Professional Documents
Culture Documents
الحمد لله رب العالمين والصلةا والسلما على محمد بن عبدالله المبعوث رحمة للعالمين
وعلى أصحابه وآله ومن اتبعه إلى يوما الدين .
و نكتب هذا اليضاح لنبين فيه مستندنا الشرعي الذي اسأتجزنا به ممما فعلنمماه تجمماه هممؤلءا
السأرى ،ونسأل الله أن نكون ممن اجتهد فأصمماب ،ولطممول ممما سأنعرضممه فقممد قسمممنا
اليضاح إلى مبحثين :
الول :رد قول من قال يحرما قتل السأير لقول الله } فإما من بعد وإما فداًءءا { .
والمبحث الثاني :رد قول مممن قممال إنممه يجممب علينمما أن نلممتزما بممالمواثيق والعهممود
الدولية التي تحرما قتل السأير وأنه يجب علينا أن نحترما حقوق النسان .
1
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
المسألة الولى
في بيان جواز قتل السأير والرد على من أنكر علينا بقول
الله تعالى } فإما من بعد وإما فداء { وبقوله تعلى } ول
تزر وازرة وزر أخرى {
إن السأير في السألما قد حضي بتشممريع متكامممل يحفممظ لممه حقمموقه ويردعممه أيضمما ًء عممن
انتهاك حقوق الناس ،وقد كان فعل رسأول الله صلى الله عليه وسأمملم مممع السأممرى غايممة
في الحكمة ،فله معاملتا مع السأير تتغير بتغير الظروف وأشخاص السأممرى ،وبممما أننمما
نؤثر الختصار على الطإالة ،فلن نتطرق إلى أحكاما السأير بشكل كامل ،بل إننمما سأمموف
نتناول في هذه المسألة ما نحتاجه لبيان الوجه الشرعي من فعلنمما فممي قتممل السأممرى ول
سأيما التسعة الخيرين ،فنقول وبالله التوفيق والسداد :
القوال الول :قول من قال أن السأير المشرك يقتل بكل حممال ول يجمموز أن يفممادا
ول يمن عليه ،والناسأخ لجواز المن أو الفداءا في قوله تعالى } فإما من بعد وإما فداًءءا { :
قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكممون لممه أسأممرى حممتى يثخممن فممي الرض { وقمموله تعممالى
} فإذا انسلخ الشهر الحرما فاقتلوا المشركين حيث وجمدتموهم { وقموله } فشممرد بهممم
من خلفهم { ،وقالوا إن هذه الياتا وخاصة ما جاءا فممي بممرآءاةا ناسأممخة لممما قبلهمما ،وهممذا
قول حكي عن قتادةا والضحاك والسدي وابن جريج والعوفي عمن ابمن عب اس وكمثير ممن
الكوفيين .
وقال عبد الكريم الجوزي ) :كتب إلى أبي بكر فممي أسأممير أسأممر ،فممذكروا أنهممم التمسمموا
بفدائه كذا وكذا ،فقال اقتلوه ،لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا ( ،وهذا
القول معارض لما جاءا عن رسأول الله صلى الله عليه وسألم وسأوف نسمموق ممما يعارضممه
من الدلة في القول الخامس .
القول الثاني :قول من قال إن جميع الكفار من مشركين وكتابيين ل يجوز فممدائهم
،أو المن عليهم بل يقتلون ،والية المجيزةا للمن والفداءا بقوله } فإما من بعد وإما فممداءا
{ منسوخة في حق المشركين و الكتابيين ،وهذا القول أعم من القول الول ،وقممالوا إن
آية المن منسوخة على قول جماعة من العلماءا وأهل النظر ،منهم قتادةا ومجاهد ،قممالوا
:إذا أسأر المشرك لم يجز أن يمن عليه ول أن يفادي به فيرد إلممى المشممركين ،ول يجمموز
أن يفممادى عنممدهم إل بممالمرأةا لنهمما ل تقتممل ،والناسأممخ لهمما } فمماقتلوا المشممركين حيممث
وجدتموهم { ،فإذ كانت براءاةا آخر ما نزلت بالتوقيف فمموجب أن يقتممل كممل مشممرك ،إل
من قامت الدللة على تركه من النساءا والصبيان ،ومن يؤخذ منه الجزية ،وهو المشممهور
من مذهب أبي حنيفة ،خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين .
ذكر عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادةا } فإما منا بعد وإما فداءا { قال :نسخها } فشرد
بهم من خلفهم { ،وقال مجاهد :نسخها } فاقتلوا المشركين حيممث وجممدتموهم { وهممو
قول الحكم .
القول الثالث :قول من قال أن السأير ل يجوز فيه إل الفممداءا أو المممن ،لقممول اللممه
تعالى } فإما من بعد وإما فداءا { ،فقالوا آخر ما نزل على رسأول اللممه صمملى اللممه عليممه
2
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
وسألم في شأن السأرى تخييره فيهم بين الممن والفممداءا ول يجمموز التعمدي إلممى غيرهمما ،
وقالوا إن الية ناسأخة لما سأواها قاله الضحاك وغيره .
روى الثوري عن جويممبر عممن الضممحاك } فمماقتلوا المشممركين حيممث وجممدتموهم { قممال :
نسخها } فإما منا بعد وإما فداءا { ،وقال ابن المبارك :عن ابن جريج عن عطمماءا } فإممما
منا بعد وإما فداءا { فل يقتل المشرك ولكن يمن عليه ويفادى كما قال الله عز وجل .
قال أشعث :كان الحسن يكره أن يقتل السأير ويتلو } فإما منا بعد وإما فممداءا { ،وقممال
الحسن أيضا في الية تقديم وتأخير فكأنه قال فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أزوارها ،
ثم قال حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ،وزعم أنه ليمس للمماما إذا حصمل السأمير فمي
يديه أن يقتله ولكنه بالخيار في ثلثة منازل إما أن يمن أو يفادي أو يسترق ،وهممذا القممول
مردود لفعل الرسأول صلى الله عليه وسألم بخلف هذه الية بعد نزولها ،ولو سألمنا بقمموةا
هذا القول فإنه ليس فيه حجة علينا ،لن الحرب لم تضع أوزارها ،ول زالت رحاها دائرةا ،
فل حجة لصحاب هذا القول علينا .
القول الرابع :قول من قال ل يكون فداءا ول أسأر إل بعممد الثخممان والقتممل بالسمميف
لقوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن في الرض { فإذا أسأر بعد ذلك
فللماما أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره ،وهو قول سأعيد بن جبير .
القول الخامس :قول من قال بأن الماما أو من ينوب عنه مخير فممي السأممرى بيممن
أربعة أمور إما القتل أو المن أو الفممداءا أو السأممترقاق ،وهممذا هممو قممول مالممك والشمافعي
وأحمد و جمهور العلماءا ،وهو القول الذي تنتظم فيه الدلة ،ول تتعارض مممع بعضممها ،ول
نحتاج للقول بالنسخ لعمال كل الدلة في هذا القول ،ولنه همو القممول الممذي عملنما بمه ،
لنه أقوى القوال أدلة فسوف نبسط بعض أقوال العلماءا فيه .
قال المام الطبري في تفسير قول الله تعممالى } :فممإذا لقيتممم الممذين كفممروا فضممرب
الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشمدوا الوثماق فإممما منما بعممد وإممما فمداءا حممتى تضممع الحممرب
أوزارها ذلك ولو يشاءا الله لنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سأممبيل
الله فلن يضل أعمالهم { ) :القول في تأويل هذه الية يقول تعالى } فإذا لقيتممم الممذين
كفروا { بالله ورسأوله من أهل الحرب فاضممربوا رقمابهم ،وقموله } حمتى إذا أثخنتممموهم
فشدوا الوثاق { يقول حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم فصاروا فممي
أيديكم أسأرى } فشدوا الوثاق { يقول فشدوهم في الوثاق كيل يقتلوكم فيهربوا منكممم ،
وقوله } فإما منا بعد وإما فداءا { يقول فإذا أسأرتموهم بعد الثخان فإما أن تمنمموا عليهممم
بعد ذلك بإطإلقكم إياهم من السأر ،وتحرروهم بغير عمموض ول فديممة ،وإممما أن يفممادوكم
فداءا بأن يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم وتخلوا لهم السبيل ( .
حتى قال ) :والصواب من القول عندنا في ذلك – أي في تفسممير اليممة -أن يكممون جعممل
الخيار في المن والفداءا والقتل إلى الرسأول صلى الله عليه وسألم وإلممى القممائمين بعممده
بأمر المة ،وإن لم يكن القتل مذكورا ًء في هذه الية لنه قممد أذن بقتلهممم فممي آيممة أخممرى
وذلك قوله } فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..الية { ،بممل ذلممك كممذلك لن رسأممول
الله صلى الله عليه وسألم كذلك كان يفعل فيمن صار أسأيرا ًء في يممده مممن أهممل الحممرب ،
فيقتل بعضا ويفادي ببعض ويمن على بعض ،مثل يوما بدر قتل عقبة بن أبممي معيممط وقممد
أتي به أسأيرا ،وقتل بني قريظة وقد نزلوا على حكم سأ عد وصماروا فمي يمده سأ لما وهمو
على فدائهم والمن عليهم قادر ،وفادى بجماعة أسأارى المشممركين الممذين أسأممروا ببممدر ،
ن على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسأير في يده ،ولم يزل ذلممك ثابتمما مممن سأمميره فممي وم ّ
أهل الحرب من لدن أذن الله له بحربهم إلى أن قبضه إليه صلى اللممه عليممه وسأمملم دائممما
ذلك فيهم ،وإنما ذكر جل ثناؤه في هذه الية المن والفداءا فممي السأممارى فخممص ذكرهممما
فيها لن المر بقتلهما والذن منه بذلك قد كان تقدما في سأائر آي تنزيلممه مكممررا ًء ،فممأعلم
نبيه صلى الله عليه وسألم بما ذكر في هذه الية من المن والفداءا ماله فيهم مع القتل ( .
