You are on page 1of 17

‫هداية الحيارى‬

‫في جواز قتل السأارى‬

‫في جواز قتل السأارى‬

‫الحمد لله رب العالمين والصلةا والسلما على محمد بن عبدالله المبعوث رحمة للعالمين‬
‫وعلى أصحابه وآله ومن اتبعه إلى يوما الدين ‪.‬‬

‫لقد نفذنا ولله الحمد ما تعهدنا به من إعدام السأسسرى التسسسعة إذا‬


‫لسسم تسسستجب الحكومسسة الروسأسسية لمطلبنسسا ‪ -‬وهسسو تسسسليم أحسسد‬
‫المجرمين المغتصبين لديها ‪ -‬ولكن الذي حزنا له ليس لنهسسم لسسم‬
‫يسّلموا المجرم لنعدمه ‪ ،‬إنما السسذي أدمسسى قلوبنسسا عنسسدما وصسسلتنا‬
‫رسأائل من بعض المسلمين تسسستنكر مسسا قمنسسا بسسه ‪ ،‬وتغلسسظ علينسسا‬
‫القول في ذلك ‪ ،‬ويحتجون لنا بآية انتزعوها من كتاب الله وهم ل‬
‫يعلمون معناها وهي قول الله } فإما من بعد وإما فداءً { وقسسول‬
‫الله تعلى } ول تزر وازرة وزر أخرى { ‪ ،‬وبعضهم احتج علينا بأنه‬
‫يجب علينا أن نلتزم بالمواثيق والعهود الدولية السستي تحسسرم قتسسل‬
‫السأير ‪ ،‬ووجوب مراعاة حقوق النسان ‪ ،‬إلى غير ذلسسك ممسسا ورد‬
‫علينا ‪.‬‬

‫و نكتب هذا اليضاح لنبين فيه مستندنا الشرعي الذي اسأتجزنا به ممما فعلنمماه تجمماه هممؤلءا‬
‫السأرى ‪ ،‬ونسأل الله أن نكون ممن اجتهد فأصمماب ‪ ،‬ولطممول ممما سأنعرضممه فقممد قسمممنا‬
‫اليضاح إلى مبحثين ‪:‬‬

‫الول‪ :‬رد قول من قال يحرما قتل السأير لقول الله } فإما من بعد وإما فداًءءا { ‪.‬‬

‫والمبحث الثاني ‪ :‬رد قول مممن قممال إنممه يجممب علينمما أن نلممتزما بممالمواثيق والعهممود‬
‫الدولية التي تحرما قتل السأير وأنه يجب علينا أن نحترما حقوق النسان ‪.‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬وفيه أربع مسائل ‪:‬‬


‫المسألة الولى ‪ :‬في جواز قتل السأير و الرد على من أنكر علينا بقول الله‬ ‫‪‬‬
‫} فإما من بعد وإما فداءا { وقوله تعالى } ول تزر وازرةا وزر أخرى { ‪.‬‬
‫والمسألة الثانية ‪ :‬في جواز فداءا أسأرى المسلمين بمن عندنا من الكافرين ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والمسألة الثالثة ‪ :‬في جواز مبادلة جيف الكافرين بأسأرى المسلمين أو بجثث‬ ‫‪‬‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫والمسألة الرابعة ‪ :‬في جواز نقل جثث أو أعضاءا الكافرين ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬

‫المسألة الولى‬
‫في بيان جواز قتل السأير والرد على من أنكر علينا بقول‬
‫الله تعالى } فإما من بعد وإما فداء { وبقوله تعلى } ول‬
‫تزر وازرة وزر أخرى {‬

‫إن السأير في السألما قد حضي بتشممريع متكامممل يحفممظ لممه حقمموقه ويردعممه أيضمما ًء عممن‬
‫انتهاك حقوق الناس ‪ ،‬وقد كان فعل رسأول الله صلى الله عليه وسأمملم مممع السأممرى غايممة‬
‫في الحكمة ‪ ،‬فله معاملتا مع السأير تتغير بتغير الظروف وأشخاص السأممرى ‪ ،‬وبممما أننمما‬
‫نؤثر الختصار على الطإالة ‪ ،‬فلن نتطرق إلى أحكاما السأير بشكل كامل ‪ ،‬بل إننمما سأمموف‬
‫نتناول في هذه المسألة ما نحتاجه لبيان الوجه الشرعي من فعلنمما فممي قتممل السأممرى ول‬
‫سأيما التسعة الخيرين ‪ ،‬فنقول وبالله التوفيق والسداد ‪:‬‬

‫للعلماء في السأير أقوال خمسة هي ‪:‬‬

‫القوال الول ‪ :‬قول من قال أن السأير المشرك يقتل بكل حممال ول يجمموز أن يفممادا‬
‫ول يمن عليه ‪ ،‬والناسأخ لجواز المن أو الفداءا في قوله تعالى } فإما من بعد وإما فداًءءا { ‪:‬‬

‫قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكممون لممه أسأممرى حممتى يثخممن فممي الرض { وقمموله تعممالى‬
‫} فإذا انسلخ الشهر الحرما فاقتلوا المشركين حيث وجمدتموهم { وقموله } فشممرد بهممم‬
‫من خلفهم { ‪ ،‬وقالوا إن هذه الياتا وخاصة ما جاءا فممي بممرآءاةا ناسأممخة لممما قبلهمما ‪ ،‬وهممذا‬
‫قول حكي عن قتادةا والضحاك والسدي وابن جريج والعوفي عمن ابمن عب اس وكمثير ممن‬
‫الكوفيين ‪.‬‬

‫وقال عبد الكريم الجوزي ‪ ) :‬كتب إلى أبي بكر فممي أسأممير أسأممر ‪ ،‬فممذكروا أنهممم التمسمموا‬
‫بفدائه كذا وكذا ‪ ،‬فقال اقتلوه ‪ ،‬لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا ( ‪ ،‬وهذا‬
‫القول معارض لما جاءا عن رسأول الله صلى الله عليه وسألم وسأوف نسمموق ممما يعارضممه‬
‫من الدلة في القول الخامس ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬قول من قال إن جميع الكفار من مشركين وكتابيين ل يجوز فممدائهم‬
‫‪ ،‬أو المن عليهم بل يقتلون ‪ ،‬والية المجيزةا للمن والفداءا بقوله } فإما من بعد وإما فممداءا‬
‫{ منسوخة في حق المشركين و الكتابيين ‪ ،‬وهذا القول أعم من القول الول ‪ ،‬وقممالوا إن‬
‫آية المن منسوخة على قول جماعة من العلماءا وأهل النظر ‪ ،‬منهم قتادةا ومجاهد ‪ ،‬قممالوا‬
‫‪ :‬إذا أسأر المشرك لم يجز أن يمن عليه ول أن يفادي به فيرد إلممى المشممركين ‪ ،‬ول يجمموز‬
‫أن يفممادى عنممدهم إل بممالمرأةا لنهمما ل تقتممل ‪ ،‬والناسأممخ لهمما } فمماقتلوا المشممركين حيممث‬
‫وجدتموهم { ‪ ،‬فإذ كانت براءاةا آخر ما نزلت بالتوقيف فمموجب أن يقتممل كممل مشممرك ‪ ،‬إل‬
‫من قامت الدللة على تركه من النساءا والصبيان ‪ ،‬ومن يؤخذ منه الجزية ‪ ،‬وهو المشممهور‬
‫من مذهب أبي حنيفة ‪ ،‬خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين ‪.‬‬

‫ذكر عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادةا } فإما منا بعد وإما فداءا { قال ‪ :‬نسخها } فشرد‬
‫بهم من خلفهم { ‪ ،‬وقال مجاهد ‪ :‬نسخها } فاقتلوا المشركين حيممث وجممدتموهم { وهممو‬
‫قول الحكم ‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬قول من قال أن السأير ل يجوز فيه إل الفممداءا أو المممن ‪ ،‬لقممول اللممه‬
‫تعالى } فإما من بعد وإما فداءا { ‪ ،‬فقالوا آخر ما نزل على رسأول اللممه صمملى اللممه عليممه‬

‫‪2‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫وسألم في شأن السأرى تخييره فيهم بين الممن والفممداءا ول يجمموز التعمدي إلممى غيرهمما ‪،‬‬
‫وقالوا إن الية ناسأخة لما سأواها قاله الضحاك وغيره ‪.‬‬

‫روى الثوري عن جويممبر عممن الضممحاك } فمماقتلوا المشممركين حيممث وجممدتموهم { قممال ‪:‬‬
‫نسخها } فإما منا بعد وإما فداءا { ‪ ،‬وقال ابن المبارك ‪ :‬عن ابن جريج عن عطمماءا } فإممما‬
‫منا بعد وإما فداءا { فل يقتل المشرك ولكن يمن عليه ويفادى كما قال الله عز وجل ‪.‬‬
‫قال أشعث ‪ :‬كان الحسن يكره أن يقتل السأير ويتلو } فإما منا بعد وإما فممداءا { ‪ ،‬وقممال‬
‫الحسن أيضا في الية تقديم وتأخير فكأنه قال فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أزوارها ‪،‬‬
‫ثم قال حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ‪ ،‬وزعم أنه ليمس للمماما إذا حصمل السأمير فمي‬
‫يديه أن يقتله ولكنه بالخيار في ثلثة منازل إما أن يمن أو يفادي أو يسترق ‪ ،‬وهممذا القممول‬
‫مردود لفعل الرسأول صلى الله عليه وسألم بخلف هذه الية بعد نزولها ‪ ،‬ولو سألمنا بقمموةا‬
‫هذا القول فإنه ليس فيه حجة علينا ‪ ،‬لن الحرب لم تضع أوزارها ‪ ،‬ول زالت رحاها دائرةا ‪،‬‬
‫فل حجة لصحاب هذا القول علينا ‪.‬‬

‫القول الرابع ‪ :‬قول من قال ل يكون فداءا ول أسأر إل بعممد الثخممان والقتممل بالسمميف‬
‫لقوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن في الرض { فإذا أسأر بعد ذلك‬
‫فللماما أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره ‪ ،‬وهو قول سأعيد بن جبير ‪.‬‬

‫القول الخامس ‪ :‬قول من قال بأن الماما أو من ينوب عنه مخير فممي السأممرى بيممن‬
‫أربعة أمور إما القتل أو المن أو الفممداءا أو السأممترقاق ‪ ،‬وهممذا هممو قممول مالممك والشمافعي‬
‫وأحمد و جمهور العلماءا ‪ ،‬وهو القول الذي تنتظم فيه الدلة ‪ ،‬ول تتعارض مممع بعضممها ‪ ،‬ول‬
‫نحتاج للقول بالنسخ لعمال كل الدلة في هذا القول ‪ ،‬ولنه همو القممول الممذي عملنما بمه ‪،‬‬
‫لنه أقوى القوال أدلة فسوف نبسط بعض أقوال العلماءا فيه ‪.‬‬

