Professional Documents
Culture Documents
تحميل المقال تحت عنوان مطارحة قانونية بخصوص الحياد الإيجابي للقاضي المدني PDF
تحميل المقال تحت عنوان مطارحة قانونية بخصوص الحياد الإيجابي للقاضي المدني PDF
أما املنهج املختلط فهو منهج وسط يأخذ من كال املذهبني عن عيل كرم الله وجهه أن رسول الله صىل الله عليه وسلم
السابقني ،ومقتضاه أن يكون القايض محايدا ،مع منحه بعثه إىل اليمن قاضيا فقال له:
دورا إيجابيا يف تسيري الخصومة بما يضمن حقوق األطراف (إذا جلس بني يديك الخصمان فال تقضني حتى تسمع
وبلوغ العدالة ،وقد فصل العالمة عبد الرزاق السنهوري يف كالم اآلخر كما سمعت كالم األول فإنه أحرى أن يتبني لك
كل منهج مع بيان مؤيداته وعوارضه يف كتابه الوسيط القضاء) رواه الرتمذي وأبو داود ()1
يف رشح القانوني املدني الجديد ملن أراد أن يطلع عىل هذه ملا كان القضاء من أجل الرسائل قدرا ،وأرشفه ذكرا،
املناهج بشكل مفصل)2( . وأعزه مكانا ،فهو مهمة األنبياء ،وإليه املفزع يف الشكوى
أما املرشع املغربي فقد اعتمد املنهج املختلط ،فأعطى والخصومات ،فإن هذه العظمة ال تنجيل لعموم املواطنني
للقايض دورا إيجابيا يف االثبات ويف تسيري الدعوى القضائية إال إذا استشعرها القضاة يف نفوسهم أوال ،وقويت بها
من خالل قوانينه املسطرية واملوضوعية ،إال أن الظاهر عزائمهم ،وظهرت من خاللها شمس الحق ساطعة يف
من خالل الواقع العميل أن حياد القايض أيسء فهمه، أحكامهم.
فأصبحت كل حركة يف اتجاه تجهيز امللف وبلوغ العدالة، ولعل ما يُظهر ذلك جليا ،حضور الدور اإليجابي للقايض
بحكم منصف يبت يف جوهر النزاع تُجابه بعبارة حياد أثناء جريان الخصومة القضائية ،باعتباره حارسا
القايض ،وساهم يف ذلك أن املحكمة يف كثري من األحيان للعدالة يذب عنها كل املصائد واملكائد حتى يصل بها إىل
تخلت عن دورها االيجابي ،حتى أصبح هناك واقع فرضته مرحلة تنجيل له فيها الحقيقة القضائية ،وكلما قربت
بعض املمارسات العملية يقرتب إىل حد كبري من املنهج هذه األخرية من الحقيقة الواقعية إال وكان العدل مقرتنا
املقيد ،والحال أن لها من الدور االيجابي الذي منحه لها بأحكامه.
املرشع ما يسعفها يف أداء مهمتها بكل حزم ،يف سبيل تتبع
وقرب الحقيقة القضائية من الحقيقة الواقعية يختلف
طريق ظهور الحق ،وقطع الطريق يف وجه أصحاب النيات
باختالف املناهج املعتمدة يف نظرية االثبات أمام القضاء،
السيئة ،الذين يخالفون داللة عبارة املادة 5من قانون
فاملنهج املطلق يعطي للقايض دورا إيجابيا و سلطات
املسطرة املدنية املوجبة عىل كل متقاض ممارسة حقوقه
واسعة للتدخل يف االثبات إىل حد البحث عن الدليل ،وهنا
طبقا لقواعد حسن النية.
تظهر الحقيقة القضائية قريبة حد التطابق مع الحقيقة
فما هو املقصود إذن بهذا الحياد ؟ وما هي حدوده؟ وماذا الواقعية ،أما املنهج املقيد فيغل يد القايض ويجعله مجرد
يقصد بالدور اإليجابي للقايض؟ وماهي مظاهره يف قانون مُشاهد ملباراة بني خصمني ،ينتظر انتهائها ليتعرف
املسطرة املدنية ؟ عىل الفائز فيها ،فيكون حياده حيادا سلبيا ال يضيف
يستعمل فقهاء القانون عبارة حياد القايض عند الحديث للخصومة أي يشء ،وقد تظهر الحقيقة القضائية فيه
عن نظرية االثبات باعتباره مبدأ من املبادئ الرئيسية بعيدة عن الحقيقة الواقعية ،فتبتعد بذلك أحكامه عن
التي تقوم عليها ،إضافة إىل مبدأ النظام القانوني لإلثبات، العدالة.
