Professional Documents
Culture Documents
وَأَعِدُّوا - مواعظ في الأسرة والجهاد
وَأَعِدُّوا - مواعظ في الأسرة والجهاد
َو َأ ِع ُّدوا
مواعظ في األسرة والجهاد
الـــــكـــــتـــــابَ :و�أَ ِعدُّوا -مواعظ يف الأ�سرة واجلهاد
إعـــــــــــــــداد :مركز املعارف للت�أليف والتحقيق
إصــــــــــــــدار :دار املعارف الإ�سالم َّية الثقاف َّية
تصميم وطباعــة:
الطـبـعــة األولــى2020 :م
ISBN 978-614-467-155-9
books@almaaref.org.lb
00961 01 467 547
00961 76 960 347
7
5
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
املوعظة السادسة
ع ٌّيل وفاطمة ،Lالنموذج األمثل للحياة الزوج ّية53....................
6
ّ
المقدمة
وصل الله عىل س ّيدنا مح ّمد وآله رب العاملنيّ ، الحمد لله ّ
الطاهرين.
ك ْم َو ُيثَ ّبتْ َّ َ َ ُ ْ ُ ُ َ ُ َ َّ َ ُّ َ َ
نصوا الل ينص َ
قال -تعاىل﴿ :-يا أيها الِين آمنوا إن ت ُ
ِ ِ
ََْ َ ُ
ك ْم﴾(((. أقدام
إ ّن النرص من السنن اإلله ّية التي يجريها الله -سبحانه -عىل
من يستحقّها ،والنرصة لله تكون بات ّباع دينه ،وتحكيم رشعه يف
خلقه .وأه ّم ميادين نرصة الله هو األرسة؛ فهي نواة املجتمع
املؤمن ،واملدرسة التي ينبغي أن يتخ ّرج منها املجاهدون النارصون
لدين الله بالقول والسلوك والجهاد ،فحفظها وصونها من أه ّم
ككل.
اإلسالمي ّ أثرها عىل املجتمع َ ّ الواجبات التي ينعكس
نف َس ُه ْم َوأَ ْهل ِيه ْم يَ ْومَ
ُ ُ َ َّ َ َ َ َّ ْ
ِ اسين الِين خ ِسوا أ قال -تعاىل﴿ :-إِن ال ِ ِ
ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُْ ْ َ ْ
س ُان ال ُمبِ ُني﴾(((. القِيامةِ أل ذل ِك هو ال
7
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
وضمن سلسلة زاد الواعظ ،جاء كتاب «وأعــدُّ وا» ،ليتح ّدث
عن األرسة السليمة ،موضّ حاً الرؤية اإلسالم ّية يف تشكيل األرسة
اإللهي ،مبيّناً أسبابه وسننه.
ّ وتربيتها ،ومتح ّدثاً عن النرص
رب العاملني
والحمد لله ِّ
8
األول
المحور ّ
األسرة
الموعظة األولى
األسرة السليمة
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
ُ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َ َّ ُ َ َ ُ
ٱلل َج َعل لكم ّم ِۡن أنفسِك ۡم أ ۡز َو ٰ ٗجا َو َج َعل لكم ّم ِۡن أ ۡز َو ٰ ِجكم بَن َِني ﴿و
َ ُ ۡ ُ َّ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ّ ُ َ
َو َح َف َد ٗة َو َرزقكم م َِن َّ
َ
ٱلط ّيِبٰتِ ۚ أفبِٱلبٰ ِط ِل يُؤمِنون َوبِنِع َمتِ ٱللِ ه ۡم يَكف ُرون﴾(((.
أهم ّية األسرة في اإلسالم
ّ
10
يلسلا ةرسألا :ىلوألا ةظعوملا
11
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
أث ُره يف مقام العمل إىل الخشوع الذي هو نوع تأث ّ ٍر نفسا ّين عن
العظمة والكربياء»(((.
ُ َ َ ُ َۡ َ َ َ ُ َ
قال -تعاىلَ ﴿ :-وم ِۡن َءايٰتِهِۦٓ أن خل َق لكم ّم ِۡن أنفسِك ۡم أ ۡز َو ٰ ٗجا
َٰ ّ َ َ َ ّ َ ۡ ُ ُ ٓ ْ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َّ ٗ َ َ ۡ َ ً َّ
ت ل ِق ۡو ٖم
لها وجعل بينكم م َودة ورحة ۚ إِن ِف ذٰل ِك ٓأَلي ٖ ل ِتسكنوا إ ِ
َ َ َ َّ ُ َ (((
يتفكرون﴾ .
دخلت تلقّتني،
ُ النبي P فقال :إ ّن يل زوجةً ،إذا
رجل إىل ّ
جاء ٌ
وإذا خرجت ش ّيعتني ،وإذا رأتني مهموماً قالت :ما يه ّمك؟! إن
كنت تهت ّم لرزقك فقد تكفّل به غريك ،وإن كنت تهت ّم بأمر آخرتك
«بشها بالج ّنة ،وقل لها:
همً ،فقال رسول اللهّ :P فزادك الله ّ
كل يوم أجر سبعني شهيداً» .
(((
عمل الله ،ولك يف ّ
إنّك عاملة من ّ
.2الرحمة
إ ّن من أبرز موار ِد الرحم ِة األرسةَ؛ فإ ّن الزوجني يتالزمان باملو ّدة
وخاصة الزوجة ،ويرحامن الصغار من األوالد لضعفهم ّ والرحمة،
وعجزهم.
اإلسالمي التابعة
ّ مؤسسة النرش ((( الطباطبا ّيئّ ،
العلمة الس ّيد مح ّمد حسني ،امليزان يف تفسري القرآنّ ،
لجامعة املد ِّرسني بقم املرشَّفة ،إيران -قم1417 ،هـ ،ط ،5ج ،16ص.166
((( سورة الروم ،اآلية .21
الطربيس ،الشيخ الحسن بن الفضل ،مكارم األخالق ،منشورات الرشيف الريضّ ،إيران -قم، ّ (((
1392هـ 1972 -م ،ط ،6ص.200
12
يلسلا ةرسألا :ىلوألا ةظعوملا
.4المصابرة
لكل من أفراد األرسة ،وعدم وذلك من خالل حفظ الحقوق ٍّ
التع ّدي والبغي؛ ولهذا أثره البالغ يف تثبيت ُعرى املح ّبة واملو ّدة،
ومن أبرز مصاديق ذلك أن يغفر املرء زلّة اآلخر وعرثته ،وأن ال
يتت ّبع أخطاءه.
عن رسول الله« :P من صرب عىل سوء خلق امرأته أعطاه
الله من األجر ما أعطى أيوب Q عىل بالئه ،ومن صربت عىل
سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم»(((.
وعنه P أيضاً« :خري الرجال من أ ّمتي الذين ال يتطاولون
عىل أهليهم ،ويح ّنون عليهم ،وال يظلمونهم»(((.
واألهل هم اآلباء والزوجات واألبناء.
.5االهتمام بعبادة اهلل
يخص االلتزام بالواجبات ،حيث أمر الله -تعاىل- وذلك يف ما ّ
َ
ۡ َ َ ۡ
وجلَ ﴿ :-وأ ُم ۡر أهلك األب أن يعتني بعالقة أبنائه بالله ،قال -ع ّز ّ
ۡ َّ َّ َ ٰ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ
سل َك رِ ۡز ٗقاۖ ۡن ُن نَ ۡر ُزقُ َك ۗ َوٱلعٰق َِبة ل ِلتق َو ٰى﴾(((.
ۡ َّ ُ َ
بِٱلصلوة ِ وٱصط ِب عليهاۖل ن ٔ
14
يلسلا ةرسألا :ىلوألا ةظعوملا
َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ٓ ْ
يأيها ٱلِين ءامنوا قوا يخص الحثّ عىل التقوىٰٓ ﴿ : َ وقال َيف ما ّ
ٞ َ ُ ۡ َ ٗ َ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ ٰٓ ٌ
َ َ َ ۡ ُ ُ
أنف َسك ۡم َوأهل ِيكم نارا وقودها ٱنلاس وٱل ِجارة عليها ملئِكة غِلظ
َ
َ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ٓ َ َ َّ َ ُ ۡ َ َّ ٞ
ون﴾(((. شِداد ل يعصون ٱلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمر
ّ
المودة والرحمة من موجبات
مث ّة العديد من األفعال التي تكسب املو ّدة وتزرع الرحمة بني
الزوجني ،وتُسهم يف تثبيت معامل السعادة والسالم يف األرسة ،نذكر
منها:
.1مدح أحدهما اآلخر
كثريا ً ما يق ّدم أحد الطرفني بأعامل جليلة ومه ّمة ،ويكون
ذلك يف سبيل راحة اآلخر ،فال ب ّد حينها أن يظهر أحدهام الشكر
واالمتنان لآلخر ،وهذا من اإلدارة السليمة التي تحفظ الو ّد بينهام.
.2مراعاة مشاعر اآلخر
قد يقع الزوج أو الزوجة يف حالة اضطراب أو مرض وما شاكل،
فال ب ّد لهام من أن يحفظا مشاعر بعضهام ،وأن يعفيا بعضهام يف
مثل هذه الحاالت من الواجبات وااللتزامات املضنية.
15
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
16
يلسلا ةرسألا :ىلوألا ةظعوملا
النبي
ّ وقد ورد ما يحثّ عىل الكالم الطيّب بينهام عن
األكرم« :P قول الرجل للمرأةّ :إن أح ّبك ،ال يذهب من قلبها
أبداً»(((.
.4اإلكرام والرفق
ورد العديد من األحاديث التي تحثّ عىل الرفق واإلكرام بني
الزوجني.
أ ّما يف إكرام الزوجة فقد ورد عن رسول الله« :P أكمل
املؤمنني إمياناً أحسنهم خلقاً ،وخياركم خياركم لنسائه»(((.
ويف إكرام الزوج ،ورد عن اإلمام الصادق« :Q ملعونة
ملعونة امرأة تؤذي زوجها أو تغ ّمه ،وسعيدة سعيدة امرأة تُكرم
زوجها وال تؤذيه.(((»...
واإلكرام يكون من خالل القول والفعل والرفق بها؛ ولذلك
مصاديق كثرية يف الحياة اليوميّة ،منها أن ال يرفع الزوج صوته
عليها ،وال يستخدم الكلامت الخشنة معها ،وال يقاطعها وهي
خاصة أمام أوالدهام.
