Professional Documents
Culture Documents
Almonasaba
Almonasaba
2
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
وفز ًعا ِ
شكرا على تفضُّله وهدايتهَ ،
الحمد لله األول واآلخر ،الظاهر الباطن ،القادر القاهرً ،
إلى توفيقه وكِفايته ،ووسيلة إلى ِحفظه ورعايته ،ورغبةً في المزيد من كريم آالئه ،وجميل
عددها عن اإلحصاء ،وصلى ِ
وجل ُخطرها عن الجزاءَّ ،
وحمدا على ن َعمه التي َعظُ َم ُ
ً بالئه،
الله على محمد خاتم األنبياء ،وعلى آله أجمعين ،وسلَّم ً
تسليما.
موضوع البحث:
هذا بحث أتحدث فيه عن موضوع المناسبة في القرآن الكريم ،مستعينًا في ذلك بكتب
تنوعت المؤلفات التي تناولت علم المناسبة ،فمنها ما جاءت المناسبة فيها بابًا من أبوابها؛
َّ
مثل:
-1البرهان للزركشي ،واإلتقان للسيوطي؛ فقد جاءت المناسبة بابًا من أبواب هذين
الكتابين.
3
-3مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع؛ للسيوطي.
-4مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور؛ للشيخ عادل بن محمد (أبو
العالء).
-6إمعان النظر في نظام اآلي والسور؛ للدكتور محمد عناية الله سبحاني.
-7أثر المناسبة في توجيه المعنى في النص القرآني ،رسالة دكتوراه للدكتور محمد عامر
محمد.
-9المناسبات بين اآليات والسور :فوائدها وأنواعها وموقف العلماء منها؛ للدكتور سامي
وهناك دراسات ورسائل علمية في المناسبة جاءت من باب التطبيق على سورة من القرآن
-1أثر النظم في تناسب المعاني في سورة العنكبوت ،رسالة ماجستير للباحثة مقبولة علي
مسلم الحصيني ،بإشراف األستاذ الدكتور :عبد الحافظ بن إبراهيم البقري ،جامعة أم القرى
4
-2التناسب في سورة البقرة ،رسالة ماجستير للباحث طارق مصطفى محمد حميدة،
بإشراف األستاذ الدكتور حاتم جالل التميمي ،جامعة القدس فلسطين1428 ،هـ -
2٠٠7م.
-3المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية ،رسالة ماجستير للباحث أحمد
-5المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية لسورة األعراف ،رسالة ماجستير
للباحثة إيمان عيد علي درويش ،إشراف الدكتور وليد محمد حسن العمودي ،كلية أصول
-6المناسبة بين الفواصل القرآني وآياتها :دراسة تطبيقية على سورة الحجر والنحل
واإلسراء ،رسالة ماجستير للباحث عبد الله سالم سالمة ،بإشراف األستاذ الدكتور زكريا
إبراهيم الزميلي ،كلية أصول الدين في الجامعة اإلسالمية -غزة ،فلسطين 431 ،هـ -
2٠1٠م.
خطة البحث:
جاء هذا البحث متمثل في مقدمة ذكرت فيها موضوع البحث ،والمؤلفات التي
تناولت علم المناسبة ،وخطة البحث ،وقد قسمت -من خلل هذه الخطة -البحث
5
المبحث األول :التعريف بالمناسبة في القرآن ،وتحته خمسة مطالب:
6
وتحته مطلبان:
وختمت البحث بخاتمة بيَّنت فيها أهم النتائج التي توصلت ،ثم قائمة بالمراجع التي
7
المبحث األول :التعريف بالمناسبة في القرآن ،وتحته خمسة مطالب
المناسبة لغة:
يقول ابن فارس ت 395هـ" :النون والسين والباء كلمة واحدة قياسها اتصال شيء بشيء،
يقول الراغب األصفهاني ت 5٠2هـ" :والنسب والنسبة :اشتراك من جهة أحد األبوين،
وذلك ضربان :نسب بالطول؛ كاالشتراك بين اآلباء واألبناء ،ونسب بالعرض؛ كالنسبة بين
بني اإلخوة وبني األعمام؛ قال تعالى{ :فَ َج َعلَهُ نَ َسبًا َو ِص ْهًرا} [الفرقان. ]54 :
يقول الزركشي ت 794هـ" :و ْاعلَ ْم أن المناسبة علم شريف تحزر به العقول ،ويُعرف به قدر
قرب منه،
القائل فيما يقول ،والمناسبة في اللغة :المقاربة ،وفالن يُناسب فالنًا؛ أي :يَ ُ
ويُشاكله ،ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل؛ كاألخوين وابن العم ونحوه ،وإن كانا
8
يقول الزبيدي ت 12٠5هـ" :ومن المجاز :المناسبة :المشاكلة ،يقال :بين الشيئين مناسبة
وتناسب؛ أي :مشاكلة وتشا ُكل ،وكذا قولهم :ال نسبةَ بينهما ،وبينهما نِسبة قريبة" .
ُ
يتَّضح مما سبق أن مادة (نسب) تجمع أكثر من معنى ،فهي تأتي بمعنى االتصال
المناسبة اصطلحا:
يقول القاضي أبو بكر بن العربي ت 543هـ" :هو ارتباط آي القرآن بعضها ببعض؛ حتى
يقول الشيخ عبد الحميد الفراهي الهندي ت 1349هـ -وقد أطلق على التناسب اسم
النظام " :-ومرادنا بالنظام أن تكون السورة َوحدة متكاملة ،ثم تكون ذات مناسبة بالسورة
9
ويقول الدكتور محمد بازمول" :هو معرفة مجموع األصول الكلية والمسائل المتعلقة بعلل
شديدا بين
ً يتَّضح من التعريفات السابقة لمصطلح المناسبة أو التناسب ،أن هناك تقاربًا
هو معروف عند البالغيين هي ترتيب المعاني المتآخية والمتشابهة والمتسقة ،وعلم
مر -هو معرفة علل ترتيب األجزاء ،ومن هنا فإن علم المناسبة بالنسبة
المناسبة -كما َّ
ومقنِن لها،
ومعلل ترتيبهاُ ،
للمناسبة في البالغة ،كأصول الفقه بالنسبة للفقه ،فهو حاضنُهاُ ،
فالمناسبة البالغية الترتيب واالتساق والتآخي ،وعلم المناسبة هو معرفة علل وأسباب هذا
الترتيب والتآخي.
يقول الدكتور أحمد يحيى" :وأما داللته االصطالحية ،فإن الناظر في المصادر البالغية ال
كثيرا" .
تضمنت داللته االصطالحية التي لم تَختلف عن داللته اللغوية ً
إشارات مقتضبة َّ
10
ومصداق قول الدكتور أحمد يحيى ما جاء عند الجاحظ ت 255هـ؛ حيث قال" :لكل
ضرب من الحديث ضرب من اللفظ ،ولكل نوع من المعاني نوع من األسماء :فالسخيف
للسخيف ،والخفيف للخفيف ،والجزل للجزل ،واإلفصاح في موضع اإلفصاح ،والكناية في
فالجاحظ هنا يتحدث عن مناسبة األلفاظ مع األغراض ،فيطابق بين المناسبة والقاعدة
ِ
ومطابقة الكالم لمقتضى الحال ،وهذا بطبيعة البالغية التي تقتضي أن لكل مقام مقاالً،
الحال جزء من المناسبة ،وهو مناسبة النص للواقع الذي يُلقى فيه.
فقد أوضح تعريفه معالم مصطلح التناسب؛ يقول" :هو ترتيب المعاني المتآخية التي تتالءم
وقد علَّق الدكتور أحمد يحيى على هذا التعريف قائالً" :ومما يَلفت النظر في هذا التحديد
تُخرجها عن طبقة البالغة ،ونراه أغ َفل ِذكر األلفاظ ،وهذا اإلغفال َّ
متعمد ومقصود؛ إذ إن
11
المعاني ويريد به التركيب ،على اعتبار أن بناء الكالم يحتاج إلى ركنين ،هما المفردات
يقول الدكتور طارق مصطفى محمد" :وإذا انشغل أكثر البالغيين والمفسرين؛ كالجرجاني،
وصاحب الكشاف ،وصاحب التحرير والتنوير ،وغيرهم -بالنظم داخل اآلية القرآنية
المفردة غالبًا ،أو بين اآليات المتجاورة ،فإن علم التناسب ينظر إلى "النظام" الرابط بين
أجزاء السورة جميعها ،بل يمتد إلى القرآن كلهِ ،
ومن ثَم فإن من تمام بالغة القرآن وبالغه
المبين أن يُتعامل معه باعتباره َوحد ًة واحدة؛ ولذلك تؤكد بعض التعريفات السابقة أن
السورة وحدة واحدة ،بل إن آيات القرآن الكريم لترتبط حتى تكون كالكلمة الواحدة ،وهو
-1أبو جعفر الطبري ت 31٠هـ في تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) ،فقد
تحدث عن المناسبة في مواطن كثيرة من تفسيره ،وانتصر لها ،وإن لم يُصرح بلفظ
التناسب ،وأغلب كالمه في المناسبة بين اآليات فحسب ،أو بين اآليات وواقع الدعوة،
12التناسب في سورة محمد :دراسة بالغية؛ للدكتور أحمد يحيى محمد ،ص .6
13التناسب في سورة البقرة؛ للدكتور طارق مصطفى محمد ،ص .14
12
المقدر المحذوف الذي تُِرك لداللة
َ الكالم
دمج تفسير آيتين؛ ليُبرز العالقةَ بينهما ،و َ
وربما َ
ظهر من الكالم عليه َوفْق تعبيره .
