Professional Documents
Culture Documents
السيرة النبوية
السيرة النبوية
قبل أن يصل الرسول المدينة مر ب قباء وأقام بها عدة أيام أسس فيها مسجد قباء أول مسجد فى اإلسالم وجعل قبلته نحو المسجد األقصى
على ابن أبى طالب مكث بمكة ثالثا حتى أدى عن رسول هللا الودائع التى كانت عنده للناس ثم هاجر ماشيا على قدميه حتى لحق الرسول
.ب قباء
دخول المدينة
بعد قباء سار الرسول نحو المدينة فاستقبله أهل المدينة بكل حفاوة وترحاب وكانت بنات األنصار تغنى وتقول " طلع البدر علينا من
" .ثنيات الوداع -وجب الشكر علينا ما دعا هلل داع -أيها المبعوث فينا جئت باألمر المطاع
كلما مر الرسول بمنازل قبيلة دعاه سادات القبيلة كى ينزل عندهم حتى أن بعضهم كان يأخذ بزمام ناقته كى يحظى بشرف استضافته
(ص) فكان الرسول يقول لهم " خلوا سبيلها فإنها مأمورة " ثم سارت الناقة حتى بلغت أرضا بمنازل بنى النجار -أخواله -وبركت فيها
.فقال الرسول " هنا المنزل ان شاء هللا " ثم نزل عنها فأسرع أبو أيوب األنصارى إلى الرسول وأخذه إلى بيته وكان قريبا
بناء مجتمع جديد
.عندما قدم الرسول إلى المدينة أراد بناء دولة إسالمية على أسس راسخة فقام بعدة خطوات لتحقيق ذلك
بناء المسجد النبوى
.أمر الرسول ب بناء مسجده فى نفس المكان الذى بركت فيها ناقته واشتراه من غالمين يتيمين فى المدينة كانا يملكانه
كان المكان مربدا يجفف فيه التمر وكان فيه قبور المشركين وخرب أكوام من التراب ونخل مهمل فأمر الرسول بقبور المشركين فنبشت
وبالخرب فسويت وبالنخل فقطع وصفه الصحابة قبلة المسجد ثم حفروا حدود المسجد بعمق ثالث أذرع وبنوا األساس من الحجارة
والجدران من اللبن والطين وجعلوا له ثالث أبواب شرقا وجنوبا وغربا والسقف من الجريد واألعمدة من جذوع النخل وفرشوا األرض
.بالرمال والحصباء ثم بنوا جانب المسجد حجرات لنساء Hالرسول وبعد تكامل الحجرات انتقل إليها الرسول من دار أبى أيوب
شارك الرسول الصحابة العمل فى بناء المسجد فكان يحمل معهم Hالحجارة واللبن وينشد معهم ويقول " اللهم ال عيش إال عيش االخرة
فاغفر لألنصار والمهاجرة " كى يحمس الصحابة ويزيد من نشاطهم ويرغبهم أكثر فى العمل حتى أن أحد الصحابة قال " لئن قعدنا
" .والنبى يعمل لذاك من العمل المضلل
كان الجهر بالصالة والتجمع دون خوف لعبادة هللا حلم وتحقق ب بناء المسجد فبعد عدة أعوام من حياة الخوف والقلق والمعاناة من الشدة
والتضييق والصالة بعيدا عن أعين الناس فى الشعاب واألودية أو خفية فى البيوت إذا بهم يجدون حريتهم الكاملة فى أداء صالتهم وإقامة
.شعائرهم دون خوف أو جل ف بيوت هللا تعالى
لم يتوقف دور المسجد عند الصالة فقط بل صار موضع للحكم والقضاء وإدارة شئون الدولة وسياستها ومنطلق لقوافل الجهاد ومأوى Hلعدد كبير
.من فقراء المهاجرين الذين ليس لهم دار وال مال ومنارة للعلم حتى يومنا هذا
المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار
آ خى الرسول بين المهاجرين واألنصار فى دار أنس ابن مالك وكانو تسعين رجل نصفهم من المهاجرنين ونصفهم من األنصار آخى بينهم
على المواساة بالمال والمتاع ويتوارثون بعد الموت دون ذوى األرحام كى يذهب عن المهاجرين وحشة الغربة بعد أن تركوا األهل
.والديار واألموال فى مكة فيؤنسهم بمؤاخاة األنصار وليغرس روح المواساة والتكافل والتعاون بين فئات المجتمع الجديد
عند مراجعة أسماء المتآخين الذين آ خى الرسول بينهم نجد أن تلك المؤاخاة لم تقم وزنا لإلعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية حيث جمعت بين
القوى والضعيف والحر والعبد والغنى والفقير واألبيض واألسود كى تذوب عصبيات الجاهلية فال حمية إال لإلسالم وأن تسقط فوارق النسب
.واللون والوطن فال يتقدم أحد وال يتأخر إال بدينه وتقواه
ظل المهاجرى يرث األنصارى دون ذوى رحمه باألخوة التى عقدها الرسول بينهما حتى وقعت غزوة بدر ونزل قول هللا تعالى " وأولو
األرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب هللا " فألغى التوارث بعقد األخوة ورجع كما كان لذوى الرحم فقط بعد أن استقر أمر المهاجرين فى
المدينة ثم أغناهم هللا من فضله بأن حصلو على نصيبهم من الغنائم فى غزوة بدر فلم تعد هناك حاجة ليرث المهاجرى األنصارى كما أن
.التآ خى والتعاون أصبحا الروح السائدة لدى الجميع فى المدينة
روى أن الرسول لما قدم المدينة وآ خى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع فقال سعد لعبد الرحمن " إنى أكثر األنصار ماال فاقسم
مالى نصفين ولى امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها Hلى أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها فقال عبد الرحمن " بارك هللا لك فى أهلك
ومالك وأين سوقكم " فدلوه على سوق بنى قينقاع فما انقلب إال ومعه فضل من أقط وسمن ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبى " مهيم "
" .قال " تزوجت إمرأة من األنصار " قال " كم سقت إليها " قال " نواة من ذهب " فقال النبى " أولم ولو بشاة
هذا يدل على ما كان عليه األنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم المهاجرين ومن التضحية واإليثار والبذل والعطاء وما كان عليه المهاجرين من
تقدير هذا الكرم حق قدره فلم يستغلوه ولم ينالو منه إال قدر ما يكفيهم فقط فهذا عبد الرحمن الذى استطاع بعد فترة وجيزة أن يكسب ما يعف به
.نفسه ويحصن به فرجه وكان تاجر ماهر ويقدر المؤرخون أنه صار فيما بعد يملك مائة فرس وألف بعير وثالثة آالف شاة
