Professional Documents
Culture Documents
Sami Abu Arja
Sami Abu Arja
ملخص البحث
يتناول هذا البحث وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ،حيث قام الباحث في المبحث األول بتعريف القرض لغة
وشر ًع ا ،وأدلة مشروعيته ،والحكمة من تشريعه ،وفي المبحث الثاني بين الباحث وسائل توثيق القرض في الفقه
اإلسالمي ،وهي التوثيق بالكتابة ،واإلشهاد ،وبالرهن ،والكفالة )الضمان( ،وفي المبحث الثالث تناول الباحث نماذج
معاصرة لتوثيق القرض ،وهي توثيق القرض بخطاب الضمان ،وباالعتماد المستندي ،وتوثيق القرض بالتأمين عليه.
ثم الخاتمة وفيها أهم النتائج التي توصل الباحث إليها ،والتوصيات.
المبحثالثاني:وسائلتوثيقالقرضفيالفقهاإلسالمي،وفيهتقديموثالثةمطالب.
التقديم :من المقاصد الشرعية حفظ المال لما فيه من قوام الحياة الدنيا ،ولذلك جاءت األحكام الشرعية في جميع وجوه
المعامالت بما يقتضى تحقيق هذا المقصد األساسي )حفظ المال( ،ومنها التوثيق ،فشرعت كتابة الدين واإلش هاد علي ه
لسد باب المنازعات التي قد تنشأ بسبب حب اإلنسان
للمال جبلةّ خاصةً إذا اقترن بضعف اإليمان وقلة الخوف من هلال ،وكذلك بسبب جحود الدين أو
نسيانه ،واإلنسان معرض للنسيان والخطأ ،أو بسبب تقلب الناس بين الفقر والغنى مما يبعث على الخوف على ضياع
المال ،أو بسبب موت المقترض أو المقرض ،أو ألجل حفظ مقدار القرض ومعرفة أجله حتى ال يختلف فيه ،وش رع
الرهن والكفالة لضمان استيفاء الحقوق عند اإلفالس ،أو المماطلة أو العجز عن األداء ،وبذلك تحفظ الحق وق وتص ان
األموال وتقوى الثقة وتزداد الطمأنينة عند أصحابها مما يؤدي إلى ازدهار المعامالت التي من خاللها تتحق ق مص الح
العباد))،24
ً
والمقصود بالتوثيق في اللغة) 25):اإلحكام ،يقال وثقت الشيء توثيقا فهو موثق أي أحكمته ،والوثيقة
اإلحكام في األمر ،والوثيقة الصك بالدين أو البراءة منه ،والمستند وما جرى ه ذا المج رى والجم ع وث ائق ،والموث ق
من يوثق العقود ،وال يخرج استعمال الفقهاء عن هذا المعنى.
في االصطالح) 26):هي ماُيتخذ لتأمين الحقوق عن الفوات على أصحابها بجحد أو نسيان أو إفالس
أو غير ذلك من المخاطر ،وعليه فإنه يقصد بتوثيق الدين شرعًا :تثبيته في ذمة المدين وتقويته،
ُْم آمنواَ إذا َ
َ ُّاأيها الذينَ َّ ُ
ًي َ وتأكيده حقا للدائن فال يضيع بينهما ،وأصل توثيق الدين قوله
تد ْ
َاينت َِ تعالىِ َ ”: ْ ُ َ َُْ ُْْ َ َ
ََُّّ َ َ ُْ َ ْ َْ ُ َ َ
ً
إلى أجل ُ ّمسمى فاكتبوهُ ََوليكتبْ ب ْدينَ
مههلالأن َيكتَب كَما َعلَ ُ بالَعدل َوال َيأَب ِكاتبٌ ْ اتبٌ ك
ِ م ْ
ك بين ْ
َ َ
ِ ِ ٍ ٍِ ِ
ْ َّ َّ ْ ْ ْ َّ ْْ
ُّ َ ُّ َُ
َ ُْ َ ً َ ْ َ ُ َ َ َ
ْشيئا فإن كانَ الِذي َ ْعليِه الَحق َِسفيهًا ق هلالَّربه َ وا ْلَيبخسْ ِ من َ ُول ْي ِملل الِذي َ ْعليِه الَحقَوليت َّ فَليكتبْ
ه ِ
ِ ْ ِْ َّ َ َ َ
َُ َْ ُ َ َ ْ ُ َ َْ ُ ْ َُْ ْ ًَ َ َ
ُ ْ َُّ ْ َ
من َر ِجال ْكمِفإن ْ ل َميكونا ين ِ ِ
ْ
ْتشهدوا ِشهيد ِ
َ َ
ليه بالِعدلواس ِ
ُ
ضعيفا أو اليْستِطي ُع أنيِمل هَو فلي ِملل ِوِ ْأو ِ
َ ُْ ُ ََُِّ ُ َ َ َّ رضْ منَ ُّ َْ َ َ ٌ َ َ
َ وال األخرى ما َ فتذكر ْإحداهََ
الشهداِ َء ْ أن ِتضلِ ْإحداهََ ما َ َ رأتان َّممن ْت ونَ ِ َرُجْ لينِ فرَُجل َ وا َْ َْم َِ ِ
َ َّ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َْ يأ َُّب الشَهدا ََُُء إذا َما دعواُ
ُ َ
ِالَْوأقَ ُوم
ْقَسط ِ عن َد هل َِ صغيرً ا ْأو ِكبيرً اِ إلى أَ ِج ِله ِذل ْكم أ َ وال ْتسأُموا ْ
أنَُْ تكتُبوهُ َِ َِ
بينكم ْفََليس َُ مَُجنا ٌح َّأال َُْتكتُبوهَا تديرُون َْ َُ تجارة حاضرة ًُ ً ََ ابوا َّإال أنََُْ
تكونَ َّللشهادَة وأدنىَّأال ْترتُ
ُ ْ ٌ َ َ ْعلي ْك َّ ِّ
سوق ُ ب ْكم َُّواتقوا َهلال َ ُويَعلُم ُكمَُّ هلال علواَُها َُ
فإنه فُ َ ٌَ ِ ََْ ُِ
وإن تفَ َّ
ْ َِ َ
َ ُيضَّار ِكاتبٌ ََوالِشهيدِ َ
َ ُ َ َ َ ُ َْ ِ
َ وأشهدوا إذا تَبَايْعتم َوال
ِْ َ ِ
ِ ِ ِ ِ
مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية المجلد 9 ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 36
2012م
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
ُُ َ ٌ ْ ُ ٌَ ْ َ َ َ َُ َ ْ ُُْ َ َُُِّّ َ
م مقبوضةَ وهلال بكل شيء
فإن أمنَ سفر ولم تجدوا كاتًبا فرهانَ ليم ) (282وإن كنتم
ْ
ْعضك ِ ِ َب َ ِ ِ ْ َ على َ ٍ َْ ِ َ َ ٍْ َ ٌٌِ
ِع َ ِ
َّ َ ْ ُْ َُّ َْ ُ َُّ ُْ َّ ِ ُْ َّ ْ
ْ ها فإنه آثم قُ َ ُ َ َتكتُموا ََُ َ بًْع ا َ ِّ
ُ ض
بما وهلالَ لبه ٌِ ومن
ََ َ يكت َم ِ َة
د الشهاَ وال
َّ َربه هلال وليتق
ََّ أمانته ن م
َ
َِاؤت الذي ؤد
ف ِ َ يل
ِ
. ”)(283 َ
)
27
( ْتَ َعُ
ملون َِعلي ٌم
وجه الداللة من اآليتين :إن كلمةَّدين حملها جمهور المفسرين على أنها عامة في كل دين ،فهي تشمل القرض والسلف
والبيع إلى أجل)) ،28ونصت على ثالث وسائل لتوثيق الدين:وهى الكتاب ة واإلش هاد وال رهن ،وهن اك وس يلة رابع ة
للتوثيق لم تذكرها اآليتان وهي الكفالة أو الضمان.
المطلب األول :توثيق القرض بالكتابة والشهادة ،وفيه ثالثة فروع.
الفرع األول :تعريف الكتابة واإلشهاد ومشروعيتهما ،والحكمة من التشريع.
أوال :تعريف الكتابة لغة واصطالحًا :الكتابة في اللغة) 29):هي الخط ،وهو تصوير اللفظ بحروف
ً ّ
هجائية ،وكتبه أي خطه ،والكتابة لمن له صناعة مثل الصياغة والخياطة ،يقال اكتتب فالن فالنا
أي سأله أن يكتب له كتابًا في حاجة ،فالكتابة والخط لفظان مترادفان.
الكتابة في االصطالح) 30):هي الخط الذي يوثق الحقوق بالطريقة المعتادة ليرجع إليها عند الحاجة.
ثانيا :مشروعية توثيق القرض بالكتابة) 31):كانت الكتابة معروفة عند العرب قبل اإلسالم ،وهو ما امتد إلى المجتمع
منذ بدايته حيث عرف الكتابة واعتمد عليها في التوثيق ،فالنبي اتخذ كتابًا للوحي ،وفي مجال الدعوة الخارجية أرسل
كتبه إلى الملوك والقبائل العربية وغيرهم يدعوهم فيها إلى اإلسالم ،ويبين لهم فيها األحكام الشرعية ،واستخدم
الصحابة والتابعون الكتابة في جميع أعمالهم ،وقد شرع هلال سبحانه وتعالى توثيق الدين بالكتابة ،والناس في حاجة
إلى توثيق المعامالت خوف النسيان وضياع الحقوق ،مما يجعل الكتابة سببًا لحفظ المال الذي هو من ضرورات
الشرع ،فدل ما سبق على مشروعية كتابة الدين كوسيلة من وسائل التوثيق) 32).ثالثا :تعريف الشهادة لغة
واصطالحا:
تطلق الشهادة في اللغة)) 33على معان كثيرة منها :الحضور ،والعلم والبيان ،وعلى المشاهدة
ٍ
والمعاينة ،وعلى الخبر القاطع ،وأصلها اإلخبار بما شاهده.
أما في االصطالح :فقد عرفها الحنفية)) 34بقولهم هي :إخبار صدق إلثبات حق بلفظ الشهادة
في مجلس القضاء ،وعند المالكية)) 35الشهادة هي :إخبار حاكم عنٍعلم ليقضي بمقتضاه ،وأما
الشافعية)) 36فقالوا :الشهادة إخبار بحق للغير على الغير بلفظ “أشهد” ،وعرفها الحنابلة)) 37بقولهم:
اإلخبار بما علمه بلفظ خاص وهو أشهد.
