You are on page 1of 7

‫المقالة‬

‫المقارنة الداخلية‬
‫المادة ‪:‬اللغة في علم التطبيقي‬
‫المحاضر‪:‬الدكتور يوسيك سومنتو الماجيستير‬
‫الدكتور رضي حارسك المجيستير‬

‫إعداد الطالب‬

‫أحمد بدوي ‪19003888 :‬‬

‫ريا أغستنا‪19003900 :‬‬

‫الدراسة العليا‬
‫الجامعة اإلسالمية الحكومية بميترو‬

‫‪2020‬ﻡ ‪1441/‬ﻫ‬

‫‪1‬‬
‫المقارنة الداخلية‬ ‫‪.1‬‬
‫ق دميًا ق الوا‪ :‬ال حيي ط باللُّغ ة إاَّل ن يب‪ ،‬وه ذا ح ّق‪ ،‬إذ ال يوج د إنس ان يع رف‬
‫«ك ل» اللغ ة‪ ،‬وإمنا ك ل من ا يع رف «ج زءًا» من اللغ ة‪ ،‬وق د يتغ ري ه ذا «اجلزء»‬
‫ل دى ك ل إنس ان حس ب تغ ري «األدوار» ال يت ينهض هبا يف احلي اة االجتماعي ة‪،‬‬
‫ومعظمن ا «ينس ى» بعض م ا يعرف ه من لغت ه‪ ،‬و«يتعلم» أش ياء جدي دة يف مس رية‬
‫ه‪.‬‬ ‫حيات‬
‫ومن املس تحيل – ب دهيًّا– أن نعلِّم اللغ ة «كلَّه ا»‪ ،‬وإمنا حنن مض طرون أن نعلم‬
‫«أج زاء» من اللغ ة‪ .‬وه ذا املب دأ الط بيعي ال ب د أن يف رض مب دأ آخ ر‪ ،‬ه و مب دأ‬
‫«االختيار»؛ إذ طاملا أنك ال تستطيع أن تأخذ الشيء «كله»‪ ،‬وإمنا أنت مضطر أن‬
‫فأي أبعاضه ختتار؟‬
‫تأخذ «بعضه»؛ َّ‬
‫و«االختي ار» الب د أن يف رض مب دأ آخ ر‪ ،‬ه و «املقارن ة»؛ ف أنت ال تس تطيع‬
‫أن «ختت ار» إاَّل بع د أن «تق ارن»‪ ،‬من أج ل ذل ك الب د لتعليم اللغ ة من‪ ‬‬
‫«املقارنة»‪ ،‬وهذه املقارنة ضربان‪ ،‬مقارنة داخل اللغة ذاهتا‪ ،‬ومقارنة خارج اللغة‪.‬‬
‫واملقارنة األوىل هي موضوع حديثنا اآلن‪.‬‬
‫واللغ ة ليس ت «ش يئًا» واح ًدا ميكن ك أن حتاص ره وتقبض علي ه يف ص ندوق‬
‫واحد؛ فال توجد لغة إنسانية جتري على منط واحد‪ ،‬وال على مستوى واحد‪ ،‬وإمنا‬
‫اللغ ة الواح دة مس تويات وأن واع‪ ،‬ولكي «ختت ار» م ادة لتعليم اللغ ة ألبنائه ا أو لغ ري‬
‫أبنائها فإنه ال بد من االختيار بني أنواع اللغة الواحدة‪.‬‬
‫هناك هلجة الفرد ‪Idiolect‬؛ إذ كل منا له طريقته يف النطق‪ ،‬وله خصائصه‬
‫الص وتية ال يت متيزه من غ ريه‪ ،‬ولك ل من ا اختيارات ه من األلف اظ‪ ،‬ومن اجلم ل‪ .‬وأنت‬