ما َ
-2القاضي عبد القاهر الجرجاني ت 471هـ :صاحب نظرية النظم الذي هو بحسب
تعبيره" :تعليق الكلم بعضها ببعض ،وجعل بعضها بسبب من بعض" ،وعنده أن المعاني
تترتب في النفس أوالً وتَتبعها األلفاظ ُمرتبة على حسب ترتيب المعاني.
أيضا" :وأنك إذا َفرغت من ترتيب المعاني في نفسك ،لم تحتج إلى أن
يقول عبد القاهر ً
فكرا في ترتيب األلفاظ ،بل تجدها تترتَّب لك بحكم أنها َخ َدم للمعاني ،وتابعة
تستأنف ً
لها ،والحقة بها ،وأن العلم بمواقع المعاني في النفس ،علم بمواقع األلفاظ الدالة عليها في
النطق" .
ولعل هذا ِ
يوضح أن النظم هو اإلعجاز الحقيقي للقرآن عند عبد القاهر.
يقول الدكتور طه جابر العلواني" :ومع أن الجرجاني لم ينص على مفهوم التناسب والوحدة
إليها؛ من حيث إن الترتيب هو األساس في النظم ،كما أنه السر في التناسب ،والجرجاني
نظريا يُقرر أن ترتيب اآليات والسور واألعشار ،هو على أكمل وجوه االتساق والنظام
14ينظر :جامع البيان؛ للطبري ،ج ،3ص ،458وداللة السياق؛ للدكتور عبد الوهاب أبو صفية ،ص .86
15دالئل اإلعجاز؛ لعبد القاهر ،ص .4
16السابق ،ص .54
13
واإلتقان وااللتئام واإلحكام ،لكنه في التقعيد والتطبيق رَّكز على الترتيب في الجملة واآلية،
ولم يتجاوز إلى وحدة السورة أو التناسب بين السور ،أو الوحدة في القرآن كله" .
منظما ،ونزله
كالما ُمؤل ًفا ً
منذ البداية يؤكد في مقدمته" :الحمد لله الذي أنزل القرآن ً
ختتما".18
فتتحا ،وباالستعاذة ُم ً
نجما ،وجعله بالتحميد ُم ً
بحسب المصالح ُم ً
صرح الزمخشري بنظم الكلم القرآني ،ولفت في حديثه عن
يقول الدكتور طارق مصطفىَّ " :
افتتاح القرآن واختتامه إلى كون القرآن وحدة واحدة ،وألمح -وهو يُميز بين اإلنزال والتنزيل
-إلى أن الترتيب توقيفي ،وهو ما أكده في تفسير سورة القدر؛ فالقرآن -بحسب ما
يُفهم من كالم الزمخشري في المقدمة ،حين أُنزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا -كان
فرقًا على النبي صلى الله عليه وسلم ،لكن جمعه في المصاحف
تنزل ُم َّ
منظما ،ثم َّ
مؤل ًفا ً
كان َوف ًقا للترتيب األول" .
القرآن الرصين بالبناء المحكم المرصف ،وذلك في تفسير اآلية األولى من سورة هود{ :الر
17مقدمة كتاب :الوحدة البنائية للقرآن المجيد؛ للدكتور طه جابر العلواني ،ص .3
18الكشاف؛ للزمخشري ،ج ،1ص .6
19التناسب في سورة البقرة؛ للدكتور طارق مصطفى محمد ،ص .18
14
ت ِم ْن لَ ُد ْن َح ِكيم َخبِير} [هود ،]1 :قال" :أُحكمت آياته: ت آياتُه ثُ َّم فُ ِ
صلَ ْ
كِتَاب أ ِ
ُحك َم ْ َ ُ
ْ
المرصف" . ِ
المحكم ُ
حكما ،ال يقع فيه نَـ ْقض وال َخلل؛ كالبناء ُ
نظما رصينًا ُم ً
نُظمت ً
وهذا إن َّ
دل على شيء ،فإنما يدل على أن الزمخشري أفضل َمن قرأ فكر عبد القاهر
البالغي.
-4القاضي أبو بكر بن العربي ت 543هـ :وهو من الذين انتصروا للمناسبة ،وقد نقل عنه
الزركشي في البرهان قوله" :ارتباط آي القرآن بعضها ببعض ،حتى تكون كالكلمة الواحدة؛
متسقة المعاني ،منتظمة المعاني ،علم عظيم ،لم يتعرض له إال عالم واحد عمل فيه بسورة
البَطَلة ،ختمنا عليه ،وجعلناه بيننا وبين اللهَ ،ورددناه إليه" .
- 5أبو جعفر بن الزبير ت 7٠8هـ في كتابيه ":البرهان في تناسب سور القرآن" ،و ِ
"مالك َ
التأويل" ،وقد كان هذا الرجل من أشد المنتصرين للمناسبة ووجودها في القرآن ،وقد َّ
حدد
خصصه لموضوعات
الدكتور طارق مصطفى موضوعات كتابيه ،فقال" :فأما البرهان فقد َّ
كما نقل عنه غير واحد من تالميذه؛ كصاحب البحر المحيط -أبي حيان -وصاحب
التسهيل -ابن مالك -واألول تابَع أستا َذه واقتفى أثره في االهتمام وااللتفات إلى موضوع
15
كثيرا ما يذكر أن السبب هو االرتباط باآلية السابقة والسياق ،كما يلفت إلى المناسبة مع
ً
يتكرر فيها من األلفاظ و ِ
الصيَغ والمعاني التي تُميز كل سورة عما موضوع السورة ،وما َّ
سواها" .
-6بدر الدين الزركشي ت 794هـ :وقد تحدث في كتابه البرهان في علوم القرآن عن
-7برهان الدين البقاعي ت 885هـ :وله التفسير المسمى( :نظم الدرر في تناسب اآليات
أيضا( :مصاعد النظر في اإلشراف على مقاصد السور)؛ حيث كان دأب
والسور) ،وله ً
البقاعي في نظم الدرر أن يُورد في بداية كل سورة مقصودها من خالل اسمها الدال على
هذا المقصود حسب رأيه ،وال يكتفي بذلك ،وإنما يتحدث عن كل أوجه التناسب؛ داخل
اآلية ،وبين اآليتين ،وفيما بين مقاطع السورة ،والتناسب بين ختام السورة وبدايتها فيما
يُسميه" :رد المقطع على المطلع" بالنسبة للسورة ،ثم بين السورة وجارتها ،بل ويتحدث
عن "رد المقطع على المطلع" بالنسبة للقرآن؛ أي :المناسبة بين السور التي في آخر
يقول الدكتور طارق مصطفى" :ولعل جهد البقاعي في نظم الدرر هو األجمع واألشمل
16
كنوزا من هذا الفن ،وال عبرة بما
المناسبة من جميع جوانبها غايته من الكتاب الذي حوى ً
يقال أحيانًا عن تكلُّفه فيه ،فبعضه من كالم األقران ،أو الذين ال يقدرون هذا العلم حق
قدره ،ثم هل يتوقع من البقاعي وقد أخذ على عاتقه استقصاء وجوه التناسب في القرآن كله
-أن يهتدي إلى األصوب في كل موضع؟ وبحسب البقاعي أنه قد التفت إلى بعض أوجه
التناسب التي لم يُسبق إليها؛ كداللة اسم السورة على مقصودها ،أو رد المقطع على
المطلع فيما يتعلق بالتناسب بين السور التي في آخر المصحف ونظيراتها في آخره ،وهذه
-8السيوطي ت 911هـ :انتصر السيوطي لوجود المناسبة في القرآن ،وقد ألَّف كتبًا كثيرة
جاءت المناسبة جزءًا منها؛ مثل( :اإلتقان) ،و(معترك األقران) ،وقد نقل فيهما أغلب كالم
قصرها على المناسبة؛ مثل( :تناسق الدرر في الزركشي في (البرهان) ،وألَّف ً
أيضا ُكتبًا َ
تناسب السور) ،وقد ذكر السيوطي في مقدمته أن هذا الكتاب هو جزء من كتاب له كبير
في موضوع التناسب ،واسمه (أسرار التنزيل) ،وله( :قطف األزهار في كشف األسرار)،
17
المطلب الثالث :المعارضون والرد على اعتراضاتهم:
كان أبرز َمن نُِقل عنهم االعتراض على المناسبة :الشيخ عز الدين بن عبد السالم ت
66٠هـ ،واإلمام الشوكاني ت 125٠هـ ،فأما العز بن عبد السالم فقد قال" :من محاسن
ارتباط أحد الكالمين باآلخر ،ومن ربط ذلك فهو متكلف لِما ال يقدر عليه إال بربط
ركيك ،يُصان عن مثله حسن الحديث ،فضالً عن أحسنه؛ فإن القرآن نزل في نيِف
وعشرين سنة في أحكام مختلفة ،شرعت ألسباب مختلفة غير ُمؤتلفة ،وما كان كذلك ال
تصرف اإلله في خلقه وأحكامه بعضها يتأتَّى ربط بعضه ببعض؛ إذ ليس يَ ُ
حسن أن يرتبط ُّ
متوافقة ومتخالفة ومتضادة ،وأنه ليس ألحد أن يطلب ربط بعض تلك التصرفات مع بعض،
25اإلشارة إلى اإليجاز في بعض أنواع المجاز ،وبذيله :نبذ من مقاصد القرآن الكريم؛ للعز بن عبد السالم ،ص
.339-338
26السابق ،ص .339
18
يقول الدكتور مشهور موسى" :وأما الشوكاني فقد انتصب للرد على األخذ بفن التناسب في
القرآن ،وأنحى باللوم والتقريع على أئمة التفسير ،وأطال في االستدالل برأيه ،وأبدأ في ذلك
وأعاد" .
التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في األمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه؛ وذلك أنهم
أرادوا أن يذكروا المناسبة بين اآليات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في
فضالً عن كالم الرب سبحانه ،حتى أفردوا ذلك بالتصنيف ،وجعلوه المقصد األهم من
عنه في التفسير أو في غيره ،وأنه ال يجوز التكلم بمحض الرأي المنهي عنه ،فعلم
ألي مفسر؛ ألنه يُعين على فَـ ْهم المعنى والترجيح بين اآلراء ،ومعرفة المقاصد العامة لآليات
تأمل دقيق
والسور ،وغير ذلك من فوائد ،والمناسبة قد تكون واضحة جلية ،وقد تحتاج إلى ُّ
19
إنكارها ونفيُها" . ِ
وتدبُّر عميق ،فإذا َخفيت المناسبة ،فال ينبغي ُ
وفي اإلجابة عن كلم العالمين الجليلين ،ربما تحسن اإلشارة إلى األمور اآلتية:
-1أنهما يتفقان في مجمل االعتراضات ،بل يمكن القول :إن كالم الشوكاني رحمه الله
هو بسط وتطويل لكالم العز بن عبد السالم ،لكن في سياق خطابي ،ولذلك لن أُفرد كل
- 2أن العز -رحمه الله -ال يرفض التناسب مطل ًقا ،بل يَشترط فيه أن يقع في أمر
مرتبط أوله بآخره ،دون ما يقع على أسباب مختلفة ،على حد تعبيره ،وهذا سبب لوجازة
مشايخنا المحققين :قد وهم من قال :ال يطلب لآلي مناسبة؛ ألنها على حسب الوقائع
المتفرقة ،وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيالً ،وعلى حسب الحكمة ترتيبًا
سوره كلها
وتأصيالً ،فالمصحف كالصحف الكريمة على َوفق ما في الكتاب المكنون ُمرتبة ُ
29موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات ،بحث محكم بكلية أصول الدين جامعة األزهر 1425هـ؛ للدكتور
أحمد محمد الشرقاوي سالم ،ص .4
3٠ينظر التناسب في سورة البقرة؛ للدكتور طارق مصطفى ،ص .28
20
استُـ ْفتِي في أحكام متعددة ،أو ناظَر فيها ،أو
وآياته بالتوقيف ،وحافظ القرآن العظيم لو ْ
يتل كما أفتى ،وال كما ِ
أمالها -لذكر آية كل حكم على ما ُسئل ،وإذا رجع إلى التالوة لم ُ
نزل ُمفرقًا ،بل كما أُنزل ُجملة إلى بيت العزة" .
يقول الدكتور مشهور موسى" :وعلى فرض أن اإلمام العز بن عبد السالم قد رام هذا ،فإن
القرآن كالم الله األزلي المتصف بالكمال والمنزه عن النقص ،ونزول آياته منجمة ألسباب
خاصة في أزمنة متباعدة ،ال يمنع التناسب بينها ،فهي متناسبة في اللوح المحفوظ قبل
قبل ،وهو ما كان بالفعل من حال آيات الله وسوره ،ولله المثل األعلى" .
كان من ُ
وأما ملخص ما جاء في الرد على اإلمام الشوكاني :أنا ما زلنا نرى دارسي األدب يُعنون
بإبراز التناسب بين أبيات القصيدة وارتباط أغراضها ببعضها ،وحسن انتقال الشاعر أو
الكاتب من غرض إلى آخر ،بما يَصون كالمه عن التفكك وعدم االنسجام -مع فارق
21
هذا في أفصح كالم وأبلغ نظام ،إضافة إلى ما يفيده هذا التناسب من ترجيح لبعض األقوال
مسألة اعتراضهما على القول بالمناسبة في القرآن ،وأن جميع الشبهات التي استندا إليها ال
تقوى على غمز علم المناسبة أو الحط من شأنه ،ما دامت هناك ضوابط موجود متمثلة في
الربط والبُعد عن التكلف والتعسف -وعلى ذلك فالمناسبة تُعد من أدق العلوم والوسائل
وسبكه.
التي تساعد على التعمق في فَـ ْهم القرآن ،واكتشاف دقائق ترابُطه َ
لكن الدكتور محمد عناية الله سبحاني كان له رأي آخر في معارضة الشوكاني
للمناسبة؛ إذ إنه يرى أن الشوكاني لم يكن يعارض المناسبة ،ولم يُنكرها ،فيقول" :إن
بها ،وال يجد فرصة إلبراز النظام -المناسبة -إال ويَنتهزها ،ويقف عندها وقفة ال بأْ َ
س
بها؟!" .
22
ثم راح يأتي بأمثلة من تفسير الشوكاني يُدلل بها على أن الشوكاني لم يكن يعارض القول
بالمناسبة في القرآن ،ومن هذه األمثلة التي جاء بها :قول الشوكاني عند تفسيره قولَه تعالى:
ِ آل إِبـر ِاهيم و َ ِ
ين} [آل عمران:]33 :
آل ع ْمَرا َن َعلَى الْ َعالَم َ وحا َو َ ْ َ َ َآد َم َونُ ً {إِ َّن اللَّهَ ْ
اصطََفى َ
محمدا صلى الله عليه وسلم
ً "لَ َّما َفرغ سبحانه من بيان أن الدين المرضي هو اإلسالم ،وأن
إنما هو لمجرد البغي عليه والحسد له -شرع في تقرير رسالة النبي صلى الله عليه وسلم،
تناولوا موضوع المناسبة لذكر أهميتها ،ومنهم اإلمام البقاعي ،وأبو جعفر
تعرض كثير ممن َ
َّ
بن الزبير ،وقد تشابهت أقوالهم في الحديث عن أهمية علم المناسبات ،وكان بينها قواسم
-1ف هم مراد الله تعالى في كتابه ،وعدم الوقوع في اللبس أو الخطأ أو التأويلت
المغالى فيها؛ يقول الدكتور صالح الخالدي" :استند كثير من القدامى والمعاصرين على
23
عظيم؛ حيث غفلوا عن أن القائل هو العزيز ،وكون القرآن أورد قوله ال يعني بالضرورة
موافقته عليه ،وكم قد اقتبس القرآن من أقوال الكفار والمنافقين! فضالً عن أن هذا القول
-2أن المناسبة في أحايين كثيرة تكون مفتاح معرفة حكم القرآن ودرره:
والدليل على ذلك قول اإلمام الرازي" :إن أكثر لطائف القرآن ُمودعة في الترتيبات
والروابط" ،وقد أكد البقاعي أن المقصود بالترتيب معان جليلة الوصف ،بديعة الرصف،
عظمه" .
فمن ترك النظر فيه َترك من معنى القرآن ُم َ
دالالت النظمَ ،
يقول الدكتور طارق مصطفى محمد" :ويجد القارئ أن المفسرين والمشتغلين بعلوم القرآن
منهما على ِح َدة ،ومثله في ترتيب المواضيع في اآلية الواحدة ،كالسر في ترتيب أركان
36القصص القرآني؛ للدكتور صالح الخالدي ،ج ،2ص ،127دار القلم ،دمشق ،ط1419 ،1هـ 1998 -م.
37التفسير الكبير؛ للرازي ،ج ،4ص .11٠
38نظم الدرر؛ للبقاعي ،ج ،1ص .8
39دالئل النظام؛ للشيخ عبد الحميد الفراهي ،ص .38
24
ول [ }...البقرة ،]285:أو الحكمة في ترتيب وجوه
الر ُس ُ
اإليمان في اآلية الكريمة { َآم َن َّ
مر وجه أصيل من وجوه اإلعجاز القرآني ،ودليل آخر على ربانية هذا الكتاب
التناسب كما َّ
العظيم ،وأنه معجز كله؛ يقول البقاعي في" :وبهذا العلم يرسخ اإليمان في القلب ،ويتمكن
من اللب؛ وذلك أنه يكشف أن لإلعجاز طريقين :أحدهما :نظم كل جملة على حيالها
وقد قال الشيخ أبو بكر النيسابوري" :إن إعجاز القرآن البالغي لم يرجع إال إلى هذه
المناسبات الخفية والقوية بين آياته وسوره ،حتى كأن القرآن كله كالكلمة الواحدة ترتيبًا
25
وقد مثَّل الدكتور طارق مصطفى لذلك بقوله" :ومثال ذلك :معرفة سر اقتران طاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم بطاعة الله تعالى في كثير من اآليات ،ومغزى مجيء الزكاة بعد
الصالة في عدة مواطن من كتاب الله ،وأهمية اإلحسان بالوالدين؛ إذ جاء تاليًا لألمر
وينقل الدكتور محمد عناية الله سبحاني عن اإلمام عبد الحميد الفراهي الهندي قوله:
تحدث كثير من المفسرين والبالغيين عن التكرار ،وذكروا أن القرآن خال من التكرار ،وأن
ما به مما ي ِ
وهم وجود التكرار ،فإنما هو تشابه ،وقد تحدث البقاعي عن التناسب وأهميتهُ
توهم التكرار بقوله :وبه يتبيَّن لك أسرار القصص المكررات ،وأن كل سورة أُعيدت
في دفع ُّ
فيها قصة ،فلمعنى ُّاد ِعي في تلك السورة ،استدل عليه بتلك القصة غير المعنى الذي
ِسيقت له .