تتكلّم ،ويرفع من شأنهاّ ،
17
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
وقد ورد ما ّ
يدل عىل أه ّميّة بعض األمور التي تضمن السالم
بني الزوجني ،فعن اإلمام الصادق« :Q إنّ املرء يحتاج يف
منزله وعياله إىل ثالث خاللٍ يتكلّفها ،وإن مل يكن يف طبعه ذلك:
معارشة جميلة ،وسعة بتقدير ،وغرية بتحصني»(((.
.5حسن الخلق
إ ّن حسن الخلق من الطرفني يُ َع ُّد عامالً أساس ّياً يف زيادة املو ّدة
األرسيّة ،فعن اإلمام الصادق« :Q ال غنى بالزوج عن ثالثة
أشياء يف ما بينه وبني زوجته ،وهي :املوافقة ليجتلب بها موافقتها
ومح ّبتها وهواها ،وحسن خلقه معها ،واستعامله استاملة قلبها
بالهيئة الحسنة يف عينها ،وتوسعته عليها»(((.
((( الح ّراين ،الشيخ ابن شعبة ،تحف العقول عن آل الرسول ،P تصحيح وتعليق عيل أكرب
اإلسالمي التابعة لجامعة املد ِّرسني بقم املرشَّفة ،إيران -قم1404 ،هـ
ّ مؤسسة النرش
الغفاريّ ،
1363 -ش ،ط ،2ص.322
((( املصدر نفسه ،ص.323
18
الموعظة الثانية
ّ
العالقة الزوجية
بين الحقوق والواجبات
محاور الموعظة
1.1حقوق الزوج
2.2حقوق الزوجة
هدف الموعظة
تصدير الموعظة
يل بن بابويه ،من ال يحرضه الفقيه ،تصحيح وتعليق عيل أكرب ((( الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن ع ّ
اإلسالمي التابعة لجامعة املد ِّرسني بقم املرشَّفة ،إيران -قم1414 ،هـ،
ّ مؤسسة النرش
الغفاريّ ،
ط ،2ج ،3ص.440
((( سورة الروم ،اآلية .21
20
ةّيجوزلا ةقالعلا :ةيناثلا ةظعوملا ابجاولاو قوقحلا نيب
حقوق الزوج
ّ .1
حق القيمومة
حق القيمومة واإلرشاف عىل األرسة إىل أوكل الله -تعاىلّ -
الحق املنسجم مع الزوج ،فالواجب عىل الزوجة مراعاة هذا ّ
لكل من الزوجني. طبيعة الفوارق البدن ّية والعاطف ّية ٍّ
َ ٓ ّ َ ُ َ َّ ٰ ُ َ َ َ ّ
ٱلن َِساءِ ب َما فَ َّض َل َّ ُ
ٱلل َب ۡعض ُه ۡم ِ ٱلرجال قومون ع قال -تعاىلِ ﴿ :-
َ َٓ
ْ َ َٰ
ع َب ۡع ٖض َوب ِ َما أ َنف ُقوا م ِۡن أ ۡم َوٰل ِ ِه ۡ ۚم﴾(((.
ّ .2
حق الطاعة
حق الطاعة ،فعن حق القيمومة ّ ومن الحقوق املرتتّبة عىل ّ
رسول الله« :P أن تطيعه وال تعصيه ،وال تصدّ ق من بيتها شيئاً
ّإل بإذنه ،وال تصوم تط ّوعاً ّإل بإذنه ،وال متنعه نفسها ،وإن كانت
عىل ظهر قتب ،وال تخرج من بيتها ّإل بإذنه.(((»...
.3العالقة العاطف ّية
حرصت الرشيعة اإلسالميّة -إىل جانب الواجبات -عىل إرساء
أفضل العالقات العاطفيّة ،واألخالقيّة بني الزوجني ،فعن اإلمام
21
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
22
ةّيجوزلا ةقالعلا :ةيناثلا ةظعوملا ابجاولاو قوقحلا نيب
وجل -منها رصفاً وال عدالً وال حسنة من عملها ح ّتى الله -ع ّز ّ
ترض َيه»(((.
«أيا امرأة باتت وزوجها عليها وعن اإلمام الصادقّ :Q
وأيا امرأة
حق ،مل تُقبل منها صالة ح ّتى يرىض عنهاّ ، ساخط يف ّ
تط ّيبت لغري زوجها ،مل تُقبل منها صالة ح ّتى تغتسل من طيبها،
كغسلها من جنابتها»(((.
رشعي ،فعن
ّ ويحرم عىل الزوجة أن تهجر زوجها دون مس ِّو ٍغ
«أيا امرأة هجرت زوجها ،وهي ظاملةُ ،حرشت رسول اللهّ :P
يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون يف الدرك األسفل من
النارّ ،إل أن تتوب وترجع»(((.
.5عدم تكليف الزوج بما ال يطيق
أكّدت الروايات عىل الزوجة أن ال تكلّف زوجها ما ال يطيق يف
«أيا امرأة أدخلت عىل زوجها يف أمر النفقة ،فعن رسو اللهّ :P
أمر النفقة وكلّفته ما ال يطيق ،ال يقبل الله منها رصفاً وال عدالً ّإل
أن تتوب وترجع ،وتطلب منه طاقته»(((.
الطربيس ،مكارم
ّ ((( الشيخ الصدوق ،من ال يحرضه الفقيه ،مصدر سابق ،ج ،4ص .14الشيخ
األخالق ،مصدر سابق ،ص.430
الكليني ،الكايف ،مصدر سابق ،ج ،5ص.507
ّ ((( الشيخ
الطربيس ،مكارم األخالق ،مصدر سابق ،ص.202
ّ الشيخ (((
((( املصدر نفسه ،ص.202
23
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
24
ةّيجوزلا ةقالعلا :ةيناثلا ةظعوملا ابجاولاو قوقحلا نيب
املقص يف
وش ّدد رسول الله P عىل هذا الواجب حتّى جعل ّ
أدائه ملعوناً ،فعنه« :P ملعون ملعون من يض ّيع من يعول»(((.
والنفقة الواجبة هي اإلطعام والكسوة للشتاء والصيف وما
تحتاج إليه من الزينة حسب يسار الزوج ،والضابط يف النفقة
القيام مبا تحتاج إليه املرأة من طعام وأداء وكسوة وفراش وغطاء
وإسكان وإخدام وآالت تحتاج إليها لرشبها وطبخها وتنظيفها ،قال
«حق املرأة عىل زوجها أن يسدَّ جوعتها ،وأنرسول اللهّ :P
يسرت عورتها ،وال يق ّبح لها وجهاً ،فإذا فعل ذلك أ ّدى -والله-
حقّها»(((.
.2معاشرتها بالمعروف
وحثّ اإلسالم عىل ات ّخاذ التدابري املوضوعية للحيلولة دون
وقوع التقاطع ،فدعا إىل توثيق روابط املــو ّدة واملح ّبة ،وأمر
َ وه َّ ۡ ۡ َ َ ُ ُ
ــن بِٱل َمع ُر ِ ۚ
وف فإِن بالعرشة باملعروف ،قال -تعاىل﴿ :-وع ِش
َ يا َو َي ۡج َع َل َّ َُ ۡ ُ ُ ُ َّ َ َ َ ٰٓ َ َ ۡ ُ ْ َ ۡ ٗ
ٱلل فِيهِ َخ ۡ ٗيا كث ِٗريا﴾(((. س أن تك َرهوا ش ٔ ك ِرهتموهن فع
((( الشيخ الصدوق ،من ال يحرضه الفقيه ،مصدر سابق ،ج ،3ص.168
((( ابن فهد الحيل ،عدة الداعي ونجاح الساعي ،تصحيح احمد املوحدي القمي ،مكتبة وجداين،
إيران -قم ،ال.ت ،ال.ط ،ص.81
((( سورة النساء ،اآلية .19
25
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
((( الشيخ الصدوق ،من ال يحرضه الفقيه ،مصدر سابق ،ج ،3ص.443
مؤسسة آل
الطربيس ،املريزا حسني النوري ،مستدرك الوسائل ومستنبط املسائل ،تحقيق ونرش ّ
ّ (((
البيت R إلحياء الرتاث ،لبنان -بريوت1408 ،هـ 1987 -م ،ط ،1ج ،1ص.412
الطربيس ،مكارم األخالق ،مصدر سابق ،ص.218
ّ ((( الشيخ
((( الشيخ الح ّراين ،تحف العقول عن آل الرسول ،P مصدر سابق ،ص.262
26
ةّيجوزلا ةقالعلا :ةيناثلا ةظعوملا ابجاولاو قوقحلا نيب
27
الموعظة الثالثة
محاور الموعظة
1.1معنى القدوة
ّ
2.2االقتداء الحق
3.3األب قدوة
ّ
4.4كيف يؤثر اآلباء في أبنائهم؟
ّ
مسؤوليات األب ووظائفه 5.5
هدف الموعظة
تصدير الموعظة
ٱل َِج َارةَُ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ٓ ْ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ ٗ َ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ
﴿يأيها ٱلِين ءامنوا قوا أنفسكم وأهل ِيكم نارا وقودها ٱنلاس و ٰٓ
َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ٌ َ َ ٓ َ َ َّ َ ُ ۡ َ َّ ٞ َ ٞ
ُ َ
لئِكة غِلظ شِداد ل يعصون ٱلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾(((. عليها م ٰٓ
معنى القدوة
قال الخليل يف كتاب العني :القدوة بفتح القاف ،األصل الذي
انشعب منه االقتداء ،وبعض يكرس فيقولِ :قدوة ،أي :به يُقتدى(((.
وقال يف ما ّدة «أسوة» :تقول :هؤالء القوم أسوة يف هذا األمر؛
أي :حالهم فيه واحدة .وفالن يأتيس بفالن؛ أي يرى أ ّن له فيه أسوة
إذا اقتدى وكان يف مثل حاله(((.
فمعنى القدوة إذا ً ،أن يحذو فالن حذو آخر ،فهو يقتدي به،
يتأس به؛ أي يتّخذه أسوة ،فيصريان وأ ّن الذي يقتدي بأمرك فهو ّ
يف الحال سواء ،والقدوة واألسوة يف معرض واحد.
