You are on page 1of 20

‫الجهوية المتقدمة بالمغرب‬

‫دراسة تحليلية‬

‫د‪.‬محمد بوبوش‪ :‬باحث في القانون العام‪-‬كلية الحقوق‪-‬جامعة الخامس‪،‬الرباط‬


‫تقديم‬
‫نظ را للمه ام الكث يرة والمعق دة ال تي أص بحت تق وم به ا الدول ة في وقتن ا الحاض ر‪ ،‬وبع دما تخلت‬
‫ه ذه األخ يرة عن دوره ا التقلي دي ال ذي ك ان منحص را في الحف اظ على األمن والنظ ام بمدلوالت ه الثالث ة‬
‫( األمن العام‪ ،‬السكينة العامة‪ ،‬الصحة العامة )‪ ،‬بدأ التفكير في تصور أساليب وتدابير إدارية من شانها‬
‫عدم السقوط في ثنايا المركزية الضيقة‪ ،‬من هنا بدأ الحديث عن تنازل الدولة عن بعض سلطاتها في‬
‫المجال االقتصادي واإلداري لصالح الوحدات الترابية الالمركزية وال سيما الجماعات المحلية‪.1‬‬
‫فالمس ؤوليات ال تي أض حت الدول ة مطالب ة به ا س واء على المس توى ال داخلي من إيج اد الحل ول‬
‫إلش كالية التنمي ة‪ ،‬أو على المس توى الخ ارجي بمواكب ة روح العص ر والتكي ف م ع الت أثيرات الخارجي ة‬
‫المتمثل ة في ض غوطات الحداث ة وعولم ة االقتص اد‪ ،‬ف رض البحث عن مقارب ة فعال ة لتص ريف مختل ف‬
‫اإلكراه ات ال تي تواجهه ا الدول ة‪ ،‬دون تش تيت ص رحها وكيانه ا‪ ،‬فتع ثر الدول ة في القي ام بواجباته ا‬
‫والتزاماته ا التنموي ة‪ ،‬حتم بش كل موض وعي ومنطقي إيج اد من يتحم ل إلى جانبه ا ج زءا من ه ذه‬
‫المسؤولية‪ ،‬خاصة بعد أن تأكد أن قيادة التنمية وتأطيرها بمقاربة مركزية‪ ،‬أصبح من تجارب الماضي‬
‫ويستحيل نهجها حاضرا ومستقبال‪.‬‬
‫ومن ه ذا المنظ ور تمي ل معظم البل دان بع د اسخالص ها ل دروس التج ارب الماض ية‪ ،‬إلى ط رح‬
‫المشاكل التنموية بأساليب وأدوات جديدة‪ ،‬حيث أصبحت التنمية تتخذ أبعادا مجالية‪.‬‬
‫هك ا أص بحت الجه ة اإلط ار المج الي المالئم لنس ج اس تراتيجية جدي دة للتنمي ة االقتص ادية‬
‫واالجتماعية المجالية‪ ،‬وقد تأكد ذلك بعد أن أضحى مفهوم الجهوية في العصر الحاضر يلقى اهتماما‬
‫كبيرا من طرف الباحثين والمختصين لمعرفة حدود وإ مكانيات ما يمكن أن تلعبه الجهة من أدوار فيما‬
‫يخص التنمية الشاملة‪.2‬‬
‫ح ازت فك رة الجهوي ة باعتباره ا إح دى تمظه رات نظري ة الالمركزي ة اإلداري ة ‪ ،‬بع دا متق دما في‬
‫تصورات الفقه والقانون اإلداري المغربي ‪،‬بناءاً على مجموعة من التجارب التي سلكتها عدد من الدول‬

‫‪ - 1‬سليمان الطماوي‪":‬الوجيز في نظم الحكم واإلدارة" ‪،‬دار الفكر العربي‪،‬الطبعة األولى‪،1962،‬ص‪75.‬‬


‫‪ - 2‬امحمد العيساوي ‪ " :‬تطور نظام الجهوية بالمغرب‪،‬دراسة قانونية‪ -‬سوسيو سياسية‪ ،‬دراسة مقارنة" رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2006/2007‬ص ‪.15‬‬
‫في تدبير الشأن الجهوي ‪ ،‬خاصة النموذج الفرنسي الذي يعتبر أحد مصادر تصوراتنا اإلدارية بحكم‬
‫المرجعية القانونية التي خلفتها فترة الحماية ‪.‬‬
‫كم ا ن الت فك رة الجهوي ة اهتمام ا كب يراً من ل دن الف اعلين السياس يين باعتباره ا إح دى أوج ه‬
‫الديمقراطية المحلية ‪ ،‬القائمة على إشراك المواطن في تدبير الشأن العام المحلي عبر اآللية االنتخابية ‪،‬‬
‫وكأداة للتنمية االقتصادية و االجتماعية و الثقافية في النطاق الجغرافي و الترابي الذي تمثله ‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬الجهوية المتقدمة في الخطابات الملكية‪:‬‬


‫ش كل ورش الجهوي ة المتقدم ة ب المغرب فرص ة ج د هام ة للنه وض بالمش اركة الش عبية المواطن ة‬
‫بمختلف أشكالها‪ ،‬ويشكل تثمين هذه المشاركة والمساعدة على النهوض بها‪ ،‬مؤشرا قويا لطالئع بناء‬
‫جه وي ديمق راطي الج وهر والي وم ي أتي مطلب اإلص الح الجه وي م ع م ا يحمل ه في طيات ه من مط الب‬
‫تنموي ة و ديمقراطي ة‪ ،‬وب ذلك سيش كل بإجم اع وط ني توجه ا نح و إرس اء قواع د جهوي ة يجب أن تك ون‬
‫ناجع ة وفعال ة‪ ،‬لتكف ل ب ذلك دعم وترس يخ الممارس ة الديمقراطي ة المحلي ة بش كل ق د يعطي صورا جدي دة‬
‫للتدبير العمومي المحلي‪ ،‬والذي يستلزم بدوره وجود تقسيم جهوي منسجم ومتوازن‪ ،‬وهو ما سهرت‬
‫لجن ة الجهوي ة على استحض اره في تق ديمها لمش روع التقطي ع الجه وي الجدي د‪ ،‬و تخوي ل الجه ات‬
‫صالحيات وازنة في إطار مؤسسات ديمقراطية ومنتخبة بشكل مباشر من طرف الساكنة‪.‬‬
‫وه ذا التوج ه ه و ال ذي أك د علي ه جالل ة المل ك في خطب ه ال تي تن اولت مس ألة اإلص الح الجه وي‬
‫وذل ك بتأكي ده على ض رورة كس ر المركزي ة المتحج رة وبن اء إط ار مؤسس اتي جدي د ومتط ور للعم ل‬
‫الجهوي والترابي ككل بالمملكة‪.‬إن الخطب الملكية تدعو‪ ،‬بصريح العبارة‪ ،‬إلى تقوية األصالة وإ ضفاء‬
‫الط ابع المغ ربي على الجهوي ة المرتقب ة باالرتك از على الخصوص يات الوطني ة والمحلي ة ال تي تم يز‬
‫المغرب‪.‬‬
‫وهك ذا يض م خط اب ‪ 6‬نونبر ‪ 2008‬بعض العب ارات الدال ة‪« :‬وفي جمي ع األح وال‪ ،‬ف إن المملك ة‬
‫س تظل وفي ة لهويته ا الحض ارية»‪« ،‬وإ نن ا ن دعو الجمي ع إلى التحلي ب روح الوطني ة والمواطن ة لرف ع‬
‫التح دي الكب ير النبث اق نم وذج مغ ربي لجهوي ة متم يزة»‪ .‬وش دد خط اب تنص يب اللجن ة االستش ارية‬
‫للجهوية‪ ،‬من خالل اإلشارات المتكررة‪ ،‬على هذه السمة بطريقة تثير االنتباه‪« :‬التشبث بمقدسات األمة‬
‫وثوابتها»‪« ،‬نموذج وطني لجهوية متقدمة»‪« ،‬إيجاد نموذج مغربي‪-‬مغربي»‪« ،‬إبداع منظومة وطنية‬
‫متميزة للجهوية بعيدا عن اللجوء إلى التقليد الحرفي أو االستنساخ الشكلي للتجارب األجنبية»‪« ،‬نموذج‬
‫رائد في الجهوية بالنسبة إلى الدول النامية»‪« ،‬إيجاد أجوبة مغربية خالقة»‪« ،‬فالجهوية الموسعة يجب‬
‫أن تك ون تأكي دا ديمقراطي ا للتم يز المغ ربي»‪ .‬وج اء خط اب ‪ 20‬غش ت ‪ 2010‬بعب ارة مماثل ة‪« :‬إلع داد‬
‫تصور عام لنموذج مغربي‪-‬مغربي متميز للجهوية المتقدمة نابع من واقع بالدنا وخصوصياتها ‪» .‬‬
‫ويمكن ق راءة عب ارة «نم وذج مغ ربي‪-‬مغ ربي» بطريق تين متك املتين‪ :‬األولى ب المعنى اإليج ابي‬
‫‪3‬‬
‫والثانية بالمعنى السلبي‪.‬‬
‫فحس ب الدالل ة األولى‪ ،‬من المنطقي أن تك ون الجهوي ة تعب يرا عن الخصوص يات الوطني ة‬
‫والمحلي ة‪ .‬ففي جمي ع ال دول‪ ،‬تق وم الديمقراطي ة المحلي ة‪ ،‬المتجلي ة أساس ا في الديمقراطي ة الترابي ة‪ ،‬على‬
‫أسس متنوعة‪ :‬أسس تاريخية‪ ،‬سوسيولوجية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬سياسية وقانونية‪.‬‬
‫وفي ه ذا الص دد‪ ،‬ال يمكن للمغ رب أن يش كل اس تثناء من ه ذا الواق ع الش ائع في الع الم‪ .‬وه ذا م ا‬
‫يفسر كون الديمقراطي ة المحلي ة ال تش تغل‪ ،‬في المغ رب‪ ،‬بنفس الطريق ة التي تس ير به ا في دول أخرى‬
‫ولو كانت مشابهة‪ ،‬نظرا على تجذر أي مؤسسات محلية في مجتمع متميز بتاريخه وثقافته‪ ،‬وفي كلمة‬
‫ه‪.‬‬ ‫دة‪ :‬بهويت‬ ‫واح‬
‫وحس ب الدالل ة الثاني ة‪ ،‬فمن الض روري وض ع جهوي ة تأخ ذ بعين االعتب ار محدودي ة اإلمكاني ات المالي ة‬
‫والمادي ة والتقني ة والبش رية ال تي يت وفر عليه ا المغ رب‪ ،‬وم دى إمكاني ة اس تيعاب مكون ات المجتم ع‬
‫وي‪.‬‬ ‫الح الجه‬ ‫لإلص‬
‫ول ذلك يتح دث خط اب تنص يب اللجن ة االستش ارية للجهوي ة عن «إيج اد جه ات قائم ة ال ذات قابل ة‬
‫لالستمرار من خالل بلورة معايير عقالنية وواقعية»‪ .‬وبمعنى آخر‪ ،‬ال يمكن‪ ،‬في الحالة الراهنة‪ ،‬إنشاء‬
‫جهوية بنفس القوة التي ينطوي عليها هذا النظام في الدول المتقدمة‪ .‬كما يستبعد نفس الخطاب «اللجوء‬
‫إلى التقلي د الح رفي أو االستنس اخ الش كلي للتج ارب األجنبي ة»‪ .‬فمن الواض ح أن التقني ة التدرجي ة‪ ،‬في‬
‫‪4‬‬
‫تطبيق الجهوية المتقدمة‪ ،‬تعد عنصرا مكمال لجهوية مغربية‪-‬مغربية‪.‬‬
‫ج‪ -‬جهوي ة موس عة‪ :‬إن المث ير لالنتب اه أن تقوي ة الجهوي ة أص بحت أح د االهتمام ات الك برى في‬
‫الخطب الملكي ة وطموح ا شخص يا للمل ك محم د الس ادس‪ .‬وهك ذا يؤك د خط اب ‪ 6‬نون بر ‪ 2001‬على م ا‬
‫يلي‪« :‬إنن ا ع ازمون على توطي د الجهوي ة بمنظ ور للتنمي ة الجهوي ة المتوازن ة‪ ،‬ال يختزله ا في مج رد‬
‫هياكله ا وأبعاده ا اإلداري ة والمؤسس اتية والثقافي ة ب ل يعتبره ا فض اء خص با للتنمي ة الش املة والمتواص لة‬
‫بالجهة ومن أجلها»‪ .‬ولقد ورد نفس الموقف في خطاب ‪ 30‬يوليوز ‪« :2001‬مولين عناية قصوى في‬
‫هذا المجال للجهة والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا‪ ،‬وليس مجرد بناء إداري»‪.‬‬
‫أما خطاب ‪ 6‬نونبر ‪ 2008‬فيتحدث عن «جهوية متقدمة» و«جهوية موسعة» كإصالح جوهري‪.‬‬
‫وتؤكد هذا التكييف عدة عبارات أخرى‪ ،‬مثل‪« :‬إن مشروع الجهوية‪ ،‬إصالح هيكلي عميق»‪« ،‬خارطة‬
‫الطري ق»‪« ،‬ال ورش الواع د»‪« ،‬اإلص الح المؤسس ي العمي ق»‪ .‬يتعل ق األم ر‪ ،‬إذن‪ ،‬بسياس ة عمومي ة‬
‫حقيقي ة‪ .‬فمن المنطقي أن ه يتعين على الس لطات العمومي ة أن تعتم د كمرجعي ة‪ ،‬العج وزات البنيوي ة‬

