You are on page 1of 8

‫العلمانية‬

‫· ‪, lundi 16 avril 2012, 19:31‬سوريا علمانية ۞ ‪par Secular Syria‬‬

‫‪‬‬ ‫نقصد بالعلمانية‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬الضرورة االجتماعية والسياسية لفصل الممارسات الحكومية أو الدستورية أو‬
‫ضا للداللة على ذلك المبدأ الداعي‪ ،‬سواء في‬ ‫القضائية عن الدين و‪/‬أو عن المعتقدات الدينية‪ F،‬لكن التعبير يستعمل أي ً‬
‫الممارسات العامة أو الخاصة‪ ،‬إلى تفضيل األفكار والقيم العلمانية على الطرائق والقيم الدينية‪F‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما يعني‪ ،‬أنه من أحد جوانبها‪ ،‬يمكن أن تفهم العلمانية بأنها المبدأ الداعي إلى االنعتاق من القوانين الدينية وما تبشر‬
‫به‪ ،‬وإلى االنعتاق من فرض المؤسسات والحكومات الدين على الناس ضمن إطار دولة تتخذ موقفًا حياديًا في‬
‫‪.‬قضايا اإليمان‪ ،‬وال تعطي األديان أية امتيازات و‪/‬أو أية مساعدات خاصة‬

‫‪ ‬‬

‫اختلفت الحجج التي تؤيد العلمانية من بلد إلى آخر ومن عصر إلى آخر‪ .‬ففي أوروبا ارتبطت العلمانية بحركة‬
‫التنوير والحداثة التي أدت في نهاية المطاف إلى االبتعاد عن القيم الدينية التقليدية وإلى فصل المؤسسات الدينية‪F‬‬
‫عن الدولة التي أضحت مل ًك ا لجميع مواطنيها بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو الفلسفية‪ ،‬وهي في الواليات‬
‫المتحدة ارتبطت بتأسيس الدولة وساهمت في حماية الدين من التدخالت الحكومية‬

‫‪ ‬‬

‫جورج هولي أوك (‪)1906 – 1817‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقد استخدم التعبير ألول مرة عام ‪ 1846‬من قبل الكاتب والفيلسوف البريطاني جورج هولي أوك‪ .‬لكن‪ ،‬ورغم أن‬
‫هذا التعبير كان حديثًا بحد ذاته‪ ،‬إالّ أننا نجد دائ ًم ا عبر التاريخ تلك المفاهيم العامة التي استند إليها‪ ،‬والمرتبطة‬
‫بحرّية التفكير؛ وخاصةً بالنسبة لنا كعرب‪ ،‬نجد هذه المفاهيم لدى أولئك الفالسفة الذين كانوا يدعون إلى التمييز‬
‫بين الفلسفة وبين الدين كابن رشد ومدرسته على سبيل المثال‬

‫‪ ‬‬
‫في علمانية الدولة‬

‫‪ ‬‬

‫بوسعنا أن نقول‪ ،‬من الناحية السياسية‪ ،‬أن العلمانية هي اتجاه وفهم وممارسة يهدف إلى فصل الدين عن الحكومة‪،‬‬
‫ما يعني تخفيف الصالت بين هذه األخيرة وبين ما يمكن تصوّره دينًا للدولة بحيث تستبدل القوانين المستندة إلى‬
‫الكتب المقدسة (كالتوراة واألناجيل والقرآن) بقوانين مدنية تلغي أي تمييز بين األفراد على أساس ديني؛ ما يعني‪،‬‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬تعميق الديموقراطية وحماية حقوق األقليات الدينية‪F‬‬

‫‪ ‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يفضل العلمانيون أن تتخذ مؤسسات الدولة والقضاء‪ ،‬ومن خاللها السياسيون‪ ،‬قراراتها من‬
‫منطلقات علمانية وليس دينية؛‪ F‬ويمس هذا‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬مفاهيم مدنية واجتماعية كالزواج والطالق واألرث‪،‬‬
‫إلخ‪ ...‬وقد أضحى هذا المفهوم مقبوالً‪ ،‬بشكل أو بآخر‪ ،‬في معظم أرجاء العالم‪ ،‬ولم يعد يرفضه في أيامنا هذه إالّ‬
‫األصوليون (من المسيحيين والمسلمين واليهود) الذين ما زالوا إلى اليوم في مجتمعاتنا ‪-‬ومع األسف‪ -‬قوة سلبية‬
‫‪.‬مؤثرة‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬

