You are on page 1of 66

‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات ‬

‫املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬

‫إعــداد‬
‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة الشارقة‬

‫ٌ‬
‫حبث َّ‬
‫مقد ٌم إىل‬
‫« مؤمتر املصارف اإلسالمية بني الواقع واملأمول ‬
‫دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫‪ 31‬مايو – ‪ 3‬يونيو ‪ 2009‬م‬
‫يعب عن رأي الباحث‬
‫هذا البحث رّ‬
‫يعب بالضرورة عن رأي دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫وال رّ‬

‫دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخليري بدبي‬

‫فاكس‪+971 4 6087555 :‬‬ ‫هاتف‪+971 4 6087777 :‬‬


‫ص‪ .‬ب‪ - 3135 :‬دب��ي‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬
‫‪www.iacad.gov.ae‬‬ ‫‪mail@iacad.gov.ae‬‬
‫‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ملخص البحث‬

‫لقد بدأت املصارف اإلسلامية متارس صيغة اإلجارة كأحد صيغ استثامر األموال ومتويل‬
‫رج�ال األعمال‪ ،‬ولقد تط�ورت تطور ًا ملحوظ ًا حلاج�ة الناس إليها‪ ،‬إن املقصود األس�ايس من‬
‫البح�ث بيان نوع من أنواع التمويل املرشوع‪ ،‬وهو متوي�ل املنافع واخلدمات املختلفة عن طريق‬
‫عقد اإلجارة‪ ،‬وذلك بصورة تشمل إجارة اخلدمات وإجارة األشياء‪ ،‬سواء كان ذلك من خالل‬
‫عق�د اإلج�ارة املتعلقة بالذم�ة‪ ،‬أو اإلجارة املعينة‪ ،‬م�ع التطبيقات املس�تندة إىل إجارة اخلدمات‬
‫وبخاصة اإلجارة املوصوفة يف الذمة؛ حلداثة املؤسسات املالية اإلسالمية يف تطبيقها‪.‬‬

‫وىف هذه الدراسة‪ ،‬سوف نتناول مفهوم و أنواع التأجري التمويىل املطبقة ىف النظم االقتصادية‬
‫واملالي�ة الوضعية‪ ،‬ثم نتحدث عن لب موضوعنا أال وه�و متويل اخلدمات والضوابط الرشعية‬
‫هلا‪ ،‬وسوف نركز عىل النقاط اآلتية‪:‬‬

‫مدخل إىل أساليب االستثامر اإلسالمي وثالثة مباحث عىل النحو اآليت‪:‬‬

‫تناول املبحث األول اإلجارة‪ :‬تعريفها‪ ،‬مرشوعيتها‪ ،‬رشوطها وأقسامها ‪.‬‬

‫أما املبحث الثاين‪ :‬فكان يف التمويل باإلجارة يف التطبيق املعارص‪ :‬أنواعه‪ ،‬أمهيته وخصائص‬
‫اإلجارة يف االستثامر ‪.‬‬

‫وخص املبحث الثالث‪ :‬يف بحث مسألة تأجري اخلدمات (املرابحة يف اإلجارة)‪ ،‬مرشوعيتها‪،‬‬
‫ثم بيان أهم ضوابط إجارة اخلدمات ‪.‬‬

‫اخلامتة‪ :‬واحتوت عىل نتائج البحث وتوصياته ‪.‬‬

‫***‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫املقدمة‬

‫إن احلمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا وسيئات أعاملنا‪ ،‬من‬
‫هي�ده اهلل فلا مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬ونش�هد أن ال إله إال اهلل وحده ال رشيك لـه‪،‬‬
‫ونشهد أن حممد ًا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله اهلل للناس كافة بشري ًا ونذير ًا‪ ،‬وداعي ًا إليه بإذنه ورساج ًا‬
‫منري ًا‪ ،‬ب ّلغ الرسالة‪ ،‬وأدى األمانة‪ ،‬ونصح األمة‪ ،‬نَّ‬
‫وبي هلا احلالل واحلرام‪ ،‬القائل ‪ -‬عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ « :-‬من يرد اهلل به خري ًا يفقهه يف الدين »‪ ،‬أما بعد ‪.‬‬

‫فعلى الرغم من الفترة القصرية للتطبيق العملي لالقتصاد اإلسلامي يف العرص احلديث‬
‫من خالل املؤسس�ات املالية الت�ي كانت من نتائجها بلوغ عددها أكثر من مائتي مؤسس�ة مالية‬
‫إسالمية يف أنحاء العامل اإلسالمي‪ ،‬وغري اإلسالمي‪ ،‬وكذلك االعرتاف الدويل هبذه املؤسسات‬
‫وقد أنش�أت كربى املؤسس�ات االقتصادية يف الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا وسويرسا‬
‫وغريها أقس�ام ًا متخصصة بدراسة أساليب املعامالت املالية اإلسالمية هبدف اجتذاب رؤوس‬
‫األموال التي يرغب أصحاهبا يف توظيف أمواهلم يف اس�تثامرات وعمليات معارصة ضمن إطار‬
‫أحكام الرشيعة اإلسلامية ووصل األمر بكبار علامئهم إىل اعتبار أساليب االستثامر اإلسالمي‬
‫بديل عن األنظمة الربوية الس�ائدة التي ثبت أهنا من أهم عوامل الزالزل االقتصادية يف العامل‪،‬‬
‫وآخرها األزمة املالية التي دمرت العامل اقتصاديا ‪.‬‬

‫لقد بدأت املصارف اإلسالمية متارس صيغة اإلجارة كأحد صيغ استثامر األموال ومتويل‬
‫رج�ال األعمال‪ ،‬ولقد تطورت تط�ور ًا ملحوظ ًا حلاجة الناس إليها‪ ،‬فيقوم املرصف اإلسلامى‬
‫برشاء األصل الثابت املطلوب تأجري منافعه بناء عىل طلب العميل‪ ،‬ثم يؤجره له إجارة تشغيلية‬

‫ متف�ق علي�ه‪ :‬البخ�اري يف كتاب العلم ب�اب قول النب�ي ﷺ‪ :‬رب مبلغ أوعى من س�امع (‪،39/1 )71‬‬
‫ومسلم يف كتاب الزكاة باب النهي عن املسألة (‪ )718/2( )1037‬من حديث معاوية ريض اهلل عنه‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‬

‫أو إج�ارة منتهي�ة بالتمليك مع الوعد أو عدم الوعد بالبي�ع ىف هناية مدة عقد اإلجارة أو خالهلا‬
‫حسب األحوال ‪.‬‬

‫إن اإلج�ارة بنوعيه�ا (اإلجارة على األعيان واإلجارة عىل عمل األش�خاص) تعترب اليوم‬
‫من أهم الصيغ االس�تثامرية والتمويلية لدى املؤسس�ات املالية اإلسالمية‪ ،‬وهي كذلك من أهم‬
‫املنتجات املرنة لألدوات املالية‪ ،‬حيث تصاغ منها صكوك اإلجارة التي تعترب من أنجح األوراق‬
‫املالية وأكثرها مرونة وقدرة عىل استيعاب متطلبات العرص ‪.‬‬

‫كام أن اإلجارة عىل األش�خاص هي العقد األس�اس الذي انبثق منه عقد العمل‪ ،‬وقانونه‬
‫ال�ذي ينظم العالقة بني صاحب العمل‪ ،‬والعامل‪ ،‬بل إن مجيع املوظفني واملس�تخدمني يف دوائر‬
‫الدولة‪ ،‬ويف الرشكات واملؤسس�ات‪ ،‬واجلمعيات وغريها هم ُأجراء يف نظر الرشع تطبق عليهم‬
‫قواع�د اإلج�ارة وضوابطه�ا‪ ،‬وأحكامها‪ .‬ومن هن�ا تأخذ اإلدارة عىل عمل األش�خاص أمهية‬
‫قصوى يف حياتنا اليومية‪ ،‬وخمتلف األنشطة االقتصادية واالجتامعية ‪.‬‬

‫إن املقصود األس�ايس من البحث بيان نوع من أن�واع التمويل املرشوع‪ ،‬وهو متويل املنافع‬
‫واخلدم�ات املختلفة عن طري�ق عقد اإلجارة‪ ،‬وذلك بصورة تش�مل إج�ارة اخلدمات وإجارة‬
‫األش�ياء‪ ،‬س�واء كان ذل�ك م�ن خالل عق�د اإلج�ارة املتعلق�ة بالذم�ة‪ ،‬أو اإلج�ارة املعينة‪ ،‬مع‬
‫التطبيقات املستندة إىل إجارة اخلدمات وبخاصة اإلجارة املوصوفة يف الذمة؛ حلداثة املؤسسات‬
‫املالية اإلسالمية يف تطبيقها‪.‬‬

‫وىف هذه الدراسة‪ ،‬سوف نتناول مفهوم و أنواع التأجري التمويىل املطبقة ىف النظم االقتصادية‬
‫واملالي�ة الوضعية‪ ،‬ثم نتحدث عن لب موضوعنا أال وه�و متويل اخلدمات والضوابط الرشعية‬
‫هلا‪ ،‬وسوف نركز عىل النقاط اآلتية‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫قسمت املوضوع إىل مدخل وثالثة مباحث عىل النحو اآليت‪:‬‬

‫‪ -‬مدخل إىل أساليب االستثامر اإلسالمي‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫املبحث األول‪ :‬يف اإلجارة‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريفها ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مرشوعيتها ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬رشوطها ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أقسام اإلجارة‬

‫املبحث الثاين‪ :‬التمويل باإلجارة‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجارة يف التطبيق املعارص ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع عقود اإلجارة يف التطبيقات املعارصة ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أمهية التمويل باإلجارة ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬خصائص اإلجارة يف االستثامر ‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬يف تأجري اخلدمات ‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أمهية قطاع اخلدمات وخصائصها ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع اخلدمات التي يمكن متويلها ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬مرشوعية تأجري اخلدمات (املرابحة يف اإلجارة)‬

‫املطلب الرابع‪ :‬ضوابط إجارة اخلدمات ‪.‬‬

‫ملحق‪ :‬فتاوى وقرارات املجامع الفقهية يف تأجري اخلدمات ‪.‬‬

‫اخلامتة‪ :‬نتائج البحث وتوصياته ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‬

‫مدخل إىل أساليب االستثمار اإلسالمي‬

‫إن أه�م النش�اطات الت�ي يزاوهل�ا املصرف اإلسلامي ه�و فتح احلس�ابات االس�تثامرية‬
‫واإليداعات وتش�غيلها عىل أساس املضاربة باإلضافة إىل البيع واإلجارة واملشاركات املعروفة‬
‫التي حتقق حتريك ًا لألنشطة االقتصادية كلها‪:‬‬

‫أ ‪ -‬فه�و يقوم بتمويل التجار بالس�لع واملعدات عن طريق بي�ع املرابحة وتأجيل الثمن مع‬
‫مراعاة رشوطه الرشعية من بيان الثمن األصيل أو التكلفة‪ ،‬والربح‪ ،‬وحصول التملك قبل البيع‬
‫وإال مل يكن مرشوع ًا‪ ،‬للنهي عن ربح ما مل ُيضمن وكذلك عن طريق بيع األجل ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬كما يقوم املرصف بتمكني أصحاب األنش�طة الزراعي�ة والصناعية من احلصول عىل‬
‫امل�واد اخل�ام واملع�دات عن طري�ق عقد الس�لم‪ ،‬حيث يشتري منتجاهتم مع تأجيل تس�ليمها‪،‬‬
‫ويعجل بالثمن ليحصلوا عىل الس�يولة التي تتيح هلم اس�تمرار أنش�طتهم الزراعية أو الصناعية‬
‫كام يقوم ببعض النشاطات االستثامرية ومنها‪:‬‬

‫‪ - 1‬البيوع الدولية يف البضائع ‪.‬‬

‫‪ - 2‬املتاجرة يف العمالت األجنبية ‪.‬‬

‫‪ - 3‬االستثامرات الدولية يف العقارات ‪.‬‬

‫‪ - 4‬تأسيس الرشكات واملشاركة يف رؤوس أمواهلا ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬ويقوم املرصف بتمويل األصول الثابتة بتقديم املعدات واألجهزة ألصحاب األنشطة‬
‫الصناعية عن طريق اإلجيار املنتهي بالتمليك‪ ،‬وهو عقد إجارة ينشئه املرصف مع العميل بعد أن‬
‫يتمل�ك املرصف املعدات‪ ،‬ويعطي للمس�تأجر احلق‪ ،‬عن طري�ق املواعدة يف متلك تلك املعدات‬
‫املأج�ورة يف هناي�ة مدة اإلج�ارة أو يف أثنائها لقاء ثم�ن معلوم يتفق عليه مع الت�زام أحكام عقد‬
‫اإلجارة طيلة قيامها‪ ،‬وعدم اشرتاط البيع فيها‪ ،‬بل هي مواعدة عليه فقط‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫د ‪ -‬كما يقوم املرصف اإلسلامي أيض ًا بتموي�ل األصول الثابتة عىل النحو املش�ار إليه مع‬
‫الت�زام املصرف برتكيب األجهزة وتش�غيلها عن طري�ق عقد (اإلجيار التش�غييل) وهو أيض ًا قد‬
‫ينتهي بالتمليك باألسلوب السابق ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬ويقوم املرصف بتمويل إنش�اء املباين واملصانع واملستغالت العقارية‪ ،‬عن طريق عقد‬
‫االس�تصناع (املقاولة) حيث يتم االتفاق عىل إنش�اء ذلك من قبل املرصف‪ ،‬بمواصفات حمددة‬
‫وبثم�ن مؤج�ل … واملرصف ب�دوره يس�تعني باملقاولني إلقامتها حلس�ابه وبعالق�ة منفصلة عن‬
‫املقاولة األوىل ودون ربط هبا ‪.‬‬

‫و ‪ -‬ويق�وم املصرف اإلسلامي بتقدي�م التمويل ألصحاب املش�اريع الذي�ن ال يملكون‬


‫الس�يولة الكافية النفرادهم بالنش�اط‪ ،‬وذلك عن طريق املش�اركات س�واء كانت مشاركة ثابتة‬
‫القتس�ام نتائج النش�اط مع ربح أو خسارة إن وقعت‪ ،‬أو كانت مش�اركة متناقصة بمواعدة بني‬
‫املصرف وبين الرشيك لتن�ازل املرصف عن حصته يف املش�اركة تدرجيي ًا لقاء ثم�ن حمدد ‪ ..‬إىل‬
‫أن ينف�رد الرشي�ك بملكية املرشوع ‪ .‬وخلال هذه الفرتة تتناقص ملكي�ة املرصف وربحه بقدر‬
‫تناقص حصته وهذا حيقق طموحات أصحاب املشاريع وختطيهم مصاعب اإلنشاء أو األزمات‬
‫الطارئة ويغنيهم عن التمويل الربوي ‪.‬‬

‫ز‪ -‬وهناك أخري ًا طريقة مفضلة للتعامل بني املرصف وبني ذوي اخلربات واملش�اريع وهي‬
‫ويفوض إليهم اس�تثامرها‬
‫الدخ�ول معهم يف رشكة مضاربة بحيث يقدم إليهم رؤوس األموال ِّ‬
‫مع اقتس�ام األرباح حس�ب النس�بة املحددة‪ ،‬وإذا وقعت خس�ارة فإن املرصف ينف�رد بتحملها‬
‫وخيرس املضارب جهده ما مل يثبت تعدي املضارب أو تقصريه ‪ .‬وهذه الطريقة تعتمد توافر الثقة‬
‫واألمانة لدرجة عالية َّ‬
‫ألن املضارب يس�تقل بإدارة االس�تثامر‪ ،‬ومع هذا فإهنا هي الطريقة املثىل‬
‫ملزاولة املصارف اإلسالمية عملها بعد حتضري األجواء اآلمنة والظروف املواتية ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪10‬‬

‫باإلضافة إىل هذه األنشطة االستثامرية للمرصف اإلسالمي فإنه يقدم اخلدمات املرصفية‬
‫من احلواالت‪ ،‬وإدارة احلس�ابات اجلارية‪ ،‬والش�يكات والوكاالت‪ ،‬وعمليات االسترياد (فتح‬
‫االعتمادات) وخطابات الضامن‪ ،‬وخدم�ة البطاقات واخلدمات األخرى وعقد اجلعالة وغريها‬
‫من العقود الرشعية‪ ،‬لتكون أساليب االستثامر وفق الضوابط الرشعية يف شتى املجاالت ‪.‬‬

‫***‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪11‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫املبحث األول‬
‫يف اإلجارة‬

‫وفيه املطالب التالية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريفها ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مرشوعيتها وحكمتها ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬رشوطها ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أنواع اإلجارة من حيث عمل املعقود عليه ‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف اإلجارة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف اإلجارة لغة‪:‬‬

‫اجلمع بينهام باملعنى‪ ،‬فاألول‬


‫ُ‬ ‫ق�ال اب�ن فارس‪( « :‬أجر) اهلمزة واجليم والراء أصالن يمكن‬
‫الكراء عىل العمل‪ ،‬والثاين ج العظم الك َِسري‪ .‬فأما ِ‬
‫الكراء فاألجر واألُ ْجرة‪ .‬وكان اخلليل يقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ برْ‬
‫األجر جزاء العمل‪ ،‬والفعل أجر يأجر َأجر ًا‪ ،‬واملفعول مأجور‪ .‬واألجري‪ :‬املستأجر‪ِ .‬‬
‫واألَُ َجارة ما‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُُ ْ‬ ‫ْ‬
‫أجر يف عمل وقال غريه‪ :‬ومن ذلك َمهر املرأة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬ﭩ ﭪ﴾‬ ‫ِ‬
‫أعطي�ت م� ْن ٍ‬
‫َ‬
‫[النساء ‪ ،24‬الطالق ‪.» ]6‬‬

‫جارة من َأ َجر َي ْأ ِج ُر‬


‫واإل َ‬‫وقال ابن منظور‪( « :‬أجر) األَ ْج ُر اجلزاء عىل العمل واجلمع ُأجور ِ‬
‫وآج َره اهلل‬ ‫ويأ ِج ُره َأ ْجر ًا َ‬
‫وه�و ما َأعطيت من َأ ْجر يف عمل واألَ ْجر الثواب وق�د َأ َج َره اهلل ْيأ ُج ُره ْ‬
‫الرجل تصدّ ق وطلب األَجر »‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إِجيار ًا و ْأ جَ َت َر‬

‫ معجم مقاييس اللغة البن فارس ‪. 84/1‬‬


‫ لسان العرب البن منظور مادة أجر ‪. 10/4‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪12‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬تعريف اإلجارة يف االصطالح‪:‬‬

‫ض َم ْع ُلو ٍم إلىَ ُمدَّ ٍة‬


‫عرفها فقهاء احلنفية بتعريفات عدة‪ ،‬منها‪َ « :‬ع ْقدٌ َعلىَ َمنْ َف َع ٍة َم ْع ُلو َم ٍة بِ ِع َو ٍ‬
‫َم ْع ُلو َم ٍة » ‪.‬‬

‫ان لاَ َي ْع ِق ُل‬


‫أما املالكية فلقد عرفوها بقوهلم‪ « :‬بيع منْ َفع ِة ما َأم َكن َن ْق ُله َغ س ِفين ٍَة‪ ،‬ولاَ حيو ٍ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ُ يرْ َ َ‬
‫َاش ٍئ َعنْها بع ُضه ي َتبع ُض بِ َتب ِع ِ‬
‫ض َغ ِ ن ِ‬ ‫ِ‬
‫يض َها »‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َّ‬ ‫بِع َو ٍ يرْ‬

‫اح ِة َب ُع ٍ‬
‫وض‬ ‫أما عند الش�افعية فهي‪َ « :‬ع ْقدٌ َعَل�ىَ َمنْ َف َع ٍة َم ْع ُلو َم ٍة َم ْق ُصو َد ٍة َقابِ َل ٍة لِ ْل َب ْ‬
‫�ذ ِل َوالإْ ِ َب َ‬
‫َم ْع ُلو ٍم َو ْض ًعا »‪.‬‬

‫و عرف احلنابلة اإلجارة بأهنا‪ « :‬عقد عىل منفعة مباحة معلومة مدة معلومة من عني معلومة‬
‫أو موصوفة يف الذمة أو عمل بعوض معلوم »‪.‬‬

‫وقيل‪ « :‬عقد يفيد متليك املنافع بعوض »‪ ،‬وهذا التعريف املخترص شامل لكل تعريفات‬
‫اإلجارة الواردة يف املذاهب الفقهية األخرى ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مشروعية اإلجارة وحكمتها‬

‫اإلجارة مرشوعة وثابتة بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪.‬‬

