Professional Documents
Culture Documents
ساره كتاب1 PDF
ساره كتاب1 PDF
النا�شر
دار �أ�سامة للن�شر والتوزيع
ع ّمان- الأ ردن
5658254 : فاك�س5658253 - 5658252 :هاتف
141781 :ب. �ص- مقابل البنك العربي- العبديل:العنوان
Email: darosama@orange.jo
WWW.darosama.net
أنماط الشخصية
وإشكاالت القيادة والتربية
في
العمل اإلسالمي المعاصر
ت�أليف
د .محمد عياش الكبيسي
كنت �أود �أن تقر�أ ألخيك هذا اجلهد املتوا�ضع ..لت�سجل على
هوام�شه بع�ضا مما جتود به قريحتك ال�صافية ..كما كنا نتحاور
ونتجاذب �أطراف العلوم وا آلداب يف م�ساجد ا ألنبار وبغداد،
وكما كنا نتناف�س يف تلك املعاهد واجلامعات وريا�ض العلم
العامرة ،منذ نداوة عودنا حتى كربنا وكربت همومنا.
واليوم وبعد �أن ف ّرق بيننا املوت واغتالتك يد الظالم ا آلثمة ..ف إ�ين
�أهدي إ�ليك ثمرة من بع�ض ما �أ�سهمت بغر�سه ..عهد حمبة
�أبدي ..وعربون لقاء مديد يف ظالل الرحمة إاللهية.
() هو الداعية الدكتور عبد اجلليل الفهداوي الذي ا�ست�شهد يف بغداد بتاريخ
2010/5/5م.
أنـمـاط الشـخـصـيـة
أنـمـاط الشـخـصـيـة
تقديم
-مذكرة دبلوم يف علم حتليل ال�شخ�صية – د عبد اجلليل عبد اللطيف � /ص .2
12أنـمـاط الشـخـصـيـة
تمهيـــدات
-ينظر نظريات املناهج الرتبوية ،د .علي أ�حمد مدكور �ص.83
-ينظر امل� ؤس�ولية أ��سا�س الرتبية ا إل�سالمية ،عبد ال�سالم أالحمر� ،ص ،79ومنظومتنا
الرتبوية �إىل أ�ين؟ عبد املجيد بن م�سعود �ص.83
� -سورة ال�شم�س ،ا آليات من .10-7
أنـمـاط الشـخـصـيـة 17
ثالثة يف �سفر فلي�ؤمروا �أحدهم)() � إذا الإ�سالم دين اجلماعة والعمل
اجلماعي ،ولكن مع و�ضوح هذه ال�ضرورة يف الإ�سالم � إال �أن امل�سلمني
اليوم ومنذ �سقوط اخلالفة وحتى الذين يحملون الهم الإ�سالمي منهم
قد �أخفقوا � إىل حد كبري يف �صناعة النموذج ال�صالح للعمل اجلماعي,
� إذا ا�ستثنينا بع�ض النجاحات اجلزئية ويف م�ساحات جغرافية حمدودة,
ولو �أردنا �أن ن�شري � إىل �أهم مظاهر الإخفاق ف�سنجملها يف الآتي:
• عدم قدرة اجلماعات الإ�سالمية اليوم على ا�ستقطاب طاقات
امل�سلمني املوجودة واملتاحة �أمامهم ،ال من حيث الكم حيث بقي اجلمهور
الأ عظم من امل�سلمني خارج دائرة هذه اجلماعات مع وجود ركيزة
ثقافية عالية ب�أهمية العمل اجلماعي � إىل حد الوجوب العيني ,وال من
حيث النوع حيث �أن غالب ال�شخ�صيات الن�شطة يف جمتمعاتنا �سيا�سيا
�أو ثقافيا �أو اقت�صاديا..الخ هم �أي�ضا خارج دائرة هذه اجلماعات.
• عدم قدرة هذه اجلماعات على � إيجاد �صيغة لاللتقاء
والتعاون ف�ضال عن التوحد واالندماج ! مع �شعور اجلميع ب�ضرورة
التوحد دينيا و�أخالقيا وواقعيا ويكفي �أن كل هذه اجلماعات تردد
قوله تعاىل ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ () .
• االن�شقاقات واالن�شطارات املتكررة فال توجد جماعة � إ�سالمية
واحدة � إال وتتعر�ض لنوع من االن�شقاق واالن�شطار ،وعلى الأ قل ت�سرب
-أ�بو داود واللفظ له ج� 2ص 26والبيهقي وابن خزمية وابن عبد الرب وغريهم .
� -سورة أالنفال ،ا آلية .46
18أنـمـاط الشـخـصـيـة
كثري من الطاقات ورمبا الرواد من دائرة اجلماعة يف الوقت الذي
تكون فيه هذه اجلماعات بحاجة � إىل �أقل القليل وهي تواجه التحديات
اخلارجية الكبرية ومن الغريب �أن جتد رائدا كبريا يف العمل اجلماعي
يحذر ب�شدة من هذه الظاهرة فيكتب كتابه ال�شهري « مت�ساقطون على
طريق الدعوة» والذي ي�صرح فيه �أن هذه الظاهرة ت�صيب ال�صف الأ ول
()
وال�سابقني وامل�ؤ�س�سني!! ثم بعد فرتة يتهم هو باالن�شقاق �أو ال�سقوط!!
ثم حتدث حالة غريبة عن �أخالق العمل الإ�سالمي ،فاملت�ساقطون ه�ؤالء
ال يحبون �أن يظهروا مبظهر املت�ساقطني �أو املن�شقني !! واجلماعة ال تريد
�أن تخ�سر ر�صيد ه�ؤالء الكبري خا�صة يف القواعد واملحيط القريب ،فتن�ش أ�
حالة من املجاملة التي ال ت�شخ�ص اخللل وال تعني على العالج().
• اجلمود والركود ,فكثري من اجلماعات تنطلق بقوة ثم يتال�شى
حما�سها لتنقلب � إىل جماعة روتينية حمافظة على قدر من (الأ خوة
وال�صداقة) البعيدة عن حتقيق الأ هداف اجلليلة التي من �أجلها ت�شكلت
�أجلماعة �أ�صال ،بل قد و�صل اجلمود � إىل حالة من الرتاجع لي�س عن
الأ هداف فح�سب و� إمنا حتى من مالحقة النماذج الأ وىل التي ملعت يف
�سماء اجلماعة !! ومن ينظر مثال � إىل �أ�سماء كبرية مثل (عبد احلميد
-مت�ساقطون على طريق الدعوة /أال�ستاذ فتحي يكن .ومن خالل زيارتي للبنان
ولقائي به – رحمه اهلل -علمت أ�نه �صار بعيدا عن جماعة ا إلخوان امل�سلمني بعد
أ�ن كان املراقب العام لها ،وقد ح�صل مثل هذا لعدد من رموز العمل ا إل�سالمي
كال�شيخ �سعيد حوى أ�نظر له (هذه جتربتي وهذه �شهادتي) والذي ي�صرح فيها
با�ستقالته من كل م ؤ��س�سات اجلماعة .
-أ�نظر :هكذا ظهر جيل �صالح الدين وهكذا عادت القد�س /ماجد الكيالين
�ص.407
أنـمـاط الشـخـصـيـة 19
بن بادي�س ،عمر املختار ،ح�سن البنا� ،سيد قطب ،م�صطفى ال�سباعي،
حممد حممود ال�صواف� ،أبو الأ على املودودي) ثم ينظر � إىل الواقع
اليوم ف� إنه �سيالحظ ك�أن اجلماعات الإ�سالمية قد عقمت عن �صناعة
مثل ه�ؤالء الرجال!! لكن ال�صحيح �أن ه�ؤالء يف الغالب مل ت�صنعهم هذه
اجلماعات و� إمنا هم الذين �صنعوها ! و� إذا كان ه�ؤالء الكبار قد منوا
وكربوا بدوافع ذاتية فكان من املفرت�ض �أن العمل اجلماعي �سيكون
�أقدر على تكوين النماذج الأ كرب لكن احلقيقة جاءت معكو�سة متاما
فاجلماعات هذه حتاول �أن تقلد �صورة ه�ؤالء الرواد الذين �صنعوا
�أنف�سهم ب�أنف�سهم! فكيف تكون قدرة الفرد خارج اجلماعة �أو قبل
اجلماعة �أكرب بكثري من قدرة اجلماعة !!
