You are on page 1of 117

‫جامعة العربي بن مهيدي‪-‬أم البواقي‪-‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫جريمة اختالس األموال العمومية‬

‫في التشريع الجزائري‬

‫مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر‬


‫‪ -‬شعبة الحقوق‪ -‬تخصص قانون جنائي لألعمال‬

‫مدير المذكرة‪:‬‬ ‫الطالب‪:‬‬


‫األستاذة نور الهدى زغبيب‬ ‫عبداهلل بوساحة‬

‫‪ -‬لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيســــــــــــــــــــــــــا‪.‬‬ ‫أستاذ مساعـــــــد‬ ‫جامعة أم البواقي‬ ‫‪ -1‬األستاذ عبدالعزيز شمـــــالل‬

‫مشرفا و مقررا‪.‬‬ ‫أستاذ مساعـــــــد‬ ‫جامعة أم البواقي‬ ‫‪ -2‬األستاذة نور الهدى زغبيب‬

‫عضوا ممتحنـــــا‪.‬‬ ‫أستاذ مساعــــــــد‬ ‫جامعة أم البواقي‬ ‫‪ -3‬األستاذ سفيان ناصـــــــــــــري‬

‫السنة الجامعية‪2016/ 2015 :‬‬


‫{ قال هللا تعاىل }‬

‫بسم هللا الرمحن الرحمي‬

‫{ َو َل تَأْ ل لُكو ْا َأ ْم َوالَ لُك بَيْنَ لُك اِبلْ َبا اط ال َوت ْلدللو ْا ِبا َا ا َىل الْ لح اَّك ام‬
‫ِ‬
‫ال َتأْ ل لُكو ْا فَ اريق ًا ام ْن َأ ْم َو اال النا ااس اِبل ْ اْث َو َأ ل ْنُت تَ ْعلَ لم َ‬
‫ون }‬
‫ِ‬
‫صدق هللا العظمي‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫)سورة البقرة الآية ‪(188‬‬


‫اىل س وجودي و رضامه بعد هللا و رسوهل َأيب و أيم‬

‫اىل اخويت و أخوايت و أفراد عائليت‬

‫اىل من اكنوا يل س ندا يف احلياة‬

‫اىل لك من علمين حرفا‬

‫اليُك مجيعا أهدي مثرة هجدي هذا‪.‬‬

‫عبدهللا بوساحة‪.‬‬
‫أتقدم بأمسى عبارات الشكر و التقدير للك من ساعدين‬
‫عىل ابراز هذا اجلهد‪ ،‬و أخص ِبذلكر الس تاذة احملرتمة‬
‫نورالهدى زغبيب اليت تفضلت بقبول الرشاف عىل‬
‫املذكرة و عىل ما أسدته من نصح و توجيه و ارشاد‬
‫طيةل مراحل اعدادها ‪ ،‬كام أتوجه ِبلشكر اجلزيل‬
‫لساتذيت الكرام‪ ،‬الس تاذ عبدالعزيز مشالل و الس تاذ‬
‫سفيان انرصي أعضاء جلنة املناقشة لقبوهلم مناقشة هذه‬
‫املذكرة‪ ،‬و جليأ أساتذة ُكية احلقوق‪ ،‬و أقول شكرا‬
‫لزماليئ يف ادلفعة و للك من قدم يل العون و النصح و‬
‫اىل لك من حفزان عىل العمل‪.‬‬
‫عبدهللا بوساحة‪.‬‬
‫مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫يعتبر التطور السريع في نسق الحياة البشرية في شتى المجاالت‪ ،‬له بالغ األثر في سلوك‬
‫اإلنسان وفي تطور وتغير نمط حياته‪ ،‬مما أفرز عديد السلوكيات اإلجرامية‪ ،‬األمر الذي استلزم‬
‫اتخاذ تدابير لكبح جماح النزعة اإلجرامية لدى اإلنسان‪ ،‬الذي تتسم فطرته بحب التملك والسيطرة‬
‫والنفوذ‪.‬‬

‫ولعل من أبرز وأهم المواضيع التي أثارت االهتمام واالنشغال بمعالجتها‪ ،‬هي ظاهرة‬ ‫ّ‬
‫اختالس المال العام‪ ،‬وما له من تداعيات على منظومات الدول وكيانها المهدد بفعل هذه الظاهرة‪،‬‬
‫بالمشرع إلى تجريمها والمعاقبة عليها بكل حزم وصرامة‪ ،‬ذلك ألن دور الدولة يتجلى في‬
‫ّ‬ ‫مما دفع‬
‫حماية األموال والمصالح العامة المعهودة للموظفين العموميين ومن في حكمهم‪ ،‬الذين يتسلمون‬
‫المال العام بحكم وظائفهم أو بسببها‪ ،‬مما يسهل عليهم اختالسه‪.‬‬

‫جرم المشرع الجزائري في ظل النظام االشتراكي‪ ،‬فعل االختالس الصادر عن الموظف‬


‫فقد ّ‬
‫العمومي الذي يضر بالمال العام‪ ،‬وذلك بموجب األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬جوان‬
‫‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬من خالل المادة ‪ 119‬منه‪ ،‬التي نص عليها في الباب األول‬
‫ضد الشيء العمومي‪ ،‬وبعد االنتقال التدريجي إلى النظام الليبيرالي‪،‬‬
‫تحت عنوان الجنايات والجنح ّ‬
‫أعاد المشرع النظر في القواعد الموضوعية واإلجرائية المنظمة لجريمة اختالس المال العام‪ ،‬بما‬
‫يجعلها تتماشى مع السياسة االقتصادية الحديثة للدولة‪.‬‬

‫وبعد مصادقة الجزائر على سلسلة من االتفاقيات الدولية‪ ،‬والتي كان من أبرزها اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬التي تم بموجبها إصدار القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري‬
‫‪ 2006‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬المتمم باألمر رقم ‪ 05-10‬المؤرخ في ‪ 26‬أوت‬
‫‪ ،2010‬و المعدل و المتمم بالقانون رقم ‪ 15-11‬المؤرخ في ‪ 02‬أوت ‪ ،2011‬و الذي عالج‬
‫بصياغة جديدة من خالل المادة ‪ 29‬منه‪ ،‬جريمة اختالس الممتلكات من قبل الموظف العمومي ‪،‬‬
‫هاته األخيرة التي ألغت المواد المنصوص عليها وفق قانون العقوبات‪ ،‬مما استدعانا إلى دراستها‬
‫وتحليلها‪ ،‬ومعرفة مدى فعاليتها في توفير حماية حقيقية للمال العام‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الموضوع الذي سوف نتطرق إليه بالدراسة والتحليل وكذا‬
‫النقاش‪ ،‬للوقوف على أهم األسباب و اإلشكاالت التي تتعرض القضاء عليه‪ ،‬من ناحيتين‪:‬‬

‫‪ ‬الناحية العلمية‪ :‬تظهر أهمية دراسة جريمة اختالس األموال العمومية في التشريع‬
‫حد ذاته جدير بالبحث والدراسة‪ ،‬ألن األموال العمومية عامل‬‫الجزائري‪ ،‬في أن الموضوع في ّ‬
‫أساسي للتحوالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية للدولة‪ ،‬وذلك بالوقوف على الصور المستحدثة‬

‫‌أ‬
‫مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫لجريمة االختالس التي تمس بالمال العام‪ ،‬مع بيان بنيانها القانوني(أركانها)‪ ،‬وكذلك الجزاءات‬
‫المقررة لها‪ ،‬باإلضافة إلى آليات مكافحتها وقمعها‪ ،‬مع دراسة ومعرفة اإلجراءات الخاصة بمتابعة‬
‫الجريمة على الصعيدين المحلي والدولي‪ ،‬سواء المنصوص عليها وفق قانون اإلجراءات الجزائية أو‬
‫القوانين الخاصة‪ ،‬كتلك المتعلقة بتسهيل متابعة الجريمة كالتسرب والترصد اإللكتروني والتسليم‬
‫المراقب‪ ،‬مما له بالغ األهمية عند المختصين في الدراسات القانونية‪.‬‬

‫‪ ‬الناحية العملية ‪ :‬إن االنتشار الكبير الذي شهدته الدولة في اآلونة األخيرة للجرائم الماسة‬
‫بأموالها العامة على غرار جريمة االختالس‪ ،‬واألضرار الناتجة عنها سواء على الفرد أو المجتمع‪،‬‬
‫تتطلب تكثيف الجهود الرامية لمحاصرة األفعال الماسة بالمال العام‪ ،‬كون لها تأثير على االستقرار‬
‫والثقة في الدولة ‪ ،‬إذ يعد االستقرار المالي من أهم مظاهر الثبات من الناحية االقتصادية‪ ،‬أما من‬
‫ناحية أخرى فإن إخراج تلك النصوص والقوانين المقررة لردع جريمة اختالس األموال العمومية‬
‫للتطبيق العملي من طرف األجهزة المختصة بذلك‪ ،‬لتيسير عملية متابعة ومحاربة هذه الجريمة‬
‫بتكوين متخصصين في هذا المجال‪.‬‬

‫ومن بين أسباب اختيار هذا الموضوع كما أسلفنا‪ ،‬يعود إلى الميول الشخصي للدراسات‬
‫الجنائية‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بالجرائم االقتصادية ومنها الواقعة على األموال العمومية‪ ،‬أما السبب‬
‫الموضوعي فيتمثل في الخوف على كيان المجتمع‪ ،‬فزوال الدولة يعني بالضرورة زوال المجتمع‪،‬‬
‫حينها يسود قانون الغاب‪ ،‬ذلك أن جريمة اختالس األموال العمومية بجميع صورها‪ ،‬أخذت منعرجا‬
‫فأردت الوقوف‬
‫للدولة‪ّ ،‬‬
‫كبي ار في الساحة الوطنية‪ ،‬مما نتج عنها أض ار ار خطيرة و إشكاالت عسيرة ّ‬
‫على اآلليات المستحدثة للتصدي لهذه الظاهرة التي لها انعكاسات سلبية تستدعي منا أخذ الحيطة‬
‫والحذر‪.‬‬

‫وتتمثل أهداف الدراسة في الوقاية من هذه الظاهرة‪ ،‬مع محاولة التطرق إلى صورها التي‬
‫استحدثها المشرع واألركان التي تقوم عليها‪ ،‬باإلضافة إلى العمل على إبراز أهم نقاط القوة‬
‫والضعف في اآلليات المسطرة لمحاربتها‪ ،‬سواء كانت موضوعية أو إجرائية‪ ،‬بما يضمن الصالح‬
‫العام‪.‬‬

‫ومن بين الصعوبات التي تواجهها الدولة في مجال تحديد اآلليات الكفيلة في مواجهة الجرائم‬
‫الواقعة على المال العام‪ ،‬هي صعوبة ربط المصلحة الفردية بالمصلحة العامة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫محاولة حماية االقتصاد الوطني الذي ي ّعد صمام األمان‪ ،‬باإلضافة إلى أن المال العام هو المحرك‬
‫األساسي للمصلحة العامة‪ ،‬والمساس به يعني اإلضرار بالنظام العام للدولة‪.‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ومن خالل ما تم استعراضه‪ ،‬وبالنظر لشساعة الموضوع وصعوبة تصور المنظومة القانونية‬
‫المناسبة في مكافحة الفساد والوقاية منه‪ ،‬يطرح التساؤل اآلتي‪:‬‬

‫ما هو النظام القانوني المناسب من الناحية الموضوعية و اإلجرائية لحماية المال العام‬
‫من جريمة االختالس؟‪.‬‬

‫ولإلجابة عن اإلشكالية المطروحة‪ ،‬ارتأيت إلى اعتماد منهج وصفي و تحليلي قدر‬
‫اإلمكان‪ ،‬من خالل استعراض النصوص القانونية‪ ،‬واستقراء ما جاء في االتفاقيات الدولية وقانون‬
‫الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬باإلضافة إلى قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وبعض القوانين األخرى‬
‫الخاصة‪ ،‬التي تم من خاللها ضبط مفهوم المال العام محل الحماية الجزائية من جريمة االختالس‪،‬‬
‫مع عرض لبنيانها القانوني وذلك لتدارك العجز وتغطية نقاط الضعف‪ ،‬كما قمت بتحليل مضمون‬
‫المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬مع دراسة الجانبين الموضوعي واإلجرائي‬
‫لجريمة اختالس األموال العمومية‪.‬‬

‫إال أنه مع كل هذا فإن دراستنا هذه اعتمدت على بعض الدراسات السابقة التي تناولت هذا‬
‫الموضوع بشيء من التفصيل‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬رسالة ماجستير لألستاذة دنش لبنى تحت عنوان "جريمة االختالس و التبديد في التشريع‬
‫الجزائري"‪ ،‬أين استشفينا من دراستها بعض النقاط التي أخذ بها المشرع الجزائري في مكافحة ظاهرة‬
‫االختالس‪.‬‬
‫‪ ‬كما ننوه في سياق متصل بالدراسة التي قامت بها األستاذة سالمي نادية‪ ،‬من خالل‬
‫مذكرتها لنيل درجة ماجستير تحت عنوان "السياسة الجنائية لحماية المال العام في إطار قانون‬
‫مكافحة الفساد"‪ ،‬والتي تعرضت فيها من خالل هذه الدراسة ألهم نقطة جوهرية وهي السياسة‬
‫الجنائية للمشرع الجزائري ونظرته في اآلليات المناسبة لمكافحة أهم جريمة من جرائم الفساد‪ ،‬أال‬
‫وهي جريمة اختالس المال العام‪.‬‬
‫‪ ‬كما ننوه أيضا بالدراسة المقدمة من قبل األستاذة مليكة بكوش من خالل مذكرتها لنيل‬
‫درجة ماجستير‪ ،‬تحت عنوان "جريمة االختالس في ظل قانون الوقاية من الفساد و مكافحته"‪.‬‬

‫ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة تم تقسيم الدراسة إلى فصلين نظ ار لطبيعة الموضوع‬
‫حيث يتضمن شق موضوعي وآخر إجرائي‪:‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫‪ ‬تناولت في الفصل األول‪ :‬عرض اآلليات الموضوعية لحماية األموال العمومية من جريمة‬
‫االختالس بداية من تحديد جريمة اختالس األموال العمومية في المبحث األول‪ ،‬ثم األحكام المقررة‬
‫لجريمة اختالس األموال العمومية في المبحث الثاني‪.‬‬
‫خصصت األول لألجهزة المخولة بضبط جريمة‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬أما الفصل الثاني‪ :‬فيتضمن مبحثين‬
‫اختالس األموال العمومية‪ ،‬والمبحث الثاني إلجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية من‬
‫النطاق المحلي إلى الدولي‪.‬‬

‫وهذا ما سنفص ـ ـ ــل فيه في صفحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات هذه الد ارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫‌د‬
‫قائمــــــــــــــــــــــــة االختصــــــــــــارات‬

‫قائمـــــــــــة االختصـــــــــــارات‬

‫الكلمــــــــــــــات الدالـــــــــــــــــــة‬ ‫االختصـــــــــــــــــــار ( الرمز )‬


‫قانون العقوبات الجزائري‬ ‫(ق‪.‬ع‪.‬ج)‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‬ ‫(ق‪.‬إ‪.‬ج)‬
‫قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‬ ‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‬
‫الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‬ ‫(ه‪.‬و‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‬
‫الديوان المركزي لقمع الفساد‬ ‫(د‪.‬م‪.‬ق‪.‬ف)‬
‫مجلس المحاسبة‬ ‫(م‪.‬ح)‬
‫جريدة رسمية‬ ‫(ج ر)‬
‫الطبعة‬ ‫(ط)‬
‫الجزء‬ ‫(ج)‬

‫‪6‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تحتاج الدولة وأشخاصها المعنوية المختلفة‪ ،‬في إدارتها للمرافق العامة والمؤسسات العمومية‬
‫إلى أموال متنوعة‪ ،‬منها الثابت ومنها المنقول‪ ،‬فاألموال العامة تخصص للنفع العام‪ ،‬أي الستعمال‬
‫الجمهور مباشرة‪ ،‬أو لخدمة مرفق عام‪ ،‬فهي بذلك تستهدف غرض يخالف تلك التي تحكم األموال‬
‫الخاصة(‪.)1‬‬

‫وتتعرض األموال العامة لعدة جرائم‪ ،‬نص عليها المشرع الجزائري في القانون‪ ،‬على غرار‬
‫جريمة اختالس المال العام‪ ،‬التي تعتبر من بين أبشع طرق االعتداء على المال العام‪ ،‬وأكثرها‬
‫انتشا ار‪ ،‬مما يشكل خطورة على اقتصاد الدولة‪ ،‬وذلك لما تسببه من ضرر واستنزاف لمواردها‪.‬‬

‫وقد سعى المشرع إلى تجريم هذا السلوك‪ ،‬الذي أقر له جملة من العقوبات تتناسب وطبيعته‪،‬‬
‫وذلك حفاظا على المال العام و الوظيفة في أن واحد‪ ،‬ومن هذا المنطلق قررت تقسيم الفصل األول‬
‫إلى مبحثين‪ ،‬أعرض في المبحث األول‪ :‬تحديد جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬أما في المبحث‬
‫الثاني‪ :‬األحكام المقررة لجريمة اختالس األموال العمومية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫خلوفي لعموري‪ .‬جريمة اختالس األموال العامة أو الخاصة في التشريع الجزائري‪ ،‬المادة ‪ .119‬مذكرة ماجستير‪.‬‬
‫إشراف زعالني عبد المجيد‪ .‬جامعة الجزائر‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ .2001 .‬ص ‪.6‬‬

‫‪8‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‬
‫تحديد جريمة اختالس األموال العمومية‬

‫تثير ظاهرة اختالس المال العام عديد اإلشكاالت‪ ،‬السيما وأن المشرع الجزائري قد عالج فكرة‬
‫االختالس في أكثر من موضع في قانون العقوبات‪ ،‬من ذلك جريمة السرقة‪ ،‬وجريمة خيانة األمانة‪،‬‬
‫فجريمة االختالس تعتبر من بين أخطر الجرائم إض ار ار بالمال العام‪ ،‬الذي سعى المشرع إلى حمايته‬
‫من جميع أشكال النهب(‪.)1‬‬

‫وعليه قمت بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬أعرض في المطلب األول‪ :‬مفهوم جريمة‬
‫االختالس ‪ ،‬أما في المطلب الثاني‪ :‬مفهوم األموال العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جريمة االختالس‬

‫يتطلب حصر وتحديد مفهوم جريمة اختالس األموال العمومية منعا الختالطه بالمفاهيم‬
‫األخرى‪ ،‬عرض في الفرع األول‪ :‬تعريف جريمة االختالس‪ ،‬أما في الفرع الثاني‪ :‬تمييز جريمة‬
‫االختالس عن بعض الجرائم المشابهة لها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف جريمة االختالس‬

‫يستلزم لتعريف جريمة االختالس التطرق أوال‪ :‬للتعريف اللغوي‪ ،‬ومن ثم االنتقال ثانيا‪:‬‬
‫للتعريف الفقهي‪ ،‬أما ثالثا‪ :‬التعريف القانوني‪ ،‬كما سيتم بيانه في العناصر التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف اللغوي‬

‫مخاتلة" بمعنى"‬
‫الخ ْلس‪ :‬األخذ في نزهة و َ‬
‫بالعودة إلى المفهوم األصلي لالختالس نجد أن " َ‬
‫س‪ ،‬و خالّس"(‪.)2‬‬
‫لسا‪ ،‬و َخلسه إيَّاه فهو َخال ْ‬
‫لسه‪َ ،‬ي ْخلسه‪َ ،‬خ ً‬
‫َخ َ‬

‫ش ْي َء‪:‬‬
‫س القَ ْوم ال َ‬
‫سه"‪ ،‬وبمعنى آخر " تَ َخالَ َ‬
‫س) الشيء‪َ :‬خلَ َ‬
‫(اختَلَ َ‬
‫وجاء في المعجم الوسيط " ْ‬
‫سالَبوه"(‪.)3‬‬
‫تَ َ‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد اهلل سليمان‪ .‬دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص‪ .‬جزء أول‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪:‬‬
‫الجزائر‪ .2006 .‬ص ‪.51‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد الحميد هنداوي‪ .‬المحكم و المحيط األعظم‪ .‬طبعة أولى‪ .‬جزء خامس‪ .‬دار الكتب العلمية‪ :‬لبنان‪ .2000 .‬ص ‪.76‬‬
‫(‪)3‬‬
‫شوقي ضيف‪ .‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ .‬طبعة رابعة‪ .‬مكتبة الشروق الدولية‪ :‬مصر‪ .2004 .‬ص ‪.249‬‬

‫‪9‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫سه) و(تَ َخلَّ َ‬


‫سه) أي‬ ‫أختَلَ َ‬
‫س) الشيء من باب ضرب و( ْ‬ ‫وورد في مختار الصحاح "( َخلَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫سة"‬
‫بالضم يقال‪ :‬الف ْرصة خ ْل َ‬
‫ْ‬ ‫استَلَ َبه‪ ،‬واالسم (الخ ْلسة)‬
‫ْ‬

‫كما ورد في الحديث النبوي‪ ،‬عن عبداهلل بن عبدالصمد بن علي عن َمخلٍَد‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن‬

‫أبي الزبير‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن الرسول {ﷺ} " لَ ْي َ‬


‫س َعلَى َخائن َوالَ م ْنتَهب َوالَ م ْختَلس قَ ْطع"(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي‬

‫عرف جانب من الفقه جريمة االختالس على أنها "استيالء الموظف بدون وجه حق على‬
‫ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫أموال عامة أو خاصة‪ ،‬وجدت في عهدته بسبب أو بمقتضى وظيفته" ‪.‬‬

‫في حين عرفها آخرون "بأنها مجموعة األعمال المادية أو التصرفات التي تالزم نية‬
‫الجاني‪ ،‬ويعبر عنها في محاولته االستيالء التام على المال الذي بحوزته‪ ،‬وذلك بتحويل حيازته‬
‫للمال من حيازة ناقصة وموقوتة إلى حيازة تامة ودائمة"(‪.)4‬‬

‫وتعرف أيضا "بأنها مجموع التصرفات المادية التي تصاحب عملية اغتصاب ملكية‬
‫الشيء أو تحويل المال (عام أو خاص) الموكول للجاني أمر حفظه أو التصرف فيه بحسب ما‬
‫يأمر به القانون‪ ،‬والذي انتهى إليه بموجب وظيفته إلى ملكية شخصية للجاني‪ ،‬والتصرف في‬
‫المال على نحو ما يتصرف المالك بملكه"(‪.)5‬‬

‫كما يمكن تعريف االختالس كذلك "بأنه كل سلوك يأتيه الموظف لتحويل مال يحوزه بحكم‬
‫الوظيفة من حيازة مؤقتة إلى دائمة"(‪.)6‬‬

‫وهناك اتجاه آخر يقسم االختالس إلى معنيين‪ ،‬معنى عام وهو انتزاع الحيازة المادية للشيء‬
‫موضوع االختالس من صاحب الحق فيها إلى يد الجاني‪ ،‬أما المعنى الخاص لالختالس فيفترض‬
‫فيه وجود حيازة للجاني سابقة و معاصرة للحظة ارتكاب السلوك اإلجرامي‪ ،‬إال أنها حيازة‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد بن أبي بكر الرازي‪ .‬مختار الصحاح‪ ،‬طبعة أولى‪ .‬دار الكتب العلمية‪ :‬لبنان‪ .1989.‬ص ‪.77‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سائي‪ .‬طبعة أولى‪ .‬دار المعرفة بيروت‪ :‬لبنان‪. 1989 .‬ص ‪.463‬‬ ‫مكتب تحقيق التراث اإلسالمي‪ .‬س َنن ال َن َ‬
‫(‪)3‬‬
‫سليمان بارش‪ .‬محاضرات في شرح قانون العقوبات الجزائري(القسم الخاص)‪ .‬طبعة أولى‪ .‬دار البعث‪ :‬الجزائر‪.1995 .‬‬
‫ص ‪.60‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبداهلل سليمان‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.93‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬جريمة اختالس المال العام‪ .‬طبعة أولى‪ .‬بيت الحكمة‪ :‬الجزائر‪ .2015 .‬ص ‪.90‬‬
‫(‪)6‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬القانون الجنائي للمال و األعمال‪ .‬جزء أول‪ .‬دار العلوم‪ :‬الجزائر‪ .2012 .‬ص ‪.85‬‬

‫‪10‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ناقصة(‪ ،)1‬وعليه يعرف فعل االختالس على أنه االستيالء على الحيازة الكاملة للشيء المملوك‬
‫للغير‪ ،‬سواء كان هذا الغير فردا عاديا‪ ،‬أو إدارة عمومية(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعريف القضائي‬

‫على ضوء الممارسة القضائية‪ ،‬أشارت المحكمة العليا في أحد ق ارراتها إلى العناصر المكونة‬
‫(‪)3‬‬
‫" تتحقق جريمة اختالس المال العام بتوافر الشروط‬ ‫لجريمة اختالس األموال العمومية بالقول‬
‫التالية‪":‬‬

‫‪ ‬أن يكون الفاعل قاضيا أو موظفا أو من في حكمه‪.‬‬


‫‪ ‬أن يقع اختالس‪ ،‬أو تبديد‪ ،‬أو احتجاز بدون وجه حق على أموال عامة أو خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون هذه األموال قد سلمت إليه بمقتضى أو بسبب وظيفته‪.‬‬
‫‪ ‬القصد الجنائي‪".‬‬

‫والمالحظ هنا أن جل االجتهادات القضائية للمحكمة العليا‪ ،‬المتعلقة بجريمة االختالس‬


‫صدرت في ظل قانون العقوبات قبل تعديله(‪ ،)4‬أي قبل صدور قانون الوقاية من الفساد و‬
‫(‪)5‬‬
‫عدل جريمة اختالس المال العام تعديال جذريا‪.‬‬
‫مكافحته ‪ ،‬والذي ّ‬

‫كما يمكن إدراج جريمة اختالس المال العام ضمن الجرائم التي استحدثها المشرع بموجب‬
‫قانون خاص‪ ،‬الذي يهدف إلى حماية السالمة العمومية‪ ،‬والتي تقترب إلى حد كبير من فعل‬
‫السرقة‪ ،‬وخيانة األمانة‪ ،‬وقد استحدثت لبسط الرقابة على المال العام‪ ،‬وتشديد العقاب على مسيري‬
‫األموال العمومية(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬
‫لبنى دنش‪ .‬جريمة االختالس و التبديد في التشريع الجزائري‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف شيتور جلول‪ .‬جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة الجزائر‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ .2008 .‬ص ‪.8‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سليمان بارش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.51‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نبيل صقر‪ .‬االجتهاد القضائي للمحكمة العليا‪ .‬جزء أول‪ .‬دار الهدى‪ :‬الجزائر‪ .2013 .‬ص ‪.338‬‬
‫(‪)4‬‬
‫األمر رقم ‪ 156-66‬مؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ .1966‬يتضمن قانون العقوبات‪ .‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ .48‬صادرة في ‪10‬‬
‫جوان ‪ .1966‬ص ‪ .702‬معدل و متمم بالقانون رقم ‪ 23-06‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ .2006‬جريدة رسمية‪.‬عدد‪.84‬‬
‫صادرة في ‪ 24‬ديسمبر ‪ .2006‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)5‬‬
‫القانون رقم ‪ 01-06‬مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ .2006‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.14‬‬
‫صادرة في ‪ 19‬مارس ‪ .2006‬ص ‪ .4‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫لبنى دنش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.09‬‬

‫‪11‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز جريمة االختالس عن بعض الجرائم المشابهة لها‬

‫تتقاطع جريمة اختالس األموال العمومية كما وردت وفق قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫تحت عنوان " اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير‬
‫شرعي"(‪ ،)1‬مع جرائم أخرى منصوص عليها وفق قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬بحيث تتشابه معها إلى‬
‫حد كبير في نواحي عديدة‪ ،‬و تختلف معها في نواحي أخرى‪ ،‬وعليه قسمت هذا الفرع إلى‬
‫عنصرين‪ ،‬أوال‪ :‬تمييز جريمة االختالس عن جريمة السرقة‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬تميز جريمة االختالس عن‬
‫جريمة خيانة األمانة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تمييز جريمة االختالس عن جريمة السرقة‬

‫استعمل المشرع الجزائري لفض [اختلس] في المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته‪ ،‬والتي تنص على " ‪ ...‬كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز‬
‫بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي‪ ،"...‬وذلك للتعبير عن السلوك اإلجرامي المكون‬
‫للركن المادي لجريمة اختالس األموال العمومية‪.‬‬

‫كما نجده أيضا قد استعمل نفس اللفظ للداللة على السلوك اإلجرامي المكون للركن المادي‬
‫لجريمة السرقة‪ ،‬من خالل المادة ‪ 350‬من قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬والتي تنص على أن" كل من‬
‫اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا ‪ ،)2("...‬أي أن جريمة االختالس و السرقة تشتركان في‬
‫مواضع عدة و تختلفان في نقاط أخرى‪ ،‬التي تبرر تناول المشرع كل جريمة على حدى‪ ،‬وكل منها‬
‫في قانون خاص مستقل(‪ ،)3‬وعليه نجد أن كال الجريمتين تشتركان في مواضع عدة‪ ،‬و تختلفان في‬
‫أخرى‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬أوجه الشبه بين جريمة االختالس و السرقة‪:‬‬


‫‪ ‬السلوك المادي في كال الجريمتين يتمثل في فعل االختالس وان كان معنى االختالس‬
‫المنصوص عليه في بموجب المادة ‪( 29‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) يختلف عنه في جريمة السرقة‪.‬‬
‫‪ ‬موضوع االختالس في كال الجريمتين هو مال منقول أو عقار بالتخصيص(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫القانون رقم ‪ 15-11‬مؤرخ في ‪ 02‬أوت ‪ .2011‬المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .44‬صادرة في ‪ 10‬أوت ‪ .2011‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.95‬‬
‫(‪)3‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.85‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(العقار بالتخصيص حسب األصل هو منقول مخصص لخدمة األرض‪ ،‬مثل الجرار‪ ،‬أدوات الزراعة‪)...‬‬

‫‪12‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ضران بالمصالح العليا للدولة‪ ،‬سواء كان المال عاما أو خاصا‪ ،‬أو حصل‬
‫‪ ‬كلتا الجريمتين ت ّ‬
‫من موظف عام أو شخص عادي‪ ،‬مما يستوجب الردع وأشد العقاب(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬أوجه االختالف بين جريمة االختالس و السرقة‪:‬‬
‫‪ ‬ال يقع االختالس إال من موظف عمومي أو من في حكمه‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 29‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬أما جريمة السرقة فقد تقع من موظف أو غير الموظف‪ ،‬فهي ليست من‬
‫جرائم ذات الصفة‪ ،‬أي بغض النظر عن المكانة االجتماعية والوظيفية للجاني (‪.)2‬‬
‫‪ ‬في جريمة السرقة يتم نقل المال من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني‪ ،‬وهذا خالفا‬
‫للمال موضوع االختالس‪ ،‬والتي يكون المال فيها في حيازة الجاني مسبقا بمقتضى وظيفته أو‬
‫بسبسها‪ ،‬حيث يتمثل فعل الجاني في هذه الحالة في تغيير نوع الحيازة من ناقصة ومؤقتة‪ ،‬إلى‬
‫حيازة كاملة و دائمة(‪.)3‬‬
‫‪ ‬أورد المشرع الجزائري جريمة السرقة في قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬بينما أورد جريمة‬
‫االختالس في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬
‫‪ ‬كان المشرع الجزائري ينص قبل تعديله لقانون العقوبات سنة ‪ ،2006‬على جريمة‬
‫المعدل والمتمم لقانون‬
‫ّ‬ ‫االختالس في المادة ‪(119‬الملغاة) بموجب القانون رقم ‪23-06‬‬
‫العقوبات‪ ،‬ضمن الفصل الرابع تحت عنوان" الجنايات و الجنح ضد السالمة العمومية"‪ ،‬وبعد‬
‫التعديل أفرد المشرع قانون خاص نص بموجبه على جريمة اختالس األموال العمومية تحت‬
‫عنوان " اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي‪ ،‬أو استعمالها على نحو غير شرعي"‬
‫بالمادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييز جريمة االختالس عن جريمة خيانة األمانة‬

‫استخدم المشرع الجزائري لفظ االختالس للداللة على السلوك اإلجرامي لجريمة اختالس‬
‫(‪)4‬‬
‫من يعتبر أن جريمة اختالس المال‬ ‫المال العام‪ ،‬وجريمة خيانة األمانة‪ ،‬وهناك بعض الفقهاء‬
‫العام هي ظرف مشدد لجريمة خيانة األمانة‪ ،‬هذه األخيرة نصت عليها المادة ‪ 376‬من قانون‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.101 -100‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬طبعة‪ .15‬جزء ثاني‪ .‬دار هومة للنشر و التوزيع‪:‬‬
‫الجزائر‪ .2014.‬ص‪ -‬ص ‪.37 -36‬‬
‫(‪)3‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.86 -85‬‬
‫(‪)4‬‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪ .‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص(جرائم العدوان على المصلحة العامة)‪ .‬طبعة أولى‪ .‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية‪ :‬مصر‪ .2001 .‬ص ‪.205‬‬

‫‪13‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العقوبات الجزائري بالقول" كل من اختلس أو بدد بسوء نية ‪ ،)1( "...‬والتي من خاللها سوف نبين‬
‫أوجه التشابه و االختالف بين الجريمتين‪.‬‬

‫‪ -1‬أوجه التشابه بين جريمة االختالس و خيانة األمانة‪:‬‬


‫‪ ‬جوهر السلوك اإلجرامي في كال الجريمتين‪ ،‬يتمثل في تغير نوع حيازة المال العام‪ ،‬من‬
‫حيازة مؤقتة إلى حيازة دائمة(‪.)2‬‬
‫‪ ‬تحمل كلتا الجريمتين معنى اإلخالل بالثقة‪ ،‬التي وضعتها الدولة في الموظف المختلس‪،‬‬
‫أخل بالثقة الموضوعة فيه‪ ،‬أما خائن األمانة فيخل بالثقة التي وضعها فيه المجني عليه‪،‬‬‫والذي ّ‬
‫وعليه يعتبر االختالس شكال من أشكال خيانة األمانة(‪ ،)3‬وكليهما يشكالن ضر ار بالمصالح العليا‬
‫للدولة‪ ،‬وضرب استقرار المعامالت‪.‬‬
‫‪ ‬إن محل االختالس في الجريمتين مال منقول‪ ،‬أو عقار بالتخصيص‪ ،‬ولو أن هنالك‬
‫اختالف في مالكي هذا المال ‪ ،‬الدولة في االختالس‪ ،‬والفرد في خيانة األمانة‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫الجزائري ذهب عكس ذلك من خالل المادة ‪ 02‬فقرة "و" التي تنص على أن "الممتلكات‪:‬‬
‫الموجودات بكل أنواعها‪ ،‬سواء كانت مادية أو غير مادية‪ ،‬منقولة أو غير منقولة‪ ،"...،‬وبذلك‬
‫أجاز المشرع بأن يكون محل االختالس عقارات‪.‬‬
‫‪ -2‬أوجه االختالف بين جريمة االختالس و خيانة األمانة‪:‬‬
‫‪ ‬حسب المادة ‪ 02‬فقرة (ب) من )ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م((‪ ،)4‬اشترط المشرع الجزائري صفة خاصة في‬
‫جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬واعتبرها ركنا أساسيا بانتفائها أو انقضائها‪ ،‬تنقضي الجريمة‪،‬‬
‫وهي صفة الموظف العام و من في حكمه‪ ،‬أما في جريمة خيانة األمانة لم يشترط المشرع صفة‬
‫خاصة في الجاني‪ ،‬فالجريمة ترتكب من طرف أي شخص مهما كانت صفته(‪.)5‬‬
‫‪ ‬يفترض في جريمة اختالس المال العام‪ ،‬أن يسلم المال للموظف بسبب الوظيفة أو‬
‫بمقتضاها(‪ ،)6‬بينما في جريمة خيانة األمانة المال يسلم للجاني على أساس أحد العقود الواردة‬
‫على سبيل الحصر بالمادة ‪ 376‬من قانون العقوبات‪ ،‬وهي " ‪ ...‬اإلعارة‪ ،‬أو الوديعة أو الوكالة‬

‫(‪ )1‬أنظر المادة ‪ .376‬األمر رقم ‪.156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬المعدل و المتمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.86‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬طبعة‪ .15‬جزء أول‪ .‬دار هومة للنشر و التوزيع‪:‬‬
‫الجزائر‪ .2013.‬ص‪ -‬ص ‪.409 -408‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرة(ب)‪ .‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء أول‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.408 -399‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.38 -36‬‬

‫‪14‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أو الرهن أو عارية االستعمال أو ألداء عمل بأجر أو بغير أجر‪ "...‬والذي نظم هذه العقود في‬
‫القانون المدني(‪.)1‬‬
‫‪ ‬كما رأى المشرع أن الجزاء المدني غير كاف للجاني خائن األمانة‪ ،‬الذي خان الثقة التي‬
‫بناء على عقد‪ ،‬وجعلها جريمة ذات طابع جزائي‪ ،‬للحد من العبث‬ ‫وضعها فيه المجني عليه ً‬
‫باالئتمان في المعامالت المالية‪ ،‬وهذا ما يعزز روح الثقة و الطمأنينة بين الناس والمجتمع (‪.)2‬‬
‫‪ ‬لم يتطلب المشرع الجزائري تحقق نتيجة إجرامية في جريمة االختالس‪ ،‬فالجريمة تكون‬
‫قائمة بمجرد تغير نوع الحيازة من ناقصة إلى كاملة‪ ،‬ولو لم يترتب على ذلك ضرر‪ ،‬بينما اشترط‬
‫القانون في جريمة خيانة األمانة قيام ضرر‪ ،‬وهو ما ورد بنص المادة ‪( 376‬ق‪.‬ع‪.‬ج) بـ "‪...‬‬
‫وذلك إض ار ار بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها‪."...‬‬
‫‪ ‬في جريمة االختالس سعى المشرع الجزائري إلى حماية المصلحة العامة‪ ،‬سواء كانت في‬
‫صورة الوظيفة أو في صورة المال محل االختالس‪ ،‬عكس جريمة خيانة األمانة فالمصلحة‬
‫المحمية‪ ،‬هي المصلحة الخاصة ألن الجريمة تقع عليها(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم األموال العمومية‬

‫للدولة وغيرها من األشخاص المعنوية العامة أموال تملكها‪ ،‬قد تكون عامة‪ ،‬أو خاصة‪ ،‬و‬
‫لكل منها مقومات وخصائص‪ ،‬غير أن األموال العامة تتمتع بنظام قانوني خاص‪ ،‬أكثر صرامة‪،‬‬
‫يكفل لها قد ار كبي ار من الحماية(‪.)4‬‬

‫و تكتسي مسألة المال العام أهمية بالغة في القانون الجنائي خاصة وأن المشرع الجزائري‬
‫استعمل عبارات مختلفة‪ ،‬فمرة يستعمل عبارة األموال المملوكة للدولة أو إلحدى هيئاتها أو‬
‫مؤسساتها العامة‪ ،‬ومرة أخرى يستعمل مصطلح األموال العامة (‪ ،)5‬وهذا ما يدفعنا للبحث عن‬
‫مفهوم األموال العمومية‪ ،‬وعليه قمت بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين‪ ،‬الفرع األول‪ :‬تعريف المال‬
‫العام‪ ،‬أما الفرع الثاني‪ :‬خصائص المال العام و تمييزه عما يختلط به من مصطلحات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ .1975‬المتضمن القانون المدني‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .78‬صادرة في ‪30‬‬
‫سبتمبر ‪ .1975‬ص ‪ .990‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.87 -86‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.104 -102‬‬
‫(‪)4‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬السياسة الجنائية لحماية المال العام في إطار قانون مكافحة الفساد‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف زواقري‬
‫الطاهر‪ .‬المركز الجامعي خنشلة الجزائر‪ .‬معهد العلوم القانونية و اإلدارية‪ .2011 .‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.198‬‬

