You are on page 1of 26

‫محاض رات في الق انون الم دني‪ ،‬السداس ي‬

‫الرابع‪ ،‬لكل مجموعات السنة الثانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المسؤولية عن فعل الغير‬

‫تتف رع المس ؤولية عن فع ل الغ ير إلى ن وعين‪ :‬مس ؤولية المكل ف بالرقاب ة ( المبحث‬
‫األول) و مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مسؤولية المكلف بالرقابة‬

‫حدد المشرع أحكام مسؤولية المكلف بالرقابة في المادة ‪ 134‬من القانون الم دني ال تي‬
‫تنص على ما يلي‪ " :‬كل من يجب علي ه قانون ا أو اتفاق ا رقاب ة ش خص في حاج ة إلى‬
‫الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية‪ ،‬يكون ملزما بتعويض الضرر‬
‫الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار‪ -.‬و يستطيع المكل ف بالرقاب ة أن يتخلص‬
‫من المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة بما ينبغي من العناية"‬

‫تكرس هذه المادة مبدأ عام لمسؤولية المكلف بالرقاب ة‪ ،‬بع د أن ك انت الم ادة ‪ 135‬من‬
‫القانون المدني ال تي ألغيت في ‪( 2005‬بم وجب ق انون وقم ‪ 10-05‬الم ؤرخ في ‪20‬‬
‫ج وان ‪ )2005‬تنص على بعض التطبيق ات تتمث ل في مس ؤولية "األب و بع د وفات ه‬
‫األم عن الض رر ال ذي يس ببه أوالدهم ا القاص رون الس اكنون معهم ا" و مس ؤولية‬
‫"المعلمين و المؤدبين و أرباب الحرف‪....‬عن‬

‫‪2‬‬
‫الضرر الذي يسببه تالمذتهم و المتمرنون في الوقت الذي يكونون تحت رقابتهم‪".‬‬

‫نتع رض إلى ش روط مس ؤولية المكل ف بالرقاب ة (المطلب األول) قب ل تحدي د نظامه ا‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط قيام مسؤولية المكلف بالرقابة‬

‫يقتض ي قي ام مس ؤولية المكل ف بالرقاب ة ثالث ة ش روط وهي‪ ،‬تحم ل المس ؤول واجب‬
‫الرقابة(الفرع األول)‪،‬حاجة الفاعل إلى الرقابة (الفرع الثاني) و صدور الفع ل الض ار‬
‫بالغير من الخاضع للرقابة (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫القرع األول‪ :‬تحمل المسؤول واجب الرقابة‬

‫تستوجب دراسة هذا الش رط التط رق إلى مص در واجب الرقاب ة من جه ة (‪ )1‬و إلى‬
‫تحديد مضمون هذا الواجب من جهة أخرى (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مصدر واجب الرقابة‬

‫لكي يلتزم المكلف بالرقابة بتعويض الضرر الذي سببه الخاضع للرقاب ة للغ ير‪ ،‬يجب‬
‫أن يوضع على عاتقه التزام بالرقابة بموجب قانون أو اتفاق‪.‬‬

‫بالنسبة للقانون يرتب على سبيل المثال واجب الرقاب ة على األب وين‪ ،‬على المؤسس ات‬
‫التربوية وكذا على أرباب الحرف‪.‬‬

‫أما فيما يخص الرقابة االتفاقي ة يك ون مص درها اتف اق بين المكل ف بالرقاب ة قانون ا و‬
‫شخص آخر كأن يتفق األب مع جاره أو أحد أقاربه على رقابة ابنه أثناء سفره‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪-2‬مضمون الرقابة تعني الرقابة بمفهوم المادة ‪ 134‬من القانون المدني الرقابة المادية‬
‫و بالتالي يجب اس تبعاد واجب التوجي ه و التربي ة‪ ،‬فعلى المكل ف بالرقاب ة أن ي راقب‬
‫الخاضع للرقابة لكي يمنعه من اإلضرار بالغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حاجة الفاعل إلى الرقابة‬

‫وفقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 134‬المذكورة أعاله‪ ،‬يكون مسبب الض رر في‬
‫حاج ة إلى الرقاب ة في ح االت التالي ة‪ :‬حال ة القص ر(‪ ،)1‬الحال ة العقلي ة (‪ )2‬والحال ة‬
‫الجسمية(‪.)3‬‬

‫‪-1‬حالة القصر‪ :‬يفترض أن كل شخص لم يبلغ سن الرشد أي تس عة عش ر (‪ )19‬س نة‬


‫كاملة (المادة ‪ 2-40‬ق‪.‬م‪ ).‬في حاجة إلى رقابة‪ ،‬و يس أل من ك ان مكلف ا برقابت ه وقت‬
‫ح دوث الض رر‪ ،‬م ع المالحظ ة أن ه إذا ك ان القاص ر الخاض ع للرقاب ة مم يزا يعت بر‬
‫مس ؤوال على أس اس الم ادتين ‪ 124‬و‪ 125‬من الق انون الم دني كم ا س لف ذك ره في‬
‫إطار دراسة المسؤولية عن الفعل الشخصي‪.‬‬

‫‪-2‬الحالة العقلية‪ :‬تتعلق هذه الحالة بالشخص الراشد الذي ال يتمتع بسالمة عقل ه‪ ،‬حيث‬
‫فقد قدرة التمييز و أصبح يهدد سالمة الغير بسلوكه‪ ،‬كما هو الح ال بالنس بة للمجن ون و‬
‫المعتوه ‪.‬‬

‫‪-3‬الحالة الجسمية‪:‬‬

‫تتميز هذه الحالة بغموضها و بالتالي بص عوبة تطبيقه ا‪ ،‬حيث أن الخاض ع للرقاب ة في‬
‫هذه الوضعية هو شخص راشد‪ ،‬غ ير مجن ون وغ ير معت وه‪ .‬تت وفر في ه ش روط قي ام‬
‫المسؤولية عن فعله الشخصي ( المادة ‪ 124‬من القانون المدني)‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫يثير تطبيق المسؤولية عن فعل الغير في هذا الشأن عدة تساؤالت‪ ،‬من بينها تلك‬

‫المتعلقة بتقدير الحالة الجسمية التي تجعل الشخص في حاجة إلى الرقابة و ك ذا مس ألة‬
‫فعالية هذه المسؤولية نحو المتضرر‪ .‬يستنتج من نص المادة ‪ 134‬أن‬

‫الخاضع للرقابة هو الشخص الذي يصاب بعاه ة جس مانية تقتض ي مس اعدة الغ ير في‬
‫حياته االجتماعية‪ ،‬متى يهدد سالمة الغير‪.‬‬