� إنه من ال�سهل جدا على كل هذه اجلماعات �أن تعلق كل هذه
الإخفاقات على « امل�ؤامرات اخلارجية «لكن هذه مغالطة ال قيمة
لها يف جمال التحليل العلمي ،ف� إذا كانت هذه اجلماعات متيقنة �أن
الواقع �صالح � إىل درجة �أنه �سيحت�ضن هذه اجلماعات � إذا ما املربر
لوجود هذه اجلماعات �أ�صالً؟! � إن هدف اجلماعات الإ�سالمية كلها
هو تغيري هذا الواقع ،ف�إذا ف�شلت يف تغيري هذا الواقع فال يجوز �أن
تعلق ف�شلها على هذا الواقع نف�سه؟ � إن اجلماعات الناجحة هي تلك
التي ت�ستطيع �أن تغري الواقع ال التي تتذرع به� ,أنظر � إىل ما فعله
الر�سول و�أ�صحابه الأ برار فـي اجلزيـرة العــربية ثم الأ قاليم
الكربى ،ثم ما فعله الفاحتون فيما بعد ،وحتى بعد ح�صول النك�سات
الكبرية والتحديات اخلطرية �أيام املغول والهجمات ال�صليبية
املتتالية� ،أما الذي يقول �أنا ال �أ�ستطيع �أن �أغري �شيئا ل�صعوبة الظروف
أنـمـاط الشـخـصـيـة 20
وقوة العدو ..فقد فقَد مربر وجوده كجماعة � إ�صالحية �أو تغيريية.
وال�صحيح هو النظر يف الذات ب�صدق قبل كل �شيء يقول القران
الكرمي ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ
()
ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﮊ
فهذه اجلماعة التي يقودها ر�سول اهلل وفيها �أبو بكر وعمر ي�أمرها
القران �أن تنظر يف نف�سها �أوال للبحث عن �أ�سباب الف�شل �أو امل�صيبة
وكان هذا بعد نك�سة امل�سلمني يف معركة �أحد ,وانظر اليوم � إىل واقع
اجلماعات الإ�سالمية بال ا�ستثناء من منها يتقبل النقد الذاتي ؟
ومن منها �أ�صدر ولو كتيبا �صغريا عن الأ خطاء العملية التي وقعت
فيها خالل جتربتها الطويلة �أو الق�صرية؟
و� إذا �أردنا �أن نطبق املنهج القر�آين ونبد أ� ب�أنف�سنا ف�إنه ميكن
�أن ن�سجل مالحظات كثرية تت�صل بالكفاءة والإدارة وال�شجاعة والعدل
والذي يهمنا هنا �أن ن�سجل ما يتعلق باجلانب النف�سي -كنماذج فقط
-ثم لننظر كم هي م�ساحة الفراغ املرتوكة بال اهتمام وال مراجعة يف
هذا اجلانب الأ �سا�س :
• الكفاءة �أم الوالء؟
جدلية الكفاءة والوالء من اجلدليات املزعجة يف العمل
اجلماعي ،فاجلماعات الإ�سالمية بحكم خربتها املرتاكمة �صارت
تخ�شى من �أ�صحاب الكفاءات لأ نهم يف الغالب يكونون ذوي طموح عال,
وه�ؤالء يف الغالب هم قادة االن�شقاقات و�أ�صحاب امل�شاكل املزعجة يف
-نظريات ال�شخ�صية �ص ،337وهذا ين�سجم مع قول �سكرن�”:إن هدف علم النف�س هو
التنب ؤ� ب�سلوك أالفراد و�ضبطه “�سيكولوجية التعلم /د جابر عبد احلميد جابر
�ص .300
-علم الطباع املدر�سة الفرن�سية �ص .7 -6
28أنـمـاط الشـخـصـيـة
�شحم ويكون بطيء احلركة!! ويقولون :هذا دموي وغالبا ما يكون قف�صه
().
ال�صدري عري�ضا والطبقة الو�سطى من وجهه نامية..الخ
لكن احلقيقة �أنه حينما نتكلم عن علم حمدد فال ميكن �أن نرجع
� إىل البدايات الأ ولية التي ت�صلح كقوا�سم م�شرتكة للكثري من الأ ن�شطة
الب�شرية والثقافات والعلوم الإن�سانية ،ثم � إن غريزة «اجلن�س« مثال �أو
«احلياة» هي حمل ا�شرتاك وت�شابه بني كل الب�شر ،بل وحتى احليوان!
ومن هنا فال ميكن �أن ن�ضع �أمناطا لل�شخ�صية الإن�سانية بناءا على هذه
الغرائز ،وحتى «الأ مزجة« التي حتدث عنها الإغريق مع �أنها �أقرب
– من حيث املبد�أ -من نظريات «الغرائزيني» � إال �أنها ال ميكن ت�صنيفها
كعلم حمدد وقابل للقيا�س والتطبيق لكنها تدلل بال �شك على مدى
اهتمام املجتمع الب�شري ب�أوليات هذا العلم وهذا يعك�س حاجة قدمية
ومتجددة يف هذا املجال دون ريب.
والذي وجدته �أن املدر�سة الفرن�سية قد قطعت �أ�شواطا
متميزة يف هذا العلم ,وقد قدمت هذا العلم بهيكلية متكاملة وم�ستوعبة
لل�شروط املطلوبة يف كل علم وبطريقة منطقية مت�سل�سلة() .وهذا ما
�سنف�صله يف املطلب التايل مع مالحظة – �أين �أبقيت امل�صطلحات التي
ا�ستعملتها هذه املدر�سة بال تغيري لت�سهيل الرجوع � إىل تفا�صيلها يف
م�صادرها الأ �صلية مع �شعوري باحلاجة � إىل تغيري بع�ض امل�صطلحات
مبا ينا�سب اال�ستعمال العربي لكني اكتفيت بالتو�ضيح من خالل الأ مثلة
وال�شرح.
-امل�صدر ال�سابق.
-وقد ا�ستفدت هذا الت�صنيف من كتاب :علم الطباع املدر�سة الفرن�سية ..
29 أنـمـاط الشـخـصـيـة
المقومــات األساسية لتصنيف الطباع
اعتمد الفرن�سيون ثالثة �أ�س�س يف ت�صنيف الطباع ,وهذه الثالثة
ينبغي �أن تقر أ� بطريقة مت�سل�سلة ،ثم بتزاوج هذه الثالثة يظهر الت�صنيف
التلقائي لأ مناط ال�شخ�صية ,وهي:
�أو ًال -االنفعالية
وهذا امل�صطلح قريب من «الدافعية» امل�ستخدم يف مدار�س
�أخرى() �أبلغ �شخ�صني متفاوتني يف ال�صفات الظاهرة نب أ� تراه مثريا
وال يخ�ص الأ ول دون الآخر وذلك مثل �سقوط طائرة �أو حدوث زلزال
�أو � إعالن حرب فقد جتد �أن الأ ول قد ا�ضطرب وانقطع عن عمله و�أخذ
ي�س�أل بلهف عن �صدقية هذا اخلرب وتداعياته وتف�صيالته ,بينما ترى
الثاين يقابلك بربود ويبقى م�ستمرا بحالته الأ وىل من عمل �أو كالم �أو
جلو�س �أو ا�ستلقاء..الخ
� إن التفاوت هذا بني ال�شخ�صني هو تفاوت يف درجة «االنفعالية»
والواقع �أن النا�س كلهم م�شرتكون بقدر ما من االنفعالية لكنهم متفاوتون
فيما بعد هذا القدر لأ ن «اخلا�صة الأ �سا�سية الأ ولية يف حياة الإن�سان هي
االنفعالية ،فهي الطاقة التي بدونها ال ميكن �أن ت�ستمر احلياة»().