‫قال المام الطبري في تفسير قول الله تعممالى ‪ } :‬فممإذا لقيتممم الممذين كفممروا فضممرب‬
‫الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشمدوا الوثماق فإممما منما بعممد وإممما فمداءا حممتى تضممع الحممرب‬
‫أوزارها ذلك ولو يشاءا الله لنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سأممبيل‬
‫الله فلن يضل أعمالهم { ‪ ) :‬القول في تأويل هذه الية يقول تعالى } فإذا لقيتممم الممذين‬
‫كفروا { بالله ورسأوله من أهل الحرب فاضممربوا رقمابهم ‪ ،‬وقموله } حمتى إذا أثخنتممموهم‬
‫فشدوا الوثاق { يقول حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم فصاروا فممي‬
‫أيديكم أسأرى } فشدوا الوثاق { يقول فشدوهم في الوثاق كيل يقتلوكم فيهربوا منكممم ‪،‬‬
‫وقوله } فإما منا بعد وإما فداءا { يقول فإذا أسأرتموهم بعد الثخان فإما أن تمنمموا عليهممم‬
‫بعد ذلك بإطإلقكم إياهم من السأر ‪ ،‬وتحرروهم بغير عمموض ول فديممة ‪ ،‬وإممما أن يفممادوكم‬
‫فداءا بأن يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم وتخلوا لهم السبيل ( ‪.‬‬
‫حتى قال ‪ ) :‬والصواب من القول عندنا في ذلك – أي في تفسممير اليممة ‪ -‬أن يكممون جعممل‬
‫الخيار في المن والفداءا والقتل إلى الرسأول صلى الله عليه وسألم وإلممى القممائمين بعممده‬
‫بأمر المة ‪ ،‬وإن لم يكن القتل مذكورا ًء في هذه الية لنه قممد أذن بقتلهممم فممي آيممة أخممرى‬
‫وذلك قوله } فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ‪ ..‬الية { ‪ ،‬بممل ذلممك كممذلك لن رسأممول‬
‫الله صلى الله عليه وسألم كذلك كان يفعل فيمن صار أسأيرا ًء في يممده مممن أهممل الحممرب ‪،‬‬
‫فيقتل بعضا ويفادي ببعض ويمن على بعض ‪ ،‬مثل يوما بدر قتل عقبة بن أبممي معيممط وقممد‬
‫أتي به أسأيرا ‪ ،‬وقتل بني قريظة وقد نزلوا على حكم سأ عد وصماروا فمي يمده سأ لما وهمو‬
‫على فدائهم والمن عليهم قادر ‪ ،‬وفادى بجماعة أسأارى المشممركين الممذين أسأممروا ببممدر ‪،‬‬
‫ن على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسأير في يده ‪ ،‬ولم يزل ذلممك ثابتمما مممن سأمميره فممي‬ ‫وم ّ‬
‫أهل الحرب من لدن أذن الله له بحربهم إلى أن قبضه إليه صلى اللممه عليممه وسأمملم دائممما‬
‫ذلك فيهم ‪ ،‬وإنما ذكر جل ثناؤه في هذه الية المن والفداءا فممي السأممارى فخممص ذكرهممما‬
‫فيها لن المر بقتلهما والذن منه بذلك قد كان تقدما في سأائر آي تنزيلممه مكممررا ًء ‪ ،‬فممأعلم‬
‫نبيه صلى الله عليه وسألم بما ذكر في هذه الية من المن والفداءا ماله فيهم مع القتل ( ‪.‬‬
‫) وقوله } حتى تضع الحرب أوزارها { يقول تعالى ذكره فإذا لقيتم الذين كفروا فاضربوا‬
‫رقابهم وافعلوا بأسأراهم ما بينت لكم ‪ ،‬حتى تضع الحرب آثامها وأثقممال أهلهمما المشممركين‬

‫‪3‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫بالله بأن يتوبوا إلى الله من شركهم فيؤمنوا به وبرسأوله ويطيعوه في أمره ونهيممه فممذلك‬
‫وضع الحرب أوزارها ‪ ،‬وقيل حتى تضع الحرب أوزارها والمعنى حممتى تلقممي الحممرب أوزار‬
‫أهلها ‪ ،‬وقيل معنى ذلك حتى يضع المحارب أوزاره ( ‪.‬‬

‫وقال المام القرطبي في تأويممل هممذه اليممة فيهمما خمسممة أقمموال ‪ -‬ثممم سأممردها ورجممح‬
‫الخامس ‪ -‬فقال ‪ ) :‬إن الية محكمة والماما مخير في كل حال ‪ ،‬رواه علي بن أبي طإلحممة‬
‫عن ابن عباس ‪ ،‬وقاله كثير من العلماءا منهم ابن عمر والحسن وعطاءا وهو مذهب مالممك‬
‫والشافعي والثوري والوزاعي وأبي عبيد وغيرهم وهو الختيار ‪ ،‬لن النبي صلى الله عليه‬
‫وسألم والخلفاءا الراشدين فعلوا كل ذلك ‪ ،‬قتل النبي صلى الله عليه وسألم عقبة بممن أبممي‬
‫ن علممى ثمامممة بممن‬ ‫معيط والنضر بن الحارث يوما بدر صبرا ‪ ،‬وفادى سأائر أسأارى بدر ‪ ،‬وم ّ‬
‫أثال الحنفي وهو أسأير في يده ‪ ،‬وأخذ من سألمة بن الكمموع جاريممة ففممدى بهمما أناسأمما مممن‬
‫المسلمين ‪ ،‬وهبط عليه قوما من أهل مكة فأخممذهم النممبي صمملى اللممه عليممه وسأمملم ومممن‬
‫عليهم ‪ ،‬وقد من على سأبى هوازن وهذا كله ثابت في الصحيح وهذا القول يروى عن أهممل‬
‫المدينة والشافعي وأبي عبيد وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبممي حنيفممة والمشممهور عنممه ممما‬
‫قدمناه وبالله عز وجل التوفيق( ‪.‬‬
‫) وقيل معنى الوزار السلح فالمعنى شممدوا الوثمماق حممتى تممأمنوا وتضممعوا السمملح وقيممل‬
‫معنمماه حممتى تضممع الحممرب أي العممداءا المحمماربون أوزارهممم وهممو سأمملحهم بالهزيمممة أو‬
‫الموادعة ‪ ،‬ويقال للكراع أوزار ‪ ،‬قال العشى ‪:‬‬

‫رماحا طإوال وخيل ذكورا‬ ‫وأعددتا للحرب أوزارها‬


‫على أثر الحي عيرا فعيرا‬ ‫ومن نسج داود يحدى بها‬

‫وقيل حتى تضع الحرب أوزارها أي أثقالها والوزر الثقل ‪ ،‬ومنممه وزيممر الملممك لنممه يتحمممل‬
‫عنه الثقال وأثقالها السلح لثقل حملها ‪ ،‬قال ابن العربي قال الحسممن وعطمماءا فممي اليممة‬
‫تقديم وتأخير المعنى فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارهمما فممإذا أثخنتممموهم فشممدوا‬
‫الوثاق ( ‪.‬‬
‫وقال ‪ } ) :‬فضرب الرقاب { ولم يقل فمماقتلوهم لن فممي العبممارةا بضممرب الرقمماب مممن‬
‫الغلظة والشدةا ما ليس في لفظ القتل ‪ ،‬لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورةا وهممو حممز‬
‫العنق وإطإارةا العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه ‪ ،‬قوله تعممالى } حممتى إذا‬
‫أثخنتموهم { أي أكثرتم القتل ‪ ،‬فشدوا الوثاق والوثمماق بكسممر الممواو لغممة فيممه وإنممما أمممر‬
‫بشدةا الوثاق لئل يفلتوا ‪ ،‬فإما منا عليهم بالطإلق من غير فديممة ‪ ،‬وإممما فممداءا ‪ ،‬ولممم يممذكر‬
‫القتل ها هنا اكتفاءا بما تقدما من القتل في صدر الكلما ( أ‪.‬هم مختصرا ًء ‪.‬‬

‫قال الجصاص في أحكاما القرآن ‪ ) : 1‬قال الله تعالى } فإذا لقيتم الذين كفممروا فضممرب‬
‫الرقاب { قال أبو بكر قد اقتضى ظاهره وجوب القتل ل غيممر إل بعممد الثخممان وهممو نظيممر‬
‫قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن فممي الرض { وعممن ابممن عبمماس‬
‫في قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن فممي الرض { قممال ‪ " :‬ذلممك‬
‫يوما بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سألطانهم نزل الله تعالى بعد هممذا فممي‬
‫السأارى } فإما منا بعد وإما فداءا { ‪ ،‬فجعل الله النبي والمؤمنين في السأارى بالخيار إن‬
‫شاءاوا قتلوهم وإن شاءاوا اسأتعبدوهم وإن شاءاوا فادوهم – شك أبو عبيد فممي وإن شمماءاوا‬
‫اسأتعبدوهم – وقال قتل رسأول الله صلى الله عليه وسألم عقبة بممن أبممي معيممط يمموما بممدر‬
‫صبرا " ‪ ،‬قال أبو بكر ‪ :‬اتفق فقهاءا المصار على جواز قتل السأير ل نعلم بينهم خلفا ًء فيه‬
‫‪ ،‬وقد تواترتا الخبار عن النبي صلى الله عليه وسألم في قتله السأير ‪ ،‬منها قتله عقبة بن‬
‫أبي معيط ‪ ،‬والنضر بن الحارث بعد السأر يوما بدر ‪ ،‬وقتل يوما أحد أبا عزةا الشاعر بعد ممما‬
‫أسأر ‪ ،‬وقتل بني قريظة بعد نزولهم على حكم سأعد بن معاذ فحكممم فيهممم بالقتممل وسأممبى‬
‫الذرية ‪ ،‬ومن على الزبير بن باطإا مممن بينهممم ‪ ،‬وفتمح خيممبر بعضمها صملحا وبعضممها عنمموةا ‪،‬‬
‫وشرط على ابن أبي الحقيق أن ل يكتم شيئا فلما ظهر على خيانته وكتمممانه قتلممه ‪ ،‬وفتممح‬
‫مكة وأمر بقتل هلل بن خطل ومقيس بن حبابة وعبدالله بن سأعد بن أبي سأرح وآخرين ‪،‬‬

‫‪.[ 270 -268 / 5 ] 1‬‬

‫‪4‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأسأتار الكعبممة ‪ ،‬ومممن علممى أهممل مكممة ولممم يغنممم‬
‫أموالهم ‪ ،‬وروي عن أبي بكر الصديق يقمول ‪ " :‬وددتا أنمي يموما أتيمت بالفجماءاةا لمم أكمن‬
‫أحرقته وكنت قتلته سأريحا أو أطإلقته نجيحا " ‪ ،‬وعن أبي موسأى انه قتل دهقان السمموس‬
‫بعد ما أعطاه المان على قوما سأماهم ونسي نفسه فلم يدخلها في المان فقتلمه ‪ ،‬فهمذه‬
‫آثار متواترةا عن النبي صلى الله عليه وسألم وعن الصحابة فممي جممواز قتممل السأممير وفممي‬
‫اسأتبقائه ‪ ،‬واتفق فقهاءا المصار على ذلك ( أهم بتصرف ‪.‬‬

‫قال ابن كثير في تفسيره ‪ ) : 2‬قال الشافعي رحمة الله عليه الماما مخيممر بيممن قتلممه أو‬
‫المن عليه أو مفاداته أو اسأترقاقه أيضا ًء ‪ ،‬وهذه المسألة محررةا في علم الفروع وقد دللنا‬
‫على ذلك في كتابنا الحكاما ( ‪.‬‬

‫قال ابن قدامة في المغني ‪ ) : 3‬وإذا سأبى الممماما فهممو مخيممر إن رأى قتلهممم ‪ ،‬وإن رأى‬
‫من عليهم وأطإلقهم بل عوض ‪ ،‬وإن رأى أطإلقهم على مال يأخممذه منهممم ‪ ،‬وإن رأى فممادى‬
‫بهم ‪ ،‬وإن رأى اسأترقهم ‪ ،‬أي ذلك رأى فيه نكاية للعدو وحظا للمسمملمين فعممل ‪ ،‬وجملتممه‬
‫أن من أسأر من أهل الحرب على ثلثة أضرب أحدها‪ :‬النساءا والصممبيان فل يجمموز قتلهممم‬
‫ويصيرون رقيقا للمسلمين بنفس السبي لن النبي صلى الله عليه وسألم نهممى عممن قتممل‬
‫النساءا والولدان ‪ -‬متفق عليه ‪ -‬وكان عليه السلما يسترقهم إذا سأباهم ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقمرون بالجزيمة ‪ ،‬فيخيمر المماما فيهمم‬
‫بين أربعة أشياءا القتل والمن بغير عوض والمفاداةا بهم واسأترقاقهم ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الرجال من عبدةا الوثان وغيرهم ممن ل يقر بالجزيمة فيتخيمر المماما فيهمم بيمن‬
‫ثلثة أشياءا القتل أو المن والمفاداةا ‪ ،‬ول يجوز اسأترقاقهم وعمن أحممد جممواز اسأممترقاقهم‬
‫وهو مذهب الشافعي ‪ ،‬وبما ذكرنا في أهل الكتاب قممال الوزاعممي والشممافعي وأبممو ثممور ‪،‬‬
‫وعن مالك كمذهبنا ‪ ،‬وعنه ل يجوز المن بغير عوض لنه ل مصلحة فيه وإنما يجمموز للممماما‬
‫فعل ما فيه المصلحة ‪ ،‬ولنا على جواز المن والفداءا قول الله تعالى } فإما منمما بعممد وإممما‬
‫فداءا { ‪ ،‬وأن النبي صلى الله عليه وسألم من على ثمامة بن أثممال ‪ ،‬وأبممي عممزةا الشمماعر ‪،‬‬
‫وأبي العاص بن الربيع ‪ ،‬وقال في أسأارى بدر لو كان مطعم بن عدي حيما ثمم سأ ألني فمي‬
‫هؤلءا النتنى لطإلقتهم له ‪ ،‬وفادى أسأارى بدر وكانوا ثلثمة وسأمبعين رجل كمل رجممل منهمم‬
‫بأربعمائة ‪ ،‬وفادى يوما بدر رجل برجلين وصاحب العضباءا برجلين ‪ ،‬وأما القتل فلن النممبي‬
‫صلى الله عليه وسألم قتل رجال بني قريظة وهم بين الستمائة والسممبعمائة ‪ ،‬وقتممل يمموما‬
‫بدر النضر بن الحارث ‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط صبرا ‪ ،‬وقتل أبا غزةا يوما أحد ‪ ،‬وهذه قصممص‬
‫عمت واشتهرتا وفعلها النبي صلى الله عليه وسألم مراتا وهو دليل علممى جوازهمما ‪ ،‬ولن‬
‫كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصملح فمي بعمض السأمرى فمإن منهمم ممن لمه قموةا‬
‫ونكاية في المسلمين ‪ ،‬وبقاؤه ضرر عليهم فقتله أصلح ‪ ،‬ومنهممم الضممعيف الممذي لممه مممال‬
‫كثير ‪ ،‬ففداؤه أصلح ‪ ،‬ومنهم حسن الرأي فممي المسمملمين يرجممى إسأمملمه بممالمن عليممه أو‬
‫معونته للمسلمين بتخليص أسأراهم والدفع عنهم فمالمن عليمه أصملح ‪ ،‬ومنهمم ممن ينتفمع‬
‫بخدمته ويؤمن شره فاسأترقاقه أصلح كالنساءا والصبيان ‪ ،‬والماما أعلم بالمصلحة فينبغي‬
‫أن يفوض ذلك إليه وقوله تعالى } اقتلوا المشركين { عاما ل ينسخ به الخمماص بممل ينممزل‬
‫على ما عدا المخصوص ‪ ،‬ولهذا لم يحرموا اسأترقاقه ‪ ،‬فأما عبدةا الوثان ففي اسأترقاقهم‬
‫روايتان ‪ ،‬إحداهما ل يجوز وهو مذهب الشافعي ‪ ،‬وقال أبمو حنيفمة يجموز فمي العجمم دون‬
‫العرب بناءا على قوله في أخذ الجزية ‪ ،‬ولنا إنه كافر ل يقر بالجزية فلممم يقممر بالسأممترقاق‬
‫كالمرتد وقد ذكرنا الدليل عليه ‪ ،‬إذا ثبممت هممذا فممإن هممذا تخييممر مصمملحة واجتهمماد ل تخييممر‬
‫شهوةا ‪ ،‬فمتى رأى المصلحة في خصلة من هذه الخصال تعينممت عليممه ولممم يجممز العممدول‬
‫عنها ‪ ،‬ومتى تردد فيها فالقتل أولى ‪ ،‬قال مجاهد في أمريممن أحممدهما يقتممل السأممرى وهممو‬
‫أفضل وكذلك قال مالك وقال إسأحاق الثخان أحب إلي إل أن يكون معروفا يطمع به فمي‬
‫الكثير ( أهم ‪.‬‬

