Professional Documents
Culture Documents
(دراسة مقارنة)
د .وليد خالد الربيع
أستاذ مساعد بقسم الفقه املقارن والسياسة الشرعية
كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية
جامعة الكويت.
ملخص البحث:
يتن--اول ه--ذا البحث تعريف اللج--وء السياس--ي ،وبي--ان -حكم--ه ،وض--وابطه ،وبعض آث--اره يف
الفقه اإلس --المي والق --انون -ال --دويل؛ لتس --ليط الض --وء على أهم مع --امل التش --ريعات الدولية يف ه --ذه
املس--ألة ،مع بي--ان س--بق الش--ريعة اإلس--المية يف االهتم--ام هبذه احلاجة اإلنس--انية -بق--رون عدي--دة ،من
خالل النصوص الشرعية ،والقواعد الكلية ،واالجتهادات الفقهية.
واللج--وء السياسي -يف الق--انون -ال--دويل .ه--و :احلماية اليت متنحها دولة لف--رد طلب منها ه--ذه
احلماية عند ت --وافر ش --روط معين --ة ،ويقابل اللج --وء السياسي يف الق --انون ال --دويل (عقد األم --ان) يف
الفقه اإلس--المي ،مع تب--اين يف بعض أس--بابه وش--روطه وآث--اره .وقد ق--رر فقه--اء الق--انون ال--دويل أن
اللجوء السياسي -حق كفلته التشريعات الدولية ،وحثت عليه ،ودافعت -عنه ،ويف القانون -ال--دويل
محاية الالج --ئني مس --ؤولية ال --دول ،طبق- -اً التفاقية 1951م وبروتوك --ول 1967م ،وي --رى فقه --اء
الق --انون ال-- -دويل أن حق محاية الالج-- -ئني مل --زم جلميع ال-- -دول ،ولو مل تكن أطراف - -اً يف املعاه --دات
الدولية اليت أقرت--ه ،أما الفقه اإلس--المي -:فإنه يق--رر ب--أن منح حق اللج--وء لغري املس--لم ليس قاص--راً
على الدولة فق--ط ،بل هو حق ث--ابت ل--رئيس الدولة ونوابه -وآح--اد املس--لمني املكلفني من الرج--ال
أو النساء.
ويتفق الق--انون ال--دويل مع الفقه اإلس--المي على ض--رورة اس--تيفاء الش--روط واملع--ايري اخلاصة
بوضع طالب األمان وحق اللجوء السياسي -،حبيث يك--ون -اختالل بعض تلك الش--روط مانع-اً من
منحه ذلك احلق.
كما يتفق كل من الفقه اإلس -- -المي والق -- -انون -ال -- -دويل على أن رج -- -وع الالجئ بإرادته إىل
البلد ال--ذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه ص--فة الالجئ ،حبيث ال يتمتع باآلث--ار املرتتبة على ذل--ك ،إال
أن الفقه اإلس-- - -المي -يق-- - -رر أن رفع األم-- - -ان -يك-- - -ون يف حق الالجئ وح-- - -ده ،دون ماله أو أهله ما
داموا باقني يف دار اإلسالم.
ومن آثار اللجوء السياسي :التجنس جبنس--ية بلد اللج--وء ،واألصل أن جتنس املس--لم جبنس--ية
دولة غري مسلمة :احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظورات شرعية ،ويستثىن من ذلك ح--االت الض--رورة
واحلاجة امللحة اليت يتوقف عليها حتصيل بعض املصاحل املعتربة -شرعاً.
كما أن من آث--ار اللج--وء السياس--ي :ال--دخول يف اخلدمة العس--كرية ،واألصل فيه احلرم -ة يف
حق املس-- -لم الالجئ يف ال-- -دول غري اإلس-- -المية؛ -ملا يف ذلك من حمظ-- -ورات ش-- -رعية ،ويس-- -تثىن من
ذلك حاالت الضرورة واحلاجة املاسة اليت تس-وغ ذل-ك ،من ب-اب درء أعظم املفس-دتني بأدنامها،
كما ال جيوز للمس-- -لم أن يقاتل املس-- -لمني مع الكف-- -ار ،وإن أك-- -ره على اخلروج حلرب املس-- -لمني
فعليه أال يستعمل سالحه ضدهم ،وحيتال لذلك ما أمكنه -ذلك ،ولو بأن يستسلم للمسلمني.
المقدمة
تشري اإلحص-- -ائيات الدولية إىل تزايد ع-- -دد الف-- -ارين من بالدهم بس-- -بب االض-- -طهاد والظلم
والعدوان الذي يناهلم ،ألسباب دينية ،أو طائفية -،أو سياسية ،أو اقتصادية ،أو اجتماعية ،أو غري
ذلك.
ويوجد حاليا حنو 22ملي-- -ون ش-- -خص ينطبق عليهم وصف (الالج-- -ئني) ،وهو ع-- -دد -بال
شك -كبري جداً؛ مما استوجب اهتماما دولياً هبذه الظاهرة اإلنس--انية ،وقد ق--امت اجلمعية العامة
لألمم املتح--دة بتأس--يس مكتب -املف--وض -الس--امي لألمم املتح--دة لش--ؤون الالج--ئني يف 14ك--انون
األول /ديس --مرب ع --ام ،1950وتتمتع املفوض --ية بتف --ويض لقي --ادة وتنس --يق العمل ال --دويل؛ حلماية
وحل مشكالت الالجئني يف شىت أحناء العامل.
ويكمن غرض --ها ال --رئيس يف ت- -أمني اإلج --راءات الالزمة حلماية حق --وق الالج --ئني ورفاههم،
وهي تناضل لكي تض--من لكل ش--خص التمكن من ممارسة حقه يف التم--اس اللج--وء والعث--ور على
ملجأ آمن يف دولة أخ --رى ،مع احتفاظه خبي --ار الع --ودة طوع- -اً إىل ال --وطن ،أو االن --دماج حملي -اً ،أو
إعادة التوطني يف بلد ثالث ،وخالل ما يربو على مخسة عقود ،ساعدت املفوضية ما يق--در بنحو
50ملي-- -ون ش-- -خص على ب-- -دء حي-- -اهتم من جدي-- -د ،ويواصل حنو 5000ش-- -خص من م --وظفي
املفوضية يف أكثر من 120بلدا تقدمي املساعدة -ملا يقدر حبوايل 19.8مليون شخص.
بيد أن مشكلة الالجئني تستمر يف التزايد ،حيث تتصاعد من نزوح حوايل مليوين شخص
يف الس--نوات األوىل من س--بعينيات الق--رن العش--رين إىل ذروة بلغت أك--ثر من 27ملي--ون ش--خص
يف عام .1995
ويف ع --ام 2002بلغ ع --دد الالج --ئني وغ --ريهم ممن هتتم هبم املفوض --ية على مس --توى الع --امل
19.8ملي-- -ون ش -- -خص ،وإض - -افة إىل ذلك هن -- -اك ما ي-- -رتاوح بني 20و 25ملي -- -ون ش-- -خص
ن --ازحون داخل أراضي بل --داهنم ،وهم من يطلق عليهم اسم (األش --خاص الن --ازحون داخلي- -اً) ،مما
يصل مبجم--وع ع--دد األش--خاص املرحلني إىل 50ملي--ون ش--خص ،وبعب--ارة أخ--رى ش--خص واحد
بني كل 120شخص يعيش على وجه األرض.
وتتمثل املس --ؤولية البالغة األمهية للمفوض --ية ،واليت تع --رف بـ "احلماية الدولي --ة" ،يف ض --مان
اح --رتام حق --وق اإلنس --ان األساس --ية اخلاصة ب --الالجئني ،مبا يف ذلك ق --درهتم على التم --اس اللج --وء،
وض --مان ع --دم إع --ادة أي ف --رد قس --رياً إىل بلد تت --وافر لديه دواعي -اخلوف من التع --رض لالض --طهاد
فيه.
وتعمل املفوض -- - -ية -على ت -- - -رويج االتفاق -- - -ات الدولية اخلاصة ب -- - -الالجئني ،وت -- - -راقب امتث -- - -ال
احلكوم--ات للق--انون -ال--دويل ،وت--ؤمن املس--اعدات املادية من قبيل األغذية واملي--اه ،واملأوى -والرعاية
الطبية إىل املدنيني الفارين.
وتنطلق اجلهود اليت تبذهلا املفوضية من خالل والية ينص عليها النظ--ام األساسي للمنظم--ة،
ويسرتشد يف أدائها باتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بوضع الالجئني لعام 1951وبروتوكوهلا لعام
.1967وي--ؤمن الق--انون -ال--دويل املتعلق ب--الالجئني إط--اراً أساس--ياً للمب--ادئ فيما يتعلق باألنش--طة
اإلنسانية اليت تقوم هبا املفوضية(.)2
ولقد اس --تنبط -فقه --اء املس --لمني أحكام -اً كث --رية يف كيفية معاملة الالج --ئني الواف --دين إىل دار
اإلس --الم لشىت األغ --راض النزيه --ة ،وض --منوا تلك األحك --ام والض --وابط يف مب --احث ومس --ائل عقد
األم--ان ال--ذي ينظم دخ--ول غري املس--لم إىل بالد اإلس--الم ،وحيدد ش--روطاً كث--رية تتعلق باملستأمن،
والغ--رض ال--ذي يريد ال--دخول من أجل--ه ،واملدة اليت متنح ل--ه ،والواجب--ات اليت ينبغي -أن يل--تزم هبا،
واحلقوق اليت تثبت له ،وجزاء إخالله بتل-ك االلتزام-ات ،وغري ذلك من مس-ائل فقهية تنظم جلوء
غري املسلم إىل بالد املسلمني.
وأيضاً ،فقد تناول الفقهاء املسلمون مسألة دخ--ول املس--لم إىل البالد غري اإلس--المية -،وبين--وا-
ضوابط وشروط ذلك الدخول ،من حيث اجلواز وعدمه ،وتعرض--وا حلكم اإلقام--ة ،واالس--تيطان-،
وحكم املع-- -امالت املالي-- -ة -،وأحك-- -ام األس-- -رة ،من حيث ال-- -زواج والطالق ،وأحك-- -ام العقوب-- -ات-
الشرعية ،وغريها من مسائل ذكرت يف مدونات الفقه اإلسالمية والسياسة -الشرعية.
وقد ج--دت بعض الص--ور احلديث--ة ،مما تقتض--يه طبيعة -العص--ر ،وتعقد العالق--ات الدولي--ة ،وما
يتبع ذلك من ثب--وت التزام--ات وواجب--ات على ط--الب اللج--وء السياس--ي -،من االل--تزام بق--انون البلد
املانح حلق اللج-- -وء السياس-- -ي ،وت-- -ويل الوظ-- -ائف -في-- -ه ،والتجنس جبنس-- -يته ،واملش-- -اركة يف اخلدمة
العس--كرية ،وحنو ذلك من مس--ائل معاص--رة ،يك--ثر الس--ؤال عنه--ا ،واحلاجة ماسة ملعرفة حكمه--ا،
يف ضوء النصوص الدينية -والقواعد الفقهية -واملقاصد الشرعية.
وي--أيت ه--ذا البحث املوجز؛ ليق--دم ص--ورة خمتص--رة جله--ود الفقه--اء الس--ابقني واملعاص--رين يف
بي--ان بعض أحك--ام ه--ذه املس--ألة اإلنس--انية ،وحتديد ض--وابطها وآثاره--ا ،مقارنة بالق--انون -ال--دويل؛
وذلك وفق اخلطة التالية:
خطة البحث:
وتشتمل على مقدمة وثالثة فصول وخامتة على النحو التايل:
المقدم' ' ''ة :وتتن-- - - -اول أمهية املوض-- - - -وع -،وس-- - - -بب اختي-- - - -اره ،وخطة البحث ،ومنهج
البحث.
املبحث الث -- -الث -:مقارنة بني الفقه اإلس -- -المي والق -- -انون ال -- -دويل ،من حيث حكم
اللجوء السياسي وضوابطه.
وفيه مبحثان:
منهج البحث:
أوالً :بيان مواضع اآليات اليت ورد فكرها يف ثنايا البحث ،ب--ذكر اسم الس--ورة ورقم اآلية
يف اهلامش.
ثالثاً ':الرج--وع إىل املص--ادر األص--يلة واملراجع املعتم--دة عند بي--ان موقف الفقه اإلس--المي مع
توثيق ذلك باهلامش.
رابعاً :االس--تفادة من الدراس--ات احلديثة يف ه--ذا اجملال؛ لبي--ان موقف الفقه--اء املعاص--رين من
موضوع البحث.
خامس ' 'اً ':االس -- -تفادة من الدراس -- -ات القانونية اليت تن -- -اولت ه -- -ذا املوض -- -وع للوق -- -وف على
موقف القانون -الدويل من هذه املسألة.-
سادس ' 'اً :بي -- -ان موقف الفقه اإلس -- -المي -بعد ع -- -رض رأي الق -- -انون -ال -- -دويل مع عقد مقارنة
بينهما؛ إليضاح مواطن االتفاق -واالختالف.
الفصل األول
تعريف اللجوء السياسي
المبحث األول
تعريف اللجوء لغة
اللج--وء :مص--در الفعل جلأ ،يق--ال :جلأ إىل الش--يء واملك--ان يلج -أ جلأ وجلوءاً وملج--أ ،مبعىن
الذ به واعتص-- -م ،ق-- -ال ابن ف-- -ارس" :الالم واجليم واهلم-- -زة :كلمة واح-- -دة ،وهي اللج- - -أ وامللجأ:
املكان يلتجئ إليه ،يقال :جلأت والتجأت".
ويق--ال :أجلأت أم--ري إىل اهلل ،أي أس--ندت ،وجلأت إىل فالن وعنه والتج -أت وتلج -أت إذا
استندت إليه ،واعتضد-ت به ،أو عدلت عنه إىل غريه ،وأجلأه إىل الش--يء :اض--طره إلي--ه ،وأجلأه:
عصمه ،والتلجئة :اإلكراه ،وامللجأ واللجأ -حمركة -املعقل واملالذ( ،)3ومن--ه :قوله عز وج--ل(:لَ ْو
ات أ َْو ُم َّد َخالً لََّولَّ ْواْ إِلَْي ِه َو ُه ْم يَ ْج َم ُحو َن)(.)4
ي ِج ُدو َن ملْجأً أَو مغَار ٍ
َ َ ْ َ َ َ
المبحث الثاني
تعريف اللجوء السياسي اصطالحاً
يتن-- -اول ه-- -ذا املبحث تعريف اللج-- -وء السياسي يف اص-- -طالح الق-- -انون ال-- -دويل وك-- -ذلك يف
االصطالح الفقهي اإلسالمي ،وذلك يف مطلبني:
المطلب األول'
تعريف' اللجوء السياسي في القانون الدولي'
عّ-رف معهد الق--انون ال--دويل اللج--وء السياس-ي بأنه احلماية اليت متنحها دولة ف--وق أراض--يها،
أو فوق أي مكان تابع لسلطتها ،لفرد طلب منها هذه احلماية(.)5
وظاهر أن حق اللج-وء محاية قانونية متنحها الدولة لش-خص أجنيب يف مواجهة أعم-ال دولة
أخ -- - -رى ،وهو ما يعين وروده على خالف األصل الع -- - - -ام يف العالقة بني الدولة ومواطنيها-؛ وهلذا
فإنه ال مينح إال لضرورة تقتضيه ،ويتحدد نطاقه مبداها(.)6
وقد جاء يف بنود اتفاقية ع--ام 1951املتعلقة -بوضع الالج--ئني تعريف الالجئ بأنه ش--خص
"يوجد خ--ارج بلد جنس--يته ،بس--بب خ--وف له ما ي--ربره ،من التع--رض لالض--طهاد بس--بب العنص--ر،
أو ال--دين ،أو القومي--ة -،أو االنتم--اء إىل طائفة اجتماعية معين--ة -،أو إىل رأى سياس--ي ،وال يس--تطيع
بسبب ذلك اخلوف ،أو ال يريد أن يستظل حبماية ذلك البلد"(.)7
ومما يؤخذ على ه --ذا التعري --ف :أنه قصر وصف الالجئ على األش --خاص ال --ذين يض --طرون
إىل مغادرة بلدهم األصلي بسبب اخلوف من االضطهاد ،أو تعرضهم بالفعل لالض--طهاد ،بس--بب
اجلنس-- -ية ،أو الع-- -رق ،أو ال-- -دين ،أو اآلراء السياس-- -ية ،ومل تتض-- -من األش-- -خاص ال-- -ذين يف-- -رون من
أوطاهنم بسبب اخلوف على حي-اهتم نتيجة نش-وب ح-رب أهلية مثالً ،أو نتيجة ع-دوان خ-ارجي،
أو احتالل ،أو سيطرة أجنبي-ة ،ول--ذلك وس-عت اتفاقية -منظمة الوح-دة األفريقية لش-ؤون الالج--ئني
لع--ام 1969تعريف الالجئ " ليش--مل األش--خاص ال--ذين يض--طرون إىل مغ--ادرة دولتهم األص--لية
بسبب عدوان خ-ارجي ،أو احتالل أجن--يب ،أو س--يطرة أجنبية أو بس--بب أح-داث تثري االض--طراب
بشكل خطري بالنظام العام يف إقليم دولة األصل كله أويف جزء منه(.)8
ويرى بعض الباحثني ضرورة توافر أربعة شروط يف الشخص حىت ميكن اعتب--اره -الجئا من
وجهة نظر القانون -الدويل وهي:
أوالً :أن يوجد الش --خص خ --ارج إقليم دولته األص --لية ،أو خ --ارج إقليم دولته املعت --ادة ،إذا
كان من األشخاص عدميي اجلنسية ،وهو شرط النزوح.
ثاني' 'اً :أن يك-- -ون الش-- -خص غري ق-- -ادر على التمتع حبماية دولته األص-- -لية ،س-- -واء الس --تحالة
ذلك بس --بب ح --رب أهلية أو دولي --ة ،أو ل --رفض الدولة تق --دمي احلماية هلذا الش --خص ،أو ألنه غري
راغب يف التمتع هبذه احلماية؛ خلوفه من االضطهاد ،أو تعرضه ملثل ذلك االضطهاد.
ثالثاً :أن يكون اخلوف من االضطهاد قائماً على أسباب معقولة تربره.
رابع 'اً ':يتعني أال يق --وم يف مواجهة الالجئ أحد األس --باب اليت ت --دعو إىل إخراجه من ع --داد
الالج --ئني ،وهي اليت ذكرهتا املادة األوىل من اتفاقية -األمم املتح --دة لش --ؤون الالج --ئني ،ووص --فتها
بأهنا أسباب خطرية ،تدعو العتبار الشخص قد ارتكب جرمية ضد السالم ،أو جرمية ح-رب ،أو
جرمية ضد اإلنس --انية -،أو ك --ان قد ارتكب -جرمية غري سياس --ية خط --رية خ --ارج دولة امللج --أ ،وقبل
قبوله فيه --ا ،بوص --فه الجئا أو ك --ان قد س --بق إدانته بس --بب أعم --ال منافية أله --داف األمم املتح --دة
ومبادئها(.)9
ف--الالجئ السياسي ه--و :الش--خص ال--ذي متكن من اهلرب من العسف واالض--طهاد والف--رار
من الظلم والعدوان -،وجلأ إىل مكان آمن ،أو إىل من يستطيع أن حيميه ويدافع عنه(.)10
فالالجئ أجنيب موجود على إقليم دولة ،لكنه أجنيب غري ع--ادي ،فهو أجنيب قاصر؛ ألنه ال
يتمتع حبماية أو مس --اعدة أية حكوم --ة ،وغي --اب احلماية الوطنية ينتج من رفض الس --لطات هلؤالء
األفراد ،أو لرفض األفراد أنفسهم ل-ذلك الس-لطات ،ومن مث يس-تفيد الالجئ-ون -من قواعد احلماية
املق--ررة هلم يف االتفاقي--ات -الدولي--ة ،باإلض--افة إىل متتعهم مبجموعة من احلق--وق اليت قررهتا الوث--ائق
الدولية ،حبيث تضمن هلم املعاملة اإلنسانية ،ومحايتهم من االضطهاد الذي فروا منه(.)11
المطلب الثاني'
تعريف اللجوء السياسي' في الفقه' اإلسالمي'
يرى بعض الباحثين املعاص--رين أن حق اللج--وء السياسي هو املع--روف ش--رعاً ب--اهلجرة واليت
كانت سنة األنبياء -مع أقوامهم وأممهم ،وممن يرى ذلك أ.د .حممد الزحيلي حيث عّ-رف اللج-وء
السياسي بأن -- -ه" :حق االنتق -- -ال إىل بلد ال حيمل جنس -- -يته ،وذلك أله -- -داف سياس -- -ية ين -- -ادي هبا،
ويضطهد من أجلها ،أو يالقي العنت -واملشقة واملضايقة بسببها"(.)12
ومما يالحظ على ه--ذا التعريف أنه قصر س--بب اللج--وء السياسي على االض--طهاد السياسي
-فق - -ط -وم - -ا ينتج عنه من عنت ومش-- -قة ومض-- -ايقة ،مع أن تعريف الق-- -انون ال-- -دويل املتق --دم -قد
وسع بواعث -اللجوء السياسي-؛ لتشمل األسباب الدينية والعرقية واالجتماعية وغريه--ا ،وقد ج--اء
(االض --طهاد) مطلق- -اً عن أي قيد يف اإلعالن الع --املي -حلق --وق اإلنس --ان ،-حيث نصت املادة الرابعة
عش-- - -رة على أن" :لكل ف-- - -رد حق التم-- - -اس ملجأ يف بل-- - -دان أخ-- - -رى ،والتمتع ب-- - -ه ،خالص - - -اً من
االضطهاد"(.)13
يف حني ي--رى بعض الب--احثني اآلخ--رين أن حق اللج--وء السياسي يف حقيقته هو عقد أم--ان،
حيث إن ه -- - -ذا املص -- - -طلح من املص -- - -طلحات احلديثة يف الفقه السياس -- - -ي -،ومل يتع -- - -رض له فقه -- -اء
اإلس--الم عن--دما تكلم--وا عن عقد األم--ان واملست-أمن يف كتب الفقه اإلس--المي -هبذا االس--م ،إال إنه
ميكن أن يفهم معن -- - -اه من الوق-- - -وف على كالمهم عن املس-- - -تأمن ،ف-- - -اللجوء السياسي يقابل عقد
األمان يف االصطالح الفقهي(.)14
وال -- - -ذي يظهر هو رجح -- - -ان االجتاه الث -- - -اين ،حيث إن حقيقة اللج -- - -وء ليست قاص -- - -رة على
اهلج-- -رة ،وإمنا اهلج-- -رة الزم من ل-- -وازم اللج-- -وء ،ومظهر من مظ-- -اهره ،وبن-- -اء على ه-- -ذا فالبد من
تعريف عقد األمان لغة واصطالحا.
األم''ان في اللغ''ة ':مص--در الفعل أمن ي -أمن أمن -اً وأمان -اً وأمانة وأمن -ةً إذا اطم--أن -ومل خيف،
فهو آمن وأمن ،قال اخلليل :األمنة من األمن ،واألمان :إعطاء األمنة-.
