Professional Documents
Culture Documents
الاختلاس
الاختلاس
-لجنة المناقشة:
مشرفا و مقررا. أستاذ مساعـــــــد جامعة أم البواقي -2األستاذة نور الهدى زغبيب
{ َو َل تَأْ ل لُكو ْا َأ ْم َوالَ لُك بَيْنَ لُك اِبلْ َبا اط ال َوت ْلدللو ْا ِبا َا ا َىل الْ لح اَّك ام
ِ
ال َتأْ ل لُكو ْا فَ اريق ًا ام ْن َأ ْم َو اال النا ااس اِبل ْ اْث َو َأ ل ْنُت تَ ْعلَ لم َ
ون }
ِ
صدق هللا العظمي.
عبدهللا بوساحة.
أتقدم بأمسى عبارات الشكر و التقدير للك من ساعدين
عىل ابراز هذا اجلهد ،و أخص ِبذلكر الس تاذة احملرتمة
نورالهدى زغبيب اليت تفضلت بقبول الرشاف عىل
املذكرة و عىل ما أسدته من نصح و توجيه و ارشاد
طيةل مراحل اعدادها ،كام أتوجه ِبلشكر اجلزيل
لساتذيت الكرام ،الس تاذ عبدالعزيز مشالل و الس تاذ
سفيان انرصي أعضاء جلنة املناقشة لقبوهلم مناقشة هذه
املذكرة ،و جليأ أساتذة ُكية احلقوق ،و أقول شكرا
لزماليئ يف ادلفعة و للك من قدم يل العون و النصح و
اىل لك من حفزان عىل العمل.
عبدهللا بوساحة.
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
يعتبر التطور السريع في نسق الحياة البشرية في شتى المجاالت ،له بالغ األثر في سلوك
اإلنسان وفي تطور وتغير نمط حياته ،مما أفرز عديد السلوكيات اإلجرامية ،األمر الذي استلزم
اتخاذ تدابير لكبح جماح النزعة اإلجرامية لدى اإلنسان ،الذي تتسم فطرته بحب التملك والسيطرة
والنفوذ.
ولعل من أبرز وأهم المواضيع التي أثارت االهتمام واالنشغال بمعالجتها ،هي ظاهرة ّ
اختالس المال العام ،وما له من تداعيات على منظومات الدول وكيانها المهدد بفعل هذه الظاهرة،
بالمشرع إلى تجريمها والمعاقبة عليها بكل حزم وصرامة ،ذلك ألن دور الدولة يتجلى في
ّ مما دفع
حماية األموال والمصالح العامة المعهودة للموظفين العموميين ومن في حكمهم ،الذين يتسلمون
المال العام بحكم وظائفهم أو بسببها ،مما يسهل عليهم اختالسه.
وبعد مصادقة الجزائر على سلسلة من االتفاقيات الدولية ،والتي كان من أبرزها اتفاقية األمم
المتحدة لمكافحة الفساد ،التي تم بموجبها إصدار القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فيفري
2006المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،المتمم باألمر رقم 05-10المؤرخ في 26أوت
،2010و المعدل و المتمم بالقانون رقم 15-11المؤرخ في 02أوت ،2011و الذي عالج
بصياغة جديدة من خالل المادة 29منه ،جريمة اختالس الممتلكات من قبل الموظف العمومي ،
هاته األخيرة التي ألغت المواد المنصوص عليها وفق قانون العقوبات ،مما استدعانا إلى دراستها
وتحليلها ،ومعرفة مدى فعاليتها في توفير حماية حقيقية للمال العام.
ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الموضوع الذي سوف نتطرق إليه بالدراسة والتحليل وكذا
النقاش ،للوقوف على أهم األسباب و اإلشكاالت التي تتعرض القضاء عليه ،من ناحيتين:
الناحية العلمية :تظهر أهمية دراسة جريمة اختالس األموال العمومية في التشريع
حد ذاته جدير بالبحث والدراسة ،ألن األموال العمومية عاملالجزائري ،في أن الموضوع في ّ
أساسي للتحوالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية للدولة ،وذلك بالوقوف على الصور المستحدثة
أ
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
لجريمة االختالس التي تمس بالمال العام ،مع بيان بنيانها القانوني(أركانها) ،وكذلك الجزاءات
المقررة لها ،باإلضافة إلى آليات مكافحتها وقمعها ،مع دراسة ومعرفة اإلجراءات الخاصة بمتابعة
الجريمة على الصعيدين المحلي والدولي ،سواء المنصوص عليها وفق قانون اإلجراءات الجزائية أو
القوانين الخاصة ،كتلك المتعلقة بتسهيل متابعة الجريمة كالتسرب والترصد اإللكتروني والتسليم
المراقب ،مما له بالغ األهمية عند المختصين في الدراسات القانونية.
الناحية العملية :إن االنتشار الكبير الذي شهدته الدولة في اآلونة األخيرة للجرائم الماسة
بأموالها العامة على غرار جريمة االختالس ،واألضرار الناتجة عنها سواء على الفرد أو المجتمع،
تتطلب تكثيف الجهود الرامية لمحاصرة األفعال الماسة بالمال العام ،كون لها تأثير على االستقرار
والثقة في الدولة ،إذ يعد االستقرار المالي من أهم مظاهر الثبات من الناحية االقتصادية ،أما من
ناحية أخرى فإن إخراج تلك النصوص والقوانين المقررة لردع جريمة اختالس األموال العمومية
للتطبيق العملي من طرف األجهزة المختصة بذلك ،لتيسير عملية متابعة ومحاربة هذه الجريمة
بتكوين متخصصين في هذا المجال.
ومن بين أسباب اختيار هذا الموضوع كما أسلفنا ،يعود إلى الميول الشخصي للدراسات
الجنائية ،خاصة تلك المتعلقة بالجرائم االقتصادية ومنها الواقعة على األموال العمومية ،أما السبب
الموضوعي فيتمثل في الخوف على كيان المجتمع ،فزوال الدولة يعني بالضرورة زوال المجتمع،
حينها يسود قانون الغاب ،ذلك أن جريمة اختالس األموال العمومية بجميع صورها ،أخذت منعرجا
فأردت الوقوف
للدولةّ ،
كبي ار في الساحة الوطنية ،مما نتج عنها أض ار ار خطيرة و إشكاالت عسيرة ّ
على اآلليات المستحدثة للتصدي لهذه الظاهرة التي لها انعكاسات سلبية تستدعي منا أخذ الحيطة
والحذر.
وتتمثل أهداف الدراسة في الوقاية من هذه الظاهرة ،مع محاولة التطرق إلى صورها التي
استحدثها المشرع واألركان التي تقوم عليها ،باإلضافة إلى العمل على إبراز أهم نقاط القوة
والضعف في اآلليات المسطرة لمحاربتها ،سواء كانت موضوعية أو إجرائية ،بما يضمن الصالح
العام.
ومن بين الصعوبات التي تواجهها الدولة في مجال تحديد اآلليات الكفيلة في مواجهة الجرائم
الواقعة على المال العام ،هي صعوبة ربط المصلحة الفردية بالمصلحة العامة ،ومن جهة أخرى
محاولة حماية االقتصاد الوطني الذي ي ّعد صمام األمان ،باإلضافة إلى أن المال العام هو المحرك
األساسي للمصلحة العامة ،والمساس به يعني اإلضرار بالنظام العام للدولة.
ب
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
ومن خالل ما تم استعراضه ،وبالنظر لشساعة الموضوع وصعوبة تصور المنظومة القانونية
المناسبة في مكافحة الفساد والوقاية منه ،يطرح التساؤل اآلتي:
ما هو النظام القانوني المناسب من الناحية الموضوعية و اإلجرائية لحماية المال العام
من جريمة االختالس؟.
ولإلجابة عن اإلشكالية المطروحة ،ارتأيت إلى اعتماد منهج وصفي و تحليلي قدر
اإلمكان ،من خالل استعراض النصوص القانونية ،واستقراء ما جاء في االتفاقيات الدولية وقانون
الوقاية من الفساد ومكافحته ،باإلضافة إلى قانون اإلجراءات الجزائية ،وبعض القوانين األخرى
الخاصة ،التي تم من خاللها ضبط مفهوم المال العام محل الحماية الجزائية من جريمة االختالس،
مع عرض لبنيانها القانوني وذلك لتدارك العجز وتغطية نقاط الضعف ،كما قمت بتحليل مضمون
المادة 29من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،مع دراسة الجانبين الموضوعي واإلجرائي
لجريمة اختالس األموال العمومية.
إال أنه مع كل هذا فإن دراستنا هذه اعتمدت على بعض الدراسات السابقة التي تناولت هذا
الموضوع بشيء من التفصيل ،مثال ذلك:
رسالة ماجستير لألستاذة دنش لبنى تحت عنوان "جريمة االختالس و التبديد في التشريع
الجزائري" ،أين استشفينا من دراستها بعض النقاط التي أخذ بها المشرع الجزائري في مكافحة ظاهرة
االختالس.
كما ننوه في سياق متصل بالدراسة التي قامت بها األستاذة سالمي نادية ،من خالل
مذكرتها لنيل درجة ماجستير تحت عنوان "السياسة الجنائية لحماية المال العام في إطار قانون
مكافحة الفساد" ،والتي تعرضت فيها من خالل هذه الدراسة ألهم نقطة جوهرية وهي السياسة
الجنائية للمشرع الجزائري ونظرته في اآلليات المناسبة لمكافحة أهم جريمة من جرائم الفساد ،أال
وهي جريمة اختالس المال العام.
كما ننوه أيضا بالدراسة المقدمة من قبل األستاذة مليكة بكوش من خالل مذكرتها لنيل
درجة ماجستير ،تحت عنوان "جريمة االختالس في ظل قانون الوقاية من الفساد و مكافحته".
ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة تم تقسيم الدراسة إلى فصلين نظ ار لطبيعة الموضوع
حيث يتضمن شق موضوعي وآخر إجرائي:
ج
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
تناولت في الفصل األول :عرض اآلليات الموضوعية لحماية األموال العمومية من جريمة
االختالس بداية من تحديد جريمة اختالس األموال العمومية في المبحث األول ،ثم األحكام المقررة
لجريمة اختالس األموال العمومية في المبحث الثاني.
خصصت األول لألجهزة المخولة بضبط جريمة ّ أما الفصل الثاني :فيتضمن مبحثين
اختالس األموال العمومية ،والمبحث الثاني إلجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية من
النطاق المحلي إلى الدولي.
وهذا ما سنفص ـ ـ ــل فيه في صفحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات هذه الد ارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة .
د
قائمــــــــــــــــــــــــة االختصــــــــــــارات
قائمـــــــــــة االختصـــــــــــارات
6
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
تحتاج الدولة وأشخاصها المعنوية المختلفة ،في إدارتها للمرافق العامة والمؤسسات العمومية
إلى أموال متنوعة ،منها الثابت ومنها المنقول ،فاألموال العامة تخصص للنفع العام ،أي الستعمال
الجمهور مباشرة ،أو لخدمة مرفق عام ،فهي بذلك تستهدف غرض يخالف تلك التي تحكم األموال
الخاصة(.)1
وتتعرض األموال العامة لعدة جرائم ،نص عليها المشرع الجزائري في القانون ،على غرار
جريمة اختالس المال العام ،التي تعتبر من بين أبشع طرق االعتداء على المال العام ،وأكثرها
انتشا ار ،مما يشكل خطورة على اقتصاد الدولة ،وذلك لما تسببه من ضرر واستنزاف لمواردها.
وقد سعى المشرع إلى تجريم هذا السلوك ،الذي أقر له جملة من العقوبات تتناسب وطبيعته،
وذلك حفاظا على المال العام و الوظيفة في أن واحد ،ومن هذا المنطلق قررت تقسيم الفصل األول
إلى مبحثين ،أعرض في المبحث األول :تحديد جريمة اختالس األموال العمومية ،أما في المبحث
الثاني :األحكام المقررة لجريمة اختالس األموال العمومية.
()1
خلوفي لعموري .جريمة اختالس األموال العامة أو الخاصة في التشريع الجزائري ،المادة .119مذكرة ماجستير.
إشراف زعالني عبد المجيد .جامعة الجزائر .كلية الحقوق و العلوم السياسية .2001 .ص .6
8
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المبحث األول
تحديد جريمة اختالس األموال العمومية
تثير ظاهرة اختالس المال العام عديد اإلشكاالت ،السيما وأن المشرع الجزائري قد عالج فكرة
االختالس في أكثر من موضع في قانون العقوبات ،من ذلك جريمة السرقة ،وجريمة خيانة األمانة،
فجريمة االختالس تعتبر من بين أخطر الجرائم إض ار ار بالمال العام ،الذي سعى المشرع إلى حمايته
من جميع أشكال النهب(.)1
وعليه قمت بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،أعرض في المطلب األول :مفهوم جريمة
االختالس ،أما في المطلب الثاني :مفهوم األموال العمومية.
يتطلب حصر وتحديد مفهوم جريمة اختالس األموال العمومية منعا الختالطه بالمفاهيم
األخرى ،عرض في الفرع األول :تعريف جريمة االختالس ،أما في الفرع الثاني :تمييز جريمة
االختالس عن بعض الجرائم المشابهة لها.
يستلزم لتعريف جريمة االختالس التطرق أوال :للتعريف اللغوي ،ومن ثم االنتقال ثانيا:
للتعريف الفقهي ،أما ثالثا :التعريف القانوني ،كما سيتم بيانه في العناصر التالية:
مخاتلة" بمعنى"
الخ ْلس :األخذ في نزهة و َ
بالعودة إلى المفهوم األصلي لالختالس نجد أن " َ
س ،و خالّس"(.)2
لسا ،و َخلسه إيَّاه فهو َخال ْ
لسهَ ،ي ْخلسهَ ،خ ً
َخ َ
ش ْي َء:
س القَ ْوم ال َ
سه" ،وبمعنى آخر " تَ َخالَ َ
س) الشيءَ :خلَ َ
(اختَلَ َ
وجاء في المعجم الوسيط " ْ
سالَبوه"(.)3
تَ َ
()1
عبد اهلل سليمان .دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص .جزء أول .ديوان المطبوعات الجامعية:
الجزائر .2006 .ص .51
()2
عبد الحميد هنداوي .المحكم و المحيط األعظم .طبعة أولى .جزء خامس .دار الكتب العلمية :لبنان .2000 .ص .76
()3
شوقي ضيف .المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية .طبعة رابعة .مكتبة الشروق الدولية :مصر .2004 .ص .249
9
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
كما ورد في الحديث النبوي ،عن عبداهلل بن عبدالصمد بن علي عن َمخلٍَد ،عن سفيان ،عن
عرف جانب من الفقه جريمة االختالس على أنها "استيالء الموظف بدون وجه حق على
ّ
()3
أموال عامة أو خاصة ،وجدت في عهدته بسبب أو بمقتضى وظيفته" .
في حين عرفها آخرون "بأنها مجموعة األعمال المادية أو التصرفات التي تالزم نية
الجاني ،ويعبر عنها في محاولته االستيالء التام على المال الذي بحوزته ،وذلك بتحويل حيازته
للمال من حيازة ناقصة وموقوتة إلى حيازة تامة ودائمة"(.)4
وتعرف أيضا "بأنها مجموع التصرفات المادية التي تصاحب عملية اغتصاب ملكية
الشيء أو تحويل المال (عام أو خاص) الموكول للجاني أمر حفظه أو التصرف فيه بحسب ما
يأمر به القانون ،والذي انتهى إليه بموجب وظيفته إلى ملكية شخصية للجاني ،والتصرف في
المال على نحو ما يتصرف المالك بملكه"(.)5
كما يمكن تعريف االختالس كذلك "بأنه كل سلوك يأتيه الموظف لتحويل مال يحوزه بحكم
الوظيفة من حيازة مؤقتة إلى دائمة"(.)6
وهناك اتجاه آخر يقسم االختالس إلى معنيين ،معنى عام وهو انتزاع الحيازة المادية للشيء
موضوع االختالس من صاحب الحق فيها إلى يد الجاني ،أما المعنى الخاص لالختالس فيفترض
فيه وجود حيازة للجاني سابقة و معاصرة للحظة ارتكاب السلوك اإلجرامي ،إال أنها حيازة
()1
محمد بن أبي بكر الرازي .مختار الصحاح ،طبعة أولى .دار الكتب العلمية :لبنان .1989.ص .77
()2
سائي .طبعة أولى .دار المعرفة بيروت :لبنان. 1989 .ص .463 مكتب تحقيق التراث اإلسالمي .س َنن ال َن َ
()3
سليمان بارش .محاضرات في شرح قانون العقوبات الجزائري(القسم الخاص) .طبعة أولى .دار البعث :الجزائر.1995 .
ص .60
()4
عبداهلل سليمان .مرجع سابق .ص .93
()5
محمد رضا عيفة .جريمة اختالس المال العام .طبعة أولى .بيت الحكمة :الجزائر .2015 .ص .90
()6
منصور رحماني .القانون الجنائي للمال و األعمال .جزء أول .دار العلوم :الجزائر .2012 .ص .85
10
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
ناقصة( ،)1وعليه يعرف فعل االختالس على أنه االستيالء على الحيازة الكاملة للشيء المملوك
للغير ،سواء كان هذا الغير فردا عاديا ،أو إدارة عمومية(.)2
على ضوء الممارسة القضائية ،أشارت المحكمة العليا في أحد ق ارراتها إلى العناصر المكونة
()3
" تتحقق جريمة اختالس المال العام بتوافر الشروط لجريمة اختالس األموال العمومية بالقول
التالية":
كما يمكن إدراج جريمة اختالس المال العام ضمن الجرائم التي استحدثها المشرع بموجب
قانون خاص ،الذي يهدف إلى حماية السالمة العمومية ،والتي تقترب إلى حد كبير من فعل
السرقة ،وخيانة األمانة ،وقد استحدثت لبسط الرقابة على المال العام ،وتشديد العقاب على مسيري
األموال العمومية(.)6
()1
لبنى دنش .جريمة االختالس و التبديد في التشريع الجزائري .مذكرة ماجستير .إشراف شيتور جلول .جامعة محمد
خيضر بسكرة الجزائر .كلية الحقوق و العلوم السياسية .2008 .ص .8
()2
سليمان بارش .مرجع سابق .ص .51
()3
نبيل صقر .االجتهاد القضائي للمحكمة العليا .جزء أول .دار الهدى :الجزائر .2013 .ص .338
()4
األمر رقم 156-66مؤرخ في 8جوان .1966يتضمن قانون العقوبات .جريدة رسمية ،عدد .48صادرة في 10
جوان .1966ص .702معدل و متمم بالقانون رقم 23-06مؤرخ في 20ديسمبر .2006جريدة رسمية.عدد.84
صادرة في 24ديسمبر .2006ص .11
()5
القانون رقم 01-06مؤرخ في 20فيفري .2006يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .جريدة رسمية .عدد.14
صادرة في 19مارس .2006ص .4المعدل و المتمم.
()6
لبنى دنش .مرجع سابق .ص .09
11
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
تتقاطع جريمة اختالس األموال العمومية كما وردت وفق قانون الوقاية من الفساد ومكافحته
تحت عنوان " اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير
شرعي"( ،)1مع جرائم أخرى منصوص عليها وفق قانون العقوبات الجزائري ،بحيث تتشابه معها إلى
حد كبير في نواحي عديدة ،و تختلف معها في نواحي أخرى ،وعليه قسمت هذا الفرع إلى
عنصرين ،أوال :تمييز جريمة االختالس عن جريمة السرقة ،أما ثانيا :تميز جريمة االختالس عن
جريمة خيانة األمانة.
استعمل المشرع الجزائري لفض [اختلس] في المادة 29من قانون الوقاية من الفساد و
مكافحته ،والتي تنص على " ...كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز
بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي ،"...وذلك للتعبير عن السلوك اإلجرامي المكون
للركن المادي لجريمة اختالس األموال العمومية.
كما نجده أيضا قد استعمل نفس اللفظ للداللة على السلوك اإلجرامي المكون للركن المادي
لجريمة السرقة ،من خالل المادة 350من قانون العقوبات الجزائري ،والتي تنص على أن" كل من
اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا ،)2("...أي أن جريمة االختالس و السرقة تشتركان في
مواضع عدة و تختلفان في نقاط أخرى ،التي تبرر تناول المشرع كل جريمة على حدى ،وكل منها
في قانون خاص مستقل( ،)3وعليه نجد أن كال الجريمتين تشتركان في مواضع عدة ،و تختلفان في
أخرى ،كاآلتي:
()1
القانون رقم 15-11مؤرخ في 02أوت .2011المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .جريدة
رسمية .عدد .44صادرة في 10أوت .2011ص .4
()2
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .95
()3
منصور رحماني .مرجع سابق .ص .85
()4
(العقار بالتخصيص حسب األصل هو منقول مخصص لخدمة األرض ،مثل الجرار ،أدوات الزراعة)...
12
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
ضران بالمصالح العليا للدولة ،سواء كان المال عاما أو خاصا ،أو حصل
كلتا الجريمتين ت ّ
من موظف عام أو شخص عادي ،مما يستوجب الردع وأشد العقاب(.)1
-2أوجه االختالف بين جريمة االختالس و السرقة:
ال يقع االختالس إال من موظف عمومي أو من في حكمه ،وهو ما نصت عليه المادة
29من (ق.و.ف.م) ،أما جريمة السرقة فقد تقع من موظف أو غير الموظف ،فهي ليست من
جرائم ذات الصفة ،أي بغض النظر عن المكانة االجتماعية والوظيفية للجاني (.)2
في جريمة السرقة يتم نقل المال من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني ،وهذا خالفا
للمال موضوع االختالس ،والتي يكون المال فيها في حيازة الجاني مسبقا بمقتضى وظيفته أو
بسبسها ،حيث يتمثل فعل الجاني في هذه الحالة في تغيير نوع الحيازة من ناقصة ومؤقتة ،إلى
حيازة كاملة و دائمة(.)3
أورد المشرع الجزائري جريمة السرقة في قانون العقوبات الجزائري ،بينما أورد جريمة
االختالس في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته.
كان المشرع الجزائري ينص قبل تعديله لقانون العقوبات سنة ،2006على جريمة
المعدل والمتمم لقانون
ّ االختالس في المادة (119الملغاة) بموجب القانون رقم 23-06
العقوبات ،ضمن الفصل الرابع تحت عنوان" الجنايات و الجنح ضد السالمة العمومية" ،وبعد
التعديل أفرد المشرع قانون خاص نص بموجبه على جريمة اختالس األموال العمومية تحت
عنوان " اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي ،أو استعمالها على نحو غير شرعي"
بالمادة 29من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته.
استخدم المشرع الجزائري لفظ االختالس للداللة على السلوك اإلجرامي لجريمة اختالس
()4
من يعتبر أن جريمة اختالس المال المال العام ،وجريمة خيانة األمانة ،وهناك بعض الفقهاء
العام هي ظرف مشدد لجريمة خيانة األمانة ،هذه األخيرة نصت عليها المادة 376من قانون
()1
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص -ص .101 -100
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .طبعة .15جزء ثاني .دار هومة للنشر و التوزيع:
الجزائر .2014.ص -ص .37 -36
()3
منصور رحماني .مرجع سابق .ص -ص .86 -85
()4
فتوح عبداهلل الشاذلي .شرح قانون العقوبات القسم الخاص(جرائم العدوان على المصلحة العامة) .طبعة أولى .دار
المطبوعات الجامعية :مصر .2001 .ص .205
13
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
العقوبات الجزائري بالقول" كل من اختلس أو بدد بسوء نية ،)1( "...والتي من خاللها سوف نبين
أوجه التشابه و االختالف بين الجريمتين.
( )1أنظر المادة .376األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .المعدل و المتمم .مصدر سابق.
()2
منصور رحماني .مرجع سابق .ص .86
()3
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .طبعة .15جزء أول .دار هومة للنشر و التوزيع:
الجزائر .2013.ص -ص .409 -408
()4
أنظر المادة 02فقرة(ب) .القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
()5
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء أول .مرجع سابق .ص -ص .408 -399
()6
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص -ص .38 -36
14
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
أو الرهن أو عارية االستعمال أو ألداء عمل بأجر أو بغير أجر "...والذي نظم هذه العقود في
القانون المدني(.)1
كما رأى المشرع أن الجزاء المدني غير كاف للجاني خائن األمانة ،الذي خان الثقة التي
بناء على عقد ،وجعلها جريمة ذات طابع جزائي ،للحد من العبث وضعها فيه المجني عليه ً
باالئتمان في المعامالت المالية ،وهذا ما يعزز روح الثقة و الطمأنينة بين الناس والمجتمع (.)2
لم يتطلب المشرع الجزائري تحقق نتيجة إجرامية في جريمة االختالس ،فالجريمة تكون
قائمة بمجرد تغير نوع الحيازة من ناقصة إلى كاملة ،ولو لم يترتب على ذلك ضرر ،بينما اشترط
القانون في جريمة خيانة األمانة قيام ضرر ،وهو ما ورد بنص المادة ( 376ق.ع.ج) بـ "...
وذلك إض ار ار بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها."...
في جريمة االختالس سعى المشرع الجزائري إلى حماية المصلحة العامة ،سواء كانت في
صورة الوظيفة أو في صورة المال محل االختالس ،عكس جريمة خيانة األمانة فالمصلحة
المحمية ،هي المصلحة الخاصة ألن الجريمة تقع عليها(.)3
المطلب الثاني :مفهوم األموال العمومية
للدولة وغيرها من األشخاص المعنوية العامة أموال تملكها ،قد تكون عامة ،أو خاصة ،و
لكل منها مقومات وخصائص ،غير أن األموال العامة تتمتع بنظام قانوني خاص ،أكثر صرامة،
يكفل لها قد ار كبي ار من الحماية(.)4
و تكتسي مسألة المال العام أهمية بالغة في القانون الجنائي خاصة وأن المشرع الجزائري
استعمل عبارات مختلفة ،فمرة يستعمل عبارة األموال المملوكة للدولة أو إلحدى هيئاتها أو
مؤسساتها العامة ،ومرة أخرى يستعمل مصطلح األموال العامة ( ،)5وهذا ما يدفعنا للبحث عن
مفهوم األموال العمومية ،وعليه قمت بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين ،الفرع األول :تعريف المال
العام ،أما الفرع الثاني :خصائص المال العام و تمييزه عما يختلط به من مصطلحات.
()1
األمر رقم 58-75مؤرخ في 26سبتمبر .1975المتضمن القانون المدني .جريدة رسمية .عدد .78صادرة في 30
سبتمبر .1975ص .990المعدل و المتمم.
