You are on page 1of 4

‫‪ 2‬ســــــــــــا‬ ‫المــدة‪:‬‬ ‫األستاذ‪:‬‬

‫التاريخ‪:‬ـ‬ ‫درس نظري‪.‬‬ ‫الحصة‪:‬‬


‫‪.02‬آداب وفلسفة‪.‬‬ ‫الشعب‪:‬‬ ‫اإلشكالية الرابعة‪ :‬المذاهب الفلسفية بين الشكل والمضمون‪.‬ـ‬
‫المراجع‪:‬‬ ‫المشكلة الثانية‪ :‬في المذهب البراغماتي والوجودي ‪.‬‬
‫– كتاب النصوص جزء اإلنتاج‪.‬‬ ‫في المذهب البراغماتي والوجودي ‪.‬‬ ‫الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬معاجم فلسفية وتراجم الفالسفة‪.‬‬ ‫شفوي‪ ،‬كتابي‪ ،‬مرحلي‪ ،‬ختامي‪ ،‬ذاتي‪.‬‬ ‫التقويم‪ :‬‬
‫‪ -‬وثائق مكتوبة وصور ذات صلة بموضوع الدرس‪.‬‬ ‫الكفاءة المستهدفة‪:‬‬
‫اختبار إشكالية المذهب وتحليل نسقه و بنيته المنطقية‪.‬‬
‫الكفاءة الكفاءات‬
‫الــــمضــــــاميـــــــــــــنـ الــمـعــرفـــــيةـ‬ ‫الختامية الحورية‬
‫الـجــانـب المنهجي‬ ‫والخاصة‪.‬‬

‫األسئلة التشخيصية لبداية الدرس المكتسبات القبلية المفترضة‪:‬‬


‫‪ .‬والكتابة‪.‬‬ ‫‪ .‬لغوية للتعبير والتواصل‪،‬‬ ‫‪ -‬كفاءات وقدرات‬ ‫الكفاءة الكفاءة‬
‫الختامية المحورية‪ :‬لماذا تأتون كل يوم للمدرسة؟‬
‫‪ -‬كفاءات معرفية تاريخية مرتبطة بالحضارة اليونانية‬
‫القديمة‪ ،‬والحضارة اإلسالمية الوسيطة والحضارة الغربية‬
‫ما الذي يحرك سلوككم؟‬ ‫األولى‪ :‬رابعا‪:‬‬
‫مصلحة‪...‬هدف في الحياة‪....‬؟‬ ‫يسعى اكتساب‬
‫الحديثة والمعاصرة‪.‬‬
‫المتعلم الفهم السليم‬
‫‪ -‬معارف علمية وتاريخية سابقة‪.‬‬ ‫المجال التساؤلي لإلشكالية‬ ‫إلى‬
‫والحوار‬
‫‪ -‬الكفاءات المكتسبة من المشكلة الثانية تاريخ الفلسفة اليونانية‪،‬‬ ‫الرابعة‪:‬‬ ‫التحكم المؤسس‪.‬‬
‫‪.‬فة‬ ‫‪.‬اريخ الفلس‪.‬‬ ‫‪.‬ة)‪ .‬ت‪.‬‬ ‫كيف فهم اإلشكالية القائلة بأنه وتاريخ الفلسفة اإلسالمية (المشكلة الثاني‪.‬‬ ‫في آليات‬
‫األوربية لحديثة‪ ،‬تاريخ الفلسفة المعاصرة‪.‬‬ ‫قد تختلف مضامين المذاهب‬ ‫الفكر‬
‫الكفاءة‬
‫الفلسفية وال تختلف صورها‬ ‫النسقي‪ .‬الخاصة‪:‬‬
‫(‪ )10‬المشكلة الثانية‪ :‬في المذهب البراغماتي والمذهب الوجودي‪:‬‬ ‫‪.‬‬
‫المنطقية التي تؤسسها؟‬
‫ما هو السبيل إلى فهم وجودنا وتحقيقــه‪ ،‬هــل عن طريــق العــودة إلى ذواتنــا‬ ‫‪.15‬‬
‫وفهم ماهيتها‪ ،‬أم عن طريق التوجه نحو الواقع والعمل النافع فيه؟‬ ‫المجال التساؤلي للمشكلة‬ ‫اختبار‬