((( سورة التحريم ،اآلية .6
املخزومي
ّ اهيدي ،أبو عبد الرحمن بن أحمد ،العني ،تحقيق الدكتور مهدي، ((( الخليل الفر ّ
والدكتور إبراهيم السام ّرا ّيئّ ،
مؤسسة دار الهجرة ،إيران -قم 1409 ،ه ،ط ،2ج ،5ص .19
((( املصدر نفسه ،ج ،7ص.333
29
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
ّ
االقتداء الحق
حثّ اإلسالم عىل االقتداء باألشخاص والرموز الذين تجتمع فيهم
معايل الفضائل ،ومكارم األخالق؛ وذلك ألنّهم وسيلة فضىل لالتّصال
قدو ًة يف الحياة الدنيا. ُ
أحق بأن يُتَّخذوا
بالحق ،فهم ّ ّ
َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ ۡ َ ٌ َ َ َ ((( ٓ ُ َ َ َ َّ َ َ ٰ َ ۡ ٓ ٞ
يقول -تعاىلُ ﴿ : -قد كنت لكم أسوة حسنة ِف إِبرهِيم وٱلِين معهۥ﴾ ،
َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ ۡ ۡ َ ٌ َ َ َ ۡ َ َّ ْ ُ ۡ َ َ َ َ ّ ٞ
ٱلل َوٱلَ ۡو َم ٱٓأۡلخ َِر ۚ ﴾(((. ﴿لقد كن لكم فِي ِهم أسوة حسنة ل ِمن كن يرجوا
والنبي األعظم P هو خري منوذج لنا يف مجاالت الحياة كلّها؛ ّ
كل من معنويّاته العالية ،وصربه واستقامته وصموده وذكائه «فإ ّن ّ ً
ودرايته وإخالصه وتو ّجهه إىل الله ...وعدم خضوعه أمام الصعاب
ُ
كل املسلمني»(((. واملشاكل ،منوذج يحتذي به ّ
َ َ َ ّ َّ ۡ َ ٌ َ َ َ ٞ ُ َ ۡ َّ َ ۡ َ َ َ ُ
قال -تعاىل﴿ :-لقد كن لكم ِف رسو ِل ٱللِ أسوة حسنة ل ِمن كن
َ َ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ْ َّ َ ۡ
ٱلل كث ِٗريا﴾(((. ٱلل َوٱلَ ۡو َم ٱٓأۡلخِر وذكر يرجوا
كل «فإنّه أسمى مقتدى ،وأحسن أسوة للمؤمنني يف ّ P
امليادين ...فإنّكم تستطيعون باالقتداء به وات ّباعه أن تصلحوا
أموركم وتسريوا عىل الرصاط املستقيم»(((.
األب قدوة
ميثّل األبوان ،وال سيّام الوالد ،أمثولة للولد ،وقدوة تقتدى،
كل ما يأتيه من فعل أو قول .لذلك ،كان ال ب ّد من ال ّرحمة يف ّ
بالنفس ،والرفق بالولد .فإذا كان الرجل حريصاً عىل عاقبة أوالده،
فَل ُ ِْي أوالده ما يعينهم يف الدنيا عىل آخرتهم.
فعن أمري املؤمنني« :Q علّموا أنفسكم وأهليكم الخري،
وأ ّدبوهم»(((.
وعن اإلمام زين العابدين Q يف حقوق األبناء« :وأ ّما حقّ ولدك،
رشه ،وأنّك
فأن تعلم أنّه منك ،ومضاف إليك يف عاجل الدنيا بخريه و ّ
وجل،-
عم ول ّيته به من حسن األدب ،والداللة عىل ربّه -ع ّز ّ مسؤول ّ
املجليسّ ،
العلمة مح ّمد باقر بن مح ّمد تقي ،بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األ ّمئة األطهار، ّ (((
مؤسسة الوفاء ،لبنان -بريوت1403 ،هـ 1983 -م ،ط ،2ج ،38ص.32 ّ
السيوطي ،جالل الدين عبد الرحمن بن أيب بكر ،الدر املنثور يف التفسري باملأثور ،دار املعرفة
ّ (((
للطباعة والنرش ،لبنان -بريوت ،ال.ت ،ال.ط ،ج ،6ص.244
31
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
ثاب عىل
واملعونة له عىل طاعته؛ فاعمل يف أمره عمل من يعلم أنّه ُم ٌ
اإلحسان إليهُ ،معا َق ٌب عىل اإلساءة إليه»(((.
ّ
كيف يؤثر اآلباء في أبنائهم؟
إ ّن أش ّد سبل التأثري يف اآلخر نصحاً وإرشادا ً ،وأمرا ً باملعروف
ونهياً عن املنكر ،يكون من خالل السلوك واملواقف والسرية لتلك
األوامر والنواهي واإلرشادات والنصائح.
عن أمري املؤمنني ...« :Q يأمرون بالقسط ويأمترون به،
وين َهون عن املنكر ويتنا َهون عنه»(((.
وعنه Q أيضاً« :وان َهوا عن املنكر وتناهوا عنه ،فإنّ ا أمرتم
بالنهي بعد التناهي»(((.
ّ
مسؤوليات األب ووظائفه
لكل شجرة مثرة ،ومثرة القلب
عن رسول الله« :P إنّ ّ
ويحب أن تظهر الخصال التي
ّ الولد»(((؛ لذلك يسعى الرجل
32
ةرسألا ةايح يف اهرودو ةودقلا :ةثلاثلا ةظعوملا
يريدها ،واآلمال التي يصبو إليها ،فيعقد اآلمال فيها عىل ولده،
وإذا حصل ذلك فهو من سعادة املرء ،فعن اإلمام الباقر:Q
«من سعادة الرجل أن يكون له الولد ُيعرف فيه شبهه؛ َخلْقَه
و ُخلُقَه وشامئله»(((.
وحيث إ ّن لألب دورا ً يف تأمني متطلّبات األرسة املا ّديّة واملعنويّة
عىل ح ّد سواء ،فال ب ّد من النظر -ولو قليالً -يف تلك الوظائف
واملسؤول ّيات ،ومنها:
واألخالقي
ّ اإليماني
ّ .1البناء
وحث أهل بيته عىل اإلميان بالله وذلك من خالل تربية أبنائه ّ
وتقوى الله وااللتزام بطاعته وعبادته ،وهو بذلك كغريه من عباد
الله الذين وجه األمر إليهم بالدعوة َ إىل األمر باملعروف والنهي
ُ ْ ُ َْ ُ يأ ُّي َها َّٱل َعن املنكر ،كام يف قوله -تعاىلٰٓ َ ﴿ :-
ِين َء َام ُنوا ق ٓوا أنف َسك ۡم
َّ ٞ ُ ۡ َ ٗ َ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٰٓ َ ٌ َ ٞ َۡ
لئِكة غِلظ ش َِداد ل َوأهل ِيكم نارا وقودها ٱنلاس وٱل ِجارة عليها م
َ ۡ ُ َ َّ َ َ ٓ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ
ون﴾(((. يعصون ٱلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمر
ُۡ
ويف آية أخرى ُوجه الخطاب له مبارشة بقوله -تعاىلَ ﴿ :-وأم ۡر
َ ٱلصلَ ٰوة ِ َو ۡ ََۡ َ
ٱص َط ِ ۡب َعل ۡي َهاۖ ﴾(((. ك ب َّ
أهل ِ
33
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
34
ةرسألا ةايح يف اهرودو ةودقلا :ةثلاثلا ةظعوملا
35
الموعظة الرابعة
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
ُ َۡ ْ ُ ْ َ ُ َ َ
اس
ُ ۡ َ ٗ َُ ُ
ود َها ٱنلَّ ُ يأ ُّي َها َّٱل َ
ِين َء َام ُنوا ق ٓوا أنف َسك ۡم َوأهل ِيكم نارا وق ﴿ ٰٓ
َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٰٓ َ ٌ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ َ َّ َ ُ ۡ َ َّ ٞ َ ٞ
وٱل ِجارة عليها ملئِكة غِلظ شِداد ل يعصون ٱلل ما أمرهم ويفعلون
َ ُۡ َُ َ
ون﴾(((. ما يؤمر
37
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
38
الموعظة الرابعة :األسرة ، مخاطر وتهديدات
39
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
40
الموعظة الرابعة :األسرة ، مخاطر وتهديدات
41
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
42
الموعظة الرابعة :األسرة ، مخاطر وتهديدات
الرتمذي ،أبو عيىس مح ّمد بن عيىس بن سورة ،الجامع الصحيح (سنن الرتمذي) ،تحقيق
ّ (((
الوهاب عبد اللطيف ،دار الفكر للطباعة والنرش والتوزيع ،لبنان -بريوت،
وتصحيح عبد ّ
1403هـ 1983 -م ،ط ،2ج ،2ص.314
((( الح ّر العام ّ
يل ،وسائل الشيعة ،مصدر سابق ،ج ،20ص.105
43
الموعظة الخامسة
ّ
الرؤية اإلسالمية في تربية الفتاة
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
45
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
46
تفلا ةيبرت يف ةّيمالسإلا ةيؤرلا :ةسماخلا ةظعوملا
خاصة
أ ّما يف الرؤية اإلسالميّة فالفتيات يتمتّعن بامتيازات ّ
وتفضيل واضح؛ إذ ذُكرن يف الروايات عىل أنّه ّن أفضل من األبناء،
فعن رسول الله« :P خري أوالدكم البنات»(((.
وعن اإلمام الصادق« :Q البنات حسنات ،والبنون نعمة؛
فالحسنات يُثاب عليها ،وال ِنعم يُسأل عنها»(((.
ومن الخطوات التي رسمها اإلسالم يف عمل ّية حفظ الفتاة
وتبي مدى اهتاممه بها ،ما يأيت:
وتربيتهاّ ،
.1إنقاذها من ظلم المجتمع
جاء اإلسالم فقىض عىل كافّة أشكال ظلم الفتاة ،ومل يكن
ذلك ر ّدة فعل ملا حصل يف الجاهلية فقط ،بل ملا تشكّله الفتاة يف
املستقبل من دور ف ّعال وكبري يف بناء املجتمع وصالحه ،فهي اليوم
بنت ،وغدا ً زوجة ،وبعده أ ّم تريب األجيال القادمة.
لذا ،نرى بأ ّن الله -تعاىل -وعد بالحساب واملساءلة يوم القيامة
حق ،قال -تعاىل:-
عىل الظلم الذي كان يقع َ عىل الفتاة دون وجه ّ
َ
ۢنب قُتِل ۡت﴾(((. ّ َ َ َۡ ُۡ َُ ُ َ ۡ
﴿ِإَوذا ٱلموءۥدة سئِلت 8بِأ ِي ذ ٖ
.2االهتمام بتربيتها تربي ًة صالحة
لقد اهت ّم اإلسالم برتبية البنات وتعليمه ّن وتثقيفه ّن وتكرميه ّن
47
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
48
تفلا ةيبرت يف ةّيمالسإلا ةيؤرلا :ةسماخلا ةظعوملا
عن رسول الله« :P ما أكرم النساء ّإل كريم ،وما أهانه ّن
ّإل لئيم»(((.