فاألمان عدم توقع املكروه يف الزمن اآليت ،وأصله من طمأنينة النفس وزوال اخلوف(.)15
وأما تعريف' األم ' ''ان' في االص ' ''طالح :فقد عرفه الفقه -- -اء بتعريف -- -ات عدي -- -دة ،من أمشلها
وأدقها :تعريف ابن عرفة حيث قال:
"رفع اس -- - -تباحة دم احلريب ورقِّه وماله حني قتاله أو الع -- - -زم عليه مع اس -- - -تقراره حتت حكم
اإلسالم مدة ما"(.)16
فعقد األم--ان -يقتضي ت--رك القتل والقت--ال مع احلرب--يني ،وع--دم اس--تباحة دم--ائهم وأم--واهلم ،أو
اسرتقاقهم ،وال--تزام الدولة اإلس--المية -توفري األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب--يني واس--تقر حتت
حكمها مدة حمدودة(.)17
فاملستأمن ك -- -افر ح -- -ريب أبيح له املق -- -ام -ب -- -دار اإلس -- -الم من غري ال -- -تزام جزية وذلك لغ -- -رض
مش-- -روع( ،)18كس -- -ماع الق -- -رآن ،ومعرفة دع -- -وة اإلس -- -الم -،أو ألداء رس -- -الة ،أو طلب ص-- -لح ،أو
مهادن-- - -ة ،أو لتج-- - -ارة ،أو لعالج ،أو لنحو ذلك من األغ-- - -راض املش-- - -روعة ،اليت ال تتع-- - -ارض مع
األحكام الشرعية ،وال مع مصلحة املسلمني العامة(.)19
وظ--اهر من ص--نيع الفقه--اء :أهنم عرف--وا األم--ان -يف حق الك--افر ال--ذي ي--رغب يف دخ--ول بالد
اإلس--الم ،ومل يتن--اولوا جلوء املس--لم إىل البالد غري اإلس--المية يف التعري--ف ،إال إهنم ذك--روا أحكامه
وضوابطه يف املسائل الفقهية -املتعلقة بدخول البالد غري اإلس--المية -،وحكم اإلقامة فيه--ا ،وما يتبع
ذلك من آثار ولوازم.
كما ق -- -ال احلنفي -- -ة" :املس -- -تأمن هو من ي -- -دخل دار غ -- -ريه بأم -- -ان -،مس -- -لماً ك -- -ان أم حربي - -اً،
واملقص -- - - - -ود ب -- - - - -دار غ -- - - - -ريه :اإلقليم املختص بقهر ملك -إس -- - - - -الم أو كف -- - - - -ر -ال ما يش -- - - - -مل دار
السكىن"(.)20
المبحث الثالث
مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الدولي
من حيث تحديد اللجوء السياسي
تض--منت التش-ريعات الدولية احلديثة بي--ان حقيقة اللج-وء السياس--ي ،وحتديد وصف الالجئ
السياس --ي ،وما يتبع ذلك من حق --وق وواجب --ات ومحاية دولية تض --من ع --دم تع --رض الالجئ ملا فر
منه من االضطهاد ،كما سيأيت تفصيل ذلك يف املباحث التالية.
وقد تق-- - - - -دم بي-- - - - -ان موقف الفقه اإلس-- - - - -المي من حقيقة اللج-- - - - -وء ،من حيث ال-- - - - -تزام الدولة
اإلس--المية هتيئة األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب--يني ،واس--تقر حتت حكمها م--دة حمدودة ،مما
يقتضي ترك القتلى والقتال ،وعدم استباحة دمائهم وأمواهلم ،أو اسرتقاقهم.
ومن خالل الع-رض الس-ابق ملوقف الق-انون -ال-دويل ،واالطالع -على أحك-ام األم-ان يف الفقه
اإلس --المي ،يتضح أن الفقه اإلس --المي ك --ان أوسع جماالً من الق --انون ال --دويل ،حيث أوجب منح
الكافر األم--ان (حق اللج--وء) مبج-رد طلب--ه ،بغض النظر عن الس--بب ال--ذي محله على ذل--ك ،ما دام
الس--بب -مش--روعاً كما ق--ال إلكيا اله--راس ..." :واألم--ان -ال--ذي تعارفه الفقه--اء أن ي--ؤمن ك--افراً ال
يبغي به مساع كالم اهلل تعاىل ،حىت إذا استمع أبلغه مأمن--ه ،بل يبغي به أمانه حىت يتج-ر ويتس--وق-
ويقيم عندنا مدة لغرض هلذا املسلم ،وذلك ليس ما حنن فيه بسبيل"(.)21
وال شك أن التنصيص يف اآلية الكرمية على األم--ان لس--ماع الق--رآن الك--رمي ومعرفة التوحيد
ال ين--ايف األم--ان ألغ--راض أخ--رى ،ألن الع--ربة بعم--وم اللف--ظ ،ال خبص--وص الس--بب)22(-؛ وهلذا نص
كثري من املفسرين على أن اآلية تتناول بعمومها منح األمان ألغراض أخرى مشروعة(.)23
وك -- -ذلك مل مينع الفقه اإلس -- -المي -من جلوء املس -- -لم إىل دي -- -ار غري املس -- -لمني عند الض-- -رورة
واحلاجة امللحة ،على تفصيل كما سيأيت ،وخلصه ابن ح--زم بقول--ه" :وأما من فر إىل أرض احلرب
لظلم خافه ومل حيارب املس-- - - -لمني وال أع-- - - -اهنم عليهم ،ومل جيد يف املس-- - - -لمني من جيريه ،فه-- - -ذا ال
شيء عليه؛ ألنه مضطر مكره"(.)24
فظ--اهر من ه--ذا :أن الفقه اإلس--المي يع--اجل اللج--وء السياسي بنوعيه- -من الناحية الفقهي--ة-
جلوء الك-- - - -افر إىل بالد املس- - - -لمني ،وجلوء املس-- - - -لم إىل بالد غري املس-- - - -لمني ،وحيدد ض-- - - -وابط ذلك
وآث-- -اره ،مما يؤكد رعاية الفقه اإلس-- - -المي هلذا اجلانب املهم من احلي-- - -اة اإلنس-- - -انية -ال-- - -ذي قد متليه
بعض الظ --روف الطارئة على بعض األف --راد والش --عوب ،حتقيقا ملقصد عظيم من مقاصد الش --ريعة
اإلس --المية وهو حتقيق األمن واألم --ان لألف --راد واجملتمع --ات ،كما ق --ال عز وج --ل -ممتن- -اً على أهل
'وع وآمَنهم ِّمن َخ''و ٍ ِ ِ
ف)( ،)25وق --ال ب َه' َذا الَْب ْيت* الَّذي أَط َْع َم ُهم ِّمن ُج' ٍ َ َ ُ ْ ْ مك --ةَ ( -فلَْي ْعبُ ' ُدوا َر َّ
ف النَّاس ِمن ح''ولِ ِهم أَفَبِالْب ِ
اط' ِ'ل ُي ْؤ ِمنُ''و َن عز وج --ل( :أَولَم ي''روا أَنَّا جعلْنا حرم 'اً' ِ
آمن 'اً َو ُيتَ َخطَّ ُ
ُ ْ َْ ْ َ ََ َ ََ َ ْ ََْ
َوبِنِ ْع َم' ِ'ة اللَّ ِه يَ ْك ُف' ُ'رو َ'ن)( ،)26وقد ش--رع اهلل تع--اىل العقوب--ات واألمر ب--املعروف والنهي -عن املنكر؛
محاية ألمن اجملتمعات من الداخل من غائلة املعتدين ،ومن شرور املفسدين ،وشرع اهلل عز وجل
اجلهاد؛ حلماية الدولة املسلمة من الشرور اخلارجي-ة ،ومن اعت-داء الكف-ار عليه-ا ،كما ق-ال تع-اىل:
ِّين لِلّ ِه)(.)27 ِ
( َوقَاتِلُ ُ
وه ْم َحتَّى الَ تَ ُكو َن ف ْتنَةٌ َويَ ُكو َن الد ُ
الفصل الثاني
حكم اللجوء السياسي وضوابطه
يتناول هذا الفصل بيان حكم اللج--وء السياسي يف كل من الق-انون -ال-دويل -ممثال ب--املواثيق
الدولي --ة ،واإلعالن الع --املي حلق --وق اإلنس --ان )28(-وأيض -اً يف الفقه اإلس --المي من خالل النص --وص
الشرعية ،والقواعد الكلية ،واجتهادات فقهاء املسلمني ،مع ذكر ض--وابط اللج--وء السياسي -ل--دى
االجتاهني ،وعقد مقارنة بينهما؛ لبيان أوجه االلتقاء واالفرتاق -،وذلك يف املباحث التالية-:
المبحث األول
حكم اللجوء السياسي في القانون
الدولي وضوابطه
ذكر فقه--اء الق--انون ال--دويل حكم اللج--وء السياسي من حيث بي--ان حكم طلب ه--ذا احلق،
وشروط املستحق له ،وكذلك من حيث حكم منح هذا احلق واجلهة املاحنة ،ومدى إل--زام ال--دول
هبذا احلكم ،وما يرتتب -على ذلك من واجبات ،وذلك يف املطالب التالية:
المطلب األول'
أما الجهة األولى' :ف --إن كث --رياً من العه --ود واملواثيق الدولي --ة ،وكث --رياً من الدس --اتري الوطنية
تنص على حق الف--رد يف طلب اللج--وء السياس--ي ،باعتب--اره حق ً-ا من احلق--وق األساس--ية لإلنس--ان،
اليت تنظمها وترعاها جهات دولية كثرية.
فحق الف--رد يف احلي--اة واحلرية واألم--ان ،وحقه يف ع--دم التع--رض للتع--ذيب أو املعاملة القاس--ية-
املهين --ة -،وحقه يف ع --دم التع --رض لالحتج --از أو االعتق --ال أو النفي على وجه التعس --ف ،وحقه يف
التمتع جبنسية ما ،وحقه يف التماس ملجأ يف بلدان أخرى والتمتع به خالصاً من االضطهاد ،من
احلقوق ذات األمهية الكربى يف القانون -الدويل.
فقد ج--اء يف ديباجة اإلعالن الع--املي -حلق--وق اإلنس--ان -املعتمد واملنش--ور -ع--ام 1948م" :إن
اجلمعية العامة تنشر على املأل ه --ذا اإلعالن -حلق --وق اإلنس --ان -بوص --فه املثل األعلى املش --رتك -ال --ذي
ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم ،كيما يسعى مجيع أف-راد اجملتمع وهيئاته -واض--عني ه--ذا
اإلعالن -نصب أعينهم على ال--دوام ،ومن خالل التعليم والرتبي--ة -،إىل توطيد اح--رتام ه--ذه احلق--وق
واحلري--ات ،وكيما يكفل--وا بالت--دابري املط--ردة -الوطنية والدولي--ة -االع--رتاف -الع--املي هبا ،ومراعاهتا
الفعلية فيما بني شعوب الدول األعضاء ذاهتا ،وفيما بني شعوب األق--اليم املوض--وعة حتت واليتها
على السواء"(.)29
فه--ذه املقدمة ت--بني ض--رورة االل--تزام مبواد وفق--رات ه--ذا اإلعالن -ال--دويل ،وقد ج--اء يف املادة
الرابعة عش--رة يف الفق--رة األوىل من--ه" :لكل ف--رد حق التم--اس ملجأ يف بل--دان أخ--رى ،والتمتع ب--ه،
خالصاً من االضطهاد ".
كما جاء يف االتفاقية -األمريكية حلق--وق اإلنس--ان -يف املادة الثانية والعش--رين الفق--رة الس--ابعة:
"لكل شخص احلق يف أن يطلب ومينح ملجأ يف قطر أجنيب ،وفقاً لتشريعات الدولة واالتفاقي-ات-
الدولية"(.)30
ونصت -املادة الثانية -عش --رة الفق --رة الثالثة من امليث --اق األف --ريقي حلق --وق اإلنس --ان على" :أن
لكل ش-- - -خص احلق عند اض-- - -طهاده يف أن يس-- - -عى وحيصل على ملجأ يف أي دولة أجنبية؛ طبق- - -اً
لقانون كل بلد ،ولالتفاقيات الدولية"(.)31
كما جاء يف املادة التاسعة من العهد الدويل اخلاص باحلقوق املدنية -والسياسية الص--ادر ع--ام
1966الفقرة األوىل" :لكل فرد حق يف احلرية ،ويف األمان -على شخصه".
وبينت -املذكرة اليت ق--دمها املف--وض -الس--امي لش--ؤون الالج--ئني ع--ام 1988م أن حق الف--رد
يف التم --اس ملجأ يف بل --دان أخ --رى والتمتع به خالص- -اً من االض --طهاد من بني احلق --وق األساس --ية
السيما يف حاالت الالجئني.
وأك--دت املادة السادسة عش--رة من مش--روع امليث--اق -الع--ريب حلق--وق اإلنس--ان -على أن" :لكل
مواطن احلق يف طلب اللجوء السياسي -إىل بالد أخرى؛ هرباً من االضطهاد".
وتن --اول إعالن الق --اهرة ح --ول حق --وق اإلنس --ان -الص --ادر عن منظمة املؤمتر اإلس --المي -ع --ام
1990م يف املادة الثانية -عشرة أن لكل إنسان -إذا اضطهد -حق اللجوء إىل بلد آخر(.)32
فمن خالل العرض املوجز يتبني أن طلب اللجوء السياسي -حق كفلته التشريعات الدولية،
وحثت علي--ه ،ودافعت عن--ه ،وقد تض--افرت اجله--ود الدولية على تقرير ه--ذا احلق ،والتأكيد علي--ه،
ومحايت-- -ه ،من خالل إنش-- -اء املفوضة الس-- -امية لش-- -ؤون الالج-- -ئني ،وتنظيم كيفية املطالبة وش-- -روط
املط-- - - -البني ومن يس -- - - -تحق ه -- - - -ذا الوصف؛ ليتمتع باآلث -- - - -ار املرتتبة على اكتس -- - - -اب وصف الالجئ
السياسي.
ال خيفى أنه خالل الق -- -رن العش -- -رين ظل اجملتمع ال -- -دويل جيمع بص -- -ورة مط -- -ردة جمموعة من
املبادئ التوجيهية -والقوانني واالتفاقيات -اليت تستهدف محاية حق--وق اإلنس--ان -األساس--ية ،ومعاملة
ع-دد متزايد من األش--خاص أج--ربوا على الف-رار من أوط-اهنم بس--بب اخلوف من التع--رض ألش-كال
خمتلفة من االضطهاد وهم الالجئون.
وقد بلغت ه -- - -ذه العملية اليت ب -- - -دأت يف عهد عص -- - -بة األمم املتح -- - -دة ع -- - -ام 1921ذروهتا
باعتماد اتفاقية عام 1951اخلاصة بوضع الالجئني وبروتوكوهلا الذي تالها يف عام .1967
وىف ال--وقت احلاضر بلغ ع--دد البل--دان اليت ص--دقت على ه--ذه االتفاقية 133بل--داً ،وانضم
ع --دد مماثل إىل ال --ربوتوكول -،وه --ذا الع --دد ليس كافي- -اً عند املقارنة بع --دد األط --راف يف اتفاقي --ات
ج --نيف ع-- -ام ،1949حيث بلغ 188دول-- -ة ،وع-- -دد ال-- -دول اليت وقعت اتفاقية -حق-- -وق الطفل
حيث بلغ 192دولة.
وبغية العمل على معاجلة ه--ذه األزمة املتزاي--دة -بص--ورة فعال--ة ،تعتقد مفوض--ية األمم املتح--دة
لش--ؤون الالج--ئني أنه ب--ات من الض--روري توس--يع قاع--دة ال--دعم احلك--ومي -هلذه الص--كوك اخلاصة
ب-- -الالجئني ،مما يض -- -من أن تك -- -ون -احلماية املقدمة لالج -- -ئني أك -- -ثر مشوالً وعاملية يف نطاقه-- -ا ،وأن
تك--ون -األعب--اء واملس--ؤوليات امللق--اة على ع--اتق احلكوم--ات موزعة توزيعا ع--ادال ،ومطبقة بص--ورة
متناسقة.
ويكمل دور مفوض -- -ية األمم املتح -- -دة لش-- -ؤون الالج -- -ئني ال -- -دور ال-- -ذي تنهض به ال-- -دول،
وتسهم يف توفري احلماية لالجئني عن طريق:
الدعوة إىل االنضمام إىل االتفاقيات -والقوانني اخلاصة بالالجئني وتنفيذها-. -1
ضمان أن يعامل الالجئون وفقاً ملعايري القانون -املعرتف هبا دولياً. -2
ضمان أن مينح الالجئون اللجوء ،وأال يعادوا قسراً إىل البلدان اليت فروا منها. -3
ت --رويج اإلج --راءات املناس --بة لتقرير ما إذا ك --ان ش --خص ما يعترب الجئا أم ال ،وفق -اً -4
للتعريف ال -- -وارد يف اتفاقية -ع -- -ام 1951و وفق- - -اً للتعريف -- -ات األخ -- -رى ال -- -واردة يف
االتفاقيات -اإلقليمية.
ويُع -ُّ -د ه --ذا اعرتافا -بالنط --اق ال --دويل ملش --كلة الالج --ئني ،وأمهية املش --اركة يف حتمل األعب --اء،
حملاولة حل هذه األزمة ،كما أهنا تساعد -أيضاً -على تعزيز التضامن والتعاون -الدوليني.
وهنا ي' ''رد س' ''ؤال وه' ''و :هل يطلب إلى بلد ينضم إلى ه' ''ذه االتفاقية أن يمنح لج' ''وءا
دائماً إلى جميع الالجئين؟
وي-- - -أيت اجلواب بأنه س-- - -وف تك-- - -ون هن-- - -اك ح-- - -االت يبقى -فيها الالجئ-- - -ون بص-- - -ورة دائم -- -ة،
وين --دجمون -في بلد جلوئهم ،بيد أن احلماية اليت تق --دم مبوجب ه --ذه االتفاقية -ليست دائمة بص --ورة
تلقائي--ة ،فقد ت --زول ص--فة الالجئ عن أي ش--خص عند زوال األس--باب اليت أدت إىل منحه وضع
الالجئ ،وىف حالة األع --داد الض --خمة الواف --دة من الالج --ئني ،تك --ون اإلع --ادة الطوعية إىل ال --وطن
بطبيعة احلال هي احلل املفضل عندما تسمح بذلك الظروف يف بلد املنشأ.
إنه ي-- -بني م-- -دى ال-- -تزام بلد ما مبعاملة الالج-- -ئني وفق- -اً للمع-- -ايري القانونية واإلنس-- -انية- -1
املعرتف هبا دولياً.
إنه يس-- - -اعد يف تف-- - -ادي ح-- - -دوث أي احتك-- - -اك بني ال-- - -دول بش - - -أن املس-- - -ائل املتعلقة -3
ب-- - - - -الالجئني ،فلو أق- - - - -دم بلد بعينه من البل-- - - - -دان املوقعة على االتفاقية فعالً على منح
اللجوء ،فإن بلد املنشأ -اخلاص بالالجئني س--يفهم ه--ذا العمل على أنه عمل س--لمي،
وإنساين ،وقانوين ،وليس بادرة عدوانية-.
إنه يظهر استعداد بلد ما للمشاركة يف حتمل مسؤولية محاية الالجئني. -4
إنه يس-اعد مفوض-ية األمم املتح-دة لش-ؤون الالج-ئني يف تعبئة ال-دعم وت-أمني احلماية -5
الدوليني لالجئني(.)34
ومن خالل الع-- -رض الس-- -ابق يتضح أن محاية الالج-- -ئني هي املس-- -ؤولية -األساس-- -ية -لل -- -دول،
والبلدان املوقعة على اتفاقية 1951ملزمة حبماية الالجئني املقيمني يف أراض--يها حسب الش--روط
احملددة يف ه-- - - - -ذه الوثيق-- - - - -ة -،ومن مث ف-- - - - -إن مجيع ال-- - - - -دول -مبا فيها تلك ال-- - - - -دول اليت مل توقع على
االتفاقية -ملزمة ب-أن متتثل للمع--ايري األساس--ية حلماية الالج--ئني ،اليت تُع-ُّ -د يف ال--وقت احلاضر ج--زءاً
من القانون الدويل العام.
فال جيوز -على س-- - - -بيل املث-- - - -ال -أن يع-- - - -اد أي الجئ إىل إقليم تك-- - - -ون فيه حياته أو حريته
معرضة للتهديد وفي الواق --ع ،ف --إن ذلك يعني أنه ال جيوز حرم --ان أي الجئ من ال --دخول إىل بلد
ما يلتمس فيه احلماية ضد االضطهاد.
وميكن الق--ول :ب--أن منح حق اللج--وء السياسي مل--زم لل--دول عموم -اً ،الس--يما املنض--مة -هلذه
االتفاقية ،مع مراعاة حتديد تعريف الالجئ والشروط الواجب توافرها فيه؛ ليستحق حق اللج--وء
يف تلك الدولة ،وهذا ما نصت عليه املادة ( )32الفق-رة ( )1ونص-ها" :متتنع ال-دول املتعاق-دة عن
ط --رد الالجئ املوج --ود بص --ورة ش --رعية على أرض --ها ،إال ألس --باب تتعلق ب --األمن الوطين أو النظ --ام
العام".
ويف الفق-- -رة (" - - :)2ال يتم ط-- -رد مثل ه-- -ذا الالجئ إال تنفي-- -ذاً -لق-- -رار متخذ وفق - -اً لألص --ول
القانونية." -
ويف املادة (" :)33حيظر على ال--دول املتعاق--دة ط--رد أو رد الالجئ ب--أي ص--ورة إىل احلدود
أو األقاليم حيث حياته أو حريته مهددتان(.)35
ونظ--راً لألمهية القص--وى هلذا املب--دأ -وهو ع--دم ج--واز إع--ادة الالجئ إىل دولة االض--طهاد-
يف جمال محاية الالجئ ،فإنه ال جيوز للدول األطراف يف هذه االتفاقية أن تورد أية حتفظ--ات على
نص املادة ( )33السابقة ،وهو ما نصت عليه املادة ( )42من االتفاقية ذاهتا.
وهنا ي' ''رد س' ''ؤال :ما هي الطبيعة القانونية له' ''ذا' المب' ''دأ؟ هل يعد ه' ''ذا المب' ''دأ قاع' ''دة
قانونية اتفاقية '،أم قاعدة قانونية عرفية؟ أم باعتباره من المبادئ العامة للقانون الدولي؟
والجواب :أن هذا املبدأ ملزم وواجب االح--رتام بالنس--بة لل--دول املنض--مة -التفاقية 1951م
لشؤون الالجئني وبروتوكول ،1967أما ال-دول اليت مل تنضم هلذه االتفاقية فقد اختلف فقه-اء
القانون يف إلزامية هذا املبدأ إىل فريقني:
الفريق األول وهو قل -ة من الفقه--اء :ي--رى أن مب--دأ ع--دم ج--واز اإلع--ادة إىل دولة االض--طهاد
يلزم الدول اليت هي أطراف يف االتفاقيات -الدولية اليت تقرره فقط.
أما الفريق الث--اين وهو ال--رأي الغ--الب يف الفقه ال--دويل :في--ذهب إىل أن ه--ذا املب--دأ قد أص--بح
يف الس--نوات األخ--رية قاع--دة قانونية دولية ملزم--ة ،س--واء باعتب--اره قاع--دة قانونية عرفية أو باعتب--اره
مبدأ من املبادئ العامة للقانون -اليت أقرته األمم املتمدينة ،ومن مث فهو ملزم جلميع ال--دول ،ولو مل
تكن أطرافاً يف املعاهدات -الدولية اليت أقرته.
