Professional Documents
Culture Documents
التاريخي
عبد القادر عبار
بسم اهلل الرحمن الرحيم
تقديم
هذه اخلواطر اليت تأخذ شكل املقاالت اليت كنت نشرهتا يف بعض الصحف واجملالت .وقد عزمت على َمل شتاهتا
وجتميعها يف هذا الكتيب قصد تعميم الفائدة من قراءهتا وتدبرها رغم تواضعها.
وإذا كانت مواضيعها خمتلفة وعناوينها متنوعة ..إال أهنا تلتقي حول حمور واحد ׃ وهو حمور الوعي التارخيي.
وهو حمور حيتاج يف احلقيقة إىل ختصصات عالية وكفاءات ممتازة ملعاجلته معاجلة دقيقة وشاملة وإيفائه حقه يف
التحليل والطرح ...إال أن ذلك ال يعين عدم املشاركة يف الكتابة فيه وإثارته من طرف اآلخرين ممن هم اقل كفاءة
وجتربة وختصصا ..ما دامت تشغلهم مهوم املسلمني التارخيية واحلضارية وغريها ...وهتمهم قضايا الرتشيد الثقايف
وتنمية الوعي احلضاري لدى شباب املسلمني حىت يستعيدوا دورهم اخلاليف والقيادي يف تعمري األرض وإقامة البديل
اإلسالمي املشرق׃ حيث العدل واألمن واحلرية.
اإلسالم بتعاليمه السمحاء وتشريعاته القومية ميثل الصورة tالكاملة البديعة واملثالية لألديان السماوية غري أن اإلطار
الذي وجد فيه خالل السنني والقرون األخرية هو إطار فاسد متآكل ال يالئم حسنه وإشراقه ׃ إذ املسلمون tالذين
انتسبوا إليه ومثلوه يف تلك السنني العجاف ببدعهم املظلمة وجتاوزاهتم اجملحفة وأعماهلم املخالفة وجهلهم وكسلهم
ومتيعهم ..قد حجبوا اإلسالم وغطوا حقيقته مبا اقرتفوا من بدع العبادات وفساد العادات الشيء الذي مهد
-ولألسف -لألعداء على اختالفهم فرص التجريح والنقد واهلدم واالهتامات القاسية هلذا الدين احلنيف الذي رأوا
فيه -من خالل ما شاهدوا ال من خالل ما علموا وحتققوا -سبب التخلف واجلهل واملرض والوسخ.
ويف هذا الصدد يقول املرحوم حممد فريد وجدي يف بيان هذا املوقف الذي يقفه الغرب منا ومن ديننا ׃ " جيب أن
نغفر لألوروبيني تصديقهم tلكل االفرتاءات ضد اإلسالم واملسلمني ..فهم -أي األوربيون -على حق إذا اظهروا
العداء جتاه ديننا طاملا كانوا ال جيدون أمامهم إال البدع اليت حذقها أناس تافهوا العقول وقبلها اجلمهور وزاد فيها
أشكاال أخرى من اخلطأ وخمالفة الطبيعة البشرية وقوانني احلضارة ..وكيف نأمل أن يفهم األوروبيون لب ديننا
-الدين الوحيد الذي حيمل السعادة احلقة -طاملا كانوا ال يعلمون إال مالمح خارجية معينة لإلسالم يشاهدوهنا كل
يوم مثل االجتماعات الصاخبة يف الشوارع سائرة خلف األعالم والطبول ( يشري هبذا إىل مواكب الصوفية
-احلضرة -اليت تزحف يف الشوارع بأعالمها وطبوهلا متال اآلفاق صياحا مبا يسمونه ذكر اهلل) ...واحلفالت
املمجوجة املخالفة لكل وعي واليت تقام يف عدد من املدن اإلسالمية يوم مولد tالرسول صلى اهلل عليه وسلم...
واالجتماعات يف حلقات واسعة أمام اآلالف من الناس والرتاتيل الصوفية اليت تؤدى بصوت قوي مصحوبة بالتمايل
ميينا ومشاال وحنو ذلك)1( "...
فاملطلوب من املسلمني اآلن إذا كان هبم عزم صادق حقيقي يف إظهار حقيقة اإلسالم ناصعة للعيان tومؤثرة حقا
وحىت يتجنبوا املزالق واالهتامات والتجريح الذي يكيله أعداء اإلسالم هلذا الدين ..املطلوب منهم أن يكونوا ترمجانا
عمليا ناصعا لتعاليم اإلسالم القيم يف سلوكياهتم وأعماهلم يف سرهم وجهرهم ويف الباطن والظاهر.
هذان السؤاالن يطرحهما واقع الوضع املرتدي الذي ركن إليه املسلمون يف فرتات االحنطاط الذي احتواهم ..