‫‪2‬‬
‫تع رف ص ديقك حني تس تقبل ص وته يف اهلاتف‪ ،‬وكث ًريا م ا تق ول‪ :‬نعم ه ذا كالم‬
‫‪1‬‬
‫فالن‪ ،‬أو‪ :‬ال ميكن أن يصدر هذا عن فالن‪.‬‬
‫وهن اك اللهج ات اإلقليمي ة اجلغرافي ة ‪Regional dialects‬؛ إذ نلح ظ‬
‫خص ائص متيز هلج ة الس هول من هلج ة اجلب ال‪ ،‬وهلج ة الص حراء من هلج ة احلواض ر‪،‬‬
‫وهلج ة املن اطق الزراعي ة من هلج ة الس واحل‪ ،‬وهي خص ائص جتري على مس تويات‬
‫أيض ا‪ .‬والبالد املتقدم ة تص نع «أط الس» لغوي ة ألقاليمه ا املختلف ة‪.‬‬ ‫اللغ ة كله ا ً‬
‫وهناك اللهجات االجتماعية ‪Social dialects‬حيث جند فروقًا واضحة بني هلجة‬
‫الطبقة العاملة‪ ،‬وهلجة الطبقة الوسطى‪ ،‬وهلجة الطبقات الغنية‪.‬‬
‫وهناك اللهج ات اخلاصة ‪ Les argots‬ال يت متيز مهنة من مهن ة ومي دانًا من‬
‫ميدان؛ فثمة هلجة لألطباء‪ ،‬وللنجارين‪ ،‬واحلدادين‪ ،‬والصيادين‪ ،‬واللصوص‪ ،‬وهناك‬
‫لغ ة خاص ة بأه ل الق انون‪ ،‬وبرج ال ال دعوة الديني ة‪ ،‬وب دوائر االقتص اد‪...‬‬
‫أيض ا ليس ت‬
‫هن اك «عامي ات» جتري على مس تويات‪ ،‬وهن اك اللغ ة الفص يحة‪ ،‬وهي ً‬
‫واحدا‪ ،‬وإمنا هلا مستويات كثرية‪.‬‬
‫«شيئًا» ً‬
‫يف كل لغة توجد فصيحة «عامة»‪ ،‬متثل «النمط» العام‪ ،‬وهي تلك اللغة اليت‬
‫نراه ا يف وس ائل اإلعالم املق روءة واملس موعة واملرئي ة‪ ،‬ونراه ا يف احملاض رات العام ة‪،‬‬
‫والتقارير السياسية واالجتماعية وغريها‪.‬مث جتد لغة فصيحة لكل ميدان؛ فهناك لغة‬
‫ألهل القانون‪ ،‬وأخرى للمعلقني الرياضيني‪ ،‬وثالثة لعلماء النفس ‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫مث جند اللغة «الفنية» يف فنون األدب املختلفة من شعر ومسرح وقصة ومقال‪،‬‬
‫وهي لغ ة ال تس ري على «النم ط» الع ام‪ ،‬وإمنا هي «َت ْع ِدل» عن ه‪،‬‬
‫أو «تنحرف» عنه كما يقول اللغويون‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لقسم‪-‬العام‪/‬الملتقى‪-‬العلمي‪-‬المفتوح‪-42337 /‬علم‪-‬اللغة‪-‬التطبيقي‪-‬المقارنة‪-‬الداخلية‪-‬عبده‪-‬الراجحي‬

‫‪3‬‬
‫ويف معظم اللغ ات توج د فص يحة «معاص رة»‪ ،‬وفص يحة «تراثي ة»‪ .‬وفص يحة‬
‫ال رتاث ليس ت – ك ذلك– ش يئًا واح ًدا‪ ،‬وإمنا هي جتري على «مس تويات» حتددها‬
‫بدعا يف شيء من ذلك‪ ،‬وإمنا هي لغة طبيعية‬ ‫طبيعة الرتاث ذاته‪.‬واللغة العربية ليست ً‬
‫جيري عليها ما جيري على كل اللغات الطبيعية‪.‬‬
‫هينً ا كما‬
‫ماذا «خنتار» من كل ذلك حني خنطط لتعليم اللغة؟ إن األمر ليس ِّ‬
‫ترى؛ إذ ال بد من جهد علمي جاد‪ ،‬يبدأ باملقارنة بني هذه املس تويات مث االختيار‬
‫منها وف ًق ا للمعايري اليت سنعرض هلا عند حديثنا عن «حمتوى» املقررات الدراسية‪.‬‬
‫على أنه من املهم أن نشري هنا إىل أن مثة اتفاقً ا بني العلماء على أن أفضل «منوذج»‬
‫ميكن اختياره من اللغة هو النموذج الذي ميتاز «بالعمومية» و«الشمول» بأن يكون‬
‫«أوس ع» انتش ًارا‪ ،‬و«أك ثر» اس تعمااًل ‪ ،‬و«أق ل» تقي ًدا‪ ،‬وأن تك ون ل ه «ج ذور»‬
‫تارخيي ة‪ ،‬وامت داد «ثق ايف»‪ .‬وس وف ن رى أمهي ة ه ذا املب دأ عن د ح ديثنا عن اختي ار‬
‫املستوى اللغوي يف العربية‪.‬‬
‫من الوسائل الفنية الضرورية يف مبدأ «املقارنة» الداخلية من أجل «اختيار»‬
‫األن واع اللغوي ة يف التعليم وس يلة «اإلحص اء» اللغ وي للوص ول إىل م ا يع رف‬
‫ة‪.‬‬ ‫يوع» يف اللغ‬ ‫«بالش‬
‫إن الظ واهر اللغوي ة ال تتس اوى يف نس بة «تردده ا» يف االس تعمال‪ ،‬وهي ختتل ف من‬
‫ميدان آلخر‪ ،‬ومن زمن آلخر‪ ،‬والدراسات تؤكد أن نسبة شيوع ظاهر ٍة ما ختتلف‬
‫يف النصوص الرتاثية عنها يف النصوص املعاصرة‪.‬‬
‫ولك ل موق ف لغ وي «ش فراته» اخلاص ة ال يت تُع د عالم ة مميزة ل ه ‪Marker‬‬
‫حني تك ون ذات نس بة عالي ة من الش يوع‪ ،‬وق د تك ون ه ذه «الش فرة» حنوي ة‬
‫كاستعمال املبين للمجهول يف التقارير العلمية‪ ،‬أو استخدام مجلة الشرط يف الصياغة‬