‫في المجتمع العلماني‬

‫‪ ‬‬

‫تتجلى العلمانية في المجتمعات المعاصرة‪ ،‬وخاصة الغربية منها‪ ،‬بقبول مبدأ الح ّرية الدينية الكاملة‪ .‬حيث بوسع‬
‫المرء أن يؤمن بأي دين أو أن ال يؤمن على اإلطالق‪ ،‬أن يبقى على دينه أو أن يتحول إلى دين آخر بكل حرّية‪.‬‬
‫وهذا ألنها مجتمعات ال تقرر األديان فيها سياسات الدولة التي يفترض أن تخدم المصالح المشتركة لجميع‬
‫مواطنيها ‪ -‬مع التأكيد أن هذا ال يعني البتة رفض األديان و‪/‬أو محاربتها‬

‫‪ ‬‬

‫‪:‬من هذا المنطلق يمكن تعريف المجتمعات العلمانية بأنها‬

‫‪ ‬‬
‫المجتمعات التي ترفض التماهي الكلّي مع أية رؤية أو مفهوم محدد لطبيعة الكون ولدور اإلنسان فيه ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫المجتمعات التعددية وليست المجتمعات المتجانسة وذات اللون الواحد ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫المجتمعات التي تؤمن بالتسامح وتمارسه‪ ،‬ما يعطي هام ًشا أوسع للحرية الفردية ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪:‬ما يعني أن القيم التي تستند إليها المجتمعات العلمانية هي‬

‫‪ ‬‬

‫االحترام الكبير لحقوق األفراد واألقليات ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫العدالة بين الجميع ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫المساواة في الفرص المؤمنة أيضًا للجميع ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫تخطي كل الحواجز العرقية واإلثنية والطبقية ‪-‬‬

‫‪ ‬‬

‫الخالصة‬

‫‪ ‬‬

‫يمكن أن تكون العلمانية أخالقيًا‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬وكما ع ّرفها ذات يوم جورج هولي أوك مجرد‬

‫‪ ‬‬

‫مد ّو نة واجبات مدنية تنطلق من اعتبارات إنسانية محضة‪ ...‬وتستند إلى ثالث مبادىء أساسية تقول‬

‫أن تحسين هذه الحياة ممكن بوسائط مادية – ‪1‬‬

‫أن العلم يمكن أن يكون طريقًا لتحقيق هذا الهدف – ‪2‬‬

‫أنه من الجيد فعل الخير‪ ،‬وسواء وجد شكل آخر للخير أم لم يوجد‪ ،‬فإنه من الجيد السعي لتحقيق هذا الخير – ‪3‬‬

‫‪ ‬‬
‫__________________________________‬

‫تمت التهيئة من موسوعات مختلفة‬

‫ترجمة‪ :‬أ‪ .‬أنطاكي‬

‫العلمانيّة في مواجهة التفكيك الطائفي‬


‫· ‪, dimanche 25 septembre 2011, 15:11‬سوريا علمانية ۞ ‪par Secular Syria‬‬

‫وضع الربيع العربي أسسا ً جديدة لمستقبل مختلف‪ ،‬فال عودة إلى ما كانت عليه عقلية الحكم التي مارستها معظم األنظمة‪،‬‬
‫‪:‬لكن يبقى السؤال‬

‫هل ستنتج تلك الثورات أنظمة ديموقراطية حقيقية‪ ،‬تلبي طموحات الشباب العربي وتؤسس لبلدان وأنظمة متطوّرة؟‬

‫‪ ‬‬

‫أن هناك ظاهرة مخيفة ظهرت في السنوات األخيرة‪ ،‬وتحديداً منذ احتالل العراق‪ ،‬وتط ّورت تطوراً‬ ‫ال يخفى على أحد ّ‬
‫ً‬
‫‪،‬ملحوظا بعد بدء الثورات في البلدان العربية‪ ،‬هي ظاهرة العودة إلى العصبيات الطائفية والمذهبية‪F‬‬