‫‪.[174 / 4 ] 2‬‬
‫‪.[179-180 / 9] 3‬‬

‫‪5‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫ورجح قول الجمهور شيخ السألما ابن تيمية فقال في الفتاوى ‪ ) : 4‬فإن الماما إذا خير‬
‫في السأرى بين القتل والسأترقاق والمن والفداءا ‪ ،‬فعليه أن يختار الصلح للمسلمين‬
‫فيكون مصيبا في اجتهاده حاكما بحكم الله ويكون له أجران ‪ ،‬وقد ل يصيبه فيثاب على‬
‫اسأتفراغ وسأعه ول يأثم بعجزه عن معرفة المصلحة ( ‪.‬‬

‫كما اختار شيخ السألما ابن القيم قول الجمهور فقال في زاد المعاد ‪ ) : 5‬كان – أي‬
‫رسأول الله صلى الله عليه وسألم – يمن على بعضهم ويقتل بعضهم ‪ ،‬ويفادي بعضهم‬
‫بالمال ‪ ،‬وبعضهم بأسأرى المسلمين ‪ ،‬وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ( ثم سأاق من‬
‫الدلة ما تقدما ‪.‬‬

‫وقرر ذلك ابن حجر في الفتح ‪ ) : 6‬قوله – أي قول ثمامة بن أثال للرسأول صلى الله‬
‫عليه وسألم عندما كان أسأيرا ًء ‪ -‬أن تقتل تقتل ذا دما وأن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت‬
‫تريد المال فسل منه ما شئت ‪ ،‬فإن النبي صلى الله عليه وسألم أقره على ذلك ولم ينكر‬
‫عليه التقسيم ‪ ،‬ثم من عليه بعد ذلك فكان في ذلك تقوية لقول الجمهور ‪ ،‬أن المر في‬
‫أسأرى الكفرةا من الرجال إلى الماما يفعل ما هو الحظ للسألما والمسلمين ‪ ،‬قال‬
‫الطحاوي وظاهر الية حجة للجمهور ‪ ،‬وكذا حديث أبي هريرةا في قصة ثمامة ‪ ،‬لكن في‬
‫قصة ثمامة ذكر القتل ‪ ،‬وقال أبو عبيد ل نسخ في شيءا من هذه الياتا بل هي محكمة‬
‫وذلك أنه صلى الله عليه وسألم عمل بما دلت عليه كلها في جميع أحكامه فقتل بعض‬
‫الكفار يوما بدر وفدى بعضا ومن على بعض ‪ ،‬وكذا قتل بني قريظة ومن على بني‬
‫المصطلق وقتل بن خطل وغيره بمكة ومن على سأائرهم وسأبى هوازن ومن عليهم ومن‬
‫على ثمامة بن أثال فدل كل ذلك على ترجيح قول الجمهور أن ذلك راجع إلى رأي الماما‬
‫‪ ،‬ومحصل أحوالهم تخيير الماما بعد السأر بين ضرب الجزية لمن شرع أخذها منه ‪ ،‬أو‬
‫القتل أو السأترقاق أو المن بل عوض أو بعوض هذا في الرجال ‪ ،‬وأما النساءا والصبيان‬
‫فيرقون بنفس السأر ويجوز المفاداةا بالسأيرةا الكافرةا بأسأير مسلم أو مسلمة عند‬
‫الكفار ولو أسألم السأير زال القتل اتفاقا ( أهم بتصرف ‪.‬‬

‫وقال السيوطي في الشباه والنظائر ‪ ) : 7‬تصرف الماما على الرعية منوط بالمصلحة‬
‫‪ ،‬هذه القاعدةا نص عليها الشافعي ‪ ،‬وقال منزلة الماما من الرعية منزلة الولي من اليتيم‬
‫‪ ،‬ومنها أنه إذا تخير في السأرى بين القتل والرق والمن والفداءا لم يكن له ذلك بالتشهي‬
‫بل بالمصلحة حتى إذا لم يظهر وجه المصلحة يحبسهم إلى أن يظهر ( أهم بتصرف ‪.‬‬

‫وقال الكاسأاني في بدائع الصنائع ‪ ) : 8‬وأما الرقاب فالماما فيها بين خياراتا ثلثة إن‬
‫شاءا قتل السأارى منهم وهم الرجال المقاتلة وسأبى النساءا والذراري لقوله تبارك‬
‫وتعالى } فاضربوا فوق العناق { وهذا بعد الخذ والسأر لن الضرب فوق العناق هو‬
‫البانة من المفصل ول يقدر على ذلك حال القتال ويقدر عليه بعد الخذ والسأر ‪ ،‬وروي‬
‫أن رسأول الله لما اسأتشار الصحابة الكراما رضي الله تعالى عنهم في أسأارى بدر فأشار‬
‫بعضهم إلى الفداءا وأشار سأيدنا عمر رضي الله عنه إلى القتل فقال رسأول الله لو جاءاتا‬
‫من السماءا نار ما نجى إل عمر أشار عليه الصلةا والسلما إلى أن الصواب كان هو القتل‬
‫‪ ،‬وكذا روي أنه عليه الصلةا والسلما أمر بقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوما‬
‫بدر وبقتل هلل بن خطل ومقيس بن صبابة يوما فتح مكة ولن المصلحة قد تكون في‬
‫القتل لما فيه من اسأتئصالهم فكان للماما ذلك ( أهم‬

‫قال الشوكاني في نيل الوطإار ‪ ) : 9‬ومذهب الجمهور أن المر في السأارى الكفرةا من‬
‫الرجال إلى الماما يفعل ما هو الحظ للسألما والمسلمين ‪ ،‬قال الطحاوي وظاهر الية‬

‫‪.[116 / 34] 4‬‬


‫‪.[3/109] 5‬‬
‫‪.[151-152 / 6] 6‬‬
‫‪.[121 / 1] 7‬‬
‫‪.[119 / 7] 8‬‬
‫‪.[145-147 / 8] 9‬‬

‫‪6‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫يعني قوله تعالى } فإما منا بعد وإما فداءا { حجة للجمهور ‪ ،‬والحاصل أن القرآن والسنة‬
‫قاضيان بما ذهب إليه الجمهور ‪ ،‬فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وآله وسألم المن وأخذ‬
‫الفداءا كما في أحاديث الباب ‪ ،‬ووقع منه القتل فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبة بن أبي‬
‫معيط وغيرهما ‪ ،‬ووقع منه فداءا رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في‬
‫حديث عمران بن حصين ‪ ،‬قال الترمذي بعد أن سأاق حديث عمران بن حصين المذكور‬
‫والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسألم‬
‫وغيرهم ‪ ،‬أن للماما أن يمن على من شاءا من السأارى ويقتل من شاءا منهم ويفدي من‬
‫شاءا ‪ ،‬قال إسأحاق بن منصور قلت لحمد إذا أسأر السأير يقتل أو يفادى أحب إليك قال‬
‫إن قدر أن يفادي فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسأا (‪.‬‬

‫وبنص الشوكاني قال المباركفوري في تحفة الحوذي ‪. 10‬‬

‫وقال العظيم آبادي في عون المعبود ‪ ) : 11‬باب قتل السأير ول يعرض عليه السألما‬
‫من رسأول الله صلى الله عليه وسألم الناس إل أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن‬ ‫أ ّ‬
‫وجدتموهم متعلقين بأسأتار الكعبة ‪ ،‬عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن‬
‫صبابة وعبد الله بن سأعد بن أبي السرح ( أهم ‪.‬‬

‫قال السرخسي في المبسوط ‪ ) : 12‬قال وسأألته – أي أبو حنيفة ‪ -‬عن الرجل يأسأر‬
‫الرجل من أهل العدو هل يقتله أو يأتي به الماما؟ ‪ ،‬قال أي ذلك فعل فحسن ‪ ،‬لن بالسأر‬
‫ما تسقط الباحة من دمه حتى يباح للماما أن يقتله ‪ ،‬فكذلك يباح لمن أسأره كما قبل‬
‫أخذه ‪ ،‬ولما قتل أمية بن خلف بعدما أسأر يوما بدر لم ينكر ذلك رسأول الله صلى الله‬
‫عليه وسألم على من قتله ‪ ،‬وإن أتى به الماما فهو أقرب إلى تعظيم حرمة الماما ‪ ،‬والول‬
‫أقرب إلى إظهار الشدةا على المشركين وكسر شوكتهم فينبغي أن يختار من ذلك ما‬
‫يعلمه أنفع وأفضل للمسلمين ( ‪.‬‬

‫وبعد عرض بعض أقوال العلماءا في ذلك يتبين للمستنكر أن قتلنا للسأرى لم يكن عن‬
‫هوى في أنفسنا ‪ ،‬بل إننا رأينا المصلحة في قتلهم مقابل المطالبة برجل واحد ‪.‬‬

‫ولو قال أحد لنا فما ذنب السأرى التسعة إذا كان ذاك هو المجرم‬
‫والله يقول } ول تزر وازرة وزر أخرى {؟‬

‫نقول إن السأير بوزره اسأتحق القتل ‪ ،‬فإذا كممان اللممه سأممبحانه وتعممالى أجمماز لنما أن نقتممل‬
‫السأير فقط لنه أسأير ‪ ،‬أي لم تكن هناك مؤثراتا أخرى ترجح قتله ‪ ،‬فكيف والحممال هممذه‬
‫بعدما كان قتله بجريرةا غيره أعظم مصلحة ‪ ،‬ونعاملهم بقول الله } واتقوا فتنة ل تصمميبن‬
‫الذين ظلموا منكم خاصة { فنعاقب بعضهم بجريرةا بعضهم أردع لهم وأنكى ‪ ،‬وقد عامممل‬
‫الرسأول صلى الله عليه وسألم رجل ًء بجريرةا قومه ‪.‬‬