()2
منصور رحماني .مرجع سابق .ص -ص .87 -86
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص -ص .104 -102
()4
نادية سالمي .السياسة الجنائية لحماية المال العام في إطار قانون مكافحة الفساد .مذكرة ماجستير .إشراف زواقري
الطاهر .المركز الجامعي خنشلة الجزائر .معهد العلوم القانونية و اإلدارية .2011 .ص .19
()5
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .198
15
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
بغية إعطاء تعريف دقيق وشامل للمال العام ،من جميع النواحي اللغوية والفقهية والقانونية،
ارتأيت في تقسيمه إلى ثالث عناصر ،حيث نهتم بتفصيل العناصر كاآلتي أوال :التعريف اللغوي،
أما ثانيا :التعريف الفقهي ،و ثالثا :التعريف القانوني.
المال جمعه أَم َوال ،وّيعرف "كل ما يملكه الفرد أو تملكه الجماعة من متاع ،أو عروض أو
تجارة ،أو عقار أو نقود ،أو حيوان ،أي كل ما ملكته من جميع األشياء "(.)1
ومن تعريف آخر نجد أن المال هو "ما يباح نفعه مطلقا ،أو يباح اقتناءه بال حاجة ،وكان
في األصل ما يملك من الذهب ،والفضة ،ثم أطلق على كل ما يقتنى"(.)2
كذلك المال لغة هو" جميع األشياء المادية أو األعيان التي يمكن امتالكها ،وجميع
الحقوق التي قد تدخل في الذمة المالية ،كاألراضي و المنقوالت ،والبيوت ،وحق االنتفاع،
واالرتفاق ،غيرها"(.)3
مر التعريف الفقهي للمال العام بعدة تطورات ،جاءت نتيجة أراء الفقهاء المختلفة ،حيث تعدّ
نظرية المال العام نظرية فرنسية بامتياز ،التي تعددت من خاللها معايير تميز المال العام ،وتحديد
صفته في الفقه ،حيث يمكن من خالل ذلك إلى تقسيمه إلى ثالث معايير كاآلتي:
-1معيار الطبيعة الذاتية للمال :يعد من أقدم المعايير وقد قال به في فرنسا كل من الفقيهين
بارثيلمي( )BERTHELMEYوالفقيه دوكروك( ،(DUCROCQحيث يرى الفقيه األول أن
الدومين العام هو ما خصص للمنفعة العامة ،و هو في جوهره دومين حماية ،وال يعتبر مملوكا
ألحد وانما تحوزه الدولة باسم الجمهور ولمصلحته ،فهي وكيلة عنه في حفظه وصيانته .أما الفقيه
دوكروك فقد ساير الفقيه بارثيلمي في استناده إلى خاصية عدم قابلية المال للتملك الخاص ،إال أنه
()1
محمد نعيم العرقسوسي .القاموس المحيط .طبعة سادسة .مؤسسة الرسالة :بيروت. 2005.ص .1159
()2
نذير محمد الطيب أوهاب .حماية المال العام في الفقه اإلسالمي .طبعة أولى .أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية:
المملكة العربية السعودية .2001 .ص .9
()3
إبراهيم النجار .القاموس القانوني .طبعة سابعة .مكتبة لبنان :لبنان .2000 .ص .41
16
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
أرجع هذه الخاصية إلى طبيعة الشيء نفسه والتي تجعلها غير قابلة للتملك الفردي( ،)1ووجه انتقاد
إلى هذا الرأي من زاويتين:
من تعريف المال العام ،أنه شيء قابل للتملك بطبيعته ،ومنه ال يوجد مال عام أو خاص
غير قابل للتملك ،وما ال يستطيع األفراد تملكه ال تستطيع الدولة ذلك أيضا.
أما من جهة أخرى فقد ضيق من نطاق األموال العامة ،وحصرها فقط فيما يستعمل
استعماال مباشرا ،من قبل الجمهور ،وتم استبعاد األموال المخصصة لإلدارة والتسيير(.)2
-2معيار التخصيص للمرفق العام :وهو ما نادا به كل من الفقيهين دوجي()DUGUIT
والفقيه جيزي( ،)JEZEويعرف الفقيه األول المال العام على أنه كل عقار أو منقول تملكه الدولة،
يكون مخصصا لمرفق عام ،أما الفقيه الثاني فيعرف المال العام على أنه كل مال مخصص
لالستعمال الجماهيري ،سواء كان هذا التخصيص بعمل إداري ،أو بفعل الطبيعة( ،)3وقد انتقد هذا
المعيار على أساس:
إن هذا المعيار بالغ في التوسع في تعريف المال العام.
توسيع نطاق األموال العامة ،ليشمل أمواال ال تستدعي إضفاء العمومية عليها.
تضخيم دائرة األموال العامة لتشمل أشياء تافهة ،ليست بحاجة إلى تطبيق نظام قانوني(.)4
وعليه ذهب بعض األنصار إلى وضع شرطين أساسيين حتى يعد المال عاما(:)5
ال يعد المال عاما ،إال اذا كان مخصصا لخدمة مرفق عام من المرافق األساسية للدولة.
أن يلعب هذا المال دو ار جوهريا في تسيير هذا المرفق العام.
-3معيار التخصيص للمنفعة العامة :يعد هذا المعيار جامعا للمعيارين السابقين و موحد
لهما ،وهو ما نادا به الفقيه هوريو( )HAURIOUوالفقيه فالين( ،)WALINEحيث يرى الفقيه
األول أن المال العام هي األشياء غير القابلة للتملك الخاص ،وهي التي لها الخاصية بسبب
تكوينها العضوي من جهة ،أو تلك التي تغيرت طبيعتها نتيجة تخصيصها للمنفعة العامة من قبل
اإلدارة ،أما الفقيه الثاني فيرى أن المال العام هو المال المخصص لسد حاجات عامة ،أو إلدارة
()1
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .20
()2
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .199
()3
محمد أنس قاسم جعفر .النظرية العامة ألمالك اإلدارة و األشغال العامة .طبعة ثالثة .ديوان المطبوعات الجامعية:
الجزائر .1992 .ص .24
()4
إبراهيم عبد العزيز شيحا .الوسيط في أموال الدولة العامة و الخاصة .دار المطبوعات الجامعية :مصر .1995.ص
.42
()5
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .199
17
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
مرفق عام ،ال يمكن االستغناء عنها بسهولة نظ ار لطبيعتها الذاتية ،أو إلعدادها إعدادا خاصا ،أو
ألهميتها التاريخية مثل المتاحف أو دور المشاهير و غيرها(.)1
وقد أيد هذا المعيار عدد كبير من الفقهاء ،والذي أخذ به مجلس الدولة الفرنسي ،ألنه أكثر
المعايير منطقية ،وقروبا من الواقع ،كما أنه يقدم صيغة متوازنة للمال العام.
ومن خالل ذلك ،نجد أن التعريف المستقر عليه فقها حاليا هو" المال المرصود للنفع العام،
أي المخصص لمرفق عام تمكينا له من القيام بدوره في إشباع حاجة عامة ،أو مجرد تحقيق
()2
. إيراد للدولة أو األشخاص المعنوية العامة ،سواء كان منقوال أو غير منقول"
وبالرغم من االختالف الفقهي الحاصل في مجال تمييز وتحديد األموال العامة ،فالمشرع
الجزائري اعتمد معيار تخصيص المال للمنفعة العامة ،وصفة المالك ،وتندرج تحت طائفة األموال
العامة في القانون الجزائري ،جميع األموال المملوكة للدولة ،أو أحد هيئاتها ،أو مؤسساتها العامة،
وكذلك األموال التي للدولة عليها حق من الحقوق في ذمة الغير(.)3
تولى المشرع الجزائري من خالل نصوص أساسية ،على غرار الدستور ,والقانون المدني،
وقانون األمالك الوطنية ،إعطاء تعريف للمال العام ،حيث لم يترك األمر للفقه وال لالجتهادات
القضائية لتحديد مفهومه ،ومن تعريفات المال العام في التشريع الجزائري نجد:
-1تعريف الدستور الجزائري للمال العام :نص الدستور الجزائري على بعض األحكام،
والتعاريف للمال العام ،وهذا في الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان "الدولة" ،بحيث تنص المادة
18منه على " الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية ،"...كما تنص كذلك المادة 20منه
على " ...وتتكون األمالك العمومية والخاصة التي تملكها كل من الدولة ،والوالية،
والبلدية.)4("...
عرف القانون المدني المال العام من خالل المادة
-2تعريف القانون المدني للمال العامّ :
،688والتي تنص على" تعتبر أمواال للدولة العقارات والمنقوالت التي تخصص بالفعل أو
()1
محمد أنس قاسم جعفر .مرجع سابق .ص .15
( )2نادية سالمي .مرجع سابق .ص .22
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .200
( )4القانون رقم 01-16مؤرخ في 6مارس .2016يتضمن التعديل الدستوري .جريدة رسمية عدد .14صادرة في 07
مارس .2016ص .8
18
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة ،أو لإلدارة ،أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري،
أو لمؤسسة اشتراكية ،أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلة في نطاق الثورة الزراعية"(.)1
وقد نص المشرع في المادة 689من نفس القانون على أنه" ال يجوز التصرف في أموال
الدولة ،أو حجزها ،أو تملكها بالتقادم ،"...وبذلك يستفاد من نصوص القانون المدني أن المشرع
الجزائري أخذ بمعيار مزدوج ،وهو التخصيص لمصلحة عامة أو منفعة عامة ،والتخصيص لخدمة
مرفق عام ،و نستشف من ذلك:
أن يكون التخصيص بالفعل ،فال يكفي صدور قرار بالتخصيص ،وانما يجب أن يكون هذا
الفعل قد تم فعال ،مما يضفي على المال صفة العمومية(.)2
كما أن النص لم يفرق بين األموال المنقولة ،واألموال العقارية.
ينص المشرع صراحة على أن أموال المؤسسات العامة االقتصادية ،هي أموال عامة(.
والشيء الذي نالحظه أن المشرع أعطى تعريف للمال العام ،من خالل قانون خاص أال وهو
القانون المدني الذي يهتم بالمعامالت بين األفراد ،واألجدر به أن تكون هذه التعاريف من خالل
اللوائح والتنظيمات ،وذلك يعود إلى أن التعريف من مهمة الفقه وليس القانون.
-3تعريف قانون األمالك الوطنية للمال العام :وهو ما جاءت به المادة 12من قانون
األمالك الوطنية ،التي تنص على" تتكون األمال ك الوطنية العمومية من الحقوق واألمالك
المنقولة والعقارية ،التي يستعملها الجميع و الموضوعة تحت تصرف الجمهور ،المستعمل
مباشرة أو بواسطة مرفق عام ،)3("...فاألموال العامة هي تلك األموال المخصصة للجمهور مباشرة
أو عن طريق مرفق عام ،أما األموال المخصصة للمرفق العام ،يجب أن تكون مطابقة لطبيعته ،أو
بتهيئة خاصة لهدف المرفق العام ،غير أن هذه التهيئة الخاصة ال تلزم فقط األموال المخصصة
للمرافق العامة ،بل تعتبر ضرورية حتى بالنسبة لألموال الموضوعة تحت التصرف المباشر
للجمهور(.)4
()1
القانون رقم 05-07المؤرخ في 13ماي .2007المعدل و المتمم للقانون المدني .جريدة رسمية .عدد .31صادرة
في 13ماي .2007ص .3
()2
األخضر دغو .الحماية الجنائية للمال العام .مذكرة ماجستير .إشراف عبد االله عبد القادر .جامعة باتنة .كلية الحقوق
و العلوم السياسية .2000 .ص .18
()3
القانون رقم 30-90المؤرخ في 01ديسمبر .1990المتعلق باألمالك الوطنية .جريدة رسمية .عدد .52صادرة في
02ديسمبر .1990ص .1661المعدل و المتمم .بالقانون رقم 14-08المؤرخ في 20جويلية .2008جريدة
رسمية .عدد .44صادرة في 03أوت .2008ص .10
()4
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .24
19
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
يتميز المال العام بجملة من الخصائص الجوهرية ،والتي تساهم في التمييز بينه وبين ما
يختلط به من مصطلحات ،مما يدفعنا بتقسيم هذا الفرع إلى أوال :خصائص المال العام ،أما ثانيا:
تمييز المال العام عما يختلط به من مصطلحات.
-1المال العام مملوك للدولة أو أحد أشخاصها المعنوية العامة :في ّعرف الشخص المعنوي
على أنه مجموعة من األشخاص (أفراد) ،أو مجموعة أموال (أشياء) ،تتكاثف و تتعاون ،أو ترصد
لتحقيق غرض وهدف مشروع ،بموجب اكتساب الشخصية القانونية (.)1
تنص المادة 16من الدستور الجزائري ،على أن" الجماعات اإلقليمية للدولة هي البلدية و
الوالية."...
كما تنص المادة 49من القانون المدني الجزائري ،على أن" األشخاص االعتبارية هي:
الدولة ،الوالية ،البلدية .المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري .الشركات المدنية و التجارية.
الجمعيات والمؤسسات .الوقف .كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية
قانونية.".
وبالتالي يستشف من نص المادتين السابقتين أن الشخص المعنوي ينقسم إلى قسمين:
أشخاص معنوية إقليمية :و على رأسها نجد الدولة ،هذا الكيان الذي يعترف له بالشخصية
المعنوية ،مما يساهم في فصل ذمته المالية عن جهات أخرى ،باإلضافة إلى الوالية ،و البلدية.
أشخاص معنوية مرفقية (مصلحية) :وهي المؤسسات العمومية التي تلعب دو ار ال يستهان
به في مساعدة الدولة للقيام بوظائفها المتعددة(.)2
-2المال العام مخصص للمنفعة العامة :وهو من أبرز المعايير التي وضعها الفقه للتمييز
بين المال العام و الخاص( ،)3والتخصيص للمنفعة العامة يتم بموجب القوانين أو ال ا
مرسيم.
ويرى البعض أنه يكفي ما دون ذلك من األعمال القانونية التي تصدر عن اإلدارة كالقرار
الوزاري ،فتعتمد الدولة على الواقع دون الحاجة إلى ،استصدار قانون ،أو أية أداة رسمية أخرى،
()1
محمدالصغير بعلي .مدخل القانون اإلداري .جزء أول .دار العلوم للنشر و التوزيع :الجزائر .2004 .ص .33
()2
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .25
()3
نوفل علي عبداهلل صفو الديلمي .الحماية الجزائية للمال العام .طبعة أولى .دار هومة :الجزائر .2005 .ص -ص
.111 –107
20
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
وسبيلها إلى ذلك هو أن تهيأ الشيء الذي كان مملوكا لها ملكية خاصة ،ليكون صالحا للمنفعة
العامة ،وترصده فعال لهذه المنفعة(.)1
-3المال العام غير قابل للتصرف فيه :ال يجوز للشخص المعنوي نقل ملكية المال العام ،إلى
أحد األفراد أو الهيئات الخاصة ،واال كان تصرفه تصرفا باطال بطالنا مطلقا ،وهذا الضرر ليس
مطلقا أو أبديا ،وانما هو نسبي وقائم طالما بقي المال محتفظا بصفته العامة ،وهذا راجع إلى
تخصيصه للمنفعة العامة(.)2
-4المال غير قابل للتملك بالتقادم :طالما أنه ال يجوز التصرف في المال العام بنقل ملكيته،
وكذلك عدم جواز اكتسابه بالتقادم ،جاء القانون لغلق الباب أمام المعتدين على األموال العامة بعد
حرم عليهم اكتساب وتملك المال العام
وضع اليد عليها أمال منهم في اكتساب الملكية بالتقادم ،مما ّ
بالتقادم(.)3
-5المال العام غير قابل للحجز عليه :ال يجوز توقيع الحجز على المال العام بغرض استيفاء
دين مترتب على عاتق الدولة ،في مواجهة أيا كان ،باإلضافة إلى عدم جواز ترتيب حقوق عينية
عليه ،كالرهن ،أو االمتياز ،وتبرير ذلك منع التعارض مع فكرة تخصيص المال العام للمنفعة
العامة(.)4
هنالك بعض المصطلحات التي يختلط مفهومها مع مفهوم المال العام ،أهمها المال الخاص
التابع للدولة ،وكذلك الوقف ،وسنوضح ذلك فيما يلي:
-1تمييز المال العام عن المال الخاص للدولة :ي ّعرف المال الخاص للدولة ،بأنه ذلك المال
الذي تملكه الدولة ،أو أحد أشخاصها المعنوية العامة ،وتكون هذه الملكية خاصة ،بحيث ال
يخصص هذا المال للنفع العام ،أو ما يعرف بالدومين الخاص كمنازل العسكريين مثال ،كما يمكن
للدولة أو أحد أشخاصها المعنوية العامة التصرف فيه ،واستغالله ،تصرف األفراد في أموالهم
الخاصة وهو األصل العام(.)5
كذلك تختلف األموال العامة عن األموال الخاصة التابعة للدولة في خاصية القابلية للتصرف،
()1
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .26
()2
عبد العزيز السيد الجوهري .محاضرات في األموال العامة .ديوان المطبوعات الجامعية :الجزائر .1983 .ص .26
()3
محمد أنس قاسم جعفر .مرجع سابق .ص .51
()4
عالء الدين عشي .مدخل القانون اإلداري .جزء ثاني .دار الهدى :الجزائر .2010 .ص .106
()5
نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي .مرجع سابق .ص .81
21
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
فاألموال العامة غير قابلة للتصرف ،أو ما يعرف بالدومين العام كالمستشفيات وغيرها ،بينما
األموال الخاصة التابعة للدولة تقبل التصرفات الناقلة للملكية( ،)1كالبيع بالمزاد العلني ومثال ذلك
بيع حضيرة السيارات القديمة التابعة للبلدية ،أو البيع بالتراضي.
كما ال يمكن الحجز على األموال العامة أو الخاصة للدولة ،ألنه ال يمكن الشك في ذمتها
المالية ،وال يمكن القول بإعسارها( ،)2وفي حالة وجود نزاع تعتبر الخزينة العمومية هي الضامن
()3
. وفقا للقواعد الخاصة المطبقة على بعض أحكام القضاء
أما فيما يخصص عدم القابلية للتملك بالتقادم ،يرى البعض أن هذه القاعدة ال تطبق على
األموال الخاصة للدولة( ،)4بينما يرى البعض األخر توسيع هذه القاعدة لتشمل األموال الخاصة
للدولة على غرار أموالها العامة(.)5
وعليه تتجلى أهمية التمييز بين األموال العامة والخاصة ،كون أن للدولة الحق في التصرف
في أموالها الخاصة كتصرف الفرد في ملكه ،بموجب القوانين التي تنظم تصرف الدولة في هذه
الحالة ،أما اذا وجد قانون خاص ينظم تصرف الدولة في أموالها الخاصة فال بد من مراعاة
أحكامه(.)6
-2التمييز بين المال العام و الوقف :ينظم القانون رقم 10-91المعدل والمتمم الوقف(،)7
وي ّع ّرف الوقف على أنه "حبس العين عن أن تكون مملوكة ألحد الناس ،وجعلها على حكم ملك
اهلل تعالى ،والصرف بريعها على جهة من جهات الخير الحال أو المآل"(.)8
ابتداء للصرف على
ً والوقف نوعان وقف عام و ووقف أهلي ،فالوقف العام ما يخصص ريعه
جهات البر ،كالمستشفيات والمالجئ ،أما الوقف األهلي ،فهو الذي وقف على الواقف نفسه و
ذريته إلى انتهاء نسله ،وجعل مآله إلى جهات الخير.
وبالرغم من أن المال العام و الوقف ،يحظيان بحماية قانونية خاصة ألن الهدف منهما هو
()1
أعمر يحياوي .الوجيز في األموال الخاصة التابعة للدولة و الجماعات المحلية .دار هومة .2001 :ص .28
( )2نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي .مرجع سابق .ص .86
()3
القانون رقم 02-91مؤرخ في 08جانفي .1991يحدد القواعد الخاصة المطبقة على بعض األحكام القضائية.
جريدة رسمية .عدد .2صادرة في 09جانفي .1991ص .24معدل و متمم.
( )4أعمر يحياوي .مرجع سابق .ص -ص .32 -28
( )5نوفل علي عبد اهلل صفو الديلمي .مرجع سابق .ص .86
()6
نادية سالمي .مرجع سابق .ص -ص .28 -27
()7
القانون رقم 10-91مؤرخ في 27أفريل .1991يتعلق بالوقف .جريدة رسمية .عدد .21صادرة في 08ماي
.1991ص .690معدل و متمم بالقانون رقم 07-01مؤرخ في 07جانفي .2001جريدة رسمية .عدد .29صادرة
في 23ماي .2001ص .7
()8
زهدي يكن .أحكام الوقف .طبعة أولى .المكتبة العصرية للطباعة و النشر :لبنان .1985.ص -ص .14-7
22
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المبحث الثاني
األحكام المقررة لجريمة اختالس األموال العمومية
جريمة اختالس المال العام كغيرها من الجرائم ،التي ال تقوم إال بتوافر أركانها األساسية،
والتي خصصها المشرع الجزائري بجزاء وفقا لطبيعته ،وبغرض تحديد األحكام المقررة لجريمة
اختالس األموال العمومية ،ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،أعرض في المطلب األول:
أركان جريمة اختالس األموال العمومية ،أما في المطلب الثاني :العقوبات المقررة لجريمة
اختالس األموال العمومية.
تقوم جريمة اختالس األموال العمومية على أركان جوهرية ،تتمثل في الركن الشرعي القائم
على مبدأ "ال جريمة وال عقوبة إال بنص" ،والذي نص عليها المشرع الجزائري بموجب المادة 29
المعدلة بالقانون رقم 15-11المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ،والتي جاءت تحت عنوان
"اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير شرعي"( ،)3باإلضافة
إلى األركان األخرى التي سوف نقوم بدراستها بالتفصيل ،وعليه قسمت هذا المطلب إلى الفرع
()1
أعمر يحياوي .نظرية المال العام .دار هومة للطباعة و النشر :الجزائر .2002 .ص -ص .32 -30
()2
نادية سالمي .مرجع السابق .ص .27
()3
يصطلح على التسمية الجديدة لجريمة اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير شرعي،
باللغة الفرنسية حسب المشرع الجزائري ( De la Soustraction ou de l’Usage illicite des Biens par un
.)Agent Public
23
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
األول :الركن المفترض ،أما الفرع الثاني :الركن المادي ،وقد خصصت الفرع الثالث :للركن
المعنوي.
الفرع األول :الركن المفترض
اشترط المشرع لقيام جريمة اختالس األموال العمومية ،توفر صفة خاصة في الجاني ،
واعتبرها ركنا أساسيا بانتفائها أو انقضاءها تنتفي معها الجريمة ،على اعتبار أن المصلحة
المحمية ،هي ضمان حسن السير الطبيعي للعمل الوظيفي لإلدارة العامة ،وعليه يكون علينا
توفرها في
معالجة النقاط التالية بشكل مفصل ،أوال :صفة الجاني ،أما ثانيا :الشروط الواجب ّ
الجاني.
تكتسي صفة الجاني أهمية بالغة في جريمة اختالس األموال العمومية ،تعرف هذه الصفة بـ
الموظف العام ،الذي اعتبره ركنا أساسيا لقيامها ،فهي ال تقع من غيره بالنظر إلى جوهرها ،حيث
بانتفائها أو انقضائها تنتفي الجريمة ،و تتخذ وصفا أخر متى توافرت جميع أركانها.
عرف المشرع الجزائري الموظف العمومي في المادة 02فقرة (ب) من قانون الوقاية من وقد ّ
الفساد و مكافحته( ،)1على النحو التالي":
-1كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس
الشعبية المحلية المنتخبة ،سواء أكان معي ًنا أو منتخبا ،دائما أو مؤقتًا ،مدفوع األجر أو غير
مدفوع األجر ،بصرف النظر عن رتبته و أقدميته.
-2كل شخص أخر يتولى و لو مؤقتا ،وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ،ويساهم بهذه
الصفة في خدمة هيئة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها ،أو أية
مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية،
-3كل شخص أخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع و التنظيم
المعمول بهما" ،هذا التعريف مستمد من المادة 02فقرة (أ) من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد ،التي صادقت عليها الجزائر بموجب مرسوم رئاسي(.)2
()1
أنظر المادة 02فقرة(ب) .القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
()2
مرسوم رئاسي رقم 128-04مؤرخ في 19أفريل .2004يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة الفساد ،المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك في 31أكتوبر .2003جريدة رسمية .عدد.26
صادرة في 25أفريل .2004ص .12
24
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
و الذي نجده يختلف تماما عن تعريف الموظف العمومي الذي جاءت به المادة 04من
القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،بالقول" يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية
()1
وسع من مفهوم الموظف العام
دائمة و ُّرسم في رتبته في السلم اإلداري ، "...فالقانون الجنائي ّ
عما هو معروف ومتفق عليه وفق قواعد في القانون اإلداري ،و من ذلك يمكننا تقسيم مصطلح
الموظف العمومي إلى أربعة فئات ،كالتالي(:)2
()1
األمر رقم 03-06مؤرخ في 15جويلية .2006يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العامة .جريدة رسمية.
عدد .46صادرة في 16جويلية .2006ص .03
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .12
()3
أنظر المادتين 84و .86القانون رقم . 01-16المتضمن التعديل الدستوري .مصدر سابق.
()4
مرسوم رئاسي رقم 438-96مؤرخ في 07ديسمبر .1996يتعلق بإصدار نص تعديل الدستور .جريدة رسمية.
عدد .76صادرة في 08ديسمبر .1996ص .6معدل و متمم.
()5
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .13
()6
أنظر المادة .573األمر رقم 155-66مؤرخ في 08جوان .1966المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية .جريدة
رسمية .عدد .48صادرة في 10جوان .1966ص .622المعدل و المتمم .بالقانون رقم 24-90مؤرخ في 18أوت
.1990جريدة رسمية .عدد .36صادرة في 22أوت .1990ص .1151المعدل و المتمم .باألمر رقم 02-15مؤرخ
في 23جويلية .2015جريدة رسمية .عدد .40صادرة في 23جويلية .2015ص .28
25
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
()1
القانون رقم .03-06يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية .مصدر سابق.