‫فنظرا لعدم دقة المادة ‪ ،134‬يتمتع القاضي بسلطة الفاصلة في القول بضرورة الرقابة‬
‫و في هذا الش أن يالح ظ ع دم وج ود تطبيق ات قض ائية للمس ؤولية عن فع ل الخاض ع‬
‫للرقابة على أساس حالته الجسمية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬صدور الفعل الضار بالغير من الخاضع للرقابة‬

‫تقتضي كذلك مسؤولية المكلف بالرقابة أن يسبب الخاضع للرقابة ض ررا للغ ير بفعل ه‬
‫الضار‪ ،‬بطبيعة الحال ال يشترط خطأ من جانب الفاعل إذ يمكن أن يك ون ه ذا األخ ير‬
‫غير مميزا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام مسؤولية المكلف بالرقابة‬

‫ت بين ش روط مس ؤولية المكل ف بالرقاب ة أساس ها المتم يز(الف رع الث اني) م ع مراع اة‬
‫الوسائل التي منحها المشرع للمكلف بالرقابة لنفي مسؤوليته ( الفرع األول)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬وسائل نفي مسؤولية المكلف بالرقابة‬

‫منح المشرع للمكلف بالرقابة إمكانية التخلص من المسؤولية بمقتضى الفقرة الثانية من‬
‫المادة ‪ 134‬التي جاء فيها‪" :‬و يستطيع المكلف بالرقاب ة أن يتخلص من المس ؤولية إذا‬
‫‪5‬‬
‫أثبت أنه قام ب واجب الرقاب ة أو أثبت أن الض رر ك ان الب د من حدوث ه ول و ق ام به ذا‬
‫الواجب بما ينبغي من العناية‪".‬‬

‫فالواضح من خالل هذه األحكام أن المشرع قرر نفي المسؤولية على أساس آليتين‪.‬‬

‫*تتمثل الوسيلة األولى إلبعاد المسؤولية في نفي الخطأ في رقابة الفاعل‪ ،‬م ا ي دل على‬
‫أنه بمجرد أن يسبب الخاضع للرقابة ضررا للغير‪ ،‬يفترض أن المكل ف بالرقاب ة أس اء‬
‫في رقابة الفاعل و بالتالي يسند ل ه خط أ‪ ،‬م ع المالحظ ة أن ه يس تطيع المتب وع إثب ات‬
‫العكس‪ ،‬أي إثبات أنه قام بواجب الرقابة كما ينبغي‪ ،‬بأخذه ك ل االحتياط ات و الت دابير‬
‫الضرورية لمنع حدوث الضرر‪.‬‬

‫*أما الوسيلة الثانية لنفي المسؤولية هي اإلثبات أن ه لم يكن في وس ع المكل ف بالرقاب ة‬


‫منع حدوث الضرر و ل و ق ام ب واجب الرقاب ة كم ا ينبغي‪ .‬تمث ل ه ذه الوس يلة الس بب‬
‫األجنبي الذي يطبق على جميع أنواع المس ؤولية وه و م ا اعتم ده المش رع في الم ادة‬
‫‪ 127‬من القانون الم دني الت الي نص ها‪ " :‬إذا أثبت الش خص أن الض رر ق د نش أ عن‬
‫سبب ال يد له فيه كحادث مفاجئ‪ ،‬أو قوة قاهرة‪ ،‬أو خطأ صدر من المضرور أو خط أ‬
‫من الغير‪ ،‬كان غير ملزم بتع ويض ه ذا الض رر‪ ،‬م ا لم يوج د نص ق انوني أو اتف اق‬
‫يخالف ذلك‪".‬‬

‫يستنتج من هذه األحكام أن نفي مسؤولية المكلف بالرقاب ة يس توجب علي ه قط ع‬


‫العالقة السببية بين فعل الخاضع للرقابة و الضرر الذي سببه هذا األخير للغ ير‪،‬‬
‫و ذلك بإثبات تدخل حادث غير متوقع‪ ،‬و يستحيل دفعه‪ ،‬مثل القوة القاهرة‪ ،‬خطأ‬
‫المضرور أو خطأ الغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬أساس مسؤولية المكلف بالرقابة‬

‫‪6‬‬
‫يت بين من دراس ة ش روط و وس ائل نفي مس ؤولية المكل ف بالرقاب ة أن أس اس ه ذه‬
‫المس ؤولية ه و خط أ مف ترض في واجب الرقاب ة‪ ،‬أي كم ا تم إب رازه أعاله‪ ،‬بمج رد‬
‫إضرار الخاضع للرقابة بالغير‪ ،‬نعتبر أن المكلف بالرقابة قد قصر في واجبه‪ ،‬و‬

‫قرينة الخطأ بسيطة إذ كما سلف ذكره‪ ،‬يجوز إثبات عكسها‪ ،‬فهي مسؤولية ذاتية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه‬

‫ح دد المش رع أحك ام مس ؤولية المتب وع عن فع ل تابع ه في الم ادة ‪ 136‬من الف انون‬
‫المدني التي تنص على ما يلي‪" :‬يكون المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابع ه بفعل ه‬
‫الضار متى كان واقعا منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها‪.‬‬

‫وتتحقق عالقة التبعية و لو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كان هذا األخ ير يعم ل‬
‫لحساب المتبوع‪".‬‬

‫قبل دراسة شروط قيام مسؤولية المتب وع عن فع ل تابع ه (المطلب األول) و تحدي د نظامه ا‬
‫القانوني (المطلب الث اني)‪ ،‬وألج ل اكتم ال البحث في ه ذا الموض وع الب د من ذك ر تط ور‬
‫الم ادة ‪ 136‬من الق انون الم دني‪ ،‬إذ قب ل تع ديلها في ‪(2005‬بم وجب ق انون وقم ‪10-05‬‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬جوان ‪ )2005‬كان نصها كالت الي‪ " :‬يك ون المتب وع مس ؤوال عن الض رر‬
‫الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع‪ ،‬متى كان واقعا منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها‪.‬‬

‫و تقوم رابطة التبعية‪ ،‬و لو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه‪ ،‬متى كانت له علي ه س لطة‬
‫فعلية في رقابته و في توجيهه‪".‬‬

‫‪7‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط قيام مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه‬

‫بمقتضى نص المادة ‪ 136‬المذكورة أعاله لقيام مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه يجب توافر‬
‫الشروط التالية‪ ،‬عالقة تبعية بين الفاعل و المسؤول (الفرع األول)‪ ،‬ارتكاب‬

‫التابع فعل ضار (الفرع الثاني) و وجود عالقة بين فعل التابع و وظيفته (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العالقة التبعية بين المسؤول و الفاعل‬