‫وقد روى ذلك الحديث مسلم عن عمران بن حصين قال ‪ :‬كانت ثقيف حلفاءا لبني عقيل ‪،‬‬
‫فأسأرتا ثقيف رجلين من أصحاب رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم ‪ ،‬وأسأر أصممحاب‬
‫رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم رجل من بني عقيل ‪ ،‬وأصممابوا معممه العضممباءا فممأتى‬
‫عليه رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم وهو في الوثاق ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يا محمد ! " فأتاه ‪،‬‬
‫فقال ‪ ) :‬ما شأنك ( ‪ ،‬فقال ‪ " :‬بما أخممذتني وأخممذتا سأممابقة الحمماج يعنممي العضممباءا ؟! " ‪،‬‬
‫فقال ) أخذتك بجريرةا حلفائك ثقيف ( ‪.‬‬

‫فلم يكن الرسأول صلى الله عليه وسألم متجاوزا ًء بهذا الفعل فحممال الحممرب تقتضممي مثممل‬
‫هذه الفعال لضمان سألمة جند السألما ‪ ،‬بل إننا ل يمكن أن نحفظ أعراض المسمملمين إل‬

‫‪.[158 / 5] 10‬‬
‫‪.[247-248 / 7] 11‬‬
‫‪.[137-138 / 10] 12‬‬

‫‪7‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫بمثل هذه الفعال ‪ ،‬ولنا مبرراتا أخرى قد ل تتممبين لغيرنمما أن فممي قتممل السأممرى مصمملحة‬
‫راجحة متضحة لنا ‪ ،‬فممإن مننمما عليهممم وقممد فعلنمما لبعضممهم ‪ ،‬فهممذا ممما نممراه يصمملح لبعممض‬
‫الشخاص ‪ ،‬وإن قتلنا فهي مصلحة تقتضي ذلك ‪ ،‬وإن فادينا فالفداءا لبعضهم أصمملح ‪ ،‬ولممم‬
‫نكن مقيدين بفعل واحد تجاه السأرى ‪ ،‬بل إننا نتحرى الصلح لحالنا وحال المسلمين فممي‬
‫السأرى ‪ ،‬ونعمل ما نراه أرجح من الدلة لحال السأير ‪ ،‬فلما تحمر أنوف بعض الناس قبل‬
‫أن ينظروا في دليلنا واسأتدللنا ‪ ،‬ونسأل الله أن نكون ممن عرف الحق وأحسن اتباعه ‪.‬‬

‫المسألة الثانية‬
‫جواز فداءا المسلمين بمن عندنا من أسأرى الكافرين‬

‫قال الشوكاني في نيل الوطإار ‪ ) : 13‬وقد ذهب إلى جواز فك السأير من الكفممار بالسأممير‬
‫من المسلمين جمهور أهل العلممم ‪ ،‬لحممديث عمممران بممن حصممين المممذكور ‪ ،‬وهممو بمماب أن‬
‫السأير إذا أسألم لم يزل ملك المسلمين ‪ ،‬عن عمران بن حصين قال ‪ :‬كانت ثقيف حلفمماءا‬
‫لبني عقيل فأسأرتا ثقيف رجلين من أصحاب رسأممول اللممه صمملى اللممه عليممه وآلممه وسأمملم‬
‫وأسأر أصحاب رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم رجل مممن بنممي عقيممل وأصممابوا معممه‬
‫العضباءا فأتى عليه رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم وهو في الوثاق فقال يمما محمممد‬
‫فأتاه فقال ‪ ) :‬ما شأنك ؟ ( فقال ‪ :‬بما أخذتني وأخممذتا سأممابقة الحمماج ؟ يعنممي العضممباءا ‪،‬‬
‫فقال ‪ ) :‬أخذتك بجريرةا حلفائك ثقيف ( ثم انصرف فناداه فقال ‪ :‬يا محمممد يمما محمممد ! ‪،‬‬
‫فقال ‪ ) :‬ما شأنك ؟ ( ‪ ،‬قال ‪ :‬إني مسلم قال ‪ ) :‬لو قلتها وأنت تملك أمممرك أفلحممت كممل‬
‫الفلح ( ثم انصرف عنه ‪ ،‬فناداه ‪ :‬يا محمد يا محمد فأتاه فقال ‪ ) :‬ما شمأنك ؟ ( ‪ ،‬فقمال ‪:‬‬
‫إني جائع فأطإعمني وظمآن فاسأقني ‪ ،‬قال " ) هذه حاجتك ( ‪ ،‬ففدي بعد بممالرجلين ‪ ،‬رواه‬
‫أحمد ومسلم ( ‪.‬‬

‫وبما أن الدليل واضح وهو نص صحيح صريح في المسممألة فلممن نزيممد علممى ذلممك ‪ ،‬ولكننمما‬
‫أحببنا أن نبين ذلك حتى ل يظن البعض أن مثل هذا الفعل هو " اسأتبزاز " غيممر مشممروع ‪،‬‬
‫بل إن الرسأول صلى الله عليه وسألم فعل ذلك ‪ ،‬وأبقى السأممير عنممده حممتى بعممدما أسأمملم‬
‫لكي يفاديه بأسأممرى المسمملمين ‪ ،‬وقممد كممان يحسممن إليممه ويطعمممه ويسممقيه حممتى أطإلقممه‬
‫برجلين من المسلمين ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة‬
‫في جواز مبادلة جيف الكافرين بأسأرى المسلمين أو بجثثهم‬

‫وفي هذه المسألة ما جاءا عند أحمد والترمذي ‪ 14‬عن ابن عباس رضممي اللممه عنهممما ‪ ) :‬أن‬
‫المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجمل ممن المشمركين ‪ ،‬فمأبى النمبي صملى اللمه عليمه‬
‫وسألم أن يبيعهم إياه ( ‪ ،‬قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريممب ل نعرفممه إل مممن حممديث‬
‫الحكم ‪ ،‬ورواه الحجاج بن أرطإاةا أيضا عن الحكم ‪ ،‬وقال أحمد بن حنبممل بممن أبممي ليلممى ل‬
‫يحتج بحديثه ‪ ،‬وقال محمد بن إسأماعيل بن أبي ليلى صدوق ولكن ل نعرف صحيح حممديثه‬
‫من سأقيمه ول أروي عنه شيئا ‪ ،‬وابن أبي ليلى صدوق فقيه وإنما يهم في السأممناد ‪ ،‬وقممال‬
‫أبو عيسى في موضع آخر بعد أن ذكر بن أبي ليلى وغيره ممن تكلممم فيهممم " فممإذا انفممرد‬
‫أحد من هؤلءا ولم يتابع ‪ ،‬لم يحتج به ‪ ،‬كما قال أحمد بن حنبل ‪ :‬ابن أبي ليلى ل يحتج بممه ‪،‬‬
‫إنما عني إذا انفرد بالشيءا ‪ ،‬وأشد ما يكون إذا لم يحفممظ السأممناد ‪ ،‬فممزاد فممي السأممناد أو‬

‫‪.[8/146-147] 13‬‬
‫‪.[214 / 4] 14‬‬

‫‪8‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫نقص ‪ ،‬أو غير إسأنادا ًء ‪ ،‬أو جاءا بما يغير فيه المعنى " وقد قال أبممو عيسممى عنممه أيضمما ًء فممي‬
‫موضع آخر " ويروي عن ابن أبي ليلى نحو هذا غير شيءا ‪ ،‬كممان يممروي مممرةا هكممذا ومممرةا‬
‫هكذا – يعني السأناد – وإنما جاءا هذا من قبل حفظه ‪ ،‬وأكممثر مممن مضممى مممن أهممل العلممم‬
‫كانوا ل يكتبون ‪ ،‬ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع "‬

‫قال المباركفوري في تحفة الحوذي ‪ ) 15‬باب ما جاءا ل تفادى جيفة السأير الجيفة جثممة‬
‫الميت إذا أنتن ‪ ،‬قاله في النهاية والمراد أنه ل تباع ول تبادل جثة السأير بشيءا من المممال‬
‫‪ ،‬قوله " حدثنا سأفيان " هو الثوري عن ابن أبي ليلى اسأمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي‬
‫ليلى عن الحكم هو ابن عتيبة ‪ ،‬قوله " فأبى النبي صلى الله عليه وسألم أن يممبيعهم " فيممه‬
‫دليل على أنه ل يجوز بيع جيفة المشرك ‪ ،‬وإنما ل يجوز بيعها وأخذ الثمن فيها لنها ميتممة ل‬
‫يجوز تملكها ‪ ،‬ول أخذ عوض عنها وقد حرما الشارع ثمنها وثمن الصناما في حديث جممابر ‪،‬‬
‫وقد عقد البخاري في صحيحه بابا بلفظ طإرح جيممف المشممركين فممي الممبئر ول يؤخممذ لهممم‬
‫ثمن ‪ ،‬وذكر فيه حديث ابن مسعود في دعاءا النبي صلى الله عليه وسألم علممى أبممي جهممل‬
‫بن هشاما وغيره من قريش ‪ ،‬وفيه فلقد رأيتهم قتلوا يوما بدر فألقوا في بئر‪ ،‬قال الحممافظ‬
‫قوله ول يؤخذ لهم ثمن أشار به إلى حديث ابن عباس " أن المشممركين أرادوا أن يشممتروا‬
‫جسد رجل من المشركين فأبى النبي صلى الله عليه وسألم أن يبيعهم " أخرجه الترمممذي‬
‫وغيره ‪ ،‬وذكر ابن إسأحاق في المغازي أن المشركين سأألوا النبي صلى الله عليممه وسأمملم‬
‫أن يبيعهم جسد نوفل بن عبد الله بن المغيرةا وكان اقتحم الخندق فقال النبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسألم " ل حاجة لنا بثمنه ول جسده " فقال ابن هشاما بلغنا عن الزهري أنهممم بممذلوا‬
‫فيه عشرةا آلف ‪ ،‬وأخذه من حديث الباب من جهة أن العادةا تشهد أن أهل قتلممى بممدر لممو‬
‫فهموا أنه يقبل منهم فداءا أجسادهم لبذلوا فيها ما شاءا الله فهذا شاهد لحديث ابن عباس‬
‫‪ ،‬وإن كان إسأناده غير قوي انتهى ‪ ،‬قوله ابن أبي ليلى ل يحتج بحديثه الممخ ‪ ،‬قممال الحممافظ‬
‫في التقريب محمد بن عبد الرحمممن بممن أبممي ليلممى النصمماري الكمموفي القاضممي أبممو عبممد‬
‫الرحمن صدوق سأيءا الحفظ جدا من السابعة انتهى ‪ ،‬قال الحافظ في تهذيب التهممذيب ‪:‬‬
‫قال عبدالله بن أحمد عن أبيه كان سأيءا الحفظ مضطرب الحديث كان فقه ابن أبي ليلى‬
‫أحب إلينا من حديثه ‪ ،‬وقال أبو حاتم عن أحمد بن يونس ذكره زائدةا فقال كان أفقه أهممل‬
‫الدنيا ‪ ،‬وعبد الله بن شبرمة بضم المعجمة وسأكون الموحدةا وضم الراءا ابن الطفيممل بممن‬
‫حسان الضبي أبو شبرمة الكوفي القاضي ثقممة فقيممه مممن الخامسممة ‪ ،‬قمماله الحممافظ فممي‬
‫التقريب وقال في تهذيب التهذيب كان الثوري إذا قيل له من مفتيكم يقول ابن أبي ليلممى‬
‫وابن شبرمة ( ‪.‬‬

‫قال ابن رجب في جامع العلوما والحكم ‪ ) : 16‬ومما نهى عن بيعممه جيممف الكفممار إذا قتلمموا‬
‫خرجه الماما أحمد من حديث ابممن عبمماس رضممي اللممه عنممه قممال " قتممل المسمملمون يمموما‬
‫الخندق رجل من المشركين فأعطوا بجيفته مال فقال رسأول اللممه صمملى اللممه عليممه وآلممه‬
‫وسألم ادفعوا إليهم جيفته فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية " فلم يقبمل منهمم شميئا وخرجمه‬
‫الترمذي ‪ ،‬وخرجه وكيع في كتابه من وجه آخر عن عكرمة مرسأل ثم قال وكيممع الجيفممة ل‬
‫تباع ‪ ،‬وقال حارثة قلت لسأحاق ماتقول في بيع جيف المشركين من المشممركين قممال ل ‪،‬‬
‫وروى أبو عمرو الشيباني أن عليا أتي بالمستورد العجلممي وقممد تنصممر فاسأممتتابه فممأبي أن‬
‫يتوب فقتله فطلبت النصاري جيفته بثلثين ألفا فأبي علي فأحرقه ( ‪.‬‬