‫‪ -‬محمد اليعكوبي‪ :‬مفهوم الجهوية المتقدمة في الخطب الملكية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪2010 ،93‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬محمد اليعكوبي‪ :‬مفهوم الجهوية المتقدمة في الخطب الملكية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫والوظيفي ة ال تي يتس م به ا الق انون الح الي المنظم للجه ة لتحدي د الجرع ة‪ ‬الجدي دة‪ ‬من الجهوي ة ال تي س يتم‬
‫‪5‬‬
‫إدخالها في النظام المغربي‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬الجهوية في التجارب الدولية المقارنة‬


‫‪    ‬إن مفهوم الجهوية ال يحمل دالالت سياسية واضحة‪ ،‬ومادام يعتبر في حد ذاته سياسة تتبعها الدولة‪،‬‬
‫فإنه يتموقع في مرتبة متواضعة تتمثل في المستوى اإلداري أو المستوى االقتصادي‪.‬‬
‫ويحي ل مفه وم‪  ‬الجهوي ة اإلداري ة‪  régionalisation ‬إلى اع تراف الدول ة لوح دة جهوي ة معين ة تتم يز‬
‫بانس جامها‪ ،‬وتحويله ا عن طري ق مجموع ة ت دابير معين ة المش اركة في ت دبير ش ؤونها المحلي ة‪.‬فمفه وم‬
‫الجهوية ذي الطابع االداري‪-‬االقتصادي يسعى لخلق إطار من التكامل واالنسجام والتوازن‪ ،‬من خالل‬
‫ما يفرضه المنطق المؤسساتي الذي يهدف تحقيق الوحدة‪ ،‬وفي نفس الوقت تحقيق التنمية على المستوى‬
‫‪6‬‬
‫المحلي‬
‫‪  ‬أم ا مفه وم الجهوي ة السياس ية‪– régionalisme ‬جهوي ة مؤسس اتية‪ -‬أقص ى درج ة الالمركزي ة‬
‫في إط ار الدول ة الموح دة دون الوص ول إلى مس توى الدول ة الفيدرالي ة‪ ،‬حيث تت وفر فيه ا الجه ة على‬
‫سيادتها وبالتالي فهي وسيلة لتحديث الدولة دون تجزئة سيادة الدولة‪ .‬إن الجهوية على هذا الشكل تسعى‬
‫إلى ه دفين رئيس يين هم ا‪ :‬تعمي ق التعددي ة السياس ية والثقافي ة من جه ة‪ ،‬والح رص على االن دماج‬
‫االجتماعي والتضامن المجتمعي‪. 7‬‬
‫والجهوية السياسية أساسها دستوري‪ ،‬وهي تعد أرقى أنواع الجهوية الحديثة في الدول المتقدمة‪،‬‬
‫فهي تمثل سلطة سياس ية حقيقية متم يزة عن س لطة الدول ة‪ ،‬فهي جماعة ديموقراطي ة مس يرة من طرف‬
‫أجهزة سياسية منتخبة بطريقة مباشرة‪ ،‬والجهة هي أعلى مرتبة في مستويات الالمركزية الترابية إذ ال‬
‫تت وفر فق ط على اختصاص ات إداري ة وإ نم ا أيض ا له ا اختصاص ات تش ريعية وتنظيمي ة أص لية مح ددة‬
‫دس توريا‪ . 8‬كم ا تت وفر الجه ة في إط ار الجهوي ة السياس ية على س لطة تحدي د نظامه ا الق انوني وط رق‬
‫عمله ا وأجهزته ا‪ ،‬وهي تتقاس م م ع الس لطة المركزي ة الوظ ائف السياس ية خاص ة في المي دان التش ريعي‬
‫والتنظيمي‪.‬‬
‫وفي ه ذا اإلط ار الب د من التمي يز بين الجهوي ة السياس ية ال تي هي أقص ى درج ة الالمركزي ة في‬
‫إطار الدولة الموحدة‪ ،‬وبين الجهوية السياسية في إطار الدولة الفيدرالية التي هي أعلى مستوى بحيث‬

‫‪ -‬محمد اليعكوبي‪ :‬مفهوم الجهوية المتقدمة في الخطب الملكية‪ ،‬المرجع السابق‬ ‫‪5‬‬

‫‪.-‬حسن صحيب‪ :‬الجهة بين الالمركزية اإلدارية والالمركزية السياسية‪ ،‬مجلة الدولية‪،‬العدد ‪،2006 ،2‬ص‪.30 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪-‬عبد الحق المرجاني‪ :‬الجهوية في بعض الدول المتقدمة وواقعها وآفاقها بالمغرب المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬ ‫‪7‬‬

‫مزدوج ‪ 8-7‬أبريل‪ ،‬شتنبر ‪ ، 1994‬ص‪.78 :‬‬


‫‪-‬بن الساهل إدريس‪ :‬تطور وآفاق الجهة بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبل وم الدراسات العليا في القانون العام ‪-‬جامعة محمد الخامس‬ ‫‪8‬‬

‫‪-‬الرباط‪ . 1996-1995.‬ص‪.191 :‬‬


‫تت وفر فيه ا الجه ة على الس يادة وبالت الي فهي وس يلة للحف اظ على وح دة الدول ة‪ ،‬فعلم اء اإلدارة على‬
‫يص طلحون على تس مية الدول ة الموح دة ال تي تتب نى الجهوي ة السياس ية بالدول ة الجهوي ة ( ‪l'état‬‬
‫‪ )régional‬كم ا ه و الش أن بالنس بة إليطالي ا عكس الدول ة اإلس بانية ال تي يص فها الب احثون في العل وم‬
‫السياسية واإلدارية بدولة المجموعات المستقلة (‪. )l'Etat des autonomies‬هذا ويطلق البعض على‬
‫مص طلح‪  )régionalisme politique( ‬تعب ير اإلقليمي ة السياس ية أو نظ ام المن اطق السياس ية‪ ،‬ورغم‬
‫‪9‬‬
‫هذا التعدد في التسميات إال أنها تؤدي معنا واحدا ‪.‬‬
‫‪         ‬لق د ص ارت الجهوي ة السياس ية وس يلة للحف اظ على وح دة الدول ة العص رية من خالل اعترافه ا‬
‫بذاتي ة المجتمع ات المحلي ة ال تي ق د تك ون أقلي ات سياس ية اجتماعي ة أو عرقي ة في إط ار من التض امن‬
‫واالنسجام الوطنيين‪ ،‬لهذا نجد أن الدول التي عانت من المركزية الشديدة في التسيير والحكم هي التي‬
‫تبنت أرقى أشكال الجهوية العصرية كإسبانيا وإ يطاليا وألمانيا‪.‬‬
‫وإ ذا ك انت الالمركزي ة اإلداري ة هي تنظيم الس لطة اإلداري ة أو الوظيف ة اإلداري ة للدول ة الموح دة‪،‬‬
‫والالمركزي ة السياس ية هي تنظيم الس لطة السياس ية أو تنظيم آل ة الحكم في الدول ة االتحادي ة‪ ،‬فه ل ه ذا‬
‫يع ني أن التنظيم الالمركزي يقتص ر على نظ امين ق انونيين مختلفين‪ :‬الالمركزي ة اإلداري ة والالمركزي ة‬
‫السياسية‪ ،‬وال يتألف إال مع شكلين من أشكال الدولة‪ :‬فإما الدولة الموحدة وإ ما الدولة االتحادية؟ أليس‬
‫هن اك متس ع لنظ ام ق انوني يتع دى نط اق الالمركزي ة اإلداري ة وال ي رقى إلى مس توى الدول ة الفيدرالي ة‪،‬‬
‫فيكون نظاما قانونيا وسطا بين الدولة الموحدة والدولة المركزية؟‬
‫يقول شارل ديران‪  Charles durand ‬أنه توجد أنظمة قانونية تعتبر وسطا بين الدولة الموحدة‬
‫والدولة الفيدرالية‪ ،‬وهي اآلن نادرة ولكنها قابلة لالزدياد فماذا ترى تكون هذه األنظمة؟ هل هي نوع‬
‫من الالمركزي ة السياس ية في إط ار الدول ة الموح دة؟ وه ل يمكن تص ور وج ود ال مركزي ة سياس ية في‬
‫إطار الدولة الموحدة؟ وهل ينسجم شكل الدولة الموحدة مع التنظيم السياسي الالمركزي؟ أم هل تكون‬
‫‪10‬‬
‫ما يعرف بنظام المناطق السياسية أو اإلقليمية السياسية؟ وما هي طبيعته القانونية؟ ‪.‬‬
‫إن نظ ام الالمركزي ة اإلداري ة الق ائم على وح دات إداري ة محلي ة مس تقلة تنتظم في ش كل ق رى أو‬
‫بلديات أو محافظات لم يعد يتناسب مع تطور الحياة العصرية ومع تغير مفهوم وظيفة الدولة‪ ،‬األمر‬
‫ال ذي أوجب على الدول ة أن تعي د النظ ر‪  ‬في التقس يم اإلداري ال ذي تنتهج ه بحيث تخل ق أقس اما جدي دة‬
‫تستجيب لدورها الجديد في التخطيط واإلنماء‪ ،‬فكانت المناطق والجهات واألقاليم التي اعتبرت وسيلة ال‬