‫‪15‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف المال العام‬

‫بغية إعطاء تعريف دقيق وشامل للمال العام‪ ،‬من جميع النواحي اللغوية والفقهية والقانونية‪،‬‬
‫ارتأيت في تقسيمه إلى ثالث عناصر‪ ،‬حيث نهتم بتفصيل العناصر كاآلتي أوال‪ :‬التعريف اللغوي‪،‬‬
‫أما ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي‪ ،‬و ثالثا‪ :‬التعريف القانوني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف اللغوي‬

‫المال جمعه أَم َوال‪ ،‬وّيعرف "كل ما يملكه الفرد أو تملكه الجماعة من متاع‪ ،‬أو عروض أو‬
‫تجارة‪ ،‬أو عقار أو نقود‪ ،‬أو حيوان‪ ،‬أي كل ما ملكته من جميع األشياء "(‪.)1‬‬

‫ومن تعريف آخر نجد أن المال هو "ما يباح نفعه مطلقا‪ ،‬أو يباح اقتناءه بال حاجة‪ ،‬وكان‬
‫في األصل ما يملك من الذهب‪ ،‬والفضة‪ ،‬ثم أطلق على كل ما يقتنى"(‪.)2‬‬

‫كذلك المال لغة هو" جميع األشياء المادية أو األعيان التي يمكن امتالكها‪ ،‬وجميع‬
‫الحقوق التي قد تدخل في الذمة المالية‪ ،‬كاألراضي و المنقوالت‪ ،‬والبيوت‪ ،‬وحق االنتفاع‪،‬‬
‫واالرتفاق‪ ،‬غيرها"(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي‬

‫مر التعريف الفقهي للمال العام بعدة تطورات‪ ،‬جاءت نتيجة أراء الفقهاء المختلفة‪ ،‬حيث تعد‬‫ّ‬
‫نظرية المال العام نظرية فرنسية بامتياز‪ ،‬التي تعددت من خاللها معايير تميز المال العام‪ ،‬وتحديد‬
‫صفته في الفقه‪ ،‬حيث يمكن من خالل ذلك إلى تقسيمه إلى ثالث معايير كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬معيار الطبيعة الذاتية للمال‪ :‬يعد من أقدم المعايير وقد قال به في فرنسا كل من الفقيهين‬
‫بارثيلمي(‪ )BERTHELMEY‬والفقيه دوكروك(‪ ،(DUCROCQ‬حيث يرى الفقيه األول أن‬
‫الدومين العام هو ما خصص للمنفعة العامة‪ ،‬و هو في جوهره دومين حماية‪ ،‬وال يعتبر مملوكا‬
‫ألحد وانما تحوزه الدولة باسم الجمهور ولمصلحته‪ ،‬فهي وكيلة عنه في حفظه وصيانته‪ .‬أما الفقيه‬
‫دوكروك فقد ساير الفقيه بارثيلمي في استناده إلى خاصية عدم قابلية المال للتملك الخاص‪ ،‬إال أنه‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد نعيم العرقسوسي‪ .‬القاموس المحيط‪ .‬طبعة سادسة‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ :‬بيروت‪. 2005.‬ص ‪.1159‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نذير محمد الطيب أوهاب‪ .‬حماية المال العام في الفقه اإلسالمي‪ .‬طبعة أولى‪ .‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪:‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪ .2001 .‬ص ‪.9‬‬
‫(‪)3‬‬
‫إبراهيم النجار‪ .‬القاموس القانوني‪ .‬طبعة سابعة‪ .‬مكتبة لبنان‪ :‬لبنان‪ .2000 .‬ص ‪.41‬‬

‫‪16‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أرجع هذه الخاصية إلى طبيعة الشيء نفسه والتي تجعلها غير قابلة للتملك الفردي(‪ ،)1‬ووجه انتقاد‬
‫إلى هذا الرأي من زاويتين‪:‬‬
‫من تعريف المال العام‪ ،‬أنه شيء قابل للتملك بطبيعته‪ ،‬ومنه ال يوجد مال عام أو خاص‬ ‫‪‬‬
‫غير قابل للتملك‪ ،‬وما ال يستطيع األفراد تملكه ال تستطيع الدولة ذلك أيضا‪.‬‬
‫أما من جهة أخرى فقد ضيق من نطاق األموال العامة‪ ،‬وحصرها فقط فيما يستعمل‬ ‫‪‬‬
‫استعماال مباشرا‪ ،‬من قبل الجمهور‪ ،‬وتم استبعاد األموال المخصصة لإلدارة والتسيير(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬معيار التخصيص للمرفق العام‪ :‬وهو ما نادا به كل من الفقيهين دوجي(‪)DUGUIT‬‬
‫والفقيه جيزي(‪ ،)JEZE‬ويعرف الفقيه األول المال العام على أنه كل عقار أو منقول تملكه الدولة‪،‬‬
‫يكون مخصصا لمرفق عام‪ ،‬أما الفقيه الثاني فيعرف المال العام على أنه كل مال مخصص‬
‫لالستعمال الجماهيري‪ ،‬سواء كان هذا التخصيص بعمل إداري‪ ،‬أو بفعل الطبيعة(‪ ،)3‬وقد انتقد هذا‬
‫المعيار على أساس‪:‬‬
‫‪ ‬إن هذا المعيار بالغ في التوسع في تعريف المال العام‪.‬‬
‫‪ ‬توسيع نطاق األموال العامة‪ ،‬ليشمل أمواال ال تستدعي إضفاء العمومية عليها‪.‬‬
‫‪ ‬تضخيم دائرة األموال العامة لتشمل أشياء تافهة‪ ،‬ليست بحاجة إلى تطبيق نظام قانوني(‪.)4‬‬
‫وعليه ذهب بعض األنصار إلى وضع شرطين أساسيين حتى يعد المال عاما(‪:)5‬‬

‫‪ ‬ال يعد المال عاما‪ ،‬إال اذا كان مخصصا لخدمة مرفق عام من المرافق األساسية للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يلعب هذا المال دو ار جوهريا في تسيير هذا المرفق العام‪.‬‬
‫‪ -3‬معيار التخصيص للمنفعة العامة‪ :‬يعد هذا المعيار جامعا للمعيارين السابقين و موحد‬
‫لهما‪ ،‬وهو ما نادا به الفقيه هوريو(‪ )HAURIOU‬والفقيه فالين(‪ ،)WALINE‬حيث يرى الفقيه‬
‫األول أن المال العام هي األشياء غير القابلة للتملك الخاص‪ ،‬وهي التي لها الخاصية بسبب‬
‫تكوينها العضوي من جهة‪ ،‬أو تلك التي تغيرت طبيعتها نتيجة تخصيصها للمنفعة العامة من قبل‬
‫اإلدارة ‪ ،‬أما الفقيه الثاني فيرى أن المال العام هو المال المخصص لسد حاجات عامة‪ ،‬أو إلدارة‬

‫(‪)1‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.20‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.199‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬النظرية العامة ألمالك اإلدارة و األشغال العامة‪ .‬طبعة ثالثة‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪:‬‬
‫الجزائر‪ .1992 .‬ص ‪.24‬‬
‫(‪)4‬‬
‫إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ .‬الوسيط في أموال الدولة العامة و الخاصة‪ .‬دار المطبوعات الجامعية‪ :‬مصر‪ .1995.‬ص‬
‫‪.42‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.199‬‬

‫‪17‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مرفق عام‪ ،‬ال يمكن االستغناء عنها بسهولة نظ ار لطبيعتها الذاتية‪ ،‬أو إلعدادها إعدادا خاصا‪ ،‬أو‬
‫ألهميتها التاريخية مثل المتاحف أو دور المشاهير و غيرها(‪.)1‬‬

‫وقد أيد هذا المعيار عدد كبير من الفقهاء‪ ،‬والذي أخذ به مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬ألنه أكثر‬
‫المعايير منطقية‪ ،‬وقروبا من الواقع‪ ،‬كما أنه يقدم صيغة متوازنة للمال العام‪.‬‬

‫ومن خالل ذلك‪ ،‬نجد أن التعريف المستقر عليه فقها حاليا هو" المال المرصود للنفع العام‪،‬‬
‫أي المخصص لمرفق عام تمكينا له من القيام بدوره في إشباع حاجة عامة‪ ،‬أو مجرد تحقيق‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إيراد للدولة أو األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬سواء كان منقوال أو غير منقول"‬

‫وبالرغم من االختالف الفقهي الحاصل في مجال تمييز وتحديد األموال العامة‪ ،‬فالمشرع‬
‫الجزائري اعتمد معيار تخصيص المال للمنفعة العامة‪ ،‬وصفة المالك‪ ،‬وتندرج تحت طائفة األموال‬
‫العامة في القانون الجزائري‪ ،‬جميع األموال المملوكة للدولة‪ ،‬أو أحد هيئاتها‪ ،‬أو مؤسساتها العامة‪،‬‬
‫وكذلك األموال التي للدولة عليها حق من الحقوق في ذمة الغير(‪.)3‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعريف القانوني‬

‫تولى المشرع الجزائري من خالل نصوص أساسية‪ ،‬على غرار الدستور‪ ,‬والقانون المدني‪،‬‬
‫وقانون األمالك الوطنية‪ ،‬إعطاء تعريف للمال العام‪ ،‬حيث لم يترك األمر للفقه وال لالجتهادات‬
‫القضائية لتحديد مفهومه‪ ،‬ومن تعريفات المال العام في التشريع الجزائري نجد‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الدستور الجزائري للمال العام‪ :‬نص الدستور الجزائري على بعض األحكام‪،‬‬
‫والتعاريف للمال العام‪ ،‬وهذا في الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان "الدولة"‪ ،‬بحيث تنص المادة‬
‫‪ 18‬منه على " الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية‪ ،"...‬كما تنص كذلك المادة ‪ 20‬منه‬
‫على "‪ ...‬وتتكون األمالك العمومية والخاصة التي تملكها كل من الدولة‪ ،‬والوالية‪،‬‬
‫والبلدية‪.)4("...‬‬
‫عرف القانون المدني المال العام من خالل المادة‬
‫‪ -2‬تعريف القانون المدني للمال العام‪ّ :‬‬
‫‪ ،688‬والتي تنص على" تعتبر أمواال للدولة العقارات والمنقوالت التي تخصص بالفعل أو‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )2‬نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.22‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.200‬‬
‫(‪ )4‬القانون رقم ‪ 01-16‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ .2016‬يتضمن التعديل الدستوري‪ .‬جريدة رسمية عدد‪ .14‬صادرة في ‪07‬‬
‫مارس ‪ .2016‬ص ‪.8‬‬

‫‪18‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة‪ ،‬أو لإلدارة‪ ،‬أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري‪،‬‬
‫أو لمؤسسة اشتراكية‪ ،‬أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلة في نطاق الثورة الزراعية"(‪.)1‬‬
‫وقد نص المشرع في المادة ‪ 689‬من نفس القانون على أنه" ال يجوز التصرف في أموال‬
‫الدولة‪ ،‬أو حجزها‪ ،‬أو تملكها بالتقادم‪ ،"...‬وبذلك يستفاد من نصوص القانون المدني أن المشرع‬
‫الجزائري أخذ بمعيار مزدوج‪ ،‬وهو التخصيص لمصلحة عامة أو منفعة عامة‪ ،‬والتخصيص لخدمة‬
‫مرفق عام‪ ،‬و نستشف من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون التخصيص بالفعل‪ ،‬فال يكفي صدور قرار بالتخصيص‪ ،‬وانما يجب أن يكون هذا‬
‫الفعل قد تم فعال‪ ،‬مما يضفي على المال صفة العمومية(‪.)2‬‬
‫‪ ‬كما أن النص لم يفرق بين األموال المنقولة‪ ،‬واألموال العقارية‪.‬‬
‫‪ ‬ينص المشرع صراحة على أن أموال المؤسسات العامة االقتصادية‪ ،‬هي أموال عامة(‪.‬‬

‫والشيء الذي نالحظه أن المشرع أعطى تعريف للمال العام‪ ،‬من خالل قانون خاص أال وهو‬
‫القانون المدني الذي يهتم بالمعامالت بين األفراد‪ ،‬واألجدر به أن تكون هذه التعاريف من خالل‬
‫اللوائح والتنظيمات‪ ،‬وذلك يعود إلى أن التعريف من مهمة الفقه وليس القانون‪.‬‬

‫‪ -3‬تعريف قانون األمالك الوطنية للمال العام‪ :‬وهو ما جاءت به المادة ‪ 12‬من قانون‬
‫األمالك الوطنية‪ ،‬التي تنص على" تتكون األمال ك الوطنية العمومية من الحقوق واألمالك‬
‫المنقولة والعقارية‪ ،‬التي يستعملها الجميع و الموضوعة تحت تصرف الجمهور‪ ،‬المستعمل‬
‫مباشرة أو بواسطة مرفق عام‪ ،)3("...‬فاألموال العامة هي تلك األموال المخصصة للجمهور مباشرة‬
‫أو عن طريق مرفق عام‪ ،‬أما األموال المخصصة للمرفق العام‪ ،‬يجب أن تكون مطابقة لطبيعته‪ ،‬أو‬
‫بتهيئة خاصة لهدف المرفق العام‪ ،‬غير أن هذه التهيئة الخاصة ال تلزم فقط األموال المخصصة‬
‫للمرافق العامة‪ ،‬بل تعتبر ضرورية حتى بالنسبة لألموال الموضوعة تحت التصرف المباشر‬
‫للجمهور(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫القانون رقم ‪ 05-07‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ .2007‬المعدل و المتمم للقانون المدني‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .31‬صادرة‬
‫في ‪ 13‬ماي ‪ .2007‬ص ‪.3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األخضر دغو‪ .‬الحماية الجنائية للمال العام‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف عبد االله عبد القادر‪ .‬جامعة باتنة‪ .‬كلية الحقوق‬
‫و العلوم السياسية‪ .2000 .‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون رقم ‪ 30-90‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪ .1990‬المتعلق باألمالك الوطنية‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .52‬صادرة في‬
‫‪ 02‬ديسمبر ‪ .1990‬ص ‪ .1661‬المعدل و المتمم‪ .‬بالقانون رقم ‪ 14-08‬المؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪ .2008‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .44‬صادرة في ‪ 03‬أوت ‪ .2008‬ص ‪.10‬‬
‫(‪)4‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.24‬‬

‫‪19‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص المال العام وتمييزه عما يختلط به من مصطلحات‬

‫يتميز المال العام بجملة من الخصائص الجوهرية‪ ،‬والتي تساهم في التمييز بينه وبين ما‬
‫يختلط به من مصطلحات‪ ،‬مما يدفعنا بتقسيم هذا الفرع إلى أوال‪ :‬خصائص المال العام‪ ،‬أما ثانيا‪:‬‬
‫تمييز المال العام عما يختلط به من مصطلحات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬خصائص المال العام‬

‫يتميز المال العام بعديد الخصائص أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬المال العام مملوك للدولة أو أحد أشخاصها المعنوية العامة‪ :‬في ّعرف الشخص المعنوي‬
‫على أنه مجموعة من األشخاص (أفراد)‪ ،‬أو مجموعة أموال (أشياء)‪ ،‬تتكاثف و تتعاون‪ ،‬أو ترصد‬
‫لتحقيق غرض وهدف مشروع‪ ،‬بموجب اكتساب الشخصية القانونية (‪.)1‬‬
‫تنص المادة ‪ 16‬من الدستور الجزائري‪ ،‬على أن" الجماعات اإلقليمية للدولة هي البلدية و‬
‫الوالية‪."...‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 49‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬على أن" األشخاص االعتبارية هي‪:‬‬
‫الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية‪ .‬المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ .‬الشركات المدنية و التجارية‪.‬‬
‫الجمعيات والمؤسسات‪ .‬الوقف‪ .‬كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية‬
‫قانونية‪.".‬‬
‫وبالتالي يستشف من نص المادتين السابقتين أن الشخص المعنوي ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ ‬أشخاص معنوية إقليمية‪ :‬و على رأسها نجد الدولة‪ ،‬هذا الكيان الذي يعترف له بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬مما يساهم في فصل ذمته المالية عن جهات أخرى‪ ،‬باإلضافة إلى الوالية‪ ،‬و البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬أشخاص معنوية مرفقية (مصلحية)‪ :‬وهي المؤسسات العمومية التي تلعب دو ار ال يستهان‬
‫به في مساعدة الدولة للقيام بوظائفها المتعددة(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬المال العام مخصص للمنفعة العامة‪ :‬وهو من أبرز المعايير التي وضعها الفقه للتمييز‬
‫بين المال العام و الخاص(‪ ،)3‬والتخصيص للمنفعة العامة يتم بموجب القوانين أو ال ا‬
‫مرسيم‪.‬‬
‫ويرى البعض أنه يكفي ما دون ذلك من األعمال القانونية التي تصدر عن اإلدارة كالقرار‬
‫الوزاري‪ ،‬فتعتمد الدولة على الواقع دون الحاجة إلى‪ ،‬استصدار قانون‪ ،‬أو أية أداة رسمية أخرى‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمدالصغير بعلي‪ .‬مدخل القانون اإلداري‪ .‬جزء أول‪ .‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ :‬الجزائر‪ .2004 .‬ص ‪.33‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.25‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نوفل علي عبداهلل صفو الديلمي‪ .‬الحماية الجزائية للمال العام‪ .‬طبعة أولى‪ .‬دار هومة‪ :‬الجزائر‪ .2005 .‬ص‪ -‬ص‬
‫‪.111 –107‬‬

‫‪20‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وسبيلها إلى ذلك هو أن تهيأ الشيء الذي كان مملوكا لها ملكية خاصة‪ ،‬ليكون صالحا للمنفعة‬
‫العامة‪ ،‬وترصده فعال لهذه المنفعة(‪.)1‬‬
‫‪ -3‬المال العام غير قابل للتصرف فيه‪ :‬ال يجوز للشخص المعنوي نقل ملكية المال العام‪ ،‬إلى‬
‫أحد األفراد أو الهيئات الخاصة‪ ،‬واال كان تصرفه تصرفا باطال بطالنا مطلقا‪ ،‬وهذا الضرر ليس‬
‫مطلقا أو أبديا‪ ،‬وانما هو نسبي وقائم طالما بقي المال محتفظا بصفته العامة‪ ،‬وهذا راجع إلى‬
‫تخصيصه للمنفعة العامة(‪.)2‬‬
‫‪ -4‬المال غير قابل للتملك بالتقادم‪ :‬طالما أنه ال يجوز التصرف في المال العام بنقل ملكيته‪،‬‬
‫وكذلك عدم جواز اكتسابه بالتقادم‪ ،‬جاء القانون لغلق الباب أمام المعتدين على األموال العامة بعد‬
‫حرم عليهم اكتساب وتملك المال العام‬
‫وضع اليد عليها أمال منهم في اكتساب الملكية بالتقادم‪ ،‬مما ّ‬
‫بالتقادم(‪.)3‬‬
‫‪ -5‬المال العام غير قابل للحجز عليه‪ :‬ال يجوز توقيع الحجز على المال العام بغرض استيفاء‬
‫دين مترتب على عاتق الدولة‪ ،‬في مواجهة أيا كان‪ ،‬باإلضافة إلى عدم جواز ترتيب حقوق عينية‬
‫عليه‪ ،‬كالرهن‪ ،‬أو االمتياز‪ ،‬وتبرير ذلك منع التعارض مع فكرة تخصيص المال العام للمنفعة‬
‫العامة(‪.)4‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييز المال العام عما يختلط به من مصطلحات‬

‫هنالك بعض المصطلحات التي يختلط مفهومها مع مفهوم المال العام‪ ،‬أهمها المال الخاص‬
‫التابع للدولة‪ ،‬وكذلك الوقف‪ ،‬وسنوضح ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تمييز المال العام عن المال الخاص للدولة‪ :‬ي ّعرف المال الخاص للدولة‪ ،‬بأنه ذلك المال‬
‫الذي تملكه الدولة‪ ،‬أو أحد أشخاصها المعنوية العامة‪ ،‬وتكون هذه الملكية خاصة‪ ،‬بحيث ال‬
‫يخصص هذا المال للنفع العام‪ ،‬أو ما يعرف بالدومين الخاص كمنازل العسكريين مثال‪ ،‬كما يمكن‬
‫للدولة أو أحد أشخاصها المعنوية العامة التصرف فيه‪ ،‬واستغالله‪ ،‬تصرف األفراد في أموالهم‬
‫الخاصة وهو األصل العام(‪.)5‬‬
‫كذلك تختلف األموال العامة عن األموال الخاصة التابعة للدولة في خاصية القابلية للتصرف‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.26‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد العزيز السيد الجوهري‪ .‬محاضرات في األموال العامة‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ :‬الجزائر‪ .1983 .‬ص ‪.26‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.51‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عالء الدين عشي‪ .‬مدخل القانون اإلداري‪ .‬جزء ثاني‪ .‬دار الهدى‪ :‬الجزائر‪ .2010 .‬ص ‪.106‬‬
‫(‪)5‬‬
‫نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.81‬‬

‫‪21‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فاألموال العامة غير قابلة للتصرف‪ ،‬أو ما يعرف بالدومين العام كالمستشفيات وغيرها‪ ،‬بينما‬
‫األموال الخاصة التابعة للدولة تقبل التصرفات الناقلة للملكية(‪ ،)1‬كالبيع بالمزاد العلني ومثال ذلك‬
‫بيع حضيرة السيارات القديمة التابعة للبلدية‪ ،‬أو البيع بالتراضي‪.‬‬
‫كما ال يمكن الحجز على األموال العامة أو الخاصة للدولة‪ ،‬ألنه ال يمكن الشك في ذمتها‬
‫المالية‪ ،‬وال يمكن القول بإعسارها(‪ ،)2‬وفي حالة وجود نزاع تعتبر الخزينة العمومية هي الضامن‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫وفقا للقواعد الخاصة المطبقة على بعض أحكام القضاء‬
‫أما فيما يخصص عدم القابلية للتملك بالتقادم‪ ،‬يرى البعض أن هذه القاعدة ال تطبق على‬
‫األموال الخاصة للدولة(‪ ،)4‬بينما يرى البعض األخر توسيع هذه القاعدة لتشمل األموال الخاصة‬
‫للدولة على غرار أموالها العامة(‪.)5‬‬
‫وعليه تتجلى أهمية التمييز بين األموال العامة والخاصة‪ ،‬كون أن للدولة الحق في التصرف‬
‫في أموالها الخاصة كتصرف الفرد في ملكه‪ ،‬بموجب القوانين التي تنظم تصرف الدولة في هذه‬
‫الحالة‪ ،‬أما اذا وجد قانون خاص ينظم تصرف الدولة في أموالها الخاصة فال بد من مراعاة‬
‫أحكامه(‪.)6‬‬
‫‪ -2‬التمييز بين المال العام و الوقف‪ :‬ينظم القانون رقم ‪ 10-91‬المعدل والمتمم الوقف(‪،)7‬‬
‫وي ّع ّرف الوقف على أنه "حبس العين عن أن تكون مملوكة ألحد الناس‪ ،‬وجعلها على حكم ملك‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬والصرف بريعها على جهة من جهات الخير الحال أو المآل"(‪.)8‬‬
‫ابتداء للصرف على‬
‫ً‬ ‫والوقف نوعان وقف عام و ووقف أهلي‪ ،‬فالوقف العام ما يخصص ريعه‬
‫جهات البر‪ ،‬كالمستشفيات والمالجئ‪ ،‬أما الوقف األهلي‪ ،‬فهو الذي وقف على الواقف نفسه و‬
‫ذريته إلى انتهاء نسله‪ ،‬وجعل مآله إلى جهات الخير‪.‬‬
‫وبالرغم من أن المال العام و الوقف‪ ،‬يحظيان بحماية قانونية خاصة ألن الهدف منهما هو‬

‫(‪)1‬‬
‫أعمر يحياوي‪ .‬الوجيز في األموال الخاصة التابعة للدولة و الجماعات المحلية‪ .‬دار هومة‪ .2001 :‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )2‬نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.86‬‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون رقم ‪ 02-91‬مؤرخ في ‪ 08‬جانفي ‪ .1991‬يحدد القواعد الخاصة المطبقة على بعض األحكام القضائية‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .2‬صادرة في ‪ 09‬جانفي ‪ .1991‬ص ‪ .24‬معدل و متمم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أعمر يحياوي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.32 -28‬‬
‫(‪ )5‬نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.86‬‬
‫(‪)6‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.28 -27‬‬
‫(‪)7‬‬
‫القانون رقم ‪ 10-91‬مؤرخ في ‪ 27‬أفريل ‪ .1991‬يتعلق بالوقف‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .21‬صادرة في ‪ 08‬ماي‬
‫‪ .1991‬ص ‪ .690‬معدل و متمم بالقانون رقم ‪ 07-01‬مؤرخ في ‪ 07‬جانفي ‪ .2001‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .29‬صادرة‬
‫في ‪ 23‬ماي ‪ .2001‬ص ‪.7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫زهدي يكن‪ .‬أحكام الوقف‪ .‬طبعة أولى‪ .‬المكتبة العصرية للطباعة و النشر‪ :‬لبنان‪ .1985.‬ص‪ -‬ص ‪.14-7‬‬

‫‪22‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تحقيق حاجات عامة للناس‪ ،‬إال أنهما يختلفان من حيث‪:‬‬


‫‪ ‬قد تلجأ الدولة إلى نزع الملكية لألفراد‪ ،‬وادراجها ضمن الملكية العامة‪ ،‬ففي هذه الحالة تقوم‬
‫السلطة العامة بإجراء إجباري للصالح العام‪ ،‬لكن تنازل الفرد عن ملكه وحبسه للخير يكون عمال‬
‫اختياريا يرجوا منه الثواب(‪.)1‬‬
‫‪ ‬إن العمل القانوني الذي يعطي المال صفة العمومية‪ ،‬يعد من قبيل الق اررات اإلدارية التي‬
‫تتخذها السلطات المختصة‪ .‬أما الوقف فهو تصرف قانوني يكون أمام ضابط عمومي أال وهو‬
‫الموثق‪ ،‬بموجب اإلرادة المنفردة‪.‬‬
‫‪ ‬إن صفة العمومية للمال ليست أبدية‪ ،‬أنما يفقدها اذا زالت عنه المنفعة العامة‪ ،‬عكس‬
‫الوقف الذي يكتسب صفة األبدية‪ ،‬إال اذا كان في طريق الزوال أو تعطل االنتفاع به(‪.)2‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫األحكام المقررة لجريمة اختالس األموال العمومية‬

‫جريمة اختالس المال العام كغيرها من الجرائم‪ ،‬التي ال تقوم إال بتوافر أركانها األساسية‪،‬‬
‫والتي خصصها المشرع الجزائري بجزاء وفقا لطبيعته‪ ،‬وبغرض تحديد األحكام المقررة لجريمة‬
‫اختالس األموال العمومية‪ ،‬ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬أعرض في المطلب األول‪:‬‬
‫أركان جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬أما في المطلب الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة‬
‫اختالس األموال العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان جريمة اختالس األموال العمومية‬

‫تقوم جريمة اختالس األموال العمومية على أركان جوهرية‪ ،‬تتمثل في الركن الشرعي القائم‬
‫على مبدأ "ال جريمة وال عقوبة إال بنص"‪ ،‬والذي نص عليها المشرع الجزائري بموجب المادة ‪29‬‬
‫المعدلة بالقانون رقم ‪ 15-11‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬والتي جاءت تحت عنوان‬
‫"اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير شرعي"(‪ ،)3‬باإلضافة‬
‫إلى األركان األخرى التي سوف نقوم بدراستها بالتفصيل‪ ،‬وعليه قسمت هذا المطلب إلى الفرع‬

‫(‪)1‬‬
‫أعمر يحياوي‪ .‬نظرية المال العام‪ .‬دار هومة للطباعة و النشر‪ :‬الجزائر‪ .2002 .‬ص‪ -‬ص ‪.32 -30‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع السابق‪ .‬ص ‪.27‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يصطلح على التسمية الجديدة لجريمة اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير شرعي‪،‬‬
‫باللغة الفرنسية حسب المشرع الجزائري ( ‪De la Soustraction ou de l’Usage illicite des Biens par un‬‬
‫‪.)Agent Public‬‬

‫‪23‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األول‪ :‬الركن المفترض‪ ،‬أما الفرع الثاني‪ :‬الركن المادي‪ ،‬وقد خصصت الفرع الثالث‪ :‬للركن‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الركن المفترض‬

‫اشترط المشرع لقيام جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬توفر صفة خاصة في الجاني ‪،‬‬
‫واعتبرها ركنا أساسيا بانتفائها أو انقضاءها تنتفي معها الجريمة‪ ،‬على اعتبار أن المصلحة‬
‫المحمية‪ ،‬هي ضمان حسن السير الطبيعي للعمل الوظيفي لإلدارة العامة‪ ،‬وعليه يكون علينا‬
‫توفرها في‬
‫معالجة النقاط التالية بشكل مفصل‪ ،‬أوال‪ :‬صفة الجاني‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬الشروط الواجب ّ‬
‫الجاني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صفة الجاني‬

‫تكتسي صفة الجاني أهمية بالغة في جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬تعرف هذه الصفة بـ‬
‫الموظف العام‪ ،‬الذي اعتبره ركنا أساسيا لقيامها‪ ،‬فهي ال تقع من غيره بالنظر إلى جوهرها‪ ،‬حيث‬
‫بانتفائها أو انقضائها تنتفي الجريمة‪ ،‬و تتخذ وصفا أخر متى توافرت جميع أركانها‪.‬‬

‫عرف المشرع الجزائري الموظف العمومي في المادة ‪ 02‬فقرة (ب) من قانون الوقاية من‬ ‫وقد ّ‬
‫الفساد و مكافحته(‪ ،)1‬على النحو التالي‪":‬‬

‫‪ -1‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس‬
‫الشعبية المحلية المنتخبة‪ ،‬سواء أكان معي ًنا أو منتخبا‪ ،‬دائما أو مؤقتًا‪ ،‬مدفوع األجر أو غير‬
‫مدفوع األجر‪ ،‬بصرف النظر عن رتبته و أقدميته‪.‬‬
‫‪ -2‬كل شخص أخر يتولى و لو مؤقتا‪ ،‬وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر‪ ،‬ويساهم بهذه‬
‫الصفة في خدمة هيئة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها‪ ،‬أو أية‬
‫مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية‪،‬‬
‫‪ -3‬كل شخص أخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع و التنظيم‬
‫المعمول بهما"‪ ،‬هذا التعريف مستمد من المادة ‪ 02‬فقرة (أ) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬التي صادقت عليها الجزائر بموجب مرسوم رئاسي(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرة(ب)‪ .‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 128-04‬مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪ .2004‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد‪ ،‬المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك في ‪ 31‬أكتوبر‪ .2003‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.26‬‬
‫صادرة في ‪ 25‬أفريل ‪ .2004‬ص ‪.12‬‬

‫‪24‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و الذي نجده يختلف تماما عن تعريف الموظف العمومي الذي جاءت به المادة ‪ 04‬من‬
‫القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬بالقول" يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية‬
‫(‪)1‬‬
‫وسع من مفهوم الموظف العام‬
‫دائمة و ُّرسم في رتبته في السلم اإلداري‪ ، "...‬فالقانون الجنائي ّ‬
‫عما هو معروف ومتفق عليه وفق قواعد في القانون اإلداري‪ ،‬و من ذلك يمكننا تقسيم مصطلح‬
‫الموظف العمومي إلى أربعة فئات‪ ،‬كالتالي(‪:)2‬‬

‫‪ -1‬ذو المناصب التنفيذية و اإلدارية و القضائية‪ :‬يعد الموظف العمومي‪:‬‬


‫أ‪ .‬الشخص الذي يشغل منصبا تنفيذيا ويقصد به‪:‬‬
‫‪ ‬رئيس الجمهورية‪ :‬و الذي يعد على رأس السلطة التنفيذية (‪ ،)3‬فاألصل أن ال يسأل رئيس‬
‫الجمهورية عن الجرائم التي قد يرتكبها بمناسبة تأدية مهامه‪ ،‬ما لم تشكل خيانة عظمى‪.‬‬
‫يحال رئيس الجمهورية إلى المحكمة العليا للدولة المختصة بمحاكمة الرئيس حسب المادة ‪177‬‬
‫من الدستور‪ ،‬والتي تركت المجال لقانون عضوي يحدد تشكيلتها وتنظيمها‪ ،‬هذا األخير الذي لم‬
‫يرى النور رغم مرور ‪ 20‬سنة على دستور ‪.)4(1996‬‬
‫‪ ‬الوزير األول‪ :‬ي ّعين من قبل رئيس الجمهورية وفق للمادتين ‪ 91‬و ‪ 92‬من الدستور‪ ،‬واذا‬
‫كان من الجائز مسائلته جزائيا على الجنايات والجنح‪ ،‬التي يرتكبها بمناسبة تأدية مهامه‪ ،‬بما فيها‬
‫جرائم الفساد‪ ،‬فإنها تظل متوقفة إلى غاية تنصيب المحكمة العليا للدولة المختصة دون سواها‬
‫بمحاكمته(‪.)5‬‬
‫الدولة‪ ،‬كلهم معينون من طرف‬
‫‪ ‬أعضاء الحكومة‪ :‬وهم الوزراء والوزراء المنتدبون وكتاب ّ‬
‫رئيس الجمهورية طبقا للمادتين ‪ 91‬و ‪ 93‬من الدستور‪ ،‬بحيث يجوز مساءلتهم ومحاكمتهم‪ ،‬عن‬
‫جميع جرائم الفساد بما في ذلك اختالس األموال العمومية‪ ،‬أمام المحكمة العليا وفقا لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر رقم ‪ 03-06‬مؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ .2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العامة‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .46‬صادرة في ‪ 16‬جويلية ‪ .2006‬ص ‪.03‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 84‬و ‪ .86‬القانون رقم ‪ . 01-16‬المتضمن التعديل الدستوري‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرخ في ‪ 07‬ديسمبر ‪ .1996‬يتعلق بإصدار نص تعديل الدستور‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .76‬صادرة في ‪ 08‬ديسمبر ‪ .1996‬ص ‪ .6‬معدل و متمم‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.13‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أنظر المادة ‪ .573‬األمر رقم ‪ 155-66‬مؤرخ في ‪ 08‬جوان ‪ .1966‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .48‬صادرة في ‪ 10‬جوان ‪ .1966‬ص ‪ .622‬المعدل و المتمم‪ .‬بالقانون رقم ‪ 24-90‬مؤرخ في ‪ 18‬أوت‬
‫‪ .1990‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .36‬صادرة في ‪ 22‬أوت ‪ .1990‬ص ‪ .1151‬المعدل و المتمم‪ .‬باألمر رقم ‪ 02-15‬مؤرخ‬
‫في ‪ 23‬جويلية ‪ .2015‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .40‬صادرة في ‪ 23‬جويلية ‪ .2015‬ص ‪.28‬‬

‫‪25‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ .‬الشخص الذي يشغل منصبا إداريا ويقصد به‪:‬‬


‫‪ ‬الموظفون الذين يشغلون مناصبهم بصفة دائمة‪ :‬وهم الموظفون العموميون الذين عينوا‬
‫في وظيفة عمومية دائمة‪ ،‬ورسموا في رتبتهم في السلم اإلداري‪ ،‬والذين نصت عليهم المادة ‪04‬‬
‫من القانون األساسي العام للوظيفة العمومية(‪.)1‬‬
‫‪ ‬األعوان الذين يشغلون منصبهم بصفة مؤقتة‪ :‬وهم األعوان المتعاقدين و المؤقتين‪ ،‬الذين‬
‫يشتغلون في اإلدارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬الذين تتوفر فيهم صفة الموظف بمفهوم القانون‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫ت‪ .‬الشخص الذي يشغل منصبا قضائيا‪ :‬نظ ار للمكانة الوظيفية التي يتمتع بها القاضي‪ ،‬ونظ ار‬
‫شد ّد المشرع العقوبة في بعض الحاالت على القاضي‪.‬‬
‫لحساسية المنصب‪ّ ،‬‬
‫وبالرجوع إلى المفهوم الضيق للقاضي‪ ،‬ال يشغل منصب قاضي سوى القضاة كما عرفهم‬
‫(‪)2‬‬
‫المحلفون المساعدون في‬
‫القانون األساسي للقضاء ‪ ،‬وهم قضاة القضاء العادي‪ ،‬واإلداري‪ ،‬و ّ‬
‫محكمة الجنايات‪ ،‬والمساعدون في قسم األحداث‪ ،‬وكذا أمناء الضبط‪.‬‬
‫كما ال يشغل منصبا قضائيا‪ ،‬قضاة مجلس المحاسبة‪ ،‬أعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬أعضاء‬
‫مجلس المنافسة(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬ذو الوكاالت النيابية‪ :‬ويتعلق األمر هنا بالشخص الذي يشغل منصبا تشريعيا‪ ،‬أو منتخب‬
‫في المجالس المحلية (والئية أو بلدية)‪.‬‬
‫أ‪ .‬الشخص الذي يشغل منصبا تشريعيا‪ :‬نصت عليهم المادة ‪ 112‬من الدستور وهم أعضاء‬
‫البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬و مجلس األمة)‪ ،‬سواء كانوا منتخبين أو معينين‪.‬‬
‫ب‪ .‬المنتخب في المجالس الشعبية المحلية‪ :‬ويقصد به كافة أعضاء المجالس الشعبية البلدية‪،‬‬
‫والوالئية‪ ،‬بمن فيهم رئيس المجلس البلدي و الوالئي(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬من يتولى وظيفة أو وكالة في مرفق عام أو في مؤسسة عمومية ذات رأس مال مختلط‪:‬‬
‫تقتضي هذه الصفة أن ينتمي الجاني إلى أحد األشخاص المعنوية‪ ،‬غير الدولة والجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬وأن يكون له جزءا من المسؤولية‪ ،‬على النحو التالي(‪:)5‬‬
‫أ‪ .‬الهيئات و المؤسسات المعنية‪ :‬و تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫القانون رقم ‪ .03-06‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 11-04‬مؤرخ في ‪ 06‬سبتمبر ‪ .2004‬المتضمن القانون األساسي للقضاء‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.57‬‬
‫صادرة بتاريخ ‪ 08‬سبتمبر ‪ .2004‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )3‬أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.136‬‬

‫‪26‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬الهيئات العمومية (‪ :)Organismes Publics‬يقصد بها كل شخص معنوي عام‪ ،‬غير‬