رأي الباحث :يالحظ من تعريفات الفقهاء للشهادة أنها متقاربة في معناها ومضمونها وما يجمع بينها اش ترط الش هادة
بلفظ مخصوص )أشهد( عند الجمهور عدا المالكية مع تضمين معناه ا عن دهم ،وبعض المالكي ة في كتبهم لم يعرف وا
الشهادة ألنها معروف ة كم ا ع بروا ب ذلك)) ،38ولكن التعري ف األ رجح منه ا واأل وفى للم راد ه و تعري ف الش افعية
إلحاطته بالمراد منها وهو ما رجحه الدكتور
محمد الزحيلي)39).
بالكتاب والسنة واإلجماع القرض بالشهادة) 40):الشهادة مشروعة توثيق مشروعية رابعا:
ََُْ ُ َ َ ْ َ َ ُ َْ
شهي ْدين ِمن َر ِجال ْكم فإن ْلم َيكونا َ رُجْ لين والمعقول ،من القرآن الكريم :قوله تعالىَ “ :واسْتشهدوا
ِ ) ِ ِ َِ ِ ِ ُّ َ َ ٌ َ
41
(
،فاآلية إذا تَبَََ ايعت ْم”
أشهدوا ُِ ْ
ممنَ ْترضْ ون ِمن الشَهداءَ” ثم قال في نفس اآلية “ َوِ
َْرأتا ِنَّ َ
َِْ وا َْمَ فَرُجل َ
صريحة الداللة في األمر باإلشهاد على البيع والمداينة لضبط التعامل ومنع الحقوق من الضياع،
َِّ ََ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ َْ ََ
ْ
َ علي ْه َ ْأ َموالُ ْه د ْف ْ
عت
م فأشهدوا ِ م وكفى باهلل واألمر يدل على المشروعية .وقوله تعالى“ :فإذا َ م ْإليهم
ِ ِ ِ ِ ِ
37 مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية المجلد 9 ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر
2012م
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
َ ِحسيبا) ، ”(42وجه الداللة من اآلية أن هلال تعالى أمر األولياء باإلشهاد عند تسليم األموال لليتامى بعد البلوغ لحفظ
الحق وتوثيقه وقطع المنازعات.
من السنة النبوية :حديث النبي “ :أال أخبركم بخير الش هداء ال ذي ي أتي بش هادته قب ل أنُيس ألها ”(43).وج ه الدالل ة
واضح في الحديث حيث مدح الشاهد الذي يدلي بشهادته إلثبات الحق وفض النزاع،
لم ّدع“ :شاهداك أو يمينه ”(44 ).وجه الداللة أن الحديث صريح في طلب الشهادة إلثبات ٍ ٌ وقوله
حجة المدعي ودليل لفصل الخصومة وقطع النزاع بين المتخاصمين.
حتى عصرنا الحاضر. اإلجماع :فقد أجمعت األمة على مشروعيتها من لدن رسول هلال
المعقول :إن الشهادة حجة شرعية إلثبات الحق ،وألن الحاجة داعية إليها لحصول التجاحد بين الناس فوجب الرج وع
إليها عند التنازع والخصام.
خامسا :الحكمة من تشريع الكتابة واإلشهاد) 45):شرعت الكتاب ة واإلش هاد لع دة ِحكم منه ا :ص يانة األم وال ،وقط ع
المنازعة فإن الكتاب يص ير حكم ا بين المتع املين ،ويرجع ان إلي ه عن د المنازع ة والتح رز عن العق ود الفاس دة ألن
المتعاملين ربما ال يهتديان إلى األسباب المفسدة للعقد ليتحرزا عنها فيحملهما الكاتب على ذلك إذا رجعا إلي ه ليكتب،
ولرفع االرتياب فقد يشتبه على المتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل ومقدار األجل فإذا رجعا إلى الكتاب ال يبقى
لواحد منهما ريبة ،وكذلك بعد موتهما.
الفرع الثاني :حكم توثيق القرض بالكتابة والشهادة :رغم اتف اق الفقه اء على مش روعية الكتاب ة واإلش هاد في العق ود
عامة ومنها عقد القرض ـــــ لنص اآلية على ذلك وأمرها بهما ـــــ إال أنهم اختلف وا في ن وع ه ذه المش روعية ،ه ل
األمر فيهما للوجوب ،أم للندب ،وأنهما جاءا على سبيل النصح واإلرشاد لعدم النسيان على مذهبين.
المذهب األول :ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة)) 46إلى أن األمر
بالكتابة واإلشهاد في اآلية للندب واالستحباب ،وجاءا على سبيل النصح والتوجيه إلى ما هو سبب
َ َّ ُ َ )
47
(
َآمنوا إذا
ِ ِ :قوله تعالى“ :يَُّا أيهاَالذينَ في حفظ المال وإزالة الريب من نفس العاقدين ،دليلهم
َ َ ُ َ َْ ُ َُ فاكتُبوهُ” وقولهَ “ :و َْ ُ اس َ َ ْ ْ َ ََُْ َ
ْتشهدواِشهي ْدينِِمن َر ِجال ْكِم فإن ْل َميكونا َرُجْ ِ
لين ِ ِ َدَِاين ْتم ب
ٍِ ْدين إلى أَ ٍجل ُ َم ّس ًمى ت
ُْ َّ
َُليؤدَِّ الذي اؤت َ ْ ُ
ُْعض ْكم َب ً َ َْ
وقولهَ “ : ُّ َ
َ فَرٌُجل َواَ َْمَْرأتان َِّ ْ
من ْعضا ف فإن أمن َب ِممن َ َ َ َ ْترضْ ون ِمن الَشَهداء”
اآليتين :أن ِاألمر في اآلية األولى “فاكتبوه”ِ وفي ِاآلية من ِ ،وجه الداللة
) ََّ َ ََُ ْ
48
(
ق هلالَّربه” أَمانته َ وليت َّ
ِ
الثانية “واستشهدوا” أمر إرشاد للتوثق والمصلحة ،وكذلك فإن هلال تعالى أمر بالرهن في حال ع دم وج ود الك اتب،
وهو ال يجب باإلجماع ،فلو كانت الكتابة واإلشهاد واج بين لك ان ب دلهما واجب ،وك ذلك أب اح س بحانه وتع الى ت رك
الكاتب في حال توافرت الثقة واألمانة بين المتعاقدين مما يدل على
دب واإلرشاد ال من باب الحتم واإليجابْ ِّ َُ ،
وإال لما جاز تركها في حال االئتمان)) ،49وقوله تعالىَ “ :وَما ََجعل َ ْعلي ْكم ِفي الدين ِمن ََحرج”(50).
ِ
وجه الداللة من اآلية رفع الحرج والتشديد عن المس لمين وفي وج وب الكتاب ة واإلش هاد على الق رض ح رج وتش ديد
على المسلمين ،ولم ينقل من زمن رسول هلال إلى يومنا هذا أنهم كانوا يشهدون
على بياعاتهم وأشريتهم ولو كان ذلك واجبًا لورد النقل به متواترً ا مستفيضً ا ،وكذلك لورد اإلنكار على من لم يطبق ه،
فلما لم ينقل عنهم اإلشهاد بالنقل المستفيض وال إظه ار النك ير على تارك ه من العام ة ،ثبت أن الكت اب واإلش هاد في
الديون والبياعات غير واجبين ،والذي عليه جمهور المسلمين في جميع ديار اإلسالم أنهم يبيعون باألثمان المؤجلة من
غير كتابة وال إشهاد ،وذلك إجماع على
مجلة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م 83
المجلد 9 جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
عدم وجوبهما.
