You are on page 1of 81

‫حق اللجوء السياسي في الفقه اإلسالمي والقانون الدولي‬

‫(دراسة مقارنة)‬
‫د‪ .‬وليد خالد الربيع‬
‫أستاذ مساعد بقسم الفقه املقارن والسياسة الشرعية‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة الكويت‪.‬‬

‫حق اللجوء السياسي في الفقه اإلسالمي‬


‫والقانون الدولي‬
‫(دراسة مقارنة)‬
‫(‪) 1‬‬
‫د‪ .‬وليد خالد الربيع‬

‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يتن‪--‬اول ه‪--‬ذا البحث تعريف اللج‪--‬وء السياس‪--‬ي‪ ،‬وبي‪--‬ان‪ -‬حكم‪--‬ه‪ ،‬وض‪--‬وابطه‪ ،‬وبعض آث‪--‬اره يف‬
‫الفقه اإلس ‪--‬المي والق ‪--‬انون‪ -‬ال ‪--‬دويل؛ لتس ‪--‬ليط الض ‪--‬وء على أهم مع ‪--‬امل التش ‪--‬ريعات الدولية يف ه ‪--‬ذه‬
‫املس‪--‬ألة‪ ،‬مع بي‪--‬ان س‪--‬بق الش‪--‬ريعة اإلس‪--‬المية يف االهتم‪--‬ام هبذه احلاجة اإلنس‪--‬انية‪ -‬بق‪--‬رون عدي‪--‬دة‪ ،‬من‬
‫خالل النصوص الشرعية‪ ،‬والقواعد الكلية‪ ،‬واالجتهادات الفقهية‪.‬‬

‫واللج‪--‬وء السياسي‪ -‬يف الق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل‪ .‬ه‪--‬و‪ :‬احلماية اليت متنحها دولة لف‪--‬رد طلب منها ه‪--‬ذه‬
‫احلماية عند ت ‪--‬وافر ش ‪--‬روط معين ‪--‬ة‪ ،‬ويقابل اللج ‪--‬وء السياسي يف الق ‪--‬انون ال ‪--‬دويل (عقد األم ‪--‬ان) يف‬
‫الفقه اإلس‪--‬المي‪ ،‬مع تب‪--‬اين يف بعض أس‪--‬بابه وش‪--‬روطه وآث‪--‬اره‪ .‬وقد ق‪--‬رر فقه‪--‬اء الق‪--‬انون ال‪--‬دويل أن‬
‫اللجوء السياسي‪ -‬حق كفلته التشريعات الدولية‪ ،‬وحثت عليه‪ ،‬ودافعت‪ -‬عنه‪ ،‬ويف القانون‪ -‬ال‪--‬دويل‬
‫محاية الالج ‪--‬ئني مس ‪--‬ؤولية ال ‪--‬دول‪ ،‬طبق‪- -‬اً التفاقية ‪1951‬م وبروتوك ‪--‬ول ‪1967‬م‪ ،‬وي ‪--‬رى فقه ‪--‬اء‬
‫الق ‪--‬انون ال‪-- -‬دويل أن حق محاية الالج‪-- -‬ئني مل ‪--‬زم جلميع ال‪-- -‬دول‪ ،‬ولو مل تكن أطراف ‪- -‬اً يف املعاه ‪--‬دات‬
‫الدولية اليت أقرت‪--‬ه‪ ،‬أما الفقه اإلس‪--‬المي‪ -:‬فإنه يق‪--‬رر ب‪--‬أن منح حق اللج‪--‬وء لغري املس‪--‬لم ليس قاص‪--‬راً‬
‫على الدولة فق‪--‬ط‪ ،‬بل هو حق ث‪--‬ابت ل‪--‬رئيس الدولة ونوابه‪ -‬وآح‪--‬اد املس‪--‬لمني املكلفني من الرج‪--‬ال‬
‫أو النساء‪.‬‬

‫ويتفق الق‪--‬انون ال‪--‬دويل مع الفقه اإلس‪--‬المي على ض‪--‬رورة اس‪--‬تيفاء الش‪--‬روط واملع‪--‬ايري اخلاصة‬
‫بوضع طالب األمان وحق اللجوء السياسي‪ -،‬حبيث يك‪--‬ون‪ -‬اختالل بعض تلك الش‪--‬روط مانع‪-‬اً من‬
‫منحه ذلك احلق‪.‬‬

‫كما يتفق كل من الفقه اإلس ‪-- -‬المي والق ‪-- -‬انون‪ -‬ال ‪-- -‬دويل على أن رج ‪-- -‬وع الالجئ بإرادته إىل‬
‫البلد ال‪--‬ذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه ص‪--‬فة الالجئ‪ ،‬حبيث ال يتمتع باآلث‪--‬ار املرتتبة على ذل‪--‬ك‪ ،‬إال‬
‫أن الفقه اإلس‪-- - -‬المي‪ -‬يق‪-- - -‬رر أن رفع األم‪-- - -‬ان‪ -‬يك‪-- - -‬ون يف حق الالجئ وح‪-- - -‬ده‪ ،‬دون ماله أو أهله ما‬
‫داموا باقني يف دار اإلسالم‪.‬‬

‫ومن آثار اللجوء السياسي‪ :‬التجنس جبنس‪--‬ية بلد اللج‪--‬وء‪ ،‬واألصل أن جتنس املس‪--‬لم جبنس‪--‬ية‬
‫دولة غري مسلمة‪ :‬احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظورات شرعية‪ ،‬ويستثىن من ذلك ح‪--‬االت الض‪--‬رورة‬
‫واحلاجة امللحة اليت يتوقف عليها حتصيل بعض املصاحل املعتربة‪ -‬شرعاً‪.‬‬

‫كما أن من آث‪--‬ار اللج‪--‬وء السياس‪--‬ي‪ :‬ال‪--‬دخول يف اخلدمة العس‪--‬كرية‪ ،‬واألصل فيه احلرم ‪-‬ة يف‬
‫حق املس‪-- -‬لم الالجئ يف ال‪-- -‬دول غري اإلس‪-- -‬المية؛‪ -‬ملا يف ذلك من حمظ‪-- -‬ورات ش‪-- -‬رعية‪ ،‬ويس‪-- -‬تثىن من‬
‫ذلك حاالت الضرورة واحلاجة املاسة اليت تس‪-‬وغ ذل‪-‬ك‪ ،‬من ب‪-‬اب درء أعظم املفس‪-‬دتني بأدنامها‪،‬‬
‫كما ال جيوز للمس‪-- -‬لم أن يقاتل املس‪-- -‬لمني مع الكف‪-- -‬ار‪ ،‬وإن أك‪-- -‬ره على اخلروج حلرب املس‪-- -‬لمني‬
‫فعليه أال يستعمل سالحه ضدهم‪ ،‬وحيتال لذلك ما أمكنه‪ -‬ذلك‪ ،‬ولو بأن يستسلم للمسلمني‪.‬‬
‫المقدمة‬
‫تشري اإلحص‪-- -‬ائيات الدولية إىل تزايد ع‪-- -‬دد الف‪-- -‬ارين من بالدهم بس‪-- -‬بب االض‪-- -‬طهاد والظلم‬
‫والعدوان الذي يناهلم‪ ،‬ألسباب دينية‪ ،‬أو طائفية‪ -،‬أو سياسية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬أو غري‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ويوجد حاليا حنو ‪ 22‬ملي‪-- -‬ون ش‪-- -‬خص ينطبق عليهم وصف (الالج‪-- -‬ئني)‪ ،‬وهو ع‪-- -‬دد ‪-‬بال‬
‫شك‪ -‬كبري جداً؛ مما استوجب اهتماما دولياً هبذه الظاهرة اإلنس‪--‬انية‪ ،‬وقد ق‪--‬امت اجلمعية العامة‬
‫لألمم املتح‪--‬دة بتأس‪--‬يس مكتب‪ -‬املف‪--‬وض‪ -‬الس‪--‬امي لألمم املتح‪--‬دة لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني يف ‪ 14‬ك‪--‬انون‬
‫األول‪ /‬ديس ‪--‬مرب ع ‪--‬ام ‪ ،1950‬وتتمتع املفوض ‪--‬ية بتف ‪--‬ويض لقي ‪--‬ادة وتنس ‪--‬يق العمل ال ‪--‬دويل؛ حلماية‬
‫وحل مشكالت الالجئني يف شىت أحناء العامل‪.‬‬

‫ويكمن غرض ‪--‬ها ال ‪--‬رئيس يف ت‪- -‬أمني اإلج ‪--‬راءات الالزمة حلماية حق ‪--‬وق الالج ‪--‬ئني ورفاههم‪،‬‬
‫وهي تناضل لكي تض‪--‬من لكل ش‪--‬خص التمكن من ممارسة حقه يف التم‪--‬اس اللج‪--‬وء والعث‪--‬ور على‬
‫ملجأ آمن يف دولة أخ ‪--‬رى‪ ،‬مع احتفاظه خبي ‪--‬ار الع ‪--‬ودة طوع‪- -‬اً إىل ال ‪--‬وطن‪ ،‬أو االن ‪--‬دماج حملي ‪-‬اً‪ ،‬أو‬
‫إعادة التوطني يف بلد ثالث‪ ،‬وخالل ما يربو على مخسة عقود‪ ،‬ساعدت املفوضية ما يق‪--‬در بنحو‬
‫‪ 50‬ملي‪-- -‬ون ش‪-- -‬خص على ب‪-- -‬دء حي‪-- -‬اهتم من جدي‪-- -‬د‪ ،‬ويواصل حنو ‪ 5000‬ش‪-- -‬خص من م ‪--‬وظفي‬
‫املفوضية يف أكثر من ‪ 120‬بلدا تقدمي املساعدة‪ -‬ملا يقدر حبوايل ‪ 19.8‬مليون شخص‪.‬‬

‫بيد أن مشكلة الالجئني تستمر يف التزايد‪ ،‬حيث تتصاعد من نزوح حوايل مليوين شخص‬
‫يف الس‪--‬نوات األوىل من س‪--‬بعينيات الق‪--‬رن العش‪--‬رين إىل ذروة بلغت أك‪--‬ثر من ‪ 27‬ملي‪--‬ون ش‪--‬خص‬
‫يف عام ‪.1995‬‬

‫ويف ع ‪--‬ام ‪ 2002‬بلغ ع ‪--‬دد الالج ‪--‬ئني وغ ‪--‬ريهم ممن هتتم هبم املفوض ‪--‬ية على مس ‪--‬توى الع ‪--‬امل‬
‫‪ 19.8‬ملي‪-- -‬ون ش ‪-- -‬خص‪ ،‬وإض ‪- -‬افة إىل ذلك هن ‪-- -‬اك ما ي‪-- -‬رتاوح بني ‪ 20‬و ‪ 25‬ملي ‪-- -‬ون ش‪-- -‬خص‬
‫ن ‪--‬ازحون داخل أراضي بل ‪--‬داهنم‪ ،‬وهم من يطلق عليهم اسم (األش ‪--‬خاص الن ‪--‬ازحون داخلي‪- -‬اً)‪ ،‬مما‬
‫يصل مبجم‪--‬وع ع‪--‬دد األش‪--‬خاص املرحلني إىل ‪ 50‬ملي‪--‬ون ش‪--‬خص‪ ،‬وبعب‪--‬ارة أخ‪--‬رى ش‪--‬خص واحد‬
‫بني كل ‪ 120‬شخص يعيش على وجه األرض‪.‬‬

‫وتتمثل املس ‪--‬ؤولية البالغة األمهية للمفوض ‪--‬ية‪ ،‬واليت تع ‪--‬رف بـ "احلماية الدولي ‪--‬ة"‪ ،‬يف ض ‪--‬مان‬
‫اح ‪--‬رتام حق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان األساس ‪--‬ية اخلاصة ب ‪--‬الالجئني‪ ،‬مبا يف ذلك ق ‪--‬درهتم على التم ‪--‬اس اللج ‪--‬وء‪،‬‬
‫وض ‪--‬مان ع ‪--‬دم إع ‪--‬ادة أي ف ‪--‬رد قس ‪--‬رياً إىل بلد تت ‪--‬وافر لديه دواعي‪ -‬اخلوف من التع ‪--‬رض لالض ‪--‬طهاد‬
‫فيه‪.‬‬

‫وتعمل املفوض ‪-- - -‬ية‪ -‬على ت ‪-- - -‬رويج االتفاق ‪-- - -‬ات الدولية اخلاصة ب ‪-- - -‬الالجئني‪ ،‬وت ‪-- - -‬راقب امتث ‪-- - -‬ال‬
‫احلكوم‪--‬ات للق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل‪ ،‬وت‪--‬ؤمن املس‪--‬اعدات املادية من قبيل األغذية واملي‪--‬اه‪ ،‬واملأوى‪ -‬والرعاية‬
‫الطبية إىل املدنيني الفارين‪.‬‬

‫وتنطلق اجلهود اليت تبذهلا املفوضية من خالل والية ينص عليها النظ‪--‬ام األساسي للمنظم‪--‬ة‪،‬‬
‫ويسرتشد يف أدائها باتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بوضع الالجئني لعام ‪ 1951‬وبروتوكوهلا لعام‬
‫‪ .1967‬وي‪--‬ؤمن الق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل املتعلق ب‪--‬الالجئني إط‪--‬اراً أساس‪--‬ياً للمب‪--‬ادئ فيما يتعلق باألنش‪--‬طة‬
‫اإلنسانية اليت تقوم هبا املفوضية(‪.)2‬‬

‫ولقد اس ‪--‬تنبط‪ -‬فقه ‪--‬اء املس ‪--‬لمني أحكام ‪-‬اً كث ‪--‬رية يف كيفية معاملة الالج ‪--‬ئني الواف ‪--‬دين إىل دار‬
‫اإلس ‪--‬الم لشىت األغ ‪--‬راض النزيه ‪--‬ة‪ ،‬وض ‪--‬منوا تلك األحك ‪--‬ام والض ‪--‬وابط يف مب ‪--‬احث ومس ‪--‬ائل عقد‬
‫األم‪--‬ان ال‪--‬ذي ينظم دخ‪--‬ول غري املس‪--‬لم إىل بالد اإلس‪--‬الم‪ ،‬وحيدد ش‪--‬روطاً كث‪--‬رية تتعلق باملستأمن‪،‬‬
‫والغ‪--‬رض ال‪--‬ذي يريد ال‪--‬دخول من أجل‪--‬ه‪ ،‬واملدة اليت متنح ل‪--‬ه‪ ،‬والواجب‪--‬ات اليت ينبغي‪ -‬أن يل‪--‬تزم هبا‪،‬‬
‫واحلقوق اليت تثبت له‪ ،‬وجزاء إخالله بتل‪-‬ك االلتزام‪-‬ات‪ ،‬وغري ذلك من مس‪-‬ائل فقهية تنظم جلوء‬
‫غري املسلم إىل بالد املسلمني‪.‬‬

‫وأيضاً‪ ،‬فقد تناول الفقهاء املسلمون مسألة دخ‪--‬ول املس‪--‬لم إىل البالد غري اإلس‪--‬المية‪ -،‬وبين‪--‬وا‪-‬‬
‫ضوابط وشروط ذلك الدخول‪ ،‬من حيث اجلواز وعدمه‪ ،‬وتعرض‪--‬وا حلكم اإلقام‪--‬ة‪ ،‬واالس‪--‬تيطان‪-،‬‬
‫وحكم املع‪-- -‬امالت املالي‪-- -‬ة‪ -،‬وأحك‪-- -‬ام األس‪-- -‬رة‪ ،‬من حيث ال‪-- -‬زواج والطالق‪ ،‬وأحك‪-- -‬ام العقوب‪-- -‬ات‪-‬‬
‫الشرعية‪ ،‬وغريها من مسائل ذكرت يف مدونات الفقه اإلسالمية والسياسة‪ -‬الشرعية‪.‬‬

‫وقد ج‪--‬دت بعض الص‪--‬ور احلديث‪--‬ة‪ ،‬مما تقتض‪--‬يه طبيعة‪ -‬العص‪--‬ر‪ ،‬وتعقد العالق‪--‬ات الدولي‪--‬ة‪ ،‬وما‬
‫يتبع ذلك من ثب‪--‬وت التزام‪--‬ات وواجب‪--‬ات على ط‪--‬الب اللج‪--‬وء السياس‪--‬ي‪ -،‬من االل‪--‬تزام بق‪--‬انون البلد‬
‫املانح حلق اللج‪-- -‬وء السياس‪-- -‬ي‪ ،‬وت‪-- -‬ويل الوظ‪-- -‬ائف‪ -‬في‪-- -‬ه‪ ،‬والتجنس جبنس‪-- -‬يته‪ ،‬واملش‪-- -‬اركة يف اخلدمة‬
‫العس‪--‬كرية‪ ،‬وحنو ذلك من مس‪--‬ائل معاص‪--‬رة‪ ،‬يك‪--‬ثر الس‪--‬ؤال عنه‪--‬ا‪ ،‬واحلاجة ماسة ملعرفة حكمه‪--‬ا‪،‬‬
‫يف ضوء النصوص الدينية‪ -‬والقواعد الفقهية‪ -‬واملقاصد الشرعية‪.‬‬

‫وي‪--‬أيت ه‪--‬ذا البحث املوجز؛ ليق‪--‬دم ص‪--‬ورة خمتص‪--‬رة جله‪--‬ود الفقه‪--‬اء الس‪--‬ابقني واملعاص‪--‬رين يف‬
‫بي‪--‬ان بعض أحك‪--‬ام ه‪--‬ذه املس‪--‬ألة اإلنس‪--‬انية‪ ،‬وحتديد ض‪--‬وابطها وآثاره‪--‬ا‪ ،‬مقارنة بالق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل؛‬
‫وذلك وفق اخلطة التالية‪:‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫وتشتمل على مقدمة وثالثة فصول وخامتة على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ ‬المقدم' ' ''ة‪ :‬وتتن‪-- - - -‬اول أمهية املوض‪-- - - -‬وع‪ -،‬وس‪-- - - -‬بب اختي‪-- - - -‬اره‪ ،‬وخطة البحث‪ ،‬ومنهج‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل األول‪ ':‬ويشتمل على تعريف حق اللجوء السياسي‪.‬‬

‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫‪ ‬املبحث األول‪ :‬تعريف اللجوء لغة‪.‬‬

‫‪ ‬املبحث الثاين‪ :‬تعريف اللجوء السياسي‪ -‬اصطالحا‪.‬‬


‫‪ ‬املبحث الث‪-- - -‬الث‪ -:‬مقارنة بني الفقه اإلس‪-- - -‬المي والق‪-- - -‬انون ال‪-- - -‬دويل من حيث حتديد‬
‫اللجوء السياسي‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬حكم اللجوء السياسي‪ -‬وضوابطه‪.‬‬

‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫‪ ‬املبحث األول‪ :‬حكم اللجوء السياسي يف القانون الدويل وضوابطه‪.‬‬

‫‪ ‬املبحث الثاين‪ :‬حكم اللجوء السياسي يف الفقه اإلسالمي‪ -‬وضوابطه‪.‬‬

‫‪ ‬املبحث الث ‪-- -‬الث‪ -:‬مقارنة بني الفقه اإلس ‪-- -‬المي والق ‪-- -‬انون ال ‪-- -‬دويل‪ ،‬من حيث حكم‬
‫اللجوء السياسي وضوابطه‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل الثالث‪ :‬آثار حق اللجوء السياسي‪-.‬‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬

‫‪ ‬املبحث األول‪ :‬التجنس جبنسية بلد اللجوء السياسي‪-.‬‬

‫‪ ‬املبحث الثاين‪ :‬اخلدمة العسكرية يف بلد اللجوء السياسي‪.‬‬

‫‪ ‬الخاتمة‪ :‬وفيها أهم النتائج والتوصيات‪-.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬بيان مواضع اآليات اليت ورد فكرها يف ثنايا البحث‪ ،‬ب‪--‬ذكر اسم الس‪--‬ورة ورقم اآلية‬
‫يف اهلامش‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬ختريج األحاديث النبوية‪ -‬الواردة يف البحث من كتب السنة املعتربة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ ':‬الرج‪--‬وع إىل املص‪--‬ادر األص‪--‬يلة واملراجع املعتم‪--‬دة عند بي‪--‬ان موقف الفقه اإلس‪--‬المي مع‬
‫توثيق ذلك باهلامش‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬االس‪--‬تفادة من الدراس‪--‬ات احلديثة يف ه‪--‬ذا اجملال؛ لبي‪--‬ان موقف الفقه‪--‬اء املعاص‪--‬رين من‬
‫موضوع البحث‪.‬‬

‫خامس ' 'اً‪ ':‬االس ‪-- -‬تفادة من الدراس ‪-- -‬ات القانونية اليت تن ‪-- -‬اولت ه ‪-- -‬ذا املوض ‪-- -‬وع للوق ‪-- -‬وف على‬
‫موقف القانون‪ -‬الدويل من هذه املسألة‪.-‬‬

‫سادس ' 'اً‪ :‬بي ‪-- -‬ان موقف الفقه اإلس ‪-- -‬المي‪ -‬بعد ع ‪-- -‬رض رأي الق ‪-- -‬انون‪ -‬ال ‪-- -‬دويل مع عقد مقارنة‬
‫بينهما؛ إليضاح مواطن االتفاق‪ -‬واالختالف‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫تعريف اللجوء السياسي‬

‫المبحث األول‬
‫تعريف اللجوء لغة‬
‫اللج‪--‬وء‪ :‬مص‪--‬در الفعل جلأ‪ ،‬يق‪--‬ال‪ :‬جلأ إىل الش‪--‬يء واملك‪--‬ان يلج ‪-‬أ جلأ وجلوءاً وملج‪--‬أ‪ ،‬مبعىن‬
‫الذ به واعتص‪-- -‬م‪ ،‬ق‪-- -‬ال ابن ف‪-- -‬ارس‪" :‬الالم واجليم واهلم‪-- -‬زة‪ :‬كلمة واح‪-- -‬دة‪ ،‬وهي اللج‪- - -‬أ وامللجأ‪:‬‬
‫املكان يلتجئ إليه‪ ،‬يقال‪ :‬جلأت والتجأت"‪.‬‬

‫ويق‪--‬ال‪ :‬أجلأت أم‪--‬ري إىل اهلل‪ ،‬أي أس‪--‬ندت‪ ،‬وجلأت إىل فالن وعنه والتج ‪-‬أت وتلج ‪-‬أت إذا‬
‫استندت إليه‪ ،‬واعتضد‪-‬ت به‪ ،‬أو عدلت عنه إىل غريه‪ ،‬وأجلأه إىل الش‪--‬يء‪ :‬اض‪--‬طره إلي‪--‬ه‪ ،‬وأجلأه‪:‬‬
‫عصمه‪ ،‬والتلجئة‪ :‬اإلكراه‪ ،‬وامللجأ واللجأ ‪-‬حمركة‪ -‬املعقل واملالذ(‪ ،)3‬ومن‪--‬ه‪ :‬قوله عز وج‪--‬ل‪(:‬لَ ْو‬
‫ات أ َْو ُم َّد َخالً لََّولَّ ْواْ إِلَْي ِه َو ُه ْم يَ ْج َم ُحو َن)(‪.)4‬‬
‫ي ِج ُدو َن ملْجأً أَو مغَار ٍ‬
‫َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬

‫المبحث الثاني‬
‫تعريف اللجوء السياسي اصطالحاً‬
‫يتن‪-- -‬اول ه‪-- -‬ذا املبحث تعريف اللج‪-- -‬وء السياسي يف اص‪-- -‬طالح الق‪-- -‬انون ال‪-- -‬دويل وك‪-- -‬ذلك يف‬
‫االصطالح الفقهي اإلسالمي‪ ،‬وذلك يف مطلبني‪:‬‬

‫المطلب األول'‬
‫تعريف' اللجوء السياسي في القانون الدولي'‬

‫ع‪ّ-‬رف معهد الق‪--‬انون ال‪--‬دويل اللج‪--‬وء السياس‪-‬ي بأنه احلماية اليت متنحها دولة ف‪--‬وق أراض‪--‬يها‪،‬‬
‫أو فوق أي مكان تابع لسلطتها‪ ،‬لفرد طلب منها هذه احلماية(‪.)5‬‬

‫وظاهر أن حق اللج‪-‬وء محاية قانونية متنحها الدولة لش‪-‬خص أجنيب يف مواجهة أعم‪-‬ال دولة‬
‫أخ ‪-- - -‬رى‪ ،‬وهو ما يعين وروده على خالف األصل الع ‪-- - - -‬ام يف العالقة بني الدولة ومواطنيها‪-‬؛ وهلذا‬
‫فإنه ال مينح إال لضرورة تقتضيه‪ ،‬ويتحدد نطاقه مبداها(‪.)6‬‬