‫فما يشهده العراق اليوم هو حرب طائفية حقيقية‪ .‬كذلك تستعر نار الطائفية في مصر‪ ،‬إلى ح ّد دعا بعض مجموعات ‪ ‬‬
‫أن الوضع في مصر وصل إلى مرحلة المواجهات الطائفية‪ ،‬ويستلزم ذلك جهداً مخلصا ً‬ ‫المجتمع المدني إلى التحذير من ّ‬
‫لنزع الفتيل قبل فوات األوان‪ .‬أما في سوريا‪ ،‬فمما ال شك فيه ّ‬
‫أن جذور األزمة تعود إلى انقسامات طائفية تاريخية‪ .‬وفي‬
‫لبنان‪ ،‬شهدت السنوات األخيرة خطابا ً طائفيا ً خطيراً‪ ،‬رغم شعارات الوحدة الوطنية والعيش المشترك‪ ،‬فبات كل مواطن‬
‫لبناني مشدوداً إلى طائفته على نحو غير مسبوق‪ ،‬حتى بات التلطي وراء الطائفة سلوكا ً ينتهجه كل فرد‪ ،‬ويمنحه حصانة‬
‫‪.‬مميزة في وجه المحاسبة والعقاب‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫الخطير في المشهد اليوم هو تقاطع األوضاع في الدول العربية مع ما كان يرسم من استراتيجيات وخطط للمنطقة‪ ،‬منذ‬
‫انتهاء الحرب العالمية‪ ،‬وصوالً الى ما س ّم ي الشرق األوسط الجديد‪ .‬وال ننسى حين وصفت كوندوليزا رايس حرب تموز‬
‫‪ 2006.‬بمخاض الشرق األوسط الجديد‬

‫أن اإلمعان في المشهد الحالي يستحضر الكثير من االستراتيجيات التي رسمتها‬ ‫ال يحبّذ الكثيرون نظريات المؤامرة‪ ،‬إال ّ‬
‫دول فاعلة ومراكز ق ّوة‪ ،‬لضمان مصالحها هنا‪ .‬المفكر اإلسرائيلي أوديد‪ F‬ينون‪ ،‬مثالً‪ ،‬كان قد وضع في ‪ 1982‬استراتيجية‬
‫تحت عنوان «استراتيجية إلسرائيل في الثمانينيات والتسعينيات» تح ّولت إلى مرتكز تقوم عليه سياسة إسرائيل في المنطقة‪،‬‬
‫‪.‬وتهدف إلى تقسيم الشرق األوسط إلى دويالت طائفية ضعيفة‬

‫‪ ‬‬
‫يقول ينون في معرض تصويره للمنطقة العربية‪« :‬هذا العالم العربي اإلسالمي‪ ،‬بمجموعاته الطائفية وانقساماته وأزماته‬
‫الداخلية التي تع ّد عامل تدمير ذاتي مدهش كما نرى في لبنان‪ ،‬هو غير قادر على التعامل بفعالية مع مشاكله األساسية‪،‬‬
‫وبالتالي ال يمثّل خطراً على دولة إسرائيل على المدى البعيد‪ ،‬هذا العالم سيكون عاجزاً عن االستمرار بصيغته الراهنة إذا لم‬
‫إن العالم اإلسالمي العربي مصنوع كبيت من ورق مؤقت‪ ،‬صممته الدول‬ ‫يجر تغييرات جذرية تواكب المرحلة المقبلة‪ّ .‬‬
‫ِ‬
‫الغربية بصيغته الراهنة‪ ،‬وقسّم قسراً إلى ‪ 19‬دولة مؤلفة من جماعات مذهبية وطائفية تحمل العدائية بعضها لبعض‪،‬‬
‫فإن كل دولة عربية تواجه فتيل تفكك طائفي إثني اجتماعي‬ ‫‪».‬وبالتالي ّ‬

‫إن السادات عبّر في إحدى خطبه عن قلقه من أن‬‫ويتابع‪« :‬في مصر‪ ،‬هناك أكثرية سنية حاكمة تواجه أقلية مسيحية‪ ،‬حتى ّ‬
‫تطالب األقليات المسيحية بدولة مستقلة‪ ،‬شيء يشبه لبنان المسيحي في مصر‪ .‬سوريا ال تختلف عن لبنان إال بنظامها‬
‫العسكري القوي ‪,‬أما دول الخليج‪ ،‬والمملكة العربية السعودية ضمنها‪ ،‬فهي مبنية كبيت ضعيف من الرمال‪ ،‬في الكويت يمثّل‬
‫‪».‬الكويتيون ربع السكان‪ ،‬في البحرين األكثرية شيعية لكنّها محرومة من الحكم‬

‫‪ ‬‬

‫ويحدد ينون أهداف االستراتيجية كاآلتي‪ :‬العمل على تقسيم مصر إلى مناطق محددة جغرافياً‪ ،‬وتقسيم سوريا والعراق إلى‬
‫‪.‬مناطق طائفية ومذهبية‪ F‬مثل لبنان‪ ،‬وذلك من األهداف الرئيسية إلسرائيل على الجبهة الشرقية‬