‫ العناية رشح اهلداية‪ :‬للبابريت (هبامش فتح القدير) ‪ ،89/9‬تبيني احلقائق للزيلعي ‪. 105/5‬‬
‫ حدود ابن عرفة ‪ ،516/2‬مواهب اجلليل للحطاب ‪. 390/5‬‬
‫ مغني املحتاج للرشبيني ‪،403/2‬‬
‫ رشح منتهى اإلرادات للبهويت ‪ ،242/2‬الروض املربع ‪ ،68/1‬كشاف القناع ‪546/3‬‬
‫ أنيس الفقهاء للقونوي ص ‪ ،258‬املغرب للمطريزي ص ‪ ،23‬الكليات للكفوي ص ‪. 53‬‬
‫ عق�د اإلج�ارة مصدر من مصادر التمويل اإلسلامية‪ ،‬دراس�ة فقهي�ة مقارنة‪ :‬عبد الوهاب أبو س�ليامن‪،‬‬
‫املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬جدة‪ ،2000 ،‬ص ‪22‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪13‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫فف�ي الق�رآن الكري�م‪ :‬ق�ول اهلل تع�اىل‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬


‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﴾ [الكه�ف ‪،]77‬‬
‫وقول�ه‪﴿ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ * ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﴾ [ القص�ص ‪ ،]27-26‬ف�إذا كانت اإلجارة هي‬
‫س�نة األولني‪ ،‬فهذا دليل عىل جوازها‪ ،‬ويف عرض نبي اهلل ش�عيب عىل موس�ى عليهام السلام‬
‫باإلجارة والعمل ثامين سنني دليل عىل أن اإلجارة كانت عندهم معلومة وجائزة ‪.‬‬

‫ويف الس�نة النبوي�ة املطه�رة‪ ،‬قال عليه الصالة والسلام‪ « :‬ثالثة أنا خصمه�م يوم القيامة‪:‬‬
‫رجل أعطى يب ثم غدر‪ ،‬ورجل باع حر ًا وأكل ثمنه‪ ،‬ورجل استأجر أجري ًا فاستوىف منه ومل يوفه‬
‫أجره »‪ ،‬وقال عليه الصالة والسالم « اعطوا األجري أجره قبل أن جيف عرقه »‪ ،‬وقال ﷺ‪:‬‬
‫«من استأجر أجري ًا فليعلمه أجره»‪.‬‬

‫وأمجع�ت األم�ة عىل جواز اإلجارة وعليه تعامل الناس منذ عرص النبوة إىل يومنا هذا‪ ،‬قال‬
‫اإلم�ام الش�افعي‪ « :‬فمض�ت هبا الس�نة وعمل هبا غري واح�د من أصحاب رس�ول اهلل ﷺ وال‬
‫خيتلف أهل العلم ببلدنا علمناه يف إجازهتا وعوام فقهاء األمصار »‪.‬‬

‫حكمة مرشوعيتها‪:‬‬

‫اإلج�ارة فيه�ا تبادل املنافع بني الن�اس بعضهم بعضا فهم حيتاج�ون أرباب احلرف للعمل‬
‫والبي�وت للس�كنى وال�دواب والس�يارات واآلالت للحم�ل‪ ،‬والركوب‪ ،‬واالنتف�اع‪ ،‬وإباحة‬
‫اإلجارة تيسري عىل الناس وقضاء حلاجاهتم ‪.‬‬

‫ اجلامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪271‬‬


‫ صحيح البخاري كتاب البيوع باب إثم من باع حرا (‪. 776/2 )2114‬‬
‫ أخرجه ابن ماجه كتاب الرهون باب أجر األجراء (‪. 817/2 )2443‬‬
‫ أخرجه البيهقي (‪. 120/6 )11431‬‬
‫ األم للشافعي ‪. 25 /4‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪14‬‬

‫فال ش�ك أن ج�واز اإلجارة حيق�ق مصالح كثرية للمؤج�ر واملس�تأجر وللمجتمع‪ ،‬حيث‬
‫احلاجة ماسة إىل مرشوعيتها‪ ،‬وأن مع منعها يرتتب عليه حرج شديد يتناىف مع مقاصد الرشيعة‬
‫يف رفع احلرج‪ ،‬حيث يقول اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﴾[ البقرة‬
‫‪ ]185‬وقال تعاىل‪ ﴿ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﴾ [ احلج ‪.] 78‬‬

‫فالن�اس حمتاج�ون إىل املنافع كحاجته�م إىل األعيان‪ ،‬فالفقري حمتاج إىل م�ال الغني والغني‬
‫حمتاج إىل عمل الفقري بل املسألة أشمل من الغني والفقري‪ ،‬فاملجتمع بصورة عامة حمتاج إىل تبادل‬
‫بني األموال واألعامل واملنافع‪ ،‬وهذا ال يتحقق إالّ من خالل عقد اإلجارة بنوعيه الواردين عىل‬
‫األعيان واألشخاص ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬شروط اإلجارة‬

‫مم�ا تق�دم من األدل�ة يتضح أن اإلج�ارة بقيت عىل أصله�ا يف اإلباحة فه�ي جائزة‪ ،‬ولكن‬
‫برشوط وضوابط‪ ،‬فيام ييل بياهنا‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الرشوط العامة لعقد اإلجارة‪:‬‬

‫‪ - 1‬العاق�دان‪ :‬ومه�ا املس�تأجر واملؤجر ويشترط فيهام الرش�د والبل�وغ واالهلية إلبرام‬
‫العقود والترصفات ‪.‬‬

‫‪ - 2‬الصيغ�ة‪ :‬وه�ي اإلجي�اب والقب�ول‪ ،‬بمعنى أي ترصف م�ن العاق�دان يوحي بإجياب‬
‫وقبول‪ ،‬ومرده إىل العرف والعادة ‪.‬‬

‫‪ - 3‬املعقود عليه‪ :‬ويشرتط فيه أن يكون مباح ًا ومملوك ًا للبائع ومقدور ًا عىل تسليمه‪.‬‬

‫‪ - 4‬الثمن‪ :‬أن يكون حمدد ًا معلوم ًا لدى الطرفني‪.‬‬

‫ نتائ�ج األف�كار‪ ،210/7 :‬وبداي�ة املجته�د‪ ،135/2:‬وهناي�ة املحت�اج‪ ،259/5:‬واملغن�ي م�ع الرشح‬
‫الكبري‪.256/6:‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪15‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫وه�ذه رشوط عامة يف س�ائر العقود جيب حتققها لصحة العق�د‪ ،‬أما الرشوط اخلاصة بعقد‬
‫اإلجارة فهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬بقاء العني املؤجرة بعد استيفاء املنفعة املعقود عليها ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أن تكون املنفعة متحققة من العني ومقدور ًا عىل استيفائها منه ‪.‬‬

‫‪ - 3‬أن تكون املنفعة معلومة لدى املؤجر واملستأجر النتفاء الغرر واجلهالة ‪.‬‬

‫‪ - 4‬أن يكون للمنفعة قيمة مالية‪ ،‬ليحسن بذل املال يف مقابلتها ‪.‬‬

‫‪ - 5‬بالنس�بة لألج�رة يشترط فيه�ا أن تك�ون معلومة حم�ددة غري قابل�ة للزي�ادة إذا ثبتت‬
‫يف‪ ‬الذمة‪.‬‬

‫رشوط املنفعة‪:‬‬

‫اإلج�ارة‪ :‬ال ترد إال عىل املنافع‪ ،‬وق�د أقيمت األعيان مقام منافعها يف عقد اإلجارة واعترب‬
‫وجودها ملنافعها‪ ،‬حتى يتحقق االرتباط بني املتعاقدين ‪.‬‬

‫ويشرتط يف املنفعة الرشوط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن تكون مباحة رشع ًا ‪.‬‬

‫‪ -‬أن تك�ون معلوم�ة عند التعاقد عل ًام تنتف�ي معه اجلهالة املؤدية إىل الن�زاع‪ ،‬وتتحقق هذه‬
‫املعلومية إما برؤية حمل العقد أو تعيينه أو اإلشارة إليه‪ ،‬أو نحو ذلك مما يعد يف العرف تعيين ًا أو‬
‫بيان ًا لكيفية االستعامل‪ ،‬وكذلك ال بد من بيان املدة إذا كانت اإلجارة غري مرتبطة بإهناء العمل‪،‬‬
‫وبيان العمل يف استئجار الصناع والعامل‪.‬‬

‫ بدئاع الصنائع‪ ،178/4 :‬والرشح الصغري‪ ،181/4 :‬واملغني‪. 45/6 :‬‬
‫ بدائع الصنايع‪ ،2596/5 :‬الذخرية‪ ،415/5 :‬روضة الطالبني‪ ،188/5 :‬واملغني‪. 462/5 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪16‬‬

‫‪ -‬أن تكون املنفعة مقدورة التسليم بالقدرة عىل تسليم حملها وهو العني املؤجرة‪ ،‬لذلك ال‬
‫تصح إجارة العني املرهونة والدابة الضالة ‪.‬‬

‫‪ -‬أال يكون بمحلها عيب خيل باالنتفاع أو يمنعه ‪.‬‬

‫‪ -‬أن يك�ون حمل املنفعة معروف ًا للمس�تأجر عند العقد بأن يكون ق�د رآه‪ ،‬فإن مل يكن رآه مل‬
‫يلزم العقد عند رؤيته‪ ،‬وللمستأجر فسخه عند رؤيته ‪ .‬وحمل عقد اإلجارة قد يكون منفعة عني‪،‬‬
‫وقد يكون عمل عامل ‪.‬‬

‫رشوط لزوم اإلجارة‪:‬‬

‫يشرتط لبقاء عقد اإلجارة الزم ًا رشطان‪:‬‬

‫أوهلام‪ :‬سالمة العني املؤجرة عند حدوث عيب خيل باالنتفاع هبا‪:‬‬

‫فإذا اهندمت الدار كلها أو انقطع املاء عن الرحى(الطاحون) أو انقطع الرشب عن األرض‬
‫انفس�خت اإلج�ارة؛ ألن املعقود علي�ه قد هلك‪ ،‬واهلالك موجب لفس�خ العقد‪ ،‬إال أن األصح‬
‫عن�د احلنفي�ة ه�و أن العقد ال ينفس�خ ولكن يثبت حق الفس�خ‪ ،‬ألن املعقود علي�ه قد فات عىل‬
‫وجه يتصور عوده‪ ،‬فصار كمن اشترى شيئ ًا فهرب قبل القبض‪ ،‬ويمكنه االنتفاع يف املأجور يف‬
‫اجلملة بأن يرضب فيه خيمة ‪.‬‬

‫وإن زال العيب قبل أن يفس�خ املس�تأجر عقد اإلجارة بأن صح املريض‪ ،‬وزال العرج عن‬
‫الدابة وبني املؤجر ما سقط من الدار‪ ،‬بطل خيار املستأجر بالفسخ؛ ألن املوجب للخيار قد زال‪،‬‬
‫والعقد قائم‪ ،‬فيزول اخليار‪ ،‬وحق الفسخ يثبت للمستأجر إذا كان العيب مما يرض باالنتفاع؛ ألن‬
‫النقصان حينئذ يرجع للمعقود عليه‪ ،‬فإن كان العيب مما ال يرض بانتفاع املستأجر كسقوط حائط‬
‫من الدار ال ينتفع فيه من سكناها فال يثبت حق الفسخ ‪.‬‬

‫واملس�تأجر يامرس الفسخ إذا كان املؤجر حارض ًا أثناء الفسخ؛ ألن فسخ العقد ال جيوز إال‬
‫بحضور العاقدين أو من يقوم مقامهام ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪17‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫أ ّما يف حالة س�قوط الدار أو اهندامها فللمستأجر أن خيرج منها‪ ،‬سواء أكان املؤجر حارض ًا‬
‫أو غائب ًا‪ ،‬وهذا دليل االنفس�اخ ويثبت أيض ًا للمس�تأجر حق الفس�خ بحدوث تفرق الصفقة يف‬
‫املناف�ع بعد حصوهلا جمتمع�ة؛ ألن الصفقة تفرقت يف املعقود عليه وه�و املنافع‪ ،‬وتفرق الصفقة‬
‫يوجب اخليار‪ ،‬مثاله أن يس�تأجر ش�خص دارين صفقة واحدة‪ ،‬فتس�قط إحدامها‪ ،‬أو يطرأ مانع‬
‫يمنع املس�تأجر من إحدامها‪ ،‬أو أن يستأجر شخص دار واحدة ثم يمتنع املؤجر عن تسليم بيت‬
‫منها‪ ،‬فيحق للمستأجر فسخ العقد لتجزئة الصفقة عليه‪.‬‬

‫ثانيهام عدم حدوث عذر جييز فسخ اإلجارة‪:‬‬

‫تفسخ اإلجارة باألعذار عند احلنفية‪ ،‬ألن احلاجة تدعوا إىل الفسخ عند العذر؛ ألنه لو لزم‬
‫العقد عند حتقق العذر للزم صاحب العذر رضر مل يلتزمه بالعقد ‪.‬‬

‫والع�ذر‪ :‬ه�و ما يكون عارض ًا يترضر ب�ه العاقد مع بقاء العقد‪ ،‬وال يندفع بدون الفس�خ ‪.‬‬
‫قال ابن عابدين‪ :‬كل عذر ال يمكن معه اس�تيفاء املعقود عليه إال برضر يلحقه يف نفس�ه أو ماله‬
‫يثبت له حق الفسخ‪.‬‬

‫وق�ال مجه�ور العلامء اإلجارة عقد الزم كالبيع ‪ .‬فال تفس�خ كس�ائر العقود الالزمة من أي‬
‫عاقد بال موجب كوجود عيب أو ذهاب حمل اس�تيفاء املنفعة ‪ .‬وعبارة الش�افعية هي‪ :‬ال تنفسخ‬
‫اإلجارة بعذر كتعذر وقود (بفتح الواو) محام عىل مس�تأجر‪ ،‬وس�فر عرض ملس�تأجر دار مثالً‪،‬‬
‫ومرض مس�تأجر دابة لس�فر عليها‪ ،‬إذ ال خلل يف املعقود عليه‪ ،‬واالس�تنابة من كل منهام ممكنة‪،‬‬
‫وإنما تنفس�خ اإلجارة فقط عن�د فوات املعقود علي�ه وهو املنفع�ة كاهندام الدار وم�وت الدابة‬
‫واألجري املعينني ‪.‬‬

‫وق�ال مجه�ور العلماء‪ :‬اإلجارة عقد الزم ال ينفس�خ إال بام تنفس�خ به العق�ود الالزمة من‬
‫وج�ود عي�ب هب�ا أو ذهاب حم�ل اس�تيفاء املنفع�ة‪ ،‬لقول�ه تع�اىل ﴿ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬

‫ البدائع‪ 196 / 4 :‬وما بعدها ‪.‬‬


‫ رد املختار‪. 55 / 5 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪18‬‬

‫ﮎ﴾ [املائدة‪ ،] 1:‬وألن اإلجارة عقد عىل منافع‪ ،‬فأش�به بالنكاح‪ ،‬وألنه عقد عىل معاوضة‪،‬‬
‫فلم ينفسخ ‪ ‬لبيع ‪.‬‬

‫ويرتت�ب عىل هذا اخللاف أن احلنفية يقولون‪ :‬تنفس�خ اإلج�ارة بموت أح�د املتعاقدين‪:‬‬
‫املستأجر أو املؤجر‪ ،‬ألنه لو بقي العقد تصري املنفعة التي ملكها املستأجر بالعقد أو األجرة التي‬
‫ملكها املؤجر مس�تحقة لغري العاقد للعقد وهو ال جيوز؛ ألن االنتقال من املورث إىل الوارث ال‬
‫يتصور يف املنفعة أو األجرة اململوكة‪ ،‬إذ أن عقد اإلجارة ينعقد ساعة فساعة عىل املنافع فلو قلنا‬
‫باالنتقال كان قوالً بانتقال ما مل يملك املورث إىل الوارث؛ ألن ملكية العني انتقلت إىل الورثة‪،‬‬
‫فاملناف�ع حتدث عىل ملك الوارث‪ ،‬فال يس�تحقها املس�تأجر‪ ،‬ألنه مل يعقد العق�د مع الوارث‪،‬‬
‫وقال اجلمهور من املالكية والش�افعية واحلنابلة‪ :‬ال تنفسخ اإلجارة بموت أحد املتعاقدين؛ ألن‬
‫اإلجيار عقد الزم‪ ،‬وعقد معاوضة‪ ،‬فال ينفسخ بموت العاقد البيع‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أقسام اإلجارة‬

‫أوال‪ :‬من حيث نوع املحل املعقود عليه‪:‬‬

‫اتفق الفقهاء عىل أن اإلجارة نوعان‪:‬‬

‫‪ -‬ن�وع ت�رد فيه اإلجارة على منافع األعيان‪ ،‬ونوع ترد فيه اإلجارة عىل منافع اإلنس�ان أي‬
‫على عمل�ه ‪ .‬إجارة عىل املنافع‪ :‬املعقود عليه يف هذا النوع من اإلجارة هو املنفعة‪ ،‬كإجارة الدور‬
‫واملن�ازل واحلواني�ت والضياع‪ ،‬وال�دواب للركوب واحلمل‪ ،‬والثياب واحللي للبس‪ ،‬واألواين‬
‫وغريها‪ ،‬حيث يتم دفع هذه األعيان ملن يستخدمها لقاء عوض معلوم ‪.‬‬

‫ بداية املجتهد‪ ،227 / 2 :‬مغنى املحتاج‪. 355 / 2 :‬‬


‫ خمترص الطحاوي‪ :‬ص ‪ ،128‬رد املحتار‪. 57 / 5 :‬‬
‫ بداية املجتهد‪ ،328 / 2 :‬مغني املحتاج‪ ،356 / 2 :‬املغني‪. 428 / 5 :‬‬
‫ بدائع الصنائع‪ ،189/4 :‬اهلداية ‪ ،245/3‬الرشح الكبري مع الدسوقي ‪ ،81/4‬حاشية القليويب وعمرية‬
‫عىل املحىل ‪ ،81/3‬املغني مع الرشح الكبري ‪،41/6‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪19‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ويمكن تقسيم هذا النوع إىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫(‪ )1‬إجارة العقار كإجيار الدور واألرايض واملنازل ‪.‬‬

‫وهي تشمل األعيان التي تستوىف منفعتها باالستخدام بالسكنى أو الزراعة أو غريها ‪.‬‬

‫(‪ )2‬إج�ارة ال�دواب كاحلي�وان واإلب�ل واخلي�ل وم�ا يلحق هبا م�ن س�يارات وطائرات‬
‫وسفن‪.‬‬

‫وهي تشمل األعيان التي تستوىف منفعتها بالركوب واحلمل ‪.‬‬

‫(‪ )3‬إج�ارة الع�روض كاملالب�س واألواين واخلي�ام وغريه�ا م�ن املنق�والت ‪.‬‬
‫وهي تشمل األعيان التي تستوىف منفعتها باالستعامل ‪.‬‬

‫‪ -‬إج�ارة على األعامل‪ :‬املعق�ود عليه يف هذا النوع م�ن اإلجارة هو العم�ل‪ ،‬وهو ما يبذله‬
‫األجير م�ن مهارات أو جهد ألداء عمل معلوم لقاء أجر معل�وم‪ ،‬ومثال ذلك بناء دار وخياطة‬
‫قميص ومحل إىل موضع معني‪ ،‬وصباغة ثوب وإصالح حذاء ونحوه ‪.‬‬

‫وه�ذا العق�د ش�ائع بني أرب�اب احل�رف وامله�ارات اليدوية والفكري�ة من صن�اع وأطباء‬
‫ومهندسين وغريهم ممن حيتاج املجتمع إىل خدماهتم ‪ .‬والش�خص املستأجر يف مثل هذه العقود‬
‫يسمى أجريا ‪ .‬ويمكن تقسيم هذا النوع إىل قسمني‪ :‬أجري خاص وأجري مشرتك ‪.‬‬

‫(‪ )1‬األجري اخلاص‪ :‬هو الذي يقع العقد عليه يف مدة معلومة‪ ،‬يس�تحق املس�تأجر نفعه يف‬
‫مجيعها‪ ،‬كرجل استؤجر للخدمة أو عمل يف بناء أو خياطة أو رعاية يوما أو شهرا‪ ،‬سمي خاصا‬
‫الختص�اص املس�تأجر بنفعه يف تلك املدة دون س�ائر الناس ‪ .‬فاألجري اخلاص يعمل لش�خص‬
‫واحد مدة معلومة وال جيوز له العمل لغري مستأجره ‪.‬‬

‫(‪ )2‬األجير املشترك‪ :‬هو الذي يقع العقد معه عىل عم�ل معني كخياطة ثوب وبناء حائط‬
‫ومحل يشء إىل مكان معني أو عىل عمل يف مدة ال يس�تحق مجيع نفعه فيها ‪ . . .‬كالطبيب س�مي‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪20‬‬

‫مشتركا ألنه يتقبل أعامال الثنني وثالثة وأكثر يف وقت واحد‪ ،‬ويعمل هلم فيشتركون يف منفعته‬
‫واس�تحقاقها‪ ،‬فس�مي مشرتكا الشرتاكهم يف منفعته ‪ .‬فاألجري املشترك يعمل لعامة الناس وال‬
‫جيوز ملن استأجره أن يمنعه عن العمل لغريه ‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬من حيث تعيني املحل وعدم تعيينه‪:‬‬