‫مقدمة‪ :‬طرح المشكلة‪.‬‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫وتقويم‬
‫المفارقة التي تقوم بين الوجودية والبرجماتية تتمثل في الطــرح التــالي‪ :‬مــا‬ ‫المفهوم‪.‬‬
‫هو التوجه الذي يجب أن نبني وجودنا عليه‪ ،‬هل هو نجــاح أفكارنــا بالعمــل‬
‫أي المسعيين نحتاج إليه الداعي في حياتنا العملية‪ ،‬أو بالرجوع إلى ذواتنــا والتحقيــق الحــر للمعــنى الحقيقي‬
‫لماهيتنا؟‬ ‫إلى العمل النافع في الحياة أم‬
‫أوال‪ -‬المــــذهب البراغمــــاتي‪ :‬األســــس الفكريــــة والمنطقيــــة للمــــذهب‬ ‫المسعى الداعي إلى رجوع‬
‫اإلنسان إلى ذاته الباطنية لتحقيق البراغماتي‬
‫ماهيته ومن ثمة تحمله لتبعات نبــدأ اإلجابــة مــع البرجمــاتيين‪ :‬ففي حين تطــور العلم وازدهــر االقتصــاد‬
‫األمريكي‪ ،‬وما عقبه من تنشــيط في الصــناعة‪ ،‬ضــلت الفلســفة متــأخرة عن‬
‫هذا الركب‪ ،‬بسيطرة التيارات المثالية والعقالنية عليها‪ ،‬وحرك هذا الوضع‬
‫كل ما يترتب عن ذلك‪ ،‬من قلق؟‬
‫فالســفة لبنــاء فكــر ينخــرط في المشــاكل اليوميــة للفــرد‪ ،‬فاختــار المــذهب‬
‫وضعية مشكلة‪ :‬حوار الوجودية ص البراغمـــاتي أن يقـــوم على ركـــيزتين أساســـيتين‪ :‬أوال‪ :‬رفض الفلســـفات‬
‫التقليدية المجردة التي ليست في خدمة الحيــاة‪ ،‬وثانيــا‪ :‬تأســيس منهج واقعي‬ ‫‪.224‬‬
‫أو فلسفة عملية‪.‬‬
‫‪ -01‬كيف ولماذا وقع رفض الفلسفات التقليدية المجردة؟‬
‫أ‪ -‬نشوء المذهب‪ :‬نشا المذهب البراغماتي في أمريكا مطلع القرن العشــرين‬
‫على يــد ثالثــة مفكــرين‪ :‬تشــارلز بــيرس(‪ ،)1914-1839‬ووليــام جيمس (‬
‫‪،)1910-1842‬وجون ديــوي (‪ ،)1952-1859‬وقــرروا بحكم عيشــهم في‬
‫مجتمع مصنع‪ ،‬استنكار الفلسفات التأمليــة المجــردة الــتي تجاوزهــا الــزمن‪،‬‬
‫والسعي إلى إقامة فلسفة عصرية‪ ،‬تساير حاجــات النـاس وتقلبـات رغبــاتهم‬
‫اليومية‪ ،‬وهــو منهج يــدعو إلى االنصــراف عن الفكـر للفكــر‪ ،‬والتوجــه إلى‬
‫الفكر من أجل العمل‪ ،‬استجابة لضروريات الحياة الصناعية المتسارعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬ثورته على الفلسفات المجردة‪ :‬رفضــوا األبحــاث والمواضــيع المطلقــة‬
‫‪1‬‬
‫والمجردة‪ ،‬والتأمل الفارغ الذي ال يحقـق منفعــة‪ ،‬وال يعــالج حياتنــا اليوميــة‬