‫‪ -9‬محم د بوب وش‪ :‬الجهوي ة السياس ية ك أداة لتج اوز مش كل الص حراء‪ ،‬المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة‪ ،‬سلس لة مواض يع‬
‫الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،2006 ،52‬ص ‪92  :‬‬
‫‪- ‬هذه اإلشكاالت تمت اإلشارة إليها في‪: ‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪-Durand(ch.) : De l’Etat fédéral à l’état unitaire décentralisé, Melange ,Sirey, N°193,1956.p :202.‬‬


‫أكثر أو إطارا حديثا لعمل الدولة اإلنمائي‪ ،‬وهذا ما كان في فرنسا حيث أنشئ فيها ‪ 22‬منطقة جديدة‬
‫‪11‬‬
‫كإطار لعمل الدولة اإلنمائي ‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬التطور الجهوي بالمغرب‬


‫إن التطل ع الجه وي ق ديم ب المغرب‪ ..‬وال مج ال هن ا لس رد المس ار الت اريخي لمفه وم الجماع ة‬
‫كأسلوب في اإلدارة والحكم المرتكز أساسا على النظام القبلي‪.‬‬
‫فترة الحماية األجنبية " االسبانية‪ -‬الفرنسية"‬
‫إن المغ رب ع رف فك رة الجه ات قب ل ف رض الحماي ة الفرنس ية س نة ‪ 1912‬إذ ك ان ال تراب الوط ني‬
‫مقسما في ظل الوحدة الترابية إلى مجموعات قبلية عديدة ‪ ,‬فالتقسيم الجهوي أنذاك لم يكون تقسيما قائما‬
‫على أس س تش ريعية حديث ة ‪ .‬ب ل ك انت عب ارة عن بني ات جهوي ة جنيني ة تتم يز بالبس اطة ال تركيب‪ .‬‬
‫لقد كان التنظيم الجهوي بالمغرب قبل الحماية يتجسد إما في إطار واقعي تمارسه " الجماعة " المحلية‬
‫دون تفويض من السلطة المركزية لضعفها أو بعد بعض المناطق الجغرافي عن عاصمة الحكم ‪ ,‬و إما‬
‫في إط ار تنظيم مخ زني محلي مف وض من ط رف الس لطان و ال ذي ع ادة م ا يتم اختي اره من بين أف راد‬
‫األس رة ه ذا األخ ير حيث يمث ل الس لطة الديني ة و يك ون رابط ة وص ل بين الرعي ة و الس لطان ‪ .‬‬
‫إن ما يميز هاته الحقبة هو النزعة االستقاللية التي كانت سائدة ‪,‬حيث كان المغرب مقسم إلى مناطق‬
‫‪12‬‬
‫متباينة مناطق تسمى ببالد السيبة و مناطق المخزن ‪.‬‬
‫لقد انبعثت فكرة الجهوية في عهد الحماية في شكل حديث و متميز خالفا لما كانت تعرف به من‬
‫قب ل كتنظيم ت اريخي يتجس د في ال تركيب القبلي ‪ .‬فق د أق رت معاه دة الحماي ة ال تزام فرنس ا ب إجراء‬
‫اص الحات في البالد تعي د النظ ام وتق وي الجه از اإلداري‪ ,‬وب ذلك تك ون الس لطة االس تعمارية هي ال تي‬
‫نهض ت ب إجراء برن امج اإلص الحات بع د أن اخف ق المخ زن في ذل ك ‪ ,‬ولق د اث رت الحماي ة بعم ق في‬
‫النظام االداري المغربي الذي أصبح يتأرجح بين إدارة تقليدية مخزنية متجذرة ‪ ,‬وبين إدارة حديثة في‬
‫الوس ائل واإلمكان ات ‪ ,‬وانتهجت فرنس ا سياس ة الجهوي ة للتحكم في المج ال وض بطه وف ق مقارب ة امني ة‬
‫وضعت مالمحها االولى في ما يعتبر مرحلة تأسيس حقيقي لالهتمام بالمجال الجهوي ‪ ,‬وذلك بإدخال‬
‫بعص االجراءات االولية المعمول بها في فرنسا آنذاك‪ ,‬مهدت لمرحلة توطيد دعائم الحكم االستعماري‬
‫على كافة تراب المغرب‪ ,‬ليشكل الهاجس االمني المحرك االساسي والفعلي للتقسيم الجهوي‪ ,‬اذ غدت‬

‫‪ -11‬د‪.‬خال د قب اني‪ :‬الالمركزي ة ومس ألة تطبيقه ا في لبن ان‪ ،‬تق ديم دول ة ال رئيس س ليم الحص‪ ،‬منش ورات بح ر المتوس ط ب يروت‪،‬‬
‫منشورات عويدات‪ :‬باريس طبعة ‪ 1981‬ص‪.162 :‬‬
‫أنظر صالح المستف‪ :‬الجهوية في مغرب الجهات ‪ ،‬مساهمة في مؤلف الجهوية المتقدمة رهان الديمقراطية التشاركية ‪،‬تنسيق‬ ‫‪12‬‬

‫كريم لحرش‪ ،‬سلسلة الالمركزية واالدارة الترابية ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2012‬ص‪.105 :‬‬
‫الجهوية الية لمراقبة التراب الوطني لتامين استمرار الحماية على البالد ‪ ,‬لذلك عملت سلطات الحماية‬
‫الى تقسيم المغرب الى جهات عسكرية تطورت بعد ذك الى جهات مدنية‪.‬‬
‫ففي ه ذه الف ترة اص بح التنظيم الجه وي يس خر ألغ راض أمني ة و عس كرية ‪,‬و ذل ك ح تي تتمكن‬
‫سلطات الحماية من مراقبة التراب بهدف إخضاعه للسيطرة االستعمارية و محاصرة المقاومة المغربية‬
‫‪.‬‬
‫ه ذا ‪ ,‬و لق د اح دثت الجه ة ف ترة الحماي ة بن اء على ق رار الص ادر عن المقيم الع ام الفرنس ي بت اريخ ‪4‬‬
‫غشت ‪ . 1912‬اما الجهات االمنية ‪ ,‬فلم تحدث اال ابتداء من سنة ‪ 1919‬و احدثت جهة الدار البيضاء‬
‫و الرب اط بق رار المقيم الص ادر في ‪ 27‬م ارس ‪ 1919‬و جه ة وج دة بق رار الص ادر في ‪ 22‬دجن بر‬
‫‪ 1919‬في حين اح دثت جه ة الغ رب س نة ‪ . 1920‬و في ‪ 11‬دجن بر ‪ 1923‬ص در نص تنظيمي عن‬
‫االقام ة الفرنس ية يع دل التنظيم ال ترابي للمغ رب ‪,‬و ب ذلك تم تقس يم البالد الى ارب ع جه ات مدني ة هي‬
‫الرب اط ال دار البيض اء و جه ة الغ رب و ثالث مراقب ات مدني ة هي اس في ‪" ,‬مازك ان الجدي دة" الص ويرة‬
‫موك ادور"‪ ,‬و ثالث ة جه ات عس كرية هي ف اس م راكش و مكن اس‪ .‬و في س نة ‪ 1935‬تغ ير ه ذا التقس يم‬
‫بدوره للتقسيم البالد الى منطقتين مدنية و عسكرية و ذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫المن اطق المدني ة ‪ :‬تض م ثالث جه ات هي وج دة ‪ ,‬ال دار البيض اء ‪ ,‬الرب اط و ثالث اق اليم اقليم‬
‫اسفي ‪ ,‬ميناء ليوطي ‪ ,‬مازكان‪.‬‬
‫المناطق العسكرية ‪ :‬تضم ثالث جهات فاس مكناس مراكش و أربعة أقاليم‪ ,‬تازة تافياللت ‪ ,‬تخوم‬
‫درعة وسط االطلس ‪.‬‬
‫فكل هذه التقسيمات و االجهزة و المؤسسات وجدت لخدمة المصالح االستعمارية مما ترتب عنه‬
‫تقسيم البالد الى مغرب نافع و مغرب غير نافع ‪ ,‬فالمغرب النافع يتمثل في فاس مراكش الدار البيضاء‬
‫ضاما الجهات و المناطق الغنية فالحيا و اقتصاديا و هي تطابق الواقع الجغرافي في السهول الساحلية‬
‫االطلسية في الغرب و نواحي القنيطرة مرورا بالشاوية و دكالة‬
‫كم ا تط ابق ج زءا من اح واز م راكش و تادل ة و س هل ف اس و مكن اس ‪ ,‬ه ذه الجه ات هي ال تي‬
‫استفادة من اكبر حصة من االستثمارات لكن بنسب متفاوت و متباينة ‪ .‬في حين يتكون المغرب الغير‬
‫النافع من المناطق الصغيرة والفقيرة و المحرومة اال ان بعضها قد استفاد من جزءا من البنية التحتية‬
‫اما لكونها تقع في ملتقى الطرق الرئيسية او انها تعرف نشاطا معدنيا هاما او تمثل نقطة استراتيجة من‬
‫الناحية العسكرية هذا وقد كان رئيس الجهة يلعب دورا مزدوجا ‪ ,‬فهو سلطة مراقبة أي عون لسلطة‬
‫الحماي ة‪ ,‬وس لطة اداري ة تمث ل الس لطات الفرنس ية‪ ,‬وب ذلك بتف ويض من المقيم الع ام دون امتالك الس لطة‬
‫التنظيمي ة ‪ ,‬وه و م ا يجعل ه مج رد ع ون للس لطات الفرنس ية ‪ ,‬إذ يق وم ب دور تس يقي لعم ل المص الح‬
‫الخارجي ة لإلدارات التقني ة‪ ,‬و حراس ة اع وان المراقب ة الفرنس ين بالجه ة ‪ ,‬و تزوي د الس لطة المركزي ة‬
‫بالمعلومات و التقارير الضرورية ‪ ,‬وما عزز الدائرة الجهوية و برر وجودها احداث ميزانية خاصة‬
‫تمكن من تحديد طرق عمل االدارة الجهوية و وسائل عملها على المستوي المالي غير ان ه ذا التنظيم‪-‬‬
‫الى جانب المقاربة االمنية الضبطية – كان يعمل على ابعاد المغاربة عن تسير شؤونهم على المستوي‬
‫المرك زي ام المحلي ‪ ,‬و لق د ظ ل ه ذا االقص اء يقاب ل ب الرفض ح تي حص ول المغ رب على اس تقالله‬
‫السياسي‪ .‬‬
‫ان سياسة التمييز التي نهجتها سلطات الحماية بين ما يسمى بالمغرب النافع و المغرب الغير نتج‬
‫عنها تفقير مناطق على حساب مناطق أخرى ‪ ,‬وهذا ما يجسد التوزيع الغير المتكافئ للبنايات‪ ,‬و خلق‬
‫‪13‬‬
‫فوارق اجتماعية متباينة‪.‬‬
‫مرحلــــة االستقالل‪ .‬‬
‫خ رج مغ رب االس تقالل منهمك ا من تجرب ة اس تمعارية طويل ة اس تنفذت ك ل طاق ات البالد ‪ ,‬و‬
‫سخرت منظوماتها االدارية لخدمة مصالحها االمبريالية ‪ ,‬لتجد البالد نفسها امام تركة تنظيمية مهترئة‬
‫تتميز باالزدواجية بين ادارة تقليدية عتيقة و ادارة عصرية‪,‬وامام اكراهات تشكل الدولة الوطنية غداة‬
‫االستقالل‪ ,‬انصب االهتمام على تكريس مركزية شمولية لمواجهات التحديات االقتصادية و االجتماعية‬
‫الكب يرة ‪ ,‬و ذل ك لتلبي ات الحاج ات الملح ة والض رورية لكاف ة ش رائح و طبق ات المجتم ع ض من منظ ور‬
‫وط ني ع ام ‪ ,‬فمش كالت أساس ية كالص حة و التعليم ‪ ,‬و بن اء المؤسس ات االداري ة و توف ير البني ات‬
‫االساس ية الزم ة ل ذلك ‪ ,‬كله ا مس ائل لم يك ون االهتم ام به ا في مغ رب م ا بع د االس تقالل ي تيح امكاني ة‬
‫اعطاء الجهة ما تستحقه من عناية و تأطير ‪ .‬‬
‫بعد حصول المغرب على استقالله وجد نفسه أمام تركة استعمارية جسيمة على صعيد الفوارق‬
‫الجهوي ة على كاف ة األص عدة االقتص ادية ‪،‬االجتماعي ة والسياس ية‪ ،‬وبع د م ا ت بين العج ز الواض ح لإلقليم‬
‫كإطار لمحو تلك الفوارق والتفاوتات حيث أن اإلطار اإلقليمي كوحدة جغرافية لم تعد كافية وقادرة بأن‬
‫تستعمل كحقل للتخطيط االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فظهرت ضرورة االعتماد على تنظيم جديد وفعال‪،‬‬
‫والتي يفترض فيها‬ ‫‪14‬‬
‫فكانت الجهة الوسيلة المالئمة الختيارات إعداد التراب الوطني والتنمية الجهوية‬
‫أن تكون وحدة ترابية قادرة على تقديم إطار للنمو االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫وادا كان من الصعب التحدت في مرحلة ما بعد االستقالل الى سنة ‪ 1971‬عن المركزية الجهوية ‪ ,‬فان‬
‫اشكالية التنمية الجهوية طرحت من خالل المخططات التي عرفتها البالد مند الستينات واكتست درجات‬
‫متفاوتة‪ ،‬من مخطط ألخر بهدف تخطي صعوبة االختالالت المجالية وعدم التوازن بين مختلف الجهات‬
‫والمناطق‪. 15‬‬