) وقوله } حتى تضع الحرب أوزارها { يقول تعالى ذكره فإذا لقيتم الذين كفروا فاضربوا
رقابهم وافعلوا بأسأراهم ما بينت لكم ،حتى تضع الحرب آثامها وأثقممال أهلهمما المشممركين
3
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
بالله بأن يتوبوا إلى الله من شركهم فيؤمنوا به وبرسأوله ويطيعوه في أمره ونهيممه فممذلك
وضع الحرب أوزارها ،وقيل حتى تضع الحرب أوزارها والمعنى حممتى تلقممي الحممرب أوزار
أهلها ،وقيل معنى ذلك حتى يضع المحارب أوزاره ( .
وقال المام القرطبي في تأويممل هممذه اليممة فيهمما خمسممة أقمموال -ثممم سأممردها ورجممح
الخامس -فقال ) :إن الية محكمة والماما مخير في كل حال ،رواه علي بن أبي طإلحممة
عن ابن عباس ،وقاله كثير من العلماءا منهم ابن عمر والحسن وعطاءا وهو مذهب مالممك
والشافعي والثوري والوزاعي وأبي عبيد وغيرهم وهو الختيار ،لن النبي صلى الله عليه
وسألم والخلفاءا الراشدين فعلوا كل ذلك ،قتل النبي صلى الله عليه وسألم عقبة بممن أبممي
ن علممى ثمامممة بممن معيط والنضر بن الحارث يوما بدر صبرا ،وفادى سأائر أسأارى بدر ،وم ّ
أثال الحنفي وهو أسأير في يده ،وأخذ من سألمة بن الكمموع جاريممة ففممدى بهمما أناسأمما مممن
المسلمين ،وهبط عليه قوما من أهل مكة فأخممذهم النممبي صمملى اللممه عليممه وسأمملم ومممن
عليهم ،وقد من على سأبى هوازن وهذا كله ثابت في الصحيح وهذا القول يروى عن أهممل
المدينة والشافعي وأبي عبيد وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبممي حنيفممة والمشممهور عنممه ممما
قدمناه وبالله عز وجل التوفيق( .
) وقيل معنى الوزار السلح فالمعنى شممدوا الوثمماق حممتى تممأمنوا وتضممعوا السمملح وقيممل
معنمماه حممتى تضممع الحممرب أي العممداءا المحمماربون أوزارهممم وهممو سأمملحهم بالهزيمممة أو
الموادعة ،ويقال للكراع أوزار ،قال العشى :
وقيل حتى تضع الحرب أوزارها أي أثقالها والوزر الثقل ،ومنممه وزيممر الملممك لنممه يتحمممل
عنه الثقال وأثقالها السلح لثقل حملها ،قال ابن العربي قال الحسممن وعطمماءا فممي اليممة
تقديم وتأخير المعنى فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارهمما فممإذا أثخنتممموهم فشممدوا
الوثاق ( .
وقال } ) :فضرب الرقاب { ولم يقل فمماقتلوهم لن فممي العبممارةا بضممرب الرقمماب مممن
الغلظة والشدةا ما ليس في لفظ القتل ،لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورةا وهممو حممز
العنق وإطإارةا العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه ،قوله تعممالى } حممتى إذا
أثخنتموهم { أي أكثرتم القتل ،فشدوا الوثاق والوثمماق بكسممر الممواو لغممة فيممه وإنممما أمممر
بشدةا الوثاق لئل يفلتوا ،فإما منا عليهم بالطإلق من غير فديممة ،وإممما فممداءا ،ولممم يممذكر
القتل ها هنا اكتفاءا بما تقدما من القتل في صدر الكلما ( أ.هم مختصرا ًء .
قال الجصاص في أحكاما القرآن ) : 1قال الله تعالى } فإذا لقيتم الذين كفممروا فضممرب
الرقاب { قال أبو بكر قد اقتضى ظاهره وجوب القتل ل غيممر إل بعممد الثخممان وهممو نظيممر
قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن فممي الرض { وعممن ابممن عبمماس
في قوله تعالى } ما كان لنبي أن يكون له أسأرى حتى يثخن فممي الرض { قممال " :ذلممك
يوما بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سألطانهم نزل الله تعالى بعد هممذا فممي
السأارى } فإما منا بعد وإما فداءا { ،فجعل الله النبي والمؤمنين في السأارى بالخيار إن
شاءاوا قتلوهم وإن شاءاوا اسأتعبدوهم وإن شاءاوا فادوهم – شك أبو عبيد فممي وإن شمماءاوا
اسأتعبدوهم – وقال قتل رسأول الله صلى الله عليه وسألم عقبة بممن أبممي معيممط يمموما بممدر
صبرا " ،قال أبو بكر :اتفق فقهاءا المصار على جواز قتل السأير ل نعلم بينهم خلفا ًء فيه
،وقد تواترتا الخبار عن النبي صلى الله عليه وسألم في قتله السأير ،منها قتله عقبة بن
أبي معيط ،والنضر بن الحارث بعد السأر يوما بدر ،وقتل يوما أحد أبا عزةا الشاعر بعد ممما
أسأر ،وقتل بني قريظة بعد نزولهم على حكم سأعد بن معاذ فحكممم فيهممم بالقتممل وسأممبى
الذرية ،ومن على الزبير بن باطإا مممن بينهممم ،وفتمح خيممبر بعضمها صملحا وبعضممها عنمموةا ،
وشرط على ابن أبي الحقيق أن ل يكتم شيئا فلما ظهر على خيانته وكتمممانه قتلممه ،وفتممح
مكة وأمر بقتل هلل بن خطل ومقيس بن حبابة وعبدالله بن سأعد بن أبي سأرح وآخرين ،
4
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأسأتار الكعبممة ،ومممن علممى أهممل مكممة ولممم يغنممم
أموالهم ،وروي عن أبي بكر الصديق يقمول " :وددتا أنمي يموما أتيمت بالفجماءاةا لمم أكمن
أحرقته وكنت قتلته سأريحا أو أطإلقته نجيحا " ،وعن أبي موسأى انه قتل دهقان السمموس
بعد ما أعطاه المان على قوما سأماهم ونسي نفسه فلم يدخلها في المان فقتلمه ،فهمذه
آثار متواترةا عن النبي صلى الله عليه وسألم وعن الصحابة فممي جممواز قتممل السأممير وفممي
اسأتبقائه ،واتفق فقهاءا المصار على ذلك ( أهم بتصرف .
قال ابن كثير في تفسيره ) : 2قال الشافعي رحمة الله عليه الماما مخيممر بيممن قتلممه أو
المن عليه أو مفاداته أو اسأترقاقه أيضا ًء ،وهذه المسألة محررةا في علم الفروع وقد دللنا
على ذلك في كتابنا الحكاما ( .
قال ابن قدامة في المغني ) : 3وإذا سأبى الممماما فهممو مخيممر إن رأى قتلهممم ،وإن رأى
من عليهم وأطإلقهم بل عوض ،وإن رأى أطإلقهم على مال يأخممذه منهممم ،وإن رأى فممادى
بهم ،وإن رأى اسأترقهم ،أي ذلك رأى فيه نكاية للعدو وحظا للمسمملمين فعممل ،وجملتممه
أن من أسأر من أهل الحرب على ثلثة أضرب أحدها :النساءا والصممبيان فل يجمموز قتلهممم
ويصيرون رقيقا للمسلمين بنفس السبي لن النبي صلى الله عليه وسألم نهممى عممن قتممل
النساءا والولدان -متفق عليه -وكان عليه السلما يسترقهم إذا سأباهم .
الثاني :الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقمرون بالجزيمة ،فيخيمر المماما فيهمم
بين أربعة أشياءا القتل والمن بغير عوض والمفاداةا بهم واسأترقاقهم .
الثالث :الرجال من عبدةا الوثان وغيرهم ممن ل يقر بالجزيمة فيتخيمر المماما فيهمم بيمن
ثلثة أشياءا القتل أو المن والمفاداةا ،ول يجوز اسأترقاقهم وعمن أحممد جممواز اسأممترقاقهم
وهو مذهب الشافعي ،وبما ذكرنا في أهل الكتاب قممال الوزاعممي والشممافعي وأبممو ثممور ،
وعن مالك كمذهبنا ،وعنه ل يجوز المن بغير عوض لنه ل مصلحة فيه وإنما يجمموز للممماما
فعل ما فيه المصلحة ،ولنا على جواز المن والفداءا قول الله تعالى } فإما منمما بعممد وإممما
فداءا { ،وأن النبي صلى الله عليه وسألم من على ثمامة بن أثممال ،وأبممي عممزةا الشمماعر ،
وأبي العاص بن الربيع ،وقال في أسأارى بدر لو كان مطعم بن عدي حيما ثمم سأ ألني فمي
هؤلءا النتنى لطإلقتهم له ،وفادى أسأارى بدر وكانوا ثلثمة وسأمبعين رجل كمل رجممل منهمم
بأربعمائة ،وفادى يوما بدر رجل برجلين وصاحب العضباءا برجلين ،وأما القتل فلن النممبي
صلى الله عليه وسألم قتل رجال بني قريظة وهم بين الستمائة والسممبعمائة ،وقتممل يمموما
بدر النضر بن الحارث ،وعقبة بن أبي معيط صبرا ،وقتل أبا غزةا يوما أحد ،وهذه قصممص
عمت واشتهرتا وفعلها النبي صلى الله عليه وسألم مراتا وهو دليل علممى جوازهمما ،ولن
كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصملح فمي بعمض السأمرى فمإن منهمم ممن لمه قموةا
ونكاية في المسلمين ،وبقاؤه ضرر عليهم فقتله أصلح ،ومنهممم الضممعيف الممذي لممه مممال
كثير ،ففداؤه أصلح ،ومنهم حسن الرأي فممي المسمملمين يرجممى إسأمملمه بممالمن عليممه أو
معونته للمسلمين بتخليص أسأراهم والدفع عنهم فمالمن عليمه أصملح ،ومنهمم ممن ينتفمع
بخدمته ويؤمن شره فاسأترقاقه أصلح كالنساءا والصبيان ،والماما أعلم بالمصلحة فينبغي
أن يفوض ذلك إليه وقوله تعالى } اقتلوا المشركين { عاما ل ينسخ به الخمماص بممل ينممزل
على ما عدا المخصوص ،ولهذا لم يحرموا اسأترقاقه ،فأما عبدةا الوثان ففي اسأترقاقهم
روايتان ،إحداهما ل يجوز وهو مذهب الشافعي ،وقال أبمو حنيفمة يجموز فمي العجمم دون
العرب بناءا على قوله في أخذ الجزية ،ولنا إنه كافر ل يقر بالجزية فلممم يقممر بالسأممترقاق
كالمرتد وقد ذكرنا الدليل عليه ،إذا ثبممت هممذا فممإن هممذا تخييممر مصمملحة واجتهمماد ل تخييممر
شهوةا ،فمتى رأى المصلحة في خصلة من هذه الخصال تعينممت عليممه ولممم يجممز العممدول
عنها ،ومتى تردد فيها فالقتل أولى ،قال مجاهد في أمريممن أحممدهما يقتممل السأممرى وهممو
أفضل وكذلك قال مالك وقال إسأحاق الثخان أحب إلي إل أن يكون معروفا يطمع به فمي
الكثير ( أهم .
