛ‬ص دّفغصر ثٌغ‪١‬غ ثٌض‪ٚ ٟ‬عصس ف‪ٟ‬‬
‫ثٌٕض صٕظغف ثٌ‪ ٝ‬ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬ؿ‪ٛ‬ثء ‪ٚ‬لغ فؼً ثٌضؼض‪ ٞ‬دؤدض ط‪ٛ‬عٖ ػٍ‪ ٗ١‬دظ‪ٛ‬عر ِذجشغر ث‪ ٚ‬غ‪١‬غ ِذجشغر‬
‫فجٌضؼض‪ ٞ‬ػٍ‪ ٝ‬ثٌذغ‪٠‬ز ث‪ ٚ‬ثٌؼغع ث‪ ٚ‬ثٌشغف ث‪ ٚ‬ثٌـّؼز ث‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬ثٌّغوؼ ثالجضّجػ‪ ٟ‬ث‪ ٚ‬ثالػضذجع ثٌّجٌ‪ ٟ‬صؤعغ ف‪ٟ‬‬
‫ِشجػغ ‪ٚ‬أدجؿ‪١‬ؾ ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬ثٌّؼضض‪ ٜ‬ػٍ‪٘ٚ ٗ١‬ظٖ ثٌّشجػغ ‪ ٚ‬ثألدجؿ‪١‬ؾ ال ‪ٚ‬ج‪ٛ‬ص ٌ‪ٙ‬ج ف‪ ٟ‬صى‪ ٓ٠ٛ‬ؽذ‪١‬ؼز‬
‫ثٌششض ثٌّؼٕ‪ٚ ٞٛ‬ثٌظ‪ ٞ‬ال ‪٠‬ضعوٗ ثٌذؾ دً ‪٠‬ضعوٗ ثٌفىغ ‪ِٚ‬ج ال ‪٠‬ضعوٗ ثٌذؾ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ػض‪ ُ٠‬ثٌشؼ‪ٛ‬ع ‪ٚ‬ثٌؼجؽفز ‪ٚ‬ال‬
‫‪٠‬ضؤعغ ِؼٕ‪٠ٛ‬جً ث‪ ٚ‬ثصد‪١‬جً ػٕض ‪ٚ‬ل‪ٛ‬ع ثٌؼغع ‪ٚ‬طٌه ال ‪ّ٠‬ىٓ ثٌض‪ٛ‬ؿغ ف‪ ٟ‬صفـ‪١‬غ ثٌّجصر(‪ ِٓ)1/225‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌّضٔ‪ ٟ‬ثدؼض‬
‫ِّج صذضٍّٗ ِٓ دىُ دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ٌٍ ٟ‬ششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ ٟ‬فمؾ ص‪ ْٚ‬ثٌششض ثٌّؼٕ‪٘ٚ ٞٛ‬ظث ال ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬ثٌضفغ‪٠‬ؾ‬
‫‪ٚ‬ػ‪١‬جع دم‪ٛ‬ق ثٌششض ثٌّؼٕ‪ .ٞٛ‬الْ دم‪ٛ‬لٗ ِذف‪ٛ‬ظز ‪٠ٚ‬ـضذم‪ٙ‬ج دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ ٞ‬ػٕض عذ‪ٛ‬س ل‪١‬جَ ثٌغ‪١‬غ دجٌضؼض‪ٞ‬‬
‫ػٍ‪ٚ ٗ١‬صذمك ثعوجْ ثٌّـؤ‪١ٌٚ‬ز ثٌّضٔ‪١‬ز فجٌّذىّز صذىُ ٌٗ دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ٚ ٞ‬طٌه دّج فجصٗ ِٓ وـخ ‪ِٚ‬ج ٌذمٗ ِٓ‬
‫ػغع دجٌٗ دجي ثٌششض ثٌطذ‪١‬ؼ‪ .ٟ‬ػص ػٍ‪ ٝ‬طٌه فؤْ ثٌضؼض‪ ٞ‬ثٌظ‪٠ ٞ‬مغ ػٍ‪ ٝ‬ثٌششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ثٌؼجَ وجٌض‪ٌٚ‬ز ث‪ ٚ‬ثدض‬
‫ِؤؿـض‪ٙ‬ج ثٌغؿّ‪١‬ز ال ‪ّ٠‬ىٓ دّج‪٠‬ضٗ ػٓ ؽغ‪٠‬ك ثلجِز ثٌضػ‪ ٜٛ‬ثٌّضٔ‪١‬ز ‪.‬الْ شغف ثٌض‪ٌٚ‬ز ‪ٚ‬ثػضذجع٘ج ثٌّمضؽ ٘‪ٛ‬‬
‫ثٌّظٍذز ثٌؼجِز ثٌض‪٠ ٟ‬ذّ‪ٙ١‬ج ثٌذك ثٌؼجَ ػٓ ؽغ‪٠‬ك ثلجِز ثٌضػ‪ ٜٛ‬ثٌؼّ‪١ِٛ‬ز وّج ٌٍششض ثٌّؼٕ‪ ٞٛ‬ثٌشجص ثػجفز‬
‫ثٌ‪ ٝ‬ثٌّطجٌذز دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثٌّجص‪ ِٓ ٞ‬ثٌظ‪ ٞ‬صـذخ دئٌذجق ثٌؼغع دٗ ٔض‪١‬جز ثٌضؼض‪ ٌٗ .ٞ‬ثٌذك دئلجِز ‪ٚ‬صذغ‪٠‬ه ثٌشى‪ٜٛ‬‬
‫ثٌجؼثة‪١‬ز ػضٖ ثطث وجْ ثٌطؼٓ ثٌظ‪ ٞ‬ثٔظخ ػٍ‪ ِٓ ٗ١‬لذً ثٌّضؼض‪٠ ٞ‬ضسً ف‪ ٟ‬صثةغر ثٌجغ‪ّ٠‬ز ‪ِٚ‬ج ‪٠‬ضغصخ ػٍ‪ ٝ‬طٌه ِٓ‬
‫فغع ػم‪ٛ‬دز صضٕجؿخ ‪ٚ‬ثٌفؼً ثٌجغِ‪ ٟ‬ثٌّغصىخ ‪ٚ.‬طف‪ٛ‬ر ثٌم‪ٛ‬ي ِّج ؿٍف طوغٖ ‪ٚ‬د‪١‬جٔٗ فجْ صػ‪ ٜٛ‬ثٌّضػ‪ ٟ‬ثػجفز‬
‫ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ دجػضذجعٖ ششظج ً ِؼٕ‪٠ٛ‬جً دجٌّطجٌذز دجٌضؼ‪٠ٛ‬غ ثالصد‪ ٟ‬ػٓ ثٌؼغع ثٌظ‪ٌ ٞ‬ذك دٗ ٔض‪١‬جز ل‪١‬جَ ثٌّضػ‪ ٝ‬ػٍ‪ٗ١‬‬
‫دجٌضش‪١ٙ‬غ دٗ ف‪ِٛ ٟ‬ثلغ ثٌض‪ٛ‬ثطً ثالجضّجػ‪ٚ ٟ‬ثجذز ثٌغص ‪٘ٚ‬ظث ِج لؼ‪ ٝ‬دٗ ثٌذىُ ثٌّّ‪١‬ؼ ‪ٚ‬ثٌظ‪ ٞ‬ججء ِضفمجً ‪ ٚ‬ثدىجَ‬
‫ثٌمجٔ‪ٚ .ْٛ‬صؤؿ‪١‬ـج ً ػٍ‪ِ ٝ‬ج صمضَ لغعس ثٌّذىّز صظض‪٠‬ك ثٌذىُ ثٌّّ‪١‬ؼ ‪ٚ‬عص ػغ‪٠‬ؼز ثٌطؼٓ ثٌضّ‪١١‬ؼ‪ِ ٞ‬غ صذّ‪ً١‬‬
‫ثٌّّ‪١‬ؼ – إػجفز ٌ‪ٛ‬ظ‪١‬فضٗ عؿُ ثٌضّ‪١١‬ؼ ‪ٚ‬طضع ثٌمغثع دجألوغغ‪٠‬ز ف‪ / 11 ٟ‬عجخ ‪٘ 1442/‬ـ ثٌّـ‪ٛ‬ثفك ‪/ 26‬‬
‫‪.َ 2211/3‬‬
‫الحؽ الذي وقع عميو االعتداء ومدى مالئمتو لمنص المذكور ومف ثـ تطبيؽ النص عميو فال نؤيد‬
‫ما ذىبت اليو محكمة التمييز الموقرة في ق اررييا المشار الييما انفا ونذىب مع ما ذىب اليو‬
‫بعض الفقياء في كوف اف النص المذكور يستوعب شموؿ المطالبة بالتعويض عف االضرار‬
‫المعنوية بالنسبة لمشخص المعنوي‪ ,‬فضال عف عدـ تحديد صور االضرار المعنوية‪ ,‬وصعوبة‬
‫بمكاف حصرىا اال اف ما اورده الفقو مف تطبيقات عممية‪ ,‬وعممية‪ ,‬ليذه االضرار نرى اف الكثير‬
‫منيا يتصؿ بالشخص المعنوي ال سيما تمؾ المتصمة بسمعتو ومصداقيتو ومينيتو والتي تعكس‬
‫ثقة الجميور فيو (‪. )47‬‬

‫في الحقيقة؛ ولما تقدـ‪ ,‬فإف الغالب عمى ىذه المنازعات يوجد عدة متضرريف‪ ,‬فالضرر‬
‫األصمي الذي أصاب الشخص المعنوي‪ ,‬كاف نتيجة طبيعية إلصابة االشخاص الطبيعية‬
‫المكونيف لمشخص المعنوي بالضرر‪ ,‬وانعكس عمييـ فيصاب بضرر شخصي بالتبعية‪ ,‬ويسمى‬
‫الضرر المرتد أو المنعكس‬

‫املطهب انثبنِ‬

‫االػرتاف ببنضرر املؼنٌُ يف ىْئبث انتحكْى انذًنْت ًحبالث انتؼٌّض ػنو‬

‫الضرر بصورة عامة يمثؿ مرتكز نيوض المسؤولية مدنية كانت اـ دولية‪ ,‬كوف اف‬
‫االخيرة تستند الى ذات القواعد الموجودة في القانوف الداخمي مف ضرورة توافر اركاف قياـ‬
‫المسؤولية ‪ ,‬وىذا ما يستخمص مف قواعد القانوف الدولي والتعريفات التي قيمت بشاف المسؤولية‬
‫الدولية مف قبؿ فقياء القانوف الدولي‪ ,‬واحكاـ التحكيـ ‪ ,‬والقضاء الدولي‪ ,‬وبعض معاىد القانوف‬
‫الدولي‪ ,‬فالمسؤولية الدولية ىي "عبارة عف نظاـ قانوني تمتزـ بمقتضاه الدولة التي تأتي عمال‬
‫غير مشروع طبقا لمقانوف الدولي العاـ بتعويض الدولة التي لحقيا ضرر مف جراء ىذا‬
‫العمؿ"(‪.)48‬‬

‫‪ٕ٠ - 47‬ظغ ص‪ .‬دـ‪ ٓ١‬ػجِغ‪,‬ص‪ 412‬فمغر ‪ٛ٠ ٚ 425‬ؿف ٔجُ جذغثْ‪ ,‬ثٌٕظغ‪٠‬ز ثٌؼجِز ٌٍّ‪ٛ‬جذجس‪ِ ,‬ظجصع‬
‫ثٌّ‪ٛ‬جذجس‪ ,‬ثٌمجٔ‪ٚ ْٛ‬ثٌجغَ ‪ٚ‬شذٗ ثٌجغَ‪ِٕ ,‬ش‪ٛ‬عثس ػ‪٠ٛ‬ضثس‪ ,‬د‪١‬غ‪ٚ‬س‪ -‬دجع‪٠‬ؾ‪ ,‬ؽ‪ ,1170 ,1‬ص‪ 264‬فمغر ‪451‬‬
‫‪ٚ‬وظٌه ص‪ .‬ثؿّجػ‪ ً١‬طؼظجع ‪ِ ,‬ظضع ؿجدك ‪ ,‬ص ‪ ٚ 05‬ص‪ .‬ؽجعق وجظُ ػج‪ ً١‬ف‪ ٟ‬صؼٍ‪١‬مٗ ػٍ‪ ٝ‬لغثع ِذىّز‬
‫ثٌضّ‪١١‬ؼ ثٌّشجع ثٌ‪ ٗ١‬ؿجدمج ‪ٚ‬ثٌّٕش‪ٛ‬ع ػٍ‪ ٝ‬ثٌّ‪ٛ‬لغ ثالٌىضغ‪ ٟٔٚ‬ثٌشجص دّ‪ٛ‬لغ ط‪ ٞ‬لجع ثالسذجع‪٠‬ز‪:‬‬
‫‪-http://dhiqarna.com/946‬‬
‫‪ٕ٠ - 40‬ظغ ص‪ .‬ػظجَ ثٌؼط‪١‬ز‪ ,‬ثٌمجٔ‪ ْٛ‬ثٌض‪ ٌٟٚ‬ثٌؼجَ ‪ٚ ,‬ػثعر ثٌضؼٍ‪ ُ١‬ثٌؼجٌ‪ٚ ٟ‬ثٌذذظ ثٌؼٍّ‪ , ٟ‬ججِؼز دغضثص‪ ,‬ثٌطذؼز‬
‫ثٌـجصؿز ‪ ,‬ص‪.517‬‬
‫والسؤاؿ الذي يمكف اف يثار اذا كاف القانوف الدولي يستند لذات القواعد في القانوف‬
‫الداخمي مف حيث قياـ المسؤولية فيؿ اف الضرر المعنوي يدخؿ ضمف تعويض االضرار في‬
‫القانوف الدولي اـ ال ؟ وما ىو االساس بذلؾ االعتراؼ والحاالت التي يمكف اف يتـ التعويض‬
‫عنيا في حالة االعتراؼ بو كجزء مف منظومة القواعد الدولية وىذا ما سنجيب عنو في الفروع‬
‫االتية‪:‬‬

‫انفرع االًل‬

‫االػرتاف ببنضرر املؼنٌُ يف ىْئبث انتحكْى انذًنْت‬

‫اف التعويض عف الضرر المعنوي وحسب ما بينا في المطمب االوؿ معترؼ بو بشكؿ‬
‫(‪)49‬‬
‫وبالمثؿ فأف التعويض عف الضرر المعنوي قد شكؿ‬ ‫او بأخر في جميع النظـ القانونية تقر ًيبا‬
‫جزًءا ميما مف ممارسة القانوف الدولي لسنوات عديدة‪ ,‬كما اف قانوف السوابؽ القضائية الصادرة‬
‫عف المحاكـ الدولية قد بينت أف تعويض االضرار المعنوية معموؿ فيو ألكثر مف قرف مف‬
‫(‪)50‬‬
‫باإلضافة الى ذلؾ‪ ,‬فأف التعويض عف األضرار المعنوية يعتبر سمة مف سمات‬ ‫الزماف‬
‫القانوف الدولي لمسؤولية الدولة منذ زمف طويؿ ‪ ,‬فأف مف الشائع أف تتحمؿ الدولة مسؤولية دولية‬
‫(‪)51‬‬
‫وعميو سنبيف ابتداء االعتراؼ‬ ‫عف الضرر غير االقتصادي الناجـ عف أفعاليا غير القانونية‬
‫بالضرر المعنوي في المحاكـ الدولية ومف ثـ انتقاؿ ذلؾ التعويض وانعكاسو عمى ىيئات التحكيـ‬
‫الدولية في منازعات االستثمار‪:‬‬

‫اوال‪ :‬االعتراف في ظل المحاكم الدولية‬

‫الضرر المعنوي ليس مفيوما جديدا في القانوف الدولي‪ ,‬حيث انو ومنذ فترة طويمة تـ‬
‫تحديد نطاؽ التعويض عف األضرار المعنوية مف قبؿ المحاكـ الدولية‪ ,‬وأحد األمثمة الشييرة‬
‫ىو قضية (لوسيتانيا‪ ) Lusitania -‬التي قضت بيا لجنة الدعاوى المختمطة لمواليات المتحدة‬
‫والمانيا في عاـ ‪ .1923‬التي تضمنت غرؽ السفينة (‪ )Lusitania‬عمى يد غواصة ألمانية خالؿ‬
‫شخصا ‪ ,‬مف بينيـ ‪ 128‬مف مواطني‬
‫ً‬ ‫الحرب العالمية األولى ‪ ,‬مما أسفر عف مقتؿ ‪1198‬‬

‫‪49‬‬
‫‪- D. Shelton, Remedies in international human rights law: Oxford University Press,‬‬
‫‪USA, 2015.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪- J. P. Moyano García, "Moral Damages in Investment Arbitration: Diverging‬‬
‫‪Trends," Journal of International Dispute Settlement, vol. 6, pp. 485-521, 2015.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪- C. Blake, "Moral Damages in Investment Arbitration: A Role for Human‬‬
‫‪Rights?," Journal of International Dispute Settlement, vol. 3, pp. 371-407, 2012.‬‬
‫(‪)52‬‬
‫‪ ,‬اذ في تعميؽ الحد ادلى المحكميف الدولييف المعروؼ بػ (أومبير باركر)‬ ‫الواليات المتحدة‬
‫في القضية المذكورة أف المصاب يكوف مؤىالً لمتعويض (بموجب قواعد القانوف الدولي) عف‬
‫االصابة الناجمة عف المعاناة النفسية‪ ,‬أو الضرر الماس بمشاعره أو إذاللو أو تدىوره أو فقداف‬
‫مركزه االجتماعي‪ ,‬أو إصابة ائتمانو‪ ,‬أو سمعتو التجارية ‪ ,‬ويجب أف يكوف ىذا التعويض‬
‫متناسبا مع الضرر المحدث‪ ,‬وأكد إف مثؿ ىذه األضرار حقيقية جداً ‪ ,‬بالرغـ مف كونيا صعبة‬‫ً‬
‫(‪)53‬‬
‫القياس أو التقديرية وفقاً لمعايير الماؿ ‪.‬‬

‫اف قواعد القانوف الدولي المتعمقة بمسؤولية الدوؿ ىي التي تحكـ مسألة األضرار‬
‫المعنوية(‪ ,)54‬والمبدأ األساس المعروؼ لمتعويض في القانوف الدولي مبيف في المادة ‪ 31‬مف‬
‫مواد لجنة القانوف الدولي ‪ ,‬والذي ينص عمى أنو يجب عمى الدولة أف تقدـ تعويضاً كامالً عف‬
‫أي "ضرر" تتسبب فيو لدولة أخرى عف طريؽ فعؿ غير مشروع دوليا‪ .‬ويشير نفس الحكـ أيضاً‬
‫ناجما عف الفعؿ غير‬
‫معنويا ‪ً ,‬‬
‫ً‬ ‫ماديا أو‬
‫إلى أف مفيوـ "الضرر" يشمؿ "أي تعويض ‪ ,‬سواء كاف ً‬
‫دوليا لدولة ما"‪ ,‬ولذلؾ يجب عمى الدولة تقديـ تعويض مناسب لجميع األضرار ‪ ,‬بما‬
‫المشروع ً‬
‫في ذلؾ األضرار المعنوية(‪.)55‬‬

‫وعميو ‪ ,‬فقد طالبت الدوؿ بتعويضات عف االضرار المعنوية الناشئة عف االنتياؾ أو‬
‫تجسيدا لمنظاـ القانوني وشرؼ األمة"‬
‫ً‬ ‫االىانة لكرامة الدولة وشرفيا وىيبتيا "ألف الدولة باعتبارىا‬
‫تتمتع باحتراـ لشخصيتيا األخالقية والسياسية‪ ,‬اال اف لجنة القانوف الدولي قد انقسمت بشأف‬
‫استحقاؽ الدوؿ لمتعويض المالي عف االضرار المعنوية بيف مؤيد ومعارض‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬ونظ اًر‬
‫لعدـ وجود سابقة ‪ ,‬ال تزاؿ المحاكـ الدولية مترددة لمغاية في منح تعويض مالي عف األضرار‬
‫غير المادية لمدوؿ(‪.)56‬‬

‫‪52‬‬
‫‪- B. Sabahi, "Moral Damages in International Investment Law: Some Preliminary‬‬
‫‪Thoughts in the Aftermath of Desert Line v Yemen," Transnational Dispute‬‬
‫‪Management (TDM), vol. 9, 2012.‬‬
‫‪53‬‬
‫‪- E. M. Borchard, "Opinions of the Mixed Claims Commission, United States and‬‬
‫‪Germany (Part II)," The American Journal of International Law, vol. 20, pp. 69-80,‬‬
‫‪1926.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪- B. Sabahi, Compensation and Restitution in Investor-State Arbitration: Principles‬‬
‫‪and Practice: OUP Oxford, 2011.‬‬
‫‪55‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes," Journal of‬‬
‫‪International Dispute Settlement, vol. 3, pp. 205-242, 2012.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪- S. Wittich,op.cit,‬‬
‫وفيما يتعمؽ باألشخاص الطبيعية ‪ ,‬فإف الحكـ المنطبؽ ىو نص المادة ‪ 36‬مف مواد‬
‫لجنة القانوف الدولي المتعمقة بمسؤولية الدوؿ فيما يتعمؽ بالتعويض عف األضرار‪ .‬حيث يشير‬
‫عموما أف الضرر المعنوي يشمؿ فقداف االحبة‬
‫ً‬ ‫التعميؽ ‪ 16‬إلى المادة ‪ 36‬إلى أنو مف المفيوـ‬
‫واأللـ والمعاناة باإلضافة إلى اإلىانة والتطفؿ عمى الحياة الخاصة‪ ,‬ويشمؿ كذلؾ خسارة الفرد‬
‫(‪)57‬‬
‫لمركزه االجتماعي أو اإلضرار في ائتمانو أو سمعتو‬

‫واخيرا‪ ,‬فاف التعويض عف الضرر المعنوي وحتى يومنا ىذا كاف موضوع العديد مف‬
‫الق اررات مف قبؿ مختمؼ المحاكـ والييئات القضائية الدولية‪ ,‬والتي شممت المحكمة الدولية لقانوف‬
‫البحار ‪ ,‬والمحكمة اإلدارية لمنظمة العمؿ الدولية ‪ ,‬والمحكمة اإلدارية لألمـ المتحدة ‪ ,‬ولجنة‬
‫األمـ المتحدة لمتعويضات (‪ , )UNCC‬وكذلؾ محكمة البمداف األمريكية لحقوؽ اإلنساف‬
‫(‪ , )IACHR‬والمحكمة األوروبية حقوؽ اإلنساف (‪ )58()ECHR‬ومف األمثمة األخرى عمى ذلؾ‬
‫القضايا التي قررتيا لجاف المطالبات او الدعاوى المختمطة‪ Chevreau :‬و ‪ Di Caro‬و‬
‫‪ Heirs of Jean Maninat‬و ‪ Gage‬و ‪ Letelier‬و ‪.)59( Moffitt‬‬

‫ثانيا‪ :‬االعتراف في ظل نزاعات االستثمار وىيئات التحكيم‬

‫اف مسالة االعتراؼ بالضرر المعنوي وجو از المطالبة بو مف قبؿ المضرور دوليا وفؽ‬
‫قواعد القانوف الدولي انعكس بشكؿ وباخر كذلؾ عمى ىيئات التحكيـ في منازعات االستثمار‬
‫سواء مف قبؿ المستثمريف او الدوؿ المضيفة ‪ ,‬اذ لطالما طالب المستثمروف ‪ ,‬سواء كانوا‬
‫اشخاصا طبيعية اـ كيانات قانونية ‪ ,‬في العديد مف القضايا التحكيمية المعروضة اماـ محاكـ‬
‫التحكيـ بالتعويض عف األضرار المعنوية التي عانوا منيا في العديد مف النزاعات االستثمارية‪,‬‬
‫وفي اآلونة األخيرة ‪ ,‬قدمت الدوؿ المستضيفة لالستثمار أيضاً دعاوى مضادة تطالب بالتعويض‬
‫عف األضرار المعنوية التي تزعـ أنيا قد اضرت بسمعتيا ومست مكانتيا الدولية نتيجة إلجراءات‬
‫التحكيـ "االحتيالية" او غيره مف االفعاؿ التي ارتكبيا مستثمروف أجانب بحقيا(‪.)60‬‬

‫اذ وعمى الرغـ مف عدـ معالجة مسألة التعويض عف االضرار المعنوية صراحة في‬
‫قانوف االستثمار الدولي ‪ ,‬اال انيا أصبحت تمعب دو اًر ال يمكف إنكاره في تحكيـ االستثمار‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪- I. Uchkunova and O. Temnikov, "The Availability of Moral Damages to Investors‬‬
‫‪and to Host States in ICSID Arbitration," Journal of International Dispute Settlement,‬‬
‫‪vol. 6, pp. 380-402, 2015.‬‬
‫‪58‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫‪59‬‬
‫‪- P. Dumberry,op,cit,‬‬
‫‪60‬‬
‫‪- P. Dumberry,op,cit,‬‬
‫حيث ‪ ,‬وفي السنوات األخيرة ‪ ,‬اكتسبت قضية األضرار المعنوية اىتماما كبي ار في نزاعات‬
‫االستثمار الدولية‪ ,‬في حيف نجح العديد مف المستثمريف في رفع دعاوى التعويضات عف االضرار‬
‫المعنوية ضد الدوؿ المضيفة ‪ ,‬وكذلؾ فقد رفضت ىيئات التحكيـ مطالبات أخرى‪ .‬وىذا يثير‬
‫السؤاؿ عف األساس القانوني الذي ينبغي أف تستند إليو ىذه المطالبات والحاالت التي ينبغي فييا‬
‫منح التعويضات عف األضرار المعنوية(‪.)61‬‬

