Professional Documents
Culture Documents
والتعليم عن بعد
1
بسم هللا الرمحن الرحيم
*أهداف املقرر-:
-2أن يعرف الطالب مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة واجلماعة ،ومنهجهم يف العقيدة.
-4أن يعرف الطالب املسائل املتعلقة بتوحيد الربوبية ،وأدلته ،ومظاهر االحنراف فيه إمجاالً.
-5أن يعرف الطالب املسائل املتعلقة بتوحيد األمساء والصفات ،وأدلته ،ومظاهر االحنراف
فيه إمجاالً.
2
()1
*املراد بأهل السنة واجلماعة:
أما يف اصطالح علماء العقيدة؛ فإن السنة تطلق ويراد هبا :طريقته صلى هللا عليه وسلم وطريقة
أصحابه يف أصول الدين اليت من خالفها خالف سبيل املؤمنني.
وتطلق السنة عند احملدثني على كل ما أضيف إىل النيب صلى هللا عليه وسلم من قول أو فعل أو
تقرير ،وتطلق عند الفقهاء على ما يقابل الفرض والواجب ،لكنه ليس مر ًادا هنا.
واجلماعة يف اللغة :مأخوذة من مادة (مجع) وهي تدور على اجلمع واالجتماع؛ ضد الفرقة.
ويف الشرع يراد هبا :الصحابة والتابعون هلم بإحسان إىل يوم الدين من أهل العلم واالتباع.
فأهل السنة واجلماعة :هم من كان على مثل ما كان عليه النيب صلى هللا عليه وسلم وأصحابه،
وهم املتمسكون بسنة النيب ،وهم الصحابة ،والتابعون ،وأئمة اهلدى املتبعون هلم ،وهم الذين
استقاموا على االتباع ،وجانبوا االبتداع يف أي مكان وزمان ،وهم باقون منصورون إىل يوم القيامة.
3
ومسوا بذلك؛ النتساهبم لسنة النيب صلى هللا عليه وسلم ،واجتماعهم على األخذ هبا ظاهراً وباطناً،
يف القول ،والعمل ،واالعتقاد ،والجتماعهم على إمام مسلم يطيعونه يف غري معصية ،وجياهدون
معه ،وينصحون له ،ففارقوا هبذين الوصفني طوائف من أهل البدع الذين اليعظمون السنة وال
يدينون هلل بطاعة والة املسلمني.
لقَّب أهل األهواء والبدع قدميًا وحديثًا أهل السنة واجلماعة بألقاب منفرة ،قصدوا هبا صرف الناس
عنهم ،وتشويه ما حيملونه من احلق ،قال اإلمام أمحد":وقد أحدث أهل األهواء والبدع واخلالف
أمساء شنيعة قبيحة يسمون هبا أهل السنة؛ يريدون بذلك الطعن عليهم ،واإلزراء هبم عند السفهاء
واجلهال"(.)1
فمن هذه األلقاب :تسمية أهل الكالم هلم باحلشوية ،واملشبهة ،واجملسمة ،والنابتة ،والرافضة
تسميهم:الناصبة ،واخلوارج يسموهنم :مرجئة ،والقدرية تسميهم :جمربة ...إخل.
()2
*أهم خصائص أهل السنة واجلماعة:
ألهل السنة خصائص وميزات ميتازون هبا عن غريهم من أهل امللل والنحل ،وجيدر بكل من
انتسب إليهم أن يأخذ هبا ،ويأطر نفسه عليها ،حىت ينال ما نالوه من خري وفضل.
فمن تلك اخلصائص اليت متيز هبا أهل السنة واجلماعة ما يلي:
_1االقتصار يف التلقي على الكتاب والسنة واإلمجاع :فهم ينهلون من هذا املنهل العذب
عقائدهم ،وعباداهتم ،ومعامالهتم ،وسلوَكهم ،وأخالقهم ،فكل ما وافق الكتاب والسنة قبلوه
َ
وأثبتوه ،وكل ما خالفهما ردوه على قائله كائناً من كان.
_2التسليم لنصوص الشرع ،وفهمها على مقتضى منهج السلف :فهم يسلِّمون لنصوص الشرع،
سواء فهموا احلكمة منها أم ال ،وال يعرضون النصوص على عقوهلم ،بل يعرضون عقوهلم على
النصوص ،ويفهموهنا كما فهمها السلف الصاحل.
_4االهتمام بالكتاب والسنة :فهم يهتمون بالقرآن حفظاً وتالوة ،وتفسرياً ،وباحلديث دراية
ورواية ،فهم أعلم الناس بالكتاب والسنة.
_5احتجاجهم بالسنة الصحيحة وترك التفريق بني املتواتر واآلحاد :سواء يف األحكام أو العقائد،
فهم يرون حجية احلديث إذا صح عن رسول هللا ولو كان آحاداً.
_6ليس هلم إمام معظم يأخذون كالمه كله ،ويدعون ما خالفه إال الرسول صلى هللا عليه وسلم،
أما غري الرسول فإهنم يعرضون كالمه على الكتاب والسنة ،فما وافقهما قُبِّل ،وما ال فال ،فهم
يعتقدون أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إال الرسول صلى هللا عليه وسلم.
أما غريهم من الفرق األخرى ،ومن متعصبة املذاهب ،فإهنم يأخذون كالم أئمتهم كله حىت ولو
خالف الدليل.
_7تعظيم السلف الصاحل :فأهل السنة يعظمون السلف الصاحل ،ويقتدون هبم ،ويهتدون هبديهم،
ويرون أن طريقتهم هي األسلم ،واألعلم ،واألحكم.
_8احلرص على مجع كلمة املسلمني على احلق :فهم حريصون كل احلرص على وحدة املسلمني،
وِّل شعثهم ،ومجع كلمتهم على احلق ،وإزالة أسباب النزاع والفرقة بينهم؛ لعلمهم أن االجتماع
رمحة ،وأن الفرقة عذاب؛ وألن هللا_عز وجل_أمر باالئتالف ،وهنى عن االختالف كما يف قوله
اّلل ح َّق تُ َقاتِِّّه وال متَُوتُ َّن إِّالَّ وأَنْتُم مسلِّمو َن ( )102و ْاعتَ ِّ
ص ُموا ِِّبَْب ِّل َّ ِّ
َ َ ُْْ ُ َ ين َآمنُوا ات َُّقوا ََّ َ
تعاىل( :يَا أَيُّ َها الذ َ
مجيعاً َوال تَ َفَّرقُوا) آل عمران. اّللِّ َِّ
َّ
6
خبالف الذين يسعون للفرقة بني املسلمني ،ويبذرون بذور الشقاق يف صفوفهم ،فيفرقوهنم عند أدىن
نازلة ،وحيزبوهنم ويؤلبون بعضهم على بعض ،ويُغرون بعضهم ببعض.
_9ال يوالون وال يعادون إال على أساس الدين ،فال ينتصرون ألنفسهم ،وال يغضبون هلا ،وال
ِّ
يوالون ل ُعبِّيَّة جاهلية ،أو عصبية مذهبية ،أو راية حزبية ،وإمنا يوالون على الدينُ ،
فوالؤهم هلل،
وبراؤهم هلل ،ومواقفهم ثابتة ،ال تتبدل وال تتغري ،وال ينتسبون إال إىل السنة واجلماعة والسلف.
_10اجلمع بني العلم والعبادة :خبالف غريهم ،فإما أن يشتغل بالعبادة عن العلم ،أو بالعلم عن
العبادة ،أما أهل السنة واجلماعة فيجمعون بني األمرين.
_11ويدعون إىل مكارم األخالق وحماسن األعمال ويعتقدون معىن قوله صلى هللا عليه وسلم:
"أكمل املؤمنني إميانا أحسنهم خلقا" رواه أمحد وغريه .ويندبون إىل أن تصل من قطعك ،وتعطي
من حرمك ،وتعفو عمن ظلمك ،ويأمرون برب الوالدين ،وصلة األرحام وحسن اجلوار واإلحسان
إىل اليتامى واملساكني وابن السبيل والرفق باململوك ،وينهون عن الفخر واخليالء والبغي واالستطالة
على اخللق ِبق أو بغري حق ،ويأمرون مبعايل األخالق وينهون عن سفسافها.
_12العدل :فالعدل من أعظم املميزات ألهل السنة واجلماعة ،فهم أعدل الناس ،وأوالهم بامتثال
ني بِّالِّْق ْس ِّط ُش َه َداءَ َِّّّللِّ) النساء .135وقولهَ ( :وإِّذَا ِّ
ين َآمنُوا ُكونُوا قَ َّوام َ
َّ ِّ
قول هللا عز وجل( :يَا أَيُّ َها الذ َ
اع ِّدلُوا َولَْو َكا َن َذا قُ ْرَب) األنعام .152
قُْلتُ ْم فَ ْ
7
واألمم اليت متيل إىل التفريط املهلك_فكذلك أهل السنة واجلماعة؛ فهم متوسطون بني فرق األمة
املبتدعة اليت احنرفت عن الصراط املستقيم.
وتتجلى وسطية أهل السنة واجلماعة يف شىت األمور؛ سواء يف باب العقيدة ،أو األحكام ،أو
السلوك ،أو األخالق ،أو غري ذلك.
_14عدم االختالف يف أصول االعتقاد :فالسلف الصاحل ال خيتلفون_ِبمد هللا_يف أصل من
أصول الدين ،وقواعد االعتقاد؛ فقوهلم يف أمساء هللا وصفاته وأفعاله واحد ،وقوهلم يف اإلميان وتعريفه
ومسائله واحد ،وقوهلم يف القدر واحد ،وهكذا يف باقي األصول.