.[174 / 4 ] 2
.[179-180 / 9] 3
5
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
ورجح قول الجمهور شيخ السألما ابن تيمية فقال في الفتاوى ) : 4فإن الماما إذا خير
في السأرى بين القتل والسأترقاق والمن والفداءا ،فعليه أن يختار الصلح للمسلمين
فيكون مصيبا في اجتهاده حاكما بحكم الله ويكون له أجران ،وقد ل يصيبه فيثاب على
اسأتفراغ وسأعه ول يأثم بعجزه عن معرفة المصلحة ( .
كما اختار شيخ السألما ابن القيم قول الجمهور فقال في زاد المعاد ) : 5كان – أي
رسأول الله صلى الله عليه وسألم – يمن على بعضهم ويقتل بعضهم ،ويفادي بعضهم
بالمال ،وبعضهم بأسأرى المسلمين ،وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ( ثم سأاق من
الدلة ما تقدما .
وقرر ذلك ابن حجر في الفتح ) : 6قوله – أي قول ثمامة بن أثال للرسأول صلى الله
عليه وسألم عندما كان أسأيرا ًء -أن تقتل تقتل ذا دما وأن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت
تريد المال فسل منه ما شئت ،فإن النبي صلى الله عليه وسألم أقره على ذلك ولم ينكر
عليه التقسيم ،ثم من عليه بعد ذلك فكان في ذلك تقوية لقول الجمهور ،أن المر في
أسأرى الكفرةا من الرجال إلى الماما يفعل ما هو الحظ للسألما والمسلمين ،قال
الطحاوي وظاهر الية حجة للجمهور ،وكذا حديث أبي هريرةا في قصة ثمامة ،لكن في
قصة ثمامة ذكر القتل ،وقال أبو عبيد ل نسخ في شيءا من هذه الياتا بل هي محكمة
وذلك أنه صلى الله عليه وسألم عمل بما دلت عليه كلها في جميع أحكامه فقتل بعض
الكفار يوما بدر وفدى بعضا ومن على بعض ،وكذا قتل بني قريظة ومن على بني
المصطلق وقتل بن خطل وغيره بمكة ومن على سأائرهم وسأبى هوازن ومن عليهم ومن
على ثمامة بن أثال فدل كل ذلك على ترجيح قول الجمهور أن ذلك راجع إلى رأي الماما
،ومحصل أحوالهم تخيير الماما بعد السأر بين ضرب الجزية لمن شرع أخذها منه ،أو
القتل أو السأترقاق أو المن بل عوض أو بعوض هذا في الرجال ،وأما النساءا والصبيان
فيرقون بنفس السأر ويجوز المفاداةا بالسأيرةا الكافرةا بأسأير مسلم أو مسلمة عند
الكفار ولو أسألم السأير زال القتل اتفاقا ( أهم بتصرف .
وقال السيوطي في الشباه والنظائر ) : 7تصرف الماما على الرعية منوط بالمصلحة
،هذه القاعدةا نص عليها الشافعي ،وقال منزلة الماما من الرعية منزلة الولي من اليتيم
،ومنها أنه إذا تخير في السأرى بين القتل والرق والمن والفداءا لم يكن له ذلك بالتشهي
بل بالمصلحة حتى إذا لم يظهر وجه المصلحة يحبسهم إلى أن يظهر ( أهم بتصرف .
وقال الكاسأاني في بدائع الصنائع ) : 8وأما الرقاب فالماما فيها بين خياراتا ثلثة إن
شاءا قتل السأارى منهم وهم الرجال المقاتلة وسأبى النساءا والذراري لقوله تبارك
وتعالى } فاضربوا فوق العناق { وهذا بعد الخذ والسأر لن الضرب فوق العناق هو
البانة من المفصل ول يقدر على ذلك حال القتال ويقدر عليه بعد الخذ والسأر ،وروي
أن رسأول الله لما اسأتشار الصحابة الكراما رضي الله تعالى عنهم في أسأارى بدر فأشار
بعضهم إلى الفداءا وأشار سأيدنا عمر رضي الله عنه إلى القتل فقال رسأول الله لو جاءاتا
من السماءا نار ما نجى إل عمر أشار عليه الصلةا والسلما إلى أن الصواب كان هو القتل
،وكذا روي أنه عليه الصلةا والسلما أمر بقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوما
بدر وبقتل هلل بن خطل ومقيس بن صبابة يوما فتح مكة ولن المصلحة قد تكون في
القتل لما فيه من اسأتئصالهم فكان للماما ذلك ( أهم
قال الشوكاني في نيل الوطإار ) : 9ومذهب الجمهور أن المر في السأارى الكفرةا من
الرجال إلى الماما يفعل ما هو الحظ للسألما والمسلمين ،قال الطحاوي وظاهر الية
6
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
يعني قوله تعالى } فإما منا بعد وإما فداءا { حجة للجمهور ،والحاصل أن القرآن والسنة
قاضيان بما ذهب إليه الجمهور ،فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وآله وسألم المن وأخذ
الفداءا كما في أحاديث الباب ،ووقع منه القتل فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبة بن أبي
معيط وغيرهما ،ووقع منه فداءا رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في
حديث عمران بن حصين ،قال الترمذي بعد أن سأاق حديث عمران بن حصين المذكور
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسألم
وغيرهم ،أن للماما أن يمن على من شاءا من السأارى ويقتل من شاءا منهم ويفدي من
شاءا ،قال إسأحاق بن منصور قلت لحمد إذا أسأر السأير يقتل أو يفادى أحب إليك قال
إن قدر أن يفادي فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسأا (.
وقال العظيم آبادي في عون المعبود ) : 11باب قتل السأير ول يعرض عليه السألما
من رسأول الله صلى الله عليه وسألم الناس إل أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن أ ّ
وجدتموهم متعلقين بأسأتار الكعبة ،عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن
صبابة وعبد الله بن سأعد بن أبي السرح ( أهم .
قال السرخسي في المبسوط ) : 12قال وسأألته – أي أبو حنيفة -عن الرجل يأسأر
الرجل من أهل العدو هل يقتله أو يأتي به الماما؟ ،قال أي ذلك فعل فحسن ،لن بالسأر
ما تسقط الباحة من دمه حتى يباح للماما أن يقتله ،فكذلك يباح لمن أسأره كما قبل
أخذه ،ولما قتل أمية بن خلف بعدما أسأر يوما بدر لم ينكر ذلك رسأول الله صلى الله
عليه وسألم على من قتله ،وإن أتى به الماما فهو أقرب إلى تعظيم حرمة الماما ،والول
أقرب إلى إظهار الشدةا على المشركين وكسر شوكتهم فينبغي أن يختار من ذلك ما
يعلمه أنفع وأفضل للمسلمين ( .
وبعد عرض بعض أقوال العلماءا في ذلك يتبين للمستنكر أن قتلنا للسأرى لم يكن عن
هوى في أنفسنا ،بل إننا رأينا المصلحة في قتلهم مقابل المطالبة برجل واحد .
ولو قال أحد لنا فما ذنب السأرى التسعة إذا كان ذاك هو المجرم
والله يقول } ول تزر وازرة وزر أخرى {؟
نقول إن السأير بوزره اسأتحق القتل ،فإذا كممان اللممه سأممبحانه وتعممالى أجمماز لنما أن نقتممل
السأير فقط لنه أسأير ،أي لم تكن هناك مؤثراتا أخرى ترجح قتله ،فكيف والحممال هممذه
بعدما كان قتله بجريرةا غيره أعظم مصلحة ،ونعاملهم بقول الله } واتقوا فتنة ل تصمميبن
الذين ظلموا منكم خاصة { فنعاقب بعضهم بجريرةا بعضهم أردع لهم وأنكى ،وقد عامممل
الرسأول صلى الله عليه وسألم رجل ًء بجريرةا قومه .
وقد روى ذلك الحديث مسلم عن عمران بن حصين قال :كانت ثقيف حلفاءا لبني عقيل ،
فأسأرتا ثقيف رجلين من أصحاب رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم ،وأسأر أصممحاب
رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم رجل من بني عقيل ،وأصممابوا معممه العضممباءا فممأتى
عليه رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم وهو في الوثاق ،فقال " :يا محمد ! " فأتاه ،
فقال ) :ما شأنك ( ،فقال " :بما أخممذتني وأخممذتا سأممابقة الحمماج يعنممي العضممباءا ؟! " ،
فقال ) أخذتك بجريرةا حلفائك ثقيف ( .
فلم يكن الرسأول صلى الله عليه وسألم متجاوزا ًء بهذا الفعل فحممال الحممرب تقتضممي مثممل
هذه الفعال لضمان سألمة جند السألما ،بل إننا ل يمكن أن نحفظ أعراض المسمملمين إل
.[158 / 5] 10
.[247-248 / 7] 11
.[137-138 / 10] 12
7
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
بمثل هذه الفعال ،ولنا مبرراتا أخرى قد ل تتممبين لغيرنمما أن فممي قتممل السأممرى مصمملحة
راجحة متضحة لنا ،فممإن مننمما عليهممم وقممد فعلنمما لبعضممهم ،فهممذا ممما نممراه يصمملح لبعممض
الشخاص ،وإن قتلنا فهي مصلحة تقتضي ذلك ،وإن فادينا فالفداءا لبعضهم أصمملح ،ولممم
نكن مقيدين بفعل واحد تجاه السأرى ،بل إننا نتحرى الصلح لحالنا وحال المسلمين فممي
السأرى ،ونعمل ما نراه أرجح من الدلة لحال السأير ،فلما تحمر أنوف بعض الناس قبل
أن ينظروا في دليلنا واسأتدللنا ،ونسأل الله أن نكون ممن عرف الحق وأحسن اتباعه .