ف�إذا افرت�ضنا �أن و�سط االنفعالية ( )5فان الأ رقام من ()9-6
()
ت�سمى انفعالية بينما الأ رقام من ( )4-1ت�سمى غري انفعالية.
لكن ملاذا كانت االنفعالية هي اخلا�صة الأ �سا�سية الأ وىل؟! وهي
-نظريات ال�شخ�صية �ص .238
-علم الطباع املدر�سة الفرن�سية �ص .45
-أ�نظر ملحق رقم (.)1
30أنـمـاط الشـخـصـيـة
املحرك الأ ول لكل �سلوكيات الإن�سان؟!
� إنك ت�شعر باجلوع �أو العط�ش �أو التعب �أو الإهانة �أو اخلوف..
الخ في�صنع فيك هذا ال�شعور توترا مبقدار -بح�سب طبعك � ،-إن
هذا التوتر هو «االنفعالية» فانظر هل ميكن �أن يكون هناك ت�صرف
ب�شري بدون هذا الدافع؟! يقول هرني موري« :تن�ش أ� احلاجة من
الفعاليات الداخلية مثل اجلوع والعط�ش� ,أو من �أحداث معينة
مهما كان م�صدرها ,فاحلاجة ترفع م�ستوى التوتر الذي يحاول
الكائن �أن يخف�ضه عن طريق � إر�ضاء احلاجة() «و� إذا كانت هذه
احلاجات ال ح�صر لها فهي لي�ست الأ كل وال�شرب واجلن�س فقط
و� إمنا ت�شمل» حاجة االحرتام واملقاومة واالنتماء وال�سيطرة وحب
الظهور واللعب..الخ() ف�إن «االنفعالية» ال حدود لت�أثريها ون�شاطها
ولذلك يقول جولدون البورت �« :إنه من التب�سيط �أكرث من الالزم
اختزال الدافعية � إىل عدد قليل من الدوافع مثل البحث عن اللذة
وال�سلطة والأ من()» وقد حاول � إبرا هام ما�سلو �أن ير�سم هرما
لهذه الدوافع تبد أ� قاعدة الهرم بالدوافع الف�سيولوجية ثم ال�سالمة
والأ من ثم االنتماء ثم االحرتام ثم حتقيق الذات.
لكن الإ�ضافة اجلديرة باالهتمام �أن الدافع الواحد الذي ي�صنع
التوتر املطلوب ل�سد احلاجة قد يتغري» قبل و�أثناء وبعد «�سد احلاجة !!
وي�ضرب البورت مثاال وا�ضحا فيقول« :بع�ض النا�س يندفع جلمع املال
-أ�نظر الفكر الرتبوي والنف�سي عند الغزايل ،د كفاح يحيى الع�سكري �ص .140
� -سورة البقرة ،ا آليتان .262 -261
33 أنـمـاط الشـخـصـيـة
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ () ويف �آية
�أ�شد و�ضوحا يقول الق ـ ـ ـ ــران :ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪﭫﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲ
ﭳ ﭴ ﮊ ().
الإ�سالم � إذا يقر هذه احلاجات بت�صنيفها املادي واملعنوي �أو
الفردي واجلماعي ،لكن الإ�سالم �أ�ضاف م�صطلح ًا جديدا ذا �صلة
وثيقة مبو�ضوعنا هذا �أال وهو «النيـــة» والنية يف تقديري هي نوع من
ال�سلوك القلبي يتو�سط بني الدافعية �أو «االنفعالية» والعمل ! فاالنفعال
للجوع �أو اخلوف �أو الإهانة يتحول � إىل «قرار» قبل اخلطوات العملية
وهذا القرار هو الذي ي�سميه الإ�سالم «النية» وقد رتب عليها ما ي�ستحقه
العاملون من ثواب �أو عقاب ,يقول الر�سول الأ كرم �( إمنا الأ عمال
بالنيات و� إمنا لكل امرئ ما نوى) ().
�أما ملاذا جعل الإ�سالم النية هي مدار اجلزاء مع �أنها ت�أتي
بعد «احلاجة« من حيث الرتتيب املنطقي والطبيعي؟ فما ذاك � إال لأ ن
الإ�سالم يقر �أن احلاجات والغرائز ال ت�ستحق بذاتها ثوابا �أو عقابا لأ نها
لي�ست يف � إرادة الب�شر بخالف النية التي تعد اخلطوة الأ وىل لل�سلوك
الب�شري النابع من � إرادته ,ولهذا فاجلهد ال ينبغي �أن يتوجه لتغيري
-انظر هكذا ظهر جيل �صالح الدين –د ماجد الكيالين �ص.406
� -سورة التوبة ،ا آلية .76-75
39 أنـمـاط الشـخـصـيـة
ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﮊ () وروى م�سلم (عن
حنظلة الأ �سيدي قال وكان من كتّاب ر�سول اهلل قال لقيني �أبو بكر
فقال كيف �أنت يا حنظلة قال قلت نافق حنظلة قال �سبحان اهلل ما
تقول قال قلت نكون عند ر�سول اهلل يذكرنا بالنار واجلنة حتى ك�أنا
ر�أي عني ف�إذا خرجنا من عند ر�سول اهلل عاف�سنا الأ زواج والأ والد و
ال�ضيعات فن�سينا كثريا قال �أبو بكر فو اهلل � إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت
�أنا و�أبو بكر حتى دخلنا على ر�سول اهلل قلت نافق حنظلة يا ر�سول
اهلل فقال ر�سول اهلل وما ذاك قلت يا ر�سول اهلل نكون عندك تذكرنا
بالنار واجلنة حتى ك�أنا ر�أي عني ف� إذا خرجنا من عندك عاف�سنا الأ زواج
والأ والد وال�ضيعات ن�سينا كثريا فقال ر�سول اهلل � أن لو تدومون على ما
تكونون عندي ويف الذكر ل�صافحتكم املالئكة على فر�شكم ويف طرقكم
ولكن يا حنظلة �ساعة و�ساعة ثالث مرات) ().
ثانيا -الفعّالية
يق�صد بالفعالية «:اال�ستعداد الذاتي للعمل» كما تقول املدر�سة
الفرن�سية �أي بغ�ض النظر عن ال�ضغوط والعوامل اخلارجية ,فالفعال
هو ال�شخ�ص الن�شط الذي يرغب يف العمل وال ي�شعر بال�س�أم �أو التعب � إال
نادرا ،وقليل الراحة يكفيه ،ويقابله الالفعّال وهو الك�سول اخلامل الذي
ال يعمل � إال بال�ضغط من قوة خارجية �أو عاطفة �آنية ،ولذا ينبغي التنبه
� إىل �أن كرثة العمل لوحدها ال تعد دليال على الفعالية � إذا كانت نتيجة
-مقالة للدكتور اجلميلي بعنوان (ا إل�شارات القر�آنية �إىل الطبائع الب�شرية) يف املوقع
االليكرتوين (مو�سوعة ا إلعجاز العلمي).
54أنـمـاط الشـخـصـيـة
أنمـاط الشخصية
علم الطباع ب�أ�س�سه التي مرّت بنا يقود � إىل ت�صنيف ثماين لأمناط
ال�شخ�صية ،حيث �أن منط كل �شخ�صية يتحدد من خالل الدرجات التي
ح�صل عليها ال�شخ�ص يف (االنفعالية) و(الفعّالية) و(الرتجيع) وبتزاوج
هذه املقوّمات تظهر �شخ�صية الإن�سان بنمطها املحدد والذي مييزها عن
ال�شخ�صيات الأخرى ،وكما هو ملخ�ص يف اجلدول الآتي :
ومع �أن هذه امل�صطلحات حمل نظر � إال �أين ارت�أيت احلفاظ
عليها ل�سببني الأ ول :لت�سهيل عملية املقارنة بني هذا البحث والأ بحاث
التخ�ص�صية التي د�أبت على ا�ستخدام هذه امل�صطلحات،
55 أنـمـاط الشـخـصـيـة
مف�صلة يف هذا البحث ب�شكل
والثاين� :أن �سمات ال�شخ�صية ّ
واف ،وهذا التف�صيل كفيل ب� إزالة ال�ضباب وحالة االلتبا�س بني هذه
امل�صطلحات.