وواضح أن اجلواب على هذين السؤالني يتبلور جليا يف إرجاع ذلك إىل تلك الفرتة احلالكة اليت اعرتت املسلمني من
غياب اجلد وفتور روح اجلزم واحلسم يف تنفيذ تعاليم الدين على مستوى الفرد واجلماعة ...ونبذهم ملقومات
الذاتية اإلسالمية وتركهم ألخالقية االستخالف اليت كرم اهلل تعاىل هبا بين آدم من أمر باملعروف وهني عن املنكر..
مع تكاسلهم عن حتقيق فريضة اجلهاد وخورهم عن اجملاهبة احلركية للظلم مبختلف أنواعه...
هذا باإلضافة إىل عوامل أخرى متشابكة سامهت بقسطها املخزي يف سقوط املسلمني وإضعافهم يف شىت اجملاالت.
أ) شيخوخة المسلمين
ضعف العامل اإلسالمي يف القرن التاسع عشر يف الدعوة والعقيدة والعقلية tوالعلم واجلهاد ...وبدا عليه اإلعياء
والشيخوخة .واإلسالم ال يعرف الشيخوخة واهلرم...انه جديد كالشمس ولكن املسلمني هم الذين شاخوا
وهرموا وضعفوا فال سعة يف العلم وال ابتكار يف التفكري وال إبداع يف اإلنتاج وال محاسة يف الدعوة وال عرضا مجيال
ومؤثرا لإلسالم ومزاياه ورسالته ..وال صلة بالشباب املثقف والتأثري على عقليته وهوامه الغد وجيله املرجتى ..ويف
هذه احلال هجمت أوروبا بفلسفتها" التمييعية" اليت تعب يف تدوينها كبار الفالسفة ..وهكذا انتشر اإلحلاد
واالرتداد يف األوساط اإلسالمية مث تطور األمر وعظم اخلطب ومشلت اجملتمعات اإلسالمية على طوهلا ضبابية
حالكة -عقليا وفكريا وعقائديا -حىت فرتت يف املسلمني جدية االلتزام حبقائق هذا الدين وكسفت مشس احملاسبة
الواعية أفقيا وعموديا.
لقد كانت يقظة املسلمني الصادقني األوائل يف حني جدهم ووعيهم بأمانات الدعوة والرسالة متثل قمعا صارما
وحتديا جازما لتحركات املغرضني واملرتبصني وسدا منيعا أمام مطامع ودسائس املناوئني والكائدين.
فحركة الردة السامة لوال جدية اخلليفة والصدّيق الراشد وحسمه الواعي يف وقفها وقطعها من جذورها لكانت
مبثابة جرثومة املوت للدعوة اإلسالمية يف شباهبا كما أن جدية اخلليفة اخلامس عمر بن عبد العزيز يف رد أمور
اخلالفة وشؤون الدولة إىل إطارها الصحيح قد قطعت خبث روح امللك العضوض الذي مد عنقه يف ذلك احلني.
ج) وبعد...
إننا مل نورد هذه احلقائق إال لنربهن على أن مجيع املآسي اليت خنرت يف كيان األمة اإلسالمية الشاهدة ...إمنا
حدثت كلها يف فرتات غاب فيها جد املسلمني وضعف فيها عزمهم وتركوا فيها جهادهم.
فتسلح "الذين آمنوا" بعنوان الدعوة احملمدية -الذي هو اجلد واجلزم واحلق -وحتقيقه حتقيقا كامال يف سلوكياهتم
وأعماهلم ميثل الغيظ املنغص ألهل الباطل وأصحاب القلوب املريضة ...متاما كما حتقق ذلك يف سلفهم الصاحل
واعرتف هلم به عدوهم .جاء ذلك على لسان أحد امللوك يف قوله ׃ " كيف يل بقوم لو اقسموا على أن يزيلوا جبال
من مكانه ألزالوه " ( أو كما جاء يف رواية أخرى " ال طاقة يل بقوم إذا أرادوا خلع اجلبال خللعوها").
اهلوامش׃
( )1فقرة حملمد فريد وجدي -نقال عن كتاب "مسلمون وكفى" -لعبد الكرمي اخلطيب -ص 15/16
(" )2مسلمون وكفى" -ص 38
(" )3الظالل " -سيد tقطب -اجمللد األول -ص .402/ 401
( " )4اإلسالم املفرتى عليه" t-حممد tالغزايل
( )5ردة -للندوي
( )6منهج جديد يف الرتبية والتعليم -املودودي
المسلمون وضرورة الوعي التاريخي
تعتبر الصحوة اإلسالمية المباركة مرشحة حضاريا قبل غيرها للقيام بدورين جد بالغين׃
األول دور" المنقذ من الضالل" للبشرية المصفوعة بمادية الغرب الملحد وجشع الصهيونية العالمية المدمرة.
والثاني ׃ دور "المنقذ من التخلف والتبعية" للمسلمين الذين تعصف بهم أطماع الشرق والغرب وتتربص بهم
القوى الغاضبة والحاقدة وتخطط لتقليص دورهم في حركة التاريخ بإذابة فاعليتهم ونشر األمية المثلثة في
وعيهم بدءا باألمية التاريخية فالدينية فالعقلية.
