Professional Documents
Culture Documents
يكبر تسع مرات متوالية ،ثم يقول - :هللا أكبر ،هللا أكبر ،ال
إله إال هللا ،وهللا أكبر ،هللا أكبر ،وهلل الحمد .الحمد هلل الذي
سهل لعباده طرق العبادة ،ويسر ،وتابع لهم مواسم الخيرات
،لتزدان أوقاتهم بالطاعات ،وتعمر ،فما انقضى شهر الصيام
حتى حلت شهور حج بيت هللا المطهر نحمده على أسمائه
الحسنى ،وصفاته العليا ،ونعمه التي ال تنحصر ،وأشهد أن
ال إله إال هللا وحده Jال شريك له األحد الصمد المتفرد بالخلق
والتدبير ،وكل شيء عنده بأجل مقدر ،وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله أنصح من دعا إلى هللا ،وبشر ،وأنذر ،وأفضل من
تعبد هلل ،وصلى ،وزكى ،وصام ،وحج ،واعتمر صلى هللا
عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح
،وأنور ،وسلم تسليما .
أما بعد :أيها الناس ،اتقوا هللا تعالى ،واشكروه على نعمته
عليكم بهذا الدين القيم دين اإلسالم الذي أكمله هللا لكم ورضيه
لكم دينا ،وأتم به عليكم النعمة ،ثم اشكروه حيث هداكم له ،
وقد أضل عنه كثيرا ،فأصبحت عقيدتكم أقوى العقائد وأعمالكم
أكمل األعمال وغايتكم أفضل الغايات أما عقيدتكم ،فهي اإليمان
باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خيره وشره .
تؤمنون باهلل وأسمائه وصفاته ؛ ألنكم تشاهدون آياته في كل
شيء ،فإن في كل شيء له آية تدل على أنه واحد ففي أنفسكم
آيات وفي السماوات واألرض آيات ،وفي اختالف الليل
والنهار آيات ،وفي تصريف الرياح والسحاب المسخر بين
السماء واألرض آيات ،وفي كل مخلوق من مخلوقاته آيات
تدل على كمال وحدانيته وتمام سلطانه وربوبيته وبالغ علمه
وحكمته وواسع فضله ورحمته ؛ ألن هذا الكون ال يمكن أن
يوجد نفسه ،وال يمكن أن يوجد صدفة بل ال بد له من مدبر
خالق هو هللا وحده ال شريك له أما عملكم ،فهو أكمل األعمال
؛ ألنكم تسيرون على نور من هللا وبرهان مهتدين بهدي النبي
صلى هللا عليه وسلم وخلفائه الراشدين ،فحققوا رحمكم هللا
السير على ذلك كما يجب أن تحققوه أقيموا الصالة ،وحافظوا
عليها ،فإنها عماد دينكم ،والحظ في اإلسالم لمن ترك الصالة
حافظوا عليها ،وال تضيعوها ،فتكونوا ممن قال هللا فيهم { :
ت
ش َه َوا ِصاَل ةَ َواتَّبَ ُعوا ال َّ ضاعُوا ال َّ ف ِمنْ بَ ْع ِد ِه ْم َخ ْلفٌ أَ َ فَ َخلَ َ
صالِ ًحا فَأُولَئِ َكَاب َوآ َم َن َو َع ِم َل َ ف يَ ْلقَ ْو َن َغيًّا }{ إِاَّل َمنْ ت َ س ْو َفَ َ
ش ْيئًا } .أدوا الزكاة إلى مستحقيها ون َ ون ا ْل َجنَّةَ َواَل يُ ْظلَ ُم َ يَد ُْخلُ َ
كاملة من غير نقص ،فإنها قرينة الصالة في كثير من آيات
القرآن ،وال تبخلوا بها ،فتطوقوا بها يوم القيامة .صوموا
رمضان حجوا البيت الحرام ،فهذه أركان اإلسالم من حافظ
عليها سهل عليه بقية فروع الدين ،وانشرح صدره ألوامر هللا
ورسوله ،ومن لم يحافظ على أركان اإلسالم ضاق صدره
بفروعه ،وصعب عليه القيام به ،فحافظوا رحمكم هللا على
دينكم ،واتقوا هللا ما استطعتم لتحققوا بذلك الغاية الحميدة ،
وهي رضا هللا ،والفوز بدار كرامته مع ما يتبع ذلك من الحياة
صالِ ًحا ِمنْ َذ َك ٍر أَ ْو أُ ْنثَى َو ُه َو الطيبة قال هللا تعالى َ { :منْ َع ِم َل َ
س ِن َما َكانُوا ُم ْؤ ِمنٌ فَلَنُ ْحيِيَنَّهُ َحيَاةً طَيِّبَةً َولَنَ ْج ِزيَنَّ ُه ْم أَ ْج َر ُه ْم بِأ َ ْح َ
ون } .عباد هللا :لو سألتم أي واحد ما هي أمنيتك ؟ يَ ْع َملُ َ
لقال :أمنيتي أن أعيش سعيدا ،وأموت حميدا ،وأبعث آمنا ،
وهذه األمنية تتحقق يقينا لكل من عمل صالحا وهو مؤمن ،
وما أيسر ذلك لمن يسره هللا له .