‫وسأنتناول هذه المسألة من وجوه ‪:‬‬

‫الوجه الول ‪ :‬هو أن حديث المسألة ليس له إسأناد يحتممج بممه ‪ ،‬وقممد روي مممن طإممرق‬
‫ومدارها على محمد بن عبدالرحمن بممن أبممي ليلممى وعلممى الحجمماج بممن أرطإممأةا ‪ ،‬أممما عبممد‬
‫الرحمن بن أبي ليلى فقد تقدما قول الترمذي والبخاري وأحمد في تضعيفه وقال عنه ابن‬
‫الجوزي في الضعفاءا ‪ ) : 17‬قال عنه شعبه ‪ :‬ممما رأيممت أسأمموأ حفظمما ًء منممه ‪ ،‬وقممال أحمممد ‪:‬‬
‫‪.[308– 307 / 5] 15‬‬
‫‪[1/419] 16‬‬
‫‪[3/76] 17‬‬

‫‪9‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫ضعيف ‪ ،‬وقال مرةا ‪ :‬سأيءا الحفظ مضطرب في الحممديث ( ‪ ،‬وقممال أبممو حمماتم فممي علممل‬
‫الحديث ‪ ) 18‬كان ابن أبي ليلى سأيئ الحفظ ( ‪ ،‬قال الذهبي في ميممزان العتممدال ‪ ) :‬قممال‬
‫كان يحيى يضعف ابن أبي ليلى ومطممرا عممن عطمماءا ‪ ،‬عممن ابممن عبمماس ‪ " :‬إن المشممركين‬
‫أرادوا أن يشتروا جسد رجممل أصمميب يمموما الخنممدق ‪ ...‬الحممديث " حسممنه الترمممذي وقممال‬
‫عبدالحق في أحكامه وابن القطان إسأناده ضعيف ‪ ،‬ومنقطع ل سأماع للحكم مممن مقسممم‬
‫إل لخمسة أحاديث ما هذا منها وضعفاه من جهة ابن أبي ليلى وقول الترمذي أولى ( ‪.‬‬
‫أما الحجاج بن أرطإأةا فقد قال عنه أحمد ‪ ) :‬ل يحتج به ( ‪ ،‬وقال أبو حمماتم ‪ ) :‬يممدلس عممن‬
‫الضعفاءا ( وقد اتفق الحفاظ على تدليسه ‪ ،‬وهذا أمره ظاهر ‪ ،‬وقد عنعن في هذا الحديث‬
‫كما جاءا عند أحمد ‪.‬‬
‫مقسم قيل عنه مدلس وقيل لم يسمع من ابن عباس وقمد عنعمن‬ ‫وله علة أخرى وهي أن ِ‬
‫وقد ضعفه محمد بن سأعيد وقال عنه أبو حاتم ‪ ) :‬صممالح الحممديث ل بممأس بممه ( ‪ ،‬وعنممدما‬
‫سأئل أحمد عن أصحاب ابن عبماس ‪ ) :‬قممال سأممتة ثمم عمدهم ولممم يعمد مقسمم ‪ ،‬قيممل لممه‬
‫ومقسم ؟ قال مقسم دون هؤلءا ( ‪.‬‬

‫وله علة أخرى وهي أن الحكم بن عتيبة الذي روى بكل السأانيد عن مقسم ‪ ،‬لم يثبممت لممه‬
‫سأماع لهذا الحديث وقد قدمنا قول عبدالحق في أحكامه وابن القطان إسأممناده ضممعيف –‬
‫أي حديث الباب ‪ -‬ومنقطع ل سأماع للحكم من مقسم إل لخمسة أحاديث ممما هممذا منهمما"‬
‫وقال عنه النسائي الحكم " مدلس " وقد عنعن في هذا الحديث ولممم يصممرح بالتحممديث ‪،‬‬
‫وقال عبدالله سأمعت أبي يقول ‪ :‬الذي يصحح الحكم ‪ ،‬عن مقسم أربعة أحاديث ‪ :‬حممديث‬
‫الوتر وحديث عزيمة الطلق والفيءا والقنوتا ‪ ،‬ثم قال الله عندما سأئل هل روى غير هممذا‬
‫قال يقولون هي كتاب ‪ ،‬أرى حجاجمما روى عنممه ‪ ،‬عممن مقسممم عممن ابممن عبمماس نحمموا ًء مممن‬
‫خمسين حديثا ًء ‪ ،‬وابن أبي ليلى يغلط فممي أحمماديث مممن أحمماديث الحكممم " وقممال عبممدالله‬
‫وسأمعت أبي مرةا يقول ‪ :‬قال ش عبة " همذه الربعمة المتي يصمححها الحكمم ‪ ،‬سأمماع ممن‬
‫مقسم " ‪.‬‬

‫فإذا كان هذا الحديث ل تقوما بإسأناده حجة فل دليل فيه على حرمممة بيممع جيممف الكممافرين‬
‫على أهليهم إذا احتيج إلى ذلك في الحرب ‪.‬‬

‫الوجه الثاني ‪ :‬قد يقول البعض إن هممذا الحممديث مممع أن إسأممناده ل تقمموما بممه حجممة ‪،‬‬
‫ولكن له شواهد تعضده منها ما جاءا في الصحيحين من إلقمماءا جيممف قتلممى بممدر فممي الممبئر‬
‫والعراض عن بيعها كما فهم البخاري ‪ ،‬ومنها ما ثبت من نهي النبي صلى الله عليه وسألم‬
‫عن بيع الميتة ‪.‬‬

‫فنقول إن كبار الحفاظ كأحمد وابن المديني وغيرهما ‪ ،‬ل يقبلون الشواهد للحممديث إل إذا‬
‫توفرتا في الحديث المراد تقويته بالشواهد شروط ‪ ،‬ومن هذه الشروط أن ل يكون أصل ًء‬
‫في الباب ‪ ،‬وهذا الحديث نعتبره أصل في باب النهي عن بيع جيف الكممافرين لممذويهم فممي‬
‫حال الحرب ‪ ،‬رغم أننا نقول بحرمة بيع الميتة ولكن في السلم و ليس في الحرب ‪ ،‬أما ما‬
‫نريد تحريمه في حال الحرب فيحتاج إلى دليل منفرد يفيد تحريمه في حال الحممرب ‪ ،‬وإذا‬
‫لم يصح حديث ابن عباس ‪ ،‬فيبقى المر في الحرب على أنه مسكوتا عنه ‪ ،‬ول تعمل فيه‬
‫الدلة الخرى التي تفيد تحريممم بيممع الميتممة فممي السمملم ‪ ،‬لن ممما حممرما فممي السمملم ليممس‬
‫بالضرورةا أن يكون محرما ًء في حال الحرب ‪ ،‬ل سأمميما إذا كممان مممما فيممه مصمملحة ظماهرةا‬
‫للجند أو لبلد المسلمين ‪ ،‬والشواهد على جواز فعل المحرممماتا فممي الحممرب كممثيرةا مممن‬
‫السنة ومن فعل الصحابة أيضا ًء ‪ ،‬كتحريق الرسأول صلى الله عليه وسألم لنخل اليهود وهو‬
‫قد نهى عن تحريق الشجر في أحاديث أخرى ‪ ،‬وإباحته الكذب في الحممرب ‪ ،‬وعقممر دواب‬
‫العدو كما فعل علي في غزوةا حنين ‪ ،‬ولبس الحريمر ‪ ،‬والختيمال ‪ ،‬وكمما أذن رسأمول اللمه‬
‫صلى الله عليه وسألم أن يقف الصحابة على رأسأه حرسأا ًء في صلح الحديبيه وهذا ما كممان‬
‫ينكره في غير هذا الموضع لما فيه من تعظيم له ‪ ،‬وقد كتب جند الشاما لعمممر رضممي اللممه‬
‫فروا – أي غطوا أسألحتهم بالحرير – وجدنا ذلممك رعبمما ًء‬ ‫عنه إنا إذا لقينا العدو ورأيناهم قد ك ّ‬

‫‪[251-278] 18‬‬

‫‪10‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫فرون أسألحتهم ‪ ،‬وقممد قممال‬ ‫فروا أسألحتكم ‪ ،‬كما يك ّ‬ ‫في قلوبنا ‪ ،‬فكتب إليهم عمر ‪ :‬وأنتم ك ّ‬
‫شيخ السأملما عنمدما سأمئل عمن لبمس الحريمر لرهماب العمدو قمال فيمه قمولن للعلمماءا ‪،‬‬
‫وأظهرهما الجواز ‪ ،‬ويذهب رحمه الله إلى أبعد من ذلك في تقرير مثل هذه الحكمماما فممي‬
‫الحرب خاصة لوجود مصلحة في ذلك ‪ ،‬رغم ورود النصوص المحرمة لمثلممه مممن الحكمماما‬
‫في غير حال الحرب ‪ ،‬ففي كتاب السأتقامة ‪ 19‬قال " وأما الكفار فزوال عقل الكافر خيممر‬
‫له وللمسلمين ‪ ،‬أما له فلنه ل يصده عن ذكر اللممه وعممن الصمملةا ‪ ،‬بممل يصممده عممن الكفممر‬
‫والفسق ‪ ،‬وأما للمسلمين فلن السكر يوقع بينهممم العممداوةا والبغضماءا فيكممون ذلممك خيممرا‬
‫للمؤمنين ‪ ،‬وليس هذا إباحة للخمر والسكر ولكنه دفع لشر الشرين بأدناهما ‪ ،‬ولهذا كنممت‬
‫آمر أصحابنا أن ل يمنعوا الخمر عن أعداءا المسلمين من التتار والكرج ونحمموهم ‪ ،‬وأقممول‬
‫إذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلةا بل عن الكفممر والفسمماد فممي الرض ‪،‬‬
‫ثم إنه يوقع بينهم العداوةا والبغضاءا ‪ ،‬وذلك مصلحة للمسلمين فصحوهم شر من سأكرهم‬
‫فل خير في إعانتهم على الصحو ‪ ،‬بل قد يستحب أو يجب دفع شممر هممؤلءا بممما يمكممن مممن‬
‫سأكر وغيره " ‪ ،‬وقد وصلنا عندما كنا في أفغانستان فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صممالح‬
‫العثيمين حفظه الله مفادها ‪ ،‬عندما سأئل عن التمثيل بجثث العدو ‪ ،‬فقال إذا كانوا يمثلون‬
‫بقتلكم فمثلوا بقتلهم ل سأيما إذا كان ذلك يوقع الرعب في قلوبهم ويردعهم والله تعالى‬
‫يقمول )فممن اعتممدى عليكممم فاعتممدوا عليمه بمثمل ممما اعتمدى عليكمم ( ‪ ،‬إذن هممذه الدلمة‬
‫والفتاوى تبين أن للحرب أحوال خاصة ل يصلح أن نعمم عليها الحكم بأدلممة الحضممر ‪ ،‬فممما‬
‫نريد أن نحكم به في الحرب يحتاج إلى دليل ظمماهر الدللممة صممحيح السممند يفيممد الحكممم ‪،‬‬
‫وحتى ولو كان منهيا ًء عنه في حال الحرب ‪ ،‬فإن النهي ل يكون مطلقا ًء علممى كممل حممال ‪ ،‬ل‬
‫سأيما إذا تعارض مع مصلحة أكبر أو جر ضممررا ًء علممى المسمملمين أعظممم ‪ ،‬ودليممل ذلممك أن‬
‫الرسأول صلى الله عليه وسألم نهى عن التحريق وقطع الشممجار ونهممى عممن قتممل النسمماءا‬
‫والصبيان وعندما حاصر بني النضير حرق نخلهم كما في البخاري ‪ ،‬وعندما سأئل كممما فممي‬
‫الصحيحين عن تبييت المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم أجاز ذلك وقال ) هم منهم‬
‫( ‪ ،‬بل إن المر أعظم من ذلك فلو تترس الكفممار بأسأممرى المسمملمين ‪ ،‬ودعممت الضممرورةا‬
‫إلى قصف الكفار بحيث لو كف عنهم المسلمون ظفروا بهم أو أكثروا فيهممم القتممل ‪ ،‬جمماز‬
‫رميهم رغم ما يصمماب مممن أسأممرى المسمملمين ‪ ،‬وهممذا مممذهب الشممافعي كممما فممي مغنممي‬
‫المحتاج ) ‪ (4/224‬وأحمد كما في كشاف القناع ) ‪ (3/51‬وأبي حنيفة كما في شرح فتممح‬
‫القدير ) ‪ ، (448-5/447‬كل ذلك من الدلة والفتاوى تقوي القول بأن حديث الباب يعتبر‬
‫أصل ًء يحتاج لن يصح بنفسه ل أن يشد بغيره ليفيد تحريم المسألة ‪ ،‬وإذا تعذر ذلممك ‪ ،‬فلنمما‬
‫أن نقول في المسألة من الصعب أن نحرمها تورعا ًء بغير دليل ظاهر الدللممة ‪ ،‬خاصممة وأن‬
‫ذلك ربما يضيع مصلحة علينا والله تعالى أعلم بالصواب ‪.‬‬