‫ومصالحنا‪.‬‬
‫‪ -02‬ما هي القواعد التي ساعدت على تأسيس فلسفة علمية‬
‫البراجماتيــة أو الذرائعيــة "االداتيــة"ـ النفعية‪Pragmatisme :‬مشــتقة من‬ ‫محاولة حل المشكلة‬
‫الكلمة اليونانية ‪ Pragma‬ومعناهـا األداة أو الوسـيلة‪ .‬وكـان أول من أدخـل‬
‫اللفظ في الفلسفة هو تشارلز ســندرس بــيرس في ‪ .1878‬في مقالــه بعنــوان‬
‫«كيف نجعل أفكارنا واضحة»‪.‬‬
‫هته الفلسفة كتعبير عن ذهنية اإلنسان االنجلوسكسوني وطبيعته النفعية إلى‬
‫أقصى الحدود‪ ،‬وهي ثقافة وعقلية اإلنسان األمــريكي‪ ،‬الــذي يعطي األوليــة‬
‫حوار أفقي مفتوح‬
‫واألسبقية لما هو عملي فعلي إجرائي‪ ،‬أين يصبح الفعل والنشاط هو جوهر‬
‫الوجود‪ ،‬والهدف منه تحقيق المنفعة أينما كانت‪ .‬ظهرت البرجماتية كفلســفة‬
‫تمقت البحث النظـــري العقيم الـــذي يركـــز على كنـــه األشـــياء وماهيتهـــا‪،‬‬
‫وظهرت كردة فعل لموجات الفلسفة المثالية التي حملها المهاجرون األلمان‬
‫إلى العالم وأمريكا‪ ،‬وأخذت تركــز على نتــائج األعمــال وعواقبهــا‪ ،‬لتحقيــق‬
‫أغــراض نفعيــة في عالمنــا الــواقعي(الخــروج من نطــاق الفكــر إلى نطــاق‬
‫العمل)‪.‬‬
‫أ‪ -‬العبرة بالنتائج الناجحة‪:‬‬
‫يــرى شــارل ســندرس بــيرس أن اآلثــار الفعليــة التطبيقيــة اإلجرائيــة هي‬
‫المعيار على صدق أفكارنــا يقــول‪« :‬إن المعيــار الوحيــد الــذي يحكم صــدق‬
‫أفعالنا هو قيمة الفعل وفائدته‪،‬ـ فــإذا لم تكن لــه فائــدة‪ ،‬وال بــدون معــنى فإنــه‬
‫خاطئ »‪ ،‬فكرة مفيدة ونافعة ولها نتائج تطبيقية ناجحة‪ ،‬فالذرائعيون يقبلون‬
‫أي فكرة إذا كانت لها منافع عملية مثال‪ :‬قبولهم للدين وفكرة هللا ألنهــا تزيــد‬ ‫أسئلة‬
‫من حماس الجندي األمريكي في حروبه‪.‬‬
‫ب‪ -‬الصدق صدق ألنه نافع‪ :‬يعرف الصدق في الفلسفة البراغماتيــة «بأنهــا‬
‫كل قضية ناجحة وفعالة»‪ ،‬أين يتالزم الفكر والفعــل – النظــري والتطــبيق‪،‬‬ ‫المؤشر‬
‫« وهذا يعني أن الفكرة صادقة إذا قدمت لنا نتائج عملية نفعيــة‪ ،‬وكاذبــة إذا‬ ‫‪X‬‬ ‫أجاب عن السؤال‬
‫حــدث العكس‪ ،‬إن البرجماتيــة ال تــؤمن إال بالقضــية الناجحــة في الواقــع»‪،‬‬
‫واإلنسان البرجماتي ال هم لــه إال تحقيــق مصــلحته‪ ،‬أين يعيش حيــاة حســية‬ ‫أغلبية التالميذ‬