يتبع ...
املحكمة من تحديد املراد بتصحيح املسطرة ،فال ضري ومبدأ حق الخصم يف االثبات.
يف تحديد ما يجب عىل املدعي أن يديل به ،وحتى يتضح ومفهوم حياد القايض؛ أال يقيض إال بما يظهر له من
املقصود من ذلك نسوق املثال التايل :تقدمت زوجة بدعوى إجراءات الدعوى املعروضة عليه ،وال يجوز له أن يستجمع
يف مواجهة زوجها تطالبه فيها بنفقتها ونفقة أبنائها، األدلة وإنما يقترص عىل ما يعرض عليه منها ،وال يقيض
وعند حضورهما للجلسة تبني للقايض عند اطالعه عىل بدليل قدمه أحد الخصمني إال بعد أن يمكن الخصم األخر
امللف أنه يتضمن مقال الدعوى فقط دون الوثائق التي من مناقشته ،ولذلك منع القايض من الحكم بعلمه
تثبت صفة املدعية ،فهنا نكون أمام أمرين؛ إما أن ينذرها الشخيص ،لكون علمه يشكل دليال يف القضية ومن حق
إلصالح املسطرة ،ويخربها برضورة اإلدالء بعقد الزواج أطراف الدعوى مناقشته ،مما سيضع القايض يف منزلة
وعقود ازدياد األبناء ،أو ينذرها بالعبارة التالية فقط « : الخصوم ،فيكون بذلك خصما وحكما وهذا ال يجوز)3(.
املحكمة تنذر املدعية إلصالح املسطرة بإثبات صفتها يف أما الدور اإليجابي للقايض؛ فمُنطلقه تبني املرشع املغربي
الدعوى» دون توضيح للوثائق التي يجب اإلدالء بها ،مع املنهج املختلط يف االثبات ،عىل غرار املدرسة الالتينية التي
استحضار أن املتقايض غالبا ال يستوعب املقصود من تلك تعطي للقايض حركية إيجابية يف تسيري الدعوى واألمر
العبارات القانونية. بإجراء التحقيقات وتقدير أدلة االثبات ،واستكمال األدلة
ال شك أن اإلجراء األول الذي حدد للمدعية الوثائق التي الناقصة ،وفهم موضوع النزاع من خالل استجواب
يجب اإلدالء بها يوافق منطوق النص وروح العدالة ،كما أطراف الدعوى ،وكل ذلك يشكل مفهوما للدور اإليجابي
أنه مخترص للوقت ومقلل للجهد و مقتصد يف املال ،فما للقايض املدني.
الغاية من إصدار حكم بعدم قبول الدعوى وتعليله بما وتبقى مهمة القيام بهذه الحركية موكولة للقايض،
يستوجب االدالء به ،وقد كان باإلمكان تحديد تلك الوثائق عن طريق تفعيل النصوص القانونية التي تخوله السري
للمدعية لإلدالء بها خالل الجلسة ،فإذا أحرضتها تم بالدعوى يف مسارها السليم حتى يتحقق االطمئنان
رهق املحكمة بإعادة املدعيةالفصل يف جوهر النزاع ،فال تُ َ ألطراف الخصومة بحكم عادل استنفذ جميع مراحله
فتح ملف جديد لتجاوز هذه االختالالت الشكلية التي جاء القانونية املتاحة داخل أجل معقول ،فتعود آثاره بعد
ذكرها يف الحكم بعدم قبول الدعوى !!! ذلك عىل املجتمع من خالل تحقيق االستقرار وتعزيز ثقة
وعليه فال تعارض بني حياد القايض ودوره اإليجابي الذي املواطن يف القضاء.
يستمده من مقتضيات الفصل األول من قانون املسطرة ونحن سنعرض ألهم مظاهر هذا الدور اإليجابي من خالل
املدنية ،خاصة إذا علمنا أن الصفة مستقلة عن ثبوت الحق قانون املسطرة املدنية ،باعتباره املحرك الرئييس للدعوى
أو عدم ثبوته )4( .وما دام أن جوهر العدل يتحقق عندما بما تضمنه من نصوص إجرائية يف مختلف أقسامه
تتصدى املحكمة للبت يف جوهر النزاع وليس بصدور حكم وأبوابه.
بعدم القبول.