المسألة الثانية
جواز فداءا المسلمين بمن عندنا من أسأرى الكافرين
قال الشوكاني في نيل الوطإار ) : 13وقد ذهب إلى جواز فك السأير من الكفممار بالسأممير
من المسلمين جمهور أهل العلممم ،لحممديث عمممران بممن حصممين المممذكور ،وهممو بمماب أن
السأير إذا أسألم لم يزل ملك المسلمين ،عن عمران بن حصين قال :كانت ثقيف حلفمماءا
لبني عقيل فأسأرتا ثقيف رجلين من أصحاب رسأممول اللممه صمملى اللممه عليممه وآلممه وسأمملم
وأسأر أصحاب رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم رجل مممن بنممي عقيممل وأصممابوا معممه
العضباءا فأتى عليه رسأول الله صلى الله عليه وآله وسألم وهو في الوثاق فقال يمما محمممد
فأتاه فقال ) :ما شأنك ؟ ( فقال :بما أخذتني وأخممذتا سأممابقة الحمماج ؟ يعنممي العضممباءا ،
فقال ) :أخذتك بجريرةا حلفائك ثقيف ( ثم انصرف فناداه فقال :يا محمممد يمما محمممد ! ،
فقال ) :ما شأنك ؟ ( ،قال :إني مسلم قال ) :لو قلتها وأنت تملك أمممرك أفلحممت كممل
الفلح ( ثم انصرف عنه ،فناداه :يا محمد يا محمد فأتاه فقال ) :ما شمأنك ؟ ( ،فقمال :
إني جائع فأطإعمني وظمآن فاسأقني ،قال " ) هذه حاجتك ( ،ففدي بعد بممالرجلين ،رواه
أحمد ومسلم ( .
وبما أن الدليل واضح وهو نص صحيح صريح في المسممألة فلممن نزيممد علممى ذلممك ،ولكننمما
أحببنا أن نبين ذلك حتى ل يظن البعض أن مثل هذا الفعل هو " اسأتبزاز " غيممر مشممروع ،
بل إن الرسأول صلى الله عليه وسألم فعل ذلك ،وأبقى السأممير عنممده حممتى بعممدما أسأمملم
لكي يفاديه بأسأممرى المسمملمين ،وقممد كممان يحسممن إليممه ويطعمممه ويسممقيه حممتى أطإلقممه
برجلين من المسلمين .
المسألة الثالثة
في جواز مبادلة جيف الكافرين بأسأرى المسلمين أو بجثثهم
وفي هذه المسألة ما جاءا عند أحمد والترمذي 14عن ابن عباس رضممي اللممه عنهممما ) :أن
المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجمل ممن المشمركين ،فمأبى النمبي صملى اللمه عليمه
وسألم أن يبيعهم إياه ( ،قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريممب ل نعرفممه إل مممن حممديث
الحكم ،ورواه الحجاج بن أرطإاةا أيضا عن الحكم ،وقال أحمد بن حنبممل بممن أبممي ليلممى ل
يحتج بحديثه ،وقال محمد بن إسأماعيل بن أبي ليلى صدوق ولكن ل نعرف صحيح حممديثه
من سأقيمه ول أروي عنه شيئا ،وابن أبي ليلى صدوق فقيه وإنما يهم في السأممناد ،وقممال
أبو عيسى في موضع آخر بعد أن ذكر بن أبي ليلى وغيره ممن تكلممم فيهممم " فممإذا انفممرد
أحد من هؤلءا ولم يتابع ،لم يحتج به ،كما قال أحمد بن حنبل :ابن أبي ليلى ل يحتج بممه ،
إنما عني إذا انفرد بالشيءا ،وأشد ما يكون إذا لم يحفممظ السأممناد ،فممزاد فممي السأممناد أو
.[8/146-147] 13
.[214 / 4] 14
8
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
نقص ،أو غير إسأنادا ًء ،أو جاءا بما يغير فيه المعنى " وقد قال أبممو عيسممى عنممه أيضمما ًء فممي
موضع آخر " ويروي عن ابن أبي ليلى نحو هذا غير شيءا ،كممان يممروي مممرةا هكممذا ومممرةا
هكذا – يعني السأناد – وإنما جاءا هذا من قبل حفظه ،وأكممثر مممن مضممى مممن أهممل العلممم
كانوا ل يكتبون ،ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع "
قال المباركفوري في تحفة الحوذي ) 15باب ما جاءا ل تفادى جيفة السأير الجيفة جثممة
الميت إذا أنتن ،قاله في النهاية والمراد أنه ل تباع ول تبادل جثة السأير بشيءا من المممال
،قوله " حدثنا سأفيان " هو الثوري عن ابن أبي ليلى اسأمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى عن الحكم هو ابن عتيبة ،قوله " فأبى النبي صلى الله عليه وسألم أن يممبيعهم " فيممه
دليل على أنه ل يجوز بيع جيفة المشرك ،وإنما ل يجوز بيعها وأخذ الثمن فيها لنها ميتممة ل
يجوز تملكها ،ول أخذ عوض عنها وقد حرما الشارع ثمنها وثمن الصناما في حديث جممابر ،
وقد عقد البخاري في صحيحه بابا بلفظ طإرح جيممف المشممركين فممي الممبئر ول يؤخممذ لهممم
ثمن ،وذكر فيه حديث ابن مسعود في دعاءا النبي صلى الله عليه وسألم علممى أبممي جهممل
بن هشاما وغيره من قريش ،وفيه فلقد رأيتهم قتلوا يوما بدر فألقوا في بئر ،قال الحممافظ
قوله ول يؤخذ لهم ثمن أشار به إلى حديث ابن عباس " أن المشممركين أرادوا أن يشممتروا
جسد رجل من المشركين فأبى النبي صلى الله عليه وسألم أن يبيعهم " أخرجه الترمممذي
وغيره ،وذكر ابن إسأحاق في المغازي أن المشركين سأألوا النبي صلى الله عليممه وسأمملم
أن يبيعهم جسد نوفل بن عبد الله بن المغيرةا وكان اقتحم الخندق فقال النبي صمملى اللممه
عليه وسألم " ل حاجة لنا بثمنه ول جسده " فقال ابن هشاما بلغنا عن الزهري أنهممم بممذلوا
فيه عشرةا آلف ،وأخذه من حديث الباب من جهة أن العادةا تشهد أن أهل قتلممى بممدر لممو
فهموا أنه يقبل منهم فداءا أجسادهم لبذلوا فيها ما شاءا الله فهذا شاهد لحديث ابن عباس
،وإن كان إسأناده غير قوي انتهى ،قوله ابن أبي ليلى ل يحتج بحديثه الممخ ،قممال الحممافظ
في التقريب محمد بن عبد الرحمممن بممن أبممي ليلممى النصمماري الكمموفي القاضممي أبممو عبممد
الرحمن صدوق سأيءا الحفظ جدا من السابعة انتهى ،قال الحافظ في تهذيب التهممذيب :
قال عبدالله بن أحمد عن أبيه كان سأيءا الحفظ مضطرب الحديث كان فقه ابن أبي ليلى
أحب إلينا من حديثه ،وقال أبو حاتم عن أحمد بن يونس ذكره زائدةا فقال كان أفقه أهممل
الدنيا ،وعبد الله بن شبرمة بضم المعجمة وسأكون الموحدةا وضم الراءا ابن الطفيممل بممن
حسان الضبي أبو شبرمة الكوفي القاضي ثقممة فقيممه مممن الخامسممة ،قمماله الحممافظ فممي
التقريب وقال في تهذيب التهذيب كان الثوري إذا قيل له من مفتيكم يقول ابن أبي ليلممى
وابن شبرمة ( .
قال ابن رجب في جامع العلوما والحكم ) : 16ومما نهى عن بيعممه جيممف الكفممار إذا قتلمموا
خرجه الماما أحمد من حديث ابممن عبمماس رضممي اللممه عنممه قممال " قتممل المسمملمون يمموما
الخندق رجل من المشركين فأعطوا بجيفته مال فقال رسأول اللممه صمملى اللممه عليممه وآلممه
وسألم ادفعوا إليهم جيفته فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية " فلم يقبمل منهمم شميئا وخرجمه
الترمذي ،وخرجه وكيع في كتابه من وجه آخر عن عكرمة مرسأل ثم قال وكيممع الجيفممة ل
تباع ،وقال حارثة قلت لسأحاق ماتقول في بيع جيف المشركين من المشممركين قممال ل ،
وروى أبو عمرو الشيباني أن عليا أتي بالمستورد العجلممي وقممد تنصممر فاسأممتتابه فممأبي أن
يتوب فقتله فطلبت النصاري جيفته بثلثين ألفا فأبي علي فأحرقه ( .
الوجه الول :هو أن حديث المسألة ليس له إسأناد يحتممج بممه ،وقممد روي مممن طإممرق
ومدارها على محمد بن عبدالرحمن بممن أبممي ليلممى وعلممى الحجمماج بممن أرطإممأةا ،أممما عبممد
الرحمن بن أبي ليلى فقد تقدما قول الترمذي والبخاري وأحمد في تضعيفه وقال عنه ابن
الجوزي في الضعفاءا ) : 17قال عنه شعبه :ممما رأيممت أسأمموأ حفظمما ًء منممه ،وقممال أحمممد :
.[308– 307 / 5] 15
[1/419] 16
[3/76] 17
9
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
ضعيف ،وقال مرةا :سأيءا الحفظ مضطرب في الحممديث ( ،وقممال أبممو حمماتم فممي علممل
الحديث ) 18كان ابن أبي ليلى سأيئ الحفظ ( ،قال الذهبي في ميممزان العتممدال ) :قممال
كان يحيى يضعف ابن أبي ليلى ومطممرا عممن عطمماءا ،عممن ابممن عبمماس " :إن المشممركين
أرادوا أن يشتروا جسد رجممل أصمميب يمموما الخنممدق ...الحممديث " حسممنه الترمممذي وقممال
عبدالحق في أحكامه وابن القطان إسأناده ضعيف ،ومنقطع ل سأماع للحكم مممن مقسممم
إل لخمسة أحاديث ما هذا منها وضعفاه من جهة ابن أبي ليلى وقول الترمذي أولى ( .