‫‪ -‬صالح المستف‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -‬لبكر رشيد ‪:‬اعداد التراب الوطني ورهان التنمية الجهوية‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الرباط‪ ،2003 ،‬ص‪.150 :‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ -‬الغي وبي (الشريف) ‪ :‬االسس القانونية والمعوقات المالية للتنمية الجهوية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة‬ ‫‪15‬‬

‫محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق ‪،‬اكدال ‪،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2003-2002 ،‬ص‪.7 :‬‬
‫ففي مرحل ة الس تينات تم تس جيل تجرب تين اعتبرت ا م دخال حقيقي ا نح و ظه ور تجرب ة المن اطق‬
‫االقتص ادية ال تي ج اء به ا ظه ير ‪ 16‬يوني و ‪،1971‬ـ وهم ا ‪ :‬مش روع تهيئ ة ح وض س بو‪ ،‬ومش روع‬
‫اال ان اهم العراقي ل ال تي ح الت دون تحقي ق اه داف‬ ‫‪16‬‬
‫التنمي ة االقتص ادية القروي ة للري ف الغ ربي‪،‬‬
‫المخطط ات الس ابقة هي عدم المعرف ة بالحقائق المحلية وبالتالي ضرورة اقح ام البعد المجالي لعمليات‬
‫التنمي ة في المخطط ات‪ ،‬وفي ه ذا االط ار ص در الظه ير الش ريف بت اريخ ‪ 16/06/1971‬بش ان اح داث‬
‫الجه ات االقتص ادية الس بعة‪ ،17‬كلبن ة اولى لتنظيم حقيقي للجه ة في المغ رب‪ ،‬حيث وض عها في اط ار‬
‫قانوني مؤسساتي مبينا وظيفتها وحدود مشاركتها في المسلسل الوطني للتنمية‪.‬‬
‫و رغم ميزاته على المستوى النظري في إبراز الهوية االقتصادية و اإلمكانات المادية للجهة ‪،‬‬
‫من خالل اإلحصاء و رصد معدل النمو الخاص بكل جهة ‪ ،‬إال أنه أبان عمليا عن بون شاسع وفروق‬
‫ظاهرة بين بعض الجهات ‪ ،‬حتى أطلق على بعضها اسم المغرب النافع و على بعضها اآلخر المغرب‬
‫الغ ير الن افع ‪،‬تعب يراً عن ق وة أو ض عف إمكان ات الجه ة في المس اهمة في االقتص اد الوط ني ‪ ،‬و تعب يراً‬
‫كذلك عن عجز سياسة الدولة االقتصادية في إيجاد مخططات تنموية متكافئة ‪ ،‬باإلضافة إلى عدم قدرة‬
‫الحكومات المتوالية على التخلص من سياسة التركيز االقتصادي الموروثة عن االستعمار الفرنسي‪.‬‬
‫ل ذلك ك ان من الب ديهي أن تهتم الدول ة بتط وير المفه وم و التجرب ة ‪ ،‬لتج اوز إش كالية التف اوت‬
‫االقتصادي بين الجهات ‪ ،‬من أجل خلق توازن على مستوى استيعاب مخططات التنمية ‪ ،‬والقضاء أو‬
‫التخفي ف من وط أة المش اكل االجتماعي ة ال تي ب دأت تحت د من ذ بداي ة التس عينيات خاص ة على مس توى‬
‫التش غيل و الس كن و التعليم وتك افؤ الف رص ‪،‬من خالل مخطط ات إع داد ال تراب الوط ني ‪ ،‬و التجه يز‬
‫وتوف ير الب نى التحتي ة ال تي تش كل الدعام ة األساس ية لعملي ة التنمي ة االقتص ادية وألي مب ادرة اس تثمارية‬
‫كفيلة بوضع حلول لمشكلة البطالة وخاصة لحاملي الشهادات الجامعية ‪.‬‬
‫فج اء التع ديل الدس توري لس نة ‪ 1992‬ليعطي للجه ة ص فة الجماع ة المحلي ة ‪ ،‬مكرس ا ص فتها‬
‫كمرفق عام ذو شخصية معنوية واستقالل مالي ‪ ،‬وكتطور قانوني في اتجاه تفعيلها كأداة حقيقية للتنمية‬
‫االقتص ادية واالجتماعي ة ونم وذج للممارس ة الديمقراطي ة المحلي ة ‪ ،‬وه و م ا تأك د من خالل اإلرادة‬
‫السياسية للدولة بمقتضى الخطاب الملكي ليوم ‪ 20‬غشت ‪ ، 1996‬وخاصة بعد التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪ ، 1996‬حيث ص در الق انون رقم ‪96‬ـ ‪ 47‬لـ ‪ 2‬أبري ل ‪ 1997‬المنظم للجه ات ‪ ،‬وال ذي نص في مادت ه‬
‫األولى على أن ه ( تن اط بالجه ات م ع مراع اة االختصاص ات المس ندة إلى الجماع ات المحلي ة األخ رى ‪،‬‬
‫مهمة المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية و الثقافية للجماعة الجهوية‪.‬‬

‫‪ -‬لمزي د من التفص يل انظ ر يحي ا عب د الكب ير ‪ :‬التقس يم الجه وي ب المغرب وره ان التنمي ة‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا‬ ‫‪16‬‬

‫المعمقة ‪ ،‬في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪،2005-2004،‬ص‪.60:‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-71-77‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع الثاني ‪ 1391‬الموافق ل ‪ 16‬يونيو ‪ ،1971‬المتعلق باحداث المناطق ‪ ،‬جريدة‬ ‫‪17‬‬

‫رسمية عدد‪ 3060‬بتاريخ ‪ 29‬ربيع الثاني ‪ ،1391‬الموافق ل ‪ 23‬يونيو ‪،1971‬ص‪.1352 :‬‬


‫إال أنه رغم ذلك فقد بقيت الجهة خاضعة لسلطة الوصاية ‪ ،‬نتيجة لجعل السلطة التنفيذية للمجلس‬
‫الجهوي بيد عام ل عمال ة أو اإلقليم مركز الجه ة ب دل رئيس الجه ة المنتخب ‪ ،‬وهو م ا أثر كث يرا على‬
‫عملها وأدوارها وجعلها رهينة بتوجهات وزارة الداخلية ورقابتها المطلقة على قراراتها قبليا و بعديا ‪،‬‬
‫وذلك بإخضاع كل قراراتها لمصادقة سلطة الوصاية‬
‫وج اء الخط اب الملكي في ‪ 3‬ين اير ‪ 2010‬ليعطي انطالق ة حقيقي ة لل ورش الجه وي ال ذي يه دف‬
‫إلى تفعيل الجهوية الموسعة وتشكيل لجنة استشارية من أجل الوصول إلى بلورة تصور واضح المالمح‬
‫للنموذج المغربي للجهوية الموسعة‪ .‬وأخيرا‪ ،‬تم تعزيز الجهوية بعد إقرار الدستور الجديد لسنة ‪2011‬‬
‫حيث تم تخصيص الباب التاسع منه للجهات والجماعات الترابية األخرى‪ .‬كما نص الفصل األول من‬
‫ب اب األحك ام العام ة على أن «التنظيم ال ترابي للمملك ة تنظيم ال مرك زي‪ ،‬يق وم على الجهوي ة المتقدم ة‪.‬‬
‫«وهو تأكيد على إرادة المشرع االرتقاء بالمنظومة الجهوية وجعلها ركيزة أساسية للنظام الالمركزي‪.‬‬
‫والم أمول من الجهوي ة المتقدم ة في ش كلها المغ ربي أن تش كل إط ارا لإلنع اش وتنمي ة وس ائل وآلي ات‬
‫جديدة لالتمركز اإلداري‪ ،‬وتكون فاعال تنمويا أساسيا إلنجاح السياسات العمومية التنموية‪ .‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬الجهوية المتقدمة في تصور اللجنة االستشارية للجهوية‬