‫لقد عرفت العالقة التبعية تطور ملحوظ في قانوننا‪ ،‬إذ قب ل تع ديل الق انون الم دني في‬
‫‪ ، 2005‬عرف المشرع العالقة التبعية على أساس أنها سلطة فعلية للمتبوع في رقابة و في‬
‫توجيه التابع‪ .‬فهكذا ربط المشرع مسؤولية المتبوع بممارسة سلطة فعلية تتمثل في توجيه و‬
‫رقاب ة تابع ه‪ ،‬األم ر ال ذي أث ار تس اؤالت ح ول طبيع ة ه ذه الس لطة ( قانوني ة‪ ،‬اجتماعي ة‪،‬‬
‫اقتصادية‪ .)... ،‬كما نالحظ أن هذا التعريف يقلص من مجال تط بيق مس ؤولية المتب وع عن‬
‫فعل تابعه‪ ،‬حيث يشترط لقيام العالقة التبعي ة أن تك ون للمتب وع الس لطة الفعلي ة في إص دار‬
‫أوامر تتعلق في بعض األحيان بشؤون تتجاوز اختصاصه‪ ،‬السيما في المواد التقنية‪.‬‬

‫و هكذا تم تع ديل الم ادة ‪ 136‬من أج ل إيض اح و تبس يط العالق ة التبعي ة وذل ك بف ك‬
‫الصعوبات المذكورة أعاله‪ ،‬فأصبحت العالقة التبعية مرتبطة بمعيار واحد‪ ،‬و هو "أن يكون‬
‫التابع يعمل لحساب المتبوع"‪ .‬و عليه‪ ،‬يعد تطبيق أحكام المادة ‪ 136‬فع اال أك ثر و منس جما‬
‫مع الغاية من نشأة مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه‪.‬‬

‫وتجدر المالحظة إلى أنه تعتبر العالقة التبعية قائمة كلما كان الفاعل يقوم بعم ل لفائ دة‬
‫المتبوع‪ ،‬أي أن يكون هذا األخير هو المستفيد من عمل مسبب الضرر‪ ،‬و لو بصفة مؤقتة و‬
‫عرضية‪ ،‬كالشخص الذي يطلب من زميله مساعدته في إص الح س يارته‪ ،‬بالت الي ال ج دوى‬
‫لطرح تساؤل حول طبيعة ه ذه العالق ة‪ ،‬كم ا بطبيع ة الح ال ال ش رط لوج ود عق د عم ل أو‬
‫شرط أن يكون العمل بعوض‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لم يكتف المشرع بتحديد مفهوم العالقة التبعية‪ ،‬بل أضاف أن ه "تتحق ق ه ذه العالق ة و‬
‫لو لم يكن المتبوع خرا في اختيار تابعه‪ "...‬يبدو لنا أن هذه العبارة زائ دة‪ ،‬تجاوزه ا ال زمن‬
‫نظرا لتعريف العالقة التبعية المبين أعاله‪ ،‬فمصدر هذه العبارة ه و اجته اد محكم ة النقض‬
‫الفرنسية في الوقت الذي تخلى عن خطأ في اختي ار الت ابع كأس اس لمس ؤولية المتب وع و تم‬
‫استبداله بخطأ المتبوع في رقابة و توجيه التابع‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إحداث التابع ضررا للغير‬

‫تنص المادة ‪ 136‬على أنه "يك ون المتب وع مس ؤوال عن الض رر ال ذي يحدث ه تابع ه بفعل ه‬
‫الضار" ما ينفي صراحة شرط ارتكاب خطأ التابع‪ ،‬حيث من المقرر قانونا أن الفعل الض ار‬
‫ال يستوجب التمييز‪ ،‬ما يجعل المتبوع مسؤوال عن الضرر الذي يسببه تابعه غير المم يز‪ ،‬و‬
‫بطبيعة الحال ال مجال للبحث عن مسؤولية التابع لقيام مسؤولية المتبوع‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬عالقة فعل التابع بالوظيفة‬

‫تقتضي المادة ‪ 136‬من القانون المدني أن يسبب التابع ضررا للغ ير وه و" في حال ة تأدي ة‬
‫وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها‪ ".‬فيما يتعلق بالحالة األولى المذكورة في ه ذا النص ال توج د‬
‫أي صعوبة لتطبيقها‪ ،‬فيكون التابع في حالة تأدية وظيفته كلما أحدث الضرر و هو في مكان‬
‫العمل‪ ،‬في وقت العمل و ه و ينف ذ وظيفت ه‪ ،‬في حين أن ه ال يع د المتب وع مس ؤوال إذا ألح ق‬
‫التابع ضررا بالغير و هو في إجازة أو بعد إنهاء عملة‪ .‬غ ير أن ه في وض عية متوس طة بين‬
‫الحالتين المذكورتين‪ ،‬أي لما توجد عالق ة بين فع ل الت ابع و الوظيف ة دون أن يك ون بص دد‬
‫حالة تأدية وظيفته يصعب تبرير مساءلة المتب وع‪ ،‬كم ا ل و أن ع امال في نج ارة تش اجر في‬
‫مكان وفي وقت العمل مع زبون وسبب ل ه أض رار بوس يطة بمنش ار يس تعمله في وظيفت ه‪.‬‬
‫فمث ل ه ذه الحال ة أث يرت ع دة تس اؤالت س ببت اختالف في اآلراء الفقهي ة وفي التطبيق ات‬
‫القضائية عبر الزمن‪ .‬فصل المشرع في هذه المسألة و ق رر أن يوس ع مج ال تط بيق الم ادة‬
‫‪9‬‬
‫‪ 136‬بعد تعديلها في ‪ ،2005‬حيث يسأل المتبوع على الضرر ال ذي س ببه تابع ه بس بب أو‬
‫بمناسبة وظيفته‪ ،‬بعد أن كان تطبيق مس ؤولية المتب وع يقتص ر على فع ل الت ابع أثن اء تأدي ة‬
‫وظيفته أو بسببها‪ .‬يثير هذا التغير في نص المادة ‪ 136‬تساؤال حول سببه‪.‬‬

‫في حقيقة األمر تعديل المادة ‪ 136‬مس فقط النص المحرر بالغة العربي ة‪ ،‬و ك ان المقص ود‬
‫منه التطابق التام مع النص المحرر باللغة الفرنسية‪ ،‬الذي جاء في ه أن المتب وع مس ؤوال عن‬
‫الض رر ال ذي يحدث ه تابع ه بفعل ه الض ار م تى ك ان واقع ا من ه في حال ة تأدي ة وظيفت ه أو‬
‫بمناس بتها‪ .‬نتج عن الف رق بين النص ين إص دار ق رارات قض ائية مختلف ة راجع ة لآلخ ذ‬
‫بالنصين‪ ،‬ما يمس باألمن القانوني‪.‬‬

‫ومن أجل توضيح هذه المسألة‪ ،‬يجب تحديد مفهومي بسبب الوظيفة و بمناسبتها‪ ،‬ما يستدعي‬
‫الرج وع إلى مص در الم ادة ‪ 136‬و ه و اجته اد محكم ة النقض الفرنس ية‪ ،‬أو ب أكثر دق ة‬
‫اختالف بين غرفتيها المدنية و الجنائية‪.‬‬