‫‪4‬‬
‫القانوني ة‪ ،‬وق د تك ون –كم ا ه و يف األغلب– «معجمي ة» حني جند ألفاظً ا معين ةً‬
‫ترتفع نسبة شيوعها يف مواقف خاصة‪.‬‬
‫ودراس ة ه ذا الن وع من الش يوع مهم ج دًّا يف تعليم اللغ ة؛ ألن ه ن وع من‬
‫التحديد األسلويب‪ ،‬وإن كنا منيزه عن علم األسلوب ‪ Stylistics‬الذي يتوفر على‬
‫أديب م ا‪ .‬لذلك يفض ل كث ري من العلماء أن يطل ق‬ ‫دراسة لغ ة أديب ف رد‪ ،‬أو لغة فن ٍّ‬
‫على دراسة الشيوع يف «املواقف» اللغوية مصطلح علم األسلوب العام ‪General‬‬
‫‪.Stylistics‬‬
‫أيض ا أن نلفت إىل أن «الشيوع» ليس مسألة «مطلقة»‪ ،‬وإمنا هو مسألة‬ ‫ومن املهم ً‬
‫«نسبية»؛ ألن الشيوع معناه أن نقيس «حدوث» ظاهرة ٍ‬
‫لغوية ما بالنسبة «للزمن»‪.‬‬
‫وليظه ر ل ك ذل ك نض رب مثاًل مبعجم لغ وي ينتظم نص ف ملي ون كلم ة‪ ،‬إذا‬
‫حاولت أن تقرأه كلمة كلمة فإن قراءته تستغرق ثالثة أيام‪ ،‬وإذا حاولت أن تعطي‬
‫لكل كلمة زمنً ا مساويًا لألخرى فإن كل كلمة قد تنتظر ثالثة أسابيع كي تتكرر‬
‫مرة أخرى‪ .‬ذلك أن بعض الكلمات يتكرر كل مخس ثوان‪ ،‬وبعضها ال يتكرر إاَّل‬
‫على فرتات زمنية متباعدة‪.‬‬
‫وقد أجريت دراسات إحصائية عن الشيوع اللغوي من مواد مكتوبة يف عدد‬
‫ف كلم ة األوىل ال يت هي أك ثر‬ ‫من اللغات توصلت إىل نتائج متقاربة؛ أمهه ا أن األَلْ َ‬
‫حنوا من ‪ % 90‬من اللغ ة املس تعملة‪ ،‬وأن األل ف الثاني ة متث ل‬ ‫يوعا متث ل نس بتها ً‬
‫ش ً‬
‫‪ ،%6‬والثالث ة ‪ ،% 2.5‬والب اقي ‪ . %1.5‬وه ذه نت ائج مهم ة ج دًّا؛ ألهنا تكش ف‬
‫عن أن ال ذي حنتاج ه يف ص لب التعليم اللغ وي ي رتكز يف ه ذه األَلْ ف األوىل‪ ،‬لكن‬
‫ا؟‬ ‫ل إليه‬ ‫ف نص‬ ‫كي‬
‫إن منهج معرف ة «الش يوع» النس يب لظ اهرة لغوي ٍة م ا يقتض ينا أن نفحص «عين ة»‬
‫كبرية جدًّا من اللغة‪ ،‬مث جنري عليها إحصاء يؤدي إىل التعبري الرقمي عن الشيوع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫واإلحصاء اللغوي – بطبيعته – عملية موضوعية‪ ،‬وإن كان ال خيلو حىت اآلن‬
‫من عي وب؛ ألنن ا يف األغلب جنري اإلحص اء على م واد «مكتوب ة»‪ ،‬وهي ال متث ل‬
‫اللغ ة كله ا‪ ،‬وحنن حني خنت ار ه ذه املواد ف إن االختي ار يك ون «ذاتيًّا» إىل ح د م ا‪،‬‬
‫ولذلك نلحظ فروقًا يف نسبة الشيوع اليت أجراها باحثون عن ظاهرة واحدة نتيجة‬
‫واد‪.‬‬ ‫ارهم للم‬ ‫ة اختي‬ ‫طريق‬
‫ومع ذلك فإن هذا ال يقدح يف «منهجيتها» طاملا أهنا جتري على «مناذج متنوعة»‪،‬‬
‫وتستند إىل نظرية صاحلة يف علم اللغة االجتماعي عن االستعمال اللغوي‪.‬‬