‫وقد جاء يف بنود اتفاقية ع‪--‬ام ‪ 1951‬املتعلقة‪ -‬بوضع الالج‪--‬ئني تعريف الالجئ بأنه ش‪--‬خص‬
‫"يوجد خ‪--‬ارج بلد جنس‪--‬يته‪ ،‬بس‪--‬بب خ‪--‬وف له ما ي‪--‬ربره‪ ،‬من التع‪--‬رض لالض‪--‬طهاد بس‪--‬بب العنص‪--‬ر‪،‬‬
‫أو ال‪--‬دين‪ ،‬أو القومي‪--‬ة‪ -،‬أو االنتم‪--‬اء إىل طائفة اجتماعية معين‪--‬ة‪ -،‬أو إىل رأى سياس‪--‬ي‪ ،‬وال يس‪--‬تطيع‬
‫بسبب ذلك اخلوف‪ ،‬أو ال يريد أن يستظل حبماية ذلك البلد"(‪.)7‬‬

‫ومما يؤخذ على ه ‪--‬ذا التعري ‪--‬ف‪ :‬أنه قصر وصف الالجئ على األش ‪--‬خاص ال ‪--‬ذين يض ‪--‬طرون‬
‫إىل مغادرة بلدهم األصلي بسبب اخلوف من االضطهاد‪ ،‬أو تعرضهم بالفعل لالض‪--‬طهاد‪ ،‬بس‪--‬بب‬
‫اجلنس‪-- -‬ية‪ ،‬أو الع‪-- -‬رق‪ ،‬أو ال‪-- -‬دين‪ ،‬أو اآلراء السياس‪-- -‬ية‪ ،‬ومل تتض‪-- -‬من األش‪-- -‬خاص ال‪-- -‬ذين يف‪-- -‬رون من‬
‫أوطاهنم بسبب اخلوف على حي‪-‬اهتم نتيجة نش‪-‬وب ح‪-‬رب أهلية مثالً‪ ،‬أو نتيجة ع‪-‬دوان خ‪-‬ارجي‪،‬‬
‫أو احتالل‪ ،‬أو سيطرة أجنبي‪-‬ة‪ ،‬ول‪--‬ذلك وس‪-‬عت اتفاقية‪ -‬منظمة الوح‪-‬دة األفريقية لش‪-‬ؤون الالج‪--‬ئني‬
‫لع‪--‬ام ‪ 1969‬تعريف الالجئ " ليش‪--‬مل األش‪--‬خاص ال‪--‬ذين يض‪--‬طرون إىل مغ‪--‬ادرة دولتهم األص‪--‬لية‬
‫بسبب عدوان خ‪-‬ارجي‪ ،‬أو احتالل أجن‪--‬يب‪ ،‬أو س‪--‬يطرة أجنبية أو بس‪--‬بب أح‪-‬داث تثري االض‪--‬طراب‬
‫بشكل خطري بالنظام العام يف إقليم دولة األصل كله أويف جزء منه(‪.)8‬‬

‫ويرى بعض الباحثني ضرورة توافر أربعة شروط يف الشخص حىت ميكن اعتب‪--‬اره‪ -‬الجئا من‬
‫وجهة نظر القانون‪ -‬الدويل وهي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يوجد الش ‪--‬خص خ ‪--‬ارج إقليم دولته األص ‪--‬لية‪ ،‬أو خ ‪--‬ارج إقليم دولته املعت ‪--‬ادة‪ ،‬إذا‬
‫كان من األشخاص عدميي اجلنسية‪ ،‬وهو شرط النزوح‪.‬‬

‫ثاني' 'اً‪ :‬أن يك‪-- -‬ون الش‪-- -‬خص غري ق‪-- -‬ادر على التمتع حبماية دولته األص‪-- -‬لية‪ ،‬س‪-- -‬واء الس ‪--‬تحالة‬
‫ذلك بس ‪--‬بب ح ‪--‬رب أهلية أو دولي ‪--‬ة‪ ،‬أو ل ‪--‬رفض الدولة تق ‪--‬دمي احلماية هلذا الش ‪--‬خص‪ ،‬أو ألنه غري‬
‫راغب يف التمتع هبذه احلماية؛ خلوفه من االضطهاد‪ ،‬أو تعرضه ملثل ذلك االضطهاد‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أن يكون اخلوف من االضطهاد قائماً على أسباب معقولة تربره‪.‬‬

‫رابع 'اً‪ ':‬يتعني أال يق ‪--‬وم يف مواجهة الالجئ أحد األس ‪--‬باب اليت ت ‪--‬دعو إىل إخراجه من ع ‪--‬داد‬
‫الالج ‪--‬ئني‪ ،‬وهي اليت ذكرهتا املادة األوىل من اتفاقية‪ -‬األمم املتح ‪--‬دة لش ‪--‬ؤون الالج ‪--‬ئني‪ ،‬ووص ‪--‬فتها‬
‫بأهنا أسباب خطرية‪ ،‬تدعو العتبار الشخص قد ارتكب جرمية ضد السالم‪ ،‬أو جرمية ح‪-‬رب‪ ،‬أو‬
‫جرمية ضد اإلنس ‪--‬انية‪ -،‬أو ك ‪--‬ان قد ارتكب‪ -‬جرمية غري سياس ‪--‬ية خط ‪--‬رية خ ‪--‬ارج دولة امللج ‪--‬أ‪ ،‬وقبل‬
‫قبوله فيه ‪--‬ا‪ ،‬بوص ‪--‬فه الجئا أو ك ‪--‬ان قد س ‪--‬بق إدانته بس ‪--‬بب أعم ‪--‬ال منافية أله ‪--‬داف األمم املتح ‪--‬دة‬
‫ومبادئها(‪.)9‬‬

‫ف‪--‬الالجئ السياسي ه‪--‬و‪ :‬الش‪--‬خص ال‪--‬ذي متكن من اهلرب من العسف واالض‪--‬طهاد والف‪--‬رار‬
‫من الظلم والعدوان‪ -،‬وجلأ إىل مكان آمن‪ ،‬أو إىل من يستطيع أن حيميه ويدافع عنه(‪.)10‬‬

‫فالالجئ أجنيب موجود على إقليم دولة‪ ،‬لكنه أجنيب غري ع‪--‬ادي‪ ،‬فهو أجنيب قاصر؛ ألنه ال‬
‫يتمتع حبماية أو مس ‪--‬اعدة أية حكوم ‪--‬ة‪ ،‬وغي ‪--‬اب احلماية الوطنية ينتج من رفض الس ‪--‬لطات هلؤالء‬
‫األفراد‪ ،‬أو لرفض األفراد أنفسهم ل‪-‬ذلك الس‪-‬لطات‪ ،‬ومن مث يس‪-‬تفيد الالجئ‪-‬ون‪ -‬من قواعد احلماية‬
‫املق‪--‬ررة هلم يف االتفاقي‪--‬ات‪ -‬الدولي‪--‬ة‪ ،‬باإلض‪--‬افة إىل متتعهم مبجموعة من احلق‪--‬وق اليت قررهتا الوث‪--‬ائق‬
‫الدولية‪ ،‬حبيث تضمن هلم املعاملة اإلنسانية‪ ،‬ومحايتهم من االضطهاد الذي فروا منه(‪.)11‬‬

‫المطلب الثاني'‬
‫تعريف اللجوء السياسي' في الفقه' اإلسالمي'‬

‫يرى بعض الباحثين املعاص‪--‬رين أن حق اللج‪--‬وء السياسي هو املع‪--‬روف ش‪--‬رعاً ب‪--‬اهلجرة واليت‬
‫كانت سنة األنبياء‪ -‬مع أقوامهم وأممهم‪ ،‬وممن يرى ذلك أ‪.‬د‪ .‬حممد الزحيلي حيث ع‪ّ-‬رف اللج‪-‬وء‬
‫السياسي بأن ‪-- -‬ه‪" :‬حق االنتق ‪-- -‬ال إىل بلد ال حيمل جنس ‪-- -‬يته‪ ،‬وذلك أله ‪-- -‬داف سياس ‪-- -‬ية ين ‪-- -‬ادي هبا‪،‬‬
‫ويضطهد من أجلها‪ ،‬أو يالقي العنت‪ -‬واملشقة واملضايقة بسببها"(‪.)12‬‬

‫ومما يالحظ على ه‪--‬ذا التعريف أنه قصر س‪--‬بب اللج‪--‬وء السياسي على االض‪--‬طهاد السياسي‬
‫‪-‬فق ‪- -‬ط‪ -‬وم ‪- -‬ا ينتج عنه من عنت ومش‪-- -‬قة ومض‪-- -‬ايقة‪ ،‬مع أن تعريف الق‪-- -‬انون ال‪-- -‬دويل املتق ‪--‬دم‪ -‬قد‬
‫وسع بواعث‪ -‬اللجوء السياسي‪-‬؛ لتشمل األسباب الدينية والعرقية واالجتماعية وغريه‪--‬ا‪ ،‬وقد ج‪--‬اء‬
‫(االض ‪--‬طهاد) مطلق‪- -‬اً عن أي قيد يف اإلعالن الع ‪--‬املي‪ -‬حلق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان‪ ،-‬حيث نصت املادة الرابعة‬
‫عش‪-- - -‬رة على أن‪" :‬لكل ف‪-- - -‬رد حق التم‪-- - -‬اس ملجأ يف بل‪-- - -‬دان أخ‪-- - -‬رى‪ ،‬والتمتع ب‪-- - -‬ه‪ ،‬خالص ‪- - -‬اً من‬
‫االضطهاد"(‪.)13‬‬

‫يف حني ي‪--‬رى بعض الب‪--‬احثني اآلخ‪--‬رين أن حق اللج‪--‬وء السياسي يف حقيقته هو عقد أم‪--‬ان‪،‬‬
‫حيث إن ه ‪-- - -‬ذا املص ‪-- - -‬طلح من املص ‪-- - -‬طلحات احلديثة يف الفقه السياس ‪-- - -‬ي‪ -،‬ومل يتع ‪-- - -‬رض له فقه ‪-- -‬اء‬
‫اإلس‪--‬الم عن‪--‬دما تكلم‪--‬وا عن عقد األم‪--‬ان واملست‪-‬أمن يف كتب الفقه اإلس‪--‬المي‪ -‬هبذا االس‪--‬م‪ ،‬إال إنه‬
‫ميكن أن يفهم معن ‪-- - -‬اه من الوق‪-- - -‬وف على كالمهم عن املس‪-- - -‬تأمن‪ ،‬ف‪-- - -‬اللجوء السياسي يقابل عقد‬
‫األمان يف االصطالح الفقهي(‪.)14‬‬

‫وال ‪-- - -‬ذي يظهر هو رجح ‪-- - -‬ان االجتاه الث ‪-- - -‬اين‪ ،‬حيث إن حقيقة اللج ‪-- - -‬وء ليست قاص ‪-- - -‬رة على‬
‫اهلج‪-- -‬رة‪ ،‬وإمنا اهلج‪-- -‬رة الزم من ل‪-- -‬وازم اللج‪-- -‬وء‪ ،‬ومظهر من مظ‪-- -‬اهره‪ ،‬وبن‪-- -‬اء على ه‪-- -‬ذا فالبد من‬
‫تعريف عقد األمان لغة واصطالحا‪.‬‬

‫األم''ان في اللغ''ة‪ ':‬مص‪--‬در الفعل أمن ي ‪-‬أمن أمن ‪-‬اً وأمان ‪-‬اً وأمانة وأمن ‪-‬ةً إذا اطم‪--‬أن‪ -‬ومل خيف‪،‬‬
‫فهو آمن وأمن‪ ،‬قال اخلليل‪ :‬األمنة من األمن‪ ،‬واألمان‪ :‬إعطاء األمنة‪-.‬‬
‫فاألمان عدم توقع املكروه يف الزمن اآليت‪ ،‬وأصله من طمأنينة النفس وزوال اخلوف(‪.)15‬‬

‫وأما تعريف' األم ' ''ان' في االص ' ''طالح‪ :‬فقد عرفه الفقه ‪-- -‬اء بتعريف ‪-- -‬ات عدي ‪-- -‬دة‪ ،‬من أمشلها‬
‫وأدقها‪ :‬تعريف ابن عرفة حيث قال‪:‬‬

‫"رفع اس ‪-- - -‬تباحة دم احلريب ورقِّه وماله حني قتاله أو الع ‪-- - -‬زم عليه مع اس ‪-- - -‬تقراره حتت حكم‬
‫اإلسالم مدة ما"(‪.)16‬‬

‫فعقد األم‪--‬ان‪ -‬يقتضي ت‪--‬رك القتل والقت‪--‬ال مع احلرب‪--‬يني‪ ،‬وع‪--‬دم اس‪--‬تباحة دم‪--‬ائهم وأم‪--‬واهلم‪ ،‬أو‬
‫اسرتقاقهم‪ ،‬وال‪--‬تزام الدولة اإلس‪--‬المية‪ -‬توفري األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب‪--‬يني واس‪--‬تقر حتت‬
‫حكمها مدة حمدودة(‪.)17‬‬

‫فاملستأمن ك ‪-- -‬افر ح ‪-- -‬ريب أبيح له املق ‪-- -‬ام‪ -‬ب ‪-- -‬دار اإلس ‪-- -‬الم من غري ال ‪-- -‬تزام جزية وذلك لغ ‪-- -‬رض‬
‫مش‪-- -‬روع(‪ ،)18‬كس ‪-- -‬ماع الق ‪-- -‬رآن‪ ،‬ومعرفة دع ‪-- -‬وة اإلس ‪-- -‬الم‪ -،‬أو ألداء رس ‪-- -‬الة‪ ،‬أو طلب ص‪-- -‬لح‪ ،‬أو‬
‫مهادن‪-- - -‬ة‪ ،‬أو لتج‪-- - -‬ارة‪ ،‬أو لعالج‪ ،‬أو لنحو ذلك من األغ‪-- - -‬راض املش‪-- - -‬روعة‪ ،‬اليت ال تتع‪-- - -‬ارض مع‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬وال مع مصلحة املسلمني العامة(‪.)19‬‬

‫وظ‪--‬اهر من ص‪--‬نيع الفقه‪--‬اء‪ :‬أهنم عرف‪--‬وا األم‪--‬ان‪ -‬يف حق الك‪--‬افر ال‪--‬ذي ي‪--‬رغب يف دخ‪--‬ول بالد‬
‫اإلس‪--‬الم‪ ،‬ومل يتن‪--‬اولوا جلوء املس‪--‬لم إىل البالد غري اإلس‪--‬المية يف التعري‪--‬ف‪ ،‬إال إهنم ذك‪--‬روا أحكامه‬
‫وضوابطه يف املسائل الفقهية‪ -‬املتعلقة بدخول البالد غري اإلس‪--‬المية‪ -،‬وحكم اإلقامة فيه‪--‬ا‪ ،‬وما يتبع‬
‫ذلك من آثار ولوازم‪.‬‬

‫كما ق ‪-- -‬ال احلنفي ‪-- -‬ة‪" :‬املس ‪-- -‬تأمن هو من ي ‪-- -‬دخل دار غ ‪-- -‬ريه بأم ‪-- -‬ان‪ -،‬مس ‪-- -‬لماً ك ‪-- -‬ان أم حربي ‪- -‬اً‪،‬‬
‫واملقص ‪-- - - - -‬ود ب ‪-- - - - -‬دار غ ‪-- - - - -‬ريه‪ :‬اإلقليم املختص بقهر ملك ‪-‬إس ‪-- - - - -‬الم أو كف ‪-- - - - -‬ر‪ -‬ال ما يش ‪-- - - - -‬مل دار‬
‫السكىن"(‪.)20‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الدولي‬
‫من حيث تحديد اللجوء السياسي‬
‫تض‪--‬منت التش‪-‬ريعات الدولية احلديثة بي‪--‬ان حقيقة اللج‪-‬وء السياس‪--‬ي‪ ،‬وحتديد وصف الالجئ‬
‫السياس ‪--‬ي‪ ،‬وما يتبع ذلك من حق ‪--‬وق وواجب ‪--‬ات ومحاية دولية تض ‪--‬من ع ‪--‬دم تع ‪--‬رض الالجئ ملا فر‬
‫منه من االضطهاد‪ ،‬كما سيأيت تفصيل ذلك يف املباحث التالية‪.‬‬

‫وقد تق‪-- - - - -‬دم بي‪-- - - - -‬ان موقف الفقه اإلس‪-- - - - -‬المي من حقيقة اللج‪-- - - - -‬وء‪ ،‬من حيث ال‪-- - - - -‬تزام الدولة‬
‫اإلس‪--‬المية هتيئة األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب‪--‬يني‪ ،‬واس‪--‬تقر حتت حكمها م‪--‬دة حمدودة‪ ،‬مما‬
‫يقتضي ترك القتلى والقتال‪ ،‬وعدم استباحة دمائهم وأمواهلم‪ ،‬أو اسرتقاقهم‪.‬‬

‫ومن خالل الع‪-‬رض الس‪-‬ابق ملوقف الق‪-‬انون‪ -‬ال‪-‬دويل‪ ،‬واالطالع‪ -‬على أحك‪-‬ام األم‪-‬ان يف الفقه‬
‫اإلس ‪--‬المي‪ ،‬يتضح أن الفقه اإلس ‪--‬المي ك ‪--‬ان أوسع جماالً من الق ‪--‬انون ال ‪--‬دويل‪ ،‬حيث أوجب منح‬
‫الكافر األم‪--‬ان (حق اللج‪--‬وء) مبج‪-‬رد طلب‪--‬ه‪ ،‬بغض النظر عن الس‪--‬بب ال‪--‬ذي محله على ذل‪--‬ك‪ ،‬ما دام‬
‫الس‪--‬بب‪ -‬مش‪--‬روعاً كما ق‪--‬ال إلكيا اله‪--‬راس‪ ..." :‬واألم‪--‬ان‪ -‬ال‪--‬ذي تعارفه الفقه‪--‬اء أن ي‪--‬ؤمن ك‪--‬افراً ال‬
‫يبغي به مساع كالم اهلل تعاىل‪ ،‬حىت إذا استمع أبلغه مأمن‪--‬ه‪ ،‬بل يبغي به أمانه حىت يتج‪-‬ر ويتس‪--‬وق‪-‬‬
‫ويقيم عندنا مدة لغرض هلذا املسلم‪ ،‬وذلك ليس ما حنن فيه بسبيل"(‪.)21‬‬

‫وال شك أن التنصيص يف اآلية الكرمية على األم‪--‬ان لس‪--‬ماع الق‪--‬رآن الك‪--‬رمي ومعرفة التوحيد‬
‫ال ين‪--‬ايف األم‪--‬ان ألغ‪--‬راض أخ‪--‬رى‪ ،‬ألن الع‪--‬ربة بعم‪--‬وم اللف‪--‬ظ‪ ،‬ال خبص‪--‬وص الس‪--‬بب‪)22(-‬؛ وهلذا نص‬
‫كثري من املفسرين على أن اآلية تتناول بعمومها منح األمان ألغراض أخرى مشروعة(‪.)23‬‬

‫وك ‪-- -‬ذلك مل مينع الفقه اإلس ‪-- -‬المي‪ -‬من جلوء املس ‪-- -‬لم إىل دي ‪-- -‬ار غري املس ‪-- -‬لمني عند الض‪-- -‬رورة‬
‫واحلاجة امللحة‪ ،‬على تفصيل كما سيأيت‪ ،‬وخلصه ابن ح‪--‬زم بقول‪--‬ه‪" :‬وأما من فر إىل أرض احلرب‬
‫لظلم خافه ومل حيارب املس‪-- - - -‬لمني وال أع‪-- - - -‬اهنم عليهم‪ ،‬ومل جيد يف املس‪-- - - -‬لمني من جيريه‪ ،‬فه‪-- - -‬ذا ال‬
‫شيء عليه؛ ألنه مضطر مكره"(‪.)24‬‬

‫فظ‪--‬اهر من ه‪--‬ذا‪ :‬أن الفقه اإلس‪--‬المي يع‪--‬اجل اللج‪--‬وء السياسي بنوعيه‪- -‬من الناحية الفقهي‪--‬ة‪-‬‬
‫جلوء الك‪-- - - -‬افر إىل بالد املس‪- - - -‬لمني‪ ،‬وجلوء املس‪-- - - -‬لم إىل بالد غري املس‪-- - - -‬لمني‪ ،‬وحيدد ض‪-- - - -‬وابط ذلك‬
‫وآث‪-- -‬اره‪ ،‬مما يؤكد رعاية الفقه اإلس‪-- - -‬المي هلذا اجلانب املهم من احلي‪-- - -‬اة اإلنس‪-- - -‬انية‪ -‬ال‪-- - -‬ذي قد متليه‬
‫بعض الظ ‪--‬روف الطارئة على بعض األف ‪--‬راد والش ‪--‬عوب‪ ،‬حتقيقا ملقصد عظيم من مقاصد الش ‪--‬ريعة‬
‫اإلس ‪--‬المية وهو حتقيق األمن واألم ‪--‬ان لألف ‪--‬راد واجملتمع ‪--‬ات‪ ،‬كما ق ‪--‬ال عز وج ‪--‬ل‪ -‬ممتن‪- -‬اً على أهل‬
‫'وع وآمَنهم ِّمن َخ''و ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف)(‪ ،)25‬وق ‪--‬ال‬ ‫ب َه' َذا الَْب ْيت* الَّذي أَط َْع َم ُهم ِّمن ُج' ٍ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫مك ‪--‬ة‪َ ( -‬فلَْي ْعبُ ' ُدوا َر َّ‬
‫ف النَّاس ِمن ح''ولِ ِهم أَفَبِالْب ِ‬
‫اط' ِ'ل ُي ْؤ ِمنُ''و َن‬ ‫عز وج ‪--‬ل‪( :‬أَولَم ي''روا أَنَّا جعلْنا حرم 'اً' ِ‬
‫آمن 'اً َو ُيتَ َخطَّ ُ‬
‫ُ ْ َْ ْ َ‬ ‫ََ َ ََ‬ ‫َ ْ ََْ‬
‫َوبِنِ ْع َم' ِ'ة اللَّ ِه يَ ْك ُف' ُ'رو َ'ن)(‪ ،)26‬وقد ش‪--‬رع اهلل تع‪--‬اىل العقوب‪--‬ات واألمر ب‪--‬املعروف والنهي‪ -‬عن املنكر؛‬
‫محاية ألمن اجملتمعات من الداخل من غائلة املعتدين‪ ،‬ومن شرور املفسدين‪ ،‬وشرع اهلل عز وجل‬
‫اجلهاد؛ حلماية الدولة املسلمة من الشرور اخلارجي‪-‬ة‪ ،‬ومن اعت‪-‬داء الكف‪-‬ار عليه‪-‬ا‪ ،‬كما ق‪-‬ال تع‪-‬اىل‪:‬‬
‫ِّين لِلّ ِه)(‪.)27‬‬ ‫ِ‬
‫( َوقَاتِلُ ُ‬
‫وه ْم َحتَّى الَ تَ ُكو َن ف ْتنَةٌ َويَ ُكو َن الد ُ‬
‫الفصل الثاني‬
‫حكم اللجوء السياسي وضوابطه‬
‫يتناول هذا الفصل بيان حكم اللج‪--‬وء السياسي يف كل من الق‪-‬انون‪ -‬ال‪-‬دويل ‪-‬ممثال ب‪--‬املواثيق‬
‫الدولي ‪--‬ة‪ ،‬واإلعالن الع ‪--‬املي حلق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان‪ )28(-‬وأيض ‪-‬اً يف الفقه اإلس ‪--‬المي من خالل النص ‪--‬وص‬
‫الشرعية‪ ،‬والقواعد الكلية‪ ،‬واجتهادات فقهاء املسلمني‪ ،‬مع ذكر ض‪--‬وابط اللج‪--‬وء السياسي‪ -‬ل‪--‬دى‬
‫االجتاهني‪ ،‬وعقد مقارنة بينهما؛ لبيان أوجه االلتقاء واالفرتاق‪ -،‬وذلك يف املباحث التالية‪-:‬‬

‫المبحث األول‬
‫حكم اللجوء السياسي في القانون‬
‫الدولي وضوابطه‬
‫ذكر فقه‪--‬اء الق‪--‬انون ال‪--‬دويل حكم اللج‪--‬وء السياسي من حيث بي‪--‬ان حكم طلب ه‪--‬ذا احلق‪،‬‬
‫وشروط املستحق له‪ ،‬وكذلك من حيث حكم منح هذا احلق واجلهة املاحنة‪ ،‬ومدى إل‪--‬زام ال‪--‬دول‬
‫هبذا احلكم‪ ،‬وما يرتتب‪ -‬على ذلك من واجبات‪ ،‬وذلك يف املطالب التالية‪:‬‬