‫ج اء‪ ‬الخطاب الملكي الس امي ليوم األحد ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بمناسبة تنص يب اللجنة االستشارية للجهوية‬
‫ح امال لمش روع جهوي ة موس عة تن درج ض من البن اء ال ديمقراطي الح داثي للمغ رب والنه وض بمسلس ل‬
‫التنمية الجهوية للبالد في إطار الحكامة الجيدة‪ ‬والديمقراطية المخلية‪ ،‬يقول جاللة الملك في هذا اإلطار‪:‬‬
‫‪.."        ‬ومن هذا المنظور‪ ،‬فإن الجهوية الموسعة المنشودة‪ ،‬يقول جاللة الملك‪ ،‬ليست مجرد إجراء‬
‫تقني أو‪ ‬إداري‪ ،‬بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة‪ ،‬والنهوض بالتنمية‪ ‬المندمجة‪ .‬‬
‫‪        ‬هذا وقد حدد‪  ‬صاحب الجاللة الملك محمد‪  ‬السادس مرتكزات اإلصالح الجهوي المستقبلي في‬
‫أربعة محاور رئيسية‪:‬‬
‫‪       ‬أوال ‪ :‬التش بث بمقدس ات األم ة وثوابته ا‪ ،‬في وح دة‪ ‬الدول ة وال وطن وال تراب‪ ،‬ال تي نحن له ا‬
‫ض امنون‪ ،‬وعلى ص يانتها مؤتمن ون‪ .‬فالجهوي ة الموس عة‪ ،‬يجب أن تك ون تأكي دا ديمقراطي ا للتم يز‬
‫المغربي‪ ،‬الغني‪ ‬بتنوع روافده الثقافية والمجالية‪ ،‬المنصهرة في هوية وطنية موحدة‪.‬‬
‫‪"   ‬ثاني ا ‪ :‬االل تزام بالتض امن‪ .‬إذ ال ينبغي اخ تزال الجهوي ة في مج رد توزي ع‪ ‬جدي د للس لطات‪،‬‬
‫بين المركز والجهات‪ .‬فالتنمي ة الجهوية لن تكون متكافئة وذات‪ ‬طابع وط ني‪ ،‬إال إذا قامت على تالزم‬
‫اس تثمار ك ل جه ة لمؤهالته ا‪ ،‬على الوج ه‪ ‬األمث ل‪ ،‬م ع إيج اد آلي ات ناجع ة للتض امن‪ ،‬المجس د للتكام ل‬
‫والتالحم بين‪ ‬المناطق‪ ،‬في مغرب موحد"‬
‫‪"        ‬ثالث ا ‪ :‬اعتم اد التناس ق والت وازن في‪ ‬الص الحيات واإلمكان ات‪ ،‬وتف ادي ت داخل‬
‫االختصاصات أو تضاربها‪ ،‬بين مختلف‪ ‬الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات‪.‬‬
‫‪       ‬رابعا ‪ :‬انتهاج الالتمركز الواسع‪ ،‬الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله‪ ،‬في نطاق حكامة‬
‫ترابية ناجعة‪ ،‬قائمة على التناسق والتفاعل‪".‬‬
‫قراءة في تقرير لجنة الجهوية الموسعة‬
‫يع د تط بيق مش روع الجهوي ة المتقدم ة ب المغرب م دخال لديمقراطي ة محلي ة حقيقي ة واثق ة في‬
‫الكفاءات والمؤهالت البشرية الجهوية من خالل تمكينها من تدبير شأنها العمومي الجهوي والمساهمة‬
‫في التنمي ة المس تدامة والمندمج ة اقتص اديا واجتماعي ا وثقافي ا وبيئي ا وفيم ا يخص القض ية الوطني ة ف إن‬
‫الجهوي ة تش كل رؤي ة المغ رب كح ل ممكن لقض ية الص حراء المغربي ة وق د أك دت اللجن ة اإلستش ارية‬
‫للجهوية بأن الجهوية المتقدمة بالمغرب المشار إليها في اإلصالح الدستوري تشكل مرحلة انتقالية نحو‬
‫الحكم الذاتي في الصحراء المغربية وبالتالي تكملة للمقترح المغربي لحل دائم لقضية الصحراء‪.‬‬
‫عملت اللجن ة ال تي ترأس ها األس تاذ عم ر عزيم ان ‪ ،‬من ذ تش كيلها وبن اء على التوجيه ات الملكي ة‬
‫ومقتض يات الخط اب الملكي إلى فتح نق اش واس ع م ع الف اعلين السياس يين من أح زاب وهيئ ات نقابي ة‬
‫وجمعوي ة ‪ ،‬بغي ة الوص ول إلى تص ور ع ام يأخ ذ بعين االعتب ار مختل ف اآلراء و التوجه ات و‬
‫المقترحات‪ ،‬عمال بمبدأ المشاركة و التشاركية السياسية في صياغة المشروع ‪ ،‬حسبما جاء في ديباجة‬
‫التقرير ‪ ،‬الذي وضع نصب عينه أرضية من القيم سعى إلى تجسيدها في متن وجوهر المشروع‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ دور منظومة القيم في صياغة مشروع الجهوية المتقدمة‬
‫لق د رك ز الخط اب الملكي ل ‪ 9‬م ارس ‪ 2011‬على مس ألة الوح دة الترابي ة الوطني ة كإح دى‬
‫الث وابت األساس ية للمملك ة المغربي ة ‪ ،‬كم ا ع بر عنه ا في س ياق الح ديث عن دس ترة مش روع الجهوي ة‬
‫المتقدمة بقوله (…تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور‪ ،‬ضمن الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك في‬
‫نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب‪ ،‬ومتطلبات التوازن‪ ،‬والتضامن الوطني مع الجهات‪ ،‬وفيما بينها)‪.‬‬
‫مم ا يع ني أن قيم ة الوح دة الوطني ة له ا دالل ة عميق ة في فهم توج ه اإلرادة السياس ية نحو تك ريس‬
‫مش روع الجهوي ة الموس عة ‪ ،‬و ال تي تتماش ى م ع الخي ار االس تراتيجي ال ذي اتخ ذه المغ رب من أج ل‬
‫تصفية اإلشكال القائم في أقاليمنا الصحراوية ‪ ،‬في إطار مشروع الحكم الذاتي الذي يضمن حال سلميا‬
‫دائما وديمقراطيا للمسألة في إطار الوحدة الترابية المغربية ‪ ،‬وهو حل يحترم جميع اإلرادات الطامحة‬
‫الستقرار وأمن المنطقة و تنمية ورفاهية ساكنتها جميعا‬
‫فم ا يجب أن يس تفاد من مجم ل الخط اب السياس ي للدول ة من ذ ترب ع المل ك محم د الس ادس على‬
‫العرش‪ ،‬هو أن هناك توجها قويا نحو تقوية الرباط واالنتماء الوطني للمواطن المغربي بوطنه ‪ ،‬ودعم‬
‫ه ذا المنحى ليس فق ط اعتم ادا على م ا هو ت اريخي ‪ ،‬كرب اط البيع ة ‪ ،‬المؤس س إلم ارة المؤم نين حس ب‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 19‬من الدستور والتي شكلت دائما الضامن األساسي لوحدة األمة المغربية العقدية و‬
‫السياسية و الترابية‬
‫بل بإحداث منظومة قانونية شاملة ذات جوهر ديمقراطي شعبي ‪ ،‬يشترك بموجبها المواطن في‬
‫تدبير الشأن العام وبناء دولة المؤسسات ‪ ،‬ويتوسع فيها سقف الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية ‪،‬‬
‫وتض من من خالله ا الحف اظ على ال تراث الثق افي و الحض اري للمملك ة في تع دده و تنوع ه ‪ ،‬بم ا فيه ا‬
‫األمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية ‪.‬‬
‫ورغم أن هن اك هن ات عدي دة على مس توى الممارس ة ‪ ،‬إال أن التوج ه الع ام ينحى إيجابي ا نح و‬
‫تدعيم هذا الطرح ‪ ،‬وجعل الممارسة الديمقراطية المحلية عنصرا في توطيد قيمة المواطنة واالنتماء ‪،‬‬
‫ال كم ا يتص ور البعض ب أن الجهوي ة س تبنى على أس س لغوي ة وإ ثني ة و ثقافي ة لتك ون مع وال في ه دم‬
‫اللحمة و التضامن الوطني بين المغاربة‬
‫وهذا يعتبر توجها عاما للمشرع المغربي‪ ،‬تم تقريره قانونيا في قانون ‪96‬ـ ‪ 47‬الخاص بالجهة‬
‫حين نص في الم ادة الثاني ة من الق انون على أن ه ( ال يج وز ب أي ح ال من األح وال أن يمس إح داث‬
‫وتنظيم الجهات بوحدة األمة و ال بالحوزة الترابية للمملكة)‪.‬‬
‫إن هذا الفهم لقيمة الوحدة ‪ ،‬و االنتماء للوطن قبل كل شيء ‪ ،‬يجعل من الجهوية الموسعة آلية‬
‫ديمقراطي ة حق ه ‪ ،‬تم ارس من خالله ا قيم ة أخ رى أال وهي الموطن ة ‪ ،‬بك ل حموالته ا الفلس فية‬
‫والسياسية ‪ ،‬ودونما فرق على أساس اثني أو جغرافي أو لغوي مادام التعدد و التنوع خاصية مشتركة‬
‫بين ك ل أف راد األم ة على أس اس ديمق راطي ‪ ،‬ذو أبع اد تنموي ة اقتص ادية و اجتماعي ة حقيقي ة ‪ ،‬ترب ط‬
‫الجه ة بالنس يج االقتص ادي الوط ني و ال دولي ‪ ،‬وتس مح ب إبراز إمكاناته ا وق دراتها الطبيعي ة و البش رية‬
‫ومكوناتها الثقافية و التاريخية‪.‬‬
‫ل ذلك عم دت اللجن ة إلى اإلش ارة له ا من خالل وص ف األه داف األساس ية للمش روع ‪ ،‬بقوله ا‬
‫( يت وخى من الجهوي ة المتقدم ة أن تس اهم بش كل حاس م في التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة للبالد وفي‬
‫االس تثمار األمث ل للم ؤهالت والم وارد الذاتي ة لك ل جه ة واس تنهاض همم مختل ف الف اعلين المحل يين‬
‫والمشاركة في إقامة وإ نجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية الجهات‪ .‬وإ لى جانب هذا المرمى‬
‫األساس ي‪ ،‬ف إن الجهوي ة المتقدم ة‪ ،‬المقرون ة بالالمركزي ة وب الالتمركز الناف ذين‪ ،‬تح دوها إرادة تأص يل‬
‫فضائل أخرى منها تفّتح كافة المغاربة من خالل المساهمة المواطنة في السعي المتواصل لخدمة ما فيه‬
‫خير جماعتهم وجهتهم وأمتهم‪ .‬وهكذا فإن الجهوية المتقدمة ترمي إلى تحقيق المقاصد التالية ‪:‬‬
‫ـ تعزيز روح المبادرة وتحرير الطاقات الخالقة لدى المواطنين والمواطنات ولدى منتخبيهم ؛‬
‫المثبطات والعراقيل البيروقراطية ومعالجة سلبياتها؛‬
‫ـ الحد من ّ‬
‫ـ نهج سياس ة الق رب وتض افر الجه ود بين القطاع ات وأخ ذ البع د ال ترابي بعين االعتب ار في‬
‫السياسات العمومية وفي تدخالت الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬بغية الرفع من نجاعة الفعل العمومي؛‬
‫ـ تعزيز المناخ الديمقراطي وتوسيع نطاق الممارسة التشاركية بما يواتي الحكامة الجيدة ويغذي‬
‫روح المسؤولية ويعمم إلزامية تقديم الحساب من طرف المصالح اإلدارية وموظفي‬
‫الدولة والمنتخبين على جميع المستويات…)‬
‫‪2‬ـ التقطيع الجهوي الجديد وتوسيع االختصاصات التنفيذية لرئيس الجهة‬
‫اقترحت اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة‪ ،‬تقليص عدد الجهات الحالية بنسبة ‪ 25‬في المائة‪،‬‬