‫إال أف تمؾ الق اررات كانت نادرة في سياؽ تحكيـ معاىدات االستثمار ‪ ,‬اذ تتمتع ىيئات‬
‫التحكيـ التي تُعقد برعاية المركز الدولي لتسوية نزاعات االستثمار (‪ )ICSID‬وتطبؽ قواعد‬
‫القانوف الدولي ‪ ,‬بسمطة عامة في منح التعويض عف األضرار غير االقتصادية ( المعنوية) التي‬
‫يتعرض ليا المدعي فيما يتعمؽ باالستثمار‪ ,‬كما أكدت و بشكؿ حاسـ عمى قدرتيا عمى منح‬
‫ذلؾ النوع مف التعويض ‪ ,‬لكف ليس بصورة مطمقة ‪ ,‬كوف انيا في معظـ الحاالت قد أظيرت‬
‫تحفظا في القياـ بذلؾ‪ ,‬وقد ُرفضت معظـ مطالبات التعويض عف األضرار المعنوية استناداً إلى‬
‫اسباب تتعمؽ باألسس القانونية أو اإلجرائية أو القضائية ‪ ,‬أو لـ تتناوليا المحاكـ عمى‬
‫اإلطالؽ(‪.)62‬‬

‫حيث اف اتفاقية المركز الدولي لمنازعات االستثمار (‪ ,)ICSID‬قد حددت في المادة‬


‫‪ 25‬منيا نطاؽ اختصاص نزاعات االستثمار المسموح بيا بموجب ىذه االتفاقية ‪ ,‬وعمى الرغـ‬
‫مف انيا لـ تعالج قضية التعويض عف األضرار المعنوية‪ ,‬اال اف ىيئة التحكيـ في قضية‬
‫قد اكدت عمى انو "ال شيء في اتفاقية المركز الدولي‬ ‫(‪)Cementownia v. Turkey‬‬
‫لمنازعات االستثمار )‪ )ICSID‬تمنع ىيئة التحكيـ مف منح التعويضات عف االضرار‬
‫المعنوية"(‪.)63‬‬

‫وما يدؿ عمى ذلؾ وفي سياؽ التحكيـ االستثماري ‪ ,‬فاف المركز ُمنح التعويض عف‬
‫االضرار المعنوية الماسة بفقداف السمعة وعف سوء معاممة موظفي المستثمر ايضا(‪ )64‬وىو بذلؾ‬

‫‪61‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg, "Moral Damages in International Investment‬‬
‫‪Disputes–On the Search for a Legal Basis and Guiding Principles," The Journal of‬‬
‫‪World Investment & Trade, vol. 14, pp. 1-43, 2013.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪- C. Blake,op,cit,‬‬
‫‪63‬‬
‫‪- "Cementownia “Nowa Huta” S.A. v. Republic of Turkey, Award of 17 September‬‬
‫"‪2009, ICSID Case No. ARB(AF)/06/2, para. 169.‬‬
‫‪64‬‬
‫‪- E.g. Desert Line Projects L.L.C. v. The Republic of Yemen, Award of 6 February‬‬
‫"‪2008, ICSID Case No. ARB/05/17, paras. 284 et seq.‬‬
‫يساير الكثير مف القضايا المنظورة لدى القضاء الوطني ‪ ,‬والماسة بالمصالح غير االقتصادية‬
‫مثؿ السمعة التجارية والمعاناة النفسية(‪.)65‬‬

‫انفرع انثبنِ‬

‫حبالث انتؼٌّض ػن انضرر املؼنٌُ يف ظم ىْئبث انتحكْى‬

‫عمى الرغـ مف تعدد الصور في القانوف الخاص بالنسبة لألضرار المعنوية الموجبة‬
‫لمتعويض متى ما توافرت شروطيا حسب ما بيناه في المطمب االوؿ مف ىذا الفصؿ اال اف ذلؾ‬
‫لـ يطبؽ بصورة عامة مف قبؿ ىيئات التحكيـ‪ ,‬لكوف نطاؽ التعويض عف الضرر المعنوي ىو‬
‫نطاؽ واسع ‪ ,‬اذ ال يوجد تصنيؼ مقبوؿ بشكؿ عاـ لمضرر المعنوي الذي يمكف جبره في القانوف‬
‫الدولي لغاية االف ‪ ,‬لذلؾ ‪ ,‬يبدو مف المناسب جدا تحديد الصور الحقيقية لألضرار المعنوية في‬
‫ظؿ تحكيـ منازعات االستثمار‪ .‬اي بمعنى تحديد الحاالت التي يتوجب فييا التعويض عف‬
‫(‪)66‬‬
‫وكذلؾ السوابؽ القضائية الحديثة إلى أف التعويض عف‬ ‫الضرر المعنوي‪ ,‬اذ يشير الفقياء‬
‫الضرر المعنوي يغطي ثالثة حاالت رئيسة مف الضرر قد اعترفت محاكـ التحكيـ حتى اآلف‬
‫بااللتزاـ بجبرىا وىي‪ :‬الضرر المتعمق بالحقوق الشخصية لألفراد‪ ,‬و الضرر الماس بالسمعة‬
‫و االضرار القانونية والمبينة حسب االتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الضرر المتعمق بانتياك الحقوق الشخصية لألفراد‪:‬‬

‫اف ىذا النوع ربما يكوف السبب األكثر استخداماً في المطالبات المتعمقة باألضرار‬
‫المعنوية في القانوف الدولي ‪ ,‬خاصة في قضايا حقوؽ اإلنساف ‪ ,‬وىذا ما تـ االخذ بو في محاكـ‬
‫التحكيـ مساي ار بذلؾ القضاء الوطني في الوقت الحاضر‪ ,‬كوف اف التعويض ال يشمؿ فقط‬
‫االضرار النفسية الناتجة عف اإلصابات الجسدية لشخص ما‪ ,‬بؿ تشمؿ أيضا االنتياكات االخرى‬
‫مثؿ المضايقات غير المشروعة أو السجف غير المشروع أو الترحيؿ واشكاؿ العنؼ االخرى (‪.)67‬‬

‫ولكف السؤاؿ الذي يثار ىنا ىو ما إذا كاف القانوف الواجب التطبيؽ يغطي انتياكات‬
‫الحقوؽ الشخصية اـ ال؟ وفي معرض االجابة نقوؿ اف نظرة فاحصة عف معاىدات االستثمار‬
‫الثنائية (‪ )BIT‬واتفاقات التجارة الحرة الثنائية ومتعددة األطراؼ‪ ,‬تكشؼ أف جوىر كؿ ىذه‬

‫‪65‬‬
‫‪- S. Ripinsky and K. Williams, Damages in international investment law: BIICL,‬‬
‫‪2008.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪- C. Blake,op,cit,‬‬
‫‪- B. Sabahi,op,cit,‬‬
‫‪67‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫المعاىدات ىو حماية المستثمر واالستثمار حيث وضعت ىذه المعاىدات معايير لحماية‬
‫المستثمر واالستثمار‪ ,‬مثاؿ ذلؾ ما يرد مف حماية في المعاىدات الثنائية يختمؼ وبشكؿ كبير‬
‫عف المعاىدات متعددة االطراؼ كما يختمؼ مف معاىدة الى معاىدة وفي كؿ االحواؿ المعايير‬
‫التي يجب مراعاتيا ىي ( وجوبية أف يعامؿ المستثمر نفس معاممة مواطني الدولة المضيفة و‬
‫وجوبية التعامؿ بمعايير موحدة مع المستثمريف مف الدوؿ غير األطراؼ واخي ار ‪ ,‬أف المعاممة‬
‫يجب أف تتوافؽ مع القانوف الدولي (العرفي)(‪.)68‬‬

‫‪ -2‬الضرر الماس بالسمعة وخسارة السمعة التجارية‬

‫في القانوف الدولي العاـ ‪ ,‬يعتبر فقداف السمعة عادة‪ ,‬خسارة غير مالية يكوف مف‬
‫الصعب جبرىا‪ ,‬اال انو وما اجمع عميو في المستوى الدولي بأنيا قابمة لمتعويض مبرريف ذلؾ باف‬
‫السمعة لدييا قيمة اقتصادية بالتأكيد‪ ,‬ويتجمى ذلؾ في حقيقة أف سعر الشراء لشركة ما ال يعكس‬
‫فقط األصوؿ المادية لمشركة فحسب ‪ ,‬بؿ أيضا السمعة الحسنة المرتبطة بيا‪ ,‬عالوة عمى ذلؾ ‪,‬‬
‫تنفؽ الشركات مبالغ طائمة مف الماؿ لبناء سمعة محترمة في السوؽ أو إعادة سمعتيا في السوؽ‬
‫بعد تشويييا‪ .‬ىذه القيمة االقتصادية لمسمعة تؤدي بالضرورة إلى االستنتاج بأف خسارة السمعة‬
‫ىي خسارة مالية وليست خسارة غير مالية(‪.)69‬‬

‫كما اف االضرار بالسمعة يشمؿ سمعة األفراد واألشخاص المعنوية كذلؾ ‪ ,‬وفي ىذا‬
‫السياؽ ‪ ,‬يجب التمييز بيف التعويض عف "األبعاد األخالقية" لمضرر الناجـ عف السمعة عف‬
‫التعويض عف األبعاد االقتصادية األخرى ‪ ,‬والتي يتـ جبرىا بشكؿ عاـ بطرؽ التعويض‬
‫التقميدية(‪.)70‬‬

‫وليذا النوع مف التطبيقات قضايا مختمفة ومف األمثمة البارزة عمى ذلؾ قضية (رينبو‬
‫واريور) ‪ ,‬التي نشأت بعد اغراؽ سفينة (رينبو واريور) ‪ ,‬سفينة السالـ الخضراء ‪ ,‬في نيوزيمندا‬
‫مف قبؿ السمطات الفرنسية‪ ,‬وفي ىذه القضية ‪ ,‬اتفقت فرنسا ونيوزيمندا عمى أف اإلجراءات غير‬
‫المشروعة ضد المصالح غير المادية لمدولة ‪ ,‬مثؿ الشرؼ والكرامة أو الييبة ‪ ,‬فانيا تستتبع حؽ‬
‫الدولة الضحية في الحصوؿ عمى تعويض كاؼ عف الضرر ‪ ,‬حتى واف لـ تكف ىنالؾ خسارة‬
‫(‪)71‬‬
‫مالية‬

‫‪68‬‬
‫‪- I. Schwenzer and P. Hachem,op,cit,‬‬
‫‪69‬‬
‫‪- I. Schwenzer, Schlechtriem & Schwenzer: Commentary on the UN Convention on‬‬
‫‪the International Sale of Goods (CISG) vol. 3: Oxford, 2010.‬‬
‫‪70‬‬
‫‪- C. Blake,op,cit,‬‬
‫‪71‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫وكذلؾ قد تتضرر سمعة الدولة ايضا مف خالؿ التحكيـ التعسفي الذي يتـ توقيعو عمى‬
‫أساس غير مشروع ضد الدولة‪ ,‬ىذا الضرر قد تكوف لو عواقب مالية شديدة لمغاية عمى‬
‫االقتصاد بأكممو لمدولة المعنية‪ ,‬كما اف الواضح في معظـ الحاالت أف العواقب الناجمة عف أي‬
‫مالحقة قضائية بسوء نية لمدولة مف قبؿ المستثمر تكبد المقابؿ خسائر مالية عمى الرغـ مف عدـ‬
‫شموؿ المعاىدات لتمؾ الحاالت‪ ,‬حيث تيدؼ ىذه المعاىدات فقط إلى حماية المستثمر ضد‬
‫الدولة المضيفة وليس المضيؼ مقابؿ "ضيفو"‪ ,‬ويبدو أف ىذا ىو الحجة األساسية لييئة التحكيـ‬
‫في قضية )‪ )Cementownia‬ضد تركيا حيث رفضت ىيئة التحكيـ طمب تركيا بالتعويض عف‬
‫االضرار المعنوية الناجمة عف المساس بالسمعة(‪.)72‬‬

‫‪ -3‬التعويضات القانونية‬

‫أخي اًر ‪ ,‬واف لـ يكف شائعاً ‪ ,‬فإف ىذا النوع الثالث مف اإلضرار التي تنظر مف قبؿ ىيئات التحكيـ‬
‫و يقصد بيا االضرار التي تنشأ مف مجرد خرؽ اللتزاـ دولي‪ ,‬لذلؾ سميت بالتعويضات القانونية‪.‬‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬محكمة العدؿ الدولية تقرر في قضية (ديالو) ضرورة تقديـ التعويض عف‬
‫الضرر المادي والمعنوي ‪ ,‬وعمى وجو التحديد ‪ ,‬وجدت محكمة العدؿ الدولية أف الضرر غير‬
‫المادي كاف نتيجة حتمية الحتجاز (ديالو) غير القانوني وطرده مف جميورية الكونغو الديمقراطية‬
‫‪ ,‬والذي تحوؿ بدوره إلى ضرر نفسي فضالً عف ضرر لمسمعة(‪.)73‬‬

‫املبحث انثبنِ‬

‫االطبر انتطبْقِ نهضرر املؼنٌُ يف ىْئبث انتحكْى‬

‫اكتسبت قضية التعويض عف األضرار المعنوية اىتماما بالغا في منازعات االستثمار‬


‫الدولية‪ ,‬مف قبؿ الييئات التحكيمية عمى الرغـ مف عدـ معالجتيا صراحة في قانوف االستثمار‬
‫الدولي وكذلؾ المعاىدات الثنائية ومتعددة االطراؼ الخاصة اال اف ذلؾ لـ يكف عقبة اماـ‬
‫المستثمريف في المطالبات عف التعويض الخاص باألضرار المعنوية بؿ عمى العكس مف ذلؾ‬
‫اخذت المطالبات باالرتفاع في منازعات االستثمار‪ ,‬حيث أصبحت التعويضات عف االضرار‬
‫المعنوية تمعب دو اًر ال يمكف إنكاره في تحكيـ االستثمار‪ ,‬ولقد نجح العديد مف المستثمريف في‬
‫‪72‬‬
‫‪- I. Schwenzer and P. Hachem,op,cit,‬‬
‫وّج ‪ّ٠‬ىٓ ػ‪٠‬جعر ثٌّ‪ٛ‬ثلغ ثصٔجٖ ػٍ‪ ٝ‬ثٌشذىز ثٌؼجٌّ‪١‬ز ٌألٔضغٔش ثٌ‪٠ٛ‬خ ؿج‪٠‬ش ٌالؽالع ثوغغ ػٍ‪ ٝ‬د‪١‬غ‪١‬جس ثٌمؼ‪١‬ز ‪:‬‬
‫‪- https://www.iisd.org/itn/2009/11/01/cementownia-claim-against-turkey-found-‬‬
‫‪to-be-manifestly-ill-founded.‬‬
‫‪- ‹ https://www.italaw.com.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫رفع دعاواىـ ضد الدوؿ المضيفة في حيف لـ يكتب النجاح الى الباقيف ال مف حيث االعتراض‬
‫عمى المبدأ قدر ما تكوف االجراءات غير مكتممة ومؤىمة الستحقاؽ التعويض ‪ ,‬وما يالحظ عمى‬
‫التطبيقات الواردة بشاف االضرار المعنوية‪ ,‬منيا ما تـ االخذ بو بشكؿ موسع دوف التعمؽ بالبحث‬
‫عف استكماؿ متطمبات اصدار الحكـ التحكيمي ومنيا ما تـ البحث فيو عف حيثيات تفصيمية‬
‫ولموقوؼ عمى تمؾ االحكاـ‬ ‫وادلة وشكميات اجرائية ولـ يالؽ قبوال مف قبؿ تمؾ الييئات‬
‫والتعميقات الفقيية ليا نقسـ ىذا المبحث الى مطمبيف نخصص االوؿ منيما الى بياف االحكاـ‬
‫المقرة لمتعويض عف االضرار المعنوية المستكممة لمشروط والثاني يخصص لبياف االحكاـ‬
‫الرافضة لمتعويض عف االضرار المعنوية لعدـ استيفاء الشكمية المطموبة وعمى النحو االتي‪:‬‬

‫املطهب االًل‬

‫االحكبو املقرة ببنتؼٌّض‬

‫ىنالؾ ثالثة احكاـ تحكيمية مشيورة‪ ,‬حكمت لممستثمريف المطالبيف بالتعويض عف‬
‫االضرار المعنوية الماسة بيـ كمستثمريف سواء كانوا اشخاصا طبيعييف او معنوييف‪ ,‬القضية‬
‫االولى في عام ‪1808‬؛ والمعروفة بقضية شركة ( ‪ ) Benvenuti & Bonfant‬االيطالية ضد‬
‫جميورية الكونغو الشعبية وتحت مظمة المركز الدولي لحؿ منازعات االستثمار في واشنطف‬
‫)‪ )ICSID‬حيث منحت ىيئة التحكيـ التعويض المعنوي لصالح الشركة المستثمرة‪ ,‬والقضية‬
‫الثانية في عام ‪ ,2880‬ايضا وفقا لقواعد تحكيـ المركز الدولي لمتحكيـ )‪ )ICSID‬وىي قضية‬
‫مشاريع خط الصحراء ضد اليمف ( ‪DESERT LINE PROJECTS L.L.C. V.‬‬
‫‪ )YEMEN‬كذلؾ منحت ىيئة التحكيـ التعويض المعنوي لصالح الشركة المستثمرة‪ ,‬اما القضية‬
‫الثالثة واالخيرة فيي قضية شركة الخرافي الكويتية ضد ليبيا في عام ‪ 2813‬والتي تـ التحكيـ‬
‫فييا وفقاً لإلتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األمواؿ العربية في الدوؿ العربية وبموجب قواعد‬
‫التحكيـ الخاصة بمركز القاىرة اإلقميمي لمتحكيـ التجاري الدولي حيث منحت ىيئة التحكيـ لشركة‬
‫الخرافي اعمى تعويض معنوي لحد االف وىي عمى النحو االتي‪:‬‬

‫انفرع االًل‬

‫قضْت شركت بنفنتٌْ بٌنفبث االّطبنْت ضذ مجيٌرّت انكٌنغٌ انشؼبْت‬

‫‪S.A.R.L. Benvenuti & Bonfant ( B&B ) v. People's Republic of the‬‬


‫‪Congo‬‬
‫اًال‪ :‬يهخض حْثْبث ًًقبئغ انقضْت‬

‫انو في ‪ 16‬أبريؿ ‪ , 1973‬تـ االتفاؽ بيف حكومة جميورية الكونغو الشعبية والشركة‬
‫(‪)74‬‬
‫‪:‬‬ ‫االيطالية المذكورة عمى ما يمي‬

‫‪ -1‬إنشاء شركة مختمطة برأسماؿ اسمي قدره ‪ 000,000,55‬فرنؾ أفريقي ‪ :60 ,‬منيا‬
‫‪Benvenuti & Bonfant‬‬ ‫كانت ممموكة لمحكومة الكونغولية و ‪ :40‬تعود لشركة‬
‫‪ ( )B&B‬االيطالية حسب المادة (‪ )1‬مف العقد‪.‬‬
‫‪ -2‬مف حؽ الحكومة الكونغولية إعادة شراء حصص شركة ‪ B&B‬االيطالية بعد خمس‬
‫سنوات مف تأسيس الشركة الجديدة ‪ ,‬ويحدد سعر الشراء باتفاؽ الحؽ مشترؾ بيف‬
‫الطرفيف وفي حالة الخالؼ يصار الى التحكيـ حسب المادة (‪ )5‬مف العقد‪.‬‬
‫‪ -3‬تتعيد الحكومة الكونغولية بتوفير جميع الضمانات الممكنة لتوفير التمويؿ الذي قد‬
‫تحتاجو الشركة المستثمرة لتحقيؽ برنامجيا االستثماري ومنحيا امتياز ضريبي بموجب‬
‫"اتفاقية التأسيس" حسب المادة (‪ )13‬مف العقد ‪.‬‬
‫‪ -4‬تتعيد شركة ‪ B&B‬االيطالية بضماف تسويؽ منتجاتيا الى الشركة المزمع إنشاؤىا حسب‬
‫المادة ‪ 14‬مف العقد‪.‬‬

‫أيضا عمى عقد التأسيس والنظاـ األساسي لشركة‬


‫وفي تاريخ االتفاقية ‪ ,‬وقّع الطرفاف ً‬
‫‪ PLASCO‬وىي شركة شبو عامة (مختمطة) تـ تأسيسيا لمدة ‪ 99‬عاما لتصنيع الزجاجات‬
‫البالستيكية الح اررية وزجاجات المياه المعدنية (المادة ‪ , )4‬وكاف مف المفترض أف يديرىا مجمس‬
‫إدارة مكوف مف سبعة أعضاء ‪ ,‬أربعة منيـ عمى األقؿ ستعينيـ الحكومة الكونغولية حسب المادة‬
‫(‪ )9‬مف العقد(‪. )75‬‬

‫في ‪ 21‬أبريؿ ‪ ,1973‬تـ توقيع عقد بيف شركة ‪ PLASCO‬وشركة ‪ SODISCA‬وىي‬


‫شركة ىندسية ايطالية‪ ,‬ينص العقد عمى توفير مصنع جاىز لمعمؿ ‪ ,‬لتصنيع زجاجات البالستيؾ‬
‫الحراري والذي تبمغ طاقتو اإلنتاجية حوالي ‪ 8000000‬وحدة ( ُيفترض أف تكوف في السنة) ‪.‬‬
‫ولتعبئة زجاجات المياه المعدنية مصنع قادر عمى إنتاج ‪ 2200‬زجاجة في الساعة‪ .‬بمغت تكمفة‬
‫ىذيف المصنعيف ‪ 000,000,305‬فرنؾ افريقي‪ .‬تـ التوقيع عمى ىذا العقد مف قبؿ وزير‬
‫(‪)76‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصناعة الكونغولي في ‪ 4‬مايو ‪1973‬‬

‫‪74‬‬
‫‪- Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.6.‬‬
‫‪75‬‬
‫‪- Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.7.‬‬
‫‪76‬‬
‫‪- "Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.9..‬‬
‫في اجتماع مجمس اإلدارة لشركة بالسكو ‪ PLASCO‬الثاني ‪ ,‬الذي عقده بعد خمسة‬
‫شير مف االجتماع األوؿ ( تـ عقد االجتماع األوؿ لمجمس إدارة شركة ‪ PLASCO‬في‬ ‫عشر ًا‬
‫‪ 18‬أكتوبر ‪ , )1973‬تـ تحديد أسعار بيع المياه المعدنية مع األخذ في االعتبار ىامش ربح‬
‫قدره ‪ : 10‬لشركة بالسكو (‪.)77‬‬

‫تـ افتتاح مصنع صناعة الزجاجات في فبراير ‪ , 1975‬وتـ تسميـ الدفعة األولى التي‬
‫تضـ ‪ 800000‬زجاجة عمى الفور إلى ‪( siacongo‬وىي احدى المنشأت التابعة لمحكومة‬
‫الكونغولية) بناءا عمى طمبيا‪ .‬اال أف شركة ‪ siacongo‬منذ ىذا التسميـ لـ تدفع الى شركة‬
‫بالسكو ثمف الدفعة االولى ‪ .‬امتنعت بالسكو عف تقديـ أي شحنات أخرى إلى ‪siacongo‬‬
‫بسبب موقفيا السابؽ بعدـ الوفاء بالتزاميا‪ .‬تسبب ىذا الوضع ‪ ,‬منذ البداية ‪ ,‬في حدوث‬
‫نظر ألف تمبية احتياجات ‪ siacongo‬كاف أحد‬
‫مشكالت في منافذ بيع منتجات ‪ً , PLASCO‬ا‬
‫العوامؿ الرئيسية في إنشاء ‪.)78(PLASCO‬‬

‫بعد ذلؾ وعندما بدأ المصنع بالتشغيؿ ‪ ,‬قاـ المدير اإلداري لشركة ‪ PLASCO‬بإنشاء‬
‫وذلؾ لضماف تسويؽ‬ ‫شركة "‪)Entreprise de Distribution Congolaise " (EDICO‬‬
‫(‪)79‬‬
‫حيث أكدت شركة ‪ B&B‬أنو تـ تأسيس الشركة مف‬ ‫المياه المعدنية التي تعالجيا ‪PLASCO‬‬
‫قبميا لتمكينيا مف الوفاء بالتزاماتيا المنصوص عمييا في المادة ‪ 14‬مف االتفاقية "لضماف تسويؽ‬
‫المياه المعدنية التي تنتجيا شركة ‪ "PLASCO‬وأف الحكومة الكونغولية قد أصرت عمى أف يتـ‬
‫التسويؽ بموجب مسؤولية ضماف شركة ‪ B&B‬مف خالؿ شركة كونغولية أخرى يتـ تشكيميا(‪.)80‬‬

‫في ‪ 3‬أكتوبر ‪ , 1975‬حددت الحكومة الكونغولية ومف جانب واحد بموجب مرسوـ‬
‫أسعار بيع زجاجات المياه المعدنية بمستويات أقؿ مف تمؾ المنصوص عمييا في اجتماع مجمس‬
‫إدارة شركة ‪ PLASCO‬في يناير ‪ .1975‬احتجت شركة ‪ B&B‬عمى ىذا اإلجراء الذي اتخذتو‬
‫الحكومة وشددت عمى أف األسعار الجديدة تستمزـ خسارة ‪ PLASCO‬ما يقارب ‪CFA 23.86‬‬
‫لكؿ زجاجة مف المياه المعدنية(‪.)81‬‬

