‫شارك‪ 

‬المقال‪ ‬غرّد‪ ‬المقال‬
‫تعريف مفهوم السرقة‬
‫ال تقتصر السرقة على اخذ األموال من االخرين دون اذنهم وعلمهم ورضاهم‪ ،‬بل تتعدى الى جميع‬
‫األشياء المادية‪ ،‬والسرقة هي تعدي واضح على ملكية وحقوق االخرين‪ ،‬وال يمكن ان نحصر األثر‬
‫بالخسارة المادية‪ ،‬الن االنسان معرض للخسائر المادية في حياته اليومية‪ ،‬ولكن السرقة لها مؤثر سلبي‬
‫أكبر على المجتمع‪.‬‬

‫تأثير ونتائج السرقة‬

‫تأثير ونتائج السرقة على الفرد (الفرد الذي تمت سرقته)‬

‫عندما يسرق أحدهم نقود غيره فانه ال يلحق بالمسروق منه الخسارة المادية فقط‪ ،‬بل يشعره بعدم الطمأنينة‬
‫وايضاً‪ Q‬يشعره باإلحباط‪ ،‬فهذه األموال المسروقة لم تأتي بطبيعة الحال من العدم‪ ،‬بل جاءت من كد وتعب‬
‫وعمل شاق قد استغرقه اياما ً متحمالً بعد الطريق‪ Q‬ومشاكل السفر وتغيرات‪ Q‬الجو والمناخ بحره وبرده‪،‬‬
‫وبعد ذلك يذهب كل هذا الجهد ادراج الرياح من خالل السرقة‪.‬‬

‫تأثير ونتائج السرقة على المجتمع‬

‫اذاً يمكن القول بان السرقة خطر على المجتمع لكونها ستسبب الفوضى على المستوى‪ Q‬االجتماعي‬
‫واالقتصادي‪ Q،‬وتؤدي بعد ذلك الى تكوين افرازات جديدة شبيهة بالسرقة اال انها اسوء منها‪ ،‬كالسطو‬
‫المسلح وقطع‪ Q‬الطريق واخذ األموال غصبا ً وغيرها من االفرازات التي ال يحمد عقباها‪ ،‬ولذلك كان من‬
‫الضروري السيطرة على هذه الجريمة كونها‪ Q‬االب لمجموعة اكبر من الجرائم األكثر ضرراً منها‪ ،‬ولهذا‬
‫كانت عقوبة السرقة في اإلسالم هي قطع يد السارق‪ ،‬وهذه العقوبة مع شدتها اال انها ستضع حداً للسارق‬
‫نفسه وعبرةً لغيره من التورط‪ Q‬في مثل هذه الجريمة‪ ،‬وبذلك فان باقي الجرائم االخطر من السرقة سوف‬
‫تتالشى امام هذه العقوبة‪.‬‬