_15سالمتهم من تكفري بعضهم لبعض :فأهل السنة ساملون من ذلك ،فهم يردون على املخالف
منهم ،ويوضحون احلق للناس ،فهم ُخي ِّطئون ،وال يكفرون ،وال يبدعون ،وال يفسقون إال من
استحق ذلك.
خبالف غريهم من الطوائف األخرى كاخلوارج الذي يكثر فيهم االختالف والتضليل والتكفري؛ وهلذا
جتدهم يكفر بعضهم بعضاً عند أقل نازلة تنزل هبم من دقائق الفتيا وصغارها.
_16سالمة قلوهبم وألسنتهم للصحابة رضوان هللا عليهم ،فقلوهبم عامرة ِببهم ،وألسنتهم تلهج
بالثناء عليهم ،فأهل السنة يرون أن الصحابة خري القرون؛ ألن هللا_عز وجل_زكاهم وكذلك
رسوله.
_17سالمتهم من احلرية واالضطراب ،والتخبط والتناقض :فأهل السنة واجلماعة أكثر الناس رضاً
ويقيناً ،وطمأنينة ،وإمياناً ،وأبعدهم عن احلرية واالضطراب ،والتخبط والتناقض.
8
حىت إنه ليوجد عند عوام أهل السنة من بَ ْرِّد اليقني ،وحسن املعتقد ،والبعد عن احلرية_ما ال يوجد
وح َّذاقهم من أهل الكالم وغريهم ،ممن اضطربوا يف تقرير عقائدهم
عند علماء الطوائف األخرىُ ،
فحاروا وحريوا ،وتعبوا وأتعبوا.
()3
*مصادر التلقي يف العقيدة عند أهل السنة واجلماعة :
العقيدة عند أهل السنة واجلماعة توقيفية ،ومعىن هذا :أنه ال جمال فيها لالجتهاد والرأي ،بل
البد من داللة الكتاب أو السنة ،وهلذا فإن املصادر املعتمدة عند أهل السنة يف مسائل االعتقاد
ثالثة :
وميكن أن نسمي هذه امل صادر الثالثة ،مصادر أساسية أصلية استقاللية ،يعين أننا ميكن أن
نستدل على مسألة عقدية بدليل واحد من هذه الثالثة ،ولو أتى مستقالً عن غريه .وقد يسأل
9
بعضهم :ملاذا أضيف اإلمجاع هلذه املصادر ؟ واجلواب :أهنما دال على أن اإلمجاع حجة قاطعة،
أيضا ال ميكن أن ينعقد اإلمجاع إالَّ مبستند من
فال ميكن أن جيتمع علماء األمة على ضاللة ،و ً
الكتاب أو السنة ،فرجع إليهما.
-بقي أن نشري إىل أن أهل السنة واجلماعة قد يستدلون يف بعض مسائل العقيدة مبصادر أخرى
كالعقل والفطرة ،فإهنم إذا ذكروا مثالً مسألة "علو هللا على خلقه" يقولون :هذا ثابت بالكتاب
والسنة واإلمجاع والعقل والفطرة ،ومعىن هذا أهنم يستدلون هبذه املصادر(العقل،والفطرة) ؛ لكنهم
ال يستدلون هبا على وجه االستقالل ،بل جيعلوهنا مصادر عاضدة ومؤكدة ،فيؤيدون هبا ما ثبت
بالكتاب أو السنة أو اإلمجاع ،وال جيعلوهنا أي :العقل والفطرة وغريها تستقل يف االستدالل على
املسألة .
10
()1
،وقال أيضاً ( :فدين املسلمني مبين على اتباع كتاب هللا باطنة وظاهرة مما له تعلق بالدين )
وسنة نبيه وما اتفقت عليه األمة ،فهذه الثالثة أصول معصومة) (.)2
()4
* عدم استقالل العقل مبعرفة أصول الدين :
وهذه املسألة متممة ملا سبق وجميبة على استفسار قد يطرح ،فقد يقول قائل :على ما تقدم
من املسائل ما منزلة العقل عند أهل السنة؟
فيقال :مما ال شك فيه أن العقل آلة للتمييز بني األشياء ومصدر من مصادر املعرفة ،وقد خاطب
وجعل العقل
هللا عز وجل يف كتابه أهل العقول واأللباب ،وأمر بالتفكر والتدبر يف غري ما آيةُ ،
مناط التكليف ،فالعقل آلة للفهم والتدبر لكنه ال يستقل – كما تقدم – باملعرفة يف الشرع ،
فالتحليل والتحرمي واإلخبار بالغيب وغ ري ذلك مرده للشرع ،وإن كان العقل قد يدرك بعض أمور
العقيدة -كما تقدم -على وجه اإلمجال .
12
واملقصود أن أهل السنة واجلماعة ينزلون العقل املنزلة الالئقة به ،فال يهملون العقل وال يعطلونه ،
وكذلك ال جيعلونه فوق منزلته وال جيعلونه حجة بنفسه دون احلجة الرسالية؛ فهم وسط يف ذلك
بني طرفني .وهلذا فإهنم جيعلون من مهمة العقل :
13
()5
*منهج أهل السنة واجلماعة يف تقرير العقيدة والدفاع عنها:
من خالل تتبع كالم السلف رمحهم هللا فإنه ميكن أن نلخص بعض مساته العامة اليت منها :
أهنم يبينون احلقائق العقدية بياناً واضحاً خالياً من التعقيد اللفظي أو املعنوي ،فال )1
يستعملون لفظاً يف غري معناه ،وال لفظاً جممالً حيتاج إىل بيان ،وال حيملون اللفظ ما ال حيتمله من
وشرعا ،وال يستعملون مصطلحاً حادثاً ابتدعه املتكلمون .
املعاين لغة ً
أهنم يستدلون على هذه احلقائق العقدية باألدلة الصحيحة من الكتاب والسنة واإلمجاع )2
والعقل الصحيح والفطرة ..وتقدمت اإلشارة إىل هذه املصادر ،وبيان ما يستقل منها وما يكون
كدا.
عاضدا ومؤ ً
ً
أهنم يبينون اآلثار املرتتبة على االعتقاد الصحيح من حتقيق التسليم لنصوص الكتاب والسنة )3
وقوة اليقني والسالمة من البدع والنجاة من االحنراف عن سبيل هللا وسالمة القلب من الغل والبغض
ألهل السنة واجلماعة واالجتماع وعدم الفرقة يف الدين وبغض البدع وأهلها وغريها.
يبينون األصول العلمية الصحيحة لفهم الكتاب والسنة ومنها : )4
-1يؤمنون جبميع نصوص الكتاب والسنة إمجاالً وتفصيالً ،ويسلمون بذلك كله ،وهذا من
يما َش َجَر بَْي نَ ُه ْم ُثَّ الَ أعظم عالمات اإلميان قال تعاىل( :فَالَ وربِّك الَ ي ؤِّمنو َن ح َّىت ُحي ِّكم َ ِّ
وك ف َ ََ َ ُْ ُ َ َ َ ُ
ت َويُ َسلِّ ُمواْ تَ ْسلِّيماً) النساء ، 65وقال تعاىلَ ( :وَما َكا َن لِّ ُم ْؤِّمن ِّ ِّ
َِّجي ُدواْ ِّيف أَن ُفس ِّه ْم َحَرجاً ممَّا قَ َ
ضْي َ
14
ض َّل
اّللَ َوَر ُسولَهُ فَ َق ْد َ
ص َّاخلِّيَ َرةُ ِّم ْن أ َْم ِّرِّه ْم َوَمن يَ ْع ِّ
اّللُ َوَر ُسولُهُ أ َْمراً أَن يَ ُكو َن َهلُ ُم ْ
ضى َّ ِّ
َوَال ُم ْؤمنَة إِّ َذا قَ َ
ض َالالً ُّمبِّيناً) األحزاب. 36 َ
الرس ِّ ِّ ِّ ِّ
ول -2يردون التنازع إىل الكتاب والسنة ،قال تعاىل( :فَإن تََن َاز ْعتُ ْم ِّيف َش ْيء فَ ُرُّدوهُ إ َىل اّلل َو َّ ُ
إِّن ُكنتم تُؤِّمنو َن بِّاّللِّ والْي وِّم ِّ ِّ
َح َس ُن تَأْ ِّويالً) النساء . 59ومعىن الرد إىل هللا اآلخ ِّر ذَل َ
ك َخْي ر َوأ ْ َ َْ ُْ ْ ُ
سبحانه :الرد إىل كتابه ،ومعىن الرد إىل رسوله صلى هللا عليه وسلم :الرد إىل سنته بعد وفاته.
يدرؤون التعارض بني نصوص الشرع ،وهذا التعارض إمنا حيصل يف أذهان بعض الناس؛ -3
فيستشكلون داللة هذا النص ويظنون معارضتها لداللة النص اآلخر ،أما يف حقيقة األمر فإنه
أبدا.
الميكن أن يتعارض نصان شرعيان صحيحان ً
يدرؤون التعارض بني العقل والنقل ،وهذا التعارض متوهم كسابقه وإال فإن النقل الصحيح -4
ال ميكن أن يعارض العقل الصحيح ،والشرع يأيت مبا حتار فيه بعض العقول لكنه ال يأيت مبا حتيله
العقول الصحيحة.