‫المطلب األول'‬

‫حكم‪ '،‬اللجوء السياسي في القانون الدولي'‬

‫يتناول هذا املطلب حكم اللجوء السياسي يف القانون الدويل من جهتني‪:‬‬

‫‪ -‬اجلهة األوىل‪ :‬حكم طلب اللجوء السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬اجلهة الثانية‪ :‬حكم منح اللجوء السياسي‪.‬‬

‫أما الجهة األولى'‪ :‬ف ‪--‬إن كث ‪--‬رياً من العه ‪--‬ود واملواثيق الدولي ‪--‬ة‪ ،‬وكث ‪--‬رياً من الدس ‪--‬اتري الوطنية‬
‫تنص على حق الف‪--‬رد يف طلب اللج‪--‬وء السياس‪--‬ي‪ ،‬باعتب‪--‬اره حق ‪ً-‬ا من احلق‪--‬وق األساس‪--‬ية لإلنس‪--‬ان‪،‬‬
‫اليت تنظمها وترعاها جهات دولية كثرية‪.‬‬

‫فحق الف‪--‬رد يف احلي‪--‬اة واحلرية واألم‪--‬ان‪ ،‬وحقه يف ع‪--‬دم التع‪--‬رض للتع‪--‬ذيب أو املعاملة القاس‪--‬ية‪-‬‬
‫املهين ‪--‬ة‪ -،‬وحقه يف ع ‪--‬دم التع ‪--‬رض لالحتج ‪--‬از أو االعتق ‪--‬ال أو النفي على وجه التعس ‪--‬ف‪ ،‬وحقه يف‬
‫التمتع جبنسية ما‪ ،‬وحقه يف التماس ملجأ يف بلدان أخرى والتمتع به خالصاً من االضطهاد‪ ،‬من‬
‫احلقوق ذات األمهية الكربى يف القانون‪ -‬الدويل‪.‬‬

‫فقد ج‪--‬اء يف ديباجة اإلعالن الع‪--‬املي‪ -‬حلق‪--‬وق اإلنس‪--‬ان‪ -‬املعتمد واملنش‪--‬ور‪ -‬ع‪--‬ام ‪1948‬م‪" :‬إن‬
‫اجلمعية العامة تنشر على املأل ه ‪--‬ذا اإلعالن‪ -‬حلق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان‪ -‬بوص ‪--‬فه املثل األعلى املش ‪--‬رتك‪ -‬ال ‪--‬ذي‬
‫ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم‪ ،‬كيما يسعى مجيع أف‪-‬راد اجملتمع وهيئاته‪ -‬واض‪--‬عني ه‪--‬ذا‬
‫اإلعالن‪ -‬نصب أعينهم على ال‪--‬دوام‪ ،‬ومن خالل التعليم والرتبي‪--‬ة‪ -،‬إىل توطيد اح‪--‬رتام ه‪--‬ذه احلق‪--‬وق‬
‫واحلري‪--‬ات‪ ،‬وكيما يكفل‪--‬وا بالت‪--‬دابري املط‪--‬ردة ‪-‬الوطنية والدولي‪--‬ة‪ -‬االع‪--‬رتاف‪ -‬الع‪--‬املي هبا‪ ،‬ومراعاهتا‬
‫الفعلية فيما بني شعوب الدول األعضاء ذاهتا‪ ،‬وفيما بني شعوب األق‪--‬اليم املوض‪--‬وعة حتت واليتها‬
‫على السواء"(‪.)29‬‬

‫فه‪--‬ذه املقدمة ت‪--‬بني ض‪--‬رورة االل‪--‬تزام مبواد وفق‪--‬رات ه‪--‬ذا اإلعالن‪ -‬ال‪--‬دويل‪ ،‬وقد ج‪--‬اء يف املادة‬
‫الرابعة عش‪--‬رة يف الفق‪--‬رة األوىل من‪--‬ه‪" :‬لكل ف‪--‬رد حق التم‪--‬اس ملجأ يف بل‪--‬دان أخ‪--‬رى‪ ،‬والتمتع ب‪--‬ه‪،‬‬
‫خالصاً من االضطهاد "‪.‬‬

‫كما جاء يف االتفاقية‪ -‬األمريكية حلق‪--‬وق اإلنس‪--‬ان‪ -‬يف املادة الثانية والعش‪--‬رين الفق‪--‬رة الس‪--‬ابعة‪:‬‬
‫"لكل شخص احلق يف أن يطلب ومينح ملجأ يف قطر أجنيب‪ ،‬وفقاً لتشريعات الدولة واالتفاقي‪-‬ات‪-‬‬
‫الدولية"(‪.)30‬‬

‫ونصت‪ -‬املادة الثانية‪ -‬عش ‪--‬رة الفق ‪--‬رة الثالثة من امليث ‪--‬اق األف ‪--‬ريقي حلق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان على‪" :‬أن‬
‫لكل ش‪-- - -‬خص احلق عند اض‪-- - -‬طهاده يف أن يس‪-- - -‬عى وحيصل على ملجأ يف أي دولة أجنبية؛ طبق‪- - -‬اً‬
‫لقانون كل بلد‪ ،‬ولالتفاقيات الدولية"(‪.)31‬‬

‫كما جاء يف املادة التاسعة من العهد الدويل اخلاص باحلقوق املدنية‪ -‬والسياسية الص‪--‬ادر ع‪--‬ام‬
‫‪ 1966‬الفقرة األوىل‪" :‬لكل فرد حق يف احلرية‪ ،‬ويف األمان‪ -‬على شخصه"‪.‬‬

‫وبينت‪ -‬املذكرة اليت ق‪--‬دمها املف‪--‬وض‪ -‬الس‪--‬امي لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني ع‪--‬ام ‪1988‬م أن حق الف‪--‬رد‬
‫يف التم ‪--‬اس ملجأ يف بل ‪--‬دان أخ ‪--‬رى والتمتع به خالص‪- -‬اً من االض ‪--‬طهاد من بني احلق ‪--‬وق األساس ‪--‬ية‬
‫السيما يف حاالت الالجئني‪.‬‬

‫وأك‪--‬دت املادة السادسة عش‪--‬رة من مش‪--‬روع امليث‪--‬اق‪ -‬الع‪--‬ريب حلق‪--‬وق اإلنس‪--‬ان‪ -‬على أن‪" :‬لكل‬
‫مواطن احلق يف طلب اللجوء السياسي‪ -‬إىل بالد أخرى؛ هرباً من االضطهاد"‪.‬‬

‫وتن ‪--‬اول إعالن الق ‪--‬اهرة ح ‪--‬ول حق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان‪ -‬الص ‪--‬ادر عن منظمة املؤمتر اإلس ‪--‬المي‪ -‬ع ‪--‬ام‬
‫‪1990‬م يف املادة الثانية‪ -‬عشرة أن لكل إنسان ‪-‬إذا اضطهد‪ -‬حق اللجوء إىل بلد آخر(‪.)32‬‬

‫فمن خالل العرض املوجز يتبني أن طلب اللجوء السياسي‪ -‬حق كفلته التشريعات الدولية‪،‬‬
‫وحثت علي‪--‬ه‪ ،‬ودافعت عن‪--‬ه‪ ،‬وقد تض‪--‬افرت اجله‪--‬ود الدولية على تقرير ه‪--‬ذا احلق‪ ،‬والتأكيد علي‪--‬ه‪،‬‬
‫ومحايت‪-- -‬ه‪ ،‬من خالل إنش‪-- -‬اء املفوضة الس‪-- -‬امية لش‪-- -‬ؤون الالج‪-- -‬ئني‪ ،‬وتنظيم كيفية املطالبة وش‪-- -‬روط‬
‫املط‪-- - - -‬البني ومن يس ‪-- - - -‬تحق ه ‪-- - - -‬ذا الوصف؛ ليتمتع باآلث ‪-- - - -‬ار املرتتبة على اكتس ‪-- - - -‬اب وصف الالجئ‬
‫السياسي‪.‬‬

‫أما الجهة الثانية‪ '،‬وهي حكم منح اللجوء للسياسي‪:‬‬

‫ال خيفى أنه خالل الق ‪-- -‬رن العش ‪-- -‬رين ظل اجملتمع ال ‪-- -‬دويل جيمع بص ‪-- -‬ورة مط ‪-- -‬ردة جمموعة من‬
‫املبادئ التوجيهية‪ -‬والقوانني واالتفاقيات‪ -‬اليت تستهدف محاية حق‪--‬وق اإلنس‪--‬ان‪ -‬األساس‪--‬ية‪ ،‬ومعاملة‬
‫ع‪-‬دد متزايد من األش‪--‬خاص أج‪--‬ربوا على الف‪-‬رار من أوط‪-‬اهنم بس‪--‬بب اخلوف من التع‪--‬رض ألش‪-‬كال‬
‫خمتلفة من االضطهاد وهم الالجئون‪.‬‬
‫وقد بلغت ه ‪-- - -‬ذه العملية اليت ب ‪-- - -‬دأت يف عهد عص ‪-- - -‬بة األمم املتح ‪-- - -‬دة ع ‪-- - -‬ام ‪ 1921‬ذروهتا‬
‫باعتماد اتفاقية عام ‪ 1951‬اخلاصة بوضع الالجئني وبروتوكوهلا الذي تالها يف عام ‪.1967‬‬

‫وىف ال‪--‬وقت احلاضر بلغ ع‪--‬دد البل‪--‬دان اليت ص‪--‬دقت على ه‪--‬ذه االتفاقية ‪ 133‬بل‪--‬داً‪ ،‬وانضم‬
‫ع ‪--‬دد مماثل إىل ال ‪--‬ربوتوكول‪ -،‬وه ‪--‬ذا الع ‪--‬دد ليس كافي‪- -‬اً عند املقارنة بع ‪--‬دد األط ‪--‬راف يف اتفاقي ‪--‬ات‬
‫ج ‪--‬نيف ع‪-- -‬ام ‪ ،1949‬حيث بلغ ‪ 188‬دول‪-- -‬ة‪ ،‬وع‪-- -‬دد ال‪-- -‬دول اليت وقعت اتفاقية‪ -‬حق‪-- -‬وق الطفل‬
‫حيث بلغ ‪ 192‬دولة‪.‬‬

‫وبغية العمل على معاجلة ه‪--‬ذه األزمة املتزاي‪--‬دة‪ -‬بص‪--‬ورة فعال‪--‬ة‪ ،‬تعتقد مفوض‪--‬ية األمم املتح‪--‬دة‬
‫لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني أنه ب‪--‬ات من الض‪--‬روري توس‪--‬يع قاع‪--‬دة ال‪--‬دعم احلك‪--‬ومي‪ -‬هلذه الص‪--‬كوك اخلاصة‬
‫ب‪-- -‬الالجئني‪ ،‬مما يض ‪-- -‬من أن تك ‪-- -‬ون‪ -‬احلماية املقدمة لالج ‪-- -‬ئني أك ‪-- -‬ثر مشوالً وعاملية يف نطاقه‪-- -‬ا‪ ،‬وأن‬
‫تك‪--‬ون‪ -‬األعب‪--‬اء واملس‪--‬ؤوليات امللق‪--‬اة على ع‪--‬اتق احلكوم‪--‬ات موزعة توزيعا ع‪--‬ادال‪ ،‬ومطبقة بص‪--‬ورة‬
‫متناسقة‪.‬‬

‫ويكمل دور مفوض ‪-- -‬ية األمم املتح ‪-- -‬دة لش‪-- -‬ؤون الالج ‪-- -‬ئني ال ‪-- -‬دور ال‪-- -‬ذي تنهض به ال‪-- -‬دول‪،‬‬
‫وتسهم يف توفري احلماية لالجئني عن طريق‪:‬‬

‫الدعوة إىل االنضمام إىل االتفاقيات‪ -‬والقوانني اخلاصة بالالجئني وتنفيذها‪-.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ضمان أن يعامل الالجئون وفقاً ملعايري القانون‪ -‬املعرتف هبا دولياً‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ضمان أن مينح الالجئون اللجوء‪ ،‬وأال يعادوا قسراً إىل البلدان اليت فروا منها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ت ‪--‬رويج اإلج ‪--‬راءات املناس ‪--‬بة لتقرير ما إذا ك ‪--‬ان ش ‪--‬خص ما يعترب الجئا أم ال‪ ،‬وفق ‪-‬اً‬ ‫‪-4‬‬
‫للتعريف ال ‪-- -‬وارد يف اتفاقية‪ -‬ع ‪-- -‬ام ‪ 1951‬و وفق‪- - -‬اً للتعريف ‪-- -‬ات األخ ‪-- -‬رى ال ‪-- -‬واردة يف‬
‫االتفاقيات‪ -‬اإلقليمية‪.‬‬

‫التماس حلول دائمة ملشكالت الالجئني(‪.)33‬‬ ‫‪-5‬‬


‫وتُع ‪-ُّ -‬د اتفاقية‪ -‬الالج ‪--‬ئني مهم ‪--‬ة‪ ،‬ألهنا ك ‪--‬انت أول اتف ‪--‬اق دويل يغطى الن ‪--‬واحي‪ -‬البالغة األمهية‬
‫من حي ‪--‬اة الالجئ‪ ،‬وقد أك ‪--‬دت االتفاقية أن الالج ‪--‬ئني يس ‪--‬تحقون كحد أدىن نفس مع ‪--‬ايري املعاملة‬
‫اليت يتمتع هبا املواطن‪-- -‬ون‪ -‬األج‪-- -‬انب اآلخ‪-- -‬رون يف أي بل‪-- -‬د‪ ،‬وىف ح‪-- -‬االت كث‪-- -‬رية نفس املعاملة اليت‬
‫يتمتع هبا املواطنون‪-.‬‬

‫ويُع ‪-ُّ -‬د ه ‪--‬ذا اعرتافا‪ -‬بالنط ‪--‬اق ال ‪--‬دويل ملش ‪--‬كلة الالج ‪--‬ئني‪ ،‬وأمهية املش ‪--‬اركة يف حتمل األعب ‪--‬اء‪،‬‬
‫حملاولة حل هذه األزمة‪ ،‬كما أهنا تساعد ‪-‬أيضاً‪ -‬على تعزيز التضامن والتعاون‪ -‬الدوليني‪.‬‬

‫وهنا ي' ''رد س' ''ؤال وه' ''و‪ :‬هل يطلب إلى بلد ينضم إلى ه' ''ذه االتفاقية أن يمنح لج' ''وءا‬
‫دائماً إلى جميع الالجئين؟‬

‫وي‪-- - -‬أيت اجلواب بأنه س‪-- - -‬وف تك‪-- - -‬ون هن‪-- - -‬اك ح‪-- - -‬االت يبقى‪ -‬فيها الالجئ‪-- - -‬ون بص‪-- - -‬ورة دائم ‪-- -‬ة‪،‬‬
‫وين ‪--‬دجمون‪ -‬في بلد جلوئهم‪ ،‬بيد أن احلماية اليت تق ‪--‬دم مبوجب ه ‪--‬ذه االتفاقية‪ -‬ليست دائمة بص ‪--‬ورة‬
‫تلقائي‪--‬ة‪ ،‬فقد ت ‪--‬زول ص‪--‬فة الالجئ عن أي ش‪--‬خص عند زوال األس‪--‬باب اليت أدت إىل منحه وضع‬
‫الالجئ‪ ،‬وىف حالة األع ‪--‬داد الض ‪--‬خمة الواف ‪--‬دة من الالج ‪--‬ئني‪ ،‬تك ‪--‬ون اإلع ‪--‬ادة الطوعية إىل ال ‪--‬وطن‬
‫بطبيعة احلال هي احلل املفضل عندما تسمح بذلك الظروف يف بلد املنشأ‪.‬‬

‫لماذا يعتبر االنضمام إلى االتفاقية' وبروتوكولها أمراً مهماً؟‬

‫يعد االنضمام مهماً لألسباب التالية‪-:‬‬

‫إنه ي‪-- -‬بني م‪-- -‬دى ال‪-- -‬تزام بلد ما مبعاملة الالج‪-- -‬ئني وفق‪- -‬اً للمع‪-- -‬ايري القانونية واإلنس‪-- -‬انية‪-‬‬ ‫‪-1‬‬
‫املعرتف هبا دولياً‪.‬‬

‫إنه حيسن فرص الالجئني يف الوصول إىل بر األمان‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إنه يس‪-- - -‬اعد يف تف‪-- - -‬ادي ح‪-- - -‬دوث أي احتك‪-- - -‬اك بني ال‪-- - -‬دول بش ‪- - -‬أن املس‪-- - -‬ائل املتعلقة‬ ‫‪-3‬‬
‫ب‪-- - - - -‬الالجئني‪ ،‬فلو أق‪- - - - -‬دم بلد بعينه من البل‪-- - - - -‬دان املوقعة على االتفاقية فعالً على منح‬
‫اللجوء‪ ،‬فإن بلد املنشأ‪ -‬اخلاص بالالجئني س‪--‬يفهم ه‪--‬ذا العمل على أنه عمل س‪--‬لمي‪،‬‬
‫وإنساين‪ ،‬وقانوين‪ ،‬وليس بادرة عدوانية‪-.‬‬

‫إنه يظهر استعداد بلد ما للمشاركة يف حتمل مسؤولية محاية الالجئني‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫إنه يس‪-‬اعد مفوض‪-‬ية األمم املتح‪-‬دة لش‪-‬ؤون الالج‪-‬ئني يف تعبئة ال‪-‬دعم وت‪-‬أمني احلماية‬ ‫‪-5‬‬
‫الدوليني لالجئني(‪.)34‬‬

‫ومن خالل الع‪-- -‬رض الس‪-- -‬ابق يتضح أن محاية الالج‪-- -‬ئني هي املس‪-- -‬ؤولية‪ -‬األساس‪-- -‬ية‪ -‬لل ‪-- -‬دول‪،‬‬
‫والبلدان املوقعة على اتفاقية ‪ 1951‬ملزمة حبماية الالجئني املقيمني يف أراض‪--‬يها حسب الش‪--‬روط‬
‫احملددة يف ه‪-- - - - -‬ذه الوثيق‪-- - - - -‬ة‪ -،‬ومن مث ف‪-- - - - -‬إن مجيع ال‪-- - - - -‬دول ‪-‬مبا فيها تلك ال‪-- - - - -‬دول اليت مل توقع على‬
‫االتفاقية‪ -‬ملزمة ب‪-‬أن متتثل للمع‪--‬ايري األساس‪--‬ية حلماية الالج‪--‬ئني‪ ،‬اليت تُع‪-ُّ -‬د يف ال‪--‬وقت احلاضر ج‪--‬زءاً‬
‫من القانون الدويل العام‪.‬‬

‫فال جيوز ‪-‬على س‪-- - - -‬بيل املث‪-- - - -‬ال‪ -‬أن يع‪-- - - -‬اد أي الجئ إىل إقليم تك‪-- - - -‬ون فيه حياته أو حريته‬
‫معرضة للتهديد وفي الواق ‪--‬ع‪ ،‬ف ‪--‬إن ذلك يعني أنه ال جيوز حرم ‪--‬ان أي الجئ من ال ‪--‬دخول إىل بلد‬
‫ما يلتمس فيه احلماية ضد االضطهاد‪.‬‬

‫وميكن الق‪--‬ول‪ :‬ب‪--‬أن منح حق اللج‪--‬وء السياسي مل‪--‬زم لل‪--‬دول عموم ‪-‬اً‪ ،‬الس‪--‬يما املنض‪--‬مة‪ -‬هلذه‬
‫االتفاقية‪ ،‬مع مراعاة حتديد تعريف الالجئ والشروط الواجب توافرها فيه؛ ليستحق حق اللج‪--‬وء‬
‫يف تلك الدولة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة (‪ )32‬الفق‪-‬رة (‪ )1‬ونص‪-‬ها‪" :‬متتنع ال‪-‬دول املتعاق‪-‬دة عن‬
‫ط ‪--‬رد الالجئ املوج ‪--‬ود بص ‪--‬ورة ش ‪--‬رعية على أرض ‪--‬ها‪ ،‬إال ألس ‪--‬باب تتعلق ب ‪--‬األمن الوطين أو النظ ‪--‬ام‬
‫العام"‪.‬‬

‫ويف الفق‪-- -‬رة (‪" - - :)2‬ال يتم ط‪-- -‬رد مثل ه‪-- -‬ذا الالجئ إال تنفي‪-- -‬ذاً‪ -‬لق‪-- -‬رار متخذ وفق ‪- -‬اً لألص ‪--‬ول‬
‫القانونية‪." -‬‬
‫ويف املادة (‪" :)33‬حيظر على ال‪--‬دول املتعاق‪--‬دة ط‪--‬رد أو رد الالجئ ب‪--‬أي ص‪--‬ورة إىل احلدود‬
‫أو األقاليم حيث حياته أو حريته مهددتان(‪.)35‬‬

‫ونظ‪--‬راً لألمهية القص‪--‬وى هلذا املب‪--‬دأ ‪-‬وهو ع‪--‬دم ج‪--‬واز إع‪--‬ادة الالجئ إىل دولة االض‪--‬طهاد‪-‬‬
‫يف جمال محاية الالجئ‪ ،‬فإنه ال جيوز للدول األطراف يف هذه االتفاقية أن تورد أية حتفظ‪--‬ات على‬
‫نص املادة (‪ )33‬السابقة‪ ،‬وهو ما نصت عليه املادة (‪ )42‬من االتفاقية ذاهتا‪.‬‬

‫وهنا ي' ''رد س' ''ؤال‪ :‬ما هي الطبيعة القانونية له' ''ذا' المب' ''دأ؟ هل يعد ه' ''ذا المب' ''دأ قاع' ''دة‬
‫قانونية اتفاقية‪ '،‬أم قاعدة قانونية عرفية؟ أم باعتباره من المبادئ العامة للقانون الدولي؟‬

‫والجواب‪ :‬أن هذا املبدأ ملزم وواجب االح‪--‬رتام بالنس‪--‬بة لل‪--‬دول املنض‪--‬مة‪ -‬التفاقية ‪1951‬م‬
‫لشؤون الالجئني وبروتوكول ‪ ،1967‬أما ال‪-‬دول اليت مل تنضم هلذه االتفاقية فقد اختلف فقه‪-‬اء‬
‫القانون يف إلزامية هذا املبدأ إىل فريقني‪:‬‬

‫الفريق األول وهو قل ‪-‬ة من الفقه‪--‬اء‪ :‬ي‪--‬رى أن مب‪--‬دأ ع‪--‬دم ج‪--‬واز اإلع‪--‬ادة إىل دولة االض‪--‬طهاد‬
‫يلزم الدول اليت هي أطراف يف االتفاقيات‪ -‬الدولية اليت تقرره فقط‪.‬‬

‫أما الفريق الث‪--‬اين وهو ال‪--‬رأي الغ‪--‬الب يف الفقه ال‪--‬دويل‪ :‬في‪--‬ذهب إىل أن ه‪--‬ذا املب‪--‬دأ قد أص‪--‬بح‬
‫يف الس‪--‬نوات األخ‪--‬رية قاع‪--‬دة قانونية دولية ملزم‪--‬ة‪ ،‬س‪--‬واء باعتب‪--‬اره قاع‪--‬دة قانونية عرفية أو باعتب‪--‬اره‬
‫مبدأ من املبادئ العامة للقانون‪ -‬اليت أقرته األمم املتمدينة‪ ،‬ومن مث فهو ملزم جلميع ال‪--‬دول‪ ،‬ولو مل‬
‫تكن أطرافاً يف املعاهدات‪ -‬الدولية اليت أقرته‪.‬‬

‫ويستند هذا الفريق من فقهاء القانون إىل حجج منها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن الوثائق الدولية اخلاصة بالالجئني اطردت على النص على مب‪-‬دأ ع‪-‬دم ج‪-‬واز إع‪-‬ادة‬
‫الالجئ إىل دولة االض‪--‬طهاد من الثالثيني‪--‬ات من الق‪--‬رن العش‪--‬رين‪ ،‬ومن ه‪--‬ذه الوث‪--‬ائق‪ :‬ما هو مل‪--‬زم‬
‫لغالبية أعضاء األمم املتحدة‪ ،‬كاتفاقية شؤون الالجئني لعام ‪1951‬م‪.‬‬
‫ثانياً‪ ':‬أن مبدأ عدم جواز إعادة الالجئ قد نصت عليه التشريعات الداخلية‪ ،‬كما تأخذ به‬
‫احملاكم يف كثري من الدول‪.‬‬