المذهب الثاني :ذهب الظاهرية)) 51إلى أن كتابة القرض فرض إذا كان إلى أجل ،وكذلك اإلشهاد
عليه ،قال ابن حزم “ :فإن كان القرض إلى أجل ففرض عليهما أن يكتباه ،وأن يشهدا عليه)،”(52
دليلهم) 53):استدل الظاهرية على وجوب الكتابة واإلشهاد في القرض المؤجل باألمر الوارد في
َُْ
اآلية الكريمة ،قوله تعالى“ :فاكتُبوهُ” ،وقوله تعالى“ :واستشهدوا” ،إذ األصل في أمر هلال تعالى
الوجوب وال يصرف إلى الندب إال بحجة ،وال حجة هنا فيبقى على األصل ،وقوله تعالى“ :وليكتبُْْْ
َ
) َّ َّ َ ُْ َ ْ َْ ْ َُ
54
،وجه الداللة من اآلية :أن هلال تعالى ( ُ َ يأَب كاتبٌ ْ َ يكتَب كما َ
مه أن ْ بينكم كاتبٌ بالعدل وال
َ هلالَ” َ
عل ِ ََِِ ْ ِ َ
أمر الكاتب بالكتابة بالعدل وإن كانوا ال يعرفون الكتابة أو ال يحسنونها ،وأمره تعالى على س بيل اإلل زام والوج وب
وإال لجاز للكاتب أن يمتنع عن الكتابة ،وقوله “ :ثالثة يدعون هلال فال يستجاب
سيئة الخلق فلم يطلقها ،ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليهَُ َ َ َُُُْْ ،
ورجل آتى سفيهًا ماله وقد قال تعالىَ :وال تؤتوا ُّالسفَها َء ْأ َموالكم ”(55).وجه الداللة من الحديث :أن الحرمان من
قبول الدعاء نقمة ،والنقمة ال تكون إال على معصية ،والمعصية هي عدم اإلشهاد على الدين ،وبأثر ابن عمر رضي
هلال عنهما كان إذا باع بنقد أشهد ،وإذا باع بنسيئة كتب) 56).المناقشة)57):
ناقش أصحاب القول الثاني القائلين بوجوب الكتابة واإلشهاد أصحاب القول األول القائلين بالندب واإلرشاد بم ا يلي:
األصل في األمر عن د الجمه ور للوج وب ،وق د تت ابعت األ وامر في اآلي ة وتأك دت ح تى في ح ال الس فه والض عف
والعجز ،فقد أمر ولي من عليه الحق من هؤالء بأن يملي عنه للكاتب
ولم يعفهم من الكتابة ،ومثل هذا التأكيد ال يكون في غير الواجب ،ويؤيده التعليل بكون ذلك أقسط
ُْ َ ََُ ْ َ َّ ً َْ ِّ َّ َ ُُ َْ
م
فهو ” ربه هلال وليتق أمانته اؤتمنَ الذي دَ ليؤ فُ أمنَ فإن “ تعالى: قوله وأما هلال، عند
َّ ََّ ِ ِ َ ْ
ْعضك َبْعضا ِ َب ِ
محمول على حال الضرورة كاألوقات التي ال يوجد فيها كاتب وال شهود ،فإذا احتاج امرؤ إلى االق تراض من أخي ه
األمانةعلى
ً في مثل هذه الحال فإن هلال تعالى ال يحرم عليه قضاء حاجت ه وس د خلت ه إذا ه و ائتمن ه ،ثم إن اآلي ة في
اإلطالق فإذا دخل في عمومها ما ذكر من االئتمان على الثمن عند فقد الكاتب فال يجعل دليال على ترك الواجب وهو
الكتابة في كل حال ،وأما دعوى تعامل أهل الصدر األول وغ يرهم من المس لمين في بيوع اتهم ودي ونهم بغ ير كتاب ة
وال إش هاد ،فهي على إطالقه ا باطل ة ،فإن ه لم ي ؤثر عن الص حابة ال ذين يحتج بمعام التهم ،وال عن الت ابعين ش يء
صحيح يؤيد هذه الدعوى ،وأما قولهم :إن في الكتاب ة واإلش هاد ض يق وح رج فجواب ه :أن ه ذا الض يق والح رج في
بادئ الرأي هو عين السهولة والسعة واليسر في حقيقة األمر ،فإن التعامل ال ذي ال يكتب وال يستش هد علي ه ي ترتب
عليه مفاسد كثيرة ،منها ما يكون عن عمد إذا كان أحد المت داينين ض عيف األمان ة ،في دعي بع د ط ول ال زمن خ الف
الواقع ،ومنها ما يكون عن خطأ ونسيان ،فإذا ارتاب المتعامالن واختلفا وال شيء يرجع إليه في إزال ة الريب ة ورف ع
الخالف من كتابة أو شهود أساء كل منهما الظن باآلخر ،ولم يسهل عليه الرجوع عن اعتقاده إلى قول خصمه فلجّ في
خصامه
وعدائه ،وكان وراء ذلك من شرور المنازعات ما يرهقهما عسرً ا ويرميهما بأشد الحرج ،وربما
ً
ارتكبا في ذلك محارم كثيرة ،ثم كيف يكون هذا حرجً ا وهو مما ال يقع إال قليال لبعض المكلفين وال
يكون الوضوء حرجً ا وهو مما يجب على كل مكلف كل يوم يصلي فيه خمس مرات ،فما كل ما يتكرر يكون حرجً ا،
يعني أنه ال حرج في هذا وال ذاك ،كذلك ليس المراد ب الحرج والعس ر المنف يين ب النص أن ه ال مش قة وال كلف ة في
شيء من التكاليف الشرعية ،بل المراد أنه ال شيء منها إللعنات
مجلة جامعة الشارقة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م
9 المجلد 39 للعلوم الشرعية والقانونية
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
وتجشيم المشاق واإليقاع في العسر والحرج ،وإنما لكل حكم منها فائدة أو فوائد ترفع الحرج والعسر ويصلح بها أمر
ديونه ،وال يجوز أن تفرط في شيء من الحق ،والحق الذي ال مراء فيه أنه ال شيء من الحرج في الكتابة ،فإن
البلد قد يكفيه كاتب واحد للديون المؤجلة ،وقد رخص هلال لنا في ترك كتابة التجارة الحاضرة ،والحاصل أن ظاهر
اآلية وأسلوبها وطريقة تأديتها تدل على أن األمر فيها للوجوب ،وإن كان الجمهور على خالفه .الراجح:
بعد ذكر أق وال الفقه اء وأدلتهم ومناقش تها يت بين لي أن م ا ذهب إلي ه الظاهري ة من أن األم ر بالكتاب ة للوج وب ه و
ال راجح ،وينبغي حم ل الن اس علي ه في ه ذا الزم ان قط ًع ا ألك ل حق وق اآلخ رين بالباط ل وس دًا ألب واب النزاع ات
والخصومات خاصة ما نراه من خراب ذمم بعض الناس وبعدهم عن التقوى ويؤي ده الواق ع ال ذي نعيش ه من وج ود
الخصومات والخالفات التي تحصل بين المسلمين من جراء عدم تنفيذ ه ذا األم ر ،كم ا أن س هولة أدوات الكتاب ة من
أقالم وورق وآالت حاسبة يرفع الحرج الذي حال باألوائل إلى القول بع دم وج وب التوثي ق ،ومن م ال إلى الن دب من
الفقهاء فهو مبني على طهر النفوس وظهور التقوى والورع بين الناس في زمن السلف)58).
ْ
الكتابة :كاتب وثيقة القرض) 59):بينت اآلية ُْْْْ ُ َُ َ ٌ ْ ْ
الكريمة أن الذي يكتب القرض طرف ث الث ،ق ال تع الىَ “ :وليكتب ْ َبين ْكم ِك اتب ِبالَع دل) ،”(60أي ليكن منكم ك اتب
للديون ،وه ذا يرج ع إلى الحال ة العلمي ة ال تي ك ان عليه ا الع رب في بداي ة اإلس الم ،فقلي ل منهم من يع رف الق راءة
والكتابة ،ولو جعل الكتابة ألح د العاق دين )المق رض أو المق ترض( لك ان في ذل ك تهم ة ،حيث إن ص احبه غالبً ا ال
يعرف القراءة والكتابة ،تهمة بالزيادة أو النقصان في
ً
الحق ،لذلك شرع هلال في كتابة المداينات طرفا ثالثا حتى تكون الثقة واالطمئنان ،وبعد انتشار العلم
والقراءة عند الجميع في عصرنا الحاضر ،فال مانع من أن يكتب الحق أحد طرفيه النتفاء التهمة،
وذلك بشرط أن يكون الكاتب عال ًما بأصول كتابة العقود.
ً
ـ صفات كاتب القرض) 61):يشترط في كاتب عقد القرض والمداينات بصفة عامة أن يكون عدال
عال ًما بأصول الكتابة في العقود ،متقيًا هلال ربه فيما يكتبه من حق وشروط.
أشخاص ا
ً ولقد تنبه الفقهاء إلى أهمية الكتابة في حف ظ الحق وق ،واعت بروا من المص الح الش رعية أن يتخ ذ الس لطان
معينين للتوثيق لما لهم من خبرة وعلم بهذا الفن وبيان المعلومات وترتيبها وتدوينها في مستند التوثيق ،مما يزي د من
القوة االستداللية لهذا الكتاب ،وعدم تسرب الشك إلى ما فيه ،وهو ما اتجهت إليه التشريعات الحديثة من جعل التوثيق
خاصً ا بالمكاتب الرسمية والتي
ً
ترخصها الدولة لهذا الغرض ،وقد ورد في تبصرة الحكام تفصيال لكيفية التوثيق)62).
ـ الذي يملي على الكاتب) 63):هو المقترض الذي عليه الحق ،يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه،
،وذلك ليكـون إمالؤه َ ) ُْ َ ََّ ُ ُّْْ َ ْ َّ
64
ق هل َّ ربه َوال َْيبخسْ ِمنه ْشيئا” (
قال تعالىَ “ :وُل ْي ِملل الِذي َ ْعليِه الَحق َوليت َّ ال
ِ ِ
حجة عليـه تبينها الكتابة وتحفظها عند الحكم بما أقر به على نفسه.
ثانيا :أحكام الشهادة :شروط الشاهد هي) 65):الشرط األول :أن يكون مسل ًما وهو باتفاق الفقهاء في
ْتشهدوا َ
شهي ْدين َْسُ َ مسألتنا ،فال تقبل شهادة الكافر على المسلم ألنه متهم في حقه ،لقوله تعالىَ “ :وا
ِ ِ
عليه في مسألتنا بين الثاني :أن يكون بالغا عاقال ،وهذا شرط متفق ِ ،والشرط ً رجالكم” ) ْمن
ً 66
( ُ
َْ ُ ِ َِِِ
الفقهاء ،فال تقبل شهادة صبي لم يبلغ بحال ومن ليس بعاقل إجماعا ً،لقوله تعالىَ ”:واسْتشهدوا
ُْ َ ْ ُْ ُ ْ َ
َ ع ٍد ِل منكم” ، َي لقوله تعالى“ :وأشهدوا ذوْ ِ من رجالكم” ،والشرط الثالث :العدالةَ ،
ِ ِ ِ ِ ِ ينَدْ شهي
ِ))68 َ )(67
مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية المجلد 9 ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 40
2012م
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
فال تقبل شهادة الفاسق باتف اق ،ق ال الع امري)“ 69):العدال ة في االص طالح الش رعي اس م ج امع لمع اني الم روءة
والنجدة والشرف والشجاعة والصالح واالستقامة وسائر الفضائل الخلقية مع االمتناع عن
واإلنسانية”،
الصغائر ،والترفع عن كل الرذائل التي ال تليق بالمروءة ً
اإلصرار على ً
الكبائر ،وعدم ً ً
والشرط الرابع :أن يكون متيقظا حافظا لما يشهد به ،فإن كان مغفال ،أو معروفا بكثرة الغلط ،لم
تقبل شهادته ،الحتمال أن تكون من غلطاته ،فربما شهد على غير من استشهد عليه ،أو لغير من
ً
شهد له ،أو بغير ما استشهد به ،وإذا كان مغفال فربما استزله الخصم بغير شهادته فال تحصل الثقة
بقوله ،والشرط الخامس :أن يكون ذا مروءة ،فال تقبل شهادة مخروم المروءة ،والشرط السادس :انتفاء التهم ة ال تي
سببها المحبة فإن العلماء أجمع وا على أنه ا م ؤثرة في إس قاط الش هادة ،والمقص ود منه ا أال يك ون الش اهد متهم في
شهادته بجلب نفع أو دفع ضر ،وذلك بسبب قرابة أو خصومة أو ع داوة ،لقول ه :ال تج وز ش هادة خ ائن وال خائن ة
وال مجلود حدًا وال مجلودة وال ذي ِغمر ألخيه وال مجرب شهادة وال القانع أهل بيت لهم وال ِظ نين في والء وال
قرابة)70).