أن ظواهر النصوص عندهم مرادة للشارع ،ومفهومة للمخاطبني ،واملقصود بظواهر -5
النصوص هنا :مدلوهلما املفهوم مبقتضى اخلطاب العريب ،وقالوا باألخذ بظواهر النصوص وبكوهنا
مفهومة للمخاطبني؛ ألن هذا مقتضى اخلطاب الشرعي الذي أمرنا باالتباع واالنقياد لألمر والنهي،
وامرنا بتدبر النصوص الشرعية وفهمها ،ث إن القول خبالف ذلك يرتتب عليه لوازم فاسدة من اهتام
املتكلم بالعي وعدم البيان والبالغة أو باإللغاز والتدليس يف الكالم وعدم النصح ،وكالم هللا وكالم
رسوله منزهان عن ذلك بل مها موصوفان بالبيان والبالغة واهلدى والنصح للخلق.
15
يؤمنون باملتشابه ويعملون باحملكم ،فهم جيمعون النصوص الواردة يف الباب الواحد ويعلمون -6
مبحكمها وبينها وواضحها ويردون متشاهبها ومشكلها إىل احملكم فيعلمون ما أريد به ويفهمونه؛
اب ِّمْنهُ آيَات ُّْحم َك َمات ُه َّن أ ُُّم فيعملون هبذا النصوص كلها ،قال تعاىل( :هو الَّ ِّذي أَنزَل علَي َ ِّ ِّ
ك الْكتَ َ َُ َ َ َ ْ
ين يف قُلُوهبِِّّ ْم َزيْغ فَيَتَّبِّ ُعو َن َما تَ َشابَهَ ِّمْنهُ ابْتِّغَاء الْ ِّفْت نَ ِّة َوابْتِّغَاء تَأْ ِّويلِّ ِّه َّ ِّ ِّ
ُخ ُر ُمتَ َشاهبَات فَأ ََّما الذ َ اب َوأ َ الْ ِّكتَ ِّ
ند َربِّنَا َوَما يَ َّذ َّك ُر إِّالَّ أ ُْولُواْ الر ِّاسخو َن ِّيف الْعِّْل ِّم ي ُقولُو َن آمنَّا بِِّّه ُكل ِّمن ِّع ِّ
ْ َ َ َوَما يَ ْعلَ ُم تَأْ ِّويلَهُ إِّالَّ اّللُ َو َّ ُ
اب) آل عمران.7 األلْب ِّ
َ
يرون حجية فهم السلف للنصوص الشرعية؛ ألهنم هم أعلم األمة وأوالها بإصابة احلق، -7
فالصحابة حضروا التنزيل وعلموا أسبابه وفهموا مقاصد الشرع ،والتابعون وتابعوهم الزموا الصحابة
ومن أخذ عن الصحابة واشتغلوا بالعلم وأخذوه قبل أن تتسع دائرة االختالف املذموم وتفرق
املسلمني ،ث إن النيب صلى هللا عليه وسلم أخرب خبريية هذه القرون الثالثة ،وهذه اخلريية خريية علم
وإميان وعمل؛ فهم أفضل ممن بعدهم يف كل فضيلة.
16
()6
دح املعلى يف ذلك ِّ
)5يراعون األمانة العلمية ،فاألمانة زينة العلم وروحه ،وأهل السنة هلم الق ُ
الشأن.
ومن مظاهر األمانة العلمية عندهم :األمانة يف النقل ،والبعد عن التزوير ،وقلب احلقائق ،وبرت
النصوص ،وحتريفها ،فإذا نقلوا عن خمالف هلم نقلوا كالمه تاماً ،فإن كان حقاً أقروه ،وإن كان
باطالً ردوه ،وإن كان فيه وفيه ،قبلوا احلق وردوا الباطل ،كل ذلك بالدليل.
ومن مظاهر األمانة العلمية عندهم أهنم ال حيملون الكالم ما ال حيتمل ،وأهنم يذكرون ما هلم وما
عليهم ،وأهنم يرجعون للحق إذا تبني ،وال يفتون وال يقضون إال مبا يعلمون.
كما أهنم أحرص الناس على نسبة الكالم إىل قائله ،وأبعدهم من نسبته إىل غري قائله.
)6حيذرون من البدع وأهلها ،ويبينون خمالفتهم للكتاب والسنة واإلمجاع :من املسلمات عند أهل
السنة واجلماعة األمر بلزوم السنة والنهي عن البدع والتحذير من أهلها ،والنصوص يف ذلك
مستفيضة يف الكتاب والسنة ويف أقوال السلف.
17
)7يعلمون مذاهب املخالفني وشبههم واصطالحاهتم ،فإن معرفة حقيقة املذهب املخالف
واالطالع على شبهه وفهم اصطالحاته املستعملة كل هذا يعني على وقوع الرد يف حمله ،ومتام
نقض ذلك املذهب ،وإيصاد طريق احليدة على املخالف ،مع ما فيه من تأكيد اليقني وزيادة
اإلميان بسالمة مذهب السلف.
ضعيفا ،وال يتم له مقصوده من نقض ومن رد على املخالفني دون معرفة ذلك ؛ فإنه ِّ
يصور احلق ً
مذاهبهم ،ويرتك للمخالف ثغرات ينفذ من خالهلا إلظهار مذهبه يف صورة احلق ،مع ما قد يقع
بسبب عدم معرفة مذاهبهم من اهتامهم مبا ليس فيهم ،وقد أُمرنا بالعدل مع اجلميع.
)8يبينون اللوازم الباطلة ملذاهب املخالفني :الالزم هو :ما ميتنع انفكاكه عن الشيء ،واملراد :الزم
شرعا أو عقالً أو لغةً.
القول واملذهب ،وهو :ما ميتنع انفكاكه عن املذهب ً
ومن القواعد املقررة :أن الزم احلق حق ،والزم الباطل باطل ،وفساد الالزم يدل على فساد امللزوم
؛ ألنه إذا حتقق امللزوم حتقق الالزم ،وإذا انتفى الالزم انتفى امللزوم ،فيستدل على بطالن الشيء
ببطالن الزمه ،ويستدل على ثبوته بثبوت الزمه ،فإذا كان الالزم باطالً فامللزوم مثله باطل.
واملقصود هنا بيان بطالن أقوال املخالفني من خالل بيان لوازمها الباطلة ،ومن فوائد ذلك :تنبيه
العقالء منهم إىل ما يلزم قوله من اللوازم الفاسدة ؛ لريجع عن مذهبه الباطل ،ومنها :محاية
اآلخرين من تطرق املذاهب الباطلة إليهم إذا وقفوا على لوازمها الباطلة.
)9يبينون تناقض املخالفني :التناقض يف الكالم :اقتضاء بعضه إبطال بعض َّ ،
كأن قوله الثاين
ينقض األول وينكثه بعد إبرامه .ومن مسات أهل البدع اضطراهبم وتناقضهم ،وهذا نتيجة لضعف
18
اتباعهم للكتاب والسنة وطريقة السلف ،وهلذا فما من طائفة فيها نوع يسري من خمالفة السنة
تناقضا أبعدهم عن
احملضة واحلديث ؛ إال ويوجد يف كالمها من التناقض ِبسب ذلك ،وأعظمهم ً
السنة.
اعد عقليةً فاسدة ،قال شيخ اإلسالم ابن تيمية –مبينًا أسباب تناقض
ويضاف إىل هذا التزامهم قو َ
أهل الكالم ":-وهم ل يقصدوا هذا التناقض ،ولكن أوقعتهم فيه قواعدهم الفاسدة املنطقية اليت
زعموا فيها تركيب املوصفات من صفاهتا ،ووجود الكليات املشرتكة يف أعياهنا ،فتلك القواعد
املنطقية الفاسدة –اليت جعلوها قوانني متنع مراعاهتا الذهن أن يضل يف فكره -أوقعتهم يف هذا
الضالل والتناقض"(.)1
.1التوحيد ،مسي بذلك؛ ألن وحدانيته سبحانه يف ربوبيته وألوهيته وأمسائه وصفاته أهم مباحثه
وأعظمها ،وقد مسى بعض أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا االسم ككتاب التوحيد لإلمام
20
ابن خزمية ،وكتاب التوحيد لإلمام ابن منده ،وكتاب التوحيد لشيخ اإلسالم حممد بن عبد
مجيعا.
الوهاب رمحهم هللا ً
.2العقيدة ،مسي بذلك؛ ألن املسلم يعقد قلبه على هذه األحكام املوضحة يف هذا العلم ،فال
يتطرق إليه الشك ،وقد مسى بعض أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا االسم ككتاب
"عقيدة السلف أصحاب احلديث" لإلمام الصابوين ،وشرح أصول اعتقاد أهل السنة
واجلماعة لإلمام الاللكائي.
.3السنة ،وقد تقدم بيان املراد بالسنة هنا ،وقد مسى بعض أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا
االسم ككتاب السنة لإلمام أمحد ،والسنة لإلمام ابن أيب عاصم ،والسنة لإلمام اخلالل.
.4واإلميان ،مسي بذلك؛ لتصديق املسلم مبسائله وإقراره هبا لفظًا وعمله مبقتضاها ،وألن
رؤوس مسائله مسيت بذلك كما يف حديث جربيل املشهور يف ذكر أركان اإلميان الستة،
وقد مسى بعض أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا االسم ككتاب اإلميان لإلمام أيب عبيد
القاسم بن سالم ،واإلميان لإلمام ابن أيب شيبة ،واإلميان لإلمام ابن منده.
.5الفقه األكرب ،وهذا االسم انفرد به اإلمام أبو حنيفة فسمى به كتابه يف االعتقاد؛ ألن الفقه
ملسائل هذا العلم أكرب بالنسبة لألحكام اليت اصطلح على تسميتها مبسائل الفقه أي:
األحكام العملية الفرعية.