الشخصيـة الجموحة
اجلموح هو االنفعايل الفعّال ذو الرتجيع البعيد.
تت�سم هذه ال�شخ�صية باحلركة امل�ستمرة والعزم و�سرعة الفهم
وقوة املالحظة واال�ستقالل يف الر�أي ،يهتم باملبادئ والقيم التي ي�ؤمن
بها ،يف�ضل جماالت الفكر وال�سيا�سة والإدارة على اجلهد البدين،
�شغوف بالتاريخ والتجارب القيادية الأ خرى ،غري مكرتث بحاجاته
املادية �أو اجل�سدية اخلا�صة ،له رغبة يف خو�ض التجارب بنف�سه وله
القدرة على اال�ستفادة من �أخطائه و�أخطاء غريه ،يتفاعل مع الأ حداث
بقوة � إىل احلد الذي ترتك ب�صماتها على �شخ�صيته لفرتات طويلة جدا
قد تبقى معه � إىل املوت ،فهو قادر على املوا�صلة واملطاولة بنف�س طويل.
هذه ال�شخ�صية م�ؤهلة ل�صناعة الأ دوار الكبرية ،ولذلك ينبغي
للمجتمع �أن ال ي�سمح له�ؤالء باالن�شغال يف حاجاتهم اخلا�صة وال
بالوظائف �أو الأ عمال التي هي و�سائل لك�سب الرزق � ،إن ه�ؤالء م�ؤهلون
ليكونوا قادة املجتمع ،و� إن املجتمع الذي ال يح�سن اال�ستفادة من هذا
النمط �سيبقى جمتمعا متخلفا ،بل هو لو مل يكن متخلفا يف الأ �صل ملا
�أهدر هذه الطاقات !
نعم هناك خماوف حقيقية من هذا النمط حيث �أن هذه الطاقات
�سالح ذو حدّين فبقدر ما تكون نافعة لنه�ضة املجتمع قد تكون �سببا كذلك
أنـمـاط الشـخـصـيـة 56
لالن�شقاقات والثورات الداخلية ،ولذلك تلج أ� اجلماعات التي تعاين من
هذا الهاج�س � إىل تهمي�ش ه�ؤالء وا�ستبعادهم من �صفها ،لتبقى هي �أي�ضا
مهم�شة وبعيدة عن ريادة املجتمع ،وجتربة بع�ض اجلماعات الإ�سالمية
اليوم وخا�صة التجربة العراقية مثال �شاخ�ص على هذا حيث مل يتمكن
ائتالف (التوافق) الذي ي�ضم احلزب الإ�سالمي العراقي وبع�ض القوى
املتحالفة معه من احل�صول � إال على �ستة مقاعد يف الربملان العراقي
املكوّن من 325مقعدا !! يف انتخابات 2010م.
� إن �أي جمتمع يطمح للنهو�ض ال ميكن � إال �أن ي�ضع خطة مبنية
على �أ�س�س علمية لال�ستفادة من خ�صائ�ص هذا النمط املتميز يف
ال�شخ�صية الإن�سانية ،وميكن هنا �أن ن�شري � إىل بع�ض املقرتحات التي
نراها نافعة بهذا ال�صدد :
-1ال بد �أن يكون �سقف امل�ؤ�س�سة �أو اجلماعة �أعلى و�أو�سع من
� إمكانيات اجلموح ،وهذا ال يكون � إال يف حالتني :وجود قائد فذ كما
ح�صل يف �شخ�ص �صالح الدين الأ يوبي وحممد الفاحت� ،أو وجود قيادة
م�شرتكة م�شكلة من � إمكانيات متفوقة يف جمال تخ�ص�صها بحيث ت�شكل
مبجموعها ف�ضاء وا�سعا �أعلى من � إمكانيات الفرد ،وبعك�س هاتني
احلالتني ف�إن بقاء ال�شخ�صيات اجلموحة داخل هذه اجلماعة غري
م�ضمون ورمبا غري مقبول مهما كانت �أدوات التحكم واالن�ضباط داخل
اجلماعة ،واجلماعة التي ال ت�ستطيع �أن توفر بقياداتها هذا ال�سقف لن
حتتفظ � إال بالأ مناط الأ خرى التي لن تتمكن من �صناعة �أي قدر من
النمو �أو التغيري املطلوب.
-أ�بو داود والبيهقي و أ�حمد وغريهم� ،سنن أ�بي داود ج � 4ص ،122و�سنن البيهقي
الكربى ج � 4ص . 210
-علم الطباع يف املدر�سة الفرن�سية �ص .160
أنـمـاط الشـخـصـيـة 59
نمـاذج الجموحين:
لأ همية هذا النمط ر�أيت �أن نتو�سع يف ت�صنيفه ،وبيان ال�صيغ
التي من املمكن �أن ت�ؤول � إليها هذه ال�شخ�صية بح�سب ا�ستعداداتها
املتنوعة و�ضغوط البيئة واملجتمع املحيط ،حيث ميكن اخت�صار كل هذا
يف النماذج الآتية :
الشخصية العـاطفية
العاطفي هو :االنفعايل الالفعـ ّال ذو الرتجيع البعيد ،مبعنى �أنه
يتح�س�س ويت�أثر بقوة ويحتفظ بذاكرة مديدة لأ حا�سي�سه وت�أثراته فهو ال
ين�سى من �أح�سن �أو �أ�ساء � إليه مثال ،لكنه ال ميتلك الن�شاط لتحويل كل
تلك الت�أثرات � إىل عمل واقعي م�ؤثر ! ولذلك تتحول هذه الأ حا�سي�س و
الت�أثرات � إىل م�شاعر عميقة يف النف�س تقاوم الن�سيان ورمبا تظهر فيما
بعد على �شكل (مذكرات �شخ�صية) �أو (ق�صائد وجدانية) يخاطب
ال�شاعر فيها نف�سه ! ورمبا ي�سعى لن�شر هذه املذكرات �أو الق�صائد � إذا
�أح�س �أن النا�س ينتظرون منه ذلك ،لكنه يف الغالب ال يكلف نف�سه ويدع
الأ مر للقدر فرمبا يعرث على كتاباته هذه �أحد حمبيه فيكفيه م�ؤونة
ذلك.
يتميز العاطفي ب�صفات كثرية منها :ا�ستح�ضار املا�ضي ب�آالمه
و�آماله ،الطموح اخليايل (�أحالم اليقظة) ،املزاج املتقلب (انب�ساط
– انطواء ،فرح – حزن ) ،العالقات املتقلبة ،ال�شك والو�سوا�س ،الك�سل
وقلة الن�شاط ،حمبة ال�صغار واحليوانات الأ ليفة والزهور ،حمبة اخلري
للنا�س خا�صة ال�ضعفاء وكبار ال�سن.
أنـمـاط الشـخـصـيـة 64
ال ميكن اال�ستفادة من هذا ال�صنف يف الوظائف القيادية وال تلك
التي تتطلب �صرامة يف احلكم واملوقف مثل الق�ضاء والإفتاء ،وال ينا�سب
هذا ال�صنف الأ عمال البدنية التي تتطلب قدرا من اجلهد ،وال تلك التي
تتطلب احتكاكا تناف�سيا يف املجتمع كالتجارة ونحوها � ،إن الذي ينا�سب
ه�ؤالء ال�شعر والأ دب ورمبا الوظائف املكتبية وكذلك الأ عمال الإن�سانية
كالطب وال�صيدلة �أو اخلريية كرعاية الأ يتام واملعاقني.
كل الذي يحتاجه العاطفي ليقوم بدوره على �أكمل وجه هو احلب!
�أن يت�أكد �أن جمتمعه يحبه و�أنه يقدر خدماته و� إجنازاته ،وهو بالت�أكيد
لديه القدرة الفائقة على �أن يبادل هذا احلب بحب �أكرب � ،إنه � إن�سان و ّيف
وودود ،يهرب من امل�شاكل واملناكفات املزعجة � ،إنه �سيكنّ كل احلب ملن
�س�أله رقم هاتفه مثال �أو �ضغط على يده عند امل�صافحة �أو طلب منه
�صورة تذكارية �أو قدّم له هدية رمزية � ،إنه يحب من �أ�صدقائه �أن يزوروه
بكرثة وي�س�ألوا عنه ويتابعوا �أخباره.