‫قسم الفقهاء اإلجارة إىل قسمني أحدمها إجارة معينة‪ ،‬وثانيهام إجارة موصوفة بالذمة‪.‬‬

‫اإلج�ارة املعينة‪ :‬اإلج�ارة املعينة هي التي يكون حملها معينا بالرؤية واإلش�ارة إليه أو نحو‬
‫ذل�ك مما يميزه عن غريه‪ ،‬بحيث يتمكن املس�تأجر من اس�تيفاء املنفعة منه بذاته س�واء كان عينا‬
‫أو‪ ‬شخصا ‪.‬‬

‫وم�ن أمثلتها اإلج�ارة الواردة عىل منافع أعيان معينة كإجارة هذه الس�يارة ش�هرا وإجارة‬
‫هذا البيت عاما‪ ،‬وكذلك اإلجارة الواردة عىل عمل ش�خص معني كاستئجار شخص للخياطة‬
‫س�نة أو استئجار شخص لرعاية الغنم ش�هرا‪ ،‬إذ يقتيض ذلك تسليم الشخص نفسه للمستأجر‬
‫ويسمى األجري اخلاص ‪.‬‬

‫اإلج�ارة املوصوف�ة بالذمة‪ :‬اإلجارة املوصوف�ة بالذمة هي التي يك�ون حملها غري معني بل‬
‫موصوف بصفات يتفق عليها مع التزامها يف الذمة‪ ،‬بحيث ال يقتيض قيام املؤجر بتس�ليم نفس�ه‬
‫أو تسليم عني معينة للمستأجر ‪.‬‬

‫وم�ن أمثلته�ا اإلج�ارة الواردة عىل مناف�ع أعيان غري معينة كاس�تئجار س�يارة صفتها كذا‬
‫ش�هرا‪ ،‬وكذل�ك اإلجارة الواردة عىل عم�ل معلوم يف الذمة مضبوط بصفات كاس�تئجار أجري‬
‫مشترك وإلزام ذمته خياطة ثوب أو بناء دار أو محل بضاعة ونحوها ‪ .‬هذا وال جتوز اإلجارة يف‬
‫الذمة بالنسبة للعقارات من دور وأرايض ألهنا ال تنضبط بالصفة ‪.‬‬

‫ انظر املراجع املذكورة قريبا ‪..‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪21‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫الفروق اجلوهرية بني اإلجارة املعينة يف املنافع‪ ،‬واملوصوفة يف الذمة‪:‬‬

‫م�ن خلال ماس�بق يتبين لنا الف�روق اآلتية بين اإلج�ارة املعين�ة‪ ،‬واإلج�ارة املوصوفة‬
‫يف‪ ‬الذمة‪:‬‬

‫‪ -1‬إن اإلجارة املوصوفة تقع عىل منفعة (خدمة) موصوفة يف الذمة دون حتديد الش�خص‬
‫الذي يقدمها بعينه‪ ،‬يف حني أن اإلجارة املعينة تقع عىل منفعة حمددة لشخص معني ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا م�ات األجير الطبيعي‪ ،‬فإن اإلجارة املعينة تنفس�خ مطلق ًا س�واء كان بعد االنتفاع‬
‫ببع�ض خدماته أم قبل�ه‪ ،‬وأما اإلجارة املوصوفة يف الذمة فال تنفس�خ بموته‪ ،‬بل عىل املؤجر أن‬
‫يقدم اخلدمة املوصوفة من خالل شخص آخر ‪.‬‬

‫وإذا تعيب األجري فإن للمس�تأجر احلق يف فسخ العقد يف اإلجارة املعينة‪ ،‬وحق االستبدال‬
‫يف اإلجارة املوصوفة يف الذمة ‪.‬‬

‫وإذا كان األجري شخص ًا معنوي ًا مثل املستشفى‪ ،‬أو اجلامعة‪ ،‬أو الطريان‪ ،‬فإن احلكم السابق‬
‫املفصل يطبق عليه يف حالة اهلالك‪ ،‬او عدم القدرة‪ ،‬ويف حالة التعيب والنقص ‪.‬‬

‫‪ -3‬إن خيار العيب ثابت يف اإلجارة املعينة‪ ،‬وغري وارد يف اإلجارة املوصوفة يف الذمة ألن‬
‫املنفعة تستبدل عند العيب‪ ،‬ألهنا ليست معينة ‪.‬‬

‫‪ -4‬وجوب تقديم املنفعة (اخلدمة) املوصوفة يف الذمة بالشكل الذي يتمكن املستأجر من‬
‫االستفادة منها‪ ،‬وهذا يستلزم تقديم التوابع الرضورية‪ ،‬واحلاجية التي ال يمكن االنتفاع باملنفعة‬
‫إالّ بعد حتققها‪ ،‬يف حني أن اإلجارة املعينة ال تستدعي ذلك إالّ إذا اشرتط ‪.‬‬

‫‪ -5‬إن اإلجارة املوصوفة يف الذمة جيوز فيها تأجيلها إىل املستقبل وهو الغالب (أي اإلضافة‬
‫إىل املستقبل) يف حني أن اإلجارة املعينة ال جتوز فيها االضافة إىل املستقبل‪ ،‬وهذا عند الشافعية‪،‬‬
‫أما غريهم فقد أجازوها ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -6‬ال يشرتط يف اإلجارة املوصوفة يف الذمة وجود اخلدمة املوصوفة يف الذمة وقت العقد‪،‬‬
‫وال وجود الشخص املقدم للخدمة‪ ،‬حيث تستطيع املؤسسة املالية تقديمها حسب املواصفات‪،‬‬
‫يف حني أن اإلجارة املعينة ال بدّ من وجود الشخص الذي يقدم اخلدمة أثناء العقد ‪.‬‬

‫رشوط اإلجارة املوصوفة يف الذمة‪:‬‬

‫باالضافة إىل الرشوط العامة لإلجارة‪ ،‬هناك رشوط لإلجارة املوصوفة يف الذمة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬ذكر األوصاف التي يتم هبا ضبط املنفعة‪ ،‬وبعبارة الفقهاء اس�تيفاء صفات السلم بحيث‬
‫ينتفى معها الغرر واجلهالة ‪.‬‬

‫‪ -‬أن يتم تس�ليم األجرة يف املجلس إن تم العقد بلفظ الس�لم‪ ،‬أما إذا تم بلفظ اإلجارة أو‬
‫نحوها فال يشترط عىل وجه للش�افعية‪ ،‬ووجه راجح للحنابلة‪،‬وجاء يف املنهاج مع رشح‬
‫املحىل للنووي‪( :‬ويشترط يف إجارة الذمة تس�ليم األجرة يف املجلس كرأس مال الس�لم‪ ،‬ألهنا‬
‫س�لم يف املناف�ع ‪ ،.....‬وجيوز يف اإلجارة التعجيل والتأجي�ل إن كانت يف الذمة) حيث يفهم‬
‫م�ن ه�ذا النص أن اإلج�ارة إن كانت بلفظ الس�لم فيجب تعجيل الثمن يف جمل�س العقد‪ ،‬وإن‬
‫كان�ت بلفظ اإلجارة فلا جيب ذلك‪ ،‬ومثل ذلك نجده يف املذه�ب احلنبيل‪ ،‬حيث جاء يف رشح‬
‫منته�ى اإلرادات‪( :‬ورشط اس�تقصاء صف�ات الس�لم يف موصوفة بذم�ة‪ ،‬الختالف األغراض‬
‫باختالف الصفات ‪ ...‬وإن جرت إجارة موصوفة يف الذمة بلفظ « سلم كأسلمتك هذا الدينار‬
‫ال و َقبِل املؤجر اعترب قبض أجرة بمجلس عقد لئال‬
‫يف منفعة عبد صفته كذا وكذا لبناء حائط مث ً‬
‫يصير بيع دي�ن بدين واعترب تأجيل نفع إىل أجل معلوم كالس�لم‪ ،‬فدل عىل أن الس�لم يكون يف‬
‫املنافع كاألعيان‪ ،‬فإن مل تكن بلفظ س�لم وال س�لف مل يعترب ذلك‪ )...‬وجاء يف الكايف‪( :‬وإن‬

‫ روضة الطالبني للنووي‪. 174/5 :‬‬


‫ الكايف البن قدامة ط‪ .‬املكتب االسالمي ببريوت ‪. 321/2‬‬
‫ املنهاج ورشح املحىل مع حاشيتي قليويب وعمرية‪. 68/3 :‬‬
‫ رشح منتهى اإلرادات ط‪ .‬عامل الكتب ببريوت‪. 252/2 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪23‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫رشطا تأجيلها ـ أي األجرة ـ جاز إالّ أن يكون العقد عىل منفعة يف الذمة‪ ،‬ففيه وجهان‪:‬‬

‫أحدمها جيوز ألنه عوض يف اإلجارة‪ ،‬فجاز تأجيله‪ ،‬كام لو كان عىل عني ‪،...‬‬

‫والثاين‪ :‬ال جيوز‪ ،‬ألنه عقد عىل ما يف الذمة فلم جيز تأجيل عوضه كالسلم)‪.‬‬

‫‪ -‬أن حتدد املنفعة املراد تقديمها إىل الطرف اآلخر بمدة معلومة مثل الش�هر‪ ،‬أو الس�نة‪ ،‬أو‬
‫ثالثني يوم ًا ‪.‬‬

‫***‬

‫ الكايف‪. 311/2 :‬‬


‫ املصادر الفقهية السابقة‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪24‬‬

‫املبحث الثاني‬
‫التمويل باإلجارة‬

‫وفيه املطالب التالية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجارة يف التطبيق املعارص ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع عقود اإلجارة يف التطبيقات املعارصة ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أمهية التمويل باإلجارة ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬خصائص اإلجارة يف االستثامر ‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجارة يف التطبيق املعاصر‬

‫بداية جتدر اإلش�ارة إىل أن التطبيق املعارص ألداة اإلجارة قد اس�تحدث صورا وأس�اليب‬
‫متع�ددة‪ ،‬وم�ن ثم فقد ظهر يف القاموس التجاري احلدي�ث‪ ،‬وكذلك القاموس املايل العديد من‬
‫املصطلح�ات والت�ي حتمل مفاهي�م متغايرة بدرج�ة أو بأخرى‪ ،‬فكثريا م�ا نطالع مصطلحات‪:‬‬
‫التأجير التموييل‪ ،‬التأجري الس�اتر للبيع‪ ،‬التأجير الرشائي‪ ،‬التأجري املنته�ي بالتمليك‪ ،‬اإلجارة‬
‫واالقتناء التمويل اإلجياري‪...‬الخ‬

‫وتس�تخدم البنوك واملؤسسات املالية اإلسالمية اإلجارة عىل املنافع كأسلوب من أساليب‬
‫اس�تثامراهتا فه�ي تقتن�ي املمتلكات واألص�ول النامية من أج�ل إجارة عينه�ا حيث تضع حتت‬
‫ترصف عمالئها تلك األعيان الستيفاء منافعها بمقابل ‪ .‬وتستخدم البنوك‪:‬‬

‫‪ -‬اإلجارة التشغيلية ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلجارة التمليكية ‪.‬‬

‫‪ -‬التأجري مع خيار التمليك ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪25‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬سندات األعيان املؤجرة ‪.‬‬

‫‪ -‬تأجري اخلدمات واملنافع ‪.‬‬

‫وه�ذه ه�ي أب�رز تطبيقات اإلج�ارة يف التمويل اإلسلامي املع�ارص‪ ،‬آملني م�ن الباحثني‬
‫يف املعاملات املالي�ة املع�ارصة اس�تحداث صور أخ�رى تتمي�ز باملصداقية الرشعي�ة والكفاءة‬
‫االقتصادية‪ ،‬لكي يكون للمؤسسات املالية اإلسالمية حضور قوي يف عامل التمويل املعارص ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أنواع عقود اإلجارة يف التطبيقات املعاصرة‬

‫من أهم أنواع عقود اإلجارة املطبقة ىف الواقع العمىل ما يىل‪:‬‬

‫ــ عقود اإلجارة التشغيلية ‪.‬‬

‫وه�ى عق�ود تأجير منافع مباحة رشع� ًا ومعلومة بع�وض معني إىل أجل معين دون وعد‬
‫بالتمليك‪ ،‬وهى الش�ائعة ىف الوقت العمىل‪ ،‬مثل عقود تأجري العقارات والسيارات والطائرات‬
‫ونحوها‪ ،‬وهلا تسميات خمتلفة منها‪ :‬التأجري التمويىل ‪.‬‬

‫يقوم البنك اإلسالمي بموجب هذا األسلوب باقتناء موجودات وأصول خمتلفة تستجيب‬
‫حلاجيات مجهور متعدد من املستخدمني وتتمتع بقابلية جيدة للتسويق سواء عىل املستوى املحيل‬
‫أو ال�دويل ‪ .‬ويت�وىل البن�ك إجارة هذه األعيان ألي جهة ترغب فيها هبدف تش�غيلها واس�تيفاء‬
‫منافعه�ا خالل مدة حمددة يتفق عليها‪ ،‬وبانتهاء تلك املدة تعود األعيان إىل حيازة البنك ليبحث‬
‫من جديد عن مستخدم آخر يرغب يف إجيارها ‪.‬‬

‫ويتمي�ز هذا األس�لوب ببقاء األعي�ان حتت ملكية البنك اإلسلامي الذي يق�وم بعرضها‬
‫لإلجيار املرة تلو األخرى حتى ال تبقى بدون اس�تعامل إال لفرتات قصرية‪ ،‬وهو يتحمل يف ذلك‬

‫ دراسات يف التمويل اإلسالمي‪ :‬د‪ .‬أرشف حممد دوابه ص ‪. 76-73‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪26‬‬

‫خماطرة ركود الس�وق وانخف�اض الطلب عىل تلك األعيان مما يؤدي إىل خطر عدم اس�تغالهلا‪.‬‬
‫وتنقسم اإلجارة التشغيلية إىل‪:‬‬

‫‪ - 1‬إج�ارة معين�ة‪ :‬وهي اإلجارة التي يكون حملها عقار ًا أو عين ًا معينة باإلش�ارة إليها أو‬
‫نحو ذلك مما يميزها عن غريها ‪.‬‬

‫‪ - 2‬إجارة موصوفة بالذ ّمة‪ :‬وهي اإلجارة الواردة عىل منفعة موصوفة بصفات يتفق عليها‬
‫مع التزامها يف الذ ّمة‪ ،‬كسيارة أو سفينة غري معينة لكنها موصوفة وصف ًا دقيق ًا يمنع التنازع‪.‬‬

‫ــ عقود اإلجارة املنتهية بالتمليك ‪.‬‬

‫وهى نفس عقود اإلجارة التش�غيلية ولكن بشرط الوعد بالتمليك‪ ،‬بمعنى أن ينتهى عقد‬
‫اإلجارة بتمليك العني إىل املس�تأجر إذا تراىض الطرفان عىل ذلك‪ ،‬وقد يكون هذا الوعد ملزم ًا‬
‫أو غري ملزم عىل النحو الذى سوف نوضحه فيام بعد ‪.‬‬

‫وه�و عبارة عن تأجري الس�يارات أو احلاس�بات اإللكرتونية‪ ،‬أو أي أص�ول عينية أخرى‪،‬‬
‫وال يك�ون هن�اك عادة ارتباط بني العم�ر االقتصادي لألصول املؤجرة وفترة عقد اإلجيار‪ ،‬أي‬
‫أن القصد منه متويل املنش�آت التي حتتاج إىل أصول معينة‪ ،‬وينتهي هذا العقد باس�تيفاء املؤسسة‬
‫املالية اإلسالمية لكامل أقساط اإلجارة‪ ،‬وتنتقل بعد ذلك ملكيتها إىل املنشأة ‪.‬‬

‫وقد يكون التمليك بأحد احلاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬إجارة منتهية بالتمليك عن طريق اهلبة من املؤجر إىل املستأجر ‪.‬‬

‫‪ -‬إج�ارة منتهي�ة بالتمليك عن طريق البيع بثمن حيدده الطرفان ىف هناية أجل عقد اإلجارة‬
‫أو قبل ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬إج�ارة منتهي�ة بالتمليك عن طريق البيع قبل انتهاء م�دة عقد اإلجارة بثمن يعادل باقى‬
‫أقساط اإلجارة ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪27‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬إجارة منتهية بالتمليك عن طريق البيع التدرجييى ‪.‬‬

‫ولكل حالة من حاالت عقد اإلجارة ضوابطها الرشعية ومجيعها جائزة رشع ًا متى توافرت‬
‫فيه�ا أركان العق�د ورشوط�ه الس�ابق اإلش�ارة إليها‪ ،‬كما أن هلا أسس�ها املحاس�بية وإجراءاهتا‬
‫التنفيذية‪.‬‬

‫‪ -‬التأجري مع خيار التمليك‪ :‬حيث تقوم املؤسس�ة املالية اإلسلامية بإجارة عني للعميل‪،‬‬
‫وللعمي�ل يف أي وق�ت خالل مدة العقد اخليار أن يشتري األصل املؤجر أو حصة ش�ائعة منه‪،‬‬
‫بالس�عر الذي يتفق عليه الطرفان حني الرشاء‪ ،‬وقد خيصم ثمن التملك من األجرة أو يتم دفعه‬
‫مستقالً‪ ،‬وتعترب الدفعة املقدمة ثمن ًا لرشاء حصة شائعة من األصل املؤجر‪.‬‬

‫‪ -‬سندات األعيان املؤجرة‪ :‬وهي تقوم عىل وجود عني مملوكه لفرد أو جمموعة حيمل سند ًا‬
‫يمث�ل ملكيت�ه للعقار وهو مؤج�ر لطرف أخر هو املس�تأجر‪ ،‬الذي يدفع للمؤج�ر أجرة العقار‬
‫بصورة دورية‪ ،‬ويقوم صاحب السند بطرحة للتداول يف السوق املايل بكامله‪ ،‬أو أجزاء منه عىل‬
‫ملكية منافع العني ‪.‬‬

‫‪ -‬صكوك ملكية املنافع‪ :‬وهي‪ « :‬وثائق متس�اوية القيمة عند إصدارها‪ ،‬وال تقبل التجزئة‬
‫متثل حصصا شائعة يف ملكية منافع أعيان معينة‪ ،‬أو موصوفة يف الذمة‪ ،‬مما خيول مالكها حقوق‬
‫هذه الوثائق ويرتب عليهم مس�ؤولياهتا »‪ ،‬كأن يقس�م مالك عني منفعة هذه العني إىل أجزاء‬
‫متامثل�ة‪ ،‬ويمث�ل كل ج�زء من أجزاء ه�ذه املنفعة بصك يفص�ل فيه أحكام متليك ه�ذه املنفعة‪،‬‬
‫كم�دة االنتف�اع‪ ،‬وطريقته‪ ،‬وقيمته‪ ،‬وغريها م�ن الرشوط واألحكام‪ ،‬ثم يط�رح هذه الصكوك‬
‫لالكتتاب‪ ،‬أو أن يقوم مستأجر ‪ -‬مالك ملنافع عني‪ ،‬أو أعيان معينة ‪ -‬بتقسيم املنافع التي ملكها‬
‫بعقد اإلجارة إىل صكوك متساوية القيمة‪ ،‬ثم يقوم بطرحها لالكتتاب العام ‪.‬‬

‫ صناعة اهلندس�ة املالية‪ ،‬نظرات يف املنهج اإلسلامي‪ :‬س�امي الس�ويلم‪ ،‬مركز البحوث والتطوير‪ ،‬رشكة‬
‫الراجحي املرصفية لالستثامر‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 18‬‬
‫ صكوك اإلجارة‪ :‬حامد مرية ص ‪. 326‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪28‬‬

‫‪ -‬صك�وك ملكية اخلدمات‪ :‬وهي‪ « :‬وثائق ذات قيمة متس�اوية عن�د إصدارها‪ ،‬وال تقبل‬
‫ٍ‬
‫خدم�ة ‪ -‬عمل ‪ -‬من جهة معين�ة أو موصوفة يف الذمة‬ ‫التجزئ�ة‪ ،‬متثل حصص ًا ش�ائعة يف ملكية‬
‫»‪ ،‬وه�ذا الن�وع من الصك�وك يقوم يف حقيقته على حتويل خدمة أو ٍ‬
‫عمل م�ن جهة معينة أو‬
‫موصوفة يف الذمة إىل صكوك متساوية القيمة هلا خصائص األوراق املالية وسامهتا ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أهمية التمويل باإلجارة‬