26
يقول الشيخ سيد قطب" :ويحسب الناس أن هناك تَكر ًارا في القصص القرآني؛ ألن القصة
الواحدة يتكرر عرضها في سور شتى ،ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أنه ما من قصة أو حلقة
من قصة قد تكررت في سورة واحدة -من ناحية القدر الذي يساق وطريقة األداء في
السياق -وأنه حيثما تكررت حلقة ،كان هناك جديد تُؤديه ينفي حقيقة التكرار" .
توجد أحاديث كثيرة ُوِجد فيها تناص ومناسبة مع كثير من آيات القرآن الكريم ،يقول
ومن أمثلة ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(( :يا معشر الشبابَ ،من
27
صا ِرِه ْم فهذا الحديث مستفاد أو مسترفد من قوله تعالى{ :قُل لِْلم ْؤِمنِين يـغُ ُّ ِ
ضوا م ْن أَبْ َ ْ ُ َ َ ُ
ض َن ِم ْن ِ ِ ِ ِ
ضْ ك أ َْزَكى لَ ُه ْم إِ َّن اللَّهَ َخبِير بِ َما يَ ْ
صنَـعُو َن * َوقُ ْل ل ْل ُم ْؤمنَات يَـ ْغ ُ وج ُه ْم َذل َ
َويَ ْح َفظُوا فُـ ُر َ
أَب ِ
صا ِره َّن َويَ ْح َفظْ َن فُـ ُر َ
وج ُه َّن} [النور.]31 ،3٠ : َْ
ففي اآليتين أمر للمؤمنين والمؤمنات بحفظ الفرج و َغ ِ
ض البصر؛ خشية الوقوع في الزنا،
وفي الحديث أمر بالزواج للمستطيع ،وأمر بالصوم لمن ال يستطيع خشية الوقوع في الزنا،
ومعين
افدا للحديثَ ،
فحدثت بذلك مناسبة وتناص بين اآلية والحديث ،فاآلية مثَّلت ر ً
َّ
تعددت أنواع المناسبة في القرآن الكريم وتشاكلت ،فمنها:
عموما.
-2المناسبة بين اآلية وما قبلها ً
-3المناسبة بين اآلية وما بعدها من نفس الموضوع.
28
-8المناسبة بين ختام اآلية واآلية التي قبلها مباشرة.
عموما.
-9المناسبة بين صدر اآلية وما قبلها من اآليات ً
-1٠المناسبة بين أوائل السور وأواخر ما قبلها.
29
المبحث الثاني :المناسبة بين اآليات في السورة
وقد ظهر هذا النوع من المناسبة جليا عند اإلمام البقاعي ،فقد كان يعرض لآليات القرآنية
البالغية المعروفة ،ومن ذلك ما تكون فيه المناسبة على أساس من االلتفات الذي يفيد
التنكيت والتبكيت ،فااللتفات من األساليب البالغية الرفيعة التي تُظهر المناسبة أيَّما ظهور،
ومن فوائد هذا األسلوب وخصوصيته التأثيرية على النفس أن يربط آية بآية أخرى قبلها على
سبيل التنكيت والتبكيت ،ومن هذا اللون ما يكون على سبيل االستئناف التبكيتي الممزوج
برائحة االلتفات؛ كما في قوله تعالى{ :إِ َّن الَّ ِذين يكْتُمو َن ما أَنْـزلْنَا ِمن الْبـيِنَ ِ
ات َوالْ ُه َدى ِم ْن ََ ُ َ َ َ َ
الال ِعنُو َن} [البقرة،]159 : َّاس فِي الْ ِكتَ ِ
اب أُولَئِ َ
ك يَـ ْل َعنُـ ُهم اللَّهُ َويَـ ْل َعنُـ ُهم َّ بَـ ْع ِد َما بَـيَّـنَّاهُ لِلن ِ
ُ ُ
ِ ِ ِ وذلك بعد قوله تعالى{ :إِ َّن َّ
الص َفا َوالْ َم ْرَوَة م ْن َش َعائ ِر اللَّه فَ َم ْن َح َّج الْبَـْي َ
ت أَ ِو ْاعتَ َمَر فَ َال
ع َخْيـًرا فَِإ َّن اللَّهَ َشاكِر َعلِيم} [البقرة. ]158 : اح َعلَْي ِه أَ ْن يَطََّّو َ
ف بِ ِه َما َوَم ْن تَطََّو َ ُجنَ َ
ناسبت ما قبلها ،وهي آية{ :إِ َّن َّ ِ َّ ِ
الص َفا َوالْ َم ْرَوَة}؛ ذكر البقاعي فآية{ :إ َّن الذ َ
ين يَكْتُ ُمو َن} َ
وخْت ُم ما أتبع ذلك -أي :الصفا والمروة - أنه لَ َّما َّ ِ
تقدم كتمان بعض أهل الكتاب للحقَ ،
نصح لله واتَّبع شرعه ،فالله يعلم خائنةَ األعين وما
بصفتي الشكر والعلم ،فالشكر لمن َ
30
استترت ،وبالَغ القوم في كِتمانها وإخفائها ،وبعد
تُخفي الصدور ،حتى وإن دقَّت األفعال و ْ
المنافقين ،وكذلك المصارحين ،و َلعْنهم على كِتمانهم ما يعلمون من الحق .
وقد يأتي العطف الذي يفيد التشريف والتكريم وسيلةً من وسائل المناسبة بين اآلية وما
ث ِشْئتُ َما
ك الْ َجنَّةَ فَ ُك َال ِم ْن َحْي ُ اس ُك ْن أَنْ َ
ت َوَزْو ُج َ آد ُم ْ
{ويَا َ
قبلها ،ومثال ذلك قوله تعالىَ :
ِِ ِ َوَال تَـ ْقَربَا َه ِذهِ َّ
الش َجَرةَ فَـتَ ُكونَا م َن الظَّالم َ
ين} [األعراف ،]19 :فقد جاء قبلها قوله تعالى:
َن جهنَّم ِمْن ُكم أ ِ {قَ َال اخرج ِمْنـها م ْذءوما م ْدحورا لَمن تَبِع َ ِ
ين}
َج َمع َ
ْ ْ ك مْنـ ُه ْم َأل َْم َأل َّ َ َ َ ُْ ْ َ َ ُ ً َ ُ ً َ ْ َ
[األعراف.]18 :
ذكر اإلمام البقاعي أن الله عز وجل لَ َّما أوجب للشيطان من الشقاوة ِ
لتماديه في حسد آدم
وذُريته ،وما كان من أمره بعد ذلك ،وكثرة كالمه في محسوده -التفت الله عز وجل إلى
محسوده الذي لم يتكلم فيه كلمة واحدة ،بل إنه انشغل بنفسه واكتفى بجزائهِ ،
ورضي
بقضاء الله ،فقال الله عز وجل -وقد عطف عط ًفا تناسبيا معجًزا على اآلية التي قبلها:
31
ِ
ك ،}...فكان اس ُك ْن أَنْ َ
ت َوَزْو ُج َ آد ُم ْ
{ويَا َ
وما َم ْد ُح ًورا - }....قالَ :
اخ ُر ْج مْنـ َها َم ْذءُ ً
{قَ َال ْ
هذا االلتفات الرباني فيه من التشريف واإليناس آلدم وزوجه ما فيه .
فالناظر يجد نفسه أمام لوحتين معجزتين؛ األولى :خاصة بإبليس اللعين ،فالله عز وجل
يذمه ويَطرده من رحمته وجنته ،جزاء حسده الدائم آلدم ،وفي المقابل في اللوحة الثانية
وسكناها، ِ
التي تختص بآدم وزوجه ،وهما قد َرضيَا بحكم الله وصبَـَرا ،فوعدهما الله الجنةَ ُ
آدم ،فكل منهما كان في الجنة،
والمناسبة هنا تتَّضح من العالقة التي جمعت إبليس و َ
وحسدَ ،ور ِضي آدم وانشغَل بنفسه ،فاختلف الجزاء بين اللعن والطرد،
فعصى إبليس َ
العطف وااللتفات من قصة إبليس إلى قصة آدم.
ُ التناسب
َ وسكنى الجنة ،وأظهر هذا
ُ
النموذج األول:
تعرض اإلمام البقاعي لهذا النوع من المناسبة ،ومثَّل لها بقوله تعالى{ :إِ َّن َّ
الص َفا َوالْ َم ْرَوَة َّ
32
يقول اإلمام البقاعي" :لَ َّما كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يَقصدوا بترك الطواف
ِ
بينهما إال الطاعة ،فأُعلموا أن الطواف بينهما طاعة ،ولذلك عبَّر بما يفيد َ
مدحهم ،فقال
ع}.
