You are on page 1of 2

‫‪.

‬قال اإلمام القدوري رحمه هللا تعالى‪ :‬ومن حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا انعقدت يمينه وحنث عقيبها‬

‫قال صاحب الجوهرة النيرة‪ :‬أي بعد فراغه من اليمين‪ ،‬وقال زفر ال ينعقد يمينه ألنه مستحيل عادة فأشبه المستحيل حقيقة‪ ،‬ولنا أن البر‬
‫منصور حقيقة ألن الصعود إلى السماء‪ 7‬غير مستحيل وقد صعدت األنبياء والمالئكة عليهم السالم‪ ،‬وإنما ينقض قدرة غيرهم وهذا إذا‬
‫أطلق اليمين أما إذا وقتها ال يحنث حتى يمضي الوقت‪ ،‬كما إذا قال ألصعدن السماء اليوم فإنه يحنث عند غروب الشمس عندهما‪ ،‬وقال‬
‫‪.‬أبو يوسف يحنث في الحال ألنه إذا لم يترقب في اليمين بر حنث في الحال‬

‫ولو حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز وال ماء في لم يحنث عند أبي حنيفة ومحمد وزفر ألنه ليس هناك ماء معقود عليه ال موجود‬
‫وال متوهم فلم ينعقد يمينه‪ ،‬وليس هذا كمن حلف ليصعدن السماء‪ 7‬أو ليقلبن الحجر ذهبا ألن هذه األفعال متوهم وجودها ألنها قد تدخل‬
‫تحت قدرة قادر ألن المالئكة يصعدون السماء في كل وقت وإنما ينقص قدرة غيرهم فإذا كانت اليمين متوهما وجودها انعقدت بخالف‬
‫مسئلتنا‪ .‬وقال أبو يوسف يحنث في الحال ألن عدم الماء يؤكد شرط الحنث هذا إذا لم يوقت‪ ،‬أما إذا قال ألشربن الماء الذي في هذا الكوز‬
‫اليوم وال ماء فيه فهو كذلك أيضا عندهم ال يحنث‪ ،‬وعند أبو يوسف يحنث في الحال ألن من أصله أن اليمين الموقوتةإذا لم يترقب لها بر‬
‫منعقدة في الحال فكأنه قال ألشربت الماء الساعة وال ماء فيه فحنث في الحال هذا كله إذا حلف ولم يكن في الكوز ماء‪ ،‬أما إذا قال‬
‫ألشربن الماء الذي في هذا الكوز وفيه ماء فانصب حنث إجماعا‪ ،‬ألن اليمين تناولت الماء الذي في هذا الكوز اليوم وفيه ماء فانصب قبل‬
‫الغروب لم يحنث عندهما ألن اليمين لم ينقعد ألن الموقتة يتعلق انعقادها بآخر الوقت عندهما فكأنه قال عند الغروب ألشربن الماء الذي‬
‫في هذا الوز وال ماء فيه فإنه يمينه ال ينعقد عندهما‪ ،‬وقال أبو يوسف يحنث عند الغروب لو انصب بعد الغروب يحنث إجماعا ألن اليمين‬
‫‪.‬انعقدت باالتفاق ثم عدم شرط البر فحنث‬

‫‪:‬وقال العالمة محمد سليمان الهندي في كتابه المعتصر الضروري شرح مختصر القدوري‬

‫وجه انعقاد اليمين ‪-‬في قول القدوري ومن حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا انعقدت يمينه وحنث عقيبها‪ -‬أن إيجاب العبد‬
‫معتبر بإيجاب هللا تعالى‪ ،‬وإيجاب هللا تعالى يعتمد التصور دون القدرة فيما له خلف‪ ،‬أال ترى أن الصوم واجب على الشيخ الفاني‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن له قدرة لمكان التصور والخلف هو الفدية‪ ،‬فتجب الكفارة منها عقيب وجود البر يحنثه بواسطة عجزه الثابت عادة‪ ،‬كما وجبت الفدية‬
‫‪.‬هناك عقيب وجوب الصيام‬