‫‪ ‬‬

‫يحلّل الكاتب آالن شوييه‪ ،‬مدير االستخبارات الفرنسي السابق‪ ،‬في كتابه «في قلب االستخبارات الخاصة‪ :‬التهديد اإلسالمي‬
‫‪،‬ـــــ أرضية خاطئة وأخطار حقيقية»‪ ،‬واقع الثورات العربية‬

‫إن المشكلة هي في «انتقال الدول إلى الديموقراطية بعدما فرضنا عليها أنظمة ديكتاتورية ألكثر من خمسين عاماً»‪،‬‬
‫ويقول ّ‬
‫ّ‬
‫فالديموقراطية هي عملية ذاتية‪ ،‬تتك ّون داخل مجتمع وال تفرض من الخارج أو عبر السالح‪ .‬ويذكر بمخطط الشرق األوسط‬
‫الجديد انطالقا ً من كيسنجر الذي رسم تصوراً للمنطقة‪ ،‬والمفكر أوديد ينون الذي رأى أنّ المصلحة االستراتيجية إلسرائيل‬
‫وألميركا في المنطقة هي بتفكيكها إلى دويالت ومجموعات طائفية‪ .‬ويبرر ذلك وجود إسرائيل في الدرجة األولى كدولة‬
‫‪.‬إثنية‪ ،‬ويجعلها محاطة بدويالت ضعيفة ال تمثّل تهديداً على المدى البعيد‬

‫‪ ‬‬

‫إنّ تصوير المنطقة على أسس طائفية‪ ،‬يتجلى في نمط التفكير المعتمد‪ ،‬الذي تروج له إسرائيل يوميا ً‪ .‬وفي دراسة للكاتب‬
‫أن هناك مشكلة هوية حقيقية في البلدان العربية‪ ،‬حيث يغلب‬ ‫افريم هايفي نشرها «مركز أورشليم للشؤون االجتماعية»‪ ،‬جاء ّ‬
‫ّ‬
‫االنتماء الطائفي أو القبلي االنتماء إلى الوطن أو الجماعة ككل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمثل ذلك أزمة لتلك البلدان على المدى البعيد‪ .‬وفي‬
‫أن االستراتيجية األفضل للتغلب على الجمهورية اإلسالمية‬ ‫معرض تحليلها للصراع اإلسرائيلي مع إيران‪ ،‬رأت الدراسة ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪.‬ليست الوسائل العسكرية‪ ،‬بل خلق مجموعة من البلدان الفاعلة في المنطقة ترى في إيران الشيعية تهديدا مباشرا لها‬

‫أن البلدان العربية اإلسالمية تضطهد المسيحيين‪ ،‬وتر ّكز‬


‫وتر ّو ج دراسة نشرها «الموقع اإلسرائيلي للعلوم والتكنولوجيا» ّ‬
‫على النزوح المسيحي‪ ،‬مشبّهة إياه بالنزوح الذي يتعرض وتعرض له اليهود‪ .‬وتقول الدراسة‪« :‬ال يقتصر التعصب‬
‫اإلسالمي العربي ضد غير المسلمين على اليهود فقط‪ .‬فطوال قرون‪ ،‬قام العرب باضطهاد منهجي للمسيحيين واليهود على‬
‫‪».‬حد سواء‪ .‬تضاءلت الطوائف المسيحية في البلدان العربية إلى أعداد ضئيلة مع الهجرة الجماعية للمسيحيين من المنطقة‬

‫‪ ‬‬

‫إنّ إسقاط الطابع اإلسالمي على دول المنطقة هو استراتيجية إسرائيلية متقدمة‪ ،‬تبرر من خاللها وجودها كدولية إثنية‪،‬‬
‫إن خلق دويالت طائفية وإثنية حول إسرائيل‪،‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬كدولة ديموقراطية وحيدة‪ ،‬حليفة للغرب‪ .‬ويقول شوييه في هذا السياق ّ‬
‫يخدم االستراتيجية األميركية واإلسرائيلية على المدى الطويل‪ .‬مثالً‪ ،‬خلق دويالت‪ :‬مارونستان‪ ،‬دروزستان‪ ،‬عالويستان‪...‬‬
‫ي مواطن عربي يدرك تلك‬ ‫أن أ ّ‬‫تكون عاجزة وضعيفة وتمثّل دوالً عازلة بين إسرائيل وما س ّماه المحيط السني‪ .‬الالفت ّ‬
‫‪.‬المخططات جيداً‪ ،‬لكن نرى في المقابل انحدارا غريبا إلى الطائفية والمذهبية‪F‬‬
‫ً‬ ‫ً‬