‫فالغرفة الجنائية تكتفي للحكم بمسؤولية المتبوع بأن تكون الوظيفة قد س هلت للت ابع ارتك اب‬
‫الفعل الضار‪ ،‬و المثال على ذلك قيام التابع بجناية في مكان العم ل‪ ،‬أو اس تعمال وس يلة من‬
‫وسائل العمل إلحداث ضررا للغير‪.‬‬

‫أما الغرفة المدنية فكانت تشترط لقيام مسؤولية المتبوع أن توجد عالقة س ببية مباش رة بين‬
‫وظيفة التابع و الفعل الضار الذي ارتكبه‪ ،‬أي تستبعد مس ؤولية المتب وع كلم ا تعس ف الت ابع‬
‫في تأدية وظيفته أو تجاوز حدودها‪.‬‬

‫يتضح مما سبق أن ال ضرورة بعد تعديل المادة ‪ 136‬لالحتفاظ بالعبارتين "بس بب الوظيف ة‬
‫أو بمناسبتها"‪ ،‬إذ حالة بمناسبة الوظيفة تشمل بصفة بديهية حالة بسبب الوظيفة‪ .‬و لهذا ك ان‬
‫من األجدر بالمشرع أن يكتفي باستخدام عبارة في حالة تأدية وظيفته أو بمناسباتها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظام مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه‬

‫يحدد نظام مسؤولية المتبوع من وسائل نفيها (الفرع األول)‪ ،‬من أساس ها (الف رع الث اني) و‬
‫كذلك من حق رجوع المتبوع علة التابع( الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬كيفية نفي مسؤولية المتبوع‬

‫منح المشرع وسيلة واحدة للمتبوع من أجل نفي مسؤولياته ‪ ،‬تتمثل في إثبات السبب األجنبي‬
‫وفقا ألحكام المادة ‪ 127‬من القانون المدني‪ ،‬بعبارة أخرى يس تطيع المتب وع أن يتخلص من‬
‫المسؤولية بقطع العالقة السببية بين فعل تابعه و الضرر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬أساس مسؤولية المتبوع‬

‫يتبين لنا من خالل دراستنا لشروط مس ؤولية المتب وع وك ذا من وس ائل نفيه ا‪ ،‬أن مس ؤولية‬
‫المتبوع موضوعية‪ ،‬قائمة بقوة القانون‪ ،‬حيث ال يعتد بسلوك المتبوع‪ ،‬بل نرى أن صفة ه ذا‬
‫األخير هي أساسها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حق رجوع المتبوع على تابعه‬

‫أورد المش رع حكم ح ق رج وع المتب وع على تابع ه في الم ادة ‪ 137‬بع د تع ديلها في‬
‫‪(2005‬بموجب قانون وقم ‪ 10-05‬الم ؤرخ في ‪ 20‬ج وان ‪ ،)2005‬ج اء فيه ا‪" ،‬للمتب وع‬
‫حق الرجوع على تابعه في حالة ارتكابه خطأ جسيما‪".‬‬

‫‪11‬‬
‫تفيد هذه المادة أن حق الرجوع أصبح محصورا على المتب وع و في حال ة اس تثنائية‪ ،‬بع دما‬
‫كان حقا لكل مسؤول عن فعل الغير مثلما تؤكده نفس الم ادة ‪ 137‬فب ل تغييره ا‪ ،‬في نص ها‬
‫التالي‪":‬للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الح دود ال تي يك ون فيه ا ه ذا الغ ير‬
‫مسؤوال عن تعويض الضرر‪".‬‬

‫للمتبوع ح ق الرج وع على تابع ه في حال ة واح دة‪ ،‬إذا ك ان الض رر ن اتج عن خط أ جس يم‬
‫للتابع‪ ،‬فإذا استطاع المتبوع إثبات ارتكاب التابع خط أ جس يما و أن ه ذا الخط أ ه و الس بب‬
‫المباشر للضرر‪ ،‬يمكن له استرجاع من التابع التعويض الذي دفعه للمضرور‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنه ال يوجد تعريف تشريعي للخطأ الجسيم فيمكن القول أن الخطأ الجس يم‬
‫يتميز بخطورة استثنائية و يعتمد القاضي المعيار الموضوعي أثناء تقديره‪.‬‬

‫باستثناء الخطأ الجسيم‪ ،‬ال يمكن استبعاد مسؤولية المتبوع عن الضرر ال ذي س ببه تابع ه في‬
‫حالة تأدية وظيفته أو بمناسبتها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المسؤولية الناشئة عن األشياء‬
‫نظم المشرع المسؤولية الناشئة عن األشياء في القانون الم دني من الم ادة ‪ 138‬إلى الم ادة‬
‫‪140‬مكرر‪ .‬تضم هذه المس ؤولية‪ :‬مس ؤولية ح ارس األش ياء غ ير الحي ة (المبحث األول)‪،‬‬
‫مس ؤولية ح ارس الحي وان (المبحث الث اني)‪ ،‬المس ؤولية عن الحري ق (المبحث الث الث)‪ ،‬و‬
‫المسؤولية عن تهدم البناء ( المبحث الرابع)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬


‫لقد رأينا أنه من حيث األص ل فع ل اإلنس ان ه و المنش ئ للمس ؤولية‪ ،‬كم ا ه و الح ال‬
‫بالنسبة للمسؤولية عن الفعل الشخصي و المسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬سواء تعل ق األم ر‬
‫بمسؤولية متولي الرقابة أو مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه‪ ،‬غير أن في قانوننا ك رس‬
‫المشرع المسؤولية الناش ئة عن األش ياء ال تي ال تقتض ي ت دخل اإلنس ان لقيامه ا‪ ،‬كم ا‬
‫يتضح لنا من المادة ‪ 138‬من القانون المدني األتي نصها‪" :‬كل من تولى حراسة شيء‬
‫و كانت ل ه ق درة االس تعمال و التس يير و الرقاب ة‪ ،‬يعت بر مس ؤوال عن الض رر ال ذي‬
‫يحدثه ذلك الشيء‪.‬‬

‫و يعفى من هذه المسؤولية الحارس للش يء إذا أثبت أن ذل ك الض رر ح دث بس بب لم‬


‫يكن يتوقعه مثل عمل الضحية‪ ،‬أو عمل الغير‪ ،‬أو الحالة الطارئة‪ ،‬أو القوة القاهرة‪".‬‬

‫قبل دراسة ش روط قي ام مس ؤولية الح ارس (المطلب الث اني)‪ ،‬و النظ ام الق انوني له ا‬
‫(المطلب الث الث)‪ ،‬يقتض ي األم ر أن نتع رف عن الظ روف ال تي ظه رت فيه ا ه ذه‬
‫المسؤولية (المطلب األول)‬