وهناك شروط مختلف حوله ا وهي :البص ر ،ف ال تقب ل ش هادة األعمى عن د الحنفي ة والش افعية)) ،71ألن ه ال ب د من
معرفة المشهود له ،واألعمى ال يم يز إال بنغم ة الص وت ،وفيه ا ش بهة ألن األص وات تتش ابه ،وتقب ل عن د المالكي ة
والحنابل ة ،وه و رأي أبي يوس ف من الحنفية)) 72بش رط أن ي تيقن من الص وت ،لعم وم النص ،وألن الس مع أح د
وسائط العلم.
رأي الباحث :إن القول بقبول شهادة األعمى إذا كان يميز بين األصوات هو الراجح ،ألن اله دف من الش هادة التوثق ة،
وتحصل منه إذا كان يميز الصوت.
الثاني النطق ،فال تقبل شهادة األخرس عند الجمهور عدا المالكية)) 73وإن فهمت إشارته ألن الشهادة تتطلب اليقين،
وأما المالكية فقالوا بقبول شهادته بشرط أن تكون إشارته مفهومة ألنها تقوم مقام نطقه في زواجه وطالقه.
رأي الباحث :إن القول بعدم قبول شهادة األخرس هو الراجح ألن علم اإلشارة ال يعقله كث ير من الن اس فربم ا أراد
التعبير بإشارته بشيء ويفهم غيره ،وإن كان اليوم يوجد أهل اختصاص بذلك ،غير أنه عند الش هادة في المعظم ال
يوجد المترجم إلشارته ،فإن عين مترجم من قبل الحاكم فال مانع من قبول شهادته.
نصاب الشهادة المطلوبة في توثيق عقد القرض)) 74هي كما بينها القرآن الكريم شهادة رجلين أو
َ
َ َيكونا َرُجْ لينَ فَر ٌ
ْتشهدواْشهي ْدين ِمن َرجال ْكم فإنُْلمََْ َُ َ
َُْ اَس َ
ُجل َوا َْمَْرأتان ِ رجل وامرأتين ،قال تعالىَ “ :و
)(76 ِ ِ ِ ِ ِ ُّ ) ِ َ َمنَ ْ َ
75
،وهذه الشهادة مقبولة ويوثق ويثبت بها القرض باتفاق الفقهاء . الشهداء” (
َ ْترضْ ِ
ون ممنَِّ
المطلب الثاني :توثيق القرض بالرهن وفيه فرعان .الفرع األول :تعريف الرهن ومشروعية التوثيق به وحكمة ذلك.
أوال :تعريف الرهن لغة واصطالحا :الرهن في اللغة) 77):م ا وض ع عن د اإلنس ان مم ا ين وب من اب م ا أخ ذ من ه،
ولل رهن مع ان متع ددة منه ا ،الل زوم ،والحبس ،والثب وت وال دوام ،وي أتي ال رهن بمع نى الوثيق ة ،ويق ال في ال بيع
والقرض رهنت رهنًا ،ثم سمى بهذا المصدر الشيء المدفوع)78).
أما الرهن في اصطالح الفقهاء :فقد عرفه الحنفية)) 79بقولهم :هو حبس شيء بحق يمكن استيفاؤه
منه كالدين ،وعرفه المالكية)) 80بقولهم :أن يكون الشيء وثيقة من دين صاحب الدين يعود بدينه فيه
إن لم يكن الراهن يفديه ،وعند الشافعية)) 81هو :جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر
وفائه ،وأما الحنابلة)) 82فقد عرفوا الرهن بقولهم هو :المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من
جاز أن يكون في الحضر كالشهادة والضمان ،وإن ما جاز فعله جاز شرطه ،ومقتضى هذا الشرط التوثيق.
المذهب الثاني :ذهب الظاهرية)) 95إلى أن اشتراط الرهن خاص بالسفر دون الحضر ،وبشرط أن
يكون القرض إلى أجل مسمى ،دليلهم) 96 ):إن االشتراط في العقود ال بد أن يرج ع فيه ا إلى كت اب هلال وس نة نبي ه
محمد وكل شرط لم يرد به نص فهو باطل ،لقوله “ ما كان من شرط ليس في
كتاب هلال فهو باطل ،وإن كان مائة شرط) ، ”(97وقد أجازت آية المداينة اشتراط الرهن في السفر
ْ َ ََ ََ ُْ َ َ
ٍِ دين إلى أٍَجلً ُ َمسّمى فاكتُبوه” ُ
على ِدَاين ْتم ب ْ
ِ تعالى“ :إذا ت
وأن يكون الدين إلى أجل مسمى ،فقد قال
فيجب أن يقتصر على ما ) َ ٌْ ََ ُ َ َ َ ُُْْ
(98
بوضة” فرهانَمقُ َ ِتًبا َ
ِ كا
ولم تجدوا سفر
على ٍ ْ َ ِ َقوله تعالى“ :وإنْكنتم
َ َ
ورد فيه النص.
المناقشة :ناقش الظاهرية الجمهور بما استدلوا به من فعل رسول هلال في الحضر بقولهم :إن ما ثبت من رهن الن بي
لدرعه في الطعام كان تطو ًع ا ب دون ش رط ،ونحن ال نمن ع من ال رهن بغ ير أن يش ترط في العق د ،ألن ه تط وع من
الراهن حينئذ ،والتطوع بما لم ينهه عنه حسن)99).
الراجح :من خالل ما ذكر أجد أن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء هو الراجح ،وذلك لثبوته باألدلة التي ال تخفى على كل
من يتدبر المقصد األساسي من الرهن ،وقد نقل البعض االتفاق على جواز الرهن في الحضر والسفر)100).
المسألة الثانية :متى يلزم الرهن كوثيقة في القرض؟ بالرغم من اتف اق الفقه اء على أن العين المرهون ة تك ون وثيق ة
مقاب ل الش يء المق ترض لض مان رده واتف اقهم على أن القبض ش رط في ال رهن في الجمل ة لقول ه تع الى“ :فره اََنٌٌََ
َمقُبوضةَْ”َ) ،(101إال أنه وقع الخالف بين الفقهاء في تحديد نوع
ِ
الشرط ،هل هو شرط تمام أم شرط صحة أي هل يثبت هذا الحكم )وثيقة اللستيفاء( بمجرد االتفاق
على ال رهن )اإليج اب والقب ول( ويج بر ال راهن على اإلقب اض ،أم ال ب د من قبض العين المرهون ة ليص بح العق د
صحيحا الزما ،على مذهبين :المذهب األول :م ذهب الحنفي ة والش افعية والحنابل ة في األص ح والظاهرية)) ،102إن
القبض شرط لصحة ال رهن ،ف إذا اتفق ا على رهن عين بإيج اب وقب ول ت امين مقاب ل الش يء المق ترض ،ولم يقبض
المرتهن )المقرض( هذا الرهن ،فإنه ال يل زم وال يج بر الم رتهن على تس ليمه ول ه الرج وع عن ه ،وعلى ذل ك ف إن
الرهن ال يحكم به كوثيق ة في ال دين إال بع د القبض ،دليلهم) 103):قول ه تع الى“ :فره اََنٌٌََ َمقُبوضةَْ”َ) ،(104فاهل ل
تعالى قيد الرهن بالقبض ،ووصف
ِ
الرهان بأنها مقبوضة وما هذا إال لفائدة ،أال وهي لزومه بالقبض ،وكذلك إن الرهن عقد تبرع
ً
وإرفاق يفتقر إلى القبول فافتقر إلى القبض كالهبة والقرض فيحتاج إلى القبض ليكون دليال على
إمضائه وعدم الرجوع عنه ،وإن القبض هو الذي يحصل به معنى الوثيقة الحاصلة بالش هادة ف إن المره ون إذا ك ان
في يد الراهن فال يتأتى فيه هذا المعنى.
المذهب الثاني :م ذهب المالكي ة) 105):إن القبض ش رط تم ام في ال رهن وليس ش رط ص حة ،وه و م ا يع نى أن ه
بمجرد اإليجاب والقبول )االتفاق على الرهن( ،فإنه يلزم العق د ويج بر ال راهن على اإلقب اض )دف ع ال رهن ليح وزه
المرتهن( ،فإن تراخى المرتهن أو رضي بتركه في يد الراهن بطل
،وجه الداللة من اآلية أن :استدل المالكية بقوله تعالى“ :فرهان َمقُبوضة” الرهن ،دليلهم
) َ ٌََْ )
107 106
( (
ِ
هلال تعالى جعل القبض صفة للرهن ،والصفة غير الموصوف ،وليست صفة الزمة ،وبقوله تعالى:
،والرهن من العقود فيلزم بالقول ويجب الوفاء به ،ولقوله ) ُْ َُ ُ ََّ
108
(
“يَُّاأيَها ا ِلذين آ َمنوا ْأوفواِبالُعقود”
“المؤمنون عند شروطهم) ،”(109وبالقياس على المعمول به في مذهبهم من أن العقود المالية تلزم
43 مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية المجلد 9 ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر
2012م
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
بالقول )التراضي( ،والرهن وثيقة في القرض كالكفالة يلزم بمجرد العقد قبل القبض.
الراجح :أرجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن القبض شرط في لزوم الرهن ،إذ بذلك يتحقق مع نى الوثيق ة ،فل و
صح الرهن بدون قبض لذهب المعنى الذي شرع من أجله ،وما كان هن اك ف رق بين العين المرهون ة وس ائر أم وال
الراهن ،وكذلك فإن تسليم العين المرهونة فيه دليل جازم على إرادة إتمام العقد وعدم الرجوع فيه.