أوالً :أن الوثائق الدولية اخلاصة بالالجئني اطردت على النص على مب-دأ ع-دم ج-واز إع-ادة
الالجئ إىل دولة االض--طهاد من الثالثيني--ات من الق--رن العش--رين ،ومن ه--ذه الوث--ائق :ما هو مل--زم
لغالبية أعضاء األمم املتحدة ،كاتفاقية شؤون الالجئني لعام 1951م.
ثانياً ':أن مبدأ عدم جواز إعادة الالجئ قد نصت عليه التشريعات الداخلية ،كما تأخذ به
احملاكم يف كثري من الدول.
ثالث'اً ':أن ال--دول جتري يف الغ--الب على اح--رتام ه--ذا املب--دأ يف املمارس--ات العملي--ة ،وحىت يف
احلاالت القليلة اليت حدث فيها خروج عن مقتضى هذا املبدأ لوحظ أن الدول تربر هذا املسلك
عن طريق اإلعالن -ب--أن األج--انب ال--ذين مشلتهم إج--راءات الط--رد أو الإبع--اد ليس--وا من الالج--ئني،
وبذلك فهي تعرتف بطريقة ضمنية باحرتام مبدأ عدم اإلعادة إىل دولة االضطهاد.
وهبذا يظهر أن ه --ذا املب --دأ قد ص --ار مب --دأ قانوني- -اً ملزم- -اً لكافة ال --دول األعض --اء يف اجملتمع
الدويل ،على أساس اعتب-ار أن ذلك املب-دأ قاع-دة قانونية عرفية أو مب-دأ من املب-ادئ العامة للق-انون
اليت أقرهتا األمم املتمدينة(.)36
المطلب الثاني'
احلماية الدولية ال متنح إال لألش-- - - -خاص ال-- - - -ذين يس-- - - -توفون املع-- - - -ايري اخلاصة بوضع الالجئ،
وهن--اك -فئ--ات معينة يرت-أى أهنا ال تس--تحق ه--ذه املس--اعدة -،وه--ذا ما أكدته الفق--رة (ج) من اتفاقية-
1951حيث نصت على ما يلي:
"يتوقف مفعول هذه االتفاقية حبق أي شخص تنطبق عليه أحكام النبذة (أ) يف حال:
-4أو إذا ع-- - -اد طوع- - - -اً ليقيم يف البلد ال-- - - -ذي ترك-- - -ه ،أو ال-- - -ذي أق-- - - -ام خارجه خش-- - -ية
االضطهاد.
-5أو إذا أص-- - -بح متع-- - -ذراً عليه االس-- - -تمرار يف رفض محاية البلد ال-- - -ذي حيمل جنس-- -يته
الجئا".
بسبب زوال األسباب اليت أدت إىل اعتبارهً -
وج--اء يف الفق--رة (و)" :ال تس--ري ه--ذه االتفاقية -مع أي ش--خص توجد حبقه أس--باب جدية
تدعو إىل اعتبار أنه:
-1اق -- -رتف جرمية حبق الس -- -الم ،أو جرمية ح -- -رب ،أو جرمية ضد اإلنس -- -انية -،كما هو
مع-- -روف عنها يف الوث-- -ائق الدولية املوض-- -وعة -واملتض-- -منة أحكام - -اً خاصة مبثل ه --ذه
اجلرائم.
-2ارتكب -جرمية جسيمة خارج بلد امللجأ قبل دخوله هذا البلد كالجئ.
()37
-3ارتكب -أعماالً خمالفة ألهداف ومبادئ األمم املتحدة".
فظ--اهر من ه--ذا أن الق--انون ال--دويل ال يعد األش--خاص ال--ذين جلأوا إىل اخلارج مع اس--تمرار
متتعهم حبماية ومساعدة حكوماهتم الجئني؛ ألهنم الجئون باختيارهم ،كالنروجييني والبلجيك--يني
ال--ذين غ--ادروا بالدهم باختي--ارهم أثن--اء احلرب العاملية -الثاني--ة ،ك--انوا يع--املون معاملة األج--انب يف
الدول اليت تعرتف حبكوماهتم.
وك -- - -ذلك خيرج عن معىن الالجئ كل ش -- - -خص يه -- - -رب من دولته أو ي -- - -رتك وطنه بس -- -بب
خروجه على الق -- -انون -،حىت يته -- -رب من اخلض -- -وع لقض -- -اء الدولة اليت يقيم فيه -- -ا ،فمثل ه -- -ؤالء
األشخاص خيضعون -ملبدأ تسليم اجملرمني يف القانون الدويل.
ال يكون -اجملرم الذي حوكم حماكمة عادلة ملخالفته القانون -العام والذي يفر من بلده هربا
من الس --جن ،بالض --رورة الجئ --ا ،غري أن أي ش --خص يتهم هبذه اجلرائم أو بغريها من اجلرائم غري
السياسية -سواء أك-ان بريئ-اً أو م-ذنباً -أو قد يض-طهد -أيض-اً -ألس-باب سياس-ية ،أو لغريها من
األس--باب ،ال يس--تبعد بالض--رورة من وضع الالجئ ،وعالوة على ذل--ك ،ف--إن األش--خاص املدانني
"جبرمية" النشاط السياسي -جيوز اعتبارهم الجئني.
كما يس --تبعد على وجه اخلص --وص األش --خاص ال --ذين ش --اركوا يف ارتك --اب ج --رائم احلرب
واالنتهاك-- -ات للق-- -انون اإلنس-- -اين ال-- -دويل وحلق-- -وق اإلنس-- -ان -مبا يف ذلك جرمية اإلره-- -اب -من
احلماية واملساعدة -اليت تقدم لالجئني.
وال يكفي لوصف الش-- - - - - - - - - - -خص بأنه مبعد أو منفي -أن يهجر دولة إقامته املعت-- - - - - - - - - - -ادة؛ ألن
األح -- -داث السياس -- -ية -اليت وقعت يف ذلك البلد ال تروقه أو ال تعجب-- - -ه ،طاملا أنه مل يكن يتع-- -رض
فيها لالضطهاد ،أو كان مهدداً باالضطهاد نتيجة ه--ذه األح--داث ،وذلك أن االع--رتاف له بص--فة
الالجئ سيرتتب عليه االعرتاف بالعديد من االمتيازات.
ويالحظ من ناحية أخ--رى أن األش--خاص ال--ذين يرغب--ون يف االس--تقرار يف دولة أخ--رى غري
دولتهم األص --لية ألس --باب اقتص --ادية خالصة ال ميكن االدع --اء ب --أهنم الجئ --ون إذا ك --انت الظ --روف
تسمح هلم هبذه اهلجرة(.)38
وهنا يرد سؤال :هل يمكن أن يكون المتهرب من الخدمة العسكرية' الجئاً؟
وجتيب املفوض--ية الس--امية لألمم املتح--دة لش--ؤون الالج--ئني( )39ب--أن لكل بلد احلق يف دع--وة
مواطنيه -إىل محل الس --الح يف ف --رتات الط --وارئ القومي --ة ،غري أنه ينبغي -أن يك --ون -للمواط --نني احلق
املتساوي يف االعرتاض بوحي من ضمريهم احلر ،وىف احلاالت اليت ال حيرتم فيها خي-ار االع-رتاض
بوحي من الضمري ،أو عندما ينتهك الصراع الدائر بشكل ظ-اهر املع-ايري الدولي-ة ،جيوز أن يك-ون
املتهرب-- -ون من اخلدمة العس-- -كرية ال-- -ذين خيش-- -ون االض-- -طهاد على أس-- -اس اآلراء السياس-- -ية أو أي
أسباب أخرى ،مؤهلني للحصول على صفة الالجئ.
وه ' ''ذا تس ' ''اؤل' آخر يمس االعتب ' ''ارات' االجتماعية ووضع الم ' ''رأة ،وهو هل بمق ' ''دور
النس' ' ''اء الالتي ي' ' ''واجهن االض' ' ''طهاد ألنهن يرفضن االمتث' ' ''ال للقي' ' ''ود االجتماعية أن يطلبن
اعتبارهن الجئات؟
ويأيت اجلواب من املصدر ذاته بأنه من الواضح أن املرأة -شأهنا يف ذلك ش-أن الرج--ل -قد
تضطهد ألسباب سياسية أو اثنية -أو ديني-ة .وإض-افة إىل ذلك أن املرأة اليت تفر من ج-راء تعرض-ها
لتمي-- -يز أو المتناعها عن االنص-- -ياع لق-- -وانني اجتماعية ص-- -ارمة ،تص-- -بح ل-- -ديها م-- -ربرات للنظر يف
منحها صفة الالجئ.
وقد يك --ون ه --ذا االض --طهاد ص --ادراً عن س --لطة حكومية -أو من عناصر غري حكومية يف
حالة ع-- - - - - -دم وج-- - - - - -ود محاية حكومية كافي-- - - - - -ة ،وجيوز أن يعترب العنف اجلنسي -كاالغتص -- - - -اب-
اضطهاداً.
ويتعني أن يكون هلذا التمييز ع-واقب -ض-ارة بش-كل ظ-اهر ،ف-املرأة اليت ختشى وق-وع هج-وم
عليها من ج--راء رفض--ها ارت--داء الش--ادور أو أي مالبس أخ--رى مقي--دة للحركة أو بس--بب رغبتها
يف اختيار زوجها والعيش -حياة مستقلة ،قد تُ ُّ
عد الجئة.
وىف ع-- - -ام 1984ق-- - -رر الربملان -األورويب أن النس-- - -اء الاليت ي-- - -واجهن معاملة قاس-- - -ية أو ال
إنس -- -انية -ألهنن تع-- - -دين -على ما يب-- - -دو -القواعد األخالقية االجتماعي-- - -ة ،ينبغي اعتب-- - -ارهن طائفة
اجتماعية معينة ألغراض تقرير منح ص--فة الالجئ .وتوجد ل--دى الوالي--ات املتح--دة وكن--دا مب--ادئ
توجيهية ش -- -املة تتعلق باالض -- -طهاد على أس -- -اس اجلنس ،وحيدث تق -- -دم مماثل يف أملانيا وهولن -- -دا
وسويسرا.
وقد مت يف فرنسا وهولن--دا وكن--دا والوالي--ات -املتح--دة االع--رتاف رمسيا ب--أن -تش--ويه األعض--اء
التناسلية ميثل شكال من أشكال االضطهاد ،وأن ذلك يع ُّد أساسا ملنح صفة الالجئ.
وىف إح --دى احلاالت مت االع --رتاف ب --امرأة كالجئة؛ ألهنا خش --يت التع --رض لالض --طهاد يف
بلدها بسبب رفضها إيقاع تشويه لألعضاء التناسلية البنتها -الرضيعة.
وجيوز أن يك--ون -أص--حاب املي--ول اجلنس--ية املثلية م--ؤهلني للحص--ول على ص--فة الالجئ على
أساس التعرض لالضطهاد بسبب انتمائهم إىل طائفة اجتماعية معينة.
وتقضي سياسة املفوضية بأن -األشخاص الذين يواجهون هجوماً ،أو معاملة ال إنسانية -،أو
متي-- -يزاً خط-- -رياً بس-- -بب مي-- -وهلم اجلنس-- -ية املثلي-- -ة ،وتك-- -ون -حكوم-- -اهتم ع-- -اجزة عن محايتهم أو غري
مستعدة لذلك ،ينبغي -االعرتاف هبم كالجئني(.)40
المبحث الثاني
حكم اللجوء السياسي في الفقه
اإلسالمي وضوابطه
على ال-- - -رغم من أن مس-- - -ألة اللج-- - -وء السياسي -تتبع جمال الق-- - -انون -ال-- - -دويل وختضع للعه -- -ود
واملواثيق الدولي-- -ة ،إال أن الفقه اإلس-- -المي ك-- -ان له قصب الس-- -بق يف بي-- -ان األحك-- -ام الفقهية هلذه
املس--ألة -من خالل النص--وص -الش--رعية والقواعد الكلي--ة ،وقد تن--اول فقه--اء املس--لمني حكم اللج--وء
السياسي من جهة جلوء غري املس -- - - - -لم إىل بالد املس -- - - - -لمني ،ومن جهة جلوء املس -- - - - -لم إىل بالد غري
املسلمني ،كما تعرضوا لذكر ضوابط وشروط ذلك اللجوء ،وذلك يف املطالب التالية:-
المطلب األول'
وسيتناول -هذا املطلب هاتني احلالتني بالبيان ،وذلك على النحو التايل:
وقد ثبتت -مشروعية األمان بأدلة من الكتاب الكرمي والسنة املطهرة واإلمجاع.
فمن الكتاب الكرمي قوله تعاىل( :وإِ ْن أَح ٌد ِّمن الْم ْش ِركِين ا ْس'تَجار َك فَ'أ ِ
َج ْرهُ َحتَّى يَ ْس' َم َع ََ َ َ َ َ ُ
َكالَ َم اللّ ِه ثُ َّم أَبْلِ ْغهُ' َمأ َْمنَهُ' َذلِ َ
ك بِأ ََّن ُه ْ'م َق ْو ٌم الَّ َي ْعلَ ُمو َن)(.)42
ِ
ق --ال القرط --يبَ ( :وإِ ْن أ َ
َح' ٌد ِّم َن ال ُْم ْش ' ِرك َ
ين) أي من ال --ذين أمرتك بقت --اهلم (ا ْس 'تَ َج َار َك) أي
سأل جوارك أي أمانك وذمامك فأعطه إياه ليسمع القرآن ،أي يفهم أحكامه وأوامره ونواهيه-،
فإن قبل أمراً فحسن ،وإن أىب فرده إىل مأمن-ه ،وهذا ما ال خالف فيه"(.)43
وأما من الس-نة املطه-رة :فقد وردت أح-اديث كث-رية دلت على مش-روعية األم-ان ،منها :ما
رواه الش-- - -يخان عن علي بن أيب ط-- - -الب أن رس -- -ول اهلل -ص-- - -لى اهلل عليه وس-- - -لم -ق -- -ال" :ذم' ' 'ة
المسلمين واحدة '،يسعى بها أدناهم"( ،)44ق--ال الن--ووي" "املراد بالذمة -هن--ا -األم--ان ،ومعن--اه-:
أن أم--ان املس--لمني للك--افر ص--حيح ،إذا أمنه به أحد من املس--لمني ح--رم على غ--ريه التع--رض له ما
دام يف أم--ان املس--لم"( ،)45وق--ال الرتم--ذي" :ومعىن ه--ذا عند أهل العلم :أن من أعطى األم--ان من
املسلمني فهو جائز عن كلهم(.)46
وأما اإلمجاع فقد ق-- -ال ابن قدام-- -ة" :ومن طلب األم-- -ان ليس-- -مع كالم اهلل ويع-- -رف ش-- -رائع
اإلسالم وجب أن يعطاه ،مث يرد إىل مأمنه ،ال نعلم يف هذا خالفاً"(.)47
فعقد األم--ان -يقتضي ت--رك القتل والقت--ال مع احلرب--يني ،وع--دم اس--تباحة دم--ائهم وأم--واهلم أو
اسرتقاقهم ،وال--تزام الدولة اإلس--المية -توفري األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب--يني واس--تقر حتت
حكمها مدة حمدودة(.)48
فاملس --تأمن ك --افر ح --ريب ،أبيح له املق --ام ب --دار اإلس --الم -من غري ال --تزام جزية؛ وذلك لغ --رض
مشروع( ،)49كسماع القرآن ومعرفة دعوة اإلسالم أو ألداء رسالة ،أو طلب صلح ،أو مهادن--ة،
أو لتج-- - -ارة ،أو لعالج ،أو لنحو ذلك من األغ-- - -راض املش-- - -روعة ،اليت ال تتع-- - -ارض مع األحك -- -ام
الشرعية ،وال مع مصلحة املسلمني العامة(.)50
وهو قول بعض احلنفية )51(-والقاضي من احلنابلة( )52وهلم يف ذلك أدلة منها:
-1قوله -صلى اهلل عليه وسلم" :-ال هجرة بعد الفتح"(.)53
-2ملا أس --لم ص --فوان -بن أمي --ة ،قيل ل --ه :ال دين ملن مل يه --اجر ،ف- -أتى املدينة -فق --ال له النبي
-ص --لى اهلل عليه وس --لم" :-ما ج ''اء بك يا أبا وهب؟" ق --ال :قيل ل --ه :إنه ال دين ملن مل يه --اجر،
فق --ال -ص-- -لى اهلل عليه وس-- -لم" :-ارجع أبا وهب إلى أباطح مك ''ة ،وأق' 'روا على مس ''اكنكم،
فقد انقطعت الهجرة ولكن جهاد' ونية"(.)54
نوقش هذا:
-1أما احلديث األول :فقد ق -- - - - - - - -ال ابن قدامة "أراد هبا ال هج -- - - - - - - -رة بعد الفتح من بلد قد
فتح"( ،)55وق--ال الن--ووي" :معن--اه :ال هج--رة بعد الفتح فض--لها كفض--لها قبل الفتح ،كما ق--ال اهلل
َّ ِ تعاىل( :اَل يَ ْستَ ِوي ِمن ُكم َّم ْن أَن َف َق ِمن َق ْب ِل الْ َف ْت ِح َوقَاتَ َ'ل أ ُْولَئِ َ
'ك أَ ْعظَ ُم َد َر َج' ةً ِّم َن الذ َ
ين أَن َف ُق'وا'
ِ
ْح ْس ''نَى)( ،)56ق-- -ال املاوردي :ألهنا ك-- -انت قبل الفتح أشق من َب ْع'' ُد َوقَ'''اَتلُوا َوكُاّل ً َو َع'' َد اللَّهُ ال ُ
منها بعده ،فكان فضلها أكثر من فضلها بعده(.)57
-2وقوله لص--فوان -:إن اهلج--رة قد انقطعت -،يعين من مك--ة ،ألن اهلج--رة :اخلروج من بلد
الكفار ،فإذا فتح مل يبق بلد الكفار ،فال تبقى -منه هجرة ،وإنما اهلجرة إليه ،ال منه.
وأخ-- -رج البخ-- -اري عن عط-- -اء بن أيب رب-- -اح ق-- -ال :زرت عائشة مع عبيد بن عمري اللي-- -ثي،
فس --ألناها عن اهلج --رة ،فق --الت" :ال هج --رة الي --وم -،ك --ان املؤمن --ون -يفر أح --دهم بدينه إىل اهلل تع --اىل
وإىل رس-- - -وله -ص-- - -لى اهلل عليه وس-- - -لم -خمافة أن يفنت علي-- - -ه ،أما الي-- - -وم فقد أظهر اهلل اإلس-- -الم،
واليوم يعبد ربه حيث شاء ،ولكن جهاد ونية"(.)58
ق--ال ابن حج--ر" :قوله (فس--أهلا عن اهلج--رة) أي اليت ك--انت قبل الفتح واجبة إىل املدين--ة -،مث
نس --خت بقول --ه" :ال هج ''رة بعد الفتح" ،وقوهلا (ال هج --رة الي-- -وم) أي بعد الفتح ،وقوهلا (ك --ان
املؤمنون )..أشارت عائشة رضي اهلل عنها إىل بيان مشروعية اهلجرة ،وأن سببها خوف الفتن--ة-،
واحلكم ي-- -دور مع علت-- -ه ،فمقتض-- -اه أن من ق-- -در على عب-- -ادة اهلل يف أي موضع اتفق مل جتب عليه
اهلج -- -رة من -- -ه ،وإال وجبت ،ومن مث ق -- -ال املاوردي :إذا ق -- -در على إظه -- -ار ال -- -دين يف بلد من بالد
الكفر فقد صارت البلد به دار إسالم ،فاإلقامة فيها أفضل من الرحلة منها ،ملا يرجتي من دخول
غريه يف اإلسالم-.
وق-- - -ال اخلط -- -ايب :ك -- -انت اهلج -- -رة -أي إىل النيب صلى اهلل عليه وس-- - -لم -يف أول اإلس -- -الم-
مطلوبة ،مث افرتضت ملا هاجر إىل املدينة -إىل حضرته؛ للقتال معه ،وتعلم شرائع ال--دين ،وقد أكد
ين َّ ِ
اهلل ذلك في ع --دة آي --ات ،حىت قطع املواالة بني من ه --اجر ومن مل يه --اجر فق --ال تع --اىلَ ( :والذ َ
'اج ُرواْ)( ،)59فلما فتحت مكة 'اجرواْ ما لَ ُكم ِّمن والَيتِ ِهم' ِّمن َش' ' ' 'ي ٍء حتَّى ي َه' ' ' ِ
ِ
ْ َ ُ َ َ آمنُ' ' ''واْ َولَ ْم ُي َه' ' ' ُ َ
َ
ودخل الناس يف اإلسالم -من مجيع القبائل سقطت اهلجرة الواجبة وبقي االستحباب(.)60
وق -- -ال البغ -- -وي يف ش -- -رح الس -- -نة :حيتمل اجلمع بينهما بطريق آخر بقول -- -ه" :ال هج' ''رة بعد
الفتح" أي من مكة إىل املدين--ة ،وقول--ه" :ال تنقطع الهج'رة" أي من دار الكفر يف حق من أس--لم
إىل دار اإلس--الم ،ق--ال :وحيتمل وجه -اً آخ--ر ،وهو أن قول--ه" :ال هج''رة" أي إىل النيب -ص--لى اهلل
عليه وسلم ،-حيث كان بنية عدم الرجوع إىل الوطن املهاجر منه إال بإذن ،وقول--ه" :ال تنقطع"
أي هجرة من هاجر على غري هذا الوصف من األعراب وحنوهم(.)61
ق -- - -ال ابن حج -- - -ر" :قلت :ال -- - -ذي يظهر أن املراد بالشق األول -وهو املنفي --ما ذك -- -ره يف
االحتم--ال األخ--ري ،وبالشق اآلخر املثبت -ما ذك--ره يف االحتم--ال ال--ذي قبل--ه ،وقد أفصح ابن عمر
باملراد فيما أخرجه اإلمساعيلي بلفظ" :انقطعت اهلجرة بعد الفتح إىل رسول اهلل -ص--لى اهلل عليه
وس--لم ،-وال تنقطع اهلج--رة ما قوتل الكف--ار -أي م--ادام يف ال--دنيا دار كف--ر ،ف--اهلجرة واجبة منها
على من أسلم وخشي أن يفنت عن دينه"(.)62
وقال شيخ اإلسالم ابن تيميه" :وقد ق--ال -ص--لى اهلل عليه وس--لم" :-ال هجرة بعد الفتح"
وقال" :ال تنقطع الهجرة" وكلامها حق ،فاألول أراد به اهلج--رة املعه--ودة -يف زمان--ه ،وهي اهلج-رة
إىل املدينة من مكة وغريها من أرض الع--رب ،ف--إن ه--ذه اهلج--رة ك --انت مش--روعة ملا ك --انت مكة
وغريها دار كفر وح--رب ،وك--ان اإلميان باملدين--ة ،فك--انت اهلج--رة من دار الكفر إىل دار اإلس--الم
()63
واجبة على من يقدر عليها..
قوله -صلى اهلل عليه وسلم" :-ال تنقطع الهجرة ح''تى تنقطع التوب''ة ،وال تنقطع -1
التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها'"(.)64
وقوله -صلى اهلل عليه وسلم" :-ال تنقطع الهجرة ما قوتل العدو'"(.)65 -2
وال شك أن م-- -ذهب اجلمهور هو األظهر يف ه-- -ذه املس-- -ألة لق-- -وة ما اس-- -تدلوا -به وص --راحته
وضعف ما استدل به املذهب األول.