.6أصول الدين ،ومراد العلماء احملققني من أهل السنة هبذا املصطلح :املسائل الكبار اليت
تواردت عليها األدلة حىت صارت أصالً يف الدين ال يسوغ فيها االجتهاد ،سواء كانت من
املسائل االعتقادية أو العملية ،وملا كانت غالب مسائل االعتقاد من هذا النمط مسي
بذلك ،وقد مسى بعض أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا االسم ككتاب الشرح واإلبانة
21
عن أصول الديانة لإلمام ابن بطة العكربي–وهي املعروفة باإلبانة الصغرى ، -واإلبانة عن
أصول الديانة للشيخ أيب احلسن األشعري.
.7الشريعة ،ويراد هبا :ما شرعه هللا جلميع رسله من أصول الدين مما ال خيتلف من دعوة
ِّ ألخرى قال تعاىل( :شرع لَ ُكم ِّمن ِّ
صْي نَا صى بِِّّه نُوحاً َوالَّذي أ َْو َحْي نَا إِّلَْي َ
ك َوَما َو َّ الد ِّ
ين َما َو َّ َ ََ َ
ين َوَال تَتَ َفَّرقُوا فِّ ِّيه) الشورى .13وقد مسى بعض ِّ
يموا الد َ
ِّ
يسى أَ ْن أَق ُ
ِّ
وسى َوع َ
يم َوُم َ
ِِّّ ِّ ِّ
به إبْ َراه َ
أهل العلم كتبهم يف االعتقاد هبذا االسم ككتاب الشريعة لإلمام اآلجري وكتاب اإلبانة عن
شريعة الفرقة الناجية لإلمام ابن بطة –وهي املعروفة باإلبانة الكربى -؛ لكن هذه التسمية
استقر االصطالح على اختصاصها مبسائل الفقه أي :األحكام العملية الفرعية.
هذه التسمية استعملت عند املتكلمني فهم يسمونه هبذا؛ ألن أعظم مسألة وقع فيها اخلالف
مسألة "صفة الكالم" ،وقيل :بل مسي بذلك؛ لكثرة القيل والقال واجملادلة عند أهله حىت صار مسة
هلم ،وقيل :غريذلك.
أما أهل السنة واجلماعة فال يطلقون على علم التوحيد واالعتقاد هذا االسم؛ بل يطلقونه على
سبيل الذم ،ويعنون به :القواعد الفلسفية املخالفة للكتاب والسنة وإمجاع السلف ،اليت يعتمدها
منهجا لالستدالل يف مسائل االعتقاد.
أهل الكالم ً
-فالعلم الذي يبحث يف مسائل علم االعتقاد يسمى عند غري أهل السنة من املتكلمة واملتفلسفة
والصوفية واملستشرقني والغربيني وحنوهم :بعلم الكالم ،وعلم الفلسفة ،وعلم التصوف ،وعلم
اإلهليات ،وعلم امليتافيزيقيا (أي:ما وراء الطبيعة) ،فهذه األمساء ليست عند أهل السنة ،ورمبا
22
وجدت كتب االعتقاد يف املكتبات العاملية –خارج هذه البالد -حتت اسم من هذه األمساء ،وإن
كانت توجد فوارق بني هذه املسميات لكنها تشرتك يف جزء من املسائل املبحوث يف كل منها.
()8
*أمهية ومنزلة علم التوحيد بني سائر العلوم :
التوحيد هو أعظم أركان اإلسالم وال ميكن للمرء أن يدخل يف اإلسالم إال إذا شهد بالتوحيد وأقر
بالعبودية هلل ونفاها عما سواه ،والعبادات ال تقبل إال بالتوحيد فهو شرط قبوهلا وأساس صحتها،
اإلنس إَِّّال لِّي عب ُد ِّ
ون) ت ِّْ ِّ
َ ُْ اجل َّن َو ْ َ وهو احلكمة العظمى من خلق اجلن واإلنس قال تعاىلَ ( :وَما َخلَ ْق ُ
الذاريات.59
فعلم التوحيد أشرف العلوم الشرعية وأعالها منزلة ،وتتبني منزلته بني العلوم بأمور منها:
23
-1أن العلوم إمنا تشرف وتفضل ِبسب موضوعها ( موضوع البحث) ،وهلذا فإنه أشرف العلوم
وأفضلها ؛ ألن املبحوث يف هذا العلم متعلق باهلل عز وجل وأمسائه وصفاته وأفعاله ،وشرف
العلم تابع لشرف املعلوم.
-2ومن جهة أخرى :فإ ن حاجة الناس إليه فوق كل حاجة وضرورهتم إليه فوق كل ضرورة ؛
ألنه ال حياة للقلوب وال نعيم وال طمأنينة إالَّ بأن تعرف رهبا ومعبودها بأمسائه وصفاته
وأفعاله.
-3ومما يدل على شرفه أيضاً :كونه مهمة الرسل األوىل ؛ فإن الرسل كانت تدعو أقوامها أول
ما تدعوهم إىل عبادة هللا وحده وترك الشرك والرباءة من أهله قال تعاىلَ ( :ولََق ْد بَ َعثْ نَا ِّيف ُك ِّل
وت) النحل ،36وقال عز وجلَ ( :وَما أ َْر َسْلنَا ِّمن اجتَنبُواْ الطَّاغُ َ
أ َُّمة َّرسوالً أ َِّن ْاعب ُدواْ اّلل و ِّ
ََ ْ ُ ُ
اعب ُد ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ قَبلِّ َ ِّ
ون) األنبياء ،25وما من رسول يأيت ك من َّر ُسول إَّال نُوحي إلَْيه أَنَّهُ َال إلَهَ إَّال أَنَا فَ ْ ُ ْ
اّللَ َما لَ ُكم ِّم ْن إِّلَه َغْي ُرهُ) املؤمنون ،23وقد مكث نبينا حممد قومه إالَّ ويقول هلم ( ْاعبُ ُدوا َّ
عليه الصالة والسالم يف قومه ثالثة عشر سنة يدعوهم إىل توحيد هللا ل خيالطه يف تلك الفرتة
كثري من التشريعات.
-4ومما يدل على سيادته للعلوم أيضاً :ما حيصل به من الفضائل العديدة اليت من أمهها النجاة
حرم على النار من النار ودخول اجلنة وتكفري السئيات ،قال صلى هللا عليه وسلم " :إن هللا َّ
من قال :ال إله أالَّ هللا يبتغي بذلك وجه هللا " رواه البخاري ومسلم ،وقال عليه الصالة
والسالم " :من لقي هللا ال يشرك به شيئاً دخل اجلنة" رواه مسلم ،إىل غري ذلك من فضائله
الكثرية .
24
()9
* أنواع التوحيد:
25
استنادا على دليل االستقراء التام للنصوص الشرعية كتابًا وسنةً،
ً قسم العلماء التوحيد إىل أنواع؛
فإهنم نظروا يف النصوص الشرعية اليت تتحدث عن اإلميان باهلل؛ فوجدوا أهنا إما تتحدث عن
مطابقا للحقيقة الشرعية.
ربوبيته ،أو عن ألوهيته أو عن أمسائه وصفاته؛ فصار هذا التقسيم ً
و هذا التقسيم معروف من قدمي عند العلماء فقد جاء يف كالم األئمة املتقدمني كأيب حنيفة وابن
جرير الطربي وابن أيب زيد القريواين وابن بطة العكربي وغريهم ،ث بسطه ووضحه من جاء بعدهم
من أهل العلم كشيخ اإلسالم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وشارح الطحاوية ابن أيب العز احلنفي
والشيخ اجملدد حممد بن عبد الوهاب وغريهم.
وال تعارض بني القسمتني الثالثية والثنائية؛ بل جاء تنوع القسمة بالنظر إىل التوحيد من جهتني-:
26
األوىل :نظر من جهة الرب سبحانه وما جيب له ،وعليها القسمة الثالثية.
والثانية :نظر من جهة العبد وما يطلب منه ،وعليها القسمة الثنائية.
فال تعارض بينهما ،وهلذا ف (توحيد املعرفة واإلثبات) هو بالنظر اآلخر= (توحيد الربوبية وتوحيد
األمساء والصفات) ،وكذلك (توحيد القصد والطلب) هو بالنظر اآلخر= (توحيد األلوهية).
يوضحه اجلدول اآليت:
أقسام التوحيد
-2توحيد القصد والطلب -1توحيد املعرفة واإلثبات القسمة
ويسمى :التوحيد العملي الطليب. ويسمى :التوحيد العلمي اخلربي الثنائية
()10
27
توحيد الربوبية
*تعريفه :
*أدلته :
.1دليل اخللق واإلجياد ،فإن وجود املخلوقات وحدوثها –وهو أمر مشاهد باحلس معلوم
بالضرورة-؛ يدل بداهة على وجود خالقها وموجدها ،وقد جاء التنبيه على داللة اخللق يف
اخلَالُِّقو َن{ }35أ َْم القرآن يف عدة مواضع منها قوله تعاىل( :أ َْم ُخلِّ ُقوا ِّم ْن َغ ِّْري َش ْيء أ َْم ُه ُم ْ
نسا ُن أَنَّا ِّ َّ ِّ خلَ ُقوا َّ ِّ
ض بَل ال يُوقنُو َن)الطور ،وقوله تعاىل( :أ ََوَال يَ ْذ ُك ُر ْاإل َ الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ َ
28
َخلَ ْقنَاهُ ِّمن قَْب ُل َوَلْ يَ ُ
ك َشْيئاً)مرمي ، 67وسائر اآليات اليت تذكر اخللق وتتحدث عن وجود
األشياء وصفاهتا تصلح دليالً هنا.