مدح هللا األنصار فى كتابه الكريم فقال " والذين تبوؤوا الدار واإليمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم وال يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " كما حفظ النبى هذا الفضل لألنصار بقوله " اللهم اغفر
" .لألنصار وألبناء األنصار وألزواج األنصار ولذرارى األنصار " وقال " لو أن األنصار سلكو واديا أو شعبا لسلكت فى وادى األنصار
المعاهدة مع اليهود
عندما قدم الرسول إلى المدينة وجد بها يهود ومشركين مستقرين فلم يتجه إلى سياسة اإلبعاد أو المصادرة والخصام بل قبل عن طيب
خاطر وجود اليهودية والوثنية بها وعقد مع اليهود معاهدة ترك لهم فيها مطلق الحرية فى الدين والمال وشملت نصرة المظلوم والتعاون
.معا لصد أى عدوان على المدينة لتوفير األمن والسالم والسعادة والخير لكل من فى المدينة
بنود المعاهدة
اليهود أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم ..ومن ثم حرية العقيدة مكفولة للجميع كما قال هللا تعالى " ال إكراه
" .فى الدين
.على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ..ومن ثم ترك لهم حرية التملك فالذمة المالية محفوظة للجميع
أن بينهم النصح والنصيحة والبر دون اإلثم وأن النصر للمظلوم وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن
مرده إلى هللا عز وجل وإلى محمد رسول هللا ..ومن ثم اعترف اليهود بوجود سلطة قضائية عليا يرجعون إليها إذا حدث شجار أو خالف
.بين يهودى ومسلم أما فى قضاياهم الخاصة وأحوالهم الشخصية يحتكمون للتوارة ويقضى بينهم أحبارهم وإن شاءوا احتكمو للرسول
.أن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وعلى من دهم يثرب وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين
أن يثرب حرام جوفها ألهل هذه الصحيفة ..ومن ثم اعتبرت المدينة بلدا حرما ال يقطع شجره وال يقتل صيده لضمان األمن ومنع الحرب
داخل المدينة .
جرح ..لما قد يحدثوا من مشاكل أو يدخلوا فى حروب مع قبائل خارج المدينة مما ٍ ال يخرج منهم أحد إال بإذن محمد وال ينحجز على ثأر
.يؤثر على أمن المدينة واقتصادها
ال تجار قريش وال من نصرها ..لما سببته من أذى للرسول وأصحابه كما كان الرسول يستهدف أن يتعرض لتجارة قريش التى تمر
.غرب المدينة فى طريقها للشام
ما قبل بدر
.عندما قدم الرسول إلى المدينة استمر عداء قريش له وألصحابه وزاد غيظهم بعد أن استقر المسلمون بالمدينة ووجدوا مأمنا بها
" .فأرسلت قريش تقول لهم " ال يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم فى عقر داركم
كما كتبوا إلى عبد هللا بن سلول بصفته رئيس األنصار قبل الهجرة وكان مازال مشركا كتبوا له وألصحابه يقولون " إنكم آويتم صاحبنا
وإنا نقسم باهلل لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم " Hوكان عبد هللا بن سلول يحقد على النبى
لما كان يراه أن سلبه ملكه فاجتمع مع أصحابه من مشركى المدينة لقتال النبى ولما بلغ ذلك النبى لقيهم وقال " لقد بلغ وعيد قريش منكم
المبالغ ما كانت تكيدكم بأكثر ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم " فلما سمعوا ذلك من النبى تفرقوا وتلك
.حكمة النبى التى كانت تطفىء شرهم حينا بعد حين
بذلك تأكد الرسول من مكائد قريش وإرادتها للشر فكان دوما ال يبيت إال ساهرا أو فى حرس من أصحابه حتى نزل قول هللا تعالى " وهللا
يعصمك من الناس " فخرج الرسول على الناس وقال " يا أيها الناس انصرفوا عنى فقد عصمنى هللا عز وجل " .كما كان الصحابة ال
.يبيتون وال يصبحون إال بالسالح
فى ظل هذه المخاطر أنزل هللا تعالى اإلذن بالقتال ولم يفرضه عليهم فقال " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن هللا على نصرهم لقدير "
وللحد من تلك المخاطر كان البد من الحد من قوة قريش والتأثيرعلى اقتصادها كيف ؟ بأن يسيطر المسلمون على طريق قريش التجارى
من مكة إلى الشام كنوع من التهديد فتقلق قريش على اقتصادها وأسباب معايشها Hفتجنح للسلم وتكف عن إرادة قتال المسلمين وعن الصد
.عن سبيل هللا وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين فى مكة حتى يصير المسلمون أحرار فى إبالغ رسالة هللا فى ربوع الجزيرة
لذلك قام الرسول بإرسال البعوث واحدة تلو األخرى أشبه بدوريات استطالع الستكشاف الطريق المحيطة بالمدينة وعقد معاهدات حلف
.أو عدم إعتداء مع القبائل التى كانت تجاور طريق قريش التجارى أو تقطن بينه وبين المدينة
السرايا والغزوات قبل بدر
سرية سيف البحر
فى رمضان سنة 1هـ بعث النبى حمزة بن عبد المطلب فى تالثين رجل من المهاجرين ل يعترض عير أو قافلة لقريش جاءت من الشام
كان فيها أبو جهل فى ثالثمائة رجل من المشركين فلما بلغوا سيف البحر أى ساحل البحر من ناحية العيص التقوا واصطفوا للقتال لكن
.مجدى بن عمرو رجل من كبار قبيلة جهينة كان حليفا للفريقين فمشى بينهما كوسيط سلمى حتى نجح أن يحجز بينهم فلم يقتتلوا
سرية رابغ
فى شوال سنة 1هـ بعث النبى عبيدة بن الحارث فى ستين راكب من المهاجرين ل يعترض عير أو قافلة لقريش كان فيها أبو سفيان فى
.مائتين رجل من المشركين ووقعت مناوشات بين الفريقين على ماء بوادى رابغ وترامى الفريقان بالنبل دون أن يقع قتال
سرية الخرار
فى ذى القعدة سنة 1هـ بعث النبى سعد بن أبى وقاص فى عشرين رجل ل يعترض عير أو قافلة لقريش وعهد إليه أال يجاوز الخرار
فخرجوا مشاة يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل عدة أيام حتى بلغوا الخرار فوجدوا العير قد مرت باألمس .