‫ثالث'اً‪ ':‬أن ال‪--‬دول جتري يف الغ‪--‬الب على اح‪--‬رتام ه‪--‬ذا املب‪--‬دأ يف املمارس‪--‬ات العملي‪--‬ة‪ ،‬وحىت يف‬
‫احلاالت القليلة اليت حدث فيها خروج عن مقتضى هذا املبدأ لوحظ أن الدول تربر هذا املسلك‬
‫عن طريق اإلعالن‪ -‬ب‪--‬أن األج‪--‬انب ال‪--‬ذين مشلتهم إج‪--‬راءات الط‪--‬رد أو الإبع‪--‬اد ليس‪--‬وا من الالج‪--‬ئني‪،‬‬
‫وبذلك فهي تعرتف بطريقة ضمنية باحرتام مبدأ عدم اإلعادة إىل دولة االضطهاد‪.‬‬

‫وهبذا يظهر أن ه ‪--‬ذا املب ‪--‬دأ قد ص ‪--‬ار مب ‪--‬دأ قانوني‪- -‬اً ملزم‪- -‬اً لكافة ال ‪--‬دول األعض ‪--‬اء يف اجملتمع‬
‫الدويل‪ ،‬على أساس اعتب‪-‬ار أن ذلك املب‪-‬دأ قاع‪-‬دة قانونية عرفية أو مب‪-‬دأ من املب‪-‬ادئ العامة للق‪-‬انون‬
‫اليت أقرهتا األمم املتمدينة(‪.)36‬‬

‫المطلب الثاني'‬

‫ضوابط اللجوء السياسي' في القانون الدولي‬

‫احلماية الدولية ال متنح إال لألش‪-- - - -‬خاص ال‪-- - - -‬ذين يس‪-- - - -‬توفون املع‪-- - - -‬ايري اخلاصة بوضع الالجئ‪،‬‬
‫وهن‪--‬اك‪ -‬فئ‪--‬ات معينة يرت‪-‬أى أهنا ال تس‪--‬تحق ه‪--‬ذه املس‪--‬اعدة‪ -،‬وه‪--‬ذا ما أكدته الفق‪--‬رة (ج) من اتفاقية‪-‬‬
‫‪ 1951‬حيث نصت على ما يلي‪:‬‬

‫"يتوقف مفعول هذه االتفاقية حبق أي شخص تنطبق عليه أحكام النبذة (أ) يف حال‪:‬‬

‫‪ -1‬تذرعه الطوعي‪ -‬حبماية الدولة اليت حيمل جنسيتها‪.‬‬

‫‪ -2‬أو استعادته الطوعية جلنسيته اليت كان قد فقدها‪.‬‬

‫‪ -3‬أو اكتساب جنسية جديدة‪ ،‬ومتتعه حبماية بلد جنسيته اجلديدة‪.‬‬

‫‪ -4‬أو إذا ع‪-- - -‬اد طوع‪- - - -‬اً ليقيم يف البلد ال‪-- - - -‬ذي ترك‪-- - -‬ه‪ ،‬أو ال‪-- - -‬ذي أق‪-- - - -‬ام خارجه خش‪-- - -‬ية‬
‫االضطهاد‪.‬‬

‫‪ -5‬أو إذا أص‪-- - -‬بح متع‪-- - -‬ذراً عليه االس‪-- - -‬تمرار يف رفض محاية البلد ال‪-- - -‬ذي حيمل جنس‪-- -‬يته‬
‫الجئا"‪.‬‬
‫بسبب زوال األسباب اليت أدت إىل اعتباره‪ً -‬‬

‫وج‪--‬اء يف الفق‪--‬رة (و)‪" :‬ال تس‪--‬ري ه‪--‬ذه االتفاقية‪ -‬مع أي ش‪--‬خص توجد حبقه أس‪--‬باب جدية‬
‫تدعو إىل اعتبار أنه‪:‬‬

‫‪ -1‬اق ‪-- -‬رتف جرمية حبق الس ‪-- -‬الم‪ ،‬أو جرمية ح ‪-- -‬رب‪ ،‬أو جرمية ضد اإلنس ‪-- -‬انية‪ -،‬كما هو‬
‫مع‪-- -‬روف عنها يف الوث‪-- -‬ائق الدولية املوض‪-- -‬وعة‪ -‬واملتض‪-- -‬منة أحكام ‪- -‬اً خاصة مبثل ه ‪--‬ذه‬
‫اجلرائم‪.‬‬

‫‪ -2‬ارتكب‪ -‬جرمية جسيمة خارج بلد امللجأ قبل دخوله هذا البلد كالجئ‪.‬‬
‫(‪)37‬‬
‫‪ -3‬ارتكب‪ -‬أعماالً خمالفة ألهداف ومبادئ األمم املتحدة‪".‬‬

‫فظ‪--‬اهر من ه‪--‬ذا أن الق‪--‬انون ال‪--‬دويل ال يعد األش‪--‬خاص ال‪--‬ذين جلأوا إىل اخلارج مع اس‪--‬تمرار‬
‫متتعهم حبماية ومساعدة حكوماهتم الجئني؛ ألهنم الجئون باختيارهم‪ ،‬كالنروجييني والبلجيك‪--‬يني‬
‫ال‪--‬ذين غ‪--‬ادروا بالدهم باختي‪--‬ارهم أثن‪--‬اء احلرب العاملية‪ -‬الثاني‪--‬ة‪ ،‬ك‪--‬انوا يع‪--‬املون معاملة األج‪--‬انب يف‬
‫الدول اليت تعرتف حبكوماهتم‪.‬‬

‫وك ‪-- - -‬ذلك خيرج عن معىن الالجئ كل ش ‪-- - -‬خص يه ‪-- - -‬رب من دولته أو ي ‪-- - -‬رتك وطنه بس ‪-- -‬بب‬
‫خروجه على الق ‪-- -‬انون‪ -،‬حىت يته ‪-- -‬رب من اخلض ‪-- -‬وع لقض ‪-- -‬اء الدولة اليت يقيم فيه ‪-- -‬ا‪ ،‬فمثل ه ‪-- -‬ؤالء‬
‫األشخاص خيضعون‪ -‬ملبدأ تسليم اجملرمني يف القانون الدويل‪.‬‬

‫ال يكون‪ -‬اجملرم الذي حوكم حماكمة عادلة ملخالفته القانون‪ -‬العام والذي يفر من بلده هربا‬
‫من الس ‪--‬جن‪ ،‬بالض ‪--‬رورة الجئ ‪--‬ا‪ ،‬غري أن أي ش ‪--‬خص يتهم هبذه اجلرائم أو بغريها من اجلرائم غري‬
‫السياسية ‪-‬سواء أك‪-‬ان بريئ‪-‬اً أو م‪-‬ذنباً‪ -‬أو قد يض‪-‬طهد ‪-‬أيض‪-‬اً‪ -‬ألس‪-‬باب سياس‪-‬ية‪ ،‬أو لغريها من‬
‫األس‪--‬باب‪ ،‬ال يس‪--‬تبعد بالض‪--‬رورة من وضع الالجئ‪ ،‬وعالوة على ذل‪--‬ك‪ ،‬ف‪--‬إن األش‪--‬خاص املدانني‬
‫"جبرمية" النشاط السياسي‪ -‬جيوز اعتبارهم الجئني‪.‬‬

‫كما يس ‪--‬تبعد على وجه اخلص ‪--‬وص األش ‪--‬خاص ال ‪--‬ذين ش ‪--‬اركوا يف ارتك ‪--‬اب ج ‪--‬رائم احلرب‬
‫واالنتهاك‪-- -‬ات للق‪-- -‬انون اإلنس‪-- -‬اين ال‪-- -‬دويل وحلق‪-- -‬وق اإلنس‪-- -‬ان ‪-‬مبا يف ذلك جرمية اإلره‪-- -‬اب‪ -‬من‬
‫احلماية واملساعدة‪ -‬اليت تقدم لالجئني‪.‬‬

‫وال يكفي لوصف الش‪-- - - - - - - - - - -‬خص بأنه مبعد أو منفي‪ -‬أن يهجر دولة إقامته املعت‪-- - - - - - - - - - -‬ادة؛ ألن‬
‫األح ‪-- -‬داث السياس ‪-- -‬ية‪ -‬اليت وقعت يف ذلك البلد ال تروقه أو ال تعجب‪-- - -‬ه‪ ،‬طاملا أنه مل يكن يتع‪-- -‬رض‬
‫فيها لالضطهاد‪ ،‬أو كان مهدداً باالضطهاد نتيجة ه‪--‬ذه األح‪--‬داث‪ ،‬وذلك أن االع‪--‬رتاف له بص‪--‬فة‬
‫الالجئ سيرتتب عليه االعرتاف بالعديد من االمتيازات‪.‬‬

‫ويالحظ من ناحية أخ‪--‬رى أن األش‪--‬خاص ال‪--‬ذين يرغب‪--‬ون يف االس‪--‬تقرار يف دولة أخ‪--‬رى غري‬
‫دولتهم األص ‪--‬لية ألس ‪--‬باب اقتص ‪--‬ادية خالصة ال ميكن االدع ‪--‬اء ب ‪--‬أهنم الجئ ‪--‬ون إذا ك ‪--‬انت الظ ‪--‬روف‬
‫تسمح هلم هبذه اهلجرة(‪.)38‬‬

‫وهنا يرد سؤال‪ :‬هل يمكن أن يكون المتهرب من الخدمة العسكرية' الجئاً؟‬

‫وجتيب املفوض‪--‬ية الس‪--‬امية لألمم املتح‪--‬دة لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني(‪ )39‬ب‪--‬أن لكل بلد احلق يف دع‪--‬وة‬
‫مواطنيه‪ -‬إىل محل الس ‪--‬الح يف ف ‪--‬رتات الط ‪--‬وارئ القومي ‪--‬ة‪ ،‬غري أنه ينبغي‪ -‬أن يك ‪--‬ون‪ -‬للمواط ‪--‬نني احلق‬
‫املتساوي يف االعرتاض بوحي من ضمريهم احلر‪ ،‬وىف احلاالت اليت ال حيرتم فيها خي‪-‬ار االع‪-‬رتاض‬
‫بوحي من الضمري‪ ،‬أو عندما ينتهك الصراع الدائر بشكل ظ‪-‬اهر املع‪-‬ايري الدولي‪-‬ة‪ ،‬جيوز أن يك‪-‬ون‬
‫املتهرب‪-- -‬ون من اخلدمة العس‪-- -‬كرية ال‪-- -‬ذين خيش‪-- -‬ون االض‪-- -‬طهاد على أس‪-- -‬اس اآلراء السياس‪-- -‬ية أو أي‬
‫أسباب أخرى‪ ،‬مؤهلني للحصول على صفة الالجئ‪.‬‬

‫وه ' ''ذا تس ' ''اؤل' آخر يمس االعتب ' ''ارات' االجتماعية ووضع الم ' ''رأة‪ ،‬وهو هل بمق ' ''دور‬
‫النس' ' ''اء الالتي ي' ' ''واجهن االض' ' ''طهاد ألنهن يرفضن االمتث' ' ''ال للقي' ' ''ود االجتماعية أن يطلبن‬
‫اعتبارهن الجئات؟‬

‫ويأيت اجلواب من املصدر ذاته بأنه من الواضح أن املرأة ‪-‬شأهنا يف ذلك ش‪-‬أن الرج‪--‬ل‪ -‬قد‬
‫تضطهد ألسباب سياسية أو اثنية‪ -‬أو ديني‪-‬ة‪ .‬وإض‪-‬افة إىل ذلك أن املرأة اليت تفر من ج‪-‬راء تعرض‪-‬ها‬
‫لتمي‪-- -‬يز أو المتناعها عن االنص‪-- -‬ياع لق‪-- -‬وانني اجتماعية ص‪-- -‬ارمة‪ ،‬تص‪-- -‬بح ل‪-- -‬ديها م‪-- -‬ربرات للنظر يف‬
‫منحها صفة الالجئ‪.‬‬

‫وقد يك ‪--‬ون ه ‪--‬ذا االض ‪--‬طهاد ص ‪--‬ادراً عن س ‪--‬لطة حكومية ‪ -‬أو من عناصر غري حكومية يف‬
‫حالة ع‪-- - - - - -‬دم وج‪-- - - - - -‬ود محاية حكومية كافي‪-- - - - - -‬ة‪ ،‬وجيوز أن يعترب العنف اجلنسي ‪-‬كاالغتص ‪-- - - -‬اب‪-‬‬
‫اضطهاداً‪.‬‬

‫ويتعني أن يكون هلذا التمييز ع‪-‬واقب‪ -‬ض‪-‬ارة بش‪-‬كل ظ‪-‬اهر‪ ،‬ف‪-‬املرأة اليت ختشى وق‪-‬وع هج‪-‬وم‬
‫عليها من ج‪--‬راء رفض‪--‬ها ارت‪--‬داء الش‪--‬ادور أو أي مالبس أخ‪--‬رى مقي‪--‬دة للحركة أو بس‪--‬بب رغبتها‬
‫يف اختيار زوجها والعيش‪ -‬حياة مستقلة‪ ،‬قد تُ ُّ‬
‫عد الجئة‪.‬‬

‫وىف ع‪-- - -‬ام ‪ 1984‬ق‪-- - -‬رر الربملان‪ -‬األورويب أن النس‪-- - -‬اء الاليت ي‪-- - -‬واجهن معاملة قاس‪-- - -‬ية أو ال‬
‫إنس ‪-- -‬انية‪ -‬ألهنن تع‪-- - -‬دين ‪-‬على ما يب‪-- - -‬دو‪ -‬القواعد األخالقية االجتماعي‪-- - -‬ة‪ ،‬ينبغي اعتب‪-- - -‬ارهن طائفة‬
‫اجتماعية معينة ألغراض تقرير منح ص‪--‬فة الالجئ‪ .‬وتوجد ل‪--‬دى الوالي‪--‬ات املتح‪--‬دة وكن‪--‬دا مب‪--‬ادئ‬
‫توجيهية ش ‪-- -‬املة تتعلق باالض ‪-- -‬طهاد على أس ‪-- -‬اس اجلنس‪ ،‬وحيدث تق ‪-- -‬دم مماثل يف أملانيا وهولن ‪-- -‬دا‬
‫وسويسرا‪.‬‬

‫وقد مت يف فرنسا وهولن‪--‬دا وكن‪--‬دا والوالي‪--‬ات‪ -‬املتح‪--‬دة االع‪--‬رتاف رمسيا ب‪--‬أن‪ -‬تش‪--‬ويه األعض‪--‬اء‬
‫التناسلية ميثل شكال من أشكال االضطهاد‪ ،‬وأن ذلك يع ُّد أساسا ملنح صفة الالجئ‪.‬‬

‫وىف إح ‪--‬دى احلاالت مت االع ‪--‬رتاف ب ‪--‬امرأة كالجئة؛ ألهنا خش ‪--‬يت التع ‪--‬رض لالض ‪--‬طهاد يف‬
‫بلدها بسبب رفضها إيقاع تشويه لألعضاء التناسلية البنتها‪ -‬الرضيعة‪.‬‬

‫وجيوز أن يك‪--‬ون‪ -‬أص‪--‬حاب املي‪--‬ول اجلنس‪--‬ية املثلية م‪--‬ؤهلني للحص‪--‬ول على ص‪--‬فة الالجئ على‬
‫أساس التعرض لالضطهاد بسبب انتمائهم إىل طائفة اجتماعية معينة‪.‬‬

‫وتقضي سياسة املفوضية بأن‪ -‬األشخاص الذين يواجهون هجوماً‪ ،‬أو معاملة ال إنسانية‪ -،‬أو‬
‫متي‪-- -‬يزاً خط‪-- -‬رياً بس‪-- -‬بب مي‪-- -‬وهلم اجلنس‪-- -‬ية املثلي‪-- -‬ة‪ ،‬وتك‪-- -‬ون‪ -‬حكوم‪-- -‬اهتم ع‪-- -‬اجزة عن محايتهم أو غري‬
‫مستعدة لذلك‪ ،‬ينبغي‪ -‬االعرتاف هبم كالجئني(‪.)40‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫حكم اللجوء السياسي في الفقه‬
‫اإلسالمي وضوابطه‬
‫على ال‪-- - -‬رغم من أن مس‪-- - -‬ألة اللج‪-- - -‬وء السياسي‪ -‬تتبع جمال الق‪-- - -‬انون‪ -‬ال‪-- - -‬دويل وختضع للعه ‪-- -‬ود‬
‫واملواثيق الدولي‪-- -‬ة‪ ،‬إال أن الفقه اإلس‪-- -‬المي ك‪-- -‬ان له قصب الس‪-- -‬بق يف بي‪-- -‬ان األحك‪-- -‬ام الفقهية هلذه‬
‫املس‪--‬ألة‪ -‬من خالل النص‪--‬وص‪ -‬الش‪--‬رعية والقواعد الكلي‪--‬ة‪ ،‬وقد تن‪--‬اول فقه‪--‬اء املس‪--‬لمني حكم اللج‪--‬وء‬
‫السياسي من جهة جلوء غري املس ‪-- - - - -‬لم إىل بالد املس ‪-- - - - -‬لمني‪ ،‬ومن جهة جلوء املس ‪-- - - - -‬لم إىل بالد غري‬
‫املسلمني‪ ،‬كما تعرضوا لذكر ضوابط وشروط ذلك اللجوء‪ ،‬وذلك يف املطالب التالية‪:-‬‬

‫المطلب األول'‬

‫حكم اللجوء السياسي' في الفقه' اإلسالمي'‬

‫اللجوء يف الفقه اإلسالمي يتصور يف حالتني‪:‬‬

‫األولى‪ :‬جلوء غري املسلم إىل بالد املسلمني‪.‬‬


‫والثانية‪ ':‬جلوء املسلم إىل بالد غري املسلمني‪.‬‬

‫وسيتناول‪ -‬هذا املطلب هاتني احلالتني بالبيان‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حكم لجوء غير المسلم إلى بالد المسلمين‪:‬‬


‫تق ‪-- -‬دم أن فقه ‪-- -‬اء املس ‪-- -‬لمني تن ‪-- -‬اولوا حكم اللج ‪-- -‬وء حتت مص ‪-- -‬طلح عقد األم ‪-- -‬ان‪ -،‬ولألم ‪-- -‬ان‬
‫ورقه وماله‬
‫تعريف ‪--‬ات ع ‪--‬دة‪ ،‬من أدقه ‪--‬ا‪ :‬تعريف ابن عرف ‪--‬ة‪ ،‬حيث ق ‪--‬ال‪" :‬رفع اس ‪--‬تباحة دم احلريب ِّ‬
‫حني قتاله‪ :‬أو العزم عليه‪ ،‬مع استقراره حتت حكم اإلسالم مدة ما "(‪.)41‬‬

‫وقد ثبتت‪ -‬مشروعية األمان بأدلة من الكتاب الكرمي والسنة املطهرة واإلمجاع‪.‬‬

‫فمن الكتاب الكرمي قوله تعاىل‪( :‬وإِ ْن أَح ٌد ِّمن الْم ْش ِركِين ا ْس'تَجار َك فَ'أ ِ‬
‫َج ْرهُ َحتَّى يَ ْس' َم َع‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫َكالَ َم اللّ ِه ثُ َّم أَبْلِ ْغهُ' َمأ َْمنَهُ' َذلِ َ‬
‫ك بِأ ََّن ُه ْ'م َق ْو ٌم الَّ َي ْعلَ ُمو َن)(‪.)42‬‬

‫ِ‬
‫ق ‪--‬ال القرط ‪--‬يب‪َ ( :‬وإِ ْن أ َ‬
‫َح' ٌد ِّم َن ال ُْم ْش ' ِرك َ‬
‫ين) أي من ال ‪--‬ذين أمرتك بقت ‪--‬اهلم (ا ْس 'تَ َج َار َك) أي‬
‫سأل جوارك أي أمانك وذمامك فأعطه إياه ليسمع القرآن‪ ،‬أي يفهم أحكامه وأوامره ونواهيه‪-،‬‬
‫فإن قبل أمراً فحسن‪ ،‬وإن أىب فرده إىل مأمن‪-‬ه‪ ،‬وهذا ما ال خالف فيه"(‪.)43‬‬

‫وأما من الس‪-‬نة املطه‪-‬رة‪ :‬فقد وردت أح‪-‬اديث كث‪-‬رية دلت على مش‪-‬روعية األم‪-‬ان‪ ،‬منها‪ :‬ما‬
‫رواه الش‪-- - -‬يخان عن علي بن أيب ط‪-- - -‬الب أن رس ‪-- -‬ول اهلل ‪-‬ص‪-- - -‬لى اهلل عليه وس‪-- - -‬لم‪ -‬ق ‪-- -‬ال‪" :‬ذم' ' 'ة‬
‫المسلمين واحدة‪ '،‬يسعى بها أدناهم"(‪ ،)44‬ق‪--‬ال الن‪--‬ووي" "املراد بالذمة ‪-‬هن‪--‬ا‪ -‬األم‪--‬ان‪ ،‬ومعن‪--‬اه‪-:‬‬
‫أن أم‪--‬ان املس‪--‬لمني للك‪--‬افر ص‪--‬حيح‪ ،‬إذا أمنه به أحد من املس‪--‬لمني ح‪--‬رم على غ‪--‬ريه التع‪--‬رض له ما‬
‫دام يف أم‪--‬ان املس‪--‬لم"(‪ ،)45‬وق‪--‬ال الرتم‪--‬ذي‪" :‬ومعىن ه‪--‬ذا عند أهل العلم‪ :‬أن من أعطى األم‪--‬ان من‬
‫املسلمني فهو جائز عن كلهم(‪.)46‬‬

‫وأما اإلمجاع فقد ق‪-- -‬ال ابن قدام‪-- -‬ة‪" :‬ومن طلب األم‪-- -‬ان ليس‪-- -‬مع كالم اهلل ويع‪-- -‬رف ش‪-- -‬رائع‬
‫اإلسالم وجب أن يعطاه‪ ،‬مث يرد إىل مأمنه‪ ،‬ال نعلم يف هذا خالفاً"(‪.)47‬‬
‫فعقد األم‪--‬ان‪ -‬يقتضي ت‪--‬رك القتل والقت‪--‬ال مع احلرب‪--‬يني‪ ،‬وع‪--‬دم اس‪--‬تباحة دم‪--‬ائهم وأم‪--‬واهلم أو‬
‫اسرتقاقهم‪ ،‬وال‪--‬تزام الدولة اإلس‪--‬المية‪ -‬توفري األمن واحلماية ملن جلأ إليها من احلرب‪--‬يني واس‪--‬تقر حتت‬
‫حكمها مدة حمدودة(‪.)48‬‬

‫فاملس ‪--‬تأمن ك ‪--‬افر ح ‪--‬ريب‪ ،‬أبيح له املق ‪--‬ام ب ‪--‬دار اإلس ‪--‬الم‪ -‬من غري ال ‪--‬تزام جزية؛ وذلك لغ ‪--‬رض‬
‫مشروع(‪ ،)49‬كسماع القرآن ومعرفة دعوة اإلسالم أو ألداء رسالة‪ ،‬أو طلب صلح‪ ،‬أو مهادن‪--‬ة‪،‬‬
‫أو لتج‪-- - -‬ارة‪ ،‬أو لعالج‪ ،‬أو لنحو ذلك من األغ‪-- - -‬راض املش‪-- - -‬روعة‪ ،‬اليت ال تتع‪-- - -‬ارض مع األحك ‪-- -‬ام‬
‫الشرعية‪ ،‬وال مع مصلحة املسلمني العامة(‪.)50‬‬

‫ثانياً‪ :‬حكم لجوء المسلم إلى بالد غير المسلمين‪:‬‬


‫جلوء املس‪--‬لم إىل بالد غري املس‪--‬لمني من الن‪--‬وازل واملس‪--‬ائل املستحدثة‪ ،‬إذ أن ه‪--‬ذه املس‪--‬ألة‪ -‬مل‬
‫ت‪--‬ربز عرب ت‪--‬اريخ األمة اإلس‪--‬المية الطويل؛ لوج‪--‬ود اخلالفة اإلس‪--‬المية‪ -‬اليت ت‪--‬رعى املس‪--‬لمني يف الع‪--‬امل‬
‫اإلس ‪--‬المي الع ‪--‬ريض‪ ،‬فك ‪--‬ان املس ‪--‬لم إذا ض ‪--‬اقت عليه األم ‪--‬ور يف مك ‪--‬ان انتقل من أرض إىل أخ ‪--‬رى‬
‫حبرية ودون قيود‪ ،‬أما بعد س‪-‬قوط اخلالفة وتقس‪-‬يم الع‪-‬امل اإلس‪-‬المي‪ -‬إىل دول عدي‪-‬دة ووضع قي‪-‬ود‬
‫على انتقال املسلم مع ما قد يتعرض له يف بالده من ظروف يضطر معها للمغ‪-‬ادرة ب‪-‬رزت مس‪-‬ألة‬
‫جلوء املس ‪--‬لم إىل بالد غري املس ‪--‬لمني؛ طلبا لألمن أو لل ‪--‬رزق‪ ،‬وقد تن ‪--‬اول الفقه ‪--‬اء املس ‪--‬لمون ه ‪--‬ذه‬
‫املس‪-- - - -‬ألة بالبي‪-- - - -‬ان‪ -‬تأسيسا على مس‪-- - - -‬ألة حكم اإلقامة بني الكف‪-- - - -‬ار‪ ،‬وحكم اهلج‪-- - - -‬رة من بالد غري‬
‫املسلمني‪ ،‬وهذا ما تتناوله املسألتان التاليتان‪:‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬هل حكم اهلجرة قائم أم نسخ؟‬