.2دليل العناية واإلتقان والتقدير ،فإن ما نشاهده من العناية باخللق وموافقة املوجودات بعضها
قطعا إال عن لبعض ،وإتقان نظامها على أمت وجه وأكمله؛ يدل على أن ذلك ال يكون ً
خالق مريد لذلك مقدر له ،وقد جاء التنبيه على داللة العناية واإلتقان يف القرآن يف عدة
الس َماء بُُروجاً َو َج َع َل فِّ َيها ِّسَراجاً َوقَ َمراً مواضع منها قوله تعاىل( :تَبَ َارَك الَّ ِّذي َج َع َل ِّيف َّ
َّه َار ِّخْل َفةً لِّ َم ْن أ ََر َاد أَن يَ َّذ َّكَر أ َْو أ ََر َاد ُش ُكوراً)الفرقان، ِّ
ُّمنرياً{َ }61و ُه َو الَّذي َج َع َل اللَّْي َل َوالن َ
ِّ
اّللِّ الَّ ِّذي أَتْ َق َن ُك َّل
صْن َع َّ اجلِّب َال َْحتسب ها ج ِّام َد ًة وِّهي متَُُّر مَّر َّ ِّ
الس َحاب ُ َ َ َ َُ َ َ وقال تعاىلَ ( :وتَ َرى ْ َ
َش ْيء إِّنَّهُ َخبِّري ِّمبَا تَ ْف َعلُو َن)النمل.88
.3ودليل الفطرة..
.4ودليل العقل..
وستأيت بعض هذه األدلة بنوع من التفصيل يف مسألة وجود الرب سبحانه وتعاىل.
29
()11
*موقف الناس من الربوبية (إقرار عامة اخللق به) :
اإلقرار بالربوبية أمر فطري جبلت عليه القلوب ،فال يكاد ينازع فيه أحد من األمم حىت
َىن
اّللُ فَأ َّمشركي قريش كانوا مقرين به ،كما قال تعاىل َ ( :ولَئِّن َسأَلْتَ ُهم َّم ْن َخلَ َق ُه ْم لَيَ ُقولُ َّن َّ
ض لَيَ ُقولُ َّن َخلَ َق ُه َّن ي ْؤفَ ُكو َن)الزخرف ، 87وقال تعاىل (ولَئِّن سأَلْت هم َّمن خلَق َّ ِّ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ َ َ َُ ْ َ َ ُ
يم)الزخرف ،9إىل غري ذلك من اآليات.ِّ ِّ
الْ َعز ُيز الْ َعل ُ
ول ينكر الربوبية إالَّ شذاذ من اخللق أفر ًادا وطوائف من املالحدة-:
والفالسفة الطبائعيون ،الذين ينسبون وجود العال إىل فعل الطبيعة وأهنا أوجدت نفسها ،وهذا ممتنع
خالقا وخملوقًا يف آن واحد ،وسيأيت بيان ذلك مفصالً.
يف بدائه العقول؛ فإن الشيء ميتنع أن يكون ً
30
وطوائف من املالحدة الالدينيون ،الذين ظهروا يف العصور املتأخرة كالشيوعيني وغريهم من احلركات
اإلحلادية.
مجيعا تشملهم بالرد آيةُ الدهرية ،وهم :طائفة من العرب أنكرت البعث فرد هللا عليهم يف وهؤالء ً
ِّ ِّ ِّ
كَّه ُر َوَما َهلُم بِّ َذل َ
وت َوَْحنيَا َوَما يُ ْهل ُكنَا إَِّّال الد ْ
كتابه ،قال تعاىلَ ( :وقَالُوا َما ه َي إَِّّال َحيَاتُنَا الدُّنْيَا َمنُ ُ
ِّم ْن ِّعْلم إِّ ْن ُه ْم إَِّّال يَظُنُّو َن)اجلاثية24؛ فبني سبحانه أن قوهلم هذا اليستند على علم من عقل وال
نقل وال حس وال فطرة ،بل هو حمض خترص وتوهم.
مالزما هلم ،وهلذا كان إنكار بعضهم ظاهرياً مع إقرارهم يف الباطن ،كما وكل هؤالء كان التناقض ً
ف َكا َن ِّ
َنف ُس ُه ْم ظُْلماً َو ُعلُواً فَانظُْر َكْي َ
استَ ْي َقنَْت َها أ ُ
أخرب هللا عن فرعون وقومه بقولهَ (:و َج َح ُدوا هبَا َو ْ
ين)النمل ،14فكان إنكارهم عناداً واستكباراً . ِّ ِّ ِّ
َعاقبَةُ الْ ُم ْفسد َ
إن االعرتاف بوجود هللا تعاىل واإلقرار بربوبيته وأنه اخلالق الرازق املالك املدبر ...اخل من معاين
الربوبية ال يكفي يف حصول اإلسالم ؛ ألمور منها :
-1أن هذا النوع من التوحيد قد أقر به يف اجلملة غالب اخللق ومنهم كفار قريش ،ومع ذلك
اإلسالم بل حكم هللا بكفرهم وكفرهم رسوله صلى هللا عليه وسلم وقاتلهم َ ل يدخلهم
على الكفر.
-2وألن من أقر به ،ول يأت بالزمه وهو توحيد األلوهية كان إقراره هبذا التوحيد (الربوبية )
ناقصاً ،ومن املعلوم أن توحيد األلوهية هو املقصود األعظم وهو الذي ألجله أرسلت
الرسل ،وهو حمل اخلصومة بني الرسل وأعدائهم .
31
فالبد ملن أقر هبذا التوحيد إقراراً كامالً أن يأيت بالزمه وهو توحيد األلوهية .
()12
* توحيد الربوبية يستلزم توحيد األلوهية :
ومعىن هذا :أن من أقر بأن هللا هو اخلالق الرازق املدبر املالك ...اخل من معاين الربوبية ،فإن
الزم ذلك اإلقرار أن ال يصرف العبادة إال هلل وحده أي :ملن تفرد مبعاين الربوبية.
وهلذا كان من طريقة القرآن الكرمي يف تقرير توحيد األلوهية ،االحتجاج بالربوبية اليت يقر هبا مشركو
العرب -يف اجلملة ، -وهذا يف القرآن كثري.
َّاس ْاعبُ ُدواْ َربَّ ُك ُم) هذا توحيد األلوهية ث احتج واستدل عليه بالربوبية مثاله :قوله تعاىل (يَا أَيُّ َها الن ُ
ض فَِّراشاً َو َّ
الس َماء ِّ ين ِّمن قَْبلِّ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَت ُ
َّقو َن * الَّذي َج َع َل لَ ُك ُم األ َْر َ
َّ ِّ َّ ِّ
فقال( :الذي َخلَ َق ُك ْم َوالذ َ
ات ِّرْزقاً لَّ ُك ْم) كل هذا توحيد الربوبية الذي يقرون به السم ِّاء ماء فَأَخرج بِِّّه ِّمن الثَّمر ِّ بِّنَاء وأ ِّ
َ ََ َنزَل م َن َّ َ َ ً ْ َ َ َ َ
َنداداً َوأَنتُ ْم تَ ْعلَ ُمو َن)البقرة22؛ تعلمون ماذا؟ تعلمون :تفرده بالربوبية، ِّ ِّ
،ث قال (فَالَ َْجت َعلُواْ ّلل أ َ
يقول :ملا كنتم تقرون بالربوبية فلماذا تصرفون العبادة ملن ال يستحقها وتشركون مع الرب املتفرد
بالربوبية غريه يف العبادة ؟! .
32
* وجود هللا عز وجل :
هذه املسألة مسألة ُم َسلَّمة ليس فقط عند املسلمني بل عند أكثر اخللق –كما تقدم بيانه يف
موقف الناس من الربوبية ، -إذن فما الداعي لذكرها؟ اجلواب :أن ِبث هذه املسألة يفيد يف:
حماجة املالحدة منكري وجود هللا عز وجل ،ويف زيادة اإلميان والطمأنينة هلذه العقيدة الراسخة يف
قلوب املؤمنني.
وقد دلت األدلة املتنوعة على وجود هللا عز وجل فدليل :الشرع ،والفطرة ،والعقل ،واحلس ،كلها
تدل على ذلك ،وبيان هذه األدلة اجململة على النحو اآليت :
األدلة الشرعية العقلية الواردة يف الكتاب والسنة .فإن األدلة الشرعية على قسمني: -1
أدلة شرعية حمضة كقوله تعاىل( :أقيموا الصالة) وهذه خياطب هبا أهل اإلسالم،
عموما
وأدلة شرعية عقلية أي :متضمنة ألدلة عقلية وهذه خياطب هبا أهل العقول ً
وهذه هي املقصودة هنا ،وهذه األدلة تشمل األدلة اإللزامية واآلمرة بالنظر والتفكر
وتأمل العناية اإلهلية.
اآليات اليت أيد هللا هبا الرسل اليت تسمى :املعجزات ،فإذا كانت من دالئل إثبات -2
النبوة؛ فهي من دالئل إثبات الربوبية من باب أوىل ،فإن النبوة إذا ثبتت علمنا أن
هناك ِّ
مرسالً أرسله يبلغ شرعه.
وما جاءت به الرسل من األحكام املتضمنة للمصاحل الدنيوية واألخروية ،فإذا -3
علمنا موافقة هذه األحكام للناس ،ومشوهلا ملصاحلهم ،وعدم تقصريها يف شيء من
اجلوانب؛ علمنا صدق الرسل وأن هذا الشرع ل يصدر عن بشر ،بل هو من رب
حكيم عليم خبلقه.