{وَم ْن تَطََّو َ
تعالىَ :
يقول الدكتور مشهور موسى في تعليقه على المناسبة في هذه اآلية" :إن التناسب في هذا
المقام هو على أساس المدح ،والفصل كذلك في أمر دار خالف طويل حوله ،يشير إلى
طوف
ذلك حديث عروة مع أم المؤمنين عائشة ،حين قال لها :ما أرى على أحد شيئًا أال يَ َّ
النموذج الثاني:
تشوف سؤال،
ومثال آخر لهذا النوع من المناسبة تتحقق فيه هذه المناسبة على أساس ُّ
َح ِد ِه ْم ِم ْلءُ ْاأل َْر ِ
ض َذ َهبًا ِ ِ َّ ِ
وهو قوله تعالى{ :إ َّن الذ َ
ين َك َف ُروا َوَماتُوا َوُه ْم ُكفَّار فَـلَ ْن يـُ ْقبَ َل م ْن أ َ
ِ ِ ِ
َولَ ِو افْـتَ َدى بِِه أُولَئِ َ
ك لَ ُه ْم َع َذاب أَليم َوَما لَ ُه ْم م ْن نَاص ِر َ
ين} [آل عمران.]91 :
يتشوف السامع من خالله ألن يسأل سؤاالً مفاده :ما مصيرهم يا رب؟! فيأتي ُم ِ
شوق َّ
33
الجواب أنهم لن يُقبل منهم ِملء األرض ذهبًا لو أَتَـ ْوا به لفداء نفوسهم من العذاب الواقع
من الراسخ في الذهن أن فواتح السور القرآنية تَحمل براعة استهالل معجزة ،فهي أول شيء
تماما .
تشوف إلى نقص يُريد ً
السامع بانتهاء الكالم؛ حتى ال يبقى معه للنفوس ُّ
النموذج األول:
ومن أمثلة هذا المناسبة قوله تعالى في ختام سورة األنعام{ :قُ ْل أَ َغْيـَر اللَّ ِه أَبْغِي َربا َوُه َو َر ُّ
ب
34
ذكر اإلمام البقاعي أن ختام سورة األنعام جاء في غاية التناسب مع أولها ،فاالستفهام في
اآلية الخاتمة للسورة تعجبُّي استنكاري ،يستنكر ممن يتخذ ربا غير الله ،مع كونه قد خلق
السموات واألرض ،وجعل الظلمات والنور ،وهذان صنيعان يستوجبان الشكر الدائم ال
ض َو َج َع َل العصيان ،فقال في مطلع السورة{ :الْحم ُد لِلَّ ِه الَّ ِذي خلَق َّ ِ
الس َم َوات َو ْاأل َْر َ َ َ َْ
ين َك َف ُروا بَِربِ ِه ْم يَـ ْع ِدلُو َن} [األنعام.]1 : َّ ِ ِ
الظُّلُ َمات َوالن َ
ُّور ثُ َّم الذ َ
يقول البقاعي" :يُسرع العالي إلى عقوبة السافل! فأُجيب بأن الله فوق الكل ،وهو أسرع
عقوبة ،فهو قادر على أن يُسلِط الوضيع أو أحقر منه على الرفيع ،فيُهلكه ،ثم رغَّب بعد
وخسف بهم األرض التي أنعم عليهم بالخالفة فيها ،وأذهب عنهم النور ،وأدام
السموات َ
ِ ِ
ض} {وُه َو الَّذي َج َعلَ ُك ْم َخ َالئ َ
ف ْاأل َْر ِ الظالم ،فقد ختم السورة بما به ابتدأها ،فإن قولهَ :
{ه َو الَّ ِذي َخلَ َق ُك ْم ِم ْن ِطين} [األنعام ،]2 :وقوله:
[األنعام ]165 :هو المراد بقولهُ :
ين َك َف ُروا بَِربِ ِه ْم يَـ ْع ِدلُو َن} [األنعام. "]1 : َّ ِ ِ
ض َو َج َع َل الظُّلُ َمات َوالن َ
ُّور ثُ َّم الذ َ
َّ ِ
الس َم َوات َو ْاأل َْر َ
35
النموذج الثاني:
فالله سبحانه وتعالى يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر ،ويذكر أن وعد الله حق ،وهو
النبي على
بحملهم َّ
واقع ال َمحالة ،ويُحذره من فتنة هؤالء المنافقين والكافرين ،وذلك ْ
جزعا مما يقولون ،فهؤالء قوم ليس لديهم يقين ،منافقون ،فهم ُّ
شاكون الخفة والقلق ً
أي شيء ،ويُكذبون نصر الله ألوليائه المؤمنين ،ودليل ذلك تكذيبهم وعد
بطبعهم؛ يُزلزلهم ُّ
الله للمؤمنين بنصر الروم وهزيمة الفرس ،فتَراهم كأنهم على بيِنة وثقة من أمرهم -وهو أن
َوِم ْن بَـ ْع ُد َويَـ ْوَمئِذ يَـ ْفَر ُح الْ ُم ْؤِمنُو َن} [الروم.]4 - 1 :
فالله بعد أن ذكر هزيمة الروم وعد المؤمنين بنصرهم على الفرس في بضع سنين ،وأن األمر
اصبِْر كله بيد الله عز وجل ،وفي آخر السورة أمر الله نبيَّه بالصبر و َّ
أكد وعده بالنصر { -فَ ْ
إِ َّن َو ْع َد اللَّ ِه َحق} -فاألمر بالصبر يكون على نبأ هزيمة الروم ،واستهزاء الكفار والمنافقين
بتأخر النصر ،وذلك جاء آخر السورة ،وتأكيد الوعد بنصر الروم ،وهزيمة الفرس ،يكون
ُّ
36
َغلَبِ ِه ْم {وُه ْم ِم ْن بَـ ْع ِد
النبي بنصر الروم وهزيمة الفرس في أول السورةَ :
متصالً بإخبار الله َّ
َسيَـ ْغلِبُو َن} [الروم.]3 :
وكما قال البقاعي" :عطف الحبيب على الحبيب ،واتصل به اتصال القريب بالقريب،
37
المبحث الثالث :المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها
مدخل:
والفاصلة في اصطالح أرباب الدراسات القرآنية يشيع إطالقها على آخر كلمة تختم بها
على َّ
أن اإلجماع منعقد على عدم تسمية الفاصلة قافية كما حكاه السيوطي؛ إذ قال" :وال
ب
ب َس ْل ُ
وج َ
اسم الشعرَ ، إجماعا؛ َّ
ألن الله تعالى لَ َّما سلَب عنه َ افي
ً يجوز تسميتها قو َ
أيضا؛ ألنَّها منه وخاصة في االصطالح ،وكما يَمتنع استعمال القافية يَمتنع
القافية عنه ً
استعمال الفاصلة في الشعر؛ ألنها صفة لكتاب الله ،فال َّ
تتعداه" .
وقد تَ َّنزه القرآن الكريم عن أن يُستعار لشيء منهُ لفظ هو صوت الطائر ،ثم إن من السجع
ما يطلق على مذموم الكالم كسجع ال ُك َّهان ،وأصل المنع في ذلك راجع إلى أن القرآن
الكريم هو كالم الله تعالى ،وكالمه صفة من صفاته ،فال يجوز وصفه بصفة لم يَِرد اإلذن
57ينظر :النكت في ثالث رسائل في إعجاز القرآن ،ص ،89وإعجاز القرآن للباقالني ،ص ،83والبرهان؛
للزركشي ،ج ،1ص .149
58معترك األقران؛ للسيوطي ،ج ،1ص .25
59ينظر :لسان العرب مادة (سجع) .
38
الشرعي بها؛ ألن ألفاظ أسماء الله تعالى وصفاته وما يتعلق بها توقيفية ،وليس لالجتهاد
على أواخر اآليات في طبقة الجاحظ ت 255هـ إلى أن استوى هذا المصطلح على يد
أبي الحسن األشعري ت 324هـ ،وتلميذه أبي بكر الباقالني ت 4٠3هـ .
وأصبح الناظر في إعجاز القرآن الكريم والواقف على مظاهر بالغته ،يتناول هذا المصطلح
39
المطلب األول :نماذج تطبيقية من سورة البقرة:
-النموذج األول:
ورشادا
ً ب فيه :ال شك في أنه من عند الله هداية
يقول د وهبة الزحيلي" :هذا الكتاب ال َريْ َ
للمتقين الذين َوقَـ ْوا أنفسهم مما يضرها ،فالتزموا األوامر اإللهية ،وتجنَّبوا النواهي
والمحظورات" .
خصص الله عز وجل كتابه وأخبر عنه بأنه هدى للمتقين ،فالخبر يُخصص المبتدأ ويكون
َّ
وص ًفا له؛ مما يؤكد أن هذا الكتاب هدى للمتقين فحسب ،وليس هدى لغيرهم ،وقوله:
ين} ،فهدى خبر للمبتدأ ذلك ،وللمتقين جار ومجرور متعلق بمحذوف ِ ِ
{ ُه ًدى ل ْل ُمتَّق َ
مرفوع نعت لهدى ،والتقدير :هدى مستقر أو ثابت أو حاصل للمتقين.
جاءت هذه الفاصلة مناسبة لداللة التخصيص التي في اآلية ،فالفاصلة جاءت في كلمة
تخصيص
ُ فناسب
المتقين -وهي لفظة مخصوصة تدل على نوع معين من الناس َ -
تخصيص الهدى بالمتقين فحسب.