‫اختلف الفقهاء يف هذه املسألة‪ -‬على مذهبني‪:‬‬

‫المذهب األول‪ ':‬أن الهجرة انقطعت بعد فتح مكة‪'.‬‬

‫وهو قول بعض احلنفية‪ )51(-‬والقاضي من احلنابلة(‪ )52‬وهلم يف ذلك أدلة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬ال هجرة بعد الفتح"(‪.)53‬‬

‫‪ -2‬ملا أس ‪--‬لم ص ‪--‬فوان‪ -‬بن أمي ‪--‬ة‪ ،‬قيل ل ‪--‬ه‪ :‬ال دين ملن مل يه ‪--‬اجر‪ ،‬ف‪- -‬أتى املدينة‪ -‬فق ‪--‬ال له النبي‬
‫‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪" :-‬ما ج ''اء بك يا أبا وهب؟" ق ‪--‬ال‪ :‬قيل ل ‪--‬ه‪ :‬إنه ال دين ملن مل يه ‪--‬اجر‪،‬‬
‫فق ‪--‬ال ‪-‬ص‪-- -‬لى اهلل عليه وس‪-- -‬لم‪" :-‬ارجع أبا وهب إلى أباطح مك ''ة‪ ،‬وأق' 'روا على مس ''اكنكم‪،‬‬
‫فقد انقطعت الهجرة ولكن جهاد' ونية"(‪.)54‬‬

‫نوقش هذا‪:‬‬

‫‪ -1‬أما احلديث األول‪ :‬فقد ق ‪-- - - - - - - -‬ال ابن قدامة "أراد هبا ال هج ‪-- - - - - - - -‬رة بعد الفتح من بلد قد‬
‫فتح"(‪ ،)55‬وق‪--‬ال الن‪--‬ووي‪" :‬معن‪--‬اه‪ :‬ال هج‪--‬رة بعد الفتح فض‪--‬لها كفض‪--‬لها قبل الفتح‪ ،‬كما ق‪--‬ال اهلل‬
‫َّ ِ‬ ‫تعاىل‪( :‬اَل يَ ْستَ ِوي ِمن ُكم َّم ْن أَن َف َق ِمن َق ْب ِل الْ َف ْت ِح َوقَاتَ َ'ل أ ُْولَئِ َ‬
‫'ك أَ ْعظَ ُم َد َر َج' ةً ِّم َن الذ َ‬
‫ين أَن َف ُق'وا'‬
‫ِ‬
‫ْح ْس ''نَى)(‪ ،)56‬ق‪-- -‬ال املاوردي‪ :‬ألهنا ك‪-- -‬انت قبل الفتح أشق‬ ‫من َب ْع'' ُد َوقَ'''اَتلُوا َوكُاّل ً َو َع'' َد اللَّهُ ال ُ‬
‫منها بعده‪ ،‬فكان فضلها أكثر من فضلها بعده(‪.)57‬‬

‫‪ -2‬وقوله لص‪--‬فوان‪ -:‬إن اهلج‪--‬رة قد انقطعت‪ -،‬يعين من مك‪--‬ة‪ ،‬ألن اهلج‪--‬رة‪ :‬اخلروج من بلد‬
‫الكفار‪ ،‬فإذا فتح مل يبق بلد الكفار‪ ،‬فال تبقى‪ -‬منه هجرة‪ ،‬وإنما اهلجرة إليه‪ ،‬ال منه‪.‬‬

‫وأخ‪-- -‬رج البخ‪-- -‬اري عن عط‪-- -‬اء بن أيب رب‪-- -‬اح ق‪-- -‬ال‪ :‬زرت عائشة مع عبيد بن عمري اللي‪-- -‬ثي‪،‬‬
‫فس ‪--‬ألناها عن اهلج ‪--‬رة‪ ،‬فق ‪--‬الت‪" :‬ال هج ‪--‬رة الي ‪--‬وم‪ -،‬ك ‪--‬ان املؤمن ‪--‬ون‪ -‬يفر أح ‪--‬دهم بدينه إىل اهلل تع ‪--‬اىل‬
‫وإىل رس‪-- - -‬وله ‪-‬ص‪-- - -‬لى اهلل عليه وس‪-- - -‬لم‪ -‬خمافة أن يفنت علي‪-- - -‬ه‪ ،‬أما الي‪-- - -‬وم فقد أظهر اهلل اإلس‪-- -‬الم‪،‬‬
‫واليوم يعبد ربه حيث شاء‪ ،‬ولكن جهاد ونية"(‪.)58‬‬

‫ق‪--‬ال ابن حج‪--‬ر‪" :‬قوله (فس‪--‬أهلا عن اهلج‪--‬رة) أي اليت ك‪--‬انت قبل الفتح واجبة إىل املدين‪--‬ة‪ -،‬مث‬
‫نس ‪--‬خت بقول ‪--‬ه‪" :‬ال هج ''رة بعد الفتح"‪ ،‬وقوهلا (ال هج ‪--‬رة الي‪-- -‬وم) أي بعد الفتح‪ ،‬وقوهلا (ك ‪--‬ان‬
‫املؤمنون ‪ )..‬أشارت عائشة رضي اهلل عنها إىل بيان مشروعية اهلجرة‪ ،‬وأن سببها خوف الفتن‪--‬ة‪-،‬‬
‫واحلكم ي‪-- -‬دور مع علت‪-- -‬ه‪ ،‬فمقتض‪-- -‬اه أن من ق‪-- -‬در على عب‪-- -‬ادة اهلل يف أي موضع اتفق مل جتب عليه‬
‫اهلج ‪-- -‬رة من ‪-- -‬ه‪ ،‬وإال وجبت‪ ،‬ومن مث ق ‪-- -‬ال املاوردي‪ :‬إذا ق ‪-- -‬در على إظه ‪-- -‬ار ال ‪-- -‬دين يف بلد من بالد‬
‫الكفر فقد صارت البلد به دار إسالم‪ ،‬فاإلقامة فيها أفضل من الرحلة منها‪ ،‬ملا يرجتي من دخول‬
‫غريه يف اإلسالم‪-.‬‬

‫وق‪-- - -‬ال اخلط ‪-- -‬ايب‪ :‬ك ‪-- -‬انت اهلج ‪-- -‬رة ‪-‬أي إىل النيب صلى اهلل عليه وس‪-- - -‬لم‪ -‬يف أول اإلس ‪-- -‬الم‪-‬‬
‫مطلوبة‪ ،‬مث افرتضت ملا هاجر إىل املدينة‪ -‬إىل حضرته؛ للقتال معه‪ ،‬وتعلم شرائع ال‪--‬دين‪ ،‬وقد أكد‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫اهلل ذلك في ع ‪--‬دة آي ‪--‬ات‪ ،‬حىت قطع املواالة بني من ه ‪--‬اجر ومن مل يه ‪--‬اجر فق ‪--‬ال تع ‪--‬اىل‪َ ( :‬والذ َ‬
‫'اج ُرواْ)(‪ ،)59‬فلما فتحت مكة‬ ‫'اجرواْ ما لَ ُكم ِّمن والَيتِ ِهم' ِّمن َش' ' ' 'ي ٍء حتَّى ي َه' ' ' ِ‬
‫ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫آمنُ' ' ''واْ َولَ ْم ُي َه' ' ' ُ َ‬
‫َ‬
‫ودخل الناس يف اإلسالم‪ -‬من مجيع القبائل سقطت اهلجرة الواجبة وبقي االستحباب(‪.)60‬‬

‫وق ‪-- -‬ال البغ ‪-- -‬وي يف ش ‪-- -‬رح الس ‪-- -‬نة‪ :‬حيتمل اجلمع بينهما بطريق آخر بقول ‪-- -‬ه‪" :‬ال هج' ''رة بعد‬
‫الفتح" أي من مكة إىل املدين‪--‬ة‪ ،‬وقول‪--‬ه‪" :‬ال تنقطع الهج'رة" أي من دار الكفر يف حق من أس‪--‬لم‬
‫إىل دار اإلس‪--‬الم‪ ،‬ق‪--‬ال‪ :‬وحيتمل وجه ‪-‬اً آخ‪--‬ر‪ ،‬وهو أن قول‪--‬ه‪" :‬ال هج''رة" أي إىل النيب ‪-‬ص‪--‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،-‬حيث كان بنية عدم الرجوع إىل الوطن املهاجر منه إال بإذن‪ ،‬وقول‪--‬ه‪" :‬ال تنقطع"‬
‫أي هجرة من هاجر على غري هذا الوصف من األعراب وحنوهم(‪.)61‬‬

‫ق ‪-- - -‬ال ابن حج ‪-- - -‬ر‪" :‬قلت‪ :‬ال ‪-- - -‬ذي يظهر أن املراد بالشق األول ‪-‬وهو املنفي‪ --‬ما ذك ‪-- -‬ره يف‬
‫االحتم‪--‬ال األخ‪--‬ري‪ ،‬وبالشق اآلخر املثبت‪ -‬ما ذك‪--‬ره يف االحتم‪--‬ال ال‪--‬ذي قبل‪--‬ه‪ ،‬وقد أفصح ابن عمر‬
‫باملراد فيما أخرجه اإلمساعيلي بلفظ‪" :‬انقطعت اهلجرة بعد الفتح إىل رسول اهلل ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه‬
‫وس‪--‬لم‪ ،-‬وال تنقطع اهلج‪--‬رة ما قوتل الكف‪--‬ار ‪-‬أي م‪--‬ادام يف ال‪--‬دنيا دار كف‪--‬ر‪ ،‬ف‪--‬اهلجرة واجبة منها‬
‫على من أسلم وخشي أن يفنت عن دينه"(‪.)62‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيميه‪" :‬وقد ق‪--‬ال ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬ال هجرة بعد الفتح"‬
‫وقال‪" :‬ال تنقطع الهجرة" وكلامها حق‪ ،‬فاألول أراد به اهلج‪--‬رة املعه‪--‬ودة‪ -‬يف زمان‪--‬ه‪ ،‬وهي اهلج‪-‬رة‬
‫إىل املدينة من مكة وغريها من أرض الع‪--‬رب‪ ،‬ف‪--‬إن ه‪--‬ذه اهلج‪--‬رة ك ‪--‬انت مش‪--‬روعة ملا ك ‪--‬انت مكة‬
‫وغريها دار كفر وح‪--‬رب‪ ،‬وك‪--‬ان اإلميان باملدين‪--‬ة‪ ،‬فك‪--‬انت اهلج‪--‬رة من دار الكفر إىل دار اإلس‪--‬الم‬
‫(‪)63‬‬
‫واجبة على من يقدر عليها‪..‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬حكم الهجرة باق إلى يوم القيامة‪'.‬‬


‫وهو قول عامة أهل العلم‪ ،‬وهلم يف ذلك أدلة منها‪:‬‬

‫قوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬ال تنقطع الهجرة ح''تى تنقطع التوب''ة‪ ،‬وال تنقطع‬ ‫‪-1‬‬
‫التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها'"(‪.)64‬‬

‫وقوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬ال تنقطع الهجرة ما قوتل العدو'"(‪.)65‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وإلطالق‪ -‬اآليات واألخبار الدالة‪ ،‬ولتحقق املقتضي هلا يف كل زمان‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫وال شك أن م‪-- -‬ذهب اجلمهور هو األظهر يف ه‪-- -‬ذه املس‪-- -‬ألة لق‪-- -‬وة ما اس‪-- -‬تدلوا‪ -‬به وص ‪--‬راحته‬
‫وضعف ما استدل به املذهب األول‪.‬‬

‫املسألة الثانية‪ -:‬حكم جلوء املسلم إىل بالد غري املسلمني‪:‬‬


‫ه ‪-- -‬ذه املس ‪-- -‬ألة تش ‪-- -‬تمل على ص ‪-- -‬ور عدي ‪-- -‬دة مما يقتضي حترير حمل ال ‪-- -‬نزاع وذلك على النحو‬
‫التايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من قدر على الهجرة وخاف الفتنة في دينه يجب عليه الخروج‪.‬‬

‫ق‪--‬ال ابن كثري(‪" :)66‬ف‪--‬نزلت ه‪--‬ذه اآلية الكرمية عامة يف كل من أق‪--‬ام بني ظه‪--‬راين املش‪--‬ركني‬
‫وهو قادر على اهلجرة وليس متمكن‪-‬اً من إقامة ال‪--‬دين فهو ظ‪--‬امل لنفسه م‪--‬رتكب حرام‪-‬اً باإلمجاع‪،‬‬
‫اه ُم ال َْمآلئِ َك' ةُ ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس ' ِه ْم) أي ب ‪--‬رتك‬ ‫وبنص ه ‪--‬ذه الآي ‪-‬ة حيث يق ‪--‬ول تع ‪--‬اىل‪( :‬إِ َّن الَّ ِذ َ'‬
‫ين َت َوفَّ ُ‬
‫ين فِي‬ ‫اهلج ‪-- -‬رة (قَ' ''الُواْ فِيم ُكنتُم) أي مل مكثتم هاهنا وت‪-- -‬ركهم اهلج ‪-- -‬رة؟ (قَ' ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ‬
‫ض ' ' َعف َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ‬
‫ض اللّ' ِ'ه‬
‫ض) أي ال نقدر على اخلروج من البلد‪ ،‬وال ال‪--‬ذهاب يف األرض (قَالُواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ‬ ‫األ َْر ِ‬
‫وِ‬
‫اس َعةً) اآلية‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقال رسول ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله"(‪.)67‬‬

‫قال القاري‪" :‬اهلجرة واجبة من دار الكفر على من أسلم وخشي أن يفنت يف دينه"(‪.)68‬‬

‫ثانياً‪ ':‬من عجز عن الهجرة لم يجب عليه الخروج‪:‬‬

‫ين) إىل آخر اآلي‪-- -‬ة‪ ،‬ه‪-- -‬ذا ع ‪- -‬ذر من اهلل‬ ‫ض ' 'ع ِ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ْم‬‫ل‬‫ا‬ ‫َّ‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫(‬ ‫‪-‬اىل‪:‬‬‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬‫ع‬‫ت‬ ‫"وقوله‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪)69‬‬
‫ق‪-- -‬ال ابن كثري‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫هلؤالء يف ت‪-‬رك اهلج‪-‬رة‪ ،‬وذلك أهنم ال يق‪-‬درون على التخلص من أي‪-‬دي املش‪--‬ركني‪ ،‬ولو ق‪-‬دروا ما‬
‫عرفوا يسلكون الطريق‪ ،‬وهلذا قال‪( :‬الَ يَ ْستَ ِطيعُو َن ِحيلَةً َوالَ َي ْهتَ' ُدو َن َس'بِيالً) ق‪--‬ال جماهد‪ :‬يعين‬
‫سى اللّهُ أَن َي ْع ُف' َ'و َع ْن ُه ْم) أي يتج‪--‬اوز الل‪-‬ه عنهم ب‪--‬رتك اهلج‪--‬رة‪،‬‬ ‫طريق‪-‬اً‪ ،‬وقوله تع‪--‬اىل‪( :‬فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫ك َع َ‬
‫وعسى من اهلل موجبة ( َو َكا َن اللّهُ َع ُف ّواً غَ ُفوراً) ق‪--‬ال البخ‪--‬اري عن أيب هري‪--‬رة ق‪--‬ال‪ :‬بينا رس‪--‬ول‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يف يصلي العش‪-‬اء إذ ق‪-‬ال‪ :‬مسع اهلل ملن محده؛ مث ق‪-‬ال قبل أن يس‪-‬جد‪:‬‬
‫"اللهم أنج عي' ''اش بن أبي ربيع' ''ة‪ ،‬اللهم أنج س ' 'لمة بن هش' ''ام‪ ،‬اللهم أنج الوليد بن الولي' ''د‪،‬‬
‫اللهم أنج المستض''عفين من المؤم''نين‪ ،‬اللهم اش''دد' وطأت'ك على مض''ر‪ ،‬اللهم اجعلها' س''نين‬
‫ين) ق ‪--‬ال‪ :‬كنت أنا وأمي‬ ‫ض 'ع ِ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ْم‬‫ل‬‫ا‬ ‫َّ‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫(‬ ‫‪-‬اس‪:‬‬‫‪-‬‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ابن‬ ‫عن‬ ‫‪-‬اري‬‫‪-‬‬ ‫خ‬ ‫الب‬ ‫‪-‬ال‬‫‪-‬‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)70‬‬
‫كس ''ني يوسف"‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ممن عذر اهلل عز وجل(‪.)71‬‬

‫ق ‪--‬ال ش ‪--‬يخ اإلس ‪--‬الم‪" :‬وباجلملة فال خالف بني املس ‪--‬لمني أن من ك ‪--‬ان يف دار الكف ‪--‬ر‪ ،‬وقد‬
‫آمن وهو ع‪-‬اجز عن اهلج‪-‬رة ال جيب عليه ش‪--‬يء من الش‪--‬رائع ما يعجز عنه‪-‬ا‪ ،‬بل الوج‪--‬وب حبسب‬
‫اإلمكان"(‪.)72‬‬

‫ثالثاً'‪ :‬اختلف الفقهاء في ما عدا هاتين الصورتين على مذهبين‪:‬‬

‫المذهب األول‪ ':‬جيب على من أسلم بدار احلرب أن يه‪--‬اجر ويلحق ب‪--‬دار المس‪--‬لمني؛ لئال‬
‫جتري عليه أحك ‪--‬امهم‪ ،‬وال جيوز ألحد من املس ‪--‬لمني دخ ‪--‬ول أرض ش ‪--‬رك لتج ‪--‬ارة وال لغريها إال‬
‫ملف‪- -‬اداة مس‪-- -‬لم‪ ،‬وواجب على وايل املس‪-- -‬لمني أن مينع ال‪-- -‬دخول إىل أرض احلرب للتج‪-- -‬ارة‪ ،‬ويضع‬
‫املراصد يف الط‪-- -‬رق واملس ‪-- -‬الك ل‪-- -‬ذلك حىت ال جيد أحد الس‪-- -‬بيل إىل ذل‪-- -‬ك‪ ،‬الس ‪-- -‬يما إن خشي أن‬
‫حيمل إليهم ما ال حيل بيعه منهم‪ ،‬مما هو ق‪-- - - -‬وة على أهل اإلس‪-- - - -‬الم‪ -،‬وه‪-- - - -‬ذا م‪-- - - -‬ذهب املالكية‪،)73(-‬‬
‫واختيار الشوكاين(‪ ،)74‬واستدلوا مبا يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ق‪-- -‬ال ابن رش‪-- -‬د‪" :‬وأصل الكراهية ل‪-- -‬ذلك‪ :‬أن اهلل تع‪-- -‬اىل أوجب اهلج‪-- -‬رة على من أس‪-- -‬لم‬
‫ببالد الكف ‪- - -‬ر إىل بالد املس‪-- - -‬لمني‪ ،‬حيث جتري عليه أحك‪-- - -‬امهم‪ ،‬فق‪-- - -‬ال تع‪-- - -‬اىل‪َ ( :‬والَّ ِذ َ'‬
‫ين‬
‫'اج ُرواْ')(‪ ،)75‬وق‪--‬ال تع‪--‬اىل‪:‬‬ ‫'اجرواْ' ما لَ ُكم ِّمن والَيتِ ِهم ِّمن َش'ي ٍء حتَّى ي َه' ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫آمنُ''واْ َولَ ْم ُي َه' ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين َتوفَّاهم الْمآلئِ َك' ةُ' ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس' ِه 'م قَ''الُواْ فِيم ُكنتُم قَ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين‬
‫ض' َعف َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫(إِ َّن الذ َ' َ ُ ُ َ‬
‫َّم‬
‫اه ْم َج َهن ُ‬‫ك َم'أ َْو ُ‬ ‫'اج ُرواْ' فِ َيها فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫ض اللّ' ِ'ه وا ِس'عةً َفُت َه' ِ‬
‫َ َ‬ ‫ض قَ''ال َْواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ‬‫فِي األ َْر ِ‬
‫ص ''يراً)(‪ ،)76‬ن‪-- -‬زلت ه‪-- -‬ذه اآلية فيما ق‪-- -‬ال ابن عب‪-- -‬اس وغ‪-- -‬ريه من أهل التأويل‬ ‫اءت م ِ‬
‫َو َس '' ْ َ‬
‫والتفسري يف ق‪-- -‬وم من أهل مكة ك‪-- -‬انوا قد أس‪-- -‬لموا وآمن‪-- -‬وا‪ -‬باهلل ورس‪-- -‬وله‪ ،‬فتخلف‪-- -‬وا عن‬
‫اهلج ‪--‬رة معه حني ه ‪--‬اجر‪ ،‬فعرض‪-- -‬وا على الفتنة‪ -‬ف ‪--‬افتتنوا‪ -،‬وش ‪--‬هدوا مع املش‪-- -‬ركني ح ‪--‬رب‬
‫املس ‪-- -‬لمني‪ ،‬ف ‪-- -‬أىب اهلل قب ‪-- -‬ول مع ‪-- -‬ذرهتم اليت اعت ‪- -‬ذروا هبا حيث يق ‪-- -‬ول خمرباً عنهم‪ُ ( :‬كنَّا‬
‫'اج ُرواْ فِ َيها) أي‬ ‫ض اللّ ' ' ' ِ'ه وا ِس' ' ' 'عةً َفُت َه' ' ' ِ‬
‫َ َ‬ ‫ين فِي األ َْر ِ‬
‫ض قَ ' ' ''الُواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن أ َْر ُ‬
‫مستَ ْ ِ‬
‫ض' ' ' ' َعف َ‬ ‫ُْ‬
‫ص''يراً)‪ ،‬مث‬ ‫اءت م ِ‬ ‫فت ‪--‬رتكوا ه ‪--‬ؤالء ال ‪--‬ذين يستض ‪--‬عفونكم (فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫َّم َو َس'' ْ َ‬ ‫اه ْ'م َج َهن ُ‬‫ك َم''أ َْو ُ‬
‫ض ' ' َع ِفين ِمن ِّ ِ‬
‫س ' 'اء‬‫الر َج' ''ال َوالنِّ َ‬ ‫أن ‪-- -‬زل اهلل تع ‪-- -‬اىل ع ‪-- -‬ذر أهل الص ‪-- -‬دق فق ‪-- -‬ال‪( :‬إِالَّ ال ُْم ْستَ ْ َ َ‬
‫ان الَ يَ ْس 'تَ ِطيعُو َن ِحيلَ 'ةً َوالَ َي ْهتَ ' ُدو َن َس 'بِيالً) أي ال يهت ‪--‬دون س ‪--‬بيال يتوجه ‪--‬ون‬ ‫والْ ِولْ ' َد ِ‬
‫َ‬
‫إليه‪ ،‬لو خرج‪--‬وا هللك‪--‬وا‪ ،‬فأولئك عسى اهلل أن يعفو عنهم‪ ،‬يعين يف إق‪--‬امتهم بني ظه‪--‬راين‬
‫املشركني(‪.)77‬‬

‫‪ -2‬قوله ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪" :-‬من ج''امع المش''رك وس''كن' معه فهو مثله"(‪ ،)78‬ق ‪--‬ال‬
‫الش ‪- - - -‬وكاين(‪" :)79‬قول‪-- - - -‬ه‪" :‬فهو مثله" فيه دليل على حترمي مس‪-- - - -‬اكنة الكف‪-- - - -‬ار ووج‪-- - -‬وب‬
‫مف‪--‬ارقتهم‪ ،‬واحلديث وإن ك‪--‬ان فيه املق‪--‬ال املتق‪--‬دم لكن يش‪--‬هد لص‪--‬حته قوله تع‪--‬اىل‪( :‬فَالَ‬
‫يث غَْي' ِر ِه إِنَّ ُك ْم إِذاً ِّم ْثلُ ُه ْم)(‪ )80‬وح‪--‬ديث هبز بن‬
‫ض'واْ فِي ح' ِ'د ٍ‬
‫َ‬ ‫َت ْقعُ' ُدواْ' َم َع ُه ْم َحتَّى يَ ُخو ُ‬
‫حكيم بن معاوية بن حي‪--‬دة عن أبيه عن ج‪--‬ده مرفوع ‪-‬اً‪" :‬ال يقبل اهلل من مش''رك عمالً‬
‫بعد ما أسلم أو يفارق المشركين"(‪.)81‬‬