33
وما جاءت به الرسل من األخبار الكونية اليت صدَّقها الواقع ،وهذا كالثاين فإنه إذا -4
علم صدق الرسول ثبتت الربوبية من باب أوىل.
وأما الفطرة ؛ فإن كل خملوق مفطور على اإلميان خبالقه دومنا سبق تفكري أو تعليم بل ضرورة
مغروسة يف قلوب اخللق ال ينصرف عن هذه الفطرة إالَّ من طرأت على قلبه الشبه والصوارف ،
ك اّللِّ الَِّّيت فَطَر النَّاس علَي ها َال تَب ِّديل ِّخلْل ِّق َِّّ ِّ
ين َحنِّيفاً فِّطَْرَة َّ وهلذا قال تعاىل (فَأَقِّم وجهك لِّ ِّ
لد ِّ
اّلل َذل َ َ َ َ َْ ْ َ َ ْ َ َْ َ
َّاس َال يَ ْعلَ ُمو َن)الروم ، 30وقال تعاىل يف احلديث القدسي " :خلقت ين الْ َقيِّ ُم َولَ ِّك َّن أَ ْكثَ َر الن ِّ ِّ
الد ُ
عبادي حنفاء كلهم فأتتهم الشياطني فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت هلم ،وأمرهتم
أن يشركوا يب ما ل أنزل به سلطاناً" رواه مسلم ،وقال صلى هللا عليه وسلم " :ما من مولود إالَّ
ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو ميجسانه"رواه البخاري ومسلم ،ول يقل :يسلمانه ؛
ألن اإلسالم هو األصل والفطرة .ولو سئل امللحد عن اعتقاده يف الصغر ألجاب أنه كعامة اخللق
يقر بوجود هللا إال أن يكون نشأ يف بيئة إحلادية فقد يعتقدها متأثرا من الصغر.
وأما داللة العقل على وجوده تعاىل ،فمن أوجه من أشهرها وأحسنها :ما ذكره هللا يف كتابه قال
اخلَالُِّقو َن) الطور ، 35وهذا تقسيم حاصر ؛ فإنتعاىل( :أ َْم ُخلِّ ُقوا ِّم ْن َغ ِّْري َش ْيء أ َْم ُه ُم ْ
االحتماالت ثالثة -:
-1أن توجد هذه املخلوقات صدفة بال خالق ،وهذا حمال ؛ ألن كل حادث البد له من
حمدث .
-2أن توجد هذه املخلوقات نفسها ،وهذا أيضاً حمال ؛ ألن الشيء ال خيلق نفسه ؛ ألنه
قبل وجوده معدوم ،فكيف يكون خالقاً ؟!
-3فإذا بطلت هذه االحتماالت ،فلم يبق إالَّ أن هلذه املخلوقات خالقاً خلقهم وهو هللا
سبحانه وتعاىل ليس هناك خالق غريه.
34
فاملعىن :إذا كان ال يعقل خملوق بغري خالق ،وال معدوم خيلق ؛ فالبد هلم من خالق هو هللا فلم
ال يوحدونه؟
-1إجابة الداعني الذين يدعون هللا فيستجيب هلم ،وحيصل مطلوهبم ،وهذا دليل على
وجوده وإجابته للدعاء .
-2آيات ومعجزات األنبياء اليت شاهدها الناس وتناقلوها فصارت من املتواتر املستفيض عند
مجيع اخللق ،فهي دليل وبرهان على وجود مرسلهم وهو هللا تعاىل .
-3داللة األنفس ،فالتفكر يف خلق اإلنسان القومي وصورته احلسنة وما فيها من العجائب
واألسرار من تأمل يف هذا كله قاده ذلك إىل اإليقان بوجود هللا اخلالق احلكيم .
-4داللة اآلفاق ،فالتفكر يف اآليات الكونية وبديع صنعها وتناسقها كل ذلك مؤد إىل
اإلميان بوجود اخلالق املتفرد بالربوبية .
35
()13
*مظاهر االحنراف يف توحيد الربوبية:
)1إنكار اخلالق :وهؤالء املنكرون خيتلفون يف طرائق إنكارهم ،وقد سبق بيان بعض
أفرادهم وطوائفهم.
خالقني :إله النور؛ خيلق اخلري ،وإله الظلمة؛
)2شرك اجملوس الثنوية :الذين يثبتون للعال َ
خيلق الشر.
36
)3شرك النصارى القائلني باألقانيم الثالثة :الذين جيعلون الرب عندهم ثالثة أقانيم :األب
واالبن وروح القدس.
)4شرك بعض مشركي العرب :الذين يعتقدون يف آهلتهم شيئًا من التدبري والنفع والضر
املستقل.
)5شرك القدرية النفاة :الذين يقولون :العبد خيلق فعل نفسه .فأثبتوا مع هللا ِّ
خالقني كثريين
– وسيأيت تفصيل هذا عند دراسة مسائل القدر يف املستويات القادمة بإذن هللا.-
)6شرك كثري من غالة املتصوفة والرافضة :الذين يعتقدون يف معظميهم من األحياء
واألموات أهنم يتصرفون يف الكون ويقضون احلاجات استقالالً.
وباجلملة فكل من :أنكر اخلالق ،أو شيئًا من خصائص ربوبيته سبحانه ،أو اعتقد يف أحد
املخلوقني شيئًا من خصائص الربوبية ،أو نسبها لغريه تعاىل؛ فقد احنرف يف هذا الباب.
()14
توحيد األمساء والصفات
37
أو تقول :إثبات ما أثبته هللا لنفسه يف كتابه أو على لسان رسوله صلى هللا عليه وسلم من األمساء
الئقا جبالله وعظمته ،مع
والصفات من غري حتريف وال تعطيل وال تكييف وال متثيل إثباتًا حقيقيًّا ً
نفي النقائص عنه سبحانه.
* األسس اليت يقوم عليها توحيد األمساء والصفات عند أهل السنة -:
-1اإلثبات :لكل ما أثبته هللا ورسوله من األمساء والصفات ،ألنه ال أعلم باهلل منه (قُ ْل أَأَنتُ ْم
أ َْعلَ ُم أَِّم اّللُ)البقرة ،140وال أعلم باهلل بعد هللا من رسوله صلى هللا عليه وسلم الذي قال هللا
ِّ ِّ ِّ
وحى) النجم ،4-3واإلثبات عز وجل يف حقه ( َوَما يَنط ُق َع ِّن ا ْهلََوى * إ ْن ُه َو إَّال َو ْحي يُ َ
أيضا إثبات حقيقي ال تبعا ملا يف الكتاب والسنة ،وهو ً عندهم :األصل أنه يأيت مفصالً ً
جمازي ،وإثبات ملا ورد يف الكتاب والسنة الصحيحة مبعىن أنه توقيفي ،وإثبات بال متثيل وال
تكييف.
-2التنزيه (النفي) :تنزيه هللا عز وجل عن أن متاثل صفاته شيئاً من صفات املخلوقني ،قال
صريُ)الشورى ، 11وقال تعاىلَ ( :وَلْ يَ ُكن لَّهُ ُك ُفواً الس ِّميع الب ِّ تعاىل ( :لَي ِّ ِّ ِّ
س َكمثْله َش ْيء َو ُه َو َّ ُ َ ْ َ
ض ِّربُواْ ِّّللِّ األ َْمثَ َال إِّ َّن اّللَ يَ ْعلَ ُم َوأَنتُ ْم الَ تَ ْعلَ ُمو َن) النحل ،74والنفي
َحد) ،وقال( :فَالَ تَ ْأَ
أيضا نفي ملا ورد نفيه يف تبعا ملا يف الكتاب والسنة ،وهو ً عندهم :األصل أنه يأيت جممالً ً
الكتاب والسنة من مجيع النقائص ،والنفي عندهم يتضمن إثبات كما ضد الصفة املنفية ،
فإذا نفوا الظلم مثالً تضمن ذلك إثبات كمال عدله.
-3نفي علم كيفية صفاته عز وجل ،فهم مع إثباهتم للصفة وعلمهم ملعناها ينفون علمهم
بكيفيتها؛ ألنه مما حجب هللا علمه عن خلقه ،قال تعاىل َ ( :وَال ُِّحييطُو َن بِِّّه ِّعْلماً) طه.110
38
()15
* طريقة أهل السنة واجلماعة يف إثبات الصفات هلل ونفيها عنه عزوجل:
39
أوالً :يف اإلثبات ،يثبتون ما أثبته هللا لنفسه يف كتابه أو على لسان رسوله صلى هللا عليه وسلم
من غري حتريف وال تعطيل وال تكييف وال متثيل ،وأهنا صفات حقيقية تليق جبالل هللا تعاىل وال
متاثل صفات املخلوقني؛ فاإلثبات عندهم:
-1األصل أنه يأيت مفصالً يف الكتاب والسنة ،وقد يأيت جممالً يف مواضع.
-2إثبات حقيقي ال جمازي.
-3إثبات ملا ورد يف الكتاب والسنة الصحيحة مبعىن أنه توقيفي.
-4إثبات بال متثيل وال تكييف.
ثانياً :يف النفي ،ينفون ما نفاه هللا عن نفسه يف كتابه أو على لسان رسوله من صفات النقص ،
مع اعتقادهم ثبوت كمال ضد الصفة املنفية ،فإذا نفينا الظلم عن هللا ؛ ألنه نفاه عن نفسه؛ أثبتنا
له كمال العدل؛ فالنفي عندهم:
-1األصل أنه يأيت جممالً يف الكتاب والسنة ،وقد يأيت مفصالً لسبب من األسباب.