‫على أن عملي ة اإلحص اء اللغ وي ليس ت آلي ة أو هين ة كم ا يب دو‪ ،‬وإمنا هي‬
‫حتت اج إىل جه د حقيقي‪ ،‬وإىل معرف ة لغوي ة تتس م بالش مول؛ فنحن حني‬
‫حنصي األلفاظ مثاًل فإننا ال حنصيها بوصفها ألفاظًا منطوقة فحسب؛ أي مكونة من‬
‫أص وات‪ ،‬وإمنا حنص يها مرتبط ة «مبعانيه ا»‪ ،‬وه ذه هي القض ية‪ .‬وحنن ال نس تطيع أن‬
‫لفظة ما إاَّل مبعرفة جمموعة من «العالقات» اليت هلذه اللفظة باأللفاظ‬ ‫حندد «معىن» ٍ‬
‫األخرى‪ ،‬وهذه هي اليت نطلق عليها العالقات الداللية ‪Semantic relations‬‬
‫كالرتادف واالشرتاك والتقابل‪.‬‬
‫واحلق أن دراسة كل لفظة إمنا هي دراسة «لشبكة» من عالقات املعىن؛ أي‬
‫إنن ا يف احلق ال نع رف املع ىن الكام ل للفظ ٍة م ا إاَّل بع د أن نع رف مع ىن األلف اظ ال يت‬
‫ت دخل معه ا يف عالق ات داللي ة‪ .‬ويف تعليم اللغ ة ال نبتغي من وراء دراس ة الش يوع‬
‫معرفة أن لفظةً ما «مقبولة» دالليًّا‪ ،‬وإمنا لكي نعرف كيف «نستعملها»‪ ،‬أي نعرف‬
‫كيف تكون «مالئمة» للموقف‪.‬‬
‫ودراس ة الش يوع يف األلف اظ ال غ ىن عن ه يف تعليم اللغ ة‪ ،‬وال ميكن‬
‫مقياس ا موضوعيًّا ملا‬
‫تصور حمتوى تعليمي دون أن تسبقه هذه الدراسة؛ ألنه يقدم له ً‬
‫يع رف «ب التحكم يف املف ردات» ‪ Vocabulary control‬ولنض رب مثاًل على‬
‫‪6‬‬
‫فأي هذه الكلمات خنتار‬ ‫ذلك بكلمات مثل‪ :‬روضة‪ ،‬حديقة‪ ،‬بستان‪ ،‬جنة‪ ،‬جنينة‪َّ .‬‬
‫للص ف األول االبت دائي‪ ،‬وأيه ا خنت ار بع د ذل ك؟ من الواض ح أن ذل ك ال ميكن أن‬
‫يكون عشوائيًّا وإاَّل سقط تعليم اللغة يف االضطراب‪.‬‬
‫م ا ينطب ق على الش يوع يف األلف اظ ينطب ق على الظ واهر اللغوي ة األخ رى؛‬
‫الص رفية والنحوي ة‪ .‬مثاًل ‪ :‬م ا نس بة ش يوع التص غري‪ ،‬وبعض مجوع التكس ري‪ ،‬وبعض‬
‫املصادر‪ ،‬وبعض الصيغ الفعلية؟ وما نسبة شيوع «ما فتئ‪ ،‬وما برح‪ ،‬وما انفك» يف‬
‫األفع ال الناس خة؟ وم ا نس بة ش يوع «إ ْن‪ ،‬وال‪ ،‬والت» ال يت تعم ل عم ل ليس؟‬
‫وسوف نرى ما أفضى إليه غياب املنهج العلمي يف دراسة الشيوع على تعليم العربية‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه يف مكان‬ ‫رض ل‬ ‫حني نع‬
‫من الواضح إذن أننا ال نستطيع أن نعلِّم اللغة بأن «نغرتف» منها حسبما نشاء‪ ،‬أو‬
‫وف ق م ا تس وق إلي ه «الص دفة»‪ ،‬وإمنا ال ب د من «اختي ار» موض وعي‪ ،‬ينهض على‬
‫«مقارن ة» موض وعية داخ ل اللغ ة أواًل ‪ ،‬وه ذا املب دأ ج وهري يف تعليم اللغ ة ألبنائه ا‬
‫(‪.‬‬
‫ولغري الناطقني هبا على السواء‬

‫‪7‬‬

You might also like