‫الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬بحيث يتولى هذا الشخص تسير مرفق عمومي‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫المؤسسات العمومية ذات طابع إداري (‪ ،)EPA‬ومؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري‬
‫(‪ ،)EPIC‬ومجلس المنافسة‪ ،‬وسلطة ضبط البريد و المواصالت‪ ،‬وسلطة ضبط الكهرباء والغاز‪،‬‬
‫وسلطة ضبط المحروقات‪ ،‬وغيرها من مؤسسات الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬المؤسسات العمومية (‪ :)Entreprises Publiques‬وهي شركات تجارية واقتصادية‪،‬‬
‫تحوز الدولة فيها أو أي شخص معنوي أخر خاضع للقانون العام‪ ،‬أغلبية الرأسمال االجتماعي‪،‬‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وهي تخضع للقانون العام‪ ،‬ومثال ذلك شركة سوناطراك‪ ،‬وسونلغاز‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬المؤسسات ذات الرأسمال المختلط‪ :‬ويقصد بها المؤسسات العمومية االقتصادية التي‬
‫ينظمها األمر رقم ‪ 04-01‬المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية وتسييرها و‬
‫خوصصتها(‪ ،)1‬والتي تفتح رأسمالها االجتماعي للخواص‪ ،‬سواء كانوا أفرادا أو شركات‪ ،‬مواطنين‬
‫أو أجانب‪ ،‬عن طريق بيع األسهم في السوق(‪ ،)2‬ويقوم هذا األسلوب على أساس اشتراك الدولة أو‬
‫أحد األشخاص العامة مع األفراد في إدارة مرفق عمومي(‪.)3‬‬
‫‪ ‬المؤسسات األخرى التي تقدم خدمة عمومية‪ :‬وهي في األصل مؤسسات خاصة‪ ،‬تقوم‬
‫بتسيير مرفق عام عن طريق ما يسمى بعقود االمتياز‪.‬‬
‫ب‪ .‬تولي وظيفة أو وكالة‪ :‬يقتضي تولي وظيفة أن تسندها في مهمة معينة أو مسؤولية ما‪،‬‬
‫ويقتضي في تولي وكالة أن يكون الجاني منتخبا‪ ،‬أو مكلفا بمهمة نيابية‪ ،‬وعليه‪:‬‬
‫‪ ‬من يتولى وظيفة‪ :‬كل شخص أسندت له مسؤولية في المؤسسات‪ ،‬أو الهيئات العمومية‪،‬‬
‫مهما كانت وظيفته‪ ،‬من الرئيس أو المدير العام‪ ،‬إلى رئيس المصلحة‪.‬‬
‫‪ ‬من يتولى وكالة‪ :‬وهم أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬في المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬يستوي‬
‫أن يكون للدولة كل رأسمالها االجتماعي‪ ،‬أو جزء منه‪.‬‬
‫‪ -4‬من في حكم الموظف‪ :‬وهو ما جاءت به المادة ‪ 02‬فقرة‪ 2‬بند‪ 3‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)(‪،)4‬‬
‫حيث ينطبق هذا التعريف على المستخدمين الشبه عسكريين‪ ،‬والمدنيين للدفاع الوطني‪ ،‬والضباط‬
‫العموميين‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر رقم ‪ 04-01‬مؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪ .2001‬يتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية و تسييرها و‬
‫خوصصتها‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .47‬صادرة في ‪ 22‬أوت ‪ .2001‬ص ‪.9‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.21‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عالء الدين عشي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.33‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرة(ب) بند (‪ .)3‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬المستخدمين الشبه عسكريين و المدنيين للدفاع الوطني‪ :‬وهم األشخاص الذين يحكمهم‬
‫القانون األساسي للمستخدمين العسكريين(‪.)1‬‬
‫‪ ‬الضباط العموميون‪ :‬وهم األشخاص الذين خولهم القانون سلطة التصديق‪ ،‬أو إعطاء‬
‫بناء على تفويض من السلطة العامة‪،‬‬
‫الصبغة الرسمية للعقود والوثائق‪ ،‬والذين يتولون وظيفتهم ً‬
‫كالموثق ‪ ،‬والمحضر القضائي وغيرهم(‪.)2‬‬

‫وعليه نستنتج بأن جريمة اختالس المال العام ال تقع إال بتوفر صفة خاصة في الجاني‪،‬‬
‫وسع المشرع الجزائري‬
‫والتي تعتبر الركن األساسي لقيام الجريمة‪ ،‬وهي صفة الموظف العام‪ ،‬الذي ّ‬
‫من تعريفه ليشمل طوائف أخرى غير معروفة في القانون اإلداري‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكد ذاتية القانون الجنائي‪ ،‬مع توسيع أليات الحرص على الحفاظ على هبة‬
‫الدولة‪ ،‬وصيانة كيانها‪ ،‬والحفاظ على المال العام‪.‬‬
‫توفرها في الجاني(الموظف العام)‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الواجب ّ‬

‫ال يكفي لقيام جريمة اختالس األموال العمومية توافر صفة معينة في الجاني‪ ،‬التي حددتها‬
‫بد من توافر شروط أساسية تقترن بهذه الصفة‪ ،‬والتي نوضحها كما‬
‫المادة ‪( 02‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬بل ال ّ‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اختصاص الموظف بحيازة المال العام‪ :‬يعد عنصر االختصاص‪ ،‬عنص ار مكمال للصفة‬
‫الخاصة التي يتطلب القانون توافرها‪ ،‬إلمكان قيام جريمة االختالس‪ ،‬بمعنى أن الموظف يجب أن‬
‫يكون مختصا بحيازة المال العام‪ ،‬باسم صاحبه أو لحسابه(‪ ،)3‬سواء بالمحافظة عليه أو بإنفاقه‪،‬‬
‫وفقا لما تتطلبه النصوص القانونية و اللوائح و الق اررات‪ ،‬ويمكن كذلك أن يكون أم ار من الرئيس إلى‬
‫مرؤوسه(‪ ،)4‬وهنا ال بد أن نميز بين حالتين‪:‬‬
‫الحالة التي يكون فيها الموظف العام مختصا بحيازة المال العام‪ ،‬باسم صاحبه أو‬ ‫أ‪.‬‬
‫لحسابه‪ ،‬بحيث يكفي أن تكون الدولة أو أحد أفرادها‪ ،‬فإذا نتج عن هذا األخير فعل يدل بصورة‬
‫واضحة على تغيير الحيازة من ناقصة إلى كاملة‪ ،‬والظهور عليها بمظهر المالك‪ ،‬اعتبر مرتكبا‬
‫لجريمة االختالس المال العام‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر رقم ‪ 02-06‬مؤرخ في ‪ 28‬فيفري ‪ .2006‬يتضمن القانون األساسي العام للمستخدمين العسكريين‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .12‬صادرة في ‪ 01‬مارس ‪ .2006‬ص ‪.9‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.25 -24‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.226‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.156 -155‬‬

‫‪28‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وال يشترط لثبوت اختصاص موظف بحيازة المال أن يكون المال بين يدي الموظف المختلس‪،‬‬
‫وانما يكفي أن يكون من اختصاص وظيفته وصول يده إلى هذا المال‪ ،‬وبالتالي يكون مختصا‬
‫بهذه الحيازة‪ ،‬وعليه ال ي ّعد مختصا وظيفيا المرؤوس الذي يستطيع الدخول دون قيد إلى غرفة‬
‫رئيسه التي توجد بها األموال‪ ،‬حيث بانتفاء الصلة بين الوظيفة وحيازة المال‪ ،‬ال يعد مرتكبا‬
‫لجريمة االختالس‪.‬‬
‫ب‪ .‬حالة كون الموظف العمومي غير مختص بحيازة المال العام‪ ،‬ولكن يسرت له وظيفته‬
‫وقوع المال بين يديه‪ ،‬كما لو تدخل في عمل الموظفين المختصين بتلك الحيازة بتهاون منهم‪ ،‬أو‬
‫تغاظيهم عنه‪ ،‬و قحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق وظيفته(‪ ،)1‬فاذا ما تم االستيالء على هذا‬
‫المال ال يطّبق عليه النص الخاص بجريمة االختالس‪.‬‬
‫‪ -2‬توافر صفة الموظف وقت ارتكاب االختالس‪ :‬إذا تبين أن صفة الموظف قد ألحقت‬
‫بالجاني بعد وقوع الفعل اإلجرامي‪ ،‬ال يمكن معاقبته على أساس جريمة اختالس األموال العمومية‪،‬‬
‫وانما على أساس جريمة أخرى متى توافرت جميع أركانها‪.‬‬
‫فالصفة شرط جوهري إلسناد واقعة اختالس المال العام للموظف‪ ،‬فالعبرة بتحديد ما إذ كانت‬
‫الصفة مالزمة أو غير مالزمة للموظف العمومي أثناء وقوع الفعل اإلجرامي‪ ،‬فبمجرد توقف‬
‫الموظف عن تأدية مهامه أو العمل المنوط به‪ ،‬ال تنتفي عنه هذه الصفة‪ ،‬مما يستوجب من‬
‫القاضي إظهارها في الحكم‪ ،‬واال كان معيبا(‪.)2‬‬
‫كذلك ال يمكن إسناد جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬إلى الموظف العمومي الذي انتفت عنه‬
‫الصفة بالعزل‪ ،‬أو التنحية أو االستقالة‪ ،‬أو التقاعد أو الوفاة‪ ،‬أو انقضاء اختصاص حيازة المال‬
‫العام باسم الدولة‪ ،‬حيث يشترط المشرع أن يكون الجاني متصل بمحل االختالس اتصاال وظيفيا‪،‬‬
‫بانتفاء صفة الجاني‪ ،‬تنتفي أحد العناصر األساسية لقيام الجريمة‪ ،‬وهذا ما يحقق شرط العالقة بين‬
‫الوظيفة والشيء المختلس(‪.)3‬‬

‫وعليه يستوجب لقيام جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬أن تتوفر صفة خاصة في الجاني‬
‫وهي صفة الموظف العمومي‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بالشروط الخاصة التي تالزم صفة الموظف‬
‫العام‪ ،‬والمتمثلة في أن يكون هذا األخير مختصا بحيازة المال العام‪ ،‬وأن تتوفر صفة الموظف‬
‫العمومي وقت ارتكاب السلوك اإلجرامي المتمثل في اختالس المال العام‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.227‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.158 -156‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.160 -158‬‬

‫‪29‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المادي‬

‫تقوم جريمة اختالس األموال العمومية باإلضافة للركن المفترض على الركن المادي‪ ،‬والذي‬
‫سوف نتطرق اليه من خالل هذا الفرع ‪ ،‬الذي قسمته إلى‪ ،‬أوال‪ :‬السلوك المجرم‪ ،‬ثم ثانيا‪ :‬محل‬
‫الجريمة‪ ،‬أما ثالثا‪ :‬عالقة الجاني بمحل الجريمة‪.‬‬

‫المجرم‬
‫ّ‬ ‫أوال‪ :‬السلوك‬

‫لكي تتحقق جريمة اختالس األموال العمومية ال بد من قيام الجاني بنشاط أو سلوك مادي‬
‫معين‪ ،‬المتمثل في تحويل األموال العامة من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة(‪ ،)1‬والظهور على‬
‫الشيء مظهر المالك أو صاحبه‪.‬‬
‫وهو ما جاءت به المادة ‪ 29‬المعدلة بموجب القانون رقم ‪ 15 -11‬المتعلق بالوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪ ،‬و التي تنص" ‪ ...‬كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز‬
‫بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي‪ ،"...‬وهي الصور الخمسة التي تمثل السلوك‬
‫اإلجرامي للركن المادي‪ ،‬هذه التصرفات التي يمكن أن يقوم بها الموظف العام‪ ،‬اتجاه المال العام‬
‫المسلم اليه بمقتضى وظيفته أو بسببها‪ ،‬والتي نص عليها المشرع في نفس المادة بالقول "‪...‬عهد‬
‫بها اليه بحكم وظائفه أو بسببها‪ ،".‬فنعرفها على الشكل اآلتي بيانه‪:‬‬

‫‪ -1‬التبديد العمدي(‪ :)Dissipation Volontaire‬التبديد لغة هو "التفريق"(‪ ،)2‬أما‬


‫اصطالحا هو "إخراج المال من حيازة األمين‪ ،‬إما باستهالكه‪ ،‬أو التصرف فيه تصرف المالك‬
‫بالبيع أو الهبة"(‪ ،)3‬كما يحمل التبديد معنى اإلسراف والتبذير‪ ،‬كأن يقوم مدير البنك بمنح قروضا‬
‫ألشخاص رغم علمه بعدم جدية مشاريعهم‪ ،‬وال يعد مجرد استعمال الشيء تبديدا‪ ،‬اذا ورد فقط على‬
‫مجرد المنفعة(‪.)4‬‬
‫والتبديد في حقيقة األمر يتضمن بالضرورة فعل االختالس‪ ،‬إذ ما هو إال تصرف الحق عن‬
‫ذلك الفعل‪ ،‬وعلة المشرع في النص على فعل التبديد‪ ،‬هو التوسع في نطاق حماية المال العام‪،‬‬

‫(‪( )1‬الحيازة الناقصة تقوم فقط على العنصر المادي و المتمثل في وجود الشيء بيد الحائز مؤقتا بحيث تفتقر على العنصر‬
‫المعنوي‪ .‬أما الحيازة الكاملة هي التي يجتمع فيها عند الحائز عنصري الحيازة المادي و المعنوي‪ ،‬و بالتالي السيطرة‬
‫الفعلية على الشيء)‪ .‬سليمان بارش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪ ،53 -52‬عيفة محمد رضا‪ :‬المرجع نفسه‪ .‬ص‪ -‬ص‬
‫‪.77 -73‬‬
‫(‪)2‬عبد الحميد هنداوي‪ .‬المحكم و المحيط األعظم‪ .‬جزء ‪ .9‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.282‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ .‬جرائم االعتداء على األموال العامة و الخاصة‪ .‬طبعة رابعة‪ .‬دار هومة‪ :‬الجزائر‪ .2007.‬ص ‪.146‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.33‬‬

‫‪30‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للمحافظة على المصلحة العامة‪ ،‬وعليه يسعى المشرع لزرع الطمأنينة في نفوس المسيرين‪ ،‬وكسر‬
‫هاجس الخوف من المالحقة والعقاب‪.‬‬
‫العمدي‪ ،‬نتيجة كثرة‬
‫ّ‬ ‫عدل المشرع الركن المعنوي‪ ،‬وجعل التبديد المعاقب عليه هو التبديد‬
‫ّ‬
‫المتابعات ضد المسيرين واإلطارات‪ ،‬بالمؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬والذي حط من‬
‫عزيمتهم في اتخاذ القرار المناسب في اطار القانون‪ ،‬إلنقاذ المؤسسات من اإلفالس‪ ،‬ألن التسيير‬
‫اإلداري غالبا ما يكون محفوفا بالمخاطر(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬االختالس (‪ :)2()Soustraction‬يتحقق االختالس بمجرد تحويل الموظف العام المال‬
‫المؤتمن عليه‪ ،‬من الحيازة الوقتية على سبيل األمانة إلى الحيازة النهائية على سبيل التملك‪ ،‬ومن‬
‫قبيل ذلك مدير البنك الذي يستعمل ويستولي على المال المودع به‪ ،‬واستعمال الموظف لسلطته‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫على المال العام لغرض غير مسموح به‬
‫إن مدلول االختالس في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته يختلف عما جاء به قانون العقوبات‪،‬‬
‫حيث استعمل المشرع هذا اللفظ في عدة مواضع سابقة للداللة على السلوك اإلجرامي المكون للركن‬
‫المادي‪.‬‬
‫بناء على فعل االختالس‪ ،‬فغالبا ما تكون‬
‫وبذلك لم يشترط المشرع تحقق نتيجة إجرامية معينة ً‬
‫النتيجة اإلجرامية ضر ار يصيب المصلحة العامة من جراء ضياع المال العام‪ ،‬فهي تقوم في حق‬
‫الجاني حتى لو لم يترتب عن ذلك أي ضرر مادي‪ ،‬كما أنه ال يشترط حصول الموظف العام على‬
‫فائدة من خالل فعله اإلجرامي(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬اإلتالف (‪ :)Destruction‬اإلتالف لغة معناه "تلف أي َهل َك"(‪ ،)5‬ويتحقق اإلتالف بهالك‬
‫الشيء‪ ،‬أي بإعدامه والقضاء عليه‪ ،‬ويختلف اإلتالف عن إفساد الشيء أو اإلضرار به جزئيا‪،‬‬
‫حيث يتحقق هذا الفعل بكل الطرق‪ ،‬كاإلحراق والتمزيق الكامل أو التفكيك التام‪ ،‬إذا كان الشيء‬
‫سيفقد قيمته أو صالحيته نهائيا(‪.)6‬‬
‫ونصت المادة ‪ 158‬من (ق‪.‬ع‪.‬ج) على اإلتالف‪ ،‬الذي جاء تحت عنوان "جريمة سرقة‬
‫األوراق من المستودعات العمومية"‪ ،‬يعد األمين العمومي والذي هو في األصل موظفا عموميا‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.172 -171‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يرى دكتور بوسقيعة أن لفظ االختالس يقابله (‪ )Détournement‬عكس ما جاء به المشرع (‪ ،)Soustraction‬و التي‬
‫يرى أنها قريبة من معنى السرقة ال االختالس‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.32‬‬
‫(‪Gérard Cornu. Vocabulaire Juridique. 11e édition. JOUVE : France. 2016. P 343.)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.170‬‬
‫(‪ )5‬عبد الحميد هنداوي‪ .‬المحكم و المحيط األعظم‪ .‬ج‪ .9‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.490‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.33‬‬

‫‪31‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مرتكبا لجريمة سرقة أوراق من مستودعات عمومية‪ ،‬اذا قام بإتالف‪ ،‬أو تشويه‪ ،‬أو تبديد‪ ،‬أو انتزاع‬
‫عمدا‪ ،‬أوراق أو عقود أو مستندات سلمت اليه بهذه الصفة‪ ،‬وليس اختالس ممتلكات عمومية كما‬
‫جاء به (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬رغم توفر جميع أركانها‪ ،‬في هذه الحالة نكون أمام مسألة تعدد األوصاف‪،‬‬
‫والتي تقتضي تطبيق الوصف األشد طبقا لقانون العقوبات(‪.)1‬‬
‫ومن ذلك كان على المشرع حذف مصطلح (أمين عمومي)‪ ،‬وجعل المادة تسري على غيره‪،‬‬
‫ألن فعله يدخل ضمن جريمة اختالس المال العام‪ ،‬حتى ال يحمل نفس الفعل وصفين مختلفين(‪.)2‬‬
‫‪ -4‬االحتجاز بدون وجه حق (‪ :)3()Rétention Indue‬ليس في احتجاز المال بدون وجه‬
‫حق اختالس له‪ ،‬إذ هو مجرد حبس للشيء‪ ،‬بحيث يفيد أن نية الموظف الحائز للشيء حيازة‬
‫ناقصة مازالت غير واضحة‪ ،‬بالنسبة للتصرف في المال تصرف المالك‪ ،‬والتي أراد المشرع من‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫خالل هذا التوسع أن يحمي المصلحة التي أعد المال من أجلها‪ ،‬و لخدمتها‬
‫وي عد من قبيل االحتجاز بدون وجه حق‪ ،‬أمين الصندوق في هيئة عمومية‪ ،‬الذي يحتفظ له‬
‫باإليرادات اليومية التي يتوجب عليه إيداعها في البنك‪ ،‬أو المحضر القضائي الذي يودع مال‬
‫الزبائن في حسابه الخاص‪ ،‬بدال من حسابهم في الخزينة العامة(‪.)5‬‬
‫ال يشترط القانون لقيام جريمة اختالس المال العام أن يترتب على االحتجاز بدون وجه حق‪،‬‬
‫ضر ار فعليا يصيب الدولة و األفراد(‪ .)6‬فقد يكون فعال سابقا لالختالس‪ ،‬وليس اختالسا بالضرورة‪،‬‬
‫فإذا كان االحتجاز يستند لحق معين ال تقوم الجريمة‪.‬‬
‫‪ -5‬االستعمال على نحو غير شرعي (‪ :)L’usage illicite‬ال يقتضي لقيام هذه الجريمة‪،‬‬
‫االستيالء على المال‪ ،‬بل يكفي استعماله على نحو غير شرعي‪ ،‬كأن يقوم رئيس البلدية بتسليم‬
‫شاحنة البلدية إلى أحد معارفه لنقل بضاعة إلى محله الخاص‪ ،‬وتتحقق الجريمة في هذه الصورة‬
‫في التعسف في استعمال الممتلكات للغرض الشخصي أو للغير‪ ،‬واالنتفاع به‪ ،‬واستعمله على نحو‬
‫غير شرعي‪ ،‬كأن يقوم باستعمال هاتف المؤسسة أو حاسوبها ألغراضه الشخصية(‪.)7‬‬
‫وعليه نستخلص مما سبق أن المشرع الجزائري قام بتعداد طائفة األعمال المادية‪ ،‬التي ت ّكون‬
‫السلوك اإلجرامي لجريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬وعلته في ذلك إحكام قبضته على مختلف‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .32‬األمر رقم ‪ .156-66‬متضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.173 -172‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪Tayeb Belloula. Droit Pénal Des Affaires. 1er édition .BERTI Edition : Alger. 2011. P 256.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.174‬‬
‫(‪)5‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.146‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.34‬‬
‫(‪)7‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.34‬‬

‫‪32‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التصرفات التي قد يقوم بها الموظف المختص بحيازة المال العام(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬محل الجريمة‬

‫حدد المشرع الجزائري محل جريمة االختالس من خالل المادة ‪ 29‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‬
‫وهي"‪ ...‬أية ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات‬
‫قيمة‪ "...‬وهو نفس التعريف الذي جاءت به اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد(‪ ،)2‬ونأتي على‬
‫شرح المصطلحات كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الممتلكات (‪ :)Les Biens‬وجاء تعريفها بنص المادة ‪ 02‬فقرة (و) من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‬
‫كاآلتي " الممتلكات‪ :‬الموجودات بكل أنواعها‪ ،‬سواء كانت مادية أو غير مادية‪ ،‬منقولة أو غير‬
‫منقولة‪ ،‬ملموسة أو غير ملموسة‪ ،‬و المستندات أو السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك‬
‫الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها‪ ،".‬ويقصد بالمستندات الوثائق التي تثبت حقا من‬
‫الحقوق‪ ،‬كعقود الملكية‪ ،‬واألحكام القضائية‪ ،‬وغيرها‪ .‬أما السندات فيقصد بها كل المحررات الرسمية‬
‫التي تثبت الصفة‪ ،‬كالبطاقات‪ ،‬والشهادات‪ ،‬وكل الوثائق التي لها قيمة معنوية(‪.)3‬‬
‫والشيء المالحظ أن المشرع قد توسع كثي ار في تعريفه للممتلكات‪ ،‬حيث شملت العقارات‪ ،‬التي‬
‫لم يكن التشريع السابق يشملها‪ ،‬وشمل التعريف الممتلكات على سعتها كافة األموال المنقولة ذات‬
‫القيمة كاألثاث‪ ،‬والمصوغات الذهبية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -2‬األموال (‪ :)Fonds‬ويقصد بها النقود‪ ،‬سواء كانت معدنية‪ ،‬أو ورقية‪ ،‬ولفظ المال جاء‬
‫عاما‪ ،‬فقد يكون ماال عاما أي ملك للدولة أو أحد هيئاتها العمومية‪ ،‬أو ماال خاصا كالمال المودع‬
‫من قبل الزبائن لدى كتابة الضبط‪ ،‬وأموال المتقاضيين المودعة عند المحضر القضائي‪ ،‬كما تشمل‬
‫ودائع الزبائن عند الموثق(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬األوراق المالية (‪ :)Valeurs‬ويقصد بها أساسا القيم المنقولة المعرفة في القانون التجاري‬
‫الجزائري(‪ ،)5‬والمتمثلة في األسهم‪ ،‬والسندات‪ ،‬واألوراق التجارية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.175‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .17‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .128-04‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.188‬‬
‫(‪ )4‬أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ 715‬مكرر‪ .30‬من األمر رقم ‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‪ .1975‬المتضمن القانون التجاري‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .101‬صادرة في ‪ 19‬ديسمبر ‪ .1975‬ص ‪ .1906‬المعدل و المتمم‪ .‬بالمرسوم التشريعي رقم ‪08-93‬‬
‫مؤرخ في ‪ 25‬أفريل ‪ .1993‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .27‬صادرة في ‪ 27‬أفريل ‪ .1993‬ص ‪.3‬‬

‫‪33‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وسع المشرع من نطاق‬‫‪ -4‬األشياء األخرى ذات القيمة (‪ّ :)Tout Chose de Valeurs‬‬
‫محل جريمة االختالس‪ ،‬لتشمل أي شيء غير الممتلكات‪ ،‬واألموال‪ ،‬واألوراق المالية(‪.)1‬‬
‫ومن قبيل األشياء األخرى ذات القيمة التي يشملها تعريف الممتلكات وفق قانون الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪ ،‬األعمال اإلجرائية القضائية‪ ،‬كالمحاضر التي تحرر في اطار الدعوى المدنية أو‬
‫الجزائية‪ ،‬وشهادة االستئناف أو المعارضة‪ ،‬عقود الحالة المدنية‪ ،‬حيث يستوي أن تكون هذه األشياء‬
‫األخرى تابعة للدولة‪ ،‬أو ألحد هيئاتها‪ ،‬أو مؤسساتها‪ ،‬أو خاصة تابعة ألفرادها(‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬عالقة الجاني بمحل الجريمة‬

‫لقيام جريمة اختالس الموال العام أوجب المشرع الجزائري‪ ،‬توافر رابطة بين محل االختالس‬
‫وطبيعة الوظيفة التي يمارسها الجاني‪ ،‬حيث بقيامه تقوم الجريمة‪ ،‬وبانعدامها وتوفر األركان‬
‫القانونية تقوم جريمة أخرى على سبيل المثال جريمة السرقة‪.‬‬

‫تتمثل هذه الرابطة الخاصة في كون أن يسلم هذا المال إلى الموظف العمومي بسبب‬
‫الوظيفة‪ ،‬ولقيام الجريمة يجب أن يتوفر شرطان جوهريان في المال محل الجريمة و هما‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته‪ :‬لتقوم الجريمة ال بد أن ي ّسلم المال للموظف‬
‫العام‪ ،‬ويدخله في حيازته المؤقتة‪ .‬وهذا ما عبرت عنه المادة ‪( 29‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالقول "‪ ...‬عه َد‬
‫بها اليه‪ ،"...‬بحيث ال ينقل تسليم المال للموظف الحيازة‪ ،‬وانما لتمكينه من أداء أعماله‬
‫وواجباته(‪ ،)3‬فال تهم الوسيلة أو الطريقة التي استلم بها ذلك الموظف المال العام‪ ،‬فقد يتم التسليم‬
‫بناء على عقد من‬
‫بناء على وصل رسمي أو عرفي أو دون وصل‪ ،‬واألصل في التسليم أن يتم ً‬ ‫ً‬
‫(‪)4‬‬
‫عقود االئتمان المنصوص عليها في قانون العقوبات الجزائري ‪ ،‬والمتعلقة بجنحة خيانة األمانة‬
‫السيما عقود الوديعة‪ ،‬و الوكالة‪ ،‬و الرهن‪ ،‬مما يجعل من جريمة اختالس المال العام على وضعها‬
‫هذا‪ ،‬ال تعدوا أن تكون صورة من صور خيانة األمانة(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬أن تكون حيازة المال بسبب الوظيفة‪ :‬يشترط كذلك لقيام الركن المادي لجريمة االختالس‪،‬‬
‫أن يكون المال قد سلم للموظف بحكم وظيفته أو بسببها‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪29‬‬
‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالقول"‪ ...‬بحكم وظائفه أو بسببها"‪ ،‬ومعنى ذلك أنه لوال الوظيفة التي عهد بها إلى‬

‫(‪)1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.189‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سليمان بارش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.68‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .376‬األمر رقم ‪ .156-66‬يتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.37 -36‬‬

‫‪34‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الموظف‪ ،‬لما تمكن من الحصول على تلك األموال(‪ ،)1‬بحيث ت ّمكن الوظيفة التي يشغلها الجاني‬
‫قدمت لقاضي التحقيق‪ ،‬كدليل‬
‫من استالم المال‪ ،‬ككاتب قاضي التحقيق الذي استلم ماال أو وثائق‪ّ ،‬‬
‫إثبات التهمة أو نفيها في اطار التحقيق القضائي(‪.)2‬‬
‫وال يشترط القانون تسلم الموظف للمال العام بسبب الوظيفة أن يكون مصدره القانون فحسب‪،‬‬
‫بل يمكن أن يكون مصدره‪ ،‬نصا أو الئحة ‪ ،‬أو ق ار ار إداريا أو مجرد أمر من الرئيس إلى مرؤوسه‪،‬‬
‫كتابة أو شفهيا‪ ،‬وعليه فضابط الضبطية القضائية الذي يقوم بعملية التفتيش ال يستطيع أن يد أر‬
‫عنه جريمة اختالس المال العام‪ ،‬إذا ما قام باختالس تلك األموال العامة أو الخاصة‪ ،‬المتأتية من‬
‫عملية التفتيش والحجز‪ ،‬حتى وان كانت عملية التفتيش وليدة إجراء قانوني أو باطل(‪.)3‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الركن المعنوي‬

‫تعتبر جريمة اختالس األموال العمومية من الجرائم العمدية‪ ،‬التي يتخذ ركنها المعنوي صورة‬
‫يعرف المشرع جريمة االعتداء غير العمدي‬
‫القصد الجنائي الذي يقوم على العلم و اإلرادة‪ ،‬حيث ال ّ‬
‫على األموال‪ ،‬حتّى لو توافر لدى الجاني خطأ في أشد صوره جسامة‪ ،‬كمن يأخذ شيئا مملوك لغيره‬
‫معتقدا أنه مملوك له رغم الفارق الواضح بينهما‪ ،‬ومن أن غلطه هذا ليس مما يلتمس العذر فيه(‪،)4‬‬
‫وعليه يلزم لقيام الركن المعنوي توافر القصد العام‪ ،‬وهناك جانب من الفقه من يرى ضرورة توافر‬
‫القصد الخاص(‪ ،)5‬وعليه سنتناول أوال‪ :‬القصد الجنائي‪ ،‬ثم ثانيا‪ :‬الوقائع النافية و غير النافية‬
‫للقصد‪ ،‬أما ثالثا‪ :‬إثبات القصد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القصد الجنائي‬

‫جريمة اختالس المال العام من الجرائم العمدية التي تستلزم توافر القصد الجنائي في جميع‬
‫ضار ال يمكنه أن يرتقي إلى مرتبة العمد‪،‬‬
‫ًا‬ ‫صورها(‪ ،)6‬بمعنى أن الخطأ مهما كان جسيما و‬
‫وبالتالي فان إهمال الموظف مهما كان جسيما ال يتحقق به القصد الجنائي في جريمة اختالس‬
‫المال العام‪ ،‬حيث يكتفي جانب من الفقه بالقصد العام فقط لقيام جريمة اختالس المال العام‪ ،‬بينما‬

‫(‪)1‬‬
‫عيفة محمد رضا‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.221 -218‬‬
‫(‪ )2‬أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.38 -37‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عبد اهلل سليمان‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.95‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.226‬‬
‫(‪)5‬‬
‫عدل الركن‬
‫(نستق أر من خالل تعديل المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته سنة ‪ ،2011‬أن المشرع ّ‬
‫المعنوي للتبديد كصورة من صور اختالس الممتلكات ال أساس له‪ ،‬ألنه ي ْفتََرض قانونا أن يكون التبديد عمديا‪ ،‬و الغاية‬
‫التي يرجوها المشرع من التعديل هي إعطاء طمأنينة‪ ،‬و بعث روح الثقة فقط لدى المسيرين)‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫عبداهلل سليمان‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.81‬‬

‫‪35‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يرى جانب أخر بضرورة قيام القصد العام باإلضافة إلى القصد الخاص المتمثل في نية التملك(‪،)1‬‬
‫وسنأتي على شرح هذين المعطيين كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬القصد العام‪ :‬وهو القصد الضروري لقيام كافة الجرائم العمدية‪ ،‬ويعني اتجاه نية وارادة‬
‫يجرم هذا الفعل ويعاقب عليه‪ ،‬ويقوم القصد‬‫الجاني نحو القيام بفعل إجرامي‪ ،‬مع علمه أن القانون ّ‬
‫العام على عنصري العلم واإلرادة(‪ ،)2‬أي علم الجاني بتوافر أركان الجريمة وتوجيه إ اردته إلى‬
‫ارتكاب السلوك المجرم‪ ،‬وبانتفائهما أو انتفاء أحدهما ينتفي القصد الجنائي‪.‬‬
‫أ‪ .‬العلم‪ :‬وهو علم الجاني بتوافر األركان و العناصر التي تقوم عليها الجريمة و التي‬
‫يشترطها و يتطّلبها القانون‪ ،‬و كذا اآلثار الناتجة عنها و التي تلحق ضر ار بالغير(‪ ،)3‬فيلزم أن‬
‫يعلم الجاني بأنه موظف عمومي‪ ،‬و هو ما أكدته المحكمة العليا من خالل القرار رقم‬
‫‪ 3309989‬الصادر في ‪ 03‬مارس ‪ 2004‬بالقول" يجب في جريمة اختالس شيء م ّخصص‬
‫للجيش‪ ،‬أن يشمل السؤال أركان الجريمة من حيث تحديد صفة الجاني(عسكري)‪ ،‬ومن حيث أن‬
‫األشياء المختلسة مخصصة للجيش‪ ،‬و عهد بها اليه بهذه الصفة ألجل الخدمة"(‪.)4‬‬
‫ذلك أنه من المتصور أن يجهل الجاني صفته الوظيفية‪ ،‬كما لو كان الموظف قد فصل من‬
‫منصبه وتظلم من هذا القرار وأعيد إلى منصبه بقرار من الجهة المختصة‪ ،‬وكان هذا الموظف قد‬
‫اختلس أصوال كانت في عهدته قبل إخطاره بسحب قرار الفصل‪ ،‬فهنا ال تقوم جريمة اختالس‬
‫المال العام‪ ،‬بل تقوم جريمة أخرى متى توافرت جميع أركانها(‪.)5‬‬
‫ويتطلب القصد الجنائي أن يعلم الجاني بصفة المال الذي اختلسه‪ ،‬وأنه وجد بين يديه بسبب‬
‫وظيفته‪ ،‬وأن حيازته للمال حيازة ناقصة‪ ،‬فان ّدلت وقائع القضية على انتفاء هذا العلم فقدت‬
‫الجريمة أحد أركانها‪ ،‬وهو الركن المعنوي‪ ،‬شأنه شأن الموظف المكلف بصرف الرواتب الذي‬
‫يأخذ مبلغ مالي مساوي لراتبه الشهري معتقدا أنه مستحق الدفع في ذلك التاريخ‪ ،‬إال أنه في حقيقة‬
‫األمر لم يصدر أمر الصرف له(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.227‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سعيد بوعلي‪ ،‬دنيا رشيد‪ .‬شرح قانون العقوبات الجزائري(قسم عام)‪ .‬طبعة ثانية‪ .‬دار بلقيس للنشر‪ :‬الجزائر‪.2016،‬‬
‫ص ‪.191‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سعيد بوعلي‪ ،‬دنيا رشيد‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.188‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد الرزاق حمودي‪ .‬القانون الجزائي لألعمال الجزائري‪ .‬طبعة أولى‪ .‬جزء أول‪ .‬روافد العلم للنشر و التوزيع‪ :‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .2015‬ص ‪.199‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد مأمون سالمة‪ .‬قانون العقوبات (قسم خاص)‪ .‬جزء أول‪ .‬دار الفكر العربي‪ :‬مصر‪ .1982 .‬ص ‪.268‬‬
‫(‪)6‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.229‬‬

‫‪36‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ .‬اإلرادة‪ :‬وهي قوة داخلية نفسية تتحكم في سلوك اإلنسان وتوجهه‪ ،‬فهي نشاط يصدر عن‬
‫الموجهة للسلوك المادي نحو تحقيق نتيجة‬
‫وعي وادراك لبلوغ هدف معين‪ ،‬فهي القوة المسيطرة و ّ‬
‫محظورة قانونا(‪.)1‬‬
‫كما ال بد أن يكون السلوك اإلجرامي في جريمة اختالس المال العام إر ّاديا‪ ،‬ويتحقق ذلك‬
‫بانصراف نية الموظف المختلس إلى التصرف في المال المسلم اليه بسب الوظيفة تصرف‬
‫المالك‪ ،‬ويكون هذا التملك سواء لحسابه الخاص أو بنقل حيازته للغير أو بتبديده‪ ،‬كما يجب أن‬
‫تكون إرادة الجاني حرة خالية من جميع العيوب‪ ،‬فإن كانت معيبة بأن كان تحت إكراه مثال‪ ،‬ال‬
‫يتحقق القصد الجنائي‪ ،‬وبالتالي يسقط الركن المعنوي‪ ،‬وال تقوم الجريمة(‪.)2‬‬
‫نظ ار لخطورة الجريمة على النظام العام‪ ،‬إالّ يشترط المشرع في صور التبديد العمدي‬
‫واإلتالف واالحتجاز بدون وجه حق واالستعمال على نحو غير شرعي سوى القصد الجنائي العام‪،‬‬
‫أما صورة االختالس فتستلزم توافر القصد الخاص إلى جانب القصد العام‪ ،‬لقيام الركن المعنوي‪،‬‬
‫وهذا حسب جانب من الفقه الجزائري(‪ ،)3‬على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -2‬القصد الخاص‪ :‬قد يشترط القانون عالوة عن القصد العام قصدا خاصا‪ ،‬الذي يتمثل في‬
‫الباعث أو الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة(‪ ،)4‬ويجب اإلشارة إلى أن القانون ال‬
‫يأخذ بالباعث أو الدافع إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬حتى ولو كان الباعث على ارتكابها نبيال أو شريفا(‪.)5‬‬
‫ففي صورة االختالس‪ ،‬يتطلب القصد الجنائي اتجاه إرادة الموظف العام إلى تملك الشيء الذي‬
‫بحوزته‪ ،‬فاذا غاب هذا القصد الخاص أي النية في التملك‪ ،‬ال يقوم االختالس‪ ،‬ومن هذا القبيل من‬
‫يقوم باالستيالء على المال بنية استعماله واالنتفاع به ثم رده‪ ،‬فقد يشكل هذا الفعل احتجا از بدون‬
‫وجه حق‪ ،‬أو استعمال على نحو غير شرعي(‪.)6‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوقائع النافية و غير النافية للقصد‬

‫يقوم الموظف العام أثناء تأديته مهامه الوظيفية‪ ،‬إلى القيام بإنفاق المال أو استعماله أو‬
‫التصرف فيه للصالح العام‪ ،‬وذلك وفقا للقانون‪ ،‬لكن قد يدفع الموظف العمومي المتهم باالختالس‪،‬‬

‫(‪ )1‬سعيد بوعلي‪ ،‬دنيا رشيد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.189‬‬


‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.230‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.38‬‬
‫(‪ )4‬سعيد بوعلي‪ ،‬دنيا رشيد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.191‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ .‬طبعة ‪ .14‬دار هومة للنشر و التوزيع‪ :‬الجزائر‪ .2014 .‬ص‬
‫‪.148‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.39‬‬

‫‪37‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بأن تصرفه كان قانونيا ووفقا لما يقتضيه التشريع المعمول به‪ ،‬أو أن يدفع بانتفاء قصد االختالس‬
‫لديه‪ ،‬وعليه سنحاول أن نبين الوقائع النافية للقصد والوقائع غير النافية للقصد‪.‬‬