.5مراعاتها واالهتمام بعواطفها
أكرث ما يتح ّمل ذلك هو األب ،فينبغي ّأل يخدش عواطفها
ويكرس قلبها ،وإذا أراد أن يعاقبها فال ب ّد من ات ّخاذ األسلوب الذي
يج ّنبها األذى واالضطراب املؤ ّدي إىل العقد النفسيّة.
عن رسول الله« :P نِ ْع َم الولد البنات؛ ملطّفات ،مج ّهزات،
مؤنِسات ،مباركات ،مفليات»(((.
49
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
المحور األ ّول :كيف تعاملت الشريعة مع قض ّية التربية على العفاف؟
مث ّة مجموعة من األصول ،وضعتها الرشيعة اإلسالم ّية وحثّت
عليها:
الحث عىل عفّة البطن والفرج ّ .1
ع أَ ۡز َوٰجه ۡم أَوۡ
َّ َ َٰٓ ۡ َٰ ُ َ
ج ِهم حفِظون 29إِل ُ َ َّ َ ُ ۡ ُ
ِ ِ -تعاىل﴿ :-وٱلِين هم ل ِفرو ِ قال
َ ((( َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ ُ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ُ
ما ملكت أيمنهم فإِنهم غي ملومِني﴾ .
«أحب العفاف إىل الله -تعاىل -عفاف ّ وعن رسول الله:P
البطن والفرج»(((.
أعف بطنه وفرجه»(((. وعن اإلمام عيل« :Q إذا أراد الله بعب ٍد خرياً َّ
وعن اإلمام الباقر« :Q ما ُعبد الله بيشء أفضل من عفّة
بطن وفرج»(((.
.2الحرص عىل عفّة الجوارح األخرى
يعف يده ورجله وعينه وأذنه عن الحرام فال تغلبهاملسلم ّ
يعف نفسه ويحفظ جوارحه كل مسلم أن ّ شهواته ،وقد أمر الله ّ
50
تفلا ةيبرت يف ةّيمالسإلا ةيؤرلا :ةسماخلا ةظعوملا
عن الحرام.
َ ً َ َّ ٰ ۡ َ َّ َ َ َ ََۡ ۡ َۡ
ت ُيغن َِي ُه ُم ي ُدون ن ِكاحا ح
قال -تعاىل﴿ :-وليستعف ِِف ٱلِين ل ِ
ٱلل مِن فَ ۡضلِهِۗۦ﴾(((.
َّ ُ
وح َّرم اإلسالم النظر إىل املرأة األجنب ّية ،وأمر الله املسلمني أن يغضّ وا
وج ُه ۡ ۚم﴾(((،ِني َي ُغ ُّضوا ْ م ِۡن َأبۡ َصٰره ِۡم َو َي ۡح َف ُظوا ْ فُ ُر َ
أبصارهم ،فقال﴿ :قُل ّل ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ
ِ
وج ُه َّن﴾(((. ﴿ َوقُل ّل ِۡل ُم ۡؤم َِنٰت َي ۡغ ُض ۡض َن م ِۡن َأبۡ َصٰره َِّن َو َي ۡح َف ۡظ َن فُ ُر َ
ِ ِ
الحث عىل السرت ّ .3
رسته إىل ركبتيه ،وعىل املسلمة أن فعىل املسلم أن يسرت ما بني ّ
ۡ ۡ ۡ
َ َ
ضب َنتلتزم بالحجاب؛ أل ّن شيمتها العفّة والوقار ،قال -تعاىل﴿ :-ول ِ
ُ ُ َّ َ َ ٰ ُ ُ َّ ((( َ ٰٓ َ ُّ َ َّ ُّ ُ َّ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ٓ
جك وبنات ِك ون ِساءِ ب قل ِلزو ٰ ِ ِبم ِرهِن ع جيوب ِ ِهنۖ﴾ ﴿ ،يأيها ٱنل ِ
ِني َعلَ ۡيه َّن مِن َج َلٰبيبه َّن َذٰل َِك أَ ۡد َ ٰٓ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ
ِني يُ ۡدن َ
ن أن يع َرف َن فل يؤذي َنۗ ِ ِِ ۚ ِ
َو َك َن َّ ُ
ٱلل َغ ُف ٗورا َّرح ِٗيما﴾(((.
المحور الثاني :نظرة في األسباب
يتحل بها من أراد السمو
العفّة هي برنامج حياة ،يجب أن ّ
51
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
52
الموعظة السادسة
ٌّ
L علي وفاطمة
ّ
النموذج األمثل للحياة الزوجية
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
وجل -قد
يل؛ فإنّ الله -ع ّز ّ
رشك يا ع ّعن رسول الله« :P أب ّ
ز ّوجكها يف السامء من قبل أن أز ّوجكها يف األرض»(((.
فاطمة كمال القدوة واألسوة
الس ّي بذكر جوانب الكامل والقدوة تضافرت الروايات وأخبار ِ
يف شخصيّة سيّدة نساء العاملني فاطمة بنت مح ّمد ،Oويكفي
للداللة والشهادة عىل ذلك ما ورد عن رسول الله« :P يا فاطمة،
أال ترضني أن تكوين س ّيدة نساء هذه األ ّمة أو نساء املؤمنني»(((.
ّ
قصة زواج النورين
يل ،Lأ ّن قصة زواج السيّدة الزهراء من اإلمام ع ّ
ورد يف ّ
اإلمام Q جاء إىل رسول الله P وهو يف منزل أُ ّم سلمة،
54
الزوجية
ّ علي وفاطمة ،Lالنموذج األمثل للحياة
ٌّ الموعظة السادسة:
55
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
56
الزوجية
ّ علي وفاطمة ،Lالنموذج األمثل للحياة
ٌّ الموعظة السادسة:
57
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
أثاث بيتهما
اللي ،ونصب
ج ّهز اإلمام Q داره ،وفرش بيته بالرمل ّ
خشبة من الحائط إىل الحائط لتعليق الثياب عليها ،وبسط عىل
األرض إهاب كبش ومخ َّدة ليف.
ّ
الزوجية تعاون وإيثار الحياة
ورد أ ّن أمري املؤمنني والس ّيدة فاطمة Lكانا يتشاركان
أعامل املنزل .ويف يوم دخل عليهام رسول الله ،P فوجدهام
النبي« :P أيّكام أعيى؟» ،فقاليطحنان يف الجاروش ،فقال ّ
يل« :Q فاطمة ،يا رسول الله» ،فقال« :P قومي يا بن ّية»، ع ّ
يل ،Q فواساه يف النبي P موضعها مع ع ّ فقامت وجلس ّ
الحب(((.
طحن ّ
وعن اإلمــام الصادق« :Q كــان أمري املؤمننيQ
يحتطب ويستقي ويكنس ،وكانت فاطمة Oتطحن وتعجن
وتخبز»(((.
ايش ،عن اإلمام الباقر« :Q إنّ فاطمة وجاء يف تفسري الع ّي ّ
وقم البيت، يل Q عمل البيت والعجني والخبز ّ ضمنت لع ّ
58
الزوجية
ّ علي وفاطمة ،Lالنموذج األمثل للحياة
ٌّ الموعظة السادسة:
يل ما كان خلف الباب؛ نقل الحطب وأن يجيء وضمن لها ع ٌ
بالطعام ،فقال لها يوماً :يا فاطمة ،هل عندك يشء؟ قالت :والذي
عظّم حقّك ،ما كان عندنا منذ ثالثة أ ّيام يشء نقريك به ،قال:
أفال أخربتِني؟ قالت :كان رسول الله P نهاين أن أسألك شيئاً،
فقال :ال تسألني ابن ع ّمك شيئاً أن جاءك بيشء [عفو]ّ ،
وإل فال
تسأليه»(((.
تضحيات ّ
السيدة فاطمة أمام أسرتها
النبي األكرم P تبذل قصارى جهدها
ّ لقد كانت بنت
كل إلسعاد أرستها ،ومل تستثقل أداء مهام البيت عىل الرغم من ّ
رق لحالها واملشاق ،حتّى أ ّن أمري املؤمننيّ Q
ّ الصعوبات
وامتدح صنعها ،وقال لرجل من بني سعد« :أال أحدّ ثك ع ّني وعن
أحب أهله P إليه، فاطمة؟ إنّها كانت عندي ،وكانت من ّ
وإنّها استقت بالقربة ح ّتى أثّر يف صدرها ،وطحنت بالرحى ح ّتى
مجلت يداها ،وكسحت البيت ح ّتى اغربّت ثيابها ،وأوقدت النار
تحت القدر ح ّتى دكنت ثيابها ،فأصابها من ذلك رضر شديد،
رض ما ِ
أنت ِ
يكفيك ّ أتيت ِ
أباك ،فسألتيه خادماً فقلت لها :لو ِ
ُ
النبي ،P فوجدت عنده حدّ اثاً، فيه من هذا العمل ،فأتت ّ
59
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
60
الزوجية
ّ علي وفاطمة ،Lالنموذج األمثل للحياة
ٌّ الموعظة السادسة:
61
المحور الثاني
الجهاد والشهادة
الموعظة السابعة
سنن النصر
محاور الموعظة
ّ
التاريخية في القرآن الكريم 1.1السنن
ّ
2.2هل النصر سنة؟
3.3قوانين النصر وسننه
4.4الثورة والمقاومة وتجسيد قوانين النصر
هدف الموعظة
تصدير الموعظة
َّ َ ّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ٗ َ َ َ ۡ َّ
ٱللِ َو َّ ُ
ٱلل َم َع ٱلصٰ ِ ِب َين﴾(((. ﴿كم مِن ف ِئةٖ قل ِيل ٍة غلبت ف ِئة كث ِرية ۢبِإِذ ِن ۗ
ّ
التاريخية في القرآن الكريم السنن
اهت ّم القرآن الكريم بالسنن التاريخ ّية ،فم ّرة يخربنا عن التاريخ
البرشي وخضوعه ملجموعة من السنن عىل نح ٍو ۡعام ،كام يف قوله ّ
َ ُ ّ ُ َّ َ َ َ َ ٗ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ٓ َ َ َ ٞ
ِك أم ٍة أجل ۖ فإِذا جاء أجلهم ل يستأخِرون ساعة ول -تعاىل﴿ :-ول ِ
َۡ َۡ ُ َ
ون﴾((( ،وأخرى يخربنا عن سننٍ بعينها من خالل ذكر يستقدِم
ّ َََ ۡ ُ َّ ۡ ُ ُ ٞ
أمثلتها ومصاديقها ،كام يف قوله -تعاىل﴿ :-ولقد كذِبت رسل مِن
ت َأتَى ٰ ُه ۡم نَ ۡ ُ َ َ ُ ّ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ْ َ َٰ َ ُ ّ ُ ْ َ ُ ُ ْ
وذوا َح َّ ٰٓ
تصنا ۚ َول م َبدِل ل ِك ِم ٰ ِ قبل ِك فصبوا ع ما كذِبوا وأ
َّ
ٱللِۚ﴾((( ،وثالث ًة ميزج القرآن بني النظريّة والتطبيق ،فيب ّي املفهوم
الكل كام يف إطار املصداق ،ورابع ًة يدعونا إىل النظر يف التاريخ
ّّ
والتأ ّمل يف ما سلف من األمم الغابرة يك نكتشف القانون ونَ ِعي
63
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
َ ُ ْ َ َ َۡ َََۡ َ ُ ْ
ۡرض ف َينظ ُروا ك ۡيف
ِريوا ِف ٱل ِ
الس ّنة ،كام يف قوله -تعاىل﴿ :-أفلم يس
َّ
َك َن َعٰق َِب ُة ٱل َِين مِن َق ۡبلِ ِه ۡمۗ﴾(((.