‫المطلب األول‪ :‬ظروف ظهور مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬


‫‪13‬‬
‫لقد ظهرت مسؤولية حارس األشياء غير الحي ة في أواخ ر الق رن التاس ع عش ر‪،‬م ع ظه ور‬
‫الثورة الصناعية‪ ،‬وتمثل أول نظام ذاتي للمسؤولية المدني ة‪ ،‬فرض ه تع دد أض رار ال تنس ب‬
‫لخطأ إنسان‪ ،‬بل يرجع سببها إلى تدخل ماكين ات و بالت الي ال يمكن للمض رور أن يع وض‪.‬‬
‫أمام الوضعية الصعبة لضحايا هذه األضرار التي أطلقت عليه ا تس مية "األض رار المجهول ة"‪،‬‬
‫ق ررت محكم ة النقض الفرنس ية أن تنش أ مس ؤولية ح ارس األش ياء غ ير الحي ة في ق رار‬
‫"تيفين" صادر في ‪ .1896 /16/06‬تتعلق القضية بإصابة المسمى "تيفين" بجروح سببها‬
‫انفجار محرك قاطرة‪ .‬ألول مرة تم تطبيق العبارة األخيرة للمادة ‪ 1384‬من القانون الم دني‬
‫الفرنسي التي اعتبرت قبل إصدار هذا القرار مقدمة للمسؤولية حارس الحيوان و للمسؤولية‬
‫عن الحريق و عن تهدم البناء‪ .‬في ‪ 1975‬تبنى المشرع مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬
‫في المادة ‪ 138‬المذكورة أعاله و قنن فيها اجتهاد محكمة النقض الفرنس ية‪ ،‬كم ا يت بين لن ا‬
‫السيما من خالل دراستنا لشروطها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬

‫تتحق ق مس ؤولية ح ارس األش ياء غ ير الحي ة إذا ت وفر ش رطان‪ :‬أن يك ون الش يء مص در‬
‫الضرر(الفرع األول) و أن يكون ذلك الشيء تحت حراسة المسؤول (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الشيء مصدر الضرر‬

‫تقتضي دراسة هذا الشرط تحدي د مفه وم الش يء غ ير الحي(‪ )1‬و توض يح دور الش يء في‬
‫حدوث الضرر(‪.)2‬‬

‫مفهوم الشيء غير الحي‬ ‫‪-1‬‬

‫ي دل اس تعمال مص طلح "ش يء" في الم ادة ‪ 138‬دون حص ره على تطبيقه ا على جمي ع‬
‫األشياء‪ ،‬دون التمييز بين األشياء الخطيرة و غير الخطيرة‪ ،‬األشياء التي يحركها يد اإلنسان‬

‫‪14‬‬
‫أم ال‪ ،‬كما ال مجال للتفرقة بين المنقول و العقار فتطبق أيضا المادة ‪ 138‬على الضرر الذي‬
‫يسببه دخان مصنع‪ ،‬و أشعة ألزر‪ ،‬أو بركة‪ ،‬أو بئر ‪....‬‬

‫غير أنه تستثنى بعض األشياء من مجال تطبيق المادة ‪ 138‬على أساس طبيعته ا‪ ،‬كاألش ياء‬
‫غير المملوك ة‪ ،‬و جس م اإلنس ان‪ ،‬و تس تبعد أش ياء أخ رى تخض ع لنص وص خاص ة‪ ،‬مث ل‬
‫الحيوان (المادة ‪ ،)139‬الحريق و تهدم البناء(المادة ‪ ،) 140‬المركبات البري ة ذات مح رك‬
‫(األمر ‪ 15-74‬مؤرخ في ‪ 30/01/1974‬المعدل و المتمم)‪.‬‬

‫الشيء مصدر الضرر‬ ‫‪-2‬‬

‫تشترط المادة ‪ 138‬أن يكون الشيء ه و ال ذي أح دث الض رر ب دوره الفع ال‪ ،‬م ا يع ني أن‬
‫الشيء كان أداة الضرر‪ ،‬و هو السبب المباشر في إحداثه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬ارتباط المسؤولية بحراسة الشيء‬

‫مفهوم الحراسة‬ ‫‪-1‬‬

‫يعد مفه وم الحراس ة عنص را جوهري ا لتط بيق أحك ام الم ادة ‪ ،138‬إذ المس ؤولية مرتبط ة‬
‫بحراسة الشيء و ليس بالشيء في حاد ذاته ‪ ،‬بحيث يتحص ل المض رور عن التع ويض من‬
‫الحارس‪ .‬حدد المشرع في نفس المادة ‪ 138‬عناصر الحراسة و تتمثل في "قدرة الستعمال‪،‬‬
‫التسيير و الرقابة‪ ".‬نقل المشرع هذه العبارة من ق رار"فران ك" الص ادر عن محكم ة النقض‬
‫الفرنسية في تاريخ ‪ .2/12/1941‬سلم الطبيب "فرانك" سيارته البن ه ال ذي تركه ا ليال في‬
‫الشارع‪ ،‬سرقت السيارة و سبب السارق حادث ا أدى إلى وف اة م وزع البري د "كون و"‪ ،‬وبع د‬
‫إج راءات طويل ة و ق رارات متناقض ة ح ول مس ألة تع يين الح ارس بين مال ك الس يارة و‬
‫السارق‪ ،‬قررت الغرق المجتمعة لمحكمة النقض أن الحارس هو الذي له "استعمال‪ ،‬تس يير‬
‫و رقابة الشيء أداة الضرر‪" .‬‬

‫‪15‬‬
‫يعني استعمال الشيء استخدامه‪ ،‬أما التسيير فهو تقرير كيفية استعمال الش يء‪ ،‬فيم ا يخص‬
‫الرقابة تعرف على أنها السيطرة على الشيء و صيانته‪.‬‬

‫‪-2‬كيفية تحديد الحارس‪:‬‬

‫كما تبين مم ا س بق‪ ،‬الح ارس ه و ص احب س لطة اس تعمال‪ ،‬تس يير و رقاب ة الش يء أداة‬
‫الضرر‪ ،‬و من هذا المنطلق نستنتج‪:‬‬

‫* أن الحراسة تسند من حيث األصل لمالك الشيء‪ ،‬فيفترض أن المالك هو الحارس‪ ،‬و ه ذه‬
‫القرينة بسيطة إذ علي المالك أن يثبت أن حراسة الشيء انتقلت إلى شخص آخر‪.‬‬

‫ويستوي أن تنتقل الحراسة بإرادة المالك أو دون إرادته كسرقة الشيء‪.‬‬

‫*تقتضي سلطة االستعمال‪ ،‬التسيير و الرقابة استقاللية‪ ،‬لهذا السبب ال يعتبر التابع حارسا‪:‬‬