� إنه ملن املقلق حقا -لو فكّر الدعاة وامل�صلحون � -أن ال ي�شعر
ه�ؤالء بال�سعادة يف جمتمعاتنا الإ�سالمية ،ور�سولنا عليه ال�صالة
وال�سالم قد �أكد وبالتف�صيل كل هذه الو�سائل ال�سهلة والودودة (ال�سالم
وامل�صافحة والزيارة والهدية...الخ ) ،ما معنى �أن يعي�ش كثري من ه�ؤالء
يف جمتمعاتنا وحتى م�ساجدنا وجماعاتنا الإ�سالمية يف توتر و�شقاء ؟
وكل الذي يحتاجونه لإ�سعادهم � إمنا هو �آداب جميلة و�صفات ودودة ال
تكلف � إال القليل القليل لكن اهلل يرتب عليها الثواب والر�ضوان ولنت�أمل
الشخصية العصبيّة
الع�صبي هو االنفعايل الالفعّال ذو الرتجيع القريب ،فهو
�شديد التح�س�س والت�أثر � ،إال �أنه ال ميلك الن�شاط الكايف لتحويل انفعاله
النف�سي � إىل �أفعال ،ومع هذا هو �سريع التقلب ون�سيان املا�ضي ،فالع�صبي
مثال �شديد الغ�ضب ولأ نه قليل العمل فهو يحول هذا الغ�ضب � إىل �صراخ
�أو تهديد دون فعل م�ؤثر ،ولأ نه ال ميلك املطاولة بعيدة النف�س ،ف� إنه ما
-ال�سنن ال�صغرى للبيهقي ج � 6ص ،169والتمهيد البن عبد الرب ج � 21ص . 18
� -صحيح م�سلم ج � 1ص . 74
66أنـمـاط الشـخـصـيـة
يلبث �أن يهد أ� وين�سى ما حدث متاما.
يتميز هذا النمط ب�صفات �أهمها :تقلب حاد يف املزاج ،قلة
الإنتاج والعمل امل�ؤثر ،حب املبالغة والتهويل يف نقل الأ خبار ،حب ال�سفر،
�سهولة تغيري ال�سكن واملهنة وال�صداقات ،الغرية ورمبا احل�سد ال�شديد،
�ضعف التقيّد باملبادئ التي ي�ؤمن بها ،عدم الدقة يف املواعيد ،البذل
� إىل حد الإ�سراف.
يبدو وا�ضحا �أن هذا ال�صنف ال يخ�شى من ردة فعله العملية
حتى يف حالة الغ�ضب بخالف اجلموح �أو الغ�ضبي ،وهذا رمبا بخالف
ما يتبادر للذهن من اال�ستخدام ال�شائع لـكلمة (الع�صبي) لكن غالب
ما يخ�شى منه:
� -1سرعة التقلب يف الوالءات وال�صداقات.
-2عدم القدرة على االلتزام الطويل حتى بقناعاته الفكرية
والقيمية.
-3ت�سببه بالكثري من اللغط وامل�شاكل يف املجتمع الذي يحتك به.
ويف تقديري �أن هذه املخاوف لي�ست بخطرية � إذا �أح�سنا التعامل
معه ،فمثال هذا ال�صنف ال ينفع معه اجلدل لإقناعه ب�صحة الفكرة
واملبد�أ ،و� إمنا ا�ستخدام احلوافز املادية واملعنوية ،وحتى الرتغيب
باجلنة ونعيمها والرتهيب من النار و�سعريها ،ومن هنا ندرك كيف
ظهرت يف املجتمع الإ�سالمي الأ ول �شريحة (امل�ؤلفة قلوبهم) وقطعا هذه
ال�شريحة مل تكن حتركها العقائد واملبادئ بقدر ما حتركها احلوافز
الآنية ،وهذا من خ�صائ�ص املنهج الرتبوي يف الإ�سالم حيث جمع
بني املثالية والواقعية وك�أن الإ�سالم يقر �صراحة بوجود فئة من النا�س
67 أنـمـاط الشـخـصـيـة
يت�أثرون بالقريب العاجل �أكرث من ت�أثرهم بالأ �صول والثوابت.
اختيار الدور املنا�سب لهذا النمط يخف�ض � إىل حد كبري امل�شاكل
املتوقعة ،فهذا النمط ال ي�صلح للوظائف القيادية وال تلك التي تتطلب
ا�ستقرارا طويال ،وال تلك الأ عمال الروتينية التي تبعث يف هذا ال�صنف
امللل وال�س�آمة � ،إن هذا ال�صنف ي�صلح للأ عمال التي تتطلب قدرا من
ال�سفر �أو احلركة ذات املجهود القليل وبع�ض �أعمال الفن والت�صوير،
و�أعمال الن�شر والتوزيع..الخ.
الشخصية اللمفاوية
اللمفاوي هو :الال انفعايل الفعـ ّال ذو الرتجيع البعيد ،فهو قليل
التح�س�س والت�أثر عظيم الن�شاط عميق الذاكرة.
تتميز هذه ال�شخ�صية ب�صفات �أهمها :الهدوء والتفا�ؤل والقدرة
على الرتكيز ،معتدل املزاج ،ال يحب املبالغة والغلو يف �أي جانب ،ال يحب
الظهور وال كرثة الكالم ،لديه القدرة على ال�صرب والكتمان واملطاولة،
متم�سك بقناعاته ومن�سجم مع مبادئه ،غالبا ما يت�صف باحلكمة
وال�صدق واملو�ضوعية.
هذه ال�صفات تر�شح اللمفاوي لأ دوار كبرية ومهمة مثل قيادة
الأ ن�شطة اجلماعية و� إدارة امل�ؤ�س�سات واجلمعيات وال�شركات امل�ستقرة،
ي�صلح ب�شكل متميز للق�ضاء والإفتاء والتعليم وكذلك مراكز البحوث
والدرا�سات وجلان ال�شورى واملراقبة واملتابعة..الخ
ميكن حتديد جوانب القلق �أو ال�ضعف يف هذه ال�شخ�صية
بالنقطتني الآتيتني:
أنـمـاط الشـخـصـيـة 68
الأ وىل :عدم قدرته على � إظهار م�شاعره للآ خرين فهو لي�س ب�شاعر
وال فنان وال يجيد املدح �أو التملق للآ خرين � ،إن �شخ�صيته التي توحي بنوع
من الغمو�ض لقلة انفعاالته ال ت�ؤهله لأ دوار الت�أثري العاطفي �أو الت�سويق
التجاري �أو الدعايات ال�سيا�سية ،وال �شك �أنه � إذا دخل يف هذه املجاالت
ف�إنه �سيف�شل ،ورمبا �سينظر � إليه املحتكون به نظرة �سلبية كاتهامه بالربود
والالمباالة ورمبا بالتكرب والتعايل على الآخرين ،وكل هذا قد ال يكون
�صحيحا ،لكنه يعامل النا�س بال�صيغة التي تن�سجم مع داخله � ،إنه �شخ�صيا
ال ي�شعر باحلاجة لتملق النا�س له �أو مديحهم � إياه � ،إنه � إن�سان عملي م�شدود
لهدفه مرتبط بقناعاته من دون م�شجعات �أو حمفزات.
الثانية :طابع الروتني وت�شابه الأ حوال يف � إدارته وقيادته ،وهذه
م�شكلة حقيقية ،فكثري من اجلماعات والإ�سالمية منها ب�شكل خا�ص
و�ضعت على ر�أ�س هرمها قيادات من هذا النوع يف جمتمعات متغرية
وظروف متقلبة ومتناق�ضة فكانت النتيجة بطء وا�ضح يف احلركة وف�شل
عن مالحقة هذه املتغريات ،ولتربير مثل هذا الف�شل ا�ستعريت الفتات
جميلة لتغطيته مثل (الثبات) وهو م�صطلح جميل � إذا �أطلق على الهوية
واملبد�أ� ،أما � إذا �أطلق على الربامج والو�سائل فيتحول � إىل �سلبية قاتلة،
ما معنى �أن تثبت يف حميط متحرك ؟!