‫اعتبار مف نوفمبر ‪ , 1975‬شرعت الحكومة الكونغولية في سياسة "التطرؼ" التي‬


‫و ًا‬
‫شممت ‪ ,‬عمى وجو الخصوص ‪ ,‬إنشاء وكاالت حكومية مثؿ "ادارة حزب االتحاد" ‪ ,‬والتي اخذت‬

‫‪77‬‬
‫‪- Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.15.‬‬
‫‪78‬‬
‫‪- "Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.17‬‬
‫‪79‬‬
‫‪"Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.18 -‬‬
‫‪80‬‬
‫‪- "Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 4.49.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪- "Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.19.‬‬
‫في التدخؿ في إدارة شركة ‪ PLASCO‬وأخي اًر حؿ شركة ‪ EDICO‬بموجب مرسوـ صادر في ‪9‬‬
‫نوفمبر ‪.)82(1975‬‬

‫نشب الخالؼ بيف حكومة الكونغو والشركة االيطالية مما ادى الى قياـ الحكومة‬
‫الكونغولية باالستيالء عمى شركة بالسكو واحتمت القوات المسمحة الكونغولية المكتب الرئيسي‬
‫لمشركة ؛ وفي نياية المطاؼ قامت حكومة الكونغو بتأميـ شركة بالسكو مما اضطر مدير‬
‫(‪.)83‬‬
‫الشركة ومعظـ الموظفيف اإليطالييف إلى مغادرة الكونغو حفاظا عمى سالمتيـ‬

‫وعمى اثر ذلؾ لجأت الشركة االيطالية الى مركز التحكيـ الدولي (‪ )ICSID‬بواشنطف ‪,‬‬
‫وقدمت طمب التحكيـ المؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 1977‬إلى المركز لمنظر في القضية وطالبت‬
‫بالتعويض عف االضرار التي لحقت بيا مف جراء تأميـ الشركة واالستيالء عمييا بالقوة المسمحة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬


‫(‪)84‬‬
‫ولممرة األولى‬ ‫قامت ىيئة التحكيـ بصدار حكميا النيائي في ‪ 8‬أغسطس ‪1980‬‬
‫منحت ىيئة التحكيـ في مركز التحكيـ الدولي )‪ )ICSID‬تعويضات عف األضرار المعنوية حيث‬
‫قررت اف شركة ‪ B & B‬االيطالية تستحؽ ىذا التعويض ألنيا ‪ ,‬وعمى وجو التحديد‪:‬‬

‫‪ -1‬فقدت فرص العمؿ واالستثمار في إيطاليا‪.‬‬


‫‪ -2‬لـ تعد قادرة عمى استئناؼ أنشطتيا في إيطاليا‪.‬‬
‫‪ -3‬فقدت ائتمانيا مع المورديف والبنوؾ‪.‬‬
‫‪ -4‬فقدت بعض الموظفيف بعد الرحيؿ القسري مف الكونغو‪.‬‬

‫كؿ ىذه االسباب قد أثرت بالتأكيد في أنشطة شركة ‪ , B & B‬لذا ارتأت المحكمة أنو‬
‫مف العدؿ واالنصاؼ منحيا مبمغ ‪ 000,000,5‬فرنؾ افريقي ‪ CFA‬كتعويض عف الخسائر‬
‫المعنوية ( غير المادية) ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعميق عمى الحكم‬

‫‪82‬‬
‫‪- "Benvenuti and Bonfant SRL v. People‟s Republic of the Congo, para. 2.20.‬‬
‫‪83‬‬
‫‪- A. S. Alexandroff and I. A. Laird, "Compliance and Enforcement," The Oxford‬‬
‫‪Handbook of International Investment Law, Oxford, pp. 1171-1187, 2008.‬‬
‫‪84‬‬
‫‪- G. R. Delaume, "ICSID Arbitration and the Courts," American Journal of‬‬
‫‪International Law, vol. 77, pp. 784-803, 1983.‬‬
‫في البداية قد اثار الحكـ جدال واسعا في كوف اف ىيئة التحكيـ لـ تشر إلى األساس‬
‫القانوني أو متطمبات منح التعويض عف األضرار المعنوية ‪ ,‬ولكنيا مع ذلؾ وافقت عمى إمكانية‬
‫منح مثؿ ىذا التعويض(‪.)85‬‬

‫فضال عف ذلؾ ذىب بعض الفقو(‪ )86‬الى انو يمكف القوؿ ‪ ,‬في ىذه الحالة بالذات ‪ً ,‬ا‬
‫نظر‬
‫لعدـ وجود اتفاؽ بيف الطرفيف عمى اختيار القانوف الواجب التطبيؽ فاف ىيئة التحكيـ استعانت‬
‫في سمطتيا القضائية التقديرية ( بموجب المادة الثانية واالربعوف فقرة (‪ )1‬مف االتفاقية ) في‬
‫إصدار حكميا بالتعويض بموجب ما ىو حؽ وصحيح وفقاً لمبادئ العدؿ واالنصاؼ‪ ,‬حيث اف‬
‫سمطة اتخاذ القرار وفقا لمبادئ العدالة واالنصاؼ ال تمنع محكمة التحكيـ مف تطبيؽ القانوف ‪,‬‬
‫أو بمعنى آخر ‪ ,‬يمكف لمحكمة التحكيـ تطبيؽ كؿ مف مبادئ العدالة والقانوف‪ ,‬وىذا يعني أف‬
‫المحاكـ تتمتع بسمطة تقديرية كبيرة عندما يتـ منحيا سمطة اتخاذ القرار وفقا لقواعد العدالة‬
‫واالنصاؼ‪ ,‬و في واقع األمر ‪ ,‬ىذا ما فعمتو المحكمة في ىذه القضية‪ ,‬وقد طبقت المحكمة‬
‫القانوف الكونغولي ومبادئ القانوف الدولي وقواعد العدالة‪ .‬وفيما يتعمؽ بالتزاـ التعويض عف‬
‫مصادرة الشركة ‪ ,‬أشارت المحكمة إلى كؿ مف القانوف ومبادئ العدالة بالعبارة التالية‪:‬‬

‫"مبدأ التعويض ىذا في حالة التأميـ يتوافؽ مع الدستور الكونغولي و مبادئ القانوف الدولي‬
‫عموما وكذلؾ العدالة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫المعترؼ بيا‬

‫"بسبب ما ورد أعاله ‪ ,‬يجب عمى الحكومة الكونغولية دفع تعويضات الى شركة ‪ , B&B‬وسيتـ‬
‫تحديد الكمية عمى أساس قواعد العدالة"‪.‬‬

‫وبناء عمى نظامي القانوف الواجب التطبيؽ (أي قانوف الدولة المضيفة والقانوف‬
‫ً‬ ‫لذلؾ ‪,‬‬
‫الدولي) ومبادئ العدؿ اإلنصاؼ ‪ ,‬أيدت المحكمة النتيجة التي توصمت إلييا بشأف االلتزاـ‬
‫بالتعويض في حالة التأميـ‪ .‬وشرعت في تحديد مقدار األضرار عمى اساس مبادئ العدؿ‬
‫واالنصاؼ‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ طالبت شركة ‪ B&B‬االيطالية بتعويض عف االضرار المعنوية‬
‫مقداره مائتاف وخمسوف مميوف فرنؾ افريقي (‪ , CFA ( 250,000,000‬اال اف محكمة التحكيـ‬
‫قررت بإنصاؼ في الفقرة ‪ 4.96‬مف قرار التحكيـ ما يمي‪:‬‬

‫"ليس لدى المحكمة أي دليؿ قادر عمى إثبات حقيقة مطالبات شركة ‪ B & B‬االيطالية تحت ىذا‬
‫العنواف‪ .‬في الواقع أف ‪ B&B‬حددت نفسيا بعبارات بسيطة ‪ ,‬ال تدعميا أية أدلة ممموسة‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,op,cit,‬‬
‫‪86‬‬
‫‪- T. Begic, Applicable law in international investment disputes: Eleven‬‬
‫‪International Publishing, 2005.‬‬
‫وبالمثؿ ‪ ,‬لـ يثبت ما إذا كاف ‪ ,‬حتى بعد تسمـ التعويض المستحؽ ليا ‪ ,‬مع الفائدة ‪ ,‬سيكوف‬
‫لدييا إمكانية العمؿ أو االستثمار أو استئناؼ أنشطتيا في إيطاليا أو في أي مكاف آخر‪.‬‬

‫وىذا ما ولد لدى المحكمة سبب لمشؾ في عبارات شركة ‪ B & B‬البسيطة بأنيا فقدت‬
‫ائتمانيا مع موردييا أو المصرفييف أو أنيا لـ تستطع الحصوؿ عمى الموظفيف الالزميف‪ .‬ومع‬
‫ذلؾ ‪ ,‬ومع مراعاة التدابير التي كانت شركة ‪ B&B‬موضوعيا واإلجراءات الناتجة عنيا ‪ ,‬والتي‬
‫مف المؤكد أنيا أخمت بأنشطة ‪ , B & B‬ترى المحكمة أنو مف اإلنصاؼ منحيا مبمغ خمسة‬
‫مالييف فرنؾ أفريقي ‪ CFA5,000,000‬كتعويض عف االضرار المعنوية"‪.‬‬

‫في حيف يرى جانب اخر مف الفقو اف ما ذىبت اليو المحكمة في استنادىا الى مبادئ‬
‫العدالة بالحكـ بالتعويض لألضرار المعنوية بحد ذاتو ال يعتبر حكـ مقنع (‪.)87‬‬

‫اال أف األىـ مف ذلؾ ‪ ,‬أف ىيئة التحكيـ لـ تطبؽ مبادئ القانوف الدولي ‪ ,‬كما تفعؿ‬
‫محاكـ االستثمار الحديثة‪ ,‬وبدالً مف ذلؾ‪ ,‬طبقت المحكمة القانوف الكونغولي ‪ ,‬عمالً بالمادة ‪42‬‬
‫(‪ )1‬مف اتفاقية المركز الدولي لتسوية المنازعات ‪ , ICSID‬وذلؾ لغياب بند اختيار القانوف‬
‫الواجب التطبيؽ في اتفاؽ التحكيـ التي تنص عمى انو‪ ( :‬تبت ىيئة التحكيـ في أي نزاع وفقًا‬
‫لقواعد القانوف التي يتفؽ عمييا الطرفاف‪ .‬وفي حالة غياب مثؿ ىذا االتفاؽ ‪ ,‬تطبؽ ىيئة التحكيـ‬
‫قانوف الدولة المتعاقدة الطرؼ في النزاع "بما في ذلؾ قواعده المتعمقة بتنازع القوانيف" وقواعد‬
‫مبادئ القانوف الدولي في ىذا الشأف)‪ .‬وخمصت المحكمة إلى أف القانوف الكونغولي متطابؽ مف‬
‫جميع النواحي ذات الصمة بالقانوف الفرنسي ‪ ,‬حيث أنو القانوف الواجب التطبيؽ في الكونغو‬
‫كمستعمرة فرنسية ولـ يتـ تعديمو منذ االستقالؿ‪ .‬وبيذه الطريقة ‪ ,‬اصبح القانوف الفرنسي قانوف‬
‫التحكيـ الدولي لالستثمار بشأف التعويض عف األضرار المعنوية ‪ ,‬حيث انو بموجب القانوف‬
‫الفرنسي ‪ ,‬يمكف منح التعويضات المعنوية (‪.)88‬‬

‫وبالمقابؿ فأف جميورية الكونغو الشعبية طالبت وبدعوى مضادة لممستثمر بمبمغ ‪250‬‬
‫مميوف فرنؾ أفريقي كتعويض عف األضرار المعنوية التي لحقت بيا مف جراء مثوليا ظمما أماـ‬
‫محكمة دولية ‪ ,‬وىو أمر يعتبر جسيـ وخطير لمغاية بالنسبة لدولة ما ‪ .‬اال اف ىيئة التحكيـ‬
‫رفضت ادعائيا ببساطة ولسبب بسيط ىو أف حكومة الكونغو فازت إلى حد كبير في ىذه‬

‫‪87‬‬
‫‪- I. Uchkunova and O. Temnikov,op,cit,‬‬
‫‪88‬‬
‫‪- M. T. Parish, A. K. Newlson, and C. B. Rosenberg,op,cit,‬‬
‫اإلجراءات ولـ تقـ المحكمة بمزيد مف الدراسة لمسألة األضرار المعنوية التي تدعي الدولة أنيا‬
‫تكبدتيا (‪.)89‬‬

‫حيث وجدت المحكمة في ىذه القضية ‪ Benvenuti & Bonfant v.Congo‬أف‬


‫دعوى المدعي "تتعمؽ مباشرة بموضوع النزاع" ‪ ,‬وأيدت اختصاصيا لسماع االدعاء‪ .‬ومع ذلؾ ‪,‬‬
‫رفضت الدعوى المضادة ( دعوى المدعى عميو) بسبب فشؿ الكونغو في إثبات مزاعميا‪ .‬عمى‬
‫وجو الخصوص ‪ ,‬الحظت المحكمة أنو لـ يثبت أف ‪ Plasco‬قد حصمت عمى وضع ضريبي‬
‫متميز ‪ ,‬وخمصت إلى أف األدلة لـ تثبت أف المدعي ارتكب عمميات احتياؿ ضد قسـ الجمارؾ‬
‫الكونغولية‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬عند رفض االدعاء ‪ ,‬ذكرت المحكمة أنيا لـ تدرس مسألة ما إذا كاف‬
‫المدعي "ينبغي اعتباره مسؤوالً عف أفعاؿ احتيالية محتممة ارتكبيا السيد بونفانت ‪ ,‬الف ىذا‬
‫االدعاء لـ ينشأ مباشرةً مف موضوع النزاع(‪.)90‬‬

‫انفرع انثبنِ‬

‫يشبرّغ خط انصحراء ضذ انًْن ‪)DESERT LINE PROJECTS L.L.C. V. YEMEN‬‬

‫اوال‪ :‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫في االوؿ فاف شركة مشاريع خط الصحراء (‪ )DLP‬ىي شركة ذات مسؤولية محدودة‬
‫انشئت بموجب قوانيف سمطنة عماف في عاـ ‪ , 1999‬وبدعوة شخصية مف رئيس البالد ‪,‬‬
‫شرعت ‪ DLP‬في سمسمة مف المشاريع لبناء حوالي ‪ 1000‬كيمومتر مف الطرؽ اإلسفمتية في‬
‫اليمف تـ تنفيذ البناء بموجب سبعة عقود مبرمة بيف ‪ DLP‬والحكومة عمى مدار عدة سنوات‪.‬‬
‫بحموؿ عاـ ‪ , 2003‬أكممت ‪ DLP‬جميع مشاريع البناء باستثناء اثنيف‪ .‬نشأ نزاع بشأف‬
‫ويزعـ أف النزاع قد‬
‫المدفوعات المستحقة بموجب بعض العقود في وقت الحؽ مف ذلؾ العاـ‪ُ .‬‬
‫تفاقـ بسبب التدخؿ في اثنيف مف مواقع المشروع مف القوات المسمحة الحكومية والجماعات‬
‫المسمحة المحمية مما أدى إلى اشتباكات واعتقاؿ واحتجاز موظفي الشركة ‪ ,‬بما في ذلؾ نجؿ‬
‫ار مف الحكومة حمايتيا مف "المضايقة والتيديد‬
‫ار وتكرًا‬
‫الرئيس التنفيذي لمشركة‪ ,‬طمبت ‪ DLP‬مرًا‬
‫والسرقة" التي ُيزعـ أنيا تعاني منيا(‪.)91‬‬

‫‪89‬‬
‫‪- P. Dumberry,op,cit,‬‬
‫‪90‬‬
‫‪- J. E. Kalicki and A. Joubin-Bret, Reshaping the investor-state dispute settlement‬‬
‫‪system: Brill Leiden, 2015.‬‬
‫‪91‬‬
‫‪- "Desert Line Projects LLC v The Republic of Yemen, para.38," ed.‬‬
‫أف شركة مشاريع خط الصحراء ‪ "DESERT LINE PROJECTS "DLP‬بدأت في‬
‫بناء الطرؽ في اليمف في عاـ ‪ 1997‬وشرعت في إبراـ عدة عقود مع الحكومة اليمنية‪ .‬رفضت‬
‫الحكومة دفع فواتير بعض االبنية ‪ ,‬بعد ذلؾ تـ إيقاؼ العمؿ مف قبؿ المقاوؿ مف الباطف ‪ ,‬وأرغـ‬
‫المسؤولوف اليمنيوف ‪ DLP‬عمى إنياء اعماليا(‪.)92‬‬

‫تعرضت القوات المسمحة اليمنية ألفراد الشركة ‪ DLP‬وىددتيـ بفتح النار وازالة معدات‬
‫الشركة‪ .‬سعىت شركة ‪ DLP‬النقاذ الوضع عف طريؽ المجوء الى التحكيـ في اليمف ‪ ,‬واكتسبت‬
‫ق ار ار لصالحيا‪ .‬اال اف الحكومة اليمنية رفضت االمتثاؿ لقرار التحكيـ واجبرت شركة ‪DLP‬‬
‫عمى توقيع اتفاقية تسوية لمحصوؿ عمى مبمغ أقؿ بكثير مف المبمغ الذي قررتو ىيئة التحكيـ ‪,‬‬
‫طمبا لمتحكيـ في ظؿ المركز الدولي لمنازعات االستثمار في واشنطف‬
‫قدمت الشركة ‪ً DLP‬‬
‫‪ .ICSID‬وباإلضافة إلى المطالبة بالتعويض عف الخسائر المالية ‪ ,‬طالبت ‪ DLP‬ايضا‬
‫بتعويضات معنوية عف آالـ ومعاناة المديريف التنفيذييف والضرر الذي لحؽ بسمعتيا وائتمانيا‬
‫وفرصيا التجارية(‪.)93‬‬

‫ادعت شركة ‪ Desert Line Projects‬بأف اتفاقية التسوية تمت تحت وطأة اإلكراه‬
‫وبالتالي لـ يكف ليا اي اثر قانوني‪ .‬اعتبرت المحكمة أف الضغوط المالية عمى المستثمر ال تعني‬
‫دائماً التيديد أو اإلكراه‪ .‬ولكف‪ ,‬حيث كاف ىناؾ عنصر مف سوء المعاممة ‪ ,‬قد يكوف ىناؾ أيضا‬
‫اإلكراه‪ .‬فعندما يواجو المستثمر بيئة عدائية وخوفًا مف العنؼ ‪ ,‬فاف ىذه الظروؼ مف الممكف‬
‫اف تشير إلى أف المستثمر قد اتخذ ق اررات تحت وطأة اإلكراه‪ .‬وكاف الرئيس اليمني قد نصح‬
‫المدعي (المستثمر) بالتوقيع عمى اتفاؽ التسوية ‪ ,‬لكف ىذه "النصيحة" ليا طابع التيديد أكثر‬
‫مف التوصية‪ .‬ونتيجة لذلؾ ‪ ,‬خمصت المحكمة إلى أف اتفاؽ التسوية تـ توقيعو تحت وطأة‬
‫لمعاىدة‬ ‫اإلكراه المادي والمعنوي ‪ ,‬والذي يمثؿ انتياؾ لمعيار المعاممة العادلة والمنصفة‬
‫االستثمار الثنائية ذات الصمة(‪.)94‬‬

‫‪92‬‬
‫‪" - Desert Line Projects LLC v The Republic of Yemen, ICSID Case No,‬‬
‫"‪ARB/05/17, Award on 6 February. 2008.‬‬
‫‪93‬‬
‫‪- M. Kostadinova, "Desert Line Projects LLC v. Republic of Yemen (ICSID Case‬‬
‫‪No. ARB/05/17)(Award, February 6, 2008)," ICSID review, vol. 23, pp. 175-185,‬‬
‫‪2008.‬‬
‫‪94‬‬
‫‪- D. Draguiev, "Bad Faith Conduct of States in Violation of the „Fair and Equitable‬‬
‫‪Treatment‟Standard in International Investment Law and Arbitration," Journal of‬‬
‫‪International Dispute Settlement, vol. 5, pp. 273-305, 2014.‬‬
‫في المقابؿ كانت النقاط الرئيسية في حجة المدعى عميو ىي انو لـ يتـ قبوؿ استثمارات‬
‫المدعي وفقًا لمقوانيف والموائح اليمنية ولـ يتـ إصدار شيادة ( اجازة) استثمار ‪ ,‬وىي متطمبات أو‬
‫شروط مزدوجة بموجب المادة ‪ 33‬مف قانوف االستثمار اليمني وبموجب المادة ‪ )1( 1‬مف‬
‫معاىدة االستثمار الثنائية إلثارة بروز المعاىدة التي سعى الييا المدعي‪ .‬ذكر المدعى عميو أنو‬
‫عمى الرغـ مف أف فشؿ المدعي في تسجيؿ استثماراتو وفقًا لقانوف االستثمار اليمني رقـ ‪ 22‬لعاـ‬
‫‪ )"YIL"( 1991‬لكنو لـ يجعؿ االستثمار غير قانوني ‪ ,‬إال أنو استبعده مف تغطية معاىدة‬
‫أيضا أنو حتى لو تـ اعتبار االستثمار "مقبوًال"‬
‫االستثمار الثنائية بيف البمديف‪ .‬احتج المدعى عميو ً‬
‫‪ ,‬فمف يكوف ىناؾ تنازؿ أو إبطاؿ فيما يتعمؽ بالشرط الثاني مف المادة ‪ )1( 1‬لمحصوؿ عمى‬
‫شيادة االستثمار‪ .‬وقد أكد المدعى عميو أف متطمبات شيادة االستثمار الفعمية المذكورة في كؿ‬
‫مف المادة ‪ 33‬مف قانوف االستثمار اليمني ‪ YIL‬والمادة ‪ )1( 1‬مف معاىدة االستثمار الثنائية‬
‫كانت موجودة بالتوازي مع اشتراط أف يكوف "االستثمار" مقبوالً مف قبؿ اليمف(‪.)95‬‬

‫وجدت المحكمة أف حجة المدعى عميو بأف االستثمار لـ يقبؿ ألغراض معاىدة‬
‫االستثمار الثنائية غير مقنعة‪ .‬وباإلشارة إلى أىداؼ الدوؿ األطراؼ في الدخوؿ في معاىدة‬
‫وحماية‬ ‫االستثمار الثنائية ‪ ,‬الحظت المحكمة أف االلتزامات التعاقدية المتعمقة بتعزيز‬
‫االستثمارات المتبادلة يجب أف تُفيـ عمى أنيا ليست مقيدة بالقوانيف المحمية أو الموائح أو معاىدة‬
‫االستثمار الثنائية نفسيا ‪ ,‬بؿ عمى أنيا مؤسسة عمى تمؾ القوانيف‪ .‬كما استنتجت المحكمة أنو لو‬
‫أرادت ُعماف واليمف وصؼ محتوى محدد لمفيوـ "وفقًا لقوانيف وأنظمة [الدولة المضيفة] في‬
‫تعريؼ معاىدة االستثمار الثنائية لمصطمح االستثمار ‪ ,‬لكانوا قد فعموا ذلؾ باإلشارة صراحةً إلى‬
‫قانوف االستثمار اليمني ‪ ,‬الذي تـ سنو قبؿ ابراـ معاىدة االستثمار الثنائية بيف البمديف(‪.)96‬‬

‫‪Desert Line‬‬ ‫في ظؿ الظروؼ المعروضة ‪ ,‬وجدت ىيئة التحكيـ أف شركة‬


‫‪ Projects LLC‬قد تُركت دوف أي مسار واقعي لمعمؿ فقط إلبراـ اتفاؽ التسوية ‪ ,‬حيث أف‬
‫طمبات دفع الفواتير قد تـ رفضيا باستمرار ‪ ,‬ولـ تحترـ الحكومة اليمنية قرار التحكيـ ‪ ,‬وقد‬
‫تسبب كؿ ذلؾ في تدىور الحالة المالية لممدعي إلى الحد الذي يحتاج فيو الى أي تدفؽ نقدي‬
‫متاح لمبقاء عمى قيد الحياة ‪ ,‬أو قد يواجو إفالساً (‪.)97‬‬

‫‪95‬‬
‫‪- M. Kostadinova,op,cit,‬‬
‫‪96‬‬
‫‪- ed: Desert Line Projects LLC v The Republic of Yemen, para. 101.‬‬
‫‪97‬‬
‫"‪- "Desert Line Projects LLC v The Republic of Yemen,paras 180–81..‬‬
‫خمص المحكموف إلى أف خرؽ اليمف لمعاىدة االستثمار الثنائية فيما يتعمؽ بمبدأ المعاممة العادلة‬
‫والمنصفة لممستثمر و عمى وجو الخصوص اإلكراه البدني الممارس عمى مديري المدعي‪ ,‬الذي‬
‫كاف بسوء نية ‪ ,‬ومف ثـ فإنو يشكؿ أساساً لممسؤولية المستندة إلى الخطأ(‪.)98‬‬

‫ثانيا‪ :‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫قضت ىيئة التحكيـ انو‪ ,‬مف حيث المبدأ ‪ ,‬أف معاىدات االستثمار ال تحوؿ دوف‬
‫المطالبة بالتعويض عف األضرار المعنوية في حالة "الظروؼ االستثنائية"‪ .‬ووجدت المحكمة أف‬
‫انتياؾ اليمف لمعاىدة االستثمار الثنائية ‪" ,‬وال سيما اإلكراه البدني الممارس ضد المديريف‬
‫التنفيذييف لمشركة‪ ,‬كاف بسوء نية ‪ ,‬فمنحت المحكمة مبمغ ‪ 1‬مميوف دوالر أمريكي تعويض عف‬
‫االضرار المعنوية‪ ,‬بما في ذلؾ فقداف السمعة التجارية(‪.)99‬‬