‫*يجب استبعاد تجزئة الحراسة إلى حراسة الهيكل و حراسة االستعمال الذي أخذ ب ه اجته اد‬
‫محكمة النقض الفرنسية‪.‬‬

‫*ال يشترط التمييز في الحارس‪.‬‬

‫*يمكن أن تسند الحراسة لعدة أشخاص لهم سلطة االس تعمال‪ ،‬التس يير و الرقاب ة ع ل ش يء‬
‫واحد و بصفة جماعية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نظام مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬

‫سنعالج مسألة نظام مسؤولية حارس األشياء غير الحية بدراسة وسائل نفيها (الف رع األول)‬
‫و كذا بتحديد أساسها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬

‫‪16‬‬
‫تناول المشرع وسائل نفي مسؤولية ح ارس األش ياء غ ير الحي ة في الفق رة الثاني ة من‬
‫المادة ‪ 138‬التي جاء فيها‪ " :‬و يعفى من هذه المس ؤولية الح ارس للش يء إذا أثبت أن‬
‫ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل عمل الضحية‪ ،‬أو عم ل الغ ير‪ ،‬أو الحال ة‬
‫الطارئة‪ ،‬أو القوة القاهرة‪".‬‬

‫يتضح من هذا النص أن الحارس يستطيع دفع المسؤولية عنه إذا أثبت تدخل سبب أجنبي‪ ،‬و‬
‫ما يلفت االنتباه هو أن صور الس بب األجن بي الم ذكورة في ه ذا النص تختل ف عن م ا ه و‬
‫منصوص عليه في المادة ‪ 127‬من القانون الم دني‪ .‬للتخلص من المس ؤولية على الح ارس‬
‫أن يثبت أن الضرر راجع لتدخل سبب أجن بي مث ل الق وة الق اهرة‪ ،‬فع ل المض رور أو فع ل‬
‫الغير‪ ،‬فيالحظ أن المشرع استبعد خطأ المضرور و خطأ الغير‪ ،‬ما يوسع من مج ال تط بيق‬
‫نفي مسؤولية الحارس‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساس مسؤولية حارس األشياء غير الحية‬

‫من الدراسة السابقة لش روطها و ولوس ائل نفيه ا يتض ح لن ا أن مس ؤولية الح ارس مس ؤولية‬
‫موضوعية قائمة بقوة القانون‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مسؤولية حارس الحيوان‬

‫‪17‬‬
‫تنص المادة ‪ 139‬من القانون المدني التي خصصها المشرع لمسؤولية حارس الحيوان على‬
‫أنه‪ " :‬حارس الحيوان‪ ،‬ولو لم يكن مالكا له‪ ،‬مسؤوال عما يحدث ه الحي وان من ض رر‪ .‬و ل و‬
‫ضل الحيوان أو تسرب‪ ،‬ما لم يثبت الحارس أن وق وع الح ادث ك ان بس بب ال ينس ب ل ه‪".‬‬
‫مثلما يتبين من هذا النص‪ ،‬سنرى أن مسؤولية حارس الحيوان تخضع لشروط تشبه شروط‬
‫مسؤولية ح ارس األش ياء غ ير الحي ة ( المطلب األول)‪ ،‬كم ا لهم ا نظام ا واح دا ( المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط مسؤولية حارس الحيوان‬

‫إن مس ؤولية ح ارس الحي وان تتحق ق إذا ت وفر ش رطان‪ :‬أن يح دث الحي وان ض ررا للغ ير‬
‫(الفرع األول) و أن تكون للمسؤول صفة حارس الحيوان (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إحداث الحيوان ضررا للغير‬

‫يشترط لقيام المسؤولية عن فعل الحيوان أن يكون فعل هذا األخير مصدر الضرر‪.‬‬

‫بالنسبة لتحدي د مفه وم الحي وان‪ ،‬فجمي ع أن واع الحيوان ات معني ة بتط بيق الم ادة ‪ 139‬من‬
‫الق انون الم دني‪ ،‬و ال مج ال للتمي يز بين الحيوان ات الخط يرة و غ ير الحظ يرة‪ ،‬و بين‬
‫الحيوانات المتوحشة و المستأنسة أو األليفة‪ ،‬و بطبيعة الحال يشترط أن يكون الحيوان حي ا‪،‬‬
‫بحيث تعتبر جثته شيء بمفهوم المادة ‪ 138‬من الق انون الم دني‪ ،‬و يجب أن يك ون الحي وان‬
‫مملوكا لشخص أو أن يكون وقت إح داث الض رر تحت حراس ة ش خص‪ .‬فال تطب ق أحك ام‬
‫المادة ‪ 139‬على األضرار التي تسببها الحيوانات غ ير المملوك ة‪ ،‬كاألض رار ال تي يس ببها‬
‫الجراد للفالحين‪.‬‬

‫كم ا يقض ي المش رع أن يح دث الحي وان ض ررا للغ ير بفع ل إيج ابي‪ ،‬و ه ذا ال يع ني أن‬
‫االتصال المادي أو االحتك اك بين المتض رر و الحي وان ض روري‪ ،‬فاألض رار الناتج ة عن‬

‫‪18‬‬
‫س قوط ش خص أثن اء ف راره خوف ا من دب تس رب من قفص ه قي حديق ة الحيوانات تس تحق‬
‫التعويض مثل الجروح المتأتية من عضة كلب‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أن تكون للمسؤول صفة حارس الحيوان‬

‫فيما يخص مسألة مفهوم الحراسة تجدر اإلشارة إلى أنه وعكس ما فعله في الم ادة ‪ 138‬من‬
‫القانون المدني كما تم عرضه أعاله‪ ،‬لم يحدد المشرع عناصر حراسة الحيوان‪ ،‬ما يدل على‬
‫إرادة توحيد هذا المفهوم بالنسبة لمس ؤولية ح ارس الش يء غ ير الحي و ح ارس الحي وان‪.‬‬
‫فكم ا س لف ذك ره بالنس بة لحراس ة األش ياء غ ير الحي ة‪ ،‬تتض من حراس ة الحي وان س لطة‬
‫االستعمال‪ ،‬و التسيير أو التوجيه و الرقابة‪.‬‬

‫بالرجوع لنص المادة ‪ ،139‬يتبين أن الحراس ة مس تقلة عن الملكي ة‪ ،‬غ ير أن ه يف ترض أن‬
‫مالك الحيوان و لو ضل أو تس رب ه و حارس ه‪ ،‬وعلي ه أن يثبت العكس‪ ،‬أي أن يقيم ال دليل‬
‫على أن الحراسة انتقلت إلى شخص آخر‪ ،‬و لقد تنتقل الحراس ة بوس يلة قانوني ة‪ ،‬أي ب إرادة‬
‫المالك‪ ،‬كما يمكن أن تنتقل بصفة غير شرعية‪ ،‬مثل السرقة‪ ،‬في الحالتين يسأل الحارس عن‬
‫الضرر الذي سببه الحيوان و هو تحت حراسته‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام مسؤولية حارس الحيوان‬