أوالً :من قدر على الهجرة وخاف الفتنة في دينه يجب عليه الخروج.
ق--ال ابن كثري(" :)66ف--نزلت ه--ذه اآلية الكرمية عامة يف كل من أق--ام بني ظه--راين املش--ركني
وهو قادر على اهلجرة وليس متمكن-اً من إقامة ال--دين فهو ظ--امل لنفسه م--رتكب حرام-اً باإلمجاع،
اه ُم ال َْمآلئِ َك' ةُ ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس ' ِه ْم) أي ب --رتك وبنص ه --ذه الآي -ة حيث يق --ول تع --اىل( :إِ َّن الَّ ِذ َ'
ين َت َوفَّ ُ
ين فِي اهلج -- -رة (قَ' ''الُواْ فِيم ُكنتُم) أي مل مكثتم هاهنا وت-- -ركهم اهلج -- -رة؟ (قَ' ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ
ض ' ' َعف َ ُْ َ ْ
ض اللّ' ِ'ه
ض) أي ال نقدر على اخلروج من البلد ،وال ال--ذهاب يف األرض (قَالُواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ األ َْر ِ
وِ
اس َعةً) اآلية. َ
وقال رسول -صلى اهلل عليه وسلم" :-من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله"(.)67
قال القاري" :اهلجرة واجبة من دار الكفر على من أسلم وخشي أن يفنت يف دينه"(.)68
ين) إىل آخر اآلي-- -ة ،ه-- -ذا ع - -ذر من اهلل ض ' 'ع ِ
ف ْ ت سْملا َّ
ال ِ
إ( -اىل:- -عت "وقوله : ()69
ق-- -ال ابن كثري
َ َ َ ُْ
هلؤالء يف ت-رك اهلج-رة ،وذلك أهنم ال يق-درون على التخلص من أي-دي املش--ركني ،ولو ق-دروا ما
عرفوا يسلكون الطريق ،وهلذا قال( :الَ يَ ْستَ ِطيعُو َن ِحيلَةً َوالَ َي ْهتَ' ُدو َن َس'بِيالً) ق--ال جماهد :يعين
سى اللّهُ أَن َي ْع ُف' َ'و َع ْن ُه ْم) أي يتج--اوز الل-ه عنهم ب--رتك اهلج--رة، طريق-اً ،وقوله تع--اىل( :فَأ ُْولَـئِ َ
ك َع َ
وعسى من اهلل موجبة ( َو َكا َن اللّهُ َع ُف ّواً غَ ُفوراً) ق--ال البخ--اري عن أيب هري--رة ق--ال :بينا رس--ول
اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -يف يصلي العش-اء إذ ق-ال :مسع اهلل ملن محده؛ مث ق-ال قبل أن يس-جد:
"اللهم أنج عي' ''اش بن أبي ربيع' ''ة ،اللهم أنج س ' 'لمة بن هش' ''ام ،اللهم أنج الوليد بن الولي' ''د،
اللهم أنج المستض''عفين من المؤم''نين ،اللهم اش''دد' وطأت'ك على مض''ر ،اللهم اجعلها' س''نين
ين) ق --ال :كنت أنا وأمي ض 'ع ِ
ف ْ ت سْملا َّ
ال ِ
إ( -اس:- بع ابن عن -اري- خ الب -ال- ق و ، ()70
كس ''ني يوسف"
َ َ َ ُْ
ممن عذر اهلل عز وجل(.)71
ق --ال ش --يخ اإلس --الم" :وباجلملة فال خالف بني املس --لمني أن من ك --ان يف دار الكف --ر ،وقد
آمن وهو ع-اجز عن اهلج-رة ال جيب عليه ش--يء من الش--رائع ما يعجز عنه-ا ،بل الوج--وب حبسب
اإلمكان"(.)72
المذهب األول ':جيب على من أسلم بدار احلرب أن يه--اجر ويلحق ب--دار المس--لمني؛ لئال
جتري عليه أحك --امهم ،وال جيوز ألحد من املس --لمني دخ --ول أرض ش --رك لتج --ارة وال لغريها إال
ملف- -اداة مس-- -لم ،وواجب على وايل املس-- -لمني أن مينع ال-- -دخول إىل أرض احلرب للتج-- -ارة ،ويضع
املراصد يف الط-- -رق واملس -- -الك ل-- -ذلك حىت ال جيد أحد الس-- -بيل إىل ذل-- -ك ،الس -- -يما إن خشي أن
حيمل إليهم ما ال حيل بيعه منهم ،مما هو ق-- - - -وة على أهل اإلس-- - - -الم -،وه-- - - -ذا م-- - - -ذهب املالكية،)73(-
واختيار الشوكاين( ،)74واستدلوا مبا يلي:
-1ق-- -ال ابن رش-- -د" :وأصل الكراهية ل-- -ذلك :أن اهلل تع-- -اىل أوجب اهلج-- -رة على من أس-- -لم
ببالد الكف - - -ر إىل بالد املس-- - -لمني ،حيث جتري عليه أحك-- - -امهم ،فق-- - -ال تع-- - -اىلَ ( :والَّ ِذ َ'
ين
'اج ُرواْ')( ،)75وق--ال تع--اىل: 'اجرواْ' ما لَ ُكم ِّمن والَيتِ ِهم ِّمن َش'ي ٍء حتَّى ي َه' ِ ِ
ْ َ ُ َ َ آمنُ''واْ َولَ ْم ُي َه' ُ َ َ
ين َتوفَّاهم الْمآلئِ َك' ةُ' ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس' ِه 'م قَ''الُواْ فِيم ُكنتُم قَ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ َّ ِ
ين
ض' َعف َ ُْ َ ْ ْ (إِ َّن الذ َ' َ ُ ُ َ
َّم
اه ْم َج َهن ُك َم'أ َْو ُ 'اج ُرواْ' فِ َيها فَأ ُْولَـئِ َ
ض اللّ' ِ'ه وا ِس'عةً َفُت َه' ِ
َ َ ض قَ''ال َْواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُفِي األ َْر ِ
ص ''يراً)( ،)76ن-- -زلت ه-- -ذه اآلية فيما ق-- -ال ابن عب-- -اس وغ-- -ريه من أهل التأويل اءت م ِ
َو َس '' ْ َ
والتفسري يف ق-- -وم من أهل مكة ك-- -انوا قد أس-- -لموا وآمن-- -وا -باهلل ورس-- -وله ،فتخلف-- -وا عن
اهلج --رة معه حني ه --اجر ،فعرض-- -وا على الفتنة -ف --افتتنوا -،وش --هدوا مع املش-- -ركني ح --رب
املس -- -لمني ،ف -- -أىب اهلل قب -- -ول مع -- -ذرهتم اليت اعت - -ذروا هبا حيث يق -- -ول خمرباً عنهمُ ( :كنَّا
'اج ُرواْ فِ َيها) أي ض اللّ ' ' ' ِ'ه وا ِس' ' ' 'عةً َفُت َه' ' ' ِ
َ َ ين فِي األ َْر ِ
ض قَ ' ' ''الُواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ
مستَ ْ ِ
ض' ' ' ' َعف َ ُْ
ص''يراً) ،مث اءت م ِ فت --رتكوا ه --ؤالء ال --ذين يستض --عفونكم (فَأ ُْولَـئِ َ
َّم َو َس'' ْ َ اه ْ'م َج َهن ُك َم''أ َْو ُ
ض ' ' َع ِفين ِمن ِّ ِ
س ' 'اءالر َج' ''ال َوالنِّ َ أن -- -زل اهلل تع -- -اىل ع -- -ذر أهل الص -- -دق فق -- -ال( :إِالَّ ال ُْم ْستَ ْ َ َ
ان الَ يَ ْس 'تَ ِطيعُو َن ِحيلَ 'ةً َوالَ َي ْهتَ ' ُدو َن َس 'بِيالً) أي ال يهت --دون س --بيال يتوجه --ون والْ ِولْ ' َد ِ
َ
إليه ،لو خرج--وا هللك--وا ،فأولئك عسى اهلل أن يعفو عنهم ،يعين يف إق--امتهم بني ظه--راين
املشركني(.)77
-2قوله -ص --لى اهلل عليه وس --لم" :-من ج''امع المش''رك وس''كن' معه فهو مثله"( ،)78ق --ال
الش - - - -وكاين(" :)79قول-- - - -ه" :فهو مثله" فيه دليل على حترمي مس-- - - -اكنة الكف-- - - -ار ووج-- - -وب
مف--ارقتهم ،واحلديث وإن ك--ان فيه املق--ال املتق--دم لكن يش--هد لص--حته قوله تع--اىل( :فَالَ
يث غَْي' ِر ِه إِنَّ ُك ْم إِذاً ِّم ْثلُ ُه ْم)( )80وح--ديث هبز بن
ض'واْ فِي ح' ِ'د ٍ
َ َت ْقعُ' ُدواْ' َم َع ُه ْم َحتَّى يَ ُخو ُ
حكيم بن معاوية بن حي--دة عن أبيه عن ج--ده مرفوع -اً" :ال يقبل اهلل من مش''رك عمالً
بعد ما أسلم أو يفارق المشركين"(.)81
ظه --ور ش --عار الكفر على املس --لم مما ين --ايف علو اإلس --الم وكلمة التوحي --د ،وفيها تع --ريض
'اد ْيتُ ْ'م إِلَى
الص-- - -الة -لإلض-- - -اعة واالزدراء واهلزء واللعب ،كما ق-- - -ال عز وج-- - -لَ ( :وإِذَا نَ ' ' َ
وها ُه' ُ'زواً َولَ ِعب 'اً)( ،)82وتض--ييع الزك--اة بع--دم إخراجها لفقد مس--تحقيها، ال َّ ِ
ص 'الَة اتَّ َخ' ُذ َ
ومنها :اإلذالل واإلهانة -للمسلم ،وقد قال -صلى اهلل عليه وسلم" :-ال ينبغي لمس''لم
أن ي' ''ذل نفسه"( ،)83وق -- -ال" :اليد العليا خ' ''ير من اليد الس' ''فلى'"( ،)84ومنه -- -ا :اخلوف
على النفس واألهل والولد واملال من ش--رارهم وس--فهائهم ،ومنه--ا :اخلوف من الفتنة يف
الدين ،ومنها :اخلوف من س--ريان عوائ--دهم ولس--اهنم ولباس--هم إىل املقيمني معهم بط--ول
السنني ،ومنه-ا :االس-تغراق يف مش-اهدة املنك-رات -،والتع-رض ملالبسة النجاس-ات ،وأكل
احملرم-- - - -ات واملتش-- - - -اهبات ،فقد ثبت هبذه املفاسد الواقعة -واملتوقعة -حترمي ه-- - - -ذه اإلقام-- - -ة،
وحظر هذه املساكنة(.)85
-1أما االس --تدالل باآلية الكرمية :فيحمل على من ق --در على اهلج --رة وخشي الفتنة يف
دينه ومل يفع-- -ل ،كما دلت عليه أدلة املذهب -الث-- -اين ،ق-- -ال الش-- -افعي" :ودلت س-- -نة
رس--ول اهلل -ص--لى اهلل عليه وس--لم -على أن ف--رض اهلج--رة على من أطاقها إمنا هو
على من فنت يف دينه بالبلد ال-- - - - -ذي يس-- - - - -لم هبا؛ ألن رس-- - - - -ول اهلل -ص-- - - - -لى اهلل عليه
وس-- - - -لم -أذن لق-- - - -وم مبكة أن يقيم-- - - -وا هبا بعد إس-- - - -المهم :العب-- - - -اس بن عبد املطلب
وغ --ريه ،إذ مل خيافوا الفتن --ة -،وك --ان ي -أمر جيوشه أن يقول --وا ملن أس --لم" :إن ه --اجرمت
فلكم ما للمه -- - - - - - - -اجرين ،وإن أقمتم ف- - - - - - - - -أنتم كأعراب ،وليس خبريهم إال فيما حيل
هلم"(.)86
وق--ال الط--اهر بن عاش--ور" :وقد اتفق العلم--اء على أن حكم ه--ذه اآلية انقضى -ي--وم
فتح مكة؛ ألن اهلج --رة ك --انت واجبة ملفارقة أهل الش --رك وأع --داء ال --دين ،وللتمكن
من عب-- -ادة اهلل دون حائل حيول عن ذل-- -ك ،فلما ص-- -ارت مكة دار إس-- -الم س-- -اوت
غريه -- -ا ،ويؤي -- -ده ح -- -ديث" :ال هج' ''رة بعد الفتح ،ولكن جه' ''اد' ونية"( )87فك -- -ان
املؤمن-- - -ون يبق-- - -ون -يف أوط-- - -اهنم إال امله-- - -اجرين حيرم عليهم الرج-- - -وع إىل مك-- -ة ،ويف
احلديث" :اللهم أمض ألص ''حابي هج ''رتهم ،وال ت ''ردهم' على أعق ''ابهم'"( )88قاله
بعد أن فتحت مكة"(.)89
-2أما األح--اديث فتحمل على أح--وال معين--ة -،كما ذكر الط--ربي بإس--ناده عن قت-ادة يف
ض)( ،)90ق--ال" :ك--ان الرجلض' ُه ْم أ َْولِيَ''اء َب ْع ٍ تفسري قوله تعاىلَ ( :والَّ َ'
ذين َك َف ُرواْ َب ْع ُ
ي-- - -نزل بني املس-- - -لمني واملش-- - -ركني فيق-- - -ول :إن ظهر ه-- - -ؤالء كنت معهم ،وإن ظهر
ه-- -ؤالء كنت معهم ،ف - -أبى اهلل عليهم ذل-- -ك ،وأن-- -زل اهلل يف ذل-- -ك ،فال ت-- -راءى ن --ار
املسلم ونار املشرك إال صاحب جزية مقراً باخلراج"(.)91
وميكن أن حتمل على من خشي على دينه وق-- - -در على اهلج-- - -رة ومل يه-- - -اجر كما ق -- -ال ابن
القيم" :ومنع رس --ول اهلل -ص --لى اهلل عليه وس --لم -من إقامة املس --لم بني أظهر املش --ركني إذا ق --در
على اهلجرة من بينهم( )92وقال" :أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"(.)93
وأما من يأمن على نفسه ودينه فريخص له يف اإلقامة ،كما قال البيهقي :باب الرخصة يف
اإلقامة بدار الشرك ملن ال خياف الفتنة ،)94(-و ذكر جمموعة من األحاديث اليت سريد ذكر بعضها
يف أدلة املذهب -الثاين.
الم ''ذهب الث 'اني :التفص --يل ،وهو م --ذهب احلنفية( ،)95والش --افعية ،)96(-واحلنابلة( ،)97ق --الوا:
الناس في اهلجرة علي ثالثة أضرب:
األول :من جتب علي-- - - - -ه ،وه-- - - - -و :من يق-- - - - -در عليها وال ميكنه إظه-- - - - -ار دينه وال متكنه إقامة
ين َت َوفَّ ُ
اه ُم واجبات دينه مع املقام -بني الكفار ،فهذا جتب عليه اهلج--رة؛ لقوله عز وج--ل( :إِ َّن الَّ ِذ َ'
ض قَ''ال َْواْ أَلَ ْم تَ ُك ْنين فِي األ َْر ِ الْمآلئِ َك' ةُ' ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس ' ِه 'م قَ''الُواْ فِيم ُكنتُم قَ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ
ض ' َعف َ ُْ َ ْ ْ َ
ص 'يراً)( ،)98وه --ذا وعيد اءت م ِ
َّم َو َس ' ْ َ
اه ْم َج َهن ُ 'اج ُرواْ' فِ َيها فَأ ُْولَـئِ َ
ك َم'أ َْو ُ ض اللّ' ِ'ه وا ِس 'عةً َفُت َه' ِ
َ َ أ َْر ُ
شديد ،يدل على الوجوب.
ولقوله -ص-- - - -لى اهلل عليه وس-- - - -لم" :-أنا ب ' ' ''ريء من مس ' ' ''لم بين مش ' ' ''ركين ،ال ت ' ' ''راءى
ناراهما"( )99ومعن --اه -:ال يك- -ون مبوضع ي --رى ن --ارهم وي --رون ن --اره إذا أوق --دت ،وق --ال املاوردي:
ومعن --اه -:ال يتفق رأيهم --ا ،فعرب عن ال --رأي بالن --ار ،ألن اإلنس --ان يستض --يء ب --الرأي كما يستض --يء-
بالنار(.)100
وألن القي -- -ام -ب -- -واجب دينه واجب على من يق -- -در علي -- -ه ،واهلج -- -رة من ض -- -رورة ال -- -واجب
وتتمته ،وماال يتم الواجب إال به فهو واجب.
الث - - -اين :من ال هج-- - -رة علي-- - -ه :وهو من يعجز عنها؛ إما ملرض ،أو إك-- - -راه على اإلقام-- -ة ،أو
ين ض--عف من النس--اء والول--دان -وش--بههم ،فه--ذا ال هج--رة عليه؛ لقوله عز وج--ل( :إِالَّ الْمستَ ْ ِ
ض َعف َ ُْ
س'ى اللّ''هُ ان الَ يَ ْس'تَ ِطيعُو َن ِحيلَ'ةً َوالَ َي ْهتَ' ُدو َن َس'بِيالً* فَأ ُْولَـئِ َ
ك َع َ الر َج' َ َ َ
ِمن ِّ ِ
'ال والنِّس'اء والْ ِولْ' َد ِ
َ
أَن َي ْع ُف َو َع ْن ُه ْم َو َكا َن اللّهُ َع ُف ّواً غَ ُفوراً)( ،)101وال توصف باستحباب؛ ألنه غري مقدور عليها.
ق-- -ال ابن عب-- -اس" :كنت أنا وأمي من املستض-- -عفني ممن ع-- -ذر اهلل ،هي من النس-- -اء وأنا من
الولدان"(.)102
الثالث -:من تستحب له ولا جتب عليه :وهو من يق--در عليه--ا ،لكنه يتمكن من إظه--ار دينه
وإقامته يف دار الكفر ،فتستحب له؛ ليتمكن من جه--ادهم وتكثري املس-لمني ومع-ونتهم -،ويتخلص
من تكثري الكف -- - - - - - -ار وخمالطتهم ورؤية املنكر بينهم ،وال جتب عليه؛ إلمك -- - - - - - -ان -إقامة واجب دينه
بدون اهلجرة ،وقد كان العباس عم النيب -صلى اهلل عليه وسلم -مقيما مبكة مع إسالمه.
-1عن أيب س--عيد اخلدري أن أعرابي -اً أتى النيب فس -أله عن اهلج--رة فق--ال" :ويح''ك ،إن
الهج''رة ش 'أنها ش''ديد ،فهل لك من إب''ل؟" ق --ال :نعم ،ق --ال" :فتعطي ص''دقتها؟"
ق --ال :نعم ،ق --ال" :فهل تمنح منه ''ا؟" ق --ال :نعم ،ق --ال" :فتحلبها ي ''وم وروده ''ا؟"
ق -- - - - -ال :نعم ق -- - - - -ال" :فاعمل من وراء البح ' ' ' ''ار؛ ف ' ' ' ''إن اهلل لن يَتِ ' ' ' ' َ'رَك من عملك
شيئاً"(.)103
ووجه الداللة من احلديث ظ-- -اهرة ،حيث لو ك-- -انت اهلج-- -رة واجبة عليه ملا ص-- -رفه
النيب -صلى اهلل عليه وسلم -عنها(.)104
-2أخ --رج مس --لم عن بري --دة ق --ال :ك --ان رس --ول اهلل -ص --لى اهلل عليه وس --لم -إذا أمر
أم-- -ريا على جيش أو س -- -رية أوص-- -اه يف خاص-- -ته بتق-- -وى اهلل ومن معه من املس-- -لمني
خ --رياً ،مث ق --ال" :أغ 'زوا باسم اهلل في س ''بيل اهلل ،ق ''اتلوا من كفر باهلل "...إىل أن
قال" :ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين '،وأخبرهم' أنهم إن
فعل' ' ''وا ذلك فلهم ما للمه' ' ''اجرين' وعليهم ما على المه' ' ''اجرين '،ف ' ' 'إن أب' ' ''وا أن
يتحولوا منها فأخبرهم' أنهم يكون''ون كأعراب المس''لمين ،يج''ري عليهم حكم
اهلل ال''ذي يج''ري على المؤم''نين ،وال يك''ون لهم في الغنيمة والفيء' ش''يء ،إال
أن يجاهدوا مع المسلمين"(.)105
ق --ال الن --ووي" :معىن ه --ذا احلديث :أهنم إذا أس --لموا اس --تحب هلم أن يه --اجروا إىل املدين --ة،
ف-- -إن فعل -- -وا ذلك ك -- -انوا كامله -- -اجرين قبلهم يف اس -- -تحقاق الفيء والغنيمة -وغري ذل -- -ك ،وإال فهم
أعراب ،كسائر أعراب املسلمني الساكنني يف البادية من غري هجرة وال غزو"(.)106
وهبذا يت-- -بني رجح-- -ان م-- -ذهب اجلمهور؛ لق-- -وة أدلتهم وس-- -المتها -من املناقش-- -ة ،وقد ذهب
الش -- -افعية( )107إىل أن من يق-- - -در على االمتن-- - -اع -واالع-- - -تزال ويق-- - -در على ال-- - -دعاء -أي ال -- -دعوة--
والقت --ال ،فه --ذا جيب عليه أن يقيم يف دار احلرب؛ ألهنا ص --ارت بإس --المه واعتزاله دار اإلس --الم،
وجيب عليه دعاء املشركني إىل اإلسالم -مبا استطاع من نصرته جبدال أو قتال.
ومن يق --در على االمتن --اع -واالع --تزال وال يق --در على ال --دعاء والقت --ال ،فه --ذا جيب عليه أن
يقيم وال يه--اجر ،ألن داره ص--ارت باعتزاله دار إس--الم ،وإن ه--اجر عنها ع--ادت دار ح--رب ،وال
جيب عليه الدعاء والقتال لعجزه عنه.
وذهبوا إىل أنه يستثىن من وجوب اهلجرة من يف إقامته مصلحة للمسلمني ،فقد حكى ابن
عبد الرب وغريه أن إسالم العباس كان قبل بدر ،وكان يكتم--ه ،ويكتب إىل النيب -ص--لى اهلل عليه
وسلم -بأخبار املش-ركني ،وك-ان املس-لمون يثق-ون -ب-ه ،وك-ان حيب الق-دوم على النيب -ص-لى اهلل
عليه وس --لم ،-فكتب إليه النيب -ص --لى اهلل عليه وس --لم -أن مقامك مبكة خ --ري ،مث أظهر إس --المه
يوم فتح مكة.
وبين-- -وا -أن حمل اس-- -تحباب اهلج-- -رة ما مل ي-- -رج ظه - -ور اإلس-- -الم -هن-- -اك مبقام-- -ه ،ف-- -إن رج-- -اه
فاألفضل أن يقيم ،ولو ق -- -در على االمتن -- -اع ب -- -دار احلرب واالع -- -تزال وجب عليه املق -- -ام هبا؛ ألن
موض--عه دار إس--الم ،فلو ه--اجر لص--ارت دار ح--رب ،فيح--رم ذل--ك ،نعم إن رجي نص--رة املس--لمني
هبجرته فاألفضل أن يهاجر.