‫سعيدة ومتكاملة ماديا ومعنويا‪ ،‬فالصدق منبعه نجاح الفكرة(المشروع)‪ .‬أما‬
‫عالم النفس التجريبي "وليام جيمس" فــيرى أن صــدقية األفكــار تنطلــق من‬ ‫البعض‬
‫القيمــة الفوريــة" ‪ ،"cash value‬ويقــول‪ « :‬إن الفكــرة كورقــة النقــد تظــل‬
‫صالحة للتعامل إلى أن يعترضها معترض(الزمن) ويثبت زيفها وبطالنهــا‪.‬‬ ‫قلة منهم‬
‫و تســتمر صــدقيتها مــا دامت ســارية المفعــول فنحقــق بهــا مــا نريــد من‬
‫أغراض»‪.‬‬
‫أخــيرا‪ :‬إن الفلســفة البرجماتيــة يشــاهدها اإلنســان المعاصــر‪ ،‬ويعيشــها من‬
‫خالل السياسة األمريكية واالقتصاد األمريكي‪ ،‬ومعناها أن ال مجــال للفكــر‬ ‫الكفاءة‬
‫عرض وضعية مشكلة‬
‫التأملي‪ ،‬إن المجال الوحيد للحقيقة هو الحقيقة النفعية الملموسة‪ « ،‬ال يوجــد‬ ‫الخاصة‪:‬‬
‫صداقة دائمة وال عداوة دائمة‪ ،‬هناك مصالح دائمة»‪.‬‬ ‫طبيعة اإلجابات‬
‫‪.16‬‬
‫ثانيا‪ :‬المذهب الوجودي‪ :‬األسس الفكرية والمنطقية للمذهب الوجودي‬ ‫إدراك‬
‫خــروج أوربــا من حــربين عــالميتين‪،‬ـ رأت فيهمــا ويالت الــدمار المآســي‬ ‫إشكالية‬
‫والمجازر (‪50‬مليون قتيل)‪ ،‬دفع اإلنسان إلى التفكير في نتائج العلم والتأمل‬ ‫المذهب‬
‫في الطبيعة البشرية‪ ،‬ثم الحــرب البــاردة وتوقــف مصــير العــالم على فوهــة‬ ‫ومنطقه‬
‫الــدمار النــووي‪ ،‬كــل هــذا دفــع إلى حالــة من أال يقين‪ ،‬التشــاؤم من الواقــع‪،‬‬ ‫ونسقه‬
‫وضــبابية المســتقبل‪ ،‬وكــان على الوجوديــة التعبــير عن وجــود اإلنســان‬
‫ومحتوىـ‬
‫ومصيره المأزوم‪ ،‬فما هي التصورات التي تقدمها؟‬
‫‪ -01‬التفريق بين وجود األشياء والوجود اإلنساني‬ ‫أطروحته‬
‫فرق الوجوديون بين نوعين من الوجود ‪ -01‬ـ الوجــود في ذاته‪ :‬ويقصــدون‬ ‫واستثمارـ‬
‫به عالم األشياء‪ ،‬وهــو الموضــوع الــذي انصــرفت إليــه الفلســفة والعلم منــذ‬ ‫ذلك في‬
‫القديم‪ ،‬تحكمه قوانين صارمة‪-02 ،‬ـ الوجود لذاته‪ :‬وهو الوجــود اإلنســاني‪،‬‬ ‫محاولة‬
‫ويتصف باالمتالء والعمق‪ ،‬وهو الوجود األصيل‪ ،‬يقول جون بول ســارتر‪:‬‬ ‫تحرير‬
‫« إن األشجار واألحجار هي مجرد كائنات‪ ،‬وأن اإلنسان في هذا العالم هو‬
‫المقاالت ‪.‬‬
‫وحده الذي يوجد "لذاته" أي يمتلك وجدانه»‪ ،‬وعليه فإن الوجــوديين يــرون‬