‫‪-:‬وقال المال علي القاري تعليقا على قول العالمة صدر الشريعة في مختصر الوقاية ‪-‬وتصور البر شرط صحة الحلف‬

‫وتصور البر شرط صحة الحلف عند أبي حنيفة ومحمد‪ ،‬وهو قول مالك ووجه في مذهب الشافعي‪ ،‬خالفا ألبي يوسف وهو وجه في‬
‫مذهب الشافعي‪ 7،‬ألن محل اليمين خبر في المستقبل قدر الحالف أو عجز‪ ،‬وألبي حنيفة محل اليمين المعقودة خبر فيه رجاء الصدق‪ ،‬ألنها‬
‫تعقد للحظر أو اإليجاب أو إلظهار معنى الصدق‪ ،‬وذلك ال يتحقق فيما ليس فيه رجاء الصدق‪ ،‬فمن حلف ألشربن ماء هذا الكوز اليوم‬
‫وال ماء فيه سواء علم أن فيه ماء أو لم يعلم‪ ،‬أو كان عطف على ال ماء‪ ،‬أي أو حلف ألشربن ماء هذا الكوز اليوم وكان فيه ماء فصب‬
‫في يومه ال يحنث عند أبي حنيفة ومحمد‪ ،‬الستحالة البر‪ ،‬أما األول فظاهر‪ ،‬وأما الثاني فألن البر في المؤقت يجب أن يكون في آخر‬
‫‪.‬الوقت‪ ،‬وهو مستحيل فيه‪ ،‬ويحنث عند أبي يوسف في آخر جزء من أجزاء ذلك اليوم‪ ،‬حتى يجب عليه الكفارة إذا مضى ذلك اليوم‬

‫وفي الحلف على غير ممكن واقع بحسب العادة‪ ،‬نحو ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا أو ليقتلن فالنا عالما بموته ألنه يحنئذ‬
‫يراد قتله بعد إحياء هللا تعالى وهو ممكن غير واقع انعقد يمينه لتصور البر‪ ،‬فإن الصعود إلى السماء‪ 7‬ممكن ألن المالئكة يصعدون وكذا‬
‫صعد بعض األنبياء‪ ،‬وحنث عقيبها إن كانت اليمين مطلقة‪ ،‬وإن كانت مؤقته فعند مضي ذلك الوقت للعجز الثابت عادة‪ ،‬كما إذا مات‪7‬‬
‫‪.‬الحالف وهو وجه في مذهب الشافعي ألنه مستحيل عادة فأشبه المستحيل حقيقة‬

‫‪.‬ومثل هذا حاصل ما نقل عن أئمتنا مثل اإلمام السرخسي في مبسوطه وصاحب البدائع‬

‫فالحاصل‪ :‬أن الفرق بين اليمينيين أن من حلف ليصعدن السماء‪ 7‬أو غيرها من المستحيالت عادة [وهي ممكنة عقال] فيحنث على قول أبي‬
‫حنيفة ومحمد خالفا لزفر إذ تحقق مثل هذه المستحيالت قد يحصل بل قد حصل للمالئكة الكرام ولغيرهم كنبينا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أما‬
‫من حلف ليشربن الماء الذي في الكوز أو غيره كمن حلف ليقرأن الكتاب الذي في الغرفة وال كتاب في الغرفة فيمينه ال ينعقد إذ ال كتاب‬
‫‪.‬في الغرفة ال حقيقة وال توهما‪ ،‬أما لو توهم وجود كتاب في الغرفة أو وجود ماء في الكوز فينعقد يمينه ويحنث‬
‫فيكون الفرق بين اليمينيين أن األول ممكن عقال محاال عادة وأما الثاني فمحال عقال أن يكون هناك ماء في الكوز وال ماء الكوز ال وجودا‬
‫‪.‬وال توهما فيجتمع فيه النقيضين فال ينعقد‬

You might also like