َ الفاصلة
63التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج؛ للدكتور وهبة الزحيلي ،ج ،1ص .72
40
-النموذج الثاني:
يقول الدكتور وهبة الزحيلي" :إن أولئك المتقين هم الذين يُصدقون بجميع ماُ أن ِزل على
وإقامة الصالة ،وإيتاء الزكاة ،واالعتقاد باليوم اآلخر ،واإليمان بالقرآن وبالكتب المنزلة قبله
( -وهي التوراة واإلنجيل والزبور والصحف) -هم على نور وهداية من ربهم ،وعلى منزلة
اه ْم يـُْن ِف ُقو َن}( :ومما) الواو حرف عطف ،ومما جار ومجرور متعلقان ِ
{وم َّما َرَزقْـنَ ُ
َ
بـ(ينفقون) ،و(رزقناهم) :فعل ماض ،و(نا) ضمير متصل في محل رفع فاعل ،و(هم) ضمير
متصل في محل نصب مفعول به ،وجملة (رزقناهم) :ال محل لها من اإلعراب؛ ألنها صلة
الموصول ،والعائد محذوف؛ أي :رزقناهم إياه( ،ينفقون) فعل مضارع مرفوع معطوف على
41
(يُقيمون) داخل في حيِز الصلة ،وفي استخدام الفعل المضارع (ينفقون) دليل على ُّ
تجدد
واستمرار اإلنفاق.
جاء جمال الفاصلة هنا في التقديم والتأخير؛ حيث قدَّم اإلنفاق على غيره من صفاتهم؛
ألنه وصف إيجابي يدل على صفاء نفوسهم ،وقوة إخالصهم ،فإن المال شقيق الروح ،فإذا
أنفقوه في حالتي السراء والضراء ،كان ذلك دليالً على التزامهم العميق بتعاليم دينهم وطاعة
ربهم .
-النموذج األول:
اب الْ ُمبِي ِن * إِنَّا أَنْـَزلْنَاهُ قُـ ْرآنًا َعَربِيا لَ َعلَّ ُك ْم تَـ ْع ِقلُو َن}
ات الْ ِكتَ ِ قال تعالى{ :الر تِْل َ
ك آيَ ُ
[يوسف.]2 ،1 :
65المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية على الجزء األول من سورة البقرة؛ رسالة ماجستير للباحث
أحمد محمد عطية ،ص .45
42
وأوامره ونواهيه ،فإذا ع َقلتم ذلك بإيقانكم واتَّصفت قلوبكم بمعرفتها ،أثمر ذلك عمل
الجوارح واالنقياد إليه ،و{لَ َعلَّ ُك ْم تَـ ْع ِقلُو َن}؛ أي :تزداد عقولكم ُّ
بتكرر المعاني الشريفة
العالية على أذهانكم ،فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل" .
{لَ َعلَّ ُك ْم تَـ ْع ِقلُو َن} :لعل حرف ُمشبه بالفعل من أخوات إن ،و(كم) الكاف ضمير مبني
على الضم في محل نصب اسم لعل ،و(الميم) عالمة جمع الذكور( ،تعقلون) فعل مضارع
مرفوع وعالمة الرفع ثبوت النون ،والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ،وجملة تعقلون
حكما -تُظهر
الفاصلة في هذه اآلية -بتمام اتصالها بما قبلها من السياق اتصاالً ُم ً
المعنى بكل وضوح ،فهي تعليلية لما سبَقها؛ إذ إنه أنزل سبحانه وتعالى القرآن الكريم
المضارع الذي يفيد الحدوث والتجدد واالستمرار؛ ذلك ألن القرآن يحتاج استمراريةً في
43
44
-النموذج الثاني:
حسن القصص؛
يقول الشيخ محمد رشيد رضا :نحن نقص عليك أيها الرسول المصطفى أ َ
أي :نُحدثك أحسن االقتصاص والتحديث -بيانًا وأسلوبًا وإحاطة -أو أحسن ما يقص
موضوعا وفائدة ،ويجوز الجمع بين المعنيين ،فالقصص مصدر أو اسم من
ً ويتحدث عنه
(بما أوحينا إليك هذا القرآن)؛ أي :بإيحائنا إليك هذه السورة من القرآن؛ إذ هو الغاية
(وإن كنت من قبله لمن الغافلين)؛ أي :وإن الشأن وحقيقة ما يتحدث عنه من قصتك
أنت ،أنك كنت من قبل إيحائنا من جماعة الغافلين عنه من قومك األُميين الذين ال يخطر
45
ثانيا :التحليل النحوي للفاصلة:
ين}( :الواو) واو الحال( ،إن) مخففة من الثقيلة ،واسمهاِِ {وإِ ْن ُكْن ِ ِ ِ ِ
ت م ْن قَـْبله لَم َن الْغَافل َ
َ َ
ضمير الشأن محذوف( ،كنت) فعل ماض ناقص ناسخ ،و(التاء) اسم كان( ،من قبل)
جار ومجرور متعلق بالغافلين ،و(الهاء) ضمير مضاف إليه( ،الالم) هي الفارقة ال عمل
لها( ،من الغافلين) جار ومجرور متعلق بخبر كنت وعالمة الجر الياء ،وجملة( :إن كنت
) ...في محل نصب حال ،وجملة( :كنت من الغافلين) في محل رفع خبر (إن)
المخففة ،والجار والمجرور (من قبل) متعلق بمحذوف حال من اسم كان ،والتقدير :إن
أعلَ َمه قصص األمم واألنبياء السابقين ،وما حدث بينهم وبين أقوامهم ،وأن هذه القصص
ْ
تُعد أحسن القصص؛ ففيها تسلية وتثبيت للنبي -صلى الله عليه وسلم -ومن المعلوم أن
النبي قبل أن يُعلمه الله أخبار هؤالء األنبياء مع أقوامهم وقصصهم -عن طريق الوحي -
سياق اآلية
ناسبت فاصلةُ اآلية (الغافلين) َ
كان غافالً عن هذه القصص وال يَعلمها ،فبذلك َ
ومعناها وموضوعها.
46
المطلب الثالث :نماذج تطبيقية من سورة الرعد:
-النموذج األول:
يقول الشيخ الجزائري" :يُخبر تعالى رسوله والمؤمنين عن قول الكافرين بالتوحيد والبعث
والنبوة{ :لوال}؛ أي :هالَّ أُن ِزل على محمد -صلى الله عليه وسلم -آية من ربه كعصا
ِ
بنبوته ونُصدق رسالته ،فيرد تعالى عليهم بقوله{ :إِنَّ َما أَنْ َ
ت موسى وناقة صالح؛ حتى نؤمن َّ
اصبِر" .
األمة ،وداعيها إلى ربها ،فادعُ و ْ
ثانيا :التحليل النحوي للفاصلة:
ت ُمْن ِذر َولِ ُك ِل قَـ ْوم َهاد}( :إنما) كافة ومكفوفة( ،أنت) ضمير منفصل مبني في
{إِن ََّما أَنْ َ
محل رفع مبتدأ( ،منذر) خبر مرفوع( ،الواو) عاطفة( ،لكل) جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم( ،قوم) مضاف إليه مجرور( ،هاد) مبتدأ مؤخر مرفوع وعالمة الرفع الضمة المقدرة
على الياء المحذوفة ،فهو اسم منقوص ،و(هاد) في أصلها نعت لمنعوت محذوف؛ أي:
47
ِ
لكل قوم نبي هاد ،فلما ُحذف المنعوت أُقيم النعت مقامه ،و َ
أخذ إعرابه ،وقال العكبري:
{ولِ ُك ِل قَـ ْوم َهاد} :فيه ثالثة أوجه؛ أحدها أنه جملة مستأنفة؛ أي :ولكل قوم
"قوله تعالىَ :
نبي هاد ،والثاني :أن المبتدأ محذوف تقديره وهو لكل قوم هاد ،والثالث :تقديره :إنما
أنت منذر وهاد لكل قوم ،وهذا فصل بين حرف العطف والمعطوف".7٠
ومن الجدير بالذكر أن جملة (إنما أنت منذر) جملة اسمية َّ
أكدت أن النبي وظيفته
محصورة في إنذار قومه فحسب ،أما الهداية واإليمان ،فالله يـَ َهبُهما َمن يشاء من عباده.
يقول البقاعي" :ولَ َّما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راغبًا في إجابة مقترحاتهم
والبشارة" .