غزوة األبواء أو ودان
فى صفر سنة 2هـ خرج الرسول بنفسه فى سبعين رجل من المهاجرين ل يعترض عير أو قافلة لقريش حتى بلغ ودان فلم يلق كيدا أى
.لم يقع قتال وكانت أول غزوة غزاها الرسول وكانت غيبته (ص) خمس عشرة ليلة
فى هذه الغزوة عقد النبى معاهدة حلف مع بنى ضمرة بأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وأن لهم النصر على من رامهم إال أن يحاربوا
.دين هللا وأن النبى إذا دعاهم لنصره أجابوه
غزوة بواط
فى ربيع األول سنة 2هـ خرج الرسول بنفسه فى مائتين من أصحابه ل يعترض عير أو قافلة لقريش كان فيها أمية بن خلف ومائة رجل
.من قريش وألفان وخمسمائة Hبعير فبلغ بواطا من ناحية رضوى فوجد العير قد فاتته ولم يلق كيدا
غزوة سفوان أو غزوة بدر األولى
فى شهر ربيع األول سنة 2هـ أغار كرز بن جابر الفهرى فى قوات خفيفة من المشركين على مراعى المدينة ونهب بعض المواشى
فخرج الرسول بنفسه فى سبعين رجل من أصحابه لمطاردته حتى بلغ وادى يقال له سفوان من ناحية بدر ولكنه لم يدرك كرز وأصحابه
.فعاد من دون حرب
غزوة ذى العشيرة
فى جمادى األولى وجمادى اآلخرة سنة 2هـ خرج الرسول بنفسه فى خمسين ومائة ويقال فى مائتين من المهاجرين ولم يكره أحد على
الخروج خرجوا على ثالثين بعير يعتقبونها يعترضون عير أو قافلة Hلقريش بعد أن جاء الخبر بخروجها من مكة إلى الشام فبلغ ذا العشيرة
.فوجد العير قد فاتته بأيام وتلك كانت العير التي خرج الرسول فى طلبها حين عادت من الشام فصارت سبب لغزوة بدر الكبرى
.فى هذه الغزوة عقد الرسول معاهدة عدم اعتداء مع بنى مدلج وحلفائهم من بنى ضمرة
سرية نخلة
فى رجب سنة 2هـ بعث النبى عبد هللا بن جحش إلى منطقة نخلة بين مكة والطائف فى اثنى عشر رجل من المهاجرين كل اثنين يعتقبان
على بعير ل يرصد بها عير لقريش ويعلم من أخبارهم ولما وصلوا نخلة مرت عير لقريش تحمل زبيب وخبز وتجارة فتشاور المسلمون
وقالوا نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ثم اجتمعوا على اللقاء
فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمى فقتله وكان أول قتيل في اإلسالم وأسروا عثمان بن عبدهلل بن المغيرة والحكم بن كيسان مولى بنى
المغيرة وكانا أول أسيرين فى اإلسالم ثم قدموا بالعير واألسيرين إلى المدينة فأنكر الرسول ما فعلوه وقال " ما أمرتكم بقتال فى الشهر
الحرام " ووقف التصرف فى العير واألسيرين .
وجد المشركون فيما حدث فرصة التهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم هللا بالقتال فى الشهر الحرام وكثر القيل والقال حتى حسم الوحى
األمر تماما بأن ما عليه المشركون أكبر وأعظم مما ارتكبه المسلمون فقال تعالى " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير
وصد عن سبيل هللا وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند هللا والفتنة أكبر من القتل " مما يعنى أن الضجة التى افتعلها
المشركون إلثارة الريبة فى اإلسالم كانت بغير حق فالحرمات Hالمقدسة كلها انتهكت فى محاربة اإلسالم واضطهاد أهله وسلب أموالهم
.وإخراجهم من ديارهم ومحاولة قتل نبيهم إذا فما الذى أعاد لهذه الحرمات Hقداستها فجأة ؟ فأصبح انتهاكها معرة وشناعة
بعد ذلك أطلق الرسول سراح األسيرين وأدى دية المقتول إلى أوليائه .
تلك السرايا والغزوات قبل بدر لم يحدث فيها سلب أموال وال قتل أو أسر رجال إال بعد ما ارتكبه المشركون بقيادة كرز بن جابر الفهرى
فالبداية كانت من المشركين فضال عما فعلوه من قبل فى مكة من سلب ونهب وتعذيب وتهجير .
بعدوقوع ما وقع فى سرية عبد هللا بن جحش علمت قريش أن المدينة فى غاية من التيقظ والتربص تترقب كل حركاتها التجارية وأن المسلمين
قادرون على أن يزحفوا نحو ثالثمائة ميل تقريبا ثم يقلتوا ويأسروا رجالهم ويأخذوا أموالهم ثم يعودوا سالمين غانمين لذا أدرك المشركون Hأن
تجارتهم إلى الشام أمام خطر دائم لكن بدل أن يفيقو من غيهم ويجنحو للسلم ازدادوا كبرا وغيظا وصموا على ما كانوا يهددون Hبه من قبل من
إبادة المسلمين فى عقر دارهم وهذا هو الطيش الذى جاء بهم إلى بدر .