المس ألة الثالث ة :اس تيفاء الق رض من ال رهن :ذكرن ا أن ال رهن جع ل وثيق ة في الق رض فيك ون ح ق الم رتهن )
المقرض( في الرهن ،هو أن يمسكه حتى يرد المقترض )ال راهن( الق رض ف إن فع ل ذل ك فيجب عندئ ذ ف ك ال رهن
وإرجاعه إلى مالكه ،وهذا ال إشكال فيه ،وإن لم يتمكن المقترض من رد القرض عند أجله أو طلبه فقد وق ع الخ الف
بين الفقهاء على مذهبين :المذهب األول :مذهب جمهور الفقهاء أصحاب الم ذاهب الفقهي ة األربعة)) 110إن التوثي ق
بالرهن في القرض يتميز المقرض عن غيره بأن يكون أحق بثمن الرهن من جميع الغرماء حتى يستوفى حقه س واء
كان الراهن حيًا أو ميتً ا ،وتظهر فائدة ذلك عن دما يض يق م ال المق ترض عن الوف اء بجمي ع ديون ه أو الحج ر علي ه
إللفالس ،وأمر القاضي بقسمة أمواله بين غرمائه ،وهو ما يعتبر من أكثر فوائد الرهن ،وتميزه
َ ٌََْ
عن غيره من سائر طرق التوثيق ،دليلهم) 111):قوله تعالى“ :فرهان َمقُبوضة) ،”(112وجه الداللة
ِ
من اآلية :إن الرهن بعد القبض الزم ،والعقود االلزمة ال تبطل بالموت قياسًا على البيع ونحوه من
العقود االلزمة في أنها ال تبطل بالوفاة ،وإن الرهن لم يبطل بوفاة المرتهن والعقد غير الزم في حق ه بح ال ،فألن ه ال
يبطل بوفاة الراهن والعقد الزم له بعد القبض أولى.
المذهب الثاني :مذهب الظاهرية) 113):قالوا ليس المقرض بأحق بالرهن من الغرماء فإن مات الراهن بطل ال رهن
ووجب رد الرهن إلى الورثة وحل الدين المؤجل وهو أحد غرمائه.
قال ابن حزم)“ 114):إن مات الراهن أو المرتهن بطل الرهن ،ووجب رد الرهن إلى الراهن أو إلى
رثته ،وحل الدين المؤجل وال يكون المرتهن أولى بثمن الرهن من سائر الغرماء حينئذ ،وذلك َْ ُ ُْ ََُّّ َّ َ
“ َوال ت ِكسب كل نفس إال َ ْعليَها ”(115) ...وانتقل ملكه إلى ورثته أو إلى غرمائهِ ٍ ،
وهو أحد غرمائه ،أو إلى أهل وصيته ،وال عقد للمرتهن معهم ،وال يجوز عقد الميت على غيره فيكون كاسبًا عليهم
فالواجب رد متاعهم إليهم ،ولقول رسول هلال “ :إن دماءكم وأموالكم عليكم
ً
حرام) ،”(116وما نعلم لمن خالف هذا حجة أصال”.
المناقشة :يمكن مناقشة ما ذكره ابن حزم بما يلي :إن ما ذكره من اآلية والحديث هو عام ،وما ذكره جم اهير العلم اء
هو خاص ،فيقدم الخاص على العام ،وما ذكره من تورث األموال ال الحقوق فيه نظر ظاهر ألن ه من قبي ل الم ال ال
الحقوق ،فإن المرهون مال قد ثبت الحق فيه بالعقد ولزم بالقبض قبل الوفاة ،وعلى فرض أن ه ح ق ،فه و ح ق م الي
ألنه متعلق بالمال.
الراجح :من خالل النظر في مذاهب الفقهاء ،تبين لي أن مذهب الجمهور هو الراجح ألن الفائدة من
الرهن هي توثقة القرض وإذا لم يكن للمقرض ميزة عن سائر الغرماء فال فائدة منه ،وكذلك يجب
. ) ُْ ُ َ ُ ََّ
117
(
الوفاء بالعقود كما أمرنا هلال تعالى“ :يَُّاأيَها ا ِلذين آ َمنوا ْأوفوا ِبالُعقود”
األمر من حالتين) 118):الحالة المسألة الرابعة :كيف يتم استيفاء القرض من الرهن؟ ال يخلو
األولى) 119):أن يكون الراهن قد أذن للمرتهن في بيع الرهن عند حلول األجل أو المطالبة الستيفاء حق ه إن لم يوف ه
إياه ،وفى هذه الحالة يجوز للمقرض )المرتهن( أن يبيع الرهن ويأخذ منه قيمة القرض ،ويرد ما زاد من ثمن ال رهن
إلى الراهن ،والحالة الثانية :إذا لم يكن هناك إذن من الراهن
مجلة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م 44
المجلد 9 جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
في بيع الرهن ،فقد وقع الخالف بين الفقهاء إلى مذهبين :مذهب جمهور الفقهاء ))120عدا الحنفية قالوا :يلجأ المرتهن
)المقرض( إلى القضاء ليتولى بيع الرهن بالطرق المتبعة ،ويقضى للمقرض حقه ويرد الباقي إلى المقترض.
مذهب الحنفية قالوا) 121):ال يبيع القضاء مال الرهن ،ولكنه يأمر الراهن بأن يبيع العين المرهونة ليوفى المق رض
)المرتهن( حقه ،فإن امتنع الراهن عن رد القرض وعن بي ع ال رهن بع د أم ر الح اكم ل ه ،يبيعـه القضـاء بع د ذل ك
ويقضى القرض منه ،أما عند اإلمام أبي حنيفة فال يبيع الحاكم ،بل يحبسه إلى البيع أو السداد.
قال السمرقندي)“ 122):وال يجوز للحاكم أن يبيع الرهن بدينه بعد حلول األجل إذا كان مفلسًا عند
أبي حنيفة ،ولكن يحبس الراهن حتى يبيعه ،وعند أبي يوسف ومحمد يبيعه”.
ً
مالحظة :باتفاق الفقهاء)) 123الرهن يكون متعلقا بكل القرض ،فلو كان االتفاق بين المقرض
والمقترض رد القرض على أقساط ،فإن الرهن يبقى محبوسًا كوثيقة في مقابل هذا القرض حتى
ً
يتم الوفاء به كامال ،وال يتجزأ الرهن مقابل ما سيرد من أقساط القرض ،وذلك ألن هذا الرهن
محبوس بحق ،فوجب أن يكون محبوسًا بكل جزء منه قياسًا على حبس التركة عن الورث ة ح تى ي ؤدون ال دين ال ذي
على الميت.
قال ابن ضويان)“ 124):ال ينفك منه شيء حتى يقضي الدين كله ،ألن ال رهن وثيق ة بال دين كل ه ،فك ان وثيق ة بك ل
جزء منه كالضمان ،قال ابن المنذر :أجمع كل من أحفظ عنه على أن من رهن شيئا بمال فأدى بعض ه وأراد إخ راج
بعض الرهن ،أن ذلك ليس له حتى يوفيه آخر حقه أو يبرئه”.
المطلب الثالث :توثيق القرض بالكفالة )الضمان( ،وفيه ثالثة فروع.
الفرع األول :تعريف الكفالة ومشروعيتها والحكمة من التشريع.
أوال :تعريف الكفالة لغة واصطالحً ا :الكفالة في اللغة) 125):مشتقة من الكفل وهو الضم ،ومنه قوله
تع الىَ “ ِ :وََّكفلَه ا َز َّكريا”َ) ،(126أي ض مها إلي ه وتكف ل بحض انتها وض من القي ام عليه ا ،وكف ل الم ال وبالم ال أي
ضمنه،والكافل والكفيل الضامن ،والجمع كفالء ،واالسم الكفالة.
خاصبموضوعنا:
ً وفى االصطالح :عرف الحنفية)) 127الكفالة بتعريفين ،أحدهما عام ،واآلخر
التعريف العام للكفالة عندهم هي :ضم ذمة الكفيل إلى ذمة األصيل في المطالبة مطلقا بنفس أو بدين
أو بعين ،والتعريف الخاص بموض وعنا ه و :الكفال ة ض م ذم ة الكفي ل إلى ذم ة األص يل في المطالب ة بال دين ،وه و
تعريف الكفالة بالمال فقط.
وعرفها الجمهور)) 128بأنها :ضم ذمة الضامن إلى ذم ة المض مون عن ه في ال تزام الح ق ،والمقص ود ب الحق ه و
الدين.
وهي في اللغة سبعة ألفاظ (129):الحميل والزعيم والكفيل والقبيل واألذين والصبير والضامن.
وهي تنقسم إلى نوعين :كفالة بالنفس وكفالة بالمال) 130).المقصود بالكفالة بالم ال :ه و أن يل تزم الكفي ل ب أداء دين
ثبت في ذمة إنسان آخر ،إن لم يوفه في أجله ،وأما الكفالة بالنفس فهي االلتزام بإحضار شخص لزمه حق من مال أو
قصاص مثال دون أن يتكفل أو يلتزم بهذا الحق.
وعادة يطلق على النوع األول )الكفالة بالمال( الضمان وهو المراد ،والنوع الثاني يسمى الكفالة بالنفس أو الوجه.
ثانيا :مشروعية الكفالة :الكفالة في الجملة مشروعة بالكتاب والسنة واإلجماع والقياس.
) َ ُ َ ْْ ْ َُ
(131 َ َُ وا َع
عير وأنا به زعيم” . الملك ولمن جاء به من الكتاب :قوله تعالى“ :قالوا نفقد
ِِ ِ َ َ ِ ِحْ ملَ ِ
بٍَ َََِِِ ََُ
ُص ِ
45 المجلد 9 ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012ممجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
ومعنى زعيم في اآلية ،الكفيل والضامن ،وجه الداللة من اآلية :إن ما ثبت في شريعة من قبلنا ث ابت في شريعتناـــــ
ما لم يظهر نسخه ــــ والظاهر هنا التقرير فإن النبي بعث والناس يكفلون فأقرهم
على ذلك)) ،132ومن السنة :قول النبي“ :الزعيم غارم) ،”(133وما روى عن سلمة بن األكوع
ً ّ
قال :كنا جلوسا عند النبي إذ أتي بجنازة فقالوا :يا رسول هلال صل عليها ،قال :فهل ترك شيئا؟
قالوا :ال ،فقال :هل عليه دينٌ ؟ قالوا :ثالثة دنانير ،قال :صلوا على صاحبكم ،فقال أبو قتادة :صل
عليه يا رسول هلال وعل َّي دينه فصلى عليه)) . ،134وجه الداللة من الحديثين :دل الحديثان صراحة على مش روعية
الكفالة في الحقوق عامة ،والدين خاصة ،فقد أخبر النبي أن الزعيم وهو الكفيل ضامن لما التزم به من المال ،فتغ ريم
الكفي ل لم ا ال تزم ب ه ي دل على مش روعية الكفال ة ،واإلجم اع ) 135):فق د أجم ع المس لمون على ج واز الكفال ة )
الضمان( في الجملة لحاجة الناس إليه ودفع الضرر عن المدين ،والقياس :قال القرافي) “ 136):أما من القياس فألنه
قياس ا على العاري ة والق رض وغيرهم ا من أب واب المع روف ،وألن ه توث ق ب الحق فيج وز
ب اب مع روف فيج وز ً
كالرهن”.