()2
القانون رقم 11-04مؤرخ في 06سبتمبر .2004المتضمن القانون األساسي للقضاء .جريدة رسمية .عدد.57
صادرة بتاريخ 08سبتمبر .2004ص .13
( )3أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .18
()4
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .19
()5
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .136
26
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
()1
األمر رقم 04-01مؤرخ في 20أوت .2001يتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية و تسييرها و
خوصصتها .جريدة رسمية .عدد .47صادرة في 22أوت .2001ص .9
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .21
()3
عالء الدين عشي .مرجع سابق .ص .33
()4
أنظر المادة 02فقرة(ب) بند ( .)3القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
27
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المستخدمين الشبه عسكريين و المدنيين للدفاع الوطني :وهم األشخاص الذين يحكمهم
القانون األساسي للمستخدمين العسكريين(.)1
الضباط العموميون :وهم األشخاص الذين خولهم القانون سلطة التصديق ،أو إعطاء
بناء على تفويض من السلطة العامة،
الصبغة الرسمية للعقود والوثائق ،والذين يتولون وظيفتهم ً
كالموثق ،والمحضر القضائي وغيرهم(.)2
وعليه نستنتج بأن جريمة اختالس المال العام ال تقع إال بتوفر صفة خاصة في الجاني،
وسع المشرع الجزائري
والتي تعتبر الركن األساسي لقيام الجريمة ،وهي صفة الموظف العام ،الذي ّ
من تعريفه ليشمل طوائف أخرى غير معروفة في القانون اإلداري.
وهذا ما يؤكد ذاتية القانون الجنائي ،مع توسيع أليات الحرص على الحفاظ على هبة
الدولة ،وصيانة كيانها ،والحفاظ على المال العام.
توفرها في الجاني(الموظف العام)
ثانيا :الشروط الواجب ّ
ال يكفي لقيام جريمة اختالس األموال العمومية توافر صفة معينة في الجاني ،التي حددتها
بد من توافر شروط أساسية تقترن بهذه الصفة ،والتي نوضحها كما
المادة ( 02ق.و.ف.م) ،بل ال ّ
يلي:
-1اختصاص الموظف بحيازة المال العام :يعد عنصر االختصاص ،عنص ار مكمال للصفة
الخاصة التي يتطلب القانون توافرها ،إلمكان قيام جريمة االختالس ،بمعنى أن الموظف يجب أن
يكون مختصا بحيازة المال العام ،باسم صاحبه أو لحسابه( ،)3سواء بالمحافظة عليه أو بإنفاقه،
وفقا لما تتطلبه النصوص القانونية و اللوائح و الق اررات ،ويمكن كذلك أن يكون أم ار من الرئيس إلى
مرؤوسه( ،)4وهنا ال بد أن نميز بين حالتين:
الحالة التي يكون فيها الموظف العام مختصا بحيازة المال العام ،باسم صاحبه أو أ.
لحسابه ،بحيث يكفي أن تكون الدولة أو أحد أفرادها ،فإذا نتج عن هذا األخير فعل يدل بصورة
واضحة على تغيير الحيازة من ناقصة إلى كاملة ،والظهور عليها بمظهر المالك ،اعتبر مرتكبا
لجريمة االختالس المال العام.
()1
األمر رقم 02-06مؤرخ في 28فيفري .2006يتضمن القانون األساسي العام للمستخدمين العسكريين .جريدة
رسمية .عدد .12صادرة في 01مارس .2006ص .9
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص -ص .25 -24
()3
فتوح عبداهلل الشاذلي .مرجع سابق .ص .226
()4
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص -ص .156 -155
28
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
وال يشترط لثبوت اختصاص موظف بحيازة المال أن يكون المال بين يدي الموظف المختلس،
وانما يكفي أن يكون من اختصاص وظيفته وصول يده إلى هذا المال ،وبالتالي يكون مختصا
بهذه الحيازة ،وعليه ال ي ّعد مختصا وظيفيا المرؤوس الذي يستطيع الدخول دون قيد إلى غرفة
رئيسه التي توجد بها األموال ،حيث بانتفاء الصلة بين الوظيفة وحيازة المال ،ال يعد مرتكبا
لجريمة االختالس.
ب .حالة كون الموظف العمومي غير مختص بحيازة المال العام ،ولكن يسرت له وظيفته
وقوع المال بين يديه ،كما لو تدخل في عمل الموظفين المختصين بتلك الحيازة بتهاون منهم ،أو
تغاظيهم عنه ،و قحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق وظيفته( ،)1فاذا ما تم االستيالء على هذا
المال ال يطّبق عليه النص الخاص بجريمة االختالس.
-2توافر صفة الموظف وقت ارتكاب االختالس :إذا تبين أن صفة الموظف قد ألحقت
بالجاني بعد وقوع الفعل اإلجرامي ،ال يمكن معاقبته على أساس جريمة اختالس األموال العمومية،
وانما على أساس جريمة أخرى متى توافرت جميع أركانها.
فالصفة شرط جوهري إلسناد واقعة اختالس المال العام للموظف ،فالعبرة بتحديد ما إذ كانت
الصفة مالزمة أو غير مالزمة للموظف العمومي أثناء وقوع الفعل اإلجرامي ،فبمجرد توقف
الموظف عن تأدية مهامه أو العمل المنوط به ،ال تنتفي عنه هذه الصفة ،مما يستوجب من
القاضي إظهارها في الحكم ،واال كان معيبا(.)2
كذلك ال يمكن إسناد جريمة اختالس األموال العمومية ،إلى الموظف العمومي الذي انتفت عنه
الصفة بالعزل ،أو التنحية أو االستقالة ،أو التقاعد أو الوفاة ،أو انقضاء اختصاص حيازة المال
العام باسم الدولة ،حيث يشترط المشرع أن يكون الجاني متصل بمحل االختالس اتصاال وظيفيا،
بانتفاء صفة الجاني ،تنتفي أحد العناصر األساسية لقيام الجريمة ،وهذا ما يحقق شرط العالقة بين
الوظيفة والشيء المختلس(.)3
وعليه يستوجب لقيام جريمة اختالس األموال العمومية ،أن تتوفر صفة خاصة في الجاني
وهي صفة الموظف العمومي ،وذلك دون اإلخالل بالشروط الخاصة التي تالزم صفة الموظف
العام ،والمتمثلة في أن يكون هذا األخير مختصا بحيازة المال العام ،وأن تتوفر صفة الموظف
العمومي وقت ارتكاب السلوك اإلجرامي المتمثل في اختالس المال العام.
()1
فتوح عبداهلل الشاذلي .مرجع سابق .ص .227
()2
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص -ص .158 -156
()3
عيفة محمد رضا .المرجع نفسه .ص -ص .160 -158
29
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
تقوم جريمة اختالس األموال العمومية باإلضافة للركن المفترض على الركن المادي ،والذي
سوف نتطرق اليه من خالل هذا الفرع ،الذي قسمته إلى ،أوال :السلوك المجرم ،ثم ثانيا :محل
الجريمة ،أما ثالثا :عالقة الجاني بمحل الجريمة.
المجرم
ّ أوال :السلوك
لكي تتحقق جريمة اختالس األموال العمومية ال بد من قيام الجاني بنشاط أو سلوك مادي
معين ،المتمثل في تحويل األموال العامة من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة( ،)1والظهور على
الشيء مظهر المالك أو صاحبه.
وهو ما جاءت به المادة 29المعدلة بموجب القانون رقم 15 -11المتعلق بالوقاية من
الفساد ومكافحته ،و التي تنص" ...كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز
بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي ،"...وهي الصور الخمسة التي تمثل السلوك
اإلجرامي للركن المادي ،هذه التصرفات التي يمكن أن يقوم بها الموظف العام ،اتجاه المال العام
المسلم اليه بمقتضى وظيفته أو بسببها ،والتي نص عليها المشرع في نفس المادة بالقول "...عهد
بها اليه بحكم وظائفه أو بسببها ،".فنعرفها على الشكل اآلتي بيانه:
(( )1الحيازة الناقصة تقوم فقط على العنصر المادي و المتمثل في وجود الشيء بيد الحائز مؤقتا بحيث تفتقر على العنصر
المعنوي .أما الحيازة الكاملة هي التي يجتمع فيها عند الحائز عنصري الحيازة المادي و المعنوي ،و بالتالي السيطرة
الفعلية على الشيء) .سليمان بارش .مرجع سابق .ص -ص ،53 -52عيفة محمد رضا :المرجع نفسه .ص -ص
.77 -73
()2عبد الحميد هنداوي .المحكم و المحيط األعظم .جزء .9مرجع سابق .ص .282
()3
عبد العزيز سعد .جرائم االعتداء على األموال العامة و الخاصة .طبعة رابعة .دار هومة :الجزائر .2007.ص .146
()4
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .33
30
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
للمحافظة على المصلحة العامة ،وعليه يسعى المشرع لزرع الطمأنينة في نفوس المسيرين ،وكسر
هاجس الخوف من المالحقة والعقاب.
العمدي ،نتيجة كثرة
ّ عدل المشرع الركن المعنوي ،وجعل التبديد المعاقب عليه هو التبديد
ّ
المتابعات ضد المسيرين واإلطارات ،بالمؤسسات واإلدارات العمومية ،وغيرها ،والذي حط من
عزيمتهم في اتخاذ القرار المناسب في اطار القانون ،إلنقاذ المؤسسات من اإلفالس ،ألن التسيير
اإلداري غالبا ما يكون محفوفا بالمخاطر(.)1
-2االختالس ( :)2()Soustractionيتحقق االختالس بمجرد تحويل الموظف العام المال
المؤتمن عليه ،من الحيازة الوقتية على سبيل األمانة إلى الحيازة النهائية على سبيل التملك ،ومن
قبيل ذلك مدير البنك الذي يستعمل ويستولي على المال المودع به ،واستعمال الموظف لسلطته
()3
. على المال العام لغرض غير مسموح به
إن مدلول االختالس في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته يختلف عما جاء به قانون العقوبات،
حيث استعمل المشرع هذا اللفظ في عدة مواضع سابقة للداللة على السلوك اإلجرامي المكون للركن
المادي.
بناء على فعل االختالس ،فغالبا ما تكون
وبذلك لم يشترط المشرع تحقق نتيجة إجرامية معينة ً
النتيجة اإلجرامية ضر ار يصيب المصلحة العامة من جراء ضياع المال العام ،فهي تقوم في حق
الجاني حتى لو لم يترتب عن ذلك أي ضرر مادي ،كما أنه ال يشترط حصول الموظف العام على
فائدة من خالل فعله اإلجرامي(.)4
-3اإلتالف ( :)Destructionاإلتالف لغة معناه "تلف أي َهل َك"( ،)5ويتحقق اإلتالف بهالك
الشيء ،أي بإعدامه والقضاء عليه ،ويختلف اإلتالف عن إفساد الشيء أو اإلضرار به جزئيا،
حيث يتحقق هذا الفعل بكل الطرق ،كاإلحراق والتمزيق الكامل أو التفكيك التام ،إذا كان الشيء
سيفقد قيمته أو صالحيته نهائيا(.)6
ونصت المادة 158من (ق.ع.ج) على اإلتالف ،الذي جاء تحت عنوان "جريمة سرقة
األوراق من المستودعات العمومية" ،يعد األمين العمومي والذي هو في األصل موظفا عموميا،
()1
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص -ص .172 -171
()2
يرى دكتور بوسقيعة أن لفظ االختالس يقابله ( )Détournementعكس ما جاء به المشرع ( ،)Soustractionو التي
يرى أنها قريبة من معنى السرقة ال االختالس .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .32
(Gérard Cornu. Vocabulaire Juridique. 11e édition. JOUVE : France. 2016. P 343.)3
()4
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص .170
( )5عبد الحميد هنداوي .المحكم و المحيط األعظم .ج .9مرجع سابق .ص .490
()6
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .33
31
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
مرتكبا لجريمة سرقة أوراق من مستودعات عمومية ،اذا قام بإتالف ،أو تشويه ،أو تبديد ،أو انتزاع
عمدا ،أوراق أو عقود أو مستندات سلمت اليه بهذه الصفة ،وليس اختالس ممتلكات عمومية كما
جاء به (ق.و.ف.م) ،رغم توفر جميع أركانها ،في هذه الحالة نكون أمام مسألة تعدد األوصاف،
والتي تقتضي تطبيق الوصف األشد طبقا لقانون العقوبات(.)1
ومن ذلك كان على المشرع حذف مصطلح (أمين عمومي) ،وجعل المادة تسري على غيره،
ألن فعله يدخل ضمن جريمة اختالس المال العام ،حتى ال يحمل نفس الفعل وصفين مختلفين(.)2
-4االحتجاز بدون وجه حق ( :)3()Rétention Indueليس في احتجاز المال بدون وجه
حق اختالس له ،إذ هو مجرد حبس للشيء ،بحيث يفيد أن نية الموظف الحائز للشيء حيازة
ناقصة مازالت غير واضحة ،بالنسبة للتصرف في المال تصرف المالك ،والتي أراد المشرع من
()4
. خالل هذا التوسع أن يحمي المصلحة التي أعد المال من أجلها ،و لخدمتها
وي عد من قبيل االحتجاز بدون وجه حق ،أمين الصندوق في هيئة عمومية ،الذي يحتفظ له
باإليرادات اليومية التي يتوجب عليه إيداعها في البنك ،أو المحضر القضائي الذي يودع مال
الزبائن في حسابه الخاص ،بدال من حسابهم في الخزينة العامة(.)5
ال يشترط القانون لقيام جريمة اختالس المال العام أن يترتب على االحتجاز بدون وجه حق،
ضر ار فعليا يصيب الدولة و األفراد( .)6فقد يكون فعال سابقا لالختالس ،وليس اختالسا بالضرورة،
فإذا كان االحتجاز يستند لحق معين ال تقوم الجريمة.
-5االستعمال على نحو غير شرعي ( :)L’usage illiciteال يقتضي لقيام هذه الجريمة،
االستيالء على المال ،بل يكفي استعماله على نحو غير شرعي ،كأن يقوم رئيس البلدية بتسليم
شاحنة البلدية إلى أحد معارفه لنقل بضاعة إلى محله الخاص ،وتتحقق الجريمة في هذه الصورة
في التعسف في استعمال الممتلكات للغرض الشخصي أو للغير ،واالنتفاع به ،واستعمله على نحو
غير شرعي ،كأن يقوم باستعمال هاتف المؤسسة أو حاسوبها ألغراضه الشخصية(.)7
وعليه نستخلص مما سبق أن المشرع الجزائري قام بتعداد طائفة األعمال المادية ،التي ت ّكون
السلوك اإلجرامي لجريمة اختالس األموال العمومية ،وعلته في ذلك إحكام قبضته على مختلف
()1
أنظر المادة .32األمر رقم .156-66متضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص -ص .173 -172
()3
Tayeb Belloula. Droit Pénal Des Affaires. 1er édition .BERTI Edition : Alger. 2011. P 256.
()4
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص .174
()5
عبد العزيز سعد .مرجع سابق .ص .146
()6
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .34
()7
أحسن بوسقيعة .المرجع نفسه .ص .34
32
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
حدد المشرع الجزائري محل جريمة االختالس من خالل المادة 29من (ق.و.ف.م)
وهي" ...أية ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات
قيمة "...وهو نفس التعريف الذي جاءت به اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد( ،)2ونأتي على
شرح المصطلحات كاآلتي:
-1الممتلكات ( :)Les Biensوجاء تعريفها بنص المادة 02فقرة (و) من (ق.و.ف.م)
كاآلتي " الممتلكات :الموجودات بكل أنواعها ،سواء كانت مادية أو غير مادية ،منقولة أو غير
منقولة ،ملموسة أو غير ملموسة ،و المستندات أو السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك
الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها ،".ويقصد بالمستندات الوثائق التي تثبت حقا من
الحقوق ،كعقود الملكية ،واألحكام القضائية ،وغيرها .أما السندات فيقصد بها كل المحررات الرسمية
التي تثبت الصفة ،كالبطاقات ،والشهادات ،وكل الوثائق التي لها قيمة معنوية(.)3
والشيء المالحظ أن المشرع قد توسع كثي ار في تعريفه للممتلكات ،حيث شملت العقارات ،التي
لم يكن التشريع السابق يشملها ،وشمل التعريف الممتلكات على سعتها كافة األموال المنقولة ذات
القيمة كاألثاث ،والمصوغات الذهبية ،وغيرها.
-2األموال ( :)Fondsويقصد بها النقود ،سواء كانت معدنية ،أو ورقية ،ولفظ المال جاء
عاما ،فقد يكون ماال عاما أي ملك للدولة أو أحد هيئاتها العمومية ،أو ماال خاصا كالمال المودع
من قبل الزبائن لدى كتابة الضبط ،وأموال المتقاضيين المودعة عند المحضر القضائي ،كما تشمل
ودائع الزبائن عند الموثق(.)4
-3األوراق المالية ( :)Valeursويقصد بها أساسا القيم المنقولة المعرفة في القانون التجاري
الجزائري( ،)5والمتمثلة في األسهم ،والسندات ،واألوراق التجارية.
()1
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص .175
()2
أنظر المادة .17المرسوم الرئاسي رقم .128-04يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد .مصدر سابق.
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .188
( )4أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .ص .35
()5
أنظر المادة 715مكرر .30من األمر رقم 59-75المؤرخ في 26سبتمبر .1975المتضمن القانون التجاري .جريدة
رسمية .عدد .101صادرة في 19ديسمبر .1975ص .1906المعدل و المتمم .بالمرسوم التشريعي رقم 08-93
مؤرخ في 25أفريل .1993جريدة رسمية .عدد .27صادرة في 27أفريل .1993ص .3
33
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
وسع المشرع من نطاق -4األشياء األخرى ذات القيمة (ّ :)Tout Chose de Valeurs
محل جريمة االختالس ،لتشمل أي شيء غير الممتلكات ،واألموال ،واألوراق المالية(.)1
ومن قبيل األشياء األخرى ذات القيمة التي يشملها تعريف الممتلكات وفق قانون الوقاية من
الفساد ومكافحته ،األعمال اإلجرائية القضائية ،كالمحاضر التي تحرر في اطار الدعوى المدنية أو
الجزائية ،وشهادة االستئناف أو المعارضة ،عقود الحالة المدنية ،حيث يستوي أن تكون هذه األشياء
األخرى تابعة للدولة ،أو ألحد هيئاتها ،أو مؤسساتها ،أو خاصة تابعة ألفرادها(.)2
ثالثا :عالقة الجاني بمحل الجريمة
لقيام جريمة اختالس الموال العام أوجب المشرع الجزائري ،توافر رابطة بين محل االختالس
وطبيعة الوظيفة التي يمارسها الجاني ،حيث بقيامه تقوم الجريمة ،وبانعدامها وتوفر األركان
القانونية تقوم جريمة أخرى على سبيل المثال جريمة السرقة.
تتمثل هذه الرابطة الخاصة في كون أن يسلم هذا المال إلى الموظف العمومي بسبب
الوظيفة ،ولقيام الجريمة يجب أن يتوفر شرطان جوهريان في المال محل الجريمة و هما:
-1وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته :لتقوم الجريمة ال بد أن ي ّسلم المال للموظف
العام ،ويدخله في حيازته المؤقتة .وهذا ما عبرت عنه المادة ( 29ق.و.ف.م) بالقول " ...عه َد
بها اليه ،"...بحيث ال ينقل تسليم المال للموظف الحيازة ،وانما لتمكينه من أداء أعماله
وواجباته( ،)3فال تهم الوسيلة أو الطريقة التي استلم بها ذلك الموظف المال العام ،فقد يتم التسليم
بناء على عقد من
بناء على وصل رسمي أو عرفي أو دون وصل ،واألصل في التسليم أن يتم ً ً
()4
عقود االئتمان المنصوص عليها في قانون العقوبات الجزائري ،والمتعلقة بجنحة خيانة األمانة
السيما عقود الوديعة ،و الوكالة ،و الرهن ،مما يجعل من جريمة اختالس المال العام على وضعها
هذا ،ال تعدوا أن تكون صورة من صور خيانة األمانة(.)5
-2أن تكون حيازة المال بسبب الوظيفة :يشترط كذلك لقيام الركن المادي لجريمة االختالس،
أن يكون المال قد سلم للموظف بحكم وظيفته أو بسببها ،وهو ما نصت عليه المادة 29
(ق.و.ف.م) بالقول" ...بحكم وظائفه أو بسببها" ،ومعنى ذلك أنه لوال الوظيفة التي عهد بها إلى
()1
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .35
()2
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .189
()3
سليمان بارش .مرجع سابق .ص .68
()4
أنظر المادة .376األمر رقم .156-66يتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
()5
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص -ص .37 -36
34
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
الموظف ،لما تمكن من الحصول على تلك األموال( ،)1بحيث ت ّمكن الوظيفة التي يشغلها الجاني
قدمت لقاضي التحقيق ،كدليل
من استالم المال ،ككاتب قاضي التحقيق الذي استلم ماال أو وثائقّ ،
إثبات التهمة أو نفيها في اطار التحقيق القضائي(.)2
وال يشترط القانون تسلم الموظف للمال العام بسبب الوظيفة أن يكون مصدره القانون فحسب،
بل يمكن أن يكون مصدره ،نصا أو الئحة ،أو ق ار ار إداريا أو مجرد أمر من الرئيس إلى مرؤوسه،
كتابة أو شفهيا ،وعليه فضابط الضبطية القضائية الذي يقوم بعملية التفتيش ال يستطيع أن يد أر
عنه جريمة اختالس المال العام ،إذا ما قام باختالس تلك األموال العامة أو الخاصة ،المتأتية من
عملية التفتيش والحجز ،حتى وان كانت عملية التفتيش وليدة إجراء قانوني أو باطل(.)3
تعتبر جريمة اختالس األموال العمومية من الجرائم العمدية ،التي يتخذ ركنها المعنوي صورة
يعرف المشرع جريمة االعتداء غير العمدي
القصد الجنائي الذي يقوم على العلم و اإلرادة ،حيث ال ّ
على األموال ،حتّى لو توافر لدى الجاني خطأ في أشد صوره جسامة ،كمن يأخذ شيئا مملوك لغيره
معتقدا أنه مملوك له رغم الفارق الواضح بينهما ،ومن أن غلطه هذا ليس مما يلتمس العذر فيه(،)4
وعليه يلزم لقيام الركن المعنوي توافر القصد العام ،وهناك جانب من الفقه من يرى ضرورة توافر
القصد الخاص( ،)5وعليه سنتناول أوال :القصد الجنائي ،ثم ثانيا :الوقائع النافية و غير النافية
للقصد ،أما ثالثا :إثبات القصد.
جريمة اختالس المال العام من الجرائم العمدية التي تستلزم توافر القصد الجنائي في جميع
ضار ال يمكنه أن يرتقي إلى مرتبة العمد،
ًا صورها( ،)6بمعنى أن الخطأ مهما كان جسيما و
وبالتالي فان إهمال الموظف مهما كان جسيما ال يتحقق به القصد الجنائي في جريمة اختالس
المال العام ،حيث يكتفي جانب من الفقه بالقصد العام فقط لقيام جريمة اختالس المال العام ،بينما
()1
عيفة محمد رضا .مرجع سابق .ص -ص .221 -218
( )2أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص -ص .38 -37
()3
عبد اهلل سليمان .مرجع سابق .ص .95
()4
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .226
()5
عدل الركن
(نستق أر من خالل تعديل المادة 29من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته سنة ،2011أن المشرع ّ
المعنوي للتبديد كصورة من صور اختالس الممتلكات ال أساس له ،ألنه ي ْفتََرض قانونا أن يكون التبديد عمديا ،و الغاية
التي يرجوها المشرع من التعديل هي إعطاء طمأنينة ،و بعث روح الثقة فقط لدى المسيرين).
()6
عبداهلل سليمان .مرجع سابق .ص .81
35
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
يرى جانب أخر بضرورة قيام القصد العام باإلضافة إلى القصد الخاص المتمثل في نية التملك(،)1
وسنأتي على شرح هذين المعطيين كاآلتي:
-1القصد العام :وهو القصد الضروري لقيام كافة الجرائم العمدية ،ويعني اتجاه نية وارادة
يجرم هذا الفعل ويعاقب عليه ،ويقوم القصدالجاني نحو القيام بفعل إجرامي ،مع علمه أن القانون ّ
العام على عنصري العلم واإلرادة( ،)2أي علم الجاني بتوافر أركان الجريمة وتوجيه إ اردته إلى
ارتكاب السلوك المجرم ،وبانتفائهما أو انتفاء أحدهما ينتفي القصد الجنائي.
أ .العلم :وهو علم الجاني بتوافر األركان و العناصر التي تقوم عليها الجريمة و التي
يشترطها و يتطّلبها القانون ،و كذا اآلثار الناتجة عنها و التي تلحق ضر ار بالغير( ،)3فيلزم أن
يعلم الجاني بأنه موظف عمومي ،و هو ما أكدته المحكمة العليا من خالل القرار رقم
3309989الصادر في 03مارس 2004بالقول" يجب في جريمة اختالس شيء م ّخصص
للجيش ،أن يشمل السؤال أركان الجريمة من حيث تحديد صفة الجاني(عسكري) ،ومن حيث أن
األشياء المختلسة مخصصة للجيش ،و عهد بها اليه بهذه الصفة ألجل الخدمة"(.)4
ذلك أنه من المتصور أن يجهل الجاني صفته الوظيفية ،كما لو كان الموظف قد فصل من
منصبه وتظلم من هذا القرار وأعيد إلى منصبه بقرار من الجهة المختصة ،وكان هذا الموظف قد
اختلس أصوال كانت في عهدته قبل إخطاره بسحب قرار الفصل ،فهنا ال تقوم جريمة اختالس
المال العام ،بل تقوم جريمة أخرى متى توافرت جميع أركانها(.)5
ويتطلب القصد الجنائي أن يعلم الجاني بصفة المال الذي اختلسه ،وأنه وجد بين يديه بسبب
وظيفته ،وأن حيازته للمال حيازة ناقصة ،فان ّدلت وقائع القضية على انتفاء هذا العلم فقدت
الجريمة أحد أركانها ،وهو الركن المعنوي ،شأنه شأن الموظف المكلف بصرف الرواتب الذي
يأخذ مبلغ مالي مساوي لراتبه الشهري معتقدا أنه مستحق الدفع في ذلك التاريخ ،إال أنه في حقيقة
األمر لم يصدر أمر الصرف له(.)6
()1
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .227
()2
سعيد بوعلي ،دنيا رشيد .شرح قانون العقوبات الجزائري(قسم عام) .طبعة ثانية .دار بلقيس للنشر :الجزائر.2016،
ص .191
()3
سعيد بوعلي ،دنيا رشيد .المرجع نفسه .ص .188
()4
عبد الرزاق حمودي .القانون الجزائي لألعمال الجزائري .طبعة أولى .جزء أول .روافد العلم للنشر و التوزيع :الجزائر.