‫‪ -3‬إن مساكنة املشركني فيها كثري من املفاسد الدينية‪ -‬والدنيوية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ظه ‪--‬ور ش ‪--‬عار الكفر على املس ‪--‬لم مما ين ‪--‬ايف علو اإلس ‪--‬الم وكلمة التوحي ‪--‬د‪ ،‬وفيها تع ‪--‬ريض‬
‫'اد ْيتُ ْ'م إِلَى‬
‫الص‪-- - -‬الة‪ -‬لإلض‪-- - -‬اعة واالزدراء واهلزء واللعب‪ ،‬كما ق‪-- - -‬ال عز وج‪-- - -‬ل‪َ ( :‬وإِذَا نَ ' ' َ‬
‫وها ُه' ُ'زواً َولَ ِعب 'اً)(‪ ،)82‬وتض‪--‬ييع الزك‪--‬اة بع‪--‬دم إخراجها لفقد مس‪--‬تحقيها‪،‬‬ ‫ال َّ ِ‬
‫ص 'الَة اتَّ َخ' ُذ َ‬
‫ومنها‪ :‬اإلذالل واإلهانة‪ -‬للمسلم‪ ،‬وقد قال ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬ال ينبغي لمس''لم‬
‫أن ي' ''ذل نفسه"(‪ ،)83‬وق ‪-- -‬ال‪" :‬اليد العليا خ' ''ير من اليد الس' ''فلى'"(‪ ،)84‬ومنه ‪-- -‬ا‪ :‬اخلوف‬
‫على النفس واألهل والولد واملال من ش‪--‬رارهم وس‪--‬فهائهم‪ ،‬ومنه‪--‬ا‪ :‬اخلوف من الفتنة يف‬
‫الدين‪ ،‬ومنها‪ :‬اخلوف من س‪--‬ريان عوائ‪--‬دهم ولس‪--‬اهنم ولباس‪--‬هم إىل املقيمني معهم بط‪--‬ول‬
‫السنني‪ ،‬ومنه‪-‬ا‪ :‬االس‪-‬تغراق يف مش‪-‬اهدة املنك‪-‬رات‪ -،‬والتع‪-‬رض ملالبسة النجاس‪-‬ات‪ ،‬وأكل‬
‫احملرم‪-- - - -‬ات واملتش‪-- - - -‬اهبات‪ ،‬فقد ثبت هبذه املفاسد الواقعة‪ -‬واملتوقعة‪ -‬حترمي ه‪-- - - -‬ذه اإلقام‪-- - -‬ة‪،‬‬
‫وحظر هذه املساكنة(‪.)85‬‬

‫ونوقش هذا االستدالل بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أما االس ‪--‬تدالل باآلية الكرمية‪ :‬فيحمل على من ق ‪--‬در على اهلج ‪--‬رة وخشي الفتنة يف‬
‫دينه ومل يفع‪-- -‬ل‪ ،‬كما دلت عليه أدلة املذهب‪ -‬الث‪-- -‬اين‪ ،‬ق‪-- -‬ال الش‪-- -‬افعي‪" :‬ودلت س‪-- -‬نة‬
‫رس‪--‬ول اهلل ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪ -‬على أن ف‪--‬رض اهلج‪--‬رة على من أطاقها إمنا هو‬
‫على من فنت يف دينه بالبلد ال‪-- - - - -‬ذي يس‪-- - - - -‬لم هبا؛ ألن رس‪-- - - - -‬ول اهلل ‪-‬ص‪-- - - - -‬لى اهلل عليه‬
‫وس‪-- - - -‬لم‪ -‬أذن لق‪-- - - -‬وم مبكة أن يقيم‪-- - - -‬وا هبا بعد إس‪-- - - -‬المهم‪ :‬العب‪-- - - -‬اس بن عبد املطلب‬
‫وغ ‪--‬ريه‪ ،‬إذ مل خيافوا الفتن ‪--‬ة‪ -،‬وك ‪--‬ان ي ‪-‬أمر جيوشه أن يقول ‪--‬وا ملن أس ‪--‬لم‪" :‬إن ه ‪--‬اجرمت‬
‫فلكم ما للمه ‪-- - - - - - - -‬اجرين‪ ،‬وإن أقمتم ف‪- - - - - - - - -‬أنتم كأعراب‪ ،‬وليس خبريهم إال فيما حيل‬
‫هلم"(‪.)86‬‬

‫وق‪--‬ال الط‪--‬اهر بن عاش‪--‬ور‪" :‬وقد اتفق العلم‪--‬اء على أن حكم ه‪--‬ذه اآلية انقضى‪ -‬ي‪--‬وم‬
‫فتح مكة؛ ألن اهلج ‪--‬رة ك ‪--‬انت واجبة ملفارقة أهل الش ‪--‬رك وأع ‪--‬داء ال ‪--‬دين‪ ،‬وللتمكن‬
‫من عب‪-- -‬ادة اهلل دون حائل حيول عن ذل‪-- -‬ك‪ ،‬فلما ص‪-- -‬ارت مكة دار إس‪-- -‬الم س‪-- -‬اوت‬
‫غريه ‪-- -‬ا‪ ،‬ويؤي ‪-- -‬ده ح ‪-- -‬ديث‪" :‬ال هج' ''رة بعد الفتح‪ ،‬ولكن جه' ''اد' ونية"(‪ )87‬فك ‪-- -‬ان‬
‫املؤمن‪-- - -‬ون يبق‪-- - -‬ون‪ -‬يف أوط‪-- - -‬اهنم إال امله‪-- - -‬اجرين حيرم عليهم الرج‪-- - -‬وع إىل مك‪-- -‬ة‪ ،‬ويف‬
‫احلديث‪" :‬اللهم أمض ألص ''حابي هج ''رتهم‪ ،‬وال ت ''ردهم' على أعق ''ابهم'"(‪ )88‬قاله‬
‫بعد أن فتحت مكة"(‪.)89‬‬

‫‪ -2‬أما األح‪--‬اديث فتحمل على أح‪--‬وال معين‪--‬ة‪ -،‬كما ذكر الط‪--‬ربي بإس‪--‬ناده عن قت‪-‬ادة يف‬
‫ض)(‪ ،)90‬ق‪--‬ال‪" :‬ك‪--‬ان الرجل‬‫ض' ُه ْم أ َْولِيَ''اء َب ْع ٍ‬ ‫تفسري قوله تعاىل‪َ ( :‬والَّ َ'‬
‫ذين َك َف ُرواْ َب ْع ُ‬
‫ي‪-- - -‬نزل بني املس‪-- - -‬لمني واملش‪-- - -‬ركني فيق‪-- - -‬ول‪ :‬إن ظهر ه‪-- - -‬ؤالء كنت معهم‪ ،‬وإن ظهر‬
‫ه‪-- -‬ؤالء كنت معهم‪ ،‬ف ‪- -‬أبى اهلل عليهم ذل‪-- -‬ك‪ ،‬وأن‪-- -‬زل اهلل يف ذل‪-- -‬ك‪ ،‬فال ت‪-- -‬راءى ن ‪--‬ار‬
‫املسلم ونار املشرك إال صاحب جزية مقراً باخلراج"(‪.)91‬‬

‫وميكن أن حتمل على من خشي على دينه وق‪-- - -‬در على اهلج‪-- - -‬رة ومل يه‪-- - -‬اجر كما ق ‪-- -‬ال ابن‬
‫القيم‪" :‬ومنع رس ‪--‬ول اهلل ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪ -‬من إقامة املس ‪--‬لم بني أظهر املش ‪--‬ركني إذا ق ‪--‬در‬
‫على اهلجرة من بينهم(‪ )92‬وقال‪" :‬أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"(‪.)93‬‬

‫وأما من يأمن على نفسه ودينه فريخص له يف اإلقامة‪ ،‬كما قال البيهقي‪ :‬باب الرخصة يف‬
‫اإلقامة بدار الشرك ملن ال خياف الفتنة‪ ،)94(-‬و ذكر جمموعة من األحاديث اليت سريد ذكر بعضها‬
‫يف أدلة املذهب‪ -‬الثاين‪.‬‬

‫الم ''ذهب الث 'اني‪ :‬التفص ‪--‬يل‪ ،‬وهو م ‪--‬ذهب احلنفية(‪ ،)95‬والش ‪--‬افعية‪ ،)96(-‬واحلنابلة(‪ ،)97‬ق ‪--‬الوا‪:‬‬
‫الناس في اهلجرة علي ثالثة أضرب‪:‬‬

‫األول‪ :‬من جتب علي‪-- - - - -‬ه‪ ،‬وه‪-- - - - -‬و‪ :‬من يق‪-- - - - -‬در عليها وال ميكنه إظه‪-- - - - -‬ار دينه وال متكنه إقامة‬
‫ين َت َوفَّ ُ‬
‫اه ُم‬ ‫واجبات دينه مع املقام‪ -‬بني الكفار‪ ،‬فهذا جتب عليه اهلج‪--‬رة؛ لقوله عز وج‪--‬ل‪( :‬إِ َّن الَّ ِذ َ'‬
‫ض قَ''ال َْواْ أَلَ ْم تَ ُك ْن‬‫ين فِي األ َْر ِ‬ ‫الْمآلئِ َك' ةُ' ظَ''الِ ِمي أَْن ُف ِس ' ِه 'م قَ''الُواْ فِيم ُكنتُم قَ''الُواْ ُكنَّا مستَ ْ ِ‬
‫ض ' َعف َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص 'يراً)(‪ ،)98‬وه ‪--‬ذا وعيد‬ ‫اءت م ِ‬
‫َّم َو َس ' ْ َ‬
‫اه ْم َج َهن ُ‬ ‫'اج ُرواْ' فِ َيها فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫ك َم'أ َْو ُ‬ ‫ض اللّ' ِ'ه وا ِس 'عةً َفُت َه' ِ‬
‫َ َ‬ ‫أ َْر ُ‬
‫شديد‪ ،‬يدل على الوجوب‪.‬‬

‫ولقوله ‪-‬ص‪-- - - -‬لى اهلل عليه وس‪-- - - -‬لم‪" :-‬أنا ب ' ' ''ريء من مس ' ' ''لم بين مش ' ' ''ركين‪ ،‬ال ت ' ' ''راءى‬
‫ناراهما"(‪ )99‬ومعن ‪--‬اه‪ -:‬ال يك‪- -‬ون مبوضع ي ‪--‬رى ن ‪--‬ارهم وي ‪--‬رون ن ‪--‬اره إذا أوق ‪--‬دت‪ ،‬وق ‪--‬ال املاوردي‪:‬‬
‫ومعن ‪--‬اه‪ -:‬ال يتفق رأيهم ‪--‬ا‪ ،‬فعرب عن ال ‪--‬رأي بالن ‪--‬ار‪ ،‬ألن اإلنس ‪--‬ان يستض ‪--‬يء ب ‪--‬الرأي كما يستض ‪--‬يء‪-‬‬
‫بالنار(‪.)100‬‬

‫وألن القي ‪-- -‬ام‪ -‬ب ‪-- -‬واجب دينه واجب على من يق ‪-- -‬در علي ‪-- -‬ه‪ ،‬واهلج ‪-- -‬رة من ض ‪-- -‬رورة ال ‪-- -‬واجب‬
‫وتتمته‪ ،‬وماال يتم الواجب إال به فهو واجب‪.‬‬

‫الث ‪- - -‬اين‪ :‬من ال هج‪-- - -‬رة علي‪-- - -‬ه‪ :‬وهو من يعجز عنها؛ إما ملرض‪ ،‬أو إك‪-- - -‬راه على اإلقام‪-- -‬ة‪ ،‬أو‬
‫ين‬ ‫ض‪--‬عف من النس‪--‬اء والول‪--‬دان‪ -‬وش‪--‬بههم‪ ،‬فه‪--‬ذا ال هج‪--‬رة عليه؛ لقوله عز وج‪--‬ل‪( :‬إِالَّ الْمستَ ْ ِ‬
‫ض َعف َ‬ ‫ُْ‬
‫س'ى اللّ''هُ‬ ‫ان الَ يَ ْس'تَ ِطيعُو َن ِحيلَ'ةً َوالَ َي ْهتَ' ُدو َن َس'بِيالً* فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫ك َع َ‬ ‫الر َج' َ َ َ‬
‫ِمن ِّ ِ‬
‫'ال والنِّس'اء والْ ِولْ' َد ِ‬
‫َ‬
‫أَن َي ْع ُف َو َع ْن ُه ْم َو َكا َن اللّهُ َع ُف ّواً غَ ُفوراً)(‪ ،)101‬وال توصف باستحباب؛ ألنه غري مقدور عليها‪.‬‬

‫ق‪-- -‬ال ابن عب‪-- -‬اس‪" :‬كنت أنا وأمي من املستض‪-- -‬عفني ممن ع‪-- -‬ذر اهلل‪ ،‬هي من النس‪-- -‬اء وأنا من‬
‫الولدان"(‪.)102‬‬
‫الثالث‪ -:‬من تستحب له ولا جتب عليه‪ :‬وهو من يق‪--‬در عليه‪--‬ا‪ ،‬لكنه يتمكن من إظه‪--‬ار دينه‬
‫وإقامته يف دار الكفر‪ ،‬فتستحب له؛ ليتمكن من جه‪--‬ادهم وتكثري املس‪-‬لمني ومع‪-‬ونتهم‪ -،‬ويتخلص‬
‫من تكثري الكف ‪-- - - - - - -‬ار وخمالطتهم ورؤية املنكر بينهم‪ ،‬وال جتب عليه؛ إلمك ‪-- - - - - - -‬ان‪ -‬إقامة واجب دينه‬
‫بدون اهلجرة‪ ،‬وقد كان العباس عم النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬مقيما مبكة مع إسالمه‪.‬‬

‫ومما يستدل به هلذا املذهب‪:‬‬

‫‪ -1‬عن أيب س‪--‬عيد اخلدري أن أعرابي ‪-‬اً أتى النيب فس ‪-‬أله عن اهلج‪--‬رة فق‪--‬ال‪" :‬ويح''ك‪ ،‬إن‬
‫الهج''رة ش 'أنها ش''ديد‪ ،‬فهل لك من إب''ل؟" ق ‪--‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪--‬ال‪" :‬فتعطي ص''دقتها؟"‬
‫ق ‪--‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪--‬ال‪" :‬فهل تمنح منه ''ا؟" ق ‪--‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪--‬ال‪" :‬فتحلبها ي ''وم وروده ''ا؟"‬
‫ق ‪-- - - - -‬ال‪ :‬نعم ق ‪-- - - - -‬ال‪" :‬فاعمل من وراء البح ' ' ' ''ار؛ ف ' ' ' ''إن اهلل لن يَتِ ' ' ' ' َ'رَك من عملك‬
‫شيئاً"(‪.)103‬‬

‫ووجه الداللة من احلديث ظ‪-- -‬اهرة‪ ،‬حيث لو ك‪-- -‬انت اهلج‪-- -‬رة واجبة عليه ملا ص‪-- -‬رفه‬
‫النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬عنها(‪.)104‬‬

‫‪ -2‬أخ ‪--‬رج مس ‪--‬لم عن بري ‪--‬دة ق ‪--‬ال‪ :‬ك ‪--‬ان رس ‪--‬ول اهلل ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪ -‬إذا أمر‬
‫أم‪-- -‬ريا على جيش أو س ‪-- -‬رية أوص‪-- -‬اه يف خاص‪-- -‬ته بتق‪-- -‬وى اهلل ومن معه من املس‪-- -‬لمني‬
‫خ ‪--‬رياً‪ ،‬مث ق ‪--‬ال‪" :‬أغ 'زوا باسم اهلل في س ''بيل اهلل‪ ،‬ق ''اتلوا من كفر باهلل‪ "...‬إىل أن‬
‫قال‪" :‬ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين‪ '،‬وأخبرهم' أنهم إن‬
‫فعل' ' ''وا ذلك فلهم ما للمه' ' ''اجرين' وعليهم ما على المه' ' ''اجرين‪ '،‬ف ' ' 'إن أب' ' ''وا أن‬
‫يتحولوا منها فأخبرهم' أنهم يكون''ون كأعراب المس''لمين‪ ،‬يج''ري عليهم حكم‬
‫اهلل ال''ذي يج''ري على المؤم''نين‪ ،‬وال يك''ون لهم في الغنيمة والفيء' ش''يء‪ ،‬إال‬
‫أن يجاهدوا مع المسلمين"(‪.)105‬‬
‫ق ‪--‬ال الن ‪--‬ووي‪" :‬معىن ه ‪--‬ذا احلديث‪ :‬أهنم إذا أس ‪--‬لموا اس ‪--‬تحب هلم أن يه ‪--‬اجروا إىل املدين ‪--‬ة‪،‬‬
‫ف‪-- -‬إن فعل ‪-- -‬وا ذلك ك ‪-- -‬انوا كامله ‪-- -‬اجرين قبلهم يف اس ‪-- -‬تحقاق الفيء والغنيمة‪ -‬وغري ذل ‪-- -‬ك‪ ،‬وإال فهم‬
‫أعراب‪ ،‬كسائر أعراب املسلمني الساكنني يف البادية من غري هجرة وال غزو"(‪.)106‬‬

‫وهبذا يت‪-- -‬بني رجح‪-- -‬ان م‪-- -‬ذهب اجلمهور؛ لق‪-- -‬وة أدلتهم وس‪-- -‬المتها‪ -‬من املناقش‪-- -‬ة‪ ،‬وقد ذهب‬
‫الش ‪-- -‬افعية(‪ )107‬إىل أن من يق‪-- - -‬در على االمتن‪-- - -‬اع‪ -‬واالع‪-- - -‬تزال ويق‪-- - -‬در على ال‪-- - -‬دعاء ‪-‬أي ال ‪-- -‬دعوة‪--‬‬
‫والقت ‪--‬ال‪ ،‬فه ‪--‬ذا جيب عليه أن يقيم يف دار احلرب؛ ألهنا ص ‪--‬ارت بإس ‪--‬المه واعتزاله دار اإلس ‪--‬الم‪،‬‬
‫وجيب عليه دعاء املشركني إىل اإلسالم‪ -‬مبا استطاع من نصرته جبدال أو قتال‪.‬‬

‫ومن يق ‪--‬در على االمتن ‪--‬اع‪ -‬واالع ‪--‬تزال وال يق ‪--‬در على ال ‪--‬دعاء والقت ‪--‬ال‪ ،‬فه ‪--‬ذا جيب عليه أن‬
‫يقيم وال يه‪--‬اجر‪ ،‬ألن داره ص‪--‬ارت باعتزاله دار إس‪--‬الم‪ ،‬وإن ه‪--‬اجر عنها ع‪--‬ادت دار ح‪--‬رب‪ ،‬وال‬
‫جيب عليه الدعاء والقتال لعجزه عنه‪.‬‬

‫وذهبوا إىل أنه يستثىن من وجوب اهلجرة من يف إقامته مصلحة للمسلمني‪ ،‬فقد حكى ابن‬
‫عبد الرب وغريه أن إسالم العباس كان قبل بدر‪ ،‬وكان يكتم‪--‬ه‪ ،‬ويكتب إىل النيب ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ -‬بأخبار املش‪-‬ركني‪ ،‬وك‪-‬ان املس‪-‬لمون يثق‪-‬ون‪ -‬ب‪-‬ه‪ ،‬وك‪-‬ان حيب الق‪-‬دوم على النيب ‪-‬ص‪-‬لى اهلل‬
‫عليه وس ‪--‬لم‪ ،-‬فكتب إليه النيب ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪ -‬أن مقامك مبكة خ ‪--‬ري‪ ،‬مث أظهر إس ‪--‬المه‬
‫يوم فتح مكة‪.‬‬

‫وبين‪-- -‬وا‪ -‬أن حمل اس‪-- -‬تحباب اهلج‪-- -‬رة ما مل ي‪-- -‬رج ظه ‪- -‬ور اإلس‪-- -‬الم‪ -‬هن‪-- -‬اك مبقام‪-- -‬ه‪ ،‬ف‪-- -‬إن رج‪-- -‬اه‬
‫فاألفضل أن يقيم‪ ،‬ولو ق ‪-- -‬در على االمتن ‪-- -‬اع ب ‪-- -‬دار احلرب واالع ‪-- -‬تزال وجب عليه املق ‪-- -‬ام هبا؛ ألن‬
‫موض‪--‬عه دار إس‪--‬الم‪ ،‬فلو ه‪--‬اجر لص‪--‬ارت دار ح‪--‬رب‪ ،‬فيح‪--‬رم ذل‪--‬ك‪ ،‬نعم إن رجي نص‪--‬رة املس‪--‬لمني‬
‫هبجرته فاألفضل أن يهاجر‪.‬‬

‫وبن‪--‬اء على ما ت‪--‬رجح وهو اس‪--‬تحباب اهلج‪--‬رة ال وجوهبا‪ ،‬ف‪--‬إن دخ‪--‬ول البالد غري اإلس‪--‬المية‪-‬‬
‫واإلقامة هبا جائز‪ ،‬الس‪--‬يما عند احلاجة إىل ذلك أو االض‪--‬طرار إلي‪--‬ه‪ ،‬وه‪--‬ذا ما ق‪-‬رره إعالن‪ -‬الق‪--‬اهرة‬
‫ح ‪--‬ول حق ‪--‬وق اإلنس ‪--‬ان‪ -‬الص ‪--‬ادر عن منظمة املؤمتر اإلس ‪--‬المي‪ -‬ع ‪--‬ام ‪1990‬م حيث نص يف املادة‬
‫الثانية عش ‪-- -‬رة على أن‪" :‬لكل إنس ‪-- -‬ان احلق ‪-‬يف إط ‪-- -‬ار الش ‪-- -‬ريعة‪ -‬يف حرية التنق ‪-- -‬ل‪ ،‬واختي‪-- -‬ار حمل‬
‫إقامته داخل بالده أو خارجها‪ ،‬وله إذا اض‪--‬طهد حق اللج‪--‬وء إىل بلد آخ‪--‬ر‪ ،‬وعلى البلد ال‪--‬ذي جلأ‬
‫إليه أن جيريه حىت يبلغ مأمنه‪ ،-‬ما مل يكن سبب اللجوء اقرتاف جرمية يف نظر الشرع"(‪.)108‬‬

‫وميكن أن يستدل هلذا احلكم مبا يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حني رجع النيب ‪-‬ص‪-- - -‬لى اهلل عليه وس‪-- - -‬لم‪ -‬من الط‪-- - -‬ائف دخل يف ج‪-- - -‬وار املطعم بن‬
‫عدي وكان كافراً(‪ ،)109‬وقد حفظ النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وس‪--‬لم‪ -‬للمطعم ه‪--‬ذا اجلمي‪--‬ل‪ ،‬فق‪--‬ال يف‬
‫أسارى بدر‪" :‬لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في ه''ؤالء النتنة ل''تركتهم له"(‪ )110‬أي‬
‫لو كلمه يف طلب ف‪--‬دائهم ل‪--‬رتكهم له النيب ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪ -‬بال ف‪--‬داء؛ ج‪--‬زاء ص‪--‬نيعه قبل‬
‫اهلجرة‪.‬‬

‫ثاني'اً‪ :‬دخ‪--‬ول أيب بكر الص‪--‬ديق رضي اهلل عنه يف ج‪--‬وار ابن الدغن‪--‬ة‪ ،‬وذلك ملا ض‪--‬اقت عليه‬
‫مكة وأص ‪--‬ابه األذى استأذن النيب ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪ -‬يف اهلج ‪--‬رة ف ‪-‬أذن ل ‪--‬ه‪ ،‬فخ ‪--‬رج مه ‪--‬اجراً‬
‫حىت إذا س‪-‬ار من مكة يوم‪-‬اً لقيه ابن الدغنة وهو س‪-‬يد األح‪-‬ابيش س‪-‬أله عن س‪-‬بب خ‪-‬روج ف‪-‬أخربه‬
‫فقال له‪ :‬ارجع فإنك يف جواري‪ ،‬فرجع معه ودخل يف جواره(‪.)111‬‬