ثالثا :الحكمة من تشريع الكفالة) 137):التيسير على المسلمين وتحقيق التعاون فيم ا بينهم ،فق د يش تري إنس ان س لعة
هو في حاجة إليها ،وال يجد الثمن ،وال يطئمن البائع إليه فال يرضى بإنظاره به،
وال يتيسر له رهن يضعه به ،وقد ال يرضى البائع بالرهن ،فيحتاج في هذه الحالة إلى كفيل ،وقد ً ً
يستقرض ماال هو في حاجة إليه ،ويطلب المق رض كفي ال ،فالمص لحة في تش ريع الكفال ة واض حة ،والحاج ة إليه ا
أكيدة.
الفرع الثاني :حكم اشتراط الكفالة :اختلف الفقهاء في حكم اشتراط الكفيل )الضامن( في عقد
القرض على مذهبين ،المذهب األول :مذهب جمهور الفقهاء )) 138قالوا :إن اشتراط أو طلب الكفيل في عقد القرض
جائز ،ألن هذا الشرط من مقتضيات العقد وال ينافي مقتضاه لما فيه من ضمان الحقوق ألصحابها ،وهو أمر تحرص
الشريعة عليه ،دليلهم :إن القصد من الكفالة التوثيق وال منفعة زائدة فيها على أصل القرض ،وهى تجوز أيضً ا قياسًا
على الرهن ،حيث ثبت أن النبي رهن درعه في طعام اقترضه ،وما جاز فعله ج از ش رطه ،فيص ح اش تراط الكفي ل
قياسًا على صحة اشتراط الرهن ،ألن المراد منهما التوثيق للحق.
عن النبي ويمكن أن يستدل على جواز اشتراط الكفالة في القرض بما ورد عن أبي هريرة
ً
“ أنه ذكر رجال من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال :ائتني بالشهداء
أشهدهم فقال :كفى باهلل شهيدًا ،قال :فائتني بالكفي ل ق ال :كفى باهل ل كفي ال ،ق ال :ص دقت ،ف دفعها إلي ه على أج ل
مسمى ...الحديث”(139).
قال ابن حجر“ :وفي الحديث ...طلب الشهود في الدين وطلب الكفي ل ب ه ...ووج ه الدالل ة من ه على الكفال ة تح دث
رسول هلال بذلك وتقريره له ،وإنما ذكر ذلك ليتأسى به فيه وإال لم يكن لذكره فائدة”(140).
المذهب الثاني :مذهب الظاهرية)) 141قالوا :بعدم صحة اشتراط الكفال ة في عق د الق رض ،دليلهم :إن االش تراط في
العقود ال بد أن يرجع فيها إلى كتاب هلال وسنة نبيه محمد ،وكل شرط لم يرد به نص فهو باطل ،لقوله “ :م ا ك ان
من شرط ليس في كتاب هلال فهو باطل ،وإن كان مائة شرط) ،”(142وهذا الشرط ليس في كتاب هلال فال يجوز.
المناقشة :رد الظاهرية على الحديث الذي استدل به الجمه ور بق ولهم) 143):إن البخ اري ذك ر ه ذا الخ بر منقطع ا
غير متصل ،فإن هذا خبر ال يصح ألنه من طريق عبد هلال بن صالح وهو ضعيف
مجلة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م 64
المجلد 9 جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
جدا ،ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة ،ألنه شريعة غير شريعتنا ،وال يلزمنا غير شريعة نبينا قال
) ْ ُ ً ْ ٍُّ
يجيزون(
،والعجب أنهم أول مخالف له ،فإنهم ال 144 جعلناَ منكمْ
ومنهاجا”
ِ ْش َرع ِةَ َ ِْ هلال تعالى“ :لكل ََ
ِ
البتة ألحد أن يقذف أحد ماله في البحر لعله يبلغ إلى غريمه فكيف يستسهل أن يحتج على خصمه بما هو أول مخالف
له.
الراجح :من خالل ذكر أقوال الفقهاء في المسألة وأدلتهم ومناقشة األدلة يتبين لي أن مذهب الجمه ور الق ائلين بص حة
اش تراط الكفال ة في الق رض ه و ال راجح ،وذل ك لق وة أدلتهم ،وألن الظاهري ة الق ائلين بع دم ج واز اش تراط الكفال ة
يجيزونها بدون اشتراط ،وما جاز فعله جاز شرطه.
ً
الفرع الثالث :أحكام الكفالة) 145):إذا اقترض شخص من رجل ماال وطلب منه إحضار كفي ل له ذا الم ال فأحض ر
كفيال يكفله في هذا القرض ،فإنه يترتب على هذه الكفالة أحكام أهمها:
1ـ يثبت في ذمة الكفيل محل القرض بمجرد االتفاق على الكفالة ويصبح مساويًا للمقترض في الغرم والمطالبة.
ً
2ـ باتفاق الفقهاء إذا عدم المكفول )المقترض( ولم يج د م اال أو غ اب ف إن الكفي ل يغ رم ،ق ال ابن رشد)“ 146):إن
الفقهاء متفقون على أنه إذا عدم المضمون أو غاب أن الضامن غارم”.
3ـ إذا كان كل من المقترض )المكفول( والكفيل موجودين وموسرين فمن يطالب منهما بالقرض؟ اختلف الفقه اء في
ه ذه المس ألة على ثالث ة أق وال :الق ول األ ول :م ذهب جمه ور الفقه اء من الحنفي ة والش افعية والحنابل ة وق ول
للمالكية) 147):يجوز للمقرض )المكفول له( أن يطالب أي منهم ا في رد الق رض ،ألن ذمتهم ا ش غلت ب القرض
معا ،القول الثاني :قول إللمام مالك)) 148وهو وجه عن د الش افعية) 149):ال يط الب المق رض الكفي ل في ه ذه
الحال ة ويط الب المق ترض فق ط ،الق ول الث الث :م ذهب الظاهري ة ق الوا) 150):الكفال ة ت برأ ذم ة المكف ول )
المقترض( وليس للمقرض مطالبته ،وإنما يطالب الكفيل ،وذلك ألنه ال يجوز أن تشغل ذمة اثنين بقرض واحد.
الراجح :الراجح من هذه األقوال هو قول الجمهور القائلين بانشغال الذمتين معا في القرض ألن الكفالة ضم ذم ة على
ذمة في حق المطالبة ،وبراءة األصيل تنافي الضم.
4ـ إذا أدى المكفول )المقترض( القرض برده إلى المقرض فإنه تبرأ تبعًا لذلك ذمة الكفي ل وينتهي عق د الكفال ة ،ق ال
في المجلة)“ 151):براءة األصيل توجب براءة الكفيل”.
5ـ وإذا أدى الكفيل القرض فإن ذلك يكون تبرئة لذمة المقترض وأداء عنه ،وله بعد ذلك الرجوع علي ه ألخ ذ م ا دف ع
منه إن كان الضمان بإذنه عند الحنفية والشافعية ورواية للحنابلة ،ولم يشترط المالكية اإلذن للمطالبة وهو الرواية
الثانية للحنابلة)152).
6-من المعام الت المعاص رة خط اب الض مان واالعتم اد المس تندي وهم ا من الكف االت المص رفية ال تي تق وم ب ه
المصارف يجوز أخذ األجرة مقابل هذه المعامالت على أن تكون كأجرة المثل مقابل المصاريف اإلداري ة ،وليس
من باب العمولة أو الفائدة على المال المكفول.
7-التأمين على القرض ضمن التأمين التعاوني أو التبادلي جائز لما فيه من توثيق للقرض وطمأنة للمقرض ويج وز
التوصيات:
1-أوصي والة األمر بعمل صندوق خاص بإقراض أصحاب الحاجة من أموال المس لمين ،وأوص ي من عن ده س عة
من المسلمين أن يتاجر مع هلال تعالى بإقراض من يحت اج إلى الق رض لم ا في ه ذه التج ارة من ال ربح العظيم،
والتوسعة على عيال هلال.
2-أوصي المسلم في حال االقتراض أو اإلقراض أن يكتب قرضه ،لما في كتابته من فتح باب العمل الحسن وتشجيع
صاحب المال على التوسعة على الناس ابتغاء وجه هلال تعالى.
3-أوصي المسلمين بإتباع شرع هلال في القروض باإلشهاد عليها لما في إتباع تعاليم اإلسالم من حف اظ على األم وال
وسد أبواب النزاعات والخصومات.
4-أوصي الجهات المختصة بتسهيل العمل على توثيق القرض ب الرهن والكفال ة في المجتم ع المس لم بس ن الق وانين
التي تفتح باب اإلحسان للناس في االقتراض عند الحاجة ،وما يحتاجه صاحب المال ليحفظ ماله من الضياع.
5-أوصى القائمين على المصارف أن يسعوا جاهدين للبعد عن الربا واالكتفاء بما يضمن لهم توثيق أموالهم وفقا لما
شرع.
6-أوصي من يريد تأسيس شركة تأمين أن يطبق قرارات مجامع الفقه اإلسالمي بتأسيس التأمين الق ائم على التع اون
وفقا إللسالم واالبتعاد عن أنواع التأمينات المحرمة لما في ذلك من تعاون بين المسلمين على البر والتقوى.
المصادر والمراجع
-ابن األثير ،المبارك الجزري ،جامع األصول في أحاديث الرسول ،طبعة دار الفكر سنة
1983م.
ابن األثير ،المبارك الجزري ،النهاية في غريب الحديث واألثر ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،بدون. -
-ابن تيمية ،أحمد ،المحرر في الفقه على مذهب اإلمام أحمد ،مطبعة السنة المحمدية سنة
1950م.
أبو رخية ،ماجد محمد ،بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة ،طبعة دار النفائس األردن سنة1998. -
-ابن رشد ،أحمد بن محمد ،بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،طبعة دار المعرفة بيروت سنة
1978م.
-ابن ضويان ،إبراهيم بن محمد ،منار السبيل في شرح الدليل ،طبعة المكتبة الوقفية القاهرة
الهوامش
1.الحديث أخرج ه اإلم ام البخ اري في كت اب المظ الم والغص ب ،ب اب ال يظلم المس لم المس لم وال يس لمه، 1
صحيح البخاري3/ 168.