‫يوف�ر التموي�ل باإلجارة للحي�اة االقتصادي�ة خدمات عدي�دة ال ينه�ض التمويل بغريها‬
‫بتوفريه�ا مل�ا هنال�ك من متاي�ز يف اخلصائ�ص والطبائع بين كل أداة متويلية واخ�رى فليس كل‬
‫ف�رد يف حاج�ة إىل منفعة م�ا بقادر عىل متلك األصل املنتج هلذه املنفع�ة ومن ثم يقف عاجزا عن‬
‫إش�باع هذه احلاج�ة مما قد يرتب املزيد من املضار االقتصادية‪ .‬فه�ل كل مزارع لديه القدرة عىل‬
‫امتلاك ج�رار زراعي أو طلمة مي�اه أو حمراث؟ وه�ل كل صانع لديه القدرة على امتالك حمل‬
‫لصناعت�ه؟ وكذل�ك احل�ال يف التاجر ويف الطبي�ب وغريمها بل هل كل فرد بق�ادر عىل أن يؤمن‬
‫بنفسه ولنفسه كل اخلدمات املحتاج إليها من عالج‪ ،‬لتعلم‪ ،‬لتصنيع ملا حيتاجه من حاجات غري‬
‫حمدودة يف أنواعها ونوعياهتا؟ من هنا تظهر أمهية اإلجارة عىل مستوى املستأجر‪ ،‬وعىل مستوى‬
‫االقتصاد القومي‪ ،‬وال تقل أمهيتها عىل مستوى املؤجر عن هذه األمهية‪ ،‬فليس كل صاحب مال‬
‫بقادر عىل اس�تغالل ماله وتوظيفه بنفس�ه أو براغب يف ذلك وهو يف الوقت ذاته غري مس�تغنى‬
‫عنه‪ .‬فال هو بقادر أو راغب يف تش�غيله‪ ،‬وال هو براغب يف نفس الوقت يف التخلص منه بالبيع‬
‫وبذل�ك يبقى املال معطال من جهة ويبقى اخلبرة والصنعة واحلرفة‪ .‬وهنا جتيئ اإلجارة لتواجه‬
‫هذه‪ ‬الوضعية‪.‬‬

‫ومم�ا ه�و جدير باإلش�ارة أن فقهاءن�ا القدامى قد أش�اروا إىل ذل�ك ونبهوا علي�ه يف تراثنا‬
‫الفقه�ي العريق‪ ،‬يقول ابن قدامة‪َ « :‬فإِ َّن الحْ اج َة إلىَ المَْنَافِ� ِع كَالحْ اج ِة إلىَ الأْ َ ْعي ِ‬
‫ان‪َ ،‬ف َلماَّ َج َاز ا ْل َع ْقدُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫ املرجع السابق ص ‪. 335‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪29‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫اج ِة إلىَ َذلِ َك‪َ ،‬فإِ َّن ُه‬ ‫وز الإْ ِ جار ُة َعلىَ المَْنَافِعِ‪ ،‬ولاَ يخَ ْ َفى ما بِالن ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس م ْن الحْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب َأ ْن جَ ُت َ َ َ‬ ‫َعلىَ الأْ َ ْع َيان‪َ ،‬و َج َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫�س لك ُِّل َأ َحد َد ٌار َي ْملك َُها‪َ ،‬ولاَ َي ْقد ُر ك ُُّل ُم َس�اف ٍر َعلىَ َبع ٍري َأ ْو َدابَّ�ة َي ْملك َُها‪َ ،‬ولاَ َي ْل َز ُم َأ ْص َح َ‬ ‫َل ْي َ‬
‫�ر‪َ ،‬ولاَ ُي ْم ِك ُن ك َُّل‬ ‫ون بِ َأ ْج ٍ‬‫الصن َِائ ِع َي ْع َم ُل َ‬
‫�اب َّ‬
‫ِ‬
‫إس� َكانهُ ُ ْم َوحمَ ْ ُل ُه ْم َت َط ُّو ًعا‪َ ،‬وك ََذل َك َأ ْص َح ُ‬
‫ِ‬
‫الأْ َ ْمَل�اَ ك ْ‬
‫�ار ِة لِ َذلِ َك‪َ ،‬ب ْل َذلِ َك ممَِّ�ا َج َع َل ُه اللهَُّ َت َعالىَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د َع َم ُ�ل َذلِ َ‬
‫�ك‪َ ،‬ولاَ يجَ ِدُ ُم َت َط ِّو ًعا بِ�ه‪ ،‬فَلاَ ُبدَّ م ْن الإْ ِ َج َ‬
‫َأح ٍ‬
‫َ‬
‫الصن َِائ ِع ‪..‬‬
‫ب بِ َّ‬‫َاس ِ‬ ‫إن َأ ْك َثر المَْك ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َط ِري ًقا ل ِّلر ْزق‪َ ،‬حتَّى َّ َ‬

‫اج ِة‪َ ،‬فإِ َّن ا ْل َع ْقدَ َعلىَ المَْنَافِ ِع لاَ ُي ْم ِك ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َما َذك ََر ُه م ْن ا ْل َغ َر ِر‪ ،‬لاَ ُي ْل َت َف ُت إ َل ْيه‪َ ،‬م َع َما َذك َْرنَا م ْن الحْ َ َ‬
‫ود َها‪ ،‬كَالسَّ� َل ِم فيِ‬ ‫ات‪ ،‬فَلاَ بدَّ ِمن ا ْلع ْق ِد َع َليها َقب َل وج ِ‬ ‫ف بِمضيِ السَّ�ا َع ِ‬ ‫ِ لأِ‬
‫َْ ْ ُ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َب ْع�دَ ُو ُجود َه�ا‪َ ،‬نهَّ َا َت ْت َل ُ ُ ِّ‬
‫وك َلأِ َّن اللهََّ َت َعالىَ إنََّم�اَ َشرَ َع ا ْل ُع ُقو َد‬
‫َْت�رْ ٌ‬ ‫اس م ُ‬ ‫ِ‬
‫ي َأ َّن ا ْلق َي َ‬
‫�ان »‪ .‬ويقول الكاس�اين‪ « :‬وبِ ِ‬
‫�ه َت َب َ نَّ‬ ‫َ‬
‫الأْ َ ْعي ِ‬
‫َ‬
‫ُون له َد ٌار ممَ ْ ُلو َك ٌة َي ْس� ُكن َُها أو‬ ‫�د لاَ َيك ُ‬ ‫اح ٍ‬ ‫�اد وحاجتُهم إلىَ الإْ ِ جار ِة ماس�ة ألن ك َُّل و ِ‬ ‫لحِ و ِائ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫�ج ا ْلع َب َ َ َ ُ ْ‬ ‫ََ‬
‫َأ ْر ٌض ممَ ْ ُلوكَ� ٌة َي ْز َر ُع َها أو َدا َّب ٌة ممَ ْ ُلو َك ٌة َي ْر َك ُب َها وق�د لاَ ُي ْم ِكنُ ُه تمَ َ ُّلك َُها بِالشرِّ َ ِاء لِ َعدَ ِم ال َّث َم ِن َولاَ بِالهْ ِ َب ِة‬
‫اس‬‫ف ا ْل ِق َي ِ‬ ‫خلاَ ِ‬ ‫اح ٍد لاَ تَس�مح بِ َذلِ َك َفيحتَاج إلىَ الإْ ِ جار ِة َفج�و َز ْت بِ ِ‬ ‫والإْ ِ َع�ار ِة لأِ َ َّن َن ْف�س كل و ِ‬
‫َ َ ُ ِّ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َالس َل ِم َون َْح ِو ِه »‪.‬‬
‫اجة الناس ك َّ‬
‫لحِ ِ‬
‫َ َ‬

‫اإلجارة املالية واملصارف اإلسالمية‬

‫رغ�م م�ا للتمويل باإلجارة من أمهية مل�ا حيققه لكل من طالب التموي�ل ومقدمه من فوائد‬
‫ومنافع فإن استخدام املصارف اإلسالمية له مل يكن عىل الوجه الذي يتفق وهذه األمهية‪ ،‬ومرجع‬
‫ذل�ك اعتبارات عديدة‪ ،‬منها ضعف الوعي هب�ذه األداة وما حتققه من مزايا‪ ،‬إضافة إىل االنبهار‬
‫ببع�ض األدوات التمويلي�ة األخرى وخاص�ة أداة املرابحة‪ ،‬وأيضا ما هناك م�ن قيود وعقبات‬
‫قانونية ومؤسسية‪ ،‬وعدم انتشار املؤسسات املتخصصة يف هذا النشاط‪ ،‬هذا كله مع ما للتمويل‬
‫باإلجارة من خصائص قد ال تتمشى غالبا وطبيعة العمل املرصيف والقائم أساسا وحتى يف ظل‬
‫املصارف اإلسالمية عىل إيداعات قصرية األجل مع أن التأجري عادة ما يكون متوسط أو طويل‬

‫ املغني البن قدامة‪. 5/6 :‬‬


‫ بدائع الصنائع للكاساين‪. 174 /4 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪30‬‬

‫األج�ل‪ ،‬يض�اف إىل ذلك عدم توفر اخلبرة الكافية لدى املص�ارف يف رشاء املعدات واألصول‬
‫اإلنتاجية وكذلك ما تتطلبه من صيانة وختزين إضافة إىل ما تتعرض له من خماطر الركود وعدم‬
‫التش�غيل‪ ،‬وما تستدعيه من استهالكات وخمصصات‪ ،‬وما تتعرض له من خماطر سوء استخدام‬
‫املستأجر هلذه املعدات واحتامالت التوقف عن سداد األقساط‪ ،‬وغري ذلك ‪...‬‬

‫وم�ن الناحي�ة العملي�ة فإن هناك م�ن املصارف واملؤسس�ات املالية اإلسلامية من مارس‬
‫التمويل هبذه الصيغة وقد ظهر ذلك بوضوح لدى مرصف فيصل ـ البحرين ورشكة الراجحي‬
‫والت�ي قامت باس�تخدامه يف متويل صفق�ات عديدة من الطائرات والس�فن والعقارات‪ ،‬وطبقا‬
‫لصيغ بعض العقود التي أبرمتها الرشكة يف هذا الصدد نجد أهنا من أقرب التطبيقات املعارصة‬
‫إىل القبول الرشعي‪ ،‬وكل ما لوحظ عليها أن تتعامل بالوعد امللزم بالبيع‬

‫وق�د يك�ون من املفيد صياغة أمهي�ة التمويل باإلجارة صياغة فنية مالي�ة وذلك عىل النحو‬
‫التايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬بالنسبة للمستأجر‪:‬‬

‫ـ االس�تفادة من األصول الرأسمالية يف نش�اطه دون احلاجة اىل ختصيص جزء من سيولته‬
‫لرشائه�ا‪ ،‬مم�ا يتيح له فرصة أوس�ع يف توظيف أمواله واس�تخدامها يف حتقيق مقصوده‪ ،‬فهي كام‬
‫يقال متويل من خارج امليزانية‪ ،‬وتظهر أمهية ذلك بش�كل بارز كلام كرب ثمن هذه األصول وكلام‬
‫غلبت حالة الكساد‪.‬‬

‫ـ احلامية من آثار التضخم‪ ،‬ويبدو ذلك جليا كلام كانت مدة اإلجارة طويلة وكانت األجرة‬
‫حمددة وشاعت حالة التضخم‪.‬‬

‫ـ تتيح له التمويل بنسبة ‪ %100‬حيث ال يتحمل عادة بأية نسبة من قيمة األصول‪ ،‬عكس‬
‫ما هو عليه احلال يف العديد من أدوات التمويل األخرى‪.‬‬

‫ التأجري املنتهي بالتمليك أداة جتارية متويلية مقبولة رشعا‪ :‬بحث للدكتور شوقي أمحد ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪31‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ـ حتقي�ق إمكاني�ة التوس�ع يف مرشوعه ورسعة احلص�ول عىل املعدات املطلوب�ة واملتطورة‬
‫دون االضط�رار إىل التوس�ع يف عدد املالك أو طرح أس�هم جديدة‪ ،‬وما ق�د ينجم عن ذلك من‬
‫مشكالت‪.‬‬

‫ـ هتيىء للمرشوع فرصة جيدة لربجمة نفقاته يف املس�تقبل‪ ،‬والتعرف عليها س�لفا‪ ،‬مع عدم‬
‫حتميله ملشكالت االستهالك واملخصصات‪.‬‬

‫ـ االس�تفادة م�ن ميزات رضيبية‪ ،‬حيث إن األج�رة ختصم من األرباح قبل فرض الرضيبة‬
‫عليه�ا‪ ،‬عك�س ما لو كانت حصة مش�اركة فهي توزيع للربح وليس�ت عبئا علي�ه‪ ،‬ومن ثم فال‬
‫يستفيد من ختفيض الرضائب‪ ،‬مما جيعل التمويل هبذه األداة غالبا أقل كلفة من غريه‪ ،‬خاصة وأن‬
‫املؤجر‪ ،‬نظرا ملا يتمتع به من ميزات رضيبية فإنه يعرض معداته بسعر منخفض‪.‬‬

‫ـ ث�م هي يف النهاية تعد أداة مغاي�رة لغريها من األدوات التمويلية ما يتيح لطالب التمويل‬
‫احلصول عىل احتياجاته حتت أفضل الرشوط‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬بالنسبة للمؤجر‪:‬‬

‫ـ تتيح له فرصة توظيف ماله مع عدم التعرض لقيود االئتامن الداخيل‪.‬‬

‫ـ وج�ود ضامن قوى‪ ،‬عكس ما ل�و تم التمويل من خالل البيع اآلجل أو املنجم‪ ،‬حيث إن‬
‫األصل املؤجر مازال عىل ملكيته ومن ثم يستطيع اسرتداده عند احلاجة دون قدرة املستأجر عىل‬
‫الترصف فيه‪ ،‬أو مشاركة الغرماء له عند إفالس املستأجر‪.‬‬

‫ـ االستفادة من بعض امليزات الرضيبية التي يوفرها له الكثري من القوانني السائدة‪.‬‬

‫ـ تتي�ح ل�ه إمكاني�ة ختطي�ط ايرادات�ه املس�تقبلية‪ ،‬ويف بعض ص�ور التأجري يضم�ن املؤجر‬
‫اس�تمرارية التأجير إىل هناي�ة العم�ر اإلنتاج�ي لألص�ل‪ ،‬وكذل�ك حتمي�ل املس�تأجر ببع�ض‬
‫الضامنات‪ ‬واملخاطر‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪32‬‬

‫ـ يـمكِّن التمويل هبذا األسلوب املؤسسات اإلسالمية من االشرتاك مع املؤسسات املالية‬


‫التقليدي�ة يف تقدي�م التمويل املطلوب‪ ،‬مثل اشتراك رشكة الراجحي مع بنك تش�يز ماهناتن يف‬
‫تقديم متويل لتأجري طائرات لرشكة طريان اإلمارات‪ ،‬مما حيقق للمؤسس�ات املالية جماال أرحب‬
‫وفرصا أوسع لالستفادة من خربات الغري‪.‬‬
‫ـ يف بع�ض ح�االت تكون خمرجا جي�دا لتوظيف األم�وال دون التفري�ط يف ملكيتها مثل‬
‫أموال الوقف وبعض األموال احلكومية‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬بالنسبة لالقتصاد الدويل‪:‬‬
‫ـ تسهم بفاعلية يف توظيف ما لدى املجتمع من موارد وطاقات وخربات‪.‬‬
‫ـ تسهم يف إقامة املرشوعات دون تباطؤ كبري يف انتظار احلصول عىل التمويل الالزم‪ ،‬ومن‬
‫ث�م ع�دم التعرض للتضخم واالرتفاع املس�تمر يف أس�عار املعدات‪ ،‬كام أنه يتي�ح للمرشوعات‬
‫الوطنية فرصة االستفادة من املعدات احلديثة‪.‬‬
‫‪ -‬كام يعمل عىل املزيد من تراكم رؤوس األموال‪.‬‬
‫ـ ال يتس�بب يف إره�اق امليزان التجاري للدول�ة إذا ما كان القائ�م بالتمويل رشكة أجنبية‪،‬‬
‫حيث ال يضطر املستثمر الوطني إىل رشاء هذه املعدات من اخلارج‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬خصائص اإلجارة يف االستثمار‬

‫يقصد باإلجيار عمليات تش�غيل األموال يف غير الرشاء والبيع‪ ،‬أي أن حمل هذه العمليات‬
‫يكون بيع املنفعة ال العني وهي هتدف إىل احلصول عىل األجر والغ ّلة من خالل اس�تيفاء املنفعة‬
‫عرب الزمن ‪.‬‬
‫وأهم خصائص عمليات اإلجيار هي‪:‬‬
‫‪ -‬أهن�ا متكن أساس� ًا من حيازة واس�تخدام األصول التي حيتاج إليه�ا األفراد دون احلاجة‬
‫إىل ضخ سيولة كبرية ‪.‬‬

‫ صكوك اإلجارة‪ :‬حامد مرية ص ‪. 305‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪33‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬أهنا ال تنقل ملكية العني وإنام تنقل ملكية املنفعة ‪.‬‬

‫‪ -‬إن الرب�ح فيه�ا مس�تقل ع�ن القيم�ة املقابل�ة للعين وه�و عب�ارة ع�ن أج�ر حيصل مع‬
‫جتدد‪ ‬املنفعة‪.‬‬

‫‪ -‬إهنا مرتبطة بالزمن (غري حالة) وهي عادلة متوسطة األجل ‪.‬‬

‫فمن الواضح أن اإلجارة املالية تزيل الكثري من هذه العقبات‪ ،‬فرتفع عن املصارف املخاطر‬
‫واألعب�اء والنفق�ات كام أهن�ا ال حتملها مؤون�ة الرشاء والتخزي�ن‪ ،‬حيث يتوىل ذل�ك نيابة عنها‬
‫املس�تأجر‪ ،‬وتقيها خماطر التعطل‪ ،‬وال متكن املستأجر من املامطلة أو إهناء العقد ألن ذلك يف غري‬
‫صاحله‪ ،‬وبرغم هذا فلم ختل من مشكالت وحتديات‪ ،‬منها ما يرجع إىل طول مدة التأجري‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإن هناك احتاملية تغري األس�عار والذي قد يغري املودعني بس�حب إيداعاهتم مما قد يس�بب‬
‫أزمة للمصارف‪ ،‬وقد حاولت املصارف التغلب عىل ذلك باالتفاق عىل تغيري القسط اإلجياري‬
‫كل فرتة حمددة من الزمن مع وضع رشوط جزائية جتعل من العسري عىل أي من الطرفني اإلقدام‬
‫عىل فسخ العقد‪.‬‬

‫***‬

‫ التمويل واس�تثامر األموال يف الرشيعة اإلسلامية‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬حسام الدين بن حممد صالح فرفور (بحث علمي‬
‫مق�دم للمؤمتر الثاين للمصارف واملؤسس�ات املالية اإلسلامية حتت ش�عارالصريفة اإلسلامية صريفة‬
‫استثامرية)‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪34‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫يف تأجري اخلدمات‬

‫وحيتوي هذا املبحث عىل املطالب التالية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أمهية قطاع اخلدمات وخصائصها ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع اخلدمات التي يمكن متويلها ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬مرشوعية تأجري اخلدمات (املرابحة يف اإلجارة)‬

‫املطلب الرابع‪ :‬ضوابط إجارة اخلدمات ‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أهمية قطاع اخلدمات وخصائصها ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أمهية قطاع اخلدمات‪:‬‬

‫حيتل قطاع اخلدمات يف الوقت الراهن مكانة مهمة يف معظم اقتصاديات الدول إذ إن هذه‬
‫الدول ال تنتج وتس�تهلك خدمات أكثر من قبل وحس�ب بل إن طريقة توفري هذه اخلدمات إىل‬
‫املس�تهلك النهائ�ي هي اآلن يف طور التغيري ومع مواجه�ة رشكات اخلدمات يف القطاع اخلاص‬
‫ملستويات عنيفة ومتزايدة من التنافس فإن جمموعة أخرى من اخلدمات العامة بدأت يف مواجهة‬
‫حقائق األسواق التنافسية للمرة األوىل‪.‬‬

‫تسويق وبيع اخلدمات‪ :‬إذا كنت ال تستطيع رؤية اخلدمات؛ فكيف لك أن تبيعها؟!‬

‫هل بمقدورك عرض خدماتك عىل نفس النحو املتبع مع أي منتجات ملموسة أخرى؟!‬

‫اخلدمات هي أشياء غري مرئية؛ فهي جمرد وعود من شخص ما بتنفيذ يشء ما‪..‬‬

‫إذ ًا‪ ...‬كيف تبيع اخلدمات؟!‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪35‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫هل خيتلف تسويق اخلدمات عن تسويق املنتجات؟!‬

‫املنتج‪ :‬يشء مادي ملموس؛ يشء يمكنك ملسه ورؤيته‪.‬‬

‫اخلدم�ة‪ :‬يشء غير ملموس وال يمكن رؤيته قبل الرشاء؛ أي ال تظهر اخلدمة بش�كل فعيل‬
‫إال بعد رشائك هلا‪.‬‬