ّ
هل النصر سنة؟
عىل ضوء ما تق ّدم ،ومن خالل استقراء آيات النرص يف الكتاب
الكريم يظهر أ ّن النرص س ّنة من السنن التي كتب الله عىل نفسه
االلتزام بها ،ومن الشواهد والقرائن العا ّمة الدالّة عىل ذلك تعبري
الله عن منحه النرص لبعض الرسل واألمم السابقة بصيغة املضارع.
ومن دالالت الفعل املضارع يف اللغة االستمرار والتكرار .وهاتان
السمتان من سامت القانون .ومن اآليات التي وردت بهذه الصيغة
َ َ َ ُ َ َّ َّ ُ َ َ ُ ُ ُ ٓ َّ َّ َ َ
ٱلل ل َقوِ ٌّي َع ِز ٌيز ﴾(((. قوله -تعاىل﴿ :-ولنصن ٱلل من ينصه ۚۥ إِن
أيضاً ،اتّسمت بعض اآليات القرآن ّية املتح ّدثة عن الصرب بالتأكيد
املضاعف ،وهذا يكشف عن أ ّن النرص س ّنة من السنن اإلله ّية التي
َ َ َ َّ ُ َ َ ۡ َ َّ َ َ ۠
وجل -عىل من يستحقّها﴿ :كتب ٱلل لغل ِب أنا يجريها الله -ع ّز ّ
َ ُ ُ ٓ َّ َّ َ َ ٌّ َ ((( ٞ
ورس ِل ۚ إِن ٱلل قوِي ع ِزيز﴾ ،فالم القسم ونون التوكيد يف هذه اآلية
واآلية السابقة ،تفيدان التوكيد ،باإلضافة إىل أ ّن فعل «كتب» ّ
يدل
عىل الجزم؛ فـ«الكتابة هي اإلثبات والقضاء الحتم»(((.
64
رصنلا ننس :ةعباسلا ةظعوملا
65
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
66
رصنلا ننس :ةعباسلا ةظعوملا
67
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
68
رصنلا ننس :ةعباسلا ةظعوملا
70
الموعظة الثامنة
ّ ُ ُّ
الجهاد عز األمة
محاور الموعظة
ّ
1.1بذل الدماء طريق العزة والكرامة
2.2القتال بما هو ليس قيمة ّ
ذاتية
3.3اإلنسان والجهاد
4.4فضل الجهاد
ّ
العدو الحقيقي؟ّ 5.5من هو
َّ
6.6عليكم بالجهاد األكبر لتوفقوا في الجهاد األصغر
هدف الموعظة
تصدير الموعظة
ّ
بذل الدماء طريق العزة والكرامة
الحق والباطل،
مذ ُوجد اإلنسان عىل األرضُ ،وجد الرصاع بني ّ
وبني العدل والظلم ،وبني اإلميان والكفر ،وكان الجهاد وبذل الدماء
طريقاً ملناهضة الظلم واالضطهاد ،لحفظ كرامة اإلنسان وع ّزته،
النبي :P اغــزوا ،تُورِثوا
ّ فعن اإلمام الصادق« :Q قال
أبنا َءكم مجداً»(((.
وأشارت العديد من الروايات الرشيفة إىل أ ّن ترك الجهاد يف
سبيل الله هو سبب يف مذلّة األ ّمة وانسالخ الع ّزة والكرامة عنها،
وتخبّطها بالعار والفقر ،كام يف كالم أمري املؤمنني« :Q أ ّما بعد،
لخاصة أوليائه ،وهوفإنّ الجهاد باب من أبواب الج ّنة ،فتحه الله ّ
72
مألا ُّزع ُداهجلا :ةنمالا ةظعوملا
ث
لباس التقوى ودرع الله الحصينة وج ّنته الوثيقة؛ فمن تركه رغب ًة
الذل وشمله البالء ،و ُّدي َِث بالصغار والقامءة،
عنه ألبسه الله ثوب ّ
الحق منه بتضييع الجهاد،ّ (((
وضب عىل قلبه باألسداد ،وأُديل
(((
ُ
يم الخسف و ُم ِنع ال َنصف» .
(((
وس َ ِ
القتال بما هو ليس قيمة ّ
ذاتية
إ ّن القتال ال يُع ُّد يف اإلسالم بذاته قيم ًة من القيم؛ ذلك
سبب يف الخراب والتدمري ،وإزهــاق األنفس ،وإهدار ٌ أنّه
القوى واإلمكانيّات التي ميكن أن تُس َّخر لخدمة اإلنسان
ّ
مصاف وسعادته؛ ولذلك ُج ِعل يف بعض اآليات القرآن ّية يف
ُ ۡ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ٰٓ َ َ ۡ َ َ
العقوبات اإللهيّة ،قال -تعاىل ﴿ :-قل هو ٱلقادِر ع أن يبعث
ُ ُ َ ۡ َۡ َ ُ َ ّ َ ََ ُ َ َ
ت أ ۡر ُجل ِك ۡم أ ۡو يَلب ِ َسك ۡم
عل ۡيك ۡم عذ ٗابا مِن ف ۡوق ِك ۡم أ ۡو مِن ت ِ
ض﴾(((. َٗ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َۡ َ َ ۡ
شِيعا و يذِيق بعضكم بأ س بع ٍ ۗ
أ ّما إذا تع ّرض وجود األ ّمة للخطر ،أو أ ّن أهدافه املق ّدسة
السامية أصبحت مه ّددة بالسقوط ،فإ ّن القتال هنا يصبح قيم ًة
سامية ،ويكتسب عنوان الجهاد يف سبيل الله.
73
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
اإلنسان والجهاد
كل ما يسلب متيل غريزة اإلنسان نحو الراحة ِ
والدعة ،وتكره ّ
منها تلك الراحة .وإ ّن أحكام الرشيعة تضبط هذه الغرائز مبا
يتالءم مع مصلحة الفرد واملجتمع عىل ح ٍّد سواء .ومن هنا كان
ُ
ترشيع الجهاد مبا فيه من اآلثار امله ّمة ،يقول الله -تعاىل﴿ :-كت َِب
َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ ُ َّ ٞ ۡ َ ُ ٗ ۡ َ ْ ُ َ ۡ َ َ ٰٓ َ َ َ ۡ ُ َّ ٞ
يا َوه َو خي لك ۡمۖ عليكم ٱلقِتال وهو كره لكمۖ وعس أن تكرهوا ش ٔ
َ
ُ ُّ ْ َ ۡ ٗ َ ُ َ َ ّ ((( َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ُ َ ۡ َ ُ َّ َ ۡ ُ َّ ٞ
َ َ َ َ
يا وهو ش لك ۚم وٱلل يعلم وأنتم ل تعلمون﴾ . س أن تِبوا ش ٔوع ٰٓ
ويشري القرآن الكريم إىل أمثلة كثرية لتخلِّف الناس عن جهاد
النبي موىس ،Q تخلّفوا العد ّو ،ففي سرية بني إرسائيل أنّهم بعد ّ
عن االلتزام بهذا الواجب املقدس ،إلّ القليل منهم ،قال -سبحانه
َ ۡ ُ َ ٰٓ ۡ َ ُ ْ َ ّ َّ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۢ َ ٓ ۡ َ ٰٓ َ
ب ل ُه ُمِٖ لِ واالق ذِ إ وسم د
ِ ع ب ِيل ِم ۢ
ن ل ِمن ب ِن إِسرء
وتعاىل﴿ :-ألم تر إِل ٱلم ِ
َ ُ ۡ ُ ُ َّ َ َ َ ۡ ٗ ُّ َ ۡ ۡ َ
يل ٱللِۖ قال هل َع َس ۡي ُت ۡم إِن كت َِب َعل ۡيك ُم ٱلق َِتال ِ ِ ۡٱب َعث لَا َمل ِك نقٰت ِل ِف َسب
َ َ َ ٓ َّ َ ُ ۡ َ َّ ُ َ ٰ ُ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ ٓ َ َّ ُ َ ٰ َ
يل ٱللِ َوق ۡد أخرِ ۡج َنا مِن دِيٰرِنا َوأ ۡب َنائ ِ َناۖ َ
أل تقت ِل ۖوا قالوا وما لا أل نقت ِل ِف سب ِ ِ
َ َ َّ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ َّ ۡ ْ َّ َ ٗ ّ ۡ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ ۢ َّ
ٱلظٰلِ ِم َني﴾(((. فلما كت ِب علي ِهم ٱلقِتال تولوا إِل قل ِيل مِنه ۚم وٱلل عل ِيم ب ِ
وهكذا هم اليهود ،جبناء يف القتال ،ال يقاتلون ّإل من وراء
ُجدر ،فإذا حمي البأس ف ّروا وولَّ ْوا األدبار؛ ذلك أنّهم ال يرجون
اآلخرة.