كانت األحوال تقتضى فى هذا الوقت أن يستعد المسلمون لصد أى هجوم من جانب قريش فى أى وقت بعد وقوع ما وقع فى سرية نخلة
لذا فرض هللا القتال فى شهر شعبان سنة 2هـ وحثهم عليه قال تعالى " وقاتلوا فى سبيل هللا الذين يقاتلونكم وال تعتدوا إن هللا ال يحب
المعتدين واقتلوهم حيث تقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل وال تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه
فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن هللا غفور رحيم وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين هلل فإن انتهوا فال
عدوان إال على الظالمين " وقال تعالى " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما بعد وإما فداء حتى
تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء هللا النتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا فى سبيل هللا فلن يضل أعمالهم سيهديهم
" ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم يا أيها الذين آمنو إن تنصروا هللا ينصركم ويثبت أقدامكم
تحويل القبلة
.فى رجب سنة 2هـ أمر هللا تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام
كان الرسول يصلى إلى قبلة بيت المقدس ويحب أن يصرف إلى الكعبة فقال لجبريل " وددت أن يصرف هللا وجهى عن قبلة اليهود "
فقال " إنما أنا عبد فادع ربك واسأله " فجعل يقلب وجهه فى السماء Hيرجو ذلك حتى نزل قول هللا تعالى " قد نرى تقلب وجهك في السماءH
فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من
" .ربهم وما هللا بغافل عما يعملون
.كان تحويل القبلة اختبار ل ا لمسلمين فى صدق إيمانهم وكشف لزيف المنافقين واليهود والمشركين
المسلمون قالوا " سمعنا وأطعنا " وقالو " آ منا به كل من عند ربنا " .يروى أن رجل صلى مع النبى صالة العصر ثم خرج فمر على
قوم من األنصار وهم ركوع فى صالة العصر يتجهون نحو بيت المقدس فقال " أشهد أنى صليت مع رسول هللا يتجه نحو الكعبة
فاستداروا كما هم حتى توجهوا نحو الكعبة " فلم تكن كبيرة عليهم كما ضربوا المثل فى التصديق واإلتباع واإلمتثال ألمر هللا علما بأن
.األمر جاء فجأة دون تمهيد ف هؤالء هم الصحابة الذين إن كانوا وجهوا فى كل يوم مرات عدة إلى جهات Hعدة لفعلوا بال جدال
" .المنافقون قالوا " ما يدرى محمد أين يتوجه إن كانت األولى حقا فقد تركها وإن كانت الثانية هى الحق فقد كان على باطل
" .اليهود قالوا " خالف قبلة األنبياء قبله ولو كان نبيا لكان يصلى إلى قبلة األنبياء
" .المشركون قالوا " كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا وما رجع إليها إال أنه الحق
" .اليهود قالوا " خالف قبلة األنبياء قبله ولو كان نبيا لكان يصلى إلى قبلة األنبياء
يقول تعالى " سيقول السفهاء من الناس ما والهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل هلل المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إال لنعلم من يتبع
" .الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إال على الذين هدى هللا وما كان هللا ليضيع إيمانكم إن هللا بالناس لرءوف رحيم
أفاد تحويل القبلة أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد دخلوا اإلسالم إلثارة البلبلة انكشفوا عن المسلمين وعادوا إلى ما كانوا
عليه ف تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة كما كان له دور هام فى زيادة حماس المسلمين قبل بدر إذ كان ال
.يصح أن تكون قبلتهم بيد أعدائهم وأنه البد من تخليصها منهم ف اشتد شوقهم إلى الجهاد فى سبيل هللا ولقاء العدو إلعالء كلمة هللا
غزوة بدر
فى غزوة ذى العشيرة كانت عير قريش أفلتت من النبى فى ذهابها من مكة إلى الشام ف لما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث النبى
طلحة بن عبيد هللا وسعيد بن زيد إلى الشمال ل يكتشفا خبرها فوصال إلى الحوراء ومكثا بها حتى مر بهما أبو سفيان بالعير وكان معه
1000بعير محملة بأموال ال تقل عن 50000دينار ذهبى ولم يكن معه من الحرس سوى 40رجل فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول
هللا بالخبر فقال " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل هللا ينفلكموها " ولم يعزم النبى على أحد بالخروج بل ترك األمر للرغبة
المطلقة إذ لم يكن يتوقع أنه يصطدم بجيش مكة اصطداما عنيفا فى بدر لذلك تخلف كثير من الصحابة فى المدينة وهم يظنون أن ما خرج
.إليه الرسول لن يعدو ما ألفوه فى السرايا والغزوات الماضية لذلك لم ينكر على أحد تخلفه فى غزوة بدر
خرج الرسول ومعه ما يقرب من 300رجل وكان معه 70بعير ل يعتقب الرجالن والثالثة على بعير واحد فكان الرسول وعلى بن أبى
طالب ومرثد بن أبى مرثد يعتقبون بعير واحد ولم يكن معه سوى فرسان فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد بن األسود وقسم النبى
جيشه إلى كتيبتين كتيبة المهاجرين وعلمها لعلى بن أبى طالب وكتيبة األنصار وعلمها لسعد بن معاذ وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن
العوام وعلى الميسرة المقداد بن عمرو الفارسان الوحيدان فى الجيش وكان هو قائد أعلى للجيش خرج الرسول بجيشه غير المتأهب
.قاصدا بدر ولما قرب من الصفراء بعث رسولين إلى بدر ل يتحسسان خبر العير
أبو سفيان كان فى غاية من الحيطة والحذر كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالمخاطر لذلك كان يتحسس األخبار ويسأل كل من يلقاه
حتى علم أن الرسول قد استنفر أصحابه ليوقع بالعير حينئذ بعث أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفارى إلى مكة ل يستنجد بقريش حتى
يمنعوه من محمد وأصحابه فلما وصل مكة شق قميصه وصرخ يقول " يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبو سفيان قد عرض
لها محمد فى أصحابه ال أرى أن تدركوها الغوث الغوث " فتحفز الناس سريعا وقالو " أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير بن