وبن--اء على ما ت--رجح وهو اس--تحباب اهلج--رة ال وجوهبا ،ف--إن دخ--ول البالد غري اإلس--المية-
واإلقامة هبا جائز ،الس--يما عند احلاجة إىل ذلك أو االض--طرار إلي--ه ،وه--ذا ما ق-رره إعالن -الق--اهرة
ح --ول حق --وق اإلنس --ان -الص --ادر عن منظمة املؤمتر اإلس --المي -ع --ام 1990م حيث نص يف املادة
الثانية عش -- -رة على أن" :لكل إنس -- -ان احلق -يف إط -- -ار الش -- -ريعة -يف حرية التنق -- -ل ،واختي-- -ار حمل
إقامته داخل بالده أو خارجها ،وله إذا اض--طهد حق اللج--وء إىل بلد آخ--ر ،وعلى البلد ال--ذي جلأ
إليه أن جيريه حىت يبلغ مأمنه ،-ما مل يكن سبب اللجوء اقرتاف جرمية يف نظر الشرع"(.)108
أوالً :حني رجع النيب -ص-- - -لى اهلل عليه وس-- - -لم -من الط-- - -ائف دخل يف ج-- - -وار املطعم بن
عدي وكان كافراً( ،)109وقد حفظ النيب -صلى اهلل عليه وس--لم -للمطعم ه--ذا اجلمي--ل ،فق--ال يف
أسارى بدر" :لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في ه''ؤالء النتنة ل''تركتهم له"( )110أي
لو كلمه يف طلب ف--دائهم ل--رتكهم له النيب -ص--لى اهلل عليه وس--لم -بال ف--داء؛ ج--زاء ص--نيعه قبل
اهلجرة.
ثاني'اً :دخ--ول أيب بكر الص--ديق رضي اهلل عنه يف ج--وار ابن الدغن--ة ،وذلك ملا ض--اقت عليه
مكة وأص --ابه األذى استأذن النيب -ص --لى اهلل عليه وس --لم -يف اهلج --رة ف -أذن ل --ه ،فخ --رج مه --اجراً
حىت إذا س-ار من مكة يوم-اً لقيه ابن الدغنة وهو س-يد األح-ابيش س-أله عن س-بب خ-روج ف-أخربه
فقال له :ارجع فإنك يف جواري ،فرجع معه ودخل يف جواره(.)111
ثالث' ' ' 'اً :هج-- - - -رة الص-- - - -حابة رضي اهلل عنهم إىل احلبشة ودخ-- - - -وهلم يف ج-- - - -وار النجاشي قبل
إس -- - -المه( ،)112ومنهم :من بقي فيها حىت ق -- - -دم على النيب -ص -- - -لى اهلل عليه وس -- - -لم -يف الس -- - -نة
الس -- -ابعة من اهلج -- - -رة ،كما ق -- - -ال أبو موسى رضي اهلل عن -- - -ه" :بلغنا خمرج النيب -ص -- - -لى اهلل عليه
وس--لم -وحنن ب --اليمن فركبنا س --فينة ،فألقتنا س--فينتنا إىل النجاشي باحلبش --ة ،فوافقنا جعفر بن أيب
طالب ،فأقمنا معه حىت قدمنا ،فوافقنا النيب -صلى اهلل عليه وسلم -حني افتتح خيرب ،فقال النيب
-صلى اهلل عليه وسلم" :-لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان"(.)113
فهذه األدلة تدل على مشروعية جلوء املسلم إىل غري بالد اإلسالم -عند احلاجة ل--ذلك ،وقد
ذكر ابن ح --زم أن حممد بن ش --هاب الزه --ري ك --ان عازم -اً على أنه إن م -ات هش --ام بن عبد امللك
حلق ب --أرض ال --روم ،ألن الوليد بن يزيد ك --ان ن --ذر دمه إن ق --در علي --ه ،وقد ك --ان هو ال --وايل بعد
هشام ،قال ابن حزم" :من كان هكذا فهو معذور"(.)114
المطلب الثاني'
أوالً :ال خالف بني الفقهاء يف أن أم-ان إم-ام املس-لمني ج-ائز؛ ألنه مق-دم للنظر واملص-لحة،
وألنه نائب عن اجلميع يف جلب املنافع ودفع املضار(.)115
ثانياً' :يصح أم--ان أمري جيش املس--لمني ألهل بل--دة ويل قت--اهلم فق--ط ،أما يف حق غ--ريهم فهو
كآحاد املسلمني؛ ألن له الوالية -على قتال أولئك دون غريهم(.)116
املذهب -األول :يصح األمان من الواحد ،سواء أ ّمن مجاعة كثرية ،أم قليلة أم أهل مصر أو
قرية ،وهو مذهب احلنفية(.)117
لعموم قوله -صلى اهلل عليه وس--لم" :-ويسعى بذمتهم' أدن''اهم'"( ،)118وألن الوق--وف على
حالة القوة والضعف ال يقف على رأي اجلماعة ،فيصح من الواحد.
املذهب -الث- -اين :يصح األم --ان من الواحد ألهل القرية الص --غرية و الع- -دد القلي --ل ،أما ت- -أمني
العدد الذي ال ينحصر فهو من خصائص اإلمام ،وهو مذهب اجلمهور( )119ألن ذلك يفضي إىل
تعطيل اجلهاد بأماهنم ،ويؤدي إلى االفتيات على اإلمام.
وهو األظه--ر ،وعم--وم احلديث ال--ذي اس--تدل به احلنفية خمص--وص مبا ال ي--ؤدي إىل الإض--رار
باملسلمني ،كأمان الكافر وغري املكلف.
الش ''رط األول :اإلس ''الم ،فال يصح أم --ان الك --افر ولو ك --ان يقاتل مع املس --لمني عند عامة
الفقه -- -اء( ،)121وذلك ألنه متهم يف حق املس -- -لمني فال ت -- -ؤمن خيانت -- -ه ،وألنه إذا ك -- -ان متهم - -اً فال
يدري هل بىن أمانه على مراعاة مصلحة املسلمني أم ال؟
وذهب األوزاعي -إىل أن الذمي لو غزا مع املسلمني ف ّأمن أحداً من الكف--ار ،فلإلم--ام اخلي--ار
بني إمضائه أو رد املستأمن إىل مأمنه ،)122(-واألول أظهر.
الش''رط الث''اني :العق''ل '،فال يصح أم --ان اجملن --ون -باالتف --اق ،ألن العقل ش --رط األهلي --ة ،وهو
فاقد له ،وألن كلمه غري معترب ،فال يثبت به حكم(.)123
الشرط الثالث :البلوغ ،فال يصح أم--ان الصيب غري املم--يز باالتف--اق ،ق--ال ابن املن--ذر .أمجع
أهل العلم أن أمان الصيب غري جائز ،وقال اخلطايب :ألن القلم مرفوع عنه(.)124
وهو ق -- - -ول مالك( )125وأمحد يف رواية( ،)126وحممد بن احلسن( ،)127ودليلهم :عم-- - - -وم قوله
-ص--لى اهلل عليه وس--لم" :-ويس''عى' ب''ذمتهم أدن''اهم"( )128فهو مس--لم مميز يعقل اإلس--الم ويص--فه
فيصح أمانه كالبالغ؛ ألن ما قارب الشيء أعطي حكمه يف كثري من األحكام.
وهو ق-- - - -ول أيب حنيفة وأيب يوسف( )129والش-- - - -افعي( )130وأمحد يف رواية( ،)131ودليلهم :أن
الصيب مرف --وع عنه القلم حىت يبل --غ ،واألم --ان -أمر خطري الس --يما وقت احلرب ،فيحت --اج إىل عقل
راجح لتقدير املصاحل واملفاسد املرتتبة -عليه والصيب واجملنون -ليسا من أهل النظر يف العواقب-.
وهو األظهر؛ س --داً لل --ذرائع ،ومنع -اً للض --رر ال --ذي قد يص --يب -املس --لمني من ذلك لو أجزنا
أم --ان الص --يب ،وأما ما اس --تدل به املذهب األول فيمكن أن يق --ال :ب --أن احلديث خط --اب للب --الغني
كسائر األدلة الشرعية؛ ألن البلوغ والعقل مناط التكليف.
الش''رط الرب''ع :االختي''ار '،فال يصح أم --ان املك --ره؛ لعم --وم قوله -ص --لى اهلل عليه وس --لم:-
"إن اهلل تج ''اوز عن أم ''تي الخطأ والنس ''يان وما اس ''تكرهوا' عليه"( ،)132واألم --ان -حتت اإلك --راه
ق--ول أك--ره عليه بغري ح--ق ،فلم يص--ح ،ك--اإلكراه على اإلق--رار والطالق وحنو ذل--ك ،واختلف--وا يف
أمان األسري املسلم على مذهبني:
وهو ق -- -ول احلنفية( )133واملالكية( )134واألصح عند الش -- -افعية( )135والث -- -وري( ،)136ودليلهم:
أن األسري املسلم مقهور يف يد الكفار ،فهو متهم يف حق بقية املسلمني؛ ألنه غري آمن ،فصار يف
حكم املكره.
وهو ق --ول مرج- -وح للش --افعية( )137واحلنابلة واألوزاعي( ،)138ودليلهم :عم --وم قوله -ص --لى
اهلل عليه وسلم" :-ويسعى' بذمتهم أدناهم"(.)139
واألول أظهر؛ ألن دليل املذهب -الث --اين خمص --وص باألدلة األخ --رى الدالة على ع --دم اعتب --ار
تصرفات املكره واملخطئ والناسي-.
الشرط الخامس :الذكورة ،ال خالف بني الفقهاء يف أن أم-ان املرأة ج-ائز ،ق-ال اخلط-ايب:
أمجع عامة أهل العلم أن أمان املرأة جائز ،ولكن اختلفوا يف نفاذه على مذهبني:
المذهب األول ':أمان املرأة صحيح نافذ ،وهو مذهب اجلمهور( ،)140ودليلهم:
-1حديث أم هاين املتقدم -،وفيه قوله -صلى اهلل عليه وسلم" :-قد أجرنا من أجرت يا
أم هاني" ،وج--اء يف رواي--ة" :وآمنا من آمنت"( )141أي أعطينا األم--ان -ملن أعطيت--ه ،ق--ال الن--ووي:
اس -- -تدل بعض أص -- -حابنا ومجهور العلم -- -اء هبذا احلديث على ص-- -حة أم -- -ان املرأة ،ق -- -الوا :وتق -- -دير
احلديث :حكم الشرع صحة جوار من أجرت.
-2عن عائشة رضي اهلل عنها قالت" :إن كانت املرأة لتجري على املؤمنني فيجوز"(.)142
المذهب الثاني :أمان املرأة موقوف على إذن اإلمام ،وهو قول بعض املالكية(.)143
واألول أظهر ألن النيب -ص -- -لى اهلل عليه وس -- -لم -مل ينكر عليها األم -- -ان ،ولو ك -- -ان أمانها
غري صحيح لبيّن ذلك لئال يغرت به.
األول ':نقض اإلم ' ''ام :لو رأى اإلم-- - -ام املص-- - -لحة يف نبذ األم-- - -ان ،وك-- - -ان بق-- - -اؤه شراً على
املس --لمني ،فله ذلك()144؛ لقوله تع --اىلَ ( :وإِ َّما تَ َخ''افَ َّن ِمن َق' ْ'وٍم ِخيَانَ''ةً' فَانبِ'' ْذ إِلَْي ِه ْم َعلَى َس'' َواء)
( )145أي جه--راً ال س--را ،وينبغي -أن يعلمهم ب--ذلك؛ ملا روى أبو داود ،والرتم--ذي ،عن س--ليم بن
ع--امر ق--ال :ك--ان بني معاوية وال--روم عهد وك--ان يسري حنو بالدهم؛ ليق--رب حىت إذا انقض العهد
غزاهم ،فجاء رجل على ف-رس أو برذون وهو يق-ول :اهلل أك--رب ،اهلل أك-رب ،وف-اء ال غ--در ،فنظ-روا
ف--إذا ه -و عم--رو بن عنبس--ة ،فأرسل إليه معاوية فس -أله ،فق--ال :مسعت رس--ول اهلل -ص--لى اهلل عليه
وس--لم -يق--ول" :من كان بينه وبين قوم عهد فال يش' ّد عق''دة وال يحلها ح''تى ينقضي أم''دها،
أو ينبذ إليهم على سواء" ،فرجع معاوية بالناس(.)146
الث ' ''اني :رد المس ' ''تأمن' األم ' ''ان :ق -- -ال الن -- -ووي :إن املس -- -تأمن إذا نبذ العهد وجب تبليغه
المأمن ،وال يتعرض ملا معه بال خالف(.)147
الثالث :مضي مدة األمان ':إذا ك--ان األم--ان -مؤقت-اً فإنه ينقضي -مبضي املدة املق--ررة من غري
حاجة للنقض(.)148
الرابع ':عودة المستأمن' إلى دار الحرب :لو عاد املستأمن إىل الكفار مستوطناً -أو حماربا
ولو إىل غري داره فإنه ينتق-ض أمانه يف نفسه ال يف ماله عند مجه -- - - -ور الفقه -- - - -اء( ،)153أما إن ع -- - -اد
لتجارة أو متنزهاً ،أو حلاجة يقضيها -مث عاد إىل دار اإلسالم فهو على أمانه.
-1قرر الفقهاء أن املس--تأمن لو دخل دار اإلس--الم بأم--ان ملدة حمددة وك--ان قد ش--رط عليه
ع-- -دم القي -- -ام -بالتجسس على ع -- -ورات املس-- -لمني أو الداللة على ع -- -وراهتم باملكاتبة أو غريها فإنه
ينتقض عه--ده ب--ذلك باالتف--اق ،وذلك ألن املعلق على ش--رط يك--ون مع--دوما عند ع--دم املش--روط،
وإذا نقض العهد فإنه ال يس-- - - - - - -تحق تبليغ المأمن ،ألنه نقض عه-- - - - - - -ده ،وفعل ما فيه ض-- - - - - - -رر على
املسلمني وهو أشبه ما لو قاتلهم.
-2أما لو دخل مس -- -تأمن دار اإلس -- -الم -بأم -- -ان -ملدة حمددة ومل يش -- -رط عليه ع -- -دم القي -- -ام-
بالتجسس ،فقد اختلف الفقهاء يف ذلك على مذهبني:
الم' ' ''ذهب األول :من دخل دار اإلس' ' ''الم بأم' ' ''ان ثم ت' ' ''بين أنه جاس' ' ''وس ينقل أخب' ' ''ار
المسلمين إلى العدو' فإنه ينتقض أمانه' بذلك.
-1ما رواه الش--يخان عن س-لمة بن األك-وع ق--ال :أتى النيب -ص-لى اهلل عليه وس--لمٌ -
عني
من املش --ركني -وهو يف س --فر -فجلس عند أص --حابه يتح --دث ،مث انفت- -ل فق --ال النيب -ص --لى اهلل
عليه وسلم" :-اطلبوه واقتلوه" فقتلته ،فنفله سلبه(.)156
ق --ال ابن حج --ر :وقد ظهر الب --اعث -على قتله وأنه اطلع على ع --ورة املس --لمني وب --ادر ليعلم
أصحابه فيغتنمون غرهتم ،وكان يف قتله مصلحة للمسلمني.
-3أن األم --ان ال يقتضي -التجس --س ،بل يقتضي -االمتن --اع عن --ه ،ف --إن فعله املس --تأمن انتق-ض
أمانه ،ولو مل جنعله ناقضاً للعهد هبذا رجع إىل االستخفاف باملسلمني وضياع هيبتهم-.
المذهب الثاني :ال ينتقض عهد المستأمن بذلك' وإنما يعاقب عقوبة منكلة ويحبس
أن املس -- -لم إذا جتسس مل يكن جتسسه ناقض - -اً إلميانه فك -- -ذلك جتسس املس -- -تأمن ال يك -- -ون
ناقضاً ألمانه.
وميكن أن يناقش هذا االس-تدالل ب-أن -ه-ذا قي-اس مع الف-ارق ،إذ إن العاصم ل-دم املس-لم هو
اإلس --الم -واإلميان ال العقد أو الش --رط ،فال ينقض -إس --المه إال بن --واقض -اإلس --الم -املعروف --ة ،وليس
منها التجس -- - - - -س ،يف حني أن املس -- - - - -تأمن إمنا يعصم نفسه وماله بعقد األم -- - - - -ان ،فحيث أخل هبذا
الشرط يرجع احلكم إىل األصل ،وهو إباحة دمه وماله.
واألول أظه--ر ،ألن املس--تأمن ثبت له األم--ان مبقتضى عقد األم--ان -،ف--إذا ثبت عليه اس--تغالل-
ذلك للتجسس على الدولة اإلسالمية -فإنه يعترب بذلك خمالفاً لش--روط األم--ان ،ويس--تحق العقوب--ة-،
وأدىن ما ميكن اختاذه معه اعتب-- - -اره -شخص - - -اً غري مرغ-- - -وب في-- - -ه ،ويطلب منه مغ-- - -ادرة البالد على
الفور ،مع مطالبة بالده باختاذ العقوبة -الالزمة يف حقه ،وميكن اختاذ عقوبة -أشد من ذلك حبسب
ما يراه احلاكم املسلم.
الضابط األول :أن يؤكد من وقوع الظلم عليه يف دار اإلس--الم -،وخيت--ار األرض اليت يك--ون
فيها آمناً هو وأهله وأمواله ،وميكنه أن يعبد اهلل حبرية أكثر من بلده الذي كان فيه.
الض--ابط الث--اين :أن ال يعني الكف--ار على املس--لمني ب--أي أس--لوب من أس--اليب اإلعان--ة ،ك -أن
يفشي هلم أسرار املسلمني ،أو أن يقاتل معهم ضد املسلمني.
الض--ابط الث--الث -:أن ين--وي الرج--وع إىل دار اإلس--الم ف--وراً بعد أن ت--زول األس--باب اليت من
أجلها ترك دار اإلسالم-.
الضابط الرابع :أن يكون -س-فرياً إس-المياً -يف تلك البالد خبلقه وعمله وإخالص-ه ،وأن يق-وم
بتعريف الناس باإلسالم إذا كانت تسمح له ظروف تلك الدولة وقوانينها.
الضابط اخلامس :احلرص على عدم التأثر ب-أحوال غري املس-لمني ،أو م-وافقتهم يف عقائ-دهم
أو أخالقهم أو خصائصهم ،سواء يف ذلك الالجئ يف نفسه وكذلك أسرته ومن معه(.)160
قال الشيخ ابن عثيمني" :املقامة -يف بالد الكفار البد فيها من شرطني أساسيني:
-الش''رط األول ':أمن املقيم على دينه حبيث يك--ون عن--ده من العلم واإلميان وق--وة العزمية
ما يطمئنه على الثب--ات على دينه واحلذر من االحنراف والزيغ ،...مبتع--دا -عن م--واالهتم وحمبتهم،
فإن مواالهتم وحمبتهم مما ينايف اإلميان.
-الش ' ''رط الث ' ''اني :أن يتمكن من إظه-- - -ار دين-- - -ه ،حبيث يق-- - -وم بش-- - -عائر اإلس-- - -الم ب -- -دون
ممانع(.)161
المبحث الثالث
مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الدولي
من حيث حكم اللجوء السياسي وضوابطه
تبني من خالل الع-رض الس-ابق ملوقف كل من الفقه اإلس-المي -والق-انون -ال-دويل من مس-ألة
اللجوء السياسي -بعض مواضع االتفاق -واالفرتاق ،وميكن تلخيص هذه املواضع فيما يلي:
والشريعة اإلسالمية قد سبقت تلك التشريعات بقرون عديدة بتقرير هذا احلق السامي من
خالل النصوص الشرعية واالجتهادات الفقهية -اليت بينت مشروعيته وضوابطه كما تقدم.
-2يتضح من الع--رض الس--ابق أن محاية الالج--ئني مس--ؤولية ال--دول ،ومنح ه--ذا احلق مل--زم
هلا ،السيما الدول املنضمة -إىل اتفاقية ،1951وبروتوك-ول ع--ام ،1967وي-رى فقه--اء الق--انون
ال-- -دويل -على ال-- -رأي ال-- -راجح -أن محاية الالجئ بع-- -دم ط-- -رده أو رده إىل دولة االض-- -طراب من
املب --ادئ العامة للق --انون ال --ذي أقرته األمم املتمدن --ة ،ومن مث فهو مل --زم جلميع ال --دول ،ولو مل تكن
أطرافاً يف املعاهدات الدولية اليت أقرته.
أما الفقه اإلس --المي -:فإنه يق --رر ب --أن منح حق اللج --وء لغري املس --لم ليس قاص --راً على الدولة
فق --ط ،بل هو حق ث --ابت ل --رئيس الدولة ونوابه وآح --اد املس --لمني املكلفني من الرج --ال أو النس --اء،
كما دل عليه قوله -صلى اهلل عليه وسلم" :-ذمة المسلمين واحدة '،يس''عى بها أدن''اهم"(،)162
وقوله -ص--لى اهلل عليه وس--لم -ألم ه--انئ" :قد أجرنا' من أجرت' يا أم ه''انئ"( ،)163وميكن ل--ويل
األمر أن مينع رعايا الدولة اإلس-- - -المية من مباش-- - -رة ه-- - -ذا احلق إذا رأى يف ذلك املص-- - -لحة ،حبيث
يقصر منحه على اجله-- - - -ات الرمسية يف الدولة؛ اس-- - - -تنادا إىل ج-- - - -واز تقييد ويل األمر للمب-- - - -اح عند
احلاجة.
كما أن الفقه اإلس-- -المي -ال يل-- -زم الدولة مبنح حق اللج-- -وء أو عقد األم-- -ان لكل من طلب --ه،
وإمنا جعل ذلك واجبا يف حالة املصلحة الدينية -،كسماع القرآن والتع-رف إىل ال-دين ،أما يف غري
ه -- - -ذه احلالة ف -- - - -إن الدولة غري ملزمة هبذا احلق وهلا أن متتنع من منح األم -- - - -ان -إذا مل يكن يف ذلك
مصلحة خالصة أو راجحة ،أو ترتب عليه ضرر عاجل أو آجل.
وال خيفى أن انض-- -مام الدولة اإلس-- -المية إىل العه-- -ود واملواثيق الدولية جيعلها ملزمة مبقتضى-
آمنُ''واْ أ َْوفُ''واْ بِ''الْعُ ُق ِ'
ود)(،)164 تلك االتفاقي--ات -،اس--تنادا إىل عم--وم قوله عز وج--ل( :يَا أ َُّي َها الَّ ِذ َ'
ين َ
وقوله -ص--لى اهلل عليه وس--لم" :-والمس''لمون على ش''روطهم ،إال ش''رطاً ح''رم حالالً أو أحل
حراما"(.)165
-2يتفق كل من الفقه اإلس -- -المي -والق -- -انون -ال -- -دويل على أن رج -- -وع الالجئ بإرادته إىل
البلد ال--ذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه ص--فة الالجئ ،حبيث ال يتمتع باآلث--ار املرتتبة على ذل--ك ،إال
أن الفقه اإلس-- - -المي -يق-- - -رر أن رفع األم-- - -ان -يك-- - -ون يف حق الالجئ وح-- - -ده ،دون ماله أو أهله ما
داموا باقني يف دار اإلسالم.
