Professional Documents
Culture Documents
اإلبداع في اللغة العربية هو تأسيس الشيء عن غير مثال سابق ،ومنه فاإلبداع هو إنتاج صور ال مثيل لها من
+داع
قبل.أما اصطالحا :فهو تأسيس الشيء عن الشيء ،أي تأليف الشيء الجديد عن أشياء موجودة سابقا كاإلب+
الفني واإلبداع العلمي ،ومن التخيل المبدع التخيل المبدع في علم النفس قال (الالند)" :إنتاج أي شيء خصوصا
+اري+داع الب+إذا كان جديدا في شكله ،لكن بواسطة عناصر موجودة من قبل".او إيجاد شيء من الشيء ،كإب+
سبحانه وتعالى ،فهو ال تأليف وال تركيب(قال اهلل تعالى)" :بديع السموات واألرض" ،سورة المائ++دة ،اآلي++ة
101وقد يطلق البعض على اإلبداع أسم االختراع .
+رى
عوامل اإلبداع :في الحقيقة هناك مشكلة فلسفية تتعلق بعوامل اإلبداع؛ إذ انقسم الفالسفة إلى فئ تين :ت+
األولى أن اإلبداع يرجع إلى شروط نفسية ،بينما ترى الثانية أن اإلبداع يرجع إلى عوامل موضوعية
أ– االتجاه النفســــــي:
يتوقف اإلبداع على عوامل نفسية تتعلق بالذات المبدعة ،و ما يؤكد ذلك أن المبدعين يتميزون بقدرات ذاتية و خصائص
نفسية و انفعالية متطورة حددها تتمثل في اإلرادة الكبيرة و االهتمام و الميل والفضول العلمي و حب اإلطالع و الحس
اإلشكالي ،إن المبدع يطرح األسئلة باستمرار ،و ينظر إلى األشياء العادية نظرة غير عادية تطرح أمامه إشكالية
تستدعي الحل ،مثل العالم الفيزيائي نيوتن مكتشف الجاذبية و العالم أرخميدس مكتشف قانون الدافعية .كما يتميز المبدع
بقوة الذاكرة وحدة الذكاء والتخيل الواسع .
يرى (سيجموند فرويد) أن عملية اإلبداع :ليس لها من دافع سوى تلك المكبوتات التي ترغم نفسها على
أهلها ،فيقوم صاحبها بتفجيرها على شكل إبداعات مختلفة ويترجم (كيوبي) أفكار (فرويد) في ذلك
+لهذا كان من الطبيعي أن نفترض أن الالشعور :هو منبع دوافع اإلبداع ،ومصدر اإللهام العظيم فيبقوله...":
حياة البشرية "
ويفسر عالم النفس الفرنسي (برغسون )عملية اإلبداع بنوع من االنفعال فاالنفعال ه و المنب ع ال ذي تص در عن ه عظ ائم
مب دعات الفن والعلم والحض ارة ،يق ول" :إن العظمــاء الــذين يتخيلــون الفــروض ،واألبطــال والقديســين الــذين يبــدعون
المفاهيم األخالقية ال يبدعونها في حالة جمود دم وإنما يبدعونها في جو حماسي وتيار ديناميكي تتالطم فيه األفكار".
من المنطلقات السابقة يرى المختصون أن :اإلبداع نتاج روح فردية ،ألن االكتشافات واالبتكارات ال++تي تمت
في الماضي والوقت الحاضر قد ارتبطت باسم فرد معين ،يقول المهندس (باس)": -إن النظري ات واألفك ار
واإلبداعات الكبرى كانت على الدوام نتاجا لروح فردية ،أو لشخص معين".
النقد :إن العوامل النفسية غير كافية لتجعل من المرء مبدعا ،و لعل هجرة األدمغة إلى المجتمعات المتقدمة ألحسن دليل
على أن للمجتمع دور في هذه الملكة وبالتالي يبقى المبدع بحاجة إلى مناخ اجتماعي تنبع وتنمو فيه إبداعاته ،فالمجتمع
والتربية من شأنهما ،أن يعرقال أو ينميا اإلبداع.كما إن إرجاع اإلبداع إلى الحالة النفسية يؤدي إلى نشر فكرة العنصرية
التي ترى أن وجود اإلبداع واالختراع عند الشعوب الغربية دليل على تميزهم العرقي الوراثي فقسموا العالم إلى قسمين :
عالم متحضر يحمل الشروط النفسية لبناء الحضارة ،وعالم متخلف تنعدم فيه هذه الشروط والواقع يكذب ،فكم من مثقف
من الدول المتخلفة هاجر إلى الدول المتقدمة فاخترع وتفوق في أعماله اإلبداعية ،فهذا قد هاجر بحثا عن الظروف
االجتماعية المالئمة له .