الحضرمى " فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجل ولم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبى لهب كان قد بعث مكانه رجل
كان له عليه دين وحشدو من حولهم من قبائل العرب حتى بلغ قوام جيش مكة فى بداية سيره ما يقرب من 1300مقاتل وكان معهم
100 .فارس و 600درع وجمال كثيرة ال يعلم عددها بالضبط وكان أبو جهل بن هشام قائده العام
لما أجمعت قريش على السير ذكرت ما بينها وبين قبائل بنى بكر من العداوة فخافوا أن يضربوهم من الخلف ويكونوا بين نارين وكاد
ذلك يثنيهم عن الخروج حينئذ تبدى لهم إبليس فى صورة سراقة بن مالك سيد بنى كنانة وقال " أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم
بشىء تكرهونه " فاطمئنوا وانطلقوا صوب بدر .أما أبو سفيان فكان يسير على الطريق الرئيسى المؤدى إلى مكة ولما اقترب من بدر
لقى مجدى بن عمرو فسأله Hعن جيش المدينة فقال " ما رأيت أحدا أنكره إال أنى قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا ثم انطلقا
" فأسرع إليه أبو سفيان وأخذ من أبعار بعيرهما فقال " وهللا هذه عالئف يثرب " ثم عاد سريعا إلى عيره وحول اتجاه سيره نحو ساحل
البحر األحمر تاركا الطريق الرئيسى الذى يمر ببدر على يساره وبذلك يكون نجا بالقافلة من الوقوع فى يد جيش المدينة ثم أرسل رسالته
إلى جيش مكة تلقاها عند الجحفة يقول لهم فيها " إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها هللا فارجعوا " فهم جيش
مكة بالرجوع لكن قام أبو جهل فى كبرياء وقال " وهللا ال نرجع حتى نرد بدرا فنقيم بها ثالثا فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقى الخمر
وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فال يزالون يهابوننا أبدا " لكن انشق بنو زهرة وعادوا وكان عددهم حوالى 300
رجل بعد رجوع بنى زهرة أصبح قوام جيش مكة حوالى 1000مقاتل فواصلوا السير حتى نزلوا قريبا من بدر وراء كثيب يقع بالعدوة
.القصوى على حدود وادى بدر
أما استخبارات الرسول فنقلت إليه وهو فى طريقه خبر العير والنفير وتأكد لديه أن لم يعد هناك وقت أو مجال كى يعود للمدينة ويجتنب
لقاء دام ومن يضمن أن يتوقف جيش مكة وال يواصل سيره نحو المدينة ويغزو المسلمين فى عقر دارهم فيضعف المسلمون وتقوى
قريش ويزيد سلطانها فاستشار الرسول أصحابه حول الوضع الراهن وتبادل الرأى معهم العامة والقادة حينئذ تزعزع قلوب فريق من
الناس وخافوا اللقاء الدامى فقام أبو بكر فقال وأحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال " يا رسول هللا
امض لما أراك هللا فنحن معك وهللا ال نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتال إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت
وربك فقاتال إنا معكما Hمقاتلون فوالذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه " فقال له الرسول خيرا
ودعا له به وكان أبو بكر وعمر والمقداد من قادة المهاجرين وكانوا أقلية فى الجيش فأحب Hالرسول أن يعرف رأى قادة األنصار ألنهم
كانوا أغلبية فى الجيش فقال " أشيروا على أيها الناس " وكأنما يقصد األنصار ف فطن لذلك قائد األنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ
فقال " وهللا لكأنك تريدنا يا رسول هللا " فقال " أجل " فقال " قد آ منا بك فصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك
عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول هللا لما أردت فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه
معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدوا غدا إنا لصبر فى الحرب صدق فى اللقاء ولعل هللا يريك منا ما تقر به عينك
فسر بنا على بركة هللا " فسر الرسول بقول سعد ثم قال " سيروا وأبشروا فإن هللا تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين وهللا لكأنى الآن أنظر
.إلى مصارع القوم " فواصلوا السير حتى نزلوا قريبا من بدر
أثناء ذلك لقى الرسول شيخ من العرب وعلم منه أن جيش مكة نزل قريبا من بدر ثم بعث الرسول استخباراته على بن أبى طالب والزبير
بن العوام وسعد بن أبى وقاص فى نفر من الصحابة ليتحسسوا أخبار العدو فوجدوا غالمين يسقيان لجيش مكة من ماء بدر فألقوا القبض
عليهما وجاءوا بهما إلى الرسول فقال لهما " أخبرانى عن قريش " قاال " هم وراء هذا الكثيب الذى ترة بالعدوة القصوى " فقال لهما " كم
القوم " قاال " كثير " قال " ما عدتهم " قاال " ال ندرى " قال " كم ينحرون كل يوم " قاال " يوما تسعا ويوما عشرا " فقال " القوم فيما بين
التسعمائة Hإلى األلف " فقال " فمن فيهم من أشراف قريش " قاال " عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو البخترى بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل
بن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدى والنضر بن الحارث وزمعة بن األسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف واخرون " فقال
الرسول للناس " هذه مكة قد ألقت إليكم أفالذ كبدها " ثم تحرك الرسول بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر ويحول بينهم وبين االستيالء
عليه فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر وهنا قام الحبار بن المنذر مخبير عسكرى وقال " يا رسول هللا أرأيت هذا المنزل أمنزال أنزلكه
هللا ليس لنا أن نتقدمه وال نتأخر عنه ؟ أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟ " قال " بل هو الرأى والحرب والمكيدة " قال " يا رسول هللا فإن
هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم أى قريش فننزله ونغور أى نخرب ما وراءه من القلب ثم نبنى عليه حوضا
فنمأله ماء ثم نقاتل القوم فنشرب وال يشربون " فقال الرسول " لقد أشرت بالرأى " وبعد أن نزل المسلمون على لماء أقترح سعد بن معاذ