48
-النموذج الثاني:
قال تعالى{ :لَهُ ُم َع ِقبَات ِم ْن بَـْي ِن يَ َديْ ِه َوِم ْن َخ ْل ِف ِه يَ ْح َفظُونَهُ ِم ْن أ َْم ِر اللَّ ِه إِ َّن اللَّهَ َال يـُغَيُِر َما
بَِق ْوم َحتَّى يـُغَيُِروا َما بِأَنْـ ُف ِس ِه ْم َوإِ َذا أ ََر َاد اللَّهُ بَِق ْوم ُسوءًا فَ َال َمَرَّد لَهُ َوَما لَ ُه ْم ِم ْن ُدونِِه ِم ْن َوال}
[الرعد.]11 :
َح َفظَةً يحفظونه من بأس الله وعذابه ،فإذا أُعلِم أنه ما يَلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد،
وخ ِشي حسابَه ،فاستقام أمره ،وإذا كان الله قد جعل لإلنسان َح َفظَة يحفظونه
ب ربَّه َ
راقَ َ
بأمر الله ،فكيف يُصاب بسوء؟ نعم يصاب إذا قُ ِدر له ذلك ،فهم يَحفظونه من أمر الله؛
بمعنى :أن ذلك مما أمرهم به؛ ألنهم ال ي ِ
قدرون أن يَدفعوا أمر الله ،وإن الله ال يُغيِر ماَ
بقوم من نعمة وعافية وعز واستقالل ،حتى يُغيروا ما بأنفسهم من الخير واألعمال الصالحة
التي تُرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،وتُثبت دعائم الدولة ،ولقد أثبت التاريخ
اإلسالمي صدق هذه النظرية القرآنية ،فالله لم يُغير ما كان عند األمة اإلسالمية -من عز
ورفاهية ،وعلم واقتصاد -حتى غيَّروا ما بأنفسهم من الخير واألعمال الصالحة التي تُرضي
الله ورسوله ،وتُثبت ما بأنفسهم؛ حيث ح َكموا بغير القرآن ،وتركوا دينهم ،وقلَّدوا غيرهم،
49
احتالل أو ذل ،أو مرض أو فقر ،أو نحو ذلك من أسباب البالء التي تكون بسبب
{ َوَما لَ ُه ْم ِم ْن ُدونِِه ِم ْن َوال}( :الواو) عاطفة( ،ما) حرف ناف( ،لهم) جار ومجرور متعلِق
بخبر َّ
مقدم( ،من دونه) جار ومجرور متعلق بحال من وال ،والتقدير :ما لهم من وال حالة
كونه من دونه ،و(من) حرف جر زائد( ،وال) مجرور لفظًا مرفوع محال مبتدأ مؤخر،
وعالمة الجر الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة ،فهو اسم منقوص ،وجملة( :ما لهم من
دونه من وال) :ال محل لها معطوفة على جملة جواب الشرط( :فَال َمَرَّد لَه) ،وقد ذكر
(الدعاس) أن الواو مستأنفة ،وعلى ذلك تكون جملة (ما لهم من دونه من وال) غير
يقول الطاهر بن عاشور" :هذا تصريح بمفهوم الغاية المستفاد من (حتى يُغيروا ما
تأكيدا للتحذير؛ ألن المقام لكونه مقام خوف ووجل ،يقتضي التصريح دون
ً بأنفسهم)،
قرب منه؛ أي :إذا أراد الله أن يُغير ما بقوم حين يُغيرون ما بأنفسهم ،ال
التعريض ،وال ما يَ ُ
72التفسير الواضح؛ للشيخ محمد محمود حجازي ،ج ،2ص ،22٠بتصرف يسير.
50
يرد إرادته شيء ،وذلك تحذير من الغرور أن يقولوا :سنَسترسل على ما نحن فيه ،فإذا رأينا
ُّ
العذاب َآمنَّا ،وجملة( :وما لهم من دونه من وال) زيادة في التحذير من الغرور؛ لئال
51
المبحث الرابع :المناسبة بين مجموعة سور
مدخل:
تقول الباحثة إقبال نجم" :على الرغم من االختالف في أمر ترتيب السور في المصحف
الشريف بوضعها الحالي ،فإن هناك ما يوحي بوجود تناسب وترابط بينها ،يظهر أحيانًا وجه
التناسب ويَخفى ،ويدق أحيانًا أخرى ،فيصعب إدراكه ....وليس شرطًا أن ترتبط السورة
بسابقتها أو الحقتها ارتباطًا لفظيا بين آياتهما ،أو بين خاتمة السورة السابقة وافتتاحية
الالحقة لهاِ ،
ومن ثَم فإن هناك خيوطًا دقيقة تربط بينهما" .
يقول الدكتور مشهور موسى" :من المعلوم أن أوائل السور هو ملخص لها ،ودليل
النموذج األول :التناسب بين أوائل سورة األعراف وخواتيم سورة األنعام:
74التناسب ودوره في اإلعجاز القرآني ،رسالة ماجستير للباحثة إقبال نجم ،ص .15٠
75التناسب القرآني عند البقاعي؛ للدكتور مشهور موسى ،ص .1٠7
52
{وُه َو الَّ ِذي َج َعلَ ُك ْم
ختَم الله تعالى سورة األنعام باتباع كتابه والتزامه إلى أن قال تعالىَ :
ِ ِ ِ
يع ض ُك ْم فَـ ْو َق بَـ ْعض َد َر َجات ليَْبـلَُوُك ْم في َما آتَا ُك ْم إِ َّن َربَّ َ
ك َس ِر ُ ف ْاأل َْر ِ
ض َوَرفَ َع بَـ ْع َ َخ َالئ َ
اب َوإِنَّهُ لَغَ ُفور َرِحيم} [األنعام.]165 :
الْعِ َق ِ
ِ
ص ْد ِرَك َحَرج ثم قال في بداية سورة األعراف{ :المص * كِتَاب أُنْ ِزَل إِلَْي َ
ك فَ َال يَ ُك ْن في َ
ين} [األعراف.]2 ،1 :ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
مْنهُ لتُـْنذ َر به َوذ ْكَرى ل ْل ُم ْؤمن َ
يقول البقاعي" :أخذ يستدل على ما ختم به تلك من سرعة العقاب وعموم البر والثواب،
مخبرا عن مبتدأ تقديره :هو {كتاب}؛ أي :عظيم أوضح الطريق وما تَ َّ
قدمه ،فقال ً
خيرا إال أمر به ،وال شرا إال نهى عنه ،فإنزاله من
بسا ،ولم يَ َذر ً
المستقيم ،فلم يدع بها لَ ً
ومراتب ال َّ
حد لها" . الخلق درجات ال تُحصى ُ
يقول الدكتور مشهور موسى" :إن االبتالء الذي ينزله الله على عباده ،وما يترتب عليه من
{وَه َذا كِتَاب أَنْـَزلْنَاهُ ُمبَ َارك فَاتَّبِعُوهُ} [األنعام ،]155 :أعاد
كان ذلك في السورة نفسهاَ :
سبحانه في مطلع سورة األعراف التأكيد والتدليل على ما اختتمت به األنعام من االمتثال
53
والثبات على التكاليف الشرعية التي مصدرها كتاب الله ،ولذلك كان الحديث في بدء
النموذج الثاني :التناسب بين أوائل سورة الرحمن وأواخر سورة القمر:
ين فِي َجنَّات َونَـ َهر * فِي َم ْق َع ِد ِص ْدق ِعْن َد َملِيك ُم ْقتَ ِدر} [القمر: ِ ِ
قال تعالى{ :إ َّن الْ ُمتَّق َ
.]55 ،54
النعم ال يكون إال من ملك قادر رحيم ،وقد جاء ذكر النعم وما يَلقاه المتقون في جنات
النعيم مجمالً في سورة القمرِ ،
ومن ثَ َّم فقد اقتضى هذا اإلجمال تفصيالً واستقصاءً ،وهو ُ
54
عمه وآالءَه على عباده؛ يقول تعالى:ِ
فصل الله فيها ن َ
ما جاء في سورة الرحمن التي َّ
بالملك َّ
وصدرها باالسم الدال على عموم الرحمة؛ براعةً لالستهالل ،وموازنةً لما حصل ُ
واالقتدار من غاية التبرك والظهور والهيبة" .
النموذج األول :مناسبة مضمون سورة الحج لمضمون سورة األنبياء التي قبلها في
ترتيب المصحف:
وتأتي مناسبة مضمون سورة الحج لمضمون سورة األنبياء من عدة أمور؛ منها:
-1أنه في سورة األنبياء قد أُقيمت الحجج الطبيعية على الوحدانية ،وفي الحج قد جعل
الله العلم الطبيعي من براهين ودالئل البعث والنشور ،وفي هذا ما فيه من التسلسل
55
" -2في سورة األنبياء ورد ذكر قصص بعض األنبياء ،والبراهين التي ساقوها من أجل أن
نعرف
قومهم ،وفي سورة الحج خطاب يسترعي السمع ويوجب علينا ولو إجماالً أن َ
يؤمن ُ
صنع الله في أرضه وسمائه ،وتدبيره وخلق ِ
األجنَّة والنبات والحيوان" . ُ
وفصلها ،وذكر
ففي األنبياء ذ َكر البراهين على لسان أنبيائه ،وفي الحج زاد هذه البراهين َّ
العنَت واإلعراض منهم " -ذكر في سورة الحج حال األشقياء والسعداء ،وذكر الفزع
َ
األكبر ،وهول ما يكون يوم القيامة ،وكان مشركو مكة قد أنكروا المعاد ،و َّ
كذبوه بسبب
79في رحاب التفسير؛ للشيخ عبد الحميد كشك ،ج ،17ص .2522
8٠البحر المحيط؛ ألبي حيان األندلسي ،ج ،6ص .324
56
النموذج الثاني :مناسبة مضمون سورة النور لمضمون سورة المؤمنون التي قبلها في
ترتيب المصحف:
ُوِجد تناسب بين سورة النور وسورة المؤمنين التي قبلها ،وقد تَمثَّل هذا التناسب فيما يلي:
-1يقول الشيخ سعيد حوى" :تتحدث سورة النور عن أحكام تُطالَب بها األمة اإلسالمية،
وتتحدث عن أحكام لها صلة بالنظام االجتماعي لألمة اإلسالمية ،ولذلك نجد سورة
النور".81
سالمة المجتمع من الزنا ومظاهره؛ حيث تبدأ السورة بالحديث عن حد الزنا وحد القذف،
وتضع عقوبات رادعة صارمة للمستهترين ِ
بحفظ فروجهم ،والمتطاولين على األعراض،
َّ
وتحدثت السورة بعد ذلك عن آداب االستئذان، والمنتهكين لطهارة المجتمع ِ
وعفته،
وأحكام غض البصر ،وحثَّت على الزواج لمن ملَك االستطاعة والقدرة على أعبائه ،وتُ ِ
وجه َ
خطابا لألولياء بتزويج األيامى من أبنائهم وبناتهم ،ثم تُ ِ
وجه خطابًا آخر لألسياد لتزويج ً
81األساس في التفسير؛ للشيخ سعيد حوى ،ج ،3613 ،1دار السالم14٠5 ،هـ 1985 -م.