وتحدد املادة األوىل من هذا القانون أول هذه املظاهر
وباالنتقال إىل الفصل 32من قانون املسطرة املدنية ،نجده بنصها عىل رضورة انذار القايض للطرف بتصحيح
ينص رصاحة يف فقرته األخرية عىل أن القايض املقرر أو املسطرة ،ومؤدى ذلك أن ينذر القايض املدعي إلثبات
املكلف بالقضية يطلب عند االقتضاء تحديد البيانات غري صفته أو أهليته أو مصلحته ،إذا تبني انتفائها من خالل
التامة أو التي تم إغفالها ،كما يطلب اإلدالء بنسخ املقال اطالعه عىل امللف أو إذا كانت محل دفع من طرف املدعى
الكافية وذلك داخل أجل يحدده تحت طائلة عدم قبول عليه ،ويرتتب عن عدم إصالح املسطرة بعد اإلنذار الحكم
الدعوى. بعدم قبول الدعوى.
وإذا كانت محكمة النقض فرست هذا املقتىض عىل أنه إال أن تطبيق هذا النص يختلف من محكمة ألخرى
ال يلزم القايض بإنذار األطراف لإلدالء بالوثائق التي تعزز بخصوص صيغة االنذار ،فتجد بعض املحاكم تنذر الطرف
دفوعهم ،بل بالبيانات الناقصة أو التي تم إغفالها ،حتى ال املدعي إلثبات صفته بالعبارة التالية « املحكمة تقرر إنذار
يخرج القايض عن الحياد املفروض عليه ( ،)5فإن الفصل املدعي إلثبات صفته أو مصلحته « أو « املحكمة تقرر
334من قانون املسطرة املدنية نص عىل ما ييل « :يتخذ إنذار املدعي إلصالح املسطرة « دون بيان للوثائق واألوراق
املستشار املقرر اإلجراءات لجعل القضية جاهزة للحكم التي يجب اإلدالء بها بعلة حياد املحكمة ،فتصدر حكما
ويأمر بتقديم املستندات التي يرى رضورتها للتحقيق يف بعدم قبول الدعوى إذا لم يصلح املسطرة.
الدعوى « ...
والظاهر أن داللة عبارة الفصل األول من قانون املسطرة
فهذا النص أعطى دورا إيجابيا للمحكمة امتد إىل جعلها املدنية ال تحتمل هذا التفسري ،طاملا نصت عىل إنذار الطرف
تأمر بتقديم املستندات التي ترى أنها رضورية يف التحقيق، بتصحيح املسطرة داخل أجل تحدده ،فهي بذلك لم تمنع
2
إمكانية توجيهه اليمني املتممة تلقائيا للطرف الذي لم عىل اعتبار أن وظيفتها تتعدى الفصل يف النزاع إىل الفصل
يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية بقوة الفصل 87من قانون يف الخصومات وفق القانون وبناء عىل معطيات دقيقة،
املسطرة املدنية. وذلك ما يستشف من خالل منح املحكمة صالحية األمر
كما أن اليمني الحاسمة التي نص عليها الفصل 85من تلقائيا بأي إجراء من إجراءات التحقيق؛ من قبيل البحث
قانون املسطرة املدنية ،لم تعد ملكا لألطراف يوجهونها والخربة واملعاينة وتحقيق الخطوط .وال يعترب عملها هذا
ولو لنقض ما جاء يف حجة كتابية ،بل تدخلت محكمة صناعة للحجج واألدلة ،بل إن من أوكد وظائفها تحقيق
النقض وأعطت للقايض إمكانية رفض توجيه اليمني الدعوى للوصول إىل الحقيقة ،واستجواب األطراف عن
الحاسمة يف الحالة التي يظهر له وجود تعسف يف توجيهها، طريق طرح األسئلة ،وأمرهم بتقديم املستندات الرضورية
فجاء يف أحد قراراتها « لنئ كانت اليمني الحاسمة من يف التحقيق وطرحها للمناقشة والرد بني األطراف ،يف إطار
وسائل االثبات ،فإنه يبقى من سلطة املحكمة التدخل حق الخصوم يف مناقشة األدلة التي تقدم أثناء رسيان
ملنع املتعرض من التعسف يف استعمال الحق يف توجيهها الدعوى.