‫‪ ‬‬
‫يرى شوييه «أنّ الثورات العربية األخيرة صنعها شباب متحمس‪ ،‬مع وسائل تقنية متطورة وديموقراطية‪ .‬تلك الفئة من‬
‫الشباب غير المنظم حزبيا ً ستتالشى على الصعيد السياسي‪ ،‬ليحل محلّها أشخاص أكثر جدية‪ ،‬ضالعون بالعمل السياسي»‪.‬‬
‫أن األحزاب‬‫ينطلق شوييه من تلك الفكرة ليجزم بأنّه «ال يوجد حاليا ً إال اإلخوان المسلمون للقيام بذلك الدور‪ ،‬وخاصة ّ‬
‫العلمانية األخرى فشلت في اكتساب شعبية على المستوى السياسي»‪ .‬ويتابع‪« :‬إنّ الواليات المتحدة وحلفاءها األوروبيين‬
‫ينظرون إلى اإلخوان المسلمين اليوم على أنّهم يمثلون اإلسالم المعتدل في المنطقة»‪ .‬ورأى ّ‬
‫«أن الواليات المتحدة تؤدي‬
‫دوراً رئيسيا ً في األحداث في المنطقة‪ ،‬فهي ال تملك المال‪ ،‬وبالتالي لم تعد‪ F‬قادرة على مد الجيوش العربية بالدعم‪ ،‬تحديداً‬
‫الجيش المصري‪ ،‬ولذلك يجب أن تخلق أنظمة جديدة تستطيع أن تضبط الشعوب العربية من دون أن تضطر الواليات‬
‫‪».‬المتحدة إلى الدفع لها مقابل ذلك‪ .‬لكن ما يلزمها هو سلطة مدنية سياسية تكون رافعة للجيش من دون أن تسيطر عليه‬

‫يطرح المراقبون أسئلة من نوع‪ :‬هل تخطط الواليات المتحدة فعليا ً لخلق أنظمة شبيهة بالنموذج التركي‪ ،‬أي التزاوج بين‬
‫إن الخطورة في ذلك تكمن في ّ‬
‫أن الواليات المتحدة ال تتطلع بالفعل إلى أنظمة ديموقراطية‬ ‫سلطة الجيش وحزب إسالمي؟ ّ‬
‫علمانية ليبرالية‪ .‬ج ّل ما تريده واشنطن هو خلق أنظمة تستطيع أن تسيطر على شعوبها بأقل كلفة ممكنة‪ .‬فحدود‬
‫الديموقراطية المطلوبة تكمن في ضمان مصالح الواليات المتحدة في المنطقة‪ .‬الديموقراطية في تركيا يختصرها رئيس‬
‫إن الديموقراطية مثل الباص‪ ،‬نترجل منها عند الوصول‬ ‫‪».‬الوزراء التركي رجب أردوغان بقوله الشهير ّ‬

‫‪ ‬‬

‫يقول المفكر والكاتب األميركي‪ ،‬نوام تشومسكي‪ ،‬إنّ الواليات المتحدة وحلفاءها سيحاولون القيام ما في وسعهم لمنع‬
‫الديموقراطية األصيلة في العالم العربي‪ .‬السبب بسيط جداً‪ ،‬فاألغلبية الساحقة من السكان في الدول العربية تتطلع إلى‬
‫الواليات المتحدة باعتبارها التهديد‪ F‬الرئيسي لمصالحها‪ ،‬وتتصرف واشنطن على هذا األساس‪ :‬ما دام هناك ديكتاتور مطيع‪،‬‬
‫فاتركه يفعل ما يشاء‪ .‬وينطبق ذلك على الدول النفطية تحديداً‪ .‬أما في وضع مصر وتونس مثالً‪ ،‬فاللعبة هي كاآلتي‪ :‬لديك‬
‫ديكتاتور تحبه‪ ،‬لكنّه يواجه المشاكل‪ ،‬ادعمه إلى أقصى حدود‪ ،‬وإذا لم يعد باإلمكان دعمه‪ ،‬فتخ ّل عنه وأرسله إلى مكان‬
‫آخر‪ ،‬أطلق شعارات رنانة حول الديموقراطية وحقوق اإلنسان والربيع اآلتي‪ ،‬ثم أع ّد النظام القديم‪ ،‬لكن بأسماء جديدة‪.‬‬
‫‪...‬هذا ما فعلته الواليات المتحدة سابقا ً في هاييتي‪ ،‬وتايوان‪ ،‬وكوريا الجنوبية‬