‫‪ -1‬الوقائع النافية للقصد‪ :‬يشترط المشرع الجزائري لقيام جريمة اختالس المال العام في حق‬
‫الموظف‪ ،‬قيامه بأي فعل يدل داللة واضحة على نيته من تحويل الحيازة المؤقتة للمال العام إلى‬
‫حيازة كاملة وتامة‪ ،‬و الظهور عليه بمظهر صاحب الملك ال بمظهر األمين عليه‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫كل سلوك ال يكشف لنا وبصورة قاطعة عن تحويل هذه الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة‪ ،‬ال يمكن‬
‫القول معه بقيام جريمة االختالس(‪.)1‬‬
‫فقد يكون اختفاء المال راجع إلى قوة قاهرة‪ ،‬أو إلى حدث فجائي كالحريق أو السرقة أو الضياع‪،‬‬
‫أو غير ذلك من الظروف واألسباب التي ال دخل إلرادة الجاني فيها‪ ،‬ألن القانون يعاقب على‬
‫الوقائع التي ترتكب من قبل الجاني بمحض إرادته‪ ،‬أما اذا كانت خارجة عن إرادته فان جريمة‬
‫االختالس تنتفي عنه(‪.)2‬‬
‫و بما أن الشك يفسر لصالح المتهم‪ ،‬فانه ال يكفي لقيام جريمة االختالس وجود عجز في‬
‫حساب الموظف بجواز أن يكون مرد ذلك إلى خطأ في الحساب‪ ،‬أو إهمال أو سهو من الموظف‬
‫في قيد العمليات‪ ،‬ألن ذلك ال يعد دليال على تغيير نية الحيازة من ناقصة إلى حيازة كاملة‪ ،‬ورغم‬
‫ذلك فانه يصعب على الموظف المتهم باختالس المال العام التملص بهذا الدفع(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬الوقائع غير النافية للقصد‪ :‬إن المال العام الم ّسلّم للموظف بسب الوظيفة أو بمقتضاها‪،‬‬
‫ال يعفي من جريمة االختالس في حالة ما إذا قام بالتصرف في ذلك المال تصرف المالك‪ ،‬حتى‬
‫ولو قام بعد ذلك برد المبلغ المختلس أو قيمته‪ ،‬فرد المال المختلس ال ينفي الجريمة‪ ،‬إالّ اذا صلح‬
‫دليال على انتفاء نية االختالس لدى الفاعل‪ ،‬ألن العلة في ذلك تكمن في حماية السير الطبيعي‬
‫للمصلحة العامة‪ ،‬ويكون الفعل الذي اقترفه الموظف قد وقع تحت طائلة أحكام جريمة االختالس‪،‬‬
‫وهذا بغض النظر عن الظروف و األحوال التي تعرض بعد وقوع الفعل اإلجرامي المعاقب عليه‪،‬‬
‫الرد‪ ،‬ال يمكن سوى أن يكون ضرفا مخففا يجوز‬
‫وأن رد المال المختلس بأية كيفية حصل بها هذا ّ‬
‫بناء عليه أن يخفف العقوبة في حق الجاني(‪.)4‬‬
‫للقاضي ً‬
‫ناء على أمر من‬‫كما ال تنتفي جريمة اختالس المال العام بدفع الموظف بأنه اختلس المال ب ً‬
‫رئيسه المباشر والذي يتوجب عليه طاعته‪ ،‬وذلك متى كان على علم بعدم مشروعية الفعل‪ ،‬وعليه‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.235‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد عيد الغريب‪ .‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ .‬طبعة رابعة‪ .‬دار النهضة العربية‪ :‬مصر‪ .2003 .‬ص ‪.219‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.236‬‬
‫(‪)4‬‬
‫بهنام رمسيس‪ .‬الجرائم المضرة بالمصلحة العامة‪ .‬طبعة ثانية‪ .‬منشأة المعارف‪ :‬مصر‪ .‬ص ‪.199‬‬

‫‪38‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فليس للمرؤوس أن يطيع األمر الصادر من الرئيس بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه‪،‬‬
‫تخول للرئيس سلطة إصدار األوامر بالتصرف في المال الموجود في حيازة‬‫مالم توجد قاعدة قانونية ّ‬
‫الموظف‪ ،‬ففي هذه الحالة تمتنع مساءلة المرؤوس الذي ينفذ أوامر الرئيس متى كانت تلزمه طاعته‬
‫تبعا ألحكام المسؤولية المرفقية(‪.)1‬‬
‫كذلك ال تنتفي جريمة اختالس المال العام عن الموظف العمومي‪ ،‬مهما كانت درجته أو رتبته‬
‫في السلم اإلداري‪ ،‬الذي عهدت اليه أموال عمومية‪ ،‬والذي أجرى مقاصة بين ماله من حق وما‬
‫عد مختلسا لها‪ ،‬وال عبرة بالتمسك بأن الباعث على االختالس هو‬
‫تحته من أموال عامة‪ ،‬واال ّ‬
‫مبرر ال ينفي وقوع االختالس‪.‬‬
‫المقاصة‪ ،‬ألن الباعث مهما يكون نبيال و ّا‬
‫وعليه نستخلص أن جريمة اختالس المال العام تهدف إلى حماية المصلحة العامة‪ ،‬فالدولة‬
‫تحافظ على الثقة التي وضعتها في الموظف أو من في حكمه‪ ،‬وقيام هذا األخير بالمقاصة‪ ،‬وان‬
‫توفرت شروطها المدنية‪ ،‬فإنها ال تجوز جنائيا عمال بمبدأ ذاتية القانون الجنائي من جهة‪ ،‬وألن‬
‫ّ‬
‫الدين مطلوب وليس محمول من جهة أخرى‪ ،‬وعليه ال يجوز للموظف المطالبة بالدين إال بإتباع‬
‫اإلجراءات التي حددها القانون(‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬إثبات القصد‬

‫كما تطرقنا سابقا إلى أن جريمة اختالس المال العام من الجرائم العمدية‪ ،‬والتي يتطلب‬
‫المشرع بشأنها توافر القصد الجنائي‪ ،‬وأن الخطأ مهما كان جسيما ال يرقى إلى مرتبة العمد‪ ،‬غير‬
‫أن إثبات هذا القصد يخضع للقواعد العامة لإلثبات(‪ ،)3‬فقد توجد هناك مؤشرات عديدة تدل داللة‬
‫توفر القصد الجنائي‪ ،‬من ذلك فرار المتهم بعد قيامه باالختالس أو إخفاؤه أو تزويره‬
‫واضحة على ّ‬
‫للمعطيات في الدفاتر أو تبديده للمال أو التصرف فيه تصرف المالك بصفة جزئية أو كلية‪ ،‬أو‬
‫غير ذلك من األفعال التي من شأنها أن تكشف لنا و بصورة قاطعة على توافر القصد الجنائي(‪.)4‬‬

‫ولقيام الدليل على توافر القصد الجنائي العبرة فيه بما يقتنع به القاضي‪ ،‬طالما أن الواقعة‬
‫الجرمية التي أثبتها الحكم تفيد في حد ذاتها أن الجاني قصد بفعله غير المشروع إضافة المال العام‬
‫إلى ملكه‪ ،‬والظهور عليه بمظهر صاحب الملك‪ ،‬ومنه فإثبات القصد يخضع للقواعد العامة‬
‫لإلثبات‪ ،‬وللقاضي الجزائي السلطة التقديرية في تقدير توافر القصد من عدمه‪ ،‬ألن القاضي يبني‬
‫بناء على اقتناعه الشخصي‪ ،‬الذي يتكون لديه تبعا لما يستخلصه من أدلة تتعلق بالجريمة‬
‫حكمه ً‬

‫(‪)1‬‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.244‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.242 -237‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.241‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.234‬‬

‫‪39‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المقترفة‪ ،‬وهو ما نصت عليه اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المادة‪ 28‬على" يمكن‬
‫االستدالل من المالبسات الوقائعية الموضوعية على توافر العلم أو النية أو الغرض بصفته ركنا‬
‫مجرم وفقا لهذه االتفاقية"(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة اختالس األموال العمومية‬

‫ار بالمال العام وما في حكمه‪ ،‬إذ‬


‫تعد جريمة اختالس األموال العمومية من أشد الجرائم إضرًا‬
‫يترتب عليها التأثير في الدور الذي يلعبه هذا المال في تسيير المرافق العامة‪ ،‬وكذا خدمة االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬كما أنها تكشف فئة الموظفين الفاسدين الذين وضعت فيهم الدولة الثقة‪ ،‬وسلمت اليهم تلك‬
‫األموال العامة ليحافظوا عليها‪ ،‬ويستغلوها وفقا لما ينص عليه القانون‪ ،‬فيقومون بالتصرف في تلك‬
‫حق عليهم أّشد العقاب كي ينالوا الجزاء المناسب على الفعل‬
‫األموال تصرف المالك في ملكه‪ ،‬لذا ّ‬
‫المجرم الذي ارتكبوه‪ ،‬وعليه قسمت هذا المطلب إلى ثالث فروع‪ ،‬سأتناول في الفرع األول‪:‬‬ ‫ّ‬
‫العقوبات المقررة للشخص الطبيعي‪ ،‬ثم في الفرع الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للشخص المعنوي‪ ،‬و‬
‫أخي ار في الفرع الثالث‪ :‬المساهمة الجنائية و تعدد األوصاف‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات المقررة للشخص الطبيعي‬

‫يتعرض الشخص المدان بجنحة اختالس األموال العمومية‪ ،‬بالنظر لجسامة الفعل المجرم‬
‫وخطورته‪ ،‬لجملة من العقوبات المقررة قانونا‪ ،‬والتي سأوضحها وفق الترتيب االتي‪ :‬أوال‪ :‬العقوبات‬
‫األصلية‪ ،‬ثم ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية‪ ،‬أما ثالثا‪ :‬مسألة التقادم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية‬

‫إن أهم ما ي ّميز قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬هو تخليه عن العقوبات الجنائية واتباعه‬
‫ّ‬
‫للعقوبات الجنحية‪ ،‬حيث طبق المشرع هذه القاعدة على كافة صور جرائم الفساد التي تتطلب إقامة‬
‫الدليل القاطع تبعا لمقتضيات مبدأ المحاكمة العادلة‪ ،‬وعلى جميع الجناة بصرف النظر عن رتبهم‬
‫الوظيفية‪ ،‬والمبالغ المختلسة(‪ .)2‬وعليه يعاقب القانون على اختالس األموال العمومية من خالل‬
‫المادة ‪( 29‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) التي تنص على" يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات و بغرامة‬
‫من ‪ 200,000‬دج إلى ‪ 1,000,000‬دج‪ ،)3("...،‬ونستشف صورها كاآلتي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .28‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .128-04‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.46‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .29‬القانون رقم ‪ .15-11‬معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -1‬تشديد العقوبة‪ :‬نص المشرع الجزائري من خالل المادة ‪( 48‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬على الحاالت‬
‫التي تشدد فيها العقوبة بالنسبة لجميع جرائم الفساد‪ ،‬وعلى غرارها جريمة اختالس المال العام‪،‬‬
‫لتصبح العقوبة من عشر سنوات إلى عشرون سنة‪ ،‬اذا كان الجاني ينتمي إلى احدى الفئات‬
‫المنصوص عليها و هم كاآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬القاضي(‪ :)Magistrat‬بمفهومه الواسع‪ ،‬الذي يشمل عالوة على قضاة النظام العادي‬
‫واإلداري‪ ،‬قضاة مجلس المحاسبة‪ ،‬و أعضاء مجلس المنافسة‪.‬‬
‫‪ ‬موظف يمارس وظيفة عليا في الدولة‪ :‬ويتعلق بالموظفين المعينين بمرسوم رئاسي‪ ،‬والذين‬
‫يشغلون على األقل وظيفة نائب مدير باإلدارة المركزية للو ازرة‪ ،‬أو ما يعادل هذه الرتبة في‬
‫المؤسسات العمومية أو في اإلدارات غير المركزية أو في الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬ضابط عمومي‪ :‬ويتعلق األمر أساسا بالموثق‪ ،‬والمحضر القضائي‪ ،‬ومحافظ البيع‬
‫بالمزايدة‪ ،‬والترجمان الرسمي‪ ،‬الذين يتمتعون باالعتماد الرسمي لممارسة المهنة‪ ،‬وكذا حيازتهم‬
‫على ختم رسمي باسم الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬ضابط أو أعون الضبط القضائي‪ :‬منصوص عليهم بالمادتين ‪ 15‬و ‪( 19‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪،‬‬
‫كرئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬وضباط الدرك الوطني‪ ،‬والموظفون التابعون لألسالك الخاصة‬
‫للمراقبين‪ ،‬ومحافظي وضباط الشرطة لألمن‪ ،‬وضباط األمن العسكري‪ ،‬وموظفو مصالح الشرطة‪،‬‬
‫وذوو الرتب في الدرك الوطني‪ ،‬وغيرهم المنصوص عليهم قانونا‪.‬‬
‫‪ ‬من يمارس بعض صالحيات الشرطة القضائية‪ :‬وهم األعوان المنصوص عليهم بالمادتين‬
‫‪ 21‬و ‪ 27‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬موظفو أمانة الضبط‪ :‬وهم الموظفون التابعون ألحد الجهات القضائية على غرار رئيس‬
‫قسم‪ ،‬أمين ضبط رئيسي‪ ،‬أمين ضبط‪ ،‬معاون أمين ضبط‪ ،‬دون باقي الموظفين التابعين لألسالك‬
‫المشتركة‪ ،‬حتى لو كانت لهم وظائف بأمانة الضبط‪.‬‬
‫‪ ‬عضو في الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬أو في الديوان الوطني لقمع‬
‫الفساد(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬اإلعفاء من العقوبة و تخفيضها‪ :‬حيث يستفد الجاني من اإلعفاء من العقوبات‪ ،‬أو‬
‫تخفيفها حسب الظروف ووفق الشروط التي حددتها المادة‪ 49‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) كاآلتي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المواد ‪ 17‬و ‪ 18‬و ‪ 24‬مكرر و ‪ 24‬مكرر‪ .1‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬
‫معدل و متمم‪ .‬باألمر‪ 05-10‬مؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ .2010‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .50‬صادرة في ‪ 01‬سبتمبر‪ .2010‬ص‬
‫‪.16‬‬

‫‪41‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ .‬اإلعفاء من العقوبة‪ :‬يستفيد من األعذار المعفية بالنسبة لجريمة اختالس المال العام‪،‬‬
‫الفاعل األصلي أو الشريك الذي يّبلغ السلطات اإلدارية‪ ،‬أو القضائية‪ ،‬أو الجهات المعنية‬
‫كمصالح الشرطة أو الدرك الوطني‪ ،‬عن جريمة أو ساعد في الكشف عن مرتكبيها ومعرفتهم‪.‬‬
‫حيث تشترط نفس المادة ‪ 49‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) أن يتم تبليغ السلطات والهيئات المعنية‬
‫بالمتابعة‪ ،‬قبل مباشرة إجراءات تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬أي قبل تصرف النيابة العامة في ملف‬
‫التحريات األولية(‪.)1‬‬

‫ب‪ .‬تخفيض العقوبة‪ :‬يستفيد من تخفيض العقوبة إلى النصف‪ ،‬الفاعل أو الشريك الذي ساعد‬
‫بعد مباشرة إجراءات المتابعة في القبض على شخص أو أكثر من األشخاص الضالعين في‬
‫ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وتمتد مرحلة ما بعد مباشرة إجراءات المتابعة إلى غاية استنفاذ طرق الطعن(‪ ،)2‬في حين كانت‬
‫جريمة اختالس المال العام‪ ،‬قبل التعديل تخضع للقواعد العامة التي نصت عليها المادة ‪ 53‬من‬
‫(‪)3‬‬
‫في حالة وجود ظرف مخفف‪.‬‬ ‫(ق‪.‬ع‪.‬ج)‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية‬

‫نصت المادة ‪ 50‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)"‪ ...‬يمكن الجهة القضائية أن تعاقب الجاني بعقوبة أو‬
‫أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات‪ ،".‬أي يجوز لهيئة المحكمة‪،‬‬
‫الحكم على الجاني في جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬بعقوبة أو أكثر من العقوبات التي نص‬
‫عليها قانون العقوبات‪ ،‬وبالعودة إلى نص المادة ‪ 09‬منه(‪ ،)4‬وتتمثل العقوبات التكميلية في‪:‬‬
‫‪ -1‬العقوبات التكميلية المنصوص عليها بموجب قانون العقوبات‪:‬‬
‫أ‪ .‬تحديد اإلقامة(‪ :)Assignation à Résidence‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 09‬بند‪3‬‬
‫من (ق‪.‬ع‪.‬ج)‪ ،‬والتي عرفتها المادة ‪ 11‬من نفس القانون‪ ،‬بأنها الزام المحكوم عليه باإلقامة في‬
‫منطقة يعيينها الحكم لمدة ال تتجاوز(‪ 5‬سنوات)‪ ،‬يبدأ تنفيذ هذه العقوبة من يوم انقضاء العقوبة‬
‫األصلية أو اإلفراج عن المحكوم عليه‪ .‬ويّبلغ الحكم أو القرار القضائي الخاص بتحديد اإلقامة‬
‫إلى المحكوم عليه بموجب قرار يصدر عن وزير الداخلية يحدد فيه مكان اإلقامة الجبرية(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.250‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.49‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .53‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬المعدل و المتمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .09‬األمر رقم ‪ .156-66‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة‪ .12‬األمر رقم ‪ 80-75‬مؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر‪ .1975‬المتعلق بتنفيذ األحكام القضائية الخاصة بحضر و‬
‫تحديد اإلقامة‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .102‬صادرة في ‪ 23‬ديسمبر ‪ .1975‬ص ‪.1392‬‬

‫‪42‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ .‬المنع من اإلقامة(‪ :)Interdiction de Séjour‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 09‬بند‪4‬‬


‫عرفتها المادة ‪ 12‬من نفس القانون‪ ،‬بأنها حظر تواجد المحكوم عليه في‬
‫من (ق‪.‬ع‪.‬ج)‪ ،‬والتي ّ‬
‫بعض األماكن‪ ،‬وال يجوز أن تتجاوز مدة الحظر (‪ 5‬سنوات) في الجنح‪ ،‬يبدأ سريانها بالنسبة‬
‫للمحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية‪ ،‬من يوم انقضاء العقوبة األصلية أو اإلفراج عن المحكوم‬
‫عليه‪ ،‬واذا حبس الشخص خالل منعه من اإلقامة فإن الفترة التي يقضيها في الحبس ال تطرح من‬
‫مدة منعه من اإلقامة‪.‬‬
‫كما ت ّح ّدد أماكن التي تمنع اإلقامة بها بموجب قرار من وزير الداخلية‪ ،‬و الذي يبلغ للمحكوم‬
‫عليه‪ ،‬كما أجاز له القانون تعديل قائمة األماكن الممنوعة من اإلقامة‪ ،‬كما أجازت له أيضا وقف‬
‫تنفيذ المنع من اإلقامة(‪.)1‬‬
‫‪L’interdiction d’exercer d’un ou plusieurs‬‬ ‫ت‪ .‬الحرمان من مباشرة بعض الحقوق المدنية(‬
‫‪ :)des‬ويتعلق األمر بالحقوق المنصوص عليها في المادة ‪( 14‬ق‪.‬ع‪.‬ج)‪ ،‬وهي‬ ‫‪droits Civics‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كاآلتي‪:‬‬ ‫الحقوق الوطنية التي نصت عليها المادة ‪ 09‬مكرر‪ 1‬من نفس القانون‬
‫‪ ‬العزل أو اإلقصاء من جميع الوظائف والمناصب العمومية التي لها عالقة بالجريمة‪.‬‬
‫‪ ‬الحرمان من حق االنتخاب والترشح و حمل أي وسام‪.‬‬
‫‪ ‬عدم األهلية ألن يكون مساعدا محلفا أو خبي ار أو شاهدا على أي عقد‪ ،‬أو شاهدا أمام‬
‫القضاء‪ ،‬إالّ على سبيل االستدالل‪.‬‬
‫‪ ‬الحرمان من الحق في حمل األسلحة‪ ،‬وفي التدريس وفي إدارة مدرسة أو الخدمة في‬
‫مدرسا أو مراقبا‪.‬‬
‫مؤسسة التعليم بوصفه أستاذا أو ّ‬
‫قيما‪.‬‬
‫‪ ‬عدم األهلية ألن يكون وصيا أو ً‬
‫‪ ‬سقوط حقوق الوالية كلها أو بعضها‪.‬‬
‫‪ :)La‬وهو التعريف الذي‬ ‫لألموال(‪Confiscation Partielle des Biens‬‬ ‫ث‪ .‬المصادرة الجزئية‬
‫جاءت به المادة ‪ 15‬من (ق‪.‬ع‪.‬ج)‪ ،‬بأنها " األيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال‬
‫معينة‪ ،‬أو ما يعادل قيمتها عند االقتضاء‪ ،".‬فتشمل األموال محل الجريمة أو التي تحصلت‬ ‫ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫منها‪ ،‬كذلك الهبات والمنافع األخرى التي استعملت كمكافأة في الجريمة ‪.‬‬
‫غير أنه تستثنى من ذلك محل السكن الالزم إليواء الجاني‪ ،‬وذلك وفق الشروط المحددة‬
‫قانونا(‪ ،)4‬كما تستثنى األموال غير القابلة للحجز عنها مدنيا والتي نص عليها قانون اإلجراءات‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادتين‪ 2‬و ‪ .3‬األمر رقم ‪ .80-75‬المتعلق بتنفيذ األحكام القضائية بحضر و تحديد اإلقامة‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 14‬و ‪ 09‬مكرر‪ .1‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬المعدل و المتمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.254‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .15‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المدنية واإلدارية(‪ ،)1‬على اعتبار أن هذا األخير هو قانون عام بالنسبة لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪.‬‬
‫‪ -2‬العقوبات التكميلية التي نص عليها قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ :‬لم يكتف‬
‫المشرع الجزائري بالعقوبات المنصوص عليها في المادة ‪( 50‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬والتي أحالتنا إلى‬
‫تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها وفق قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬بل نص من خالل المادة‬
‫‪( 51‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬على عقوبات تكميلية أخرى كاآلتي بيانها(‪:)2‬‬
‫‪)La‬‬ ‫المشروعة(‪Confiscation des Revenues illicites‬‬ ‫مصادرة العائدات و األموال غير‬ ‫أ‪.‬‬
‫والتي نصت عليها المادة ‪(51‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بـ"‪ ...‬في حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص عليها وفق‬
‫هذا القانون‪ ،‬تأمر الجهة القضائية بمصادرة العائدات واألموال غير المشروعة‪ ،‬وذلك مع‬
‫مراعاة حاالت استرجاع األرصدة أو حقوق الغير حسن النية‪ ،".‬حيث يتضح لنا من صياغة هذه‬
‫المادة أن األمر إلزامي حتى وان خلى النص من عبارة (يجب) ألنه قانون عام يكرس النظام العام‬
‫للدولة‪ ،‬واستعمل المشرع بشأن مصادرة العائدات اإلجرامية عبارة" تأمر الجهة القضائية‪،"...‬‬
‫وعليه تكون المصادرة إلزامية إذا تعلق األمر بالعائدات و األموال غير المشروعة الناتجة عن‬
‫الجريمة‪ ،‬وتكون جوازية في الحاالت األخرى وفي الفرضين تبقى العقوبة تكميلية(‪.)3‬‬
‫عرفت المادة ‪ 02‬فقرة(ز) من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) العائدات اإلجرامية(‪ ،)Produit de Crime‬بأنها"‬
‫كما ّ‬
‫كل الممتلكات المتأتية أو المتحصل عليها‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬من ارتكاب جريمة‪،".‬‬
‫عرفت المادة نفسها فقرة(ط) المصادرة(‪ ،)Confiscation‬بأنها" التجريد الدائم من الممتلكات بأمر‬
‫و ّ‬
‫صادر عن هيئة قضائية‪.)4(".‬‬
‫‪ :)La‬وهو ما جاءت به المادة ‪ 51‬فقرة ‪( 3‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالنص"‪...‬‬ ‫الرد(‪Restitution‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪.‬‬
‫تم اختالسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو ربح‪،‬‬‫برد ما ّ‬
‫وتحكم الجهة القضائية أيضا ّ‬
‫ولو انتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره سواء‬
‫بقيت تلك األموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى‪ ،".‬بحيث يتضح لنا من هذه‬
‫الرد إلزامي(‪.)5‬‬
‫الفقرة أن المشرع‪ ،‬قد جعل ّ‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .636‬قانون رقم ‪ 09-08‬مؤرخ في ‪ 25‬فيفري‪ .2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .21‬صادرة في ‪ 23‬أفريل‪ .2008‬ص ‪ .3‬معدل و متمم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.51‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.52‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرتين(ز)(ط)‪ .‬القانون رقم ‪.01-06‬يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ 51‬فقرة‪ .3‬القانون رقم ‪ .01-06‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ت‪ .‬إبطال العقود و الصفقات و البراءات و االمتيازات‪ :‬وهو ما أجازته المادة ‪55‬‬
‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) للجهات القضائية التي تنظر في الدعوى العمومية‪ ،‬التصريح ببطالن كل عقد‪ ،‬أو‬
‫متحصل عليه من ارتكاب إحدى جرائم الفساد و انعدام‬
‫ّ‬ ‫صفقة‪ ،‬أو براءة‪ ،‬أو امتياز‪ ،‬أو ترخيص‪،‬‬
‫آثاره(‪ ،)1‬و هو حكم جديد لم يسبق أن تضمنه قانون العقوبات ‪ ،‬فاألصل أن يكون إبطال العقود‬
‫من اختصاص الجهات القضائية التي تبث في المسائل المدنية‪ ،‬كالقضاء العادية أو اإلداري‪،‬‬
‫وليس من اختصاص الجهات القضائية التي تبث في المسائل الجزائية(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪ :‬مسألة التقادم‬

‫بعد أن الحظ المشرع الجزائري أن أغلب مرتكبي جرائم الفساد‪ ،‬سرعان ما يفرون إلى خارج‬
‫الوطن والبقاء هناك إلى غاية سقوط الدعوى العمومية بالتقادم(‪ ،)3‬جاءت المادة ‪( 54‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪،‬‬
‫التي تطبق على جريمة اختالس المال العام‪.‬‬

‫بحيث تنص الفقرة األولى على عدم تقادم الدعوى العمومية و العقوبة في جرائم الفساد بوجه‬
‫عام‪ ،‬في حالة ما إذ تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج‪ ،‬أي إذا قام الموظف الجاني بتحويل‬
‫المال المختلس إلى الخارج أو شرع في ذلك‪ ،‬فإنه بذلك ال تتقادم الدعوى العمومية وال العقوبة في‬
‫هذه الحالة(‪ ،)4‬وهي الصورة الوحيدة التي حصرها المشرع الجزائري في عدم تقادم الدعوى‬
‫العمومية(‪ ،)5‬وبذلك نجد أن المشرع الجزائري حذ حذو المشرع اإلنجليزي الذي ال يعترف أساسا‬
‫بمسألة التقادم لتناقضها مع فكرة العدالة‪.‬‬

‫أما الفقرة الثانية فتنص على تطبيق أحكام قانون اإلجراءات الجزائية في غير ذلك من‬
‫الحاالت‪ ،‬حيث بالرجوع إلى المادة ‪ 614‬منه‪ ،‬نجد أن المشرع نص على أن تتقادم العقوبة في‬
‫الجنح بمرور (‪ 5‬سنوات) من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائي‪ ،‬غير أنه في جنحة اختالس‬
‫األموال العمومية يمكن أن تزيد العقوبة السالبة للحرية عن (‪ 5‬سنوات)‪ ،‬فتكون مدة تقادم العقوبة‬
‫المشددة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مساوية لهذه المدة(‪ .)6‬على اعتبار أنها من الجنح‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .55‬القانون رقم ‪.01-06‬يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.52‬‬
‫(‪)3‬‬
‫منصور رحماني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.103‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.251‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.43‬‬
‫(‪)6‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.252‬‬

‫‪45‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما الفقرة الثالثة من المادة ‪ 54‬من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته نصت صراحة‬
‫بالقول" غير أنه بالنسبة للجريمة المنصوص عليها في المادة ‪ 29‬من هذا القانون‪ ،‬تكون مدة‬
‫تقادم الدعوى العمومية مساوية للحد األقصى للعقوبة المقررة لها‪.".‬‬

‫وعليه يجب اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري عند تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة‬
‫‪ ،2004‬بموجب القانون رقم ‪ ،14-04‬والذي نص في المادة ‪ 08‬مكرر المستحدثة‪" ،‬ال تنقضي‬
‫الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح المتعلقة باختالس األموال العمومية"‪ ،‬أي أن هذه‬
‫الجريمة غير قابلة للتقادم‪ ،‬وبصدور قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وطبقا للمادة ‪ 54‬منه‪ ،‬لم‬
‫يعد حكم المادة ‪ 08‬مكرر ينطبق على جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬وذلك بموجب اإللغاء‬
‫الضمني للقواعد القانونية(‪.)1‬‬

‫المقررة للشخص المعنوي‬


‫ّ‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات‬

‫(‪)2‬‬
‫بالقول" يكون‬ ‫نصت المادة ‪ 53‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) على مسؤولية الشخص االعتباري‬
‫الشخص االعتباري مسؤوال جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للقواعد‬
‫المقررة في قانون العقوبات"‪ ،‬والتي أحال المشرع الجزائري إلى تطبيق القواعد العامة المنصوص‬
‫عليها وفق قانون العقوبات‪ ،‬وعليه نقوم بـدراسة أوال‪ :‬الهيئات المعنية بالمسائلة‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬الجزاء‬
‫المقرر للشخص المعنوي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الهيئات المعنية بالمساءلة‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪51‬مكرر من (ق‪.‬ع‪.‬ج)‪ ،‬نجد أن األشخاص المعنوية العامة والدولة‬
‫والجماعات المحلية التي تخضع للقانون العام ال تسأل ج ازئيا‪ ،‬وبالتالي تقتصر المسؤولية الجزائية‬
‫على األشخاص المعنوية الخاصة(‪.)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫في بعض جرائم الفساد‬ ‫‪،‬‬ ‫ومن الممكن تصور قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫كالرشوة‪ ،‬أو تبيض العائدات اإلجرامية‪ ،‬فإنه يصعب تصور قيامها بالنسبة لجريمة اختالس األموال‬

‫(‪)1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.49‬‬
‫(‪)2‬‬
‫و إن كان المشرع الجزائري اصطلح عليها من خالل (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بـ" المسؤولية الجزائية للشخص االعتباري" بدال من"‬
‫العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي" كما نص عليها في الباب األول من (ق‪.‬ع‪.‬ج) في المواد(‪18‬مكرر‪ ،‬مكرر‪،1‬‬
‫مكرر‪ ،2‬مكرر‪ ،)3‬التي كان على المشرع حري به توحيد المصطلحات‪ ،‬رغم استعماله نفس المصطلحات التي جاءت بها‬
‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ال سيما المادة‪ 26‬منه"‪ .‬محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.259‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.53‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد حزيط‪ .‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‪ .‬طبعة أولى‪ .‬دار هومة عين مليلة‪ :‬الجزائر‪ .2013 .‬ص ‪.83‬‬

‫‪46‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العمومية وذلك للخصوصية التي تتمتع بها‪ ،‬فهي قائمة على تحويل الحيازة الناقصة للمال العام إلى‬
‫حيازة كاملة والظهور على المال مظهر المالك باإلضافة إلى باقي األركان‪ ،‬وان كانت المسؤولية‬
‫الجزائية للشخص المعنوي تشترط أن ترتكب الجريمة لحسابه من طرف أجهزته كالرئيس أو المدير‬
‫العام أو مجلس إدارة شركات المساهمة أو ممثليه الشرعيين(‪.)1‬‬

‫فاألصل في االختالس أن يتم لمصلحة الموظف المختلس‪ ،‬فكيف يتصور االختالس وتحويل‬
‫الحيازة من ناقصة إلى كاملة باسم و لحساب الشخص المعنوي‪ ،‬فالمشرع كان عليه أن يستثني‬
‫بعض جرائم الفساد من الجرائم التي يقوم بها الشخص المعنوي‪ ،‬لصعوبة تصور قيام أركان هذه‬
‫المسؤولية باإلضافة إلى على غ ارراها جريمة اختالس المال العام(‪.)2‬‬

‫إالّ أن ذلك ال يمنعنا من ذكر العقوبات المقررة للشخص المعنوي‪ ،‬في حالة ارتكابه لجرائم‬
‫الفساد بصورة عامة‪ ،‬ألن المادة ‪( 53‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) أ ّكدت على قيام المسؤولية بالنسبة لجميع جرائم‬
‫الفساد‪ ،‬والتي لم تستثني جريمة اختالس المال العام منها‪ ،‬و هو ما ذهب اليه بعض فقهاء‬
‫القانون(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجزاء المقرر للشخص المعنوي‬

‫يطبق على الشخص المعنوي المدان بجنحة اختالس األموال العمومية‪ ،‬العقوبات المقررة في‬
‫المادة ‪18‬مكرر من قانون العقوبات(‪ ،)4‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬غرامة تساوي من (‪ 1‬إلى ‪ 5‬مرات) الحد األقصى للجريمة المقررة قانونا‪ ،‬للجريمة التي‬
‫يرتكبها الشخص الطبيعي‪ ،‬أي غرامة تتراوح ما بين ‪1,000,000‬دج وهو الحد األقصى للجزاء‬
‫المقرر للشخص الطبيعي في جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬و ‪5,000,000‬دج والذي يعادل‬
‫(‪ 5‬مرات) الحد األقصى للغرامة‪.‬‬
‫‪ -2‬إحدى العقوبات االتي ذكرها أو أكثر‪:‬‬
‫‪ ‬حل الشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ ‬غلق المؤسسة أو احدى فروعها لمدة ال تتجاوز(‪ 5‬سنوات)‪.‬‬
‫‪ ‬اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز(‪ 5‬سنوات)‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.285 - 266‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.259‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.53‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪18‬مكرر‪ .‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬المنع من مزاولة نشاط مهني‪ ،‬أو اجتماعي‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر لمدة ال‬
‫تتجاوز(‪ 5‬سنوات)‪.‬‬
‫‪ ‬مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪.‬‬
‫‪ ‬تعليق ونشر الحكم باإلدانة‪.‬‬
‫‪ ‬الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز(‪ 5‬سنوات)‪ ،‬وتنصب الحراسة على ممارسة‬
‫النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته‪.‬‬
‫كما يجب اإلشارة إلى أن هذه العقوبات كانت قبل تعديل قانون العقوبات سنة ‪،2006‬‬
‫توصف بـ (العقوبات األخرى)‪ ،‬دون تحديد طبيعتها ما إذ كانت أصلية أم تكميلية؟‪ .‬لكن بعد‬
‫نص القانون على العقوبات األصلية من خالل المادة ‪18‬مكرر في الفقرة‪ ،1‬وعلى‬ ‫التعديل‪ّ ،‬‬
‫العقوبات التكميلية في الفقرة‪ 2‬من نفس المادة‪ ،‬مما أزال اللبس حول طبيعة العقوبات األصلية‬
‫والتكميلية(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المساهمة الجنائية و تعدد األوصاف‬

‫بغرض تحديد مسألة المساهمة الجنائية وتعدد األوصاف في جريمة اختالس المال العام‪،‬‬
‫قمت بتقسيم هذا الفرع إلى عنصرين‪ ،‬أوال‪ :‬المساهمة الجنائية‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬مسألة تعدد األوصاف‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المساهمة الجنائية‬
‫إن اشتراط صفة معينة في الجاني تبرز أهميتها في مجال المساهمة الجنائية‪ ،‬حيث يثور‬
‫ّ‬
‫التساؤل حول ما اذا اقترف جريمة االختالس األموال العمومية أكثر من شخص ‪ ،‬فهل يجب توفر‬
‫صفة الموظف في الفاعل األصلي فقط؟‪ ،‬وماذا لو كان أحد المساهمين هو الفاعل األصلي‬
‫والموظف العمومي شريكا له في االختالس؟(‪.)2‬‬
‫ولإلجابة على التساؤل ظهر رأيين فقهيين(‪ ،)3‬يرى أنصار االتجاه األول بأنه يكفي أن تتوفر‬
‫صفة الموظف العمومي في أحد المساهمين‪ ،‬حتى يمكن تطبيق النص اإلجرامي الخاص بجريمة‬
‫االختالس‪ ،‬بينما يرى أنصار االتجاه الثاني إلى ضرورة التمييز بين المساهمين في قيام الجريمة‪،‬‬
‫والذي يكون الفاعل األصلي فيها دائما هو الذي يتمتع بصفة الموظف العمومي‪ ،‬وهو عكس ما‬
‫جاء به االتجاه األول‪.‬‬
‫ونجد أن موقف المشرع الجزائري من االشتراك‪ ،‬و الذي نص عليه في المادة ‪ 52‬فقرة‪ 1‬من‬
‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالقول" تطبق األحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات على الجرائم المنصوص‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.261‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص – ص ‪.161 - 160‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد مأمون سالمة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.248‬‬