‫عىل سبيل املثال‪ :‬إذا ذهبت إىل أحد صالونات احلالقة‪ ،‬فلن تستطيع رؤية أو ملس أو جتريب‬
‫الش�كل الذي تريده لش�عرك إال بعد رشائك لتلك اخلدمة بصورة فعلي�ة‪ ...‬فأنت تطلب رشاء‬
‫اخلدمة أوالً‪ ،‬ثم حتصل عليها ‪..‬‬

‫أم�ا إذا ذهب�ت إىل إحدى رشكات بيع الس�يارات الفاخرة‪ ،‬فبإمكانك االس�تعانة بام لديك‬
‫من حواس لتقي ّيم أي س�يارة جديدة؛ فمن املمكن أن تعجبك الس�يارة إذا نظرت إليها من عدة‬
‫زوايا‪ ،‬كام يمكنك أن تستش�عر التشطيب املريح للسيارة إذا ملستها براحة يدك‪ ،‬أو حتس بالراحة‬
‫والرفاهية التي توفرها املقاعد اجللدية إذا أسندت ظهرك هلا‪ ،‬أو تستطيع أن تسمع الطنني املنتظم‬
‫إذا أصغيت الس�مع للصوت الصادر عن حمرك الس�يارة‪ ،‬وستتأكد من درجة الصوت عند فتح‬
‫النواف�ذ اإللكرتوني�ة وعند إغالقها‪ ،‬بل ويمكنك سماع الصوت املكتوم ال�ذي تتميز به أبواب‬
‫السيارة إذا قمت بفتح وغلق األبواب ‪..‬‬

‫ولكن‪ ...‬هل تستطيع أن تتعامل بحواسك مع اخلدمات؟!‬

‫بالطبع ال‪ ...‬فال يمكنك أن تسمع الصوت املكتوم الصادر من العميل عند حتصيل املبالغ‬
‫املس�تحقة عليه‪ ،‬وال يمكنك أن تش�م رائح�ة اخلدمة اجليدة التي يوفرها حمام�و قضايا األحوال‬
‫الش�خصية‪ ،‬ولن تس�تطيع رؤية أو ملس أو جتريب الصورة الش�خصية التي يلتقطها لك املصور‬
‫املحرتف قبل اس�تالمها‪ ،‬يف معظم األحوال‪ ،‬ستشتري اخلدمة دون أن تس�معها أو تتذوقها أو‬
‫تلمسها أو تشمها أو تراها رأي العني‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪36‬‬

‫كيف نحدد معاييرّ جودة املنتجات واخلدمات؟!‬

‫يف حالة املنتجات ‪ -‬نعرف عادة ‪ -‬الوقت الذي يصاب فيه املنتج بأي عطب أو تلف‪ ،‬فاملواد‬
‫الغذائية كاملعلبات واللبن يكتب عليها تاريخ انتهاء الصالحية‪ ...‬لكن حتديد هذا األمر يف حالة‬
‫التعامل مع اخلدمات‪ ،‬مس�ألة صعبة‪ ،‬مثالً‪ ،‬هل كانت نصيحة املحاس�ب القانوين أو املستش�ار‬
‫املايل جيدة ملنش�أتك؟!‪ ،‬وهل قامت رشكة الديكور بتقديم اخلدمة احلقيقية التي تعاقدت معها‬
‫لتجديد دهان وإضاءة وفرش مكاتب منش�أتك؟!‪ ...‬وهل أنجزت سلسلة املطاعم املتخصصة‬
‫يف الوالئم واحلفالت يف تقديم الطعام والرشاب بام يريض أذواق املدعوين حلفل افتتاح مرشوع‬
‫منشأتك اجلديد؟!‪.‬‬

‫كام نالحظ أن معظم املشاكل التي حتدث للمنتجات تكون واضحة للعيان ويمكن إثباهتا‪،‬‬
‫حيث يتم توفري الضامن لغالبية املنتجات‪ ...‬فالرشكات املصنعة تتوىل تصنيع املنتجات باستخدام‬
‫عمليات مدروسة ومراقبة تضمن توفري جودة ثابتة يف املنتجات‪.‬‬

‫لكن ال يمكن تطبيق نفس املبدأ مع معظم اخلدمات‪ ...‬حيث أن رشكات اخلدمات تطرح‬
‫« خدماهتا « من خالل سلس�لة من اخلطوات الت�ي قلام يتم حتويلها إىل إجراءات روتينية لعملية‬
‫موثوق فيها‪ ...‬وعىل هذا‪ ،‬فالس�بيل الوحيد السرتداد ما دفعته يف اخلدمة هو اللجوء للقضاء أو‬
‫الدخول يف مفاوضات مؤملة مع مزود اخلدمة‪.‬‬

‫أنت تشرتي اخلدمات بدون أي ضامنات‪ ،‬وبدون إحساس بالثقة أو اليقني يف اخلدمة التي‬
‫تشترهيا‪ ،‬يف عرصنا احلايل أصبحنا نشترى املنتجات من رشكات تصنعها عىل ُبعد أميال عديدة‬
‫من�ا‪ ،‬رشكات مل يس�بق لن�ا مقابلتهم من قب�ل‪ ...‬لذلك نادر ًا م�ا نتعامل مع مش�اكل املنتجات‪،‬‬
‫ونأخذها عىل حممل شخيص‪.‬‬

‫لكن اخلدمات التي نس�تخدمها‪ ،‬يف مقابل ذلك‪ ،‬عاد ًة ما يوفرها أفراد أو رشكات نقابلهم‬
‫بصف�ة ش�خصية أو عىل األقل نتح�دث إليهم‪ ...‬وحني ال يف�ي مندوب اخلدمة بوع�وده‪ ،‬فإننا‬
‫نأخ�ذ ه�ذا األمر عىل حممل ش�خيص‪ ...‬إننا نتس�اءل قائلين‪ « :‬كيف يمك�ن أن تفعل هذا معي‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪37‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫شخصي ًا؟!‪ ،» ‬فيبدأ مندوب اخلدمة يف رشح األسباب التي دفعته لفعل ذلك‪ ،‬بل ويقسم ويلعن‬
‫ويثور غضب ًا‪ ،‬كل هذا يف آن واحد كي يعضد من موقفه‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬خصائص اخلدمات‪:‬‬

‫تتميز اخلدمات بعدة خصائص من أمهها‪:‬‬

‫‪ -‬أهنا غري ملموسة‪:‬‬

‫فاخلدمات ليس هلا وجود مادي‪ ،‬فمث ً‬


‫ال السلع يمكن رؤيتها أو ملسها أو الشعور املادي هبا‪،‬‬
‫وال ينطب�ق ذلك عىل اخلدم�ات لطبيعتها غري املادية ‪.‬ومن الناحية العملي�ة فإن عمليتي اإلنتاج‬
‫واالس�تهالك حتدثان يف آن واحد‪ ،‬ويرتتب عىل ذلك خاصية فرعية أخرى وهي صعوبة معاينة‬
‫اخلدمة قبل استهالكها ‪.‬‬

‫‪ -‬الناحية الشخصية يف اخلدمة‪:‬‬

‫فهن�اك تراب�ط بني إنتاج واس�تهالك اخلدم�ة‪ ،‬فاالنتفاع باخلدم�ة يتطلب وج�ود املنتفع أو‬
‫العمي�ل أثن�اء إنتاجه�ا بواس�طة موظفي الش�باك بالبن�ك‪ ،‬الطبي�ب أو املمرضة يف املستش�فى‪،‬‬
‫موظف االستقبال يف الفندق‪ ،‬املضيفة يف رحلة الطريان‪ ،‬أخصائي املعلومات يف املكتبة أو مركز‬
‫معلومات ‪ .‬وذلك بعكس السلع التي تنتج يف مكان ثم تباع يف مكان آخر وقد ال يرى املستهلك‬
‫أي خطوة من خطوات إنتاج السلعة أو من يقوم بذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬مسامهة العميل يف إنتاج اخلدمة‪:‬‬

‫وتعترب هذه خاصية أساسية ال يمكن تقديم اخلدمة بكفاءة دون توافرها‪ .‬وكمثال عىل ذلك‬
‫نجد أن دقة تشخيص الطبيب تتوقف ‪ -‬جزئي ًا ‪ -‬عىل دقة البيانات واإلجابات التي يعطيها املريض‪،‬‬
‫كام أن دقة االستشارات اإلدارية تتوقف ‪ -‬إىل حد كبري ‪ -‬عىل دقة البيانات التي يعطيها العميل‪،‬‬
‫ويعن�ي ذلك أن مرشوع اخلدم�ة ال ينفرد وحده بإنتاج خدماته كام هو احلال بالنس�بة للمرشوع‬
‫الذي ينتج سلع ًا مادية ‪..‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪38‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أنواع اخلدمات اليت ميكن متويلها‬

‫تق�دم املؤسس�ات املالية املناف�ع « اخلدمات » بنوعيه�ا‪ :‬املنفعة « اخلدم�ة » امل َع ّينَة‪ ،‬واملنفعة‬
‫«‪ ‬اخلدمة » املوصوفة يف الذمة‪.‬‬

‫وذل�ك مثل الدراس�ة يف اجلامع�ات‪ ،‬أو املعاهد‪ ،‬أو نحومها‪ ،‬ومث�ل اخلدمات الصحية من‬
‫العلاج‪ ،‬والعملي�ات اجلراحية الت�ي تقدمها املستش�فيات‪ ،‬أو األطباء‪ ،‬أو خدم�ات النقل عرب‬
‫الطريان‪ ،‬أو الس�فن‪ ،‬أو الس�يارات‪ ،‬فهذه اخلدمات إن تم العقد فيها عىل تعيني اجلهة املقدمة «‬
‫سواء أكانت شخصية معنوية‪ ،‬أم شخص ًا طبيعي ًا « وتعيني اخلدمة املحددة فهي إجارة واردة عىل‬
‫منفعة معينة ‪.‬‬

‫أم�ا إذا ت�م التعاقد فيها على خدمة موصوفة يف الذم�ة دون حتديد من يقدمه�ا فهي إجارة‬
‫موصوفة يف الذمة ـ وإن املهم هو خدمة موصوفة يف الذمة ـ ‪.‬‬

‫فاملعي�ار يف اإلج�ارة املوصوف�ة يف الذم�ة ه�و حتقي�ق املواصف�ات املطلوب�ة دون النظر إىل‬
‫الش�خص ال�ذي يقدمه�ا بعينه‪ ،‬يف حين أن املعيار يف اإلج�ارة املعينة هو الش�خص الذي يقدم‬
‫اخلدمة‪ ،‬فالشخص األجري بعينه مطلوب هنا‪ ،‬وليس مطلوب ًا يف املوصوفة يف الذمة ‪.‬‬

‫وفيام ييل تعداد ألهم أنواع اخلدمات التي يمكن متويلها عن طريق ما يسمة بتأجري اخلدمات‬
‫أو تأجري املنافع‪:‬‬

‫‪ -1‬الدراسة يف اجلامعات‪ ،‬وبخاصة الدراسات العليا ‪ ..‬هي خدمة متويلية هتدف لالستفادة‬
‫من فرص التعليم والتدريب املتوافرة‪ ،‬وتنمية املهارات لدى رشحية واسعة من الشباب الراغب‬

‫ اإلج�ارة عىل منافع األش�خاص ـ دراس�ة فقهية مقارنة ـ يف الفقه اإلسلامي‪ ،‬وقان�ون العمل‪ :‬أ‪ .‬د ‪ .‬عيل‬
‫حمي�ى الدي�ن القره داغ�ي (بحث مق�دم للمجل�س األورويب لإلفتاء والبح�وث) ال�دورة الثامنة عرشة‬
‫للمجلس– باريس مجادى الثانية‪ /‬رجب ‪ 1429‬هـ ‪ /‬يوليو ‪ 2008‬م‪ ،‬الصفحة‪:‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪39‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫بمس�تقبل مرشق ليعتمدوا فيه عىل أنفس�هم‪ ،‬حيث يقوم املرصف اإلسلامي بعقد جمموعة من‬
‫االتفاقي�ات مع عدد م�ن أفضل املراكز واملعاه�د التعليمية املرموقة‪ ،‬واجلامع�ات ذات الكفاءة‬
‫العريقة واخلربة العالية حتي تتيح الفرصة الطيبة لكل طالب العلم واملعرفة ملواصلة مسيرهتم‬
‫التعليمية بأيرس السبل‪ ،‬وأفضل وسائل التمويل املتاحة واملباحة رشع ًا‪.‬‬

‫‪ -2‬اخلدم�ات الصحي�ة‪ :‬فالكثري من الن�اس قد يكون يف حاجة إىل عملي�ة جراحية مكلفة‬
‫وه�و ال يس�تطيع تأمين أجر هذه العملي�ة يف احلال وال جيد م�ن يعينه بقرض حس�ن أو صدقة‬
‫متربع هبا إليه‪ ،‬فتكون هذه الوسيلة (بتصميم منتج لتمويل تكاليف عالجه) وهي تأجري اخلدمة‬
‫مرابحة من املؤسسة املالية اإلسالمية حال ملشكلته ‪..‬‬

‫‪ -3‬الس�فر‪ :‬قد يكون الش�خص يف حاجة من أن يس�افر لزيارة أهله‪ ،‬أو مراجعة معاملة له‬
‫يف بلد آخر‪ ،‬أو للس�ياحة واالس�تجامم وال يقدر عىل مصاريف السفر يف احلال‪ ،‬فتكون « إجارة‬
‫اخلدمات » حال مناسبا له‪.‬‬

‫‪ -4‬احل�ج والعم�رة ‪ .‬فمما ج�اء يف موق�ع بن�ك الدوحة اإلسلامي يف خدمة لبي�ك « من‬
‫عودناكم‬
‫أجلك‪ ،‬ولتحقيق اهلدف األس�مى لش�عرية الركن اخلامس من أركان اإلسلام‪ ،‬وكام ّ‬
‫احل�ج والعمرة بتصميم‬
‫ّ‬ ‫يف الدوح�ة اإلسلامي‪ ،‬قمن�ا بالتعاون مع جمموع�ة متميزة من محالت‬
‫احلج والعمرة‪ ،‬حتى يتس�نّى لك ولعائلتك أداء الفريضة دون‬
‫منت�ج «‪ ‬لبــّــيـــــك‪  » ‬لتمويل ّ‬
‫ّ‬
‫وج�ل ‪ -‬ولتكون من الذين اس�تطاعوا‬ ‫عن�اء أو مش�قة؛ فتح ّق�ق أمنية العم�ر يف طاعة اهلل ‪ّ -‬‬
‫عز‬
‫إليه‪ ‬سبيالً‪.» ‬‬

‫ مع مالحظة أننا ال نوافق عىل الدخول يف االقرتاض لألمور التحسينية والكاملية ألنه قد يؤدي بالشخص‬
‫إىل الوقوع يف املحظور ‪...‬‬
‫ ‪ ، http://www.dohaislamic.com.qa/Arsite/default.asp?catid = 355‬والس�ؤال ال�ذي يمكنن�ا‬
‫طرحه هنا عىل السادة العلامء‪ :‬مدى جواز احلج والعمرة عن طريق متويل املنافع الذي تطرحه املصارف‬
‫اإلسالمية !!‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪40‬‬

‫للحج والعمرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مزايـا ( لبـّيك )‬

‫� معتمدة من هيئة الفتوى والرقابة الرشعية‪.‬‬

‫السداد‬
‫� مرونة يف األقساط ويف فرتة ّ‬
‫� أقساط تصل إىل ‪ 24‬شهر ًا‪.‬‬

‫� بدون كفيل‪.‬‬

‫� بدون عموالت‪.‬‬

‫صحي باألرايض املقدّ سة‪.‬‬


‫� تأمني ّ‬

‫الرشوط واألوراق املطلوبة‪:‬‬

‫� شهادة راتب‪.‬‬

‫� كشف حساب ملدة ‪ 6‬أشهر (لغري العمالء)‬

‫� عرض سعر احلملة‪.‬‬

‫‪ -5‬احلفالت‪ :‬للمناسبات املختلفة مثل األعراس‪ ،‬التخرج‪ ،‬وغريها ‪..‬‬

‫املطلب الثالث‪:‬مشروعية تأجري اخلدمات (املراحبة يف اإلجارة)‬

‫مرشوعية إجارة اخلدمات‪:‬‬

‫م�ن القواع�د الرشعية ىف جمال املعامالت أن األصل ىف املعاملات هو اإلباحة إال ما ُح ِّرم‬
‫بنص رصيح ىف القرآن والس�نة‪ ،‬وتأسيس� ًا عىل ذلك‪ ،‬فهناك صيغ متويل ىف النظم الوضعية‪ ،‬قد‬
‫تكون جائزة بحالتها ىف اإلسالم‪ ،‬وربام يدخل عىل بعضها بعض التعديالت من خالل جمموعة‬
‫من الضوابط الرشعية لتصبح جائزة للتطبيق إسلامي ًا‪ ،‬ومن هذا النوع األخري هو التمويل عن‬
‫طريق نظام تأجري اخلدمات‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪41‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ويعتبر تأجري اخلدم�ات من صيغ التمويل املنتشرة حديث ًا ىف املجتم�ع‪ ،‬وجيب أن تنضبط‬
‫عق�ود التأجير التمويىل املعارصة بالقواعد والضوابط اإلسلامية حتى تك�ون مطابقة ألحكام‬
‫ومبادئ الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫فمن أنواع االستثامر يف املنافع أن املستأجر يعيد إجارة ما استأجره بعوض أكثر مما استأجره‬
‫به لريبح الفرق بني العوضني‪ .‬وهنا يقتيض البحث يف هذا النوع من الترصف مع بيان ما ييل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حكم تأجري اليشء املستأجر‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬حكم إعادة التأجري بعوض أكثر من العوض األول‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬حكم تأجري اليشء املستأجر‪( :‬والذي يسميه الفقهاء التأجري من الباطن)‬

‫اختلف العلامء يف حكم هذه املسألة عىل ثالثة أقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬التحريم وهو املذهب عند احلنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬وقول يف مذهب احلنابلة‪،‬‬
‫واس�تدلوا بحديث حكيم بن حزام ريض اهلل عنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رس�ول اهلل إين أشتري بيوع ًا فام‬
‫حي�ل يل منه�ا وما حيرم عيل؟ فقال‪ « :‬يا ابن أخي‪ ،‬إذا اشتريت ش�يئا فال تبع�ه حتى تقبضه »‪.‬‬
‫ووج�ه االس�تدالل من احلديث أن النب�ي ﷺ هنى عن بيع اليشء قبل قبض�ه واإلجارة بيع‪ ،‬فال‬
‫جيوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره قبل قبضه ‪.‬‬
‫ِ‬
‫املس�تأجر للعني‬ ‫الق�ول الث�اين‪ :‬روي عن أيب حنيفة وأيب يوس�ف قول بتجويز إعادة تأجري‬
‫التي استأجرها قبل أن يقبضها يف غري املنقول‪.‬‬

‫ حاشية ابن عابدين‪ ،91/6 :‬الفتاوى الفقهية الكربى البن حجر اهليتمي ‪ ،146/2‬اإلنصاف للمرداوي‬
‫‪ ،35/6‬املغني البن قدامة‪. 277/5 :‬‬
‫ أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده (‪ ،402/3 )15351‬وابن حبان يف صحيحه (‪ 358/11 )4983‬والبيهقي‬
‫يف سننه (‪ )10465‬وحسنه النووي يف املجموع‪. 258/9 :‬‬
‫ الفتاوى اهلندية‪ ،425/4 :‬حاشية ابن عابدين‪. 91/6 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪42‬‬

‫الق�ول الثالث‪ :‬جلمهور الفقهاء من احلنفية واملالكية والش�افعية واألص�ح عند احلنابلة‬
‫‬