‫سيتم تحديد نظام مسؤولية حارس الحيوان‪ ،‬من خالل دراسة وسائل نفيها ( الف رع األول) و‬
‫كذا تحديد أساسها القانوني (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي مسؤولية الحارس‬

‫‪19‬‬
‫بمقتض ى نص الم ادة ‪ 139‬من الق انون الم دني‪ ،‬أم ام ح ارس الحي وان وس يلة واح دة لنفي‬
‫المسؤولية عنه‪ ‬و تتمثل في اإلثبات أن "وق وع الح ادث ك ان بس بب ال ينس ب إلي ه"‪ ،‬بعب ارة‬
‫أخرى على الحارس قطع العالقة السببية بين فعل الحيوان و الضرر‪ ،‬أي إثبات تدخل س بب‬
‫أجنبي‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬خطأ المضرور و خطأ الغير‪ ،‬و ذلك طبق ا للم ادة ‪ 127‬من الق انون‬
‫المدني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساس مسؤولية الحارس الحيوان‬

‫يتض ح لن ا من خالل دراس ة ش روط و وس ائل نفي مس ؤولية الح ارس أنه ا مس ؤولية‬
‫موضوعية‪،‬قائم ة بق وة الق انون‪ ،‬بحيث ال يعت د بس لوك الح ارس لقيامه ا‪ ،‬و ال يس تطيع أن‬
‫يتخلص هذا الحارس من المسؤولية باإلثبات أنه قام بواجب الحراسة كما ينبغي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬المسؤولية عن الحريق‬

‫تنص المادة ‪ 140‬في فقرتها األولى على ما يلي‪ :‬من كان حائزا بأي وجه ك ان لعق ار‬
‫أو جزء منه‪ ،‬أو منقوالت‪ ،‬حدث فيها حريق ال يكون مسئوال نحو الغير عن األض رار‬
‫ال تي س ببها ه ذا الحري ق إال إذا ثبت أن الحري ق ينس ب إلى خطئ ه أو خط أ من ه و‬
‫مسؤول عنه‪".‬‬

‫يتضح لنا من هذا النص أن المسؤولية الناشئة عن الحري ق تقتض ي ش رطين (المطلب‬
‫األول) مختلفة تماما عن الش روط ال تي توجبه ا للمس ؤولية الناش ئة عن األش ياء غ ير‬
‫الحية و مسؤولية حارس الحيوان‪ ،‬و نفس المالحظة تك رر بالنس بة لنظ ام المس ؤولية‬
‫الناشئة عن الحريق (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط المسؤولية عن الحريق‬

‫لكي تتحقق المسؤولية عن الحريق يجب أن يكون الحريق مصدر الضرر (الفرع األول)‪ ،‬و‬
‫أن يكون الحريق سببه خطأ حائز المال الذي اندلع فيه الحريق أو خطأ من هو مسؤول عن ه‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬عالقة سببية بين الحريق والضرر‬

‫تستوجب دراسة هذا الشرط‪ ،‬توضيح مصطلح الحريق وفقا للم ادة ‪ 1-140‬الم ذكورة‬
‫أعاله‪.‬‬

‫الحريق هو النار التي تندلع في عقار أو جزء منه أو في منقول يحوزه المس ؤول‪ ،‬م ع‬
‫المالحظة أنه ال يشترط أن يكون اش تعال الحري ق عم دي‪ ،‬ب ل يمكن أن يك ون عب ارة‬
‫عن حادث كالحريق الذي يسببه تماس كهربائي أو انفجار ه اتف نق ال أثن اء ش حنته و‬
‫الذي يتسرب إلى مال الغير و يس بب ل ه ض ررا‪ .‬يقتض ي تط بيق الم ادة ‪ 1-140‬أن‬
‫يكون الحريق الذي اندلع في م ال الح ائز ه و المص در المباش ر للض رر ال ذي ألح ق‬
‫الغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات خطأ الحائز‬

‫تلزم المادة ‪ 1-140‬المضرور بإثبات خطأ الح ائز أو خط أ من ه و مس ؤول عن ه في‬


‫اندالع الحريق‪ .‬بهذا الحكم يكون الحائز مسؤوال عن فعله الشخصي كما هو الح ال في‬
‫إطار تطبيق المادة ‪ 124‬من القانون الم دني‪ .‬م ا يلفت االنتب اه ه و أن المس ؤولية عن‬
‫الحريق مرتبطة بالحيازة و ليس بالملكية‪ ،‬م ا يس توجب تعري ف الح ائز‪ .‬فالح ائز ه و‬
‫الشخص الذي له سلطة فعلية عن المال الذي اش تعل في ه الحري ق مص در الض رر‪ ،‬و‬
‫‪21‬‬
‫يس توي أن تك ون الحي ازة مش روعة مص درها الملكي ة أو عق د وديع ة مثال‪ ،‬أو غ ير‬
‫مشروعة كسرقة منقول أو اغتصاب مسكن الغير‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام المسؤولية عن الحريق‬

‫س نتناول في ه ذا المطلب وس ائل نفي المس ؤولية عن الحري ق (الف رع األول) قب ل تحدي د‬
‫أساسها ( الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي المسؤولية عن الحريق‬

‫ال يستطيع حائز المال الذي اندلع في ه الحري ق أن يتخلص من المس ؤولية إال بإثب ات ت دخل‬
‫سبب أجنبي في حدوث الضرر‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬خطأ المض رور أو خط أ الغ ير‪ ،‬مثلم ا ه و‬
‫منصوص عليه في المادة ‪ 127‬من القانون المدني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساس المسؤولية عن الحريق‬

‫يتبين مم ا س بق أن المس ؤولية عن الحري ق مس ؤولية ذاتي ة‪ ،‬أساس ها خط أ واجب اإلثب ات‪.‬‬
‫ونش ير في نهاي ة األم ر إلى م يزة أخ رى للمس ؤولية عن الحري ق و هي الخ روج عن ه ذه‬
‫القاعدة بالنسبة لمسؤولية المستأجر و هو حائز العين المؤجرة عن الضرر الناتج عن حريق‬
‫العين المؤجرة‪ ،‬إذ اعتبرها المشرع مس ؤولية موض وعية كم ا تنص علي ه الم ادة ‪ 496‬من‬
‫القانون المدني األتي نصها‪" :‬المس تأجر مس ؤول عن حري ق العين الم ؤجرة إال إذا أثبت أن‬
‫الحريق نشأ عن سبب ليس من فعله‪ / .‬ف إذا تع دد المس تأجرين لعق ار واح د ك ل واح د منهم‬
‫مسؤوال عن الحريق بالنسبة للجزء الذي يشغله بما فيهم المؤجر إن كان يسكن العق ار إال إذا‬
‫ثبت أن الحريق بدأ نشوبه في الجزء الذي يشغله أحد المستأجرين فيكون وحده مس ؤوال عن‬
‫الحريق‪".‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مسؤولية المالك عن تهدم البناء‬