أما الحجاج بن أرطإأةا فقد قال عنه أحمد ) :ل يحتج به ( ،وقال أبو حمماتم ) :يممدلس عممن
الضعفاءا ( وقد اتفق الحفاظ على تدليسه ،وهذا أمره ظاهر ،وقد عنعن في هذا الحديث
كما جاءا عند أحمد .
مقسم قيل عنه مدلس وقيل لم يسمع من ابن عباس وقمد عنعمن وله علة أخرى وهي أن ِ
وقد ضعفه محمد بن سأعيد وقال عنه أبو حاتم ) :صممالح الحممديث ل بممأس بممه ( ،وعنممدما
سأئل أحمد عن أصحاب ابن عبماس ) :قممال سأممتة ثمم عمدهم ولممم يعمد مقسمم ،قيممل لممه
ومقسم ؟ قال مقسم دون هؤلءا ( .
وله علة أخرى وهي أن الحكم بن عتيبة الذي روى بكل السأانيد عن مقسم ،لم يثبممت لممه
سأماع لهذا الحديث وقد قدمنا قول عبدالحق في أحكامه وابن القطان إسأممناده ضممعيف –
أي حديث الباب -ومنقطع ل سأماع للحكم من مقسم إل لخمسة أحاديث ممما هممذا منهمما"
وقال عنه النسائي الحكم " مدلس " وقد عنعن في هذا الحديث ولممم يصممرح بالتحممديث ،
وقال عبدالله سأمعت أبي يقول :الذي يصحح الحكم ،عن مقسم أربعة أحاديث :حممديث
الوتر وحديث عزيمة الطلق والفيءا والقنوتا ،ثم قال الله عندما سأئل هل روى غير هممذا
قال يقولون هي كتاب ،أرى حجاجمما روى عنممه ،عممن مقسممم عممن ابممن عبمماس نحمموا ًء مممن
خمسين حديثا ًء ،وابن أبي ليلى يغلط فممي أحمماديث مممن أحمماديث الحكممم " وقممال عبممدالله
وسأمعت أبي مرةا يقول :قال ش عبة " همذه الربعمة المتي يصمححها الحكمم ،سأمماع ممن
مقسم " .
فإذا كان هذا الحديث ل تقوما بإسأناده حجة فل دليل فيه على حرمممة بيممع جيممف الكممافرين
على أهليهم إذا احتيج إلى ذلك في الحرب .
الوجه الثاني :قد يقول البعض إن هممذا الحممديث مممع أن إسأممناده ل تقمموما بممه حجممة ،
ولكن له شواهد تعضده منها ما جاءا في الصحيحين من إلقمماءا جيممف قتلممى بممدر فممي الممبئر
والعراض عن بيعها كما فهم البخاري ،ومنها ما ثبت من نهي النبي صلى الله عليه وسألم
عن بيع الميتة .
فنقول إن كبار الحفاظ كأحمد وابن المديني وغيرهما ،ل يقبلون الشواهد للحممديث إل إذا
توفرتا في الحديث المراد تقويته بالشواهد شروط ،ومن هذه الشروط أن ل يكون أصل ًء
في الباب ،وهذا الحديث نعتبره أصل في باب النهي عن بيع جيف الكممافرين لممذويهم فممي
حال الحرب ،رغم أننا نقول بحرمة بيع الميتة ولكن في السلم و ليس في الحرب ،أما ما
نريد تحريمه في حال الحرب فيحتاج إلى دليل منفرد يفيد تحريمه في حال الحممرب ،وإذا
لم يصح حديث ابن عباس ،فيبقى المر في الحرب على أنه مسكوتا عنه ،ول تعمل فيه
الدلة الخرى التي تفيد تحريممم بيممع الميتممة فممي السمملم ،لن ممما حممرما فممي السمملم ليممس
بالضرورةا أن يكون محرما ًء في حال الحرب ،ل سأمميما إذا كممان مممما فيممه مصمملحة ظماهرةا
للجند أو لبلد المسلمين ،والشواهد على جواز فعل المحرممماتا فممي الحممرب كممثيرةا مممن
السنة ومن فعل الصحابة أيضا ًء ،كتحريق الرسأول صلى الله عليه وسألم لنخل اليهود وهو
قد نهى عن تحريق الشجر في أحاديث أخرى ،وإباحته الكذب في الحممرب ،وعقممر دواب
العدو كما فعل علي في غزوةا حنين ،ولبس الحريمر ،والختيمال ،وكمما أذن رسأمول اللمه
صلى الله عليه وسألم أن يقف الصحابة على رأسأه حرسأا ًء في صلح الحديبيه وهذا ما كممان
ينكره في غير هذا الموضع لما فيه من تعظيم له ،وقد كتب جند الشاما لعمممر رضممي اللممه
فروا – أي غطوا أسألحتهم بالحرير – وجدنا ذلممك رعبمما ًء عنه إنا إذا لقينا العدو ورأيناهم قد ك ّ
[251-278] 18
10
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
فرون أسألحتهم ،وقممد قممال فروا أسألحتكم ،كما يك ّ في قلوبنا ،فكتب إليهم عمر :وأنتم ك ّ
شيخ السأملما عنمدما سأمئل عمن لبمس الحريمر لرهماب العمدو قمال فيمه قمولن للعلمماءا ،
وأظهرهما الجواز ،ويذهب رحمه الله إلى أبعد من ذلك في تقرير مثل هذه الحكمماما فممي
الحرب خاصة لوجود مصلحة في ذلك ،رغم ورود النصوص المحرمة لمثلممه مممن الحكمماما
في غير حال الحرب ،ففي كتاب السأتقامة 19قال " وأما الكفار فزوال عقل الكافر خيممر
له وللمسلمين ،أما له فلنه ل يصده عن ذكر اللممه وعممن الصمملةا ،بممل يصممده عممن الكفممر
والفسق ،وأما للمسلمين فلن السكر يوقع بينهممم العممداوةا والبغضماءا فيكممون ذلممك خيممرا
للمؤمنين ،وليس هذا إباحة للخمر والسكر ولكنه دفع لشر الشرين بأدناهما ،ولهذا كنممت
آمر أصحابنا أن ل يمنعوا الخمر عن أعداءا المسلمين من التتار والكرج ونحمموهم ،وأقممول
إذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلةا بل عن الكفممر والفسمماد فممي الرض ،
ثم إنه يوقع بينهم العداوةا والبغضاءا ،وذلك مصلحة للمسلمين فصحوهم شر من سأكرهم
فل خير في إعانتهم على الصحو ،بل قد يستحب أو يجب دفع شممر هممؤلءا بممما يمكممن مممن
سأكر وغيره " ،وقد وصلنا عندما كنا في أفغانستان فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صممالح
العثيمين حفظه الله مفادها ،عندما سأئل عن التمثيل بجثث العدو ،فقال إذا كانوا يمثلون
بقتلكم فمثلوا بقتلهم ل سأيما إذا كان ذلك يوقع الرعب في قلوبهم ويردعهم والله تعالى
يقمول )فممن اعتممدى عليكممم فاعتممدوا عليمه بمثمل ممما اعتمدى عليكمم ( ،إذن هممذه الدلمة
والفتاوى تبين أن للحرب أحوال خاصة ل يصلح أن نعمم عليها الحكم بأدلممة الحضممر ،فممما
نريد أن نحكم به في الحرب يحتاج إلى دليل ظمماهر الدللممة صممحيح السممند يفيممد الحكممم ،
وحتى ولو كان منهيا ًء عنه في حال الحرب ،فإن النهي ل يكون مطلقا ًء علممى كممل حممال ،ل
سأيما إذا تعارض مع مصلحة أكبر أو جر ضممررا ًء علممى المسمملمين أعظممم ،ودليممل ذلممك أن
الرسأول صلى الله عليه وسألم نهى عن التحريق وقطع الشممجار ونهممى عممن قتممل النسمماءا
والصبيان وعندما حاصر بني النضير حرق نخلهم كما في البخاري ،وعندما سأئل كممما فممي
الصحيحين عن تبييت المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم أجاز ذلك وقال ) هم منهم
( ،بل إن المر أعظم من ذلك فلو تترس الكفممار بأسأممرى المسمملمين ،ودعممت الضممرورةا
إلى قصف الكفار بحيث لو كف عنهم المسلمون ظفروا بهم أو أكثروا فيهممم القتممل ،جمماز
رميهم رغم ما يصمماب مممن أسأممرى المسمملمين ،وهممذا مممذهب الشممافعي كممما فممي مغنممي
المحتاج ) (4/224وأحمد كما في كشاف القناع ) (3/51وأبي حنيفة كما في شرح فتممح
القدير ) ، (448-5/447كل ذلك من الدلة والفتاوى تقوي القول بأن حديث الباب يعتبر
أصل ًء يحتاج لن يصح بنفسه ل أن يشد بغيره ليفيد تحريم المسألة ،وإذا تعذر ذلممك ،فلنمما
أن نقول في المسألة من الصعب أن نحرمها تورعا ًء بغير دليل ظاهر الدللممة ،خاصممة وأن
ذلك ربما يضيع مصلحة علينا والله تعالى أعلم بالصواب .