‫عىل جواز إجيار املس�تأجر إىل غري املؤجر اليشء الذى اس�تأجره وقبضه يف مدة العقد‪ ،‬ما دامت‬
‫العني ال تتأثر باختالف املس�تعمل‪ ،‬وقد أجازه كثري من فقهاء الس�لف سواء أكان بمثل األجرة‬
‫أم بزي�ادة‪ ،‬وق�د اختلف الفقهاء يف إجارة العني املس�تأجرة للمؤجر نفس�ه‪ ،‬فأجاز ذلك املالكية‬
‫والش�افعية ومنعه�ا احلنفية‪ ،‬يقول اإلم�ام النووي‪( :‬وإن كانت اإلجارة عىل الذمة‪ ،‬وس�لم دابة‬
‫وتلف�ت مل ينفس�خ العق�د وإن وجد هب�ا عيب ًا مل يكن له اخليار يف فس�خ العقد ولك�ن عىل املؤجر‬
‫إبداهلا ثم الدابة املس�لمة عن اإلجارة يف الذمة وإن مل ينفس�خ العقد بتلفها فإنه ثبت للمس�تأجر‬
‫فيه�ا ح�ق االختص�اص حتى جيوز ل�ه إجارهتا ول�و أراد املؤج�ر إبداهلا فهل له ذل�ك دون إذن‬
‫املس�تأجر وجه�ان أصحهام عند اجلمه�ور املنع ملا فيها من حق املس�تأجر والث�اين قاله أبو حممد‬
‫واخت�اره الغ�زايل إن اعتمد باللفظ الدابة بأن قال أجرتك دابة صفته�ا كذا مل جيز اإلبدال وإن مل‬
‫يعتمدها بل قال التزمت إركابك دابة صفتها كذا جاز‏‪.‬‏ ويتفرع عىل الوجهني ما إذا أفلس املؤجر‬
‫بع�د تعيين عن إجارة الذمة هل يتقدم املس�تأجر بمنفعتها عىل الغرماء وق�د ذكرناه يف التفليس‬
‫واألصح التقدم‏ ‏‪ .‬ولو أراد املس�تأجر أن يعتاض عن حقه يف إجارة الذمة فإن كان قبل أن يتس�لم‬
‫دابة مل جيز ألنه اعتياض عن املس�لم فيه وإن كان بعد التس�ليم جاز ألن هذا االعتياض عن حق‬
‫يف عين هك�ذا قاله األئم�ة‏‪ .‬وفيه دليل عىل أن القب�ض يفيد تعلق حق املس�تأجر بالعني‪ ،‬فيمتنع‬
‫االبدال دون رضاه)‪.‬‬

‫واستدلوا عىل مذهبهم بام ييل‪:‬‬

‫ِ‬
‫املستأجر للعني‬ ‫أن األصل يف املعامالت احلل واإلباحة‪ ،‬وال يوجد مانع رشعي من إجارة‬
‫املؤجرة قبل قبضها ‪.‬‬

‫ حاش�ية ابن عابدين ‪ ،91/6‬الكايف البن عبد الرب ‪ ،370/1‬حاش�ية البجريمي عىل رشح منهج الطالب‪:‬‬
‫‪ ،166/3‬كشاف القناع للبهويت ‪.. 566/3‬‬
‫ روضة الطالبني‪. 224-223/5 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪43‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫مل�ا كان املعق�ود علي�ه يف اإلج�ارة ه�و منفع�ة العين املس�تأجرة ال ذاهتا‪ ،‬ترت�ب عىل ذلك‬
‫ف�روق مهم�ة بني أحكام البيع واإلجارة‪ ،‬منها‪ :‬أن قبض العني املس�تأجرة ال ينقل به الضامن إىل‬
‫املس�تأجر‪ ،‬وعليه فلم يقف جواز الترصف يف العني املس�تأجرة عىل القبض‪ ،‬بخالف بيع العني‬
‫قبل قبضها‪.‬‬

‫ويرتجح لنا القول الثالث ألن األصل يف املعامالت اإلباحة واحلل‪ ،‬وألن ما أورده املانعون‬
‫من النهي عن بيع ما ال يملك‪ ،‬أو عن بيع املبيع قبل قبضه ال يدل عىل منع تأجري العني املستأجرة‬
‫قبل قبضها‪.‬‬

‫وذهب املالكية والشافعية إىل جواز إجيار املستأجر لغري املؤجر‪ ،‬سواء كانت األجرة الثانية‬
‫مساوية أم زائدة أم ناقصة ألن اإلجارة بيع‪ ،‬فله أن يبيعها بمثل الثمن أو بزيادة أو بنقص كالبيع‪،‬‬
‫ووافقهم أمحد يف أصح األقوال عنده‪.‬‬

‫وذه�ب احلنفي�ة إىل جواز اإلجارة الثانية إن مل تكن األج�رة فيها من جنس األجرة األوىل‪،‬‬
‫للمعنى السابق‪ .‬أما إن احتد جنس األجرتني فإن الزيادة ال تطيب للمستأجر‪ .‬وعليه أن يتصدق‪،‬‬
‫وصحت اإلجارة الثانية ألن الفضل فيه ش�بهة‪ .‬أما إن أحدث زيادة يف العني املس�تأجرة فتطيب‬
‫الزيادة ألهنا يف مقابلة الزيادة املستحدثة‪.‬‬
‫وذه�ب احلنابل�ة يف ق�ول ٍ‬
‫ثان هلم إىل أنه إن أحدث املس�تأجر األول زي�ادة يف العني جاز له‬
‫الزيادة يف األجر دون اشرتاط احتاد جنس األجر أو اختالفه‪ ،‬وسواء أذن له املؤجر أو مل يأذن‪.‬‬

‫ولإلمام أمحد قول ثالث إنه إن أذن املؤجر بالزيادة جاز‪ ،‬وإال فال فجمهور الفقهاء جييزونه‬
‫بعد القبض عىل التفصيل السابق‪.‬‬

‫ املغني البن قدامة ‪. 277/5‬‬


‫ صكوك اإلجارة‪ :‬حامد مرية ص ‪ ،138‬فقه املعامالت املالية‪ :‬د‪ .‬رفيق يونس املرصي ص ‪. 191‬‬
‫ الكايف البن عبد الرب ‪ ،370/1‬حاشية البجريمي عىل رشح منهج الطالب‪..166/3 :‬‬
‫ الفتاوى اهلندية‪ ،425/4 :‬حاشية ابن عابدين‪. 91/6 :‬‬
‫ املغني البن قدامة‪. 278/5 :‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪44‬‬

‫ٍ‬
‫بمساو أو بزيادة أو بنقصان‪،‬‬ ‫أما قبل القبض فيجوز عند املالكية مطلقا عقار ًا كان أو منقوالً‪،‬‬
‫وهو غري املشهور عند الشافعية وأحد الوجهني عند احلنابلة‪ ،‬ألن املعقود عليه هو املنافع‪ ،‬وهي‬
‫ال تصري مقبوضة بقبض العني فال يؤثر فيها القبض‪ .‬ويف املشهور عند الشافعية ووجه آخر عند‬
‫احلنابلة‪ :‬ال جيوز كام ال جيوز بيع املبيع قبل قبضه‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة وأبو يوس�ف إىل جواز ذلك يف العقار دون املنقول وذهب حممد إىل عدم‬
‫اجل�واز مطلق�ا وهذا اخللاف مبني عىل اختالفه�م يف جواز بي�ع العقار قبل قبض�ه وقيل إنه ال‬
‫خالف بينهم يف عدم جواز ذلك االجارة‪.‬‬
‫وأما إجارة العني املستأجرة للمؤجر فاملالكية والشافعية جييزوهنا مطلقا‪ ،‬عقارا أو منقوال‪،‬‬
‫قبل القبض أو بعده‪ ،‬وهو أحد وجهني للحنابلة‪ .‬والوجه الثاين هلم أنه ال جيوز قبل القبض‪ ،‬بناء‬
‫عىل عدم جواز بيع ما مل يقبض‪ .‬ومنع احلنفية اجيارها للمؤجر مطلقا‪ ،‬عقارا كان أو منقوال قبل‬
‫القبض أو بعده‪ ،‬ولو بعد مستأجر آخر ‪..‬‬
‫م�ا حكم الرشط إذا رشط مالك العني عىل املس�تأجر أن يس�تويف املنفع�ة فقط دون غريه؟‪:‬‬
‫األصل عند الفقهاء أن املس�تأجر ال جيوز أن يس�تعمل اليشء الذي استأجره فيام يلحق به رضر ًا‬
‫س�واء أرشط ذل�ك يف العقد أم مل يرشط‪ ،‬وس�واء يف ذلك اس�تيفاء املس�تأجر املنفعة بنفس�ه‪ ،‬أو‬
‫بتمكني غريه من استيفائها‪ .‬أما إذا رشط عىل املستأجر أن يستويف املنفعة بنفسه فللفقهاء آراء‪:‬‬
‫األحناف‪ :‬إذا كان االستعامل خيتلف بأن أجر السيارة لشخص فقام بتأجريها ملكتب تأجري‬
‫س�يارات فيص�ح الرشط ويلزم ويعترب متعدي� ًا يف تأجريه وضامنا‪ .‬أم�ا إذا كان التأجري ملن يقوم‬
‫باالنتفاع به مثل األول فالرشط باطل ألن التقييد حتكم بدون مربر‪.‬‬
‫وأما اجلمهور‪ :‬رشط عدم التأجري لغريه باطل ألنه يس�توي يف ذلك أن يس�تويف املس�تأجر‬
‫املنفعة بنفس�ه أو أن غريه من اس�تيفائها‪ .‬وال يضمن إالَّ إذا أجرها لغري أمني أو أقل أمانة أو ملن‬
‫هو أكثر رضر ًا يف االنتفاع‪.‬‬

‫ الفتاوى اهلندية‪ ،425/4 :‬حاشية ابن عابدين‪. 91/6 :‬‬


‫ مواهب اجلليل‪ :‬احلطاب ‪ – 417/5‬املغني املحتاج ‪ – 350/2‬رشح منتهى اإليرادات ‪. 367/2‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪45‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ ‬ثاني ًا‪ :‬إعادة التأجري بعوض أكثر من العوض األول لغري املؤجر‪:‬‬

‫اختل�ف العلماء يف حك�م تأجري املس�تأجر للعين املس�تأجرة بأكثر مم�ا اس�تأجرها به عىل‬
‫أربعة‪ ‬أقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬إن أجر املس�تأجر العني املس�تأجرة بأكثر مما استأجرها به صح العقد‪ ،‬ولكن‬
‫حترم عليه الزيادة وعليه أن يتصدق هبا‪ ،‬واس�تدلوا بنهي النبي ﷺ عن ربح ما مل يضمن‪ ،‬وذلك‬
‫ألن العين املس�تأجرة ال تدخل يف ضامن املس�تأجر وإن قبضها‪ ،‬بدليل أهن�ا لو هلكت فصارت‬
‫بحيث ال يمكن االنتفاع هبا كان اهلالك عىل املؤجر ‪ .‬وهذا الرأي ذكره الكاساين‪.‬‬

‫الق�ول الث�اين‪ :‬إن أذن ل�ه املال�ك بالزي�ادة ج�از وإال مل جي�ز‪ ،‬وه�ي رواي�ة ثاني�ة ع�ن‬
‫اإلمام‪ ‬أمحد‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬تكره الزيادة مطلقا‪ ،‬وهو قول لبعض التابعني‪.‬‬

‫القول الرابع‪ :‬جيوز للمس�تأجر أن يؤجر العني املؤجرة بمثل ما استأجرها به وزيادة‪ ،‬روي‬
‫عن طاوس واحلسن وعطاء والزهري‪ .‬وهو املذهب عند املالكية‪ ،‬والشافعية واحلنابلة ‪.‬‬

‫واس�تدلوا بقوهل�م أن املس�تأجر مال�ك للمنفعة بعقد صحي�ح فجاز له التصرف يف ملكه‬
‫بنفس�ه وبغيره‪ ،‬بغري عوض وبعوض‪ ،‬بمثل ما اس�تأجر به وبأقل أو أكث�ر‪ ،‬حيث ال يوجد مانع‬
‫رشع�ي يمن�ع م�ن ذلك‪ ،‬وألن الزي�ادة يف عقد ال تعترب فيه املس�اواة بني الب�دل واملبدل فال متنع‬
‫صحة‪ ‬العقد‪.‬‬

‫ بدائع الصنائع‪. 206/4 :‬‬


‫ اإلنصاف للمرداوي‪. 34/6 :‬‬
‫ املغني البن قدامة‪. 278/5 :‬‬
‫ املبسوط للرسخيس ‪ ،78/15‬املنتقى للباجي‪ ،114/5 :‬املغني البن قدامة‪. 278/5 :‬‬
‫ مواه�ب اجللي�ل للحطاب املالك�ي ‪ – 417/5‬الكايف البن عبدالبر ‪ ،748/2‬املهذب ‪ ،410/1‬احلاوي‬
‫الكبري للاموردي ‪ ،228/9‬كشاف القناع للبهويت‪ ،566/3 :‬املغني ‪. 479/5‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪46‬‬

‫والراج�ح واهلل أعلم‪ :‬القول بأنه جيوز للمس�تأجر إعادة التأجير بعوض أكثر من العوض‬
‫األول ملن يقوم مقامه يف استيفاء املنفعة عىل الوجه الذي ملك به املنفعة بعوض أكثر من العوض‬
‫األول الذي استأجرها به ألن اإلجارة عقد جيوز برأس املال فجاز بزيادة‪.‬‬

‫واخلالصة يف إعادة التأجري‪:‬‬

‫األصل أن املستأجر يملك املنفعة‪ ،‬ومن ملك املنفعة ملك االنتفاع هبا بنفسه وبغريه‪.‬‬

‫يرتتب عىل هذا جيوز للمستأجر إعادة تأجري اليشء املستأجر‪.‬‬

‫لو رشط املالك للعني عىل املس�تأجر اس�تيفاء املنفعة بنفس�ه فإن مجهور الفقهاء يرون عدم‬
‫األخذ هبذا الرشط مع مراعاة االستعامل فيام هو متعارف دون إحلاق الرضر باليشء املستأجر‪.‬‬

‫جيوز إعادة التأجري بعوض أكثر عند مجهور الفقهاء ما عدا األحناف‪.‬‬

‫فتوى‬

‫املوضوع‪ :‬إستئجار يشء بأجرة معينة ثم تأجريه للغري بأجرة أعىل‬

‫السؤال‪ :‬هل جيوز استئجار يشء بأجرة ثم تأجريه للغري بأجرة أعىل؟ وإذا كان األمر جائز ًا‬
‫فهل جيوز إرشاك ش�خص ثالث يف عقد اإلجيار األول ليصبح رشيك ًا يف فرق اإلجيار عن طريق‬
‫بيع�ه حلصت�ه يف ملك املنفعة الذي دخل يف ضامن املس�تأجر األول‪ ،‬س�واء كان ه�ذا البيع بمثل‬
‫األجرة املدفوعة أو أكثر أو أقل؟‬

‫الفتوى‪:‬‬

‫جي�وز اس�تئجار يشء بأج�رة معين�ة وتأجرية للغري بمثل ما اس�تؤجر به أو أكث�ر ما مل يمنعه‬
‫املؤجر األول أو العرف ‪.‬‬

‫ احلطاب املالكي ‪ – 417/5‬الكايف البن عبدالرب ‪ – 748/2‬املهذب ‪ – 410/1‬املغني ‪. 479/5‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪47‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫كام جيوز أن تكون هذه املشاركة بمثل األجرة املدفوعة من املستأجر األول أو أكثر أو أقل‪.‬‬
‫أم�ا إذا خ�رج حق املنفعة من ترصفه بعق�د إجيار الحق فال جيوز عندئ�ذ الترصف فيام خرج من‬
‫ملكه وأصبح دين ًا له يف ذمة الغري ‪.‬‬

‫الس�ؤال‪ :‬ه�ل جي�وز االتف�اق على رشاء مع�دات م�ن رشك�ة أو عقار ث�م إع�ادة التأجري‬
‫لذات‪ ‬البائع؟‬

‫الفتوى‪ :‬إذا تم عقد البيع أوالً ثم جرى عقد تأجري بعد ذلك فال مانع منه رشع ًا‪.‬‬

‫مسألة إعادة التأجري يف القانون املعارص‪:‬‬

‫األس�اس القانوين حلق املس�تأجر يف التأجري م�ن الباطن والتنازل عن عق�د اإلجيار يف ظل‬
‫أحكام القانون املدين(للمستأجر حق التنازل عن اإلجيار أو اإلجيار من الباطن وذلك عن كل ما‬
‫أستأجره أو بعضه ما مل يقىض االتفاق بغري ذلك) [ املادة ‪ 593‬من القانون املدنى ]‪.‬‬

‫القي�ود ال�واردة قانونا عيل حق املس�تأجر يف التنازل عن عقد اإلجي�ار والتأجري من الباطن‬
‫حي�ق للمس�تأجر التن�ازل ع�ن اإلجيار من الباط�ن‪ ،‬إال أن هذا احل�ق مقيد بع�دم االتفاق عىل ما‬
‫خيالفه‪ ،‬فلو اتفق املتعاقدان (املؤجر واملستأجر) عىل منع املستأجر من حق التنازل عن اإلجيار أو‬
‫التأجري من الباطن رسي هذا االتفاق باعتبار االتفاق هو قانون املتعاقدين ورشيعتهم‪ ،‬وأن ظل‬
‫األصل هو حق املس�تأجر ىف التنازل عن اإلج�ارة والتأجري من الباطن ما مل يقيد يف عقد اإلجيار‬
‫بام يناقض‪ ‬ذلك‪.‬‬

‫مس�ئولية املس�تأجر األصيل عن تنفيذ التزامات املتنازل له واملستأجر من الباطن متى انعقد‬
‫عق�د اإلجي�ار‪ ،‬فاألصل أنه جييز للمس�تأجر حق التن�ازل عنه والتأجري م�ن الباطن‪ ،‬وإذا رغب‬
‫املؤجر ىف تقيد هذا احلق لزم تضمني عقد اإلجيار نص رصيح بعدم جواز التنازل أو اإلجيار من‬

‫ املصدر‪ :‬ندوة الربكة األول فتوى رقم ‪13‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪48‬‬

‫الباط�ن‪ ،‬وىف حالت�ي التنازل عن اإلجيار أو التأجري من الباطن ‪ -‬مت�ى مل ينص عقد اإلجيار عىل‬
‫حرمان املستأجر من ذلك ‪ -‬فإن املستأجر يكون ضامنا للمتنازل له ىف تنفيذ التزاماته ‪.‬‬

‫حرمان املس�تأجر من حق اإلجيار من الباطن وأثره عىل اس�تعامل املستأجر حلق التنازل عن‬
‫اإلجارة‪:‬‬

‫(منع املستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتيض منعه من التنازل عن اإلجيار وكذلك العكس)‬
‫[ املادة ‪ 594‬فقرة ‪ 1‬من القانون املدنى ] إذا كان األصل وفق قواعد وأحكام القانون املدنى هو‬
‫حق املستأجر ىف التأجري من الباطن والتنازل عن اإلجارة فإن اتفاق املتعاقدان عىل عكس ذلك‬
‫يقيده‪ ،‬فال جيوز ملس�تأجر التأجري من الباطن أو التنازل عن عقد اإلجيار‪ ،‬وقد س�اوى املرشع ىف‬
‫األث�ر بني التأجري من الباط�ن والتنازل عن اإلجارة وباآلدق جع�ل حظر أحدمها حظرا لألخر‬
‫فإذا أشرتط املؤجر عدم جواز التأجري من الباطن امتد هذا اخلطر إىل التنازل عن اإلجارة فيصبح‬
‫التأجير م�ن الباطن والتنازل عن اإلجارة كالمها ممنوع ‪.‬بيع املحل التجاري واملصنع وأثرة عيل‬
‫ج�واز التنازل ع�ن عقد اإلجيار رغم وجود الرشط املانع الرصي�ح‪ -‬أورد املرشع بالفقرة الثانية‬
‫من املادة ‪ 594‬اس�تثناء خاص بإجيار عقار أنش�ئ به مصنع أو متجر واقتضت الرضورة أن يبيع‬
‫املستأجر مصنعه أو متجره‪ ،‬واشرتط املرشع لبقاء العالقة اإلجيارية رغم خمالفة رشط منع التنازل‬
‫عن اإلجارة أو اإلجيار من الباطن أن يقدم املشرتى ضامنا كافيا وإال يلحق باملؤجر رضر ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬ضوابط إجارة اخلدمات‬

‫لك�ى تتف�ق صيغة تأجري اخلدمات م�ع قواعد وأحكام الرشيعة اإلسلامية أو ال تتعارض‬
‫معها جيب االلتزام بالضوابط الرشعية اآلتية‪:‬‬

‫ اإلجارة عىل منافع األش�خاص ‪-‬دراس�ة فقهية مقارنة ‪ -‬يف الفقه اإلسلامي‪ ،‬وقانون العمل‪ :‬أ‪ .‬د ‪ .‬عيل‬
‫حمي�ى الدي�ن القره داغ�ي (بحث مق�دم للمجل�س األورويب لإلفتاء والبح�وث) ال�دورة الثامنة عرشة‬
‫للمجلس‪ -‬باريس مجادى الثانية‪ /‬رجب ‪ 1429‬هـ ‪ /‬يوليو ‪ 2008‬م‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪49‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬أن تك�ون اإلج�ارة واردة عىل منافع مباحة رشعا‪ :‬وه�ذا الضابط يعني البد من االلتزام‬
‫بأحكام الرشيعة اإلسالمية ومبدائها يف استأجار وإجارة اخلدمات‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون املنفعة (اخلدمة) معلومة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يت�م حتديد اخلدمة حتديد ًا منضبط ًا من خالل األوص�اف الدقيقة والثمن والزمن وما‬
‫يتعلق هبا‪ ،‬مما يسلم معه النزاع واخلالف‪.‬‬

‫‪ -‬اإللتزام بقوانني العمل ولوائحه امللزمة يف الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬يف اإلجارة املوصوفة يف الذمة ‪ -‬والتي ال حيدد فيها من يقدمها ‪ -‬البد من حتقيق وحتديد‬
‫املواصفات املطلوبة‪.‬‬