وبعد...
فخالصة القول من كل ما أوردناه تتلخص كآاليت ׃
أوال ׃ جيب علينا أن نضع حدا للجفاف الذي يصبغ تعاملنا مع التاريخ وان جندد رؤيتنا وفهمنا ودراستنا لتارخينا
اإلسالمي وان نعمل على إجياد صيغ سليمة ومتينة متكننا من التفاعل اهلادف مع التاريخ ومن التزود الواعي
واملستمر من معينه اخلصب ...وهذا لن حيصل إال من خالل دراسة عميقة واعية ومتكاملة tللتاريخ اإلسالمي ׃
"....إن دراسة تاريخ اإلسالم يف هذه املرحلة من حياتنا ضرورة ال سبيل إىل جتاوزها لفهم tاألحداث وتطور
اجملتمع وملعرفة مكان العامل اإلسالمي واألمة العربية من احلضارة العصرية .فإن نظرتنا إىل األحداث ال تصدق إال إذا
قامت يف ظل مفهوم شامل ويف إطار تاريخ اإلسالم نفسه كما أن اتصالنا بالغرب اليوم جيب أن يقوم على مفهومt
مرحلة هي ׃ رد فعل ملرحلة قد سبقتها حبسبان أن هذه احلضارة العصرية الغربية ليست منفصلة tعن عامل اإلسالم
وإمنا قامت قواعدها على املنهج التجرييب اإلسالمي وعلى بناء صاغه العلماء املسلمون tفنحن حني نتصل هبا اليوم ال
نكوم غرباء عن جذورها فهي ملك للبشرية كلها اليت صاغتها وشاركت يف تكوين جوانبها املختلفة ( "...اإلسالم
وحركة التاريخ -485 -لألستاذ أنور اجلندي).
وثانيا ׃ جيب أن يتأكد لدينا أن قضية الوعي التارخيي أصبحت ضرورية بل مصريية يتحتم علينا أن نوليها اهتماما
بالغا وعناية فائقة ال على مستوى الرتف الفكري بتكديس الدراسات وحتبري املقاالت ولكن -وهذا هو األهم-
على مستوى الوعي والرتبية واحلركة وعلى مستوى التعامل واملمارسات اليومية وهذا لن يتيسر إال ببعث سياسة
تعليمية وتربوية متأصلة تركز على بعث الوعي التارخيي اهلادف وتعميق البعد العقيدي يف براجمها على طول املراحل
التعليمية بدءا برياض األطفال وانتهاء بالتعليم العايل ويرادفها -أي هذه السياسة التعليمية -جهاز ثقايف وإعالمي يف
مستوى العصر جتهيزا وتقنية يؤثر وال يتأثر ويتوخى الصدق والعلمية واملوضوعية يف كل أعماله.
وبذلك حسب -رأيي -نتمكن من جتاوز كثري من العوائق املادية واملعنوية اليت حتول دون حتقيق أهدافنا وغاياتنا׃
من نشر الدعوة اإلسالمية مبا فيها من خري وأمن وعدل لإلنسانية ...إىل إقامة اجملتمع اإلسالمي املنشود الذي هو
أمل البشرية وربيعها املنتظر...
تعاملنا مع الحضارة الغربية
هل الحضارة تكديس لألشياء وتجميع للمنتجات وإحصائيات للمبتكرات والمستحدثات ؟؟ أم هي بناء
وهندسة وتصميم وتوجيه للطاقات واإلبداعات ورقي مستمر للخلق والقيم السامية ؟
إن المجتمع الذي يكتفي بأن يستورد حضارة من الخارج ثم يجهد نفسه في تركيبها وتجميعها دون االتكاء
الواعي على أصالته والتمسك بجذوره ودونما استعدادات ذكية وعمل جزمي على تغيير الفكر والتفكير
وتثبيت األسس الصالحة والقواعد السليمة والنابعة من ترابه الثقافي والتاريخي ...مثل هذا المجتمع ال
يستطيع يوما أن يصبح ذا حضارة.