ب– االتجاه االجتماعـــــي:
يرى فالسفة االجتماع و على رأسهم إميل دوركايم E.Durckeimeأن اإلبداع له طبيعة اجتماعية ،و الدليل على
ذلك أن اإلبداع يتوقف على حاجات المجتمع من جهة ،و على درجة نموه من جهة ثانية .فالحاجة أم االختراع ،عندما
تظهر مشكلة في المجتمع يلجأ البعض إلى اختراع الحلول لها ،لذلك ال يمكن أن نتصور إبداعا خارج حاجات المجتمع،
فلما كان الناس بحاجة إلى التنقل اخترعت وسائل النقل كالسيارة و القطار و الطائرة ،و لما كان المجتمع بحاجة إلى
الدفاع عن نفسه اخترعت مختلف األسلحة ،و لما كان المرضى أيضا بحاجة إلى العالج تم اختراع مختلف األدوية و
األجهزة الطبية ،و ال يستطيع المبدع أن يبتكر شيئا إال إذا توفرت لديه اإلمكانيات المادية التي يوفرها المجتمع ،لذلك لم
يكن باستطاعة الناس أن يصنعوا القنبلة الذرية في العصور الوسطى رغم ذكائهم و خيالهم الواسع الذي برز في الفلسفة و
األدب ألن صنعها يتطلب تكنولوجيا عالية
إن اإلبداع يكثر كذلك في الدول المتقدمة ،و يكاد ينعدم في الدول المتخلفة مما يؤكد أنه مرتبط بحالة المجتمع االقتصادية
و السياسية و الثقافية ،و يرى دوركايم أن المبدع في مختلف المجاالت ال يبدع لنفسه بل يبدع للغير ،فأروع الفنانين مثال
هم الذين يثيرون مشاعر الجماهير ،و يتركون أثرا في حياة الجماعة.
فالشخصية المبدعة في أي مجال ال يمكن لها أن توج د خ ارج اإلط ار االجتم اعي ،حيث تس تمد اإلب داع وه ذا م ا
يؤكده (جون بياجيه) بقوله" :أن المجتمع وحدة عالية ،أما الفرد فإنه ال يصل إلى ابتكاراتــه ،وأعمالــه العقليــة إال بمقــدار
ما يحتل من مكانة في تفاعل المجتمعات ،وبالتالي في إطار المجتمع ككل".
واك بر مث ال عن ذال ك الوالي ات المتح دة األمريكي ة ،حيث تخص ص مالي ير ال دوالرات لفئ ة المب دعين وال تي تظه ر في
المصانع والمختبرات ،وآالت وتجهيزات ،لتطوير اإلبداع .بينم ا إذا ذهبن ا إلى الض فة األخ رى نح و ال دول الفق يرة ،ف إن
المبدعين ال يجدون ال األموال ،وال االهتم ام ب ل ويع انون التهميش ،ف أنى لهم اإلب داع ،ولع ل ه ذا م ا دف ع ب الفيزيولوجي
(جيرارد) Gerrard-إلى القول ":إن تصوراتنا اإلبداعيــة بكاملهــا ليســت نتاجــا لــدماغ إنســان معــزول ،بــل لــدماغ كــان
مرتبطا بالتفاعل مع الناس".
النقد :غير أن القول بان الوسط االجتماعي هو الشرط الوحيد لإلبداع نفي لإلبداع في حد ذاته ألنه يجعل من اإلبداع نتيجة
حتمية لظروف اجتماعية تغيب فيه كل أصالة ومبادرة فردية وهذا إنكار وإجحاف لقدرة المبدع وطاقته الذاتية كما أن
العقل ال يقبل هذا الموقف ألنه في هذه الحالة يصبح كل أفراد المجتمع مبدعين ألنهم يعيشون نفس الظروف وهذا مستحيل
واقعيا كذلك هذا الموقف أهمل جانبا هما وأساسيا في عملية اإلبداع أال وهو الجانب الذاتي والنفسي بالدرجة األولى الذي
اثبت الفالسفة وعلماء النفس على تأثيره الكبير في عملية اإلبداع واالختراع.
التركيب:
ال يكمن بأي حال من األحوال إن ننكر دور الظروف االجتماعية في عملية اإلبداع وتطوره ا ،وبالمقاب ل أيض ا ال يمكنن ا
إهمال دور النشاطات الذاتية لإلنسان ممثلة خاصة في الرغبة النفسية للمبدع في عملية اإلبداع ،الن كالهما يس اهم بش كل
أو بآخر في رسم طريق اإلبداع لألفراد أي إهمال لكال الجانبين يعد تهربا من عنصر هام مشكل لعملية اإلبداع الن الواق ع
واألدلة تثبت تكامل الجانبين ال ذاتي النفس ي واالجتم اعي في عملي ة اإلب داع ،إن ك ل طاق ة نفس ية تحت اج بالض رورة إلى
ظروف اجتماعية ومادية تحويها لتدفع بها الى عالم التحقيق .وكما قال "ريبو" مهما
+كان اإلبداع فرديا فإنه يحتوي على نصيب
اجتماعي"
ومجمل القول أن اإلنسان هو الذي يصنع اإلبداع واإلبداع ال يحصل إال في جو من الحرية لكن المسألة صعبة من حيث التساؤل
عن العوامل التي تصنع ظاهرة اإلبداع بداية من الكشف عن دور العوامل الذاتية وصوال إلى البيئة االجتماعية وتأسيس++ا على أن
اإلنسان مدني بطبعه نستنتج :أن اإلبداع تتحكم فيه العوامل الذاتية والموضوعية في آن واحد
االسئلة :