‫بــأن وجــود اإلنســان هــو المشــكلة األساســية والجوهريــة‪ ،‬ويجب تخلص‬
‫‪2‬‬
‫الفلسفة من كل تفكــير مجــرد وميتــافيزيقي وفكــر تــأملي‪ ،‬واالنصــراف إلى‬
‫البحث فيه‪.‬‬
‫‪ -02‬أليس بإمكان اإلنسان التمرد عن نظام األشياء؟‬
‫من المعروف أن الوجودية تعتبر ثورة عنيفة ضد الفلسفات القديمة وخاصة‬
‫منهــا الحركــة العقليــة والمثاليــة الــتي بــدأت في عهــد ديكــارت وانتهت مــع‬
‫هيجل‪ ،‬ألن هذه الفلسفات لم تهتم باإلنسان الواقعي المشخص‪ ،‬فاإلنسـان في‬
‫الحقيقة وكما يقول كيكيجارد فرد فريد ال يمكن أن يتكرر‪ ،‬وال يوضع تحت‬
‫معــنى أعم‪ ،‬فالــدرس الوحيــد الــذي يصــلح أن يكــون موضــوع الفلســفة هــو‬
‫المعيش اليــومي الفــردي المتعين‪،‬ـ عكس العلم والمجتمــع الصــناعي الــذي‬
‫حول اإلنسان إلى مجــرد رقم وشــيء مثــل كــل األشــياء‪ ،‬لهــذا يجب التمــرد‬
‫على هذا االعتقاد‪ ،‬والتمرد على عالم األشــياء ونظامهــا المــادي‪ ،‬ألن ثمــرة‬
‫البرتقال مصيرها حتمي لن تكون تفاحا‪ ،‬في حين أن اإلنسان يســتطيع بنــاء‬
‫مستقبله ومصيره بحرية وتحديد الطريقة التي يحيا بها‬
‫يقول سارتر‪ « :‬الوجود يسبق الماهية»‪ ،‬ويقصــد أن اإلنســان يوجــد أوال ثم‬
‫يصنع من وجوده مشروعا يشكله كيفما شاء‪ ،‬فاإلنسان يضـفي على وجـوده‬
‫معنى ومغزى‪ ،‬بتقرير مصيره‪ ،‬وما يريد أن يكون عليه‪.‬‬
‫‪ -03‬هــل معرفــة الحقيقــة تــأتي من عــالم األشــياء أو من العــالم الــداخلي‬
‫الكفاءة‬
‫لإلنسان ؟‬
‫إذا كان الكوجيتو الديكارتي اعتبر الوجود واضح ويقيني‪ ،‬وصرف الفلســفة‬ ‫الخاصة‪:‬‬
‫إلى دراســة اإلنســان المجــرد‪ ،‬فــإن الوجوديــة اعتــبرت الوجــود غامضــا‬ ‫‪.17‬‬
‫وملغزا‪ ،‬وصرفت الفلسـفة لالهتمـام بـالوجود المشـخص الفـردي‪ ،‬وجـوهر‬ ‫كفاءة‬
‫هذا الوجــود هي الحريــة‪ ،‬وهــذا العــالم الــداخلي هـو منبــع الحقيقــة واألحــق‬ ‫تفكيك‬
‫بالدراسة واالهتمام‪.‬‬ ‫المركب و‬
‫وإذا كان هيجل قد جعل الكلي هو الحقيقة والحقيقة هي الكلي بتطابق العقــل‬
‫تحليل‬
‫مع الواقع‪ ،‬فإن كيكيجارد جعل الوجود ذاتي‪ ،‬وأصال لكل بحث ولكل فلسفة‬
‫قال في يومياتــه‪ « :‬كــان شــغلي الشــاغل أن أجــد حقيقــة‪ ،‬ولكن بالنســبة إلي‬ ‫النسق‬
‫نفسي أنا‪ ،‬أن أجــد الفكــرة الــتي من اجلهــا أريــد أن أحيــا وأمــوت»‪ ،‬وتقــول‬ ‫والبنية‬