الوجه الثالث :إن ما نحن بصدده من إعلننا أننا نريد مبادلة جيممف السأممرى ،ببعممض
السأرى من المسلمين ،إن همذا العلن إنمما همو إعلن مبادلمة ،وليمس إعلن بيمع ،فلمو
حسن حديث الباب بشواهده فل يدل على حرمة المبادلة فهذه مبادلممة وليسممت بيممع فيهمما
ثمن ومثمن ،قال الشوكاني في السيل الجرار ) " (568 / 4وأما قوله ويجوز رد الجسد
مجانا فل وجه للتقييد بقوله مجانا ؛ لن أموال الكفار يجوز التسلف لها بكل ممكن وليممس
هذا من باب المبايعة حتى تدخل فممي بيممع الميتممة وبيممع النجممس " .قممال السرخسممي فممي
المبسوط ) "( 138-137 / 10قال وسأألته – أي أبو حنيفة – عن الرجل من أهل الحرب
يقتله المسلمون هل يبيعون جيفته من أهل الحرب قال ل بأس في ذلك بدار الحرب فممي
غير عسكر المسلمين ،وقال أبو يوسأف أممموال أهممل الحممرب تحممل للمسمملمين بالغصممب
فبطيب أنفسهم أولى ،معناه أن في غير عسكر المسلمين ،ل آمان لهم في المال الممذي
جاءاوا به فإن للمسلمين أن يأخمذوه بمأي طإريمق يتمكنمون ممن ذلمك ول يكمون همذا أخمذا
بسبب بيع الميتة والدما ،بل بطريق الغنيمة ولهممذا يخمممس ويقسممم ممما بقممي بينهممم علممى
طإريق الغنيمة " .وقال محمد الشيباني في السير) " (249 / 1قال أبو يوسأف وسأألته
عن الرجل من أهل الحرب يقتله المسلمون هل يبيعون جيفتممه مممن المشممركين قممال أبممو
حنيفة ل بأس بذلك في دار الحمرب فمي غيمر عسمكر المسملمين أل تمرى أن أمموال أهمل
الحرب تحل للمسلمين أن يأخذوها فإذا طإابت بها أنفسهم فهو جائز " ،هذا ما رأيناه مممن
[2/165 ] 19
11
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
جواز المبادلة ،لنه ل يوجد دليل على منع البيع فكيف بالمبادلة ؟ ،لذا قلنا بالجواز وعملنا
به ،وقد سأبق أن بادلنا 14عشر رأسأا ًء من رؤوس الروس ،بثلث جثث من جثث إخواننا ،
فمصلحة هذه المعاملة ظاهرةا بالنسبة لنا ومنعها بل دليل قوي مضر لمصلحتنا .
المسألة الرابعة
في جواز نقل جثث أو رؤوس الكافرين
إن جواب هذه المسألة متفرع عن ما قبلها ،فمن قال بجواز مبادلة الجيممف بالسأممرى ،ل
شك من باب أولى أن يجيز نقل جيف الكافرين للمصلحة ،ونحن تطرقنمما لهممذه المسممألة
لنه ُنص على منعها في بعض كتب المحدثين ،جاءا عند البيهقي فممي سأممننه الكممبرى ) / 9
" (132باب ما جاءا في نقل الرؤوس ،قال عممن عقبممة بممن عممامر الجهنممي أن عمممرو بممن
العاص وشرحبيل بن حسنة بعثا عقبة بريدا إلى أبي بكر الصديق رضممي اللممه عنممه بممرأس
يناق بطريق الشاما ،فلما قدما على أبي بكر رضي الله عنه أنكر ،ذلك فقال لممه عقبممة يمما
خليفة رسأول الله صلى الله عليه وسألم فإنهم يصنعون ذلك بنمما ،قممال أفاسأممتنان بفممارس
والروما ؟ ،ل يحمل إلي رأس فإنما يكفي الكتاب والخبر ( وقال معاويممة بممن خديممج يقممول
هاجرنا على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فبينا نحن عنده إذ طإلع المنبر فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال ،إنه قدما علينا برأس يناق البطريق ولم تكممن لنمما بممه حاجممة إنممما هممذه
سأنة العجم ( وعن عبد الكريم الجزري أنه حدثه ) أن أبا بكر الصديق رضي الله عنممه أتممي
برأس فقال بغيتم ( وقال عن الزهري قال لم يحمل إلممى النممبي صمملى اللممه عليممه وسأمملم
رأس إلى المدينة قط ول يوما بدر ،وحمل إلى أبي بكر رضي الله عنممه فكمره ذلمك ،قممال
وأول من حملت إليه الرؤوس عبد الله بن الزبير ،قمال الشمميخ والمذي روى أبممو داود فمي
المراسأيل عن أبي نضرةا قال لقي النبي صلى اللمه عليمه وسأملم العمدو فقمال ) ممن جماءا
برأس فله على الله ما تمنى فجاءاه رجلن برأس فاختصما فيه فقضى به لحممدهما ( هممذا
حديث منقطع وفيه إن ثبت تحريممض علممى قتممل العممدو وليممس فيممه نقممل الممرأس مممن بلد
الشرك إلى بلد السألما " أهم بتصرف .
وقد روي ما يدل على جواز نقل الرؤوس وإن كان فيه مقال ،قال ابن جرير في تاريخه )
" ( 2/37حدثنا ابن حميد قال حدثنا سألمة عن محمد بن إسأممحاق وزعممم رجممال مممن بنممي
مخزوما أن ابن مسعود كان يقول قال لي أبو جهل لقد ارتقيممت يمما رويعممي الغنممم مرتقممى
صعبا ،ثم احتززتا رأسأه ثم جئت به رسأول الله صلى الله عليه وسأمملم فقلممت يمما رسأممول
الله هذا رأس عدو الله أبي جهل قال ) فقال رسأول الله صلى الله عليه وسألم آلله الممذي
ل إله غيره ( وكانت يمين رسأول الله صلى الله عليه وسألم قال قلممت نعمم واللمه المذي ل
إله غيره ثم ألقيت رأسأه بين يدي رسأول الله صلى الله عليه وسألم قال ) فحمممد اللممه ( ،
وقال الحافظ في الفتح ) " (7/295وفي حديث بن عباس عند بن إسأحاق والحاكم ،قال
بن مسعود فوجدته بآخر رمق فوضعت رجلي على عنقه فقلت أخزاك اللممه يمما عممدو اللممه
قال وبما أخزاني هل أعمد رجل قتلتموه قال وزعم رجال من بني مخزوما أنه قال له لقد
ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ،قال ثم احتززتا رأسأه فجئت به رسأمول اللمه صملى
الله عليه وسألم فقلت هذا رأس عدو الله أبي جهل " ،وأورد الذهبي في السير ) 3/371
( " قال ابن الزبير هجم علينما جرجيمر فمي عشمرين ومئمة ألمف فأحماطإوا بنما ونحمن فمي
عشرين ألفا يعني نوبة إفريقية ،قال واختلف الناس على ابن أبي سأرح فدخل فسطاطإه
فرأيت غرةا من جرجير بصرتا به خلف عساكره على برذون أشهب معه جاريتممان تظللن
عليه بريش الطواويس بينه وبين جيشه أرض بيضاءا ،فأتيت أميرنا ابن أبممي سأممرح فنممدب
لي الناس فاخترتا ثلثين فارسأا وقلت لسائرهم البثوا على مصافكم وحملت وقلممت لهمم
احموا ظهري فخرقت الصف إلى جرجير وخرجت صامدا وما يحسممب هممو ول أصممحابه إل
أني رسأول إليه حتى دنوتا منه ،فعرف الشر فثابر برذونه موليا فأدركته فطعنته فسمقط
12
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
ثم احتززتا رأسأه فنصبته على رمحي وكبرتا وحمل المسلمون فارفض العدو ومنح اللممه
أكتافهم " ،
وقال يوسأف الحنفي في معتصر المختصر ) " (245-244 / 1في نقل رأس الكافر ورى
عن علي بن أبي طإالب قال أتى رسأول الله صلى الله عليه وسألم بممرأس مرحممب ،وروى
عن البراءا قال قال لقيت خالي معه الراية فقلت أين تممذهب فقممال أرسأمملني رسأممول اللممه
صلى الله عليه وسألم إلى رجل تزوج امرأةا أبيه من بعد أبيممه أن آتيممه برأسأممه ،وعممن عبممد
الله الديلمي عن أبيه قال أتينا رسأول الله صلى الله عليه وسأملم بمرأس السأمود العنسمي
الكذاب فقلت يا رسأول الله قد عرفت من نحن فإلى من نحممن قممال إلممى اللممه عممز وجممل
وإلى رسأوله ،وكان أتيانهم به من اليمن ليقممف صمملى اللممه عليممه وسأمملم علممى نصممر اللممه
وعلى كفايته المسلمين شأنه ،وفيه إجازةا نقممل الممرؤوس نكممال مممن بلممد إلممى بلممد ليقممف
الناس على النكال الذي نزل بهم ومن هذا الجنس قوله تعالى ) وليشهد عممذابهما طإائفممة
من المؤمنين ( وقوله في آية المحاربين ) أن يقتلوا أو يصلبوا ( ليشتهر في الناس أمرهم
وإنكار أبي بكر على عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة حين بعثا رأسأا إليه اجتهمماد منممه
لما ظهر إليه من السأتغناءا عنه ،أل ترى أن أمراءا الجناد منهم يزيد بن أبي سأفيان وعقبة
بن عامر بحضرةا من كان معهم لم ينكروا ذلك لما رأوا فيه من إعزاز دين الله وغلبة أهله
الكفار ،فالمرجع في مثله إلى أراءا الئمة يفعلون من ذلك ما يرونه صوابا مناسأبا لمموقتهم
،ويتركونه إذا اسأتغنوا عنه ،وقد أتى عبد الله بن الزبير بمرأس المختمار فلمم ينكممر ذلمك ،
روي أن البريد لما وضعه بين يديه قال ما حدثني كعمب بحممديث إل وجمدته كممما حمدثني إل
هذا فإنه حدثني أنه يقتلني رجل من ثقيف ،وها هو قد قتلته قال العمش ول يعلم أن أبمما
محمد يعني الحجاج مرصد له بالطريق " .
قال الشوكاني في السيل الجرار ) " (568 / 4قوله ويكره حمل الرؤوس أقول إذا كان
في حملها تقوية لقلوب المسلمين أو إضعاف لشوكة الكافرين فل مانع من ذلك ،بل هممو
فعل حسن وتدبير صحيح ول وجه للتعليل بكونها نجسة فإن ذلك ممكن بدون التلمموث بهمما
والمباشرةا لها ،ول يتوقف جواز هذا على ثبوتا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسألم
،فإن تقوية جيش السألما وترهيب جيش الكفار مقصد من مقاصد الشممرع ومطلممب مممن
مطالبه ل شك في ذلك ،وقد وقع في حمل الرؤوس في أياما الصحابة ،وأما ما روي مممن
حملها في أياما النبوةا فلم يثبت شيءا من ذلك ".
وما أجمل كلما الماما الشوكاني وتقعيده لمثل هذه المسائل ،بحيث جعممل المقصممد فممي
الحرب هو تقوية جيش السألما وترهيب جيش الكفار ،وبهذه القاعممدةا نسممتطيع أن نمموجه
أفعال النبي صلى الله عليه وسألم في وقت الحرب التي خالفت نهيه ،أما هممذه المسممألة
فل شك أن أدلتها المانعممة أضممعف مممن أدلممة المسممألة الممتي قبلهمما وممما قلنمماه فممي تمموجيه
المسألة السابقة نقوله في هذه المسألة ،والله تعالى أعلى وأعلم .