‫الوجه الثالث ‪ :‬إن ما نحن بصدده من إعلننا أننا نريد مبادلة جيممف السأممرى ‪ ،‬ببعممض‬
‫السأرى من المسلمين ‪ ،‬إن همذا العلن إنمما همو إعلن مبادلمة ‪ ،‬وليمس إعلن بيمع ‪ ،‬فلمو‬
‫حسن حديث الباب بشواهده فل يدل على حرمة المبادلة فهذه مبادلممة وليسممت بيممع فيهمما‬
‫ثمن ومثمن ‪ ،‬قال الشوكاني في السيل الجرار ) ‪ " (568 / 4‬وأما قوله ويجوز رد الجسد‬
‫مجانا فل وجه للتقييد بقوله مجانا ؛ لن أموال الكفار يجوز التسلف لها بكل ممكن وليممس‬
‫هذا من باب المبايعة حتى تدخل فممي بيممع الميتممة وبيممع النجممس " ‪ .‬قممال السرخسممي فممي‬
‫المبسوط ) ‪ "( 138-137 / 10‬قال وسأألته – أي أبو حنيفة – عن الرجل من أهل الحرب‬
‫يقتله المسلمون هل يبيعون جيفته من أهل الحرب قال ل بأس في ذلك بدار الحرب فممي‬
‫غير عسكر المسلمين ‪ ،‬وقال أبو يوسأف أممموال أهممل الحممرب تحممل للمسمملمين بالغصممب‬
‫فبطيب أنفسهم أولى ‪ ،‬معناه أن في غير عسكر المسلمين ‪ ،‬ل آمان لهم في المال الممذي‬
‫جاءاوا به فإن للمسلمين أن يأخمذوه بمأي طإريمق يتمكنمون ممن ذلمك ول يكمون همذا أخمذا‬
‫بسبب بيع الميتة والدما ‪ ،‬بل بطريق الغنيمة ولهممذا يخمممس ويقسممم ممما بقممي بينهممم علممى‬
‫طإريق الغنيمة "‪ .‬وقال محمد الشيباني في السير) ‪ " (249 / 1‬قال أبو يوسأف وسأألته‬
‫عن الرجل من أهل الحرب يقتله المسلمون هل يبيعون جيفتممه مممن المشممركين قممال أبممو‬
‫حنيفة ل بأس بذلك في دار الحمرب فمي غيمر عسمكر المسملمين أل تمرى أن أمموال أهمل‬
‫الحرب تحل للمسلمين أن يأخذوها فإذا طإابت بها أنفسهم فهو جائز " ‪ ،‬هذا ما رأيناه مممن‬

‫‪[2/165 ] 19‬‬

‫‪11‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫جواز المبادلة ‪ ،‬لنه ل يوجد دليل على منع البيع فكيف بالمبادلة ؟ ‪ ،‬لذا قلنا بالجواز وعملنا‬
‫به ‪ ،‬وقد سأبق أن بادلنا ‪14‬عشر رأسأا ًء من رؤوس الروس ‪ ،‬بثلث جثث من جثث إخواننا ‪،‬‬
‫فمصلحة هذه المعاملة ظاهرةا بالنسبة لنا ومنعها بل دليل قوي مضر لمصلحتنا ‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‬
‫في جواز نقل جثث أو رؤوس الكافرين‬

‫إن جواب هذه المسألة متفرع عن ما قبلها ‪ ،‬فمن قال بجواز مبادلة الجيممف بالسأممرى ‪ ،‬ل‬
‫شك من باب أولى أن يجيز نقل جيف الكافرين للمصلحة ‪ ،‬ونحن تطرقنمما لهممذه المسممألة‬
‫لنه ُنص على منعها في بعض كتب المحدثين ‪ ،‬جاءا عند البيهقي فممي سأممننه الكممبرى ) ‪/ 9‬‬
‫‪ " (132‬باب ما جاءا في نقل الرؤوس ‪ ،‬قال عممن عقبممة بممن عممامر الجهنممي أن عمممرو بممن‬
‫العاص وشرحبيل بن حسنة بعثا عقبة بريدا إلى أبي بكر الصديق رضممي اللممه عنممه بممرأس‬
‫يناق بطريق الشاما ‪ ،‬فلما قدما على أبي بكر رضي الله عنه أنكر ‪ ،‬ذلك فقال لممه عقبممة يمما‬
‫خليفة رسأول الله صلى الله عليه وسألم فإنهم يصنعون ذلك بنمما ‪ ،‬قممال أفاسأممتنان بفممارس‬
‫والروما ؟ ‪ ،‬ل يحمل إلي رأس فإنما يكفي الكتاب والخبر ( وقال معاويممة بممن خديممج يقممول‬
‫هاجرنا على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فبينا نحن عنده إذ طإلع المنبر فحمد الله‬
‫وأثنى عليه ثم قال ‪ ،‬إنه قدما علينا برأس يناق البطريق ولم تكممن لنمما بممه حاجممة إنممما هممذه‬
‫سأنة العجم ( وعن عبد الكريم الجزري أنه حدثه ) أن أبا بكر الصديق رضي الله عنممه أتممي‬
‫برأس فقال بغيتم ( وقال عن الزهري قال لم يحمل إلممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسأمملم‬
‫رأس إلى المدينة قط ول يوما بدر ‪ ،‬وحمل إلى أبي بكر رضي الله عنممه فكمره ذلمك ‪ ،‬قممال‬
‫وأول من حملت إليه الرؤوس عبد الله بن الزبير ‪ ،‬قمال الشمميخ والمذي روى أبممو داود فمي‬
‫المراسأيل عن أبي نضرةا قال لقي النبي صلى اللمه عليمه وسأملم العمدو فقمال ) ممن جماءا‬
‫برأس فله على الله ما تمنى فجاءاه رجلن برأس فاختصما فيه فقضى به لحممدهما ( هممذا‬
‫حديث منقطع وفيه إن ثبت تحريممض علممى قتممل العممدو وليممس فيممه نقممل الممرأس مممن بلد‬
‫الشرك إلى بلد السألما " أهم بتصرف ‪.‬‬

‫وقد روي ما يدل على جواز نقل الرؤوس وإن كان فيه مقال ‪ ،‬قال ابن جرير في تاريخه )‬
‫‪ " ( 2/37‬حدثنا ابن حميد قال حدثنا سألمة عن محمد بن إسأممحاق وزعممم رجممال مممن بنممي‬
‫مخزوما أن ابن مسعود كان يقول قال لي أبو جهل لقد ارتقيممت يمما رويعممي الغنممم مرتقممى‬
‫صعبا ‪ ،‬ثم احتززتا رأسأه ثم جئت به رسأول الله صلى الله عليه وسأمملم فقلممت يمما رسأممول‬
‫الله هذا رأس عدو الله أبي جهل قال ) فقال رسأول الله صلى الله عليه وسألم آلله الممذي‬
‫ل إله غيره ( وكانت يمين رسأول الله صلى الله عليه وسألم قال قلممت نعمم واللمه المذي ل‬
‫إله غيره ثم ألقيت رأسأه بين يدي رسأول الله صلى الله عليه وسألم قال ) فحمممد اللممه ( ‪،‬‬
‫وقال الحافظ في الفتح ) ‪ " (7/295‬وفي حديث بن عباس عند بن إسأحاق والحاكم ‪ ،‬قال‬
‫بن مسعود فوجدته بآخر رمق فوضعت رجلي على عنقه فقلت أخزاك اللممه يمما عممدو اللممه‬
‫قال وبما أخزاني هل أعمد رجل قتلتموه قال وزعم رجال من بني مخزوما أنه قال له لقد‬
‫ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ‪ ،‬قال ثم احتززتا رأسأه فجئت به رسأمول اللمه صملى‬
‫الله عليه وسألم فقلت هذا رأس عدو الله أبي جهل " ‪ ،‬وأورد الذهبي في السير ) ‪3/371‬‬
‫( " قال ابن الزبير هجم علينما جرجيمر فمي عشمرين ومئمة ألمف فأحماطإوا بنما ونحمن فمي‬
‫عشرين ألفا يعني نوبة إفريقية ‪ ،‬قال واختلف الناس على ابن أبي سأرح فدخل فسطاطإه‬
‫فرأيت غرةا من جرجير بصرتا به خلف عساكره على برذون أشهب معه جاريتممان تظللن‬
‫عليه بريش الطواويس بينه وبين جيشه أرض بيضاءا ‪ ،‬فأتيت أميرنا ابن أبممي سأممرح فنممدب‬
‫لي الناس فاخترتا ثلثين فارسأا وقلت لسائرهم البثوا على مصافكم وحملت وقلممت لهمم‬
‫احموا ظهري فخرقت الصف إلى جرجير وخرجت صامدا وما يحسممب هممو ول أصممحابه إل‬
‫أني رسأول إليه حتى دنوتا منه ‪ ،‬فعرف الشر فثابر برذونه موليا فأدركته فطعنته فسمقط‬

‫‪12‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫ثم احتززتا رأسأه فنصبته على رمحي وكبرتا وحمل المسلمون فارفض العدو ومنح اللممه‬
‫أكتافهم " ‪،‬‬

‫وقال يوسأف الحنفي في معتصر المختصر )‪ " (245-244 / 1‬في نقل رأس الكافر ورى‬
‫عن علي بن أبي طإالب قال أتى رسأول الله صلى الله عليه وسألم بممرأس مرحممب ‪ ،‬وروى‬
‫عن البراءا قال قال لقيت خالي معه الراية فقلت أين تممذهب فقممال أرسأمملني رسأممول اللممه‬
‫صلى الله عليه وسألم إلى رجل تزوج امرأةا أبيه من بعد أبيممه أن آتيممه برأسأممه ‪ ،‬وعممن عبممد‬
‫الله الديلمي عن أبيه قال أتينا رسأول الله صلى الله عليه وسأملم بمرأس السأمود العنسمي‬
‫الكذاب فقلت يا رسأول الله قد عرفت من نحن فإلى من نحممن قممال إلممى اللممه عممز وجممل‬
‫وإلى رسأوله ‪ ،‬وكان أتيانهم به من اليمن ليقممف صمملى اللممه عليممه وسأمملم علممى نصممر اللممه‬
‫وعلى كفايته المسلمين شأنه ‪ ،‬وفيه إجازةا نقممل الممرؤوس نكممال مممن بلممد إلممى بلممد ليقممف‬
‫الناس على النكال الذي نزل بهم ومن هذا الجنس قوله تعالى ) وليشهد عممذابهما طإائفممة‬
‫من المؤمنين ( وقوله في آية المحاربين ) أن يقتلوا أو يصلبوا ( ليشتهر في الناس أمرهم‬
‫وإنكار أبي بكر على عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة حين بعثا رأسأا إليه اجتهمماد منممه‬
‫لما ظهر إليه من السأتغناءا عنه ‪ ،‬أل ترى أن أمراءا الجناد منهم يزيد بن أبي سأفيان وعقبة‬
‫بن عامر بحضرةا من كان معهم لم ينكروا ذلك لما رأوا فيه من إعزاز دين الله وغلبة أهله‬
‫الكفار ‪ ،‬فالمرجع في مثله إلى أراءا الئمة يفعلون من ذلك ما يرونه صوابا مناسأبا لمموقتهم‬
‫‪ ،‬ويتركونه إذا اسأتغنوا عنه ‪ ،‬وقد أتى عبد الله بن الزبير بمرأس المختمار فلمم ينكممر ذلمك ‪،‬‬
‫روي أن البريد لما وضعه بين يديه قال ما حدثني كعمب بحممديث إل وجمدته كممما حمدثني إل‬
‫هذا فإنه حدثني أنه يقتلني رجل من ثقيف ‪ ،‬وها هو قد قتلته قال العمش ول يعلم أن أبمما‬
‫محمد يعني الحجاج مرصد له بالطريق " ‪.‬‬

‫قال الشوكاني في السيل الجرار ) ‪ " (568 / 4‬قوله ويكره حمل الرؤوس أقول إذا كان‬
‫في حملها تقوية لقلوب المسلمين أو إضعاف لشوكة الكافرين فل مانع من ذلك ‪ ،‬بل هممو‬
‫فعل حسن وتدبير صحيح ول وجه للتعليل بكونها نجسة فإن ذلك ممكن بدون التلمموث بهمما‬
‫والمباشرةا لها ‪ ،‬ول يتوقف جواز هذا على ثبوتا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسألم‬
‫‪ ،‬فإن تقوية جيش السألما وترهيب جيش الكفار مقصد من مقاصد الشممرع ومطلممب مممن‬
‫مطالبه ل شك في ذلك ‪ ،‬وقد وقع في حمل الرؤوس في أياما الصحابة ‪ ،‬وأما ما روي مممن‬
‫حملها في أياما النبوةا فلم يثبت شيءا من ذلك "‪.‬‬