‫سيمون دي بوفوار‪« :‬أعجبت بأفكـار هيجـل وأنـا في المكتبـة‪،‬ـ ولم أجـد من‬ ‫تنازليا‬
‫حقيقتها شيئا بعد خروجي للطريق»‪ ،‬لهذا‬ ‫وتصاعديا‪.‬‬
‫طالب الوجوديون بالتفكير في الوجود الداخلي الذاتي‪ ،‬عبر االســتبطان‪ ،‬فال‬
‫مناص من استعمال الشعور‪ ،‬فهو وحده الذي يكشــف المجــاالت الوجدانيــة‪،‬‬
‫وإذا كان العقليون يمجـدون العقـل‪ ،‬فـإن الوجوديـون يضـعون الوجـود ومـا‬
‫يستدعيه من شعور باطني وانفعالي‪ ،‬فوق كــل حقيقــة‪ ،‬أين تضــحي الحقيقــة‬
‫هي تجربة وجدانيــة انفعاليــة يعيشــها اإلنسـان‪ ،‬كتجربــة الــذنب والنــدم ومـا‬
‫يترتب عنها من سوداوية‪ ،‬لهذا توجه جل الوجوديين إلى األدب للتعبير عن‬
‫هذه التجارب النفسية‪ ،‬كمسرحية "الذباب" لسارتر أو "الطاعون" لكامو‬
‫أو "التحول" لكافكا‪.‬‬
‫‪ -04‬هــل يــرتجى من كــون اإلنســان إنســانا‪ ،‬الحصــول على الســعادة أو‬
‫االرتماء في يم المخاطرة وما يترتب عنها من قلق وشؤم؟‬
‫أ‪ -‬الحرية‪ :‬إن اإلنسان حر مختار‪ ،‬لكن هذا االختيار ال يخلو من المخــاطرة‬
‫والمجازفة‪ ،‬الن اختيار أمر ما يعني إلغاء عــدة إمكانــات كــانت متاحــة لنــا‪،‬‬ ‫‪ -18‬إبراز‬
‫وما يتعرض هذا االختيار من نجاح وفشل وشـعور مقلـق بالمخـاطرة‪ ،‬ومـا‬ ‫ما يضمن‬
‫يحمله من مسؤولية وعواقب الندم المر‪ ،‬خاصة في المواقــف الكــبرى الــتي‬ ‫الكفاءة في‬
‫تقرر وجودنا‪ ،‬كل هذا يبعث على الحيرة والخوف‪ ،‬وليس بإمكاننا أن نختار‬ ‫تبني‬
‫كــل الممكنــات‪ ،‬يقــول كــيركيجورد‪« :‬إن االختيــار يجــر إلى الخطيئــة والى‬
‫المذهب‬
‫المخاطرة‪ ،‬والمخــاطرة بطابعهــا‪ ،‬تــؤدي إلى القلــق واليــأس‪ ،».‬ممــا يســمح‬
‫للعدم بالولوج إلى الوجود‪.‬‬ ‫وفي رفعه‪.‬‬
‫ب‪ -‬الموت‪ :‬أما المواقــف القصــوى في الوجــود فهي عنــدما يكــون وجودنــا‬
‫مهددا بالموت‪ ،‬ألنه ال بد من المــوت‪ ،‬فمـاذا يبقى من معـنى للحيـاة؟‪ ،‬وهـذا‬
‫السؤال مقلق عند الوجوديين‪ ،‬خاصة الملحدين‪.‬‬
‫ج‪ -‬تناقض الوجود‪ :‬إن وجود األشــياء ليس أصــيل‪ ،‬بــل هــو ثــانوي ألنــه ال‬
‫يعي الزمن والتغير‪ ،‬وال يدرك معنى الحرية ثانيا‪ ،‬أمــا اإلنســان فهــو وحــده‬
‫الذي يشعر بالحرية ويحس بمدلولها وامتداداتها‪،‬ـ وهو الكــائن الوحيــد الــذي‬