على الرسول أن يبنى له مقرا لقيادته فقال " يا نبى هللا أال نبنى لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا هللا
وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أ حببنا وإن كانت األخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبى
هللا ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك هللا بهم يناصحونك ويجاهون معك " فأثنى عليه الرسول
خيرا ودعا له بخير وبنى المسلمون عريشا على مرتفع يشرف على ساحة المعركة كما تم انتخاب فرقه من شبااب األنصار بقيادة سعد بن
معاذ يحرسون الرسول حول مقر قيادته ثم عبأ الرسول جيشه ومشى فى موضع المعركة وجعل يشير بيده " هذا مصرع فالن غدا إن
شاء هللا وهذا مصرع فالن غدا إن شاء هللا " ثم بات الرسول يصلى إلى جذع شجرة هنالك وبات المسلمون ليلهم هادىء األنفاس يأملون
أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحا يقول تعالى " إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء Hماءا ليطهركم به ويذهب عنكم
" رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به األقدام
لما طلع المشركون وتراى الجمعان قال الرسول " اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيالئها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذى
وعدتنى اللهم أحنهم الغداة " ولما رأى الرسول عتبة بن ربيعة فى القوم على جمل له أحمر قال " إن يكن فى أحد من القوم خير فعند
صاحب الجمل األحمر إن يطيعوه يرشدوا " وعدل الرسول صفوف المسلمين وبينما هو يعدلها إذ وقع أمر غريب فقد كان فى يده قدح
يعدل به وكان سواد بن غزية مستنصال من الصف فطعن فى بطنه بالقدح وقال " استو يا سواد " فقال سواد " يا رسول هللا أوجعتنى
فأقدنى " فكشف الرسول عن بطنه وقال " استقد " فاعتنقه سواد وقبل بطنه فقال الرسول " ما حملك على هذا يا سواد " فقال " يا رسول
هللا قد حضر ما ترى فأردت أن يكون اخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك " فدعا له الرسول بخير ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره
إلى جيشه بأال يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه األوامر األخيرة ثم قال لهم " إذا أكثبوكم أى كثروكم فارموهم واستبقوا نبلكم وال تسلوا
" السيوف حتى يغشوكم
كان أول وقود المعركة األسود بن عبد األسد المخزومى وكان رجل شرس سىء الخلق خرج قائال " أعاهد هللا ألشربن من حوضهم أو
ألهدمنه أو ألموتن دونه " فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب ولما التقيا ضربه حمزة حتى قتله ثم خرج بعده ثالثة من عائلة واحدة عتبة
وأخوه شيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وطلبوا المبارزة فخرج لهم ثالثة من شباب األنصار عوف وعوف ابنا الحارث وعبد هللا بن
رواحة فقالوا " من أنتم ؟ " قالو " رهط من األنصار " قالوا " أكفاء كرام ما لنا بكم حاجه وإنما نريد بنى عمنا " فقال الرسول " قم يا
عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة وقم يا على " فبارز حمزة شيبة وقتله وبارز على الوليد بن عتبة وقتله وبارز عبيدة عتبة فأصاب Hكل
منهما االخر ثم كر حمزة وعلى على عتبة فقتاله واحتمال عبيدة وقد قطعت رجله ومات بالصفراء فى طريق العودة إلى المدينة بعد أربعة
أو خمسة أيام من بدر
استشاط المشركون غضبا بعد أن فقدوا ثالثة من خيرهم فرسانهم دفعة واحدة وكروا كرة رجل واحد على المسلمين وتصدى لهم
المسلمون وهم مرابطون فى مواقعهم واقفون موقف الدفاع بكل ثقة وإيمان وهم يقولون " أحد أحد " أما الرسول فكان يناشد ربه ويقول "
أللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم إنى أنشدك عهدك ووعدك " ولما احتدم القتال أخذ يدعو ربه ويقول " اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم ال
تعبد اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا " فأوحى هللا إلى مالئكته " أنى معكم فثبتو الذين امنو سألقى فى قلوب الذين كفرو الرعب "
وأوحى إلى رسوله " أنى ممدكم بألف من المالئكة مردفين " ثم أغفى الرسول إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه فقال " أبشر يا أبا بكر هذا
جبريل على ثناياه النقع أى الغبار " ثم خرج من بااب العريش وقال " سيهزم الجمع ويولون الدبر " ثم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها
قريشا وقال " شاهت الوجوه " ورمى بها فى وجوههم فما من المشركين أحد إال أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة يقول تعالى
" " وما رميت إذ رميت ولكن هللا رمى
حينئذ أصدر الرسول أوامره األخيرة إلى جيشه بالهجمة المضادة فقال " شدوا " وحرضهم على القتال وقال " والذى نفس محمد بيده ال
يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبال غير مدبر إال أدخله هللا الجنة " وقال وهو يحضهم على القتال " قوموا إلى جنة عرضها
السماوات واألرض " وحينئ سأله عوف بن الحارث فقال " يا رسول هللا ما يضحك الرب من عبده" قال " غمسه يده فى العدو حاسرا "
فنزع درعا كانت عليه فقذفها Hثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل وحين أصدر الرسول األمر بالهجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد
ذهبت وفتر حماسه Hوحينما تلقوا أمر الشد والهجوم قاموا بهجوم كاسح مرير فجعلوا يقلبون الصفوف ويقطعون األعناق وزادهم نشاطا
وحدة أن رأوا رسول هللا يثب فى الدرع ويقول " سيهزم الجمع ويولون الدبر " فقاتل المسلمون أشد القتال ونصرتهم المالئكة وكان يومئذ
يندر رأس الرجل ال يدرى من ضربه وتندر يد الرجل ال يدرى من ضربها وقال ابن عباس " بينما رجل من المسلمين يشتد فى إثر رجل
من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه فجاء فحدث بذلك رسول هللا فقال " صدقت ذلك مدد من السماء الثالثة " وقال أبو داود