74
مألا ُّزع ُداهجلا :ةنمالا ةظعوملا
ث
فضل الجهاد
تشري بعض اآليات القرآن ّية والروايات الرشيفة إىل فضل الجهاد
يف سبيل الله -تعاىل ،-وتفضيل اإلنسان املجاهد عىل القاعد،
َّ َ َۡ ُ َ َ ُۡ ۡ َ َ ُۡ ُْ َّ َ ۡ َ
يقول -سبحانه﴿ :-ل يستوِي ٱلقٰعِدون مِن ٱلمؤ ِمن ِني غي أو ِل ٱلضرِ
نف ۡ َ َّ َ َّ ُ ۡ ُ َ َ ُ َّ َ ۡ َ ُۡ َ ُ َ
جٰهد َ
ِين س ِه ۚم فضل ٱلل ٱلم ِ يل ٱللِ بِأم َوٰل ِ ِه ۡم َوأ ِ ِ
َ
و َٱلمجٰ ِهد َون ِف سب ِ
ن َوفَ َّض َل َّ ُ ٱلل ۡ ُ ۡ َ
ك َو َع َد َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ٰ َ َ َ َ ٗ َ ُ ّٗ
ٱلل ٱلس ٰ ۚ س ِهم ع ٱلقعِدِين درجة ۚ و بِأموٰل ِ ِهم وأنف ِ
َ َ ۡ َ َ ٱل ۡ ُم َ
ِين َع ٱلقٰعِدِين أج ًرا عظِيما﴾ .
ٗ ((( َ ۡ َ
جٰ ِهد
وتشري بعض الروايات إىل املكانة املرموقة التي يحتلّها
الجهاد يف سبيل الله بني العبادات الرشيفة ،فعن أحدهم ،عن
اإلمام الباقر« :Q أال أخربك باإلسالم؛ أصله وفرعه وذروة
سنامه؟»((( ،قلت :بىلُ ،ج ِعلت فداك! قال« :أ ّما أصله فالصالة،
وفرعه الزكاة ،وذروة سنامه الجهاد»(((.
ّ
الحقيقي؟ ّ
العدو من هو
تقع الكثري من الجهات التي ترفع راية الجهاد يف الشبهات،
وتص ّنف األعداء من دون أن تستند يف ذلك إىل مس ّوغ .إ ّن العد ّو
75
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
َّ
عليكم بالجهاد األكبر لتوفقوا في الجهاد األصغر
قسم الرسول األكرم P الجهاد قسمني ،والذي تح ّدثنا عنه هو ّ
الجهاد األصغر ،وليك يوفَّق اإلنسان يف هذا الجهاد ويصل به إىل
مرتبة يصبح فيها عبادة حقيق ّية لله -تعاىل -وليكون سناماً لذروة
الدين كام يف الحديث ،ينبغي عىل املسلم أن ال يغفل عن الجهاد
األكرب التي أشارت له الرواية املشهورة ،فعن اإلمام الصادق:Q
النبي P بعث برسيَّ ٍةّ ،
فلم رجعوا ،قال :مرحباً بقوم قضَ وا «إنّ ّ
الجهاد األصغر وبقي الجهاد األكرب ،قيل :يا رسول الله ،وما الجهاد
األكرب؟ قال :جهاد النفس»(((.
ولنتذكّر يف خطبة الجهاد تعبري أمري املؤمنني« :Q فتحه
الحقيقي هو من أولياء الله
ّ الله لخاصة أوليائه» ،فإ ّن املجاهد
الذين استطاعوا أن يهذِّبوا أنفسهم ،ويبتعدوا بها عن األخالق
حقيقي دون تهذيب النفس.
ّ السيّئة واملعايص الرذيلة ،فال جهاد
77
الموعظة التاسعة
الشهادة في اإلسالم
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
عن رسول الله« :P أرشف القتل موت الشهادة» .
(((
((( ابن أيب الحديد ،عبد الحميد بن هبة الله ،رشح نهج البالغة ،تحقيق وتصحيح مح ّمد أبو
الفضل إبراهيم ،نرش مكتبة آية الله املرعيشّ النجفيّ ،إيران -قم1404 ،ه ،ودار إحياء الكتب
العرب ّية1378 ،ه 1959 -م ،ط ،1ج ،5ص.245
79
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
80
لسإلا يف ةداهشلا :ةعساتلا ةظعوملا
حب الرسول واآلل األطهار Rللشهادة ،فعن رسول الله:P ّ .2
«والذي نفيس بيده ،لوددت أن أغز َو يف سبيل الله ُفأقتلّ ،ثم
أغزو ُفأقتلّ ،ثم أغزو ُفأقتل»((( ،وعن أمري املؤمنني:Q
وإن للشهادة َل ُم ّ
حب»(((. «فواللهّ ،إن لعىل حقّ ّ ،
.3الشهادة متحو الذنوب ،فالله -تعاىل -يك ّرم الشهيد بتكفري
ما عليه من الذنوب التي بينه وبني الله ،فعن اإلمام
ذنب يك ّفره القتل يف سبيل الله -ع ّز «كل ٍ الباقرّ :Q
وجلّ -إل الدَين ،ال ك ّفارة له ّإل أداؤه ،أو يقيض صاحبه، ّ
أو يعفو الذي له الحقّ »(((.
.4أرشف املوت ،فعن رسول الله« :P أرشف املوت قتل
الشهادة»(((.
وخصال الشهيد وخصوص ّياته كثرية ،نذكر منها:
ست
ما ورد عن رســول الله« :P للشهيد عند الله ّ
الدمشقي ،رشح صحيح مسلم ،دار الكتاب العر ّيب ،لبنان -
ّ النووي ،أبو زكر ّيا يحيى بن رشف
ّ (((
بريوت1407 ،ه 1987 -م ،ال.ط ،ج ،13ص.22
((( ابن أيب الحديد ،رشح نهج البالغة ،مصدر سابق ،ج ،6ص.100
الكليني ،الكايف ،مصدر سابق ،ج ،5ص.94
ّ ((( الشيخ
((( الشيخ الصدوق ،األمايل ،مصدر سابق ،ص.577
81
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
((( أحمد بن حنبل ،املسند (مسند أحمد) ،دار صادر ،لبنان -بريوت ،ال.ت ،ال.ط ،ج ،4ص.131
الرتمذي) ،مصدر سابق ،ج ،3ص.109
ّ الرتمذي ،الجامع الصحيح (سننّ (((
البخاري ،دار الفكر للطباعة والنرش والتوزيع،
ّ البخاري ،أبو عبد الله مح ّمد بن إسامعيل ،صحيح
ّ (((
ال.م1401 ،ه 1981 -م ،ال.ط ،ج ،3ص.202
((( املفيد ،الشيخ مح ّمد بن مح ّمد بن النعامن ،األمايل ،تحقيق حسني األستاد ويل ،عيل أكرب
الغفاري ،دار املفيد للطباعة والنرش والتوزيع ،لبنان -بريوت1414 ،ه 1993 -م ،ط ،2ص .11
82
لسإلا يف ةداهشلا :ةعساتلا ةظعوملا
يحب أن
النبي« :P ما من أحد يدخل الج ّنة ّ ومنها ما عن ّ
يرجع إىل الدنيا وله ما عىل األرض من يشء ّإل الشهيد ،فإنّه
يتم ّنى أن يرجع ف ُيقتل عرش م ّرات ،ملا يرى من الكرامة»(((.
رسول الله P والقادة الشهداء
عندما نستقرىء تاريخ املرحلة املدن ّية من الدعوة اإلسالم ّية
النبي P قد شكّل جيشاً يدافع عن املسلمني وعقيدتهم نجد أ ّن ّ
داخل املدينة وخارجها ،ما ساهم يف تبديد قوى الرشك والكفر.
وقد كان رسول الله P قائدا ً عسكريّاً يخطّط ويو ّجه ويقاتل
يفس كرثة عدد الغزوات التي قادها ويقود الجبهة ،وهذا ما ّ
فالنبيP ّ النبي P بنفسه ،حيث بلغت سبعاً وعرشين .
(((
ّ
كان أشجع الناس ،بل أكملهم شجاعة وإقداماً يف هذه الحروب.
عب وقد ظهرت شجاعته يف املعارك الكربى ،ففي معركة بدرّ ،
اإلمــام عيل Q عن شجاعة رسول الله P قائالً« :لقد
رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله P وهو أقربنا إىل
العد ّو ،وكان من أشدّ الناس يومئ ٍذ بأساً»((( ،وعنه« :Q ك ّنا
83
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
إذا حمي البأس ،ولقي القوم القوم اتّقينا برسول الله ،P فال
يكون أحد أدىن إىل القوم منه»(((.
فحضور القادة يف امليدان مع املجاهدين له أثر كبري عىل
املعركة واملجاهدين معاً ،ومجريات األحداث ونتائج املعركة،
شهاد ًة كانت أو انتصارا ً .وإ ّن حضور رسول الله P يف املعارك،
الشخيص يف ميدان الحرب ،له دالالت ترشيع ّية وتربويّة
ّ ووجوده
وروح ّية عميقة ،رسخت عرب التاريخ يف قلوب املجاهدين
واملقاومني ،وأصبحت عنرصا ً فاعالً يف النرص ،ومن هذه املدرسة
تخ ّرج القادة الشهداء واملجاهدون يف املقاومة اإلسالميّة.
رس االنتصار بشهادتهم ودمائهم الزكية له أركان وثوابت، وإ ّن ّ
أه ّمها:
األ ّول :اإليمان بنصر اهلل
اإلميان عقيدة وعمل واحتامل وأمل وثقة ،يقول الله -تعاىل:-
َ َ َ َ ًّ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ
ص ٱل ُم ۡؤ ِمن َِني﴾(((. ﴿وكن حقا علينا ن
الثاني :االعتقاد بوجوب الجهاد
االعتقاد بأ ّن الجهاد والدفاع واجب كبق ّية الواجبات ،بل من
كل قادر دفاعاً عن املق َّدسات والحرمات،
أه ّمها ،وقد فرضه الله عىل ّ
ِ
وعن العقيدة واملبدأ ،وعن الح َمى والوطن ،وقد جاءت يف القرآن
املجليس ،بحار األنوار ،مصدر سابق ،ج ،16ص.2
ّ ((( ّ
العلمة
((( سورة الروم ،اآلية .47
84
لسإلا يف ةداهشلا :ةعساتلا ةظعوملا
آياتٌ كثرية تحثُّ عىل استشعار روح هذا الجهاد ،قال -تعاىل:-
َ َّ َ َ ٰ َ ُ ْ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ ُ ُ َ َ َّ َّ َ َ ۡ
ٱلل ل َم َع ٱل ُم ۡح ِسن َِني﴾(((. ﴿وٱلِين جهدوا فِينا لهدِينهم سبلنا ۚ ِإَون
الثالث :االعتقاد بأنّ الشهادة حياة
لقد زخرت آيات الكتاب العزيز ،واستفاضت نصوص السنة
أحياء ،قالَ
الشهداء
َّ َ
الرشيفة يف الحديث عن فضل الشهادة ،وأ ّن
ٱللِ أ ۡم َوٰتَۢا ۚ بَ ۡل أ ۡح َيآءٌ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ َّ َ ُ ُ ْ
يل
الله -تعاىل﴿ :-ول تسب ٱلِين قت ِلوا ِف سب ِ ِ
َ َّ ۡ ُۡ َُ َ
ون﴾(((. عِند رب ِ ِهم يرزق
النبي وآل بيته Rقيمة الشهادة ودرجتها P ونظرا ً إلدراك ّ
العليا عند الله -تعاىل ،-ويف طلب الشهادة ورد عن رسول الله:
P
«من طلب الشهادة صادقاً أعطيها ولو مل تصبه»((( و«من سأل
الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء ،وإن مات عىل فراشه»(((.