57
الصالحين من عبيدهم وإمائهم ،وكل هذه األحكام تدعو إلى حفظ الفروج -إما بصورة
82
المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية لسورتي النور وفاطر ،رسالة ماجستير للباحثة آمنة جمال
58
خاتمة ونتائج
تحدثت في هذا البحث عن المناسبة في موضوع القرآن وذكرت تعريفا لغويا واصطالحيا
وافيا للمناسبة ،وذكرت تعريفات البالغيين لها وداللة المصطلح عندهم ،ثم ذكرت قول
المعارضين للقول بالمناسبة في القرآن والرد عليهم ،وأهمية علم المناسبة وأنواعه في
تفصيل غير ممل ،ثم انتقلت إلى الجانب التطبيقي من البحث ،فتحدثت عن المناسبة بين
آيات السورة الواحدة ،وطبقت ذلك من خالل نماذج من آيات سور القرآن ،ثم تحدثت
عن المناسبة بين فواصل اآليات ،وذكرت أمثلة لذلك من فواصل آيات السور ،وتحدثت
عن المناسبة بين السورة وما قبلها وذكرت أمثلة لذلك ،ومن خالل ما سبق خرجت ومعي
-1أن هناك مؤلفات كثيرة دارت حول موضوع المناسبة ،ومنها ما جاءت المناسبة بابًا من
خصيصا لها ،ومنها رسائل عليمة طبَّقت موضوع المناسبة على بعض
ً أبوابها ،ومنها ما أُلِف
سور القرآن.
-2أن خالصة المعنى اللغوي للمناسبة -كما جاء في المعاجم -يدل على االتصال
-3أن خالصة المعنى االصطالحي هو معرفة علل الترتيب بين آيات وسور القرآن،
واالرتباط بين أجزاء هذه السور واآليات ،حتى تكون السورة واآلية كالكملة الواحدة ُمتسقة
المعاني والمباني.
59
-4أن هناك داللة اصطالحية لمصطلح المناسبة عند البالغيين ،فهي عندهم مطابقة
والسيوطي.
-6أن هناك َمن اعترض على القول بالمناسبة في القرآن ،ومنهم :اإلمام العز بن عبد
وقرر أنه لم يَعترض على المناسبة ،وإنما اعترض على المتكلَّف منها،
دافع عن الشوكانيَّ ،
-7أن هناك أهمية بالغة لعلم المناسبة؛ فهي تساعد في فَـ ْهم مراد الله تعالى في كتابه،
-9أن فواصل اآليات تقوم بدور كبير في تحقيق المناسبة والربط بين اآليات.
-1٠أن هناك مناسبة وربط بين آخر آيات السورة وأوائل آيات السورة التي بعدها ،وهذا
60
فهرس المراجع
-1نظم الدرر في تناسب اآليات والسور؛ إلبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي
-2التناسب ودوره في اإلعجاز القرآني ،رسالة ماجستير للباحثة إقبال نجم ،جامعة الكوفة
العراق2٠٠9 ،م.
-3مقاييس اللغة؛ ألحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي ،أبو الحسين؛ تحقيق
الشيخ عبدالسالم محمد هارون ،الناشر :دار الفكر1399 ،هـ 1979 -م.
-4نهاية األرب في فنون األدب؛ ألحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم
القرشي التيمي البكري ،شهاب الدين النويري ،الناشر :دار الكتب والوثائق القومية ،القاهرة
-5التناسب في سورة محمد :دراسة بالغية؛ رسالة ماجستير للدكتور أحمد يحيى محمد.
-6موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات ،بحث محكم بكلية أصول الدين جامعة
-7المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية على الجزء األول من سورة البقرة؛
رسالة ماجستير للباحث أحمد محمد عطية ،الجامعة اإلسالمية غزة -فلسطين،
2٠1٠هـ.
61
-8المناسبة بين الفواصل القرآنية وآياتها :دراسة تطبيقية لسورتي النور وفاطر ،رسالة
ماجستير للباحثة آمنة جمال إسماعيل كحيل ،الجامعة اإلسالمية غزة -فلسطين،
2٠٠9م.
-1٠أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير؛ لجابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر ،أبو
بكر الجزائري ،الناشر :مكتبة العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،المملكة العربية السعودية ،ط
62
-18دالئل اإلعجاز؛ ألبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي األصل،
الجرجاني الدار ،تحقيق :محمود محمد شاكر أبو فهر ،الناشر :مطبعة المدني بالقاهرة -
دار المدني بجدة ،ط 1413 ،3هـ 1992 -م.
-19التفسير الكبير؛ ألبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي،
الملقب بفخر الدين الرازي ،خطيب الري ،الناشر :دار إحياء التراث العربي – بيروت،
ط 142٠ - 3هـ.
- 2٠إمالء ما من به الرحمن؛ للعكبري ،ألبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله
العكبري البغدادي محب الدين،
-21اإلشارة إلى اإليجاز وبعض أنواع المجاز؛ ألبي محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد
السالم بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي ،الملقب بسلطان العلماء،
سمى (إعجاز القرآن ومعترك األقران؛ لعبد الرحمن
-22معترك األقران في إعجاز القرآن ،ويُ َّ
بن أبي بكر ،جالل الدين السيوطي ،دار النشر :دار الكتب العلمية -بيروت -لبنان،
ط 14٠8 ،1هـ 1988 -م.
-23اإلتقان في علوم القرآن؛ لعبد الرحمن بن أبي بكر ،جالل الدين السيوطي؛ تحقيق
محمد أبو الفضل إبراهيم ،الناشر :الهيئة المصرية العامة للكتاب ،طبعة عام 1394ه -
1974م.
-24دالئل النظام؛ للشيخ عبد الحميد الفراهي الهندي.
-25وداللة السياق؛ للدكتور عبد الوهاب أبو صفية.
-26تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان؛ لعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله
السعدي ،تحقيق :عبد الرحمن بن معال اللويحق ،الناشر :مؤسسة الرسالة ،ط142٠ ،1هـ
2٠٠٠-م.
-27في رحاب التفسير؛ للشيخ عبد الحميد كشك.
63
-28جامع البيان في تأويل القرآن؛ لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي،
أبو جعفر الطبري ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،الناشر :مؤسسة الرسالة ،ط 142٠ ،1هـ
2٠٠٠ -م.
-29إعجاز القرآن للباقالني؛ ألبي بكر الباقالني محمد بن الطيب ،تحقيق السيد أحمد
صقر ،الناشر :دار المعارف -مصر ،ط 1997 ،5م.
-3٠البحر المحيط؛ ألبي حيان األندلسي؛ ألبي حيان محمد بن يوسف بن علي بن
يوسف بن حيان ،أثير الدين األندلسي تحقيق :صدقي محمد جميل ،الناشر :دار الفكر -
بيروت ،طبعة عام 142٠هـ.
-31لسان العرب؛ لمحمد بن مكرم بن علي ،أبو الفضل ،جمال الدين ،ابن منظور
األنصاري الرويفعي اإلفريقي ،الناشر :دار صادر -بيروت ،ط 1414 ،3هـ.
-32البرهان في علوم القرآن؛ ألبي عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر
الزركشي ،تحقيق :محمد أبو الفضل إبراهيم ،ط 1376 ،1هـ 1957 -م ،الناشر :دار
صورته دار المعرفة ،بيروت ،لبنان
إحياء الكتب العربية :عيسى البابي الحلبي وشركاؤه( ،ثم َّ
-وبنفس ترقيم الصفحات).
-33تاج العروس من جواهر القاموس؛ لمحمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني ،أبو
الزبيدي ،تحقيق مجموعة من المحققين ،الناشر :دار الهداية. الفيض ،الملقب بمرتضى َّ
-34فتح القدير؛ لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني ،الناشر :دار
ابن كثير ،دار الكلم الطيب -دمشق ،بيروت ،الطبعة :األولى 1414 -ه.
-35تفسير المنار؛ للشيخ محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن محمد
بهاء الدين بن منال علي خليفة القلموني الحسيني ،الناشر :الهيئة المصرية العامة للكتاب،
سنة النشر 199٠م.
-36التحرير والتنوير( :تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب
المجيد)؛ لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي ،الناشر :الدار
التونسية للنشر – تونس ،سنة النشر 1984هـ.
-37علم المناسبات في السور واآليات؛ للدكتور محمد بازمول.
64
-38إمعان النظر في نظام اآلي والسور؛ للدكتور محمد عناية الله سبحاني.
-39الفاصلة في القرآن الكريم؛ للدكتور محمد الحسناوي.
-4٠التفسير الواضح؛ للشيخ محمد محمود حجازي.
-41الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل؛ ألبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد،
الزمخشري جار الله ،الناشر :دار الكتاب العربي -بيروت ،الطبعة :الثالثة 14٠7 -هـ.
-42التناسب القرآني عند البقاعي؛ رسالة ماجستير للدكتور مشهور موسى ،الجامعة
األردنية2٠٠1 ،م.
-43المناسبة بين الفواصل :دراسة تطبيقية على سورة يوسف والرعد وإبراهيم ،رسالة
ماجستير للباحث نمر جبر سدر ،الجامعة اإلسالمية غزة فلسطين2٠11 ،م.
-44التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج؛ للدكتور وهبة الزحيلي ،الناشر :دار
الفكر المعاصر -دمشق ،ط 1418 ،2هـ.
65
الفه رس
66