‫وقد بررت محكمة خط الصحراء قرارىا بمنح التعويض عف األضرار المعنوية باإلشارة‬
‫إلى سوء النية والسموؾ القائـ عمى خطأ المدعى عميو‪ .‬ويبدو أف ىذا االستنتاج يشير إلى أف‬
‫قرار الدولة المضيفة بانتياؾ قاعدة معينة مف القانوف ىو شرط مسبؽ ضروري لمنح التعويضات‬
‫المعنوية(‪.)100‬‬

‫تماما لػعبارة‬
‫وبذلؾ أقرت المحكمة في قضية (ديزرت اليف) ضد اليمف بالطبيعة المألوفة ً‬
‫"وفقًا ألحكاـ القانوف "‪ ,‬التي تؤكد عمى أنيا تستبعد االستثمارات التي تنتيؾ المبادئ األساسية‬
‫لقانوف الدولة المضيفة ‪ ,‬عمى سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬تستبعد االستثمارات التي جاءت عف طريؽ‬
‫االحتياؿ أو إخفاء الممكية الحقيقية‪ .‬تتمثؿ إحدى الطرؽ التي يمكف أف تحقؽ بيا معاىدة‬
‫االستثمار ىذا اليدؼ ىو عف طريؽ تعريؼ مصطمح "االستثمار" عمى أنو يشير فقط إلى‬
‫األصوؿ المقبولة وفقًا لمقوانيف والموائح ذات الصمة ألي مف الدولتيف المتعاقدتيف ‪ ,‬أو وفقًا لقوانيف‬
‫وأنظمة الطرؼ المضيؼ(‪.)101‬‬

‫‪98‬‬
‫‪- E. Gaillard, "Desert Line v. Yemen: Moral Damages, 240," New York Law‬‬
‫‪Journal, vol. 240, p. 3, 2008.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪- E. R. Hellbeck, "International Centre for Settlement of Investment Disputes:‬‬
‫‪Desert Line Projects Llc V. Republic of Yemen," International Legal Materials, vol.‬‬
‫‪48, pp. 79-128, 2009.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪- S. Wittichop,cit,‬‬
‫‪101‬‬
‫‪- R. Moloo and A. Khachaturian, "The Compliance with the Law Requirement in‬‬
‫‪International Investment Law," Fordham Int'l LJ, vol. 34, p. 1473, 2010.‬‬
‫وبذلؾ تعتبر قضية خطوط الصحراء ‪ Desert Line Projects LLC‬ضد اليمف ‪,‬‬
‫القضية االولى التي منح فييا المركز الدولي لمنازعات االستثمار ‪ , ICSID‬تعويضات عف‬
‫االضرار المعنوية عمى أساس انتياؾ معاىدة ثنائية بيف البمديف ‪ BIT‬في عاـ ‪.)102(2008‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعميق عمى الحكم‬

‫ما يمكف القوؿ ىو أف ىيئة التحكيـ قد منحت التعويض عف االضرار المعنوية في ىذه‬
‫القضية (‪ )Desert Line v Yemen‬بسبب اف المدعي (المستثمر) قد فقد سمعتو التجارية‬
‫وكذلؾ معاناتو مف العنؼ الجسدي الذي رافؽ التدابير التي نفذت ضده‪ ,‬وتشمؿ ىذه التدابير‬
‫المضايقات والتيديد واالحتجاز التي تعرض ليا المديريف التنفيذييف مف قبؿ المدعى عميو‪,‬‬
‫وكذلؾ االستيالء عمى المعدات مف قبؿ األطراؼ الثالثة المسمحة ‪ ,‬حيث اف رئيس الشركة قد‬
‫تمقى مكالمات تيديد بالحياة وحثو عمى مغادرة اليمف ‪ ,‬باإلضافة الى‪ ,‬إجبار المدعي عمى‬
‫التوقيع عمى اتفاؽ تسوية غير عادؿ عمى النزاعات المختمفة بيف الطرفيف(‪.)103‬‬

‫اف الموضوع اآلخر المثير لالىتماـ والذي أثارتو قضية خط الصحراء ىو مسألة ما إذا‬
‫كاف بإمكاف الشركات أف تطمب التعويض عف األضرار المعنوية ليس عف الضرر بسمعة الشركة‬
‫‪ ,‬ولكف بالنسبة لمحقوؽ الشخصية لموظفييا‪ .‬وقد ذكرت ىيئة التحكيـ أنو "مف المعترؼ بو عموما‬
‫أنو يجوز منح الشخص االعتباري تعويضات معنوية ‪ ,‬بما في ذلؾ فقداف السمعة ‪ ,‬في ظروؼ‬
‫محدودة فقط"‪ .‬وأخي اًر ‪,‬منحت محكمة خط الصحراء تعويضاً ليس فقط عف فقداف الشركة لسمعتيا‬
‫وانما أيضاً بسبب اإلكراه البدني الذي يعاني منو موظفو الشركة(‪.)104‬‬

‫اال أف بعض الفقو ذىب الى اف الضرر المعنوي ىو الضرر غير المادي المعتاد الذي‬
‫يمكف أف يتعرض لو األشخاص الطبيعيوف‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬فإف األساس النظري السميـ لمنح‬
‫األضرار المعنوية لكياف قانوني عف الضرر الذي لحؽ بأعضائو أو موظفيو يبدو أنو ال يزاؿ‬
‫غير موجود(‪.)105‬‬

‫وقد ذىب البعض الى انو‪ ,‬في مجاؿ قانوف االستثمار الدولي ‪ ,‬قد رأت المحكمة في‬
‫قضية " مشروع خط الصحراء ضد اليمف" أنو "إذا كانت معاىدات االستثمار تيدؼ في المقاـ‬

‫‪102‬‬
‫"‪- J. R. Laird, "Moral Damages and the Punitive Question in ICSID Arbitration,‬‬
‫‪ICSID review, vol. 26, pp. 171-183, 2011.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫‪104‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,,op,cit‬‬
‫‪105‬‬
‫"‪- S. RIPINSKY, "DAMAGES IN INTERNATIONAL INVESTMENT LAW.‬‬
‫األوؿ إلى حماية الممتمكات والقيـ االقتصادية ‪ ,‬فإنيا ال تستبعد ‪ ,‬عمى ىذا النحو ‪ ,‬أف يحؽ‬
‫لمطرؼ ‪ ,‬في ظروؼ استثنائية ‪ ,‬المطالبة بالتعويض عف االضرار المعنوية"‪ .‬لكف ىيئة التحكيـ‬
‫في قضية "خط الصحراء ضد الحكومة اليمنية" لـ تناقش صالحيتيا في منح التعويضات‬
‫المعنوية‪ .‬واألىـ مف ذلؾ ‪ ,‬أف المادة ‪ 25‬مف اتفاقية المركز الدولي لتسوية المنازعات تمنح‬
‫المحكمة والية قضائية فيما يتعمؽ "بأية نزاعات قانونية تنشأ مباشرة عف االستثمار"‪ .‬ومف ثـ‬
‫يمكف التساؤؿ عما إذا كانت المطالبة بالتعويضات المعنوية مؤىمة لكونيا ناشئة مباشرة عف‬
‫االستثمار اـ ال(‪.)106‬‬

‫ىناؾ استنتاجاف رئيسياف يمكف استخالصيما مف ىذه القضية‪ ,‬أوالً ‪ ,‬يجب أف يكوف‬
‫سموؾ المدعى عميو عدوانيا (بسوء نية) بشكؿ خاص ألف يكوف لدى المحكمة تعاطؼ مع‬
‫مطالبة التعويضات المعنوية‪ .‬ثانيا ‪ ,‬اف التعويض المعنوي يتـ تقديره او تقييمو ‪ ,‬عمى الصعيد‬
‫العالمي ‪ ,‬دوف اإلشارة إلى خسائر مالية مؤكدة‪ .‬بمعنى أف المحكمة تقدره جزافا(‪.)107‬‬

‫انفرع انثبنث‬

‫قضْت شركت اخلرايف ًأًالده ضذ نْبْب‬

‫اوال‪ :‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫شركة محمد عبد المحسن الخرافي واوالده ىي شركة كويتية طمبت التحكيـ ضد ليبيا‬
‫وفقاً لإلتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األمواؿ العربية في الدوؿ العربية وبموجب قواعد التحكيـ‬
‫(‪)108‬‬
‫وممخص القضية‪ :‬انو في عاـ‬ ‫الخاصة بمركز القاىرة اإلقميمي لمتحكيـ التجاري الدولي‬
‫‪ 2006‬وافقت و ازرة السياحة الميبية عمى مشروع استثماري اقترحتو شركة الخرافي لبناء وتشغيؿ‬
‫مجمع سياحي في مدينة طرابمس في ليبيا ‪ .‬بعد ذلؾ ‪ ,‬وفي ‪ 2006/6/8‬وقعت الشركة الكويتية‬
‫عاما (بما في ذلؾ فترة البناء سبع‬
‫عقد تأجير أرض وفؽ عقد البوت ‪ .B.O.T‬لمدة ‪ً 90‬‬
‫سنوات) مع ىيئة تنمية السياحة الميبية‪ ,‬حيث كاف مف المقرر أف يبدأ المشروع في عاـ ‪, 2007‬‬
‫لكف أعماؿ البناء لـ تبدأ أبداً‪.)109(.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪- I. Uchkunova and O. Temnikov,op,cit,‬‬
‫‪107‬‬
‫‪- M. T. Parish, A. K. Newlson, and C. B. Rosenberg,op,cit,‬‬
‫‪108‬‬
‫‪- Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya and others, Final‬‬
‫‪Award.‬‬ ‫‪Retrieved‬‬ ‫‪from‬‬
‫‪http://italaw.com/sites/default/files/casedocuments/italaw1554.pdf.‬‬
‫‪109‬‬
‫"‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 20-21, paras. 3-5.‬‬
‫ادعت الشركة المستثمرة أف الدولة المضيفة لـ تتمكف مف تسميـ األرض خالية مف‬
‫"الشواغؿ" و "العوائؽ" والتي حالت دوف تنفيذ المشروع‪ ,‬كما ادعت ايضا اف األرض كانت‬
‫مشغولة بحاويات وأنابيب ومعدات أخرى تابعة لشركة أخرى ؛ مف جانب اخر ادعى أشخاص‬
‫آخروف الممكية عمى أجزاء مف األرض االستثمارية ؛ كما منحت الدولة الميبية حؽ االنتفاع عمى‬
‫األرض لصالح بنؾ األمة الميبي‪ .‬وباإلضافة إلى ذلؾ ‪ ,‬ادعى المستثمر أف عمالو تعرضوا‬
‫لالعتداء مف قبؿ الشرطة وافراد القبائؿ الذيف منعوىـ مف االستيالء عمى أرض المشروع(‪.)110‬‬

‫وبعد عاـ ‪ , 2007‬طمبت ىيئة تنمية السياحة الميبية مف الشركة المستثمرة وقؼ العمؿ‬
‫وازالة معداتيا مف الموقع‪ .‬في عاـ ‪ , 2009‬اقترحت الدولة المضيفة أستثمار قطعة أرض بديمة‬
‫لممشروع‪ ,‬اال اف الشركة المستثمرة رفضت ىذا االقتراح‪ .‬بعد ذلؾ ‪ ,‬في يونيو ‪ , 2010‬ألغى‬
‫أيضا(‪. )111‬‬
‫وزير االقتصاد الترخيص؛ ونتيجة لذلؾ ‪ ,‬تـ إبطاؿ عقد إيجار األرض ً‬

‫وفي مايو ‪ /‬أيار ‪ , 2011‬أخطر المدعي (شركة الخرافي) المدعى عمييـ بإحالة النزاع‬
‫إلى التحكيـ بموجب قواعد التحكيـ الخاصة بمركز القاىرة اإلقميمي لمتحكيـ التجاري الدولي ‪.‬‬
‫أجممت شركة الخرافي مطالبتيا ضد ليبيا ‪ ,‬بشكوتيف رئيسيتيف‪ .‬أوالىما ‪ ,‬أكد المستثمر أف‬
‫سمطة التنمية السياحية لـ تسمـ الممتمكات "خالية مف الشواغر والعوائؽ" كما ىو مطموب بموجب‬
‫العقد ‪ ,‬وأف الدولة الميبية ‪ ,‬مف خالؿ مختمؼ السمطات ‪ ,‬كانت مسؤولة عف تأخير البناء‪.‬‬
‫وثانييما‪ ,‬ادعى المدعي أف إلغاء ترخيص المشروع وابطاؿ عقد اإليجار كالىما يعد غير‬
‫تشكؿ خرقا وتسبب أض ار ار ‪ ,‬لذا طالب المدعي‬ ‫قانوني ‪ .‬وبالنظر إلى أف ىذه األفعاؿ‬
‫بالتعويض عف االضرار المادية والمعنوية التي تسببت مف جراء ذلؾ‪ .‬وقد تـ التحكيـ في القاىرة‬
‫بموجب قواعد التحكيـ الخاصة بمركز القاىرة اإلقميمي لمتحكيـ التجاري الدولي‪ .‬وفي‬
‫‪ 2013/3/22‬صدر حكـ التحكيـ وفقاً لمقانوف الميبي ولإلتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األمواؿ‬
‫العربية في الدوؿ العربية(‪.)112‬‬

‫وقد بنت الشركة المدعية حججيا عمى اساس الخطأ العقدي والمسؤولية التعاقدية ‪ ,‬حيث‬
‫احتجت باف االضرار بدأت في اليوـ التالي إلبراـ العقد في ‪ , 2006/6/8‬وىذه االضرار تمزـ‬
‫المدعى عميو بدفع تعويض بموجب القاعدة العامة لمضرر المنصوص عمييا في المادة ‪166‬‬
‫مف القانوف المدني الميبي التي تنص عمى اف ‪ " :‬كؿ خطأ سبب ضر اًر لمغير يمزـ مف ارتكبو‬
‫بالتعويض"‪ .‬واف التعويض يشمؿ األضرار المادية والمعنوية عمى حد سواء ‪ ,‬حيث اف المدعى‬

‫‪110‬‬
‫‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 4-5.‬‬
‫‪111‬‬
‫‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 162.‬‬
‫‪112‬‬
‫‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 4-5.‬‬
‫عميو قد امتنع عف الوفاء بالتزامو بتسميـ أرض المشروع خالية مف الشواغؿ وتمكيف الشركة مف‬
‫تنفيذ المشروع االستثماري واالستفادة منو لفترة العقد البالغة تسعيف سنة ‪ ,‬وىذا يعتبر خطأ عقدي‬
‫عمدي‪ ,‬باإلضافة إلى قياـ المدعى عميو بإنياء عقد اإليجار مف جانب واحد وسحب الموافقة‬
‫االستثمارية ‪ ,‬عمى الرغـ مف كونيا كاممة ونافذة وخالية مف المخالفات‪ .‬مثؿ ىذا الخطأ ُيمزـ‬
‫المدعى عميو بتعويض الشركة الشاكية عف األضرار المباشرة ‪ ,‬المتوقعة وغير المتوقعة ‪ ,‬مع‬
‫مالحظة أف خطأ المدعى عميو يعتبر غ ًشا ‪ ,‬وبذلؾ تمتد مسؤوليتو الى المسؤولية التقصيرية ‪,‬‬
‫نظر لمخطأ الجسيـ الذي ارتكبو‪ ,‬بناء عمى ذلؾ ‪ ,‬يحؽ لمشركة المدعية المطالبة بالتعويض عف‬
‫ًا‬
‫الخسارة الالحقة والكسب الفائت مف المشكو ضده ‪ ,‬حيث تمتد فرصة الربح الفائت مف االستثمار‬
‫مطروحا منيا سبع سنوات ونصؼ السنة مف التنفيذ‪ .‬وذلؾ طبقا لممادة ‪1/224‬‬
‫ً‬ ‫عاما‬
‫إلى تسعيف ً‬
‫مف القانوف المدني الميبي التي تنص عمى أف‪" :‬إذا لـ يكف التعويض مقد ار في العقد أو بنص في‬
‫القانوف فالقاضي ىو الذي يقدره‪ ,‬ويشمؿ التعويض ما لحؽ الدائف مف خسارة وما فاتو مف كسب‪,‬‬
‫بشرط أف يكوف ىذا نتيجة طبيعية لعدـ الوفاء بااللتزاـ أو لمتأخر في الوفاء بو‪ ,‬ويعتبر الضرر‬
‫نتيجة طبيعية إذا لـ يكف في استطاعة الدائف أف يتوقاه ببذؿ جيد معقوؿ"‪.‬‬

‫وقد اضافت الشركة المدعية كذلؾ أف التعويض عف األضرار المعنوية تشمؿ الضرر‬
‫بالمصالح غير المالية لمطرؼ المتضرر ‪ ,‬وأف القوانيف الميبية والفرنسية تسمح بالمطالبة‬
‫بالتعويض عف األضرار المعنوية والمادية عمى قدـ المساواة‪ ,‬كما حكمت بو المحاكـ الداخمية‬
‫وىيئات التحكيـ وأقره الفقو‪ .‬وقد أشار المدعي الى أف شركتو تعتبر واحدة مف الشركات العالمية‬
‫الرائدة في مجاؿ االستثمار والمقاوالت ‪ ,‬وقد أضاؼ كسب ىذا المشروع في ليبيا رصيدا إلى‬
‫ائتمانيا األخالقي في السوؽ المالية والتجارية الدولية‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬فقد أدت األضرار المعنوية‬
‫إلى تقويض مصداقية الشركة والحاؽ الضرر البالغ بأئتمانيا المكتسب مف خالؿ التعاقد عمى‬
‫ىذا المشروع االستثماري(‪.)113‬‬

‫وقد رد المدعى عميو‪ ,‬بأف الشركة المدعية أقامت دعواىا ‪ ,‬في بعض األحياف ‪ ,‬عمى‬
‫أساس المسؤولية التعاقدية ‪ ,‬وفي أحياف أخرى ‪ ,‬عمى مزيج مف االلتزامات التعاقدية والمسؤولية‬
‫التقصيرية‪ .‬أما فيما يتعمؽ بالخطأ التعاقدي الذي يشكؿ العنصر األوؿ مف المسؤولية التعاقدية‬
‫الذي اسست الشركة المدعية دعواىا عميو مدعية انو تـ خرؽ العقد مف قبؿ المشكو ضده مف‬
‫خالؿ صدور قرار الغاء الموافقة عمى االستثمار مما سبب ليا اض ار ار تستحؽ التعويض ‪,‬‬
‫‪ ,‬حيث أف صدور قرار إلغاء الموافقة عمى‬ ‫فالحقيقة ليست كما تدعي الشركة المستثمرة‬

‫‪113‬‬
‫"‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 49-51..‬‬
‫االستثمار كاف ناجما عف حقيقة أف الشركة قد خرقت أحكاـ القانوف الميبي‪ .‬كما انو ال يوجد‬
‫اساس لما ذكره بياف المدعي بخصوص الخطأ الجسيـ الذي ارتكبو المدعى عميو فيما يتعمؽ‬
‫باالمتناع مف تسميـ األرض‪ .‬حيث تـ تفنيد االلتزاـ المذكور في المستند رقـ ‪ 13‬الذي قدمتو‬
‫شركة المدعي نفسيا ‪ ,‬حيث أثبت بشكؿ قاطع أف الشركة المستثمرة قد سيطرت عمى موقع‬
‫االستثمار ‪ ,‬موضوع العقد ‪ ,‬في ‪ 2007/2/20‬وفي رسالتيا المرسمة إلى مدير اإلدارة لتطوير‬
‫المناطؽ السياحية حيث اقرت باالستيالء عمى الموقع‪.‬‬

‫باالضافة الى انو مف غير المؤكد أف نقوؿ إف المدعى عميو امتنع عف اتخاذ قرار ضد‬
‫االضطرابات القانونية ‪ ,‬التي حدثت مف قبؿ أطراؼ ثالثة ‪ ,‬لمتمتع بالموقع ألف الشيادة العقارية‬
‫التي تـ تسميميا إلييا في ‪ 2007/11/27‬قد حددت ارض المشروع عمى أنيا ممكية دولة ليبيا‬
‫وأف شركة المدعي تشغميا بموجب عقد لمدة تسعيف سنة باإلضافة الى ذلؾ بعثت الييئة‬
‫المختصة برسالة إلى الشركة الشاكية مؤرخة في ‪ 2008/9/11‬بشأف انتياء الفترة المحددة‬
‫إلنشاء المشروع االستثماري وعدـ تقديـ طمب تمديد مف الشركة المدعية‪ ,‬مع توضيح أنو سيتـ‬
‫تصفية المشروع االستثماري ما لـ يتـ تقديـ المركز النيائي في غضوف أسبوع(‪.)114‬‬

‫وقد استخمصت ىيئة التحكيـ الى أف شركة الخرافي يحؽ ليا الحصوؿ عمى تعويض‬
‫عف األضرار المعنوية التي تكبدتيا نتيجة األضرار التي لحقت بسمعتيا المينية مف جراء الغاء‬
‫المشروع الكبير مف قبؿ الحكومة الميبية بعدما وافقت عمى تأسيسو واستثماره ‪ ,‬مف قبؿ المدعي ‪,‬‬
‫عاما ‪ ,‬وبناء عمى ىذه الموافقة قاـ المدعي بالتصرؼ وابراـ عقود مع شركات دولية‬‫لمدة ‪ً 83‬‬
‫اخرى لتنفيذ المشروع وبما أف الشركة المستثمرة مؤىمة لمغاية في تنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة‬
‫(‪)115‬‬
‫وفقا لذلؾ ‪:‬‬ ‫وتشتير في جميع أنحاء العالـ في ىذا المجاؿ‪,‬‬

‫ثانيا‪ :‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫قررت ىيئة التحكيـ أف المدعي يحؽ لو الحصوؿ عمى تعويض قدره ‪30.000.000‬‬
‫دوالر أمريكي (ثالثيف مميوف دوالر أمريكي) كتعويض عف األضرار المعنوية التي تكبدىا نتيجة‬
‫لألضرار التي لحقت بسمعتو في سوؽ األوراؽ المالية ‪ ,‬وكذلؾ في أسواؽ األعماؿ والبناء في‬
‫الكويت وحوؿ العالـ(‪.)116‬‬

‫‪114‬‬
‫"‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 71-73..‬‬
‫‪115‬‬
‫‪"- Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 68-69".‬‬
‫‪116‬‬
‫‪"- Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 68-69".‬‬
‫وقد استندت ىيئة التحكيـ في اصدار حكميا ىذا عمى القانوف المدني الميبي المادة‬
‫‪ 166‬التي تنص عمى اف ‪ " :‬كؿ خطأ سبب ضر اًر لمغير يمزـ مف ارتكبو بالتعويض" وكذلؾ‬
‫المادة ‪ 1/225‬مف القانوف نفسو التي نصت عمى ‪ " :‬يشمؿ التعويض الضرر األدبي أيضاً‪,‬‬
‫ولكف ال يجوز في ىذه الحالة أف ينتقؿ إلى الغير إال إذا تحدد بمقتضى اتفاؽ‪ ,‬أو طالب الدائف‬
‫بو أماـ القضاء"(‪.)117‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعميق عمى الحكم‬


‫(‪)118‬‬
‫الى اف ىيئة التحكيـ قد استعانت بمبادئ العقود التجارية الدولية‬ ‫ذىب بعض الفقو‬
‫(يوندروا ‪ )2010‬حيث اف ىذه المبادئ واف لـ تكف قابمة لمتطبيؽ بالمعنى الفني الدقيؽ ‪ ,‬فقد يتـ‬
‫االحتجاج بيا مف قبؿ األطراؼ وحتى االعتماد عمييا مف قبؿ المحاكـ كحجج داعمة لتفسير‬
‫معيف‪ .‬ومف بيف القضايا االستثمارية األخيرة التي تـ االحتجاج بيا بشكؿ ممحوظ واالعتماد عمى‬
‫مبادئ اليوندروا باعتبارىا حجة داعمة ىي قضية الخرافي ضد ليبيا‪ .‬حيث فرضت ىذه المحكمة‬
‫ثاني أعمى حكـ بالتعويض في تاريخ التحكيـ االستثماري حتى اآلف‪ .‬ومف اجؿ دعـ الحجة التي‬
‫مفادىا أف المدعي يستحؽ تعويض كامؿ بموجب القانوف الميبي ‪ ,‬فقد طبقت المحكمة عمى‬
‫نطاؽ واسع المادة ‪ 7.4.2‬مف مبادئ اليوندروا ‪ 2010‬التي تنص عمى‪:‬‬

‫‪ -1‬يستحؽ الطرؼ المتضرر ( الدائف) تعويض كامؿ عف الضرر الذي لحقو نتيجة عدـ‬
‫التنفيذ‪ .‬ويتضمف ىذا الضرر ما لحقو مف خسارة وما فاتو مف كسب‪ ,‬مع االخذ في‬
‫االعتبار اي كسب حققو الدائف نتيجة نفقات تحمؿ بيا أو أض ار ار تجنبيا‪.‬‬
‫‪ -2‬يجوز اف يكوف الضرر غير مادي ( معنوي) وينتج بوجو خاص مف وقوع اذى نفسي او‬
‫ادبي‪.‬‬