‫‪48‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عليها في هذا القانون‪ ،)1(".‬والتي أحالتنا إلى تطبيق القواعد العامة‪ ،‬وبالرجوع إلى المادة ‪ 41‬من‬
‫(ق‪.‬ع‪.‬ج) التي تنص على" يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مبشرة في تنفيذ الجريمة أو‬
‫حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو‬‫ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫التحايل أو التدليس اإلجرامي" ‪.‬‬
‫نستخلص من نص المادتين السابقتين أن المساهمة الجنائية هي دائما مساهمة تبعية بالنسبة‬
‫للغير الذي شارك في جريمة االختالس‪ ،‬وعليه يعتبر كل من اشترك مع الموظف العام في جريمة‬
‫اختالس األموال العمومية شريكا حتى لو كان السلوك الذي أتاه يرقى إلى مرتبة المساهمة المباشرة‪،‬‬
‫أما الموظف العمومي حتى لو كان الفعل الذي أتاه يدخل ضمن أعمال المشاركة‪ ،‬فانه يعد فاعال‬
‫أصليا‪ ،‬وعلى المحكمة أن تبين عناصر هذا االشتراك واال كان حكمها معرضا للنقض(‪.)3‬‬
‫وبموجب المادة ‪ 44‬فقرة‪ 1‬من (ق‪.‬ع‪.‬ج) التي تنص على" يعاقب الشريك في جناية أو‬
‫جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة‪ ،"...‬والتي نستشف منها أن عقوبة الشريك نفسها عقوبة‬
‫الفاعل األصلي‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن صفة الشريك(‪.)4‬‬
‫وبالعودة إلى المادة ‪ 52‬فقرة‪ 2‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) التي تنص على" يعاقب على الشروع في‬
‫الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بمثل الجريمة نفسها"‪ ،‬فاألصل أن ال يعاقب في جريمة‬
‫االختالس على الشروع‪ ،‬ألنها إما أن تقع كاملة أو ال تقع أصال‪ ،‬ومع هذا نص المشرع على‬
‫عقوبة الشروع بنفس عقوبة الجريمة نفسها‪ ،‬والذي نستشف من أنه نص عام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسألة تعدد األوصاف‬
‫تتحقق مسألة تعدد األوصاف في صورة اختالس األموال‪ ،‬أو السندات ‪،‬أو أي محررات‬
‫أخرى‪ ،‬تتضمن التزاما أو إبراء الذمة‪ ،‬أو تبديدها عمدا‪ ،‬أو احتجازها بدون وجه حق‪ ،‬من قبل‬
‫الرئيس أو أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬أو المديرين العاميين لبنك‪ ،‬أو مؤسسة مالية عمومية(‪.)5‬‬
‫فهو الفعل الذي يشكل من جهة جنحة اختالس الممتلكات التي نصت عليها المادة ‪ 29‬من‬
‫(‪)6‬‬
‫تتوفر في مسؤولي البنوك العمومية‬
‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) ‪ ،‬على أساس أن صفة الموظف العمومي ّ‬
‫باعتبارها مؤسسات عمومية اقتصاديه‪ ،‬كما تتوفر هذه الصفة في مسؤولي المؤسسات المالية‬
‫العمومية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ 52‬فقرة ‪ .1‬قانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .41‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.165 - 163‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.56‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد رضا عيفة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.263‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أنظر المادة ‪ .29‬القانون رقم ‪ .15-11‬معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما من جهة أخرى يشكل هذا الفعل جنحة االختالس أو التبديد أو االحتجاز بدون وجه حق‬
‫المنصوص والمعاقب عليه في المادتين ‪ 133 ،132‬من قانون النقد والقرض(‪.)1‬‬
‫وهنا يثور التساؤل حول أي النصيين واجب التطبيق؟‪ ،‬في هذه الحالة تنص القاعدة العامة‬
‫من خالل المادة ‪( 32‬ق‪.‬ع‪.‬ج) على أنه" يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف‬
‫بالوصف األشد من بينها"(‪ ،)2‬وتطبيقا لهذه القاعدة‪ ،‬تختلف اإلجابة عن التساؤل حول النص‬
‫الواجب التطبيق باختالف قيمة األموال المختلسة أو المبددة أو المحتجزة بدون وجه حق كاآلتي(‪:)3‬‬
‫‪ -1‬يكون قانون الوقاية من الفساد ومكافحته هو الواجب التطبيق إذا كانت القيمة أقل من‬
‫‪10,000,000‬دج باعتبار أن المادة ‪ 132‬من قانون النقد والقرض تعاقب على هذا الفعل‬
‫بالحبس من (سنة إلى ‪ 10‬سنوات)‪ ،‬و بغرامة من ‪500,000‬دج إلى ‪10,000,000‬دج‪.‬‬
‫‪ -2‬يكون قانون النقد والقرض هو الواجب التطبيق إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق‬
‫‪10,000,000‬دج‪ ،‬باعتبار أن المادة ‪ 133‬منه تعاقب على هذا الفعل بالسجن المؤبد و بغرامة‬
‫من ‪20,000,000‬دج إلى ‪50,000,000‬دج‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المواد ‪ 132‬و ‪ .133‬األمر رقم ‪ 11-03‬مؤرخ في ‪ 26‬أوت‪ .2003‬يتعلق بالنقد و القرض‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .52‬صادرة في ‪ 27‬أوت ‪ .2003‬ص ‪.3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .32‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ -‬ص ‪.55 - 54‬‬

‫‪50‬‬
‫الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خالصة الفصل األول‬

‫ومما سبق عرضه في الفصل األول‪ ،‬والذي خصصته لتحليل الجوانب الموضوعية لحماية‬
‫المال العام من جريمة االختالس‪ ،‬والتي تضمنها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬أخلص إلى ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬االختالس سلوك مادي حسب ما جاءت به المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته تحت عنوان "اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير‬
‫شرعي"‪ ،‬فهي من بين أهم الجرائم التي حظيت باهتمام المشرع الجزائري‪ ،‬لما لها من انعكاسات‬
‫خطيرة على الدولة و المجتمع‪ ،‬لتميزها عن باقي الجرائم المشابهة لها في خصوصيتها‪ ،‬واستقاللية‬
‫القانون الذي نص عليها‪.‬‬
‫‪ ‬والمال العام هو المال المرصود للنفع العام‪ ،‬أي المخصص للمرفق العام لتمكينه من القيام‬
‫بدوره في إشباع الحاجيات العامة للمجتمع‪ ،‬أو توفير خدمة عامة‪ ،‬أو تحقيق إيراد للدولة‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا المال منقوال أو غير منقول‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك أولى المشرع الجزائري في اطار التدابير الوقائية الموضوعية لحماية المال العام من‬
‫جريمة االختالس أهمية كبيرة فيما يتعلق بالعنصر البشري‪ ،‬على اعتبار أنه الركيزة األساسية‬
‫المكملة لعنصر المال العام‪ ،‬هذا األخير الذي تعتمد عليه الدولة في إدارة مرافقها وتحقيق أهدافها‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك من خالل توسيعه لمفهوم الموظف العمومي بالمقارنة مع مفهومه في القانون‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬كما اشترط المشرع لقيام جريمة اختالس المال العام‪ ،‬أن يقوم الموظف العمومي بجملة من‬
‫المجرمة على غرار التبديد العمدي‪ ،‬أو االختالس‪ ،‬أو اإلتالف‪ ،‬أو االحتجاز بدون‬
‫ّ‬ ‫السلوكيات‬
‫وجه حق‪ ،‬أو االستعمال على نحو غير شرعي‪ ،‬لممتلكات الدولة‪ ،‬وهي الصور المستحدثة‬
‫بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬التي و ّسعت من مفهوم االختالس‪ ،‬ليشمل جميع‬
‫التصرفات التي قد تصدر عنه بمقتضى وظيفته أو بسببها‪.‬‬
‫‪ ‬كما تضمنت جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬جملة من العقوبات الردعية‪ ،‬التي خصها‬
‫المشرع بأحكام إجرائية استثنائية عما هو مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية‪ ،‬و الذي أعطى لنظام‬
‫التقادم أهمية كبيرة‪ ،‬لعدم تمكين مرتكبي هذه الجريمة من اإلفالت من العقاب‪.‬‬
‫‪ ‬وما يميز قانون الوقاية من الفساد و مكافحته انتهاجه لسياسة التجنيح‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تكريسه للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة ارتكابه لجريمة اختالس المال العام‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يمثل الجانب اإلجرائي الشق الثاني المكمل للجانب الموضوعي‪ ،‬وذلك للوصول إلى‬
‫استراتيجية متناسقة لحماية المال العام من جريمة االختالس‪ ،‬فتشمل الحماية اإلجرائية لهذا األخير‬
‫مجموعة األساليب واآلليات القانونية التي نص عليها المشرع الجزائري‪ ،‬باإلضافة إلى قواعد‬
‫التجريم والعقاب موضوع التطبيق‪ ،‬فالفاصلة بين الجانبين هي الصلة التبادلية بين الموضوع‬
‫واإلجراء‪ ،‬بحيث يفقد الجانب الموضوعي فعاليته دون تطبيق‪ ،‬ويفقد الجانب اإلجرائي مبرر وجوده‬
‫ومحل نشاطه دون قواعد موضوعية(‪.)1‬‬

‫فالمشرع الجزائري لم يقصر الحماية اإلجرائية على الدعوى العمومية فقط‪ ،‬بل نص على‬
‫أجهزة كشف وقمع جريمة اختالس المال العام‪ ،‬وعليه سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬أخصص‬
‫المخولة بضبط جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬أما المبحث الثاني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المبحث األول‪ :‬األجهزة‬
‫إجراءات متابعة الجريمة من النطاق المحلي إلى الدولي‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.101‬‬

‫‪53‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‬
‫األجهزة المخولة بضبط جريمة اختالس األموال العمومية‬

‫نظ ار لآلثار الناجمة عن جرائم الفساد‪ ،‬ورغبة المشرع الجزائري في منع وقوعها‪ ،‬أو الكشف‬
‫عنها مبك ار في حالة وقوعها فعال‪ ،‬قرر إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى الهيئة التقليدية وهي مجلس المحاسبة‪ ،‬كما أنشأ جهاز جديد متخصص بقمع جرائم الفساد‬
‫يسمى بالديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬المطلب األول‪:‬‬
‫مجلس المحاسبة ‪ ،‬المطلب الثاني‪ :‬هيئات الوقاية و قمع الفساد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مجلس المحاسبة)‪(Cour des Comptes‬‬

‫يعتبر مجلس المحاسبة الهيئة العليا للرقابة البعدية على األموال العمومية‪ ،‬الذي خوله‬
‫المشرع الجزائري جميع الصالحيات للقيام بالمهام المنوطة به‪ ،‬وذلك في عدة مجاالت على غرار‬
‫التحريات والمعاينات‪ ،‬والتي تمكنه من التحكم األمثل في استغالل الموارد والوسائل واألموال العامة‪،‬‬
‫ولإللمام بدور مجلس المحاسبة في مجال حماية المال العام من جريمة االختالس‪ ،‬قسمت هذا‬
‫المطلب إلى ثالث فروع‪ ،‬حيث أعرض في الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية لمجلس المحاسبة‪ ،‬أما‬
‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية لمجلس المحاسبة‬

‫بغرض إعطاء لمحة عن الطبيعة القانونية لمجلس المحاسبة ارتأيت تقسيم هذا الفرع إلى‬
‫أوال‪ :‬تعريف مجلس المحاسبة‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬تنظيم مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف مجلس المحاسبة‬

‫يعد مجلس المحاسبة من الهيئات الرقابية التي نص عليها المشرع الجزائري‪ ،‬فقد أنشأ‬
‫بموجب المادة ‪ 190‬من الدستور الجزائري لسنة ‪ ،)1(1976‬غير أن تأسيس هذه الهيئة بشكل‬
‫فعلي يعود إلى سنة ‪ ،)2(1980‬وكرس تأسيسه كل من دستور ‪ 1989‬بموجب المادة ‪160‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .190‬أمر رقم ‪ 97-76‬مؤرخ ‪ 22‬نوفمبر‪ .1976‬يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية‬
‫الديموقراطية الشعبية‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .94‬صادرة في ‪ 24‬نوفمبر‪ .1976‬ص ‪.1292‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 05-80‬مؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪ .1980‬يتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .10‬صادرة في ‪ 04‬مارس ‪ .1980‬ص ‪.338‬‬

‫‪54‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫و التي عدلت بموجب التعديل الدستوري‬ ‫منه(‪ ،)1‬ودستور ‪ 1996‬بموجب المادة ‪ 170‬منه‬
‫التغيرات وصوال إلى‬
‫ّ‬ ‫لسنة ‪ ،)3(2016‬فقد خضع هذا الجهاز في إدارته و تسيره إلى مجموعة من‬
‫إصدار األمر رقم ‪ 20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل و المتمم بموجب األمر رقم ‪-10‬‬
‫‪.)4(02‬‬

‫المعدل و المتمم‪ ،‬نجد أنها تعتبر مجلس‬


‫ّ‬ ‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 02‬من األمر رقم ‪20-95‬‬
‫المحاسبة المؤسسة العليا للرقابة البعدية ألموال الدولة و الجماعات اإلقليمية والمرافق العامة‪ ،‬وبهذه‬
‫الصفة يدخل في اختصاصه التدقيق في شروط استعمال الموارد والوسائل المادية واألموال العامة‬
‫من طرف الهيئات العمومية‪ ،‬والتي يتأكد من مطابقة عملياتها المالية والمحاسبية للقوانين‬
‫والتنظيمات المعمول بها‪.‬‬

‫ويبرز دور مجلس المحاسبة من خالل ممارسته صالحياته‪ ،‬في تعزيز الوقاية ومكافحة‬
‫جميع أشكال الغش والممارسات غير القانونية وغير الشرعية‪ ،‬التي تشكل تقصي ار في األخالقيات‬
‫وواجب النزاهة‪ ،‬الضارة باألمالك واألموال العمومية‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 02‬فقرة‪ 4‬من‬
‫األمر رقم ‪ 02-10‬المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل والمتمم‪.‬‬

‫باإلضافة إلى تدعيم آليات حماية األموال واألمالك العمومية ومكافحة كل أشكال الغش‬
‫والضرر الذي قد يصيب الخزينة العمومية‪ ،‬أو بمصالح الهيئات العمومية الخاضعة لرقابته‪ ،‬وهو ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 26‬فقرة‪ 2‬من نفس األمر(‪.)5‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنظيم مجلس المحاسبة‬


‫يتشكل مجلس المحاسبة من عدة هياكل تتالءم و الدور المنوط به‪ ،‬بعضها نظم بالشكل‬
‫الذي يتناسب مع الوظيفة الرئيسية القضائية واإلدارية للمجلس‪ ،‬و البعض اآلخر نظم في شكل‬
‫هياكل إدارية مساعدة‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .160‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 18-89‬مؤرخ ‪ 28‬فيفري ‪ .1989‬نص تعديل الدستور‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .9‬صادرة في ‪ 01‬مارس ‪ .1989‬ص ‪.234‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .170‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،438-96‬يتضمن نص تعديل الدستور‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .170‬القانون رقم ‪ .01-16‬المتضمن التعديل الدستوري‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬األمر رقم ‪ 20-95‬مؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪ .1995‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .39‬صادرة في ‪23‬‬
‫جويلية ‪ .1995‬ص ‪ .3‬المعدل و المتمم‪ .‬باألمر رقم ‪ 02-10‬مؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ .2010‬عدد ‪ .50‬صادرة في ‪01‬‬
‫سبتمبر ‪ .2010‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫سامية شويخي‪ .‬أهمية االستفادة من األليات الحديثة و المنظور اإلسالمي للرقابة على المال العام‪ .‬مذكرة ماجستير‪.‬‬
‫إشراف عبداهلل بن منصور‪ .‬جامعة تلمسان‪ .‬كلية العلوم االقتصادية‪ .2011 .‬ص ‪.85‬‬

‫‪55‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬التنظيم البشري لمجلس المحاسبة‪ :‬تتمثل التشكيلة البشرية لمجلس المحاسبة في(‪:)1‬‬
‫‪ ‬رئيس مجلس المحاسبة‪ :‬الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي من قبل رئيس الجمهورية(‪.)2‬‬
‫‪ ‬نائب رئيس مجلس المحاسبة‪ :‬يعين بمرسوم رئاسي باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة‪.‬‬
‫بناء على اقتراح من الوزير األول‪.‬‬
‫‪ ‬الناظر العام لمجلس المحاسبة‪ :‬يعين ً‬
‫‪ ‬رؤساء الغرف‪ :‬يعينون بموجب مرسوم رئاسي‪ ،‬باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة(‪.)3‬‬
‫‪ ‬رؤساء الفروع‪.‬‬
‫‪ ‬المستشارون و المحتسبون‪ :‬يعينون بمرسوم رئاسي باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة‪ ،‬بعد‬
‫استشارة مجلس القضاة التابع لمجلس المحاسبة‪.‬‬
‫‪ -2‬التنظيم الهيكلي لمجلس المحاسبة‪ :‬يتكون مجلس المحاسبة من هياكل ذات طبيعة‬
‫قضائية‪ ،‬ومصالح إدارية وتقنية تتولى مهام التدعيم‪.‬‬
‫أ‪ .‬غرف مجلس المحاسبة‪ :‬يتكون مجلس المحاسبة من ثمانية غرف ذات اختصاص وطني‪،‬‬
‫وتسعة غرف ذات اختصاص إقليمي‪ ،‬وكذلك غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية و المالية‪،‬‬
‫ويحتوي المجلس كذلك على‪:‬‬
‫‪ ‬النظارة العامة‪ :‬تتولى مهمة النيابة العامة(‪.)4‬‬
‫‪ ‬كتابة الضبط الرئيسي‪.‬‬
‫‪ ‬مكتب المقررين العامين‪.‬‬
‫ب‪ .‬المصالح اإلدارية و التقنية‪ :‬تشمل كل من األمانة العامة‪ ،‬قسم تقنيات التحليل و الرقابة‪،‬‬
‫قسم الدراسات ومعالجة المعلومات‪ ،‬مديرية اإلدارة و الوسائل‪ ،‬الديوان(‪.)5‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة مجلس المحاسبة‬

‫تشمل رقابة مجلس المحاسبة جميع الهيئات العمومية‪ ،‬التي تستعمل في نشاطها أمواال‬
‫عمومية‪ ،‬بغض النظر عن طبيعتها القانونية‪ ،‬وبشكل عام هي المصالح المركزية للدولة‪ ،‬و‬
‫الجماعات اإلقليمية و كذلك المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ ،‬و عليه سنتناول أوال‪ :‬مجال‬
‫تطبيق رقابة مجلس المحاسبة‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬إجراءات الرقابة المتخذة من طرف مجلس المحاسبة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .38‬األمر رقم ‪ .20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األمر رقم ‪ 23-95‬مؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪ .1995‬المتضمن القانون األساسي لقضاة مجلس المحاسبة‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .48‬صادرة في ‪ 03‬سبتمبر ‪ .1995‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .44‬األمر رقم ‪ .20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .32‬األمر رقم ‪ .20-95‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ . www.ccomptes.org.dz )5‬تنظيم مجلس المحاسبة‪ .‬أطلع عليه بتاريخ‪ 30‬مارس‪ .2016‬على الساعة ‪.23:55‬‬

‫‪56‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مجال تطبيق رقابة مجلس المحاسبة‬

‫تتوسع سلطات مجلس المحاسبة في الرقابة لتشمل التسيير المالي لمصالح الدولة‪،‬‬
‫والجماعات اإلقليمية‪ ،‬و المؤسسات والمرافق العمومية بمختلف أنواعها‪ ،‬كما تخضع أيضا لرقابته‬
‫المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري‪ ،‬و المؤسسات و الهيئات التي تمارس نشاطا‬
‫صناعيا‪ ،‬أو تجاريا‪ ،‬أو ماليا‪ ،‬والتي تكون أموالها أو مواردها أو رؤوس أموالها ذات طبيعة‬
‫عمومية‪ ،‬كذلك مراقبة تسير األسهم العمومية في الشركات والمؤسسات والهيئات التي للدولة جزءا‬
‫من رأس مالها(‪.)1‬‬

‫بينما أخرج المشرع الجزائري بنك الجزائر من رقابة مجلس المحاسبة من خالل تعديل األمر‬
‫المتعلق بمجلس المحاسبة(‪ ،)2‬كما يمارس هذا األخير رقابته على تسيير الشركات و المؤسسات‬
‫والهيئات مهما كان وضعها القانوني‪ ،‬والذي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المؤسسات‬
‫أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى بصفة مشتركة أو فردية‪ ،‬مساهمة باألغلبية في رأس‬
‫المال أو سلطة قرار مهيمنة(‪.)3‬‬

‫ولتمكين مجلس المحاسبة من القيام بالمهام المنوطة به على أحسن وجه‪ ،‬منحه القانون‬
‫الجزائري صالحيات عديدة‪ ،‬إذ له أن ي ّحمل مسؤولية أي مخالفة لقواعد االنضباط في مجال تسيير‬
‫الميزانية والمالية‪ ،‬لكل مسؤول أو عون في المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية التي تخضع‬
‫لرقابته‪ ،‬وهذا من خالل ممارسته لحقه في االطالع على جميع الوثائق التي تسهل له تطبيق رقابته‬
‫المالية‪ ،‬أو الوثائق الالزمة لتقييم تسيير المصالح الخاضعة لرقابته‪ ،‬أو من خالل تطبيق سلطته في‬
‫إجراء التحريات الالزمة من أجل االطالع عن كثب على العمليات المنجزة وذلك بنص المادة ‪08‬‬
‫مكرر من األمر رقم ‪ 02-10‬المتعلق بمجلس المحاسبة(‪.)4‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات الرقابة المتخذة من طرف مجلس المحاسبة‬

‫ينظر مجلس المحاسبة في مدى صحة اإليرادات و النفقات‪ ،‬وفي حسن التسيير األمثل‬
‫لألموال العامة‪ ،‬والذي يقوم بتنظيمها بصفة مباغتة على الوثائق وفي الميدان‪ ،‬مع اتخاذ كل‬
‫اإلجراءات التي يراها المجلس ضرورية لضمان سرية تحقيقاته وتحرياته‪ ،‬وتّبلغ له عند الطلب كل‬

‫(‪)1‬‬
‫عبدالوهاب عالق‪ .‬الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف عمار بوضياف‪.‬‬
‫جامعة بسكرة الجزائر‪ .‬معهد الحقوق و العلوم االقتصادية‪ .2004 .‬ص ‪.116‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ 08‬فقرة‪ .2‬األمر رقم ‪ .02-10‬المعدل و المتمم لمجلس المحاسبة‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سامية شويخي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.91‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .55‬األمر رقم ‪ .20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫معلومة أو وثيقة يراها ضرورية لبسط رقابته على العمليات المالية والمحاسبية‪ ،‬أو لتقييم تسير‬
‫الوسائل واألموال العامة‪ ،‬كذلك يتلقى مجلس المحاسبة التقارير التي تعدها أجهزة الرقابة الخارجية‬
‫المؤهلة للتدخل في مصالح الدولة حول تسيير الهيئات العمومية‪ ،‬وفي هذا السياق ال يكون أعوان‬
‫ومسؤولو أجهزة الرقابة الخارجية ملزمين باحترام السلطة السلمية أو حفظ السر المهني تجاه مجلس‬
‫المحاسبة(‪.)1‬‬

‫في حالة ما إذا كشفت نتائج التحقيق والتدقيق التي قام بها مجلس المحاسبة‪ ،‬بأنه توجد‬
‫مخالفة في استعمال االعتمادات ـوالمساعدات المالية التي منحتها الدولة‪ ،‬أو الجماعات اإلقليمية‪،‬‬
‫أو المؤسسات العمومية‪ ،‬واستعملت لغرض غير الذي سطرت من أجله‪ ،‬يقدم رئيس الغرفة‬
‫المختصة تقري ار مفصال إلى رئيس مجلس المحاسبة‪ ،‬هذا األخير يقوم بتبليغه إلى الناظر العام‪،‬‬
‫والذي يقوم بـ‪:‬‬
‫‪ -1‬إما بحفظ الملف بموجب قرار معلل قابل لإللغاء أمام تشكيلة خاصة تتكون من رئيس‬
‫الغرفة‪ ،‬ومستشارين اثنين من مجلس المحاسبة إذ رأى أن ال مجال للمتابعة‪.‬‬
‫‪ -2‬واما أن يحرر استنتاجاته ويقوم بإرسال الملف إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير‬
‫الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق في الموضوع‪ ،‬وي ّعد هذا اإلرسال بمثابة إخطار لغرفة االنضباط‬
‫في مجال تسيير الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق(‪ ،)2‬و عليه يقوم رئيس غرفة االنضباط في‬
‫مجال تسيير الميزانية و المالية بتعيين مقرر يكلف بالتحقيق في الملف‪ ،‬يتم التحقيق حضوريا(‪.)3‬‬
‫‪ ‬وفي ختام التحقيق يحرر المقرر تقريره مرفقا باقتراحاته ويرسله للغرفة قصد تبليغه للناظر‬
‫العام‪ ،‬فاذا تبين من خالل التحقيق أن ال مجال للمتابعة يمكن للناظر العام حفظ الملف‪ ،‬وعليه‬
‫تبليغ قرار الحفظ إلى كل من رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية‪ ،‬ومسؤول‬
‫محل المتابعة‪.‬‬
‫اإلدارة أو الهيئة المعنية‪ ،‬والى العون ّ‬
‫‪ ‬كذلك إذا تبين للناظر العام أن نتائج التحقيق تبرر إحالة المتقاضي أو المتقاضيين‬
‫المتابعين أمام غرفة االنضباط في مجال تسير الميزانية والمالية‪ ،‬فإنه يقدم استنتاجاته الكتابية‬
‫والتي تكون مبررة‪ ،‬ويعيد الملف إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية و المالية‪،‬‬
‫وّيعد هذا اإلرسال بمثابة إخطار لغرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية للبث في‬
‫الملف(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.104‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .94‬األمر رقم ‪ .20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .95‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.105‬‬

‫‪58‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬وعليه يقوم رئيس الغرفة بعد إخطاره‪ ،‬بتعيين مقر ار من القضاة المكونين لتشكيلة المداولة‪،‬‬
‫حيث يكلف هذا المقرر بتقديم ملف القضية أثناء جلسة تشكيلة الحكم‪ ،‬بعدئذ يحدد رئيس الغرفة‬
‫تاريخ الجلسة‪ ،‬ويعلم بذلك رئيس مجلس المحاسبة والناظر العام‪ ،‬كما يقوم باستدعاء األشخاص‬
‫بناء على رسالة موصى عليها مع إشعار باالستالم(‪.)1‬‬
‫المتابعين ً‬
‫‪ ‬يقوم رئيس الجلسة بعرض القضية للمداولة بعد اختتام المرافعات دون حضور كل من‬
‫الناظر العام و المتابع ووكيله وكاتب الضبط‪ ،‬ويبلغ القرار للناظر العام‪ ،‬والى الوزير المكلف‬
‫بالمالية لمتابعة التنفيذ بكل الطرق القانونية‪ ،‬وكذلك إلى المعني باألمر‪ ،‬والى السلطات السلمية‬
‫والوصية التي يخضع لها(‪.)2‬‬
‫‪ ‬يجب اطالع ملف الموظف العام الذي ثبت تورطه في االختالس لمسؤولي المصالح‬
‫المعنية وسلطاتها السلمية‪ ،‬قصد اتخاذ اإلجراءات التي يقتضيها تسيير األموال العامة تسيي ار‬
‫سليما‪ ،‬ويرسل الملف الخاص بالرقابة إلى النائب العام المختص إقليميا بغرض المتابعة القضائية‬
‫حسب نص المادة ‪ 27‬من األمر رقم ‪ 20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل و المتمم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬هيئات الوقاية و قمع الفساد‬

‫أصدر المشرع الجزائري القانون ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬المعدل‬


‫(‪)3‬‬
‫فرضت‬ ‫بناء على مصادقة الجزائر على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬والتي ّ‬
‫والمتمم ‪ً ،‬‬
‫على جميع الدول المنضوية تحت لواءها‪ ،‬بضرورة إنشاء هيئة أو عدة هيئات للوقاية و مكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬وهو ما جاءت به المادة ‪ 06‬من االتفاقية(‪.)4‬‬

‫بناء على ما نص عليه الباب‬


‫وعليه تم إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ً‬
‫الثالث من قانون ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم‪ ،‬والتي تدعى‬
‫"بالهيئة"(‪ ،)5‬وتدعيما للجهود الرامية لمكافحة الفساد أصدر المشرع الجزائري األمر رقم ‪05-10‬‬
‫المعدل والمتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬والذي بموجبه أنشأ الجهاز الثاني لقمع الفساد‬
‫ّ‬
‫والذي يسمى بالديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬ومن خالله ارتأيت في تقسيم هذا المطلب إلى فرعين‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .98‬األمر رقم ‪ .20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .100‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .06‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .128-04‬المتضمن التصديق‪ ،‬بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك يوم ‪ 31‬أكتوبر ‪ .2003‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرة(م)‪ .‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حيث أدرس في الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬أما في الفرع الثاني‪:‬‬
‫الديوان المركزي لقمع الفساد‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‬


‫)‪(Organe National de Prévention et de Lutte Contre La Corruption.‬‬
‫بغية معرفة النظام القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وصالحياتها في‬
‫حماية المال العام قسمنا هذا الفرع إلى أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد‬
‫الدور الرقابي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫و مكافحته‪ ،‬أما ثانيا‪ّ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‬

‫‪ -1‬تعريف الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪ :‬نص المشرع الجزائري على إنشاء‬
‫جهاز من نوع خاص‪ ،‬من خالل القانون رقم ‪( 01-06‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬يعرف هذا الجهاز بالهيئة‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬من خالل المواد من (‪ 17‬إلى ‪ )24‬منه‪ ،‬والذي ّبين المشرع‬
‫من خالله النظام القانوني للهيئة وتدابير استقالليتها‪ ،‬ومهامها‪ ،‬وعالقاتها بالسلطات القضائية‪ ،‬تاركا‬
‫بذلك مسألة تشكيلها وتنظيمها وكيفية سيرها إلى التنظيم(‪،)2‬‬
‫وقد باشرت الهيئة عملها الفعلي بتاريخ ‪ 05‬جانفي ‪ 2011‬بعد أداء أعضائها المعينون بموجب‬
‫مرسوم رئاسي مؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 2010‬اليمين القانونية‪ ،‬وذلك بعد تجاوز الصعوبات التي‬
‫واجهت تشكيلها(‪.)3‬‬
‫وتعتبر الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬سلطة إدارية مستقلة‪ ،‬تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وتوضع هذه األخيرة لدى رئيس الجمهورية‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪18‬‬
‫من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)(‪.)4‬‬
‫كما أعاد المشرع الجزائري نفس التكييف القانوني بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪،413-06‬‬
‫الذي يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وسيرها‪ ،‬والذي جاء في‬
‫نص المادة ‪ 02‬منه" الهيئة سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ .www.onplc.org.dz‬هيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬أطلع عليه في ‪ 12‬أفريل‪.2016‬على‪.19:32.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 413-06‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ .2006‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته و تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .74‬صادرة في ‪ 22‬نوفمبر‪ .2006‬ص‪.17‬معدل و متمم‪.‬‬
‫بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ 64-12‬مؤرخ في ‪ 07‬فيفري‪.2012‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.8‬صادرة في ‪15‬فيفري ‪ .2012‬ص‪.17‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.106‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .18‬القانون رقم ‪ .01-06‬متعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫توضع لدى رئيس الجمهورية"(‪ ،)1‬فالهيئة مؤسسة إدارية خاصة مستقلة عن الحكومة‪ ،‬ال تخضع‬
‫ألي رقابة رئاسية أو وصاية من السلطة التنفيذية‪ ،‬لكن هذا ال يعني عدم وجود أية عالقة أو تأثير‬
‫لهذه األخيرة على عمل ومهام الهيئة وخاصة الرقابية منها(‪.)2‬‬
‫وقد أضاف الفصل الثالث المعنون بـ "المؤسسات االستشارية" من التعديل الدستوري بتاريخ‬
‫‪ 06‬مارس ‪ ،2016‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى المؤسسات االستشارية للدولة‬
‫الجزائرية من خالل المواد (‪ 202‬و ‪ )203‬منه(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬تنظيم الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪ :‬لقد نص المشرع الجزائري على‬
‫ضرورة تزويد (ه‪.‬و‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالوسائل البشرية والمادية الالزمة لتأدية مهامها وفقا للمادة ‪19‬فقرة‪،2‬‬
‫حيث لم يحدد المشرع تنظيمها وال تشكيلتها في (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬بل أحالها إلى التنظيم‪ ،‬الذي أصدر‬
‫بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،413-06‬محددا بموجبه تنظيم الهيئة وتشكيلتها وهي كالتالي‪:‬‬
‫أ‪ .‬رئيس الهيئة‪ :‬يتم تعين رئيس الهيئة بموجب مرسوم رئاسي‪ ،‬وتتمثل مهامه األساسية في‪:‬‬
‫‪ ‬عداد برنامج عمل الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ التدابير التي تدخل في إطار السياسة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة أشغال مجلس اليقظة و التقييم‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على تطبيق برنامج الهيئة والنظام الداخلي لها‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد وتنفيذ برامج تكوين إطارات الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪ ‬تمثيل الهيئة لدى السلطات والهيئات الوطنية والدولية‪.‬‬
‫‪ ‬كل عمل من أعمال التسيير يرتبط بموضوع الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬تحويل الملفات التي تتضمن وقائع جزائية إلى وزير العدل قصد تحريك الدعوى العمومية‬
‫عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ ‬تمثيل الهيئة أمام القضاء وفي كل أعمال الحياة المدنية‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة السلطة السلمية على جميع المستخدمين‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على المستوى الدولي وتبادل المعلومات(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .02‬مرسوم رئاسي رقم ‪ .413-06‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و تنظيمها‬
‫و كيفيات سيرها‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ .‬إشراف الزين عزري‪ .‬جامعة‬
‫بسكرة‪ .‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ .2013 .‬ص ‪.485‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادتين ‪(202‬جديدة) و ‪(203‬جديدة)‪ .‬القانون رقم ‪ .01-16‬المتضمن التعديل الدستوري‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .09‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .413-06‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و‬
‫تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬باإلضافة إلى المهام اإلدارية سالفة الذكر‪ ،‬يتمتع رئيس الهيئة بمهام مالية‪ ،‬بحيث يعتبر‬
‫هذا األخير اآلمر بالصرف للهيئة‪ ،‬و يقوم بإعداد الميزانية بعد أخذ رأي مجلس اليقظة و‬
‫التقييم(‪.)1‬‬
‫ب‪ .‬مجلس اليقظة و التقييم‪ :‬يتكون مجلس اليقظة والتقييم من رئيس وستة أعضاء يعينون‬
‫بموجب مرسوم رئاسي‪ ،‬لمدة (خمس سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة‪ ،‬ويتم إنهاء مهامهم بنفس‬
‫الطريقة التي عينوا بها‪ ،‬حيث يتم اختيارهم من بين الشخصيات الوطنية المستقلة التي تمثل‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬المعروف بالنزاهة والكفاءة(‪.)2‬‬
‫بناء على استدعاء من رئيسه‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يجتمع مجلس اليقظة والتقييم مرة كل ثالثة أشهر ً‬
‫بناء على استدعاء من رئيس الهيئة‪ ،‬يقوم رئيس‬
‫يجتمع المجلس في اجتماعات غير عادية ً‬
‫المجلس بإعداد جدول أعمال ويرسله إلى كل األعضاء قبل خمسة عشر يوما في االجتماعات‬
‫العادية‪ ،‬أما بالنسبة لالجتماعات غير العادية يجب أن ال تقل مدة اإلرسال على ثمانية أيام على‬
‫األقل‪ ،‬ويحرر محضر على أشغال الهيئة(‪.)3‬‬
‫وتتمثل معظم مهام مجلس اليقظة والتقييم في المهام االستشارية‪ ،‬حيث يقوم بإبداء رأيه في‬
‫المسائل التالية(‪:)4‬‬
‫‪ ‬مناقشة برنامج عمل الهيئة وشروط و كيفيات تطبيقه‪.‬‬
‫‪ ‬مساهمة كل قطاع في مكافحة الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم تقارير وأراء و توصيات الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬مناقشة المسائل التي يعرضها عليه رئيس الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬مناقشة ميزانية الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬مناقشة التقرير السنوي الذي يقدمه رئيس الهيئة إلى رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫‪ ‬تحويل الملفات التي تشكل مخالفة جزائية إلى وزير العدل حافظ األختام(‪.)5‬‬
‫ت‪ .‬األمانة العامة‪ :‬يتم تزويد الهيئة بأمانة عامة يرأسها أمين عام معين بموجب مرسوم‬
‫لمعدلة‪ ،‬من‬
‫بناء على اقتراح من طرف رئيس الهيئة والتي نصت عليه المادة ‪ 07‬ا ّ‬
‫رئاسي‪ً ،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .21‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .413-06‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و‬
‫تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.488‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .15‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .413-06‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و‬
‫تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .11‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.111‬‬

‫‪62‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المرسوم الرئاسي المحدد لتشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وكيفيات‬
‫سيرها‪ ،‬والذي يساعده نائبي مدير‪ ،‬األول مكلف بالميزانية والمحاسبة‪ ،‬أما الثاني مكلف‬
‫بالمستخدمين و الوسائل‪ ،‬تنظم المدريتين في مكاتب‪ ،‬يتولى األمين العام أمانة مجلس اليقظة‬
‫والتقييم‪ ،‬ويكلف األمين العام تحت سلطة رئيس الهيئة بما يلي(‪:)1‬‬
‫‪ ‬تنشيط عمل هياكل الهيئة وتنسيقها وتقييمها‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على تنفيذ برنامج عمل الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬تنسيق األشغال المتعلقة بإعداد مشروع التقرير السنوي وحصائل نشاطات الهيئة باالتصال‬
‫مع رؤساء األقسام‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان التسيير اإلداري و المالي لمصالح الهيئة‪.‬‬
‫ث‪ .‬قسم مكلف بالوثائق و التحاليل و التحسيس‪ :‬في إطار إعادة هيكلة (ه‪.‬و‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪،‬‬
‫عدل المشرع الجزائري بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 64-12‬و من خالل المادتين ‪ 06‬و ‪12‬‬ ‫ّ‬
‫منه تسمية هذا القسم‪ ،‬والذي كان يطلق عليه قبل التعديل أي من خالل المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 413-06‬بـ " مديرية الوقاية و التحسيس"(‪.)2‬‬
‫لكن ما نالحظه أن المرسوم الجديد على غرار القديم لم يحدد تشكيلة القسم المكلف بالوثائق‬
‫والتحليل‪ ،‬رغم الدور الكبير المنوط به في إطار الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬حيث يبدوا لنا أن‬
‫المسائل التنظيمية وكيفيات العمل ت ّركت للهيئة مهمة إعداد النظام الداخلي(‪.)3‬‬
‫ج‪ .‬قسم معالجة التصريحات بالممتلكات‪ :‬رأى المشرع الجزائري من خالل تعديله للمرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 413-06‬بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ ،64-12‬أنه من المناسب تخصيص قسم‬
‫مستقل يتكفل بمسألة تلقي التصريحات بالممتلكات(ملحق)(‪ ،)4‬عكس المرسوم القديم الذي لم يكن‬
‫يعرف من خالله هذا القسم‪ ،‬والذي كان يسند مهمة تلقي التصريحات بالممتلكات إلى مديرية‬
‫التحاليل والتحقيقات للقيام بذلك والتي نصت عليه المادة ‪ 13‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-06‬‬
‫‪ 413‬قبل تعديلها بالقول" تُّكلف مديرية التحاليل والتحقيقات على الخصوص بما يأتي‪ - :‬تلقي‬
‫التصريحات بالممتلكات الخاصة بأعوان الدولة بصفة دورية‪."...‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .07‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .64-12‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و‬
‫تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .06‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.491‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .13‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .64-12‬يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و‬
‫تنظيمها و كيفيات سيرها‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نظ ار لألهمية البالغة لعملية التصريح بالممتلكات‪ ،‬خصص المشرع الجزائري قسما خاصا لها‪،‬‬
‫المعدلة بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 64-12‬على" يُّكلف‬
‫ّ‬ ‫والذي نص من خالل المادة ‪13‬‬
‫قسم معالجة التصريحات بالممتلكات‪ ،‬على الخصوص بما يلي‪ -:‬تلقي التصريحات بالممتلكات‬
‫لألعوان العموميين‪ ،"...‬والتي من خاللها يتم التحقق في مدى تضخم الثروة من عدمه‪ ،‬وبالتالي‬
‫تفعيل وكشف جريمة اإلثراء غير المشروع‪ ،‬والتي من خاللها يمكننا كشف جريمة اختالس المال‬
‫العام‪ ،‬لكن لم يحدد المشرع عن طريق المرسوم الرئاسي رقم ‪ 64-12‬تشكيلة هذا القسم وال‬
‫طريقة عمله‪ ،‬وترك ذلك للنظام الداخلي للهيئة(‪.)1‬‬
‫ح‪ .‬قسم التنسيق و التعاون الدولي‪ :‬لم يشر المشرع الجزائري إلى هذا القسم في ظل المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ ،413-06‬بل تم استحداثه من خالل التعديل الذي جاء به المرسوم الرئاسي رقم‬
‫تزود الهيئة ألداء مهامها‬
‫‪ 64-12‬والذي تم بموجبه تعديل المادة ‪ ،06‬التي تنص على" ّ‬
‫بالهياكل اآلتية‪ ،... -:‬قسم مكلف بالتنسيق و التعاون الدولي‪ ،".‬ومن خاللها أضاف المشرع‬
‫المادة ‪ 13‬مكرر والتي تنص على المهام والصالحيات التي يتمتع بها هذا القسم‪.‬‬
‫وعليه نالحظ من خالل دراستنا للطبيعة القانونية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫أن مراسيم تعين رئيسها وأعضائها الستة‪ ،‬قد تأخرت أربع سنوات كاملة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫والذي‬ ‫تجميد عملها طيلة هذه المدة‪ ،‬وبصدور المرسوم الرئاسي المؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪2010‬‬
‫تم بموجبه تعيين رئيس الهيئة وأعضائها‪ ،‬الذين تم تنصيبهم فعليا بعد أداءهم اليمين‬
‫القانونية(‪،)3‬بمجلس قضاء الجزائر العاصمة بتاريخ ‪ 04‬جانفي ‪.2010‬‬