والفقه اإلس --المي ال يعد مثل ه --ذا األمر مس --وغاً ملنح األم --ان -،ألن الش --ذوذ اجلنسي جرمية
يف الشريعة اإلسالمية -،شرعت هلا عقوبات وتعزي--رات ،حفاظ-اً على س--المة اجملتمع من االحنراف
األخالقي ،ودرءاً للش-- - -رور واآلف-- - -ات اليت وقعت يف اجملتمع-- - -ات املتح-- - -ررة ،كما هو مش-- - -اهد يف
الواقع.
-2ال يعد الق --انون ال --دويل األش --خاص ال --ذين جلأوا إىل اخلارج مع اس --تمرار متتعهم حبماية
ومس --اعدة حكوم-- -اهتم الج-- -ئني ،ألهنم جلأوا باختي-- -ارهم ،يف حني أن الفقه اإلس-- -المي -ال يش --رتط
ذل -- -ك ،فكل من طلب األم -- -ان ل -- -دخول دار اإلس-- -الم -ميكن أن مينح ه-- -ذا احلق ،ولو ك -- -ان يتمتع
حبماية دولت-- -ه ،إذ ال يقصر الفقه اإلس-- -المي حق اللج-- -وء يف ح --االت االض-- -طهاد السياس-- -ي ،وإمنا
جيمل أس -- -باب طلب األم -- -ان ب -- -أن يك -- -ون غرض- - -اً مش -- -روعاً ،فيش -- -مل ذلك حتقيق املص-- -احل الدينية
والدنيوية :كالسفارة ،والعالج ،والدراسة ،والتجارة ،وحنو ذلك.
-3يق --رر الفقه اإلس --المي -أن عقد األم --ان عقد م --ؤقت ،ينتهي -بانته --اء الغ --رض ال --ذي منح
ألجله ،أو بانقضاء األجل احملدد له ،يف حني أن القانون الدويل يرى أن هن--اك ح--االت يبقى فيها
الالجئ--ون بص--ورة دائم--ة ،وين--دجمون -يف بلد جلوئهم ،كما أن هن--اك ح--االت ميكن أن ت--زول فيها
صفة الالجئ عند زوال األس-باب اليت أدت ملنحه حق اللج-وء ،وال شك أن اإلع-ادة الطوعية -إىل
الوطن هي األفضل عندما تكون الظروف مناسبة لذلك.
الفصل الثالث
آثار حق اللجوء السياسي
ي--رتتب على ثب--وت حق اللج--وء السياسي التزام--ات وواجب--ات على من ثبت له ذلك احلق،
ك --االلتزام بق --انون البلد املانح حلق اللج --وء السياس --ي -،وت --ويل الوظ --ائف في --ه ،والتجنس جبنس --يته،
واملشاركة يف اخلدمة العسكرية( ،)166وحنو ذلك من مس--ائل معاص--رة يك--ثر الس--ؤال عنها واحلاجة
ماسة ملعرفة حكمها يف ض-- - - -وء النص-- - - -وص الدينية -والقواعد الفقهية -واملقاصد الش-- - - -رعية ،ونظ-- - -راً
لتش--عب تلك املس--ائل وتفرعها سيقتصر ه--ذا الفصل على مس -ألتني من تلك اآلث--ار فق--ط ،وميكن
معرفة حكم بقية املسائل يف مظاهنا من الدراسات املعاصرة ،وسيتناول -هذا الفصل مبحثني ،مها:
المبحث األول
التجنس بجنسية بلد اللجوء السياسي
اجلنس -- - -ية يف اللغة مش -- - -تقة من اجلنس ،واجلنس كما يق -- - -ول ابن ف -- - -ارس" :هو الض -- - -رب من
الش -- - -يء ،ق-- - - -ال اخللي-- - - -ل :كل ض-- - - -رب جنس ،وهو من الن-- - - -اس والطري واألش-- - - -ياء مجل-- - - -ة ،واجلمع
أجناس"(.)167
ويف املعجم الوس-- -يط" :اجلنس --ية :الص --فة اليت تلحق الش --خص من جهة انتس --ابه -لش --عب أو
أمة"(.)168
ويف االصطالح القانوين :تعددت تعريفات فقهاء القانون -للجنسية باعتبارات خمتلفة:
-فمنهم :من يزاوج بني اجلنسية واألمة ،فعرفها بأهنا عالقة الشخص بأمة معينة.)169(-
ومنهم :من ع-دها رابطة بني الف--رد والدول-ة ،وليست وص-فاً للش-خص ،س--واء أك--انت تلك
الرابطة قانونية فقط كما عرفها د .ف-- - - - -ؤاد عبد املنعم ري-- - - - -اض فق-- - - - -ال" :عالقة قانونية بني الف -- - -رد
والدول--ة ،يصري الف--رد مبقتض--اها عض --واً يف ش --عب الدولة"( ،)170أم ك--انت العالقة قانونية سياس --ية
كما عرفها د .ج--ابر ج--اد عبد ال--رمحن بأهنا" :العالقة السياس--ية -والقانونية -اليت ترب -ط الف--رد بدولة
ما"(.)171
فمن خالل ما تق --دم يظهر أن اجلنس --ية رابطة سياس --ية وقانونية -بني الش --خص ودولة معين --ة-،
جتعله عضواً فيها ،وتفيد انتماءه إليه-ا ،وجتعله يف حالة تبعية سياس-ية هلا ،ويس-مى من يتمتع هبذه
الرابطة وطنياً -،أما الذي ال يتمتع هبا فهو األجنيب.
فاجلنس --ية نظ --ام ق --انوين ،تض --عه الدولة؛ لتح --دد به من هم وطني-وه --ا ،ويتم مبقتض --اه -التوزيع
القانوين لألفراد يف اجملتمع الدويل.
وجلنس --ية الف--رد أمهية ك --ربى يف حتديد حق--وق الش--خص وواجبات--ه ،فللوطين حق--وق أك --ثر،
وعليه التزام--ات أك--ثر من األجن--يب ،فمثالً احلق--وق السياس--ية -قاص--رة على الوطن--يني ،وال يتمتع هبا
األج-- - -انب ،وبعض الواجب-- - -ات قاص-- - -رة على الوطن-- - -يني كاخلدمة العس-- - -كرية ،والوط-- - -نيون ال جيوز
إبعادهم عن إقليم الدولة بعكس الأجانب.
والذي يضع قواعد اجلنسية يف كل دولة هو قانوهنا الداخلي ،وختتلف الدول فيما بينها يف
القواعد اليت تنظم مبقتضاها جنسيتها(.)172
أما فيما يتعلق مبنح الالجئ السياسي جنسية البلد ال-ذي جلأ إلي-ه ،فقد ج-اء يف املادة ()34
من اتفاقية الالج --ئني لع --ام " :1951تس --هل ال --دول املتعاق --دة بق --در اإلمك --ان -اس --تيعاب -الالج --ئني
ومنحهم جنس -- -يتها ،وتب-- - -ذل -على اخلص -- -وص --كل ما يف وس-- - -عها لتعجيل إج -- -راءات التجنس
وختفيض أعباء ورسوم هذه اإلجراءات إىل أدىن حد ممكن"(.)173
وقد ق --رر فقه --اء الق --انون -ال --دويل اخلاص أن اكتس --اب اجلنس --ية ال يف --رض فرض- -اً ،كما أن
اجلنس--ية ال ت--نزع كره -اً ،وقد أك -دت املادة ( )15من وثيقة إعلان حق--وق اإلنس--ان الص--ادرة من
اجلمعية العامة لألمم املتح --دة ع --ام 1948م ه --ذا املع --ىن ،حيث نصت على أن --ه" :لكل ف --رد حق
التمتع جبنسية ما ،وأنه ال جيوز -تعسفاً -حرمان أي شخص من جنس--يته ،وال من حقه يف تغيري
جنسيته"(.)174
ف --إذا ه --اجر بعض األش --خاص من دولة إىل أخ --رى فال يصح هلذه الدولة أن تف --رض عليهم
جنس--يتها رغم -اً عنهم ،بل جيب أن حترتم إرادهتم ،فتفتح هلم ب--اب التجنس ،وختفف من ش--رائطه
إذا أرادت ،أو متنحهم جنس --يتها بفضل الق --انون ،فتضع القواعد العامة والش --رائط الخاصة وت --بيح
ملن تنطبق عليه ه--ذه القواعد أو اس--توىف ه--ذه الش--رائط أن ي--دخل يف جنس--يتها باختي--اره ،أو تع--ده
سلفاً من رعاياها ما دام يطلق جنسيتها يف مدة معينة.)175(-
ف --التجنس الط --ارئ هو أن يكتسب -الف --رد جنس --ية أخ --رى غري جنس --يته األص --لية ،ويتم ذلك
من خالل أمرين:
األمر' األول :تعبري إرادي من ج-- - - - - -انب الف-- - - - - -رد ،حيث يعلن فيه عن رغبته يف اكتس -- - - -اب
جنس--ية الدول--ة ،فال يتص--ور التجنس جمرداً عن رغبة الف--رد ،إذ ال جيوز للدولة أن تف--رض اجلنس--ية
الطارئة على األفراد دون االعتداد بإرادهتم يف ذلك.
األمر' الث ''اني :موافقة الس --لطات املختصة يف الدولة على منح الف --رد اجلنس --ية ،فرغبة الف --رد
وح --دها ال تكفي -الكتس-- -اب جنس-- -ية الدول-- -ة ،إذ حتتفظ الدولة حبق التق-- -دير املطلق لقب-- -ول طلب
التجنس من عدمه ،وذلك عند توافر الشروط اليت تضعها الدولة يف املتقدم -لطلب اجلنسية.
وختتلف الشروط اليت تضعها الدول الكتس--اب اجلنس--ية الطارئة وفق-اً لأله-داف اليت تس-عى
إليها السياسة التش-ريعية -يف كل منه--ا ،وميكن رد ه-ذه الش-روط إىل ثالث فئ-ات أساس-ية :ش--روط
الزمة الندماج األجنيب يف اجلماعة الوطنية ،وشروط تقتضيها محاية هذه اجلماعة ،باإلض--افة على
الشروط اخلاصة باألهلية(.)176
أما من الناحية الفقهية الش -- -رعية ،فقد اختلف الفقه -- -اء املعاص -- -رون يف حكم جتنس املس-- -لم
جبنسية دولة غري مسلمة ،وذلك على ثالثة اجتاهات:
االتجاه األول ':جواز تجنس المسلم بجنسية دولة غير مسلمة ،وممن ق'ال ب'ه :فض--يلة
أ .د .يوسف القرض-- - - - -اوي و فض-- - - - -يلة أ .د .وهبة ال- - - - - -زحيلي ،بش-- - - - -رط احملافظة على الشخص-- - - -ية
اإلسالمية.)177(-
معللني ذلك :بأن -التجنس ما هو إال لتنظيم العالقة ،فاجلنسية تسهل له األمور ،وتسهل له
-أيضاً -االستفادة من خدماهتم.
االتج''اه الث''اني :ج''واز تجنس المس''لم بجنس''يه دولة غ''ير مس''لمة عن االض''طرار ،وممن
قال به فضيلة الشيخ احلاج عبد الرمحن بن باه ،وفض--يلة الش--يخ حممد بن عبد اللطيف آل س--عد،
و فضيلة الشيخ أمحد بن حممد اخلليلي ،والقاضي حممد تقي ال--دين العثم--اين ،وفض--يلة الش--يخ علي
الطنطاوي(.)178
وغ--ريهم ،معللني ذل--ك ،ب--أن -ذلك من ب--اب اإلك--راه واالض--طرار وقد ق--ال عز وج--ل( :إِالَّ
يم ِ'
ان)( ،)179وقد اشرتطوا -لذلك شروطاً منها: ِ ِ
َم ْن أُ ْك ِر َه َو َقلْبُهُ ُمط َْمئ ٌّن با ِإل َ
-1أن تكون هنالك ضرورة حقيقية للتجنس باجلنسيات غري املسلمة.
-2أن ال يك -- -ون التجنس حب - -اً للتش -- -به بأهل الكف -- -ر ،والتس -- -مي بأمسائهم ،أو االتص -- -اف
بأوصافهم.
-3أال ي-- -ؤدي ه-- -ذا التجنس إىل تعطيل أو نقص ش-- -يء من أم-- -ور دينه أو جيره إىل م-- -واالة
أعداء اهلل ،أو أن يقول أو يعمل ما خيالف الشرع.
-4أن يكون املتجنس -وهو يف مهجره -مصانة حقوقه الشخصية؛ دمه وماله وعرضه.
االتج' ''اه الث' ''الث :التفص' ''يل والتفريق' بين ب' ''واعث طلب الجنس' ''ية وذل ' 'ك على النحو
التالي':
أوالً :املس -- - - -لمون ال -- - - -ذين هم من أهل تلك البالد أو اس -- - - -توىل غري املس -- - - -لمني على بالدهم
وضموها إىل دولتهم ،فهذه الفئة ال اختي-ار هلا يف ع--دم قب--ول جنس--ية تلك الدول--ة ،فهم مكره--ون
عليها ،وال إمث عليهم يف ذلك ،بل قد جيب عليهم قبوهلا ،ألهنا بالنسبة هلم وسيلة للحص--ول على
ض-- -روريات احلي-- -اة ،ومن غريها ال يس-- -تطيع املس-- -لم القي-- -ام بواجباته جتاه نفسه وأهل-- -ه ،فضال عن
القي-ام بواجبه جتاه اآلخ-رين ،كال-دعوة والتعليم ،وذلك ألن للوس-ائل أحك-ام املقاص-د ،فما ال يتم
ال --واجب إال به فهو واجب ،كما أن ما ي --ؤدي إىل احلرام فهو حمرم ،وال شك أن إض --رار املس --لم
بنفسه ومن يع -- -ول من غري م -- -وجب ش -- -رعي حمرم ،وت -- -رك اجلنس -- -ية يف احلالة مفضٍ إىل اإلض -- -رار
بنفسه ومن يعول ،فيكون -حمرماً(.)180
ثاني'اً :املس--لمون ال--ذي اضطهدوا يف بالدهم واض--طروا إىل الف--رار إىل البالد غري اإلس--المية-
ومل جيدوا بل --داً مس-- -لماً يلج-- -ؤون إلي --ه ،فه --ذه الفئة جيوز هلا التجنس جبنس --ية الدولة غري املس --لمة
بشروط:
-2أن خيتار بلداً يكون -فيه آمناً على دينه ونفسه وأهله.
-3أن حيافظ على دينه وأهله.
ودليل ذل --ك :أن مثل ه --ذا اإلنس --ان مك --ره ،والش --رع رخص للمك --ره واملض --طر الوقوع يف
احملظ-- -ور مبا يرفع عنه االض-- -طرار واإلك-- -راه -،كما ق-- -ال عز وج-- -ل( :إِالَّ َم ْن أُ ْ'ك ' ِر َه َو َقلْبُ ''هُ ُمط َْمئِ ٌّن
'ان)( )181وق--ال -ص--لى اهلل عليه وس--لم" :-أن اهلل تج''اوز عن أم''تي الخطأ والنس''يان وما يم' ِ' ِ
با ِإل َ
استكرهوا' عليه"(.)182
ثالثاً' :املسلم الذي يتجنس ملصلحة اإلس-الم واملس-لمني ،كتحص-يل بعض العل-وم املهمة اليت
ال تب -- -ذل إال للمتجنسني من رعايا الدول -- -ة ،فمثل ه -- -ذه الفئة ال م -- -انع من جتنس -- -ها باجلنس -- -ية غري
اإلسالمية-؛ ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب.
رابع'اً ':املس--لم ال--ذي يريد التجنس ملص--لحة نفس--ه ،كتحص--يل قوت--ه ،إذا مل يس--تطع ذلك يف
بلده أو بالد املسلمني ،فليس له ذلك ،ألن الغالب أن العم-ال حيص-لون على اإلقامة املؤقت-ة -،لكن
لو ف -- -رض أنه مض -- -طر ل -- -ذلك حبيث ال يس -- -مح له بالعمل إال بعد التجنس فيج -- -وز له ذل -- -ك ،ألنه
مضطر كما تقدم.
خامس' ' ' ' 'اً ':التجنس جملرد أغ-- - - - - -راض دنيوية ال ض-- - - - - -رورة فيها وال مص-- - - - - -لحة لإلس-- - - - - -الم وال
للمس--لمني ،وإمنا يتجنس املس--لم لالع --تزاز واالفتخ--ار واالس--تكثار ف --إن ذلك غري ج--ائز ملا فيه من
ت-- -ويل غري املس-- -لمني ،وتكثري س-- -وادهم ،وال-- -تزام ق-- -وانينهم ،وال-- -دفاع عن بالدهم ،وغري ذلك من
احملظ-- - -ورات الش-- - -رعية اليت يقع فيها املس-- - -لم عند جتنسه من غري ع-- - -ذر ش-- - -رعي ،وال مس-- - -وغ من
ضرورة أو إكراه(.)183
وبعد هذا العرض املوجز ألهم آراء الفقهاء املعاصرين يف هذه املسألة ،تظهر أمور:
األول :أن األصل يف التجنس جبنس --ية دولة غري مس --لمة احلرم --ة ،ملا يف ذلك من حمظ --ورات
شرعية ،تتمثل يف التزام القوانني الوض--عية ،وقب--ول التح--اكم إليه--ا ،مما يتن--اىف مع وج--وب التح--اكم
إىل الش--ريعة اإلس--المية دون س--واها ،كما ق--ال عز وج--ل( :وأَنزلْنَا إِلَي َ ِ
ص'دِّقاًْح ِّق ُم َ اب بِال َ ك الْكتَ َ َ َ ْ
ِ لِّما بين ي َدي ِه ِمن ال ِ
اءه ْم َع َّماَه َ'و ُ اب َو ُم َه ْي ِمناً َعلَْي''ه فَ' ْ
'اح ُكم' َب ْيَن ُهم بِ َما أَن' َ'ز َل اللّ''هُ َوالَ َتتَّبِ ْ'ع أ ْ' ْكتَ ِ' َ َْ َ َ ْ َ
'ل جعلْنَا ِمن ُكم ِش 'ر َعةً و ِم ْنهاج 'اً)( ،)184وق --ال( :أَفَح ْكم الْج ِ
اهلِيَّ ِة َي ْبغُ ''و َن 'اءك ِمن الْح' ِّ ِ
ُ َ َ ْ ْ َ َ 'ق ل ُك' ٍّ َ َ َج' َ َ َ
س' ُ'ن ِم َن اللّ ِ'ه ُح ْكم'اً لَِّق ْ'وٍم يُوقِنُ'و َن)( ،)185كما أنه يتض--من ال--دفاع عن تلك البالد ،وقد َح َ
َو َم ْن أ ْ
يك --ون ذلك على حس --اب الدولة املس --لمة كما س --يأت-ي ،وه --ذه أم --ور تتن --اىف مع أص --ول اإلس --الم
وقواع --ده -الكلية اليت تق --وم على ال --والء هلل ورس --وله ودينه واملؤم --نني ،وال --رباءة من الش --رك والكفر
ِ
وأهله وع -- -دم التع -- -اون على اإلمث والع -- -دوان ،كما ق -- -ال عز وج -- -ل( :إِنَّ َما َوليُّ ُك ُم اللّ ' ''هُ َو َر ُس' ' 'ولُهُ
َّص َارى أ َْولِيَ''اء َب ْع ُ
ض' ُه ْم ود َوالن َ
والَّ ِذين آمنُواْ)( ،)186وقال( :يا أ َُّيها الَّ ِذين آمنُواْ الَ َتت ِ
َّخ ُذواْ الَْي ُه َ َ َ َ َ َ َ َ
ين)( ،)187وق--ال عز ِِ ِ ِ َّ أ َْولِيَ''اء َب ْع ٍ
ض َو َمن َيَت' َ'ول ُهم ِّمن ُك ْم فَِإنَّهُ م ْن ُه ْم إِ َّن اللّ''هَ الَ َي ْ'ه'دي الْ َق' ْ'و َم الظَّالم َ
ان)(.)188 الت ْقوى والَ َتعاونُواْ َعلَى ا ِإلثْ ِ'م والْع ْدو ِ
َ ُ َ ْبر َو َّ َ َ َ َ وجلَ ( :وَت َع َاونُواْ َعلَى ال ِّ
الث-- -اين :أن الواقع يش-- -هد بوج-- -ود أع-- -داد كث-- -رية من املس-- -لمني املض-- -طهدين ال-- -ذين جلأوا إىل
البالد غري اإلس --المية -طلب- -اً لألمن أو لل --رزق ،فمثل ه --ؤالء ي --رخص هلم يف التجنس باجلنس --ية غري
اإلس--المية بالش--روط املتقدمة مىت ما اض--طروا إىل ذل--ك ،أما إذا ك--ان ميكن حتص--يل املص--احل ودرء
املفاسد دون احلاجة إىل التجنس فال جيوز هلم ذلك؛ مراعاة لألصل أن الضرورة تقدر بقدرها.
الث--الث :حتص--يل بعض املص--احل احلاجية للمس--لم اليت ال ت--رقى إىل درجة الض--رورة ،كدراسة
بعض العل -- -وم املهم -- -ة ،أو القي -- -ام بال -- -دعوة إىل اهلل عز وج -- -ل ،إذا ك -- -ان ال يتحصل إال ب -- -التجنس
جبنس --ية تلك الدول --ة ،فإنه يعامل معاملة املض --طر ل --ذلك؛ ألن احلاج --ات ت --نزل منزلة الض --رورات،
كما قال الفقهاء( ،)189مع مراعاة الشروط املتقدمة-.
وميكن تلخيص املقارنة بني القانون -الدويل والفقه اإلسالمي -فيما يلي:
أوالً :يتفق الق -- -انون -ال -- -دويل والفقه اإلس -- -المي -يف أن منح اجلنس -- -ية لالجئ أمر اختي -- -اري،
يرجع إىل إرادت --ه ،دون إك --راه أو ف --رض ،كما أن التجنس منحة من الدول-- -ة ،إذ هو خيضع دائما
لسلطتها التقديرية املطلقة ،حبيث ميكن أن تقبل طلب التجنس أو ترفضه.
ثانياً' :جيوز لالجئ أن يطلب أن يكتسب جنس--ية بلد اللج--وء مىت ما ت--وافرت فيه الش--روط
اليت وضعتها الدولة ،أما الفقه اإلس--المي -:فيق--رر أن األصل يف التجنس جبنس--ية دولة غري مس--لمة:
احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظورات شرعية كما تق--دم ،و يس--تثىن من ذلك بعض ح-االت الض--رورة
واحلاجة ،وحتصيل بعض املصاحل املعتربة شرعاً.