‫وفيما يتعمؽ بيذا الحكـ ايضا‪ ,‬وجدت المحكمة أف القضية قد تضمنت أرباحاً فائتة‪ ,‬حيث‬
‫استعانت المحكمة بالمادة ‪ 7.4.3‬مف مبادئ اليوندروا والتي تنص عمى اف ‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يستحؽ التعويض اال عف الضرر ‪ ,‬بما في ذلؾ الضرر المستقبؿ ‪ ,‬الذي يثبت‬
‫تحققو بدرجة معقولة مف اليقيف‪.‬‬
‫‪ -2‬قد يستحؽ التعويض عف فوات الفرصة بما يتناسب مع احتماؿ تحققيا‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫"‪- "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v. Libya, p. 171, para. 15-1-4.‬‬
‫‪118‬‬
‫‪- A. Reinisch, "The relevance of the Unidroit Principles of International‬‬
‫‪Commercial Contracts in international investment arbitration," Uniform Law Review,‬‬
‫‪vol. 19, pp. 609-622, 2014.‬‬
‫‪ -3‬اذا لـ يتيسر اثبات مقدار األضرار بدرجة كافية مف اليقيف ‪ ,‬فتستقؿ المحكمة بتقديره‪.‬‬

‫وقد طبقت المحكمة البند (‪ )3‬مف المادة اعاله والتي تمنحيا سمطة تقديرية واسعة لتحديد المبمغ‬
‫الفعمي لألضرار‪.‬‬
‫(‪)119‬‬
‫الى انو مف أجؿ مواكبة ىذا‬ ‫وقد تعرض ىذا الحكـ لالنتقاد ‪ ,‬حيث ذىب البعض‬
‫القرار في نطاؽ الفقو السائد في قانوف التحكيـ الدولي لالستثمار ‪ ,‬كاف بوسع المحكمة أف تستفيد‬
‫مف الق اررات التي أصدرىا كؿ مف المركز الدولي لتحكيـ االستثمار في واشنطف ‪ ICSID‬ومحاكـ‬
‫األونسيتراؿ التي تتناوؿ مسائؿ مماثمة تتعمؽ بالتعويض عف خرؽ العقد الذي تـ تناولو في ىذه‬
‫القضية‪ .‬وكاف مف الممكف أف يوفر ذلؾ بعض الوضوح فيما يتعمؽ بما إذا كانت إجراءات‬
‫المحكمة تشكؿ جزءا مف اإلطار العاـ لقانوف االستثمار الدولي وليس مجرد نظاـ إقميمي معيف‬
‫لمدوؿ العربية‪.‬‬
‫(‪)120‬‬
‫إف قرار المحكمة ىذا بشأف التعويضات المعنوية يعتبر مف‬ ‫ويرى البعض االخر‬
‫األمور الخارجة في مجاؿ التحكيـ االستثماري‪ .‬وقد أثيرت العديد مف دعاوى التعويضات المعنوية‬
‫في تحكيـ معاىدات االستثمار األخرى ‪ ,‬ولكف محاكـ التحكيـ قد وضعت عادة شروط صارمة‬
‫عمى صحة ىذه المطالبات‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬في قضية رومبتروؿ ضد رومانيا ‪The‬‬
‫‪, Rompetrol Group N.V. v. Romania, ICSID Case No. ARB/06/3, Award‬‬
‫اعتبرت المحكمة أف التعويض عف االضرار المعنوية "يخضع لقواعد اإلثبات المعتادة"؛ وبالتالي‬
‫رفضت مطالبة المدعي بمبمغ ‪ 46‬مميوف دوالر أمريكي كتعويض عف األضرار المعنوية بسبب‬
‫‪Mr. Franck‬‬ ‫"فقد السمعة والكفاءة االئتمانية "‪ .‬وكذلؾ االمر في قضية عارؼ ضد مولدوفا‬
‫‪Charles Arif v. Republic of Moldova, ICSID Case No. ARB/11/23,‬‬
‫رفضت المحكمة دعوى تعويض معنوي بقيمة ‪ 5‬مالييف يورو ‪ ,‬معتبرة أف‬ ‫‪.Award‬‬
‫"اإلجراءات المختمفة لـ تصؿ إلى مستوى كاؼ مف "القوة والشدة" لتبريرىا‪.‬‬

‫في الوقت الذي يعتبر ىذا التعويض اعمى تعويض معنوي في تاريخ تحكيـ االستثمار‬
‫حيث اف الشركة المستثمرة لـ تبدأ بالعمؿ مطمقا كما لـ تكف ىناؾ ظروؼ استثنائية تبرر ىذا‬
‫التعويض كما الحظنا في الق اررات السابقة‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪- A. Ghouri, "Mohamed Abdulmohsen Al-Kharafi & Sons Co. v the Government‬‬
‫‪of the State of Libya and Others," J. World Investment & Trade, vol. 16, p. 325, 2015.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪D. Rosert. (JANUARY 19, 2014). Awards and Decisions. Available:‬‬
‫‪https://www.iisd.org/itn/2014/01/19/awards-and-decisions-14.‬‬
‫املطهب انثبنِ‬

‫االحكبو انرافضت نهتؼٌّض‬

‫بينت ىيئات التحكيـ وبشكؿ واضح استحقاؽ المطالبات الخاصة بالتعويض عف‬
‫االضرار المعنوية الماسة بالمستثمريف‪ ,‬اال اف ذلؾ لـ يكف بشكؿ مطمؽ اذ رفضت ىيئات‬
‫التحكيـ نفسيا ‪-‬المقرة لمتعويض‪ -‬وىيئات اخرى بعض المطالبات المتعمقة بنفس الموضوع ألمور‬
‫شكمية تتعمؽ باإلجراءات وكذلؾ باألدلة مف حيث الوجود والنقصاف ومسالة االختصاص القضائي‬
‫وىي عمى النحو االتي‪:‬‬

‫انفرع االًل‬

‫انقضبّب املرفٌضت ػهَ اسبس ػذو ًجٌد االدنت ًنقصيب‬

‫نتناوؿ في ىذا الفرع القضايا التي تـ ردىا عمى اساس االدلة نقصا وعمى النحو االتي‪:‬‬

‫‪ -1‬قضية السيد باي كاسادو ضد شيمي ‪PEY CASADO V. CHILE‬‬


‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫قضية السيد فيكتور باي كاسادو ‪ ,‬األسباني الجنسية الذي يممؾ صحيفة ( ‪El Clarin‬‬
‫) األكثر مبيعا في شيمي‪ ,‬والتي صودرت مف قبؿ المجمس العسكري بقيادة الجنراؿ بينوشيو في‬
‫عاـ ‪ .1973‬وعمى أثر ذلؾ ىرب السيد كاسادو إلى موطنو االصمي أسبانيا‪ ,‬ثـ عاد إلى تشيمي‬
‫في أواخر الثمانينات مف القرف الماضي عقب وصوؿ حكومة جديدة وعدت فييا بتدارؾ الخسائر‬
‫التي تكبدىا‪ .‬غير أنو لـ يتمكف مف الحصوؿ عمى أي تعويض في المحاكـ الشيمية‪ .‬بعد ذلؾ‬
‫وفي عاـ ‪ 1997‬لجأ الى المركز الدولي لمتحكيـ بواشنطف ‪ ICSID‬بموجب معاىدة االستثمار‬
‫الثنائية بيف شيمي واسبانيا مطالبا بمبمغ قدره ‪ 396.8‬مميوف دوالر امريكي كتعويض عف‬
‫المصادرة المزعومة(‪.)121‬‬

‫لـ تعترؼ ىيئة التحكيـ بقانونية اإلجراءات التي وقعت في وقت االنقالب (وما بعده)‬
‫ألف معاىدة االستثمار الثنائية لـ تدخؿ بعد حيز النفاذ‪ .‬ورأت المحكمة أف واليتيا القضائية في‬
‫إطار معاىدة االستثمار الثنائية تتحدد فقط فيما يتعمؽ باألعماؿ التي وقعت بعد عاـ ‪1994‬‬

‫‪121‬‬
‫‪- "Vı´ctor Pey Casado and President Allende Foundation v Republic of Chile,‬‬
‫‪ICSID Case No ARB/98/2, Award (8 May 2008.‬‬
‫اي بعد اف اصبحت المعاىدة نافذة المفعوؿ‪ ,‬ولذلؾ رفض المحكموف دعوى نزع الممكية وأكدوا‬
‫بدالً مف ذلؾ حدوث انتياؾ ألحكاـ المعاممة العادلة والمنصفة لممستثمر االجنبي‪.‬‬

‫حيث وخمصت ىيئة التحكيـ إلى أف شيمي انتيكت حكـ المعاممة العادلة والمنصفة‬
‫الوارد في معاىدة االستثمار الثنائية بيف إسبانيا وشيمي ‪ ,BIT‬وعمى وجو الخصوص ‪ ,‬رأت‬
‫المحكمة أف تقاعس المحاكـ الشيمية عف اتخاذ قرار بشأف شكوى قدميا السيد باي (كاسادو) لمدة‬
‫‪ 7‬سنوات (مف عاـ ‪ 1995‬إلى عاـ ‪ )2002‬يشكؿ إنكا اًر لمعدالة‪ .‬وفي عاـ ‪ 2008‬قررت‬
‫المحكمة الزاـ شيمي بدفع تعويض الى السيد (كاسادو) مقداره ‪ 10‬مالييف دوالر امريكي(‪.)122‬‬

‫ومف ناحية أخرى ‪ ,‬ذىبت ىيئة التحكيـ الى أف شيمي انتيكت حكـ معاىدة االستثمار‬
‫الثنائية ‪ BIT‬المتعمؽ بالمعاممة العادلة والمنصفة بطريقيف‪:‬‬

‫انيا ارتكبت إنكا اًر لمعدالة مف خالؿ عدـ البت في مطالب السيد (كاسادو) لمدة سبع‬ ‫‪-‬‬
‫سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬انيا تصرفت بطريقة تمييزية مف خالؿ منح تعويضات بسبب مصادرة الصحيفة ليس‬
‫لمسيد كاسادو ولكف لألشخاص الذيف ىـ ‪ ,‬في نظر ىيئة التحكيـ ‪ ,‬لـ يكونوا المالكيف‬
‫الحقيقييف لمصحيفة‪.‬‬
‫لذا فاف منح ىيئة التحكيـ تعويضات بمبمغ ‪ 10‬مالييف دوالر الى السيد (كاسادو)‪,‬‬
‫(‪)123‬‬
‫تقابؿ المبمغ الذي حددتو شيمي كتعويض عف نزع الممكية ولكنيا دفعتيا لألشخاص الخطأ‬
‫وفي ذلؾ طالب المدعي السيد (كاسادو) بالتعويض عف االضرار المعنوية نتيجة لألفعاؿ غير‬
‫الشرعية التي تعرض ليا وانو كاف ضحية إلنكار العدالة‪.‬‬
‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫رفضت ىيئة التحكيـ طمب السيد (كاسادو) بالتعويض عف الضرر المعنوي الذي ادعاه‬
‫فيما يتعمؽ بإنكار العدالة بسبب نقص األدلة‪ ,‬ورأت ىيئة التحكيـ أف قرار التحكيـ في ىذه‬
‫الظروؼ كاف كافياً‪ ,‬حيث استنتجت المحكمة انو بالرغـ مف اف السيد (كاسادو) كاف ضحية‬
‫إلنكار العدالة ‪ ,‬اال اف التعويض يشكؿ في حد ذاتو " ترضية معنوية كبيرة وكافية" لممدعي‪,‬‬

‫‪122‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,op,cit,‬‬
‫‪123‬‬
‫‪- C. Schreuer, "Víctor Pey Casado and President Allende Foundation v Republic of‬‬
‫‪Chile: Barely an Annulment," ICSID Review, vol. 29, pp. 321-327, 2014.‬‬
‫أخرى عمى األضرار المعنوية بشكؿ عاـ كانت‬ ‫باإلضافة الى اف اي عالمات او ادلة‬
‫غائبة(‪.)124‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫يبدو أف نقص األدلة ىو سبب رفض التعويض المعنوي ‪ ,‬حيث يبقى السؤاؿ حوؿ ما‬
‫يجب أف يكوف عميو معيار األدلة بالضبط‪ ,‬ويمكف التكيف بأف المحاكـ التحكيمية شديدة الحذر‬
‫عندما يتعمؽ األمر باألضرار المعنوية لمجرد أنيا تحاوؿ أف توازف بيف أوجو عدـ اليقيف المتعمقة‬
‫باإلمكانيات القانونية ومتطمبات األضرار المعنوية(‪.)125‬‬

‫اال اف البعض يرى اف قرار ىيئة التحكيـ في قضية (كاسادو ضد شيمي) في رفض‬
‫التعويض عف الضرر المعنوي ‪ ,‬يتعارض مع روح مواد لجنة القانوف الدولي عندما قررت‪:‬‬
‫"تعتبر محكمة التحكيـ أف فرض التعويض ىو في حد ذاتو إرضاء معنوي كبير وكاؼ"‪ .‬عمى‬
‫الرغـ مف اف المطالبة قدميا شخص طبيعي وليس معنوي ‪ ,‬وعمى الرغـ مف اعتراؼ ىيئة‬
‫التحكيـ بأف السموؾ تجاه المدعي كاف تعسفياً وصداميا وترىيبياً ‪ ,‬ومع ذلؾ اكدت المحكمة اف‬
‫(‪)126‬‬
‫‪.‬‬ ‫التعويض كاف كافياً عمى الضرر المعنوي المتكبد‬

‫ويبدو أف المحكمة تممح أنيا لف تمنح أي تعويض مالي عف األضرار المعنوية لمسيد‬
‫(كاسادو) ألنيا ترى أف الرضا‪ ,‬في شكؿ إعالف عدـ المشروعية ‪ ,‬ىو في حد ذاتو وسيمة‬
‫انصاؼ مناسبة‪ ,‬ومف شأف ىذا االستنتاج أف يتناقض مع قضايا القانوف الدولي ‪ ,‬حيث ُيعترؼ‬
‫عموما بالرضا عمى أنو الشكؿ الصحيح لمتعويض عف األضرار المعنوية التي تؤثر عمى الدولة‬
‫‪ ,‬وليس عمى الفرد‪ ,‬ومع ذلؾ ‪ ,‬مف الميـ اإلشارة إلى أف ىيئة التحكيـ قد خمصت في المقاـ‬
‫األوؿ إلى أف المدعي لـ يتعرض ألي أضرار معنوية أيا كانت‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬يثير قرار ىيئة‬
‫التحكيـ ىذا مسألة ما إذا كاف الرضا ‪ ,‬في الواقع ‪ ,‬ىو العالج المناسب لجبر األضرار المعنوية‬
‫الفعمية التي تؤثر عمى الفرد؟(‪.)127‬‬

‫إف وجية نظر ىيئة التحكيـ العرضية بشأف "الرضا" مثيرة لالىتماـ في كثير مف األمور‪,‬‬
‫عموما عمى أنو الشكؿ المناسب لمتعويض عف األضرار المعنوية‬ ‫ً‬ ‫الف "الرضا" ُيعترؼ بو‬
‫المرتكبة ضد شرؼ وسمعة الدولة‪ .‬وبالتالي ‪ ,‬ال تستخدـ المحاكـ أبدا الرضا في سياؽ األضرار‬

‫‪124‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,op,cit,‬‬
‫‪125‬‬
‫‪- I. Uchkunova and O. Temnikov,op,cit‬‬
‫‪126‬‬
‫‪- J. R. Laird,op,cit,‬‬
‫‪127‬‬
‫‪-P. Dumberry,op,cit,‬‬
‫المعنوية التي يعاني منيا الفرد‪ .‬وىذا ما يبدو ومف الواضح أف ىيئة التحكيـ في ىذه الحالة لـ‬
‫تعتقد أف الرضا ىو التعويض المناسب عندما يعاني المستثمر مف األضرار المعنوية‪ ,‬ولـ يكف‬
‫عمى ىيئة التحكيـ أف تفعؿ ذلؾ ألنيا توصمت إلى استنتاج مفاده أف ألمدعيف لـ يتعرضوا ألية‬
‫أضرار مف ىذا القبيؿ‪ .‬أما مسألة ما إذا كانت ىيئة التحكيـ قادرة اـ ال عمى معالجة الضرر‬
‫المعنوي الذي يعاني منو المستثمر بإقرار بالرضا بدالً مف التعويض النقدي ‪ ,‬فال تزاؿ دوف‬
‫إجابة(‪.)128‬‬

‫وىذا ما دعى بعض الفقو الى القوؿ بأف محكمة التحكيـ في ىذه القضية قد اكدت‬
‫ودعمت تفسيرىا او تطبيقيا لبعض احكاـ معاىدة االستثمار الثنائية بيف البمديف مف خالؿ الرجوع‬
‫الى ق اررات محاكـ االستثمار االخرى واحكاـ محكمة العدؿ الدولية(‪.)129‬‬

‫‪BIWATER GAUFF V. TANZANIA‬‬ ‫‪ -2‬قضية باي ووتر جاف ضد تنزانيا‬


‫‪ -‬ممخص حيثيات وقائع القضية‬

‫ممخص ىذه القضية اف شركة مقرىا المممكة المتحدة تـ تعيينيا مف خالؿ شركة مسجمة‬
‫محميا‪ - City Water -‬إلدارة وتشغيؿ مشروع ييدؼ إلى ترقية وتحسيف تقديـ خدمات المياه‬‫ً‬
‫والصرؼ الصحي في العاصمة دار السالـ وما حوليا‪ .‬وقد أبرمت شركة مياه المدينة وىيئة مياه‬
‫‪DAWAS‬في دار السالـ عدة عقود لتنفيذ المشروع‪ .‬اال انو وبعد ذلؾ بفترة‬ ‫الصرؼ الصحي‬
‫وجيزة ‪ ,‬بدأ الطرفاف يواجياف صعوبات في تنفيذ التزاماتيما التعاقدية ‪ ,‬وفي مايو ‪ /‬أيار ‪2005‬‬
‫‪ ,‬أنيت ‪ DAWASA‬ىذه العقود‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسو تقريباً ‪ ,‬اتخذ المسؤولوف الحكوميوف التنزانيوف سمسمة مف اإلجراءات‬
‫التي اعتبرتيا ىيئة التحكيـ في نياية المطاؼ انتياكاً لمعاىدة االستثمار الثنائية بيف المممكة‬
‫المتحدة وتنزانيا‪ ,‬وتتمثؿ أحد ىذه االجراءات في االستيالء عمى أصوؿ وعمميات شركة ‪City‬‬
‫‪ Water‬مف قبؿ ممثمي شركة ‪ DAWASA‬واحتالؿ مرافقيا وترحيؿ ثالثة مسؤوليف تنفيذييف‬

‫‪128‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,op,cit,‬‬
‫‪129‬‬
‫"‪- J. R. Weeramantry, "The Future Role of Past Awards in Investment Arbitration,‬‬
‫‪ICSID Review, vol. 25, pp. 111-124, 2010.‬‬
‫‪- N. Gallus, "Article 28 of the Vienna Convention on the Law of Treaties and‬‬
‫‪Investment Treaty Decisions," ICSID Review-Foreign Investment Law Journal, vol.‬‬
‫‪31, pp. 290-313, 2016.‬‬
‫رئيسييف منيا وصفت المحكمة ىذه اإلجراءات التي تـ تنفيذىا بمساعدة قوات الشرطة بأنيا "أبعد‬
‫بكثير مف نطاؽ السموؾ التعاقدي الطبيعي"(‪.)130‬‬

‫وخمصت إلى أف ىذه األعماؿ المسيئة وغير المعقولة والتعسفية ىي غير مبررة مف قبؿ‬
‫أي غرض عاـ وانيا تمثؿ انتياكا لمعديد مف أحكاـ اتفاقية االستثمار الثنائية بيف البمديف‪ ,‬بما في‬
‫ذلؾ االلتزاـ بتوفير الحماية الكاممة واألمف لممستثمريف األجانب (‪]85[)131‬‬

‫وقد طالب المدعي ىيئة التحكيـ بالتعويض عف االضرار المعنوية التي لحقت بو‪ ,‬اال انو‬
‫وعمى الرغـ مف أف غالبية ىيئة التحكيـ رأت أف تصرفات الحكومة التنزانية قد خرقت أربعة‬
‫أحكاـ مف اتفاقية االستثمار بينيا وبيف المممكة المتحدة ‪ BIT‬بما في ذلؾ نزع الممكية والمعاممة‬
‫العادلة والمنصفة‪ ,‬اال أف ىيئة التحكيـ قد خمصت إلى أف المشروع الذي تـ إعداده وتنفيذه‬
‫بشكؿ سيئ كاف في الواقع ال قيمة لو ( اي ليس لو اية قيمة اقتصادية ) في الوقت الذي خرقت‬
‫فيو تنزانيا المعاىدة‪.‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫وفقا لما ورد مف حيثيات فإف أغمبية ىيئة التحكيـ رفضت المطالبة بالتعويض عف‬
‫األضرار المعنوية وذلؾ الف أياً مف انتياكات تنزانيا لمعاىدة االستثمار الثنائية لـ تسبب الخسارة‬
‫والضرر المذيف يطالباف المستثمر بتعويضيما(‪.)132‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫يرى البعض اف ىيئة التحكيـ قد رفضت المطالبة بالتعويض المعنوي ألنو لـ يكف ىناؾ‬
‫أية صمة بيف اإلصابة غير المادية واألذى المالي ‪ ,‬حيث أف عدـ وجود أدلة عمى الخسارة‬
‫المالية كاف مف شأنو أف يجعؿ مف التعويض عف االضرار المعنوية المطالب بيا غير‬
‫مناسبة(‪.)133‬‬

‫‪130‬‬
‫‪- "Biwater Gauff (Tanzania) Ltd. v. Tanzania, ICSID Case No. ARB/05/22,‬‬
‫"‪Award, para. 503. July 24, 2008.‬‬
‫‪131‬‬
‫‪-"Biwater Gauff (Tanzania) Ltd. v. Tanzania, ICSID Case No. ARB/05/22, Award,‬‬
‫"‪para. 503. July 24, 2008.‬‬
‫‪132‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,op,cit,‬‬
‫‪133‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫اال اف المحكـ غاري بورف لو رأي مخالؼ في ىذه القضية ‪ ,‬حيث قاؿ‪ :‬حقيقة أف‬
‫الدولة التي تتعمد التصرؼ بطريقة تعمـ في حينيا انيا غير شرعية ‪ ,‬وبغض النظر عف الحقوؽ‬
‫القانونية األساسية وحماية األطراؼ الخاصة فإنيا تتسبب في اضرار معنوية لممستثمر(‪.)134‬‬

‫اال اف ونج (‪ )Wong‬يرى انو مف أجؿ أف نكوف منصفيف ‪ ,‬لـ يكف السيد بورف يؤيد‬
‫بالضرورة منح التعويض عف االضرار المعنوية ‪ ,‬وخمص بالفعؿ إلى أنو ينبغي منح المستثمر‬
‫التكاليؼ بدالً مف ذلؾ‪ ,‬وبغض النظر عف ذلؾ ‪ ,‬فإف النقطة األوسع نطاقاً ىي أف النظر‬
‫المنتظـ في األضرار المعنوية مف جانب كؿ مف الطرفيف والمحكمة قد يكوف قد أسفر عف نتيجة‬
‫مختمفة في القضية(‪.)135‬‬

‫وقد اختمؼ غالبية المحكميف مع السيد بورف وذكروا أنو مف غير المالئـ منح أي‬
‫تعويضات بخصوص االضرار المعنوية في ظروؼ القضية وفي ضوء سموؾ المستثمر؛ وقد‬
‫الحظت األغمبية أيضاً أف المدعي ( المستثمر) لـ يقدـ أي ادعاء مف ىذا القبيؿ(‪ )136‬وأوضح‬
‫المحكموف المعارضيف أف سموؾ (تنزانيا) قد اشتمؿ عمى انتياؾ غير مقبوؿ لمحقوؽ والحمايات‬
‫الدولية االساسية والتي تسببت في أضرار معنوية لممدعي‪ ,‬اال انو يالحظ انو ال يوجد أي اقتراح‬
‫واضح مف قبؿ المعارضة بأف سموؾ (تنزانيا) كاف عدوانيا بشكؿ خاص أو أف المدعي (الشركة)‬
‫أو موظفييا عانوا مف اضطرابات نفسية بسبب تصرفات (تنزانيا) وانو يترتب عمى ذلؾ أنو في‬
‫كؿ حالة يكوف فييا خرقًا لممعاىدة فاف المدعي سيتعرض لمضرر المعنوي(‪.)137‬‬

‫كما يرى جانب اخر اف العنصر الرئيس الذي تبحث عنو ىيئة التحكيـ عند النظر في‬
‫المطالبة بالتعويض عف االضرار المعنوية ىو العالقة السببية بيف اإلصابة والعمؿ الضار‪,‬‬
‫وحيث ال يكوف الضرر ناجما عف أفعاؿ الدولة ‪ ,‬فمف الواضح أف المحكمة قد رأت أنو ال يمكف‬
‫منح أي تعويض معنوي(‪.)138‬‬

‫‪134‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,"op,cit,‬‬
‫‪135‬‬
‫‪- J. Wong, "The Misapprehension of Moral Damages in Investor-State‬‬
‫‪Arbitration," 2012.‬‬
‫‪136‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,"op,cit,‬‬
‫‪137‬‬
‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian,op,cit,‬‬
‫‪138‬‬
‫‪- I. Michou, "Compensation of the Moral Injury in Investor-State Arbitration," Int'l‬‬
‫‪Bus. LJ, p. 41, 2011.‬‬
‫‪Funnekotter and others v.‬‬ ‫‪ -3‬قضية فونكوتر واخرون ضد زمبابوي‬
‫‪Zimbabwe‬‬
‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫في ىذه القضية يزعـ أصحاب االدعاء أف كؿ واحد منيـ لديو استثمارات مباشرة أو‬
‫غير مباشرة في مزارع تجارية كبيرة في زمبابوي ‪ ,‬وانيـ قد حرموا مف ممتمكاتيـ حيث تـ مصادرة‬
‫‪ 13‬مزرعة مف قبؿ قدامى المحاربيف الزيمبابوييف‪ ,‬مما يشكؿ انتياكا صريحا لمعاىدة االستثمار‬
‫الثنائية (‪ )BIT‬المبرمة في ‪ 11‬كانوف األوؿ ‪ /‬ديسمبر ‪ 1996‬بيف ىولندا وزيمبابوي(‪.)139‬‬