‫الدور الرقابي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‬


‫ثانيا‪ّ :‬‬

‫يتمثل الدور الرقابي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في اتخاذ جميع التدابير‬
‫الوقائية لكشف الفساد والحد منه‪ ،‬ومكافحة جميع الجرائم التي تصنف في خانة الفساد‪ ،‬وفي اطار‬
‫قيام الهيئة بدورها الوقائي والرقابي أعطى المشرع الجزائري للهيئة مجموعة من الصالحيات‪ ،‬التي‬
‫وّزعت على أقسامها‪ ،‬على اعتبار أن المهام العامة للهيئة يتم توزيعها بين أجهزتها‪ ،‬مع إدخال‬
‫إضافات بسيطة عليها من خالل التنظيم‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 20‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬وعليه‬
‫تتمثل مهام الهيئة في‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.492‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مرسوم رئاسي مؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ .2010‬متضمن تعين رئيس و أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .69‬الصادرة في ‪ 14‬نوفمبر ‪ .2010‬ص ‪.31‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ 19‬فقرة‪ .1‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬مهام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته(‪ :)1‬تكلف الهيئة بـ‬


‫‪ ‬اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تجسد مبادئ دولة القانون وتعكس النزاهة والشفافية‬
‫والمسؤولية في تسيير الشؤون واألموال العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم توجيهات تخص الوقاية من الفساد‪ ،‬لكل شخص أو هيئة عمومية أو خاصة واقتراح‬
‫تدابير خاصة منها ذات طابع التشريعي والتنظيمي للوقاية من الفساد‪ ،‬وكذا التعاون مع القطاعات‬
‫المعنية العمومية والخاصة في إعداد قواعد أخالقيات المهنة‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد برامج تسمح بتوعية و تحسيس المواطنين باآلثار الضارة الناجمة عن الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬جمع و مركزة واستغالل كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في الكشف عن أعمال الفساد‬
‫والوقاية منها‪ ،‬ال سيما البحث في التشريع والتنظيم واإلجراءات والممارسات اإلدارية‪ ،‬عن عوامل‬
‫الفساد ألجل تقديم توصيات إلزالتها‪.‬‬
‫‪ ‬التقييم الدوري لألدوات القانونية واإلجراءات اإلدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫و النظر في مدى فعاليتها‪.‬‬
‫‪ ‬تلقي التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين بصفة دورية ودراسة واستغالل‬
‫المعلومات الواردة فيها والسهر على حفظها‪ ،‬وذلك مع مراعاة أحكام المادة ‪ 06‬السيما في‬
‫فقرتيها ‪ 1‬و ‪ ،)2(3‬والتي نصت على كيفية التصريح بالممتلكات‪.‬‬
‫‪ ‬االستعانة بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان تنسيق ومتابعة النشاطات واألعمال المباشرة ميدانيا‪ ،‬على أساس التقارير الدورية‬
‫والمنتظمة المدعمة بإحصائيات وتحاليل متصلة بمجال الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬التي ترد‬
‫إليها من القطاعات والمتدخلين المعنيين‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على تعزيز التنسيق ما بين القطاعات‪ ،‬وعلى التعاون مع هيئات مكافحة الفساد‬
‫على الصعيدين الوطني و الدولي‪.‬‬
‫‪ ‬الحث على كل نشاط يتعلق بالبحث عن في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬وتقييمها‪.‬‬
‫بالتّمعن في المهام المسندة للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬يالحظ ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تركيز الهيئة على المبادئ األساسية التي تدعم الحكم الراشد ودولة القانون‪ ،‬وتحمي من‬
‫خاللها المال العام من شتى أنواع الفساد‪ ،‬كالشفافية‪ ،‬واشراك جميع الهيئات العمومية والخاصة‪،‬‬
‫وكذا المواطنين‪ ،‬في سياسة الوقاية ومكافحة الفساد(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .20‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ 06‬فقرة‪ 1‬و ‪ .3‬مصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.112‬‬

‫‪65‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬كذلك نجد من بين أهم الصالحيات التي تتمتع بها الهيئة‪ ،‬تلقي التصريحات بالممتلكات‬
‫الخاصة بالموظفين العموميين‪ ،‬مما يمكنها من معرفة مدى تطور الذمة المالية للموظف‬
‫(‪)2‬‬
‫الذين‬ ‫العمومي‪ ،‬والمالحظ أن المشرع الجزائري قام بتحديد فئة معينة من الموظفين العموميين‬
‫يتعين عليهم التصريح بممتلكاتهم أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬وأقصى فئة‬
‫أخرى من التصريح بالممتلكات‪ ،‬و المنصوص عليهم في المادة ‪ 06‬فقرة‪ 1‬من قانون الوقاية من‬
‫الفساد ومكافحته‪ ،‬على غرار رئيس الجمهورية‪ ،‬أعضاء البرلمان بغرفتيه‪ ،‬رئيس المجلس الدستوري‬
‫وأعضاءه‪ ،‬الوزير األول و أعضاء الحكومة‪ ،‬رئيس مجلس المحاسبة‪ ،‬محافظ بنك الجزائر‪،‬‬
‫السفراء و القناصلة‪ ،‬الوالة‪ ،‬القضاة‪ ،‬و بذلك أحالهم على القانون على الرئيس األول للمحكمة‬
‫العليا‪.‬‬
‫‪ ‬من جهة أخرى نالحظ أن الهيئة لها صالحية دراسة واستغالل المعلومات الواردة في‬
‫التصريحات بالممتلكات‪ ،‬على خالف الرئيس األول للمحكمة العليا‪ ،‬الذي ال يتمتع بهذه‬
‫الصالحية‪ ،‬وانما يقتصر دوره على تلقي التصريحات بالممتلكات فقط‪ ،‬دون دراستها‬
‫واستغاللها(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬عالقة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته بالسلطات القضائية‪ :‬كما سبق‬
‫وأشرنا أن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬واالستقالل المالي‪ ،‬تتولى مهام عديدة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬فهي بهذا‬
‫المفهوم تتمتع بسلطات قانونية ومهام مختلفة وشاملة في مجال التحري في الوقائع ذات الصلة‬
‫بالفساد والمراقبة المستمرة للكشف عن أعماله والوقاية منها(‪ ،)4‬حيث من صالحيات الهيئة تقديم‬
‫طلبات إلى أشخاص معنوية أو طبيعية لالطالع على الوثائق والمعلومات التي من شأنها أن‬
‫تكشف عن أعمال الفساد(‪.)5‬‬
‫كما يمكن للهيئة أن تستعين بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري عن الوقائع ذات العالقة بجرائم‬
‫الفساد الذي نصت عليه المادة ‪ 20‬فقرة‪ 7‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالقول" ‪ -7‬االستعانة بالنيابة العامة‬

‫(‪)1‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 414-06‬مؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ .2006‬يحدد نموذج التصريح بالممتلكات‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .74‬صادرة في ‪ 22‬نوفمبر ‪ .2006‬ص ‪.20‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .02‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 415-06‬مؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ .2006‬يحدد كيفيات التصريح بالممتلكات‬
‫بالنسبة للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في المادة ‪ 06‬من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬جريدة‬
‫رسمية‪ .‬عدد‪ .74‬صادرة في ‪ 22‬نوفمبر ‪ .2006‬ص ‪.25‬‬
‫(‪)3‬‬
‫لبنى دنش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.64‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عقيلة خالف‪ .‬الحماية الجنائية للوظيفة اإلدارية من مخاطر الفساد‪" .‬مجلة الفكر البرلماني"‪( .‬عدد‪ ،13‬جوان ‪.2006‬‬
‫مجلس األمة)‪ .‬المؤسسة الوطنية لالتصال و النشر و اإلشهار‪ :‬الجزائر‪ .‬ص ‪.79‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ .21‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لجمع األدلة و التحري في الوقائع ذات عالقة بالفساد‪ ،"...‬وعندما تتوصل الهيئة إلى وقائع ذات‬
‫وصف جزائي بعد البحث والتحري‪ ،‬تحول الملف إلى النائب العام المختص إقليميا لتحريك الدعوى‬
‫العمومية عند االقتضاء‪ ،‬وذلك تطبيقا لمبدأ المالئمة في تحريك دعوى عمومية(‪.)1‬‬
‫وبالرغم من أن (ه‪.‬و‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) سلطة إدارية غير قضائية‪ ،‬تتمتع بسلطات ذات صلة بالسلطة‬
‫القضائية‪ ،‬يمكن تشبيهها بسلطة الضبط القضائي التي تناط بالموظفين‪ ،‬وأعوان اإلدارات والمصالح‬
‫العمومية‪ ،‬وكونها تابعة إلى رئاسة الجمهورية‪ ،‬فإن إجراءاتها تتسم بطابع السيادة على الصعيدين‬
‫الداخلي والخارجي‪ ،‬مما يقوي دورها في مجال التحري والكشف عن الجرائم‪ ،‬وامكانية متابعة‬
‫الفاعلين وتوقيع عقوبات عليهم بأحكام قضائية‪ ،‬مما يدعم ضرورة ممارسة رقابة مستمرة لمكافحة‬
‫جرائم الفساد المضرة بالوظيفة العمومية وبالمال العام(‪.)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الديوان المركزي لقمع الفساد‬
‫)‪(Office Central de Répression de la Corruption‬‬

‫تم ّم المشرع الجزائري القانون‬


‫بغرض تدعيم دور الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪ّ ،‬‬
‫رقم ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬بموجب األمر رقم ‪ ،05-10‬وهذا تنفيذا‬
‫لتعليمة رئيس الجمهورية رقم ‪ 03‬المؤرخة في ‪ 13‬ديسمبر ‪ ،)4(2009‬والتي أكد من خاللها على‬
‫ضرورة تعزيز أليات مكافحة الفساد ودعمها على الصعيدين المؤسساتي و العملياتي‪ ،‬وأهم ما نص‬
‫عليه في المجال المؤسساتي تعزيز مسعى الدولة بإحداث ديوان مركزي لقمع الفساد‪ ،‬والذي يعد أداة‬
‫عملياتية للتصدي ألعمال الفساد اإلجرامية وردعها(‪ ،)5‬وعليه لإلحاطة أكثر بدور الديوان المركزي‬
‫لقمع الفساد ارتأيت تقسيم هذا الفرع إلى أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬أما‬
‫ثانيا‪ :‬صالحيات الديوان المركزي لقمع الفساد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للديوان المركزي لقمع الفساد‬

‫بغرض تحديد الطبيعة القانونية للديوان‪ ،‬نعطي تعريفا له‪ ،‬ثم ونحدد تشكيلته كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬لقد جاء األمر ‪ 05-10‬المعدل والمتمم للقانون رقم‬
‫‪( 01-06‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬بباب ثالث مكرر تحت عنوان "الديوان المركزي لقمع الفساد"‪ ،‬والذي‬
‫نصت المادة ‪ 24‬مكرر منه على" ينشأ ديوان مركزي لقمع الفساد‪ ،‬يكلف بمهمة البحث و‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .22‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عقيلة خالف‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.79‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .www.ocrc.gov.dz‬الديوان المركزي لقمع الفساد‪ .‬أطلع عليه بتاريخ ‪ 10‬أفريل ‪ .2016‬على الساعة ‪.21:14‬‬
‫(‪ )4‬تعليمة رئاسية رقم ‪ 03‬مؤرخة في ‪13‬ديسمبر‪ .2009‬متعلقة بتفعيل مكافحة الفساد‪ .‬صادرة عن رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.502‬‬

‫‪67‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التحري عن جرائم الفساد‪ ،)1("...‬باإلضافة إلى تعديل المادة ‪( 02‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) و التي أضاف‬
‫بموجبها فقرة (ن) تنص على تعريف مصطلح الديوان بالقول" الديوان‪ :‬الديوان المركزي لقمع‬
‫الفساد‪.".‬‬
‫كما ترك المشرع الجزائري تحديد طبيعة الديوان المركزي لقمع الفساد إلى التنظيم‪ ،‬والذي جاء به‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 426-11‬المحدد لتشكيلة الديوان وتنظيمه وكيفيات سيره(‪ ،)2‬هذا األخير‬
‫عدل بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪.)3(209-14‬‬ ‫الذي ّ‬
‫بالعودة إلى المرسومين الرئاسيين سالفي الذكر‪ ،‬نجد أن الديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬هو عبارة‬
‫عن مؤسسة أنشئت خصيصا لقمع الفساد‪ ،‬يتميز بجملة من الخصائص تساهم في تحديد دوره في‬
‫مكافحة الفساد‪ ،‬فهو مصلحة عملياتية للشرطة القضائية‪ ،‬باإلضافة إلى تبعيته إلى وزير العدل‬
‫حافظ األختام‪ ،‬كذلك عدم تمتعه بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي(‪.)4‬‬
‫أ‪ .‬الديوان مصلحة عملياتية للشرطة القضائية‪ :‬وهو ما جاءت به المادة ‪ 02‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ 426-11‬بأن" الديوان مصلحة مركزية عملياتية للشرطة القضائية تكلف بالبحث‬
‫عن جرائم و معاينتها في إطار مكافحة الفساد‪ ،".‬فهو جهاز أغلبية تشكيلته‪ ،‬ضباط وأعوان‬
‫الشرطة القضائية‪ ،‬الذين يحدد عددهم قرار مشترك بين وزير العدل حافظ األختام والوزير‬
‫المعني(‪.)5‬‬
‫ب‪ .‬تبعية الديوان لوزير العدل حافظ األختام‪ :‬وهو التعديل الذي جاءت به المادة ‪ 03‬فقرة‪1‬‬
‫من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 209-14‬التي تنص على" يوضع الديوان لدى وزير العدل حافظ‬
‫األختام‪ ،"...‬والذي كان قبل التعديل تحت سلطة الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬مما يجعله جها از‬
‫خاضعا للسلطة التنفيذية رغم طبيعته القضائية‪.‬‬
‫ج‪ .‬عدم تمتع الديوان المركزي لقمع الفساد بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي‪ :‬خالفا‬
‫للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬التي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪،‬‬
‫نجد أن المشرع الجزائري لم يمنح الشخصية المعنوية واالستقالل المالي للديوان المركزي لقمع‬

‫(‪)1‬‬
‫المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أنظر المادة ‪ 24‬مكرر‪ .‬األمر رقم ‪.05-10‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 426-11‬مؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر ‪ .2011‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه‬
‫و كيفيات سيره‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .68‬صادرة في ‪ 14‬ديسمبر ‪ .2011‬ص ‪.10‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 209-14‬مؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ .2014‬يعدل و يتمم المرسوم الرئاسي رقم ‪ 426-11‬مؤرخ‬
‫في ‪ 08‬ديسمبر ‪ .2011‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.46‬‬
‫صادرة في ‪ 31‬جويلية ‪ .2014‬ص ‪.8‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.503‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ .08‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .209-14‬المعدل و المتمم للمرسوم المحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع‬
‫الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفساد‪ ،‬رغم المهام الموكلة اليه المتمثلة في البحث و التحري‪ ،‬فالمدير العام للديوان حسب ما‬
‫جاء في المادة ‪ 23‬المعدلة و المتممة‪ ،‬بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 209-14‬ي ّعد الميزانية‬
‫ويعرضها للموافقة على وزير العدل حافظ األختام‪ ،‬فالديوان في هذه الحالة غير مستقل ألنه تحت‬
‫إشراف ورقابة النيابة العامة‪ ،‬فال يمكن ضمان االستقاللية الوظيفية دون التمتع بالشخصية‬
‫المعنوية(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬تشكيلة و تنظيم الديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬ترك المشرع الجزائري تحديد تشكيلة‬
‫وتنظيم الديوان للتنظيم‪ ،‬و الذي جاء به المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،426-11‬المعدل والمتمم‪،‬‬
‫بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ ،209-14‬المتضمن تحديد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه‬
‫نبينها من خالل‪:‬‬
‫وكيفيات سيره‪ ،‬والتي سوف ّ‬
‫أ‪ .‬تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬وهو ما جاء به الفصل الثاني من المرسوم الرئاسي‬
‫(‪)2‬‬
‫المعدلة‬
‫رقم ‪ ، 426-11‬من خالل المواد ‪ 06‬و ‪ 07‬و ‪ ،09‬باإلضافة إلى المادة ‪ّ 08‬‬
‫بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،)3(209-14‬فالديوان يتشكل من‪:‬‬
‫‪ ‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين لو ازرة الدفاع الوطني‪،‬‬
‫‪ ‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين لو ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪،‬‬
‫‪ ‬أعوان عموميين ذوي كفاءات أكيدة في مجال مكافحة الفساد‪،‬‬
‫‪ ‬يمكن كذلك تدعيم الديوان بمستخدمين للدعم التقني واإلداري‪،‬‬
‫‪ ‬يمكن االستعانة بكل خبير أو مكتب استشاري أو مؤسسة ذات كفاءات عالية في مجال‬
‫مكافحة الفساد‪.‬‬
‫ب‪ .‬تنظيم الديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬وهو ما جاء به الفصل الثالث من المرسوم الرئاسي‬
‫لمعدل والمتّمم‪ ،‬وعليه‬
‫الذي يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه وكيفيات سيره‪ ،‬ا ّ‬
‫فالديوان يتشكل من‪:‬‬
‫‪ ‬المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 10‬من المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ ،209-14‬هذا األخير الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي صادر عن رئيس‬
‫بناء على اقت ارح من وزير العدل حافظ األختام‪ ،‬والذي يتمتع بصالحيات ذات طبيعة‬
‫الجمهورية‪ً ،‬‬
‫إدارية وهو ما نصت عليه المادة ‪ 14‬من نفس المرسوم‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.504‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المواد ‪ 06‬و ‪ 07‬و ‪ .09‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .426-11‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه‬
‫و كيفيات سيره‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .08‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬الديوان‪ :‬الذي يقوم برئاسته رئيس الديوان ويساعده خمسة مديري دراسات‪ ،‬يكون عمله‬
‫تحت سلطة المدير العام‪ ،‬حسب نص المواد ‪ 11‬و ‪ 12‬و ‪ 13‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-11‬‬
‫المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ّ ،426‬‬
‫‪ ‬مديرية التحريات‪ :‬والتي تنظم بقرار مشترك بين وزير العدل والمدير العام للوظيفة العامة‪،‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 16‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 426-11‬على مهامها‪ ،‬والتي تتمثل في إجراء‬
‫األبحاث والتحقيقات في مجال مكافحة الفساد‪ ،‬فيمكن للمديرية القيام بأي إجراء تراه مناسبا‬
‫للكشف عن جرائم الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬مديرية اإلدارة العامة‪ :‬توضع تحت سلطة المدير العام‪ ،‬تختص بتسيير المستخدمين‬
‫والوسائل المادية و المالية‪ ،‬حسب ما جاء في نص المادة ‪ 17‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪-11‬‬
‫‪.426‬‬
‫من خالل ما سبق نالحظ أن المشرع لم يكفل التنظيم الكافي للديوان المركزي لقمع الفساد‪،‬‬
‫حيث يظهر ذلك من خالل المركز القانوني الضعيف لمديره من جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى تقسيمه‬
‫إلى مديريتين فقط‪ ،‬وعدم تدعيمه بالهياكل الالزمة لسيره وأداء مهامه على أكمل وجه(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬صالحيات الديوان المركزي لقمع الفساد‬

‫منح المشرع الجزائري لضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين للديوان المركزي لقمع‬
‫الفساد‪ ،‬العديد من االختصاصات والمهام القمعية‪ ،‬وذلك من خالل تمديد االختصاص المحلي‬
‫لضباط الشرطة القضائية التابعين للديوان ليشمل كافة اإلقليم الوطني‪ ،‬واحالة مهمة النظر في‬
‫جرائم الفساد إلى المحاكم ذات االختصاص الموسع(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬دور الديوان المركزي في مكافحة الفساد‪ :‬يتمتع الديوان المركزي لقمع الفساد بسلطة‬
‫البحث والتحري في جرائم الفساد حسب ما جاء في نص المادة ‪ 24‬مكرر من األمر رقم ‪05-10‬‬
‫الم ّعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬حيث ي ّكلف الديوان في إطار المهام المنوطة‬
‫به بما يلي‪:‬‬
‫ومركزة ذلك واستغالله‪،‬‬
‫‪ ‬جمع كل معلومة تسمح بالكشف عن أفعال الفساد ومكافحتها ّ‬
‫‪ ‬جمع األدلة والقيام بالتحقيقات في وقائع الفساد مع إحالة مرتكبيها على القضاء‪،‬‬
‫‪ ‬تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد وتبادل المعلومات بمناسبة التحقيقات الجارية‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.509‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أنظر المادة ‪ 24‬مكرر‪ .1‬األمر رقم ‪.05-10‬‬

‫‪70‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬اقتراح كل إجراء يحافظ على حسن سير التحريات التي يتوالها على السلطات المختصة(‪.)1‬‬
‫وعليه نستخلص أن الديوان المركزي لقمع الفساد يتميز بمهام ردعية قمعية‪ ،‬عكس الهيئة‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي تتميز بالمهام الوقائية التحسيسية‪.‬‬
‫وسع المشرع الجزائري دائرة االختصاص‬‫‪ -2‬تمديد االختصاص المحلي لضباط الديوان‪ّ :‬‬
‫المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات‬
‫ّ‬ ‫لضباط الشرطة القضائية بموجب القانون رقم ‪22-06‬‬
‫الجزائية(‪ ،)2‬وهي الجرائم المنصوص عليها حص ار وفق نفس القانون‪ ،‬والذي استثنى منها جرائم‬
‫الفساد المنصوص عليها وفق قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري صراحة من خالل المادة ‪ 24‬مكرر‪ 1‬فقرة‪ 3‬من األمر رقم ‪-10‬‬
‫المعدل والمتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬بالقول" ويمتد اختصاصهم المحلي في‬
‫‪ّ 05‬‬
‫الجرائم المرتبطة بها‪ ،‬إلى كامل التراب الوطني‪ ،".‬على امتداد االختصاص المحلي لضباط الشرطة‬
‫القضائية التابعين للديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬في جرائم الفساد والجرائم المرتبطة بها عبر كامل‬
‫التراب الوطني‪ ،‬فهو إجراء يستفيد منه ضباط الشرطة القضائية التابعين للديوان فقط‪ ،‬دون باقي‬
‫ضباط الشرطة القضائية التابعين للهيئات والمصالح األخرى‪ ،‬الذين يخضعون للقواعد العامة‬
‫المنصوص عليها وفق قانون اإلجراءات الجزائية(‪.)3‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫إجراءات متابعة الجريمة من النطاق المحلي إلى الدولي‬

‫خص المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬أساليب مستحدثة‬
‫للبحث والتحري في جرائم الفساد بوجه عام‪ ،‬وعلى غرارها جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬فقد‬
‫فعل المشرع األليات والوسائل القانونية للحد من تلك الجرائم‪ ،‬وتتبعها خارج الوطن في إطار‬
‫ّ‬
‫التعاون الدولي‪ ،‬واسترداد الموجودات‪ ،‬باإلضافة إلى وضع أحكام جديدة خاصة بالحجز والتجميد‬
‫ومصادرة العائدات اإلجرامية(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .05‬مرسوم رئاسي رقم ‪ .426-11‬يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره‪.‬‬
‫معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 16‬و ‪ 16‬مكرر‪ .‬القانون رقم ‪ 22-06‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ .2006‬المعدل و المتمم لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .84‬صادرة في ‪ 24‬ديسمبر ‪ .2006‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.513‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد الغاني حسونة‪ ،‬الكاهنة زواوي‪ .‬األحكام القانونية لجريمة اختالس المال العام‪ " .‬مجلة االجتهاد القضائي"‪( .‬العدد‬
‫الخامس‪ .2009 ،‬جامعة بسكرة)‪ .‬الجزائر‪ .‬ص ‪.208‬‬

‫‪71‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وقد أضاف المشرع الجزائري أحكام جديدة‪ ،‬من خالل تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة‬
‫‪ ،2006‬الهدف األساسي منها هو تدعيم النظام اإلجرائي للمالحقة القضائية لجرائم الفساد‪ ،‬وعليه‬
‫ارتأيت في تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬خصصت المطلب األول‪ :‬إجراءات متابعة جريمة‬
‫اختالس األموال العمومية في النطاق المحلي‪ ،‬أما المطلب الثاني‪ :‬إجراءات متابعة جريمة‬
‫اختالس األموال العمومية على النطاق الدولي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية في النطاق المحلي‬

‫بغرض اإللمام بإجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬قسمت هذا المطلب إلى‬
‫فرعين‪ ،‬الفرع األول‪ :‬أساليب التحري‪ ،‬أما الفرع الثاني‪ :‬تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أساليب التحري‬

‫أساليب التحري الخاصة هي تلك العمليات أو اإلجراءات أو التقنيات‪ ،‬التي تتخذها الضبطية‬
‫القضائية تحت مراقبة و إشراف السلطات القضائية‪ ،‬بغية البحث و التحري عن الجرائم الخطيرة‬
‫المقررة في القانون‪ ،‬وجمع األدلة عنها وكشف مرتكبيها دون علم ورضا األشخاص المعنيين(‪،)1‬‬
‫وهو ما نص عليه المشرع الجزائري من خالل المادة ‪(56‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)(‪ ،)2‬وعليه قمت بتقسيم هذا‬
‫الفرع إلى أوال‪ :‬التسليم المراقب‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬الترصد اإللكتروني‪ ،‬و ثالثا‪ :‬االختراق(التسرب)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسليم المراقب(‪)La Livraison Surveillée‬‬

‫التسليم المراقب وهو ما نصت عليه المادة ‪ 56‬من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م) بالقول" من أجل تسهيل‬
‫جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬يمكن اللجوء إلى التسليم‬
‫المراقب‪ ،"...‬فهو أسلوب من أساليب التحري‪ ،‬من أجل تسجيل وجمع األدلة التي لها عالقة بجريمة‬
‫االختالس وجرائم الفساد بصفة عامة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والتسليم المراقب هو اإلجراء الوحيد الذي عرفته المادة ‪ 02‬فقرة (ك) من (ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‬
‫بأنه" التسليم المراقب‪ :‬اإلجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من‬
‫اإلقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة وتحت مراقبتها‪ ،‬بغية‬
‫التحري عن جرم ما و كشف هوية األشخاص الضالعين في ارتكابه‪ ،".‬وهو نفس التعريف الذي‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد الرحمان خلفي‪ .‬محاضرات في قانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.98‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .56‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ 02‬فقرة(ك)‪ .‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أتت به اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المادة ‪ 02‬فقرة (ط) منها‪ ،‬ونفس التعريف‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي جاءت به المادة ‪ 01‬فقرة‪ 9‬من االتفاقية العربية لمكافحة الفساد‬

‫وال يختلف هذا التعريف في مضمونه عما جاء به األمر رقم ‪ 06-05‬المتعلق بمكافحة‬
‫التهريب(‪ ،)2‬والذي أوضح أن اللجوء إلى هذا اإلجراء يستلزم إذن من وكيل الجمهورية‪.‬‬

‫فالتسليم المراقب يعد من بين إجراءات التعاون الدولي لمكافحة اإلجرام‪ ،‬فهو يعتمد على‬
‫القوانين الوطنية‪ ،‬والمعاهدات‪ ،‬وشرط المعاملة بالمثل‪ ،‬وهو نوعان‪:‬‬
‫الدول في إطار التعاون‪ ،‬حيث يسمح بدخول‬ ‫‪ -1‬تسليم مراقب دولي تعززه العالقة بين ّ‬
‫الشحنات غير المشروعة إلى دول أخرى‪ ،‬أو تعبر من خالل إقليمها بعلم سلطتها المختصة‪.‬‬
‫‪ -2‬تسليم مراقب إقليمي‪ ،‬يعتمد على مراقبة الشحنة منذ وصولها إلى حدود الدولة‪ ،‬من طرف‬
‫أجهزتها المحلية‪ ،‬إلى غاية تسليمها إلى عناصر الترويج(‪.)3‬‬

‫الترصد اإللكتروني(‪)La Surveillance Électronique‬‬


‫ّ‬ ‫ثانيا‪:‬‬

‫الترصد اإللكتروني بالقول"‪ ...‬أو إتباع أساليب تحري‬


‫نصت المادة ‪( 56‬ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)‪ ،‬على ّ‬
‫خاصة كالترصد اإللكتروني‪ ،"...‬ومن خاللها نجد أن المشرع الجزائري ذكر الترصد اإللكتروني‬
‫على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬ألنه لم يأتي بأي تعريف إلجراء الترصد اإللكتروني كما فعل مع‬
‫التسليم المراقب‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى اإلجراءات العامة‪ ،‬ومن خالل قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫المعدل والمتمم‪ ،‬نجد أن المشرع ذكر وسائل من المتعارف عليها بأنها من طبيعة الترصد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬و ذلك في المواد ‪(65‬مكرر‪ ،5‬مكرر‪ ،6‬مكرر‪ ،7‬مكرر‪ ،8‬مكرر‪ ،9‬مكرر‪،)4()10‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ ‬اعتراض المراسالت‪ :‬يعتبر هذا األسلوب من بين األساليب الخاصة للتحري‪ ،‬التي نص‬
‫عليها قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬دون إعطاء تعريف له‪ ،‬فحصرت المادة ‪65‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 249-14‬مؤرخ في ‪ 08‬سبتمبر ‪ .2014‬يتضمن التصديق على االتفاقية العربية لمكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬المحررة بالقاهرة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪ .2010‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .54‬صادرة في ‪ 21‬سبتمبر ‪ .2014‬ص ‪.5‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .40‬األمر رقم ‪ 06-05‬المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ .2005‬يتعلق بمكافحة التهريب‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.59‬‬
‫الصادرة في ‪ 28‬أوت ‪ .2005‬ص ‪.3‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نادية سالمي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.122‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المواد ‪(65‬مكرر‪ ،5‬مكرر‪ ،6‬مكرر‪ ،7‬مكرر‪ ،8‬مكرر‪ ،9‬مكرر‪ .)10‬األمر رقم ‪ .155-66‬المتعلق بقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مكرر‪( 5‬ق‪.‬إ‪.‬ج) مفهوم اعتراض المراسالت‪ ،‬في تلك التي تتم عن طريق وسائل االتصال‬
‫السلكية والالسلكية فقط(‪.)1‬‬
‫الصور‪ :‬يقتضي اللجوء إلى هذه الوسيلة استعمال تقنيات‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬تسجيل األصوات و التقاط‬
‫الصورة أو الصوت‪ ،‬أو كليهما‪ ،‬و كذا وسائل االتصال عن بعد‪ ،‬أو المراقبة بواسطة األقمار‬
‫الترصد و التنصت على العناصر اإلجرامية لمعرفة تحركاتها و‬
‫الصناعية‪ ،‬وهذا للقيام بعمليات ّ‬
‫خططها المستقبلية في ارتكاب الجرائم(‪ ،)2‬و لصحة العملية يجب تحقيق جملة من اإلجراءات‪:‬‬
‫‪ -1‬إصدار األمر بالترصد اإللكتروني‪ :‬وهو اإلذن الصادر عن وكيل الجمهورية‪ ،‬في الجرائم‬
‫المتلبس بها‪ ،‬أو في التحقيق االبتدائي‪ ،‬ويمكن أن يصدر هذا اإلذن عن قاضي التحقيق عندما‬
‫يكون ملف التحقيق على مستواه(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬الجرائم الخاضعة للترصد اإللكتروني‪ :‬وهي الجرائم المنصوص عليها من خالل المادة ‪65‬‬
‫مكرر‪ 5‬فقرة‪( 1‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪ ،‬المعدل و المتمم‪ ،‬و المتمثلة في جرائم المخدرات‪ ،‬الجريمة العابرة للحدود‬
‫الوطنية‪ ،‬الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة األلية للمعطيات‪ ،‬جرائم تبيض األموال‪ ،‬الجرائم اإلرهابية‪،‬‬
‫جرائم التشريع الخاص بالصرف‪ ،‬وجرائم الفساد‪.‬‬
‫الترصد اإللكتروني‪ :‬قبل مباشرة إجراء الترصد اإللكتروني‪ ،‬يجب تحقيق مجموعة‬
‫‪ -3‬شروط ّ‬
‫من الشروط المنصوص عليها قانونا(‪ ،)4‬و هي‪:‬‬
‫‪ ‬مباشرة إجراءات الترصد اإللكتروني بموجب إذن من طرف وكيل الجمهورية‪ ،‬أو قاضي‬
‫التحقيق‪.‬‬
‫‪ ‬هذا اإلذن يسمح بالولوج إلى المحالت السكنة أو غيرها‪ ،‬و هذا دون اشتراط علم أو رضا‬
‫التقيد بالميقات القانوني(‪.)5‬‬
‫أصحابها‪ ،‬ودون ّ‬
‫‪ ‬تتم عملية الترصد اإللكتروني تحت مراقبة وكيل الجمهورية‪ ،‬أو قاضي التحقيق‪ ،‬دون‬
‫المساس بالسر المهني‪ ،‬حسب نص المادة ‪ 45‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن تسخير أي عون مؤهل لدى مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية أو خاصة‪ ،‬مكلفة‬
‫باالتصاالت السلكية أو الالسلكية‪ ،‬للتكفل بالجوانب التقنية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.45‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬جريمة االختالس في ظل قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف العربي شحط‬
‫عبدالقادر‪ .‬جامعة وهران‪ .‬كلية الحقوق‪ 01 .‬أكتوبر ‪ .2013-2012 .2013‬ص ‪.125‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.126‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.127‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ .47‬األمر رقم ‪ .155-66‬المتعلق بقانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬يجب تحرير محضر عن كل عملية اعتراض أو تسجيل المراسالت‪ ،‬من طرف ضابط‬
‫الشرطة القضائية المكلف بإجراء الترصد اإللكتروني(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬االختراق(التسرب) (‪)L’infiltration‬‬

‫التسرب تقنية جديدة بالغة الخطورة على أمن الضبطية القضائية‪ ،‬يتطلب الجرأة و الكفاءة و‬
‫الدقة في العمل‪ ،‬حيث نص عليها المشرع من خالل تعديله سنة ‪ 2006‬لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية(‪.)2‬‬
‫‪ -1‬تعريفه‪ :‬وهو التعريف المنصوص عليه من خالل المادة ‪ 65‬مكرر‪ 12‬من (ق‪.‬إ‪.‬ج)‪،‬‬
‫والتي تنص على" يقصد بالتسرب قيام ضباط أو أعوان الشرطة القضائية‪ ،‬تحت مسؤولية ضابط‬
‫الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو‬
‫جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم‪ ،"...‬والذي أطلق عليه من خالل قانون الوقاية من‬
‫(‪)3‬‬
‫بمصطلح" االختراق"‪ ،‬غير أن االختالف في التسمية ال يعني االختالف في‬ ‫الفساد ومكافحته‬
‫اإلجراءات بل هو إجراء واحد(‪.)4‬‬
‫يجوز لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق‪ ،‬أن يأذن بمباشرة عملية التسرب‪ ،‬عندما تقتضي‬
‫ضروريات التحري أو التحقيق ذلك(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬شروطه‪ :‬تتم عملية التسرب وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل الخامس من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬تحت عنوان "التسرب"‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون التسرب بغرض التحري و التحقيق في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 65‬مكرر‪ 5‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير تقرير من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف بعملية تنسيق التسرب‪ ،‬يتضمن‬
‫العناصر الضرورية لمعاينة الجرائم‪ ،‬غير تلك التي تعرضه للخطر‪ ،‬أو العون المتسرب‪ ،‬أو‬
‫األشخاص الذين تم تسخيرهم لذلك‪ ،‬و هذا حسب ما جاء في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 13‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ ‬الحصول على إذن مسبق من طرف وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق‪ ،‬و هذا تحت‬
‫رقابتهم‪ ،‬و هو ما جاءت به المادة ‪ 65‬مكرر‪ 11‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.46‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد الرحمان خلفي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.104‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ .56‬قانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.128‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪ 65‬مكرر‪ .11‬األمر ‪ .155-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬وبالرجوع إلى المادة ‪ 65‬مكرر‪ 15‬من (ق‪.‬إ‪.‬ج)‪ ،‬التي تنص على أن يكون اإلذن مكتوبا‬
‫ومسببا وذلك تحت طائلة البطالن‪ ،‬مع ذكر الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا اإلجراء‪ ،‬وهوية‬
‫الضابط الذي تتم العملية تحت مسؤوليته‪ ،‬مع تحديد المدة التي يجب أن ال تتجاوز أربعة أشهر‪،‬‬
‫القابلة للتجديد‪ ،‬كما يمكن األمر بتوقيفها في أي وقت ولو قبل انقضاء المدة المحددة‪ ،‬مع إيداع‬
‫الرخصة في الملف بعد انتهاء عملية التسرب‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز إظهار الهوية الحقيقية للضباط و أعوان الشرطة القضائية‪ ،‬الذين باشروا عملية‬
‫التسرب تحت هوية مستعارة في أي مرحلة من مراحل اإلجراءات‪ ،‬قصد حمايتهم‪ ،‬إذ يتعرض كل‬
‫من يكشف هويتهم إلى العقوبات المنصوص عليها في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 16‬من (ق‪.‬إ‪.‬ج)‪ ،‬كما‬
‫يمكن للعون المتسرب أن يواصل نشاطه للوقت الضروري و الكافي‪ ،‬في حالة ما إذ تم توقيف‬
‫العملية‪ ،‬وهذا في الظروف التي تضمن أمنه وسالمته‪ ،‬دون أن تتم مسائلته جزائيا‪ ،‬على أن ال‬
‫(‪)1‬‬
‫تتجاوز المدة أربعة أشهر قابلة للتجديد‪ ،‬مرة واحدة على األكثر‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تحريك الدعوى العمومية‬

‫بغية اإللمام بكيفية تحريك دعوى اختالس األموال العمومية‪ ،‬قسمت هذا الفرع إلى أوال‪:‬‬
‫الجهات القضائية ذات االختصاص الموسع‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬كيفية تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬و ثالثا‪:‬‬
‫إجراءات المتابعة عن طريق الدعوى المدنية التبعية‪ ،‬أما رابعا‪ :‬تسبيب الحكم باإلدانة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهات القضائية ذات االختصاص الموسع‬