‫‪ ‬‬

‫‪،‬نعم‪ ،‬تحتاج الشعوب العربية إلى فرصة للتغيير‬

‫‪.‬ولكن يجب أال تتح ّول تلك الحاجة إلى مطيّة تستغلها أجندة خارجية لتطبيق «سايكس بيكو» جديد‬

‫‪ ‬‬

‫‪.‬فالعلمانية تُ َع ّد حالً جذريا ً لخلق أنظمة ديموقراطية حقيقية تكون ضامنة للتعدد الديني والحقوق‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫أن األحزاب العلمانية فشلت في تأسيس أرضية صلبة ألفكارها وتطلعاتها‪ ،‬ويعود ذلك إلى عوامل ع ّدة متراكمة‪ .‬ولكن‬
‫إال ّ‬
‫ّ‬
‫التح ّوالت الجارية في المنطقة اليوم‪ ،‬والتحديات التي تواجه الشعوب العربية قد تساهم في إخراج تلك األحزاب من أزمتها‬
‫‪.‬وطرح مشاريعها بديالً من التقوقع الطائفي والتعصّب المد ّمر‬

‫‪ ‬‬

‫لذلك‪ ،‬يجب على القوى الحيّة‪  ‬أن تسارع إلى تقديم نموذج فريد ومغاير لما يرسم للمنطقة‪ ،‬وتطوير ذاك النموذج عبر اعتماد‬
‫العلمانية وفصل الدين عن الدولة‪ ،‬وتحديث المجتمع المدني بدءاً بالتعليم إلى اعتماد إدارة شفافة بعيدة عن المحاصصات‬
‫‪.‬الطائفية تكون الكفاءة الركن األساسي فيها‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫فادي عبّود ‪ :‬وزير السياحة اللبناني*‬

‫‪ ‬‬

‫‪http://www.al-akhbar.com/node/22051‬‬

‫)‪(40‬‬
‫و بعد‪ ،‬فان كثيراً من المعترضين على مقاالتي قد تمسكوا بالحجة القائلة إن تطبيق الشريعة هو اآلن مطلب شعبي واسع‬
‫النطاق‪ .‬و لست أملك أن أخالف رأيهم في هذه المسألة‪ ،‬و لكن كل ما أستطيع أن أرد به عليهم هو أننا نشأنا في بلد اسالمي و‬
‫ظللنا عشرات السنين ال نعرف اال مواطنين متدينين معتدلين‪ F‬يمارسون العبادة من خالل العمل و الكفاح في سبيل النهوض‬
‫بأنفسهم و مجتمعهم‪ ،‬و لم تكن صيحة المطالبة بتطبيق الشريعة إال صي‬
‫حة خافتة ال تأثير لها على المجرى العام لحياة الناس‪ .‬هذه هي صورة الدين كما عرفه شعبنا طوال أجيال عديدة‪ .‬أما الموجة‬
‫الحالية فانها برغم انتشارها الواسع‪ ،‬ظاهرة جديدة و دخيلة على التدين المصري العاقل الهادئ‪ .‬و كأي ظاهرة دخيلة‪ ،‬ينبغي‬
‫علينا أن نتعقب أسبابها إلى عوامل طارئة‪ ،‬كالقمع و التسلط الفكري و السياسي و انعدام المعارضة و النقد‪ ،‬و إلى عوامل‬
‫خارجية مثل سعي الثروة البترولية إلى تأمين نفسها‪ ،‬و بحث القوى المعادية لتقدمنا عن وسيلة لتخدير عقولنا و تفريق‬
‫‪.‬صفوفنا و صرف انتباهنا عن خصومنا الحقيقيين في الداخل و الخارج‬