‫أسباب السرقة‬
‫ولكي نستطيع اإلجابة كان ال بد لنا من معرفة األسباب التي تدعو االنسان الى السرقة‪ ،‬وهي بشكل‬
‫أساسي مقسومة الى قسمين رئيسيين وهما‪:‬‬
‫اوالً‪ :‬السرقة من وازع حب الدنيا‪ ،‬فالسارق‪ Q‬يحب ان يعيش كالطفيليات ويقتات من تعب غيره‪ ،‬وهذه‬
‫الحالة احيانا ً ال تخلو من حب اللعب والسرقة بدافع االضرار باآلخرين او التباهي امام العصابة التي ينتمي‬
‫اليها هذا السارق‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬السرقة بدافع الحاجة‪ ،‬حيث الفقر ال يترك لإلنسان أي عقل او منطق‪ ،‬والمعدة الجائعة وصراخ‬
‫األبناء والحاجة والعدم تذهب كالخمرة بالعقل وال يبقى سوى محاولة البقاء والتمسك بالحياة بالسرقة او‬
‫بغيرها من الجرائم‪.‬‬
‫متى يمكن تطبيق حد قصاص على اللص السارق؟‬
‫السبب األول بال شك فانه مشمول بتطبيق‪ Q‬القصاص‪ ،‬وقطع اليد هو الرادع لعدم تكرار الفعل‪ ،‬ولكن عندما‬
‫تكون السرقة للسبب الثاني فان المقصر والمجرم لم يعد السارق‪ ،‬بل المجتمع‪ ،‬فكيف وصل بهذا االنسان‬
‫الحال ليصبح مجرما ً وسارقا ً بعد ان أصبح جائعا ً ومشرداً ومحروماً؟‬
 ‫السبب في تدهور‪ Q‬أحوال االنسان االقتصادية هو عدم تطبيق االحكام اإلسالمية األخرى والتي تؤمن‬
‫لإلنسان العيش الكريم في المجتمع‪ ،‬فلو ان المجتمع طبق النظام‪ Q‬االقتصادي‪ Q‬اإلسالمي وجعل األموال‬
‫تتداول بين المجتمع من خالل الزكاة والخمس‪ ،‬لما لجأ أحد الى السرقة بسبب الحاجة‪ ،‬فاألحكام‪ Q‬اإلسالمية‬
‫مترابطة بعضها مع بعض‪ ،‬واألولى‪ Q‬ان تطبق في المجتمع القوانين التي توفر الكرامة لإلنسان داخل‬
‫مجتمعه حيث يتوفر‪ Q‬له المأكل والمشرب‪ Q‬واللباس والسكن والتعليم والعمل‪ ،‬وبعد ذلك نأتي الى تطبيق‬
‫القصاص الخاص بالسرقة‪.‬‬

‫أسباب تعطيل حد السرقة‬

‫وبما ان المجتمع اإلسالمي ترك األمور‪ Q‬األساسية‪ ،‬وأصبحت األموال محتكرة عند التجار والحكام‪ Q‬وغيرهم‬
‫من المنتفعين‪ ،‬وظهرت الفجوة في الطبقات االجتماعية‪ ،‬حيث الصورة التي نراها من أناس ال يجدون ما‬
‫يأكلون‪ ،‬واناس اخرين ترمى بقايا موائدهم‪ Q‬التي يجتمع فيها ما لذ وطاب من الطعام اما في القمامة او‬
‫للحيوانات‪ ،‬فكان البد من تعطيل هذا الحكم الشرعي في قطع يد السارق‪ ،‬ومع ذلك فانه ال يعني تركه دون‬
‫قصاص‪ ،‬بل أصبح القصاص هو السجن وحسب نوع السرقة وبشاعتها‪ Q.‬وهذا القصاص هو من االحكام‬
‫الوضعية التي اختارها االنسان والتي أسس عليها النظام‪ ،‬حيث تجد ان كل الدول قد شرعت عقوبة ضد‬
‫السراق واعتبرت السرقة جريمة يحاسب عليها القانون‪ ،‬وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على خطر هذه‬
‫الجريمة التي ال يوجد مجتمع سوي يتقبلها او يشجع عليها‪.‬‬

‫ما هو الفرق بين الحرامي الغني المكتفي و الحرامي الفقير المحتاج؟‬

‫وما يؤسف‪ Q‬حقا ً ان نجد من يتهم اإلسالم بالوحشية بسبب هذا القصاص‪ ،‬رغم ان فعل السرقة في حال‬
‫الرخاء واالكتفاء هو أكثر وحشية‪ ،‬فماذا نقول لرجال الدولة والحكام‪ Q‬والمرتشين الذين يسرقون‪ Q‬شعوبهم‬
‫ودولهم ومجتمعهم‪ Q،‬ويتلذذون ويتنعمون بأموال غيرهم الذين نال منهم الجوع والقحط‪ ،‬واالسوأ‪ Q‬من كل‬
‫ذلك عندما ترى السارق يرمي بأموالك‪ Q‬في بيوت العهر والفساد‪ ،‬فهل هناك عقوبة غير قطع اليد تكفي‬
‫لردع مثل هؤالء؟ وهل السجن في واقعنا‪ Q‬الحاضر يحقق الهدف في تأديب السارق؟‬

‫وعلى كل حال فان أساس بقاء المجتمع امنا ً هو القصاص من المجرمين والدفاع عن المظلومين‪ ،‬ومن‬
‫غير هذين االمرين فان المجتمع سيصبح غابة يأكل القوي فيها الضعيف‪.‬‬