‫يستحق أن نقول عنه أنه موجود حقيقي‪ ،‬كونه الوحيد المدرك لهذا العالم‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ -‬تعددـ الوجدانات مصدر للنزاعات‪ :‬عندما أتأمل من حــولي أجــدني لســت‬
‫الموجود الوحيد في هذا العالم‪ ،‬بل هناك‪ ،‬غيري(الغيرية)‪" ،‬األنا واألخر"‪،‬‬
‫هذا المغاير لي الذي يشــبهني في وجــوده‪ ،‬ففي حين أني أعتــبره مغــايرا لي‬
‫مثله مثل األشياء التي في الوجود المادي‪ ،‬فإنــه بالمقابــل يجعلــني جــزء من‬
‫تصوراته للعلم الخـارجي‪ ،‬واغـدوا بالنسـبة إليـه شـيء كـذلك‪ ،‬بـل يريـد أن‬
‫يستخدمني ويحكمني كما يشـاء‪ ،‬وهـذا بدايـة الصـراع بين الوجـدانات‪ ،‬ففي‬
‫الواقــع عنــدما يقتحم اآلخــر عــالمي ويســتهزأ بمشــاعري أو خصوصــياتي‪،‬‬
‫فإني أتمنى عدم وجوده‪ ،‬وأشكو عدم فهم لي‪ ،‬بل هو يقرر بدلي ما أريــد أن‬
‫أكــون‪ ،‬ويعــترض مشــاريعي‪ ،‬وينغــز حيــاتي بتدخالتــهـ فيهــا‪ ،‬بحــده من‬
‫حرياتي‪ ،‬وكل هذا يشعرني أني شيء من ممتلكاته‪ ،‬فالتنازع جوهر العالقة‬
‫بين الوجدانات إذن‪ ،‬وكل إنسان يريد تحقيق مشروعاته دون اآلخر‪ ،‬لكن ال‬
‫يمكنني العيش من دون اآلخرين‪ ،‬ألنني قاصر على العيش بمفردي‪ ،‬فكيــف‬
‫السبيل إلى السكينة والسعادة ؟‪.‬‬
‫خاتمة‪ :‬حل المشكلة‪.‬‬

‫كال الفلسفتان الوجودية والبرجماتية تطرقت إلى جانب هام في الوجود‬


‫اإلنساني‪ ،‬ففي حين يأخذ العالم الخارجي جل وقتنا في العمل والمحاولة‬
‫لعيشه بنجاحات مادية‪ ،‬فإن البعدـ الداخلي ال ينفك يدفعنا إلى التساؤل‬
‫والتفكير في السبل الحقيقية لتحقيق وجودنا الحر‪ ،‬وبذلك نقول أن لكل‬
‫مذهب من المذاهب العقلي أو التجريبي البراغماتي أو العقلي‪ ،‬حمل في‬
‫طياته بناء منطقي متماسك‪ ،‬يعكس التفكير العميق لهذه التيارات حول‬
‫األبعاد الحقيقية لإلنسان‪ ،‬لكن الخطر الذي يبقى قائما هو تزمت كل مذهب‪،‬‬
‫وإدعاء أتباعه بأنهم يملكون الحقيقة وغيرهم مخطأ‪ ،‬فالدغمائية‬
‫(التوكيدية)‪ ،‬هي المرض الخطير لكل معرفة‪ ،‬كونها إدعاء بامتالك اليقين‪،‬‬
‫ومعاداة من خالفهم‪ ،‬وهذا ما كان يحدث بكثرة في الحضارات وبين‬
‫التيارات‪ ،‬وهذا هو الشيء الذي يجب تجنبه بقبول النقد والرأي اآلخر‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like