‫معدل و متمم (ق‪.‬إ‪.‬ج) (‪،)2‬‬


‫استحدث المشرع الجزائري بموجب القانون رقم ‪ّ ،14-04‬‬
‫الموسع‪ ،‬وذلك لتفاقم الظاهرة‬
‫األقطاب المتخصصة أو ما يعرف بالمحاكم ذات االختصاص ّ‬
‫مد َد اختصاصها على سبيل‬
‫اإلجرامية وخطورتها على األمن واالقتصاد الوطني‪ ،‬وهي الجرائم التي ّ‬
‫الحصر بموجب المواد ‪ 37‬و ‪ 40‬و ‪ 329‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫بعد ذلك أصدر المشرع المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348-06‬المتضمن تمديد االختصاص‬
‫المحلي لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق(‪ ،)3‬الذي تم بموجبه تحديد أربعة محاكم‬
‫قطب هي(محكمة سيدي محمد‪ ،‬محكمة قسنطينة‪ ،‬محكمة ورقلة‪ ،‬محكمة وهران)‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ 65‬مكرر‪ .17‬األمر رقم ‪ .155-66‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 14-04‬مؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ .2004‬المعدل و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬جريدة رسمية‪.‬‬
‫عدد‪ .71‬صادرة في ‪ 10‬نوفمبر ‪ .2004‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348-06‬مؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪ .2006‬المتضمن تمديد االختصاص المحلي لبعض المحاكم و‬
‫وكالء الجمهورية و قضاة التحقيق‪ .‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .63‬صادرة في ‪ 08‬أكتوبر ‪ .2006‬ص ‪.29‬‬

‫‪76‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم ّيمدد االختصاص المحلي للمحاكم ووكالء‬
‫الجمهورية وقضاة التحقيق عندما يتعلق األمر بجرائم الفساد‪ ،‬وهذا بصريح المواد ‪ 37‬و ‪ 40‬و‬
‫‪ 329‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬التي نصت على تمديد االختصاص في جرائم المخدرات‪،‬‬
‫والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية‪ ،‬والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة األلية للمعطيات‪ ،‬وجرائم‬
‫تمويل اإلرهاب و تبيض األموال‪ ،‬والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف‪ ،‬وهذا دون ذكر‬
‫جرائم الفساد(‪.)1‬‬
‫إالّ أنه و بالرجوع إلى نص المادة ‪ 24‬مكرر‪ 1‬من األمر رقم ‪ 05-10‬المعدل والمتمم‬
‫(ق‪.‬و‪.‬ف‪.‬م)(‪ ،)2‬نجد أن المشرع الجزائري أّخضع جرائم الفساد المنصوص عليها وفق هذا القانون‪،‬‬
‫تحت االختصاص الموسع للجهات القضائية‪ ،‬وذلك بالرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬والتساؤل المطروح كيف لقانون موضوعي يعالج مسألة‬ ‫وفق‬
‫موضوعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كيفية تحريك الدعوى العمومية‬

‫أخضع المشرع الجزائري جريمة اختالس الممتلكات من قبل الموظف العمومي‪ ،‬المنصوص‬
‫عليها وفق قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬إلى اإلجراءات التي تحكم متابعة الجرائم في‬
‫القانون العام‪ ،‬و هذا لعدم اتخاذه أي إجراء خاص بالمتابعة في قانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته(‪.)3‬‬
‫فيقصد بتحريك الدعوى العمومية بتلك اإلجراءات أو التدابير القانونية‪ ،‬التي يتم طرحها على‬
‫القضاء الجزائي للفصل في مدى استعمال الدولة لحقها في توقيع العقاب(‪ ،)4‬فالدعوى العمومية‬
‫ضرورية إلمكان معاقبة الجاني‪ ،‬فال عقوبة بغير دعوى عمومية‪ ،‬فالقاعدة أن النيابة العامة هي‬
‫صاحبة االختصاص بتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها من عدمه(‪ ،)5‬تبعا للسلطات المخولة لها‬
‫قانونا باسم المجتمع‪.‬‬

‫وعليه فالمشرع الجزائري لم ينص على أي إجراء خاص بتحريك الدعوى العمومية بشأن‬
‫جريمة اختالس المال العام قبل تعديل قانون اإلجراءات الجزائية سنة ‪ ،2015‬لكن يجب اإلشارة‬
‫إلى أنه في ظل القانون السابق‪ ،‬أي قبل تعديل قانون العقوبات سنة ‪ ،2006‬كان المشرع ينص‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد العالي حاحة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.511‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ 24‬مكرر‪ .1‬األمر رقم ‪ .05-10‬معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.132‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد مأمون سالمة‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.179‬‬
‫(‪)5‬‬
‫عبدالرحمان خلفي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.133‬‬

‫‪77‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من خالل المادة ‪ 119‬فقرة‪(3‬الملغاة) منه‪ ،‬على أن تحرك الدعوى العمومية عندما يتعلق األمر‬
‫بالمؤسسات العمومية االقتصادية و التي تملك الدولة كل رأسمالها‪ ،‬أو المؤسسات ذات رأسمال‬
‫بناء على شكوى من أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري‬ ‫مختلط‪ً ،‬‬
‫والقانون المتعلق بتسيير رؤوس األموال التجارية للدولة(‪.)1‬‬
‫و بعد تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب األمر رقم ‪ 02-15‬المؤرخ في ‪ 23‬جويلية‬
‫‪ 2015‬و بموجب المادة ‪ 06‬مكرر منه التي تنص على" ال تحرك الدعوى العمومية ضد مسيري‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو ذات الرأسمال المختلط عن‬
‫أعمال التسيير التي تؤدي إلى سرقة أو اختالس أو تلف أو ضياع أموال عمومية اال بناء على‬
‫شكوى مسبقة من الهيئات االجتماعية للمؤسسة المنصوص عليها في القانون التجاري و في‬
‫التشريع الساري المفعول‪ ،".‬أي يشترط المشرع الجزائري بعد تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية عند‬
‫تحريك الدعوى العمومية شكوى مسبقة من طرف الهيئات االجتماعية المنصوص عليها في القانون‬
‫التجاري‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إجراءات المتابعة عن طريق الدعوى المدنية بالتبعية‬

‫بالرجوع إلى قواعد القانون المدني الجزائري‪ ،‬وعلى الخصوص نص المادة ‪ ،124‬نجد أن‬
‫المشرع ألزم كل شخص يرتكب فعال إجراميا‪ ،‬ويسبب للغير ض اررا‪ ،‬بتعويضه عن الضرر الذي‬
‫أحدثه له(‪.)2‬‬

‫فيمكن للقاضي الجزائي الفصل في الدعوى المدنية التبعية‪ ،‬وذلك بعد محاكمة المتهم وتسليط‬
‫العقوبة عليه‪ ،‬فالدعوى المدنية التي يقيمها الطرف المدني أو الضحية‪ ،‬أو الشخص المتضرر‪،‬‬
‫يفصل فيها القاضي الجزائي والزام المحكوم عليه بالتعويض‪ ،‬فالدعوى المدنية التبعية هي دعوى‬
‫خاصة مرتبطة بالدعوى العمومية‪ ،‬هدفها جبر الضرر الذي تحدثه الجريمة(‪.)3‬‬

‫وعليه يجوز للطرف الذي كان ضحية جريمة اختالس المال العام‪ ،‬وطبقا لنص المادة ‪29‬‬
‫من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته أن يتأسس كطرف مدني‪ ،‬والذي يكون في الغالب األمر‬
‫الدولة بمختلف هيئاتها وعلى جميع مستوياتها(‪ ،)4‬فيقوم الطرف المتضرر بإجراءات المطالبة‬

‫(‪ )1‬أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ .‬جزء ثاني‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.34‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .124‬األمر رقم ‪ .58-75‬المتضمن القانون المدني‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.134‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.169‬‬

‫‪78‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بالتعويض عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬وذلك أمام نفس المحكمة التي فصلت في الدعوى‬
‫العمومية(‪.)1‬‬

‫ولقبول االدعاء المدني أمام المحاكم الجزائية‪ ،‬يجب تحقيق جملة من الشروط أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أن تكون دعوى جزائية متعلقة بجريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬مرفوع بشأنها‬
‫دعوى عمومية‪ ،‬ومعروضة على محكمة مختصة للفصل في الموضوع‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون الضرر المطلوب التعويض عنه‪ ،‬ناتجا مباشرة عن الواقعة الجرمية‪ ،‬باعتبار‬
‫أن الضرر محل التعويض لو كان ناتجا عن وقائع إجرامية أخرى غير المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬لما صح للمدعي المدني إقامة دعوى مدنية‬
‫تبعية أمام المحكمة الجزائية‪ ،‬وذلك بنص المادة ‪( 03‬ق‪.‬إ‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون المدعي المدني قد سبق وتأسس كطرف مدني تبعا للدعوى العمومية‪ ،‬وقدم‬
‫تصريحا كتابيا قبل الجلسة وأثناها‪ ،‬وذلك قبل إبداء النيابة العامة طلباتها في الموضوع‪ ،‬بموجب‬
‫عريضة تتضمن تحديد الجريمة و ظروف وقوعها(‪.)2‬‬
‫‪ ‬يجب إقامة دعوى مدنية تبعية للتعويض عن الضرر أمام محكمة الدرجة األولى‪ ،‬ألنه ال‬
‫يجوز االدعاء المدني ألول مرة أمام الجهة القضائية االستئنافية‪ ،‬ألن محكمة الدرجة األولى لم‬
‫تنظر في االدعاء بالرفض أو القبول‪ ،‬حيث أنه في حالة الفصل في الدعوى الجزائية ببراءة‬
‫المتهم‪ ،‬فإنه يتعين على المحكمة القضاء بعدم التأسيس بالفصل في الدعوى المدنية(‪.)3‬‬

‫رابعا‪ :‬تسبيب الحكم باإلدانة‬

‫إن معظم األحكام الجزائية و غير الجزائية تتطلب أن تكون معللة‪ ،‬حيث تستوجب أن تكون‬
‫مسببة تسبيبا جادا وواضحا‪ ،‬بحسب قانون اإلجراءات الجزائية تحت طائلة البطالن(‪ ،)4‬فالدعوى‬
‫العمومية تستوجب أن تكون مسببة‪ ،‬والتي يجب أن يتضمن الحكم باإلدانة هوية األطراف‬
‫المتهمين‪ ،‬وحضورهم أو غيابهم عن جلسة النطق بالحكم‪ ،‬كذلك بيان ووصف ونوع الجريمة محل‬
‫اإلدانة‪ ،‬كما يجب أن يتضمن الحكم العقوبة المحكوم بها‪ ،‬باإلضافة القانون المطبقة(‪ ،)5‬وعليه كي‬

‫(‪ )1‬مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.134‬‬


‫(‪)2‬‬
‫موالي بغدادي‪ .‬اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ .‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ :‬الجزائر‪ .1992 .‬ص ‪.87‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.135‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .379‬األمر رقم ‪ .155-66‬المتعلق بقانون اإلجراءات الجزائية‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.163‬‬

‫‪79‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يكون الحكم الفاصل في موضوع جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬حكما منصفا ومسببا تسبيبا‬
‫قانونيا كافيا يجب أن يشتمل على جملة من الشروط‪ ،‬كما يلي(‪:)1‬‬

‫يجب أن يتضمن الحكم بيان صفة ووظيفة المتهم‪ ،‬من حيث كونه موظفا عموميا‪ ،‬مكلفا‬ ‫‪‬‬
‫بمصلحة أو خدمة عامة‪ ،‬حيث يعتبر هذا الوصف أحد أهم العناصر المكونة للجريمة‪ ،‬وأن عدم‬
‫بيان الصفة الوظيفية للمتهم في الحكم بشكل واضح وصريح‪ ،‬يشكل عيبا في الحكم ويجعله‬
‫ناقص التسبيب‪ ،‬مما قد يؤدي إلى إلغاءه عند الطعن فيه‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يشتمل الحكم على الواقعة التي ت ّكون العنصر المادي لجريمة اختالس األموال‬
‫العمومية‪ ،‬وتحديد ما إذ كانت هذه الوقائع تشكل اختالسا‪ ،‬أو تبديدا عمديا‪ ،‬أو إتالفا‪ ،‬أو احتجا از‬
‫بدون وجه حق‪ ،‬أو استعماال على نحو غير شرعي‪ ،‬و في حالة إهمال ذلك واعتماد العموميات‬
‫في التسبيب‪ ،‬قد يجعل الحكم ناقصا ومعرضا للطعن فيه‪ ،‬عن طريق النقض‪.‬‬
‫‪ ‬لكي يكون الحكم كامل التعليل وواضح التسبيب‪ ،‬يجب أن يشير بصراحة إلى نوع وطبيعة‬
‫المال محل الجريمة‪ ،‬و بيان ما إذ كان ماال عاما أو ماال خاصا‪ ،‬فال يكفي أن يتضمن الحكم‬
‫عبارات شمولية و غامضة‪ ،‬أو مركبة و معقدة‪ ،‬مما ال يسمح للجهة القضائية العليا بمراقبة حسن‬
‫تطبيق القانون تطبيقا سليما وعادال‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك من أهم ما يجب أن يتضمنه الحكم باإلدانة‪ ،‬في جريمة اختالس األموال العمومية‪،‬‬
‫لكي يكون مسببا تسبيبا كافيا‪ ،‬أن يتضمن بصراحة أن األموال أو األشياء محل الجريمة‪ ،‬قد‬
‫سلمت للمتهم بمقتضى وظيفته أو بسببها‪ ،‬حيث يعتبر هذا التسليم من أهم عناصر وأركان‬
‫الجريمة‪ ،‬حيث بدون إثباته ال يمكن لجريمة اختالس األموال العمومية أن تقوم‪.‬‬
‫توفر عنصر العمد و القصد الجرمي‪ ،‬على‬ ‫‪ ‬يجب أن يشتمل حكم اإلدانة على إثبات ّ‬
‫اعت بار أنه عنصر واجب اإلثبات بأية طريقة من الطرق القانونية‪ ،‬ال يجب على المتهم إثبات‬
‫عكسه‪.‬‬
‫‪ ‬وعليه فإن الحكم باإلدانة الفاصل في الدعوى المتعلقة بجريمة اختالس األموال العمومية‪،‬‬
‫ال يمكن اعتباره حكما عادال ومسببا إذ لم يكن قد تعرض بالبحث و المناقشة إلى كل العناصر‬
‫المكونة لهذه الجريمة‪ ،‬والى قيمة المبلغ المختلس أو المبدد عمدا‪ ،‬أو المتلف‪ ،‬أو المحتجز بدون‬
‫وجه حق‪ ،‬أو الذي أستعمل على نحو غير شرعي‪ ،‬باعتبار أن قيمة المبلغ المالي أو الشيء محل‬
‫الجريمة‪ ،‬هو األساس لتحديد نوع ومقدار العقوبة المقررة التي تسلط على المتهم‪ ،‬ذلك ألن إهمال‬

‫(‪)1‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.136‬‬

‫‪80‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي عنصر من عناصر هذه الجريمة‪ ،‬واغفال تحديد و ذكر القيمة المالية‪ ،‬تجعل الحكم معيبا‬
‫وغير مسببا تسبيبا كافيا‪ ،‬مما يعرضه للنقض واإللغاء(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية على النطاق الدولي‬

‫أصبحت جريمة اختالس األموال العمومية ذات طابع دولي‪ ،‬تتجاوز أركانها وأثارها أكثر من‬
‫دولة‪ ،‬حيث تهرب األموال المتحصلة منها إلى دول المالذ اآلمن‪ ،‬لذا فإن مكافحتها بطريقة ناجعة‬
‫فعالة تستوجب إلى جانب تطوير السياسة الجنائية و العقابية‪ ،‬ضرورة تعزيز التعاون الدولي‬
‫و ّ‬
‫والقضائي لمواجهتها‪ ،‬باإلضافة إلى تفعيل آلية استرداد الموجودات على نحو يتكامل مع دور‬
‫التشريعات الوطنية في مكافحة الفساد‪ ،‬وعليه قسمت هذا المطلب إلى فرعين‪ ،‬خصصت في الفرع‬
‫األول‪ :‬التعاون الدولي و القضائي‪ ،‬أما الفرع الثاني‪ :‬التعاون الدولي في مجال المصادرة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعاون الدولي و القضائي‬

‫بغية اإللمام‪ ،‬بإجراءات وكيفيات التعاون الدولي والقضائي في جريمة اختالس األموال‬
‫العمومية‪ ،‬ارتأيت في تقسيم هذا الفرع إلى أوال‪ :‬التعاون الدولي في مجال المصارف والمؤسسات‬
‫المالية‪ ،‬أما ثانيا‪ :‬التعاون القضائي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعاون الدولي في مجال المصارف والمؤسسات المالية‬

‫لقد خص المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬التعاون الدولي‬
‫بجملة من األحكام‪ ،‬التي ترمي إلى الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد ومنعها والى‬
‫استرداد العائدات المتأتية من جرائم الفساد‪ ،‬حيث استنبط هذه األحكام من اتفاقية األمم المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد‪ ،‬على اعتبار أنها الوثيقة األممية المتفق عليها بين مختلف الدول المصادقة على‬
‫االتفاقية‪ ،‬هذه األخيرة التي نصت على التعاون الدولي في مجال المصارف و المؤسسات المالية‪،‬‬
‫في الفصل الخامس تحت عنوان استرداد الموجودات(‪.)2‬‬
‫ونصت المادة ‪ 52‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬التي جاءت تحت عنوان "منع‬
‫و كشف إحالة العائدات المتأتية من الجريمة"‪ ،‬على وجوب أن تتخذ كل دولة طرف في االتفاقية‬
‫ما قد يلزم من تدابير و إجراءات وفقا لقانونها الداخلي‪ ،‬وذلك إللزام المؤسسات المالية الواقعة‬
‫ضمن واليتها القضائية‪ ،‬التحقق من هوية الزبائن باتخاذ أي خطوة معقولة لتحديد المالكين‬

‫(‪)1‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.137‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.140‬‬

‫‪81‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المودعين لألموال في الحسابات عالية القيمة‪ ،‬واجراء فحوص دقيقة للحسابات التي يطلب من‬
‫المؤسسة المالية فتحها‪ ،‬باإلضافة إلى جملة من التدابير و اإلجراءات التي نصت عليها‬
‫االتفاقية(‪.)1‬‬
‫وبالعودة إلى المادة ‪ 58‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته(‪ ،)2‬التي تضمنت على أحكام‬
‫بغرض الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد بوجه عام على غرار جريمة االختالس‪ ،‬التي‬
‫تلتزم بها المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية‪ ،‬على غرار الفحص الدقيق لحسابات‬
‫األشخاص الطبيعيين‪ ،‬واتخاذ تدابير لفتح هذه الحسابات ومسكها‪.‬‬

‫كما عليها األخذ بعين االعتبار المعلومات التي ِ‬


‫ترد لهذه المصارف والمؤسسات في إطار‬
‫التعامل مع السلطات األجنبية‪ ،‬السيما منها المتعلق بهوية األشخاص‪ ،‬كما تمسك كشوف وافية‬
‫للحسابات والعمليات المتعلقة باألشخاص لمدة زمنية ال تقل عن (خمس سنوات) من تاريخ أخر‬
‫عملية مدونة فيها(‪.)3‬‬
‫كما نص المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 59‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته(‪،)4‬‬
‫والتي استنبِطت من المادة ‪ 52‬السيما الفقرتين (‪ 3‬و ‪ )4‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد(‪ ،)5‬على عدم السماح بإنشاء مصارف ليس لها حضور مادي‪ ،‬وال تنتسب إلى مجموعة مالية‬
‫خاضعة للرقابة على اإلقليم الجزائري وذلك لمنع تحويل عائدات الفساد وكشفها‪ ،‬كذلك ال يرخص‬
‫للمصارف والمؤسسات المالية المنشأة في الجزائر بإقامة عالقات مع مؤسسات مالية أجنبية‪ ،‬تسمح‬
‫باستخدام حساباتها من طرف مصارف أجنبية ليس لها حضور مادي في الجزائر‪ ،‬وال تنتسب إلى‬
‫المجموعة المالية الخاضعة للرقابة‪.‬‬

‫كما لم يغفل المشرع عن مجال تقديم المعلومات نظ ار ألهميته البالغة في إجراء التحريات‬
‫والتحقيقات‪ ،‬المتعلقة بجرائم الفساد‪ ،‬فأجاز للسلطات الوطنية أن تمد السلطات األجنبية بالمعلومات‬
‫المالية المفيدة المتوفرة لديها‪ ،‬وذلك في إطار التحقيقات الجارية في إقليمها‪ ،‬وهذا التخاذ اإلجراءات‬
‫المناسبة السترجاع العائدات اإلجرامية‪ ،‬وقد ألزم المشرع الجزائري الموظفين العموميين الذين لهم‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .52‬المرسوم الرئاسي رقم‪ .128-04‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪.‬‬
‫مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .58‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ 58‬فقرة‪ .3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أنظر المادة ‪ .59‬القانون رقم ‪ . .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أنظر المادة ‪.52‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .128-04‬يتضمن اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مصلحة أو حق أو سلطة في حساب مالي أجنبي‪ ،‬بالتبليغ للسلطات المعنية عن تلك المصلحة‪،‬‬
‫وذلك تحت طائلة العقوبات التأديبية دون اإلخالل بالعقوبات الجزائية المقررة(‪.)1‬‬

‫وقد نظمت اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬مجال التعاون في المصارف‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬والتي نصت من خالل المادة ‪ 17‬منها(‪ ،)2‬على إلزامية كل دولة طرف في‬
‫االتفاقية‪ ،‬باتخاذ اإلجراءات الالزمة لتفويض محاكمها أو سلطاتها المختصة‪ ،‬بإصدار أمر‬
‫بالمصادرة أو حجز أي وثائق مصرفية أو مالية أو تجارية‪ ،‬وذلك لتنفيذ أحكام االتفاقية‪ ،‬مع‬
‫مراعات عدم استخدام المعلومات في أي غرض من اإلجراءات القانونية‪ ،‬إال بموافقة الدولة‬
‫الطرف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعاون القضائي‬

‫من المتفق عليه أن من بين أهم العوامل التي ت ّعوق تنفيذ األحكام الصادرة في جرائم الفساد‬
‫الدول ومن تعقيد‬
‫تطور هائل في وسائل االنتقال بين ّ‬ ‫عموما‪ ،‬واالختالس خصوص‪ ،‬ما يط أر من ّ‬
‫للنظم المالية العالمية‪ ،‬مما سهل إلى حد كبير في إفالت المحكوم عليهم عن طريق منافذ غير‬
‫مشروعة‪ ،‬مع تهريب عائدات الجرائم إلى الخارج‪ ،‬مما أدى إلى اتساع رقعة هروب األشخاص‬
‫واألموال إلى الخارج‪ ،‬وقد نتج عن هذا االتساع من تحول هذه الظاهرة من هاجس وطني إلى‬
‫قضية عالمية(‪.)3‬‬

‫وتماشيا مع ذلك سعى المشرع من خالل نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬والذي‬
‫جسد األحكام والمبادئ المنصوص عليها في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬السترداد‬
‫الموجودات عن طريق تفعيل مختلف أليات التعاون القضائي‪ ،‬السيما منها الدولي السترجاع‬
‫ومصادرة العائدات اإلجرامية‪.‬‬

‫ولردع مرتكبي جرائم االختالس عبر الدول‪ ،‬نص المشرع الجزائري وكغيره من التشريعات‬
‫على جملة من األحكام التي تخص التعاون القضائي بين الدول من خالل المادة ‪ 57‬قانون الوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته(‪ ،)4‬م ارعيا بذلك مبدأ المعاملة بالمثل‪ ،‬ومحترما لمختلف األطر القانونية الدولية‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ .62‬القانون رقم ‪ . .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .17‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 137-06‬مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ .2006‬يتضمن التصديق على اتفاقية االتحاد‬
‫اإلفريقي لمنع الفساد و مكافحته‪ ،‬المعتمدة بمابوتو في ‪ 11‬جويلية ‪ .2003‬جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .24‬صادرة في ‪ 16‬أفريل‬
‫‪ .2006‬ص ‪.4‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.138‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .57‬القانون رقم ‪ .01-06‬المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من معاهدات واتفاقيات و قوانين‪ ،‬فنص على وجوب إقامة عالقات تعاون قضائي على أوسع‬
‫نطاق ممكن‪ ،‬خاصة مع الدول األطراف في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬وذلك في مجال‬
‫التحريات‪ ،‬والمتابعة‪ ،‬واإلجراءات القضائية‪ ،‬المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في قانون الوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 43‬فقرة‪ 1‬من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد(‪ ،)1‬التي جاءت تحت‬
‫عنوان التعاون الدولي على" تتعاون الدول األطراف في المسائل الجنائية‪ ،‬وفقا للمواد ‪56 ،44‬‬
‫من هذه االتفاقية‪ ،‬و تنظر الدول األطراف‪ ،‬حيثما كان ذلك مناسبا ومتسقا مع نظامها القانوني‬
‫الداخلي‪ ،‬في مساعدة بعضها البعض‪ ،‬في التحقيقات و اإلجراءات الخاصة بالمسائل المدنية‬
‫واإلدارية ذات الصلة بالفساد‪.".‬‬

‫وبمصادقة الجزائر على اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته‪ ،‬حيث تنص من‬
‫خالل المادة ‪ 18‬منها‪ ،‬على جملة من االلت ازمات التي تدخل في إطار التعاون والمساعدة القانونية‬
‫المتبادلة‪ ،‬ثم تلتها المادة ‪ ،19‬التي نصت هي األخرى على التعاون الدولي‪ ،‬والتي تصب جميعها‬
‫في إطار التعاون القضائي‪ ،‬على ردع مرتكبي جرائم الفساد‪.‬‬

‫واحتراما لمبدأ المعاملة بالمثل‪ ،‬نصت المادة ‪ 62‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪،‬‬
‫على أن االختصاص القضائي‪ ،‬يعود إلى الجهات القضائية الجزائرية للفصل في الدعاوى المدنية‬
‫المرفوعة من طرف الدول األعضاء في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬من أجل االعتراف‬
‫بحق ملكيتها للممتلكات المتحصل علها من أعمال الفساد‪ ،‬كذلك يمكن للجهات القضائية النظر في‬
‫الدعاوى المرفوعة أمامها أن تلزم األشخاص المحكوم عليهم بسبب الفساد‪ ،‬بدفع تعويض مدني‬
‫للدولة المطالبة به‪ ،‬على الضرر الذي لحقها(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعاون الدولي في مجال المصادرة‬

‫إن مكافحة الفساد ال يمكن أن تتم بجميع متطلباتها إال بتزويد القضاء بسلطات خاصة‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة تمكنه من معاقبة مرتكبي تلك الجرائم‪ ،‬خصوصا من خالل مصادرة محل الجريمة‪ ،‬وتمكين‬
‫الطرف المتضرر من استرداده‪ ،‬فالطرف المتضرر من هذه الجرائم غالبا ما يكون دولة من الدول‪،‬‬
‫لذلك تشكل إجراءات الحجز والمصادرة واالسترداد‪ ،‬عائقا كبي ار من ناحية مسائل االختصاص‪،‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر المادة ‪ 43‬فقرة‪ .1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ .128-04‬يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.139‬‬

‫‪84‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والحصانات بأنواعها وكيفية التصرف في األموال المصادرة وصعوبة التعرف على مالكيها‬
‫الشرعيين(‪.)1‬‬

‫فقد نص المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 62‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬على‬
‫أنه يمكن ألي دولة طرف في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬برفع دعوى مدنية من أجل‬
‫استصدار حكم يعترف بملكيتها لألموال المتحصلة من إحدى جرائم الفساد على غرار جريمة‬
‫اختالس األموال العمومية‪ ،‬كما يمكنها المطالبة أمام نفس الجهات القضائية‪ ،‬إلزام األشخاص‬
‫المحكوم عليهم بدفع تعويض مدني عما لحقها من ضرر(‪.)2‬‬

‫كذلك تنص المادة ‪ 63‬من نفس القانون‪ ،‬السيما في فقرتيها (‪ 2‬و‪ ،)3‬على أنه يمكن لقسم‬
‫الجنح أثناء نظره في إحدى جرائم الفساد‪ ،‬أن يأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ األجنبي‪ ،‬والتي‬
‫تم اكتسابها عن طريق إحدى جرائم الفساد‪ ،‬أو الممتلكات المستخدمة في ارتكابها‪ ،‬بل وأكثر من‬
‫ذلك يمكن لقسم الجنح األمر بهذه المصادرة حتى لو استدعت اإلدانة ألي سبب من األسباب‬
‫كانقضاء الدعوى العمومية أو البراءة(‪.)3‬‬

‫وباعتبار أن المصادرة هي عبارة عن عقوبة تكميلية طبقا للمادة ‪ 09‬من قانون العقوبات‬
‫الجزائري(‪ ،)4‬أي هي عقوبة تضاف إلى العقوبات التكميلية(‪ ،)5‬والتي عرفها المشرع في المادة ‪15‬‬
‫من قانون العقوبات الجزائري بأنها" المصادرة هي األيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة‬
‫من أموال معينة‪ ،‬أو ما يعادل قيمتها عند االنقضاء‪ ،)6("...‬فيقع التساؤل حول طبيعة هذه‬
‫المصادرة رغم النطق بانقضاء الدعوى العمومية أو بالبراءة‪ ،‬كما يجب اإلشارة إلى أن المشرع سمح‬
‫بنفاذ األحكام القضائية األجنبية على التراب الوطني التي أمرت بالمصادرة‪ ،‬شريطة استيفاء أحكام‬
‫(‪)7‬‬
‫وهذا تطبيقا للمادة ‪ 63‬فقرة‪1‬‬ ‫‪،‬‬ ‫المادتين ‪ 605‬و ‪ 606‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‬
‫قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫مليكة بكوش‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.142‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أنظر المادة ‪ .62‬القانون رقم ‪ .01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته‪ .‬معدل و متمم‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر المادة ‪ 63‬فقرة‪ 2‬و ‪ .3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أنظر المادة ‪ .09‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ .‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.325‬‬
‫(‪)6‬‬
‫أنظر المادة ‪ .15‬األمر رقم ‪ .156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 605‬و ‪ .606‬القانون رقم ‪ .09-08‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ .‬معدل و متمم‪.‬‬
‫مصدر سابق‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‬


‫مما سبق عرضه في الفصل الثاني المخصص لتحليل الجانب اإلجرائي لحماية المال العام‬
‫من جريمة االختالس‪ ،‬والتي جاء بها المشرع الجزائري في قانون خاص مستقل عن قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬يدعى بقانون الوقاية من الفساد و مكافحته حيث نستخلص أن‪:‬‬
‫‪ ‬المشرع الجزائري أنشأ مجلس المحاسبة‪ ،‬الذي ي ّعد الجهة الرئيسية لمراقبة واستعمال وتسير‬
‫المال العام‪ ،‬وأحال اليه وفق المادة ‪ 10‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬اتخاذ التدابير‬
‫الالزمة لتعزيز الشفافية والمسؤولية والعقالنية لتسير األموال العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬تعد الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته أهم جهاز وقائي أنشأه المشرع‪ ،‬وترجع‬
‫أهمية الهيئة إلى المهام المنوطة بها بكونها مرك از لجمع المعلومات واستغاللها‪ ،‬مما يساهم في‬
‫الكشف عن جرائم الفساد بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ ‬كما عزز المشرع الجزائري أجهزة الكشف التقليدية والمستحدثة‪ ،‬بجهاز قمع وردع لجرائم‬
‫الفساد يدعى بالديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬يكلف بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد بصفة‬
‫عامة‪ ،‬والذي يستعين في مهامه بضباط شرطة قضائية‪ ،‬يمتد اختصاصهم إلى كافة اإلقليم‬
‫الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬باإلضافة إلى المبادئ التي يقوم عليها التوظيف من شفافية وجدارة وكفاءة‪ ،‬ألزم المشرع‬
‫الجزائري الموظف العمومي بمجموعة من الواجبات أهمها التصريح بالممتلكات لكشف أية زيادة‬
‫في الذمة المالية له‪ ،‬والتي قد تكون مرتبطة بجريمة اختالس المال العام‪.‬‬
‫‪ ‬خص المشرع جريمة اختالس المال العام بأحكام إجرائية استثنائية عما هو مؤلوف بالنسبة‬
‫للجرائم العادية‪ ،‬تدعى بأساليب البحث والتحري الخاصة‪ ،‬باإلضافة إلى إنشاء المحاكم ذات‬
‫االختصاص الموسع أو ما يعرف باألقطاب الجزائية المتخصصة‪ ،‬التي لم تكن خاضعة‬
‫الختصاص تلك األقطاب قبل صدور األمر رقم ‪ 05-10‬المتمم لقانون الوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪.‬‬
‫‪ ‬أما على الصعيد الدولي‪ ،‬أولى المشرع أهمية بالغة للتعاون القضائي والدولي‪ ،‬الذي ّوسع‬
‫من نطاقه مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل‪ ،‬وفي حدود ما تسمح به االتفاقيات والقوانين‪ ،‬رغبة منه‬
‫في مالحقة الجناة أينما حلوا‪ ،‬مع تركيزه على مصادرة واسترجاع الممتلكات المتأتية من جريمة‬
‫اختالس المال العام‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ونستخلص من دراستنا هاته‪ ،‬إلى أن الظاهرة اإلجرامية في تطور متسارع مصاحب لذلك‬
‫الموجود على المستوى العلمي والتكنولوجي‪ ،‬ولعل أبرز مكامن الخطر أن الظاهرة اإلجرامية‬
‫المتعلقة باختالس المال العام أصبحت ذات بعد دولي وعالمي نتاج ما أفرزته العولمة‪.‬‬

‫تمكنا من الوصول اليه من نتائج بعد استقراء أهم ما جاء به المشرع الجزائري‪،‬‬
‫ولعل أهم ما ّ‬
‫فيما يتعلق بجريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬وكذا ما توصلت اليه الجهود في مجال حماية المال‬
‫العام‪ ،‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫تبين لنا أن‪:‬‬


‫أوال‪ :‬بالنسبة للحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس‪ّ :‬‬

‫‪ -1‬االختالس هو السلوك المادي الذي نصت عليه المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته تحت عنوان "اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير‬
‫شرعي"‪ ،‬والذي يعتبر من بين أهم الجرائم التي حظيت باهتمام المشرع الجزائري‪ ،‬لما له من‬
‫انعكاسات خطيرة على الدولة و المجتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬تتميز جريمة اختالس األموال العمومية عن باقي الجرائم المشابهة لها في خصوصيتها‪،‬‬
‫واستقاللية القانون الذي نص عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬المال العام هو المال المرصود للنفع العام‪ ،‬أي المخصص لتمكين المرفق العام من القيام‬
‫بدوره في إشباع الحاجيات العامة للمجتمع‪ ،‬أو توفير خدمة عامة‪ ،‬أو تحقيق إيراد للدولة‪ ،‬سواء كان‬
‫هذا المال منقوال أو غير منقول‪.‬‬
‫‪ -4‬كما أولى المشرع الجزائري في اطار التدابير الوقائية الموضوعية لحماية المال العام من‬
‫جريمة االختالس أهمية كبيرة فيما يتعلق بالعنصر البشري‪ ،‬الذي يعتبر الركيزة األساسية المكملة‬
‫لعنصر المال العام‪.‬‬
‫‪ -5‬تعتمد الدولة على الموظف العمومي في إدارة مرافقها وتحقيق أهدافها‪ ،‬و يتجلى ذلك من‬
‫خالل توسيع المشرع لمفهومه بالمقارنة مع مفهومه في القانون اإلداري‪.‬‬
‫‪ -6‬يشترط المشرع لقيام جريمة اختالس المال العام‪ ،‬أن يقوم الموظف العمومي بجملة من‬
‫المجرمة على غرار التبديد العمدي‪ ،‬أو االختالس‪ ،‬أو اإلتالف‪ ،‬أو االحتجاز بدون وجه‬
‫ّ‬ ‫السلوكيات‬
‫حق‪ ،‬أو االستعمال على نحو غير شرعي‪ ،‬لممتلكات الدولة‪ ،‬و هي الصور المستحدثة بموجب‬
‫قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬التي و ّسعت من مفهوم االختالس‪ ،‬ليشمل جميع التصرفات‬
‫التي قد تصدر عنه بمقتضى وظيفته أو بسببها‪.‬‬
‫‪ -7‬كما تضمنت جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬جملة من العقوبات الردعية‪ ،‬التي خصها‬
‫المشرع بأحكام إجرائية استثنائية عما هو مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫‪ -8‬وما يميز قانون الوقاية من الفساد ومكافحته انتهاجه لسياسة التجنيح‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تكريسه للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة ارتكابه لجريمة اختالس األموال العمومية‪.‬‬
‫‪ -9‬كما أعطى المشرع الجزائري لنظام التقادم أهمية كبيرة‪ ،‬و ذلك إلحكام القبضة على مرتكبي‬
‫هذه الجريمة‪ ،‬وعدم إفالتهم من المسائلة والعقاب‪.‬‬

‫إال أنه يجب التنويه إلى صعوبة إيجاد النظام القانوني المناسب لكيفية الردع‪ ،‬وذلك بالنظر‬
‫لخصوصية الظاهرة اإلنسانية التي ال يمكن قياسها بالعلوم الدقيقة‪ ،‬فكل شيء نسبي‪ ،‬ومع هذا‬
‫استمرت جهود الدولة في الجانب اإلجرائي إلى تطبيق حماية جزائية لألموال العمومية من جريمة‬
‫االختالس‪ ،‬و يمكن تحديد أهم ما توصلت اليه في هذا المجال فيما يلي‪:‬‬

‫تبين لنا ما يلي‪:‬‬


‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للحماية اإلجرائية للمال العام من جريمة االختالس‪ّ :‬‬

‫‪ -1‬أنشأ المشرع الجزائري مجلس المحاسبة‪ ،‬الذي ي ّعد الجهة الرئيسية لمراقبة و استعمال و‬
‫تسير األموال العمومية‪ ،‬و الذي أحال اليه وفق المادة ‪ 10‬من قانون الوقاية من الفساد و‬
‫مكافحته‪ ،‬مهمة اتخاذ التدابير الالزمة لتعزيز الشفافية و المسؤولية و العقالنية لتسير األموال‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ -2‬ومن بين أهم األجهزة الوقائية التي أنشأها المشرع الجزائري الهيئة الوطنية للوقاية من‬
‫الفساد و مكافحته‪ ،‬و التي تعود أهميتها إلى المهام المنوطة بها‪ ،‬بكونها مرك از لجمع المعلومات‬
‫واستغاللها‪ ،‬مما يساهم بشكل كبير في الكشف عن جرائم الفساد‪.‬‬
‫‪ -3‬كما تم تعزيز عمل أجهزة الكشف التقليدية و المستحدثة‪ ،‬بجهاز قمع و ردع لجرائم الفساد‬
‫يدعى بالديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬الذي ي ّكلف بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد بصفة‬
‫عامة وجريمة اختالس األموال العمومية بصفة خاصة‪ ،‬هذا األخير الذي يستعين في مهامه بضباط‬
‫الشرطة القضائية‪ ،‬الذين يمتد اختصاصهم إلى كافة اإلقليم الوطني‪.‬‬
‫‪ -4‬كما ألزم المشرع الجزائري الموظف العمومي بمجموعة من الواجبات أهمها التصريح‬
‫بالممتلكات لكشف أية زيادة في الذمة المالية له‪ ،‬و التي قد تكون مرتبطة بجريمة اختالس المال‬
‫العام‪ ،‬و ذلك دون المساس بالمبادئ التي يقوم عليها التوظيف من شفافية وجدارة وكفاءة‪.‬‬
‫خص المشرع الجزائري جريمة اختالس المال العام بأحكام إجرائية استثنائية عما هو‬
‫‪ -5‬كما ّ‬
‫مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية‪ ،‬تدعى بأساليب البحث و التحري الخاصة‪ ،‬والتي تتمثل في‬
‫االختراق أو التسرب‪ ،‬والترصد اإللكتروني‪ ،‬باإلضافة إلى التسليم المراقب‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫‪ -6‬كما أخضع المشرع جريمة اختالس األموال العمومية إلى المحاكم ذات االختصاص‬
‫الموسع‪ ،‬أو ما يعرف باألقطاب الجزائية المتخصصة‪ ،‬التي لم تكن خاضعة الختصاص تلك‬
‫األقطاب قبل صدور األمر رقم ‪ 05-10‬المتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪.‬‬
‫‪ -7‬أما على الصعيد الدولي‪ ،‬أولى المشرع أهمية بالغة للتعاون القضائي والدولي‪ ،‬الذي ّوسع‬
‫من نطاقه مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل‪ ،‬وفي حدود ما تسمح به االتفاقيات والقوانين‪ ،‬رغبة منه‬
‫في مالحقة الجناة أينما حلوا‪ ،‬مع تركيزه على مصادرة واسترجاع الممتلكات المتأتية من جريمة‬
‫اختالس المال العام‪.‬‬