المبحث الثاني
الخدمة' العسكرية في بلد اللجوء السياسي
ي-- -رتتب -على ثب-- -وت اجلنس-- -ية نش-- -وء حق-- -وق والتزام-- -ات بالنس-- -بة لكل من الف-- -رد والدول-- -ة،
في --رتتب -على انتم-- -اء الف-- -رد جلنس-- -ية الدولة التزامه بال-- -دفاع عن كي-- -ان الدول-- -ة ،وأهم ص-- -ور ه-- -ذا
االلتزام :التكليف اخلاص بأداء اخلدمة العسكرية(.)190
واخلدمة العس -- -كرية هي ال -- -واجب الوطين ال -- -ذي يل -- -زم به كل م -- -واطن يف الدولة اليت ينتمي
إليها؛ لكي يكون مستعداً يف حالة نشوب احلرب مع دولة أخرى ليدافع عنها(.)191
وتُعُّ - - -د اخلدمة العس -- -كرية اإللزامية -التجني -- -د -عنص -- -راً من عناصر توحيد بن -- -اء الشخص-- -ية
القومي --ة -،وجتربة هامة مش --رتكة بني أف- -راد الش --عب الواح --د ،كما يس --اعد التجنيد على اس --تخدام
الق--وات -املس--لحة يف املش--اريع احليوية للش--عب كشق الط--رق واألقني--ة -،وتنفيذ بعض خطط التنمية-
واإلسعاف يف حاالت الكوارث -واحملن القومية(.)192
وقد استخدمت كثري من الدول التجنيد اإلجباري يف وقت احلرب ،ولكن عدداً قليالً من
ال --دول اس-- -تخدمته أثن-- -اء ف-- -رتة الس-- -لم ،وقد اس-- -تغنت -عنه دول مثل الوالي-- -ات املتح-- -دة األمريكية
وبريطانيا وأس-- -رتاليا -ونيوزيلن-- -دا واهلند وباكس-- -تان ،كما أن دوال أخ-- -رى كث-- -رية -وخصوص- -اً يف
أوربا -قد خفضت مدة اخلدمة(.)193
وينظم قواعد اخلدمة العس--كرية ق--انون اخلدمة العس--كرية والقض--اء العس--كري ال--ذي ختتلف
م --واده القانونية -تبع- -اً الختالف ال --دول( ،)194وقد تنص عليه بعض الدس --اتري ،كالدس --تور الكوييت
واملصري وغريمها.
ومن خالل ه--ذا الع--رض املوجز يظهر أن اخلدمة العس--كرية واجب وطين على كل م--واطن
تت-- -وافر فيه الش-- -روط اليت حتددها ق-- -وانني التجني-- -د ،من حيث السن واللياقة الص -- -حية وغريها من
الش--روط ،والالجئ السياسي -عن--دما يتجنس جبنس--ية بلد اللج--وء تنطبق عليه ه--ذه الق--وانني ،كما
ق --ال د .عز ال --دين عبد اهلل" :ي --رتتب على التجنس أن يكسب األجنيب ص --فة الوطني --ة ،فيص --بح له
وعليه ما لسائر مواطين الدولة وعليهم ،دون تفرقة بينه وبني الوطين مبيالده"(.)195
وين-- - -وي ب-- - -ذلك الت-- - -درب على فن-- - -ون القت-- - -ال؛ حتقيق- - -اً لقوله عز وج-- - -ل( :وأ ِ
َع' ' ُّ'دواْ لَ ُهم َّما َ
استَطَ ْعتُم ِّمن ُق َّو ٍة)( )198ولقوله -ص--لى اهلل عليه وس--لم" :-المؤمن الق''وي خ''ير وأحب إلى اهلل
ْ
من المؤمن الضعيف ،وفي كل خ''ير"( ،)199وعليه أال يش--ارك يف القت--ال ضد املس--لمني إن وجد
كما سيأيت.
وقول- - -ه -ص -- -لى اهلل عليه وس -- -لم" :-ال ينبغي لم ' ''ؤمن أن ي ' ''ذل نفس ' ''ه '،يتع ' ''رض للبالء لما ال
يطيق"( ،)203وقد مينع من إقامة الش-- -عائر ،أو قد يقع يف بعض احملرم-- -ات مما تقتض-- -يه -طبيعة احلي-- -اة
العسكرية ،وال موجب ملثل هذه احملظورات من إكراه أو اضطرار يسوغ ذلك.
ق --ال ش --يخ اإلس --الم -ابن تيمي --ه" :إذا ك --ان املك --ره على القت --ال يف الفتنة ليس له أن يقاتل بل
عليه إفساد سالحه ،وأن يصرب حىت يقتل مظلوماً ،فكيف باملكره على قتال املسلمني مع الطائفة
اخلارجة عن ش--رائع اإلس--الم كم--انعي الزك--اة واملرت--دين وحنوهم ،فال ريب أن ه--ذا جيب عليه إذا
أك --ره على احلض --ور أال يقات --ل ،وإن قتله املس --لمون ،كما لو أكرهه الكف --ار على حض --ور ص --فهم
ليقاتل املسلمني ،وكما لو أكره رجل رجلاً على قتل مسلم معصوم -،فإنه ال جيوز له قتله باتفاق
املسلمني ،وإن أكرهه بالقتل ،فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك املعصوم -أوىل من العكس"(.)206
وبناء على ما تقدم على املسلم إن أكره على اخلروج حلرب املسلمني أال يس--تعمل س--الحه
ضدهم ،وحيتال لذلك ما أمكنه ذلك ،ولو بأن -يستسلم للمسلمني(.)207
ومن خالل م -ا تق--دم يظهر أن الق--انون -الوض--عي- -يف بعض تش--ريعاته -يل--زم حامل جنس--ية
البلد باخلدمة العسكرية ،باعتبارها واجبا وطنياً.
أما الفقه اإلسالمي -املعاصر فإنه يرى منع الالجئ املس-لم من ال-دخول يف اخلدمة العس-كرية
االختيارية؛ ملا يف ذلك من حمظ-- - -ورات ش-- - -رعية كما تق-- - -دم ،يس - - -تثنى من ذلك ح-- - -االت الإك - -راه
واحلاجة امللحة كما تقدم.
الخاتمة
وفي الختام:
أمحد اهلل تع--اىل إذ يسر وأع--ان -على إمتام ه--ذا البحث املوجز ،وفيما يلي أب--رز وأهم النت--ائج
اليت توصل إليها البحث:
أوالً :تزايد ع -- - -دد الالج -- - -ئني الف -- - -ارين من بالدهم بس -- - -بب االض -- - -طهاد والفقر ميثل أزمة إنس -- -انية
تستوجب اهتماما دولياً وتضافراً للجهود الحتوائها.
ثاني ' 'اً' :اللج-- -وء السياسي -يف الق -- -انون ال -- -دويل هو احلماية اليت متنحها دولة لف -- -رد طلب منها ه-- -ذه
احلماية عند توافر شروط معينة-.
ثالث'اً :يقابل اللج--وء السياسي يف الق--انون -ال--دويل (عقد األم--ان )-يف الفقه اإلس--المي -،مع تب--اين يف
بعض أسبابه وشروطه وآثاره.
رابع'اً ':يق--رر فقه--اء الق--انون ال--دويل أن اللج--وء السياسي حق كفلته التش--ريعات الدولي--ة ،وحثت
علي--ه ،ودافعت عن--ه ،وقد تكللت تلك اجله--ود بإنش--اء املفوض--ية -الس--امية لش--ؤون الالج--ئني،
والشريعة اإلسالمية قد سبقت تلك التشريعات بقرون عديدة بتقرير هذا احلق السامي من
خالل النصوص -الشرعية واالجتهادات الفقهية اليت بينت -مشروعيته وضوابطه.
خامس 'اً :يف الق--انون -ال--دويل محاية الالج--ئني مس--ؤولية ال--دول ،ومنح ه--ذا احلق مل--زم هلا؛ الس--يما
الدول املنضمة -إىل اتفاقية ،1951وبروتوكول عام ،1967ويرى فقهاء القانون -الدويل
-على ال--رأي ال--راجح -أن محاية الالج--ئني أمر مل--زم جلميع ال--دول ،ولو مل تكن أطراف -اً يف
املعاه -- -دات الدولية اليت أقرت -- -ه ،أما الفقه اإلس -- -المي فإنه يق -- -رر ب -- -أن منح حق اللج-- -وء لغري
املس-- - -لم ليس قاص-- - -راً على الدولة فق-- - -ط ،بل هو حق ث-- - -ابت ل-- - -رئيس الدولة ونوابه وآح -- -اد
املسلمني املكلفني من الرجال أو النساء ،وميكن ل--ويل األمر أن مينع رعايا الدولة اإلس--المية-
من مباش --رة ه --ذا احلق إذا رأى يف ذلك املص --لحة ،حبيث يقصر منحه على اجله --ات الرمسية
يف الدولة ،استنادا إىل جواز تقييد ويل األمر للمباح عند احلاجة.
سادساً ':يتفق الق-انون -ال-دويل مع الفقه اإلس-المي -على ض-رورة اس-تيفاء -الش-روط واملع-ايري اخلاصة
بوضع ط --الب األم --ان -،وحق اللج --وء السياس --ي ،حبيث يك --ون -اختالل بعض تلك الش --روط
مانعا من منحه ذلك احلق.
س''ابعاً :يتفق كل من الفقه اإلس --المي والق --انون -ال -دويل على أن رج --وع الالجئ بإرادته إىل البلد
الذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه صفة الالجئ ،حبيث ال يتمتع باآلث--ار املرتتبة على ذل--ك ،إال
أن الفقه اإلسالمي يقرر أن رفع األم--ان -يك--ون -يف حق الالجئ وح--ده دون ماله أو أهله ما
داموا باقني يف دار اإلسالم-.
ثامناً :األصل يف التجنس جبنس-- -ية دولة غري مس-- -لمة :احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظ-- -ورات ش-- -رعية،
ويستثىن من ذلك حاالت الضرورة واحلاجة امللحة اليت يتوقف عليها حتصيل بعض املصاحل
املعتربة شرعاً.
تاس''عاً ':ال ينبغي للمس--لم ال--دخول يف اخلدمة العس--كرية يف ال--دول غري اإلس--المية-؛ ملا يف ذلك من
حمظ --ورات ش --رعية ،ويس --تثىن من ذلك ح--االت الض --رورة واحلاجة املاسة اليت تس --وغ ذلك؛
من باب درء أعظم املفسدتني بأدنامها.
عاشراً :ال جيوز للمس--لم أن يقاتل املس--لمني مع الكف--ار ،إن أك--ره على اخلروج حلرب املس--لمني،
فعليه أال يس -- -تعمل س -- -الحه ض -- -دهم ،وحيت -- -ال ل -- -ذلك ما أمكنه -ذل -- -ك ،ولو ب -- -أن يستس -- -لم
للمسلمني.
قائمة المراجع
القرآن الكريم'
مراجع التفسير'
أحك--ام الق--رآن -عم--اد ال--دين الط--ربي (الكيا اهلراس) -دار الكتب احلديثة -الق--اهرة ط1
.1974
اجلامع ألحكام القرآن -حممد بن أمحد القرطيب -دار إحياء الرتاث ط 2سنة .1966
شرح معاين اآلثار -أمحد بن حممد الطحاوي -دار الكتب العلمية -ط.1987 - 2
صحيح مسلم -مسلم بن احلجاج النيسابوري -دار إحياء الكتب العلمية .
عون املعبود شرح سنن أيب داود -حممد مشس احلق -دار الكتب -العلمية ط.1
فتح الباري بشرح صحيح البخاري -أمحد بن حجر العسقالين -دار الفكر.
النهاية يف غريب احلديث واألثر -حممد بن األثري --أنصار السنة القاهرة .1963
نيل األوطار شرح منتقى األخبار -حممد بن علي الشوكاين -مطبعة احلليب.1971-
تبيني احلقائق شرح كنز الدقائق -عثمان الزيلعي -دار الكتاب اإلسالمي-.
رد احملت--ار على ال--در املخت--ار (حاش--ية ابن عاب--دين) -حممد أمني ابن عاب--دين -دار إحي--اء
الرتاث العريب.
ش-- - - -رح الس- - - - -ري الكب-- - - -ري --حممد بن أيب س-- - - -هل السرخس-- - - -ي -دار الكتب -العلمية -ط-1
.1997
حاش -- -ية الدس -- -وقي على الش -- -رح الكب -- -ري --حممد بن عرفة الدس -- -وقي -دار إحي -- -اء الكتب-
العربية.
شرح الزرقاين على خمتصر خليل -حممد عبد العظيم الزرقاين -دار الفكر.
الكايف يف فقه أهل املدينة -يوسف بن عبد الرب -دار الكتب العلمية -ط.1987 -1
املدونة الكربى -رواية سحنون عن ابن القاسم عن اإلمام مالك -مطبعة السعادة.
املقدمات املمهدات -حممد بن رشد اجلد -دار الغرب اإلسالمي ط.1988 -1
مواهب اجلليل بشرح خمتصر خليل -حممد احلطاب -دار الفكر -ط.3
مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج -اخلطيب الشربيين -دار الفكر.
هناية احملتاج إىل شرح املنهاج -حممد بن أيب العباس الرملي -دار إحياء الرتاث العريب.
شرح منتهى -اإلرادات -منصور بن يونس البهويت -عامل الكتب -ط.1993 1
جمموع فتاوى شيخ اإلس--الم ابن تس--مية -عبد ال--رمحن بن حممد النج--دي -الرئاسة العامة
لشؤون احلرمني.
مطالب أويل النهى -يف شرح غاية املنتهى -مصطفى الرحيباين.
معونة أويل النهى شرح املنتهى -حممد بن أمحد الفتوحي (ابن النجار).
املطلع على أبواب املقنع --حممد بن أيب الفتح البعلي -املكتب اإلسالمي.
معجم مقاييس اللغة -أمحد بن فارس بن زكريا -دار إحياء الرتاث العريب.
أحك -- -ام األح -- -وال الشخص -- -ية للمس -- -لمني يف الغ -- -رب -د .س -- -امل ال -- -رافعي -دار ال-- -وطن-
السعودية -ط 3001 -1م.
األحكام السياسية لألبيات املسلمة حممد توباك -دار النفائس -ط.1997 -1
اإلعالن -اإلس-- - - -المي -حلق-- - - -وق اإلنس-- - - -ان --وزارة األوق-- - - -اف والش-- - - -ؤون اإلس-- - - -المية -دولة
الكويت-.
أحكام الذميني واملستأمنني يف دار اإلسالم -د .عبد الكرمي زيدان -مؤسسة الرسالة.
أص --ول العالق --ات الدولية يف فقه اإلم --ام حممد بن احلسن الش --يباين -د .عثم --ان ض --مريية-
دار املعايل -ط.1999-1
جنس-ية املرأة املتزوجة يف الق-انون -ال-دويل اخلاص املق-ارن -والفقه اإلس-المي - -د .مص-طفى
حممد مصطفى الباز -دار الفكر اجلامعي اإلسكندرية2001 --م.
اجلنس-- - - - - -ية واملوطن ومركز األج-- - - - - -انب -د .هش-- - - - - -ام علي ص-- - - - - -ادق -منش- - - - - -أة املع-- - - -ارف
اإلسكندرية1977 -م.
حق -- - -وق اإلنس -- - -ان -د .حمم -- - -ود بس -- - -يوين وآخ -- - -رون -دار العلم للماليني ب -- - -ريوت -ط-2
.1998
حقوق اإلنسان -يف اإلسالم --د .حممد ال-زحيلي -دار الكلم الطيب ت س--وريا ت ط-2
.1997
حقوق اإلنسان -مدخل إىل وعي حقوقي -أمري سيف -مركز دراسات الوحدة العربي--ة-
.1994
احلماية القانونية لالجئ يف الق -- - - - - -انون -ال -- - - - - -دويل -د .أبو اخلري أمحد عطي -- - - - - -ة -دار النهضة
العربية.1997-
الدبلوماسية بني الفقه اإلسالمي -والقانون -الدويل -أمحد س--امل با عم--ر -دار النفائس 20
.01
دراسة سياس-- - - - - -ية يف العالق-- - - - - -ات الدولية اإلس-- - - - - -المية -د .فهد المك-- - - - - -راد -املكتب الفين
احلديث.
فقه األسرة املسلمة يف املهاجر د .حممد العمراين -دار الكتب -العلمية -ط.2001 -1
فقه األقليات املسلمة -خالد عبد القادر -دار اإلميان -ط .1998-1
القاموس السياسي -أمحد عطية اهلل -دار النهضة -العربية -القاهرة 1968م.
الق --انون ال --دويل اخلاص -د .عز ال --دين عبد اهلل -اهليئة -املص --رية العامة للكت -اب -ط-11
1986م.
القانون الدويل اخلاص -د .ماجد احللواين -مطبوعات جامعة الكويت1974 -م.
القانون الدويل اخلاص العريب -د .جابر جاد عبد الرمحن1958 -م.
اللجوء السياسي -يف اإلسالم --حسام حممد سعد -دار البيارق --ط1997 -1م.
موسوعة السياسة -عبد الوهاب الكيايل وآخرون -املؤسسة العربية للدراسات والنشر-
بريوت.
املوس--وعة -العس--كرية -املق--دم هيثم األي--ويب وآخ--رون -املؤسسة -العربية للدراس--ات والنش-ر
ط1990 3م.
الوس--يط يف اجلنس--ية ومركز األج--انب -د .ف--ؤاد عبد املنعم ري--اض -دار النهضة -العربي--ة-
القاهرة الطبعة اخلامسة 1988م.
)(1أستاذ مساعد بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية ،كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ،جامعة الكويت.
() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة WWW.UNHCR.ORG 2
() انظر :م++ادة (لج++أ) في معجم مق++اييس اللغ++ة ،5/235الق++اموس المحي++ط ص ،65لس++ان الع++رب 3
() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي +د .أبو الخير أحمد عطية ص.92 6
() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة WWW.UNHCR.ORG 7
() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي +د أبو الخير أحمد عطية ص 82باختصار+. 8
() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي +د .أبو الخير أحمد عطية ص 90باختصار+. 9
() حقوق اإلنسان :مدخل إلى وعي حقوقي .أمير سيف ص.109 10
() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي +د .أبو لخير أحمد عطية ص 92باختصار+. 11
() اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،جمعية المحامين الكويتية ص.19 13
() األحكام السياسية لألقليات المسلمة في الفقه اإلسالمي .سليمان محمد توباك ص ،56اللجوء السياسي+ 14
() انظر :الجامع ألحكام القرآن للقرطبي ،8/76 +أحكام القرآن البن الع++ربي ،2/903تفس++ير ابن كث++ير 23
() من مصادر القانون الدولي الخاص المعاهدات واالتفاقيات +الدولية ،انظر القانون الدولي الخاص د. 28
() حقوق اإلنسان م++دخل إلى وعي حق++وقي .أم++ير س++يف ص ،114حق++وق اإلنس++ان الوث++ائق +العالمي++ة 31
حقوقي .أمير سيف ص ،114مذكرة بشأن الحماية الدولية لالجئين ص 180من كتاب حقوق اإلنس++ان
المجلد الثاني إعداد د .محمود بسيوني +وآخرين ،اإلعالن اإلسالمي لحقوق اإلنس++ان في اإلس++الم وزارة
األوقاف +والشؤون اإلسالمية بدولة الكويت ص.26
() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة WWW.UNHCR.ORG 33
() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة WWW.UNHCR.ORG 34
() اتفاقية عام 1951المتعلقة بوضع الالج++ئين وبروتوكوله++ا لع++ام 1967باختص++ار +وتص++رف +،من 35
موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبوتية ،WWW.UNHCR.ORGحقوق اإلنسان
مدخل إلى وعي حقوقي ص ،110مذكرة بشأن الحماية الدولية لالجئين ص.180
() الحماية القانونية لالجئ في الق++انون ال++دولي د .أب++و الخ++ير أحم++د عطي++ة ص 105-102باختص++ار+ 36
وتصرف+.
معوقات حق اللجوء السياسي:
هناك معوق++ات تنعكس س++لبا ً على الحماي++ة الدولي++ة المقدم++ة لالج++ئين؛ مم++ا يح++د من فاعلي++ة اإلج++راءات
المتخذة في سبيل تحقيق هذه الحماية ،منها على سبيل المثال:
أوالً :فكرة السيادة التي تتمتع بها الدول تمثل عائقا ً رئيسا ً في سبيل تأسيس ضمان دولي الح++ترام ح++ق
اللجوء السياسي ،وذلك أن بعض الدول ت ُع ُّد نفسها ذات سيادة مطلقة ،وت++رفض إخض++اع إرادته++ا
لقانون مشترك ،يرسخه ويضع قواعده القانون الدولي ،وقد تع++رض مب++دأ س++يادة الدول++ة إلى نق++د
ش++ديد ،من ج++انب أن++ه ال يمكن ص++يانة الحق++وق م++ا لم تتخَّ +ل ال++دول -على األق++ل -عن ج++زء من
سيادتها ،كما أن أية اتفاقية دولية س++تظل ناقص++ة وغ++ير ملزم++ة في ظ++ل مفه++وم الس++يادة المطلق++ة
وانعدام +اإلجراءات الدولية.
ثانياً :صعوبة انضمام +الدول إلى االتفاقيات المتعلقة ب++الالجئين ،فال ت++زال هن++اك مص++اعب تح++ول دون
هذا االنضمام؛ +نتيجة سوء الفهم آلثار تلك االتفاقيات على الدول المنضمة ،باإلضافة إلى احتمال
تزايد أعداد طالبي اللجوء ،نتيجة للعالق++ة ال++تي ستنش++أ عن+ه بين ال++دول وبين المفوض++ية الس++امية
لشؤون الالجئين ،كما أن المخاوف من تزايد األعباء المالية الثقيلة ،والتوترات التي قد تنش++أ بين
الدول بسبب منح اللجوء لبعض األفراد ،يحول دون االنضمام +إلى تلك االتفاقيات.
ثالثاً :التدابير التقييدية التي تستحدثها بعض الدول لمواجهة تدفق +الالجئين االقتصاديين واألجانب غ+ير
القانونيين من الوصول إلى أراضيها ،وفرض غرامات على الخطوط +الجوية التي تحمل أج++انب
بال وثائق +،وغيرها من إجراءات ،تمثل عائقا أمام الحماية الدولية لالجئين.
رابعاً :انتهاكات حقوق الالجئين :بدءا من إغالق األبواب أمام طلباتهم ،والرد من المطارات والحدود،
وأحيانا +إعادتهم إلى بلدانهم التي فروا منها ،مما يعرضهم +ألخطار +عديدة ولمشاكل +كثيرة.
خامساً :تحديد مركز الالجئين :بعض اإلجراءات المتعلقة بتحدد مركز الالجئين ال تضمن على ال++دوام
في الكثير من البلدان ،فمثالً إمكان االس++تماع +لطلب ك++ل الجئ على نح++و ت++ام ومنص++ف ،وك++ذلك
الض++مانات األساس++ية لس++ير ال++دعوى -إن ك++ان هن++اك دع++وى -إجرائي+ا ً وموض++وعياً +تك++اد تك++ون
مفق++ودة( .حق++وق اإلنس++ان والق++انون ال++دولي اإلنس++اني +د .فيص++ل ش++طناوي +ص 261 ++-259
باختصار وتصرف +يسير).