‫لتنتقل من ‪ 16‬إلى ‪ 12‬جهة‪ُ .‬يميز التصميم الرئيسي للتقطيع المقترح بين صنفين من الجهات الجديدة‬
‫الواض حة الح دود‪ ،‬األول يض م جه ات مح ددة اعتم ادا على أقط اب ك برى أو على قط بين حض ريين‬
‫مزدوجين والصنف الثاني‪ ،‬مرتبط بجهات غير مستقطبة تغطي جبال األطلس‪ ،‬والسهوب‪ ،‬والصحاري‬
‫ال تي تتخلله ا الواح ات بكثاف ة متباين ة‪ ،‬وال تي تس تلزم دعم ا قوي ا على مس توى التض امن الوط ني‬
‫وبخصوص األقاليم الجنوبية‪ ،‬تبنى مشروع التقطيع الترابي‪ ،‬خيار اإلبقاء على عدد الجهات المعتمدة‬
‫في التقطيع الجهوي لسنة ‪ ،1997‬وهي ثالث‪ ،‬مع مراجعة التشكيلة اإلقليمية المكونة لها‪.‬‬
‫وذهب نص مش روع الجهوي ة المتقدم ة إلى إح داث ‪ 12‬جه ة ب دل ‪ 16‬المق ررة بمقتض ى الظه ير‬
‫الحالي ‪ ،‬تضم ‪ 75‬إقليما و‪ 2503‬جماعة ‪ ،‬و تقسم بموجبه الجهات االثني عشر كالتالي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ جه ة طنج ة تط وان‪2 ،‬ـ جه ة الش رق والري ف‪ 3،‬ـ جه ة ف اس مكن اس‪ 4 ،‬ـ جه ة الرب اط س ال‬
‫القنيطرة‪ 5،‬ـ جهة بني مالل خنيفرة‪ 6 ،‬ـ جهة الدار البيضاء سطات‪ 7 ،‬ـ جهة مراكش أسفي‪ 8 ،‬ـ جهة‬
‫درعة تافياللت‪ 9 ،‬ـ جهة سوس ماسة‪10 ،‬ـ جهة كلميم وادنون‪11 ،‬ـ جهة العيون الساقية الحمراء ‪ 12‬ـ‬
‫جهة الداخلة واد الذهب‪.‬‬
‫المالح ظ ان ه ذا التقطي ع الجه وي ك ان عش وائيا حيث لم ت راعى الخصوص يات الثقافي ة‬
‫والديمغرافي ة للس اكنة المحلي ة‪ ،‬فتم دمج الحس يمة (وهي منطق ة تابع ة للري ف) م ع وج دة‪ ،‬وف اس م ع‬
‫مكناس‪..‬‬
‫أ ـ وضع األقاليم الجنوبية (حكم ذاتي)‬
‫ق رر المش روع الح الي اإلبق اء على التقس يم الجه وي ال راهن بخص وص أقاليمن ا الص حراوية ‪ ،‬و‬
‫المقررة في ثالث جهات مع بعض التعديالت التي مست بعض األقاليم باإلضافة إلى تغيير تسمية جهة‬
‫كلميم ـ أس ا ال زاك إلى جه ة كلميم واد ن ون ‪ ،‬وأص بح التقطي ع كم ا يلي ‪ :‬جه ة كلميم وادن ون‪ ،‬وتض م‬
‫كلميم‪ ،‬وطانط ان‪ ،‬وسيدي افني‪ ،‬وأسا الزاك‪ ،‬وجهة العيون الساقية الحمراء‪ ،‬مكونة من أربعة أقاليم‪،‬‬
‫هي العي ون‪ ،‬وطرفاي ة‪ ،‬وس مارة‪ ،‬وبوج دور‪ ،‬ثم جه ة الداخل ة وادي ال ذهب‪ ،‬ال تي اق ترح اإلبق اء على‬
‫تقسيمها الحالي‪.‬‬
‫إن م ا يجب اإلش ارة إلي ه هن ا تج اوزاً لمنظ ور التقطي ع الجه وي ‪ ،‬ه و الترك يز على دور التأهي ل‬
‫االجتماعي واالقتصادي للبنية السكانية للجهات الجنوبية ‪ ،‬والقائمة أساسا على عنصر االنتماء القبلي ‪،‬‬
‫ال ذي بموجب ه تح دد االنتم اء و ال والءات السياس ية و الحزبي ة ‪ ،‬فإغف ال ه ذا البع د ال يس تقيم أب داً م ع‬
‫التصور السياسي للديمقراطية والتنمية المحلية ‪ ،‬و للبعد الحقيقي لمشروع الجهوية الموسعة الذي يقوم‬
‫على مفه وم المواطن ة ال تي ال يمكن ب أي ح ال من األح وال أن تق وم على أس اس قبلي ‪ ،‬وه و م ا جع ل‬
‫بعض القبائل واألسر في ظل التدبير الحالي لملف األقاليم الجنوبية تستحوذ على امتيازات اقتصادية و‬
‫اجتماعي ة و مناص ب في أجه زة الدول ة ‪ ،‬وتس تأثر ب الخيرات و ال ثروة المحلي ة ‪ ،‬بن اءاً عالق ة اب تزاز و‬
‫استغالل للوضع االستراتيجي للمنطقة و إشكاالتها الدولية و اإلقليمية‪.‬‬
‫إال أننا نقول بأن التفعيل المتوازي آللية الديمقراطية الجهوية والتنمية المحلية بشكل شفاف وجدي‬
‫‪ ،‬على المستوى العملي مع منظوم ة القيم التي سطرتها التوجهات الملكية ‪ ،‬سيدفع نحو كسر األساس‬
‫القبلي لمفه وم االنتم اء وكس ر احتك ار قل ة من األعي ان ‪ ،‬لص وت الغالبي ة من الس كان الت واقين لممارس ة‬
‫سياس ية تش اركية هادف ة ‪ ،‬ين الون من خالله ا حق وقهم في التعب ير و ال رأي و التش غيل و الس كن ‪ ،‬دونم ا‬
‫خلفي ة إيديولوجي ة أو قبلي ة ‪ ،‬م ادام ت دبير ش أنهم المحلي بأي ديهم ‪ ،‬ونج اح تجرب ة الت دبير المحلي س يدفع‬
‫على المس توى االس تراتيجي إلى ت دعيم مش روعية خط ة الحكم ال ذاتي ونجاعته ا ‪ ،‬لح ل اإلش كال بص فة‬
‫نهائية ودائمة ‪ .‬وهذا يمر أساسا عبر‪:‬‬
‫ت دبير اقتص ادي وم الي ع ادل و ش فاف ‪ ،‬يع بر عن عدال ة التوزي ع ‪ ،‬و التش اركية ‪ ،‬وتوظي ف‬
‫الكفاءات البشرية ‪ ،‬واالستغالل الرشيد للموارد الطبيعية و المالية للجهة‪.‬‬
‫ـ ترس يخ الت دبير ال ديمقراطي ‪ ،‬ع بر آلي ة االنتخ اب المباش ر ل رئيس الجه ة و أعض اء المجلس‬
‫الجه وي ‪ ،‬وه ذا م ا ي ذهب إلي ه مش روع الجهوي ة المتقدم ة ‪ ،‬بع د أن ك ان النص الس ابق ينص على‬
‫االقتراع السري ‪.‬‬
‫ـ تحديد الحدود بين مالية الجهة و مالية الدولة ‪ ،‬وسد النقص في حالة ضعف الموارد وذلك عبر‬
‫إحداث صناديق الدعم الجهوي‬
‫ب ـ توسيع اختصاصات رئيس مجلس الجهة‬
‫لق د نص الخط اب الملكي في إط ار مش روع اإلص الحات الدس تورية إلى نق ل ك ل االختصاص ات‬
‫التنفيذية لمجلس الجهة ‪ ،‬من عامل عمالة أو إقليم مركز الجهة إلى رئيس مجلس الجهة الذي سيصبح‬
‫بموجب هذه المقتضيات ‪ ،‬الساهر على تنفيذ قرارات المجلس الجهوي وممثال للجهة كشخص معنوي‬
‫أم ام القض اء ورف ع ال دعاوى باس مها‪ .‬كم ا أن رئيس المجلس الجه وي ه و اآلم ر بالص رف والمنف ذ‬
‫لقرارات المجلس الجهوي‪.‬‬
‫لكن مش روع اللجن ة الجهوي ة لم يش ترط مس توى ثق افي أو تعليمي لت ولي منص ب رئيس الجه ة‬
‫خصوصا انه يكون مسؤوال عن التدبير المالي للجهة‪ ،‬وهذا امر خطير كان يجب االنتباه اليه‪ ،‬أضف‬
‫الى ذلك المستوى الثقافي للنخبة التي ستشتغل مع رئيس الجهة‪.‬‬
‫كما سيقوم بموجب ذلك بانجاز أعمال الكراء والبيع والشراء وإ برام الصفقات وتقديم الخدمات‬
‫‪ ‬تنفيذ الميزانية و إعداد الحساب اإلداري‬
‫اتخاذ قرارات ألجل فرض الرسوم و األتاوى ومختلف الحقوق‬ ‫‪‬‬
‫أن تنشر قراراته في الجريدة الرسمية …‬ ‫‪‬‬
‫و هي االختصاصات المسندة لعامل عمالة مقر الجهة بموجب المادة ‪ 55‬من القانون الحالي‬
‫إن من شأن توسيع االختص اص التنفي ذي لرئيس الجه ة ‪ ،‬بتواز م ع تفعي ل مس ألة تكريس الجه ة‬
‫كجماع ة محلي ة ذات مرك ز متق دم في التقطي ع ال ترابي للمملك ة متمتع ة بالشخص ية المعنوي ة واالس تقالل‬
‫المالي ‪ ،‬و الذي يتسق إجماال مع المنظور الديمقراطي للتدبير المحلي للشأن العام ‪ ،‬أن يرفع من قدرة‬
‫الجه ة على تنفي ذ ب رامج التنمي ة االقتص ادية و االجتماعي ة ‪ ،‬و إع داد التص ميم الجه وي لتهيئ ة ال تراب‬
‫الوط ني ‪ ،‬والقي ام باألعم ال الالزم ة إلنع اش االس تثمار وإ قام ة وتنظيم من اطق لألنش طة االقتص ادية ‪،‬‬
‫واعتم اد الت دابير المتعلق ة ب التكوين المه ني وإ نع اش الش غل ‪ ،‬وحماي ة البيئ ة و ت دبير الم وارد المائي ة ‪،‬‬
‫وإ نعاش األنشطة االجتماعية والثقافية و التضامن و دعم المجال الرياضي ‪ ،‬والحفاظ على الخصائص‬
‫المعماري ة الجهوي ة وإ نعاش ها ‪ ،‬وهي كله ا من ص ميم اختصاص ات مجلس الجه ة حس بما ه و منص وص‬
‫عليه في المادة ‪ 7‬من القانون الحالي‪.‬‬
‫وللمقارنة فالمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء ‪ ،‬سطرت نفس األدوار لمنطقة الحكم الذاتي‬
‫‪ ،‬م ع الرف ع من س قف س لط الت دبير ال ذي ش مل المج الين التش ريعي و القض ائي بإح داث برلم ان إلقليم‬
‫الحكم الذاتي ومحاكم جهوية في احترام وتوافق للتنظيم التشريعي والقضائي الوطني ‪ ،‬كما شمل مجال‬
‫التنظيم و الض بط ‪ ،‬الخ اص بالش رطة‪ ،‬وك ذلك الس لطة التنفيذي ة ال تي يم ارس من خالله ا رئيس إقليم‬
‫الحكم الذاتي المنتخب ‪ ،‬سلطاته في إدارة اإلقليم ‪ ،‬ويعين بموجبها حكومة الجهة‪ ،‬تحت رقابة البرلمان‬
‫‪18‬‬
‫الجهوي‪.‬‬
‫مم ا يع ني ‪ ،‬وفي س ياق الخط وات المتخ ذة من أج ل دس ترة الجهوي ة الموس عة ‪ ،‬أن مب ادرة الحكم‬
‫ال ذاتي لن تتن افى معه ا ب ل س تكون متناس قة تمام ا م ع التص ورات القانوني ة و اإلداري ة للتقطي ع ال ترابي‬
‫للمملكة مما سيضمن نجاحها ‪ ،‬على األقل نظريا في أفق توافق اإلرادات على تفعيلها وتطوير أداءها‬
‫إن مقارب ة الجهوي ة المتقدم ة ‪ -‬كم ا ج اء في تقري ر اللجن ة االستش ارية الجهوي ة ‪ -‬كم دخل‬
‫«إلص الح عمي ق يمس هياك ل الدول ة من خالل الس ير الح ثيث المت درج على درب الالمركزي ة‬
‫والالتمرك ز الفعل يين الناف ذين‪ ،‬والديمقراطي ة المعمق ة‪ ،‬والتح ديث االجتم اعي والسياس ي واإلداري للبالد‬
‫والحكامة الجيدة» تتوخى تكريس التنمية المستدامة وتحقيق االندماج االقتصادي واالجتماعي والثقافي‬
‫والبيئي‪ .‬وهذا الطموح يوازيه دستوريا االستجابة لمطلبين أساسيين‪ ،‬وهما مطلبا تعزيز موقع الجهوية‬
‫يز اإلداري‪.‬‬ ‫ة الالترك‬ ‫وتقوي‬
‫إن مطلب تعزيز موقع الجهوية يتجسد من منطلق أن الجهة «تتبوأ‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬مكانة‬

‫للتوسع انظر‪ :‬محمد بوبوش‪ :‬قضية الصحراء ومفهوم االستقالل الذاتي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪18‬‬

‫الخامس‪-‬كلية الحقوق‪-‬الرباط‪.2005 ،‬‬


‫الص دارة بالنس بة للجماع ات الترابي ة األخ رى‪ ،‬في عملي ات إع داد وتتب ع ب رامج التنمي ة الجهوي ة‪،‬‬
‫والتص اميم الجهوي ة إلع داد ال تراب‪ ،‬في نط اق اح ترام االختصاص ات الذاتي ة له ذه الجماع ات الترابي ة»‬
‫(الفصل ‪ 143‬من الباب التاسع – الجهات والجماعات الترابية)‪.‬‬
‫ويتجس د تحقي ق مطلب تعزي ز موق ع الجهوي ة ك ذلك من خالل «إش راك المواط نين في تس يير‬
‫ش ؤونهم وذل ك عن طري ق انتخ اب ممثليهم في المج الس الجهوي ة بص فة مباش رة عن طري ق تب ني نم ط‬
‫االق تراع الع ام المباش ر (الفص ل ‪ 135‬من الدس تور)‪ ،‬من المعل وم أن االق تراع غ ير المباش ر تش وبه‬
‫مجموعة من العيوب‪ ،‬من بينها التباعد الذي يحدثه بين المواطنين والممثلين الجهويين‪ ،‬وغياب الشفافية‬
‫الذي يشجع المناورات الفردية والتواطؤات المختلفة على حساب رغبات وأمنيات المواطنين‪ .‬وهذا ما‬
‫حدث في التجديد األخير لثلث أعضاء مجلس المستشارين سنة ‪ .2006‬كما أن االقتراع غير المباشر‬
‫ينط وي على ت راكب المس ؤوليات االنتخابي ة‪ ،‬أي الجم ع بين االنت دابات ال ذي ال يتواف ق م ع االنض باط‬
‫والحضور المتواصل للمنتخبين الجهويين‪ ،‬حيث تتطلب مهامهم انخراطا شخصيا‪ ،‬خصوصا وأن أغلبهم‬
‫يمارس نشاطا مهنيا يحد من استعداده‪.‬‬
‫يبدو من الواضح أن االقتراع المباشر سيكون أكثر مطابقة لتمثيل سياسي حقيقي للناخبين وأكثر‬
‫مالءمة الستيعاب الواقع الجهوي‪ ،‬ليس فقط من قبل المنتخبين بل كذلك من طرف الناخبين‪ .‬وهذا ما‬
‫تؤكده بوضوح التجارب األجنبية‪ ،‬خصوصا منها األوربية‪ .‬فاالقتراع المباشر ساهم في ظهور نوع من‬
‫الوعي الجهوي واالنتماء إلى مجموعة ما‪ .‬ولذلك يجب تحقيق هذا التغيير في التقنية االنتخابية إذا أردنا‬
‫أن تصبح الجهة‪ ،‬في الواقع‪ ،‬تجسيدا للجهوية الموسعة وفضاء للتنمية السياسية والتضامن االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬وأن يتطابق مضمون هذه الجهوية وما تنطوي عليه من استقالل وظيفي مع الديمقراطية‬
‫ة‪.‬‬ ‫الجهوي‬
‫كم ا «تض ع مج الس الجه ات والجماع ات الترابي ة األخ رى آليــات تشــاركية للحــوار والتشــاور‪ ،‬لتيس ير‬
‫مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها» (الفصل ‪ .)139‬كما ُيمكن‬
‫في ذات الوقت «للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض‪ ،‬الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج‬
‫نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله» (الفقرة األخيرة‪-‬الفصل ‪)139‬‬
‫إن مطلب تقوية الالتركيز اإلداري من جهة ثانية يتوخى أساسا تركيز المقومات األساسية للجهة على‬
‫إشراك الكفاءات في تدبير شؤونها على أسس أكثر استقاللية أي ابتكار جهوية مغربية موسعة تعنى في‬
‫جوهرها باإلنسان المغربي (متعدد الثقافات والموحد في كيانه الوطني)‪ .‬ويهدف إلى القطع مع‪  ‬نظام‬
‫كثير التمركز‪ ،‬يعتمد أكثر من ‪ %95‬من قراراته على مستويات مركزية‪.‬‬
‫ويق وم الالترك يز اإلداري عملي ا على تعزي ز ص الحيات ممثلي الس لطة المركزي ة وتغي ير الوض ع‬
‫االعتب اري الع ام لل والة والعم ال‪ ،‬من خالل محافظ ة الدس تور الجدي د لل والة والعم ال على أدوارهم‬
‫ومهامهم مضيفا إليها دور «تمثيل السلطة المركزية» بدل «تمثيل الدولة» سابقا‪.‬‬
‫وه و تغي ير ينس جم م ع تعزي ز موق ع الجماع ات الترابي ة ونق ل العالق ة م ع المج الس المنتخب ة من‬
‫«الوصاية» إلى «المساعدة» حيث حصرت المادة ‪ 145‬مهام العمال والوالة في تمثيل السلطة المركزية‬
‫في الجماع ات الترابي ة والعم ل‪ ،‬باس م الحكوم ة‪ ،‬على ت أمين تط بيق الق انون وتنفي ذ النص وص التنظيمي ة‬
‫للحكومة ومقرراتها وممارسة الرقابة اإلدارية ومساعدة الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة رؤساء المجالس‬
‫الجهوية‪ ،‬على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪ .‬كل هذا بجانب القيام‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪،‬‬
‫بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية والسهر على حسن سيرها‪.‬‬
‫وهذا ما يقوي من وضع مصالح اإلدارة المركزية على المستوى المحلي‪ ،‬حيث أخذت موقعها كـ‬
‫«مصالح ال ممركزة لإلدارة المركزية» بدل «المصالح الخارجية» سابقا‪.‬‬
‫إن ك ل ه ذه التغي يرات‪  ‬في موق ع الجهوي ة وفي وض ع الالترك يز اإلداري تحيلن ا على س ؤال‬
‫محوري حول اآلفاق االستشرافية المتاحة للجهوية المتقدمة على ضوء الدستور الجديد‪ .‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬آليات تقوية الجهة‬
‫إن نظام الجهوية كمكسب وكخيار تنظيمي وإ داري أصبح اليوم في حاجــة إلى أن تقــوى آلياتــه‬
‫وميكانيزماته األساسية‪ ،‬وخصوصا على مستوى آليات مباشرة تدبير الشأن العام المحلي‪.‬‬
‫وهذا يقتضي باألساس‪:‬‬
‫من منطلق سياسي‪ ‬‬
‫التخلي عن ك ل مقارب ة أمني ة ض يقة أو احتوائي ة أو تركيزي ة وممرك زة أو ت ذويب مطل بي ال رقي‬
‫بالجهوي ة وتحقي ق الالتمرك ز اإلداري داخ ل ق الب العمومي ات‪ ،‬م ع الح رص الج اد على إعط اء الحري ة‬
‫للديناميكي ة ال تي ت راكمت وتبل ورت ج راء تجرب ة ‪ 30‬س نة الماض ية‪ ،‬وال تي أب انت على ق درة النخب‬
‫المحلية على قيادة وترسيخ نظام جهوي متقدم ومتكامل داخل بنية قطرية وطنية قوية‪.‬‬
‫‪-‬تقوية التمثيلية والمشروعية الديمقراطية للمجالس الجهوية واعتماد مقاربة النوع‪ ،‬لتشجيع النساء‬
‫على ول وج الوظ ائف التمثيلي ة والمش اركة في ت دبير ش ؤون الجه ة‪ ،‬وك ذا تنظيم مش اركة المواط نين‬
‫والمجتمع المدني في النقاش العمومي حول قضايا الجهة وكيفية تدبيرها على الوجه األحسن‪  .‬‬
‫وألجل ذلك يتعين‪:‬‬
‫‪ -‬الخروج عمليا من منطق التعميم وتدقيق الصالحيات وحصرها بوضوح وتبيان تداخلها‪ ،‬ألن‬
‫الحاج ة أكي دة إلى ص الحيات مدقق ة وواض حة ومض بوطة لك ل من الهيئ ات الترابي ة ك ل حس ب طبيعته ا‬
‫وقدراتها (المجلس الجهوي‪ ،‬المجلس اإلقليمي‪ ،‬المجالس المحلية)‬
‫إعطاء الجهات أكبر قدر من الصالحيات في تفاعل مع المجالس األخرى وخصوصا في مجال‬
‫التربية والتعليم والثقافة والسكن وغيرها‪...‬‬
‫‪-‬إعطاء الجهات صالحيات واسعة تمكنها من تفعيل مؤهالتها البشرية والطبيعية في إطار عدالة‬
‫جهوية متكاملة‪.‬‬
‫من منطلق قانوني وتشريعي‬
‫إن تب وأ الجه ات مكان ة الص دارة بالنس بة للجماع ات األخ رى‪ ،‬في عملي ات إع داد وتتب ع ب رامج‬
‫التنمي ة الجهوي ة‪ ،‬والتص اميم الجهوي ة إلع داد ال تراب‪ ،‬في نط اق اح ترام االختصاص ات الذاتي ة له ذه‬
‫الجماعات (الفصل ‪ 143‬من الدستور) بجانب تحقيق مطلب تقوية الالتركيز اإلداري كخيار ديمقراطي‬
‫لص الح التنظيم اإلداري ب المغرب ه و مكس ب دس توري ه ام‪ .‬لكن ه أص بح في حاج ة إلى أن يت وفر على‬
‫س بل عملي ة ودقيق ة لتقوي ة اآللي ات والميكانيزم ات األساس ية والجوهري ة‪ ،‬وخاص ة على مس توى آلي ات‬
‫الحكامة الترابية وتدبير الشأن العام المحلي‪.‬‬
‫وه و م ا يقتض ي – وباس تعجال‪ -‬من المؤسس ة التش ريعية‪ ..‬في س ياق تنزي ل ومواكب ة مقتض يات‬
‫الدستور الجديد‪:‬‬
‫إصدار القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية‪ ،‬وتهم باألساس‪:‬‬