نعم � إن ال�شخ�صية اللمفاوية ت�صلح لقيادة اجلماعات يف الدول
واملجتمعات امل�ستقرة حيث الو�ضع امل�ستقر �سيا�سيا وقانونيا واملعطيات
الوا�ضحة على املدى املنظور ،وهناك احتماالت �ضعيفة جدا حلدوث
مفاج�آت كبرية �أو قوية ،ولذلك تنجح امل�ؤ�س�سات الغربية بقياداتها
اللمفاوية لأ ن هذه القيادات تن�سجم مع البيئة املحيطة فتحقق قدرا
69 أنـمـاط الشـخـصـيـة
من االن�سجام واال�ستقرار ،لكننا حينما ن�ستورد هذه التجربة من الغرب
يف بالدنا املتقلبة ف�إننا �سنعزل �أنف�سنا متاما عن حميطنا و�سنجد
�أنف�سنا خارج الزمان ورمبا حتى املكان ،وال زلت �أذكر بهذا ال�صدد يف
ال�شهر الثامن �سنة 2003م �أي بعد االحتالل الأ مريكي للعراق ب�أ�شهر
قليلة ،وكنت حينها يف مدينة الفلوجة وكانت الفلوجة تغلي و� إذا باحلزب
الإ�سالمي العراقي /فرع الفلوجة ي�ست�ضيف واحدا من قياداته التي
�أم�ضت �شطر حياتها يف الغرب ليلتقي ب�أهل الفلوجة ويقول لهم العبارة
الآتية (نحن ال نثور وال نـُثري وال ن�ستثار) !! رمبا يكون هذا الأ خ داعية �أو
قياديا ناجحا يف الغرب لكنه ف�شل يف �أن يجد لتجربته �أر�ضية ولو �ضيقة.
و� إذا قارنا �شخ�صية اللمفاوي ب�شخ�صية اجلموح ف� إننا �سنجد
�أن اجلموح يتفوق على اللمفاوي ب�سرعة احلركة والتكيّف مع املتغريات
وامل�ستجدات ،والقدرة كذلك على حتقيق القفزات املتنا�سبة مع حركة
الزمن وتناف�س الآخرين يف نف�س امليدان ،ورمبا يكون اجلموح غري
منا�سب للقيادة يف امل�ؤ�س�سات التي تطمح لال�ستقرار يف بيئة م�ستقرة
�أ�صال وهنا ي�أتي دور اللمفاوي ،ولذلك يقال � :إن �أف�ضل امل�ؤ�س�سات هي
التي تبد أ� بقيادة جموحة تو�صلها � إىل امل�ستوى املطلوب ثم ت�سلّم القيادة
ل�شخ�صية ملفاوية حتافظ على املكا�سب املتحققة.
واخلال�صة �أننا نحتاج للجموح يف قيادة امل�ؤ�س�سات النا�شئة وتلك
التي تعمل يف الظروف والأ حوال املتقلبة ،بينما نحتاج للمفاوي يف قيادة
امل�ؤ�س�سات واجلماعات امل�ستقرة والبالغة حد الر�ضا مب�ستواها يف البيئة
البعيدة عن املفاج�آت واالنقالبات.
لي�س هناك عقبات كبرية ملعاجلة �أخطاء اللمفاويني ،فهم
تو�ضح لهم �أخطا�ؤهم بهدوء ف� إذا
مبدئيون عمليون كتومون ،يكفي �أن ّ
اقتنعوا فعال فال عقبة حتول بينهم وبني الت�صحيح � ،إن �شخ�صية
اللمفاوي ال حتتاج �أكرث من الإقناع بخالف ال�شخ�صية الع�صبية
والعاطفية وحتى اجلموحة.
الشخصية الـدموية
الإن�سان الدموي هو :الال� إنفعايل الفع ـ ّال ذو الرتجيع القريب،
فهو قليل التح�س�س والت�أثر ،عظيم احليوية والن�شاط ،غري قادر على
املطاولة والنف�س الطويل.
تتميز هذه ال�شخ�صية ب�صفات كثرية �أهمها :قلة االنفعال كال�شعور
بالغ�ضب املفاجئ �أو الفرح واحلزن املفرطني ،معتدل يف املزاج ،هادئ
ال�صوت ،مهذّب يف تعامله مع النا�س،حمب للريا�ضة ،معتدل يف ملذات
اجل�سد ،عملي من الدرجة الأ وىل ،قادر على حل م�شاكله بال توتر ،يكره
الروتني والعمل الوظيفي املت�شابه الأ حوال ،ال ي�صرب على متطلبات
التنظيم املعقد ،يكره التع�صب ،مت�سامح مع الآخرين لكنه قادر على
املراوغة واملخادعة ،لي�س دائما من�سجما مع قناعاته ومبادئه ،يتنوع يف
�صداقاته ويتجدد وال يحمل وفاء كبريا لأ �صدقاء الطفولة مثال.
� إن هذه ال�شخ�صية ت�شرتك مع اللمفاوي يف كثري من ال�صفات
لكن نقطة اخلالف اجلوهرية هي :عدم القدرة على املطاولة وال�صرب
وهذا ينعك�س على عالقاته ونظرته للوظيفة والأ عمال الأ خرى وال�سبب
الذي �أنتج هذا الفارق � إمنا هو اختالفهما يف الرتجيع.
بعك�س ما يوحي م�صطلح (الدموي) يف ثقافتنا ال�شائعة ف�إن
71 أنـمـاط الشـخـصـيـة
الدموي هنا هو بطل الدبلوما�سية والعالقات العامة والأ دوار ال�سيا�سية
ذات الأ هداف القريبة � ،إن هدوء طبعه الال� إنفعايل ،وا�ستعداده
لن�سيان جراحات املا�ضي و�أخطاء الآخرين ،وحيويته الفائقة ،كل
هذه اال�ستعدادات املجتمعة تقوده ليكون الرجل املنا�سب يف العالقات
(الرباغماتية) الهادفة القريبة الأ هداف� ،أما العالقات العاطفية
احلقيقية فال تنا�سب بالت�أكيد هذه ال�شخ�صية.
� إن �أغلب الإ�شكاالت التي تن�ش أ� من التعامل مع هذه ال�شخ�صية
يعود � إىل:
-1عدم قدرته على االحتفاظ بعالقاته القدمية ،وهذه �سلبية
من ناحية لكن قد تكون � إيجابية من ناحية �أخرى ،حيث لديه القابلية
على ت�شكيل عالقات جديدة ومتنوعة ومن املمكن اال�ستفادة من ذلك يف
جماالت كثرية �أخرى.
-2قلة ال�صرب على العمل الروتيني الرتيب ،ولذلك ينبغي اختيار
الأ عمال التي فيها قدر من احلركة واملرونة وهي الأ خرى كثرية �أي�ضا.
-3العجز عن حب�س النف�س نحو الأ هداف املركزية البعيدة،
وهذه ال تكون � إ�شكالية خطرية � إال عندما ت�سند الأ دوار القيادية املركزية
لهذا النمط ،وميكن تاليف هذا الأ مر بو�ضع الرجل املنا�سب يف املكان
املنا�سب بعد املعرفة العلمية مبعنى الرجل املنا�سب.
� -4ضعف االلتزام مببادئه وقناعاته ،وهذه م�شكلة حقيقية لكنها
لي�ست جديدة وال غريبة ،وقد ر�أينا الر�سول عليه ال�صالة وال�سالم
ي�ستخدم الأ �ساليب التحفيزية املتنوعة ماديا ومعنويا لدفع ه�ؤالء النا�س
نحو الأ هداف املطلوبة منهم ،حيث كل ما حتتاجه هذه ال�شخ�صية
أنـمـاط الشـخـصـيـة 72
املتابعة امل�ستمرة والتحفيز املتكرر لأ نه لي�س لديه القدرة �أن يتذكر دائما
الهدف الأ خروي البعيد الذي ي�سعى له كل م�سلم.