إذ أن احلضارة والثقافة بضاعة ال تصدر وال تستورد ..ليست احلضارة والثقافة يف الراديو والتلفزة والثالجة تنقل
من هناك إىل هنا مث توصل بالكهرباء فتعمل .احلضارة والثقافة يوجدان بإعداد األرض والعمل فيها بصرب ودراسة
وجوه وباختبار البذور ...إن
ووعي ومعرفة بتغيري اإلنسان وتغيري الفكر مع معرفة أرضية املكان الذي يعيش فيه ً
احلضارة اليت تصدر وتستورد عبارة عن تكرار مستمر خلدعة تستلفت األنظار لكنها خادعة كاذبة وال تصل إىل
نتيجة أبدا " (.)1
وهذا ما وقعت فيه اجملتمعات العربية واإلسالمية على السواء حني انتهجت سبيل هذا الظن اخلاطئ يف استرياد
احلضارة لقد ضيعت بذلك فرصة بناء أو باألحرى فرصة استئناف وإعادة بناء حضارة إسالمية ذاتية ...ذلك انه
حينما وقع التفاعل بني العامل الغريب املتحضر والعامل العريب اإلسالمي ...وجد العريب املسلم نفسه أمام واجهة
حضارية فتانة أهبرته وملكت عليه لبه وسلبته عقله واستولت على تفكريه ووجدانه فلم يتمالك نفسه أن ارمتى يف
أحضاهنا ارمتاء اليتيم الضائع يف أول حضن مفتوح قابله حىت صاح امحد باي -باي تونس -يف غمرة نشوته عند
رحلته األوىل إىل فرنسا "باريس وما أدراك ما باريس ..ليت هذا عندنا بتونس ليت هذا عندنا بتونس" .وصرخ
رفاعة الطهطاوي من كل أعماقه " لقد سبقونا إىل احلضارة حىت صارت من طباعهم ...سوف القي عماميت واحب
فرنسا"
ويف هذا اإلطار الواهي زمن خالل ذلك املفهوم tالضيق املهزوم بدأت رحلة التعامل الغيب بني اجملتمعات اإلسالمية
والغرب املتبجح حبضارته ...وامتد هذا التعامل حىت مشل جماالت الفكر والثقافة واملادة....
غري انه يبدو للدارس tاملتعمق للحضارة الغربية واملتمعن يف أي شيء من أشيائها أن البعد الديين مازال مسترتا وحافزا
للكثري من إبداعاهتا .يقول املفكر " هرمان دي كيسرلنج" يف كتابه "البحث التحليلي ألوروبا" ׃ "كان اعظم ارتكز
حضارة أوروبا على روحها الدينية وتفسر هذه الروح بذلك العامل االجتماعي..ذلك الشعور يف اإلنسان والذي
تصدر عنه خمرتعاته وتصوراته وتبليغه لرسالته".
وبصرف النظر عن كل ذلك فإن اهلوة تبدو واسعة -لو متعنا -بني نبذنا ونبذهم للدين .يقول حممد عبده ׃"أولئك
نبذوا الدين فنالوا احلرية والسيادة والسيطرة على العامل وحنن نبذناه فمنينا بالذلة tواالنقسام والتفرقة واالحنطاط
واالستعداد لقبول كل ما ميلى علينا وجنرب عليه ويلقى أمامنا ..ذلك أن فصل الدين عن الدولة نغمة ولدت يف
الغرب للخالص من القيود الكنيسية على حرية العقل والضمري مث نقلت إىل الشرق كي متهد العقبات أمام الزحف
االستعماري وهتدد قالع املقاومة اهلائلة اليت ثارت يف وجهه أي أهنا فشت هناك للحد من طغيان رجال الدين
وتعالت هنا هلدم دين كامل واإلتيان على بنيانه من القواعد" (.)4
" وأول ما فعله املفكر يف اجملتمع اإلسالمي والشرقي هو مقاومة الدين ׃ كان يف مثار مقاومة الدين يف أوروبا حرية
الفكر والنضج الفكري واملدنية املزدهرة وأنواع التقدم العلمي tالسريع واملدهش يف كل جماالت احلياة .لكن نفس
هذا األمر عندنا -أي مقاومة الدين يف اجملتمعات اإلسالمية -كانت أوىل مثارها وأسرعها وافدحها هي حتطيم السد
الذي كان يقف حائال يف وجه النفوذ اإلمربيايل واالحنطاط الفكري")5( .
مث إن هناك مفارقة أخرى جيب أن ال هتمل وهي أن النصراين ال يستسهل ترك دينه إال إذا صار عاملا وذلك للتناقض
احلاصل الذي يلحظه بني استنتاجات العلم وتعاليم دينه احملرف خبالف املسلم فانه ال يهمل دينه وال يتقاعس عن
أداء فرائضه والتزاماته الدينية إال إذا صار جاهال .إذ الدين اإلسالمي ال ميكن أن يبقى على قيد احلياة إال بانتشار
العلوم وتقدمها فإن بني اإلسالم والعلوم tرابطة كلية متينة.
مث إن املفكر الغريب عندما واجه سطحية الفكر الكنسي وبدائية تصوراته ومعلوماته اخلاوية وتفسرياته الالعلمية
والقائمة على غري برهان للظواهر واألحداث ...كان رد فعله -املنطقي -هو رفعه لشعار "العلماوية" أي انه قرر
جازما أن ال يقبل أي تفسري حلادث ما إال حتت الفحص العلمي وحتت جمهر التجربة .وهلذا قال "كلود برنار"׃ "إذا
مل أر الروح حتت مبضع اجلراح فلن أؤمن بوجودها".
واملفكر املسلم عندما يرفع هذا الشعار رفعا غبيا صبيانيا كما حصل فانه يكون غري واقعي وال منطقي ذلك أن
دستوره القرآين مل يكن يصده عن إعمال العقل واملطالبة بالربهان وانتهاج امليدان التجرييب (( قل هاتوا برهانكم إن
كنتم صادقني)) (( فاعلم انه ال اله إال اهلل)).