‫ثالث' ' ' 'اً‪ :‬هج‪-- - - -‬رة الص‪-- - - -‬حابة رضي اهلل عنهم إىل احلبشة ودخ‪-- - - -‬وهلم يف ج‪-- - - -‬وار النجاشي قبل‬
‫إس ‪-- - -‬المه(‪ ،)112‬ومنهم‪ :‬من بقي فيها حىت ق ‪-- - -‬دم على النيب ‪-‬ص ‪-- - -‬لى اهلل عليه وس ‪-- - -‬لم‪ -‬يف الس ‪-- - -‬نة‬
‫الس ‪-- -‬ابعة من اهلج ‪-- - -‬رة‪ ،‬كما ق ‪-- - -‬ال أبو موسى رضي اهلل عن ‪-- - -‬ه‪" :‬بلغنا خمرج النيب ‪-‬ص ‪-- - -‬لى اهلل عليه‬
‫وس‪--‬لم‪ -‬وحنن ب ‪--‬اليمن فركبنا س ‪--‬فينة‪ ،‬فألقتنا س‪--‬فينتنا إىل النجاشي باحلبش ‪--‬ة‪ ،‬فوافقنا جعفر بن أيب‬
‫طالب‪ ،‬فأقمنا معه حىت قدمنا‪ ،‬فوافقنا النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حني افتتح خيرب‪ ،‬فقال النيب‬
‫‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان"(‪.)113‬‬

‫فهذه األدلة تدل على مشروعية جلوء املسلم إىل غري بالد اإلسالم‪ -‬عند احلاجة ل‪--‬ذلك‪ ،‬وقد‬
‫ذكر ابن ح ‪--‬زم أن حممد بن ش ‪--‬هاب الزه ‪--‬ري ك ‪--‬ان عازم ‪-‬اً على أنه إن م ‪-‬ات هش ‪--‬ام بن عبد امللك‬
‫حلق ب ‪--‬أرض ال ‪--‬روم‪ ،‬ألن الوليد بن يزيد ك ‪--‬ان ن ‪--‬ذر دمه إن ق ‪--‬در علي ‪--‬ه‪ ،‬وقد ك ‪--‬ان هو ال ‪--‬وايل بعد‬
‫هشام‪ ،‬قال ابن حزم‪" :‬من كان هكذا فهو معذور"(‪.)114‬‬

‫المطلب الثاني'‬

‫ضوابط اللجوء السياسي في الفقه اإلسالمي‬

‫أوالً‪ :‬ضوابط لجوء غير المسلم إلى البالد اإلسالمية‪':‬‬


‫ذكر الفقهاء مجلة من الضوابط والشروط ملنح غري املسلم حق اللجوء إىل بالد املسلمني؛‬
‫وذلك حلفظ الدولة اإلس‪--‬المية‪ -‬من دخ‪--‬ول املفس‪--‬دين وأص‪--‬حاب األغ‪--‬راض الس‪--‬يئة‪ -:‬كاجلواس‪--‬يس‪،‬‬
‫واجملرمني‪ ،‬ومن هذه الضوابط ما يلي‪:‬‬

‫الضابط األول‪ :‬من ميلك منح اللجوء السياسي‪ -‬لغري املسلم‪:‬‬


‫تق‪-‬دم أن الفقه اإلس‪-‬المي‪ -‬يعرب عن اللج‪-‬وء السياسي‪ -‬بعب‪-‬ارة أخ‪-‬رى وهي (عقد األم‪-‬ان) وقد‬
‫تن ‪--‬اول الفقه ‪--‬اء ص ‪--‬وراً عدي ‪--‬دة ت ‪--‬بني من له احلق يف منح عقد األم ‪--‬ان‪ -،‬لغري املس ‪--‬لمني‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو التايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ال خالف بني الفقهاء يف أن أم‪-‬ان إم‪-‬ام املس‪-‬لمني ج‪-‬ائز؛ ألنه مق‪-‬دم للنظر واملص‪-‬لحة‪،‬‬
‫وألنه نائب عن اجلميع يف جلب املنافع ودفع املضار(‪.)115‬‬

‫ثانياً'‪ :‬يصح أم‪--‬ان أمري جيش املس‪--‬لمني ألهل بل‪--‬دة ويل قت‪--‬اهلم فق‪--‬ط‪ ،‬أما يف حق غ‪--‬ريهم فهو‬
‫كآحاد املسلمني؛ ألن له الوالية‪ -‬على قتال أولئك دون غريهم(‪.)116‬‬

‫ثالثاً'‪ :‬اختلف الفقهاء يف أمان آحاد املسلمني على مذهبني‪:‬‬

‫املذهب‪ -‬األول‪ :‬يصح األمان من الواحد‪ ،‬سواء أ ّمن مجاعة كثرية‪ ،‬أم قليلة أم أهل مصر أو‬
‫قرية‪ ،‬وهو مذهب احلنفية(‪.)117‬‬

‫لعموم قوله ‪-‬صلى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬ويسعى بذمتهم' أدن''اهم'"(‪ ،)118‬وألن الوق‪--‬وف على‬
‫حالة القوة والضعف ال يقف على رأي اجلماعة‪ ،‬فيصح من الواحد‪.‬‬

‫املذهب‪ -‬الث‪- -‬اين‪ :‬يصح األم ‪--‬ان من الواحد ألهل القرية الص ‪--‬غرية و الع‪- -‬دد القلي ‪--‬ل‪ ،‬أما ت‪- -‬أمني‬
‫العدد الذي ال ينحصر فهو من خصائص اإلمام‪ ،‬وهو مذهب اجلمهور(‪ )119‬ألن ذلك يفضي إىل‬
‫تعطيل اجلهاد بأماهنم‪ ،‬ويؤدي إلى االفتيات على اإلمام‪.‬‬

‫وهو األظه‪--‬ر‪ ،‬وعم‪--‬وم احلديث ال‪--‬ذي اس‪--‬تدل به احلنفية خمص‪--‬وص مبا ال ي‪--‬ؤدي إىل الإض‪--‬رار‬
‫باملسلمني‪ ،‬كأمان الكافر وغري املكلف‪.‬‬

‫الضابط الثاين‪ :‬أن ال يرتتب على عقد األمان‪ -‬ضرر باملسلمني‪:‬‬


‫أج‪-- -‬يز عقد األم‪-- -‬ان ملا فيه من املص‪-- -‬احل الدينية والدنيوية‪ -‬كما تق‪-- -‬دم‪ ،‬ف‪-- -‬إذا ت‪-- -‬رتب على ذلك‬
‫إض‪--‬رار باملس‪--‬لمني يف دينهم أو دني‪--‬اهم فال يصح عقد األم‪--‬ان‪ ،‬ألن ش‪--‬روط ص‪--‬حة عقد األم‪--‬ان‪ -‬أن‬
‫ال يكون فيه مضرة للمسلمني(‪.)120‬‬

‫الضابط الثالث‪ :‬شروط من يبذل األمان‪:‬‬


‫ذكر الفقه‪--‬اء ش‪--‬روطاً عدي‪--‬دة ملن حيق له منح حق اللج‪--‬وء السياسي لغري املس‪--‬لمني؛ وذلك‬
‫خلطورة هذا التصرف وما يتبعه‪ -‬من آث‪--‬ار دينية وأمنية‪ -‬واقتص‪--‬ادية على جمتمع املس‪--‬لمني‪ ،‬ومن ه‪--‬ذه‬
‫الشروط‪:‬‬

‫الش ''رط األول‪ :‬اإلس ''الم‪ ،‬فال يصح أم ‪--‬ان الك ‪--‬افر ولو ك ‪--‬ان يقاتل مع املس ‪--‬لمني عند عامة‬
‫الفقه ‪-- -‬اء(‪ ،)121‬وذلك ألنه متهم يف حق املس ‪-- -‬لمني فال ت ‪-- -‬ؤمن خيانت ‪-- -‬ه‪ ،‬وألنه إذا ك ‪-- -‬ان متهم ‪- -‬اً فال‬
‫يدري هل بىن أمانه على مراعاة مصلحة املسلمني أم ال؟‬

‫وذهب األوزاعي‪ -‬إىل أن الذمي لو غزا مع املسلمني ف ّأمن أحداً من الكف‪--‬ار‪ ،‬فلإلم‪--‬ام اخلي‪--‬ار‬
‫بني إمضائه أو رد املستأمن إىل مأمنه‪ ،)122(-‬واألول أظهر‪.‬‬

‫الش''رط الث''اني‪ :‬العق''ل‪ '،‬فال يصح أم ‪--‬ان اجملن ‪--‬ون‪ -‬باالتف ‪--‬اق‪ ،‬ألن العقل ش ‪--‬رط األهلي ‪--‬ة‪ ،‬وهو‬
‫فاقد له‪ ،‬وألن كلمه غري معترب‪ ،‬فال يثبت به حكم(‪.)123‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬البلوغ‪ ،‬فال يصح أم‪--‬ان الصيب غري املم‪--‬يز باالتف‪--‬اق‪ ،‬ق‪--‬ال ابن املن‪--‬ذر‪ .‬أمجع‬
‫أهل العلم أن أمان الصيب غري جائز‪ ،‬وقال اخلطايب‪ :‬ألن القلم مرفوع عنه(‪.)124‬‬

‫واختلفوا يف أمان الصيب املميز على مذهبني‪:‬‬

‫المذهب األول‪ ':‬يصح أمانه' إذا راهق البلوغ‪.‬‬

‫وهو ق ‪-- - -‬ول مالك(‪ )125‬وأمحد يف رواية(‪ ،)126‬وحممد بن احلسن(‪ ،)127‬ودليلهم‪ :‬عم‪-- - - -‬وم قوله‬
‫‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬ويس''عى' ب''ذمتهم أدن''اهم"(‪ )128‬فهو مس‪--‬لم مميز يعقل اإلس‪--‬الم ويص‪--‬فه‬
‫فيصح أمانه كالبالغ؛ ألن ما قارب الشيء أعطي حكمه يف كثري من األحكام‪.‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬ال يصح أمانه‪.‬‬

‫وهو ق‪-- - - -‬ول أيب حنيفة وأيب يوسف(‪ )129‬والش‪-- - - -‬افعي(‪ )130‬وأمحد يف رواية(‪ ،)131‬ودليلهم‪ :‬أن‬
‫الصيب مرف ‪--‬وع عنه القلم حىت يبل ‪--‬غ‪ ،‬واألم ‪--‬ان‪ -‬أمر خطري الس ‪--‬يما وقت احلرب‪ ،‬فيحت ‪--‬اج إىل عقل‬
‫راجح لتقدير املصاحل واملفاسد املرتتبة‪ -‬عليه والصيب واجملنون‪ -‬ليسا من أهل النظر يف العواقب‪-.‬‬

‫وهو األظهر؛ س ‪--‬داً لل ‪--‬ذرائع‪ ،‬ومنع ‪-‬اً للض ‪--‬رر ال ‪--‬ذي قد يص ‪--‬يب‪ -‬املس ‪--‬لمني من ذلك لو أجزنا‬
‫أم ‪--‬ان الص ‪--‬يب‪ ،‬وأما ما اس ‪--‬تدل به املذهب األول فيمكن أن يق ‪--‬ال‪ :‬ب ‪--‬أن احلديث خط ‪--‬اب للب ‪--‬الغني‬
‫كسائر األدلة الشرعية؛ ألن البلوغ والعقل مناط التكليف‪.‬‬

‫الش''رط الرب''ع‪ :‬االختي''ار‪ '،‬فال يصح أم ‪--‬ان املك ‪--‬ره؛ لعم ‪--‬وم قوله ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل عليه وس ‪--‬لم‪:-‬‬
‫"إن اهلل تج ''اوز عن أم ''تي الخطأ والنس ''يان وما اس ''تكرهوا' عليه"(‪ ،)132‬واألم ‪--‬ان‪ -‬حتت اإلك ‪--‬راه‬
‫ق‪--‬ول أك‪--‬ره عليه بغري ح‪--‬ق‪ ،‬فلم يص‪--‬ح‪ ،‬ك‪--‬اإلكراه على اإلق‪--‬رار والطالق وحنو ذل‪--‬ك‪ ،‬واختلف‪--‬وا يف‬
‫أمان األسري املسلم على مذهبني‪:‬‬

‫المذهب األول‪ ':‬ال يصح أمان األسير‪'.‬‬

‫وهو ق ‪-- -‬ول احلنفية(‪ )133‬واملالكية(‪ )134‬واألصح عند الش ‪-- -‬افعية(‪ )135‬والث ‪-- -‬وري(‪ ،)136‬ودليلهم‪:‬‬
‫أن األسري املسلم مقهور يف يد الكفار‪ ،‬فهو متهم يف حق بقية املسلمني؛ ألنه غري آمن‪ ،‬فصار يف‬
‫حكم املكره‪.‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬يصح أمان األسير‪.‬‬

‫وهو ق ‪--‬ول مرج‪- -‬وح للش ‪--‬افعية(‪ )137‬واحلنابلة واألوزاعي(‪ ،)138‬ودليلهم‪ :‬عم ‪--‬وم قوله ‪-‬ص ‪--‬لى‬
‫اهلل عليه وسلم‪" :-‬ويسعى' بذمتهم أدناهم"(‪.)139‬‬

‫واألول أظهر؛ ألن دليل املذهب‪ -‬الث ‪--‬اين خمص ‪--‬وص باألدلة األخ ‪--‬رى الدالة على ع ‪--‬دم اعتب ‪--‬ار‬
‫تصرفات املكره واملخطئ والناسي‪-.‬‬

‫الشرط الخامس‪ :‬الذكورة‪ ،‬ال خالف بني الفقهاء يف أن أم‪-‬ان املرأة ج‪-‬ائز‪ ،‬ق‪-‬ال اخلط‪-‬ايب‪:‬‬
‫أمجع عامة أهل العلم أن أمان املرأة جائز‪ ،‬ولكن اختلفوا يف نفاذه على مذهبني‪:‬‬

‫المذهب األول‪ ':‬أمان املرأة صحيح نافذ‪ ،‬وهو مذهب اجلمهور(‪ ،)140‬ودليلهم‪:‬‬

‫‪ -1‬حديث أم هاين املتقدم‪ -،‬وفيه قوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬قد أجرنا من أجرت يا‬
‫أم هاني"‪ ،‬وج‪--‬اء يف رواي‪--‬ة‪" :‬وآمنا من آمنت"(‪ )141‬أي أعطينا األم‪--‬ان‪ -‬ملن أعطيت‪--‬ه‪ ،‬ق‪--‬ال الن‪--‬ووي‪:‬‬
‫اس ‪-- -‬تدل بعض أص ‪-- -‬حابنا ومجهور العلم ‪-- -‬اء هبذا احلديث على ص‪-- -‬حة أم ‪-- -‬ان املرأة‪ ،‬ق ‪-- -‬الوا‪ :‬وتق ‪-- -‬دير‬
‫احلديث‪ :‬حكم الشرع صحة جوار من أجرت‪.‬‬

‫‪ -2‬عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬إن كانت املرأة لتجري على املؤمنني فيجوز"(‪.)142‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬أمان املرأة موقوف على إذن اإلمام‪ ،‬وهو قول بعض املالكية(‪.)143‬‬

‫ومحلوا أدلة اجلمهور على إجازة أمان املرأة ال صحته يف نفسه‪.‬‬

‫واألول أظهر ألن النيب ‪-‬ص ‪-- -‬لى اهلل عليه وس ‪-- -‬لم‪ -‬مل ينكر عليها األم ‪-- -‬ان‪ ،‬ولو ك ‪-- -‬ان أمانها‬
‫غري صحيح لبيّن ذلك لئال يغرت به‪.‬‬

‫الضابط الرابع‪ :‬أال يرتكب ناقضاً من نواقض عقد األمان‪:‬‬


‫ينتق‪-‬ض عقد األمان بأمور منها‪:‬‬

‫األول‪ ':‬نقض اإلم ' ''ام‪ :‬لو رأى اإلم‪-- - -‬ام املص‪-- - -‬لحة يف نبذ األم‪-- - -‬ان‪ ،‬وك‪-- - -‬ان بق‪-- - -‬اؤه شراً على‬
‫املس ‪--‬لمني‪ ،‬فله ذلك(‪)144‬؛ لقوله تع ‪--‬اىل‪َ ( :‬وإِ َّما تَ َخ''افَ َّن ِمن َق' ْ'وٍم ِخيَانَ''ةً' فَانبِ'' ْذ إِلَْي ِه ْم َعلَى َس'' َواء)‬
‫(‪ )145‬أي جه‪--‬راً ال س‪--‬را‪ ،‬وينبغي‪ -‬أن يعلمهم ب‪--‬ذلك؛ ملا روى أبو داود‪ ،‬والرتم‪--‬ذي‪ ،‬عن س‪--‬ليم بن‬
‫ع‪--‬امر ق‪--‬ال‪ :‬ك‪--‬ان بني معاوية وال‪--‬روم عهد وك‪--‬ان يسري حنو بالدهم؛ ليق‪--‬رب حىت إذا انقض العهد‬
‫غزاهم‪ ،‬فجاء رجل على ف‪-‬رس أو برذون وهو يق‪-‬ول‪ :‬اهلل أك‪--‬رب‪ ،‬اهلل أك‪-‬رب‪ ،‬وف‪-‬اء ال غ‪--‬در‪ ،‬فنظ‪-‬روا‬
‫ف‪--‬إذا ه ‪-‬و عم‪--‬رو بن عنبس‪--‬ة‪ ،‬فأرسل إليه معاوية فس ‪-‬أله‪ ،‬فق‪--‬ال‪ :‬مسعت رس‪--‬ول اهلل ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه‬
‫وس‪--‬لم‪ -‬يق‪--‬ول‪" :‬من كان بينه وبين قوم عهد فال يش' ّد عق''دة وال يحلها ح''تى ينقضي أم''دها‪،‬‬
‫أو ينبذ إليهم على سواء"‪ ،‬فرجع معاوية بالناس(‪.)146‬‬

‫الث ' ''اني‪ :‬رد المس ' ''تأمن' األم ' ''ان‪ :‬ق ‪-- -‬ال الن ‪-- -‬ووي‪ :‬إن املس ‪-- -‬تأمن إذا نبذ العهد وجب تبليغه‬
‫المأمن‪ ،‬وال يتعرض ملا معه بال خالف(‪.)147‬‬

‫الثالث‪ :‬مضي مدة األمان‪ ':‬إذا ك‪--‬ان األم‪--‬ان‪ -‬مؤقت‪-‬اً فإنه ينقضي‪ -‬مبضي املدة املق‪--‬ررة من غري‬
‫حاجة للنقض(‪.)148‬‬

‫وقد اختلف الفقهاء يف حتديد مدة عقد األمان‪:‬‬


‫فذهب احلنفية إىل أهنا تقدر بسنة واحدة(‪ )149‬وهو قول للشافعية(‪ ،)150‬وذهب الشافعية يف‬
‫ق‪--‬ول آخر إىل تق‪--‬ديرها بأربعة أش‪--‬هر(‪ ،)151‬وذهب احلنابلة إىل تق‪--‬ديرها بعشر س‪--‬نني(‪ ،)152‬واألظهر‬
‫يف ه‪--‬ذا أن التق‪--‬دير ي‪--‬رتك لنظر ويل األمر حبسب احلاجة ألنه مل ي‪--‬رد نص يس‪--‬تند إليه يف تق‪--‬ديرها‪،‬‬
‫فريجع يف ذلك إىل النظر واالجتهاد‪.‬‬

‫الرابع‪ ':‬عودة المستأمن' إلى دار الحرب‪ :‬لو عاد املستأمن إىل الكفار مستوطناً‪ -‬أو حماربا‬
‫ولو إىل غري داره فإنه ينتق‪-‬ض أمانه يف نفسه ال يف ماله عند مجه ‪-- - - -‬ور الفقه ‪-- - - -‬اء(‪ ،)153‬أما إن ع ‪-- - -‬اد‬
‫لتجارة أو متنزهاً‪ ،‬أو حلاجة يقضيها‪ -‬مث عاد إىل دار اإلسالم فهو على أمانه‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬عدم ارتكاب' خيانة‪:‬‬

‫‪ -1‬قرر الفقهاء أن املس‪--‬تأمن لو دخل دار اإلس‪--‬الم بأم‪--‬ان ملدة حمددة وك‪--‬ان قد ش‪--‬رط عليه‬
‫ع‪-- -‬دم القي ‪-- -‬ام‪ -‬بالتجسس على ع ‪-- -‬ورات املس‪-- -‬لمني أو الداللة على ع ‪-- -‬وراهتم باملكاتبة أو غريها فإنه‬
‫ينتقض عه‪--‬ده ب‪--‬ذلك باالتف‪--‬اق‪ ،‬وذلك ألن املعلق على ش‪--‬رط يك‪--‬ون مع‪--‬دوما عند ع‪--‬دم املش‪--‬روط‪،‬‬
‫وإذا نقض العهد فإنه ال يس‪-- - - - - - -‬تحق تبليغ المأمن‪ ،‬ألنه نقض عه‪-- - - - - - -‬ده‪ ،‬وفعل ما فيه ض‪-- - - - - - -‬رر على‬
‫املسلمني وهو أشبه ما لو قاتلهم‪.‬‬

‫‪ -2‬أما لو دخل مس ‪-- -‬تأمن دار اإلس ‪-- -‬الم‪ -‬بأم ‪-- -‬ان‪ -‬ملدة حمددة ومل يش ‪-- -‬رط عليه ع ‪-- -‬دم القي ‪-- -‬ام‪-‬‬
‫بالتجسس‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء يف ذلك على مذهبني‪:‬‬

‫الم' ' ''ذهب األول‪ :‬من دخل دار اإلس' ' ''الم بأم' ' ''ان ثم ت' ' ''بين أنه جاس' ' ''وس ينقل أخب' ' ''ار‬
‫المسلمين إلى العدو' فإنه ينتقض أمانه' بذلك‪.‬‬

‫وهو قول املالكية‪ )154(-‬واحلنابلة(‪ ،)155‬ودليلهم‪:‬‬

‫‪ -1‬ما رواه الش‪--‬يخان عن س‪-‬لمة بن األك‪-‬وع ق‪--‬ال‪ :‬أتى النيب ‪-‬ص‪-‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪ٌ -‬‬
‫عني‬
‫من املش ‪--‬ركني ‪-‬وهو يف س ‪--‬فر‪ -‬فجلس عند أص ‪--‬حابه يتح ‪--‬دث‪ ،‬مث انفت‪- -‬ل فق ‪--‬ال النيب ‪-‬ص ‪--‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم‪" :-‬اطلبوه واقتلوه" فقتلته‪ ،‬فنفله سلبه(‪.)156‬‬

‫ق ‪--‬ال ابن حج ‪--‬ر‪ :‬وقد ظهر الب ‪--‬اعث‪ -‬على قتله وأنه اطلع على ع ‪--‬ورة املس ‪--‬لمني وب ‪--‬ادر ليعلم‬
‫أصحابه فيغتنمون غرهتم‪ ،‬وكان يف قتله مصلحة للمسلمني‪.‬‬

‫‪ -3‬أن األم ‪--‬ان ال يقتضي‪ -‬التجس ‪--‬س‪ ،‬بل يقتضي‪ -‬االمتن ‪--‬اع عن ‪--‬ه‪ ،‬ف ‪--‬إن فعله املس ‪--‬تأمن انتق‪-‬ض‬
‫أمانه‪ ،‬ولو مل جنعله ناقضاً للعهد هبذا رجع إىل االستخفاف باملسلمني وضياع هيبتهم‪-.‬‬

‫المذهب الثاني‪ :‬ال ينتقض عهد المستأمن بذلك' وإنما يعاقب عقوبة منكلة ويحبس‬

‫وهو قول احلنفية‪ ،)157(-‬والشافعية(‪ .)158‬ودليلهم‪:‬‬

‫أن املس ‪-- -‬لم إذا جتسس مل يكن جتسسه ناقض ‪- -‬اً إلميانه فك ‪-- -‬ذلك جتسس املس ‪-- -‬تأمن ال يك ‪-- -‬ون‬
‫ناقضاً ألمانه‪.‬‬

‫وميكن أن يناقش هذا االس‪-‬تدالل ب‪-‬أن‪ -‬ه‪-‬ذا قي‪-‬اس مع الف‪-‬ارق‪ ،‬إذ إن العاصم ل‪-‬دم املس‪-‬لم هو‬
‫اإلس ‪--‬الم‪ -‬واإلميان ال العقد أو الش ‪--‬رط‪ ،‬فال ينقض‪ -‬إس ‪--‬المه إال بن ‪--‬واقض‪ -‬اإلس ‪--‬الم‪ -‬املعروف ‪--‬ة‪ ،‬وليس‬
‫منها التجس ‪-- - - - -‬س‪ ،‬يف حني أن املس ‪-- - - - -‬تأمن إمنا يعصم نفسه وماله بعقد األم ‪-- - - - -‬ان‪ ،‬فحيث أخل هبذا‬
‫الشرط يرجع احلكم إىل األصل‪ ،‬وهو إباحة دمه وماله‪.‬‬