-2نفي ملا ورد نفيه يف الكتاب والسنة من مجيع النقائص.
-3النفي عندهم يتضمن إثبات كمال ضد الصفة املنفية ،فإذا نفوا العجز مثالً تضمن ذلك
إثبات كمال قدرته.
ثالثًا :ما مل يرد إثباته وال نفيه ،واملقصود هنا :األلفاظ احلادثة اليت ل ترد يف الكتاب والسنة ،وهذه
األلفاظ تكون حمتملة ملعان صحيحة وأخرى باطلة ،وغالبًا تكون حدثت بعد القرون املفضلة
الثالثة ،وترد يف كالم بعضهم إما على سبيل اإلثبات هلل سبحانه وإما على سبيل النفي؛ فهل
يوصف هللا هبا فتثبت له سبحانه أم تنفى عنه؟
40
اجلواب:
مثاله :لفظ "اجلهة" فهذا ل يرد فيه إثبات وال نفي يف النصوص الشرعية ،فأما اللفظ فنتوقف يف
لفظه؛ ال ننفي وال نثبت لفظه.
41
()16
*قواعد يف الصفات:
أمساء هللا كلها حسىن؛ أي :بالغة يف احلسن كماله قال تعاىلَ ( :وِّّللِّ األ ْ
َمسَاء -1
احلُ ْس َىن)األعراف180؛ وذلك ألهنا متضمنة لصفات كاملة ال نقص فيها بوجه من ْ
الوجوه.
أمسا هللا تعاىل أعالم وأوصاف؛ فهي أعالم باعتبار داللتها على مسمى واحد وهو هللا -2
عز وجل ،وهي هبذا االعتبار مرتادفة.
وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من املعاين ،فلكل واحد منها معىن خاص ،وهي هبذا
االعتبار متباينة؛ لداللة كل واحد منها على معىن خاص.
أمساء هللا إن دلت على وصف ٍّ
متعد تضمنت ثالثة أمور-: -3
أحدها :ثبوت ذلك االسم هلل عز وجل.
والثاين :ثبوت الصفة اليت تضمنها ذلك االسم هلل عز وجل.
والثالث :ثبوت أثر وحكم تلك الصفة ومقتضاها.
مثال ذلك :السميع ؛ تثبته امسًا هلل سبحانه ،وتثبت الصفة اليت دل عليها وهي:
السمع ،وتثبت أثرها وهو :أنه يسمع السر والنجوى.
وإن دلت على وصف الزم غري ٍّ
متعد تضمنت أمرين-:
أحدمها :ثبوت ذلك االسم هلل عز وجل.
والثاين :ثبوت الصفة اليت تضمنها ذلك االسم هلل عز وجل.
مثال ذلك :احلي ؛ تثبته امسًا هلل سبحانه ،وتثبت الصفة اليت دل عليها وهي :احلياة.
42
أمساء هللا سبحانه غري حمصورة بعدد معني؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم" :أسألك بكل -4
أحدا من خلقك أو اسم هو لك مسيت به نفسك أو أنزلته يف كتابك أو علمته ً
احلديث رواه أمحد وغريه .وما استأثر هللا به يف
َ استأثرت به يف علم الغيب عندك "...
علم الغيب ال ميكن ألحد حصره وال اإلحاطة به.
وأما قوله صلى هللا عليه وسلم" :إن هلل تسعة وتسعني امسًا من أحصاها دخل اجلنة"
متفق عليه؛ فمعناه :أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل اجلنة ،فال دليل فيه
على حصر مجيع األمساء يف هذا العدد.
43
()17
صفات هللا الثابتة له تعاىل كلها صفات كمال النقص فيها بوجه من الوجوه ،قال -5
تعاىلَ ( :وِّّللِّ الْ َمثَ ُل األ َْعلَ َى)النحل ،60أي :الوصف األعلى.
صفات هللا عز وجل تنقسم إىل قسمني :ثبوتية ،وسلبية (منفية). -6
واملراد بالثبوتية :ما أثبته هللا لنفسه يف كتابه أو على لسان رسوله صلى هللا عليه
وسلم ،وكلها صفات كمال ال نقص فيها بوجه من الوجوه كما تقدم كاحلياة والعلم
والقدرة واالستواء على العرش والنزول إىل السماء الدنيا والوجه واليدين وغريها.
واملراد بالسلبية أو املنفية :مانفاه هللا عن نفسه يف كتابه أو على لسان رسوله صلى
هللا عليه وسلم ،وكلها صفات نقص يف حقه تعاىل ،كاملوت والنوم واجلهل والنسيان
والعجز وغريها.
44
ومثاهلا :العلم والقدرة والسمع والبصر والعزة واحلكمة والعلو.
واملراد بالفعلية :الصفات اليت تتعلق باملشيئة ،إن شاء فعلها وإن شاء ل يفعلها،
كاالستوء والرضا والغضب.
ومن الصفات ما يكون ذاتياً وفعلياً ،ذاتيا باعتبار أصله وفعليا باعتبار آحاده وأفراده
كصفة الكالم.
أمساء هللا وصفات هللا عز وجل توقيفية ؛ مبعىن أنه ال جمال فيها للعقل وال الرأي ، -8
فاليثبت هلل تعاىل من األمساء والصفات إال ما دل الكتاب والسنة على ثبوته.
(طرق معرفة الصفات) :داللة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة من أوجه منها: -9
)1التصريح بالصفة مثل قوله تعاىل (بل يداه مبسوطتان).
)2تضمن االسم للصفة كقوله (وهو السميع البصري) تضمنا صفة السمع والبصر.
)3التصريح بالفعل الدال على الصفة كقوله (الرمحن على العرش استوى) .
)4نفي صفة نقص يتضمن ثبوت كمال ضد تلك الصفة املنفية ،مثاله :نفي
الظلم عنه تعاىل كما يف اآليات يتضمن إثبات كمال عدله تعاىل ،فأخذنا من
نفي صفة الظلم إثبات صفة العدل –وإن كانت الصفات الثابتة هبذا الطريق
ثابتة بالطرق الثالثة األخرى.-
-10باب الصفات أوسع من باب األمساء؛ ألن كل اسم يؤخذ منه صفة ،وال عكس ،ومرد
هذا أن باب األمساء والصفات توقيفي ،فال يثبت له من األمساء إال ما ورد تسميته به
كما سبق.
مثال ذلك" :الرمحن" اسم ثابت له سبحانه؛ فيؤخذ منه صفة الرمحة ،لكن ال يؤخذ من
صفة "اجمليء واإلتيان" أمساء له سبحانه؛ فال يقال :اجلائي واآليت.
45
()18
* بعض الصفات اإلهلية:
)1صفة العلو:
-العلو من الصفات الذاتية.
-وعلو هللا تعاىل يشمل ثالثة أمور - :
.1علو الذات ،ومعناه أن هللا بذاته فوق خلقه .
.2علو القدر،ومعناه أن هللا ذو قدر عظيم ال يساويه فيه أحد من خلقه ،وال يعرتيه
معه نقص .
.3علو القهر ،ومعناه أن هللا تعاىل قهر مجيع املخلوقات فال خيرج أحد منهم عن
سلطانه وقهره .
-وصفة العلو ثابتة بالكتاب والسنة واإلمجاع والعقل والفطرة-:
يم) البقرة.255 ِّ ِّ
فمن الكتاب قوله تعاىل َ (:و ُه َو الْ َعل ُّي الْ َعظ ُ
ومن السنة قوله صلى هللا عليه وسلم " :ربنا هللا الذي يف السماء"رواه أمحد ،وإقراره اجلارية
حني سأهلا " :أين هللا ؟" ،قالت :يف السماء ،فلم ينكر عليها ،بل قال لسيدها" :أعتقها
فإهنا مؤمنة" رواه مسلم ،ويف حجة الوداع أشهد النيب صلى هللا عليه وسلم ربه على إقرار
46
أمته بالبالغ ،وجعل يرفع إصبعه إىل السماء ث ينكتها إىل الناس ،وهو يقول " :اللهم
اشهد" رواه مسلم.
وأما اإلمجاع على علو هللا؛ فهو معلوم بني السلف ول يُعلم أن أحدا منهم قال خبالفه .
وأما العقل؛ فألن العلو صفة كمال ،وهللا سبحانه متصف بكل كمال ،فوجب ثبوت
العلو له.
وأما الفطرة؛ فإن كل إنسان مفطور على اإلميان بعلو هللا ،ولذلك إذا دعا ربه وقال :
يارب ،ل ينصرف قلبه إال إىل السماء .
-والذي أنكره اجلهمية وحنوهم من املبتدعة من أقسام العلو؛ علو الذات ،ونرد عليهم مبا
سبق يف األدلة.
)2صفة الكالم:
-وهو صفة ذاتية باعتبار أصله ،وفعلية باعتبار آحاده.
-وقول أهل السنة يف كالم هللا :أنه صفة من صفاته ،ل يزل وال يزال يتكلم ،بكالم حقيقي
بصوت -ال يشبه أصوات املخلوقني -وحروف ،يتكلم مبا شاء ومىت شاء وكيف شاء،
وأدلتهم على ذلك كثرية منها-:
وسى تَكْلِّيما)النساء. 164 قوله تعاىل َ (:وَكلَّ َم َّ
اّللُ ُم َ
وسى لِّ ِّم َيقاتِّنَا َوَكلَّ َمهُ َربُّهُ)األعراف.143
وقوله تعاىل َ ( :ولَ َّما َجاءَ ُم َ
ور األمين َوقَ َّربْنَاهُ ََِّنيا) -والدليل على أنه بصوت قوله تعاىل (:ونَ َاديْنَ ُاه ِّم ْن َج ِّ
انب الطُّ ِّ
َ
مرمي .52ومن السنة قوله صلى هللا عليه وسلم " :يقول هللا تعاىل :يا آدم .فيقول :لبيك
وسعديك .فينادي بصوت أن هللا يأمرك أن خترج من ذريتك بعثاً إىل النار ،فيقول:يا
ريب،وما بعث النار"..احلديث متفق عليه.