‫وقد طالب المدعوف ىيئة التحكيـ أف تحكـ زمبابوي بتعويضيـ عف جميع األضرار‬
‫المادية والمعنوية التي لحقت بيـ نتيجة مسؤوليتيا عف أعماليا غير المشروعة‪.‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫قررت ىيئة التحكيـ تعويض كؿ مدعي مبمغ ‪ 000,20‬يورو كتعويض مادي عف‬
‫االضطرابات الناجمة عف االستيالء عمى مزارعيـ وضرورة بدأ حياة جديدة في بمد آخر ؛ حيث‬
‫اعتبرت ىيئة التحكيـ أف زيمبابوي قد خرقت واجبيا في تقديـ تعويض عادؿ في حاالت نزع‬
‫الممكية بموجب معاىدة االستثمار الثنائية بيف ىولندا وزمبابوي(‪.)140‬‬

‫اال اف ىيئة التحكيـ رفضت المطالبات المنفصمة عن األضرار المعنوية (بقيمة‬


‫‪ 100.000‬يورو لكؿ مدعي) ألنيا وجدت أنيا تتعمؽ باألضرار التي تـ تعويضيا بالفعؿ مف‬
‫خالؿ تخصيص تعويض المصادرة واالستيالء(‪.)141‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫مف خالؿ قرار ىيئة التحكيـ ىذا يمكف االعتقاد في ىذه القضية بأف األضرار المعنوية‬
‫يمكف إنكارىا او رفضيا إذا تـ جبر الضرر المعنوي مف خالؿ أشكاؿ أخرى مف التعويض‪,‬‬
‫حيث اف االضرار المعنوية ىنا قد تـ جبرىا مف خالؿ تعويض االضرار المادية الممنوحة والتي‬
‫تعتبر شكالً كافياً مف أشكاؿ الرضا(‪.)142‬‬

‫‪139‬‬
‫‪- Bernardus Henricus Funnekotter and others (Netherlands) v. Republic of‬‬
‫"‪Zimbabwe, Award of 22 April 2009, ICSID Case No. ARB/05/6.‬‬
‫‪140‬‬
‫"‪- "Funnekotter v. Zimbabwe, para. 138..‬‬
‫‪141‬‬
‫"‪- "Funnekotter v. Zimbabwe, para. 140.‬‬
‫‪142‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,op ,cit,‬‬
‫حيث أخذت ىيئة التحكيـ في االعتبار‪ ,‬أف مطالبة المدعيف بالتعويض عف األضرار المعنوية‬
‫"تعني جزئياً األضرار التي تـ التعويض عنيا بالفعؿ" حيث تـ تضمينيا في الحساب النيائي‬
‫لمتعويض(‪.)143‬‬

‫في حيف يرى اخر اف في ىذه القضية يمكف القوؿ ايضا أف ىيئة التحكيـ رفضت الحكـ‬
‫بالتعويض المعنوي ألسباب إجرائية ‪ ,‬الف المدعيف لـ يطالبوا باألضرار المعنوية بصورة صحيحة‬
‫او عمى نحو مناسب كما عبرت عنو ىيئة التحكيـ ‪ ,‬حيث اف المطالبة أُثيرت متأخرة جداً مف‬
‫الناحية االجرائية‪ ,‬باإلضافة الى انيـ اخفقوا في اإلثبات الف قضية التعويض المعنوي لـ تكف‬
‫مدعومة بأدلة كافية(‪.)144‬‬

‫‪Técnicas‬‬ ‫المكسيك‬ ‫ضد‬ ‫االسبانية‬ ‫البيئية‬ ‫التقنيات‬ ‫شركة‬ ‫‪ -4‬قضية‬


‫‪Medioambientales ‘Tecmed’, S.A. v. Mexico‬‬
‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫في ىذه القضية ‪ ,‬طالبت الشركة االسبانية في الحصوؿ عمى تعويض مف المكسيؾ‬
‫نتيجة إللغاء تصريح سابؽ إلنشاء مدفف لمنفايات الصناعية الخطرة‪ .‬في ‪ 29‬ايار ‪2003‬‬
‫منحت ىيئة التحكيـ ‪ ICSID‬لمشركة االسبانية تعويضاً اكثر مف خمسة مالييف دوالر امريكي‬
‫عف المصادرة غير المباشرة وانتياؾ مبدأ المعاممة العادلة والمنصفة ‪ ,‬المنصوص عميو صراحة‬
‫في معاىدة االستثمار الثناية النافذة بيف البمديف ‪. BIT‬‬

‫التي تعرضت ليا‬ ‫كما وطالبت الشركة االسبانية بتعويض عف االضرار المعنوية‬
‫وتسببت في الضرر بسمعتيا وبالتالي خسرت الكثير مف الفرص التجارية(‪.)145‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫رفضت ىيئة التحكيـ المطالبة بالضرر المعنوي وذلؾ النيا وجدت أنو "ال يوجد سبب‬
‫لمنح تعويض عف الضرر المعنوي ‪ ,‬عمى النحو المطالب بو مف قبؿ المدعي ‪ ,‬بسبب عدـ‬
‫وجود أدلة تثبت أف اإلجراءات المنسوبة إلى المدعى عميو ( المكسيؾ) والتي بينت ىيئة التحكيـ‬

‫‪143‬‬
‫‪- I. Uchkunova and O. Temnikov,op,cit‬‬
‫‪144‬‬
‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian,op,cit,‬‬
‫‪145‬‬
‫‪- "Técnicas Medioambientales „Tecmed‟, S.A. v. Mexico, Award of 29 May 2003,‬‬
‫"‪ICSID Case No. ARB(AF)/00/2, paras. 197, 201.‬‬
‫أنيا تمثؿ انتياؾ لالتفاقية الثنائية قد أثرت أيضاً عمى سمعة المدعي ( الشركة المكسيكية)‬
‫وبالتالي تسببت في فقداف فرص العمؿ ليا"(‪.)146‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫تظير نتائج ىذه القضية ‪ ,‬أنو مجرد خرؽ معاىدة ما ليس كافياً تمقائياً لممطالبة‬
‫بالتعويضات المعنوية‪ ,‬خالؼ ذلؾ سيتـ منح تعويض عف ما يسمى الضرر "القانوني" كمما‬
‫وجدتو ىيئة التحكيـ لصالح المستثمر(‪ )147‬وفيما يتعمؽ باألدلة الالزمة وعبء اإلثبات عف الضرر‬
‫الناجـ ‪ ,‬يبدو أف ىناؾ اجماعا متزايداً في اآلراء عمى أف مستوى اليقيف يختمؼ فيما يتعمؽ‬
‫بمسألة استنتاج حدوث أضرار ‪ ,‬والتقدير الدقيؽ لمقدار ىذه األضرار(‪.)148‬‬

‫كما يرى اخر؛ يبدو انو محاكـ التحكيـ وعند النظر في المطالبات في التعويض عف‬
‫االضرار المعنوية انيا تبحث عف العالقة السببية بيف اإلصابة والعمؿ الضار‪ .‬وحيث ال يكوف‬
‫الضرر ناتجاً عف أفعاؿ الدولة ‪ ,‬فأف المحاكـ ال يمكف اف تمنح اي تعويض(‪.)149‬‬

‫وعميو فانو في ىذه القضية؛ لـ تمنح ىيئة التحكيـ أي تعويضات معنوية بالتحديد بسبب‬
‫عدـ وجود صمة بيف الفعؿ غير المشروع وتدىور السمعة التجارية لممدعي‪ ,‬حيث جادؿ المدعي‬
‫أف صورتو قد تضررت بسبب العديد مف منشورات الصحؼ الضارة ‪ ,‬اال اف ىيئة التحكيـ حددت‬
‫اف التغطية الصحفية السمبية لـ تدعميا الدولة وبالتالي ال يمكف أف تعزى إلى المكسيؾ(‪.)150‬‬

‫انفرع انثبنِ‬

‫انقضبّب املرفٌضت ػهَ اسبس ػذو تٌافر انظرًف االستثنبئْت‬

‫في ىذا النوع مف القضايا فاف الرفض لـ يأت عمى اساس االدلة ومتى توافرىا مف عدمو‬
‫وانما جاء وفقا لمصطمح عدـ توافر الظروؼ االستثنائية والذي مر بمرحمة مف التطور في ظؿ‬
‫قضايا التحكيـ وفقا لالتي‪:‬‬

‫‪146‬‬
‫"‪- "Tecmed v. Mexico, para. 198.‬‬
‫‪147‬‬
‫‪-L. Markert and E. Freiburg,op,cit‬‬
‫‪148‬‬
‫‪-I. Marboe, "Damages in Investor-State Arbitration: Current Issues and‬‬
‫‪Challenges," Brill Research Perspectives in International Investment Law and‬‬
‫‪Arbitration, vol. 2, pp. 1-86, 2018.‬‬
‫‪149‬‬
‫‪- I. Michou,op,cit,‬‬
‫‪150‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op,cit,‬‬
‫‪ -1‬قضية سمنت اوربا ضد تركيا ‪Europe Cement v. Turkey‬‬
‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫في البداية ىذه القضية تمثل حالة استثنائية ألن الدولة ىي التي سعت لمحصول‬
‫عمى تعويض عن االضرار المعنوية وليس المستثمر‪ ,‬بدأت شركة ‪, Europe Cement‬وىي‬
‫شركة بولندية ‪ ,‬إجراءات التحكيـ ضد تركيا في آب ‪ /‬أغسطس ‪ 2009‬بموجب معاىدة ميثاؽ‬
‫(‪)151‬‬
‫يتعمؽ النزاع بحصة المدعي ( شركة ‪) EUROPE CEMENT‬‬ ‫الطاقة المبرمة بيف البمديف‬
‫المزعومة في شركتيف لمكيرباء ‪ ,‬وىما ‪ )Cukarova Elektrik Anonim Sirketi (CEAS‬و‬
‫‪( Kepez Elektrik T.A.S‬كيبيز) ‪ ,‬والمتاف أنشئتا بموجب قوانيف تركيا(‪.)152‬‬

‫تزعـ الشركة المدعية أنيا قد تضررت مف جراء قياـ الحكومة التركية في ‪ 11‬يونيو‬
‫‪ 2003‬في انياء اتفاقات االمتياز لمشركتيف ‪ Kepez and CEAS‬الممنوحة ليما مف قبؿ‬
‫و ازرة الطاقة التركية في عاـ ‪ 1998‬والمتعمقة بتوليد الكيرباء ونقميا وتوزيعيا وتسويقيا في أجزاء‬
‫معينة مف تركيا ( اتفاقيات االمتياز)‪ .‬كذلؾ زعـ المدعي أنو قاـ بشراء أسيـ في شركتي‬
‫‪ CEAS‬و ‪ Kepez‬التركية في مايو ‪ .2003‬وادعى أف اتفاقيات االمتياز التي عقدتيا ‪CEAS‬‬
‫و ‪ Kepez‬قد تـ إنياؤىا بشكؿ غير قانوني مف قبؿ الحكومة التركية‪ ,‬ورافؽ إنياء االمتيازات‬
‫كذلؾ اقتحاـ الشرطة لمقر الشركتيف ‪ CEAS‬و ‪ , Kepez‬واساءة المعاممة الجسدية لموظفييا‬
‫مف قبؿ افراد الشرطة ‪ ,‬ومصادرة دفاتر األستاذ والسجالت والممفات وغيرىا مف الوثائؽ الميمة‬
‫التي تعود لمشركتيف‪.‬‬

‫بالتالي فأف الشركة المدعية احتجت بأف إنياء اتفاقات االمتياز كاف مصادرة غير قانونية‬
‫لمممتمكات بما يتعارض مع المادة ‪ 13‬مف معاىدة ميثاؽ الطاقة‪ .‬كما زعمت أف تركيا قد فشمت‬
‫في منح استثمارات أوروبا لإلسمنت "معاممة عادلة ومنصفة" ‪ ,‬خالفًا لممادة ‪ )1( 10‬مف معاىدة‬
‫ميثاؽ الطاقة‪ .‬وعميو فاف الشركة تطالب بتعويض عف الخسارة التي تكبدىا مف أفعاؿ المدعى‬
‫عميو الخاطئة تقدر بمبمغ يتجاوز ‪ 3,800,000,000‬دوالر(‪.)153‬‬

‫اكدت الحكومة التركية أف شركة اوربا لإلسمنت قد فشمت في إثبات ممكيتيا لألسيـ‬
‫‪ CEAS‬و ‪ Kepez‬في الوقت المناسب بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪ 2003‬والذي تـ تحديده‬ ‫في شركة‬

‫‪151‬‬
‫‪- "Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, ICSID (Case No‬‬
‫"‪ARB(AF)/07/2) Award, 13 August 2009.‬‬
‫‪152‬‬
‫‪- Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, par. 2.‬‬
‫‪153‬‬
‫‪- "Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, par. 25-26.‬‬
‫مف قبؿ ىيئة التحكيـ وانيا لـ تكف مالكة لالسيـ في الشركتيف المذكورتيف مطمقا‪ ,‬وىو التاريخ‬
‫الذي ُيدعى فيو أف اتفاقات االمتياز قد ألغيت(‪.)154‬‬

‫في المقابؿ ابرزت شركة اوربا لإلسمنت شيادات ممكيتيا لألسيـ في شركتي ‪CEAS‬‬
‫و ‪ Kepez‬وكانت ىذه الشيادات صادرة في عاـ ‪ , 2005‬االمر الذي اثار حفيظة تركيا والتي‬
‫جادلت فييا الحكومة؛ بانو حتى لو كانت ىذه الوثائؽ صحيحة فميست ليا أي قيمة إثباتية ‪,‬‬
‫في‬ ‫ألف التاريخ ذي الصمة كاف تاريخ اإلنياء المزعوـ التفاقي امتياز ‪ CEAS‬و ‪Kepez‬‬
‫يونيو ‪ .2003‬لذلؾ فأف صور شيادات ممكية شركة اوربا لإلسمنت لألسيـ الخاصة بالشركتيف‬
‫‪ CEAS‬و ‪" Kepez‬الجديدة" غير ذات صمة بكؿ بساطة‪ ,‬الف تاريخ اصدارىا عمى فرض‬
‫صحتو جاء بعد تاريخ انياء امتياز الشركتيف المزعوـ(‪.)155‬‬

‫رفضت ىيئة التحكيـ ابتداء النظر في النزاع بناء عمى عدـ قدرة المدعي عمى إثبات‬
‫ممكيتو لألسيـ في الشركات‪ ,‬كما ذىبت المحكمة إلى أبعد مف ذلؾ وذكرت أف الدعوى كانت في‬
‫الواقع "تستند إلى التأكيد الزائؼ بممكية االستثمار" وتشكؿ "إساءة استخداـ أالجراءات" مف جانب‬
‫المدعي(‪.)156‬‬

‫وبناء عمى ذلؾ طمبت تركيا مف ىيئة التحكيـ أف تصدر إعالناً بأف االدعاء كاف "ال‬
‫أساس لو مف الصحة بشكؿ واضح وقد تـ التأكد مف اف المدعي قد استخدـ وثائؽ غير‬
‫صحيحة"‪ .‬اال اف ىيئة التحكيـ رفضت ىذا الطمب عمى أساس أنيا ال تممؾ اختصاص النظر‬
‫في ىذا النزاع ‪.‬‬

‫كما طمبت تركيا تعويضاً نقدياً عف األضرار المعنوية التي تسببت عمى حد زعميا في‬
‫االساءة "لسمعتيا ومكانتيا الدولية" نتيجة "لالدعاء الذي كاف ال أساس لو مف الصحة مف الناحية‬
‫القضائية والمؤكد بسوء نية ولغرض غير الئؽ" والذي ادى الى خسارة غير ممموسة ولكنيا‬
‫ليست أقؿ واقعية(‪.)157‬‬

‫‪154‬‬
‫‪- "Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, par. 93.‬‬
‫‪155‬‬
‫‪- "Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, para. 99-100.‬‬
‫‪156‬‬
‫‪-P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes.op,cit‬‬
‫‪157‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes.op,cit,‬‬
‫ودعماً لمطالبتو ‪ ,‬أشار المدعى عميو بشكؿ خاص إلى قرار محكمة ‪ ICSID‬في‬
‫ديزرت اليف ضد اليمف‪ ,‬ىناؾ منحت المحكمة لممدعي مبمغ ‪ 1‬مميوف دوالر أمريكي كتعويض‬
‫معنوي عف اإلكراه البدني الذي تعرض لو المديريف التنفيذييف لمشركة المدعية(‪.)158‬‬

‫وعمى الرغـ مف اف ىيئة التحكيـ قد الحظت اف سموؾ المدعي ينطوي عمى االحتياؿ‬
‫صعبا "‬
‫ً‬ ‫واساءة استخداـ االجراءات ولذلؾ فانو يستحؽ اإلدانة ‪ ,‬لكنيا أضافت أنو كاف" سؤ ًاال‬
‫لتحديد ما إذا كانت ىذه األفعاؿ تبرر منح تعويضات اـ ال‪ .‬ووفقًا لييئة التحكيـ ‪ ,‬فإف فحص‬
‫ىذه المسألة سيترتب عميو تحميؿ لسمطتيا القضائية ( االختصاص) لمنظر في الدعوى ‪ ,‬والتي‬
‫تقترب مف دعوى تبعية بموجب المادة ‪ 47‬مف قواعد التحكيـ‪ ,‬كما يشير ىذا التعميؽ إلى أف ىيئة‬
‫التحكيـ قد شككت بجدية في وجود والية قضائية ( اختصاص ) لمنظر في ىذا النزاع بموجب‬
‫المعاىدة كما انو بينت أف مثؿ ىذا التحقيؽ غير ضروري ألنيا لـ تستند في ىذه القضية الى‬
‫ذلؾ وانما عمى اساس اخر مختمؼ كما سيرد في الحكـ ادناه (‪.)159‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫وفقا لمحيثيات المطروحة فقد رفضت ىيئة التحكيـ الطمب بناء عمى نقص األدلة كما‬
‫انيا لـ تعتبر أف ىناؾ ظروفا استثنائية مثؿ اإلكراه البدني موجودة في ىذه القضية لتبرير منح‬
‫االتعويض عف األضرار المعنوية‪ .‬وبالتالي ‪ ,‬وجدت المحكمة أف أي "ضرر محتمؿ لمسمعة"‬
‫تضررت منو تركيا ستتـ معالجة مف خالؿ االستدالالت واالستنتاجات المنصوص عمييا في ىذا‬
‫القرار ‪,‬وبالتالي ‪ ,‬فإف مثؿ ىذه القرار يوفر شكالً مف الرضا لممدعى عميو‪.‬‬

‫كما أمرت ىيئة التحكيـ أف يدفع المدعي لممدعى عميو كامؿ تكاليؼ اإلجراءات (حوالي‬
‫‪ 3.9‬مميوف دوالر أمريكي) باإلضافة إلى نصؼ تكاليؼ التحكيـ (‪ 129000‬دوالر أمريكي)‪.‬‬
‫ووفقاً لييئة التحكيـ‪.‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫‪158‬‬
‫‪- "Europe Cement Investment & Trade SA v Turkey, par. 178.‬‬
‫‪159‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,op,cit‬‬
‫(‪)160‬‬
‫اف مثؿ ىذا التعويض عف التكاليؼ الكاممة لصالح المدعى عميو‬ ‫يرى البعض‬
‫سيذىب إلى حد ما لتعويضو بسبب االضطرار إلى الدفاع عف دعوى ليس ليا أساس قضائي‬
‫وردع اآلخريف عف اقامة مثؿ ىذه الدعاوى غير السميمة‪.‬‬

‫كما اف ىيئة التحكيـ قد رفضت ادعاء تركيا مشيرة إلى أف الضرر الذي يمحؽ بالسمعة‬
‫سوؼ يتـ جبره مف خالؿ حكميا بالتعويض المادي ومف خالؿ تخصيص التكاليؼ(‪ .)161‬وقد‬
‫خمصت ىيئة التحكيـ الى انو بالرغـ مف ثبوت التزوير مف جانب المدعي واساءة استعماؿ‬
‫االجراءات ‪ ,‬اال اف ىيئة التحكيـ رفضت مع ذلؾ مطالبة تركيا بالتعويض عف األضرار المعنوية‬
‫عمى الرغـ مف اف تركيا اعتمدت عمى قضية خط الصحراء ضد اليمف في طمب التعويض‬
‫المعنوي ‪ ,‬لكف ىيئة التحكيـ أشارت إلى الشروط المطموبة المنصوص عمييا في تمؾ القضية ‪,‬‬
‫مشيرة إلى أف الظروؼ االستثنائية التي تبرر مثؿ ىذا الحكـ غير موجودة في القضية قيد‬
‫النظر(‪.)162‬‬

‫وعمى اثر ذلؾ في السنوات األخيرة ‪ ,‬أصبح المستثمروف أكثر إد ار ًكا لمدى اىمية و‬
‫تأثير المركز الدولي لمنازعات االستثمار نتيجة االرتفاع في قضايا تحكيـ االستثمار والتغطية‬
‫المقابمة التي تمقتيا نزاعات المركز في وسائؿ اإلعالـ(‪.)163‬‬

‫وىكذا ‪ ,‬عندما يمجأ المستثمر الى التحكيـ في ظؿ المركز الدولي لمتحكيـ ‪ ICSID‬ضد‬
‫دولة مضيفة لالستثمار ويخسر المستثمر في نياية المطاؼ ‪ ,‬قد يكوف لدى الدولة حجة معقولة‬
‫بأف "سمعتيا االستثمارية" قد شوىت بشكؿ غير عادؿ‪ ,‬وبالتالي ‪ ,‬قد يقرر بعض المستثمريف‬
‫األجانب عدـ االستثمار (أو قد يحدوا مف استثماراتيـ الحالية) في الدولة المدعى عمييا في مركز‬
‫التحكيـ الدولي ‪ ,‬الف الزعـ العاـ أف الدولة لـ تتعامؿ مع المستثمر األجنبي وفقاً لمقانوف الدولي‪.‬‬
‫حيث ووفقا لممنطؽ السميـ سيتخد المستثمروف موقفا بعدـ القياـ بأعماؿ تجارية مع الدولة التي‬
‫يزعـ أنيا انتيكت بشكؿ خطير المعايير القانونية الدولية لحماية االستثمار(‪.)164‬‬

‫‪160‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫‪Disputes,op,cit,‬‬
‫‪161‬‬
‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian,op ,cit‬‬
‫‪162‬‬
‫‪- L. Markert and E. Freiburg,op ,cit‬‬
‫‪163‬‬
‫‪- J. W. Yackee, "Conceptual difficulties in the empirical study of bilateral‬‬
‫‪investment treaties," Brook. J. Int'l L., vol. 33, p. 405, 2007.‬‬
‫‪164‬‬
‫‪- M. T. Parish, A. K. Newlson, and C. B. Rosenberg,op ,cit,‬‬
‫وما يؤيد ذلؾ دراسة حديثة تناولت ىذه المسألة الدقيقة حيث خمصت ىذه الدراسة الى‬
‫أف الدوؿ المدعى عمييا اماـ ىيئات التحكيـ الدولية تعاني مف خسائر في تدفؽ االستثمارات‬
‫األجنبية المباشرة (‪ )FDI‬؛ الف الحكومات التي تتـ مقاضاتيا اماـ المركز الدولي لحؿ منازعات‬
‫االستثمار‪ ICSID‬فإنيا تتيـ بانتياؾ االلتزامات المنصوص عمييا في معاىدات االستثمار الثنائية‬
‫‪( ,‬كما ىو واضح مف خالؿ تقديـ االدعاءات أماـ المركز) ‪ ,‬لذلؾ فاف ىذه الدوؿ تعاني مف‬
‫انخفاض كبير في تدفؽ االستثمار األجنبي المباشر(‪.)165‬‬

‫‪ -2‬قضية السيد ليمير ضد اوكرانيا ‪Lemire v. Ukraine‬‬


‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫يكيا استثمر في صناعة البث اإلذاعي في أوكرانيا‪ ,‬اتيـ السيد‬


‫اطنا أمر ً‬
‫السيد ليمير مو ً‬
‫ليمير السمطات األوكرانية برفض وبشكؿ غير منصؼ لسمسمة طويمة مف الطمبات لمحصوؿ‬
‫عمى ترددات السمكية جديدة لتوسيع أعمالو؛ مما يشكؿ انتياكا لممعاىدة األمريكية‪-‬األوكرانية‪.‬‬
‫طالب السيد ليمير بالتعويض المادي عف الخسار المالية التي تعرض ليا كما انو طالب بمبمغ‬
‫‪ 3‬ثالثة مالييف دوالر أمريكي كتعويض عف األضرار المعنوية نتيجة الضغوطات التي قاؿ إنو‬
‫تعرض ليا باإلضافة الى االجراءات التعسفية و المضايقات المزعومة التي اتخذتيا السمطات‬
‫االوكرانية ضده(‪.)166‬‬