‫‪ -‬أما يف اإلجارة املعينة ‪ -‬والتي جيب فيها تعيني اجلهة املقدمة للخدمة ‪ -‬فالشخص األجري‬
‫بعينه هو املطلوب هنا‪.‬‬

‫‪ -‬جيوز أن يبدأ االتفاق بني طالب اخلدمة واملؤسسة املالية املمولة‪ :‬حيث يتم االتفاف بينهام‬
‫وبني مؤسس�ة التعليم‪ ،‬ثم تقوم املؤسس�ة املالية بتقديم هذه اخلدمة عن طريق املرابحة يف املنافع‬
‫كام سنبينه يف اخلطوات التنفيذية ‪...‬‬

‫‪ -‬أن يكون للعاقدين أهلية األداء‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون صيغة العقد (القول والكتابة) تتوافر فيها رشوط التوافق والتواصل‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون األجرة حمددة معلومة ال تبقى معها جهالة مؤدية إىل النزاع‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تكليف املس�تأجر للخدمة إن كان طالب ًا أو معرس ًا بدفع األقس�اط إال بعد حصوله‬
‫على ٍ‬
‫عمل بدخل مناس�ب‪ ،‬فرياعى ح�ال الطلبة ومصلحتهم وقدرهتم عىل الس�داد وغري ذلك‬
‫مم�ا يص�ب يف مصلحة العمي�ل طالب اخلدم�ة مراعاة حلاجت�ه وحتى ال نس�تغل حوائج الناس‬
‫ورضوراهتم‪ ،‬فهو سيسدد ما عليه من أقساط بمجرد انتظامه يف عمل مناسب ‪...‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪50‬‬

‫‪ -‬جيب عدم الربط بني اإلجارة املوصوفة يف الذمة التي تم إبرامها مع صاحب اخلدمة وبني‬
‫عقد اإلجارة مع العميل املستفيد من اخلدمة حتى نبتعد متام ًا عن الصورية وبعض املحظورات‬
‫الرشعية يف املعامالت مثل بيع العينة والقرض بفائدة وغري ذلك‪...‬‬

‫‪ -‬ع�دم قابلية عقد اإلجيار لإللغاء خالل فترة أجله حيث أن العقد رشيعة املتعاقدين وأن‬
‫اإلخالل بذلك يؤدى إىل خسائر للمستأجر تتمثل ىف توقف اخلدمة عنه‪ ،‬وللمؤجر حيث يصعب‬
‫تس�ويقها أو تأجريها للغري‪ ،‬وأصل ذلك قول اهلل تب�ارك وتعاىل‪ ﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ﴾ [ املائدة‪ ] 1 :‬وقول رسول اهلل ﷺ‪ « :‬ال رضر وال رضار »‪.‬‬

‫اخلطوات التنفيذية إلجارة اخلدمات‪:‬‬

‫هذه األعامل واخلدمات يف حقيقتها هي تدخل ضمن املرابحة يف املنافع – كام سبق وأن بيناه‬
‫يف املطلب السابق ‪ -‬ولذلك نطبق عليها إجراءات املرابحة لآلمر بالرشاء عىل ضوء ما يأيت‪:‬‬

‫‪ -1‬وج�ود وع�د ملزم م�ن الطرف الطال�ب باملنفعة « اخلدم�ة » برشائه�ا وتأجريها‪...‬‬
‫وبعب�ارة أخرى‪ :‬التوقيع عىل اتفاقية تفاهم مشترك‪ ،‬تذكر فيها اخلطوات وااللتزامات املتبادلة‪،‬‬
‫وبيان اخلدمة املطلوبة سواء كانت معينة أم موصوفة يف الذمة ‪.‬‬

‫ً‬
‫مرسلا‪ ،‬والدارقطني‬ ‫ أخرجه اإلمام مالك يف املوطأ يف كتاب األقضية‪ ،‬باب‪ :‬القضاء يف املرافق ‪745/2‬‬
‫‪،228/4‬واحلاكم ‪ 57/2‬وما بعدها من حديث أيب س�عيد وقال‪ :‬صحيح اإلس�ناد عىل رشط مسلم ومل‬
‫خيرج�اه‪ ،‬وأخرج�ه ابن ماجه من حديث عبادة بن الصام�ت [‪ ،784/2 ]234‬قال يف الدراية يف ختريج‬
‫أحاديث اهلداية ‪ :282/2‬فيه انقطاع‪.‬‬
‫ رشح املصطلحات املستعملة يف العقود املستخدمة يف إجارة املنافع واخلدمات‪:‬‬
‫‪ -‬مقدم اخلدمة‪ :‬هو اجلامعة‪ ،‬أو املعهد يف خدمة التعليم‪ ،‬واملستشفى يف خدمة الصحة‪ ،‬وهكذا‬ ‫ ‬
‫‪ -‬طال�ب اخلدمة‪ :‬هو مس�تخدم اخلدمة واملس�تفيد منها‪ ،‬وهو عميل البنك‪ ،‬وهو اآلم�ر برشاء املنفعة أو‬ ‫ ‬
‫اخلدمة‬
‫‪ -‬البن�ك‪ :‬الذي يقدم اخلدمة حس�ب العق�د للعميل مبارشة‪ ،‬ألن البنك يق�وم بالتعاقد مع مقدم اخلدمة‬ ‫ ‬
‫لنفسه‪ ،‬ثم يقدمها‪ ،‬أو يبيعها أو يؤجرها تأجري ًا من الباطن للعميل يف اإلجارة املعينة ‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪51‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -2‬قيام املؤسسة باالتفاق مع اجلهة صاحبة اخلدمة عىل الرشوط واملواصفات املطلوبة من‬
‫قبل طالب اخلدمة ‪.‬‬

‫‪ -3‬ث�م قي�ام املؤسس�ة بالتوقيع مع طال�ب التمويل « العمي�ل » بعد حتديد مدد األقس�اط‬
‫املطلوبة‪ ،‬والضامنات املطلوبة للسداد ‪.‬‬

‫وجي�وز يف اإلج�ارة املوصوفة يف الذمة أن تقوم املؤسس�ة املالية مب�ارشة باالتفاق والتوقيع‬
‫عىل العقد مع طالب اخلدمة « العميل « ألن حمل العقد يتعلق بالذمة‪ ،‬وال يشرتط وجوده وقت‬
‫العقد‪ ،‬وإنام عند وقت تسليم اخلدمة ‪.‬‬

‫ثم بعد االتفاق مع العميل توقع املؤسسة عىل العقد مع اجلهة املقدمة للخدمة ‪.‬‬

‫***‬

‫ اإلجارة عىل منافع األش�خاص ‪ -‬دراس�ة فقهية مقارنة ‪ -‬يف الفقه اإلسلامي‪ ،‬وقانون العمل‪ :‬أ‪ .‬د ‪ .‬عيل‬
‫حمي�ى الدي�ن القره داغ�ي (بحث مق�دم للمجل�س األورويب لإلفتاء والبح�وث) ال�دورة الثامنة عرشة‬
‫للمجلس‪ /‬باريس مجادى الثانية‪ /‬رجب ‪ 1429‬هـ ‪ /‬يوليو ‪ 2008‬م‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪52‬‬

‫ملحق‬
‫فتاوى وقرارات اجملامع الفقهية يف تأجري اخلدمات‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫من فتاوي املرصفية اإلسالمية‬

‫فتوي جممع الفقه اإلسالمي‬

‫حول صكوك اإلجارة‬

‫قرار رقم ‪)15/3( 137‬‬

‫بشأن صكوك اإلجارة‬

‫‪ ‬إن جملس جممع الفقه اإلسالمي الدويل املنبثق عن منظمة املؤمتر اإلسالمي املنعقد يف دورته‬
‫اخلامس�ة عرشة وبع�د اطالعه عىل البح�وث ال�واردة إىل املجمع بخص�وص موضوع صكوك‬
‫اإلجارة‪ ،‬وبعد استامعه إىل املناقشات التي دارت حوله‪،‬‬

‫قرر ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬تقوم فكرة صكوك اإلجارة عىل مبدأ التصكيك (أو التس�نيد أو التوريق) الذي يقصد‬
‫يدر دخلاً‪ .‬والغرض من‬
‫ب�ه إص�دار أوراق مالية قابلة للت�داول‪ ،‬مبنية عىل مرشوع اس�تثامري ّ‬
‫صك�وك اإلجارة حتويل األعيان واملنافع التي يتعلق هبا عقد اإلجارة إىل أوراق مالية (صكوك)‬
‫يمكن أن جتري عليها عمليات التبادل يف س�وق ثانوية‪ .‬وعىل ذلك ُع ّرفت بأهنا» س�ندات ذات‬
‫قيمة متساوية‪ ،‬متثل حصص ًا شائع ًة يف ملكية أعيان أو منافع ذات دخل »‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يمث�ل ص�ك اإلج�ارة مبلغ ًا حمدد ًا م�ن النقود‪ ،‬وال هو دين عىل جهة معنية ‪ -‬س�واء‬
‫أكانت ش�خصية طبيعية أم اعتبارية ‪ -‬وإنام هو ورقة مالية متثل جزء ًا ش�ائع ًا (س�ه ًام) من ملكية‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪53‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫عين اس�تعاملية‪ ،‬كعقار أو طائ�رة أو باخ�رة‪ ،‬أو جمموعة من األعي�ان االس�تعاملية ‪ -‬املتامثلة أو‬
‫تدر عائد ًا حمدد ًا بعقد اإلجارة‪.‬‬
‫املتباينة‪ - ‬إذا كانت مؤجرة‪ُّ ،‬‬

‫‪ -3‬يمكن لصكوك اإلجارة أن تكون اس�مية‪ ،‬بمعنى أهنا حتمل اس�م حامل الصك‪ ،‬ويتم‬
‫انتقال ملكيتها بالقيد يف سجل معني‪ ،‬أو بكتابة اسم حاملها اجلديد عليها‪ ،‬كلام تغريت ملكيتها‪،‬‬
‫كام يمكن أن تكون سندات حلاملها‪ ،‬بحيث تنتقل امللكية فيها بالتسليم‪.‬‬

‫‪ -4‬جي�وز إصدار صكوك تمُ ثل ملكية األعي�ان املؤجرة وتداوهلا – إذا توافرت فيها رشوط‬
‫األعي�ان الت�ي يص�ح أن تكون حم ً‬
‫ال لعقد اإلج�ارة – كعقار وطائرة وباخرة ونح�و ذلك‪ ،‬ما دام‬
‫تدر عائد ًا معلوم ًا‪.‬‬
‫الصك يمثل ملكية أعيان حقيقية مؤجرة‪ ،‬من شأهنا أن َّ‬

‫‪ -5‬جيوز ملالك الصك ‪ -‬أو الصكوك ‪ -‬بيعها يف الس�وق الثانوية ألي مشرت‪ ،‬بالثمن الذي‬
‫يتفقان عليه‪ ،‬س�واء كان مس�اوي ًا أم أقل أم أكثر من الثمن الذي اشرتى به‪ ،‬وذلك نظر ًا خلضوع‬
‫أثامن األعيان لعوامل السوق (العرض والطلب)‪.‬‬

‫‪ -6‬يستحق ُ‬
‫مالك الصك حصته من العائد ‪ -‬وهو األجرة ‪ -‬يف اآلجال املحددة يف رشوط‬
‫اإلصدار منقوص ًا منها ما يرتتب عىل املؤجر من نفقة ومؤنة‪ ،‬عىل وفق أحكام عقد اإلجارة‪.‬‬

‫‪ -7‬جيوز للمستأجر الذي له حق اإلجارة من الباطن أن يصدر صكوك إجارة متثل حصص ًا‬
‫شائع ًة يف املنافع التي ملكها باالستئجار بقصد إجارهتا من الباطن‪ ،‬ويشرتط جلواز ذلك أن يتم‬
‫إصدار الصكوك قبل إبرام العقود مع املس�تأجرين‪ ،‬سواء تم اإلجيار بمثل أجرة اإلجارة األوىل‬
‫أو أقل منها أو أكثر‪ .‬أما إذا ُأبرمت العقود مع املستأجرين‪ ،‬فال جيوز إصدار الصكوك‪ ،‬ألهنا مت ِّثل‬
‫ديون ًا ُ‬
‫للمصدر عىل املستأجرين‪.‬‬

‫‪ -8‬ال جيوز أن يضمن مصدر الصكوك أو مديرها أصل قيمة الصك أو عائده‪ ،‬وإذا هلكت‬
‫األعيان املؤجرة كلي ًا أو جزئي ًا فإن غرمها عىل محلة الصكوك‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪54‬‬

‫ويوصي مبا يأتي‪:‬‬

‫* عق�د ن�دوة متخصصة لدراس�ة احلكم يف الص�ور التطبيقية التي اش�تملت عليها بعض‬
‫البحوث‪ ،‬ومل يتضمن هذا القرار حك ًام هلا‪ ،‬وذلك بالتنسيق مع املؤسسات املالية املعنية‪ ،‬ليصدر‬
‫املجمع قراره فيها يف ضوء نتائج تلك الندوة‪ .‬ومن أبرز تلك الصور‪:‬‬

‫‪ -1‬احلك�م يف إص�دار صك�وك بملكية األعيان املؤج�رة إجارة منتهي�ة بالتمليك عىل من‬
‫اشرتيت منه تلك األعيان‪.‬‬

‫‪ -2‬حكم إصدار الصكوك وتداوهلا يف إجارة املوصوف يف الذمة‪.‬‬

‫« مسقط (سلطنة ُعامن) ‪ 19 - 14‬املحرم ‪1425‬هـ‪ ،‬املوافق ‪ 11 – 6‬آذار (مارس) ‪2004‬م» ‪.‬‬

‫واهلل أعلم‬

‫***‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪55‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫من قـرارات اجملـلس األوربي لإلفتاء يف دورته الثامنة عشرة‬

‫(من ‪ 1‬إىل ‪ 5‬يوليو‪2008‬م‪ ،‬املوافق ‪27‬مجادى اآلخرة إىل ‪ 2‬رجب‪1429‬هـ)‬

‫ق�رر املجل�س األوريب لإلفتاء والبحوث‪ ،‬يف هناية أعامل دورت�ه العادية الثامنة عرشة‪ ،‬التي‬
‫عقدها بالعاصمة الفرنسية «باريس» (من ‪ 1‬إىل ‪ 5‬يوليو ‪2008‬م‪ ،‬املوافق ‪27‬مجادى اآلخرة إىل‬
‫‪ 2‬رجب‪1429‬هـ) أن األصل يف املعامالت املالية يف البالد غري اإلسلامية أن تبنى عىل أس�اس‬
‫االلتزام بأحكام الرشيعة اإلسالمية من حيث اجلواز والصحة‪ ،‬وأن الرأي القائل بجواز العقود‬
‫ال عام ًا تبنى عليه املعامالت املالية للمسلمني‬
‫الفاسدة يف غري دار االسالم ال يصح أن يكون أص ً‬
‫يف الغرب‪ ،‬وبالتايل فال جيوز االس�تناد إىل هذا الرأي لتربير املعامالت املالية والعقود التي تثبت‬
‫حرمتها ما مل تدع لذلك رضورة معتربة‪.‬‬

‫أحكام اإلجارة‬

‫قرر املجلس‪:‬‬
‫وبخصوص أحكام اإلجارة‪ّ ،‬‬
‫أوال‪ّ :‬‬
‫أن عق�د اإلجارة الواردة عىل منافع األعيان (املس�اكن‪ ،‬املحالت‪ ،‬املعدات‪ ،‬وس�ائل‬
‫النقل) يمكن االستفادة منه من خالل‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلجارة التشغيلية‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلج�ارة التمويلي�ة‪ ،‬وذلك من خلال عقد اإلجارة م�ع الوعد بالتملي�ك (اإلجارة‬
‫املنتهية بالتمليك)‪.‬‬

‫ج‪ -‬الصك�وك اإلسلامية اخلاصة باإلجارة‪ ،‬حي�ث تعترب من أكثر أن�واع الصكوك مرونة‬
‫وضبط ًا‪.‬‬

‫ثاني� ًا‪ :‬عقد اإلجارة الواردة عىل العمل واخلدمات (إجارة األش�خاص) يمكن االس�تفادة‬
‫منه من خالل‪:‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪56‬‬

‫اخلدمات التعليمية‪ ،‬حيث يتم االتفاق بني املؤسسة املالية املمولة هلذه ِ‬
‫اخلدمات‪،‬‬ ‫أ‪ -‬متويل ِ‬

‫اخلدمة التعليمية من خالل األوصاف‬ ‫ومؤسسات التعليم (اجلامعة‪ ،‬املعهد‪ ،‬املركز)‪ ،‬عىل حتديد ِ‬

‫الدقيق�ة والثمن والزمن‪ ،‬وما يتعلق هبا‪ .‬ثم تقوم املؤسس�ة املالي�ة بتقديم هذه اخلدمة عن طريق‬
‫املرابحة يف املنافع‪ ،‬وجيوز أن يبدأ االتفاق بني طالب اخلدمة واملؤسسة املالية املمولة‪ ،‬يتم االتفاق‬
‫بينهام وبني مؤسسة التعليم‪.‬‬
‫ب‪ -‬متويل ِ‬
‫اخلدمات الصحية بإحدى الطريقتني السابقتني‪.‬‬

‫ثالث� ًا‪ :‬جي�وز أن تكون اإلجارة واردة يف احلاالت الس�ابقة عىل عني معين�ة‪ ،‬أو موصوفة يف‬
‫الذم�ة‪ ،‬وعلى خدمة معينة أو موصوف�ة يف الذمة‪ ،‬ما دامت األوصاف ت�ؤدي إىل الضبط وعدم‬
‫النزاع واخلالف‪.‬‬

‫رابع� ًا‪ :‬جي�وز إب�رام عقود اإلج�ارة لعدة أش�خاص عىل منفع�ة معينة ليشء واح�د‪ ،‬ومدة‬
‫حمددة‪ ،‬دون تعيني زمن معني لش�خص معني‪ ،‬بل حيق لكل منهم اس�تيفاء املنفعة يف الزمن الذي‬
‫يت�م ختصيص�ه له عند االس�تخدام تبع ًا للع�رف (‪ ،)Time Sharing‬وهذه احلال�ة تعود يف الفقه‬
‫اإلسالمي إىل املهايأة الزمنية يف استيفاء منفعة العني املؤجرة‪.‬‬

‫املس�تأجر من ذلك العقد أو القانون الس�ائد‬


‫َ‬ ‫خامس� ًا‪ :‬جيوز التأجير من الباطن إذا مل يمنع‬
‫يف‪ ‬البلد‪.‬‬

‫سادس ًا‪ :‬يشرتط لصحة عقد اإلجارة ما ييل‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون للعاقدين أهلية األداء‪.‬‬

‫‪ -2‬أن تكون صيغة العقد (القول والكتابة) تتوافر فيها رشوط التوافق والتواصل‪.‬‬

‫‪ -3‬أن تك�ون األج�رة حمددة معلوم�ة ال تبقى معها جهالة مؤدية إىل الن�زاع‪ ،‬وجيوز ربطها‬
‫بم�ؤرش معل�وم (مثل اليبور) بأن يتفق الطرفان عىل أن األج�رة املتغرية مرتبطة باليبور زائد ًا أو‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪57‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ناقص� ًا‪ ،‬وجي�وز كذلك حتديد األج�رة يف اإلجارة الواردة عىل العمل بمبلغ يومي أو ش�هري أو‬
‫سنوي‪ ،‬وربطه ربط ًا قياسي ًا بمؤرش التضخم الذي تصدره الدولة يف كل فرتة‪.‬‬

‫‪ -4‬أن تك�ون املنفع�ة معلوم�ة‪ ،‬إم�ا بتعيني حمل العق�د (العني أو الش�خص)‪ ،‬أو أن تكون‬
‫اإلج�ارة واردة عىل عني موصوفة يف الذمة‪ ،‬ويف هذه احلالة جيب أن تكون الصفات حتقق العلم‬
‫النايف للجهالة املؤدية للنزاع‪.‬‬

‫‪ -5‬أن تكون املنفعة غري حمرمة رشع ًا‪.‬‬

‫‪ - 6‬أن تكون مقدور ًا عىل استيفائها‪.‬‬

‫‪ -7‬أن حتدد‪ ،‬إما بالزمن‪ ،‬أو بإنجاز العمل‪.‬‬

‫سابع ًا‪ :‬ال مانع رشع ًا من إجارة املشاع للرشيك‪ ،‬ومن كون األجرة ببعض الناتج من عمل‬
‫األجري‪ ،‬كتأجري السيارة بنصف أجرهتا املحصلة‪.‬‬

‫ثامن� ًا‪ :‬ال مانع رشع ًا من توقيت عقد اإلجارة‪ ،‬ب�أن يتم العقد ويربط التأجري بمدة الحقة‪،‬‬
‫كأن يقول‪ :‬أجرتك بيتي‪ ،‬أو سياريت‪ ،‬بعد ستة أشهر‪ ،‬تبدأ من يوم كذا وملدة كذا‪.‬‬