.2015ص .199
()5
محمد مأمون سالمة .قانون العقوبات (قسم خاص) .جزء أول .دار الفكر العربي :مصر .1982 .ص .268
()6
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .229
36
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
ب .اإلرادة :وهي قوة داخلية نفسية تتحكم في سلوك اإلنسان وتوجهه ،فهي نشاط يصدر عن
الموجهة للسلوك المادي نحو تحقيق نتيجة
وعي وادراك لبلوغ هدف معين ،فهي القوة المسيطرة و ّ
محظورة قانونا(.)1
كما ال بد أن يكون السلوك اإلجرامي في جريمة اختالس المال العام إر ّاديا ،ويتحقق ذلك
بانصراف نية الموظف المختلس إلى التصرف في المال المسلم اليه بسب الوظيفة تصرف
المالك ،ويكون هذا التملك سواء لحسابه الخاص أو بنقل حيازته للغير أو بتبديده ،كما يجب أن
تكون إرادة الجاني حرة خالية من جميع العيوب ،فإن كانت معيبة بأن كان تحت إكراه مثال ،ال
يتحقق القصد الجنائي ،وبالتالي يسقط الركن المعنوي ،وال تقوم الجريمة(.)2
نظ ار لخطورة الجريمة على النظام العام ،إالّ يشترط المشرع في صور التبديد العمدي
واإلتالف واالحتجاز بدون وجه حق واالستعمال على نحو غير شرعي سوى القصد الجنائي العام،
أما صورة االختالس فتستلزم توافر القصد الخاص إلى جانب القصد العام ،لقيام الركن المعنوي،
وهذا حسب جانب من الفقه الجزائري( ،)3على النحو اآلتي:
-2القصد الخاص :قد يشترط القانون عالوة عن القصد العام قصدا خاصا ،الذي يتمثل في
الباعث أو الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة( ،)4ويجب اإلشارة إلى أن القانون ال
يأخذ بالباعث أو الدافع إلى ارتكاب الجريمة ،حتى ولو كان الباعث على ارتكابها نبيال أو شريفا(.)5
ففي صورة االختالس ،يتطلب القصد الجنائي اتجاه إرادة الموظف العام إلى تملك الشيء الذي
بحوزته ،فاذا غاب هذا القصد الخاص أي النية في التملك ،ال يقوم االختالس ،ومن هذا القبيل من
يقوم باالستيالء على المال بنية استعماله واالنتفاع به ثم رده ،فقد يشكل هذا الفعل احتجا از بدون
وجه حق ،أو استعمال على نحو غير شرعي(.)6
يقوم الموظف العام أثناء تأديته مهامه الوظيفية ،إلى القيام بإنفاق المال أو استعماله أو
التصرف فيه للصالح العام ،وذلك وفقا للقانون ،لكن قد يدفع الموظف العمومي المتهم باالختالس،
37
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
بأن تصرفه كان قانونيا ووفقا لما يقتضيه التشريع المعمول به ،أو أن يدفع بانتفاء قصد االختالس
لديه ،وعليه سنحاول أن نبين الوقائع النافية للقصد والوقائع غير النافية للقصد.
-1الوقائع النافية للقصد :يشترط المشرع الجزائري لقيام جريمة اختالس المال العام في حق
الموظف ،قيامه بأي فعل يدل داللة واضحة على نيته من تحويل الحيازة المؤقتة للمال العام إلى
حيازة كاملة وتامة ،و الظهور عليه بمظهر صاحب الملك ال بمظهر األمين عليه ،وهذا يعني أن
كل سلوك ال يكشف لنا وبصورة قاطعة عن تحويل هذه الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة ،ال يمكن
القول معه بقيام جريمة االختالس(.)1
فقد يكون اختفاء المال راجع إلى قوة قاهرة ،أو إلى حدث فجائي كالحريق أو السرقة أو الضياع،
أو غير ذلك من الظروف واألسباب التي ال دخل إلرادة الجاني فيها ،ألن القانون يعاقب على
الوقائع التي ترتكب من قبل الجاني بمحض إرادته ،أما اذا كانت خارجة عن إرادته فان جريمة
االختالس تنتفي عنه(.)2
و بما أن الشك يفسر لصالح المتهم ،فانه ال يكفي لقيام جريمة االختالس وجود عجز في
حساب الموظف بجواز أن يكون مرد ذلك إلى خطأ في الحساب ،أو إهمال أو سهو من الموظف
في قيد العمليات ،ألن ذلك ال يعد دليال على تغيير نية الحيازة من ناقصة إلى حيازة كاملة ،ورغم
ذلك فانه يصعب على الموظف المتهم باختالس المال العام التملص بهذا الدفع(.)3
-2الوقائع غير النافية للقصد :إن المال العام الم ّسلّم للموظف بسب الوظيفة أو بمقتضاها،
ال يعفي من جريمة االختالس في حالة ما إذا قام بالتصرف في ذلك المال تصرف المالك ،حتى
ولو قام بعد ذلك برد المبلغ المختلس أو قيمته ،فرد المال المختلس ال ينفي الجريمة ،إالّ اذا صلح
دليال على انتفاء نية االختالس لدى الفاعل ،ألن العلة في ذلك تكمن في حماية السير الطبيعي
للمصلحة العامة ،ويكون الفعل الذي اقترفه الموظف قد وقع تحت طائلة أحكام جريمة االختالس،
وهذا بغض النظر عن الظروف و األحوال التي تعرض بعد وقوع الفعل اإلجرامي المعاقب عليه،
الرد ،ال يمكن سوى أن يكون ضرفا مخففا يجوز
وأن رد المال المختلس بأية كيفية حصل بها هذا ّ
بناء عليه أن يخفف العقوبة في حق الجاني(.)4
للقاضي ً
ناء على أمر منكما ال تنتفي جريمة اختالس المال العام بدفع الموظف بأنه اختلس المال ب ً
رئيسه المباشر والذي يتوجب عليه طاعته ،وذلك متى كان على علم بعدم مشروعية الفعل ،وعليه
()1
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .235
()2
محمد عيد الغريب .شرح قانون العقوبات القسم الخاص .طبعة رابعة .دار النهضة العربية :مصر .2003 .ص .219
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .236
()4
بهنام رمسيس .الجرائم المضرة بالمصلحة العامة .طبعة ثانية .منشأة المعارف :مصر .ص .199
38
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
فليس للمرؤوس أن يطيع األمر الصادر من الرئيس بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه،
تخول للرئيس سلطة إصدار األوامر بالتصرف في المال الموجود في حيازةمالم توجد قاعدة قانونية ّ
الموظف ،ففي هذه الحالة تمتنع مساءلة المرؤوس الذي ينفذ أوامر الرئيس متى كانت تلزمه طاعته
تبعا ألحكام المسؤولية المرفقية(.)1
كذلك ال تنتفي جريمة اختالس المال العام عن الموظف العمومي ،مهما كانت درجته أو رتبته
في السلم اإلداري ،الذي عهدت اليه أموال عمومية ،والذي أجرى مقاصة بين ماله من حق وما
عد مختلسا لها ،وال عبرة بالتمسك بأن الباعث على االختالس هو
تحته من أموال عامة ،واال ّ
مبرر ال ينفي وقوع االختالس.
المقاصة ،ألن الباعث مهما يكون نبيال و ّا
وعليه نستخلص أن جريمة اختالس المال العام تهدف إلى حماية المصلحة العامة ،فالدولة
تحافظ على الثقة التي وضعتها في الموظف أو من في حكمه ،وقيام هذا األخير بالمقاصة ،وان
توفرت شروطها المدنية ،فإنها ال تجوز جنائيا عمال بمبدأ ذاتية القانون الجنائي من جهة ،وألن
ّ
الدين مطلوب وليس محمول من جهة أخرى ،وعليه ال يجوز للموظف المطالبة بالدين إال بإتباع
اإلجراءات التي حددها القانون(.)2
ثالثا :إثبات القصد
كما تطرقنا سابقا إلى أن جريمة اختالس المال العام من الجرائم العمدية ،والتي يتطلب
المشرع بشأنها توافر القصد الجنائي ،وأن الخطأ مهما كان جسيما ال يرقى إلى مرتبة العمد ،غير
أن إثبات هذا القصد يخضع للقواعد العامة لإلثبات( ،)3فقد توجد هناك مؤشرات عديدة تدل داللة
توفر القصد الجنائي ،من ذلك فرار المتهم بعد قيامه باالختالس أو إخفاؤه أو تزويره
واضحة على ّ
للمعطيات في الدفاتر أو تبديده للمال أو التصرف فيه تصرف المالك بصفة جزئية أو كلية ،أو
غير ذلك من األفعال التي من شأنها أن تكشف لنا و بصورة قاطعة على توافر القصد الجنائي(.)4
ولقيام الدليل على توافر القصد الجنائي العبرة فيه بما يقتنع به القاضي ،طالما أن الواقعة
الجرمية التي أثبتها الحكم تفيد في حد ذاتها أن الجاني قصد بفعله غير المشروع إضافة المال العام
إلى ملكه ،والظهور عليه بمظهر صاحب الملك ،ومنه فإثبات القصد يخضع للقواعد العامة
لإلثبات ،وللقاضي الجزائي السلطة التقديرية في تقدير توافر القصد من عدمه ،ألن القاضي يبني
بناء على اقتناعه الشخصي ،الذي يتكون لديه تبعا لما يستخلصه من أدلة تتعلق بالجريمة
حكمه ً
()1
فتوح عبداهلل الشاذلي .مرجع سابق .ص .244
()2
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص -ص .242 -237
()3
فتوح عبداهلل الشاذلي .مرجع سابق .ص .241
()4
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .234
39
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المقترفة ،وهو ما نصت عليه اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المادة 28على" يمكن
االستدالل من المالبسات الوقائعية الموضوعية على توافر العلم أو النية أو الغرض بصفته ركنا
مجرم وفقا لهذه االتفاقية"(.)1
يتعرض الشخص المدان بجنحة اختالس األموال العمومية ،بالنظر لجسامة الفعل المجرم
وخطورته ،لجملة من العقوبات المقررة قانونا ،والتي سأوضحها وفق الترتيب االتي :أوال :العقوبات
األصلية ،ثم ثانيا :العقوبات التكميلية ،أما ثالثا :مسألة التقادم.
إن أهم ما ي ّميز قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،هو تخليه عن العقوبات الجنائية واتباعه
ّ
للعقوبات الجنحية ،حيث طبق المشرع هذه القاعدة على كافة صور جرائم الفساد التي تتطلب إقامة
الدليل القاطع تبعا لمقتضيات مبدأ المحاكمة العادلة ،وعلى جميع الجناة بصرف النظر عن رتبهم
الوظيفية ،والمبالغ المختلسة( .)2وعليه يعاقب القانون على اختالس األموال العمومية من خالل
المادة ( 29ق.و.ف.م) التي تنص على" يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات و بغرامة
من 200,000دج إلى 1,000,000دج ،)3("...،ونستشف صورها كاآلتي:
()1
أنظر المادة .28المرسوم الرئاسي رقم .128-04يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد .مصدر سابق.
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .46
()3
أنظر المادة .29القانون رقم .15-11معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
40
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
-1تشديد العقوبة :نص المشرع الجزائري من خالل المادة ( 48ق.و.ف.م) ،على الحاالت
التي تشدد فيها العقوبة بالنسبة لجميع جرائم الفساد ،وعلى غرارها جريمة اختالس المال العام،
لتصبح العقوبة من عشر سنوات إلى عشرون سنة ،اذا كان الجاني ينتمي إلى احدى الفئات
المنصوص عليها و هم كاآلتي:
القاضي( :)Magistratبمفهومه الواسع ،الذي يشمل عالوة على قضاة النظام العادي
واإلداري ،قضاة مجلس المحاسبة ،و أعضاء مجلس المنافسة.
موظف يمارس وظيفة عليا في الدولة :ويتعلق بالموظفين المعينين بمرسوم رئاسي ،والذين
يشغلون على األقل وظيفة نائب مدير باإلدارة المركزية للو ازرة ،أو ما يعادل هذه الرتبة في
المؤسسات العمومية أو في اإلدارات غير المركزية أو في الجماعات المحلية.
ضابط عمومي :ويتعلق األمر أساسا بالموثق ،والمحضر القضائي ،ومحافظ البيع
بالمزايدة ،والترجمان الرسمي ،الذين يتمتعون باالعتماد الرسمي لممارسة المهنة ،وكذا حيازتهم
على ختم رسمي باسم الدولة.
ضابط أو أعون الضبط القضائي :منصوص عليهم بالمادتين 15و ( 19ق.إ.ج)،
كرئيس المجلس الشعبي البلدي ،وضباط الدرك الوطني ،والموظفون التابعون لألسالك الخاصة
للمراقبين ،ومحافظي وضباط الشرطة لألمن ،وضباط األمن العسكري ،وموظفو مصالح الشرطة،
وذوو الرتب في الدرك الوطني ،وغيرهم المنصوص عليهم قانونا.
من يمارس بعض صالحيات الشرطة القضائية :وهم األعوان المنصوص عليهم بالمادتين
21و 27من قانون اإلجراءات الجزائية.
موظفو أمانة الضبط :وهم الموظفون التابعون ألحد الجهات القضائية على غرار رئيس
قسم ،أمين ضبط رئيسي ،أمين ضبط ،معاون أمين ضبط ،دون باقي الموظفين التابعين لألسالك
المشتركة ،حتى لو كانت لهم وظائف بأمانة الضبط.
عضو في الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،أو في الديوان الوطني لقمع
الفساد(.)1
-2اإلعفاء من العقوبة و تخفيضها :حيث يستفد الجاني من اإلعفاء من العقوبات ،أو
تخفيفها حسب الظروف ووفق الشروط التي حددتها المادة 49من (ق.و.ف.م) كاآلتي:
()1
أنظر المواد 17و 18و 24مكرر و 24مكرر .1القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته.
معدل و متمم .باألمر 05-10مؤرخ في 26أوت .2010جريدة رسمية .عدد .50صادرة في 01سبتمبر .2010ص
.16
41
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
أ .اإلعفاء من العقوبة :يستفيد من األعذار المعفية بالنسبة لجريمة اختالس المال العام،
الفاعل األصلي أو الشريك الذي يّبلغ السلطات اإلدارية ،أو القضائية ،أو الجهات المعنية
كمصالح الشرطة أو الدرك الوطني ،عن جريمة أو ساعد في الكشف عن مرتكبيها ومعرفتهم.
حيث تشترط نفس المادة 49من (ق.و.ف.م) أن يتم تبليغ السلطات والهيئات المعنية
بالمتابعة ،قبل مباشرة إجراءات تحريك الدعوى العمومية ،أي قبل تصرف النيابة العامة في ملف
التحريات األولية(.)1
ب .تخفيض العقوبة :يستفيد من تخفيض العقوبة إلى النصف ،الفاعل أو الشريك الذي ساعد
بعد مباشرة إجراءات المتابعة في القبض على شخص أو أكثر من األشخاص الضالعين في
ارتكاب الجريمة.
وتمتد مرحلة ما بعد مباشرة إجراءات المتابعة إلى غاية استنفاذ طرق الطعن( ،)2في حين كانت
جريمة اختالس المال العام ،قبل التعديل تخضع للقواعد العامة التي نصت عليها المادة 53من
()3
في حالة وجود ظرف مخفف. (ق.ع.ج)
نصت المادة 50من (ق.و.ف.م)" ...يمكن الجهة القضائية أن تعاقب الجاني بعقوبة أو
أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات ،".أي يجوز لهيئة المحكمة،
الحكم على الجاني في جريمة اختالس األموال العمومية ،بعقوبة أو أكثر من العقوبات التي نص
عليها قانون العقوبات ،وبالعودة إلى نص المادة 09منه( ،)4وتتمثل العقوبات التكميلية في:
-1العقوبات التكميلية المنصوص عليها بموجب قانون العقوبات:
أ .تحديد اإلقامة( :)Assignation à Résidenceوهو ما نصت عليه المادة 09بند3
من (ق.ع.ج) ،والتي عرفتها المادة 11من نفس القانون ،بأنها الزام المحكوم عليه باإلقامة في
منطقة يعيينها الحكم لمدة ال تتجاوز( 5سنوات) ،يبدأ تنفيذ هذه العقوبة من يوم انقضاء العقوبة
األصلية أو اإلفراج عن المحكوم عليه .ويّبلغ الحكم أو القرار القضائي الخاص بتحديد اإلقامة
إلى المحكوم عليه بموجب قرار يصدر عن وزير الداخلية يحدد فيه مكان اإلقامة الجبرية(.)5
()1
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .250
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،جزء ثاني .مرجع سابق .ص .49
()3
أنظر المادة .53األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .المعدل و المتمم .مصدر سابق.
()4
أنظر المادة .09األمر رقم .156-66المصدر نفسه.
()5
أنظر المادة .12األمر رقم 80-75مؤرخ في 15ديسمبر .1975المتعلق بتنفيذ األحكام القضائية الخاصة بحضر و
تحديد اإلقامة .جريدة رسمية .عدد .102صادرة في 23ديسمبر .1975ص .1392
42
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
()1
أنظر المادتين 2و .3األمر رقم .80-75المتعلق بتنفيذ األحكام القضائية بحضر و تحديد اإلقامة .مصدر سابق.
()2
أنظر المادتين 14و 09مكرر .1األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .المعدل و المتمم .مصدر سابق.
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .254
()4
أنظر المادة .15األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
43
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المدنية واإلدارية( ،)1على اعتبار أن هذا األخير هو قانون عام بالنسبة لقانون اإلجراءات
الجزائية.
-2العقوبات التكميلية التي نص عليها قانون الوقاية من الفساد و مكافحته :لم يكتف
المشرع الجزائري بالعقوبات المنصوص عليها في المادة ( 50ق.و.ف.م) ،والتي أحالتنا إلى
تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها وفق قانون العقوبات الجزائري ،بل نص من خالل المادة
( 51ق.و.ف.م) ،على عقوبات تكميلية أخرى كاآلتي بيانها(:)2
)La المشروعة(Confiscation des Revenues illicites مصادرة العائدات و األموال غير أ.
والتي نصت عليها المادة (51ق.و.ف.م) بـ" ...في حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص عليها وفق
هذا القانون ،تأمر الجهة القضائية بمصادرة العائدات واألموال غير المشروعة ،وذلك مع
مراعاة حاالت استرجاع األرصدة أو حقوق الغير حسن النية ،".حيث يتضح لنا من صياغة هذه
المادة أن األمر إلزامي حتى وان خلى النص من عبارة (يجب) ألنه قانون عام يكرس النظام العام
للدولة ،واستعمل المشرع بشأن مصادرة العائدات اإلجرامية عبارة" تأمر الجهة القضائية،"...
وعليه تكون المصادرة إلزامية إذا تعلق األمر بالعائدات و األموال غير المشروعة الناتجة عن
الجريمة ،وتكون جوازية في الحاالت األخرى وفي الفرضين تبقى العقوبة تكميلية(.)3
عرفت المادة 02فقرة(ز) من (ق.و.ف.م) العائدات اإلجرامية( ،)Produit de Crimeبأنها"
كما ّ
كل الممتلكات المتأتية أو المتحصل عليها ،بشكل مباشر أو غير مباشر ،من ارتكاب جريمة،".
عرفت المادة نفسها فقرة(ط) المصادرة( ،)Confiscationبأنها" التجريد الدائم من الممتلكات بأمر
و ّ
صادر عن هيئة قضائية.)4(".
:)Laوهو ما جاءت به المادة 51فقرة ( 3ق.و.ف.م) بالنص"... الرد(Restitution
ّ ب.
تم اختالسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو ربح،برد ما ّ
وتحكم الجهة القضائية أيضا ّ
ولو انتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره سواء
بقيت تلك األموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى ،".بحيث يتضح لنا من هذه
الرد إلزامي(.)5
الفقرة أن المشرع ،قد جعل ّ
()1
أنظر المادة .636قانون رقم 09-08مؤرخ في 25فيفري .2008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
جريدة رسمية .عدد .21صادرة في 23أفريل .2008ص .3معدل و متمم.
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .51
()3
أحسن بوسقيعة .المرجع نفسه .ص .52
()4
أنظر المادة 02فقرتين(ز)(ط) .القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد .معدل و متمم .مصدر سابق.
()5
أنظر المادة 51فقرة .3القانون رقم .01-06المصدر نفسه.
44
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
ت .إبطال العقود و الصفقات و البراءات و االمتيازات :وهو ما أجازته المادة 55
(ق.و.ف.م) للجهات القضائية التي تنظر في الدعوى العمومية ،التصريح ببطالن كل عقد ،أو
متحصل عليه من ارتكاب إحدى جرائم الفساد و انعدام
ّ صفقة ،أو براءة ،أو امتياز ،أو ترخيص،
آثاره( ،)1و هو حكم جديد لم يسبق أن تضمنه قانون العقوبات ،فاألصل أن يكون إبطال العقود
من اختصاص الجهات القضائية التي تبث في المسائل المدنية ،كالقضاء العادية أو اإلداري،
وليس من اختصاص الجهات القضائية التي تبث في المسائل الجزائية(.)2
بعد أن الحظ المشرع الجزائري أن أغلب مرتكبي جرائم الفساد ،سرعان ما يفرون إلى خارج
الوطن والبقاء هناك إلى غاية سقوط الدعوى العمومية بالتقادم( ،)3جاءت المادة ( 54ق.و.ف.م)،
التي تطبق على جريمة اختالس المال العام.
بحيث تنص الفقرة األولى على عدم تقادم الدعوى العمومية و العقوبة في جرائم الفساد بوجه
عام ،في حالة ما إذ تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج ،أي إذا قام الموظف الجاني بتحويل
المال المختلس إلى الخارج أو شرع في ذلك ،فإنه بذلك ال تتقادم الدعوى العمومية وال العقوبة في
هذه الحالة( ،)4وهي الصورة الوحيدة التي حصرها المشرع الجزائري في عدم تقادم الدعوى
العمومية( ،)5وبذلك نجد أن المشرع الجزائري حذ حذو المشرع اإلنجليزي الذي ال يعترف أساسا
بمسألة التقادم لتناقضها مع فكرة العدالة.
أما الفقرة الثانية فتنص على تطبيق أحكام قانون اإلجراءات الجزائية في غير ذلك من
الحاالت ،حيث بالرجوع إلى المادة 614منه ،نجد أن المشرع نص على أن تتقادم العقوبة في
الجنح بمرور ( 5سنوات) من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائي ،غير أنه في جنحة اختالس
األموال العمومية يمكن أن تزيد العقوبة السالبة للحرية عن ( 5سنوات) ،فتكون مدة تقادم العقوبة
المشددة.
ّ مساوية لهذه المدة( .)6على اعتبار أنها من الجنح
()1
أنظر المادة .55القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .52
()3
منصور رحماني .مرجع سابق .ص .103
()4
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .251
()5
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .43
()6
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .252
45
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
أما الفقرة الثالثة من المادة 54من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته نصت صراحة
بالقول" غير أنه بالنسبة للجريمة المنصوص عليها في المادة 29من هذا القانون ،تكون مدة
تقادم الدعوى العمومية مساوية للحد األقصى للعقوبة المقررة لها.".
وعليه يجب اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري عند تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة
،2004بموجب القانون رقم ،14-04والذي نص في المادة 08مكرر المستحدثة" ،ال تنقضي
الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح المتعلقة باختالس األموال العمومية" ،أي أن هذه
الجريمة غير قابلة للتقادم ،وبصدور قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وطبقا للمادة 54منه ،لم
يعد حكم المادة 08مكرر ينطبق على جريمة اختالس األموال العمومية ،وذلك بموجب اإللغاء
الضمني للقواعد القانونية(.)1
()2
بالقول" يكون نصت المادة 53من (ق.و.ف.م) على مسؤولية الشخص االعتباري
الشخص االعتباري مسؤوال جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للقواعد
المقررة في قانون العقوبات" ،والتي أحال المشرع الجزائري إلى تطبيق القواعد العامة المنصوص
عليها وفق قانون العقوبات ،وعليه نقوم بـدراسة أوال :الهيئات المعنية بالمسائلة ،أما ثانيا :الجزاء
المقرر للشخص المعنوي.
أوال :الهيئات المعنية بالمساءلة
بالرجوع إلى نص المادة 51مكرر من (ق.ع.ج) ،نجد أن األشخاص المعنوية العامة والدولة
والجماعات المحلية التي تخضع للقانون العام ال تسأل ج ازئيا ،وبالتالي تقتصر المسؤولية الجزائية
على األشخاص المعنوية الخاصة(.)3
()4
في بعض جرائم الفساد ، ومن الممكن تصور قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
كالرشوة ،أو تبيض العائدات اإلجرامية ،فإنه يصعب تصور قيامها بالنسبة لجريمة اختالس األموال
()1
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .49
()2
و إن كان المشرع الجزائري اصطلح عليها من خالل (ق.و.ف.م) بـ" المسؤولية الجزائية للشخص االعتباري" بدال من"
العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي" كما نص عليها في الباب األول من (ق.ع.ج) في المواد(18مكرر ،مكرر،1
مكرر ،2مكرر ،)3التي كان على المشرع حري به توحيد المصطلحات ،رغم استعماله نفس المصطلحات التي جاءت بها
اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ال سيما المادة 26منه" .محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .259
()3
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .53
()4
محمد حزيط .المسؤولية الجزائية للشركات التجارية .طبعة أولى .دار هومة عين مليلة :الجزائر .2013 .ص .83
46
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
العمومية وذلك للخصوصية التي تتمتع بها ،فهي قائمة على تحويل الحيازة الناقصة للمال العام إلى
حيازة كاملة والظهور على المال مظهر المالك باإلضافة إلى باقي األركان ،وان كانت المسؤولية
الجزائية للشخص المعنوي تشترط أن ترتكب الجريمة لحسابه من طرف أجهزته كالرئيس أو المدير
العام أو مجلس إدارة شركات المساهمة أو ممثليه الشرعيين(.)1
فاألصل في االختالس أن يتم لمصلحة الموظف المختلس ،فكيف يتصور االختالس وتحويل
الحيازة من ناقصة إلى كاملة باسم و لحساب الشخص المعنوي ،فالمشرع كان عليه أن يستثني
بعض جرائم الفساد من الجرائم التي يقوم بها الشخص المعنوي ،لصعوبة تصور قيام أركان هذه
المسؤولية باإلضافة إلى على غ ارراها جريمة اختالس المال العام(.)2
إالّ أن ذلك ال يمنعنا من ذكر العقوبات المقررة للشخص المعنوي ،في حالة ارتكابه لجرائم
الفساد بصورة عامة ،ألن المادة ( 53ق.و.ف.م) أ ّكدت على قيام المسؤولية بالنسبة لجميع جرائم
الفساد ،والتي لم تستثني جريمة اختالس المال العام منها ،و هو ما ذهب اليه بعض فقهاء
القانون(.)3
يطبق على الشخص المعنوي المدان بجنحة اختالس األموال العمومية ،العقوبات المقررة في
المادة 18مكرر من قانون العقوبات( ،)4وهي كاآلتي:
-1غرامة تساوي من ( 1إلى 5مرات) الحد األقصى للجريمة المقررة قانونا ،للجريمة التي
يرتكبها الشخص الطبيعي ،أي غرامة تتراوح ما بين 1,000,000دج وهو الحد األقصى للجزاء
المقرر للشخص الطبيعي في جريمة اختالس األموال العمومية ،و 5,000,000دج والذي يعادل
( 5مرات) الحد األقصى للغرامة.