المبحث الثاني :الرد على من احتج علينا وقال إنه يجب علينا أن نلتزما بما تعهدنا بممه مممن
المواثيق الدولية واحتراما حقوق النسان .
وقبل أن نبدأ بهذا المبحث ل بد لنمما أن نعممرف ممما هممي معاهممدةا جنيممف الخاصممة بالسأممرى
وأحكامهم الدولية ،إن الوثيقة الدولية بحق السأرى المعمول بها في الدول العضاءا لهيئة
المم المتحده هي معاهدةا جنيف الموقعممة عمماما 1949ما والممتي تنممص علممى " أن أسأممرى
الحرب يعتبرون تابعين لسلطة دولة العدو وليس لسلطة الفممراد أو الوحممداتا العسممكرية
التي أسأرتهم ،وعلى هذه الدولة أن تعاملهم دون تمييز للون أو لعنصر أو لعقيدةا دينيممة أو
سأياسأية ،وعليها أن ل تنزل بهم تعذيبا ًء بدنيا ًء أو معنويا ًء ،وأن ل تجردهم من شاراتا رتبهممم
وأوسأمتهم ونقودهم ،وأن تتوافر في معسكراتهم الشروط الصممحية اللزمممة ،وأن يقممدما
لهم الغذاءا واللباس واللزمان ،وأن يكون لكممل معسمكر مستوصممف ،كمما يحممق لسأمرى
الحرب ممارسأة نشاطإهم الفكري والثقافي والرياضي ،ويسمح لهم بإرسأممال الرسأممائل و
البطاقمماتا واسأممتلمها ،ولكممن تحممت الرقابممة ،ويحمماكم أسأممرى الحممرب أممماما المحمماكم
13
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
العسكرية فقط ،ول يجوز إصدار حكم على أسأير دون إعطائه فرصة للممدفاع عممن نفسممه
والسأتعانة بمحاما أو مستشار قانوني ،ويفرج عن أسأرى الحرب ويعممادون إلممى أوطإممانهم
لدى وقمف العممال العدائيمة " همذه همي شمريعة الممم المتحمدةا المتي يتحماكم له ا دول
العضاءا ،وأي دولة ل تلممتزما تطممبيق هممذه المعاهممدةا فربممما تخضممع لعقوبمماتا مممن الممدول
العضاءا أو توقف قروضها أو يمتنع مجلس المن عن اتخاذ قراراتا تخص حمايممة أراضمميها
إلى غير ذلك من العقوباتا .
وردنا على من احتج علينا بأنه يجب علينا الوفاء بهسسذا العهسسد مسسن
وجوه :
الول :إننا لسنا أعضمماًءءا بهممذه المنظمممة ول نرضممى أن نكممون أعضمماًءءا بهمما حممتى نلممتزما
بعهودها ومواثيقها.
ثانيا ً :لو كنا أعطينا أحدا ًء من الكفار عهمدا ًء بمأن ل نقتمل أسأمراهم للتزمنمما لهممم بعهمدهم
لقول الله تعالى ) أوفوا بالعقود ( وقوله ) ول تكونوا كالتي نقضممت عزلهمما مممن بعممد قمموةا
أنكاثا ًء ( وقوله ) ول تنقضوا اليمان بعد توكيدها ( ،ولقول الرسأول صلى الله عليه وسأمملم
كما في الصحيحين ) إذا جمع الله الولين والخرين ُيرفع لكل غادر لواءا ويقال هذه غممدرةا
فلن بن فلن ( ،وللتزاما رسأول الله صلى الله عليه وسألم بالعهد الذي وقعه مممع قريممش
حتى نكثوا هم ولم ينكث ،ولم نعط روسأيا ًء عهودا ًء بذلك حتى يقال لنا أنكم نكثتم العهود .
ثالثا ً :إن بعض ما جاءا بالوثيقة النفة الذكر ،أمرنا بممه ربنما ،وعلمى أننمما نكفممر بالوثيقمة
ومن شرعها ،إل أننا نقر أن فيها موافقاتا لشرعنا ،مثل الحسان إلى السأير ،وبشممهادةا
السأرى الذين أطإلقناهم سأابقا ًء أن ما وجمدوه عنمدنا لمم يجمدوه فمي كتمائبهم ممن العنايمة
والحسان ،ويكفينا للحسان إليهم مدح الله للمحسنين بقوله ) ويطعممون الطعماما علمى
حبه مسكينا ًء ويتيما ًء وأسأيرا ًء ( ولم يكن السأير في وقت الصحابة إل كافرا ًء ،فمدح الله من
يحسن للسأير حتى وهو كافر ،وجمماءا فممي الصممحيح أن الرسأممول صمملى اللممه عليممه وسأمملم
أحسن إلى ثمامة بن أثال بعدما ربطه في المسجد حتى من عليه بعد أياما وأسأمملم ثمامممة
رضي الله عنه بسبب إحسان الرسأول صلى الله عليه وسألم إليه ،وشواهد فعل الرسأول
صلى الله عليه وسألم وإحسانه للسأرى والمن عليهم كممثيرةا تغنينمما عممن البحممث فممي غيممر
شرعنا عن ما يصلح لنا في حربنا وسألمنا ،ولو أننا ل نريممد الطإالممة لسممردنا بعممض أحكمماما
السأير التي أمرنا شرعنا بها ليتبين للمستنكر علينا عظم شرعنا وشموله .
رابعا ً :إن هذه المعاهداتا الدوليممة وغيرهمما الممتي يصممدقها ضممعاف العقممول ،إنممما هممي
موضوعة ل للتطبيق من قبل الدول الدائمة العضوية في مجلس المن ،إنممما هممي سأمموط
تساق به الدول الضعيفة ،وحد تحمي بها الدول الخمس رجالها ،فهممي تممدفعهم ليفسممدوا
وإذا ُأسأروا ضمنت رفاهيتهم و خروجهم ،فبما أنه ل يوجد لها رادع فلن تخشى غزو الدول
الخرى ،والسأتنكار يأتي على الدول الضعيفة المغلوب على أمرها ،أما هم وربممائبهم فل
،ونسوق أمثلة على ذلك نبين فيهمما أن الممدول الدائمممة العضمموية ل تلممتزما بممما ألزمممت بممه
غيرها ،فإذا كان الحق لها أبرزتا الوثيقة ،وإن كان عليها قالت ما فعلناه يقتضيه أسأمملوب
ردع العدوان ونحن نحتفظ بحقنا بأسألوب الرد ،والمثلة هي :
-1المجزرةا التي حدث للمسلمين في البوسأنة في شهر ربيع الول من عاما 1416هم في
مدينتي ) جيبا وسأيربرنيتسا ( ،وكان ذلك بمعاونة رجال المم المتحدةا )صاحبة الوثيقة( ،
وكانت المدينتين سألمتا إلممى قممواتا المممم المتحممدةا مممن قبممل الصممرب ،وفرضممت المممم
المتحدةا الحماية للمدينتين واعتبرتا مناطإقا ًء آمنممة ،ثممم بعممدها تحممرك الصممرب بحشممودهم
العسكرية باتجاه المدينتين وقواتا المم المتحمده لتحممرك سأماكنا ًء ،بممل إنهمما مهممدتا لهممم
الطريق وأخلت بعض المواقع الدفاعيمة قبمل ذلمك بيممومين ،وتسمماعد الجنممود الهولنمديين
التابعين لقممواتا المممم المتحممدةا مممع الصممرب وأعطمموهم لباسأممهم ووقممودهم قبممل دخممول
14
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
المدينتين ،وكان حلف الناتو يعلم بتحرك الصرب نحو المدينتين ولم يتخذ أيممة إجممراءااتا ،
ثم دخل الصرب على المدنيين بزي رجال المم المتحدةا ،وطإلبوا من النمماس أن يتوجهمموا
إلى مصنع اللمنيوما ) مقر المممم المتحممده ( ،وبعممد أن تجمممع النمماس فيممه أقمماما الصممرب
مجزرةا هناك ،تم ذبح عدد كبير من المسلمين فيه ،وبقيمة السمكان واجهموا أنمواع القتمل
والغتصاب والتشريد وكانوا أكثر من 45ألف مسلم ،وأين كانت قواتا المم المتحممدةا ؟
إنهمما أصممبحت قممواتا مسمماندةا للصممرب بالقتممل والغتصمماب والتشممريد ،وبعممد دخممول
)سأيربرنيتسا (جهز المجرما ) راتلموا ملدتمش ( 40حافلمة لنقمل الشمباب والفتيماتا إلمى
أماكن مجهولة ،وبقية السكان الناجين من العجزةا والطإفممال اتجهمموا إلممى مدينممة تمموزل ،
وأصبحت ) جيبا وسأيربرنيتسا ( خاويتين علممى عروشممهما ،وبعممدها بأسأممابيع نقلممت المممم
المتحدةا نصارى الكرواتا الفارين من مدينتي ) كرينا وكينيممن ( إثممر اجتيمماح الصممرب لهممما
البممالغ عممددهم مئتمما ألممف ،نقلتهممم بحافلتهمما وخلل عشممرةا أيمماما إلممى مممدينتي ) جيبمما
وسأيربرنيتسا ( التين فرغتا لجل هذه الهجرةا ،وصممرح بعممض رجممال المممم المتحممدةا بعممد
اجتياح الصرب لمدينتي ) كرينا وكينين ( صرح بأن حقوق النسان تقتضممي الوقمموف بكممل
ما نستطيع من إمكاناتا لنقاذ الكممرواتا المهجريممن مممن الكارثممة وبالفعممل تممم إنقمماذهم و
إنزالهم في مساكن المسملمين الممذين سأممحقوا وهجمروا ول بمواكي لهممم ،فمانظروا كيمف
سأاعدوا الصرب في العملية الولى ضد المسمملمين ،ووقفمموا مممع الكممرواتا فممي العمليممة
الثانية وقالوا إن من تماما حقوق النسان أن ننهض لمساعدةا المهجرين ،واسأألوا الميممن
العاما آنذاك ) بطرس غالي ( لماذا لم يعاملوا الصرب كما عاملوا العراق قبلممه ؟! ،فممأين
المواثيق وأين العهود وأين حقوق المدنيين قبل حقوق السأرى .