مث إن القرآن قد قاوم النظرة العفوية والنظرة الغبية االستسالمية لتفسري األحداث ذلك أن اإلنسان االعتيادي الذي
وجده القرآن يف اجلزيرة العربية كان يفسر األحداث التارخيية بوصفها كومة مرتاكمة من األحداث يفسرها على
أساس الصدفة تارة وعلى أساس القضاء والقدر tتارة أخرى ...واالستسالم ألمر اهلل تعاىل ..القرآن قاوم هذه النظرة
العفوية واالستسالمية ونبه العقل البشري إىل أن هذه الساحة هلا سنن وهلا قوانني وانه لكي تستطيع أن تكون إنسانا
فاعال مؤثرا ال بد لك أن تكتشف هذه السنن)6( .
مث إن القرآن الكرمي مل يطرح نفسه بديال عن قدرة اإلنسان اخلالقة وعن مواهبه وقابلياته يف مقام الكدح والتجربة
..القرآن مل يطرح نفسه بديال عن هذه امليادين وإمنا طرح نفسه طاقة روحية موجهة لإلنسان مفجرة لطاقاته
حمركة له يف املسار الصحيح)7( .
فهل بعد هذا جيد املفكر يف اجملتمع اإلسالمي ثغرة يف منهاجه حىت يتبىن ذلك الشعار الذي رفعه الفكر الغريب؟
" إننا حبق مل نعد منلك اليوم أي ذاتية تستبني من خالهلا منطلقات فكرية أو ثقافية متميزة حتدد معامل وجودنا
احلضاري املستقل ...أصولنا الثقافية اليت كانت دعامة حضارتنا اإلسالمية العظمى ملقاة على رفوف اإلمهال بل
مرمية يف زوايا النسيان وإمنا نعكف اليوم على أصول ثقافية أخرى اقتطعناها كما هي من الغرب ففنون الرتبية
وعلوم النفس واالجتماع واألخالق اليت تدرس يف مدارسنا وجامعاتنا ليست إال جمموعة نظريات ومواصفات
وضعت تعبريا عن النظرة الغربية إىل الوجود ودعما ألصول الفلسفة االجتماعية اليت ارتضاها الغرب لنفسه" ()10
غري أننا -يف غمرة نشوة االنبهار والتفاعل -مل نفقه الصيغة السليمة لألخذ والرد ومل يدر خبلدنا أننا إذا احتجنا إىل
االستفادة من خربة الغرب وتفوقه يف الصناعات اآللية اليت كانت سببا يف جمده وسيادته فمن املؤكد أننا يف غري
حاجة إىل استرياد قواعد السلوك والرتبية واألخالق اليت تدل اإلمارات والبوادر على أهنا ستؤدي حتما إىل تدمري
حضارته والقضاء عليها قضاءا تاما يف القريب العاجل (.)11
وأسوق مثاال إلحصائية عادية من جملة جتارية عاملية ليتضح لنا اكثر سوء تعاملنا الشيئي اجلاف نع الغرب وهو مثال
يغين عن كثري من الكالم ׃
فقد نشرت جملة للتجارة الدولية (بوم) يف عددها الصادر يف نوفمرب 1949إحصائية جاء فيها ׃
دولة إسرائيل عرض ׃ إمسنت -رخام -امنيات -حقائب
طلب ׃ حديد للصناعات والبناءات -منتجات كيماوية وعالجية -فلني
الدول العربية׃ ( العراق -األردن -الكويت)...
عرض׃ ال شيء
طلب ׃ جموهرات -مالبس -مساحيق -عطور -لعب -حلوى -فواكه حمفوظة -
حرير -أقطان.
فهل مبثل هذا التعامل وهذه العالقة نستطيع أن نرسي حضارة ؟؟
)5خاتمة
فماهو السبيل إذن إىل تدارك خطئنا وماهو املسلك السليم لبناء حضارتنا؟
إن احلياة كما قال الفيلسوف املسلم حممد إقبال ׃ جهاد لتحصيل االختيار ومقصد tالذات أن تبلغ االختيار جبهادها.
وبناء حضارة راقية صاحلة تسعد يف أعطافها البشرية ويعم فيها العدل واخلري واألمن وإخراج جمتمع متطور إنساين
حيتاج إىل أناس طيبني أحرارا يعتزون باستقالهلم يف كل اجملاالت وبكرامتهم ويثقون يف أنفسهم ...أما التميع
والتبعية واإلمعية الغبية والشعور بالنقص فلن خيلق سوى نفوس مشوهة رخوة ال تستطيع بأي حال إرساء أسس
حضارية قابلة أن خترج اجملتمع اإلنساين من اجلور والظلم إىل العدل واحلرية والنور.