‫وما أجمل كلما الماما الشوكاني وتقعيده لمثل هذه المسائل ‪ ،‬بحيث جعممل المقصممد فممي‬
‫الحرب هو تقوية جيش السألما وترهيب جيش الكفار ‪ ،‬وبهذه القاعممدةا نسممتطيع أن نمموجه‬
‫أفعال النبي صلى الله عليه وسألم في وقت الحرب التي خالفت نهيه ‪ ،‬أما هممذه المسممألة‬
‫فل شك أن أدلتها المانعممة أضممعف مممن أدلممة المسممألة الممتي قبلهمما وممما قلنمماه فممي تمموجيه‬
‫المسألة السابقة نقوله في هذه المسألة ‪ ،‬والله تعالى أعلى وأعلم ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الرد على من احتج علينا وقال إنه يجب علينا أن نلتزما بما تعهدنا بممه مممن‬
‫المواثيق الدولية واحتراما حقوق النسان ‪.‬‬

‫وقبل أن نبدأ بهذا المبحث ل بد لنمما أن نعممرف ممما هممي معاهممدةا جنيممف الخاصممة بالسأممرى‬
‫وأحكامهم الدولية ‪ ،‬إن الوثيقة الدولية بحق السأرى المعمول بها في الدول العضاءا لهيئة‬
‫المم المتحده هي معاهدةا جنيف الموقعممة عمماما ‪1949‬ما والممتي تنممص علممى " أن أسأممرى‬
‫الحرب يعتبرون تابعين لسلطة دولة العدو وليس لسلطة الفممراد أو الوحممداتا العسممكرية‬
‫التي أسأرتهم ‪ ،‬وعلى هذه الدولة أن تعاملهم دون تمييز للون أو لعنصر أو لعقيدةا دينيممة أو‬
‫سأياسأية ‪ ،‬وعليها أن ل تنزل بهم تعذيبا ًء بدنيا ًء أو معنويا ًء ‪ ،‬وأن ل تجردهم من شاراتا رتبهممم‬
‫وأوسأمتهم ونقودهم ‪ ،‬وأن تتوافر في معسكراتهم الشروط الصممحية اللزمممة ‪ ،‬وأن يقممدما‬
‫لهم الغذاءا واللباس واللزمان ‪ ،‬وأن يكون لكممل معسمكر مستوصممف ‪ ،‬كمما يحممق لسأمرى‬
‫الحرب ممارسأة نشاطإهم الفكري والثقافي والرياضي ‪ ،‬ويسمح لهم بإرسأممال الرسأممائل و‬
‫البطاقمماتا واسأممتلمها ‪ ،‬ولكممن تحممت الرقابممة ‪ ،‬ويحمماكم أسأممرى الحممرب أممماما المحمماكم‬

‫‪13‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫العسكرية فقط ‪ ،‬ول يجوز إصدار حكم على أسأير دون إعطائه فرصة للممدفاع عممن نفسممه‬
‫والسأتعانة بمحاما أو مستشار قانوني ‪ ،‬ويفرج عن أسأرى الحرب ويعممادون إلممى أوطإممانهم‬
‫لدى وقمف العممال العدائيمة " همذه همي شمريعة الممم المتحمدةا المتي يتحماكم له ا دول‬
‫العضاءا ‪ ،‬وأي دولة ل تلممتزما تطممبيق هممذه المعاهممدةا فربممما تخضممع لعقوبمماتا مممن الممدول‬
‫العضاءا أو توقف قروضها أو يمتنع مجلس المن عن اتخاذ قراراتا تخص حمايممة أراضمميها‬
‫إلى غير ذلك من العقوباتا ‪.‬‬

‫وردنا على من احتج علينا بأنه يجب علينا الوفاء بهسسذا العهسسد مسسن‬
‫وجوه ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬إننا لسنا أعضمماًءءا بهممذه المنظمممة ول نرضممى أن نكممون أعضمماًءءا بهمما حممتى نلممتزما‬
‫بعهودها ومواثيقها‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬لو كنا أعطينا أحدا ًء من الكفار عهمدا ًء بمأن ل نقتمل أسأمراهم للتزمنمما لهممم بعهمدهم‬
‫لقول الله تعالى ) أوفوا بالعقود ( وقوله ) ول تكونوا كالتي نقضممت عزلهمما مممن بعممد قمموةا‬
‫أنكاثا ًء ( وقوله ) ول تنقضوا اليمان بعد توكيدها ( ‪ ،‬ولقول الرسأول صلى الله عليه وسأمملم‬
‫كما في الصحيحين ) إذا جمع الله الولين والخرين ُيرفع لكل غادر لواءا ويقال هذه غممدرةا‬
‫فلن بن فلن ( ‪ ،‬وللتزاما رسأول الله صلى الله عليه وسألم بالعهد الذي وقعه مممع قريممش‬
‫حتى نكثوا هم ولم ينكث ‪ ،‬ولم نعط روسأيا ًء عهودا ًء بذلك حتى يقال لنا أنكم نكثتم العهود ‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬إن بعض ما جاءا بالوثيقة النفة الذكر ‪ ،‬أمرنا بممه ربنما ‪ ،‬وعلمى أننمما نكفممر بالوثيقمة‬
‫ومن شرعها ‪ ،‬إل أننا نقر أن فيها موافقاتا لشرعنا ‪ ،‬مثل الحسان إلى السأير ‪ ،‬وبشممهادةا‬
‫السأرى الذين أطإلقناهم سأابقا ًء أن ما وجمدوه عنمدنا لمم يجمدوه فمي كتمائبهم ممن العنايمة‬
‫والحسان ‪ ،‬ويكفينا للحسان إليهم مدح الله للمحسنين بقوله ) ويطعممون الطعماما علمى‬
‫حبه مسكينا ًء ويتيما ًء وأسأيرا ًء ( ولم يكن السأير في وقت الصحابة إل كافرا ًء ‪ ،‬فمدح الله من‬
‫يحسن للسأير حتى وهو كافر ‪ ،‬وجمماءا فممي الصممحيح أن الرسأممول صمملى اللممه عليممه وسأمملم‬
‫أحسن إلى ثمامة بن أثال بعدما ربطه في المسجد حتى من عليه بعد أياما وأسأمملم ثمامممة‬
‫رضي الله عنه بسبب إحسان الرسأول صلى الله عليه وسألم إليه ‪ ،‬وشواهد فعل الرسأول‬
‫صلى الله عليه وسألم وإحسانه للسأرى والمن عليهم كممثيرةا تغنينمما عممن البحممث فممي غيممر‬
‫شرعنا عن ما يصلح لنا في حربنا وسألمنا ‪ ،‬ولو أننا ل نريممد الطإالممة لسممردنا بعممض أحكمماما‬
‫السأير التي أمرنا شرعنا بها ليتبين للمستنكر علينا عظم شرعنا وشموله ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬إن هذه المعاهداتا الدوليممة وغيرهمما الممتي يصممدقها ضممعاف العقممول ‪ ،‬إنممما هممي‬
‫موضوعة ل للتطبيق من قبل الدول الدائمة العضوية في مجلس المن ‪ ،‬إنممما هممي سأمموط‬
‫تساق به الدول الضعيفة ‪ ،‬وحد تحمي بها الدول الخمس رجالها ‪ ،‬فهممي تممدفعهم ليفسممدوا‬
‫وإذا ُأسأروا ضمنت رفاهيتهم و خروجهم ‪ ،‬فبما أنه ل يوجد لها رادع فلن تخشى غزو الدول‬
‫الخرى ‪ ،‬والسأتنكار يأتي على الدول الضعيفة المغلوب على أمرها ‪ ،‬أما هم وربممائبهم فل‬
‫‪ ،‬ونسوق أمثلة على ذلك نبين فيهمما أن الممدول الدائمممة العضمموية ل تلممتزما بممما ألزمممت بممه‬
‫غيرها ‪ ،‬فإذا كان الحق لها أبرزتا الوثيقة ‪ ،‬وإن كان عليها قالت ما فعلناه يقتضيه أسأمملوب‬
‫ردع العدوان ونحن نحتفظ بحقنا بأسألوب الرد ‪ ،‬والمثلة هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬المجزرةا التي حدث للمسلمين في البوسأنة في شهر ربيع الول من عاما ‪1416‬هم في‬
‫مدينتي ) جيبا وسأيربرنيتسا ( ‪ ،‬وكان ذلك بمعاونة رجال المم المتحدةا )صاحبة الوثيقة( ‪،‬‬
‫وكانت المدينتين سألمتا إلممى قممواتا المممم المتحممدةا مممن قبممل الصممرب ‪ ،‬وفرضممت المممم‬
‫المتحدةا الحماية للمدينتين واعتبرتا مناطإقا ًء آمنممة ‪ ،‬ثممم بعممدها تحممرك الصممرب بحشممودهم‬
‫العسكرية باتجاه المدينتين وقواتا المم المتحمده لتحممرك سأماكنا ًء ‪ ،‬بممل إنهمما مهممدتا لهممم‬
‫الطريق وأخلت بعض المواقع الدفاعيمة قبمل ذلمك بيممومين ‪ ،‬وتسمماعد الجنممود الهولنمديين‬
‫التابعين لقممواتا المممم المتحممدةا مممع الصممرب وأعطمموهم لباسأممهم ووقممودهم قبممل دخممول‬

‫‪14‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫المدينتين ‪ ،‬وكان حلف الناتو يعلم بتحرك الصرب نحو المدينتين ولم يتخذ أيممة إجممراءااتا ‪،‬‬
‫ثم دخل الصرب على المدنيين بزي رجال المم المتحدةا ‪ ،‬وطإلبوا من النمماس أن يتوجهمموا‬
‫إلى مصنع اللمنيوما ) مقر المممم المتحممده ( ‪ ،‬وبعممد أن تجمممع النمماس فيممه أقمماما الصممرب‬
‫مجزرةا هناك ‪ ،‬تم ذبح عدد كبير من المسلمين فيه ‪ ،‬وبقيمة السمكان واجهموا أنمواع القتمل‬
‫والغتصاب والتشريد وكانوا أكثر من ‪ 45‬ألف مسلم ‪ ،‬وأين كانت قواتا المم المتحممدةا ؟‬
‫إنهمما أصممبحت قممواتا مسمماندةا للصممرب بالقتممل والغتصمماب والتشممريد ‪ ،‬وبعممد دخممول‬
‫)سأيربرنيتسا (جهز المجرما ) راتلموا ملدتمش ( ‪ 40‬حافلمة لنقمل الشمباب والفتيماتا إلمى‬
‫أماكن مجهولة ‪ ،‬وبقية السكان الناجين من العجزةا والطإفممال اتجهمموا إلممى مدينممة تمموزل ‪،‬‬
‫وأصبحت ) جيبا وسأيربرنيتسا ( خاويتين علممى عروشممهما ‪ ،‬وبعممدها بأسأممابيع نقلممت المممم‬
‫المتحدةا نصارى الكرواتا الفارين من مدينتي ) كرينا وكينيممن ( إثممر اجتيمماح الصممرب لهممما‬
‫البممالغ عممددهم مئتمما ألممف ‪ ،‬نقلتهممم بحافلتهمما وخلل عشممرةا أيمماما إلممى مممدينتي ) جيبمما‬
‫وسأيربرنيتسا ( التين فرغتا لجل هذه الهجرةا ‪ ،‬وصممرح بعممض رجممال المممم المتحممدةا بعممد‬
‫اجتياح الصرب لمدينتي ) كرينا وكينين ( صرح بأن حقوق النسان تقتضممي الوقمموف بكممل‬
‫ما نستطيع من إمكاناتا لنقاذ الكممرواتا المهجريممن مممن الكارثممة وبالفعممل تممم إنقمماذهم و‬
‫إنزالهم في مساكن المسملمين الممذين سأممحقوا وهجمروا ول بمواكي لهممم ‪ ،‬فمانظروا كيمف‬
‫سأاعدوا الصرب في العملية الولى ضد المسمملمين ‪ ،‬ووقفمموا مممع الكممرواتا فممي العمليممة‬
‫الثانية وقالوا إن من تماما حقوق النسان أن ننهض لمساعدةا المهجرين ‪ ،‬واسأألوا الميممن‬
‫العاما آنذاك ) بطرس غالي ( لماذا لم يعاملوا الصرب كما عاملوا العراق قبلممه ؟! ‪ ،‬فممأين‬
‫المواثيق وأين العهود وأين حقوق المدنيين قبل حقوق السأرى ‪.‬‬