‫"د‪ .‬فؤاد زكريا ‪ -‬من كتابه "الحقيقة والوهم في الحركة اإلسالمية المعاصرة‬

‫)‪(39‬‬
‫و أخيراً فان هذا الحلم الوردي يؤدي بأصحابه إلى المبالغة في تأكيد قدرة أولي األمر‪ ،‬في المجتمع المثالي الذي يدعون‬
‫إليه ‪ ،‬على تطوير تعاليم الدين بحيث يستطيع المجتمع أن يواجه بها تحديات القرن الحادي و العشرين‪ .‬فهل لهذا األمل ما‬
‫يبرره؟‬
‫لكي نجيب عن هذا السؤال دعونا نستشهد بمثال واحد‪ .‬فقد ظل العالم االسالمي سنوات طويلة عاجزاً عن االتفاق على تحديد‪F‬‬
‫موعد بدء الشهور القمرية‪ ،‬و اختلف المسلمون مراراً في ت‬
‫حديد اليوم الذي يبدأ فيه الصوم أو عيد الفطر‪ ،‬و كان مرجع هذا االختالف هو االصرار على تفسير كلمة "الرؤية" في‬
‫الحديث "صوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته" على انها تعني الرؤية بالعين المجردة‪ ،‬و العجز عن االعتراف بأن األجهزة‬
‫الفلكية هي أدق وسيلة لحساب موعد بدء الشهور القمرية‪ .‬و في كل عام تثار من جديد قضية "الرؤية" و ترفض المؤسسات‬
‫‪.‬و المنظمات الدينية‪ ،‬الرسمية منها و غير الرسمية‪ ،‬أي تفسير غير رؤية الشهود بعيونهم الكليلة‬
‫و لم نسمع طوال عشرات السنين عن جماعة اسالمية من الجماعات المطالبة بتطبيق الشريعة‪ ،‬اتخذت موقفا ً حاسما ً و‬
‫وافقت على مراعاة هذا الحد األدنى من المرونة في تلك المسألة البسيطة‪ ،‬و أغلب الظن أن موعد شهر رمضان في عام‬
‫‪ 2000‬سيتحدد أيضا ً في ضوء ما يراه شيوخ يجهدون عيونهم الضعيفة ساعة الغروب‪ ،‬و أغلب الظن أيضا ً أن البالد‬
‫العربية ستظل في مطلع القرن القادم عاجزة عن االتفاق على مطلع شهر الصوم أو نهايته‪ ،‬فاذا كنا نواجه كل هذا القدر من‬
‫الجمود في مسألة بسيطة كهذه فهل نستطيع أن نطمئن إلى قدرة هذه المؤسسات و الجماعات على تكييف عقيدتها على نحو‬
‫يتيح لها أن تواجه تحديات عصر العقول االلكترونية و السفر بين الكواكب ؟ أال يدعونا هذا المثل الواضح إلى الشك في كل‬
‫ما يقدمونه إلينا من امنيات باسم هذا الحلم الوردي؟‬

‫د‪ .‬فؤاد زكريا ‪ -‬من كتابه "الحقيقة والوهم في الحركة اإلسالمية المعاصرة‬
‫‪J’aime · · Partager‬‬

‫)‪(28‬‬
‫و اليضاح طبيعة ظاهرة العنف و دورها في تكوين هذه الجماعات لننظر إلى شيوع ظاهرة "التكفير" عندهم‪ ،‬و سهولة‬
‫إطالق هذا الوصف‪ .‬فالدولة في هذا العصر "كافرة"‪ ،‬و من ال يحكم بالشريعة اإلسالمية و يطبق حدودها "كافر"‪ ،‬و من‬
‫يفكر في غير االطار االسالمي البحت "كافر"‪ ،‬بل ان المسلم الذي ال يسايرهم في تفسيراتهم هو في بعض االحيان "كافر"‪،‬‬
‫و ربما كان لفظ "كافر" هو أكثر األلفاظ تردداً على ألسنة المتهمين في تحقيقات ت‬
‫‪.‬نظيم الجهاد‬
‫و هنا ينبغي أن ننتبه إلى أن صفة "الكفر" هذه ليست في اإلطار الفكري لهذه التنظيمات شيئا ً هينا ً على االطالق‪ .‬فهي ال‬
‫تعبر عن معارضة أو استنكار أو نقد عقلي فحسب‪ .‬بل انها إدانة كاملة‪ ،‬و إحالل للدم و المال‪ ،‬و "محو" من الوجود‪ .‬و كل‬
‫من تلصق به هذه الصفة ينبغي استئصاله و الغاؤه و إخراجه من مجال الفكر و الواقع‪ .‬فالتكفير حكم باالعدام يتخذ طابعا ً‬
‫معنويا ً طوال الوقت الذي ال تكون القدرة على تنفيذه الفعلي متوافرة‪ ،‬و لكن بمجرد أن تكتمل هذه القدرة يصبح تنفيذه أمراً‬
‫ضرورياً‪ ،‬و يتم تطبيقه عمليا ً بكل هدوء نفس و راحة ضمير‪ ،‬ألنه يصبح عندئذ واجبا ً دينياً‪ F،‬و مثوبة في الدنيا و مدخالً إلى‬
‫‪.‬الجنة في اآلخرة‬
‫و بعبارة أخرة فإن التكفير هو المقابل الديني للسجن و القمع و التعذيب و االعدام الذي تملكه السلطة الدنيوية‪ .‬و اذا كانت‬
‫الحكومة تستطيع أن تعزل خصومها عن المجتمع و تسكت ألسنتهم أو توقف نبضات قلوبهم‪ ،‬فان الجماعة الدينية تفعل هذا‬
‫الشيء نفسه مع من يعارضها‪ ،‬و لكن بطريقتها الخاصة‪ ،‬و اذا كان هذا المحو من الوجود في الحالة األخيرة ال يتخذ الشكل‬
‫المادي في معظم األحيان‪ ،‬فما ذلك إال ألنهم ال يحكمون‪ ،‬و ال يملكون زمام األمور‪ ،‬و لو حكموا لطبقوا هذا "المحو من‬
‫‪.‬الوجود" على نحو أوسع بكثير مما تمارسه الحكومات العلمانية مهما بلغت درجة دمويتها‬
‫و هكذا فإن العنف و كما هو جزء ال يتجزأ من االسلوب العسكري في الحكم‪ ،‬فإنه بقدر أكبر ينتمي إلى صميم البناء الذهني‬
‫للجماعة الدينية‪ F‬المتطرفة‪ .‬و مجرد استخدام أفراد هذه الجماعة على نطاق واسع للتعبير "فالن كافر" أو "هذه الدولة أو‬
‫المؤسسة كافرة" يعادل بالضبط استخدام حاكم مثل السادات لتعبير "الذي يعارض سأفرمه"‪ .‬بل ان سحق الخصوم يكون‬
‫أشد عنفا ً في الحالة األولى‪ ،‬ألنه يتم عندئذ‪ F‬بضمير مستريح و ال يقترن على االطالق بذلك الوعي بالقسوة و البطش‬
‫‪.‬المقصود لذاته الذي يكون لدى الحاكم العلماني المستبد‪F‬‬