الرابع :االعتقاد بأنّ الجهاد باب من أبواب الج ّنة
ورد عن أمري املؤمنني« :Q أ ّما بعد ،فإنّ الجها َد باب من
لخاصة أوليائه ،وهو لباس التقوى ودرع أبواب الج ّنة ،فتحه الله ّ
الله الحصينة وج ّنته الوثيقة» .
(((
85
الموعظة العاشرة
ّ
المقدسات في اإلسالم
ووجوب الدفاع عنها
محاور الموعظة
ّ
المقدس والقداسة 1.1معنى
ّ ّ 2.2
المقدسات في اإلسالم والشرائع السماوية
ّ
خصوصية الرسول األكرمP 3.3
ّ
4.4األماكن المقدسة عند المسلمين
مقدساتهم5.5واجب المسلمين تجاه ّ
هدف الموعظة
تصدير الموعظة
َّ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ
.(((
ٱللِ ف ُه َو َخ ۡي ُلۥ عِند َربِهِۗۦ﴾
ّ َ ٞ ﴿ذٰل ِك ۖ َومن ُيعظ ِۡم ح ُرم ٰ ِ
ت
ّ
المقدس والقداسة معنى
القدس والقداسة والتقديس يف اللغة والكتاب واالستعامل
العر ّيف مبعنى التطهري ،والتنزيه عن النقص والعيب ،والزم هذا
كامل املق ّدسات ،واحرتامها وتعظيمها ،ووجوب الدفاع عنها بالغايل
املعنوي واإلميا ّين للبرش.
ّ والنفيس؛ ألنّها متّثل الكيان
ورد يف اللغة :قَ ُد َس ق ْدساً وقُ ُدساً طَ ُهر وتبارك ،وتق ّدس ،أي
تط ّهر ،والقداسة الطهارة ،يُقال :ق ّدس الل ُه فالناً :ط ّهره وبارك عليه،
كل نقص وعيب... والقدوس من أسامء الله الحسنى ،أي املن ّزه عن ّ
والتقديس :التطهري اإللهي الوارد يف قوله -تعاىلَ ﴿ :-و ُي َط ّه َر ُكمۡ
ِ ّ
َت ۡط ِه ٗريا﴾(((.
87
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
88
نع عافدلا بوجوو مالسإلا يف تاسّدقملا :ةرشاعلا ةظعوملا
89
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
90
نع عافدلا بوجوو مالسإلا يف تاسّدقملا :ةرشاعلا ةظعوملا
ّ
خصوصية الرسول األكرمP
النبي
ال ميكن فصل الحديث بني قدس ّية وعظمة شخص ّية ّ
مح ّمد P وبني عظمة نب ّوته ورسالته العامليّة الخالدة ،وموقعه
يف السامء واألرض قبل وبعد اإلسالم ،ونشري يف ما يأيت إىل بعض
النبي مح ّمد ،P الذي ُعرف قبل اإلسالم ،بالصادق خصوصيّات ّ
األمني.
.1هدف بعثته ورسالته
ُ َّ
الرحمة بالبرش والتزكية والرتبية لهم ،قال -تعاىل﴿ :-ه َو ٱلِي
ّ ّ َ ُ ْ َ ٗ ُۡ ّ َ
ِي َۧن َر ُسول ّم ِۡن ُه ۡم َي ۡتلوا َعل ۡي ِه ۡم َءايٰتِهِۦ َو ُي َزك ِي ِه ۡم َو ُي َعل ُِم ُه ُم
َب َعث ِف ٱل ّم ِ
ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ َ ((( َ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ َ َّ َ َ ۡ ّ ۡ َ
ح ٗة لِل َعٰل ِم َني﴾(((. ٱلكِتٰب وٱل ِكمة﴾ ﴿ ،وما أرسلنٰك إِل ر
.2األسوة الحسنة وصاحب الخلق العظيم
ٞ َّ ُ َّ َ َ َ َ ُ
، (((
ٱللِ أ ۡس َوةٌ َح َس َنة﴾ قال الله -تعاىل﴿ :-لق ۡد كن لك ۡم ِف َر ُسو ِل
ِيم﴾(((. ُ ُ َ َّ َ
خل ٍق عظ ٖ ﴿ِإَونك
.3س ّيد الرسل وأعظمهم وخاتمهم
َ ُ َ َ َ َُ َ ٓ َ
قال -تعاىلَّ ﴿ :-ما كن م َّم ٌد أبَا أ َح ٖد ّمِن ّرِ َجال ِك ۡم َولٰكِن َّر ُسول
91
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
َ ٗ ((( ك ّل َ ۡ
َّ َ َ َ َ َّ ّ َ َ َ َ َّ ُ ُ
ش ٍء علِيما﴾ ،وقال ّ
النبيP يۧنۗ وكن ٱلل ب ِ ِ
ٱللِ وخاتم ٱنلب ِ ِ
ألمري املؤمنني« :Q أنت م ّني مبنزلة هارون من موىسّ ،إل أنّه
نبي بعدي»(((.
ال ّ
.4تخصيصه باإلسراء والمعراج
َۡٗ ّ َ َۡ ۡ س ٰ َۡ ُ ۡ َ َ َّ ٓ َ
ج ِد ِي أ ۡ َقال -تعاىل﴿ :-سبحٰن ٱل
ى بِعب ِده ِۦ لل مِن ٱلمس ِ َۡ َ ۡ َۡ
ٱل َر ِام إِل ٱل َم ۡس ِج ِد ٱل ۡق َصا﴾(((.
.5األمر اإللهي بوجوب طاعته واحترامه ّ
ولۥ َو َل تَ َنٰ َز ُعوا ْ َف َت ۡف َشلُوا ْ َوتَ ۡذ َهبَ
ٱلل َو َر ُس َ ُ قال -تعاىلَ ﴿ :-وأَط ُ
ِيعوا ْ َّ َ
ُ ُ
ك ۡمۖ﴾((( ،والشواهد القرآن ّية يف ذلك كثرية. رِيح
ّ
المقدسة عند المسلمين األماكن
ميكن إيراد عدد من األماكن التي تُع ّد أماكن مق ّدسة عند
املسلمني ،منها :املساجد بشكل عام ،واملسجد الحرام ،ومسجد
خاص ،قال
الكوفة بشكل ّ النبي P واملسجد األقىص ،ومسجد ّ
َ ٗ (((
َ َ َ َّ ۡ َ َ ٰ َ َّ َ َ َ ۡ ُ ْ َ َ َّ
-تعاىل﴿ :-وأن ٱلمس ِجد ِلِ فل تدعوا مع ٱللِ أحدا﴾ .
92
نع عافدلا بوجوو مالسإلا يف تاسّدقملا :ةرشاعلا ةظعوملا
93
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
.3يجب تنويع وسائل املواجهة والردع ،من ثقاف ّية ،إعالم ّية،
سياس ّية ،قانونية ،إداريــة ،اقتصادية ،إىل ح ّد الجهاد
والشهادة.
.4يجب تربية مجتمعاتنا عىل احرتام املق ّدسات ،والسعي
الدائم لنقل هذه الثقافة إىل اآلخرين.
94
الموعظة الحادية عشرة
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
عن رسول الله« :P وأ ّما ابنتي فاطمة ،فإنّها س ّيدة نساء
العاملني ِم َن األ ّولني واآلخرين.(((»...
مكانة السيدة الزهراء O
ّ
ورد عن رسول الله P يف ابنته الس ّيدة فاطمة Oأنّها
املاليك عن مجاهد،
ّ «س ّيدة نساء العاملني»((( ،وذكر ابن الص ّباغ
النبي P وهو آخذ بيد فاطمة ،فقالَ « :م ْن عرف هذه قال :خرج ّ
فقد عرفها ،و َم ْن مل يعرفها فهي فاطمة بنت مح ّمد ،وهي بضعة
جنبي؛ فمن آذاها فقد آذاين،
م ّني ،وهي قلبي وروحي التي بني ّ
و َم ْن آذاين فقد آذى الله»(((.
96
واأليام األواخر
ّ الموعظة الحادية عشرة :فاطمة الزهراء ،Oجهادها
ّ
ومضات من جهاد السيدة الزهراء O
تُظهر بعض املجريات رسوخ قدم الس ّيدة فاطمة Oيف
فجسدت بذلك الدور األصيل كل موقع يقتيض الواجبّ ، الجهاد ،يف ّ
رب الع ّزة باملرأة ،فهي بالقدر الذي كانت فيه حريصةالذي أناطه ّ
عىل أن ال ترى رجالً وال يراها رجل ،كانت مقدامة ومندفعة يف
أداء أدوار الجهاد يف سبيل الله باملعنى األع ّم ،ومن تلك املواقف:
.1الحصار الذي فرضته قريش عىل رسول الله P وأهله يف
شعب أيب طالب ،وكان ذلك من أعظم الجهاد ،فقد مكثوا
فيه ثالث سنني ّإل شهراً ،وأنفق أبو طالب وخديجة جميع
مالهام ،وال يقدرون عىل الطعام ّإل من موسم إىل موسم،
فلقوا من الجوع والعرى ما الله أعلم به(((.