2.لسان العرب ،5/ 3588ومختار الصحاح ،2/ 682والنهاية في غريب الحديث واألثر2/ 2
4/ 41. ،390
3.حاشية ابن عابدين ،7/ 388درر الحكام شرح مجلة األحكام3/ 82. 3
4.الذخيرة 5/ 286. 4
5.مغني المحتاج ،2/ 160قليوبي وعميرة ،2/ 257تحفة المنهاج بشرح المنهاج2/ 206. 5
6.كشاف القناع عن متن اإلقناع ،3/ 312اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف مع المقنع والشرح الكبير. 6
12/ 323
7.المحلى8/ 77. 7
8.قول ه) :ي رد مثل ه( بين أن الع وض في الق رض ال ب د أن يك ون من مث ل م ا اق ترض وه و متفق علي ه، 8
عوض ا عن الق رض من ً ووردت كلمة )البدل( مكان )المثل( في معظم التعريفات ليشمل اللفظ كل م ا ي رده
مثل أو قيمة ،وهذا ما أشار إليه الشبرملسي بقوله“ :لعل الشارح إنما عبر بالبدل ليتمشى على الراجح اآل تي
من أنه يرد المثل حقيقة في المثلي وصورة في المتقوم” حاش ية الشبرملس ي على نهاي ة المحت اج إلى ش رح
المنهاج ،4/ 219غير أن الحنفية والظاهرية قالوا ال بد من المثل فال يجوز عن دهم رد القيم ة ،حاش ية ابن
عابدين ،388 7/المحلى8/ 77.
9.الموسوعة الفقهية الكويتية ،33/ 111 ،21/ 103واإلمام ابن حزم يطلق القرض على الدين وقد ذكر ذلك 9
في عنوان الباب بقوله :كتاب الق رض وه و ال دين ،المحلى ،8/ 77وال دين أعم من الق رض ،ق ال في درر
الحكام في شرح مجلة األحكام مادة ”158يوجد بين الدين والقرض عموم وخص وص مطل ق والق رض ه و
المطلق األخص ،”1/ 128ويعبر الفقهاء عته بالسلف ،المهذب ،1/ 400المغني. ،4/ 382
010حاشية الدسوقي ،4/ 360تحفة المحتاج بشرح المنهاج ،2/ 206المغني ،4/ 236كشاف القناع،3/ 313 1
الفقه اإلسالمي وأدلته4/ 720.
التجارية المعاصرة طبيعتها القانونية وتكييفها الفقهي ص ،161والدكتور محمد س ليمان األش قر في بحث
عقد السلم ضمن كتاب بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة ص206.
959الجامع ألحكام القرآن3/ 383. 5
060سورة البقرة آية282. 6
161الجامع ألحكام القرآن ،3/ 384المجموع شرح المهذب ،13/ 99وقد قال محمد رشيد رضا كالما جميال 6
في هذا المقام ،تفسير المنار3/ 101.
262تبصرة الحكام1/ 200. 6
363أحكام القرآن للجصاص ،2/ 210أحكام القرآن إللمام الطبري ،1/ 240الجامع ألحكام الق رآن،3/ 385 6
المجموع شرح المهذب13/ 100.
464سورة البقرة آية282. 6
565بدائع الص نائع ،6/ 266بداي ة المجتهد ،2/ 462المه ذب ،2/ 414المغ ني ،10/ 144وس ائل اإلثب ات 6
للزحيلي ص 128وما بعدها ،أدب الشهود ص80.
666سورة البقرة آية282. 6
767سورة البقرة آية282. 6
868سورة الطالق آية2. 6
969أدب الشهود ص81. 6
070الحديث أخرجه اإلمام الترمذي في كتاب الشهادات ،باب ما جاء فيمن ال تج وز ش هادته ،س نن الترم ذي 7
، 4/ 545وقال عنه غريب من هذا الوجه ،وأخرجه اإلمام مالك في موطئه في كتاب األقضية باب ما جاء في
والظنين المتهم.
ِ الشهادات ،تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك ،199 2/ومعنى ِغمر حقد،
171بدائع الصنائع ،6/ 268التهذيب في فقه الشافعي8/ 225. 7
272بدائع الصنائع ،6/ 268منح الجليل ،8/ 396كشاف القناع6/ 426. 7
373بدائع الصنائع ،6/ 268حاشية الدسوقي ،6/ 68منار السبيل في شرح الدليل2/ 348. 7
474شرح فتح القدير ،7/ 370بداي ة المجتهد ،2/ 498المه ذب ،2/ 425المغ ني ،9/ 151كش اف القن اع 7
،6/ 434المحلى ،8/ 80وسائل اإلثبات للزحيلي ص157.
575سورة البقرة آية282. 7
676مغني المحتاج ،4/ 588نهاية المحتاج 8/ 311.أحكام القرآن للجصاص ،2/ 231كشاف القناع 6/ 434. 7
777لسان العرب ،3/ 1756المصباح المنير ،1/ 330المعجم الوسيط ،1/ 402النهاية في غ ريب الح ديث 7
واألثر،2/ 285
878أحكام القرآن للقرطبي ،3/ 409الفقه اإلسالمي وأدلته،5/ 180 7
979البحر الرائق ،8/ 264حاشية ابن عابدين ،6/ 478مجلة األحكام العدلية المادة)701). 7
080الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ص410. 8
181نهاية المحتاج ،4/ 234مغني المحتاج ،2/ 166حاشيتا قليوبي وعميرة ،2/ 261المجموع،13/ 177 8
جواهر العقود1/ 122.
مجلة جامعة الشارقة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م
9 المجلد 59 للعلوم الشرعية والقانونية
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
282المغني ،4/ 245كشاف القناع عن متن اإلقناع ،3/ 320الشرح الكبير مع المقنع واإلنص اف،12/ 362 8
رؤوس المسائل الخالفية بين جمهور الفقهاء2/ 788.
383هذا التعريف للدكتور ياسين درادكه في تحقيقه لكتاب حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ،وأش ار إلى 8
كتب المذاهب الفقهية األربعة.
484سورة البقرة آية283. 8
585الحديث أخرجه اإلمام البخاري في كتاب الرهن ،باب الرهن عند اليهود وغيرهم ،صحيح البخ اري187. 8
3/
686الحديث أخرجه اإلمام البخاري في كتاب الرهن ،باب في الرهن في الحضر ،صحيح البخاري3/ 186. 8
787المبسوط للسرخسي ،21/ 114حاشية ابن عابدين ،6/ 477المجموع ،13/ 177جواهر العقود،1/ 122 8
المغني ،4/ 245نيل األوطار5/ 352.
888الفقه المنهجي3/ 266. 8
989 8االمغني ،4/ 246الشرح الكبير مع المقنع واإلنصاف ،12/ 363الفقه المنهجي3/
265.
090سورة البقرة آية283. 9
191سورة البقرة آية283. 9
292بدائع الصنائع ،6/ 135بداية المجتهد ،2/ 275المهذب ،1/ 403الحاوي الكبير ،7/ 94رحمة األمة في 9
اختالف األئمة ص ،148الفقه المنهجي ،3/ 264المغني ،4/ 245كشاف القناع ،3/ 321الش رح الكب ير م ع
المقنع واإلنصاف ،12/ 362رؤوس المسائل الخالفية بين جمهور الفقهاء2/ 788.
393بدائع الصنائع ،6/ 135بداية المجتهد ،2/ 275المجموع ،13/ 178المغني ،4/ 246نيل األوطار/ 352 9
،5تفسير آيات األحكام لزلط2/ 122.
494سورة البقرة آية283. 9
595المحلى8/ 87. 9
696المرجع السابق. 9
797الحديث أخرجه اإلمام البخاري في كتاب الشروط ،باب الشروط في الوالء ،صحيح البخاري3/ 250. 9
898سورة البقرة آية282و283. 9
999المحلى8/ 87. 9
0100األم ،3/ 139المجموع شرح المهذب ،13/ 178التفسير الكبير ،7/ 130أحكام القرآن للجصاص/ 258. 1
2
0101 1سورة البقرة آية283.
0102بدائع الصنائع ،6/ 137تحفة الفقهاء ،3/ 38المهذب ،1/ 403مغني المحتاج ،2/ 175المغني،4/ 247 1
الروض المربع ص ،191المقنع والشرح الكبير واإلنصاف ،12/ 390المحرر في الفقه ،1/ 335المحلى/ 88
،8رحمة األمة في اختالف األئمة ص ،148رؤوس المسائل الخالفية بين جمهور الفقهاء2/ 789.
مجلة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م 06
المجلد 9 جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
0103بدائع الصنائع ،6/ 145مغني المحتاج ،2/ 175المجموع ،13/ 184المغني ،4/ 247المحلى،1/ 89 1
أحكام القرآن للجصاص ،2/ 259الفقه المنهجي3/ 274.
0104سورة البقرة آية283. 1
0105بداية المجتهد ،2/ 274الذخيرة ،8/ 100الجامع ألحكام القرآن ،3/ 410الفقه اإلسالمي وأدلته5/ 207. 1
0106بداية المجتهد ،2/ 274الذخيرة ،8/ 100المغني ،4/ 364أحكام القرآن للطبري ،3/ 265الجامع ألحكام 1
القرآن ،3/ 410الفقه اإلسالمي وأدلته5/ 207و240.
0107سورة البقرة آية283. 1
0108سورة المائدة آية1. 1
0109الحديث أخرجه اإلمام البخاري تعليقا في كتاب اإلجارة باب أجر السمسرة ،عمدة القاري12/ 94. 1
1110تحفة الفقهاء ،3/ 42بدائع الصنائع ،6/ 153أحك ام الق رآن للجص اص2/ 259و ،271مغ ني المحت اج 1
،2/ 172المهذب ،1/ 405المغني ،4/ 303التفسير الكبير ،7/ 121أحكام القرآن للط بري ،1/ 264المجل ة
العدلية المادة)) ،729المعامالت المالية المعاصرة للزحيلي ص86.
1111الجامع ألحكام القرآن ،3/ 410المجموع شرح المهذب ،13/ 192الحاوي الكبير7/ 1
301..المغني4/ 304.