فالقضية إذن ليست قضية أدوات وال إمكانات ( هذا ال يعين النفي التام هلذه األسباب ) إن القضية كانت يف
أنفسنا إن علينا أن ندرس اجلهاز االجتماعي األول وهو اإلنسان فإذا حترك اإلنسان حترك اجملتمع والتاريخ وإذا
سكن سكن اجملتمع والتاريخ ذلك ما تشري إليه النظرة يف تاريخ اإلنسانية منذ بدأ التاريخ فرتى اجملتمع حينا يزخر
بوجوه النشاط وتزدهر فيه احلضارة وأحيانا تراه ساكنا ال يتحرك يسوده الكساد وتغمره الظلمات.
ومن جوامع احلكم القدمية ׃ غري نفسك تغري التاريخ..
هوامش ׃
( )1الدكتور علي شريعيت -املفكر ومسئوليته يف اجملتمع
( )2نفس املصدر
( )3أنور اجلندي -اإلسالم والعامل املعاصر
( )4حممد الغزايل -من هنا نعلم
( )5الدكتور علي شريعيت -املفكر ومسئوليته يف اجملتمع
( )6حممد باقر الصدر -مقدمات يف التفسري املوضوعي للقرآن
( )7حممد باقر الصدر -مقدمات يف التفسري املوضوعي للقرآن
( )8مالك بن نيب -وجهة العامل اإلسالمي
( )9مالك بن نيب -وجهة العامل اإلسالمي
( )10جملة" tاألمة" -عدد 31سنة -3صفحات 12و22
( )11جملة" tاألمة" -عدد- 31سنة - 3صفحات 12و22
( )12مالك بن نيب -أحاديث يف البناء اجلديد.
البشرية وتجارب العقائد
لقد صارعت البشرية على امتداد تاريخها الحافل والطويل حضارات عديدة وعايشت تجارب "أيدلوجيات"
واديانا ومذاهب مختلفة ومتفاوتة.
وبما أنها كانت بمثابة" فأر المخبر" لكل طارئ وجديد فقد لقي اإلنسان -الضحية -من ذلك الحلو والمر
والطيب والخبيث وعاين القسوة والرحمة وتحمل الظلم واإلنصاف ففي تجربة يؤله ويقدس وفي أخرى تراه
مهانا ومستعبدا وفي ثالثة يذبح ويدمر...
مع هذه األيدلوجية يذهب به إىل ذات اليمني ومع أخرى يطوح به إىل ذات اليسار هذه تبعده عن فطرته باإلفراط
واألخرى بالتفريط .
هذه حترص على دوس كرامته وذبح أخالقياته وتلك تستهدف خنق مقوماته وأخرى ترى فيه صنو البهيمة مأكال
ومشربا ومنكحا....
ومل جيد املسكني طعما حقيقيا ملعىن ذاته كإنسان ومل ينعم بكرامته وإنسانيته إال يف ظل جتربة التوحيد يف واحة "
الفتح اإلسالمي الشامل" ....الذي وقف من البشرية موقف الكرامة والعزة والسماحة أعادها إىل دائرة الفطرة النقية
واحلق الواضح واألمن الكامل ...والذي أعطى لكل فرد حق احلياة وحق العيش واالستمتاع حبياته بعيدا عن كل
وعرفه كما تقول الدكتورة بنت الشاطئ ׃ خطر يتهدده ّ
انه ال ينبغي ألي كان أن ميلك إهناء حياة شخص ما -إعداما أو وأدا أو .-...فاهلل هو واهب احلياة لإلنسان ومن
مث فإهناء احلياة جيب أن ال يكون إال هلل سبحانه.
)5التفسيرات النصرانية...
بينما تذهب التفسريات النصرانية أن اإلنسان -الطفل -يولد شريرا بطبعه وانه يولد حممال بكثري من الشرور واآلثام
فيجب أن يقمع ذلك بالشدة والعنف و أن يسلك به سبل التعذيب واإليالم (.)2
)6النظرية الماركسية....
وترى املاركسية أن الفرد وسيلة ال غاية وال يتعدى أن يكون اكثر من ذرة تذوب يف جسم الدولة ال حق له يف
ملكية وال يف مثار الكسب ...فاإلنسان يف الكهف املاركسي املظلم يعيش مأساة محراء مزدوجة معنوية ومادية .
ورحم اهلل العالمة حممد باقر الصدر حيث يقول ׃ " إن إنسانا يعتصر اآلخرون طاقاته وال يطمئن إىل حياة طيبة
واجر عادل وتامني يف أوقات احلاجة هلو إنسان قد حرم من التمتع باحلياة وحيل بينه وبني احلياة اهلادئة املستقرة
كما أن إنسانا يعيش مهددا يف كل حلظة حماسبا على كل حركة معرضا لالعتقال بدون حماكمة وللسجن والنفي
ألدنى ريبة هلو إنسان مروع يسلبه اخلوف حالوة العيش وينغص الرعب مالذ احلياة" ()3
)7اإلنسان في اإلسالم..