-2إحدى العقوبات االتي ذكرها أو أكثر:
حل الشخص المعنوي.
غلق المؤسسة أو احدى فروعها لمدة ال تتجاوز( 5سنوات).
اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز( 5سنوات).
()1
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص -ص .285 - 266
()2
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .259
()3
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .53
()4
أنظر المادة 18مكرر .األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
47
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
المنع من مزاولة نشاط مهني ،أو اجتماعي ،بشكل مباشر أو غير مباشر لمدة ال
تتجاوز( 5سنوات).
مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها.
تعليق ونشر الحكم باإلدانة.
الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز( 5سنوات) ،وتنصب الحراسة على ممارسة
النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته.
كما يجب اإلشارة إلى أن هذه العقوبات كانت قبل تعديل قانون العقوبات سنة ،2006
توصف بـ (العقوبات األخرى) ،دون تحديد طبيعتها ما إذ كانت أصلية أم تكميلية؟ .لكن بعد
نص القانون على العقوبات األصلية من خالل المادة 18مكرر في الفقرة ،1وعلى التعديلّ ،
العقوبات التكميلية في الفقرة 2من نفس المادة ،مما أزال اللبس حول طبيعة العقوبات األصلية
والتكميلية(.)1
الفرع الثالث :المساهمة الجنائية و تعدد األوصاف
بغرض تحديد مسألة المساهمة الجنائية وتعدد األوصاف في جريمة اختالس المال العام،
قمت بتقسيم هذا الفرع إلى عنصرين ،أوال :المساهمة الجنائية ،أما ثانيا :مسألة تعدد األوصاف.
أوال :المساهمة الجنائية
إن اشتراط صفة معينة في الجاني تبرز أهميتها في مجال المساهمة الجنائية ،حيث يثور
ّ
التساؤل حول ما اذا اقترف جريمة االختالس األموال العمومية أكثر من شخص ،فهل يجب توفر
صفة الموظف في الفاعل األصلي فقط؟ ،وماذا لو كان أحد المساهمين هو الفاعل األصلي
والموظف العمومي شريكا له في االختالس؟(.)2
ولإلجابة على التساؤل ظهر رأيين فقهيين( ،)3يرى أنصار االتجاه األول بأنه يكفي أن تتوفر
صفة الموظف العمومي في أحد المساهمين ،حتى يمكن تطبيق النص اإلجرامي الخاص بجريمة
االختالس ،بينما يرى أنصار االتجاه الثاني إلى ضرورة التمييز بين المساهمين في قيام الجريمة،
والذي يكون الفاعل األصلي فيها دائما هو الذي يتمتع بصفة الموظف العمومي ،وهو عكس ما
جاء به االتجاه األول.
ونجد أن موقف المشرع الجزائري من االشتراك ،و الذي نص عليه في المادة 52فقرة 1من
(ق.و.ف.م) بالقول" تطبق األحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات على الجرائم المنصوص
()1
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .261
()2
محمد رضا عيفة .المرجع نفسه .ص – ص .161 - 160
()3
محمد مأمون سالمة .مرجع سابق .ص .248
48
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
عليها في هذا القانون ،)1(".والتي أحالتنا إلى تطبيق القواعد العامة ،وبالرجوع إلى المادة 41من
(ق.ع.ج) التي تنص على" يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مبشرة في تنفيذ الجريمة أو
حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أوّ
()2
التحايل أو التدليس اإلجرامي" .
نستخلص من نص المادتين السابقتين أن المساهمة الجنائية هي دائما مساهمة تبعية بالنسبة
للغير الذي شارك في جريمة االختالس ،وعليه يعتبر كل من اشترك مع الموظف العام في جريمة
اختالس األموال العمومية شريكا حتى لو كان السلوك الذي أتاه يرقى إلى مرتبة المساهمة المباشرة،
أما الموظف العمومي حتى لو كان الفعل الذي أتاه يدخل ضمن أعمال المشاركة ،فانه يعد فاعال
أصليا ،وعلى المحكمة أن تبين عناصر هذا االشتراك واال كان حكمها معرضا للنقض(.)3
وبموجب المادة 44فقرة 1من (ق.ع.ج) التي تنص على" يعاقب الشريك في جناية أو
جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة ،"...والتي نستشف منها أن عقوبة الشريك نفسها عقوبة
الفاعل األصلي ،وذلك بصرف النظر عن صفة الشريك(.)4
وبالعودة إلى المادة 52فقرة 2من (ق.و.ف.م) التي تنص على" يعاقب على الشروع في
الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بمثل الجريمة نفسها" ،فاألصل أن ال يعاقب في جريمة
االختالس على الشروع ،ألنها إما أن تقع كاملة أو ال تقع أصال ،ومع هذا نص المشرع على
عقوبة الشروع بنفس عقوبة الجريمة نفسها ،والذي نستشف من أنه نص عام.
ثانيا :مسألة تعدد األوصاف
تتحقق مسألة تعدد األوصاف في صورة اختالس األموال ،أو السندات ،أو أي محررات
أخرى ،تتضمن التزاما أو إبراء الذمة ،أو تبديدها عمدا ،أو احتجازها بدون وجه حق ،من قبل
الرئيس أو أعضاء مجلس اإلدارة ،أو المديرين العاميين لبنك ،أو مؤسسة مالية عمومية(.)5
فهو الفعل الذي يشكل من جهة جنحة اختالس الممتلكات التي نصت عليها المادة 29من
()6
تتوفر في مسؤولي البنوك العمومية
(ق.و.ف.م) ،على أساس أن صفة الموظف العمومي ّ
باعتبارها مؤسسات عمومية اقتصاديه ،كما تتوفر هذه الصفة في مسؤولي المؤسسات المالية
العمومية.
()1
أنظر المادة 52فقرة .1قانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادة .41األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص -ص .165 - 163
()4
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .56
()5
محمد رضا عيفة .مرجع سابق .ص .263
()6
أنظر المادة .29القانون رقم .15-11معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
49
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
أما من جهة أخرى يشكل هذا الفعل جنحة االختالس أو التبديد أو االحتجاز بدون وجه حق
المنصوص والمعاقب عليه في المادتين 133 ،132من قانون النقد والقرض(.)1
وهنا يثور التساؤل حول أي النصيين واجب التطبيق؟ ،في هذه الحالة تنص القاعدة العامة
من خالل المادة ( 32ق.ع.ج) على أنه" يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف
بالوصف األشد من بينها"( ،)2وتطبيقا لهذه القاعدة ،تختلف اإلجابة عن التساؤل حول النص
الواجب التطبيق باختالف قيمة األموال المختلسة أو المبددة أو المحتجزة بدون وجه حق كاآلتي(:)3
-1يكون قانون الوقاية من الفساد ومكافحته هو الواجب التطبيق إذا كانت القيمة أقل من
10,000,000دج باعتبار أن المادة 132من قانون النقد والقرض تعاقب على هذا الفعل
بالحبس من (سنة إلى 10سنوات) ،و بغرامة من 500,000دج إلى 10,000,000دج.
-2يكون قانون النقد والقرض هو الواجب التطبيق إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق
10,000,000دج ،باعتبار أن المادة 133منه تعاقب على هذا الفعل بالسجن المؤبد و بغرامة
من 20,000,000دج إلى 50,000,000دج.
()1
أنظر المواد 132و .133األمر رقم 11-03مؤرخ في 26أوت .2003يتعلق بالنقد و القرض .جريدة رسمية.
عدد .52صادرة في 27أوت .2003ص .3
()2
أنظر المادة .32األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص -ص .55 - 54
50
الحماية الموضوعية للمال العام من جريمة االختالس الفصل األول:
ومما سبق عرضه في الفصل األول ،والذي خصصته لتحليل الجوانب الموضوعية لحماية
المال العام من جريمة االختالس ،والتي تضمنها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،أخلص إلى ما
يلي:
االختالس سلوك مادي حسب ما جاءت به المادة 29من قانون الوقاية من الفساد و
مكافحته تحت عنوان "اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير
شرعي" ،فهي من بين أهم الجرائم التي حظيت باهتمام المشرع الجزائري ،لما لها من انعكاسات
خطيرة على الدولة و المجتمع ،لتميزها عن باقي الجرائم المشابهة لها في خصوصيتها ،واستقاللية
القانون الذي نص عليها.
والمال العام هو المال المرصود للنفع العام ،أي المخصص للمرفق العام لتمكينه من القيام
بدوره في إشباع الحاجيات العامة للمجتمع ،أو توفير خدمة عامة ،أو تحقيق إيراد للدولة ،سواء
كان هذا المال منقوال أو غير منقول.
كذلك أولى المشرع الجزائري في اطار التدابير الوقائية الموضوعية لحماية المال العام من
جريمة االختالس أهمية كبيرة فيما يتعلق بالعنصر البشري ،على اعتبار أنه الركيزة األساسية
المكملة لعنصر المال العام ،هذا األخير الذي تعتمد عليه الدولة في إدارة مرافقها وتحقيق أهدافها،
ويتجلى ذلك من خالل توسيعه لمفهوم الموظف العمومي بالمقارنة مع مفهومه في القانون
اإلداري.
كما اشترط المشرع لقيام جريمة اختالس المال العام ،أن يقوم الموظف العمومي بجملة من
المجرمة على غرار التبديد العمدي ،أو االختالس ،أو اإلتالف ،أو االحتجاز بدون
ّ السلوكيات
وجه حق ،أو االستعمال على نحو غير شرعي ،لممتلكات الدولة ،وهي الصور المستحدثة
بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،التي و ّسعت من مفهوم االختالس ،ليشمل جميع
التصرفات التي قد تصدر عنه بمقتضى وظيفته أو بسببها.
كما تضمنت جريمة اختالس األموال العمومية ،جملة من العقوبات الردعية ،التي خصها
المشرع بأحكام إجرائية استثنائية عما هو مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية ،و الذي أعطى لنظام
التقادم أهمية كبيرة ،لعدم تمكين مرتكبي هذه الجريمة من اإلفالت من العقاب.
وما يميز قانون الوقاية من الفساد و مكافحته انتهاجه لسياسة التجنيح ،باإلضافة إلى
تكريسه للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة ارتكابه لجريمة اختالس المال العام.
51
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
يمثل الجانب اإلجرائي الشق الثاني المكمل للجانب الموضوعي ،وذلك للوصول إلى
استراتيجية متناسقة لحماية المال العام من جريمة االختالس ،فتشمل الحماية اإلجرائية لهذا األخير
مجموعة األساليب واآلليات القانونية التي نص عليها المشرع الجزائري ،باإلضافة إلى قواعد
التجريم والعقاب موضوع التطبيق ،فالفاصلة بين الجانبين هي الصلة التبادلية بين الموضوع
واإلجراء ،بحيث يفقد الجانب الموضوعي فعاليته دون تطبيق ،ويفقد الجانب اإلجرائي مبرر وجوده
ومحل نشاطه دون قواعد موضوعية(.)1
فالمشرع الجزائري لم يقصر الحماية اإلجرائية على الدعوى العمومية فقط ،بل نص على
أجهزة كشف وقمع جريمة اختالس المال العام ،وعليه سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،أخصص
المخولة بضبط جريمة اختالس األموال العمومية ،أما المبحث الثاني:
ّ المبحث األول :األجهزة
إجراءات متابعة الجريمة من النطاق المحلي إلى الدولي.
()1
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .101
53
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
المبحث األول
األجهزة المخولة بضبط جريمة اختالس األموال العمومية
نظ ار لآلثار الناجمة عن جرائم الفساد ،ورغبة المشرع الجزائري في منع وقوعها ،أو الكشف
عنها مبك ار في حالة وقوعها فعال ،قرر إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،باإلضافة
إلى الهيئة التقليدية وهي مجلس المحاسبة ،كما أنشأ جهاز جديد متخصص بقمع جرائم الفساد
يسمى بالديوان المركزي لقمع الفساد ،وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين ،المطلب األول:
مجلس المحاسبة ،المطلب الثاني :هيئات الوقاية و قمع الفساد.
يعتبر مجلس المحاسبة الهيئة العليا للرقابة البعدية على األموال العمومية ،الذي خوله
المشرع الجزائري جميع الصالحيات للقيام بالمهام المنوطة به ،وذلك في عدة مجاالت على غرار
التحريات والمعاينات ،والتي تمكنه من التحكم األمثل في استغالل الموارد والوسائل واألموال العامة،
ولإللمام بدور مجلس المحاسبة في مجال حماية المال العام من جريمة االختالس ،قسمت هذا
المطلب إلى ثالث فروع ،حيث أعرض في الفرع األول :الطبيعة القانونية لمجلس المحاسبة ،أما
الفرع الثاني :رقابة مجلس المحاسبة.
بغرض إعطاء لمحة عن الطبيعة القانونية لمجلس المحاسبة ارتأيت تقسيم هذا الفرع إلى
أوال :تعريف مجلس المحاسبة ،أما ثانيا :تنظيم مجلس المحاسبة.
يعد مجلس المحاسبة من الهيئات الرقابية التي نص عليها المشرع الجزائري ،فقد أنشأ
بموجب المادة 190من الدستور الجزائري لسنة ،)1(1976غير أن تأسيس هذه الهيئة بشكل
فعلي يعود إلى سنة ،)2(1980وكرس تأسيسه كل من دستور 1989بموجب المادة 160
()1
أنظر المادة .190أمر رقم 97-76مؤرخ 22نوفمبر .1976يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية
الديموقراطية الشعبية .جريدة رسمية .عدد .94صادرة في 24نوفمبر .1976ص .1292
()2
القانون رقم 05-80مؤرخ في 01مارس .1980يتعلق بممارسة وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة .جريدة
رسمية .عدد .10صادرة في 04مارس .1980ص .338
54
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
()2
و التي عدلت بموجب التعديل الدستوري منه( ،)1ودستور 1996بموجب المادة 170منه
التغيرات وصوال إلى
ّ لسنة ،)3(2016فقد خضع هذا الجهاز في إدارته و تسيره إلى مجموعة من
إصدار األمر رقم 20-95المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل و المتمم بموجب األمر رقم -10
.)4(02
ويبرز دور مجلس المحاسبة من خالل ممارسته صالحياته ،في تعزيز الوقاية ومكافحة
جميع أشكال الغش والممارسات غير القانونية وغير الشرعية ،التي تشكل تقصي ار في األخالقيات
وواجب النزاهة ،الضارة باألمالك واألموال العمومية ،وهو ما نصت عليه المادة 02فقرة 4من
األمر رقم 02-10المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل والمتمم.
باإلضافة إلى تدعيم آليات حماية األموال واألمالك العمومية ومكافحة كل أشكال الغش
والضرر الذي قد يصيب الخزينة العمومية ،أو بمصالح الهيئات العمومية الخاضعة لرقابته ،وهو ما
نصت عليه المادة 26فقرة 2من نفس األمر(.)5
()1
أنظر المادة .160المرسوم الرئاسي رقم 18-89مؤرخ 28فيفري .1989نص تعديل الدستور .جريدة رسمية.
عدد .9صادرة في 01مارس .1989ص .234
()2
أنظر المادة .170المرسوم الرئاسي رقم ،438-96يتضمن نص تعديل الدستور .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة .170القانون رقم .01-16المتضمن التعديل الدستوري .مصدر سابق.
( )4األمر رقم 20-95مؤرخ في 17جويلية .1995المتعلق بمجلس المحاسبة .جريدة رسمية .عدد .39صادرة في 23
جويلية .1995ص .3المعدل و المتمم .باألمر رقم 02-10مؤرخ في 26أوت .2010عدد .50صادرة في 01
سبتمبر .2010ص .4
()5
سامية شويخي .أهمية االستفادة من األليات الحديثة و المنظور اإلسالمي للرقابة على المال العام .مذكرة ماجستير.
إشراف عبداهلل بن منصور .جامعة تلمسان .كلية العلوم االقتصادية .2011 .ص .85
55
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
-1التنظيم البشري لمجلس المحاسبة :تتمثل التشكيلة البشرية لمجلس المحاسبة في(:)1
رئيس مجلس المحاسبة :الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي من قبل رئيس الجمهورية(.)2
نائب رئيس مجلس المحاسبة :يعين بمرسوم رئاسي باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة.
بناء على اقتراح من الوزير األول.
الناظر العام لمجلس المحاسبة :يعين ً
رؤساء الغرف :يعينون بموجب مرسوم رئاسي ،باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة(.)3
رؤساء الفروع.
المستشارون و المحتسبون :يعينون بمرسوم رئاسي باقتراح من رئيس مجلس المحاسبة ،بعد
استشارة مجلس القضاة التابع لمجلس المحاسبة.
-2التنظيم الهيكلي لمجلس المحاسبة :يتكون مجلس المحاسبة من هياكل ذات طبيعة
قضائية ،ومصالح إدارية وتقنية تتولى مهام التدعيم.
أ .غرف مجلس المحاسبة :يتكون مجلس المحاسبة من ثمانية غرف ذات اختصاص وطني،
وتسعة غرف ذات اختصاص إقليمي ،وكذلك غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية و المالية،
ويحتوي المجلس كذلك على:
النظارة العامة :تتولى مهمة النيابة العامة(.)4
كتابة الضبط الرئيسي.
مكتب المقررين العامين.
ب .المصالح اإلدارية و التقنية :تشمل كل من األمانة العامة ،قسم تقنيات التحليل و الرقابة،
قسم الدراسات ومعالجة المعلومات ،مديرية اإلدارة و الوسائل ،الديوان(.)5
تشمل رقابة مجلس المحاسبة جميع الهيئات العمومية ،التي تستعمل في نشاطها أمواال
عمومية ،بغض النظر عن طبيعتها القانونية ،وبشكل عام هي المصالح المركزية للدولة ،و
الجماعات اإلقليمية و كذلك المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري ،و عليه سنتناول أوال :مجال
تطبيق رقابة مجلس المحاسبة ،أما ثانيا :إجراءات الرقابة المتخذة من طرف مجلس المحاسبة.
()1
أنظر المادة .38األمر رقم .20-95المتعلق بمجلس المحاسبة .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
األمر رقم 23-95مؤرخ في 26أوت .1995المتضمن القانون األساسي لقضاة مجلس المحاسبة .جريدة رسمية.
عدد .48صادرة في 03سبتمبر .1995ص .11
()3
أنظر المادة .44األمر رقم .20-95المتعلق بمجلس المحاسبة .معدل و متمم .مصدر سابق.
()4
أنظر المادة .32األمر رقم .20-95المصدر نفسه.
( . www.ccomptes.org.dz )5تنظيم مجلس المحاسبة .أطلع عليه بتاريخ 30مارس .2016على الساعة .23:55
56
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
تتوسع سلطات مجلس المحاسبة في الرقابة لتشمل التسيير المالي لمصالح الدولة،
والجماعات اإلقليمية ،و المؤسسات والمرافق العمومية بمختلف أنواعها ،كما تخضع أيضا لرقابته
المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري ،و المؤسسات و الهيئات التي تمارس نشاطا
صناعيا ،أو تجاريا ،أو ماليا ،والتي تكون أموالها أو مواردها أو رؤوس أموالها ذات طبيعة
عمومية ،كذلك مراقبة تسير األسهم العمومية في الشركات والمؤسسات والهيئات التي للدولة جزءا
من رأس مالها(.)1
بينما أخرج المشرع الجزائري بنك الجزائر من رقابة مجلس المحاسبة من خالل تعديل األمر
المتعلق بمجلس المحاسبة( ،)2كما يمارس هذا األخير رقابته على تسيير الشركات و المؤسسات
والهيئات مهما كان وضعها القانوني ،والذي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المؤسسات
أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى بصفة مشتركة أو فردية ،مساهمة باألغلبية في رأس
المال أو سلطة قرار مهيمنة(.)3
ولتمكين مجلس المحاسبة من القيام بالمهام المنوطة به على أحسن وجه ،منحه القانون
الجزائري صالحيات عديدة ،إذ له أن ي ّحمل مسؤولية أي مخالفة لقواعد االنضباط في مجال تسيير
الميزانية والمالية ،لكل مسؤول أو عون في المؤسسات والمرافق والهيئات العمومية التي تخضع
لرقابته ،وهذا من خالل ممارسته لحقه في االطالع على جميع الوثائق التي تسهل له تطبيق رقابته
المالية ،أو الوثائق الالزمة لتقييم تسيير المصالح الخاضعة لرقابته ،أو من خالل تطبيق سلطته في
إجراء التحريات الالزمة من أجل االطالع عن كثب على العمليات المنجزة وذلك بنص المادة 08
مكرر من األمر رقم 02-10المتعلق بمجلس المحاسبة(.)4
ينظر مجلس المحاسبة في مدى صحة اإليرادات و النفقات ،وفي حسن التسيير األمثل
لألموال العامة ،والذي يقوم بتنظيمها بصفة مباغتة على الوثائق وفي الميدان ،مع اتخاذ كل
اإلجراءات التي يراها المجلس ضرورية لضمان سرية تحقيقاته وتحرياته ،وتّبلغ له عند الطلب كل
()1
عبدالوهاب عالق .الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري .مذكرة ماجستير .إشراف عمار بوضياف.
جامعة بسكرة الجزائر .معهد الحقوق و العلوم االقتصادية .2004 .ص .116
()2
أنظر المادة 08فقرة .2األمر رقم .02-10المعدل و المتمم لمجلس المحاسبة .مصدر سابق.
()3
سامية شويخي .مرجع سابق .ص .91
()4
أنظر المادة .55األمر رقم .20-95المتعلق بمجلس المحاسبة .مصدر سابق.
57
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
معلومة أو وثيقة يراها ضرورية لبسط رقابته على العمليات المالية والمحاسبية ،أو لتقييم تسير
الوسائل واألموال العامة ،كذلك يتلقى مجلس المحاسبة التقارير التي تعدها أجهزة الرقابة الخارجية
المؤهلة للتدخل في مصالح الدولة حول تسيير الهيئات العمومية ،وفي هذا السياق ال يكون أعوان
ومسؤولو أجهزة الرقابة الخارجية ملزمين باحترام السلطة السلمية أو حفظ السر المهني تجاه مجلس
المحاسبة(.)1
في حالة ما إذا كشفت نتائج التحقيق والتدقيق التي قام بها مجلس المحاسبة ،بأنه توجد
مخالفة في استعمال االعتمادات ـوالمساعدات المالية التي منحتها الدولة ،أو الجماعات اإلقليمية،
أو المؤسسات العمومية ،واستعملت لغرض غير الذي سطرت من أجله ،يقدم رئيس الغرفة
المختصة تقري ار مفصال إلى رئيس مجلس المحاسبة ،هذا األخير يقوم بتبليغه إلى الناظر العام،
والذي يقوم بـ:
-1إما بحفظ الملف بموجب قرار معلل قابل لإللغاء أمام تشكيلة خاصة تتكون من رئيس
الغرفة ،ومستشارين اثنين من مجلس المحاسبة إذ رأى أن ال مجال للمتابعة.
-2واما أن يحرر استنتاجاته ويقوم بإرسال الملف إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير
الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق في الموضوع ،وي ّعد هذا اإلرسال بمثابة إخطار لغرفة االنضباط
في مجال تسيير الميزانية والمالية قصد فتح تحقيق( ،)2و عليه يقوم رئيس غرفة االنضباط في
مجال تسيير الميزانية و المالية بتعيين مقرر يكلف بالتحقيق في الملف ،يتم التحقيق حضوريا(.)3
وفي ختام التحقيق يحرر المقرر تقريره مرفقا باقتراحاته ويرسله للغرفة قصد تبليغه للناظر
العام ،فاذا تبين من خالل التحقيق أن ال مجال للمتابعة يمكن للناظر العام حفظ الملف ،وعليه
تبليغ قرار الحفظ إلى كل من رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ،ومسؤول
محل المتابعة.
اإلدارة أو الهيئة المعنية ،والى العون ّ
كذلك إذا تبين للناظر العام أن نتائج التحقيق تبرر إحالة المتقاضي أو المتقاضيين
المتابعين أمام غرفة االنضباط في مجال تسير الميزانية والمالية ،فإنه يقدم استنتاجاته الكتابية
والتي تكون مبررة ،ويعيد الملف إلى رئيس غرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية و المالية،
وّيعد هذا اإلرسال بمثابة إخطار لغرفة االنضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية للبث في
الملف(.)4
()1
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .104
()2
أنظر المادة .94األمر رقم .20-95المتعلق بمجلس المحاسبة .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة .95المصدر نفسه.
()4
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .105
58
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
وعليه يقوم رئيس الغرفة بعد إخطاره ،بتعيين مقر ار من القضاة المكونين لتشكيلة المداولة،
حيث يكلف هذا المقرر بتقديم ملف القضية أثناء جلسة تشكيلة الحكم ،بعدئذ يحدد رئيس الغرفة
تاريخ الجلسة ،ويعلم بذلك رئيس مجلس المحاسبة والناظر العام ،كما يقوم باستدعاء األشخاص
بناء على رسالة موصى عليها مع إشعار باالستالم(.)1
المتابعين ً
يقوم رئيس الجلسة بعرض القضية للمداولة بعد اختتام المرافعات دون حضور كل من
الناظر العام و المتابع ووكيله وكاتب الضبط ،ويبلغ القرار للناظر العام ،والى الوزير المكلف
بالمالية لمتابعة التنفيذ بكل الطرق القانونية ،وكذلك إلى المعني باألمر ،والى السلطات السلمية
والوصية التي يخضع لها(.)2
يجب اطالع ملف الموظف العام الذي ثبت تورطه في االختالس لمسؤولي المصالح
المعنية وسلطاتها السلمية ،قصد اتخاذ اإلجراءات التي يقتضيها تسيير األموال العامة تسيي ار
سليما ،ويرسل الملف الخاص بالرقابة إلى النائب العام المختص إقليميا بغرض المتابعة القضائية
حسب نص المادة 27من األمر رقم 20-95المتعلق بمجلس المحاسبة المعدل و المتمم.