1112سورة البقرة آية283. 1
1113المحلى8/ 100. 1
1114المحلى8/ 100. 1
1115سورة األنعام آية164. 1
1116جزء من حديث أخرج اإلمام البخاري في صحيحه في كتاب الحج باب الخطبة أيام منى ،جامع األص ول. 1
1/ 263
1117سورة المائدة آية1. 1
1118الذخيرة ،8/ 120نهاية المحتاج ،4/ 276المغني ،4/ 303المقنع والشرح الكبير واإلنصاف12/ 445. 1
1119تحفة الفقهاء ،3/ 42بداية المجتهد ،2/ 275مواهب الجليل5/ 22. 1
2120بداية المجتهد ،2/ 307مواهب الجليل ،5/ 23مغني المحتاج ،2/ 172المغني4/ 303. 1
2121تحفة الفقهاء3/ 42و ،43درر الحكام شرح مجلة األحكام2/ 204. 1
2122تحفة الفقهاء3/ 43. 1
2123بدائع الصنائع ،6/ 152بداية المجتهد ،2/ 307المهذب ،1/ 406كفاية األخيار ،1/ 265المحرر في الفقه 1
،1/ 337
2124منار السبيل في شرح الدليل1/ 273. 1
2125لسان العرب ،5/ 3905المصباح المنير ،2/ 736المعجم الوس يط ،2/ 828النهاي ة في غ ريب الح ديث 1
واألثر4/ 192.
2126سورة آل عمران آية37 . 1
مجلة جامعة الشارقة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م
9 المجلد 61 للعلوم الشرعية والقانونية
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
2127المبسوط للسرخسي ،19/ 160ش رح فتح الق دير ،7/ 163حاش ية ابن عاب دين ،7/ 553البح ر الرائق 1
،6/ 221المجلة مادة (612).
2128حاشية الدسوقي ،4/ 537منح الجليل ،6/ 198مغني المحتاج ،2/ 269حاشيتا قليوبي وعميره،2/ 323 1
المغني ،4/ 399كشاف القناع3/ 362.
2129الذخيرة ،9/ 189بداية المجتهد ،2/ 295مغني المحتاج ،2/ 269المغني ،4/ 400المحلى8/ 111. 1
3130المبسوط للسرخسي ،19/ 162تحفة الفقهاء ،3/ 238بداي ة المجتهد ،2/ 295مغ ني المحت اج،2/ 276 1
المغني ،4/ 415الفقه المنهجي ،3/ 295المجلة العدلية المادة (613و) ،614ومعظم الفقهاء أطلقوا على الكفالة
بالمال الضمان ،منهم ابن ضويان منار السبيل1/ 2275و ،277الموسوعة الفقهية الكويتية34/ 288.
3131 1سورة يوسف آية72.
3132 1المبسوط للسرخسي ،19/ 161شرح العناية على الهداية ،7/ 182الذخيرة9/ 191.
3133الحديث أخرجه اإلمام أب و داود في كت اب ال بيوع واإلج ارات ،ب اب في تض مين العاري ة ،س نن أبي داود 1
بشرح الخطابي ،3/ 825واإلمام الترمذي في كتاب البيوع ،باب ما جاء في أن العارية مؤداة ،وقال عنه حديث
حسن غريب ،سنن الترمذي3/ 556.
3134الحديث أخرجه اإلمام البخاري في كت اب الح واالت ،ب اب إن أح ال دين الميت على رجل ج از ،ص حيح 1
البخاري3/ 124.
3135بداية المجتهد ،2/ 295الذخيرة ،9/ 191جواهر العقود ،1/ 146المغني ،4/ 400منار السبيل،1/ 275 1
الفقه اإلسالمي وأدلته ،5/ 131الفقه المنهجي3/ 294.
3136 1الذخيرة9/ 191.
3137 1الفقه المنهجي3/ 294.
3138المبسوط للسرخسي ، ، 13/ 39حاشية الصاوي على الشرح الصغير ،3/ 102روضة الطالبين،3/ 276 1
المجموع شرح المهذب ،13/ 164كشاف القناع ،3/ 316اإلقناع لطالب اإلنتفاع ،2/ 306الق رض المص رفي
ص234.
3139الحديث أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه في كتاب الكفالة ،ب اب الكفال ة في الق رض وال ديون باألب دان 1
وغيرها ،فتح الباري4/ 548.
4140 1المرجع السابق4/ 551.
4141 1المحلى119. ،8/ 77
4142 1الحديث سبق تخريجه.
4143 1المرجع السابق.
4144 1سورة المائدة آية48.
4145 1البحر الرائق ،6/ 342بداية المجتهد ،2/ 297حاشيتا قليوبي وعميرة ،2/ 331المغني4/
،408كشاف القناع ،3/ 365المحرر في الفقه ،1/ 339المحلى8/ 111.
4146بداي ة المجتهد ،2/ 296بحث اآلث ار المترتب ة على الكفال ة المالي ة ض من كت اب بح وث فقهية في قض ايا 1
اقتصادية معاصرة للدكتور ماجد أبو رخية ص427.
4147 1المبسوط للسرخسي ،20/ 28حاشية ابن عابدين ،7/ 553مجمع الضمانات ص،477
مجلة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م 26
المجلد 9 جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية
د .سامي محمد نمر أبو عرجه ) ) 33-66
بداية المجتهد ،2/ 296منح الجليل ،6/ 218حواشي الشرواني وابن قاسم على تحفة المحت اج،5/ 271
المغني4/ 399و ،409كش اف القن اع ،3/ 365المحلى ،8/ 111الفق ه اإلس المي وأدلته ،5/ 149الفق ه
المنهجي3/ 308.
4148بداية المجتهد ،2/ 296الكافي في فقه اإلمام مالك ص ،399منح الجليل شرح على مختصر خليل/ 218 1
،6حاشية الدسوقي4/ 549.
4149كفاية األخيار1/ 267. 1
5150المحلى8/ 111. 1
5151المجلة العدلية المادة ،662بدائع الص نائع ،6/ 11مجم ع الض مانات ص ،484مغ ني المحت اج،2/ 283 1
منار السبيل ،1/ 277الفقه المنهجي3/ 308.
5152حاش ية ابن عاب دين ،7/ 599بداي ة المجتهد ،2/ 298الك افي في فق ه اإلم ام مال ك ص ،399حواش ي 1
الشرواني وابن قاسم على تحفة المحتاج ،5/ 273الفقه المنهجي ،3/ 308المغني ،4/ 411كشاف القناع3/ 370
وما بعدها ،نيل المآرب ،1/ 282المحرر في الفقه1/ 340.
5153المعامالت المالية المعاصرة للزحيلي ص ،124طبعة دار الفكر المعاصر لبنان ،ودار الفكر س وريا س نة 1
2006م.
5154موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة واالقتصاد اإلسالمي ص641. 1
5155المرجع السابق ص656. 1
5156الفق ه اإلس المي وأدلته ،9/ 360الرب ا والمعام الت المص رفية في نظ ر الش ريعة اإلس المية ص398وم ا 1
بعدها ،واألوراق التجارية المعاصرة ص ،94المصارف اإلسالمية بين النظرية والتط بيق ص 405وم ا بع دها،
الكفالة في ضوء الشريعة اإلسالمية ص ،159نظرية الضمان الشخصي)الكفالة( ص 581وما بعدها.
5157المغني ،5/ 68المعامالت المالية المعاصرة للزحيلي ص89. 1
5158حاشية ابن عابدين ،4/ 170بحث بعنوان عقد الكفالة وتطبيقاته الحديثة ص185. 1
5159نظام التأمين اإلسالمي ص ،84و ،321عقد الكفالة وتطبيقات ه المعاص رة ص ،178الت أمين على ال ديون 1
في الفقه اإلسالمي ص10.
6160الخطر والتأمين ص ،43الربا والمعامالت المصرفية المعاصرة ص،407 1
6161منهم المج امع الفقهي ة الم ذكورة ،والفت اوى الش رعية ،يس الونك ،13/ 186موس وعة القض ايا الفقهي ة 1
العاصرة واالقتصاد اإلسالمي ص ،379وبحوث في قضايا اقتصادية معاصرة ،12 1/فت اوى ش رعية الجامع ة
اإلسالمية بغزة ص ،66نظام التأمين اإلسالمي ص ،320المعامالت المالية المعاصرة للزحيلي ص127.
6162منهم مص طفى الزرق ا ،بح وث فقهي ة من الهن د ص ،74وفت اوى مص طفى الزرقا ص404وم ا بع دها، 1
ورفيق المصري ،الخطر والتأمين ص ،42وص104.
6163نظام الت أمين ص ،42و ،321الت أمين التع اوني وتطبيقات ه في ش ركة الت أمين اإلس المية ص ،95الخط ر 1
والتأمين ص ،34و ،42بحوث فقهية في قض ايا اقتص ادية معاص رة ،13 1/الرب ا والمعام الت المعاص رة ص
،405المعامالت المالية المعاصرة للزحيلي ص128.
مجلة جامعة الشارقة ذو الحجة 1433هـ ،أكتوبر 2012م
9 المجلد 63 للعلوم الشرعية والقانونية
وسائل توثيق القرض في الفقه اإلسالمي ) ) 33-66
6164قرارات المج امع الفقهي ة والفت اوى الش رعية س ابقة ال ذكر في حكم الت أمين التج اري ،الربا والمعام الت 1
المصرفية ص ،406الخطر والتأمين ص ،52و ،86وبحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة1/ 13.
6165نظام التأمين ص ،42منهم عيسى عبده وسليمان بن ثنيان ،نظام التأمين اإلس المي ص 333إلى ص،362 1
وص ،402الخطر والتأمين ص97.
6166 1بحث التأمين على الديون في الفقه اإلسالمي تعريفه ـ مشروعيته ـ أحكامه ص16إلى
،19بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة2/ 854.
Abstract
This research dealt with the means of documenting loans in Islamic juris-
prudence. The researcher in the first section defined the loan
linguistically and idiomatically, and talked about the evidence of its
legitimacy, and the wisdom of its legislation. In the second section, the
researcher showed the means of documenting the loan in Islamic
jurisprudence, which can be documented in writing, witnessing,
mortgage, and warranty (guar-antee). In the third section, the researcher
showed a number of contem-porary models for documenting the loan
which are, documentation by a letter of credit, documentary credit, and
documenting the loan by insur-ance. Finally, the conclusion which
included the most important results and recommedationss are presented.
65 9 دلجمال ةينوناقالو ةيعرشال مولعلل ةقراشال ةعماج ةلجم 1433 ـه، ربوتكأ2012 م
ةجحال وذ