‫‪ -2‬المثل الخر هو ما حدث للسأرى العراقيين أثنماءا اجتيماح القمواتا المريكيمة للكمويت ‪،‬‬
‫عندما دبرتا القواتا المريكية والبريطانية ‪ ،‬مجزرةا بشعة لكممثر مممن ثمانيممة آلف جنممدي‬
‫عراقي ‪ ،‬وكان ذلك في يومي ) ‪ 25-24‬فبراير ‪ (1991‬حيممث قممامت الممدباباتا المريكيممة‬
‫من طإراز ) لبرامز و برادلي ( وعرباتا أخرى مزودةا بجرفاتا بدفن أكثر مممن ثمانيممة آلف‬
‫جندي عراقي أحياءا في مواقعهم وكانوا قد التزموا خنادقهم بعد حصار القواتا لهم ‪.‬‬

‫وقد نشرتا صحيفة ) واشنطن بوسأت ( المريكيممة مقممابلتا مممع عممدد مممن ضممباط فرقممة‬
‫المشاةا اللية الولى تحدثوا فيها عن دفن جنود عراقيين وهم علممى قيممد الحيمماةا فممي تلممك‬
‫الخنادق التي يبلغ عرضها ثلثة أقداما وعمقها سأتة أقداما ‪.‬‬

‫كما نشرتا صحيفة ) نيوز ديلي ( المريكية تفاصيل العملية من خلل لقمماءااتا مممع القممادةا‬
‫العسكريين المريكيين في الفرقة الحمراءا المريكية التي نفذتا العملية ‪.‬‬

‫وقال العقيد ) مورنيو ( قائد الكتيبة الثانية في الفرقة الحمراءا أن عملية الدفن التي تمت‬
‫كانت عملية تكتيكية عسكرية دقيقة للقواتا المريكية في الخليممج ‪ ،‬ومممن بيممن مخططممي‬
‫الجريمة كان هناك المهندس ) سأتيفن هاوكيش ( في الفرقة الولى الممذي كممان قممد أقمماما‬
‫معسكرا ًء تدريبيا ًء من أجممل تممدريب وتعليممم جنممود حفممظ المممن علممى عمليممة دفممن الجنممود‬
‫العراقيين أحياًءءا في خنادقهم ‪.‬‬

‫وقال العقيد ) مورينو ( أنه بعد تنفيذ العملية ونظرا ًء لبشاعة الموقف وللخشية من قممدوما‬
‫الصحفيين فقد تمت عملية مسح الرمال وتغطيتها من خلل معداتا وأجهزةا حربية أخممرى‬
‫لخفاءا المجزرةا وأي أثر لها ‪ ،‬وأفادتا الصحيفة أن العسكريين الذين نفممذوا هممذه العمليممة‬
‫حصلوا على أوسأمة وألقاب من ) البنتاغون ( حيث نقلت عن عسكري أمريكي لممم يممذكر‬
‫اسأمه أن تسلم النجمة الفضية ولقب ) بطل حرب ( من جراءا ذلك النوع من العملياتا ‪.‬‬

‫وحدد الناطإق باسأم ) البنتاغون ( ) بيت وليامز ( في إيجماز للصمحافة فمي ) سأمبتمبر ممن‬
‫عاما ‪1991‬ما ( الهدف من هممذه المجممرزةا فقممال " إن المممر كممان يتعلممق بتجنممب مواجهممة‬
‫العراقيين الذين اختاروا البقاءا في خنادقهم أو خلف السواتر والمواجهة ‪ ،‬وأن عدد الممذين‬
‫دفنوا كان كبيرا ًء وكان هدف الفرقة المريكية هو اختراق الساتر العراقي ومغادرةا المكان‬

‫‪15‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫بسممرعة كممي يتسممنى المممرور للفرقممة المدرعممة الولممى البريطانيممة ‪ ،‬أي أن تمممر الفرقممة‬
‫البريطانية خلل الساتر من دون معوقاتا أو متاعب تنجم عن التأخير ( ‪.‬‬

‫وقد نشرتا صحف ) التايمز ( في ) ‪3/9/1991‬ما ( و ) الغارديان ( فممي ) ‪13/9/1991‬ما‬


‫( و ) المانغستو ( اليطالية في نفس التاريخ " أن عملية دفن الجنود العراقيين وهم أحياءا‬
‫لم تكن عملية معزولة ‪ ،‬وأن الجنود العراقيين الذين تم دفنهم أحياءا كانت عمليممة تكتيكيممة‬
‫عسكرية دقيقة للقواتا المريكية " ‪.‬‬

‫ل يظممن أحممد أننمما سأممقنا هممذا الممدليل تأييممدا ًء لموقممف العممراق فممي عممدوانه السممابق علممى‬
‫المسلمين في الكويت ‪ ،‬ولكننا سأقناه لنبين كيف تخالف الدول المتسمملطة ممما سأممنته مممن‬
‫معاهداتا ‪ ،‬وكيف أجرمت في حق السأرى واعتبرتا أنهم هم الذين أخطئمموا ‪ ،‬وأن عملهمما‬
‫عمل عسكري تكتيكي دقيق ‪ ،‬ولكم أن تتصمموروا كيممف يمكممن للجرافمماتا أن تقممترب مممن‬
‫الخنادق إذا كان من فيها يقاتلون ‪ ،‬فل يمكن أن يكون ذلممك إل لن الجنممود قممد اسأتسمملموا‬
‫ولزموا خنادقهم ‪ ،‬فانظروا كيف ُقلبت الممموازين وأصممبح الجممرما فنمما ًء وحذاقممة ‪ ،‬ولممو كممان‬
‫كرون‬ ‫العراق همو المذي فعمل ذلمك بجنمودهم لسأمتنكر العمالم الغربمي أجممع ‪ ،‬وبمدؤوا يمذ ّ‬
‫بمعاهدةا ) لهاي ‪ ( 1907‬ومعاهدةا ) جنيف ‪ (1949‬وغيرها من المعاهداتا والبنممود الممتي‬
‫يقصمون بها ظهر من يريدون ‪.‬‬

‫‪ -3‬قامت القواتا السأممرائلية بعممد انتهمماءا حممرب ) أكتمموبر ‪1973‬ما ( بقتممل ممما يقممرب مممن‬
‫‪2000‬جندي مصري كانوا قد وقعوا في السأر ‪ ،‬وكان المشرف على المجزرةا هممو رئيممس‬
‫الوزراءا الحالي ) يهود براك ( ‪ ،‬وسأبق أن قامت قواتا العمدو السأمرائيلي بمجمزرةا بشمعة‬
‫في دير ياسأين عاما ‪1948‬ما راح ضحيتاها ‪250‬مسلم والجرحممى والمشممردين أضممعافهم ‪،‬‬
‫وبعد ذلك أعطي قائد عصاباتا ) الرغممون ( منحيممن بيغممن أوسأمممة علممى هممذه المجممزرةا ‪،‬‬
‫وعين عاما ‪1977‬ما رئيسا ًء للوزراءا وكان يفتخر بقيادته لتلك المذبحممة ‪ ،‬ول أظنكممم نسمميتم‬
‫مذبحة المسجد البراهيمي التي قتل فيهمما ‪40‬سأمماجدا ًء للممه ‪ ،‬فممأين حقمموق النسممان وأيممن‬
‫العهود والمواثيق التي نساق نحن بها ‪ ،‬وهم في معزل عممن المطالبممة بهمما ‪ ،‬وحينممما ننظممر‬
‫بالمقابممل نجممد أن اليهممود ل زالمموا يطممالبون دول العممالم كلهمما بتعويضمماتا محرقممة هتلممر‬
‫المزعومة ‪ ،‬ول زالت أرصدتهم فمي سأويسممرا ترتفمع بسمبب مما يجنممونه ممن تعويضماتا و‬
‫العالم مدين لهم بها ‪ ،‬بل إن العتذاراتا عن التقصير فمي إنقماذهم ل زالمت تنهممال عليهممم‬
‫حتى قبل أسأبوعين وعسى أن يرضوا ! ‪.‬‬

‫والمثلة كثيرةا على مناقضتهم لما تعهدوا به لغيرهممم ‪ ،‬ولممو أردنمما أن نستشممهد بجرائمهممم‬
‫القديمة والحديثة لطال بنا المقاما ولكننا نظن أن حي القلب يعقل بما قدمنا ‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬ننبه أننا لم نتكلف الرد لنتهرب من المحاسأبة تحت قمانون همذه المعاهممداتا ‪،‬‬
‫بل إننا نسعد حينما نخالفهم فيما ل يوافق شرعنا ‪ ،‬فنحن نعمل بمقتضى قول الله تعالى )‬
‫قد كانت لكم أسأوةا حسنة في إبراهيم والذين معه ‪ ،‬إذ قالوا لقومهم إن برءاا منكممم ومممما‬
‫تعبدون من دون الله ‪ ،‬كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوةا والبغضاءا أبدا حتى تؤمنوا بممالله‬
‫وحدةا ( فمخالفتنا الظاهرةا لهم تفرحنا ‪ ،‬لنها تدل على كفرنا بهم وبممما يعبممدون مممن دون‬
‫الله ‪ ،‬وبراءاتنا منهم ‪.‬‬

‫سأادسأا ً ‪ :‬وقبممل أن نختممم أذكركممم إخممواني الكممراما يممامن وجهتممم لنمما أصممابع التهمماما‬
‫ورميتمونا بأننا منتهكون لحقوق النسان ونشوه السألما ‪ ،‬نممذكركم بممأنكم أخطممأتم تمموجيه‬
‫التهمة ‪ ،‬ورميتمونا ظلما ًء بما لم نقترفه ‪ ،‬فهل المجممرما الممذي ينتهممك حقمموق النسممان هممو‬
‫الذي يدافع عن دينه و عن أرضه وأعراض المسمملمين ضممد عممدو معتممد غاصممب ؟ ثممم أيممن‬
‫النسان الذي انتهكنا حقوقه ‪ ،‬هل هو الجندي الروسأي الممذي غمزا أرضمنا وتفنممن فممي ذبممح‬
‫المسلمين وفي انتهاك أعراضهم ؟ إن أصابعكم عندما تمموجهت إلينمما واتهمتنمما بممالجراما ل‬
‫شك أنها أخطأتا الطريق وضلت ‪ ،‬فإذا أردتم أن تدافعوا عن أحممد فممابحثوا عممن أحممد غيممر‬
‫الروس تدافعون عنهم فجرائمهم ملئت الخافقين ‪ ،‬إن المجرما الذي يستحق هذا السأممم ‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫هداية الحيارى‬
‫في جواز قتل السأارى‬
‫هو الذي قتل منا في الحرب الولى أكثر من مائة ألف مسلم ‪ ،‬ول زال يقتل ويشرد مئاتا‬
‫اللف ‪ ،‬إن المجرما هو الذي قتل في أفغانستان ما يقرب من مليون مسلم ‪ ،‬إن المجممرما‬
‫هو الذي قتل في طإاجكستان مممائتي ألممف مسمملم ‪ ،‬إن المجممرما هممو الممذي قصممف ملجممئ‬
‫العامرية في العراق وقتل من فيه ‪ ،‬إن المجرما هو الذي دمر مصنع الشفاءا في السممودان‬
‫رغم أنه كان يعتقد أنه يحتوي على مواد كيماوية وفي حالة قصفه فممإنه الغممازاتا المنبعثممة‬
‫منه سأتقتل مال يقل عن عشرةا آلف نسمة فممي محيممط المصممنع ‪ ،‬إن المجممرما هممو الممذي‬
‫حرق قبلتنا الولى وهدمها ‪ ،‬إن المجرما هو الذي قتل أكثر من مائة مدني لجئوا إلممى مقممر‬
‫المم المتحدةا في لبنان ‪ ،‬إن المجرما هو الذي دمر المرافق الحيوية في لبنممان قبممل أكممثر‬
‫من شهر ‪ ،‬إخواني الكراما هل عرفتم المجرمين لتوجهوا لهم التهمة ؟ وإذا لم تعرفوا بعممد‬
‫كل هذا ‪ ،‬فل نظنكم سأتعرفونهم أبدا ًء ‪ ،‬وابقوا كما أنتم وصدقوا كل ناعق ‪.‬‬

‫هذا ما أحببنا بيانه لخواننا في هذا البحث ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ًء ويرزقنمما اتبمماعه ‪،‬‬
‫ويرينا الباطإل باطإل ًء ويرزقنا اجتنابه ‪ ،‬إنه هو الهادي إلى سأواءا السبيل ‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬

‫تم تنسزيل هذه المادة‬


‫من‬
‫منبر التوحيد والجهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫‪17‬‬

You might also like