‫جمع المشرع أحكام مسؤولية المالك عن تهدم البن اء و أحك ام المس ؤولية عن الحري ق‬
‫في المادة ‪ 140‬من القانون المدني دون أن نجد تبرير لذلك‪ ،‬إذ ال عالقة بينهم ا ال من‬
‫حيث الش روط و ال من حيث األس اس‪ .‬فتن اول مس ؤولية المال ك عن ته دم البن اء في‬
‫الفقرتين الثاني ة و الثالث ة من الم ادة ‪ 140‬و ج اء فيهم ا‪" .‬مال ك البن اء مس ؤول عم ا‬
‫يحدثه انهدام البناء من ضرر و لو كان انهداما جزئيا‪ ،‬ما لم يثبت أن الحادث ال يرج ع‬
‫سببه إلى إهم ال في الص يانة‪ ،‬أو الق دم في البن اء‪ ،‬أو عيب في ه‪ / .‬و يج وز لمن ك ان‬
‫مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية‬
‫للوقاية من الخطر فإن لم يقم المال ك ب ذلك‪ ،‬ج از الحص ول على إذن من المحكم ة في‬
‫اتخاذ هذه التدابير على حسابه‪".‬‬

‫خصص المشرع الفقرة الثانية من المادة ‪ 140‬لشروط قيام مسؤولية المال ك عن ته دم‬
‫البناء (المطلب األول)‪ ،‬و نظامها (المطلب الثاني)‪ ،‬أما الفقرة الثالثة من نفس المادة‬

‫تتعلق بإجراءات وقائية لتفادي حدوث الضرر (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط مسؤولية المالك عن تهدم البناء‬

‫يتبين من المادة ‪ 2-140‬سالفة الذكر أن مسؤولية المالك عن تهدم البناء تقوم إذا تحقق‬
‫شرطان‪ :‬أن يكون الضرر ناتج عن تهدم البناء ( الف رع األول) و أن تك ون للمس ؤول‬
‫صفة المالك ( الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تهدم البناء مصدر الضرر‬

‫يقتضي تحقق مسؤولية المال ك عن ته دم البن اء أن يك ون ته دم البن اء الس بب المباش ر‬


‫للضرر‪ ،‬و يتطلب فهم هذا الشرط توضيح البناء من جه ة وته دم ه ذا البن اء من جه ة‬
‫أخرى‪ .‬في غياب تعريف تشريعي للبناء الفقه ه و ال ذي عرف ه على أن ه مجموع ة من‬
‫مواد البناء مهما كانت طبيعتها كالخشب‪ ،‬االسمنت‪ ،‬الحدي د‪ ،‬الحج ر‪ ،‬و غ ير ذل ك من‬
‫المواد المختلفة التي يستعمل اإلنسان لتشييد فوق األرض و تكون متصلة بها‪.‬‬

‫أما التهدم فهو انهيار أو تحطيم البناء‪ ،‬إما بصفة كلية كانهي ار البن اء بكامل ه أو جزئي ة‬
‫مثل سقوط شرفة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولية المالك‬

‫طبق ا لم ا ه و منص وص علي ه في الم ادة ‪ 2-140‬من الق انون الم دني‪ ،‬المال ك ه و‬
‫المسؤول الوحيد و هو الذي يتحمل تعويض األضرار الناجمة عن تهدم البناء‪ ،‬ف العبرة‬
‫بالملكية و ليس بمن يشغل البناء‪ ،‬و بالتالي ال يمكن للمالك أن يس تبعد المس ؤولية عن ه‬
‫بادعاء أنه تم اغتصاب بنائه أو أن ه منح ألح د أقارب ه ح ق االس تعمال و ح ق الس كن‪،‬‬
‫بحيث المسؤولية عن تهدم البناء مرتبطة بالملكية‪ .‬تجدر بنا اإلشارة أنه في حال ة تع دد‬
‫مالكو البناء ‪ ،‬فيلتزمون جميعا بالتضامن بالتعويض األضرار الناتجة عن تهدم البن اء‪،‬‬
‫و ذلك في الملكية الشائعة‪ ،‬و كذلك بالنسبة لألجزاء المشتركة في الملكية المشتركة في‬
‫العقارات المبنية‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظام المسؤولية عن تهدم البناء‬

‫سندرس نظام المسؤولية عن تهدم البناء من خالل دراسة وسائل نفيه ا(الف رع األول)‬
‫و أساسها القانوني (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفي المسؤولية عن تهدم البناء‬

‫أقر المشرع أن يمنح لمالك البناء إمكانية التخلص من المسؤولية إذا أثبت أن "الحادث‬
‫ال يرج ع إلى إهم ال في الص يانة‪ ،‬أو ق دم في البن اء‪ ،‬أو عيب في ه‪ ".‬يتض ح من ه ذه‬
‫العبارة أن المطلوب من المالك هو أن ي برهن أن ه ق ام بص يانة البن اء م ع اح ترام ك ل‬
‫القواعد الفنية و لم يكن مهمال في ترميمه‪ .‬إض افة إلى ذل ك‪ ،‬يمكن للمال ك أن يثبت أن‬
‫سبب حدوث الض رر ه و ت دخل س بب أجن بي طبق ا للم ادة ‪ 127‬من الق انون الم دني‬
‫المذكورة أعاله‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساس المسؤولية عن تهدم البناء‬

‫يتضح من وسائل نفيها أن المسؤولية عن تهدم البناء مس ؤولية ذاتي ة‪ ،‬أساس ها الخط أ‬
‫المفترض القابل إلثبات العكس‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التدابير الوقائية من حدوث الضرر من جراء تهدم البناء‬

‫تتميز مسؤولية مالك البناء بطابعها الوقائي المكرس في الفقرة الثالث ة من الم ادة ‪140‬‬
‫التي تنص على ما يلي‪" :‬و يجوز لمن كان مهددا بضرر يص يبه من البن اء أن يط الب‬
‫المالك باتخ اذ م ا يل زم من الت دابير الض رورية للوقاي ة من الخط ر ف إن لم يقم المال ك‬
‫بذلك‪ ،‬جاز الحصول على إذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه‪".‬‬

‫‪25‬‬
‫فهذا الحكم منفرد في أحكام المسؤولية ال واردة في الق انون الم دني‪ ،‬بحيث في األن واع‬
‫األخرى من المسؤولية وكما سبق ذكره‪ ،‬أق ر المش رع أن يحص ر دور المس ؤولية في‬
‫تعويض الضرر الحاصل و عقوبة المسؤول‪.‬‬

‫‪26‬‬

You might also like