بينما يرى اإلسالم -ذلك الدين القيم احلق -أن اإلنسان حر اإلرادة و أن إرادته تلزمه التبعية واملسؤولية أمام ربه
وااللتزام األخالقي أمام الناس و أن ذلك كله مرتبط بالبعث tواجلزاء األخروي)4( .
واإلسالم قد أعلى من شأن اإلنسان واعتربه خليفة اهلل يف أرضه وأكد كرامته واعتربها كرامة ذاتية أصيلة ال تنبع
من جنسه وال من لونه وال من بلده وال من قومه وال من عشريته وال من ماله وال من عرض من أعراض الدنيا
الزائلة وإمنا تنبع من كونه إنسانا من هذا اجلنس الذي أفاض عليه ربه التكرمي وسخر له ما يف السماوات واألرض
ورزقه من الطيبات وفضله على غريه من املخلوقات ( )5قال تعاىل (( ولقد كرمنا بين آدم ومحلناهم يف الرب والبحر
ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثري ممن خلقنا تفضيال)) (اإلسراء .)70
واإلسالم -من جهة أخرى -يفرض كفالة مشرتكة بني أهله وجيعل العجزة والضعفاء واحملرومني موضع تقدير كبري
وال يطالب بإسقاطهم أو قتلهم بل على العكس يطلب هلم محايات وضمانات كاملة ويعتربهم موضع الرزق (( إمنا
ترزقون بضعفائكم)) ()6
وإذا كان القانوين الفرنسي "منتسكيو" يرى انه من املستحيل أن يرثي اإلنسان لإلفريقيني ذوي البشرة السوداء وانه
ال ميكن للمرء أن يتصور أن اهلل سبحانه وتعاىل -وهو ذو احلكمة السامية -قد وضع روحا طيبة داخل جسم
حالك السواد ...فإن املؤرخ املسلم -ابن خلكان -قد أعلنها صرحية ׃ إن البشرة السوداء ال تقلل من شرف النفس
الطاهرة وال تنقص من علم العامل وال من مسو الفكر.
وكما يقول صاحب كتاب " اإلسالم على مفرتق الطرق" ( اإلسالم ينظر إىل احلياة هبدوء واحرتام ولكنه ال
يعبدها .إن النجاح املادي مرغوب فيه ولكنه ليس غاية يف ذاته بل يقود اإلنسان حنو الشعور بالتبعية األدبية يف كل
ما يعمل والغاية من مجيع نشاطنا العملي tجيب أن يكون خامتيا ()8
ومن هنا نرى أن اإلسالم ال يقر الرهبنة اليت تعزل اإلنسان عن طيبات الرزق وال يقر يف الوقت نفسه اإلباحية
والتحلل الذي حيطم كيان اإلنسان وهو حني يفعل ذلك يضع اإلنسان يف مكانه احلق من حيث هو بشر له أمانته
ومسؤوليته وإرادته احلرة وحسابه وجزاؤه على أعماله )9(.
بينما تقرر املاركسية بتبجح ال يرتكز على برهان يف مقولتها tالواهية " ال اله واحلياة مادة ".
أما عند الرومان واليونان فاحلياة مسرح للذة والشهوة والبطوالت املتهورة وفرصة عفوية للتمتع باجلسد العاري
والتسلي مبشاهدة الصراعات الدرامية بني اآلهلة واإلنسان وبني السادة والعبيد وأما عند اليهود فهي تنافس بغيض
وفوضوي على مزيد من العنصرية والربا واملادية الطاغية والتخريب والتدمري لآلخرين مث جاءت النصرانية لتنحرف
هبا إىل الروحانيات اجلافة والزهد االهنزامي والرهبانية الذليلة والنفور املقيت من احلياة واجلهاد والتكسب.
وبعد...
يقول املفكر املسلم (أنور اجلندي) " إن أحق األديان بطول البقاء واألخذ بتجربتها وقيادهتا للبشرية ما وجدت
أحواله متوسطة بني الشدة واللني ليجد كل امرئ من ذوي الطبائع املختلفة ما يصلح به حاله يف معاده ومعاشه
ويستجمع له فيه خري دنياه وآخرته وكل دين أو مذهب مل يوجد على هذه الصفة بل أسس على مثال يعود هبالك
احلرث والنسل فمن احملال أن يسمى دينا فاضال.)10( " .
ولقد طوفت البشرية بني كثري من األديان واملذاهب وجربت كل األيدلوجيات املطروحة قدميا وحديثا فهل حققت
سعادهتا املنشودة واكتمل رشدها وهل حافظت على مقوماهتا وأخالقياهتا وكرامتها ؟ فلقد أذاقتها اليهودية مسوم
العنصرية احلمراء ولطختها بوحل املادية الطاغية مث جاءت النصرانية فعطلت طاقاهتا وطمست مواهبها وإبداعاهتا
وحالت بينها وبني زينة احلياة الدنيا بانتهاجها سبيل الرهبانية املبتدعة وال خيفى على عاقل ما القته وتالقيه من جمون
الوجودية واحنالهلا وشهوانيتها ومن بغي الشيوعية وطغياهنا األمحر احلاقد ومن جشع الرأمسالية وميوعتها ومن
علمانية الغرب وإحلاده.