()1
أنظر المادة .98األمر رقم .20-95المتعلق بمجلس المحاسبة .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادة .100المصدر نفسه.
()3
القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()4
أنظر المادة .06المرسوم الرئاسي رقم .128-04المتضمن التصديق ،بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد ،المعتمدة من قبل الجمعية العامة لألمم المتحدة بنيويورك يوم 31أكتوبر .2003مصدر سابق.
()5
أنظر المادة 02فقرة(م) .القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
59
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
حيث أدرس في الفرع األول :الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته ،أما في الفرع الثاني:
الديوان المركزي لقمع الفساد.
-1تعريف الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته :نص المشرع الجزائري على إنشاء
جهاز من نوع خاص ،من خالل القانون رقم ( 01-06ق.و.ف.م) ،يعرف هذا الجهاز بالهيئة
الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،من خالل المواد من ( 17إلى )24منه ،والذي ّبين المشرع
من خالله النظام القانوني للهيئة وتدابير استقالليتها ،ومهامها ،وعالقاتها بالسلطات القضائية ،تاركا
بذلك مسألة تشكيلها وتنظيمها وكيفية سيرها إلى التنظيم(،)2
وقد باشرت الهيئة عملها الفعلي بتاريخ 05جانفي 2011بعد أداء أعضائها المعينون بموجب
مرسوم رئاسي مؤرخ في 07نوفمبر 2010اليمين القانونية ،وذلك بعد تجاوز الصعوبات التي
واجهت تشكيلها(.)3
وتعتبر الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،سلطة إدارية مستقلة ،تتمتع بالشخصية
المعنوية واالستقالل المالي ،وتوضع هذه األخيرة لدى رئيس الجمهورية ،وهو ما أكدته المادة 18
من (ق.و.ف.م)(.)4
كما أعاد المشرع الجزائري نفس التكييف القانوني بموجب المرسوم الرئاسي رقم ،413-06
الذي يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وسيرها ،والذي جاء في
نص المادة 02منه" الهيئة سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي
()1
.www.onplc.org.dzهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته.أطلع عليه في 12أفريل.2016على.19:32.
()2
المرسوم الرئاسي رقم 413-06المؤرخ في 22نوفمبر .2006يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و
مكافحته و تنظيمها و كيفيات سيرها .جريدة رسمية .عدد .74صادرة في 22نوفمبر .2006ص.17معدل و متمم.
بالمرسوم الرئاسي رقم 64-12مؤرخ في 07فيفري.2012جريدة رسمية .عدد.8صادرة في 15فيفري .2012ص.17
()3
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .106
()4
أنظر المادة .18القانون رقم .01-06متعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
60
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
توضع لدى رئيس الجمهورية"( ،)1فالهيئة مؤسسة إدارية خاصة مستقلة عن الحكومة ،ال تخضع
ألي رقابة رئاسية أو وصاية من السلطة التنفيذية ،لكن هذا ال يعني عدم وجود أية عالقة أو تأثير
لهذه األخيرة على عمل ومهام الهيئة وخاصة الرقابية منها(.)2
وقد أضاف الفصل الثالث المعنون بـ "المؤسسات االستشارية" من التعديل الدستوري بتاريخ
06مارس ،2016الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى المؤسسات االستشارية للدولة
الجزائرية من خالل المواد ( 202و )203منه(.)3
-2تنظيم الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته :لقد نص المشرع الجزائري على
ضرورة تزويد (ه.و.و.ف.م) بالوسائل البشرية والمادية الالزمة لتأدية مهامها وفقا للمادة 19فقرة،2
حيث لم يحدد المشرع تنظيمها وال تشكيلتها في (ق.و.ف.م) ،بل أحالها إلى التنظيم ،الذي أصدر
بموجب المرسوم الرئاسي رقم ،413-06محددا بموجبه تنظيم الهيئة وتشكيلتها وهي كالتالي:
أ .رئيس الهيئة :يتم تعين رئيس الهيئة بموجب مرسوم رئاسي ،وتتمثل مهامه األساسية في:
عداد برنامج عمل الهيئة.
تنفيذ التدابير التي تدخل في إطار السياسة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.
إدارة أشغال مجلس اليقظة و التقييم.
السهر على تطبيق برنامج الهيئة والنظام الداخلي لها.
إعداد وتنفيذ برامج تكوين إطارات الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته.
تمثيل الهيئة لدى السلطات والهيئات الوطنية والدولية.
كل عمل من أعمال التسيير يرتبط بموضوع الهيئة.
تحويل الملفات التي تتضمن وقائع جزائية إلى وزير العدل قصد تحريك الدعوى العمومية
عند االقتضاء.
تمثيل الهيئة أمام القضاء وفي كل أعمال الحياة المدنية.
ممارسة السلطة السلمية على جميع المستخدمين.
تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على المستوى الدولي وتبادل المعلومات(.)4
()1
أنظر المادة .02مرسوم رئاسي رقم .413-06يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و تنظيمها
و كيفيات سيرها .مصدر سابق.
()2
عبد العالي حاحة .اآلليات القانونية لمكافحة الفساد اإلداري في الجزائر .أطروحة دكتوراه .إشراف الزين عزري .جامعة
بسكرة .كلية الحقوق و العلوم السياسية .2013 .ص .485
()3
أنظر المادتين (202جديدة) و (203جديدة) .القانون رقم .01-16المتضمن التعديل الدستوري .مصدر سابق.
()4
أنظر المادة .09المرسوم الرئاسي رقم .413-06يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و
تنظيمها و كيفيات سيرها .معدل و متمم .مصدر سابق.
61
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
باإلضافة إلى المهام اإلدارية سالفة الذكر ،يتمتع رئيس الهيئة بمهام مالية ،بحيث يعتبر
هذا األخير اآلمر بالصرف للهيئة ،و يقوم بإعداد الميزانية بعد أخذ رأي مجلس اليقظة و
التقييم(.)1
ب .مجلس اليقظة و التقييم :يتكون مجلس اليقظة والتقييم من رئيس وستة أعضاء يعينون
بموجب مرسوم رئاسي ،لمدة (خمس سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة ،ويتم إنهاء مهامهم بنفس
الطريقة التي عينوا بها ،حيث يتم اختيارهم من بين الشخصيات الوطنية المستقلة التي تمثل
المجتمع المدني ،المعروف بالنزاهة والكفاءة(.)2
بناء على استدعاء من رئيسه ،ويمكن أن
يجتمع مجلس اليقظة والتقييم مرة كل ثالثة أشهر ً
بناء على استدعاء من رئيس الهيئة ،يقوم رئيس
يجتمع المجلس في اجتماعات غير عادية ً
المجلس بإعداد جدول أعمال ويرسله إلى كل األعضاء قبل خمسة عشر يوما في االجتماعات
العادية ،أما بالنسبة لالجتماعات غير العادية يجب أن ال تقل مدة اإلرسال على ثمانية أيام على
األقل ،ويحرر محضر على أشغال الهيئة(.)3
وتتمثل معظم مهام مجلس اليقظة والتقييم في المهام االستشارية ،حيث يقوم بإبداء رأيه في
المسائل التالية(:)4
مناقشة برنامج عمل الهيئة وشروط و كيفيات تطبيقه.
مساهمة كل قطاع في مكافحة الفساد.
تقديم تقارير وأراء و توصيات الهيئة.
مناقشة المسائل التي يعرضها عليه رئيس الهيئة.
مناقشة ميزانية الهيئة.
مناقشة التقرير السنوي الذي يقدمه رئيس الهيئة إلى رئيس الجمهورية.
تحويل الملفات التي تشكل مخالفة جزائية إلى وزير العدل حافظ األختام(.)5
ت .األمانة العامة :يتم تزويد الهيئة بأمانة عامة يرأسها أمين عام معين بموجب مرسوم
لمعدلة ،من
بناء على اقتراح من طرف رئيس الهيئة والتي نصت عليه المادة 07ا ّ
رئاسيً ،
()1
أنظر المادة .21المرسوم الرئاسي رقم .413-06يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و
تنظيمها و كيفيات سيرها .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .488
()3
أنظر المادة .15المرسوم الرئاسي رقم .413-06يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و
تنظيمها و كيفيات سيرها .معدل و متمم .مصدر سابق.
()4
أنظر المادة .11المصدر نفسه.
()5
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .111
62
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
المرسوم الرئاسي المحدد لتشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وكيفيات
سيرها ،والذي يساعده نائبي مدير ،األول مكلف بالميزانية والمحاسبة ،أما الثاني مكلف
بالمستخدمين و الوسائل ،تنظم المدريتين في مكاتب ،يتولى األمين العام أمانة مجلس اليقظة
والتقييم ،ويكلف األمين العام تحت سلطة رئيس الهيئة بما يلي(:)1
تنشيط عمل هياكل الهيئة وتنسيقها وتقييمها.
السهر على تنفيذ برنامج عمل الهيئة.
تنسيق األشغال المتعلقة بإعداد مشروع التقرير السنوي وحصائل نشاطات الهيئة باالتصال
مع رؤساء األقسام.
ضمان التسيير اإلداري و المالي لمصالح الهيئة.
ث .قسم مكلف بالوثائق و التحاليل و التحسيس :في إطار إعادة هيكلة (ه.و.و.ف.م)،
عدل المشرع الجزائري بموجب المرسوم الرئاسي رقم 64-12و من خالل المادتين 06و 12 ّ
منه تسمية هذا القسم ،والذي كان يطلق عليه قبل التعديل أي من خالل المرسوم الرئاسي رقم
413-06بـ " مديرية الوقاية و التحسيس"(.)2
لكن ما نالحظه أن المرسوم الجديد على غرار القديم لم يحدد تشكيلة القسم المكلف بالوثائق
والتحليل ،رغم الدور الكبير المنوط به في إطار الوقاية من الفساد و مكافحته ،حيث يبدوا لنا أن
المسائل التنظيمية وكيفيات العمل ت ّركت للهيئة مهمة إعداد النظام الداخلي(.)3
ج .قسم معالجة التصريحات بالممتلكات :رأى المشرع الجزائري من خالل تعديله للمرسوم
الرئاسي رقم 413-06بالمرسوم الرئاسي رقم ،64-12أنه من المناسب تخصيص قسم
مستقل يتكفل بمسألة تلقي التصريحات بالممتلكات(ملحق)( ،)4عكس المرسوم القديم الذي لم يكن
يعرف من خالله هذا القسم ،والذي كان يسند مهمة تلقي التصريحات بالممتلكات إلى مديرية
التحاليل والتحقيقات للقيام بذلك والتي نصت عليه المادة 13من المرسوم الرئاسي رقم -06
413قبل تعديلها بالقول" تُّكلف مديرية التحاليل والتحقيقات على الخصوص بما يأتي - :تلقي
التصريحات بالممتلكات الخاصة بأعوان الدولة بصفة دورية."...
()1
أنظر المادة .07المرسوم الرئاسي رقم .64-12يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و
تنظيمها و كيفيات سيرها .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادة .06المصدر نفسه.
()3
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .491
()4
أنظر المادة .13المرسوم الرئاسي رقم .64-12يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و
تنظيمها و كيفيات سيرها .معدل و متمم .مصدر سابق.
63
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
نظ ار لألهمية البالغة لعملية التصريح بالممتلكات ،خصص المشرع الجزائري قسما خاصا لها،
المعدلة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 64-12على" يُّكلف
ّ والذي نص من خالل المادة 13
قسم معالجة التصريحات بالممتلكات ،على الخصوص بما يلي -:تلقي التصريحات بالممتلكات
لألعوان العموميين ،"...والتي من خاللها يتم التحقق في مدى تضخم الثروة من عدمه ،وبالتالي
تفعيل وكشف جريمة اإلثراء غير المشروع ،والتي من خاللها يمكننا كشف جريمة اختالس المال
العام ،لكن لم يحدد المشرع عن طريق المرسوم الرئاسي رقم 64-12تشكيلة هذا القسم وال
طريقة عمله ،وترك ذلك للنظام الداخلي للهيئة(.)1
ح .قسم التنسيق و التعاون الدولي :لم يشر المشرع الجزائري إلى هذا القسم في ظل المرسوم
الرئاسي رقم ،413-06بل تم استحداثه من خالل التعديل الذي جاء به المرسوم الرئاسي رقم
تزود الهيئة ألداء مهامها
64-12والذي تم بموجبه تعديل المادة ،06التي تنص على" ّ
بالهياكل اآلتية ،... -:قسم مكلف بالتنسيق و التعاون الدولي ،".ومن خاللها أضاف المشرع
المادة 13مكرر والتي تنص على المهام والصالحيات التي يتمتع بها هذا القسم.
وعليه نالحظ من خالل دراستنا للطبيعة القانونية للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته،
أن مراسيم تعين رئيسها وأعضائها الستة ،قد تأخرت أربع سنوات كاملة ،األمر الذي أدى إلى
()2
والذي تجميد عملها طيلة هذه المدة ،وبصدور المرسوم الرئاسي المؤرخ في 07نوفمبر 2010
تم بموجبه تعيين رئيس الهيئة وأعضائها ،الذين تم تنصيبهم فعليا بعد أداءهم اليمين
القانونية(،)3بمجلس قضاء الجزائر العاصمة بتاريخ 04جانفي .2010
يتمثل الدور الرقابي للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في اتخاذ جميع التدابير
الوقائية لكشف الفساد والحد منه ،ومكافحة جميع الجرائم التي تصنف في خانة الفساد ،وفي اطار
قيام الهيئة بدورها الوقائي والرقابي أعطى المشرع الجزائري للهيئة مجموعة من الصالحيات ،التي
وّزعت على أقسامها ،على اعتبار أن المهام العامة للهيئة يتم توزيعها بين أجهزتها ،مع إدخال
إضافات بسيطة عليها من خالل التنظيم ،وهو ما نصت عليه المادة 20من (ق.و.ف.م) ،وعليه
تتمثل مهام الهيئة في:
()1
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .492
()2
مرسوم رئاسي مؤرخ في 07نوفمبر .2010متضمن تعين رئيس و أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و
مكافحته .جريدة رسمية .عدد .69الصادرة في 14نوفمبر .2010ص .31
()3
أنظر المادة 19فقرة .1القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
64
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
تركيز الهيئة على المبادئ األساسية التي تدعم الحكم الراشد ودولة القانون ،وتحمي من
خاللها المال العام من شتى أنواع الفساد ،كالشفافية ،واشراك جميع الهيئات العمومية والخاصة،
وكذا المواطنين ،في سياسة الوقاية ومكافحة الفساد(.)3
()1
أنظر المادة .20القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادة 06فقرة 1و .3مصدر نفسه.
()3
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .112
65
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
()1
كذلك نجد من بين أهم الصالحيات التي تتمتع بها الهيئة ،تلقي التصريحات بالممتلكات
الخاصة بالموظفين العموميين ،مما يمكنها من معرفة مدى تطور الذمة المالية للموظف
()2
الذين العمومي ،والمالحظ أن المشرع الجزائري قام بتحديد فئة معينة من الموظفين العموميين
يتعين عليهم التصريح بممتلكاتهم أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،وأقصى فئة
أخرى من التصريح بالممتلكات ،و المنصوص عليهم في المادة 06فقرة 1من قانون الوقاية من
الفساد ومكافحته ،على غرار رئيس الجمهورية ،أعضاء البرلمان بغرفتيه ،رئيس المجلس الدستوري
وأعضاءه ،الوزير األول و أعضاء الحكومة ،رئيس مجلس المحاسبة ،محافظ بنك الجزائر،
السفراء و القناصلة ،الوالة ،القضاة ،و بذلك أحالهم على القانون على الرئيس األول للمحكمة
العليا.
من جهة أخرى نالحظ أن الهيئة لها صالحية دراسة واستغالل المعلومات الواردة في
التصريحات بالممتلكات ،على خالف الرئيس األول للمحكمة العليا ،الذي ال يتمتع بهذه
الصالحية ،وانما يقتصر دوره على تلقي التصريحات بالممتلكات فقط ،دون دراستها
واستغاللها(.)3
-2عالقة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته بالسلطات القضائية :كما سبق
وأشرنا أن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية
المعنوية ،واالستقالل المالي ،تتولى مهام عديدة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته ،فهي بهذا
المفهوم تتمتع بسلطات قانونية ومهام مختلفة وشاملة في مجال التحري في الوقائع ذات الصلة
بالفساد والمراقبة المستمرة للكشف عن أعماله والوقاية منها( ،)4حيث من صالحيات الهيئة تقديم
طلبات إلى أشخاص معنوية أو طبيعية لالطالع على الوثائق والمعلومات التي من شأنها أن
تكشف عن أعمال الفساد(.)5
كما يمكن للهيئة أن تستعين بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري عن الوقائع ذات العالقة بجرائم
الفساد الذي نصت عليه المادة 20فقرة 7من (ق.و.ف.م) بالقول" -7االستعانة بالنيابة العامة
()1
مرسوم رئاسي رقم 414-06مؤرخ في 22نوفمبر .2006يحدد نموذج التصريح بالممتلكات .جريدة رسمية.
عدد .74صادرة في 22نوفمبر .2006ص .20
()2
أنظر المادة .02مرسوم رئاسي رقم 415-06مؤرخ في 22نوفمبر .2006يحدد كيفيات التصريح بالممتلكات
بالنسبة للموظفين العموميين غير المنصوص عليهم في المادة 06من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته .جريدة
رسمية .عدد .74صادرة في 22نوفمبر .2006ص .25
()3
لبنى دنش .مرجع سابق .ص .64
()4
عقيلة خالف .الحماية الجنائية للوظيفة اإلدارية من مخاطر الفساد" .مجلة الفكر البرلماني"( .عدد ،13جوان .2006
مجلس األمة) .المؤسسة الوطنية لالتصال و النشر و اإلشهار :الجزائر .ص .79
()5
أنظر المادة .21القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
66
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
لجمع األدلة و التحري في الوقائع ذات عالقة بالفساد ،"...وعندما تتوصل الهيئة إلى وقائع ذات
وصف جزائي بعد البحث والتحري ،تحول الملف إلى النائب العام المختص إقليميا لتحريك الدعوى
العمومية عند االقتضاء ،وذلك تطبيقا لمبدأ المالئمة في تحريك دعوى عمومية(.)1
وبالرغم من أن (ه.و.و.ف.م) سلطة إدارية غير قضائية ،تتمتع بسلطات ذات صلة بالسلطة
القضائية ،يمكن تشبيهها بسلطة الضبط القضائي التي تناط بالموظفين ،وأعوان اإلدارات والمصالح
العمومية ،وكونها تابعة إلى رئاسة الجمهورية ،فإن إجراءاتها تتسم بطابع السيادة على الصعيدين
الداخلي والخارجي ،مما يقوي دورها في مجال التحري والكشف عن الجرائم ،وامكانية متابعة
الفاعلين وتوقيع عقوبات عليهم بأحكام قضائية ،مما يدعم ضرورة ممارسة رقابة مستمرة لمكافحة
جرائم الفساد المضرة بالوظيفة العمومية وبالمال العام(.)2
()3
الفرع الثاني :الديوان المركزي لقمع الفساد
)(Office Central de Répression de la Corruption
بغرض تحديد الطبيعة القانونية للديوان ،نعطي تعريفا له ،ثم ونحدد تشكيلته كاآلتي:
-1تعريف الديوان المركزي لقمع الفساد :لقد جاء األمر 05-10المعدل والمتمم للقانون رقم
( 01-06ق.و.ف.م) ،بباب ثالث مكرر تحت عنوان "الديوان المركزي لقمع الفساد" ،والذي
نصت المادة 24مكرر منه على" ينشأ ديوان مركزي لقمع الفساد ،يكلف بمهمة البحث و
()1
أنظر المادة .22القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
عقيلة خالف .مرجع سابق .ص .79
()3
.www.ocrc.gov.dzالديوان المركزي لقمع الفساد .أطلع عليه بتاريخ 10أفريل .2016على الساعة .21:14
( )4تعليمة رئاسية رقم 03مؤرخة في 13ديسمبر .2009متعلقة بتفعيل مكافحة الفساد .صادرة عن رئيس الجمهورية.
()5
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .502
67
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
التحري عن جرائم الفساد ،)1("...باإلضافة إلى تعديل المادة ( 02ق.و.ف.م) و التي أضاف
بموجبها فقرة (ن) تنص على تعريف مصطلح الديوان بالقول" الديوان :الديوان المركزي لقمع
الفساد.".
كما ترك المشرع الجزائري تحديد طبيعة الديوان المركزي لقمع الفساد إلى التنظيم ،والذي جاء به
المرسوم الرئاسي رقم 426-11المحدد لتشكيلة الديوان وتنظيمه وكيفيات سيره( ،)2هذا األخير
عدل بموجب المرسوم الرئاسي رقم .)3(209-14 الذي ّ
بالعودة إلى المرسومين الرئاسيين سالفي الذكر ،نجد أن الديوان المركزي لقمع الفساد ،هو عبارة
عن مؤسسة أنشئت خصيصا لقمع الفساد ،يتميز بجملة من الخصائص تساهم في تحديد دوره في
مكافحة الفساد ،فهو مصلحة عملياتية للشرطة القضائية ،باإلضافة إلى تبعيته إلى وزير العدل
حافظ األختام ،كذلك عدم تمتعه بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي(.)4
أ .الديوان مصلحة عملياتية للشرطة القضائية :وهو ما جاءت به المادة 02من المرسوم
الرئاسي رقم 426-11بأن" الديوان مصلحة مركزية عملياتية للشرطة القضائية تكلف بالبحث
عن جرائم و معاينتها في إطار مكافحة الفساد ،".فهو جهاز أغلبية تشكيلته ،ضباط وأعوان
الشرطة القضائية ،الذين يحدد عددهم قرار مشترك بين وزير العدل حافظ األختام والوزير
المعني(.)5
ب .تبعية الديوان لوزير العدل حافظ األختام :وهو التعديل الذي جاءت به المادة 03فقرة1
من المرسوم الرئاسي رقم 209-14التي تنص على" يوضع الديوان لدى وزير العدل حافظ
األختام ،"...والذي كان قبل التعديل تحت سلطة الوزير المكلف بالمالية ،مما يجعله جها از
خاضعا للسلطة التنفيذية رغم طبيعته القضائية.
ج .عدم تمتع الديوان المركزي لقمع الفساد بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي :خالفا
للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،التي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي،
نجد أن المشرع الجزائري لم يمنح الشخصية المعنوية واالستقالل المالي للديوان المركزي لقمع
()1
المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
ّ أنظر المادة 24مكرر .األمر رقم .05-10
()2
المرسوم الرئاسي رقم 426-11مؤرخ في 08ديسمبر .2011يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه
و كيفيات سيره .جريدة رسمية .عدد .68صادرة في 14ديسمبر .2011ص .10
()3
المرسوم الرئاسي رقم 209-14مؤرخ في 23جويلية .2014يعدل و يتمم المرسوم الرئاسي رقم 426-11مؤرخ
في 08ديسمبر .2011يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره .جريدة رسمية .عدد.46
صادرة في 31جويلية .2014ص .8
()4
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .503
()5
أنظر المادة .08المرسوم الرئاسي رقم .209-14المعدل و المتمم للمرسوم المحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع
الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره .مصدر سابق.
68
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
الفساد ،رغم المهام الموكلة اليه المتمثلة في البحث و التحري ،فالمدير العام للديوان حسب ما
جاء في المادة 23المعدلة و المتممة ،بموجب المرسوم الرئاسي رقم 209-14ي ّعد الميزانية
ويعرضها للموافقة على وزير العدل حافظ األختام ،فالديوان في هذه الحالة غير مستقل ألنه تحت
إشراف ورقابة النيابة العامة ،فال يمكن ضمان االستقاللية الوظيفية دون التمتع بالشخصية
المعنوية(.)1
-2تشكيلة و تنظيم الديوان المركزي لقمع الفساد :ترك المشرع الجزائري تحديد تشكيلة
وتنظيم الديوان للتنظيم ،و الذي جاء به المرسوم الرئاسي رقم ،426-11المعدل والمتمم،
بالمرسوم الرئاسي رقم ،209-14المتضمن تحديد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه
نبينها من خالل:
وكيفيات سيره ،والتي سوف ّ
أ .تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد :وهو ما جاء به الفصل الثاني من المرسوم الرئاسي
()2
المعدلة
رقم ، 426-11من خالل المواد 06و 07و ،09باإلضافة إلى المادة ّ 08
بموجب المرسوم الرئاسي رقم ،)3(209-14فالديوان يتشكل من:
ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين لو ازرة الدفاع الوطني،
ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين لو ازرة الداخلية والجماعات المحلية،
أعوان عموميين ذوي كفاءات أكيدة في مجال مكافحة الفساد،
يمكن كذلك تدعيم الديوان بمستخدمين للدعم التقني واإلداري،
يمكن االستعانة بكل خبير أو مكتب استشاري أو مؤسسة ذات كفاءات عالية في مجال
مكافحة الفساد.
ب .تنظيم الديوان المركزي لقمع الفساد :وهو ما جاء به الفصل الثالث من المرسوم الرئاسي
لمعدل والمتّمم ،وعليه
الذي يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه وكيفيات سيره ،ا ّ
فالديوان يتشكل من:
المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد :وهو ما نصت عليه المادة 10من المرسوم
الرئاسي رقم ،209-14هذا األخير الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي صادر عن رئيس
بناء على اقت ارح من وزير العدل حافظ األختام ،والذي يتمتع بصالحيات ذات طبيعة
الجمهوريةً ،
إدارية وهو ما نصت عليه المادة 14من نفس المرسوم.
()1
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .504
()2
أنظر المواد 06و 07و .09المرسوم الرئاسي رقم .426-11يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه
و كيفيات سيره .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة .08المصدر نفسه.
69
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
الديوان :الذي يقوم برئاسته رئيس الديوان ويساعده خمسة مديري دراسات ،يكون عمله
تحت سلطة المدير العام ،حسب نص المواد 11و 12و 13من المرسوم الرئاسي رقم -11
المعدل والمتمم.
ّ ،426
مديرية التحريات :والتي تنظم بقرار مشترك بين وزير العدل والمدير العام للوظيفة العامة،
وقد نصت المادة 16من المرسوم الرئاسي رقم 426-11على مهامها ،والتي تتمثل في إجراء
األبحاث والتحقيقات في مجال مكافحة الفساد ،فيمكن للمديرية القيام بأي إجراء تراه مناسبا
للكشف عن جرائم الفساد.