.2الهجرة من م ّكة إىل املدينة ،فقد قال ّ
النبي P ألمري
املؤمننيّ ...« :Q ثــم ّإن أستخلفك عىل فاطمة
رب عليكام» ،وأمره أن يبتاع رواحل ابنتي ومستخلف ّ
له وللفواطم ومن يهاجر معه من بني هاشم ،وقال له:
مؤسسة
الرواندي ،أبو الحسني سعيد بن هبة الله ،الخرائج والجرائح ،تحقيق ّ
ّ ((( قطب الدين
مؤسسة اإلمام املهدي،
اإلمام املهدي Q بإرشاف الس ّيد مح ّمد باقر املوحد األبطحيّ ،
إيران -قم1409 ،ه ،ط ،1ج ،1ص.85
97
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
«إذا أبرمت ما أمرتك به ،فكن عىل أه ّبة الهجرة إىل الله
ورسوله»(((.
.3يف الحروب يف غزوة أحد ،فقد ُروي أنّه ملّا انتهت فاطمة
النبي] إىل رسول الله ،P ونظرتا Oوصف ّية [ع ّمة ّ
يل« :Q أ ّما ع ّمتي فاحبسها عنّي ،وأ ّما إليه ،قال لع ّ
فلم دنت فاطمة Oمن رسول فاطمة فدعها»ّ ،
الله ،P ورأته قد ُش ّج يف وجهه ُوأدمي فوه إدما ًء ،صاحت
وجعلت متسح الدم ،وتقول« :اشت ّد غصب الله عىل من
أدمى وجه رسول الله»(((.
يف معركة الخندق ،ورد عن أمري املؤمنني« :Q ك ّنا مع
النبي P يف حفر الخندق ،إذ جاءته فاطمة ومعها كرسة خبز، ّ
النبي :P ما هذه الكرسة؟ قالت:ّ فقال ، P النبي
ّ إىل فدفعتها
قرصاً خبزتها للحسن والحسني ،جئتك منه بهذه الكرسة ،فقال
النبي :P أما إنّه أ ّول طعام دخل فم أبيك منذ ثالث»(((.ّ
ّّ
اإلربل ،عيل بن أيب الفتح ،كشف الغ ّمة يف معرفة األ ّمئة ،دار األضواء ،لبنان -بريوت1405 ،ه (((
1985 -م ،ط ،2ج ،2ص.32
املجليس ،بحار األنوار ،مصدر سابق ،ج ،20ص.96
ّ ((( ّ
العلمة
((( الصدوق ،الشيخ مح ّمد بن عيل بن بابويه ،عيون أخبار الرضا ،Q تصحيح الشيخ حسني
مؤسسة األعلمي للمطبوعات ،لبنان -بريوت1404 ،ه 1984 -م ،ال.ط ،ج ،2ص.43 األعلميّ ،
98
واأليام األواخر
ّ الموعظة الحادية عشرة :فاطمة الزهراء ،Oجهادها
((( املفيد ،الشيخ مح ّمد بن مح ّمد بن النعامن ،اإلرشاد يف معرفة حجج الله عىل العباد ،تحقيق
مؤسسة آل البيت R لتحقيق الرتاث ،دار املفيد للطباعة والنرش والتوزيع ،لبنان - ّ
بريوت1414 ،ه 1993 -م ،ط ،2ج ،1ص.187
99
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
((( ابن سعد ،الطبقات الكربى ،دار صادر ،لبنان -بريوت ،ال.ت ،ال.ط ،ج ،2القسم ،2ص ،84وحلية
األولياء ،ج ،2ص.43
املجليس ،بحار األنوار ،مصدر سابق ،ج ،43ص.156
ّ ((( ّ
العلمة
يل بن أيب طالب ،االحتجاج عىل أهل اللجاج ،تعليقالطربيس ،الشيخ أيب منصور أحمد بن ع ّ
ّ (((
الس ّيد مح ّمد باقر الخرسان ،دار النعامن للطباعة والنرش ،العراق -النجف األرشف1386 ،ه
1966 -م ،ال.ط ،ج ،1ص.137
100
واأليام األواخر
ّ الموعظة الحادية عشرة :فاطمة الزهراء ،Oجهادها
101
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
والزعيم
ُ الح َك ُم اللهُ،
«فنعم ََ قالت Oيف خطب ِتها: ْ
يخرس
ُ مح ّمد ،P واملوعدُ القيام ُة ،وعند الساع ِة
ولكل نبإٍ مستق ٌّر، ِّ َ
تندمون، ينفعكم إ ْذ َ
املبطلون ،وال ُ
ُّ
ويحل عليه عذاب يخزيه ٌ َ
تعلمون من يأتيه وسوف
عذاب مقيم»(((.
ٌ
102
الموعظة الثانية عشرة
جهاد المرأة
ً ّ
السيدة زينب Oنموذجا
محاور الموعظة
تصدير الموعظة
الخميني{ ،إعداد ونرش دار املعارف اإلسالم ّية الثقاف ّية ،لبنان -بريوت،
ّ ((( املرأة يف فكر اإلمام
2009م ،ط ،1ص.47
اإلسالمي ،إيران -قم،
ّ ((( الشيخ الشهيد مرتىض مط ّهري ،نظام حقوق املرأة يف اإلسالم ،دار الكتاب
2005م ،ط ،1ص.22
104
السيدة زينب Oنموذجاً
ّ الموعظة الثانية عشرة :جهاد المرأة،
105
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
((( ابن عبد ال ّرب ،االستيعاب ،تحقيق عيل مح ّمد البجاوي ،دار الجيل ،لبنان -بريوت1412 ،ه -
1992م ،ط ،1ج ،4ص.1788
106
السيدة زينب Oنموذجاً
ّ الموعظة الثانية عشرة :جهاد المرأة،
107
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
العلمة الشيخ ذبيح الله مح ّاليت ،رياحني الرشيعة يف ترجمة عاملات نساء الشيعة ،ج ،5ص،80
((( ّ
اإلصابة ،ج ،4ص.418
((( ابن األثري الجزري ،أسد الغابة يف معرفة الصحابة ،دار الكتاب العريب ،لبنان -بريوت ،ال.ت،
ال.ط ،ج ،5ص.492
108
السيدة زينب Oنموذجاً
ّ الموعظة الثانية عشرة :جهاد المرأة،
ج ّدي العزيز ،انظر نظر ًة إىل صحراء كربالء الحارقة ،هذا حسني
معفَّر بالرتاب مخضّ ب بالدماء ،ث ّم ينقلون أ ّن زينب وضعت يديها
«اللهم،
ّ يل وارتفع نداؤها إىل السامء:
تحت جسد الحسني بن ع ّ
تق ّبل من آل مح ّمد هذا القربان!» .
(((
109
هجلاو ةرسألا يف ظعاوم -اوُّدِعَأَو
ُبق م ّنا أحداً ،فإن عزمت عىل قتله فاقتلني «يابن زياد ،إنّك مل ت ِ
قائال :الحمد لله الذي معه»((( .وعندما خاطبها ابن مرجانة ً
فضحكم وقتلكم ،وأبطل أحدوثتكم ،أجابته Oبشجاعة أبيها
محتقرة له« :الح ْمدُ لل ِه الَّذي أَكْ َر َم َنا ِب َن ِب ِّي ِهَ ،وطَ َّه َرنا ِم َن ال ِّر ْج ِس
َاس ُق َويَكْ ِذ ُب الْفَاجِ ُرَ ،و ُه َو غ ْ َُينَا والح ْمدُ تَطْ ِهرياً ،إِنَّ َا يَ ْف َت ِض ُح الْف ِ
لل ِه»((( .ث ّم بعد ذلك مواجهة الطاغية يزيد يف دمشق الشام.
.3تسليمها وثباتها
ِ
بأخيك؟ رأيت صنع الله عندما خاطبها ابن زياد مستهزئاً :كيف ِ
أجابته بكلامت الظفر والنرص« :ما َرأَيْ ُت ّإل َج ِميالً ،ه ُؤالَ َء َق ْو ُم
كَ َت َب اللهُ َعلَ ْيه ُِم الْ َق َت َل ،ف َ ََبزُوا إِىل َمضَ اجِ ِعه ِْمَ ،و َس َي ْج ُ
مع اللهُ بَ ْي َنكَ
َاص ُم ،فَانْظُ ْر لِ َم ِن الْ َفل َُج يَو َم ِئ ٍذ ،ثَكَلَتْكَ أُ ُّمكَ
اج َوتُخ َ َوبَ ْي َن ُه ْمَ ،ف ُت َح ُّ
يابْ َن َم ْر َجانَ َة.(((»...
وكذا عندما دخل موكب السبايا الكوفة ،وخرج الناس يتف ّرجون،
أومأت زينب إليهم أنِ اسكتوا ،فارت ّدت األنفاس ،وسكنت األجراس،
ىل َجدِّ ي ُم َح َّم ٍد َوآلِ ِه الصالَ ُة َع َ ث ّم قالت« :O الْ َح ْمدُ لل ِهَ ،و َّ
املجليس ،بحار األنوار ،مصدر سابق ،ج ،45ص.117
ّ ((( ّ
العلمة
((( الشيخ املفيد ،اإلرشاد يف معرفة حجج الله عىل العباد ،مصدر سابق ،ج ،2ص.115
املجليس ،بحار األنوار ،مصدر سابق ،ج ،45ص.116
ّ ((( ّ
العلمة
110
السيدة زينب Oنموذجاً
ّ الموعظة الثانية عشرة :جهاد المرأة،
ال َّط ِّي ِب َني األَ ْخ َيارِ ،يَا أَ ْه َل ا ْلكُو َف ِة ،يَا أَ ْه َل ا ْل َخ ْتلِ والْغَدْ رِ ،أَتَ ْبكُونَ ؟!
ول هَدَ أَ ِت ال َّرنَّ ُة ،إِنَّ َا َم َثلُك ُْم كَ َمثَلِ الَّ ِتي نَقَضَ ْت ف ََل َر َقأَ ِت الدَّ ْم َع ُةَ ،
َغ ْزلَ َها ِم ْن بَ ْع ِد ُق َّو ٍة أَنْكَاثاً ،تَ َّت ِخ ُذونَ أَ ْيَانَك ُْم َد َخالً بَ ْي َنك ُْم ...أَتَ ْبكُونَ
َوتَ ْن َت ِح ُبونَ ؟! إِ ْي َوالل ِه ،فَابْكُوا كَ ِثرياً ،واضْ َحكُوا َقلِيالًَ ،فلَ َقدْ َذ َه ْب ُت ْم
ِب َعا ِر َها َوشَ ناَ ِر َها.(((»...
111