‫أكملت هذا‬
‫َ‬ ‫تاس�ع ًا‪ :‬ال مان�ع رشع� ًا من تعليق اإلجارة بنوعين من العمل‪ ،‬بأن يق�ول‪ :‬إن‬
‫العمل يف شهر فلك ألف‪ ،‬مثالً‪ ،‬وإن أكملته يف شهرين فلك نصفه‪ ،‬أو أن يقول‪ :‬إن أكملت هذا‬
‫العمل باملواصفات املحددة فلك ألف‪ ،‬وإن أكملته بمواصفات أخرى فلك نصفه‪ ،‬مثالً‪.‬‬

‫عارش ًا‪ :‬أوجبت الرشيعة التزامات عىل رب العمل وعىل العامل‪:‬‬

‫واجبات رب العمل‪:‬‬

‫‪ -1‬دف�ع األج�رة حس�ب االتف�اق‪ ،‬أو بع�د ف�راغ العم�ل‪« :‬أعط�وا األجري أج�ره قبل أن‬
‫جيف‪ ‬عرقه»‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪58‬‬

‫‪ -2‬تزويد العامل بمستلزمات عمله حسب االتفاق‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم تكليفه بام ال يطيقه‪.‬‬

‫‪ -4‬منحه اإلجازات حسب االتفاق أو حسب ما ينص عليه قانون العمل‪.‬‬


‫‪ -5‬توفري ِ‬
‫اخلدمات الصحية والتأمني الصحي‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬حسب االتفاق‪ ،‬أو حسب ما‬
‫ينص عليه قانون العمل‪.‬‬

‫‪ -6‬االلتزام بقوانني العمل ولوائحه امللزمة يف الدولة‪.‬‬

‫واجبات العامل‪:‬‬

‫‪ -1‬إنجاز العمل عىل الوجه املطلوب املتفق عليه‪.‬‬

‫‪ -2‬ع�دم الغي�اب ع�ن العمل أثناء فترة العمل إال بإج�ازة من صاحب العم�ل‪ ،‬أو لعذر‬
‫طارئ مرشوع‪.‬‬
‫‪ِ -3‬‬
‫احلفاظ عىل ما حتت رعايته من آالت وأدوات ومعدات وأعامل‪.‬‬

‫‪ - 4‬االلتزام بأخالقيات األمانة وعدم نرش أرسار العمل واإلتقان واإلخالص‪.‬‬

‫‪ -5‬االلتزام بقوانني العمل ولوائحه اخلاصة بالعامل يف الدولة التي يعمل فيها‪.‬‬

‫حادي عرش‪ :‬عقد اإلجارة ِ‬


‫ملزم للطرفني‪ ،‬ال ينفسخ إال يف احلاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬توافق الطرفني عىل الفسخ (اإلقالة)‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلخالل بااللتزامات الناجتة عن العقد‪.‬‬

‫‪ -3‬ظهور عيب مؤثر يف العني املستأجرة أو مانع يف األجري‪.‬‬

‫‪ -4‬الظروف القاهرة‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪59‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫ثاين عرش‪ :‬عقد اإلجارة ينتهي بام ييل‪:‬‬

‫‪ -1‬انتهاء مدة العقد‪ ،‬أو العمل‪.‬‬

‫املعي‪.‬‬
‫‪ -2‬موت العامل نَّ‬

‫‪ -3‬فوات حمل املنفعة‪.‬‬


‫القروض الطالبية‬

‫أ ّما بخصوص القروض الطالبية‪ ،‬فقد ّقرر املجلس أنّه جيوز للطلبة املسلمني يف أوروبا أن‬
‫يس�تفيدوا من القروض الطالبية الت�ي تقدمها الدول األوربية ملواطنيها‪ ،‬وأن يس�تعينوا هبا عىل‬
‫س�داد األقساط الدراس�ية وتكاليف املعيشة الطالبية‪ ،‬إذا كانت تلك القروض بغري زيادة ربوية‬
‫مربوطة بمؤرش معدل تكاليف املعيشة‪ ،‬وذلك لآليت‪:‬‬

‫‪ -1‬القروض الطالبية املذكورة حتقق أهنا خالية من الزيادة الربوية من حيث األصل‪.‬‬

‫‪ -2‬القوانين املنظمة لعملية جباية األقس�اط من الطالب تراعي ح�ال الطلبة ومصلحتهم‬
‫وقدرهت�م على الس�داد‪ ،‬فالطالب ال يكل�ف بدفع األقس�اط إإل بعد حصوله على عمل بدخل‬
‫متوسط‪ ،‬ثم تؤخذ منه األقساط وفق ًا للنظام الرضيبي الذي يراعي النسبة مع دخل الفرد‪ ،‬وغري‬
‫ذلك مما يصب يف مصلحة الطالب املقرتض ال الدولة املقرضة‪.‬‬

‫***‬

‫ ‪http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=32&aid=3151‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪60‬‬

‫اخلامتة‬

‫أفاد البحث أن متويل املنافع واخلدمات الذي يتم من خالل متلك املؤسس�ة املالية للمنفعة‬
‫أو اخلدم�ة وذلك باس�تئجارها من مقدِّ مها بأج�رة حا َّلة ثم تأجريها بأجرة مؤجلة إىل املس�تفيد‬
‫منه�ا بزيادة ربح أن ه�ذه املعاملة جائزة رشع ًا‪ ،‬وبعد بيان مجلة م�ن أحكام اإلجارة‪ ،‬أحلقت هبا‬
‫الضوابط الرشعية التي تصح هبا هذه املعاملة‪ ،‬وذلك يف شتى أنواع اإلجارة بتقسيامهتا املختلفة‪،‬‬
‫وختِم ذلك بذكر أهم اخلطوات التنفيذية إلجارة اخلدمات‪..‬‬‫ُ‬
‫التوصيات‬

‫‪ -‬جي�ب عىل مؤسس�ات اخلدم�ات املالية اإلسلامية أن تضع إطار عمل لسياس�ة ضوابط‬
‫إدارة ش�املة حتدد األدوار والوظائف االستراتيجية لكل من عنارص ضوابط اإلدارة واآلليات‬
‫املعتمدة ملوازنة مسؤوليات اخلدمات املالية اإلسالمية جتاه خمتلف أصحاب املصالح‪.‬‬

‫‪ -‬جيب عىل مؤسسات اخلدمات املالية اإلسالمية أن تتأكد من أن معامالهتا مطابقة ألحكام‬
‫الرشيع�ة اإلسلامية ومبادئها ‪ -‬والتي ترسي على قطاع اخلدمات املالية اإلسلامية وتعتمدها‬
‫السلطات اإلرشافية يف الدولة املعنية‪.‬‬

‫‪ -‬جيب عىل مؤسس�ات اخلدمات املالية اإلسالمية اعتامد اسرتاتيجية استثامر سليمة تتالءم‬
‫مع املخاطر والعوائد املتوقعة ألصحاب حسابات االستثامر …‬

‫‪ -‬جي�ب عىل مؤسس�ات اخلدم�ات املالية اإلسلامية أن تض�ع آلية مناس�بة للحصول عىل‬
‫األحكام الرشعية‪ ،‬وااللتزام بتطبيق الفتاوى وملراقبة االلتزام بالرشيعة يف مجيع نواحي منتجاهتا‬
‫وعملياهتا ونشاطاهتا‪ .‬ويمكن للسلطات اإلرشافية ترتيب اختيار مناسب يضع بعناية الرشوط‬
‫املطلوب�ة قب�ل قيام أي مؤسس�ة خدمات مالية إسلامية بتعيين أي عامل رشيع�ة كعضو يف هيئة‬
‫الرقابة الرشعية التابعة هلا‪ ،‬بام يؤدي إىل تعزيز ثقة اجلمهور يف هيئة الرقابة الرشعية‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪61‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬جي�ب على مؤسس�ة اخلدم�ات املالية اإلسلامية االلت�زام بأح�كام الرشيعة اإلسلامية‬
‫ومبادئه�ا املنص�وص عليها يف قرارات علامء الرشيعة للمؤسس�ة‪ ،‬وجيب عيل املؤسس�ة أن تتيح‬
‫إطالع اجلمهور عىل هذه األحكام واملبادئ‪.‬‬

‫***‬

‫ املصدر‪ :‬موقع جملس اخلدمات املالية اإلسالمية‪http://www.ifsb.org/‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪62‬‬

‫املصادر واملراجع‬
‫‪ -‬اإلجارة عىل منافع األشخاص ـ دراسة فقهية مقارنة ـ يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬وقانون العمل‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬عيل‬
‫حميى الدين القره داغي (بحث مقدم للمجلس األورويب لإلفتاء والبحوث) الدورة الثامنة عرشة‬
‫للمجلس‪ -‬باريس‬

‫‪ -‬أح�كام الق�رآن‪ :‬تأليف‪ :‬أمح�د بن عيل الرازي اجلص�اص‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد صادق قمح�اوي‪ ،‬نرش دار‬
‫إحياء الرتاث العريب ‪ -‬بريوت‬

‫‪ -‬األم‪ :‬تألي�ف اإلم�ام حممد بن إدريس الش�افعي‪ ،‬الطبع�ة األوىل‪ ،‬نرش‪ :‬دار الكت�ب العلمية‪ ،‬بريوت‬
‫‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬اإلنص�اف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ :‬أليب احلس�ن عيل بن س�ليامن امل�رداوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبداهلل‬
‫الرتكي‪ ،‬مطبوع مع املقنع والرشح الكبري‪ ،‬نرش دار هجر‪.‬‬

‫‪ -‬البح�ر الرائ�ق رشح كنز الدقائق‪ :‬تأليف‪ :‬زين الدين بن إبراهي�م بن حممد بن بكر بن نجيم‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة دار املعرفة‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬بدائ�ع الصنائ�ع‪ :‬تألي�ف‪ :‬عالء الدين أيب بكر بن مس�عود الكاس�اين‪،‬النارش‪ :‬دار الكت�اب العريب ‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬التاج واإلكليل‪ :‬أليب عبداهلل حممد بن يوس�ف ابن أيب القاس�م‪ ،‬الش�هري باملواق‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬تبيين احلقائ�ق‪ :‬لفخر الدين عثمان بن عيل الزيلعي الطبع�ة الثانية معادة باألوفس�ت‪ ،‬دار املعرفة ‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬التمويل واس�تثامر األموال يف الرشيعة اإلسلامية‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬حس�ام الدين بن حممد صالح فرفور(بحث‬
‫علمي مقدم للمؤمتر الثاين للمصارف واملؤسسات املالية اإلسالمية حتت شعارالصريفة اإلسالمية‬
‫صريفة استثامرية)‬

‫‪ -‬اجلام�ع ألحكام الق�رآن الكريم‪ :‬أليب عبداهلل حممد ب�ن أمحد األنص�اري القرطبي‪،‬طبعة دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬توزيع‪ :‬مكتبة عباس أمحد الباز ‪ -‬مكة املكرمة‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪63‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬حاشية البجريمي‪ :‬سليامن بن عمر بن حممد البجريمي‪ ،‬املكتبة اإلسالمية‪ ،‬ديار بكر‪ ،‬تركيا‪.‬‬

‫‪ -‬حاش�ية الدس�وقي‪ :‬ملحمد بن عرفة الدس�وقي‪ ،‬املكتبة التجارية الكربى‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‬
‫‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬حاش�ية رد املحتار‪ :‬ملحمد أمني‪ ،‬املعروف بابن عابدين‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‬
‫‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬حاشية قليويب وعمرية عىل املحيل‪ :‬أمحد قليويب (‪1069‬هـ) وأمحد عمرية (‪957‬هـ) مصطفى البايب‬
‫احللبي‪ ،‬ط‪ ،3‬القاهرة ‪ 1375‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬احل�اوي الكبري‪ :‬أليب احلس�ن عيل بن حممد بن حبيب املاوردي البصري‪ ،‬حتقيق‪ :‬عيل حممد معوض‬
‫وعادل أمحد عبداملوجود‪ ،‬الطبعة األوىل النارش‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬دراس�ات يف التموي�ل اإلسلامي‪ :‬د‪ .‬أرشف حمم�د دواب�ه دار السلام‪ ،‬الطبع�ة األوىل القاه�رة‬
‫‪1428‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬الذخرية‪ :‬أيب العباس أمحد بن إدريس الصنهاجي‪ ،‬بالقرايف‪،‬ط‪ 1‬دار الغرب اإلسالمي ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬روضة الطالبني‪ :‬ملحيي الدين حييى بن رشف النووي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -‬س�نن اب�ن ماجه‪ :‬لإلم�ام أيب عبداهلل حممد القزوين�ي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد ف�ؤاد عبدالباق�ي‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫توزيع‪ :‬دار سحنون ‪ -‬تونس‪ ،‬ضمن موسوعة الكتب الستة ورشوحها‪.‬‬

‫‪ -‬س�نن البيهقي (الس�نن الكربى)‪ :‬أليب بكر أمحد بن احلسين البيهقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبدالقادر عطا‪،‬‬
‫نرش‪ :‬مكتبة دار الباز ‪ -‬مكة املكرمة‬

‫‪ -‬س�نن الدارقطني‪ :‬لعيل بن عمر أبو احلس�ن الدارقطني البغدادي‪ ،‬حتقيق‪ :‬الس�يد عبداهلل هاشم يامين‬
‫املدين‪ ،‬نرش‪ :‬دار املعرفة – بريوت‬

‫‪ -‬الرشح الصغري‪ :‬أمحد بن حممد الدردير‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‬

‫‪ -‬رشح منته�ى اإلرادات‪ :‬للش�يخ منص�ور ب�ن يون�س ب�ن إدريس البه�ويت‪ ،‬عامل الكت�ب ‪ -‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة‪ ‬األوىل‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪64‬‬

‫‪ -‬رشح النووي عىل مس�لم‪ :‬لإلمام حميي الدين حييى بن رشف النووي‪ ،‬طبعة دار الفكرنرش وتوزيع‪:‬‬
‫رئاسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد باململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح البخاري‪ :‬لإلمام أيب عبداهلل حممد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬ضمن موس�وعة الس�نة (الكتب‬
‫الستة ورشوحها)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬النارشان‪ :‬دار سحنون ودار الدعوة‪.‬‬

‫‪ -‬صكوك اإلجارة (دراس�ة فقهية تأصيلية تطبيقية)‪ :‬حامد بن حس�ن بن حممد عيل مرية‪ ،‬امليامن للنرش‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1429‬هـ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬

‫‪ -‬صناع�ة اهلندس�ة املالية‪ ،‬نظرات يف املنهج اإلسلامي‪ :‬س�امي الس�ويلم‪ ،‬مركز البح�وث والتطوير‪،‬‬
‫رشكة الراجحي املرصفية لإلستثامر ‪.‬‬

‫‪ -‬عقد اإلجارة مصدر من مصادر التمويل اإلسالمية‪ :‬عبد الوهاب أبو سليامن‪ ،‬دراسة فقهية مقارنة‪،‬‬
‫املعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬جدة‪.‬‬

‫‪ -‬العناي�ة‪ :‬تأليف حمم�د بن حممود بن أمحد احلنفي‪ ،‬مطبوع مع فتح القدي�ر البن اهلامم‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬الفتاوى اهلندية‪ :‬للشيخ نظام ومجاعة من علامء اهلند‪ ،‬النارش‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬فت�ح الب�اري برشح صحيح البخ�اري‪ :‬لإلمام أمحد بن عيل بن حجر العس�قالين الطبعة األوىل عام‪،‬‬
‫نرش مكتبة دار السالم ‪ -‬الرياض ومكتبة دار الفيحاء للطباعة والنرش والتوزيع ‪ -‬دمشق‪.‬‬

‫‪ -‬فت�ح القدي�ر‪ :‬تأليف كامل الدين حممد ب�ن عبدالواحد‪ ،‬املعروف بابن اهلامم‪ ،‬عل�ق عليه وخرج آياته‬
‫وأحاديثه‪ :‬الشيخ عبدالرزاق غالب املهدي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬فقه املعامالت املالية‪ :‬د‪ .‬رفيق يونس املرصي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1428‬هـ دمشق‪.‬‬

‫‪ -‬ال�كايف يف فقه أهل املدينة‪ :‬تأليف أيب عمر يوس�ف ب�ن عبداهلل بن حممد بن عبدالرب القرطبي‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬ال�كايف‪ :‬أليب حممد موفق الدين عبداهلل بن أمحد بن قدامة املقديس‪ ،‬حتقيق‪ :‬زهري الش�اويش‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬النارش‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬وتوزيع‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫‪65‬‬ ‫د‪ .‬عبداحلق محيش‬

‫‪ -‬كش�اف القن�اع على مت�ن اإلقن�اع‪ :‬ملنصور ب�ن يونس ب�ن إدري�س البه�ويت‪ ،‬مكتبة النصر احلديثة‬
‫بالرياض‪.‬‬

‫‪ -‬الكليات‪ :‬أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.‬‬

‫‪ -‬لس�ان الع�رب‪ :‬لإلم�ام العالم�ة أيب الفضل مج�ال الدين حمم�د بن مكرم ب�ن منظ�ور‪ ،‬دار صادر ‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬املبس�وط‪ :‬لش�مس األئم�ة حممد بن أمحد الرسخيس‪ ،‬طبعة معادة باألوفس�ت الن�ارش‪ :‬دار املعرفة ‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬املسند‪ :‬اإلمام أمحد بن حنبل (‪204‬هـ) مؤسسة قرطبة‪ ،‬مرص‪.‬‬

‫‪ -‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬أيب احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،‬دار النرش‪ :‬دار اجليل ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪1420 -‬هـ ‪1999 -‬م‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‬

‫‪ -‬املغرب يف ترتيب املعرب‪ :‬أبو الفتح نارص املطرزي‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب العريب ‪.‬‬

‫‪ -‬املغني‪ :‬تأليف‪ :‬أيب حممد عبداهلل بن أمحد بن قدامة املقديس‪ ،‬حتقيق‪ :‬الدكتور‪ :‬عبداهلل بن عبداملحسن‬
‫الرتك�ي‪ ،‬والدكت�ور عبدالفت�اح حمم�د احلل�و‪ ،‬الطبع�ة األوىل‪ ،‬نشر‪ :‬دار هج�ر للطباع�ة والنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬

‫‪ -‬مغني املحتاج إىل معرفة املنهاج‪ :‬ملحمد بن أمحد الرشبيني اخلطيب‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفكر العريب ‪.‬‬

‫‪ -‬املنتق�ى رشح موط�أ مالك‪ :‬أليب الوليد س�ليامن بن خلف الباجي‪ ،‬طبعة مص�ورة عن الطبعة األوىل‬
‫النارش‪ :‬دار الكتاب العريب ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬مواه�ب اجللي�ل رشح خمترص خلي�ل‪ :‬أليب عبداهلل حممد ب�ن حممد بن عبدالرمحن املغ�ريب‪ ،‬املعروف‬
‫باحلط�اب‪ ،‬ضبط وختريج الش�يخ زكريا عميرات‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الكت�ب العلمية‪ ،‬بريوت ‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬نرش‪ :‬مكتبة دار الباز ‪ -‬مكة املكرمة‪.‬‬

‫‪ -‬املوطأ‪ :‬لإلما مالك بن أنس الطبعة الثانية‪ ،‬نرش‪ :‬دار سحنون‪ ،‬ودار الدعوة‪.‬‬

‫‪ -‬املهذب‪ :‬إبراهيم بن عيل بن يوسف الشريازي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬
‫ضوابط وأحكام « إجارة اخلدمات  املقدمة من املؤسسات املالية اإلسالمية‬ ‫‪66‬‬

‫‪ -‬نتائج األفكار يف كشف الرموز واألرسار‪ :‬شمس الدين بن قودر املعروف بقايض زاده‪.‬‬

‫‪ -‬هناي�ة املحت�اج إىل رشح املنه�اج‪ :‬لش�مس الدين حممد ب�ن أيب العباس أمحد بن محزة الرميل‪ ،‬الش�هري‬
‫بالشافعي الصغري‪ ،‬النارش‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬نيل األوطار رشح منتقى األخبار‪ :‬لإلمام حممد بن عيل الش�وكاين‪ ،‬الطبعة األوىل النارش‪ :‬دار الكلم‬
‫الطيب ‪ -‬بريوت‪ ،‬توزيع‪ :‬دار املغني ‪ -‬الرياض‪.‬‬

‫‪ -‬اهلداية رشح بداية املبتدي‪ :‬أليب احلسن عيل بن أيب بكر املرغيناين‪ ،‬مطبوع مع فتح القدير البن اهلامم‬
‫طبعة‪ ،‬نرش‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬موقع جملس اخلدمات املالية اإلسالمية ‪http://www.ifsb.org‬‬

‫***‬

‫مؤمتر املصارف اإلسالمية  بني الواقع ‬


‫واملمول ‬

You might also like