‫رأت ىيئة التحكيـ اف المنطؽ األساس لممطالبة يظير ىدؼ عاـ وىو رغبة السمطات‬
‫األوكرانية في التخمص مف مستثمر أمريكي مزعج مف خالؿ رفض أي طمب لمحصوؿ عمى مزيد‬
‫مف الترددات بشكؿ منيجي ‪ ,‬واحباط خططو إلنشاء قنوات جديدة ‪ ,‬ومضايقتو مف خالؿ‬
‫عمميات تفتيش غير منتظمة وصعوبات لتجديد ترخيصو‪ ,‬لذلؾ قررت ىيئة التحكيـ اف افعاؿ‬
‫السمطات االوكرانية تشكؿ خرقا لمبدأ الحكـ العادؿ والمنصؼ الوارد في معاىدة التجارة‬
‫األمريكية ‪ -‬األوكرانية ‪ ,‬مما يشكؿ اساس لممدعي لمحصوؿ عمى تعويض عادؿ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم‬

‫‪165‬‬
‫‪- T. Allee and C. Peinhardt, "Contingent Credibility: The Reputational Effects of‬‬
‫"‪Investment Treaty Disputes on Foreign Direct Investment. University of Illinois,‬‬
‫‪mimeo2009.‬‬
‫‪166‬‬
‫‪- "Joseph Charles Lemire v. Ukraine, ICSID Case No. ARB/06/18paras. 344 et seq,‬‬
‫‪Decision on Jurisdiction and Liability (Jan. 14, 2010).".‬‬
‫في عاـ ‪ 2011‬قررت ىيئة التحكيـ الزاـ الحكومة االوكرانية اف تدفع الى السيد ليمير‬
‫مبمغ ‪ 8.7‬مميوف دوالر امريكي كتعويض عن الخسائر المادية التي تعرض ليا(‪.)167‬‬

‫اال اف ىيئة التحكيـ ‪ ICSID‬رفضت طمب المستثمر بتعويضات عن االضرار المعنوية‬


‫بمبمغ ‪ 3‬مميوف دوالر أمريكي نتيجة االجراءات التعسفية المزعومة والضغوطات التي قاؿ إنو‬
‫تعرض ليا مف قبؿ السمطات االوكرانية‪ .‬حيث وجدت ىيئة التحكيـ أف العديد مف إجراءات الدولة‬
‫المضيفة قد تـ معالجتيا بؿ وتـ تصحيحيا جزئياً‪ ,‬وبالتالي لـ ترى أف المدعي قد عانى مف‬
‫الضغوطات أو قمؽ غير عادي ‪ ,‬وبالتالي توصمت ىيئة التحكيـ إلى استنتاج مفاده أنو لمنح‬
‫التعويض عف الضرر المعنوي ينبغي اف تكوف االنتياكات خطيرة وجسيمة لمغاية(‪.)168‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫وفي نياية المطاؼ قررت ىيئة التحكيـ انو ال يجوز منح التعويض لألضرار المعنوية‬
‫إال تحت الظروؼ االستثنائية اال انو وبالرجوع الى الحكـ االوؿ لـ تحدد ىيئة التحكيـ ما‬
‫المقصود بالظروؼ االستثنائية وبالتالي ضرورة البحث عف المعايير التي استندت الييا الييئة في‬
‫اعتبار ما ورد مف ضمف الظروؼ االستثنائية وىذا ما قاد البعض عف التساؤؿ في ىذه القضية‬
‫اف ىيئة‬ ‫ىؿ تـ تحديد معايير لذلؾ اـ ال ‪ ,‬وىذا ما تـ فعال اذ بالرجوع الى اوليات الحكـ نجد‬
‫التحكيـ قد أوضحت في ىذه القضية معايير الظروؼ االستثنائية؛ حيث قضت بانو كقاعدة عامة‬
‫‪ ,‬ال تكوف األضرار المعنوية متاحة ألي طرؼ يتضرر مف أفعاؿ الدولة غير المشروعة ‪ ,‬ولكف‬
‫يمكف التعويض عف األضرار المعنوية في حاالت استثنائية ‪ ,‬شريطة أف(‪:)169‬‬

‫أ‪ -‬تكون أفعال الدولة منطوية عمى تيديد جسدي أو احتجاز غير قانوني أو حاالت‬
‫مشابية أخرى تتنافى فييا سوء المعاممة مع القواعد التي يتوقع من األمم المتحضرة‬
‫اتخاذ إجراءات بشأنيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تتسبب أعمال الدولة في تدىور الحالة الصحية ‪ ,‬والتوتر ‪ ,‬والقمق ‪ ,‬والمعاناة النفسية‬
‫األخرى مثل اإلذالل ‪ ,‬والعار ‪ ,‬والتدىور ‪ ,‬أو فقدان السمعة ‪ ,‬واالئتمان ‪ ,‬والمركز‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫ت‪ -‬يكون السبب والنتيجة كالىما خطير أو جوىري‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪- Joseph Charles Lemire v. Ukraine,op ,cit,‬‬
‫‪168‬‬
‫‪- I. Michou,op ,cit,‬‬
‫‪169‬‬
‫‪- J. R. Laird,op ,cit,‬‬
‫وطبقت ىيئة التحكيـ ىذه المعايير عمى وقائع القضية ورفضت االدعاء الذي قدمو السيد‬
‫ليمير عف األضرار المعنوية‪ .‬والحظت المحكمة أف الجيود المفرطة أو غير المتناسبة التي قد‬
‫يكوف مقدـ الطمب قد تكبدتيا عند طمب التراخيص اإلدارية ‪ ,‬بطبيعتيا ‪ ,‬مف غير المرجح أف‬
‫تؤدي إلى أضرار معنوية ‪ ,‬حيث اف الضرر الحاصؿ ال يمبي أي مف المعايير الثالثة المطموبة‬
‫لمنح التعويض المعنوي وبالنسبة إلى المحكمة ‪ ,‬لـ يكف السيد ليمير يعاني مف اي " ضغوط أو‬
‫قمؽ غير عادي" نتيجة لمحصوؿ عمى ترددات السمكية جديدة‪ .‬لذلؾ رأت ىيئة التحكيـ اف طمبو‬
‫بالتعويض المعنوي غير مبرر(‪.)170‬‬

‫لذلؾ ذىب البعض الى القوؿ اف محاكـ االستثمار قد طورت عتبة عالية مف "الظروؼ‬
‫االستثنائية" ‪ ,‬وعادة ما تنطوي عمى تيديد مادي وتدىور في الصحة والمعاناة النفسية ‪ ,‬أو فقداف‬
‫السمعة واالئتماف والمركز االجتماعي(‪.)171‬‬

‫‪Cementownia 'Nowa Huta' SA v.‬‬ ‫سمنتونيا ضد تركيا‬ ‫‪ -3‬قضية‬


‫(‪)172‬‬
‫‪Turkey‬‬
‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫سمنتونيا ىي شركة بولندية بدأت إجراءات التحكيـ ضد الحكومة التركية بموجب معاىدة‬
‫ميثاؽ الطاقة في ظؿ الظروؼ ذاتيا واالدعاءات نفسيا المتعمقة بالخرؽ كما في قضية أوربا‬
‫لألسمنت المذكورة أعاله ومف الجدير بالذكر ىنا‪ ,‬أف شركة (‪ ( CEAS‬ىي شركة تركية مقرىا‬
‫في أضنة‪ .‬تـ تسجيميا في سجؿ أضنة التجاري منذ ‪ 24‬ديسمبر ‪ .1952‬تأسست كمرفؽ‬
‫كيربائي متكامؿ‪ ,‬وبصفتيا شركة مساىمة مفتوحة لمممكية والمساىمة الخاصة ‪ ,‬لغرض بناء‬
‫وتشغيؿ محطات توليد الطاقة والمرافؽ ذات الصمة الممولة مف قبؿ قروض البنؾ الدولي‪ .‬كانت‬
‫الحكومة التركية في وقت انشاء الشركة تسيطر عمى ما يقرب مف ‪ : 35‬مف أسيـ ‪ CEAS‬مف‬
‫خالؿ الييئات والشركات الحكومية‪ .‬تنشط شركة ‪ CEAS‬في خدمات الكيرباء وتوزيع الطاقة‬
‫الكيربائية ونقؿ الكيرباء وبيعيا في اجزاء كبيرة مف تركيا(‪.)173‬‬

‫‪170‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes,op,cit,‬‬
‫‪171‬‬
‫‪- I. Marboe,op cit,‬‬
‫‪172‬‬
‫)‪- Cementownia „Nowa Huta‟ SA v Turkey, ICSID (Case No ARB(AF)/06/2‬‬
‫"‪Award, 17 September 2009.‬‬
‫‪173‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes,op,cit,‬‬
‫بينما ‪ Kepez‬ىي شركة كيرمائية تركية أيضا مقرىا في أنطاليا‪ .‬تأسست عاـ ‪1953‬‬
‫كمرفؽ متكامؿ لتوليد الطاقة الكيربائية‪ ,‬وىي شركة مساىمة أيضا‪ .‬عندما تـ تأسيس شركة‬
‫‪ , Kepez‬سيطرت الحكومة التركية عمى حوالي ‪ : 40‬مف أسيميا مف خالؿ كيانات وشركات‬
‫حكومية ‪ .‬أف الشركتاف مسجمتاف بموجب قوانيف تركيا‪ .‬استندت أعماليـ التجارية إلى اتفاقات‬
‫امتياز أبرمت مع و ازرة الطاقة والموارد الطبيعية التركية‪ ,‬حيث أنو في عاـ ‪ , 1953‬حصمت‬
‫شركة ‪ CEAS‬عمى امتياز لتوليد الكيرباء ونقميا وتوزيعيا وتسويقيا في ثالث مناطؽ في جنوب‬
‫مكافئا لمنطقة أنطاليا وجنوب‬
‫ً‬ ‫امتياز‬
‫ًا‬ ‫وسط تركيا ‪ .‬و في عاـ ‪ُ , 1956‬منح كيبيز ‪Kepez‬‬
‫وسط تركيا(‪.)174‬‬

‫في عاـ ‪ , 1992‬قررت تركيا خصخصة أسيميا المتبقية بنسبة ‪ : 11.25‬في‬


‫‪ CEAS‬و ‪ : 25.39‬في كيبيز مف خالؿ عرضيا عمى المستثمريف الوطنييف واألجانب في‬
‫عممية تقديـ عطاءات‪ .‬ووفقاً لممدعي ‪ ,‬كاف الفائز في كال ىذيف العرضيف ىو روميمي إلكتريؾ‬
‫ياتريـ إيو‪ .‬إس‪ , .‬الممموؾ ألفراد مف عائمة أوزاف التركية مف خالؿ شركتيـ القابضة ( روممي‬
‫القابضة) ‪ .‬كاف سعر شراء أسيـ ‪ CEAS‬حوالي ‪ 81‬مميوف دوالر أمريكي ولألسيـ في كيبيز‬
‫حوالي ‪ 33‬مميوف دوالر أمريكي‪ .‬وأضاؼ المدعي ‪ ,‬أنو في ‪ 30‬مايو ‪ 2003‬استحوذت شركة‬
‫‪ Cementownia‬مف السيد كماؿ أوزاف عمى ‪ : 12.23‬مف إجمالي رأس ماؿ شركة ‪CEAS‬‬
‫و ‪ : 10.74‬مف إجمالي رأس ماؿ شركة ‪. Kepez‬‬

‫وقد أكد المدعي ( ممثؿ شركة ‪ )Cementownia‬أف الصفقة تمت مف خالؿ مكالمة‬
‫السيد (جيرزي‬ ‫ىاتفية بيف السيد كماؿ أوزاف ورئيس مجمس إدارة شركة (‪)Cementownia‬‬
‫سيبييال) قاـ السيد أوزاف بتوقيع اتفاقيات شراء األسيـ ذات الصمة في إسطنبوؿ في ‪ 30‬مايو‬
‫‪ , 2003‬كما قاـ السيد (سيبييال) بتوقيع االتفاقيات في كراكوؼ‪ .‬فيما يتعمؽ بنقؿ األسيـ‬
‫مباشرة ‪ ,‬يقاؿ إف شيادات األسيـ التي تمثؿ األسيـ لحامميا قد تـ تسميميا إلى شركة‬
‫)‪ )Cementownia‬ووفقًا لمسيد أوزاف ‪ ,‬قاـ الموظفوف الموثقوف في مجموعة روميمي بنقؿ‬
‫شخصيا إلى الودائع المصرفية لشركة )‪ )Cementownia‬في كراكوؼ وفيينا‪.‬‬
‫ً‬ ‫األسيـ‬

‫يوما مف إعالف الشركة‬ ‫بعد ذلؾ وفي ‪ 12‬يونيو ‪ , 2003‬أي بعد اثني عشر ً‬
‫المستثمرة أنيا استحوذت عمى حصص في ‪ CEAS‬و ‪ , Kepez‬قامت الحكومة التركية بإنياء‬
‫اتفاقيات االمتياز لعاـ ‪ 1998‬بحجة اف الشركة المستثمرة قد خرقت االلتزامات المتفؽ عمييا‬
‫بموجب اتفاؽ االمتياز‪ .‬وفي الوقت نفسو‪ ,‬قامت قوات الشرطة المسمحة بمداىمة جميع المرافؽ‬

‫‪174‬‬
‫‪- "Cementownia „Nowa Huta‟ SA v Turkey, para. 5.‬‬
‫التابعة لشركتي ‪ CEAS‬و ‪ Kepez‬واستولت عمييا‪ .‬وخالؿ عممية االستيالء ‪ ,‬تمت مصادرة‬
‫جميع دفاتر األستاذ والسجالت والممفات واألوراؽ والمراسالت والمستندات األخرى الخاصة بػ‬
‫‪ CEAS‬و ‪ Kepez‬باإلضافة إلى جميع أصوؿ ‪ CEAS‬و ‪ .Kepez‬ولـ ُيسمح الي فرد‬
‫بالوصوؿ إلى مباني الشركتيف‪ .‬وقد سممت الشرط لممثمي شركتي ‪ CEAS‬و ‪ , Kepez‬خالؿ‬
‫ىذه المداىمات والمصادرة ‪ ,‬رسائؿ مؤرخة في ‪ 11‬يونيو ‪ 2003‬تتضمف أنياء اتفاقات االمتياز‬
‫لعاـ ‪ 1998‬بأثر فوري(‪.)175‬‬

‫ورفضت المحكمة طمبات المدعي في القضية لعدـ كفاية األدلة حيث أف شركة سمنتونيا‬
‫ال تممؾ أي سيـ في أي مف الشركتيف التركيتيف‪ .‬وذىبت ىيئة التحكيـ إلى أبعد مف ذلؾ‬
‫وأضافت أنو عمى أية حاؿ ‪ ,‬فاف الدعوى كانت "مجرد حيمة" إلى ختالؽ الوالية القضائية الدولية‬
‫حيث ال يوجد أي منيا وأف المدعي قد أساء عف قصد وبسوء نية استخداـ التحكيـ مف خالؿ‬
‫الزعـ بأنو المستثمر ‪ ,‬مما يشكؿ "إساءة الستخداـ اجراءات التحكيـ" ومطالبة "احتيالية"(‪.)176‬‬

‫طمبت الحكومة التركية مف ىيئة التحكيـ الحكـ بتعويضات معنوية لمحكومة التركية ‪,‬‬
‫وذلؾ الف سموؾ المدعي شركة ( ‪ (Cementownia‬في ىذه القضية كاف فاضحا وبسوء نية‪.‬‬
‫ولقد أكدت وتبعت ادعاء ال أساس لو واستندت الى حجج زائفة ضد تركيا وذلؾ بقصد اإلضرار‬
‫بمكانتيا وسمعتيا الدولية‪ .‬وقد استشيدت الحكومة التركية باإلشارة إلى قضيتيف نظرتا اماـ‬
‫ضد‬ ‫‪ ( ICSID‬ىما قضية خطوط الصحراء ضد اليمف وقضية شركة ‪B&B‬‬ ‫االكسيد‬
‫الكونغو) ‪ ,‬حيث ذىبت الحكومة التركية الى أنو "عمى الرغـ مف أف كمتا القضيتيف تضمنت منح‬
‫تعويضات معنوية "أو" عادلة " لمطرؼ المدعي ‪ ,‬فال يوجد سبب رئيس لعدـ منح تعويض مماثؿ‬
‫بتعويضا‬
‫ً‬ ‫وبناء عمى ذلؾ ‪ ,‬طالبت الحكومة التركية‬ ‫ً‬ ‫لمدولة المدعى عمييا في الحالة المناسبة‪.‬‬
‫عف األضرار المعنوية بشكؿ منفصؿ عف الحكـ بالتكاليؼ والفوائد اإلضافية ليا(‪.)177‬‬

‫وردا عمى متطمبات تركيا بالتعويض عن الضرر المعنوي اكدت ىيئة التحكيم أنو‪:‬‬

‫" في قضية ‪ Benvenuti‬ضد جميورية الكونغو ‪ ,‬تناولت ىيئة التحكيـ مسألة‬


‫التعويض المعنوي وذكرت ما يمي‪ :‬لدى المحكمة سبب لمشؾ في عبارات شركة ‪ B & B‬المدعية‬
‫البسيطة بأنيا فقدت ائتمانيا مع موردييا أو المصرفييف أو أنيا لـ تستطع الحصوؿ عمى‬
‫الموظفيف الالزميف‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬ومع مراعاة التدابير التي كانت شركة ‪ B&B‬موضوعيا‬
‫‪175‬‬
‫"‪- Cementownia „Nowa Huta‟ SA v Turkey, para. 15-16..‬‬
‫‪176‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Satisfaction as a Form of Reparation for Moral Damages Suffered‬‬
‫‪by Investors and Respondent States in Investor-State Arbitration Disputes,op ,cit,‬‬
‫‪177‬‬
‫‪- "Cementownia „Nowa Huta‟ SA v Turkey, para. 165.‬‬
‫واإلجراءات الناتجة عنيا ‪ ,‬والتي مف المؤكد أنيا أخمت بأنشطة ‪ , B & B‬ترى المحكمة أنو مف‬
‫اإلنصاؼ منحيا مبمغ خمسة مالييف فرنؾ أفريقي ‪ CFA 5,000,000‬كتعويض عف االضرار‬
‫المعنوية"‪.‬‬

‫الجميورية اليمنية ‪esert Line‬‬ ‫أما في قضية مشاريع خطوط الصحراء ضد‬
‫‪ ,Projects LLC‬ذكرت ىيئة التحكيـ أوالً أف معاىدات االستثمار‪ :‬ال تستبعد ‪ ,‬عمى ىذا النحو‬
‫‪ ,‬أنو يجوز لمطرؼ ‪ ,‬في ظروؼ استثنائية ‪ ,‬المطالبة بالتعويض عف األضرار المعنوية‪ .‬وأنو مف‬
‫أيضا استحقاؽ التعويض عف األضرار‬
‫ً‬ ‫عموما في معظـ النظـ القانونية أنو يمكف‬
‫ً‬ ‫المقبوؿ‬
‫المعنوية إلى جانب األضرار االقتصادية"‬

‫وكما يتضح مف ىذيف الق ارريف ‪ ,‬أنو ال يوجد في اتفاقية ‪ ICSID‬وقواعد التحكيـ والمرفؽ‬
‫اإلضافي أي شئ يمنع ىيئة التحكيـ مف منح تعويضات معنوية‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬يجب التأكيد عمى‬
‫أنو في قضية مشاريع خط الصحراء ضد اليمف ‪ ,‬قررت ىيئة التحكيـ منح التعويض المعنوي ‪,‬‬
‫عمى أساس االلتزامات الواردة في معاىدة االستثمار الثنائية (‪ )BIT‬بيف اليمف وسمطنة عماف ‪,‬‬
‫وخاصة التزاـ األمف ‪ ,‬وأف الظروؼ االستثنائية ‪ ,‬مثؿ اإلكراه البدني الذي عانى منو المستثمر ‪,‬‬
‫قد بررت الحكـ بالتعويض المعنوي‪.‬‬

‫في ىذه القضية ‪ ,‬أف المدعي ‪ -‬المستثمر المزعوـ ‪ -‬وليس المدعى عميو ‪ -‬الحكومة‬
‫‪ -‬ىو المسؤوؿ عف إساءة استخداـ االجراءات التحكيمية‪ .‬عمى النقيض مف قضية مشاريع خط‬
‫الصحراء ‪ ,‬حيث اعتمد المستثمر في طمب التعويض عف األضرار المعنوية عمى معاىدة‬
‫االستثمار الثنائية ‪ BIT‬بيف اليمف وعماف‪.‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫تعويضا عف‬
‫ً‬ ‫أما في ىذه القضية‪ ,‬فأف المدعى عميو يطالب ىيئة التحكيـ منحو‬
‫األضرار المعنوية التي تستند فقط عمى إساءة استخداـ االجراءات التحكيمية‪ ,‬وبعد مناقشة‬
‫قانونيا كافياً لمنح‬
‫ً‬ ‫أساسا‬
‫ً‬ ‫مستفيضة في الييئة تبيف انو ومف المشكوؾ فيو أف يشكؿ ىذا المبدأ‬
‫تعويض عف األضرار المعنوية‪ ,‬ومع ذلؾ ‪ ,‬في القضية المطروحة ‪ ,‬ترى ىيئة التحكيـ أف مف‬
‫المناسب معاقبة المدعي فيما يتعمؽ بتخصيص التكاليؼ‪ ,‬وبالتالي ‪ ,‬تـ رفض طمب المدعى‬
‫عميو لمحصوؿ عمى تعويضات عف االضرار المعنوية التي يدعييا (‪.)178‬‬

‫‪178‬‬
‫"‪- "Cementownia „Nowa Huta‟ SA v Turkey, para. 166-172..‬‬
‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫استنتج بعض الفقو مف ىذا القرار ‪ ,‬أف ىيئة التحكيـ قضت بأف التعويضات عف‬
‫االضرار المعنوية ال يتـ منحيا اال نتيجة خرؽ لممعاىدة الثنائية او العقد المبرـ بيف الطرفيف وال‬
‫يمكف الحكـ بيا لمعاقبة المدعي بتيمة إساءة استخداـ االجراءات التحكيمية‪.‬‬

‫حيث اف ىناؾ صعوبة أساسية فيما يتعمؽ بمطالبات التعويضات عف االضرار المعنوية‬
‫مف الدوؿ المدعى عمييا ‪ ,‬النو ال يوجد أي خرؽ لممعاىدة (أو العقد) ذات الصمة والتي يمكف‬
‫التذرع بيا مف قبؿ الدولة المدعى عمييا كأساس لممطالبة بالتعويض عف األضرار المعنوية ‪,‬‬
‫وعمى أي حاؿ ‪ ,‬فاف اتفاؽ التحكيـ ال يمتد إلى دعاوى مضادة مف قبؿ الدولة المدعى عمييا‪.‬‬
‫وعمى نفس المنواؿ ‪ ,‬رفضت المحكمة في قضية ( أوربا لألسمنت ) مطالبة تركيا بالتعويض‬
‫مبرر‬
‫ًا‬ ‫المعنوي مشيرة إلى أف الضرر الذي يمحؽ بالسمعة سوؼ يتـ جبره مف خالؿ حكميا ‪-‬‬
‫لموقف تركيا‪ -‬ومف خالؿ تخصيص التكاليؼ(‪.)179‬‬

‫في غضوف ذلؾ ‪ ,‬أظيرت قضية ‪ Cementownia‬ضد تركيا أف المبدأ العاـ في ىذه‬
‫القضية ىو إساءة استخداـ االجراءات ‪ -‬عمى النقيض مف التزاـ محدد لمضماف في المعاىدة‬
‫الثناية كما ىو الحاؿ في قضية خط الصحراء ضد اليمف – لذا فانو مف غير المحتمؿ أف يكوف‬
‫ىذا كافياً لمحصوؿ عمى تعويضات معنوية منفصمة لألضرار(‪.)180‬‬

‫وبالتالي ظمت عتبة التعويضات المعنوية في قضية شركة خطوط الصحراء ضد اليمف‬
‫‪ Desert Line v Yemen‬عالية لمغاية‪ ,‬ويبدو أف المحكمتيف توافقاف عمى أنو ال يجوز منح‬
‫التعويض عف االضرار المعنوية إال "في ظروؼ استثنائية" ‪ ,‬أحدىا ىو اإلكراه البدني الضار‬
‫(العمدي) ‪ ,‬والمؤسس عمى المسؤولية المستندة إلى الخطأ‪ ,‬وقد أوضحت ىيئة التحكيـ في‬
‫قضية لومير ضد أوكرانيا ىذه المعايير ( معايير الظروؼ االستثناية) أكثر؛ حيث قضت بانو‬
‫كقاعدة عامة ‪ ,‬ال تكون األضرار المعنوية متاحة ألي طرف يتضرر من أفعال الدولة غير‬
‫المشروعة‪ ,‬ولكن يمكن التعويض عن األضرار المعنوية في حاالت استثنائية ‪ ,‬شريطة أن‬
‫تكون االنتياكات خطيرة وجسيمة لمغاية‪.)181(.‬‬

‫‪179‬‬
‫‪- S. Jagusch and T. Sebastian,op ,cit,‬‬
‫‪180‬‬
‫‪- J. R. Laird,op ,cit,‬‬
‫‪181‬‬
‫‪- I. Marboe,op ,cit,‬‬
‫انفرع انثبنث‬