-2المثل الخر هو ما حدث للسأرى العراقيين أثنماءا اجتيماح القمواتا المريكيمة للكمويت ،
عندما دبرتا القواتا المريكية والبريطانية ،مجزرةا بشعة لكممثر مممن ثمانيممة آلف جنممدي
عراقي ،وكان ذلك في يومي ) 25-24فبراير (1991حيممث قممامت الممدباباتا المريكيممة
من طإراز ) لبرامز و برادلي ( وعرباتا أخرى مزودةا بجرفاتا بدفن أكثر مممن ثمانيممة آلف
جندي عراقي أحياءا في مواقعهم وكانوا قد التزموا خنادقهم بعد حصار القواتا لهم .
وقد نشرتا صحيفة ) واشنطن بوسأت ( المريكيممة مقممابلتا مممع عممدد مممن ضممباط فرقممة
المشاةا اللية الولى تحدثوا فيها عن دفن جنود عراقيين وهم علممى قيممد الحيمماةا فممي تلممك
الخنادق التي يبلغ عرضها ثلثة أقداما وعمقها سأتة أقداما .
كما نشرتا صحيفة ) نيوز ديلي ( المريكية تفاصيل العملية من خلل لقمماءااتا مممع القممادةا
العسكريين المريكيين في الفرقة الحمراءا المريكية التي نفذتا العملية .
وقال العقيد ) مورنيو ( قائد الكتيبة الثانية في الفرقة الحمراءا أن عملية الدفن التي تمت
كانت عملية تكتيكية عسكرية دقيقة للقواتا المريكية في الخليممج ،ومممن بيممن مخططممي
الجريمة كان هناك المهندس ) سأتيفن هاوكيش ( في الفرقة الولى الممذي كممان قممد أقمماما
معسكرا ًء تدريبيا ًء من أجممل تممدريب وتعليممم جنممود حفممظ المممن علممى عمليممة دفممن الجنممود
العراقيين أحياًءءا في خنادقهم .
وقال العقيد ) مورينو ( أنه بعد تنفيذ العملية ونظرا ًء لبشاعة الموقف وللخشية من قممدوما
الصحفيين فقد تمت عملية مسح الرمال وتغطيتها من خلل معداتا وأجهزةا حربية أخممرى
لخفاءا المجزرةا وأي أثر لها ،وأفادتا الصحيفة أن العسكريين الذين نفممذوا هممذه العمليممة
حصلوا على أوسأمة وألقاب من ) البنتاغون ( حيث نقلت عن عسكري أمريكي لممم يممذكر
اسأمه أن تسلم النجمة الفضية ولقب ) بطل حرب ( من جراءا ذلك النوع من العملياتا .
وحدد الناطإق باسأم ) البنتاغون ( ) بيت وليامز ( في إيجماز للصمحافة فمي ) سأمبتمبر ممن
عاما 1991ما ( الهدف من هممذه المجممرزةا فقممال " إن المممر كممان يتعلممق بتجنممب مواجهممة
العراقيين الذين اختاروا البقاءا في خنادقهم أو خلف السواتر والمواجهة ،وأن عدد الممذين
دفنوا كان كبيرا ًء وكان هدف الفرقة المريكية هو اختراق الساتر العراقي ومغادرةا المكان
15
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
بسممرعة كممي يتسممنى المممرور للفرقممة المدرعممة الولممى البريطانيممة ،أي أن تمممر الفرقممة
البريطانية خلل الساتر من دون معوقاتا أو متاعب تنجم عن التأخير ( .
ل يظممن أحممد أننمما سأممقنا هممذا الممدليل تأييممدا ًء لموقممف العممراق فممي عممدوانه السممابق علممى
المسلمين في الكويت ،ولكننا سأقناه لنبين كيف تخالف الدول المتسمملطة ممما سأممنته مممن
معاهداتا ،وكيف أجرمت في حق السأرى واعتبرتا أنهم هم الذين أخطئمموا ،وأن عملهمما
عمل عسكري تكتيكي دقيق ،ولكم أن تتصمموروا كيممف يمكممن للجرافمماتا أن تقممترب مممن
الخنادق إذا كان من فيها يقاتلون ،فل يمكن أن يكون ذلممك إل لن الجنممود قممد اسأتسمملموا
ولزموا خنادقهم ،فانظروا كيف ُقلبت الممموازين وأصممبح الجممرما فنمما ًء وحذاقممة ،ولممو كممان
كرون العراق همو المذي فعمل ذلمك بجنمودهم لسأمتنكر العمالم الغربمي أجممع ،وبمدؤوا يمذ ّ
بمعاهدةا ) لهاي ( 1907ومعاهدةا ) جنيف (1949وغيرها من المعاهداتا والبنممود الممتي
يقصمون بها ظهر من يريدون .
-3قامت القواتا السأممرائلية بعممد انتهمماءا حممرب ) أكتمموبر 1973ما ( بقتممل ممما يقممرب مممن
2000جندي مصري كانوا قد وقعوا في السأر ،وكان المشرف على المجزرةا هممو رئيممس
الوزراءا الحالي ) يهود براك ( ،وسأبق أن قامت قواتا العمدو السأمرائيلي بمجمزرةا بشمعة
في دير ياسأين عاما 1948ما راح ضحيتاها 250مسلم والجرحممى والمشممردين أضممعافهم ،
وبعد ذلك أعطي قائد عصاباتا ) الرغممون ( منحيممن بيغممن أوسأمممة علممى هممذه المجممزرةا ،
وعين عاما 1977ما رئيسا ًء للوزراءا وكان يفتخر بقيادته لتلك المذبحممة ،ول أظنكممم نسمميتم
مذبحة المسجد البراهيمي التي قتل فيهمما 40سأمماجدا ًء للممه ،فممأين حقمموق النسممان وأيممن
العهود والمواثيق التي نساق نحن بها ،وهم في معزل عممن المطالبممة بهمما ،وحينممما ننظممر
بالمقابممل نجممد أن اليهممود ل زالمموا يطممالبون دول العممالم كلهمما بتعويضمماتا محرقممة هتلممر
المزعومة ،ول زالت أرصدتهم فمي سأويسممرا ترتفمع بسمبب مما يجنممونه ممن تعويضماتا و
العالم مدين لهم بها ،بل إن العتذاراتا عن التقصير فمي إنقماذهم ل زالمت تنهممال عليهممم
حتى قبل أسأبوعين وعسى أن يرضوا ! .
والمثلة كثيرةا على مناقضتهم لما تعهدوا به لغيرهممم ،ولممو أردنمما أن نستشممهد بجرائمهممم
القديمة والحديثة لطال بنا المقاما ولكننا نظن أن حي القلب يعقل بما قدمنا .
خامسا ً :ننبه أننا لم نتكلف الرد لنتهرب من المحاسأبة تحت قمانون همذه المعاهممداتا ،
بل إننا نسعد حينما نخالفهم فيما ل يوافق شرعنا ،فنحن نعمل بمقتضى قول الله تعالى )
قد كانت لكم أسأوةا حسنة في إبراهيم والذين معه ،إذ قالوا لقومهم إن برءاا منكممم ومممما
تعبدون من دون الله ،كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوةا والبغضاءا أبدا حتى تؤمنوا بممالله
وحدةا ( فمخالفتنا الظاهرةا لهم تفرحنا ،لنها تدل على كفرنا بهم وبممما يعبممدون مممن دون
الله ،وبراءاتنا منهم .
سأادسأا ً :وقبممل أن نختممم أذكركممم إخممواني الكممراما يممامن وجهتممم لنمما أصممابع التهمماما
ورميتمونا بأننا منتهكون لحقوق النسان ونشوه السألما ،نممذكركم بممأنكم أخطممأتم تمموجيه
التهمة ،ورميتمونا ظلما ًء بما لم نقترفه ،فهل المجممرما الممذي ينتهممك حقمموق النسممان هممو
الذي يدافع عن دينه و عن أرضه وأعراض المسمملمين ضممد عممدو معتممد غاصممب ؟ ثممم أيممن
النسان الذي انتهكنا حقوقه ،هل هو الجندي الروسأي الممذي غمزا أرضمنا وتفنممن فممي ذبممح
المسلمين وفي انتهاك أعراضهم ؟ إن أصابعكم عندما تمموجهت إلينمما واتهمتنمما بممالجراما ل
شك أنها أخطأتا الطريق وضلت ،فإذا أردتم أن تدافعوا عن أحممد فممابحثوا عممن أحممد غيممر
الروس تدافعون عنهم فجرائمهم ملئت الخافقين ،إن المجرما الذي يستحق هذا السأممم ،
16
هداية الحيارى
في جواز قتل السأارى
هو الذي قتل منا في الحرب الولى أكثر من مائة ألف مسلم ،ول زال يقتل ويشرد مئاتا
اللف ،إن المجرما هو الذي قتل في أفغانستان ما يقرب من مليون مسلم ،إن المجممرما
هو الذي قتل في طإاجكستان مممائتي ألممف مسمملم ،إن المجممرما هممو الممذي قصممف ملجممئ
العامرية في العراق وقتل من فيه ،إن المجرما هو الذي دمر مصنع الشفاءا في السممودان
رغم أنه كان يعتقد أنه يحتوي على مواد كيماوية وفي حالة قصفه فممإنه الغممازاتا المنبعثممة
منه سأتقتل مال يقل عن عشرةا آلف نسمة فممي محيممط المصممنع ،إن المجممرما هممو الممذي
حرق قبلتنا الولى وهدمها ،إن المجرما هو الذي قتل أكثر من مائة مدني لجئوا إلممى مقممر
المم المتحدةا في لبنان ،إن المجرما هو الذي دمر المرافق الحيوية في لبنممان قبممل أكممثر
من شهر ،إخواني الكراما هل عرفتم المجرمين لتوجهوا لهم التهمة ؟ وإذا لم تعرفوا بعممد
كل هذا ،فل نظنكم سأتعرفونهم أبدا ًء ،وابقوا كما أنتم وصدقوا كل ناعق .
هذا ما أحببنا بيانه لخواننا في هذا البحث ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ًء ويرزقنمما اتبمماعه ،
ويرينا الباطإل باطإل ًء ويرزقنا اجتنابه ،إنه هو الهادي إلى سأواءا السبيل .
17