المازنى " إنى ألتبع رجال من المشركين ألضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفى فعرفت أنه قد قتله غيرى " وجاء رجل من
األنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا فقال العباس " إن هذا وهللا ما أسرنى لقد أسرنى رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس
" أبلق وما أراه فى القوم " فقال األنصارى " أنا أسرته يا رسول هللا " فقال الرسول " اسكت فقد أيدك هللا بملك كريم
ولما رأى إبليس وكان قد جاء فى صورة سراقة بن مالك ولم يكن فارقهم Hمنذ ذلك الوقت فلما رأى ما يفعل المالئكة بالمشركين فر ونكص
على عقبيه وخرج هاربا وقال له المشركون " إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت إنك جار لنا ال تفارقنا ؟ " فقال " إنى أرى ما ال ترون إنى
أخاف هللا وهللا شديد العقاب " ثم فر حتى ألقى بنفسه فى البحر
وحدث اضطراب فى صفوف المشركين وأخذت جموع المشركين فى الفرار واإلنسحاب وأخذ المسلمون يأسرون ويقتلون حتى ألحقوا
الهزيمة بهم واقتربت المعركة من نهايتها أما أبو جهل فلما رأى أول أمارات اإلضطراب فى صفوفه حاول يصمد وجعل يشجع جيشه
ويقول له مكابرا " ال يهزمنكم خذالن سراقة إياكم فإنه كان على ميعاد من محمد وال يهولنكم قتل عتبة وشيبة والوليد فإنهم قد عجلوا
فوالالت والعزى ال نرجع حتى نقرنهم بالحبال ولكن خذوهم أخذا حتى نعرفهم بسوء صنيعهم ولكن سرعان ما أخذت الصفوف تتصدع
أمام تيارات هجوم المسلمين يقول عبد الرحمن بن عوف " إنى لفى الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يمينى وعن يارى فتيان حديثا السن
فكأنى لم امن بمكانهما إذ قال لى أحدهما سرا من صاحبه " يا عم أرنى أبا جهل " فقلت يا ابن أخى فما تصنع به ؟ " قال " أخبرت أنه
يسب رسول هللا والذى نفسى بيده لئن رأيته ال يفارق سوادى سواده حتى يموت األعجل منا " فتعجبت لذلك وقال " غمزنى االخر فقال
لى مثلها فلم أنشب أن نظرت إلى أبى جهل يجول فى الناس فقلت أال تريان ؟ هذا صاحبكما الذى تسأالنى عنه فابتدراه بسيفهما فضرباه
حتى قتاله ثم انصرفا إلى رسول هللا فقال " أيكما قتله ؟ " فقال كل واحد منهما " أنا قتلته " قال " هل مسحتما سيفكما ؟ " قاال " ال " فنظر
الرسول إلى السيفين فقال " كالكما Hقتله " وكانا معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء
ولما انتهت المعركة قال رسول هللا " من ينظر ما صنع أبو جهل " فتفرق الناس فى طلبه فوجده عبد هللا بن مسعود وبه اخر رمق فوضع
رجله على عنقه وأخذ لحيته ليحتذ رأسه وقال " هل أخزاك هللا يا عدو هللا ؟ " فقال أبو جهل " وبما أخزانى ؟ لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا
رويعى الغنم " فاحتز ابن مسعود رأسه وجاء به إلى رسول هللا فقال " يا رسول هللا هذا رأس عدو هللا أبى جهل " فقال " هللا الذى ال إله
إال هو هللا أكبر الحمد هلل الذى صدق وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده " ثم انطلق الرسول مع ابن مسعود ليريه إياه ولما راه قال "
" هذا فرعون هذه األمة
من روائع اإليمان
تجلت فى هذه المعركة مناظر رائعة تبرز قوة العقيدة وثبات المبدأ
روى أن الرسول قال ألصحابه " إنى قد عرفت أن رجاال من بنى هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ال حاجة لهم بقتالنا فمن لقى أحدا من
بنى هاشم فال يقتله ومن لقى أبا البخترى ابن هشام فال يقتله ومن لقى العباس ابن عبد المطلب فال يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها " وكان
وكان النهى عن قتل أبى البخترى ألنه كان أكف القوم عن رسول هللا وهو بمكة وكان ال يؤذيه وال يفعل شىء يكرهه وكان ممن قام فى
نقض صحيفة مقاطعة بنى هاشم وبنى المطلب ولكن رغم هذا كله قتل وذلك أن المجذر بن زياد البلوى لقيه فى المعركة ومعه زميل له
يقاتالن سويا فقال المجذر " يا أبا البخترى إن رسول هللا قد نهانا عن قتلك فقال " وزميلى ؟ " قال " ال وهللا ما نحن بتاركى زميلك "
فقال " وهللا إذن ألموتن أنا وهو جميعا " ثم اقتتال فاضطر المجذر إلى قتله ومن لقى العباس ابن عبد المطلب فال يقتله فى أبا البخترى ابن
هشام فال يقتله
كان عبد الرحمن بن عوف وأمية بن خلف صديقين فى الجاهلية بمكة فلما كان يوم بدر مر به عبد الرحمن وهو واقف مع ابنه على بن
أمية اخذا بيده ومع عبد الرحمن أدراع قد استلبها وهو يحملها فلما راه قال " هل لك فى ؟ " فأنا خير من هذه األدراع التى معك ما رأيت
كاليوم قط أما لكم حاجة فى اللبن ؟ يريد أن يفتدى نفسه بإبل كثيرة اللبن فطرح عبد الرحمن األدراع وأخذهما يمشى بهما قال عبد
الرحمن قال له أمية بن خلف " من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة فى صدره ؟ " قال " ذاك حمزة بن عبد المطلب " قال " ذاك الذى
فعل بنا األفاعيل " قال عبد الرحمن " فوهللا إنى ألقودهما إذ راه بالل معى وكان أمية هو الذى يعذب بالل بمكة فقال بالل " رأس الكفر
أمية بن خلف ال نجوت إن نجا " قال " أى بالل أسيرى " قال " ال نجوت إن نجا " قال " أتسمع يا ابن السوداء " قال " ال نجوت إن نجا
" ثم صرخ بأعلى صوته يا انصار هللا رأس الكفر أمية بن خلف ال نجوت إن نجا " قال " فأحاطوا بنا حتى جعلونا فى مثل المسكة وأنا
أذب عنه قال " فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط فقلت انج بنفسك وال نجاء بك فواهللا
ما أغنى عنك شيئا " قال فهبروهما بأسيافهم Hحتى فرغوا منهما فكان عبد الرحمن يقول " يرحم هللا بالل ذهبت أدراعى وفجعنى بأسيرى
" فى زاد المعاد بعض السيف أصاب رجل عبد الرحمن بن عوف
قتل عمر بن الخطاب يومئذ خاله العاص بن هشام بن المغيرة
نادى أبو بكر ابنه عبد الرحمن وهو يومئذ مع المشركين فقال " أين مالى يا خبيث ؟ " فقال عبد الرحمن " لم يبق غير شكة ويعبوب
" وصارم يقتل ضالل الشيب
بعد انتهاء المعركة مر مصعب Hبن عمير العبدرى بأخيه أبى العزيز بن عمير الذى خاض المعركة ضد المسلمين مر به وأحد األنصار