لطالبي التحفيظ الذين أدلوا بما يثبت ملكيتهم للمدعى فكم من ملف تضمن مذكرة جوابية للمدعى عليه تضمنت
فيه « ()8 دفعا بانعدام صفة املدعي ،سعيا إلبعاد املناقشة عن
والحق يقال أن الدور االيجابي للقايض يف تسيري الخصومة مسارها الطبيعي بالعبارة األكثر كتابة يف املذكرات وهي:
القضائية وتحقيق الدعوى بالشكل الذي يحفظ لألطراف « وحيث إن مقال املدعي جاء مخالفا ملقتضيات الفصلني
حقوقهم ،ويصل بهم لحكم يكون عنوانا للحقيقة، 1و 32من قانون املسطرة املدنية مما يتعني الترصيح
ينقله من حياد سلبي إىل حياد إيجابي ،باعتباره يتوىل بعدم قبول الدعوى « دون أن يجيب يف جوهر النزاع ،وعند
حماية حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم استجواب املحكمة للمدعى عليه يف جلسة البحث يقر
القضائي والتطبيق العادل للقانون بقوة الفصلني 110و بعالقته بالطرف املدعي ،من قبيل وجود عالقة كرائية أو
117من دستور اململكة. أنه مدين له بمبلغ معني عىل سبيل املثال ،لذلك ،فاألوامر
التلقائية التي تصدرها املحكمة استنادا إىل الفصل 55من
قانون املسطرة املدنية ،يف إطار حركة إيجابية للوصول
املصــــادر واملراجـــع
إىل الحقيقة ،تسعف يف كثري من الدعاوى ليصل صاحب
(- )1انظر كتاب مقاصد الرشيعة اإلسالمية لفضيلة
الحق إىل حقه دون تماطل ،إضافة إىل قطعها الطريق أمام
العالمة االمام محمد الطاهر بن عاشور ص 194مطبعة دار
من يريد أن يجعل من القواعد اإلجرائية غاية يف حد ذاتها،
السالم و دار سحنون للنرش والتوزيع – الطبعة الثانية 2007
وليست وسيلة للوصول إىل العدالة.
-الوسيط يف رشح القانون املدني الجديد الجزء الثاني ( )2
نظرية االلتزام بوجه عام االثبات – آثار االلتزام ص الصفحات وقد ذهبت محكمة النقض يف قرار لها إىل أنه « يمكن
30-29-28--27 26 للمحكمة حتى يف حالة كون دعوى املدعي مجردة من
اإلثبات أن تأمر بإجراء خربة ،دون أن يشكل ذلك إخالال
الوسيط يف رشح القانون املدني الجديد الجزء الثاني ( )3
نظرية االلتزام بوجه عام االثبات – آثار االلتزام الصفحة -34 بمبدأ الحياد ،وال أن يشكل إقامة للحجة لطرف يف مواجهة
33 اآلخر ،ما دام الفصل 55من قانون املسطرة املدنية يعطي
للمحكمة صالحية األمر تلقائيا أو بناء عىل طلب األطراف
-انظر قرار محكمة النقض عدد 4806الصادر بتاريخ ( )4
2012/10/30يف امللف املدني عدد 2012/02/01/343 أو أحدهم بأي إجراء من إجراءات التحقيق )6( « .
-انظر قرار محكمة النقض عدد 213الصادر بتاريخ ( )5 ومن القضاء املقارن نجد قرارا فريدا ملحكمة النقض
2014/02/13يف امللف االجتماعي عدد 2013/01/05/404 السورية جاء فيه « :وحيث إن القضاء مؤسسة عدل
انظر قرار محكمة النقض عدد 2622الصادر بتاريخ ( )6 وإنصاف وليست مؤسسة اصطياد املتقاضني بأخطاء ال
2006/09/13يف امللف املدني عدد 2005/05/01/1769 قيمة لها عىل شكليات وموضوع الحق املدعى به وكان
قرار محكمة النقض السورية – رقم األساس 231 ( )7
عىل املحكمة مصدرة القرار الطعني – املطعون فيه -
رقم القرار 200بتاريخ 2018/05/02منشور بصفة األستاذ أن تكلف الجهة املدعية إبراز صورة عن هذه الشهادة
عارف الشعال عىل موقع التواصل االجتماعي فايسبوك. املحفوظة لدى جهات رسمية ووثائقها لها حجة عىل
انظر قرار محكمة النقض عدد 259الصادر بتاريخ ( )8
الكافة ال أن تقرر رد الدعوى استنادا عىل القول بانتفاء
2013/04/30يف امللف املدني عدد 2012/01/01/4999منشور شكلية قانونية معينة هي موجودة أصال بظاهر األوراق
بالصفحة القانونية Jurispressoعىل موقع التواصل االجتماعي مما يجعل قرارها موضوعا يعيب مخالفة القانون
فايسبوك. وعرضة للنقض )7(« .
ومن مظاهر التدخل اإليجابي للقايض يف الدعوى املدنية،