عباد هللا :إن التمسك بدينكم يكفل لكم الحياة الطيبة واألجر
العظيم الحياة الطيبة حياة النصر والعز والرخاء والكرامة
وأكبر شاهد على ذلك أن النبي صلى هللا عليه وسلم بعث في
قوم أميين متخلفين في العلم والحضارة والسيطرة ،فما لبث
هؤالء القوم حين تمسكوا باإلسالم حتى صاروا قادة العالم في
العلم والحضارة واألخالق ،وسادوا الناس عزة بعد الذل
وتقدما بعد التخلف ،وإن الدين الذي تمسك به أولئك السادة ال
يزال هو الدين محفوظا في كتاب هللا ،وفي سنة رسوله صلى
هللا عليه وسلم ،فلو تمسك به المسلمون تمسكا صحيحا ،
وطبقوه تطبيقا إيجابيا في جميع أمورهم لسادوا العالم كما
ص َرنَّ هَّللا ُ َمنْ
حصل ذلك ألسالفهم ،قال هللا تعالى َ { :ولَيَ ْن ُ
ين إِنْ َم َّكنَّا ُه ْم فِي اأْل َ ْر ِ
ض ي َع ِزي ٌز }{ الَّ ِذ َ ص ُرهُ إِنَّ هَّللا َ لَقَ ِو ٌّ
يَ ْن ُ
وف َونَ َه ْوا َع ِن ا ْل ُم ْن َك ِر صاَل ةَ َوآتَ ُوا ال َّز َكاةَ َوأَ َم ُروا بِا ْل َم ْع ُر ِ أَقَا ُموا ال َّ
َوهَّلِل ِ َعاقِبَةُ اأْل ُ ُمو ِر } .ولكن المسلمين فرطوا في كثير من أمور
دينهم ،وأعرض كثير منهم عن كتاب هللا وسنة رسوله إلى
نظم تخبطوا بها خبط عشواء ما أنزل هللا بها من سلطان ،
فضلوا ،وأضلوا كثيرا ،وضلوا عن سواء السبيل ،فتفككت
األمة اإلسالمية ،وانتقضت عراها ،وتداعت عليهم األمم ،
وصاروا أذلة بعد العزة وضعفاء بعد القوة ومتفرقين بعد األلفة
،فإنا هلل وإنا إليه راجعون .
عباد هللا :إن اإلسالم يأمر بإخالص العبادة هلل ،وينهى عن
الرياء يأمر باتباع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وخلفائه
الراشدين ،وينهى عن البدع في الدين يأمر ببر الوالدين ،
وينهى عن العقوق ،يأمر بصلة األقارب ،وينهى عن القطيعة
،يأمر بالعدل ،وهو إعطاء كل ذي حق حقه من غير نقص ،
وينهى عن الجور ،وهو الظلم يأمر بالصدق والنصح واألمانة
،وينهى عن الكذب والغش والخيانة يأمر بتطهير القلوب من
الغل والحقد على المسلمين ،وينهى عن البغضاء والعداوة
يأمر بالحزم والقوة ،وينهى عن الكسل والضعف ،فهو دين
يأمر بكل خير وصالح ،وينهى عن كل شر وفساد .
عباد هللا :إن من محاسن دين اإلسالم هذا العيد السعيد اليوم
الذي توج هللا به شهر الصيام وافتتح أشهر الحج إلى بيته
الحرام ،وهو اليوم الذي يخرج فيه المسلمون فرحين بما أنعم
هللا به عليهم من إتمام الصيام والقيام .يؤدون صالة العيد
تعظيما هلل وإقامة لذكره ،وبرهانا على ما قام بقلوبهم من
محبته وشكره يحسنون الظن بموالهم ؛ ألنه عند ظن عبده به
يؤملون منه كل خير ؛ ألنه صاحب الفضل واإلحسان العميم
يسألون الجواد الكريم الذي من عليهم بالعمل أن يمن عليهم
بقبول ذلك ،وأن يجعلهم من الرابحين .اللهم إنا نسألك بأنا
نشهد أنك أنت هللا الذي ال إله إال أنت األحد الصمد ،الذي لم يلد
ولم يولد ،ولم يكن له كفوا أحد ،يا منان يا بديع السماوات
واألرض ،يا حي يا قيوم ،يا ذا الجالل واإلكرام أن تمن علينا
بمحبتك واإلخالص لك ومحبة رسولك ،واالتباع به ،ومحبة
شرعك ،والتمسك به اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على
دينك هللا يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك اللهم
أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ،وأصلح لنا دنيانا التي
فيها معاشنا ،وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا ،واجعل
الحياة زيادة لنا في كل خير ،والموت راحة لنا من كل شر ،
اللهم تقبل صيامنا ،وقيامنا ،وأعد علينا من بركات هذا اليوم
،وأعد أمثاله علينا ،ونحن نتمتع باإليمان ،واألمن ،والعافية
،اللهم صل ،وسلم على نبينا محمد Jوآله وصحبه أجمعين .
أقول قولي هذا ،وأستغفر هللا . .الخ .