‫‪-1‬شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية األخرى لشؤونها بكيفية ديمقراطية‪ ،‬وعدد أعضاء‬
‫مجالسها‪ ،‬والقواعد المتعلقة بأهلية الترشيح‪ ،‬وحاالت التنافي‪ ،‬وحاالت منع الجمع بين االنتدابات‪ ،‬وكذا‬
‫النظ ام االنتخ ابي‪ ،‬وأحك ام تحس ين تمثيلي ة النس اء داخ ل المج الس الم ذكورة (الفص ل ‪.)146‬‬
‫‪ 2 -‬شروط تنفيذ رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية األخرى لمداوالت هذه‬
‫المجالس ومقرراتها‪ ،‬طبقا للفصل ‪.138‬‬
‫‪-3‬ش روط تق ديم الع رائض المنص وص عليه ا في الفصل‪ ،139‬من قب ل المواطن ات والمواط نين‬
‫ات‪.‬‬ ‫والجمعي‬
‫‪4-‬االختصاص ات الذاتي ة لفائدة الجه ات والجماع ات الترابي ة األخرى‪ ،‬واالختصاص ات المش تركة بينها‬
‫وبين الدولة واالختصاصات المنقولة إليها من هذه األخيرة طبقا للفصل ‪.140‬‬
‫‪-5‬النظام المالي للجهات والجماعات الترابية األخرى‪.‬‬
‫‪-6‬مصدر الموارد المالية للجهات وللجماعات الترابية األخرى‪ ،‬المنصوص عليها في الفصل ‪.141‬‬
‫‪7-‬م وارد وكيفي ات تس يير ك ل من ص ندوق التأهي ل االجتم اعي وص ندوق التض امن بين الجه ات‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪.142‬‬
‫شروط وكيفيات تأسيس المجموعات المشار إليها في الفصل ‪.144‬‬
‫المقتض يات الهادف ة إلى تش جيع تنمي ة التع اون بين الجماع ات‪ ،‬وك ذا اآللي ات الرامي ة إلى ض مان‬
‫تكييف تطور التنظيم الترابي في هذا االتجاه‪.‬‬
‫قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدإ التدبير الحر‪ ،‬وكذا مراقبة تدبير الصناديق والبرامج‬
‫وتقييم األعمال وإ جراءات المحاسبة‪.‬‬
‫وفي نفس الس ياق‪ ،‬وعلى مس توى الغرف ة الثاني ة للبرلم ان‪ ،‬يجب ت دقيق وض بط مس اهمة الجه ات‬
‫والجماعات الترابية األخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة‪ ،‬وفي إعداد السياسات الترابية‪ ،‬من خالل‬
‫ممثليها في مجلس المستشارين (الفصل ‪.)137‬‬
‫من منطلق إداري وتدبيري‬
‫من ه ذا المنطل ق‪ ،‬وت دعيما للمنطلق ات السياس ية والتش ريعية س ابقة ال ذكر‪ ،‬يتعين على الحكوم ة‬
‫اعتم اد المنهجي ة التش اركية والتعاقدي ة في ت دبير المس تويين المرك زي وال ترابي‪ ..‬‬
‫وذلك بوضع ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬تنفيذا للنداء الملكي في خطاب العرش لسنة ‪ 2009‬حيث‬
‫حث جاللت ه الحكوم ة على اإلس راع بإع داد ميث اق لالتمرك ز اإلداري‪ ..‬معت برا جاللت ه أن ال جهوي ة‬
‫ناجعة بدونه‪ .‬وذلك بما يقتضيه األمر من تجاوز للعقليات المركزية المتحجرة‪ .‬‬
‫إن الجهوية المتقدمة والالتمركز الواسع‪ ،‬محك حقيقي للمضي قدما في إصالح وتحديث هياكل‬
‫الدول ة‪ .‬ومن ش أن وض ع الميث اق الوطني لالتمرك ز اإلداري أن يمنح الجماع ات الترابي ة‪ ،‬وفي مق دمتها‬
‫المج الس الجهوي ة‪ ،‬أجه زة إداري ة متح ررة من العقلي ة المركزي ة على المس توى المحلي واإلقليمي‬
‫والجهوي‪ ..‬وقادرة على تطبيق مبدإ التدبير الحر‪ ..‬ومعززة بسلطات تقريرية فعلية وبهامش واسع من‬
‫المب ادرة والخل ق والفع ل‪ ..‬في تناس ق وانس جام م ع المص الح الالممرك زة لإلدارة المركزي ة وم ع ممثلي‬
‫ال‪ .‬‬ ‫ة من والة وعم‬ ‫لطة المركزي‬ ‫الس‬
‫إن التفك ير في إح داث «هيئ ة علي ا» على ش كل مجلس يتك ون من ممثلي مختل ف مس تويات الجماع ات‬
‫الترابية للمملكة (الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات المحلية) التي تتنظم في جمعيات وتكون في‬
‫عالقة مباشرة مع الحكومة‪ ،‬وتستشار في كل مشروع إصالح يهم الجماعات الترابية ويكون له تأثير‬
‫على ممارسة صالحيات الجماعات المحلية‪ ..‬أصبح أمرا ملحا‪ .‬وسيكون لمجلس المستشارين (الغرفة‬
‫الثاني ة للبرلم ان) وظ ائف هام ة في ه ذه البني ة المحدث ة‪ ،‬لتس هيل التواص ل بين مختل ف المت دخلين‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬تشير التجربة إلى أن تطور الجهوية في الدول الديمقراطية قد ال يرتبط بشكلها السياسي وإ نما‬
‫بدرج ة ومس توى وتج در الممارس ة الديمقراطي ة فيه ا‪ ،‬كم ا أن ه ذا التط ور يتوق ف على ص دق اإلرادة‬
‫السياس ية للمش رع ورغبت ه الراس خة في إعط اء الجه ة مكان ة سياس ية متم يزة داخ ل التنظيم السياس ي‬
‫واإلداري‪ ..‬وهذا رهين أساسا بما رصد لها من موارد مالية وبما جند لها من إمكانيات مادية وبشرية‬
‫في مس توى التطلع ات‪ ..‬بحيث أن ه ذين العنص رين هم ا الل ذان يح ددان الطبيع ة الحقيقي ة للجهوي ة‬
‫ومستوى تطورها ونموها الصحيح‪ .‬‬
‫فالنظام المالي يعتبر المفصل في نجاح التجربة الجهوية أو فشلها‪ .‬وهنا نذكر بالمادة ‪ 141‬من‬
‫الدس تور ال تي تنص على أن الجه ات والجماع ات الترابي ة األخ رى تت وفر على م وارد مالي ة ذاتي ة‪،‬‬
‫وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة‪.‬‬
‫وبم ا أن التموي ل عص ب التنمي ة‪ ..‬فيجب االل تزام بتحوي ل الم وارد المالي ة المطابق ة لك ل نق ل‬
‫الختصاص معين من الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى حسب ما نص عليه الدستور في‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ .141‬‬
‫خاتمة‬
‫إن تنزيل ومواكبة مقتضيات الدستور الجديد الذي وسع من صالحيات الجهات بمنحها موقع‬
‫الص دارة على مس توى الجماع ات الترابي ة يف رض على المغ رب الت وفر على نظ ام ال ممرك ز ذي مه ام‬
‫مح ددة ومض بوطة بق وانين تنظيمي ة خاص ة بالجماع ات الترابي ة‪ ،‬ومع ززة بميث اق وط ني لالتمرك ز‬
‫اإلداري يحقق لإلدارة المركزية تأمين استمرارية أنشطة مصالحها غير الممركزة دون تداخل وتضاد‬
‫وتنافر لالختصاصات بين مختلف الجماعات المحليَّة والسلطات والمؤسسات‪ .‬وفي نطاق حكامة ترابية‬
‫ناجع ة‪ .‬وينبغي أن يتوفر هذا النظام على س لطات ال مركزي ة على جمي ع المستويات‪ ،‬االقتصادية منها‬
‫واالجتماعية والثقافية مع األخذ بعين االعتبار الخصائص الجهوية‪.‬‬
‫ف المغرب متع دد‪ ،‬وك ل جه ة له ا خصوص ياتها‪ .‬فاألق اليم الص حراوية ليس ت هي الري ف‪ ،‬وس وس‬
‫ليس ت هي الغ رب‪ ...‬إلخ‪ ...‬ل ذا‪ ،‬ف النموذج المغ ربي المغ ربي يكمن بالض بط في حقيق ة إدراج ه ذا‬
‫المعطى‪ ،‬من أج ل تس ليط الض وء على الم ؤهالت الجهوي ة وإ ب راز التن وع في بل دنا‪ .‬وه ذا يتطلب ذك اء‬
‫جماعيا البتكار نموذج لديه القدرة على احتواء وتعبئة كل مكونات المجتمع المغربي‪ .‬‬
‫وابتك ار نم وذج مغ ربي للجهوي ة المتقدم ة يجب أن يق وم على طريق ة التنب ؤ وتوق ع التش ريعات‬
‫الجهوية في مجاالت معينة تدمج خصوصيات كل جهة في أفق إعطاء دفعة قوية وزخم حقيقي لدينامية‬
‫الالمركزي ة والالتمرك ز اإلداري‪ .‬له ذا‪ ،‬يجب أن تك ون الجه ة مع ززة بكف اءات من اإلدارة المحلي ة‬
‫ويكون لها هامش التحرك الختيار القرار المناسب وفي الوقت المالئم‪.‬‬
‫لق د مه د الدس تور الجدي د‪ ،‬من خالل أحكام ه المتقدم ة ال تي تعي د تنظيم االختصاص ات بين مختل ف‬
‫المؤسس ات الدس تورية‪ ،‬الطري ق أم ام إع ادة تنظيم ديمق راطي لالختصاص ات بين الدول ة والجه ات‪ ،‬م ع‬
‫تك ريس المب ادئ األساس ية للجهوي ة المغربي ة‪ ،‬والمتمثل ة في الوح دة الوطني ة والترابي ة‪ ،‬والت وازن‬
‫والتض امن والممارس ة الديمقراطي ة‪ ،‬وانتخ اب مج الس الجه ات ع بر االق تراع المباش ر ونق ل الس لطات‬
‫التنفيذية لهذه المجالس إلى رؤسائها‪.‬‬

You might also like