‫"د‪ .‬فؤاد زكريا ‪ -‬من كتابه "الحقيقة والوهم في الحركة اإلسالمية المعاصرة‬
‫‪J’aime · · Partager‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪13 personnes aiment ça.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫)‪(25‬‬
‫و بعد هذا كله‪ ،‬دعونا نفكر في النموذج الذي تقدمه هذه االتجاهات المتطرفة لشبابنا‪ ،‬لتلك األلوف المؤلفة من‬
‫إخوتنا و أبنائنا في الوطن‪ ،‬الذين ينضمون إلى هذا الفكر بال وعي‪ ،‬و لكن بحماسة جارفة‪ ،‬هل نرضى نحن بحق‬
‫أن تكون صورة شبابنا هي صورة ذلك الفتى الذي يغمض عينيه أو يحلق بها في السماء و ال يعرف كيف يبتسم أو‬
‫يضحك من كل قلبه ‪ ،‬و الذي ال يستمتع بالفنون وال يطرب لها ‪ ،‬و يمتنع عن مشاهدة التلفزيون (كما كان‬
‫‪‬‬ ‫خالد االسالمبولي يفعل)‪ ،‬أو تلك الفتاة التي ترى أن نظرتها إليك في عينيك عندما تخاطبك حرام ‪ ،‬و التي تلف‬
‫نفسها بألف غطاء و غطاء ألنها تفترض ضمنا ً أن أنوثتها عيب ‪ ،‬و أن عيون الرجال ال تقع عليها إال لكي تشتهيها‬
‫‪ ،‬و أن عليها هي أن تدفع ثمن أطماع الرجال على حين أن الطامعين أنفسهم ال يتحملون شيئا ً ؟ هل النموذج الذي‬
‫نريده ألبنائنا هو ذلك الشباب المطيع الذي يعطل عقله و يلغيه و بتبارى مع غيره في التراشق بالنصوص بدالً‪ F‬من‬
‫أن ينتقد و يفكر و يبدع‪ F‬الجديد ؟ أليس من واجب المفكر المسؤول أن ينبه إلى هذا المرض الذي يزداد انتشاره‬
‫يوما ً بعد يوم حتى لو كان يعلم بأنه يعرض بذلك سالمته الشخصية للخطر إزاء جماعة يضيق صدرها بالمناقشة‬
‫المنطقية التي لم تتعود عليها ‪ ،‬و تلجأ كلما ضاقت بها الحجة إلى حسم الجدال بقبضة اليد ؟‬

‫"د‪ .‬فؤاد زكريا ‪ -‬من كتابه "الحقيقة والوهم في الحركة اإلسالمية المعاصرة‬

You might also like