‫عدة نتائج‬
‫ومما سبق دراسته في موضوع جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬توصلنا إلى ّ‬
‫وتوصيات أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬يستلزم للوقاية ومكافحة جريمة اختالس األموال العمومية‪ ،‬الكثير من اليقظة والتجنيد‪،‬‬
‫طالما أن األمر يتعلق بالمصلحة العامة‪ ،‬وذلك من خالل إشراك جميع الفاعلين في المجتمع سواء‬
‫كانوا قانونيين‪ ،‬أو علماء نفس أو علماء اجتماع أو أئمة‪ ،‬في إشارة إلبراز القيم الدينية في محاربة‬
‫ظاهرة االختالس‪.‬‬
‫‪ -2‬كما يمكن القول بأن النظام الموضوعي لحماية المال العام من جريمة االختالس‪ ،‬يستدعي‬
‫الكثير من التدقيق‪ ،‬و ذلك من خالل تدقيق المصطلحات‪ ،‬و توحيد التشريع بجعله رادعا‪ ،‬مع‬
‫تفادي تناقض النصوص القانونية‪ ،‬مثال ذلك تلك التي توجد بقانون النقد والقرض‪ ،‬و قانون الوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته‪ ،‬فأي تشريع نطبق؟‬
‫‪ -3‬كما ننوه في النسق نفسه إلى اعتماد نظام قضائي متخصص في الجريمة االقتصادية‪،‬‬
‫السيما ما تعلق بالنظام العام‪ ،‬فهناك بعض الدول من فكرت في استحداث جهاز قضائي مستقل‬
‫عن جهاز القضاء العادي‪ ،‬مهمته مكافحة الفساد‪ ،‬و ذلك من خالل تكوين قضاة وضباط شرطة‬
‫قضائية وأعوان هيئات الرقابة‪ ،‬بشكل متخصص في هذا النوع من الجرائم‪ ،‬واستحداث نيابة‬
‫اقتصادية منفصلة تماما عن النيابة العمومية‪.‬‬
‫‪ -4‬أما ما تعلق بالنظام اإلجرائي في حماية المال العام من جريمة االختالس‪ ،‬فإننا نرى بأن‬
‫الترسانة القانونية في هذا الشأن جد وافية وكافية‪ ،‬التي تستوجب التطبيق فقط‪ ،‬إال أنه تجدر اإلشارة‬
‫إلى القول بأن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬عالج مسائل إجرائية‪ ،‬كانت يجب أن يتطرق لها‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬مثال ذلك إحالة جرائم الفساد إلى المحاكم واسعة النطاق‪ ،‬بغية تفادي‬
‫الغوص في النصوص التشريعية‪.‬‬
‫‪ -5‬إن تحقيق نتائج إيجابية في محاربة جرائم الفساد‪ ،‬تستدعي بكل حزم وصرامة من الدولة‬
‫على احترام تشريعها األساسي وهو الدستور‪ ،‬من خالل تجسيد أهم مبدأ وهو الفصل بين السلطات‪،‬‬

‫‪90‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫وذلك بجعل الجهاز القضائي مستقال و بعيدا عن كل الممارسات والضغوطات‪ ،‬والتي من شأنها أن‬
‫تعرقل حسن سيره‪.‬‬
‫‪ -6‬كما ننوه بنقص الدراسات في هذا المجال‪ ،‬وغياب الفقه إلعطاء حلول واستخالص مكامن‬
‫النقص‪ ،‬وانشاء مراكز بحوث متخصصة للحد من الظاهرة‪ ،‬وتجسيد اإلرادة السياسية للسلطات‬
‫العمومية على محاربة الفساد ومسبباته‪ ،‬و تهيئة معنويات المجتمع وفق حمالت تحسيسية بخطورة‬
‫الظاهرة على أمن وسالمة الجميع‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخص‬

‫جريمة اختالس األموال العمومية في التشريع الجزائري‬


‫الطالب‪ :‬عبداهلل بوساحة‬
‫إشراف األستاذة‪ :‬نورالهدى زغبيب‬

‫(ملخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــص)‬
‫تعتمد الدولة لممارسة وظائفها وتحقيق أهدافها المسطرة على عنصرين رئيسيين هما الموظف‬
‫العمومي واألموال العمومية‪ ،‬هذا األخير الذي يحظى باهتمامات كبيرة ترتبط بالدور الذي يقوم به‬
‫في تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬ومن هنا كان لزاما على المشرع الجزائري إحاطته بقواعد قانونية‬
‫تضمن حمايته بشكل عام من جرائم الفساد وجريمة االختالس على وجه الخصوص‪ ،‬وعليه فقد‬
‫وضع المشرع مجموعة من القواعد الموضوعية واإلجرائية من خالل القانون رقم ‪ 01-06‬المتعلق‬
‫بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل و المتمم‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق تهدف هذه الدراسة لمعرفة مدى نجاح آليات توفير حماية للمال العام من‬
‫جريمة االختالس‪ ،‬هذه األخيرة التي تقع عليه من طرف الموظف العمومي حسب ما جاءت به‬
‫المادة ‪ 29‬من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته المعدل والمتمم‪ ،‬و لتحقيق أهداف البحث‪،‬‬
‫تضمنت الدراسة فصلين‪:‬‬
‫الفصل األول تناول تحليل اآلليات الموضوعية لحماية المال العام من جريمة االختالس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفصل الثاني تناول تحليل اآلليات اإلج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرائية لحماية المال العام من جريمة االختالس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وانتهت الدراسة باإلجابة عن اإلشكالية التي كانت الهدف األساسي من الدراسة‪ ،‬بحيث تم‬
‫التوصل إلى معرفة الحماية الجزائية للمال العام من جريمة االختالس‪ ،‬التي أقرها المشرع الجزائري‬
‫اء في التدابير الموضوعية التي جرمت فعل‬ ‫من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬سو ً‬
‫اختالس األموال العمومية من خالل جميع صورها المستحدثة‪ ،‬ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة الذين‬
‫يحملون صفة خاصة ومميزة هي صفة الموظف العمومي أو من في حكمه‪ ،‬الذين عهدت اليهم‬
‫األموال العمومية بحكم وضيفتهم أو بسببها‪.‬‬
‫أما في الشق اإلجرائي أناط المشرع بالجهاز التقليدي والذي يعرف بمجلس المحاسبة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الجهاز المستحدث الذي يعرف بالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬مهمة‬
‫الرقابة والوقاية من جميع التصرفات التي تمس بالمال العام ‪ ،‬باإلضافة إلى الجهاز الردعي الذي‬
‫يعرف بالديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬كذلك خص المشرع تدابير لمتابعة جريمة اختالس األموال‬
‫العمومية على الصعيدين المحلي والدولي‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االختالس‪ ،‬األموال العمومية‪ ،‬الهيئة‪ ،‬الديوان‪ ،‬القمع‪ .‬الفساد‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫فهــــــــــــــــــرس المصــــــــــــــــــادر و المراجـــــــــــــــع‬


‫أوال‪ :‬قائمـــــــــــة المصـــــــــــادر‪:‬‬
‫القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة‬ ‫‪-1‬‬
‫االتفاقيـــــــــــــــــــات الدوليـــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-2‬‬
‫يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.26‬‬
‫المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬المعتمدة من قبل‬ ‫مرسوم رئاسي رقم ‪128-04‬‬
‫صادرة في ‪ 25‬أفريل ‪.2004‬‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك في‬ ‫مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪2004‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫‪ 31‬أكتوبر‪.2003‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.24‬‬ ‫يتضمن التصديق على اتفاقية االتحاد اإلفريقي‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪137-06‬‬
‫صادرة في ‪ 16‬أفريل ‪.2006‬‬ ‫لمنع الفساد و مكافحته‪ ،‬المعتمدة بمابوتو في‬
‫مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪2006‬‬
‫ص ‪.4‬‬ ‫‪ 11‬جويلية ‪.2003‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد ‪.54‬‬ ‫يتضمن التصديق على االتفاقية العربية لمكافحة‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪249-14‬‬
‫صادرة في ‪ 21‬سبتمبر‬ ‫الفساد‪ ،‬المحررة بالقاهرة بتاريخ‬
‫مؤرخ في ‪ 08‬سبتمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .2014‬ص ‪.5‬‬ ‫‪ 21‬ديسمبر ‪.2010‬‬

‫الدســــــــــــــــــــــــــــاتيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬ ‫‪-3‬‬
‫أمر رقم ‪ 97-76‬مؤرخ ‪ 22‬نوفمبر‪.1976‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.94‬صادرة‬
‫يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية‬ ‫دستور ‪1976‬‬
‫في‪24‬نوفمبر‪.1976‬ص‪.1292‬‬
‫الديموقراطية الشعبية‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪.9‬صادرة في‬ ‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 18-89‬مؤرخ ‪ 28‬فيفري‬
‫دستور ‪1989‬‬
‫‪ 01‬مارس ‪.1989‬ص ‪.234‬‬ ‫‪ .1989‬يتضمن نص تعديــــــــــل الدستور‪.‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرخ في ‪07‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .76‬صادرة‬
‫ديسمبر ‪ .1996‬يتعلق بإصدار نص تعديل‬ ‫دستور ‪1996‬‬
‫في ‪ 08‬ديسمبر ‪.1996‬ص‪.6‬‬
‫الدستور‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪.‬عدد‪ .14‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪ 01-16‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪.2016‬‬
‫التعديل الدستوري ‪2016‬‬
‫في ‪ 07‬مارس ‪.2016‬ص‪.8‬‬ ‫يتضمن التعديــل الدستـــــــــــــــــــــــــــــوري‪.‬‬

‫النصـــــــــــــــــوص التشريعيــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-4‬‬


‫جريدة رسمية‪ .‬عدد ‪.48‬‬
‫أمر رقم ‪155-66‬‬
‫صادرة في ‪ 10‬جوان ‪.1966‬‬ ‫يتضمن قانون اإلجراءات الجزائيـــــــة‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 08‬جوان ‪.1966‬‬
‫ص‪ .622‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .48‬صادرة‬
‫أمر رقم ‪156-66‬‬
‫‪.1966‬‬ ‫جوان‬ ‫‪10‬‬ ‫في‬ ‫يتضمن قانون العقوبـــــــــــــــــــــــــــــــــات‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 08‬جوان ‪.1966‬‬
‫ص‪ .702‬المعدل و المتمم‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .78‬صادرة‬


‫أمر رقم ‪58-75‬‬
‫‪.1975‬‬ ‫سبتمبر‬ ‫في ‪30‬‬ ‫يتضمن القانون المـــــــــــــــــــــــــــــــــدني‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪.1975‬‬
‫ص‪ .990‬المعدل المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪.‬عدد‪.101‬صادرة‬
‫أمر رقم ‪59-75‬‬
‫في ‪ 19‬ديسمبر ‪.1975‬‬ ‫يتضمن القانون التجــــــــــــــــــــــــــــــــاري‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪.1975‬‬
‫ص‪ .1906‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫عدد‪.102‬‬ ‫رسمية‪.‬‬ ‫جريدة‬
‫يتعلق بتنفيذ األحكام القضائية الخاصة بحضر و‬ ‫أمر رقم ‪80-75‬‬
‫صادرة في ‪23‬ديسمبر‪.1975‬‬
‫تحديد اإلقامة‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر‪.1975‬‬
‫ص‪ .1392‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .10‬صادرة‬
‫يتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس‬ ‫قانون رقم ‪05-80‬‬
‫‪.1980‬‬ ‫مارس‬ ‫‪04‬‬ ‫في‬
‫المحاسبة‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 01‬مارس ‪.1980‬‬
‫ص‪ .338‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫رسمية‪.‬عدد‪.36‬صادرة‬ ‫جريدة‬ ‫قانون رقم ‪24-90‬‬
‫يعدل و يتمم قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫في ‪22‬أوت‪.1990‬ص‪.1151‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪.1990‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .52‬صادرة‬
‫قانون رقم ‪30-90‬‬
‫في ‪ 02‬ديسمبر ‪.1990‬‬ ‫يتعلق باألمالك الوطنيـــــــــــــــــــــــــــة‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪.1990‬‬
‫ص‪ .1661‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .2‬صادرة‬
‫يحدد القواعد الخـــــــاصة المطبقـة على بعض‬ ‫قانون رقم ‪02-91‬‬
‫‪.1991‬‬ ‫جانفي‬ ‫‪09‬‬ ‫في‬
‫األحكام القضائية‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 08‬جانفي ‪.1991‬‬
‫ص‪ .24‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .21‬صادرة‬
‫قانون رقم ‪10-91‬‬
‫‪.1991‬‬ ‫ماي‬ ‫‪08‬‬ ‫في‬ ‫يتعلق بالوقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 27‬أفريل ‪.1991‬‬
‫ص‪ .690‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .27‬صادرة‬ ‫مرسوم تشريعي رقم ‪08-93‬‬
‫‪ .‬يعدل و يتمم القانون التجاري‪.‬‬
‫في ‪ 27‬أفريل ‪ .1993‬ص‪.3‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .39‬صادرة‬
‫أمر رقم ‪20-95‬‬
‫‪.1995‬‬ ‫جويلية‬ ‫‪23‬‬ ‫في‬ ‫يتعلق بمجلس المحــــــــــــــــــــــــــــــــاسبة‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪.1995‬‬
‫ص‪ .3‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .29‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪07-01‬‬
‫يعدل و يتمم القانون المتعلق بالوقف‪.‬‬
‫في ‪ 23‬ماي ‪ .2001‬ص‪.7‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 07‬جانفي ‪.2001‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .47‬صادرة‬
‫يتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية و‬ ‫أمر رقم ‪04-01‬‬
‫في ‪ 22‬أوت ‪ .2001‬ص‪.9‬‬
‫تسييرها و خوصصتها‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 20‬أوت ‪.2001‬‬
‫المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .52‬صادرة‬
‫أمر رقم ‪11-03‬‬
‫في ‪ 27‬أوت ‪ .2003‬ص‪.3‬‬ ‫يتعلق بالنــــــــــــــــــــقد و القـــــــــــــــــــــــــــــــرض‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬أوت‪.2003‬‬
‫المعدل و المتمم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .57‬صادرة‬


‫قانون رقم ‪11-04‬‬
‫بتاريخ ‪ 08‬سبتمبر ‪.2004‬‬ ‫يتضمن القانون األساسي للقضـاء‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 06‬سبتمبر ‪.2004‬‬
‫ص‪ .13‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .71‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪14-04‬‬
‫المعدل و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫في ‪ 10‬نوفمبر ‪.2004‬ص‪.4‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪.2004‬‬
‫عدد‪.59‬‬ ‫رسمية‪.‬‬ ‫جريدة‬
‫أمر رقم ‪06-05‬‬
‫الصادرة في ‪ 28‬أوت ‪.2005‬‬ ‫يتعلق بمكافحــــــــــــة التـــــــــــــــــــــــــهريب‪.‬‬
‫المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪.2005‬‬
‫ص‪ .3‬المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .12‬صادرة‬
‫يتضمن القانون األساسي العام للمستخدمين‬ ‫أمر رقم ‪02-06‬‬
‫في ‪ 01‬مارس ‪ .2006‬ص‪.9‬‬
‫العسكريين‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 28‬فيفري ‪.2006‬‬
‫المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .14‬صادرة‬
‫قانون رقم ‪01-06‬‬
‫في ‪ 19‬مارس ‪ .2006‬ص‪.4‬‬ ‫يتعلق بقانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪.2006‬‬
‫المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .46‬صادرة‬ ‫أمر رقم ‪03-06‬‬
‫يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العامة‪.‬‬
‫في ‪ 16‬جويلية ‪.2006‬ص‪.3‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪.2006‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .84‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪22-06‬‬
‫المعدل و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫في ‪ 24‬ديسمبر ‪.2006‬ص‪.4‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪.2006‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .84‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪23-06‬‬
‫المعدل و المتمم لقانون العقوبــات‪.‬‬
‫ّ‬
‫في‪24‬ديسمبر ‪.2006‬ص‪.11‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪2006‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .31‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪05-07‬‬
‫المعدل و المتمم للقانون المدنـــــــــي‪.‬‬
‫في ‪ 13‬ماي ‪ .2007‬ص‪.3‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪.2007‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .21‬صادرة‬
‫قانون رقم ‪09-08‬‬
‫في‪ 23‬أفريل ‪ .2008‬ص‪.3‬‬ ‫يتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 25‬فيفري‪.2008‬‬
‫المعدل و المتمم‪.‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .44‬صادرة‬ ‫قانون رقم ‪14-08‬‬
‫يعدل و يتمم قانون األمالك الوطنية‪.‬‬
‫في ‪ 03‬أوت ‪ .2008‬ص‪.10‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪2008‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .50‬صادرة‬ ‫أمر رقم ‪02-10‬‬
‫يعدل و يتمم القانون المتعلق بمجلس المحاسبة‪.‬‬
‫في‪ 01‬سبتمبر ‪ .2010‬ص‪.4‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪.2010‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .50‬صادرة‬ ‫يتمم القانون المتعلق بالوقاية من الفساد و‬ ‫أمر رقم ‪05-10‬‬
‫في ‪01‬سبتمبر‪.2010‬ص‪.10‬‬ ‫مكافحته‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 26‬أوت ‪.2010‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .44‬صادرة‬ ‫يعدل و يتمم القانون المتعلق بالوقاية من الفساد‬ ‫قانون رقم ‪15-11‬‬
‫في ‪ 10‬أوت ‪ .2011‬ص‪.4‬‬ ‫و مكافحته‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 02‬أوت ‪.2011‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .40‬صادرة‬ ‫أمر رقم ‪02-15‬‬
‫معدل و متمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫في ‪23‬جويلية‪.2015‬ص‪.28‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪.2015‬‬

‫‪97‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫المــــــــــــــــــــــراسيم الرئاسيـــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-5‬‬


‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .74‬صادرة‬ ‫مرسوم رئاسي رقم ‪414-06‬‬
‫يحدد نموذج التصريح بالممتلكات‪.‬‬
‫في ‪ 22‬نوفمبر‪.2006‬ص‪.20‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫يحدد كيفيات التصريح بالممتلكات بالنسبة‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .74‬صادرة‬
‫للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في‬ ‫مرسوم رئاسي رقم ‪415-06‬‬
‫‪.2006‬‬ ‫نوفمبر‬ ‫‪22‬‬ ‫في‬
‫المادة ‪ 06‬من قانون الوقاية من الفساد و‬ ‫مؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪.2006‬‬
‫ص‪.25‬‬
‫مكافحته‪.‬‬
‫عدد‪.69‬‬ ‫رسمية‪.‬‬ ‫جريدة‬
‫يتضمن تعين رئيس و أعضاء الهيئة الوطنية‬ ‫مرسوم رئاسي‬
‫نوفمبر‬ ‫‪14‬‬ ‫في‬ ‫الصادرة‬
‫للوقاية من الفساد و مكافحته‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪.2010‬‬
‫‪ .2010‬ص‪.31‬‬
‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .68‬صادرة‬ ‫يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و‬ ‫مرسوم رئاسي رقم ‪426-11‬‬
‫في‪14‬ديسمبر ‪.2011‬ص‪.10‬‬ ‫تنظيمه و كيفيات سيره‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر ‪.2011‬‬
‫عدد‪.46‬‬ ‫رسمية‪.‬‬ ‫جريدة‬ ‫يعدل و يتمم المرسوم الرئاسي المحدد لتشكيلة‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪209-14‬‬
‫جويلية‬ ‫‪31‬‬ ‫في‬ ‫الصادرة‬ ‫الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه و كيفيات‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪.2014‬‬
‫‪ .2014‬ص‪.8‬‬ ‫سيره‪.‬‬

‫المـــــــــــــــــــراسيم التنفيذيــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-6‬‬


‫جريدة رسمية‪ .‬عدد‪ .63‬صادرة‬ ‫يتضمن تمديد االختصاص المحلي لبعض المحاكم‬ ‫مرسوم تنفيذي رقم ‪348-06‬‬
‫في ‪08‬أكتوبر‪.2006‬ص‪.29‬‬ ‫و وكالء الجمهورية و قضاة التحقيق‪.‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 05‬أكتوبر ‪.2006‬‬

‫التعليمــــــــــــــــــات الرئاسيـــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-7‬‬


‫رئيس‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫صادرة‬ ‫تعليمة رئاسية رقم ‪03‬‬
‫متعلقة بتفعيل مكافحة الفســـــــاد‪.‬‬
‫الجمهورية الجزائرية‪.‬‬ ‫مؤرخة في ‪ 13‬ديسمبر ‪.2009‬‬

‫ثانيا‪ :‬قائمـــــــــــــــــــــــــــــــــة المراجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع‪:‬‬


‫المؤلفات القانونيـــة باللغــــة العربيــــة‬ ‫‪-1‬‬
‫الجامعية‪:‬‬ ‫المطبوعات‬ ‫دار‬
‫الوسيط في أموال الدولة العامة و الخاصة‪.‬‬ ‫إبراهيم عبد العزيز شيحا‪.‬‬
‫مصر‪.1995.‬‬
‫طبعة ‪ .15‬ج‪ .1‬دار هومة‬
‫التوزيع‪:‬‬ ‫و‬ ‫للنشر‬ ‫الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪.‬‬ ‫أحسن بوسقيعة‪.‬‬
‫الجزائر‪.2013.‬‬
‫طبعة ‪ .15‬جزء ثاني‪ .‬دار‬
‫التوزيع‪:‬‬ ‫و‬ ‫للنشر‬ ‫هومة‬ ‫الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪.‬‬ ‫أحسن بوسقيعة‪.‬‬
‫الجزائر‪.2014.‬‬
‫دار هومة للنشر و التوزيع‪:‬‬ ‫الوجيز في األموال الخاصة التابعة للدولة و‬
‫أعمر يحياوي‪.‬‬
‫‪.2001‬‬ ‫الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫طبعة ثانية‪ .‬منشأة المعارف‪:‬‬


‫الجرائم المضرة بالمصلحة العامة‪.‬‬ ‫بهنام رمسيس‪.‬‬
‫مصر‪ .‬دون سنة‪.‬‬
‫البعث‪:‬‬ ‫دار‬ ‫أولى‪.‬‬ ‫طبعة‬ ‫محاضرات في شرح قانون العقوبات‬
‫سليمان بارش‪.‬‬
‫الجزائر‪.1995 .‬‬ ‫الجزائري(القسم الخاص)‪.‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬جزء أول‪ .‬روافد‬
‫التوزيع‪:‬‬ ‫و‬ ‫للنشر‬ ‫العلم‬ ‫القانون الجزائي لألعمال الجزائري‪.‬‬ ‫عبد الرزاق حمودي‪.‬‬
‫الجزائر‪.2015 .‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪:‬‬
‫محاضرات في األموال العامة‪.‬‬ ‫عبد العزيز السيد الجوهري‬
‫الجزائر‪.1983 .‬‬
‫هومة‪:‬‬ ‫دار‬ ‫طبعة‪.4‬‬
‫جرائم االعتداء على األموال العامة و الخاصة‪.‬‬ ‫عبد العزيز سعد‪.‬‬
‫الجزائر‪.2007.‬‬
‫جزء أول‪ .‬ديوان المطبوعات‬ ‫دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري(القسم‬
‫عبداهلل سليمان‪.‬‬
‫الجامعية‪ :‬الجزائر‪.2006 .‬‬ ‫الخاص)‪.‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬دار المطبوعات‬ ‫شرح قانون العقوبات القسم الخاص(جرائم العدوان‬
‫فتوح عبداهلل الشاذلي‪.‬‬
‫الجامعية‪ :‬مصر‪.2001 .‬‬ ‫على المصلحة العامة)‪.‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬بيت الحكمة‪:‬‬
‫جريمة اختالس المال العام‪.‬‬ ‫محمد رضا عيفة‪.‬‬
‫الجزائر‪.2015 .‬‬
‫طبعة ‪ .4‬دار النهضة العربية‪:‬‬
‫شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪.‬‬ ‫محمد عيد الغريب‪.‬‬
‫مصر‪.2003 .‬‬
‫جزء أول‪ .‬دار الفكر العربي‪:‬‬
‫قانون العقوبات قسم خاص‪.‬‬ ‫محمد مأمون سالمة‪.‬‬
‫مصر‪.1982 .‬‬
‫جزء أول‪ .‬دار العلوم‪ :‬الجزائر‪.‬‬
‫القانون الجنائي للمال و األعمال‪.‬‬ ‫منصور رحماني‪.‬‬
‫‪.2012‬‬
‫هومة‪:‬‬ ‫دار‬ ‫أولى‪.‬‬ ‫طبعة‬ ‫نوفل علي عبداهلل صفو‬
‫الحماية الجزائية للمال العام‪.‬‬
‫الجزائر‪.2005 .‬‬ ‫الديلمي‪.‬‬
‫جزء أول‪ .‬دار الهدى‪ :‬الجزائر‪.‬‬
‫االجتهاد القضائي للمحكمة العليــــــــا‪.‬‬ ‫نبيل صقر‪.‬‬
‫‪.2013‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬أكاديمية نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪ :‬المملكة‬ ‫حماية المال العام في الفقه اإلسالمي‪.‬‬ ‫نذير محمد الطيب أوهاب‪.‬‬
‫العربية السعودية‪.2001 .‬‬
‫طبعة ‪ .14‬دار هومة للنشر و‬
‫الوجيز في القانون الجزائي العام‪.‬‬ ‫أحسن بوسقيعة‪.‬‬
‫التوزيع‪ :‬الجزائر‪.2014 .‬‬
‫العصرية‬ ‫المكتبة‬ ‫طبعة‪.1‬‬
‫أحكـــــــــــــــــام الـــــوقف‪.‬‬ ‫زهدي يكن‪.‬‬
‫للطباعة والنشر‪ :‬لبنان‪.1985.‬‬
‫طبعة ثانية‪ .‬دار بلقيس للنشر‪:‬‬
‫شرح قانون العقوبات الجزائري(قسم عام)‪.‬‬ ‫سعيد بوعلي‪ ،‬دنيا رشيد‪.‬‬
‫الجزائر‪.2016 .‬‬

‫‪99‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫الهدى‪:‬‬ ‫دار‬ ‫ثاني‪.‬‬ ‫جزء‬


‫مدخـــــــــل القــــــــــــــــــــــــانون اإلداري‪.‬‬ ‫عالء الدين عشي‪.‬‬
‫الجزائر‪.2010 .‬‬
‫طبعة ثالثة‪ .‬ديوان المطبوعات‬
‫النظرية العامة ألمالك اإلدارة و األشغال العامة‪.‬‬ ‫محمد أنس قاسم جعفر‪.‬‬
‫الجامعية‪ :‬الجزائر‪.1992 .‬‬
‫جزء أول‪ .‬دار العلوم للنشر و‬
‫مدخل القانون اإلداري‪.‬‬ ‫محمدالصغير بعلي‪.‬‬
‫التوزيع‪ :‬الجزائر‪.2004 .‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬دار هومة عين‬
‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‪.‬‬ ‫محمد حزيط‪.‬‬
‫مليلة‪ :‬الجزائر‪.2013 .‬‬
‫للكتاب‪:‬‬ ‫الوطنية‬ ‫المؤسسة‬
‫اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪.‬‬ ‫موالي بغدادي‪.‬‬
‫الجزائر‪.1992 .‬‬

‫المؤلفات القانونيـــة باللغـــة الفرنسية‬ ‫‪-2‬‬


‫‪11e édition. JOUVE :‬‬
‫‪Gérard Cornu.‬‬ ‫‪Vocabulaire Juridique.‬‬
‫‪France. 2016.‬‬
‫‪1er édition .BERTI‬‬
‫‪Tayeb Belloula.‬‬ ‫‪DROIT PENAL DES AFFAIRES.‬‬
‫‪Edition : Alger. 2011.‬‬

‫المقـاالت في المجالت المتخصصـــة‬ ‫‪-3‬‬


‫‪.2009‬‬ ‫الخامس‪،‬‬ ‫(العدد‬ ‫األحكام القانونية لجريمة اختالس المال العام‪.‬‬ ‫عبد الغاني حسونة‪،‬‬
‫جامعة بسكرة)‪ .‬الجزائر‪.‬‬ ‫"مجلة االجتهاد القضائي"‪.‬‬ ‫الكاهنة زواوي‪.‬‬
‫‪.2006‬‬ ‫جوان‬ ‫(عدد‪،13‬‬
‫المؤسسة‬ ‫األمة)‪.‬‬ ‫مجلس‬ ‫الحماية الجنائية للوظيفة اإلدارية من مخاطر‬
‫عقيلة خالف‪.‬‬
‫الوطنية لالتصال و النشر و‬ ‫الفساد‪ ".‬مجلة الفكر البرلماني"‪.‬‬
‫اإلشهار‪ :‬الجزائر‪.‬‬

‫الرسائل العلمية و األكاديمية المتخصصة‬ ‫‪-4‬‬


‫أ‪ .‬أطروحات دكتوراه‪:‬‬
‫أطروحة دكتوراه‪ .‬إشراف الزين‬
‫عزري‪ .‬جامعة بسكرة‪ .‬كلية‬ ‫اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في‬
‫عبد العالي حاحة‪.‬‬
‫الحقوق و العلوم السياسية‪.‬‬ ‫الجزائر‪.‬‬
‫‪.2013‬‬

‫ب‪ .‬مذكرات ماجستير‪:‬‬


‫إشراف‬ ‫ماجستير‪.‬‬ ‫مذكرة‬
‫عبداالله عبدالقادر‪ .‬جامعة‬ ‫الحماية الجنائية للمال العام‪.‬‬ ‫األخضر دغو‪.‬‬
‫باتنة‪ .‬كلية الحقوق‪.2000 .‬‬

‫‪100‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫إشراف‬ ‫ماجستير‪.‬‬ ‫مذكرة‬


‫زعالني عبد المجيد‪ .‬جامعة‬ ‫جريمة اختالس األموال العامة أو الخاصة في‬
‫خلوفي لعموري‪.‬‬
‫الجزائر‪ .‬كلية الحقوق و العلوم‬ ‫التشريع الجزائري‪ ،‬المادة ‪.119‬‬
‫السياسية‪.2001 .‬‬
‫إشراف‬ ‫ماجستير‪.‬‬ ‫مذكرة‬
‫عبداهلل بن منصور‪ .‬جامعة‬ ‫أهمية االستفادة من األليات الحديثة و المنظور‬
‫سامية شويخي‪.‬‬
‫العلوم‬ ‫كلية‬ ‫تلمسان‪.‬‬ ‫اإلسالمي للرقابة على المال العام‪.‬‬
‫االقتصادية‪.2011 .‬‬
‫مذكرة ماجستير‪ .‬إشراف عمار‬
‫بوضياف‪ .‬جامعة بسكرة‪ .‬معهد‬ ‫الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع‬
‫عبدالوهاب عالق‪.‬‬
‫الحقوق و العلوم االقتصادية‪.‬‬ ‫الجزائري‪.‬‬
‫‪.2004‬‬
‫مذكرة ماجستير‪ .‬شيتور جلول‪.‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫جريمة االختالس و التبديد في التشريع الجزائري‪.‬‬ ‫لبنى دنش‪.‬‬
‫الجزائر‪ .‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية‪.2008 .‬‬
‫إشراف‬ ‫ماجستير‪.‬‬ ‫مذكرة‬
‫عبدالقادر‪.‬‬ ‫شحط‬ ‫العربي‬ ‫جريمة االختالس في ظل قانون الوقاية من‬
‫مليكة بكوش‪.‬‬
‫جامعة وهران‪ .‬كلية الحقوق‪.‬‬ ‫الفساد و مكافحته‪.‬‬
‫‪.2013‬‬
‫إشراف‬ ‫ماجستير‪.‬‬ ‫مذكرة‬
‫المركز‬ ‫الطاهر‪.‬‬ ‫زواقري‬
‫السياسة الجنائية لحماية المال العام في اطار‬
‫الجامعي خنشلة الجزائر‪ .‬معهد‬ ‫نادية سالمي‪.‬‬
‫قانون مكافحة الفساد‪.‬‬
‫العلوم القانونية و اإلدارية‪.‬‬
‫‪.2011‬‬

‫المعاجـــــــــــــــــم و القواميــــــــــــــــــــــس‬ ‫‪-5‬‬


‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫أولى‪.‬‬ ‫طبعة‬
‫مختار الصحــــــــــــــــــاح‪.‬‬ ‫محمد بن أبي بكر الرازي‪.‬‬
‫العلمية‪ :‬لبنان‪.1989.‬‬
‫مكتبة لبنان‪ :‬لبنان‪.2000 .‬‬ ‫القاموس القانوني‪.‬‬ ‫إبراهيم النجار‪.‬‬
‫طبعة أولى‪.‬جزء‪ ،5‬جزء‪ .9‬دار‬
‫المحكم و المحيط األعظم‪.‬‬ ‫عبد الحميد هنداوي‪.‬‬
‫الكتب العلمية‪ :‬لبنان‪.2000 .‬‬
‫الرسالة‪:‬‬ ‫مؤسسة‬ ‫طبعة‪.6‬‬
‫القاموس المحيــــــــــــــــــــــــط‪.‬‬ ‫محمد نعيم العرقسوسي‪.‬‬
‫بيروت‪.2005.‬‬
‫طبعة أولى‪ .‬دار المعرفة‬
‫سائي‪.‬‬
‫س َنن ال َن َ‬ ‫مكتب تحقيق التراث اإلسالمي‪.‬‬
‫بيروت‪ :‬لبنان‪.1989 .‬‬

‫‪101‬‬
‫فهـــــــــرس المصادر و المراجع‬

‫المواقـــــــــــــــع اإللكترونيـــــــــــــــــــــــــة‬ ‫‪-6‬‬


‫بتاريخ‪30‬‬ ‫عليه‬ ‫أطلع‬
‫مارس‪ .2016‬على الساعة‬ ‫الموقع الرسمي لمجلس المحاسبة‪.‬‬ ‫‪www.ccomptes.org.dz‬‬
‫‪.23:55‬‬
‫أطلع عليه بتاريخ ‪ 10‬أفريل‬
‫الساعة‬ ‫على‬ ‫‪.2016‬‬ ‫الموقع الرسمي للديوان المركزي لقمع الفساد‪.‬‬ ‫‪www.ocrc.gov.dz‬‬
‫‪.21:14‬‬
‫أطلع عليه بتاريخ ‪ 12‬أفريل‬
‫الموقع الرسمي الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد‬
‫الساعة‬ ‫على‬ ‫‪.2016‬‬ ‫‪www.onplc.org.dz‬‬
‫و مكافحته‪.‬‬
‫‪.19:32‬‬
‫آخر اطالع عليه بتاريخ ‪20‬‬
‫ماي ‪ .2016‬على الساعة‬ ‫الموقع الرسمي لألمانة العامة للحكومة‪.‬‬ ‫‪www.joradp.dz‬‬
‫‪.10:02‬‬

‫‪102‬‬
‫فهــرس المصطلحــات المعرفــة‬

‫فهرس المصطلحات المعرفة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الترجمة باللغة الفرنسية‬ ‫المصطلح باللغة العربية‬


‫هامش رقم‪1‬‬ ‫‪De la Soustraction ou de l’Usage‬‬ ‫اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو‬
‫ص ‪23‬‬ ‫‪des Biens par un Agent Public illicite‬‬ ‫استعمالها على نحو غير شرعي‬
‫ص ‪27‬‬ ‫‪Organismes Publics‬‬ ‫الهيئات العمومية‬
‫ص ‪27‬‬ ‫‪Entreprises Publiques‬‬ ‫المؤسسات العمومية‬
‫ص ‪30‬‬ ‫‪Dissipation Volontaire‬‬ ‫التبديد العمدي‬
‫ص ‪31‬‬ ‫‪Soustraction‬‬ ‫االختالس‬
‫ص ‪31‬‬ ‫‪Destruction‬‬ ‫اإلتالف‬
‫ص ‪32‬‬ ‫‪Rétention Indue‬‬ ‫االحتجاز بدون وجه حق‬
‫ص ‪32‬‬ ‫‪L’Usage illicite‬‬ ‫االستعمال على نحو غير شرعي‬
‫ص ‪33‬‬ ‫‪Les Biens‬‬ ‫الممتلكات‬
‫ص ‪33‬‬ ‫‪Fonds‬‬ ‫األموال‬
‫ص ‪33‬‬ ‫‪Valeurs‬‬ ‫األوراق المالية‬
‫ص ‪34‬‬ ‫‪Tout Chose de Valeurs‬‬ ‫األشياء األخرى ذات القيمة‬
‫ص ‪41‬‬ ‫‪Magistrat‬‬ ‫القاضي‬
‫ص ‪42‬‬ ‫‪Assignation à Résidence‬‬ ‫تحديد اإلقامة‬
‫ص ‪43‬‬ ‫‪Interdiction de Séjour‬‬ ‫المنع من اإلقامة‬
‫‪L’interdiction d’exercer d’un ou‬‬ ‫الحرمان من مباشرة بعض الحقوق المدنية‬
‫ص ‪43‬‬
‫‪plusieurs des droits Civics‬‬
‫ص ‪43‬‬ ‫‪La Confiscation Partielle des Biens‬‬ ‫المصادرة الجزئية لألموال‬
‫ص ‪44‬‬ ‫‪La Confiscation des Revenues illicites‬‬ ‫مصادرة العائدات و األموال غير المشروعة‬
‫ص ‪44‬‬ ‫‪Produit de Crime‬‬ ‫العائدات اإلجرامية‬
‫ص ‪44‬‬ ‫‪Confiscation‬‬ ‫المصادرة‬
‫ص ‪44‬‬ ‫‪La Restitution‬‬ ‫الرد‬
‫ّ‬
‫ص ‪54‬‬ ‫‪Cour des Comptes‬‬ ‫مجلس المحاسبة‬
‫‪Organe National de Prévention et de‬‬ ‫الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‬
‫ص ‪60‬‬
‫‪Lutte Contre La Corruption.‬‬
‫‪Office Central de Répression de la‬‬ ‫الديوان المركزي لقمع الفساد‬
‫ص ‪67‬‬
‫‪Corruption‬‬
‫ص ‪72‬‬ ‫‪La Livraison Surveillée‬‬ ‫التسليم المراقب‬
‫ص ‪73‬‬ ‫‪La Surveillance Électronique‬‬ ‫الترصد اإللكتروني‬
‫ّ‬
‫ص ‪75‬‬ ‫‪L’infiltration‬‬ ‫االختراق‬

‫‪103‬‬
‫فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات‬

‫‪104‬‬
‫فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات‬

‫‪105‬‬
‫فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات‬

‫‪106‬‬

You might also like