47
اجلَنَّةَ) البقرة35؛
ك ْ اس ُك ْن أنت َوَزْو ُج َ -ودليلهم على أنه ِبروف قوله تعاىلَ (:وقُْلنَا يَا َاد ُم ْ
فمقول القول هنا حروف .
وسى لِّ ِّم َيقاتِّنَا َوَكلَّ َمهُ َربُّهُ) األعراف143؛
-ودليلهم على انه مبشيئة قوله تعاىلَ (:ولَ َّما َجاءَ ُم َ
فالتكليم حصل بعد جميء موسى عليه الصالة والسالم .
-وكالم هللا صفة ذات باعتبار أصله؛ فإن هللا ل يزل وال يزال قادراً على الكالم متكلماً،
وصفة فعل باعتبار آحاده؛ ألن آحاد الكالم تتعلق مبشيئته مىت شاء تكلم.
48
()19
)3صفة االستواء:
-استواء هللا على عرشه من الصفات الفعلية.
-ومعىن استواء هللا على عرشه :علوه واستقراره عليه ،وقد جاء عن السلف تفسريه بالعلو
واالستقرار والصعود واالرتفاع.
استَ َوى) ط ه . 5وقد ذكر يف سبعة مواضع من الر ْمحَ ُن َعلَى الْ َع ْر ِّش ْ
-ودليله :قوله تعاىلَّ ( :
القرآن يف سورة :األعراف ،ويونس ،والرعد ،وطه ،والفرقان ،وتنزيل السجدة ،واحلديد.
-واملبتدعة حيرفون صفة االستواء عن معناها الصحيح ،ويفسروهنا باالستيالء وامللك ويرد
عليهم مبا يأيت :
.1أن هذا التفسري والتأويل خالف ظاهر النص.
.2أنه خالف ما فسره به السلف.
49
.3أنه يلزم عليه لوازم باطلة.
-واملراد بالعرش هنا :ما استوى هللا عليه ،وهو من أعظم خملوقات هللا ،بل أعظم ما علمنا
منها ،فقد جاء عن النيب صلى هللا عليه وسلم أنه قال " :ما السماوات السبع واألرضون
السبع بالنسبة إىل الكرسي إال كحلقة ألقيت يف فالة من األرض ،وإن فضل العرش على
الكرسي كفضل الفالة على تلك احللقة" رواه الطربي يف تفسريه.
)4صفة الرؤية:
-الرؤية صفة من صفات هللا الذاتية الثابتة له حقيقةً على الوجه الالئق به.
-وهي مبعىن :البصر ،وهو إدراك املرئيات واملبصرات.
يع امسع وأرى)ط ه .46وقوله تعاىل (:وهو َّ ِّ
السم ُ َ َُ -ودليلها قوله تعاىل ( :إنين َم َع ُك َما َْ ُ َ َ
صريُ)الشورى. 11الْب ِّ
َ
-وقد تطلق الرؤية ويراد هبا :العلم ،ودليلها قوله تعاىل(:اهنُ ْم يََرْونَهُ بَعِّيدا * َونََراهُ قَ ِّريبا)املعارج6
7 -؛أي :نعلمه .
أيضا :النصر والتأييد مثل قوله تعاىل ( :ال َختَافَا إنينوإذا أريد هبا البصر فإنه قد يتضمن ً
اّللَ يََرى)
أمسَ ُع َو َأرى)ط ه ،46وقد يتضمن التهديد كقوله تعاىل (:ا َلْ يَ ْعلَ ْم بأن َّ
َم َع ُك َما ْ
العلق. 14
50
()20
*مظاهر االحنراف يف باب األمساء والصفات:
أو :إثبات كيفية الصفة ،مثاله :كأن يقول املكيف :استواء هللا على عرشه كيفيته كذا وكذا
-تعاىل هللا عن ذلك.-
أو :إثبات مماثل للصفة ،مثاله :كأن يقول :يد هللا مثل يد اإلنسان -تعاىل هللا عن ذلك.-
والفرق بني التكييف والتمثيل :أن التمثيل مقيد بذكر مماثل خبالف التكييف ؛ فصار التمثيل
تكييفا وزيادة.
ً
والتفويض :واملراد بالتفويض يف الصفات :إثبات ألفاظها مع ترك التعرض لبيان املعىن -5
وتفسريها ،واعتقدوا أهنا جمهولة املعىن ال يعلمها إال هللا تعاىل.
وينتبه هنا إىل الفرق بني :العلم مبعىن الصفة ،والعلم بكيفية الصفة؛ فاألول معلوم،
والثاين ال سبيل إىل العلم به.
ويرد عليهم :بأنه ميتنع أن يكون باب العلم باهلل –الذي هو أشرف أبواب الدين-
موصداً فال نقل وال عقل يؤدي إليه!
52
أيضا :أن هللا أنزل كتابه بلسان عريب مبني وأمر عباده بتعقله وتدبر معانيه؛ فدل
ويقال ً
على إمكان العلم باملعاين ،أما الكيفيات واحلقائق يف باب الصفات واألخبار الغيبية؛
فهي اليت يفوض علمها إىل هللا تعاىل ،وليست املعاين اليت أمرنا بتدبرها.
أيضا :قولكم هذا يلزم منه جتهيل سلف هذه األمة وجعلهم مبنزلة األميني الذين
ويقال ً
ال يعلمون الكتاب إال أماين ،وهلذا فقد وجل من قبلكم أهل الكالم إىل باب التأويل ،ملا
ظنوا أن السلف جهلوا هذا الباب؛ فزعموا :أن منهج السلف أسلم ومنهج أهل الكالم
أعلم وأحكم ،فضللتم أنتم وإياهم يف عدم معرفة قدر السلف ووصفهم باجلهل.
وباجلملة فاللفظ اجلامع هلذه األلفاظ كلها هو( :اإلحلاد يف األمساء والصفات) الذي حذرنا هللا عز
َمسَآئِِّّه َسيُ ْجَزْو َن َما َكانُواْ
ين يُْل ِّح ُدو َن ِّيف أ ْ َّ ِّ ِّ (وِّّللِّ األ ْ
احلُ ْس َىن فَ ْاد ُعوهُ هبَا َوذَ ُرواْ الذ َ
َمسَاء ْ وجل منه بقولهَ :
يَ ْع َملُو َن) األعراف. 180
أيضا-:
ومن أنواع اإلحلاد يف األمساء ً
إنكار شيء منها أو مما تضمنته من الصفات كفعل اجلهمية مثالً. -1
تسمية هللا عز وجل مبا ل ِّ
يسم به نفسه كما مساه النصارى أبًا. -2
اعتقاد داللتها على مماثلة هللا تعاىل خللقه كفعل املمثلة. -3
اشتقاق أمساء منها للمعبودات غريه سبحانه كما اشتق مشركو العرب ألصنامهم ، -4
العزى من العزيز ،والالت من هللا على قول.
53
*أشهر الفرق املخالفة يف باب األمساء والصفات:
-1اجلهمية :نسبة إىل اجلهم بن صفوان وهو من أوائل من قال بالتعطيل ونفي الصفات عن هللا
وقد أخذ عقيدته هذه عن اجلعد بن درهم ،ومذهبهم يف الصفات :ينفون األمساء والصفات
مجيعا.
-2املعتزلة :رأسهم واصل بن عطاء الغزال ،مسوا باملعتزلة ألن واصالً اعتزل جملس احلسن بعد أن
خالفه يف حكم مرتكب الكبرية ،ومذهبهم يف الصفات :يثبتون األمساء وينفون الصفات.
-3األشاعرة :نسبة إىل أيب احلسن علي بن إمساعيل األشعري –لكن يتنبه إىل أن أبا احلسن قد
أمورا أخرى
رجع إىل منهج أهل السنة واجلماعة لكن بقي األتباع على هذه العقيدة الفاسدة وزادوا ً
ل يكن يقل هبا أبو احلسن ،وأبو احلسن مر مبراحل ثالث يف حياته -1 :كان معتزليا -2ث انتقل
ملذهب الكالبية مع آراء انفرد هبا وخالف فيها ابن كالب -3ث صرح برجوعه عن ذلك إىل
مذهب أهل السنة واجلماعة كما يف آخر كتبه واليت منها كتاب اإلبانة.-
-4املمثلة :وهم الذين ميثلون صفاته تعاىل بصفات املخلوقني ،وهذا موجود يف بعض الفرق
املخالفة.
* وأهل السنة واجلماعة براء من هؤالء كلهم؛ ألهنم ينفون التحريف والتعطيل ،وينفون التكييف
والتمثيل ،فهم يثبتون هلل عز وجل الصفات اليت أخرب عنها سبحانه يف كتابه أو على لسان رسوله
54
صلى هللا عليه وسلم ،إثباتًا حقيقيًا يليق جبالل هللا وعظمته من غري مماثلة املخلوقني ،على حد قوله
تعاىل(:ليس كمثله شيء وهو السميع البصري).
وصلى هللا وسلم وبارك على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني.
55