الشخصيـة الخاملة
اخلامل هو :الال انفعايل الال فعـ ّال ذو الرتجيع البعيد ،فهو قليل
التح�س�س والت�أثر ،قليل احليوية والن�شاط ،لديه القدرة الطويلة الختزان
م�شاعره واالحتفاظ بذكرياته و�أحالمه.
يتميز اخلامل ب�صفات كثرية منها :الثبات على �آرائه وعالقاته
القدمية ،ال يحب التغيري والتجديد ،قليل الكالم ،قليل العمل ،حمب
لالقت�صاد ،يكره املفاج�آت ،عازف عن الن�شاطات االجتماعية ،ال يحب
الأ طفال وال احليوانات الأ ليفة ،كثري التحمل وال�صرب ،كثري الأ حقاد ،له
قدرة كبرية على الكتمان.
ي�صنف كثري من النا�س هذا النمط على �أنه �شخ�صية حمافظة
عظيمة الوفاء لقيمها وثوابتها وعالقاتها القدمية ،ورمبا لهذا ال�سبب
توكل � إليهم املهام القيادية الكبرية يف بع�ض اجلماعات الإ�سالمية
خا�صة ! ولو حاولنا حتليل هذه ال�شخ�صية ف� إن �شدة املحافظة هذه نابعة
من �ضعف االنفعالية و�ضعف الفاعلية فهو ال يطلع على الأ فكار والأ �ساليب
اجلديدة وال يتفاعل مع املتغريات واملفاج�آت ،ولي�ست لديه القدرة على
التكيّف مع امل�ستجدات ،يف مقابل ذلك فهو يحتفظ بذاكرة قوية لكل ما
هو قدمي (�أفكار ،ت�صورات ،عالقات� ،أ�ساليب ...الخ) فال يجد نف�سه
� إال يف هذا الإطار ،وحينما ينظر � إىل املواكب املتحركة ميينا و�شماال فهو
ال يرى فيها � إال مغامرات طائ�شة تفتقر � إىل الرزانة والرويّة.
73 أنـمـاط الشـخـصـيـة
� إن الورقة الوحيدة التي بيد هذا النمط هي كونهم (�أهل
ال�سابقة) و (الثابتون على النهج) وا�ستنادهم � إىل مثل هذه املقوالت
يخفي وراءه حاالت كثرية من العجز والتق�صري ،في�سلك �أحدهم هذا
النهج عقودا من ال�سنني فال تلم�س له � إ�ضافة على ما قدمه ال�سابقون
ال يف جمال العلم والثقافة وال يف جمال التنظري والتخطيط وال حتى
على م�ستوى حل امل�شاكل الآنية �أو مواجهة التحديات املحيطة ،ال تكاد
تقر أ� لهم ر�أيا وال فكرا � ،إنهم باخت�صار يعي�شون على � إنتاج الروّاد الأ وائل
وكتاباتهم وجتاربهم.
� إن الدور املنا�سب لهذا النمط بعيد كل البعد عن الأ دوار القيادية،
وكذلك املهام التي تتطلب قدرا من اجلهد البدين �أو قدرا من املرونة
يف احلركة والتكيـ ّف كالدبلوما�سية �أو الريا�ضة والفن � ،إن �أن�سب املهام
له�ؤالء هي املهام الروتينية الرتيبة كالأ عمال الكتابية ورمبا الق�ضاء
و�أقل من ذلك التعليم.
ال توجد خماوف حقيقية من هذا النمط � إذا ا�ستبعدوا عن من�صة
القيادة ،فهم ال يحبون �أ�صال املفاج�آت وال يتوقون لل�شهرة �أو التغيري
� إنهم بحق (ال يثورون وال يثريون وال ي�ستثارون) و� إذا عزل �أحدهم من
من�صبه �أو وظيفته ف�إنه ال ينتقم ولي�ست لديه القدرة على االنتقام ،لكنه
من امل�ؤكد �سيحتفظ ب�أحقاده طويال دون �أن تنتج هذه الأ حقاد عمال
م�ؤثرا ،ولذلك يكون ه�ؤالء مف�ضلني جدا يف اجلماعات التي تعي�ش قلقا
�أمنيا �أو تخاف من الت�صدع والتفكك الداخلي.
كما �أن ه�ؤالء ال يحتاجون � إىل �أدوات التحفيز املتكررة واملتنوعة
والتي يحتاجها غريهم يف العادة ،وبالتايل هم �أقل كلفة ،وال يحتاجون
أنـمـاط الشـخـصـيـة 74
حتى � إىل املراقبة �أو املتابعة من قياداتهم.
الشخصية الهالميّة
الهالمي هو :الال انفعايل الال فع ـ ّال ذو الرتجيع القريب ،فهو
قليل التح�س�س والت�أثر ،قليل الن�شاط� ،سريع الن�سيان ملبادئه و�أهدافه
وم�شاعره!
يت�صف الهالمي ب�صفات متيزه عن غريه منها :االهتمام بغرائزه
وحاجاته املادية القريبة ،ك�سول وم�سـوّف ،ال يعتز ب�صداقاته القدمية
ورمبا ال يتذكرها ،ال يلتزم مببادئه وقناعاته ،ال يقلقه م�ستقبله البعيد
وال يح�سب لأ يام �شيخوخته مثال ،مبذ ّر وم�سرف ،ال يهتم بال�ش�أن العام،
�ضعيف الوالء لقوميته �أو وطنه وحتى �أ�سرته ،لكنه مت�سامح هادئ ال يثري
لغطا يف الو�سط الذي يعي�ش فيه ،مو�ضوعي وواقعي لي�س عنده ما ي�شده
للتع�صب واالنحياز.
يرى املخت�صون بهذا العلم �أن كثريا من الذين ميتهنون الفن
الهابط واملتع اجل�سدية الرخي�صة هم من هذا النمط() � ،إال �أنه ميكن
القول � إن هذا النمط م�ؤهل ملمار�سة �أدوار نافعة حيث هناك �صفات ميكن
�أن تكون � إيجابية بل و�ضرورية لبع�ض الوظائف ،فمثال هذه ال�شخ�صية
قليلة الغ�ضب قليلة الأ حقاد مت�ساحمة مع الآخرين وال�س�ؤال هو �أال ميكن
توظيف هذه ال�صفات بالطريقة النافعة؟
من �أجل �أن نتقدّم خطوة باالجتاه العملي علينا �أن نح�سن
ا�ستخدام هذا العلم لئال ينقلب � إىل مع�ضلة جديدة ت�ضاف مع�ضالت
عملنا الإ�سالمي ،ولأ ين �أعلم �أن هذا املو�ضوع �شديد اخل�صو�صية وبالتاي
هو �شديد احل�سا�سية فال ينبغي تعاطيه بعجلة �أو �سطحية �أو عبثية تذهب
بثمار هذا العلم وتعطي انطباعا �سلبيا عنه ،من �أجل كل ذلك حاولت �أن
�أ�ضع بني يدي القارئ الهادف هذه املالحظات املوجزة:
الأ وىل� :أن هذا العلم له غاية عملية فهو �أ�سمى من مقولة (العلم
للعلم) وهذه الغاية العملية يف الرتبية والتقومي والتوظيف تتطلب �شعور ًا
عالي ًا بامل�س�ؤولية ،ومراقبة اهلل يف �أي مرحلة من مراحل اال�ستفادة من
هذا العلم بد أ� بالت�أ�صيل ال�شرعي كما هي مهمة هذا البحث �أو الت�شخي�ص
ثم العالج يف امليدان وعلى خمتلف ال�صعد.
يف ختام هذا البحث �أود �أن �أ�سجل خال�صة ما تو�صلت � إليه مع
�أهم التو�صيات:
-علم الطباع و� إن كان علم ًا حديث ًا بعنوانه وتبويباته و م�صطلحاته
وقد كان الف�ضل يف كل هذا للمدر�سة الفرن�سية � إال �أن مو�ضوع هذا العلم
موجود مع وجود الإن�سان على هذه الب�سيطة ،فعلماء هذا الفن مل
ي�صنعوا الطبع الب�شري كما �أن علماء النحو مل ي�صنعوا الل�سان العربي
وال املناطقة �صنعوا العقل الإن�ساين ،وعلى هذا فالبحث يف الرتاث
الإن�ساين ،والثقافات املتعددة عن جذور هذا العلم وال�صيغ املنبثقة عنه
يف ال�سلوك الب�شري �أمر م�سوّغ ونافع يف تقومي هذا العلم وتطويره.