مديرية اإلدارة العامة :توضع تحت سلطة المدير العام ،تختص بتسيير المستخدمين
والوسائل المادية و المالية ،حسب ما جاء في نص المادة 17من المرسوم الرئاسي رقم -11
.426
من خالل ما سبق نالحظ أن المشرع لم يكفل التنظيم الكافي للديوان المركزي لقمع الفساد،
حيث يظهر ذلك من خالل المركز القانوني الضعيف لمديره من جهة ،أما من جهة أخرى تقسيمه
إلى مديريتين فقط ،وعدم تدعيمه بالهياكل الالزمة لسيره وأداء مهامه على أكمل وجه(.)1
منح المشرع الجزائري لضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين للديوان المركزي لقمع
الفساد ،العديد من االختصاصات والمهام القمعية ،وذلك من خالل تمديد االختصاص المحلي
لضباط الشرطة القضائية التابعين للديوان ليشمل كافة اإلقليم الوطني ،واحالة مهمة النظر في
جرائم الفساد إلى المحاكم ذات االختصاص الموسع(.)2
-1دور الديوان المركزي في مكافحة الفساد :يتمتع الديوان المركزي لقمع الفساد بسلطة
البحث والتحري في جرائم الفساد حسب ما جاء في نص المادة 24مكرر من األمر رقم 05-10
الم ّعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،حيث ي ّكلف الديوان في إطار المهام المنوطة
به بما يلي:
ومركزة ذلك واستغالله،
جمع كل معلومة تسمح بالكشف عن أفعال الفساد ومكافحتها ّ
جمع األدلة والقيام بالتحقيقات في وقائع الفساد مع إحالة مرتكبيها على القضاء،
تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد وتبادل المعلومات بمناسبة التحقيقات الجارية،
()1
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .509
()2
المعدل و المتمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
ّ أنظر المادة 24مكرر .1األمر رقم .05-10
70
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
اقتراح كل إجراء يحافظ على حسن سير التحريات التي يتوالها على السلطات المختصة(.)1
وعليه نستخلص أن الديوان المركزي لقمع الفساد يتميز بمهام ردعية قمعية ،عكس الهيئة
الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي تتميز بالمهام الوقائية التحسيسية.
وسع المشرع الجزائري دائرة االختصاص -2تمديد االختصاص المحلي لضباط الديوانّ :
المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات
ّ لضباط الشرطة القضائية بموجب القانون رقم 22-06
الجزائية( ،)2وهي الجرائم المنصوص عليها حص ار وفق نفس القانون ،والذي استثنى منها جرائم
الفساد المنصوص عليها وفق قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.
وقد نص المشرع الجزائري صراحة من خالل المادة 24مكرر 1فقرة 3من األمر رقم -10
المعدل والمتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،بالقول" ويمتد اختصاصهم المحلي في
ّ 05
الجرائم المرتبطة بها ،إلى كامل التراب الوطني ،".على امتداد االختصاص المحلي لضباط الشرطة
القضائية التابعين للديوان المركزي لقمع الفساد ،في جرائم الفساد والجرائم المرتبطة بها عبر كامل
التراب الوطني ،فهو إجراء يستفيد منه ضباط الشرطة القضائية التابعين للديوان فقط ،دون باقي
ضباط الشرطة القضائية التابعين للهيئات والمصالح األخرى ،الذين يخضعون للقواعد العامة
المنصوص عليها وفق قانون اإلجراءات الجزائية(.)3
المبحث الثاني
إجراءات متابعة الجريمة من النطاق المحلي إلى الدولي
خص المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،أساليب مستحدثة
للبحث والتحري في جرائم الفساد بوجه عام ،وعلى غرارها جريمة اختالس األموال العمومية ،فقد
فعل المشرع األليات والوسائل القانونية للحد من تلك الجرائم ،وتتبعها خارج الوطن في إطار
ّ
التعاون الدولي ،واسترداد الموجودات ،باإلضافة إلى وضع أحكام جديدة خاصة بالحجز والتجميد
ومصادرة العائدات اإلجرامية(.)4
()1
أنظر المادة .05مرسوم رئاسي رقم .426-11يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و تنظيمه و كيفيات سيره.
معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادتين 16و 16مكرر .القانون رقم 22-06مؤرخ في 20ديسمبر .2006المعدل و المتمم لقانون
اإلجراءات الجزائية .جريدة رسمية .عدد .84صادرة في 24ديسمبر .2006ص .4
()3
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .513
()4
عبد الغاني حسونة ،الكاهنة زواوي .األحكام القانونية لجريمة اختالس المال العام " .مجلة االجتهاد القضائي"( .العدد
الخامس .2009 ،جامعة بسكرة) .الجزائر .ص .208
71
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
وقد أضاف المشرع الجزائري أحكام جديدة ،من خالل تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة
،2006الهدف األساسي منها هو تدعيم النظام اإلجرائي للمالحقة القضائية لجرائم الفساد ،وعليه
ارتأيت في تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،خصصت المطلب األول :إجراءات متابعة جريمة
اختالس األموال العمومية في النطاق المحلي ،أما المطلب الثاني :إجراءات متابعة جريمة
اختالس األموال العمومية على النطاق الدولي.
المطلب األول :إجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية في النطاق المحلي
بغرض اإللمام بإجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية ،قسمت هذا المطلب إلى
فرعين ،الفرع األول :أساليب التحري ،أما الفرع الثاني :تحريك الدعوى العمومية.
أساليب التحري الخاصة هي تلك العمليات أو اإلجراءات أو التقنيات ،التي تتخذها الضبطية
القضائية تحت مراقبة و إشراف السلطات القضائية ،بغية البحث و التحري عن الجرائم الخطيرة
المقررة في القانون ،وجمع األدلة عنها وكشف مرتكبيها دون علم ورضا األشخاص المعنيين(،)1
وهو ما نص عليه المشرع الجزائري من خالل المادة (56ق.و.ف.م)( ،)2وعليه قمت بتقسيم هذا
الفرع إلى أوال :التسليم المراقب ،أما ثانيا :الترصد اإللكتروني ،و ثالثا :االختراق(التسرب).
التسليم المراقب وهو ما نصت عليه المادة 56من (ق.و.ف.م) بالقول" من أجل تسهيل
جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ،يمكن اللجوء إلى التسليم
المراقب ،"...فهو أسلوب من أساليب التحري ،من أجل تسجيل وجمع األدلة التي لها عالقة بجريمة
االختالس وجرائم الفساد بصفة عامة.
()3
والتسليم المراقب هو اإلجراء الوحيد الذي عرفته المادة 02فقرة (ك) من (ق.و.ف.م)
بأنه" التسليم المراقب :اإلجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من
اإلقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة وتحت مراقبتها ،بغية
التحري عن جرم ما و كشف هوية األشخاص الضالعين في ارتكابه ،".وهو نفس التعريف الذي
()1
عبد الرحمان خلفي .محاضرات في قانون اإلجراءات الجزائية .مرجع سابق .ص .98
()2
أنظر المادة .56القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية و مكافحة الفساد .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة 02فقرة(ك) .المصدر نفسه.
72
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
أتت به اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل المادة 02فقرة (ط) منها ،ونفس التعريف
()1
الذي جاءت به المادة 01فقرة 9من االتفاقية العربية لمكافحة الفساد
وال يختلف هذا التعريف في مضمونه عما جاء به األمر رقم 06-05المتعلق بمكافحة
التهريب( ،)2والذي أوضح أن اللجوء إلى هذا اإلجراء يستلزم إذن من وكيل الجمهورية.
فالتسليم المراقب يعد من بين إجراءات التعاون الدولي لمكافحة اإلجرام ،فهو يعتمد على
القوانين الوطنية ،والمعاهدات ،وشرط المعاملة بالمثل ،وهو نوعان:
الدول في إطار التعاون ،حيث يسمح بدخول -1تسليم مراقب دولي تعززه العالقة بين ّ
الشحنات غير المشروعة إلى دول أخرى ،أو تعبر من خالل إقليمها بعلم سلطتها المختصة.
-2تسليم مراقب إقليمي ،يعتمد على مراقبة الشحنة منذ وصولها إلى حدود الدولة ،من طرف
أجهزتها المحلية ،إلى غاية تسليمها إلى عناصر الترويج(.)3
()1
المرسوم الرئاسي رقم 249-14مؤرخ في 08سبتمبر .2014يتضمن التصديق على االتفاقية العربية لمكافحة
الفساد ،المحررة بالقاهرة بتاريخ 21ديسمبر .2010جريدة رسمية .عدد .54صادرة في 21سبتمبر .2014ص .5
()2
أنظر المادة .40األمر رقم 06-05المؤرخ في 23أوت .2005يتعلق بمكافحة التهريب .جريدة رسمية .عدد.59
الصادرة في 28أوت .2005ص .3
()3
نادية سالمي .مرجع سابق .ص .122
()4
أنظر المواد (65مكرر ،5مكرر ،6مكرر ،7مكرر ،8مكرر ،9مكرر .)10األمر رقم .155-66المتعلق بقانون
اإلجراءات الجزائية .معدل و متمم .مصدر سابق.
73
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
مكرر( 5ق.إ.ج) مفهوم اعتراض المراسالت ،في تلك التي تتم عن طريق وسائل االتصال
السلكية والالسلكية فقط(.)1
الصور :يقتضي اللجوء إلى هذه الوسيلة استعمال تقنيات
ّ تسجيل األصوات و التقاط
الصورة أو الصوت ،أو كليهما ،و كذا وسائل االتصال عن بعد ،أو المراقبة بواسطة األقمار
الترصد و التنصت على العناصر اإلجرامية لمعرفة تحركاتها و
الصناعية ،وهذا للقيام بعمليات ّ
خططها المستقبلية في ارتكاب الجرائم( ،)2و لصحة العملية يجب تحقيق جملة من اإلجراءات:
-1إصدار األمر بالترصد اإللكتروني :وهو اإلذن الصادر عن وكيل الجمهورية ،في الجرائم
المتلبس بها ،أو في التحقيق االبتدائي ،ويمكن أن يصدر هذا اإلذن عن قاضي التحقيق عندما
يكون ملف التحقيق على مستواه(.)3
-2الجرائم الخاضعة للترصد اإللكتروني :وهي الجرائم المنصوص عليها من خالل المادة 65
مكرر 5فقرة( 1ق.إ.ج) ،المعدل و المتمم ،و المتمثلة في جرائم المخدرات ،الجريمة العابرة للحدود
الوطنية ،الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة األلية للمعطيات ،جرائم تبيض األموال ،الجرائم اإلرهابية،
جرائم التشريع الخاص بالصرف ،وجرائم الفساد.
الترصد اإللكتروني :قبل مباشرة إجراء الترصد اإللكتروني ،يجب تحقيق مجموعة
-3شروط ّ
من الشروط المنصوص عليها قانونا( ،)4و هي:
مباشرة إجراءات الترصد اإللكتروني بموجب إذن من طرف وكيل الجمهورية ،أو قاضي
التحقيق.
هذا اإلذن يسمح بالولوج إلى المحالت السكنة أو غيرها ،و هذا دون اشتراط علم أو رضا
التقيد بالميقات القانوني(.)5
أصحابها ،ودون ّ
تتم عملية الترصد اإللكتروني تحت مراقبة وكيل الجمهورية ،أو قاضي التحقيق ،دون
المساس بالسر المهني ،حسب نص المادة 45من قانون اإلجراءات الجزائية.
يمكن تسخير أي عون مؤهل لدى مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية أو خاصة ،مكلفة
باالتصاالت السلكية أو الالسلكية ،للتكفل بالجوانب التقنية.
()1
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .45
()2
مليكة بكوش .جريمة االختالس في ظل قانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مذكرة ماجستير .إشراف العربي شحط
عبدالقادر .جامعة وهران .كلية الحقوق 01 .أكتوبر .2013-2012 .2013ص .125
()3
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .126
()4
مليكة بكوش .المرجع نفسه .ص .127
()5
أنظر المادة .47األمر رقم .155-66المتعلق بقانون اإلجراءات الجزائية .معدل و متمم .مصدر سابق.
74
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
يجب تحرير محضر عن كل عملية اعتراض أو تسجيل المراسالت ،من طرف ضابط
الشرطة القضائية المكلف بإجراء الترصد اإللكتروني(.)1
التسرب تقنية جديدة بالغة الخطورة على أمن الضبطية القضائية ،يتطلب الجرأة و الكفاءة و
الدقة في العمل ،حيث نص عليها المشرع من خالل تعديله سنة 2006لقانون اإلجراءات
الجزائية(.)2
-1تعريفه :وهو التعريف المنصوص عليه من خالل المادة 65مكرر 12من (ق.إ.ج)،
والتي تنص على" يقصد بالتسرب قيام ضباط أو أعوان الشرطة القضائية ،تحت مسؤولية ضابط
الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو
جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم ،"...والذي أطلق عليه من خالل قانون الوقاية من
()3
بمصطلح" االختراق" ،غير أن االختالف في التسمية ال يعني االختالف في الفساد ومكافحته
اإلجراءات بل هو إجراء واحد(.)4
يجوز لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ،أن يأذن بمباشرة عملية التسرب ،عندما تقتضي
ضروريات التحري أو التحقيق ذلك(.)5
-2شروطه :تتم عملية التسرب وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل الخامس من قانون
اإلجراءات الجزائية ،تحت عنوان "التسرب" ،وهي:
أن يكون التسرب بغرض التحري و التحقيق في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة
65مكرر 5من قانون اإلجراءات الجزائية.
تحرير تقرير من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف بعملية تنسيق التسرب ،يتضمن
العناصر الضرورية لمعاينة الجرائم ،غير تلك التي تعرضه للخطر ،أو العون المتسرب ،أو
األشخاص الذين تم تسخيرهم لذلك ،و هذا حسب ما جاء في المادة 65مكرر 13من قانون
اإلجراءات الجزائية.
الحصول على إذن مسبق من طرف وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ،و هذا تحت
رقابتهم ،و هو ما جاءت به المادة 65مكرر 11من قانون اإلجراءات الجزائية.
()1
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .46
()2
عبد الرحمان خلفي .مرجع سابق .ص .104
()3
أنظر المادة .56قانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()4
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .128
()5
أنظر المادة 65مكرر .11األمر .155-66المتضمن قانون العقوبات .معدل و متمم .مصدر سابق.
75
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
وبالرجوع إلى المادة 65مكرر 15من (ق.إ.ج) ،التي تنص على أن يكون اإلذن مكتوبا
ومسببا وذلك تحت طائلة البطالن ،مع ذكر الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا اإلجراء ،وهوية
الضابط الذي تتم العملية تحت مسؤوليته ،مع تحديد المدة التي يجب أن ال تتجاوز أربعة أشهر،
القابلة للتجديد ،كما يمكن األمر بتوقيفها في أي وقت ولو قبل انقضاء المدة المحددة ،مع إيداع
الرخصة في الملف بعد انتهاء عملية التسرب.
ال يجوز إظهار الهوية الحقيقية للضباط و أعوان الشرطة القضائية ،الذين باشروا عملية
التسرب تحت هوية مستعارة في أي مرحلة من مراحل اإلجراءات ،قصد حمايتهم ،إذ يتعرض كل
من يكشف هويتهم إلى العقوبات المنصوص عليها في المادة 65مكرر 16من (ق.إ.ج) ،كما
يمكن للعون المتسرب أن يواصل نشاطه للوقت الضروري و الكافي ،في حالة ما إذ تم توقيف
العملية ،وهذا في الظروف التي تضمن أمنه وسالمته ،دون أن تتم مسائلته جزائيا ،على أن ال
()1
تتجاوز المدة أربعة أشهر قابلة للتجديد ،مرة واحدة على األكثر
بغية اإللمام بكيفية تحريك دعوى اختالس األموال العمومية ،قسمت هذا الفرع إلى أوال:
الجهات القضائية ذات االختصاص الموسع ،أما ثانيا :كيفية تحريك الدعوى العمومية ،و ثالثا:
إجراءات المتابعة عن طريق الدعوى المدنية التبعية ،أما رابعا :تسبيب الحكم باإلدانة.
()1
أنظر المادة 65مكرر .17األمر رقم .155-66المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
القانون رقم 14-04مؤرخ في 10نوفمبر .2004المعدل و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية .جريدة رسمية.
عدد .71صادرة في 10نوفمبر .2004ص .4
()3
المرسوم التنفيذي رقم 348-06مؤرخ في 05أكتوبر .2006المتضمن تمديد االختصاص المحلي لبعض المحاكم و
وكالء الجمهورية و قضاة التحقيق .جريدة رسمية .عدد .63صادرة في 08أكتوبر .2006ص .29
76
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم ّيمدد االختصاص المحلي للمحاكم ووكالء
الجمهورية وقضاة التحقيق عندما يتعلق األمر بجرائم الفساد ،وهذا بصريح المواد 37و 40و
329من قانون اإلجراءات الجزائية ،التي نصت على تمديد االختصاص في جرائم المخدرات،
والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ،والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة األلية للمعطيات ،وجرائم
تمويل اإلرهاب و تبيض األموال ،والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف ،وهذا دون ذكر
جرائم الفساد(.)1
إالّ أنه و بالرجوع إلى نص المادة 24مكرر 1من األمر رقم 05-10المعدل والمتمم
(ق.و.ف.م)( ،)2نجد أن المشرع الجزائري أّخضع جرائم الفساد المنصوص عليها وفق هذا القانون،
تحت االختصاص الموسع للجهات القضائية ،وذلك بالرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها
قانون اإلجراءات الجزائية ،والتساؤل المطروح كيف لقانون موضوعي يعالج مسألة وفق
موضوعية.
ثانيا :كيفية تحريك الدعوى العمومية
أخضع المشرع الجزائري جريمة اختالس الممتلكات من قبل الموظف العمومي ،المنصوص
عليها وفق قانون الوقاية من الفساد و مكافحته ،إلى اإلجراءات التي تحكم متابعة الجرائم في
القانون العام ،و هذا لعدم اتخاذه أي إجراء خاص بالمتابعة في قانون الوقاية من الفساد
ومكافحته(.)3
فيقصد بتحريك الدعوى العمومية بتلك اإلجراءات أو التدابير القانونية ،التي يتم طرحها على
القضاء الجزائي للفصل في مدى استعمال الدولة لحقها في توقيع العقاب( ،)4فالدعوى العمومية
ضرورية إلمكان معاقبة الجاني ،فال عقوبة بغير دعوى عمومية ،فالقاعدة أن النيابة العامة هي
صاحبة االختصاص بتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها من عدمه( ،)5تبعا للسلطات المخولة لها
قانونا باسم المجتمع.
وعليه فالمشرع الجزائري لم ينص على أي إجراء خاص بتحريك الدعوى العمومية بشأن
جريمة اختالس المال العام قبل تعديل قانون اإلجراءات الجزائية سنة ،2015لكن يجب اإلشارة
إلى أنه في ظل القانون السابق ،أي قبل تعديل قانون العقوبات سنة ،2006كان المشرع ينص
()1
عبد العالي حاحة .مرجع سابق .ص .511
()2
أنظر المادة 24مكرر .1األمر رقم .05-10معدل و متمم لقانون الوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
()3
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .132
()4
محمد مأمون سالمة .مرجع سابق .ص .179
()5
عبدالرحمان خلفي .مرجع سابق .ص .133
77
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
من خالل المادة 119فقرة(3الملغاة) منه ،على أن تحرك الدعوى العمومية عندما يتعلق األمر
بالمؤسسات العمومية االقتصادية و التي تملك الدولة كل رأسمالها ،أو المؤسسات ذات رأسمال
بناء على شكوى من أجهزة المؤسسة المعنية المنصوص عليها في القانون التجاري مختلطً ،
والقانون المتعلق بتسيير رؤوس األموال التجارية للدولة(.)1
و بعد تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب األمر رقم 02-15المؤرخ في 23جويلية
2015و بموجب المادة 06مكرر منه التي تنص على" ال تحرك الدعوى العمومية ضد مسيري
المؤسسات العمومية االقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو ذات الرأسمال المختلط عن
أعمال التسيير التي تؤدي إلى سرقة أو اختالس أو تلف أو ضياع أموال عمومية اال بناء على
شكوى مسبقة من الهيئات االجتماعية للمؤسسة المنصوص عليها في القانون التجاري و في
التشريع الساري المفعول ،".أي يشترط المشرع الجزائري بعد تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية عند
تحريك الدعوى العمومية شكوى مسبقة من طرف الهيئات االجتماعية المنصوص عليها في القانون
التجاري.
بالرجوع إلى قواعد القانون المدني الجزائري ،وعلى الخصوص نص المادة ،124نجد أن
المشرع ألزم كل شخص يرتكب فعال إجراميا ،ويسبب للغير ض اررا ،بتعويضه عن الضرر الذي
أحدثه له(.)2
فيمكن للقاضي الجزائي الفصل في الدعوى المدنية التبعية ،وذلك بعد محاكمة المتهم وتسليط
العقوبة عليه ،فالدعوى المدنية التي يقيمها الطرف المدني أو الضحية ،أو الشخص المتضرر،
يفصل فيها القاضي الجزائي والزام المحكوم عليه بالتعويض ،فالدعوى المدنية التبعية هي دعوى
خاصة مرتبطة بالدعوى العمومية ،هدفها جبر الضرر الذي تحدثه الجريمة(.)3
وعليه يجوز للطرف الذي كان ضحية جريمة اختالس المال العام ،وطبقا لنص المادة 29
من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته أن يتأسس كطرف مدني ،والذي يكون في الغالب األمر
الدولة بمختلف هيئاتها وعلى جميع مستوياتها( ،)4فيقوم الطرف المتضرر بإجراءات المطالبة
( )1أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي الخاص .جزء ثاني .مرجع سابق .ص .34
()2
أنظر المادة .124األمر رقم .58-75المتضمن القانون المدني .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .134
()4
عبد العزيز سعد .مرجع سابق .ص .169
78
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
بالتعويض عن الضرر الذي أصابه ،وذلك أمام نفس المحكمة التي فصلت في الدعوى
العمومية(.)1
ولقبول االدعاء المدني أمام المحاكم الجزائية ،يجب تحقيق جملة من الشروط أهمها:
يجب أن تكون دعوى جزائية متعلقة بجريمة اختالس األموال العمومية ،مرفوع بشأنها
دعوى عمومية ،ومعروضة على محكمة مختصة للفصل في الموضوع.
يجب أن يكون الضرر المطلوب التعويض عنه ،ناتجا مباشرة عن الواقعة الجرمية ،باعتبار
أن الضرر محل التعويض لو كان ناتجا عن وقائع إجرامية أخرى غير المنصوص عليها في
المادة 29من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،لما صح للمدعي المدني إقامة دعوى مدنية
تبعية أمام المحكمة الجزائية ،وذلك بنص المادة ( 03ق.إ.ج).
يجب أن يكون المدعي المدني قد سبق وتأسس كطرف مدني تبعا للدعوى العمومية ،وقدم
تصريحا كتابيا قبل الجلسة وأثناها ،وذلك قبل إبداء النيابة العامة طلباتها في الموضوع ،بموجب
عريضة تتضمن تحديد الجريمة و ظروف وقوعها(.)2
يجب إقامة دعوى مدنية تبعية للتعويض عن الضرر أمام محكمة الدرجة األولى ،ألنه ال
يجوز االدعاء المدني ألول مرة أمام الجهة القضائية االستئنافية ،ألن محكمة الدرجة األولى لم
تنظر في االدعاء بالرفض أو القبول ،حيث أنه في حالة الفصل في الدعوى الجزائية ببراءة
المتهم ،فإنه يتعين على المحكمة القضاء بعدم التأسيس بالفصل في الدعوى المدنية(.)3
إن معظم األحكام الجزائية و غير الجزائية تتطلب أن تكون معللة ،حيث تستوجب أن تكون
مسببة تسبيبا جادا وواضحا ،بحسب قانون اإلجراءات الجزائية تحت طائلة البطالن( ،)4فالدعوى
العمومية تستوجب أن تكون مسببة ،والتي يجب أن يتضمن الحكم باإلدانة هوية األطراف
المتهمين ،وحضورهم أو غيابهم عن جلسة النطق بالحكم ،كذلك بيان ووصف ونوع الجريمة محل
اإلدانة ،كما يجب أن يتضمن الحكم العقوبة المحكوم بها ،باإلضافة القانون المطبقة( ،)5وعليه كي
79
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
يكون الحكم الفاصل في موضوع جريمة اختالس األموال العمومية ،حكما منصفا ومسببا تسبيبا
قانونيا كافيا يجب أن يشتمل على جملة من الشروط ،كما يلي(:)1
يجب أن يتضمن الحكم بيان صفة ووظيفة المتهم ،من حيث كونه موظفا عموميا ،مكلفا
بمصلحة أو خدمة عامة ،حيث يعتبر هذا الوصف أحد أهم العناصر المكونة للجريمة ،وأن عدم
بيان الصفة الوظيفية للمتهم في الحكم بشكل واضح وصريح ،يشكل عيبا في الحكم ويجعله
ناقص التسبيب ،مما قد يؤدي إلى إلغاءه عند الطعن فيه.
يجب أن يشتمل الحكم على الواقعة التي ت ّكون العنصر المادي لجريمة اختالس األموال
العمومية ،وتحديد ما إذ كانت هذه الوقائع تشكل اختالسا ،أو تبديدا عمديا ،أو إتالفا ،أو احتجا از
بدون وجه حق ،أو استعماال على نحو غير شرعي ،و في حالة إهمال ذلك واعتماد العموميات
في التسبيب ،قد يجعل الحكم ناقصا ومعرضا للطعن فيه ،عن طريق النقض.
لكي يكون الحكم كامل التعليل وواضح التسبيب ،يجب أن يشير بصراحة إلى نوع وطبيعة
المال محل الجريمة ،و بيان ما إذ كان ماال عاما أو ماال خاصا ،فال يكفي أن يتضمن الحكم
عبارات شمولية و غامضة ،أو مركبة و معقدة ،مما ال يسمح للجهة القضائية العليا بمراقبة حسن
تطبيق القانون تطبيقا سليما وعادال.
كذلك من أهم ما يجب أن يتضمنه الحكم باإلدانة ،في جريمة اختالس األموال العمومية،
لكي يكون مسببا تسبيبا كافيا ،أن يتضمن بصراحة أن األموال أو األشياء محل الجريمة ،قد
سلمت للمتهم بمقتضى وظيفته أو بسببها ،حيث يعتبر هذا التسليم من أهم عناصر وأركان
الجريمة ،حيث بدون إثباته ال يمكن لجريمة اختالس األموال العمومية أن تقوم.