‫انقضبّب املرفٌضت ػهَ اسبس ػذو االختصبص‬

‫قضية السيد بيمون ضد جميورية غانا ‪BILOUNE V. GHANA‬‬

‫‪ -‬ممخص حيثيات ووقائع القضية‬

‫ممخص قضية بيموف ضد غانا ‪ ,‬اف السيد أنطواف بيموف ىو مواطف سوري وىو المساىـ‬
‫الرئيس في مؤسسة غانية ىي شركة ماريف درايؼ كومبمكس المحدودة ‪ . MDCL‬في عاـ‬
‫‪ , 1985‬ابرمت شركة ‪ MDCL‬مع شركة غانا لمتنمية السياحية ‪ GTDC‬عقد إيجار بموجبو‬
‫كاف لشركة ‪ MDCL‬تجديد وادارة مطعـ سياحي‪ .‬وفي وقت الحؽ ‪ ,‬تـ تغيير العالقة التجارية‬
‫بينيما إلى مشروع مشترؾ‪ .‬بعد االنتياء مف دراسة الجدوى ‪ ,‬تـ توسيع نطاؽ المشروع إلى بناء‬
‫مجمع عبارة عف منتجع فندقي ‪ 4‬نجوـ واسع النطاؽ‪ .‬في عاـ ‪ , 1986‬تقدمت ‪ MDCL‬إلى‬
‫مركز االستثمار الغاني ‪ GIC‬لمحصوؿ عمى مساعدة مالية معينة لممشروع الجديد ‪ ,‬والتي كانت‬
‫متاحة لممشروعات المشتركة بيف الشركاء األجانب والغانييف بموجب قانوف االستثمار الغاني لعاـ‬
‫‪.1985‬‬

‫وقد تمت الموافقة عمى االستثمار مف قبؿ ‪ GIC‬و تـ توقيع اتفاقية في العاـ نفسو‪ .‬في‬
‫عاـ ‪ , 1987‬أصدر مجمس مدينة أك ار ‪ ACC‬إشعار "وقؼ العمؿ" في المشروع االستثماري‬
‫لعدـ وجود تصريح بناء‪ .‬ووفقاً لما ذكره المدعوف ‪ ,‬انيـ حصموا عمى تأكيدات مف لجنة التنسيؽ‬
‫اإلدارية بأف الموافقة عمى البناء ستصدر قريباً وطمبت منيـ المجنة المذكورة مواصمة البناء دوف‬
‫إذف(‪.)182‬‬

‫بعد فترة وجيزة ‪ ,‬أمرت لجنة التنسيؽ اإلدارية بيدـ المشروع وأعمنت (في صحيفة محمية)‬
‫أف األشخاص المتورطيف في المشروع يجب أف يقدموا تقاريرىـ إلى لجنة التحقيقات الوطنية‬
‫‪ NIC‬وقد قاـ بذلؾ السيد بيموف (باإلضافة إلى موظفيف آخريف في إدارة الشركة ‪ MDCL‬وأُمروا‬
‫بمؿء "استمارة إعالف األصوؿ" في غضوف أربعة عشر يوماً ) طمب السيد (بيموف) تمديد المدة‬
‫وتمكف مف تمديد الموعد النيائي اكثر مف مرة)‪ .‬وبعد عدة أشير ‪ ,‬ألقي القبض عميو واحتُجز‬
‫لمدة ثالثة عشر يوماً دوف توجيو أية تيمة‪ .‬وصدر إشعار بأبعاده يقضي بأف وجود السيد‬

‫‪182‬‬
‫‪- "Antoine Biloune (Syria) & Marine Drive Complex Ltd. (Ghana) v. Ghana‬‬
‫‪Investment Centre & Government of Ghana, ad hoc arbitration under the UNCITRAL‬‬
‫‪Arbitration Rules, Award on Jurisdiction and Liability, Oct. 27, 1989, Availble:‬‬
‫(بيموف) في غانا "غير مفيد لمصالح العاـ" ويجب عميو مغادرة البمد في نفس اليوـ‪ .‬وبعد‬
‫بضعة أياـ تـ ترحيؿ السيد بيموف مف غانا إلى توغو(‪.)183‬‬

‫بدأ ألمدعوف إجراءات التحكيـ وفقا لقواعد تحكيـ اليونسيتراؿ ‪ UNCITRAL‬وبموجب‬


‫شرط التحكيـ الوارد في االتفاؽ وادعوا أف مركز االسستثمار الغاني ‪ GIC‬وحكومة غانا قد تدخال‬
‫في استثماراتيما في شركة ‪ MDCL‬وأف أصوليما قد صودرت‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أف السيد‬
‫بيموف لـ يطالب بالتحديد بتعويض نقدي عف األضرار المعنوية التي نجمت عف إلقاء القبض‬
‫عميو وترحيمو ‪ ,‬ولكنو طالب بالتعويض المعنوي عف "إنكار العدالة" و "انتياؾ حقوؽ اإلنساف"‪.‬‬
‫وقد لخصت المحكمة حجة المدعيف باالتي‪" :‬اكد المدعوف أف االحتجاز التعسفي مف جانب‬
‫الحكومة وطرد السيد (بيموف) وانتياؾ ممتمكاتو وحقوقو التعاقدية يشكالف انتياكاً قانونياً لحقوؽ‬
‫اإلنساف قد يمزـ التعويض عنيما في التحكيـ التجاري عمالً باتفاؽ الطرفيف(‪.)184‬‬

‫وقد اكدت ىيئة التحكيـ أنو يجب عمى الدولة المضيفة بشكؿ عاـ أف تمنح الحد األدنى‬
‫مف معايير المعاممة لممستثمريف األجانب ‪ ,‬والتي تشمؿ التزامات "حقوؽ اإلنساف األساسية حيث‬
‫يقتضي القانوف الدولي العرفي الراسخ أف تمنح الدولة المواطنيف األجانب داخؿ أراضييا معيا اًر‬
‫لممعاممة ال يقؿ عف المستوى المنصوص عميو في القانوف الدولي‪ .‬وعالوة عمى ذلؾ ‪ ,‬يقر‬
‫القانوف الدولي المعاصر بأنو يحؽ لجميع األفراد ‪ ,‬بغض النظر عف جنسيتيـ ‪ ,‬التمتع بحقوؽ‬
‫اإلنساف األساسية (التي تشمؿ ‪ ,‬في نظر المحكمة ‪ ,‬الممكية وكذلؾ الحقوؽ الشخصية) ‪ ,‬التي‬
‫ال يجوز ألية حكومة أف تنتيكيا(‪.)185‬‬

‫‪ -‬حكم ىيئة التحكيم في القضية‬

‫وفقا لمحيثيات ومع كؿ ما ورد ذىبت ىيئة التحكيـ في قرارىا الى عدـ وجود اختصاص‬
‫ليا بمطالبة السيد (بيموف) بتيمة انتياؾ حقوؽ اإلنساف استناداً إلى المغة التقييدية الواردة في‬
‫شرط التحكيـ‪ .‬حيث انو ال يستتبع ذلؾ أف تكوف ىذه المحكمة مختصة بالمرور عمى كؿ نوع مف‬

‫‪183‬‬
‫‪- "Biloune v. Ghana Investment Centre," in ILR vol. 95, ed, 1993, p. 183.‬‬
‫‪184‬‬
‫‪- "Antoine Biloune (Syria) & Marine Drive Complex Ltd,op cit.‬‬
‫‪185‬‬
‫‪- C. Reiner and C. Schreuer, "Human rights and international investment‬‬
‫‪arbitration," Human rights in international investment law and arbitration, vol. 82, p.‬‬
‫‪90, 2009.‬‬
‫االبتعاد عف الحد األدنى مف المعايير التي يحؽ لألجانب الحصوؿ عمييا أو أف ىذه المحكمة‬
‫مخولة بالتعامؿ مع مزاعـ انتياؾ حقوؽ اإلنساف األساسية(‪.)186‬‬

‫حيث اوضحت ىيئة التحكيـ وجية نظرىا في ىذه القضية بالتالي‪" :‬اف اختصاص ىذه‬
‫المحكمة يقتصر عمى المنازعات التجارية الناشئة بموجب عقد مبرـ في سياؽ قانوف االستثمار‬
‫الغاني ‪ .‬وحيث أف الحكومة الغانية وافقت عمى التحكيـ في النزاعات المتعمقة باالستثمار‬
‫األجنبي فقط ‪ .‬وبالتالي ‪ ,‬فإف المسائؿ أألخرى ‪,‬ميما كانت مقنعة او الفعؿ المزعوـ كاف غير‬
‫مشروعا‪ ,‬فأنيا تقع خارج نطاؽ اختصاص ىذه المحكمة ‪ .‬وبموجب وقائع ىذه القضية ‪ ,‬يجب‬
‫أف يستنتج أنو في حيف أف األفعاؿ المزعومة بانتياؾ حقوؽ اإلنساف الدولية لمسيد بيموف قد تكوف‬
‫ذات صمة بالنظر في نزاع االستثمار قيد التحكيـ ‪ ,‬فإف ىذه المحكمة تفتقر إلى الوالية القضائية‬
‫لمتصدي الدعاءات انتياؾ حقوؽ اإلنساف كقضية مستقمة"(‪.)187‬‬

‫‪ -‬التعميق عمى الحكم‬

‫ويمكف القوؿ إف المحكمة في ىذه القضية قد أكدت أف اختصاصيا القضائي ينعقد فقط‬
‫فيما يتعمؽ بالمنازعات التجارية الناشئة بموجب العقد ألمبرـ في سياؽ قانوف االستثمار في غانا‪.‬‬
‫وعميو ‪ ,‬كانت مطالبات التعويض عف األضرار المعنوية المستندة الى انتياؾ حقوؽ االنساف‬
‫خارج نطاؽ اختصاصيا(‪.)188‬‬

‫ولذلؾ ذىب البعض الى اف قضية بيموف ضد غانا تشكؿ مثاال ناد ار عندما رفضت ىيئة‬
‫التحكيـ االختصاص‪ .‬حيث انو في ىذه القضية ‪ ,‬كاف عمى المحكمة أف تفصؿ في نزاع‬
‫االستثمار عمى أساس شرط التحكيـ في عقد االستثمار وليس عمى أساس معاىدة االستثمار‬
‫الثنائية‪ .‬في حيف أف شرط التحكيـ فيما يتعمؽ بقانوف االستثمار في غانا جعؿ التحكيـ ‪ ,‬مف‬
‫وجية نظر رسمية ‪ ,‬تحكيماً تجارياً ‪ ,‬واف المستثمر أسس مطالبتو بالتعويضات المعنوية عمى‬
‫اساس انتياكات حقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫وبعد أف الحظت ىيئة التحكيـ أف اختصاصيا "مقصور عمى المنازعات التجارية‬


‫الناشئة بموجب عقد أبرـ في سياؽ قانوف االستثمار في غانا" ‪ ,‬رفضت ىيئة التحكيـ‬

‫‪186‬‬
‫‪- P. Dumberry, "Compensation for Moral Damages in Investor-State Arbitration‬‬
‫"‪Disputes,‬‬
‫‪187‬‬
‫‪- "Biloune and Marine Drive Complex Ltd v. Ghana Investments Centre and the‬‬
‫‪Government of Ghana, para. 61.‬‬
‫‪188‬‬
‫‪- J. Wong, "The Misapprehension of Moral Damages in Investor-State‬‬
‫‪Arbitration," 2012.‬‬
‫االختصاص اي رفضت النظر في مطالبات المدعي بالتعويض المعنوي المؤسس عمى انتياؾ‬
‫(‪)189‬‬
‫وىذا يدؿ عمى أف اختصاص ىيئة التحكيـ بشأف األضرار المعنوية سيعتمد‬ ‫حقوؽ االنساف‬
‫عمى شروط المعاىدة التي تشكؿ نطاؽ اختصاص ىيئة التحكيـ(‪.)190‬‬

‫ولكف بعض الفقو ذىب الى أنو قد يكوف الوضع مختمفًا إذا اختار المستثمر االعتماد‬
‫ليس عمى التحكيـ في معاىدة االستثمار ‪ ,‬ولكف عمى التحكيـ التجاري الناشئ عف اتفاقية‬
‫المشروع المنفصمة مع الدولة‪ .‬ففي ىذه الحالة فأف الفصؿ في دعوى انتياؾ الحقوؽ الشخصية‬
‫في ىذا التحكيـ التجاري تعتمد كميا عمى صياغة شرط التحكيـ الوارد في اتفاقية المشروع‪ .‬كاف‬
‫ىذا ىو الحاؿ بالضبط والنقطة المحورية في قضية بيموف ضد غانا ‪)Biloune v. Ghana ( .‬‬

‫ففي ىذه القضية نص شرط التحكيـ عمى‪" :‬عندما ينشأ أي نزاع بيف المستثمر األجنبي‬
‫والحكومة فيما يتعمؽ بالمشروع االستثماري ‪ .......,‬ويجوز تقديـ أي نزاع بيف المستثمر األجنبي‬
‫والحكومة فيما يتعمؽ بمشروع معتمد أو تـ التفاؽ عميو ‪ ......‬إلى التحكيـ ‪....‬وفقًا لمنظاـ‬
‫الداخمي لمتحكيـ لمجنة األمـ المتحدة لمقانوف التجاري الدولي اليونستراؿ‪"...‬‬

‫اال أف محكمة التحكيـ قضت في البند ‪ 60‬مف ىذه القضية بحؽ بأف شرط التحكيـ ال يغطي‬
‫انتياؾ حقوؽ الشخصية التي يتحمميا المستثمر‪ ,‬وكما يمي‪:‬‬

‫معيار‬
‫ًا‬ ‫يتطمب القانوف الدولي العرفي الراسخ أف تمنح الدولة الرعايا األجانب داخؿ إقميميا‬
‫لممعاممة ال تقؿ عف تمؾ المنصوص عمييا في القانوف الدولي‪ .‬عالوة عمى ذلؾ ‪ ,‬يعترؼ القانوف‬
‫الدولي المعاصر بأف جميع األفراد ‪ ,‬بغض النظر عف الجنسية ‪ ,‬يحؽ ليـ التمتع بحقوؽ اإلنساف‬
‫األساسية (والتي ‪ ,‬في نظر المحكمة ‪ ,‬تشمؿ الممكية والحقوؽ الشخصية) ‪ ,‬والتي ال يجوز ألي‬
‫حكومة انتياكيا‪ .‬ومع ذلؾ ‪ ,‬ال يترتب عمى ذلؾ أف ىذه المحكمة مختصة بالنظر في كؿ نوع‬
‫مف أنواع االبتعاد عف الحد األدنى مف معايير معاممة األجانب ‪ ,‬أو أف ىذه المحكمة مخولة‬
‫بمعالجة مزاعـ انتياكات حقوؽ اإلنساف األساسية(‪.)191‬‬

‫عمى الرغـ مف أف االستثمار األجنبي المباشر ىو المصدر الرئيسي لمتطور السريع لدولة‬
‫ما ‪ ,‬إال أف ىناؾ بعض الظروؼ او الحاالت التي يتعارض فييا االستثمار األجنبي مع‬

‫‪189‬‬
‫‪- I. A. Laird, B. Sabahi, F. G. Sourgens, and T. J. Weiler, Investment Treaty‬‬
‫‪Arbitration and International Law-Volume 7 vol. 1: Juris Publishing, Inc., 2014.‬‬
‫‪190‬‬
‫‪- A. P. Newcombe and L. Paradell, Law and practice of investment treaties:‬‬
‫‪standards of treatment: Kluwer Law International, 2009.‬‬
‫‪191‬‬
‫‪- I. Schwenzer and P. Hachem,op ,cit,‬‬
‫المصمحة العامة لمدولة المضيفة‪ .‬حيث اف اجيزة الدولة المضيفة ( وخاصة ما يحدث في اقاليـ‬
‫الدوؿ االستبدادية) تقوـ بأتخاذ بعض االجراءات القانونية والمادية والتي تؤدي الى انتياؾ حقوؽ‬
‫االنساف‪ ,‬واالمر الميـ في ذلؾ أف محكمة التحكيـ ترفض النظر في ىذه المسائؿ بحجة انيا‬
‫غير مختصة في معالجة قضايا حقوؽ االلنساف‪ .‬وخير مثاؿ عمى ما حدث قضية السيد بيموف‬
‫ضد حكومة غانا‪ .‬في ىذه القضية رفضت ىيئة التحكيـ النظر بمسائؿ انتياؾ حقوؽ االنساف‬
‫التي عانى منيا المدعي بحجة انيا غير مختصة في نظر مطالبات المدعي ( السيد بيموف)‬
‫بالتعويض المعنوي المؤسس عمى انتياؾ حقوؽ االنساف‪ ,‬كما رأينا اعاله‪.‬‬

‫اال انو في الواقع ال يمكف لمحاكـ التحكيـ رفض النظر في مسائؿ حقوؽ االنساف في‬
‫قضايا منازعات االستثمار المعروضة اماميا بحجة عدـ توفر االختصاص القضائي ليا بالنظر‬
‫في ىذه المسائؿ‪ .‬ألف قضية حقوؽ اإلنساف أصبحت في الوقت الحاضر ذات أولوية لمسياسة‬
‫العامة بيف المنظمات الدولية‪ .‬حيث ‪ ,‬اعترفت ىيئات التحكيـ الدولية بالقوانيف الدولية لحقوؽ‬
‫اإلنساف وتحاوؿ إقامة توازف عادؿ بيف حماية حقوؽ المستثمريف وحماية حقوؽ اإلنساف‪ .‬ويمكف‬
‫مالحظة ذلؾ في الجوانب الثالثة التالية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬يمكف رؤية إالشارة إلى حقوؽ اإلنساف في التحكيـ االستثماري في ديباجة المعاىدات‬
‫االستثمارية المبرمة بيف البمديف‪ .‬حيث أنو في ديباجة بعض المعاىدات وبعد أىداؼ تشجيع‬
‫وحماية االستثمار ‪ ,‬فإف قضايا الصحة والسالمة والبيئة ىي األىداؼ الثانوية لمشركات التجارية‬
‫لمدوؿ األطراؼ‪ .‬وفي ىذه المعاىدات‪ ,‬فأف الدوؿ األطراؼ في المعاىدة توافؽ عمى احتراـ حقوؽ‬
‫العماؿ المعترؼ بيا دوليا‪ .‬وبالتالي تيدؼ ىذه األحكاـ إلى تشجيع االستثمار وحقوؽ المستثمريف‬
‫التي ال تتعارض مع حقوؽ اإلنساف والمصالح العامة األخرى‪.‬‬

‫عمى سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬تنص ديباجة معاىدة أستثمار التنمية لدوؿ افريقيا الجنوبية النموذجية‬
‫‪ SADC‬عمى أف الدوؿ األطراؼ في المعاىدة ستعترؼ بالتنمية المستدامة لمدوؿ األطراؼ ‪,‬‬
‫والنمو االقتصادي ‪ ,‬ونقؿ التكنولوجيا وتعزيز حقوؽ اإلنساف والتنمية البشرية‪.‬‬

‫ثانياً ‪ ,‬يمكف العثور عمى إشارة إلى حقوؽ اإلنساف في معاىدات االستثمار في شرط اختيار‬
‫القانوف الواجب التطبيؽ‪ .‬حيث عادة ما يتفؽ أطراؼ ىذه المعاىدات عمى أف القانوف الواجب‬
‫دوليا‪ .‬فعندما تختار الدوؿ األطراؼ قواعد القانوف الدولي‬
‫محميا أو ً‬
‫ً‬ ‫قانونا‬
‫ً‬ ‫التطبيؽ قد يكوف‬
‫كقانوف معموؿ بو يحكـ نزاعات االستثمار ‪ ,‬فقد يسمح ذلؾ لقضايا حقوؽ اإلنساف بالدخوؿ في‬
‫نزاعات االستثمار‪ .‬يمكف مالحظة ىذا النوع مف شرط أختيار القانوف الواجب التطبيؽ ‪ ,‬عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ ‪ ,‬في المادة ‪ 1131‬مف اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية (‪ , )NAFTA‬والمادة‬
‫‪ )6( 26‬مف معاىدة ميثاؽ الطاقة ((‪ . ECT‬إضافة إلى ذلؾ ‪ ,‬تتضمف اتفاقية المركز الدولي‬
‫حكما يقضي بتطبيؽ القانوف الدولي كقانوف‬
‫ً‬ ‫لتسوية المنازعات المتعمقة باالستثمار (‪)ICSID‬‬
‫حاكـ مف قبؿ المحكمة عندما ال يتفؽ الطرفاف عمى اختيار القانوف الواجب التطبيؽ‪ ,‬حيث تنص‬
‫المادة ‪ )1( 42‬مف اتفاقية ‪ ICSID‬عمى أف القانوف الواجب التطبيؽ ىو القانوف الذي يختاره‬
‫أطراؼ النزاع ‪ ,‬وأنو عندما ال يكوف ىناؾ اتفاؽ بيف الطرفيف ‪ ,‬تطبؽ المحكمة قواعد القانوف‬
‫الدولي المعموؿ بيا‪.‬‬

‫أيضا في سياؽ البنود اإللزامية الواردة في‬


‫ثالثًا ‪ ,‬يمكف العثور عمى حماية حقوؽ اإلنساف ً‬
‫معاىدات االستثمار الثنائية‪ .‬حيث يمكف العثور عمى ىذه البنود في التعريؼ أو في بند تعزيز‬
‫وقبوؿ االستثمار في المعاىدة‪ .‬حيث تنص ىذه البنود عمى أف قبوؿ االستثمار وتشغيمو يجب أف‬
‫يتـ وفقًا لتشريعات الدولة المضيفة‪ .‬مثاؿ عمى ذلؾ‪ ,‬المادة ‪ 1‬مف معاىدة االستثمار الثنائية بيف‬
‫إيطاليا واألرجنتيف‪ .‬وكذلؾ المادة ‪ 2‬مف معاىدة االستثمار الثنائية بيف الفمبيف واالتحاد‬
‫االقتصادي البمجيكي لوكسمبورغ ‪ , Belgo-Luxembourg‬حيث تنص ىذه المادة عمى توافؽ‬
‫الدوؿ األطراؼ عمى تشجيع االستثمارات وقبوليا وفقًا لمدستور والقوانيف والموائح المعموؿ بيا في‬
‫الدولة المضيفة‪ .‬ىذه األحكاـ تحافظ عمى الحقوؽ السيادية لمدولة المضيفة في تنظيـ قبوؿ‬
‫وتأسيس االستثمار‪.‬‬

‫لذلؾ ‪ ,‬بموجب ىذه البنود ‪ ,‬يجب عمى المستثمريف االمتثاؿ لمقوانيف والموائح الوطنية‬
‫ونظر ألف عبارة "وفقًا‬
‫ًا‬ ‫خالؿ فترة استثماراتيـ‪ ,‬بما في ذلؾ الموائح المتعمقة بالمصمحة العامة‪.‬‬
‫لقوانيف الدولة المضيفة" تمنع التشغيؿ غير القانوني لالستثمار في أراضي الدولة المضيفة ‪ ,‬لذلؾ‬
‫فقد يفقد المستثمروف بعض أشكاؿ الحماية الممنوحة في األصؿ بموجب المعاىدة‪ .‬عمى أساس‬
‫ىذه األحكاـ ‪ ,‬يمكف لممحاكـ تطوير مفيوـ "االستثمار غير القانوني" في المنازعات االستثمارية‪.‬‬
‫وبيذه الطريقة ‪ ,‬أصبحت بنود القانوف الواجب التطبيؽ وشروط "وفقًا لقوانيف الدولة المضيفة"‬
‫وسيمة يمكف لممحكمة مف خالليا أف تأخذ بعيف االعتبار النظر في قضايا حقوؽ اإلنساف وغيرىا‬
‫مف قضايا المصمحة العامة في تحكيـ االستثمار(‪.)192‬‬

‫في الواقع ‪ ,‬ومف خالؿ استعراض مختمؼ ق اررات التحكيـ المعروفة تبيف لنا أف محاكـ‬
‫التحكيـ قد اعترفت ببساطة باختصاصيا القانوني فيما يتعمؽ بمطالبات التعويضات عف االضرار‬
‫المعنوية استنادا إلى سمطتيا العامة عمى منح التعويض عف األضرار بدوف تحميؿ محدد لنص‬

‫‪192‬‬
‫‪- L. Shwe Ma, "General Exceptions and Human Rights in International Investment‬‬
‫"‪Arbitration: Searching for a Space for Human Rights.‬‬
‫المطالبات بالتعويضات المعنوية بسبب عدـ‬ ‫المعاىدة‪ .‬اف محاكـ التحكيـ قد رفضت‬
‫االختصاص لسببيف فقط ىما‪ :‬أوالً ‪ ,‬ألف اختصاص محاكـ التحكيـ محدودا صراحة بموجب‬
‫القانوف الواجب التطبيؽ مما يستبعد االنتياكات الدولية‪ .‬وثانياً ‪ ,‬ألف المدعيف حاولوا إقامة‬
‫مطالبيـ عمى وثائؽ قانونية خارج نطاؽ اختصاص محاكـ التحكيـ(‪.)193‬‬

‫والمثاؿ الرئيسي لياتيف الحالتيف ىي قضية السيد بيموف ضد غانا ‪ ,‬حيث قررت ىيئة‬
‫التحكيـ أنيا تفتقر إلى االختصاص القضاني ألف النزاع يستند إلى قانوف االستثمار الغاني‬
‫(القانوف الواجب التطبيؽ) والذي حدد صراحة اختصاص المحكمة في النزاعات التجارية فيما‬
‫يتعمؽ باستثمار أجنبي ولذا فانو يحوؿ دوف حجج المدعي النتياكات حقوؽ اإلنساف في ىذه‬
‫القضية(‪.)194‬‬

‫‪193‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op ,cit,‬‬
‫‪194‬‬
‫‪- J. P. Moyano García,op cit,‬‬

You might also like