� -إن الإ�سالم الذي جعل النف�س الب�شرية حمور التكليف،
وبها تناط مهمة � إعمار الأ ر�ض وحتقيق خالفة اهلل فيها ،قد احتوى
كثريا من املعلومات والتوجيهات التي ت�شكل منهجا متكامال لإ�صالح
النف�س وحملها على ال�سلوك الأ ف�ضل ،ي�ضاف � إىل هذا تعامل الر�سول
امليداين مع النف�س الإن�سانية املختلفة واملتنوعة من �شخ�ص لآخر،
� إن هذا كله ي�شكل ثروة هائلة ممكن �أن تقدم � إ�ضافة متميّزة للرتاث
الإن�ساين يف هذا املجال.
� -إن العلماء امل�سلمني مطالبون اليوم بدرا�سة العمق الإ�سالمي
يف جمال النف�س الب�شرية ومقارنة هذه الدرا�سة باخلربة الإن�سانية
املرتاكمة ،وحماولة ن�سج اللحمة بني درا�ساتنا الإ�سالمية القدمية التي
81 أنـمـاط الشـخـصـيـة
ظهرت على يد حجة الإ�سالم الغزايل وغريه كا�ستجابة لتحديات ذلك
تو�صل � إليه اجلهد الب�شري اليوم ب�أدوات البحث العلميالع�صر وبني ما ّ
املعا�صر.
� -إن هذه الدرا�سات ينبغي �أن ال تبقى يف حدود االهتمامات
ال�شخ�صية لبع�ض الباحثني بل من الأ ف�ضل و�ضع �آليات منا�سبة لبناء
م�شروعنا الإ�سالمي املعا�صر يف كل فروع علم النف�س ومنها “علم
الطباع” و�أقرتح �أن تبادر � إحدى اجلامعات بت�أ�سي�س ق�سم متخ�ص�ص
بالدرا�سات النف�سية و�أن ترفد هذه التجربة مبركز بحوث يالحق
امل�ستجدات ويقدم الدرا�سات الت�أ�صيلية واملقارنة.
� -إن هذا العلم لي�س من نافلة العلوم ،فنحن بحاجة ت�صل � إىل
حد ال�ضرورة لتوظيف اخلربات املرتاكمة ونتائج الأ بحاث الكبرية يف
هذا املجال مبا ينا�سب ثقافتنا وثوابتنا لت�شخي�ص الأ دواء النف�سية
وال�سلوكية على امل�ستوى الفردي واجلماعي ،وحتويل هذه اخلربات
� إىل �ضوابط � إجرائية يف �سيا�سات التوظيف خا�صة يف املهام الإدارية
وامل�س�ؤوليات الكبرية ،وهذا من �شروط النه�ضة التي نن�شدها � ،إذ �أن
املوظف ال يتعامل مع الأ �شخا�ص والأ �شياء ب�شهادته العلمية التي ت�سنم
بها وظيفته بل هو يتعامل مع كل ما حوله ومن حوله بدوافع وحاجات
نف�سية وما مل يتم مراعاة هذا اجلانب ف�سنبقى نواجه م�شاكل متنوعة
من �سوء الإدارة وا�ضطراب العالقة بني الرئي�س واملر�ؤو�س والهدف
املو�ضوع لهما ،كما �أن � إهمال هذا اجلانب يف الطفولة ومراحل الدرا�سة
الأ ولية جتعل الإن�سان يخ�سر �سنوات طويلة من اجلهد ليكت�شف يف نهاية
املطاف �أنه مل يكن قد اختار التخ�ص�ص الذي ينا�سب طبيعته مما يولد
أنـمـاط الشـخـصـيـة 82
عندنا حالة من اثنتني :العمل بدون رغبة وال دافعية� ،أو ترك التخ�ص�ص
هذا والتوجه لعمل �آخر بعيد كل البعد عن تخ�ص�صه الذي �أفنى فيه
عمره وجهده.
-وت�أ�سي�س ًا على ما تقدم ف�إنه ال بد من وجود جلان � إر�شادية
يف كل مدر�سة تعتمد الأ �سلوب العلمي الر�صني لتوجيه الطالب � إىل
التخ�ص�صات التي تنا�سبهم.
-و�أخريا ف�إن هذا البحث ال ميثل � إال خطوة ي�ستح�سن �أن تتبعها
خطوات ال�ستك�شاف �أغوار هذا العلم و�أبعاده النظرية والتطبيقية
ل�صياغة علم النف�س الإ�سالمي بثوب جديد قادر على و�ضع احللول
لإ�شكاالت الع�صر وحتدياته.
واهلل �أ�س�أل �أن يوفقنا لل�صواب و�أن يتقبله منا ،و�أن يغفر لنا
ال�سهو والزلل.
()
ملحق رقم ( )1اختبار االنفعالية
-علم الطباع املدر�سة الفرن�سية �ص 318وقد نقل هذا االختبار عن جا�ستون
برجيه .
أنـمـاط الشـخـصـيـة 85
� -7أت�سيطر عليك فكرة ال قيمة لها؟ �أو و�ساو�س و�شكوك لي�ست عملية؟9..
�أم � إنك ال تعاين من هذه احلالة � إال نادراً؟1............................
� -8أتكون يف بع�ض الأ حيان غري قادر على احلركة �أو الكالم ب�سبب
اخلجل مثال؟9.........................................................
�أم � إن هذا ال يحدث لك � إال نادرا؟5....................................
�أم � إن ذلك مل يقع لك بتاتا ؟1.........................................
� -9أت�شعر يف كثري من الأ حيان ب�أنك تعي�س؟9..........................
�أم � إنك يف العموم را�ض عن حظك ؟ ولو ح�صل لك خالف ما تريد تفكر
باحلل؟1...............................................................
والآن اجمع الدرجات التي ح�صلت عليها ثم اق�سم املجموع على ع�شرة
لتعرف درجة االنفعالية عندك.
والآن اجمع النقاط التي ح�صلت عليها واق�سم املجموع على ع�شرة
لتعرف درجة الفعـ ّالية عندك.
-علم الطباع املدر�سة الفرن�سية �ص 321وقد نقل هذا االختبار عن جا�ستون
برجيه .
أنـمـاط الشـخـصـيـة 89
�أم � إنك يف الغالب تبا�شر �أعمالك دون خطة وا�ضحة؟1.................
-10حيــن تتبنــى ر أ�يــا� ,أت�صر عليـه وتدافـع عنــه وك أ�نــه جــزء مــن
هويتك؟9..............................................................
�أم � إنك ت�ست�سلم لإغراء �أي فكرة جديدة على ح�ساب ر�أيك الأ ول؟1....
والآن اجمع النقاط واق�سم املجموع على ع�شرة لتظهر درجة الرتجيع
عندك.
أنـمـاط الشـخـصـيـة
Zar. And because such as refusal cannot originate
from the religious state of Abu Zar, his manner,
nor his physical attributes, it should most
likely be related to his psychological attributes.
At the same time, since the Prophet did not
advice Abu Zar to change those psychological
qualities, it is most probably that those qualities
were among the unchangeable form of qualities.
This is what we call today ‘The science of
personality’. That is an example among many
others which the researcher attempts to arrange
with an organizing thread in order to discover
the foundations of this science in our Islamic
legacy.
It is not expected from this study to
overstep today’s rules of scientific research.
This is because that these rules– regardless
of their source – are only a classification and
categorization of attributes that essentially
exists along with the existence of mankind.
One can call the attention, for example, to the
eloquence and clarity of Arabic language, such
eloquence and clarity was present before the
development Arabic syntax. The same is the
أنـمـاط الشـخـصـيـة
ABSTRACT
أنـمـاط الشـخـصـيـة