توفر عنصر العمد و القصد الجرمي ،على يجب أن يشتمل حكم اإلدانة على إثبات ّ
اعت بار أنه عنصر واجب اإلثبات بأية طريقة من الطرق القانونية ،ال يجب على المتهم إثبات
عكسه.
وعليه فإن الحكم باإلدانة الفاصل في الدعوى المتعلقة بجريمة اختالس األموال العمومية،
ال يمكن اعتباره حكما عادال ومسببا إذ لم يكن قد تعرض بالبحث و المناقشة إلى كل العناصر
المكونة لهذه الجريمة ،والى قيمة المبلغ المختلس أو المبدد عمدا ،أو المتلف ،أو المحتجز بدون
وجه حق ،أو الذي أستعمل على نحو غير شرعي ،باعتبار أن قيمة المبلغ المالي أو الشيء محل
الجريمة ،هو األساس لتحديد نوع ومقدار العقوبة المقررة التي تسلط على المتهم ،ذلك ألن إهمال
()1
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .136
80
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
أي عنصر من عناصر هذه الجريمة ،واغفال تحديد و ذكر القيمة المالية ،تجعل الحكم معيبا
وغير مسببا تسبيبا كافيا ،مما يعرضه للنقض واإللغاء(.)1
المطلب الثاني :إجراءات متابعة جريمة اختالس األموال العمومية على النطاق الدولي
أصبحت جريمة اختالس األموال العمومية ذات طابع دولي ،تتجاوز أركانها وأثارها أكثر من
دولة ،حيث تهرب األموال المتحصلة منها إلى دول المالذ اآلمن ،لذا فإن مكافحتها بطريقة ناجعة
فعالة تستوجب إلى جانب تطوير السياسة الجنائية و العقابية ،ضرورة تعزيز التعاون الدولي
و ّ
والقضائي لمواجهتها ،باإلضافة إلى تفعيل آلية استرداد الموجودات على نحو يتكامل مع دور
التشريعات الوطنية في مكافحة الفساد ،وعليه قسمت هذا المطلب إلى فرعين ،خصصت في الفرع
األول :التعاون الدولي و القضائي ،أما الفرع الثاني :التعاون الدولي في مجال المصادرة.
بغية اإللمام ،بإجراءات وكيفيات التعاون الدولي والقضائي في جريمة اختالس األموال
العمومية ،ارتأيت في تقسيم هذا الفرع إلى أوال :التعاون الدولي في مجال المصارف والمؤسسات
المالية ،أما ثانيا :التعاون القضائي.
لقد خص المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،التعاون الدولي
بجملة من األحكام ،التي ترمي إلى الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد ومنعها والى
استرداد العائدات المتأتية من جرائم الفساد ،حيث استنبط هذه األحكام من اتفاقية األمم المتحدة
لمكافحة الفساد ،على اعتبار أنها الوثيقة األممية المتفق عليها بين مختلف الدول المصادقة على
االتفاقية ،هذه األخيرة التي نصت على التعاون الدولي في مجال المصارف و المؤسسات المالية،
في الفصل الخامس تحت عنوان استرداد الموجودات(.)2
ونصت المادة 52من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،التي جاءت تحت عنوان "منع
و كشف إحالة العائدات المتأتية من الجريمة" ،على وجوب أن تتخذ كل دولة طرف في االتفاقية
ما قد يلزم من تدابير و إجراءات وفقا لقانونها الداخلي ،وذلك إللزام المؤسسات المالية الواقعة
ضمن واليتها القضائية ،التحقق من هوية الزبائن باتخاذ أي خطوة معقولة لتحديد المالكين
()1
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .137
()2
مليكة بكوش .المرجع نفسه .ص .140
81
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
المودعين لألموال في الحسابات عالية القيمة ،واجراء فحوص دقيقة للحسابات التي يطلب من
المؤسسة المالية فتحها ،باإلضافة إلى جملة من التدابير و اإلجراءات التي نصت عليها
االتفاقية(.)1
وبالعودة إلى المادة 58من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته( ،)2التي تضمنت على أحكام
بغرض الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد بوجه عام على غرار جريمة االختالس ،التي
تلتزم بها المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية ،على غرار الفحص الدقيق لحسابات
األشخاص الطبيعيين ،واتخاذ تدابير لفتح هذه الحسابات ومسكها.
كما لم يغفل المشرع عن مجال تقديم المعلومات نظ ار ألهميته البالغة في إجراء التحريات
والتحقيقات ،المتعلقة بجرائم الفساد ،فأجاز للسلطات الوطنية أن تمد السلطات األجنبية بالمعلومات
المالية المفيدة المتوفرة لديها ،وذلك في إطار التحقيقات الجارية في إقليمها ،وهذا التخاذ اإلجراءات
المناسبة السترجاع العائدات اإلجرامية ،وقد ألزم المشرع الجزائري الموظفين العموميين الذين لهم
()1
أنظر المادة .52المرسوم الرئاسي رقم .128-04يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد.
مصدر سابق.
()2
أنظر المادة .58القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة 58فقرة .3المصدر نفسه.
( )4أنظر المادة .59القانون رقم . .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()5
أنظر المادة .52المرسوم الرئاسي رقم .128-04يتضمن اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد .مصدر سابق.
82
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
مصلحة أو حق أو سلطة في حساب مالي أجنبي ،بالتبليغ للسلطات المعنية عن تلك المصلحة،
وذلك تحت طائلة العقوبات التأديبية دون اإلخالل بالعقوبات الجزائية المقررة(.)1
وقد نظمت اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته ،مجال التعاون في المصارف
والمؤسسات المالية ،والتي نصت من خالل المادة 17منها( ،)2على إلزامية كل دولة طرف في
االتفاقية ،باتخاذ اإلجراءات الالزمة لتفويض محاكمها أو سلطاتها المختصة ،بإصدار أمر
بالمصادرة أو حجز أي وثائق مصرفية أو مالية أو تجارية ،وذلك لتنفيذ أحكام االتفاقية ،مع
مراعات عدم استخدام المعلومات في أي غرض من اإلجراءات القانونية ،إال بموافقة الدولة
الطرف.
من المتفق عليه أن من بين أهم العوامل التي ت ّعوق تنفيذ األحكام الصادرة في جرائم الفساد
الدول ومن تعقيد
تطور هائل في وسائل االنتقال بين ّ عموما ،واالختالس خصوص ،ما يط أر من ّ
للنظم المالية العالمية ،مما سهل إلى حد كبير في إفالت المحكوم عليهم عن طريق منافذ غير
مشروعة ،مع تهريب عائدات الجرائم إلى الخارج ،مما أدى إلى اتساع رقعة هروب األشخاص
واألموال إلى الخارج ،وقد نتج عن هذا االتساع من تحول هذه الظاهرة من هاجس وطني إلى
قضية عالمية(.)3
وتماشيا مع ذلك سعى المشرع من خالل نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،والذي
جسد األحكام والمبادئ المنصوص عليها في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،السترداد
الموجودات عن طريق تفعيل مختلف أليات التعاون القضائي ،السيما منها الدولي السترجاع
ومصادرة العائدات اإلجرامية.
ولردع مرتكبي جرائم االختالس عبر الدول ،نص المشرع الجزائري وكغيره من التشريعات
على جملة من األحكام التي تخص التعاون القضائي بين الدول من خالل المادة 57قانون الوقاية
من الفساد ومكافحته( ،)4م ارعيا بذلك مبدأ المعاملة بالمثل ،ومحترما لمختلف األطر القانونية الدولية
()1
أنظر المادة .62القانون رقم . .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()2
أنظر المادة .17المرسوم الرئاسي رقم 137-06مؤرخ في 10أفريل .2006يتضمن التصديق على اتفاقية االتحاد
اإلفريقي لمنع الفساد و مكافحته ،المعتمدة بمابوتو في 11جويلية .2003جريدة رسمية .عدد .24صادرة في 16أفريل
.2006ص .4
()3
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .138
()4
أنظر المادة .57القانون رقم .01-06المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .مصدر سابق.
83
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
من معاهدات واتفاقيات و قوانين ،فنص على وجوب إقامة عالقات تعاون قضائي على أوسع
نطاق ممكن ،خاصة مع الدول األطراف في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،وذلك في مجال
التحريات ،والمتابعة ،واإلجراءات القضائية ،المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في قانون الوقاية
من الفساد ومكافحته.
وقد نصت المادة 43فقرة 1من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد( ،)1التي جاءت تحت
عنوان التعاون الدولي على" تتعاون الدول األطراف في المسائل الجنائية ،وفقا للمواد 56 ،44
من هذه االتفاقية ،و تنظر الدول األطراف ،حيثما كان ذلك مناسبا ومتسقا مع نظامها القانوني
الداخلي ،في مساعدة بعضها البعض ،في التحقيقات و اإلجراءات الخاصة بالمسائل المدنية
واإلدارية ذات الصلة بالفساد.".
وبمصادقة الجزائر على اتفاقية االتحاد اإلفريقي لمنع الفساد ومكافحته ،حيث تنص من
خالل المادة 18منها ،على جملة من االلت ازمات التي تدخل في إطار التعاون والمساعدة القانونية
المتبادلة ،ثم تلتها المادة ،19التي نصت هي األخرى على التعاون الدولي ،والتي تصب جميعها
في إطار التعاون القضائي ،على ردع مرتكبي جرائم الفساد.
واحتراما لمبدأ المعاملة بالمثل ،نصت المادة 62من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته،
على أن االختصاص القضائي ،يعود إلى الجهات القضائية الجزائرية للفصل في الدعاوى المدنية
المرفوعة من طرف الدول األعضاء في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،من أجل االعتراف
بحق ملكيتها للممتلكات المتحصل علها من أعمال الفساد ،كذلك يمكن للجهات القضائية النظر في
الدعاوى المرفوعة أمامها أن تلزم األشخاص المحكوم عليهم بسبب الفساد ،بدفع تعويض مدني
للدولة المطالبة به ،على الضرر الذي لحقها(.)2
إن مكافحة الفساد ال يمكن أن تتم بجميع متطلباتها إال بتزويد القضاء بسلطات خاصة ،هذه
األخيرة تمكنه من معاقبة مرتكبي تلك الجرائم ،خصوصا من خالل مصادرة محل الجريمة ،وتمكين
الطرف المتضرر من استرداده ،فالطرف المتضرر من هذه الجرائم غالبا ما يكون دولة من الدول،
لذلك تشكل إجراءات الحجز والمصادرة واالسترداد ،عائقا كبي ار من ناحية مسائل االختصاص،
()1
أنظر المادة 43فقرة .1المرسوم الرئاسي رقم .128-04يتضمن التصديق بتحفظ على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة
الفساد .مصدر سابق.
()2
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .139
84
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
والحصانات بأنواعها وكيفية التصرف في األموال المصادرة وصعوبة التعرف على مالكيها
الشرعيين(.)1
فقد نص المشرع الجزائري من خالل المادة 62من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،على
أنه يمكن ألي دولة طرف في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد ،برفع دعوى مدنية من أجل
استصدار حكم يعترف بملكيتها لألموال المتحصلة من إحدى جرائم الفساد على غرار جريمة
اختالس األموال العمومية ،كما يمكنها المطالبة أمام نفس الجهات القضائية ،إلزام األشخاص
المحكوم عليهم بدفع تعويض مدني عما لحقها من ضرر(.)2
كذلك تنص المادة 63من نفس القانون ،السيما في فقرتيها ( 2و ،)3على أنه يمكن لقسم
الجنح أثناء نظره في إحدى جرائم الفساد ،أن يأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ األجنبي ،والتي
تم اكتسابها عن طريق إحدى جرائم الفساد ،أو الممتلكات المستخدمة في ارتكابها ،بل وأكثر من
ذلك يمكن لقسم الجنح األمر بهذه المصادرة حتى لو استدعت اإلدانة ألي سبب من األسباب
كانقضاء الدعوى العمومية أو البراءة(.)3
وباعتبار أن المصادرة هي عبارة عن عقوبة تكميلية طبقا للمادة 09من قانون العقوبات
الجزائري( ،)4أي هي عقوبة تضاف إلى العقوبات التكميلية( ،)5والتي عرفها المشرع في المادة 15
من قانون العقوبات الجزائري بأنها" المصادرة هي األيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة
من أموال معينة ،أو ما يعادل قيمتها عند االنقضاء ،)6("...فيقع التساؤل حول طبيعة هذه
المصادرة رغم النطق بانقضاء الدعوى العمومية أو بالبراءة ،كما يجب اإلشارة إلى أن المشرع سمح
بنفاذ األحكام القضائية األجنبية على التراب الوطني التي أمرت بالمصادرة ،شريطة استيفاء أحكام
()7
وهذا تطبيقا للمادة 63فقرة1 ، المادتين 605و 606من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية
قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.
()1
مليكة بكوش .مرجع سابق .ص .142
()2
أنظر المادة .62القانون رقم .01-06يتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته .معدل و متمم .مصدر سابق.
()3
أنظر المادة 63فقرة 2و .3المصدر نفسه.
()4
أنظر المادة .09األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .مصدر سابق.
()5
أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص .325
()6
أنظر المادة .15األمر رقم .156-66المتضمن قانون العقوبات .مصدر سابق.
()7
أنظر المادتين 605و .606القانون رقم .09-08المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية .معدل و متمم.
مصدر سابق.
85
الحماية اإلجرائيــــــة للمال العام من جريمة االختالس الفصل الثاني:
86
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
ونستخلص من دراستنا هاته ،إلى أن الظاهرة اإلجرامية في تطور متسارع مصاحب لذلك
الموجود على المستوى العلمي والتكنولوجي ،ولعل أبرز مكامن الخطر أن الظاهرة اإلجرامية
المتعلقة باختالس المال العام أصبحت ذات بعد دولي وعالمي نتاج ما أفرزته العولمة.
تمكنا من الوصول اليه من نتائج بعد استقراء أهم ما جاء به المشرع الجزائري،
ولعل أهم ما ّ
فيما يتعلق بجريمة اختالس األموال العمومية ،وكذا ما توصلت اليه الجهود في مجال حماية المال
العام ،تتمثل فيما يلي:
-1االختالس هو السلوك المادي الذي نصت عليه المادة 29من قانون الوقاية من الفساد و
مكافحته تحت عنوان "اختالس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير
شرعي" ،والذي يعتبر من بين أهم الجرائم التي حظيت باهتمام المشرع الجزائري ،لما له من
انعكاسات خطيرة على الدولة و المجتمع.
-2تتميز جريمة اختالس األموال العمومية عن باقي الجرائم المشابهة لها في خصوصيتها،
واستقاللية القانون الذي نص عليها.
-3المال العام هو المال المرصود للنفع العام ،أي المخصص لتمكين المرفق العام من القيام
بدوره في إشباع الحاجيات العامة للمجتمع ،أو توفير خدمة عامة ،أو تحقيق إيراد للدولة ،سواء كان
هذا المال منقوال أو غير منقول.
-4كما أولى المشرع الجزائري في اطار التدابير الوقائية الموضوعية لحماية المال العام من
جريمة االختالس أهمية كبيرة فيما يتعلق بالعنصر البشري ،الذي يعتبر الركيزة األساسية المكملة
لعنصر المال العام.
-5تعتمد الدولة على الموظف العمومي في إدارة مرافقها وتحقيق أهدافها ،و يتجلى ذلك من
خالل توسيع المشرع لمفهومه بالمقارنة مع مفهومه في القانون اإلداري.
-6يشترط المشرع لقيام جريمة اختالس المال العام ،أن يقوم الموظف العمومي بجملة من
المجرمة على غرار التبديد العمدي ،أو االختالس ،أو اإلتالف ،أو االحتجاز بدون وجه
ّ السلوكيات
حق ،أو االستعمال على نحو غير شرعي ،لممتلكات الدولة ،و هي الصور المستحدثة بموجب
قانون الوقاية من الفساد و مكافحته ،التي و ّسعت من مفهوم االختالس ،ليشمل جميع التصرفات
التي قد تصدر عنه بمقتضى وظيفته أو بسببها.
-7كما تضمنت جريمة اختالس األموال العمومية ،جملة من العقوبات الردعية ،التي خصها
المشرع بأحكام إجرائية استثنائية عما هو مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية.
88
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
-8وما يميز قانون الوقاية من الفساد ومكافحته انتهاجه لسياسة التجنيح ،باإلضافة إلى
تكريسه للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في حالة ارتكابه لجريمة اختالس األموال العمومية.
-9كما أعطى المشرع الجزائري لنظام التقادم أهمية كبيرة ،و ذلك إلحكام القبضة على مرتكبي
هذه الجريمة ،وعدم إفالتهم من المسائلة والعقاب.
إال أنه يجب التنويه إلى صعوبة إيجاد النظام القانوني المناسب لكيفية الردع ،وذلك بالنظر
لخصوصية الظاهرة اإلنسانية التي ال يمكن قياسها بالعلوم الدقيقة ،فكل شيء نسبي ،ومع هذا
استمرت جهود الدولة في الجانب اإلجرائي إلى تطبيق حماية جزائية لألموال العمومية من جريمة
االختالس ،و يمكن تحديد أهم ما توصلت اليه في هذا المجال فيما يلي:
-1أنشأ المشرع الجزائري مجلس المحاسبة ،الذي ي ّعد الجهة الرئيسية لمراقبة و استعمال و
تسير األموال العمومية ،و الذي أحال اليه وفق المادة 10من قانون الوقاية من الفساد و
مكافحته ،مهمة اتخاذ التدابير الالزمة لتعزيز الشفافية و المسؤولية و العقالنية لتسير األموال
العمومية.
-2ومن بين أهم األجهزة الوقائية التي أنشأها المشرع الجزائري الهيئة الوطنية للوقاية من
الفساد و مكافحته ،و التي تعود أهميتها إلى المهام المنوطة بها ،بكونها مرك از لجمع المعلومات
واستغاللها ،مما يساهم بشكل كبير في الكشف عن جرائم الفساد.
-3كما تم تعزيز عمل أجهزة الكشف التقليدية و المستحدثة ،بجهاز قمع و ردع لجرائم الفساد
يدعى بالديوان المركزي لقمع الفساد ،الذي ي ّكلف بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد بصفة
عامة وجريمة اختالس األموال العمومية بصفة خاصة ،هذا األخير الذي يستعين في مهامه بضباط
الشرطة القضائية ،الذين يمتد اختصاصهم إلى كافة اإلقليم الوطني.
-4كما ألزم المشرع الجزائري الموظف العمومي بمجموعة من الواجبات أهمها التصريح
بالممتلكات لكشف أية زيادة في الذمة المالية له ،و التي قد تكون مرتبطة بجريمة اختالس المال
العام ،و ذلك دون المساس بالمبادئ التي يقوم عليها التوظيف من شفافية وجدارة وكفاءة.
خص المشرع الجزائري جريمة اختالس المال العام بأحكام إجرائية استثنائية عما هو
-5كما ّ
مؤلوف بالنسبة للجرائم العادية ،تدعى بأساليب البحث و التحري الخاصة ،والتي تتمثل في
االختراق أو التسرب ،والترصد اإللكتروني ،باإلضافة إلى التسليم المراقب.
89
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
-6كما أخضع المشرع جريمة اختالس األموال العمومية إلى المحاكم ذات االختصاص
الموسع ،أو ما يعرف باألقطاب الجزائية المتخصصة ،التي لم تكن خاضعة الختصاص تلك
األقطاب قبل صدور األمر رقم 05-10المتمم لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته.
-7أما على الصعيد الدولي ،أولى المشرع أهمية بالغة للتعاون القضائي والدولي ،الذي ّوسع
من نطاقه مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل ،وفي حدود ما تسمح به االتفاقيات والقوانين ،رغبة منه
في مالحقة الجناة أينما حلوا ،مع تركيزه على مصادرة واسترجاع الممتلكات المتأتية من جريمة
اختالس المال العام.
عدة نتائج
ومما سبق دراسته في موضوع جريمة اختالس األموال العمومية ،توصلنا إلى ّ
وتوصيات أهمها:
-1يستلزم للوقاية ومكافحة جريمة اختالس األموال العمومية ،الكثير من اليقظة والتجنيد،
طالما أن األمر يتعلق بالمصلحة العامة ،وذلك من خالل إشراك جميع الفاعلين في المجتمع سواء
كانوا قانونيين ،أو علماء نفس أو علماء اجتماع أو أئمة ،في إشارة إلبراز القيم الدينية في محاربة
ظاهرة االختالس.
-2كما يمكن القول بأن النظام الموضوعي لحماية المال العام من جريمة االختالس ،يستدعي
الكثير من التدقيق ،و ذلك من خالل تدقيق المصطلحات ،و توحيد التشريع بجعله رادعا ،مع
تفادي تناقض النصوص القانونية ،مثال ذلك تلك التي توجد بقانون النقد والقرض ،و قانون الوقاية
من الفساد ومكافحته ،فأي تشريع نطبق؟
-3كما ننوه في النسق نفسه إلى اعتماد نظام قضائي متخصص في الجريمة االقتصادية،
السيما ما تعلق بالنظام العام ،فهناك بعض الدول من فكرت في استحداث جهاز قضائي مستقل
عن جهاز القضاء العادي ،مهمته مكافحة الفساد ،و ذلك من خالل تكوين قضاة وضباط شرطة
قضائية وأعوان هيئات الرقابة ،بشكل متخصص في هذا النوع من الجرائم ،واستحداث نيابة
اقتصادية منفصلة تماما عن النيابة العمومية.
-4أما ما تعلق بالنظام اإلجرائي في حماية المال العام من جريمة االختالس ،فإننا نرى بأن
الترسانة القانونية في هذا الشأن جد وافية وكافية ،التي تستوجب التطبيق فقط ،إال أنه تجدر اإلشارة
إلى القول بأن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،عالج مسائل إجرائية ،كانت يجب أن يتطرق لها
قانون اإلجراءات الجزائية ،مثال ذلك إحالة جرائم الفساد إلى المحاكم واسعة النطاق ،بغية تفادي
الغوص في النصوص التشريعية.
-5إن تحقيق نتائج إيجابية في محاربة جرائم الفساد ،تستدعي بكل حزم وصرامة من الدولة
على احترام تشريعها األساسي وهو الدستور ،من خالل تجسيد أهم مبدأ وهو الفصل بين السلطات،
90
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
وذلك بجعل الجهاز القضائي مستقال و بعيدا عن كل الممارسات والضغوطات ،والتي من شأنها أن
تعرقل حسن سيره.
-6كما ننوه بنقص الدراسات في هذا المجال ،وغياب الفقه إلعطاء حلول واستخالص مكامن
النقص ،وانشاء مراكز بحوث متخصصة للحد من الظاهرة ،وتجسيد اإلرادة السياسية للسلطات
العمومية على محاربة الفساد ومسبباته ،و تهيئة معنويات المجتمع وفق حمالت تحسيسية بخطورة
الظاهرة على أمن وسالمة الجميع.
91
ملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخص
(ملخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــص)
تعتمد الدولة لممارسة وظائفها وتحقيق أهدافها المسطرة على عنصرين رئيسيين هما الموظف
العمومي واألموال العمومية ،هذا األخير الذي يحظى باهتمامات كبيرة ترتبط بالدور الذي يقوم به
في تحقيق المصلحة العامة ،ومن هنا كان لزاما على المشرع الجزائري إحاطته بقواعد قانونية
تضمن حمايته بشكل عام من جرائم الفساد وجريمة االختالس على وجه الخصوص ،وعليه فقد
وضع المشرع مجموعة من القواعد الموضوعية واإلجرائية من خالل القانون رقم 01-06المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل و المتمم.
وانطالقا مما سبق تهدف هذه الدراسة لمعرفة مدى نجاح آليات توفير حماية للمال العام من
جريمة االختالس ،هذه األخيرة التي تقع عليه من طرف الموظف العمومي حسب ما جاءت به
المادة 29من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته المعدل والمتمم ،و لتحقيق أهداف البحث،
تضمنت الدراسة فصلين:
الفصل األول تناول تحليل اآلليات الموضوعية لحماية المال العام من جريمة االختالس.
الفصل الثاني تناول تحليل اآلليات اإلج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرائية لحماية المال العام من جريمة االختالس.
وانتهت الدراسة باإلجابة عن اإلشكالية التي كانت الهدف األساسي من الدراسة ،بحيث تم
التوصل إلى معرفة الحماية الجزائية للمال العام من جريمة االختالس ،التي أقرها المشرع الجزائري
اء في التدابير الموضوعية التي جرمت فعل من خالل قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،سو ً
اختالس األموال العمومية من خالل جميع صورها المستحدثة ،ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة الذين
يحملون صفة خاصة ومميزة هي صفة الموظف العمومي أو من في حكمه ،الذين عهدت اليهم
األموال العمومية بحكم وضيفتهم أو بسببها.
أما في الشق اإلجرائي أناط المشرع بالجهاز التقليدي والذي يعرف بمجلس المحاسبة،
باإلضافة إلى الجهاز المستحدث الذي يعرف بالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،مهمة
الرقابة والوقاية من جميع التصرفات التي تمس بالمال العام ،باإلضافة إلى الجهاز الردعي الذي
يعرف بالديوان المركزي لقمع الفساد ،كذلك خص المشرع تدابير لمتابعة جريمة اختالس األموال
العمومية على الصعيدين المحلي والدولي.
93
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
الدســــــــــــــــــــــــــــاتيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر -3
أمر رقم 97-76مؤرخ 22نوفمبر.1976
جريدة رسمية .عدد.94صادرة
يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية دستور 1976
في24نوفمبر.1976ص.1292
الديموقراطية الشعبية.
جريدة رسمية .عدد.9صادرة في مرسوم رئاسي رقم 18-89مؤرخ 28فيفري
دستور 1989
01مارس .1989ص .234 .1989يتضمن نص تعديــــــــــل الدستور.
مرسوم رئاسي رقم 438-96مؤرخ في 07
جريدة رسمية .عدد .76صادرة
ديسمبر .1996يتعلق بإصدار نص تعديل دستور 1996
في 08ديسمبر .1996ص.6
الدستور.
جريدة رسمية.عدد .14صادرة قانون رقم 01-16مؤرخ في 6مارس .2016
التعديل الدستوري 2016
في 07مارس .2016ص.8 يتضمن التعديــل الدستـــــــــــــــــــــــــــــوري.
95
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
96
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
97
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
98
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
99
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
100
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
101
فهـــــــــرس المصادر و المراجع
102
فهــرس المصطلحــات المعرفــة
103
فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات
104
فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات
105
فهــــــــــــــــــــرس الموضوعــــــــــات
106