() اتفاقية عام 1951المتعلقة بوضع +الالجئين وبروتوكولها +لعام 1967من موقع المفوضية السامية 37
() أخرجه البخ+اري( +فتح )4/81كت++اب فض++ائل المدين+ة ب++اب ح+رم المدين++ة ح+ديث ( )1870ومس++لم 44
() المغني البن قدامة ،10/436وانظر +الجامع ألحكام القرآن للقرطبي .8/75 47
() أخرج++ه البخ++اري (فتح )6/36كت++اب الجه++اد ب++اب (وج++وب النف++ير) ح++ديث ( ،)2825ومس++لم+ 53
3/1487كتاب اإلمارة باب (المبايعة بعد فتح مكة على اإلسالم والجهاد +والخير) حديث (.)1353
() أخرجه سعيد بن منصور في سننه 2/137كتاب الجهاد باب من قال :انقطعت الهج++رة ح++ديث (2 54
.)352
() المغني البن قدامة .10/514 55
() أخرجه أبو داود 3/3كتاب الجهاد ،باب في الهجرة هل انقطعت؟ حديث (.)2479 64
() أخرج++ه أب++و داود ،3/93كت++اب الجه++اد ،ب++اب اإلقام++ة ب++أرض الش++رك ،ح +ديث ( ،)2787وه++و 67
() أخرجه البخاري (فتح ،)2/492كتاب االستسقاء ،باب دعاء النبي -صلى هللا عليه وسلم ،-ح++ديث 70
( ،)1006ومس++لم ،1/468 ،كت++اب المس++اجد ،ب++اب اس++تحباب القن++وت في جمي++ع الص++الة إذا ن++زلت
بالمسلمين نازلة حديث (.)675
() أخرجه البخاري ،كتاب التفسير ،باب إال المستضعفين من الرجال والنس++اء والول++دان ح++ديث رقم ( 71
.)4597
() مجموع الفتاوى البن تيميه .19/225 72
() المدونة ،4/270الكافي +البن عبد البر ،ص ،210المقدمات البن رشد ،2/151المعيار المع++رب 73
للونشريس++ي 2/137ق++ال ابن القاس++م :ك++ان مال++ك يكره++ه كراهي++ة ش++ديدة -أن يتج++ه الرج++ل إلى بالد
الحرب -ويقول" :ال يخرج إلى بالدهم ،حيث تجري أحكام الشرك عليه" ،وقال +ابن عبد ال++بر :ال يح++ل
لمسلم أن يقيم في دار الكفر وهو قادر على الخروج عنها .قال ابن العربي :الهجرة وهي :الخ++روج من
دار الحرب إلى دار اإلسالم ،وكانت فرضا في أيام النبي -ص+لى هللا علي+ه وس+لم -وه+ذه الهج++رة باقي++ة
مفروضة إلى يوم القيام++ة ،وال++تي انقطعت ب++الفتح هي القص++د إلى الن++بي -ص++لى هللا علي++ه وس++لم -حيث
كان؛ فإن بقي في دار الحرب عصى؛ ويختلف +في حاله.
() نيل األوطار +للشوكاني .8/30 74
() أخرجه أبو داود 3/93كتاب الجهاد باب اإلقامة ب++أرض الش++رك ح++ديث ( ،)2787وه++و ص++حيح 78
() أخرجه ابن ماجه 2/848كتاب الحدود باب المرتد عن دينه حديث ( )2536وه+و حس+ن كم+ا في 81
() أخرجه الترمذي في أبواب الفتن ،باب ( ،)58حديث رقم.)2355( + 83
() أخرجه البخاري (فتح ،)3/294كتاب الزكاة ،باب ال صدقة إال عن ظهر غنى ،ح++ديث (،)1427 84
ومسلم ،2/717كتاب الزكاة ،باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى ،حديث (.)1033
() المعيار المعرب للونشريسي.2/137 + 85
() أخرج++ه البخ++اري (فتح ،)6/36كت++اب الجه++اد ،ب++اب (وج++وب النف++ير) ،ح++ديث ( ،)2825ومس++لم 87
،3/1487كت++اب اإلم++ارة ،ب++اب (المبايع++ة بع++د فتح مك++ة على اإلس++الم والجه++اد والخ++ير) ،ح++ديث (
.)1353
() أخرجه البخاري (فتح ،)3/164كتاب الجنائز ،باب رثاء الن++بي -ص++لى هللا علي++ه وس++لم -س++عد بن 88
خولة ،حديث ( ،)1295ومسلم ،3/1251كتاب الوصية ،باب الوصية بالثلث ،حديث (.)1628
() تفسير التحرير +والتنوير +للطاهر بن عاشور .3/1178 89
() جامع البيان للطبري ( 10/55وقوله :فانزل هللا في ذلك ...إلخ) من كالم قتادة. 91
() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ،باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ،ح++ديث رقم (،)2645 93
والترمذي +في كتاب السير باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين حديث رقم (.)1604
() السنن للبيهقي ،9/15كتاب السير ،باب الرخصة في اإلقامة بدار الشرك لمن ال يخاف الفتنة. 94
() شرح السير الكبير للسرخس+ي ،4/182ب+دائع الص+نائع للكاس+اني ،7/131فتح الق+دير للكم+ال بن 95
() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ،باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ،ح++ديث رقم (،)2645 99
والترمذي +في كتاب السير ،باب ما جاه في كراهية المقام بين أظهر المشركين حديث رقم (.)1604
() الحاوي الكبير للماوردي .14/104 100
() أخرجه البخاري ،كتاب التفسير ،باب إال المستضعفين من الرجال والنس++اء والول++دان ح++ديث رقم ( 102
.)4597
() أخرجه البخاري (فتح ،)10/553كتاب األدب ،حديث ( ،)6165ومسلم ،كتاب اإلم++ارة ح++ديث ( 103
.)1865
() أحكام األحوال الشخصية للمسلمين في الغرب د .سالم الرافعي ص.61 104
() قال النووي( +الروضة " :)3/120المسلم إن كان ضعيفا ً في دار الكف++ر ال يق++در على إظه++ار ال++دين 107
حرم عليه اإلقامة هناك ،وتجب عليه الهجرة إلى دار اإلسالم ،ف++إن لم يق++در على الهج++رة فه+و +مع++ذور
إلى أن يقدر ،فإن فتح البلد قبل أن يهاجر سقطت عنه الهجرة وإن كان يقدر على إظهار ال++دين؛ لكون++ه
مطاع +ا ً في قوم++ه ،أو ألن ل++ه هن++اك عش++يرة يحمون++ه ولم يخ++ف فتن++ة في دين++ه لم تجب الهج++رة؛ لكن
تستحب؛ لئال يكثر سوادهم ،أو يميل إليهم ،أو يكيدوا +له ،وقيل :تجب الهج++رة .حك++اه اإلم++ام والص++حيح
األول.
قلت :قال صاحب الحاوي :فإن كان يرجو ظهور اإلسالم هناك بمقامه فاألفضل أن يقيم .قال :وإن قدر
على االمتناع في دار الحرب واالعتزال وجب علي++ه المق++ام به++ا ،ألن موض++عه دار إس++الم ،فل++و ه++اجر
لصار دار حرب ،فيحرم +ذلك .ثم إن قدر على قت++ال الكف++ار ودع++ائهم إلى اإلس++الم لزم++ه ،وإال فال وهللا
أعلم"
قال الماوردي في الحاوي الكب++ير (" :)14/104الهج++رة في زمانن++ا تختص بمن أس++لم في دار الح++رب
في الهجرة منها إلى دار إسالم ،وال تختص بدار اإلمام ،وحاله ينقسم فيها خمسة أقسام+:
أحدها :أن يقدر على االمتناع واالعتزاز +ويقدر على الدعاء -أي الدعوة -والقتال ،فه++ذا يجب علي++ه أن
يقيم في دار الح++رب ،ألنه++ا ص++ارت بإس++المه واعتزال++ه دار اإلس++الم ،ويجب علي++ه دع++اء
المشركين إلى اإلسالم بما استطاع من نصرته بجدال أو قتال.
والقسم الثاني :أن يقدر على االمتناع واالع++تزال وال يق++در على ال++دعاء والقت++ال ،فه++ذا يجب علي++ه أن
يقيم ،وال يهاجر؛ ألن داره صارت باعتزاله دار إس++الم ،وإن ه++اجر عنه++ا ع++ادت دار ح++رب،
وال يجب عليه الدعاء والقتال؛ لعجزه عنه.
والقسم الثالث :أن يقدر على االمتناع وال يقدر على االعتزال وال على ال++دعاء والقت++ال ،فه++ذا ال يجب
عليه المقام ،ألنه لم تصر +داره دار إسالم ،وال تجب عليه الهجرة ،ألنه يقدر على االمتناع.
القسم الرابع :أن ال يقدر على االمتناع ،ويقدر على الهجرة ،فواجب علي++ه أن يه++اجر +وه++و ع++اص إن
أقام ،وفي مثله قال -صلى هللا عليه وسلم" -أنا بريء من كل مسلم مع مشرك".
القسم الخامس :أن ال يقدر على االمتناع ويضعف +عن الهجرة ،فتسقط عن++ه الهج++رة لعج++زه ،ويج++وز+
أن يدفع عن نفسه بإظهار +الكفر ،ويكون مسلما ً باعتقاد اإلسالم والتزام +أحكامه ،وال يجوز +لمن
قدر على الهجرة أن يتظاهر بالكفر؛ ألنه غير مضطر ،والعاجز +عن الهجرة مض++طر +،ويك++ون
فرض الهجرة على من أمن فيها باقيا ما بقي للشرك دار.
() اإلعالن اإلس++المي لحق++وق اإلنس++ان في اإلس++الم ،إص++دار وزارة األوق++اف +والش++ؤون اإلس++المية 108
2002م.
() البداية والنهاية البن كثير ،2/135فتح الباري .7/324 109
() أخرجه البخاري ،كتاب مناقب األنصار ،باب هجرة الحبشة ،حديث (.)3876-3872 112
() حاش++ية ابن عاب++دين ،3/226م++واهب الجلي++ل للحط++اب ،3/361نهاي++ة المحت++اج لل++رملي ،8/79 115
() أخرجه البخاري (فتح ،)4/81كتاب فضائل المدينة ،باب حرم المدينة ،ح++ديث ( ،)1870ومس++لم 118
() حاش++ية ابن عاب++دين ،3/228م++واهب الجلي++ل للحط++اب ،3/361أس++نى المط++الب لألنص++اري 121
() حاش++ية ابن عاب++دين ،3/228حاش++ية الدس++وقي ،4/361أس++نى المط++الب لألنص++اري ،4/202 123
.10/433
() مواهب الجليل للحطاب ،3/361حاشية الدسوقي .2/185 125
() أخرجه البخاري (فتح ،)4/81كت++اب فض++ل أه++ل المدين++ة ،ب++اب ح++رم المدين++ة ،ح++ديث (،)1870 128
() أخرجه ابن ماجه ،1/659كتاب الطالق ،باب طالق المكره والناسي +،حديث (.)2043 132
() حاشية ابن عابدين .3/228 133
() أخرج++ه البخ++اري( ،فتح ،)4/81كت++اب فض++ائل المدين++ة ،ب++اب ح++رم المدين++ة ،ح++ديث (،)1870 139
ومسلم ،1/498كتاب صالة المسافرين ،باب استحباب صالة الضحى حديث (.)336
() أخرجه أبو داود 3/84في كتاب الجهاد ،باب في أمان المرأة ،حديث رقم (.)2764 142
() حاشية ابن عابدين ،3/228أسنى المطالب لألنصاري ،4/204نهاية المحتاج للرملي .8/80 144
() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ،باب في اإلمام يكون بينه وبين العدو عهد فيس++ير +نح++وه ،ح++ديث 146
رقم ( ،)2759وأخرجه الترمذي في أبواب السير ،باب ما جاء في الغدر ،حديث رقم (.)1629
() روضة الطالبين للنووي ،10/281أسنى المطالب لألنصاري ،4/204 +الفروع .6/251 147
() ب++دائع الص++نائع للكاس++اني ،7/107مغ++ني المحت++اج للش++ربيني ،4/238كش++اف القن++اع للبه++وتي 148
.3/106
() حاشية ابن عابدين ،3/248تبيين الحقائق للزيلعي .3/268 149
() تبيين الحقائق للزيلعي ،3/269 +حاشية ابن عابدين ،3/251المغني البن قدامة ،1/437الف++روع 153
.6/251
() تبصرة الحكام البن فرحون ،2/177الخرشي +على خليل .3/119 154
() أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ،باب الحربي إذا دخل دار اإلسالم بغير أمان ح++ديث رقم 156
( ،)3051ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل حديث رقم.)1754( +
() شرح السير الكبير للسرخسي .1/205 157
ال خالف بين الفقهاء في ووجوب القصاص على المستأمن إذا قتل مسلما أو ذميا أو مستأمنا ،ودليلهم+:
-1قوله -صلى هللا عليه وسلم" :-من اعتبط مسلما ً بقتل فهو +به قود" أخرجه النسائي في الديات
( ،)4853قال الشافعي +:فهذه جامعة لكل من قتل.
-2أن كل واحد من هؤالء القتلى معصوم +الدم بإيمان أو أمان.
-3أن المستأمن التزم أحكام اإلسالم فيما يرجع إلى حقوق العباد ،والقصاص من هذه الحقوق،
فيجب عليه.
وعلى هذا فإذا ارتكب الالجئ جريمة قتل فإنه يخض++ع لألحك++ام الش++رعية في ه++ذا الب++اب ،ويق++ام
عليه القصاص متى ت++وافرت +أركان++ه وش++روطه ،وذل++ك لعم++وم النص++وص الش++رعية الدال++ة على
اص فِيِص ُ وجوب استيفاء القصاص من القاتل كقوله تعالىَ ( :يا أَ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُن و ْا ُكت َِب َعلَ ْي ُك ُم ا ْلق َ
ا ْل َق ْتلَى ا ْل ُح ُّر ِبا ْل ُح ِّر َوا ْل َع ْب ُد ِبا ْل َع ْب ِد َواألُن َثى ِب األُن َثى) وقول++ه -ص++لى هللا علي++ه وس++لم" :-من قتل ل ه
قتيل فهو بخير النظرين ،إما أن يودى وإما أن يقاد" أخرجه البخ++اري (فتح ،)12/205كت++اب
الديات ،باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين حديث ( ،)6880ومسلم ،2/988 +كتاب الحج،
باب تحريم +مكة ،حديث (.)1355
ثم إن عدم إقامة القصاص على المستأمن يفضي إلى إهمال حقوق العب++اد ال++تي اهتم به++ا الش++رع
المطهر ،ووضع +لها أحكاماً؛ لتحصيلها والحفاظ عليها.
ثانياً :جريمة السرقة:
اختلف الفقهاء في عقوب++ة المس++تأمن إذا م++ا ارتكب جريم++ة الس++رقة وت++وافرت أركانه+ا +وش++روطها على
مذهبين:
الم ذهب األول :ال يق++ام ح++د الس++رقة على المس++تأمن :وه++و ق++ول أبي حنيف++ة ،ومحم+د +بن الحس++ن،
والقول األظهر للشافعي.
ودليلهم +:أن من شروط +إقامة حد السرقة أن يكون الس++ارق ملتزم+ا ً أحك++ام اإلس++الم ،والمس++تأمن لم
يلتزم باألمان ما يرجع إلى حقوق هللا تعالى من األحكام ،وحد الس+رقة ح+ق هللا تع+الى في+ه غ+الب،
فلم يلتزمه المستأمن فال يقام عليه.
المذهب الثاني :يقام حد السرقة على المس+تأمن :وه+و ق+ول المالكي+ة ،والحنابل+ة ،وق+ول للش+افعي،
وأبي يوسف +من للحنفية.
ودليلهم +:أن المستأمن التزم أحكام اإلسالم مدة إقامته في دار اإلس+الم؛ فص+ار +كال+ذمي فيق+ام علي+ه
الحد ،وأن السرقة من الفساد في األرض ،فالبد من عقاب زاجر يمنع كل أحد في دار اإلسالم من
هذا الفساد ،وأن هذا الحد وجب صيانة لألموال ،كم++ا وجب ح++د الق++ذف ص++يانة لألع++راض ،فكم++ا
يجب هذا على المستأمن يجب ذاك عليه أيضاً.
وذهب الشافعي في قول ثالث إلى التفصيل وهو إن شرط عليه في العهد ،إن سرق قط++ع ،وإال فال
قطع ،وال حد.
والذي يظهر هو رجحان المذهب الثاني ،ألنه المتفق مع عموم النصوص الدالة على وجوب إقامة
الحد على السارق ،وألنه -أيضاً -يتفق مع عموم والية الدولة اإلسالمية على جمي++ع المقيمين على
أرضها ،وألن السرقة من الفساد في األرض فال يمكن المستأمن من هذا الفساد.
ثالثاً :جريمة الزنى:
اختلف الفقهاء في إقامة الحد على المستأمن إذا ارتكب جريمة الزنى على مذهبين:
المذهب األول :ال يقام الحد على المستأمن إذا زنى :وهو قول أبي حنيفة ،ومحمد ،والمالكية ،وهو
مذهب الشافعية في المشهور ،ووافقهم +الحنابلة إذا ما زنى بغير مسلمة ،أم++ا إذا زنى بمس++لمة فإن++ه
يقتل.
ودليلهم +:أن إقامة الح++د تب++نى على الوالي++ة ،والوالي++ة تب++نى على االل++تزام ،إذ ل++و ألزمن++ا المس++تأمن
حكمنا من غير أن يلتزمه أ ّدى ذلك إلى تنفيره من دارنا ،وقد ندبنا إلى معاملة تحمله على ال++دخول
في دارنا؛ ل+يرى محاس+ن اإلس+الم فيس+لم ،وه+و باألم+ان ال+تزم حق+وق العب+اد ،ألن دخول+ه لقض+اء
حاجته ،وهي تحصل بذلك ،فالتزم أن ينص++فهم كم++ا ينص++ف ،وأن ال ي++ؤذي أح++داً ،كم++ا ال ي++ؤذى،
فيلزمه بالتزامه.
وأما حقوق هللا تعالى فال تلزمه ،ألن++ه لم يلتزمه++ا ،وله++ذا ال تض++رب علي++ه الجزي++ة ،ولم يمن++ع من
الرجوع +إلى دار الحرب ،فعلم بذلك أنه حربي على حاله ،وأن حكم األم++ان ال يظه++ر بالنس++بة إلى
حقوق هللا تعالى ،ومنها :حد الزنى.
وقال الحنابل++ة :ال يح++د المس++تأمن إذا زنى بغ++ير مس++لمة ،ألن++ه ك++الحربي في ع++دم التزام++ه بأحك++ام
اإلسالم ،أما إذا زنى بمسلمة فإنه يجب عليه القتل؛ لنقض العهد ،وال يجب مع القتل حد سواه.
المذهب الثاني :يقام حد الزنى على المستأمن :وهو قول أبي يوسف ،والشافعية في وجه.
ودليلهم +:أن المستأمن يعتقد حرمة الزنا ،لكونه محرما ً في كل األديان ،وقد قدر اإلمام على إقامت++ه
عليه ،وقد التزم أحكامنا فيما يرجع إلى المعامالت والسياسات مدة مقامه في دارنا ،كال++ذمي ال++ذي
التزمها مدة حياته.
والذي يظهر هو رجح++ان الم++ذهب الث++اني؛ وذل++ك أن الزن++ا من أك++بر المحرم++ات ومم++ا اتف++ق على
تحريمه الشرائع كلها ،ومفاس+ده من ش+يوع الفاحش+ة واختالط األنس+اب ونح+و ذل+ك تلح+ق األف+راد
والمجتمعات +سواء كان مرتكب هذه الجريمة مسلما ً أم ذميا ً أم مس++تأمناً ،ول++ذا ك++ان الب++د من إقام++ة
العقوبات الشرعية الرادعة لزجر المجرمين وضعاف +الدين واإليمان عن تعدي مح++ارم هللا تع++الى
وحدوده ،وقد أقام النبي -صلى هللا عليه وسلم -الحد على اليهوديين اللذين زنيا ورجمهم++ا؛ +ألنهم++ا
تحت والية الدولة اإلسالمية ،وقد تحاكما إليه.
() األحكام السياسية لألقليات المسلمة في الفقه اإلسالمي ،سليمان توبولياك ص ،59مجلة مجمع الفقه 160
() أخرجه البخاري (فتح ،)4/81كتاب فضائل المدينة باب حرم المدينة ،ح++ديث ( ،)1870ومس++لم، 162
ومسلم ،1/498كتاب صالة المسافرين ،باب استحباب صالة الضحى ،حديث (.)336
() سورة المائدة.1 : 164
() أخرج++ه أب++و داود ( ،)3/304كت++اب األقض++ية ،ب++اب في الص++لح ،ح++ديث ( ،)3594والترم++ذي( ، 165
،)2/403أبواب األحكام ،ب++اب م++ا ذك++ر عن رس++ول هللا في الص++لح ،ح++ديث ( )1363عن عم++رو بن
عوف المزني ،وابن ماجه ( ،)2/788كتاب األحكام ،باب الصلح ،حديث (.)2353
() القانون الدولي الخاص د .عز الدين عبد هللا ص ،55القانون الدولي +الخاص د .ماج++د حل++واني ص 166
() مبادئ القانون الخاص د -محمد عبد المنعم رياض ص ،50كما ذكره د .مصطفى الباز في جنسية 169
() القانون الدولي الخاص العربي د .جابر جاد عبد الرحمن ص.13 171
() موسوعة السياسة 2/99د .عبد الوهاب الكيالي وآخرون ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر +ط2 172
س ،91جنسية المرأة المتزوجة في القانون الدولي والفقه اإلسالمي د .مصطفى الباز ص ،45الوسيط
في أحكام الجنسية د .فؤاد عبد المنعم رياض ص.12
() حقوق اإلنسان الوثائق العاملية واإلقليمية د .حممود بسيوين وآخرون .1/243 173
() الجنسية والموطن ومركز +األجانب د .هشام علي صادق .1/65 174
() القانون الدولي الخاص العربي د .جابر جاد عبد الرحمن ص.53 175
() الجنسية والموطن ومركز +األجانب د .هشام علي صادق 119-1/113باختصار +وتصرف.+ 176
() فقه األقليات املسلمة د .خالد عبد القادر ص.607 177
() مجلة مجمع الفقه اإلسالمي العدد الثلث الج++زء الث++اني ،1153-1103فق++ه األقلي++ات المس++لمة ص 178
.608
() سورة النحل.106 : 179
() انظر األحكام السياسية لألقليات سليمان توبولياك +ص ،83فقه األقليات خالد عبد القادر ص.607 180
() انظ++ر األحك++ام السياس++ية لألقلي++ات ص ،83فق++ه األقلي++ات ص ،607والح++ديث أخرج++ه ابن ماج++ه 182
() قال الزركشي +في المنثور " :2/25الحاجة العام++ة ت++نزل منزل++ة الض++رورة الخاص++ة في ح++ق آح++اد 189
الناس" وقال" :الحاجة الخاصة تبيح المحظور" ،وانظر +األشباه والنظ++ائر +البن نجيم ص ،91واألش++باه
والنظائر +للسيوطي ص.88
() الوسيط في الجنسية ومركز +األجانب د .فؤاد عبد المنعم رياض ص.18 190
() القانون الدولي الخ+اص د .ع+ز ال+دين عب+د هللا ص ،190وانظ+ر +الق+انون ال+دولي الخ+اص د .ماج+د 195
() أخرجه ابن ماجه ،1/659 ،كتاب الطالق ،باب طالق المكره والناسي ،حديث (.)2043 197
() أخرجه مسلم في كتاب القدر ،باب في األمر بالقوة وترك العجز ،حديث رقم (.)2664 199
() أخرجه الترمذي في أبواب الفتن ،باب ( ،)58حديث رقم.)2355( + 203
() أخرجه البخاري في كتاب الفتن ،باب قول النبي -صلى هللا عليه وسلم" :-من حم ل علين ا الس الح 204
فليس منا" ،حديث رقم ( ،)7070ومسلم +في كتاب اإليمان ب++اب ق++ول الن++بي -ص++لى هللا علي++ه وس++لم:-
"من حمل علينا السالح فليس منا" ،حديث رقم (.)98
() شرح السير الكبير للسرخسي .4/253 205
() األحكام السياسية لألقليات توبولياك +ص ،123فقه األقليات المسلمة خالد عبد القادر ص.171 207