يشد يده فقال مصعب لألنصارى " شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك " فقال أبو عزيز ألخيه مصعب " أهذه وصاتك بى ؟
" فقال مصعب " إنه أى األنصارى أخى دونك
انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للمشركين وبنصر مبين للمسلمين واستشهد من المسلمين فى المعركة أربعة عشر رجال أما المشركون فقتل
منهم سبعون وأسر سبعون ولما انقضت الحرب أقبل الرسول حتى وقف على القتلى فقال " بئس العشيرة كنتم لنبيكم كذبتمونى وصدقنى
الناس وخذلتمونى ونصرنى الناس وأخرجتمونى واوانى الناس " ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر ولما كان ببدر اليوم الثالث
أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه فجهل يناديهم بأسمائهم Hوأسماء أبائهم " يا فالن بن فالن يا فالن بن فالن أيسركم
أنكم أطعتم هللا ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ " فقال عمر " يا رسول ما تكلم من أجساد ال
" أرواح لها ؟ فقال الرسول " والذى نفس محمد بيده ما انتم بأسمع لما اقول منهم ولكن ال يجيبون
فر المشركون من ساحة بدر فى صورة غير منظمة تبعثروا فى الوديان والشعاب Hواتجهوا صوب مكة مذعورين ال يدرون كيف يدخلونها
خجال
ولما تم الفتح للمسلمين أرسل الرسول بشيرين عبد هللا بن رواحة وزيد بن حارثة إلى اهل المدينة ليعجل لهم البشرى وكان اليهود
والمنافقين قد أرجفوا فى المدينة بإشاعة الدعايات الكاذبة حتى انهم أشاعوا خبر مقتل النبى ولما رأى أهل المدينة الرسوالن أحاطوا بهما
وأخذوا يسمعون منهما الخبر حتى تأكد لديهم فتح المسملمين فعمت البهجة والسرور واهتزت أرجاء المدينة تهليال وتكبيرا وخرج رؤوس
المسلمين الذين كانوا بالمدينة إلى طريق بدر ليهنئوا الرسول بهذا الفتح المبين حتى لقوا الرسول فى الروحاء فقال أسيد بن حضير " يا
رسول هللا الحمد هلل الذى أظفرك وأقر عينك وهللا يا رسول هللا ما كان تخلفى عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا ولكن ظننت أنها عير ولو
ظننت أنه عدو ما تخلفت " فقال رسول هللا " صدقت " ثم دخل الرسول المدينة مظفرا منصورا قد خافه Hكل عدو له بالمدينة وحولها فأسلم
بشر كثير من أهل المدينة وحينئذ دخل عبد هللا بن أبى وأصحابه فى اإلسالم ظاهرا
بعد أن قام الرسول ببدر ثالثة أيام تحرك بجيشه نحو المدينة ومعه األسارى من المشركين وعندما وصل إلى الصفراء أمر بقتل النضر
بن الحارث حامل لواء المشركين يوم بدر وكان من أكابر مجرمى قريش ومن أشد الناس كيدا لإلسالم وإيذاءا للرسول ولما وصل إلى
عرق الظبية أمر بقتل عقبة بن أبى معيط فهو الذى كان ألقى سال جزور على ظهر رسول هللا وهو فى الصالة وهو الذى خنقه بردائه
وكاد يقتله لوال اعتراض أبى بكر وكان قتل هذين الطاغيتين واجبا من حيث وجهة الحرب فلم يكونا من األسارى فحسب بل كانا من
مجرمى الحرب
وأقام الرسول ببدر بعد انتهاء المعركة ثالثة أيام وقبل رحيله من مكان المعركة وقع خالف بين الجيش حول الغنائم ولما اشتد الخالف
امر الرسول بأن يرد الجميع ما بأيديهم ففعلوا ثم نزل الوحى بحل هذه المشكلة فقسمها الرسول بين المسلمين على السواء بعد أن أخذ منها
الخمس وهو فى طريقه إلى المدينة
وقدم األسارى بعد بلوغه بيوم فقسمهم على اصحابه وأوصى بهم خيرا فكان الصحابة يأكلون التمر ويقدمون ألسرائهم الخبز عمال بوصية
الرسول
ولما بلغ الرسول المدينة استشار أصحابه فى األسارى فقال أبو بكر " يا رسول هللا هؤالء بنو العم والعشيرة واإلخوان وإنى أرى أن تأخذ
منهم الفدية فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار وعسى أن يهديهم هللا فيكونوا لنا عضدا " فقال الرسول " ما ترى يا ابن الخطاب ؟ " قال
عمر " وهللا ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكننى من فالن -قريب لعمر -فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل ابن أبى طالب
فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فالن أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم هللا أنه ليست فى قلوبنا هوادة للمشركين وهؤالء صناديدهم وأئمتهم
وقادتهم " فهوى الرسول ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت وأخذ منهم الفداء فلما كان من الغد قال عمر " فغدوت إلى النبى وأبى بكر وهما
يبكيان فقلت " يا رسول هللا أخبرنى ماذا يبكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما " Hفقال الرسول "
للذى عرض على أصحابك من أخذهم الفداء فقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة " وأنزل هللا تعالى " ما كان لنبى أن يكون له
أسرى حتى يثخن فى األرض تريدون عرض الدنيا وهللا يريد األخرة وهللا عزيز حكيم لوال كتاب من هللا سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب
عظيم " والكتاب هو " فإما منا بعد وإما فداءا " فيه اإلذن بأخذ الفدية من األسارى ولذلك لم يعذبوا وإنما نزل العتاب ألنهم أسروا الكفار
قبل أن يثخنوا فى األرض ثم إنهم قبلوا الفداء من أولئك المجرمين الذين لم يكونوا أسرى حرب فقط بل كانوا أكابر مجرمى الحرب الذين
ال يتركهم قانون الحرب الحديث إال ويحاكمهم Hوال يكون الحكم فى الغالب إال باإلعدام أو الحبس حتى الموت واستقر األمر على رأى
الصديق فأخذ منهم الفداء وكان الفداء من أربعة االف درهم إلى ثالثة االف درهم إلى ألف درهم وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة ال
يكتبون فمن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم فإذا حذقوا فهو فداء ومن رسول هللا على عدة من األسارى
فأطلقهم بغير فداء منهم المطلب بن حنطب وصيفى بن أبى رفاعة وأبو عزة الجمحى وهو الذى قتله أسرا فى أحد ومن على ختنه أبى
.العاص بشرط أن يخلى سبيل زينب وكانت قد بعثت فى فدائه بمال بعثت فيه بقالدة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على العاص