فهال آن هلا أن تسرتيح يف ظالل التوحيد وتنعم بسماحة اإلسالم وتكرميه وتوقريه وتسرتد بالتايل نقاوة فطرهتا
وسالف عزها وأجمادها وما دنس وشوه من مقوماهتا حىت تعود إىل استئناف دورها اخلاليف يف األرض من اإلصالح
والتعمري إىل نشر اخلري والعدل واألمن..
هوامش ׃
( )1اإلسالم والعامل املعاصر -أنور اجلندي -ص54
( )2املصدر السابق نفسه -ص 236
( )3فلسفتنا -حممد tباقر الصدر -ص 34
( )4اإلسالم والعامل املعاصر -ص 238
( )5جملة األمة -مقال النظرة اإلنسانية يف فلسفة الرتبية اإلسالمية t-عيسى حسن اجلراجرة -ص 33العدد 36
( )6اإلسالم والعامل املعاصر -ص 214
( )7املصدر السابق نفسه -ص 164
( )8اإلسالم على مفرتق الطرق -حممد أسد
( )9اإلسالم والعامل املعاصر -ص 250
( )10املصدر السابق نفسه -ص .295
العطش الروحي ...من يرويه ؟
يف الوقت الذي يظن فيه املشدوهون tواملبهورون باحلضارة الغربية ...إن الغرب املتحضر قد اكتمل رشده اإلنساين
وبلغ سعادته املثلى وحاز األهلية املطلقة يف السيادة والريادة والسيطرة األدبية واملادية على العامل ...يف الوقت ذاته
تتعاىل صيحات عميقة منذرة من قلب هذا الغرب من عقالئه ومفكريه وفالسفته حتذر من إمهال الوجه الروحاين
للحضارة tومن فراغ هذه األخرية من املثل والقيم وااللتزامات األخالقية ....مما يعتربه هؤالء املفكرون الغربيون
مؤشر هدم خطري وهو اعتبار واقعي وموضوعي.
أي إن ما ننعته حنن اآلن ومن سنني يف الشرق اإلسالمي بأسباب ختلفنا ومن مواصفات رجعيتنا ومجودنا وباملعوق
لتحضرنا وتقدمنا ...اصبح هو املؤمل املرجتى عند عقالء الغرب وأرباب هذه احلضارة.
ذلك أن األديان اليت نبذها يف أول العهد منظرو هذه احلضارة أزاحوا ظلها عن تفكريهم وحرصوا على حمو أي اثر
لتعاليمها فيما يقولون ويعملون ومل يتخذوا منها ولو لبنة واحدة كربت أم صغرت يف بنائهم حلضارهتم إذ اعتربوا
الدين والتدين مسألة شخصية ...مث هو خمدر وأفيون يصرف الشعوب عن التمدن والبناء والتغيري و أن على اإلنسان
وحده أن يبحث عما يالئمه حىت بلغ األمر هبم أن علقوا إبان الثورة الفرنسية يف قرية ( هوتفيلر) منشورا يقول "
ابتداء من الغد على مواطين ومواطنات هذه القرية أن ال يعرتفوا بأية عبادة باستثناء عبادة العقل واحلرية واملساواة
وأما مبىن الكنيسة الذي اغلق اآلن فسوف يصبح معبدا للعقل tوخيصص من اآلن لالحتفال باألعياد الوطنية".
بعد كل ذلك العداء الظاهر والباطن والتهكم الصارخ اصبحوا اآلن ينظرون إىل الدين والتدين والقيم واملثل
وااللتزام اخللقي والروحانيات على أهنا الواقي الصلب الذي حيول بني احلضارة واالندثار بعد ما رأوا بطالن
اطروحاهتم وفساد نظرياهتم وشلل رؤيتهم.
ولن اذهب بكم بعيدا فهذا " توينييب" يقول يف إحدى حماضراته " إن األديان الكربى مجيعا مهملة tوآخذة يف
االحنسار ورمبا توقف مستقبل اجلنس البشري على عودهتا ثانية إىل سيطرهتا السابقة على البشرية" "مث إن اإلنسان
الغريب وهو تائه يف غمار حضارته قد فشل يف دوره كإله ارضي و أقر بأنه يفتقر إىل شيء ما ليكون سعيدا "
( ماهو الغرب ؟ راشد الغنوشي)
3 تقدمي
5 بني اجلزم والتميع
5 * اإلسالم حمجوب باملسلمني
9 * ملاذا شاخ املسلمون
13 * حني يتخلى املسلمون عن اجلد
17 * املسجد..ليس tمكانا لطقطقة املسابيح
23 املسلمون وضرورة الوعي التارخيي
39 تعاملنا مع احلضارة الغربية
57 البشرية وجتارب العقائد
67 العطش الروحي من يرويه