‫واألول أظه‪--‬ر‪ ،‬ألن املس‪--‬تأمن ثبت له األم‪--‬ان مبقتضى عقد األم‪--‬ان‪ -،‬ف‪--‬إذا ثبت عليه اس‪--‬تغالل‪-‬‬
‫ذلك للتجسس على الدولة اإلسالمية‪ -‬فإنه يعترب بذلك خمالفاً لش‪--‬روط األم‪--‬ان‪ ،‬ويس‪--‬تحق العقوب‪--‬ة‪-،‬‬
‫وأدىن ما ميكن اختاذه معه اعتب‪-- - -‬اره‪ -‬شخص ‪- - -‬اً غري مرغ‪-- - -‬وب في‪-- - -‬ه‪ ،‬ويطلب منه مغ‪-- - -‬ادرة البالد على‬
‫الفور‪ ،‬مع مطالبة بالده باختاذ العقوبة‪ -‬الالزمة يف حقه‪ ،‬وميكن اختاذ عقوبة‪ -‬أشد من ذلك حبسب‬
‫ما يراه احلاكم املسلم‪.‬‬

‫السادس‪ ':‬عدم ارتكاب المستأمن' جناية‪:‬‬


‫لقد اختلفت م ‪--‬ذاهب الفقه ‪--‬اء يف عقوبة‪ -‬املس ‪--‬تأمن إذا ص ‪--‬درت منه بعض اجلرائم اليت متس‬
‫حق ‪--‬وق اهلل تع‪-- -‬اىل أو حق‪-- -‬وق العب‪-- -‬اد(‪ ،)159‬إال أهنم مل يقول‪-- -‬وا بنقض‪ -‬عقد األم‪-- -‬ان‪ -‬يف حقه بس ‪--‬بب‬
‫ارتكابه تلك اجلناية كما هو مثبت‪ -‬يف اهلامش‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬ضوابط لجوء المسلم إلى البالد غير اإلسالمية‪':‬‬


‫ذكر بعض الباحثني ضوابط جلواز جلوء املسلم إىل البالد غري اإلسالمية منها‪:‬‬

‫الضابط األول‪ :‬أن يؤكد من وقوع الظلم عليه يف دار اإلس‪--‬الم‪ -،‬وخيت‪--‬ار األرض اليت يك‪--‬ون‬
‫فيها آمناً هو وأهله وأمواله‪ ،‬وميكنه أن يعبد اهلل حبرية أكثر من بلده الذي كان فيه‪.‬‬

‫الض‪--‬ابط الث‪--‬اين‪ :‬أن ال يعني الكف‪--‬ار على املس‪--‬لمني ب‪--‬أي أس‪--‬لوب من أس‪--‬اليب اإلعان‪--‬ة‪ ،‬ك ‪-‬أن‬
‫يفشي هلم أسرار املسلمني‪ ،‬أو أن يقاتل معهم ضد املسلمني‪.‬‬

‫الض‪--‬ابط الث‪--‬الث‪ -:‬أن ين‪--‬وي الرج‪--‬وع إىل دار اإلس‪--‬الم ف‪--‬وراً بعد أن ت‪--‬زول األس‪--‬باب اليت من‬
‫أجلها ترك دار اإلسالم‪-.‬‬

‫الضابط الرابع‪ :‬أن يكون‪ -‬س‪-‬فرياً إس‪-‬المياً‪ -‬يف تلك البالد خبلقه وعمله وإخالص‪-‬ه‪ ،‬وأن يق‪-‬وم‬
‫بتعريف الناس باإلسالم إذا كانت تسمح له ظروف تلك الدولة وقوانينها‪.‬‬

‫الضابط اخلامس‪ :‬احلرص على عدم التأثر ب‪-‬أحوال غري املس‪-‬لمني‪ ،‬أو م‪-‬وافقتهم يف عقائ‪-‬دهم‬
‫أو أخالقهم أو خصائصهم‪ ،‬سواء يف ذلك الالجئ يف نفسه وكذلك أسرته ومن معه(‪.)160‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمني‪" :‬املقامة‪ -‬يف بالد الكفار البد فيها من شرطني أساسيني‪:‬‬

‫‪ -‬الش''رط األول‪ ':‬أمن املقيم على دينه حبيث يك‪--‬ون عن‪--‬ده من العلم واإلميان وق‪--‬وة العزمية‬
‫ما يطمئنه على الثب‪--‬ات على دينه واحلذر من االحنراف والزيغ ‪ ،...‬مبتع‪--‬دا‪ -‬عن م‪--‬واالهتم وحمبتهم‪،‬‬
‫فإن مواالهتم وحمبتهم مما ينايف اإلميان‪.‬‬
‫‪ -‬الش ' ''رط الث ' ''اني‪ :‬أن يتمكن من إظه‪-- - -‬ار دين‪-- - -‬ه‪ ،‬حبيث يق‪-- - -‬وم بش‪-- - -‬عائر اإلس‪-- - -‬الم ب ‪-- -‬دون‬
‫ممانع(‪.)161‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الدولي‬
‫من حيث حكم اللجوء السياسي وضوابطه‬
‫تبني من خالل الع‪-‬رض الس‪-‬ابق ملوقف كل من الفقه اإلس‪-‬المي‪ -‬والق‪-‬انون‪ -‬ال‪-‬دويل من مس‪-‬ألة‬
‫اللجوء السياسي‪ -‬بعض مواضع االتفاق‪ -‬واالفرتاق‪ ،‬وميكن تلخيص هذه املواضع فيما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬من حيث حكم' اللجوء السياسي‪:‬‬


‫‪ -1‬يقرر فقهاء القانون‪ -‬الدويل أن اللجوء السياسي‪ -‬حق كفلته التش‪--‬ريعات الدولية وحثت‬
‫عليه ودافعت عن‪-- -‬ه‪ ،‬وقد تكللت تلك اجله‪-- -‬ود بإنش‪-- -‬اء املفوض‪-- -‬ية‪ -‬الس‪-- -‬امية لش‪-- -‬ؤون الالج‪-- -‬ئني‪ ،‬مما‬
‫يؤكد أن حق اللجوء السياسي‪ -‬من احلقوق ذات األمهية الكربى يف القانون‪ -‬الدويل‪.‬‬

‫والشريعة اإلسالمية قد سبقت تلك التشريعات بقرون عديدة بتقرير هذا احلق السامي من‬
‫خالل النصوص الشرعية واالجتهادات الفقهية‪ -‬اليت بينت مشروعيته وضوابطه كما تقدم‪.‬‬

‫‪ -2‬يتضح من الع‪--‬رض الس‪--‬ابق أن محاية الالج‪--‬ئني مس‪--‬ؤولية ال‪--‬دول‪ ،‬ومنح ه‪--‬ذا احلق مل‪--‬زم‬
‫هلا‪ ،‬السيما الدول املنضمة‪ -‬إىل اتفاقية ‪ ،1951‬وبروتوك‪-‬ول ع‪--‬ام ‪ ،1967‬وي‪-‬رى فقه‪--‬اء الق‪--‬انون‬
‫ال‪-- -‬دويل ‪-‬على ال‪-- -‬رأي ال‪-- -‬راجح‪ -‬أن محاية الالجئ بع‪-- -‬دم ط‪-- -‬رده أو رده إىل دولة االض‪-- -‬طراب من‬
‫املب ‪--‬ادئ العامة للق ‪--‬انون ال ‪--‬ذي أقرته األمم املتمدن ‪--‬ة‪ ،‬ومن مث فهو مل ‪--‬زم جلميع ال ‪--‬دول‪ ،‬ولو مل تكن‬
‫أطرافاً يف املعاهدات الدولية اليت أقرته‪.‬‬

‫أما الفقه اإلس ‪--‬المي‪ -:‬فإنه يق ‪--‬رر ب ‪--‬أن منح حق اللج ‪--‬وء لغري املس ‪--‬لم ليس قاص ‪--‬راً على الدولة‬
‫فق ‪--‬ط‪ ،‬بل هو حق ث ‪--‬ابت ل ‪--‬رئيس الدولة ونوابه وآح ‪--‬اد املس ‪--‬لمني املكلفني من الرج ‪--‬ال أو النس ‪--‬اء‪،‬‬
‫كما دل عليه قوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬ذمة المسلمين واحدة‪ '،‬يس''عى بها أدن''اهم"(‪،)162‬‬
‫وقوله ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪ -‬ألم ه‪--‬انئ‪" :‬قد أجرنا' من أجرت' يا أم ه''انئ"(‪ ،)163‬وميكن ل‪--‬ويل‬
‫األمر أن مينع رعايا الدولة اإلس‪-- - -‬المية من مباش‪-- - -‬رة ه‪-- - -‬ذا احلق إذا رأى يف ذلك املص‪-- - -‬لحة‪ ،‬حبيث‬
‫يقصر منحه على اجله‪-- - - -‬ات الرمسية يف الدولة؛ اس‪-- - - -‬تنادا إىل ج‪-- - - -‬واز تقييد ويل األمر للمب‪-- - - -‬اح عند‬
‫احلاجة‪.‬‬

‫كما أن الفقه اإلس‪-- -‬المي‪ -‬ال يل‪-- -‬زم الدولة مبنح حق اللج‪-- -‬وء أو عقد األم‪-- -‬ان لكل من طلب ‪--‬ه‪،‬‬
‫وإمنا جعل ذلك واجبا يف حالة املصلحة الدينية‪ -،‬كسماع القرآن والتع‪-‬رف إىل ال‪-‬دين‪ ،‬أما يف غري‬
‫ه ‪-- - -‬ذه احلالة ف ‪-- - - -‬إن الدولة غري ملزمة هبذا احلق وهلا أن متتنع من منح األم ‪-- - - -‬ان‪ -‬إذا مل يكن يف ذلك‬
‫مصلحة خالصة أو راجحة‪ ،‬أو ترتب عليه ضرر عاجل أو آجل‪.‬‬

‫وال خيفى أن انض‪-- -‬مام الدولة اإلس‪-- -‬المية إىل العه‪-- -‬ود واملواثيق الدولية جيعلها ملزمة مبقتضى‪-‬‬
‫آمنُ''واْ أ َْوفُ''واْ بِ''الْعُ ُق ِ'‬
‫ود)(‪،)164‬‬ ‫تلك االتفاقي‪--‬ات‪ -،‬اس‪--‬تنادا إىل عم‪--‬وم قوله عز وج‪--‬ل‪( :‬يَا أ َُّي َها الَّ ِذ َ'‬
‫ين َ‬
‫وقوله ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬والمس''لمون على ش''روطهم‪ ،‬إال ش''رطاً ح''رم حالالً أو أحل‬
‫حراما"(‪.)165‬‬

‫ثانياً‪ :‬من حيث ضوابط اللجوء السياسي‪':‬‬


‫من خالل بي‪-- -‬ان ض‪-- -‬وابط اللج‪-- -‬وء السياسي يف كل من الق‪-- -‬انون‪ -‬ال‪-- -‬دويل والفقه اإلس ‪--‬المي‪-،‬‬
‫تتضح بعض أوجه االتفاق‪ -‬وأوجه االفرتاق‪ -،‬وذلك كما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أوجه االتفاق‪-:‬‬


‫‪ -1‬يتفق الق ‪-- -‬انون‪ -‬ال ‪-- -‬دويل مع الفقه اإلس‪-- -‬المي‪ -‬على ض ‪-- -‬رورة اس ‪-- -‬تيفاء‪ -‬الش ‪-- -‬روط واملع‪-- -‬ايري‬
‫اخلاصة بوضع ط ‪--‬الب األم ‪--‬ان‪ -‬وحق اللج ‪--‬وء السياس ‪--‬ي‪ ،‬حبيث يك ‪--‬ون‪ -‬اختالل بعض تلك الش ‪--‬روط‬
‫مانعا من منحه ذلك احلق‪.‬‬
‫فاحلف ‪--‬اظ على مص ‪--‬لحة الدولة املاحنة لألم ‪--‬ان وحق اللج ‪--‬وء أمر ب ‪--‬الغ األمهي ‪--‬ة‪ ،‬وهلذا يش ‪--‬رتط‬
‫الفقه اإلس‪-- - - -‬المي أن ال ي‪-- - - -‬رتتب على عقد األم‪-- - - -‬ان ض‪-- - - -‬رر باملس‪-- - - -‬لمني‪ ،‬وذلك ب‪-- - - -‬إيواء اجملرمني أو‬
‫املفس‪--‬دين لألدي‪--‬ان أو األب‪--‬دان أو األم‪--‬وال‪ ،‬وهو ‪-‬أيض ‪-‬اً‪ -‬ما أك‪--‬ده فقه‪--‬اء الق‪--‬انون‪ -‬ال ‪-‬دويل أن حق‬
‫اللج ‪-- -‬وء ال مينح لمن اق‪-- -‬رتف جرمية حبق الس‪-- -‬الم‪ ،‬أو جرمية ح‪-- -‬رب‪ ،‬أو جرمية ضد اإلنس ‪-- -‬انية‪ ،‬أو‬
‫ارتكب جرمية جس ‪-- -‬يمة خ ‪-- -‬ارج بلد امللج ‪-- -‬أ‪ ،‬أو ارتكب‪ -‬أعم ‪-- -‬اال خمالفة أله ‪-- -‬داف ومب ‪-- -‬ادئ األمم‬
‫املتح‪--‬دة‪ ،‬وكل ش‪--‬خص ه‪--‬رب من دولته بس‪--‬بب خروجه على الق‪--‬انون‪ -،‬ألن مثل ه‪--‬ؤالء خيض‪--‬عون‪-‬‬
‫ملبدأ تسليم اجملرمني يف القانون الدويل‪.‬‬

‫‪ -2‬يتفق كل من الفقه اإلس ‪-- -‬المي‪ -‬والق ‪-- -‬انون‪ -‬ال ‪-- -‬دويل على أن رج ‪-- -‬وع الالجئ بإرادته إىل‬
‫البلد ال‪--‬ذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه ص‪--‬فة الالجئ‪ ،‬حبيث ال يتمتع باآلث‪--‬ار املرتتبة على ذل‪--‬ك‪ ،‬إال‬
‫أن الفقه اإلس‪-- - -‬المي‪ -‬يق‪-- - -‬رر أن رفع األم‪-- - -‬ان‪ -‬يك‪-- - -‬ون يف حق الالجئ وح‪-- - -‬ده‪ ،‬دون ماله أو أهله ما‬
‫داموا باقني يف دار اإلسالم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أوجه االفتراق‪:‬‬


‫‪ -1‬يرى القانون الدويل أن أصحاب امليول اجلنسية املثلية ‪-‬وهم الش‪-‬واذ‪ -‬يس‪-‬تحقون‪ -‬منح‬
‫حق اللجوء على أساس التعرض لالضطهاد بسبب انتمائهم إىل طائفة اجتماعية معينة‪-.‬‬

‫والفقه اإلس ‪--‬المي ال يعد مثل ه ‪--‬ذا األمر مس ‪--‬وغاً ملنح األم ‪--‬ان‪ -،‬ألن الش ‪--‬ذوذ اجلنسي جرمية‬
‫يف الشريعة اإلسالمية‪ -،‬شرعت هلا عقوبات وتعزي‪--‬رات‪ ،‬حفاظ‪-‬اً على س‪--‬المة اجملتمع من االحنراف‬
‫األخالقي‪ ،‬ودرءاً للش‪-- - -‬رور واآلف‪-- - -‬ات اليت وقعت يف اجملتمع‪-- - -‬ات املتح‪-- - -‬ررة‪ ،‬كما هو مش‪-- - -‬اهد يف‬
‫الواقع‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يعد الق ‪--‬انون ال ‪--‬دويل األش ‪--‬خاص ال ‪--‬ذين جلأوا إىل اخلارج مع اس ‪--‬تمرار متتعهم حبماية‬
‫ومس ‪--‬اعدة حكوم‪-- -‬اهتم الج‪-- -‬ئني‪ ،‬ألهنم جلأوا باختي‪-- -‬ارهم‪ ،‬يف حني أن الفقه اإلس‪-- -‬المي‪ -‬ال يش ‪--‬رتط‬
‫ذل ‪-- -‬ك‪ ،‬فكل من طلب األم ‪-- -‬ان ل ‪-- -‬دخول دار اإلس‪-- -‬الم‪ -‬ميكن أن مينح ه‪-- -‬ذا احلق‪ ،‬ولو ك ‪-- -‬ان يتمتع‬
‫حبماية دولت‪-- -‬ه‪ ،‬إذ ال يقصر الفقه اإلس‪-- -‬المي حق اللج‪-- -‬وء يف ح ‪--‬االت االض‪-- -‬طهاد السياس‪-- -‬ي‪ ،‬وإمنا‬
‫جيمل أس ‪-- -‬باب طلب األم ‪-- -‬ان ب ‪-- -‬أن يك ‪-- -‬ون غرض‪- - -‬اً مش ‪-- -‬روعاً‪ ،‬فيش ‪-- -‬مل ذلك حتقيق املص‪-- -‬احل الدينية‬
‫والدنيوية‪ :‬كالسفارة‪ ،‬والعالج‪ ،‬والدراسة‪ ،‬والتجارة‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬يق ‪--‬رر الفقه اإلس ‪--‬المي‪ -‬أن عقد األم ‪--‬ان عقد م ‪--‬ؤقت‪ ،‬ينتهي‪ -‬بانته ‪--‬اء الغ ‪--‬رض ال ‪--‬ذي منح‬
‫ألجله‪ ،‬أو بانقضاء األجل احملدد له‪ ،‬يف حني أن القانون الدويل يرى أن هن‪--‬اك ح‪--‬االت يبقى فيها‬
‫الالجئ‪--‬ون بص‪--‬ورة دائم‪--‬ة‪ ،‬وين‪--‬دجمون‪ -‬يف بلد جلوئهم‪ ،‬كما أن هن‪--‬اك ح‪--‬االت ميكن أن ت‪--‬زول فيها‬
‫صفة الالجئ عند زوال األس‪-‬باب اليت أدت ملنحه حق اللج‪-‬وء‪ ،‬وال شك أن اإلع‪-‬ادة الطوعية‪ -‬إىل‬
‫الوطن هي األفضل عندما تكون الظروف مناسبة لذلك‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫آثار حق اللجوء السياسي‬
‫ي‪--‬رتتب على ثب‪--‬وت حق اللج‪--‬وء السياسي التزام‪--‬ات وواجب‪--‬ات على من ثبت له ذلك احلق‪،‬‬
‫ك ‪--‬االلتزام بق ‪--‬انون البلد املانح حلق اللج ‪--‬وء السياس ‪--‬ي‪ -،‬وت ‪--‬ويل الوظ ‪--‬ائف في ‪--‬ه‪ ،‬والتجنس جبنس ‪--‬يته‪،‬‬
‫واملشاركة يف اخلدمة العسكرية(‪ ،)166‬وحنو ذلك من مس‪--‬ائل معاص‪--‬رة يك‪--‬ثر الس‪--‬ؤال عنها واحلاجة‬
‫ماسة ملعرفة حكمها يف ض‪-- - - -‬وء النص‪-- - - -‬وص الدينية‪ -‬والقواعد الفقهية‪ -‬واملقاصد الش‪-- - - -‬رعية‪ ،‬ونظ‪-- - -‬راً‬
‫لتش‪--‬عب تلك املس‪--‬ائل وتفرعها سيقتصر ه‪--‬ذا الفصل على مس ‪-‬ألتني من تلك اآلث‪--‬ار فق‪--‬ط‪ ،‬وميكن‬
‫معرفة حكم بقية املسائل يف مظاهنا من الدراسات املعاصرة‪ ،‬وسيتناول‪ -‬هذا الفصل مبحثني‪ ،‬مها‪:‬‬

‫‪ -‬املبحث األول‪ :‬التجنس جبنسية بلد اللجوء السياسي‪-.‬‬

‫‪ -‬املبحث الثاين‪ :‬اخلدمة العسكرية يف بلد اللجوء السياسي‪-.‬‬

‫المبحث األول‬
‫التجنس بجنسية بلد اللجوء السياسي‬
‫اجلنس ‪-- - -‬ية يف اللغة مش ‪-- - -‬تقة من اجلنس‪ ،‬واجلنس كما يق ‪-- - -‬ول ابن ف ‪-- - -‬ارس‪" :‬هو الض ‪-- - -‬رب من‬
‫الش ‪-- - -‬يء‪ ،‬ق‪-- - - -‬ال اخللي‪-- - - -‬ل‪ :‬كل ض‪-- - - -‬رب جنس‪ ،‬وهو من الن‪-- - - -‬اس والطري واألش‪-- - - -‬ياء مجل‪-- - - -‬ة‪ ،‬واجلمع‬
‫أجناس"(‪.)167‬‬

‫ويف املعجم الوس‪-- -‬يط‪" :‬اجلنس ‪--‬ية‪ :‬الص ‪--‬فة اليت تلحق الش ‪--‬خص من جهة انتس ‪--‬ابه‪ -‬لش ‪--‬عب أو‬
‫أمة"(‪.)168‬‬

‫ويف االصطالح القانوين‪ :‬تعددت تعريفات فقهاء القانون‪ -‬للجنسية باعتبارات خمتلفة‪:‬‬
‫‪ -‬فمنهم‪ :‬من يزاوج بني اجلنسية واألمة‪ ،‬فعرفها بأهنا عالقة الشخص بأمة معينة‪.)169(-‬‬

‫ومنهم‪ :‬من ع‪-‬دها رابطة بني الف‪--‬رد والدول‪-‬ة‪ ،‬وليست وص‪-‬فاً للش‪-‬خص‪ ،‬س‪--‬واء أك‪--‬انت تلك‬
‫الرابطة قانونية فقط كما عرفها د‪ .‬ف‪-- - - - -‬ؤاد عبد املنعم ري‪-- - - - -‬اض فق‪-- - - - -‬ال‪" :‬عالقة قانونية بني الف ‪-- - -‬رد‬
‫والدول‪--‬ة‪ ،‬يصري الف‪--‬رد مبقتض‪--‬اها عض ‪--‬واً يف ش ‪--‬عب الدولة"(‪ ،)170‬أم ك‪--‬انت العالقة قانونية سياس ‪--‬ية‬
‫كما عرفها د‪ .‬ج‪--‬ابر ج‪--‬اد عبد ال‪--‬رمحن بأهنا‪" :‬العالقة السياس‪--‬ية‪ -‬والقانونية‪ -‬اليت ترب ‪-‬ط الف‪--‬رد بدولة‬
‫ما"(‪.)171‬‬

‫فمن خالل ما تق ‪--‬دم يظهر أن اجلنس ‪--‬ية رابطة سياس ‪--‬ية وقانونية‪ -‬بني الش ‪--‬خص ودولة معين ‪--‬ة‪-،‬‬
‫جتعله عضواً فيها‪ ،‬وتفيد انتماءه إليه‪-‬ا‪ ،‬وجتعله يف حالة تبعية سياس‪-‬ية هلا‪ ،‬ويس‪-‬مى من يتمتع هبذه‬
‫الرابطة وطنياً‪ -،‬أما الذي ال يتمتع هبا فهو األجنيب‪.‬‬

‫فاجلنس ‪--‬ية نظ ‪--‬ام ق ‪--‬انوين‪ ،‬تض ‪--‬عه الدولة؛ لتح ‪--‬دد به من هم وطني‪-‬وه ‪--‬ا‪ ،‬ويتم مبقتض ‪--‬اه‪ -‬التوزيع‬
‫القانوين لألفراد يف اجملتمع الدويل‪.‬‬

‫وجلنس ‪--‬ية الف‪--‬رد أمهية ك ‪--‬ربى يف حتديد حق‪--‬وق الش‪--‬خص وواجبات‪--‬ه‪ ،‬فللوطين حق‪--‬وق أك ‪--‬ثر‪،‬‬
‫وعليه التزام‪--‬ات أك‪--‬ثر من األجن‪--‬يب‪ ،‬فمثالً احلق‪--‬وق السياس‪--‬ية‪ -‬قاص‪--‬رة على الوطن‪--‬يني‪ ،‬وال يتمتع هبا‬
‫األج‪-- - -‬انب‪ ،‬وبعض الواجب‪-- - -‬ات قاص‪-- - -‬رة على الوطن‪-- - -‬يني كاخلدمة العس‪-- - -‬كرية‪ ،‬والوط‪-- - -‬نيون ال جيوز‬
‫إبعادهم عن إقليم الدولة بعكس الأجانب‪.‬‬

‫والذي يضع قواعد اجلنسية يف كل دولة هو قانوهنا الداخلي‪ ،‬وختتلف الدول فيما بينها يف‬
‫القواعد اليت تنظم مبقتضاها جنسيتها(‪.)172‬‬

‫أما فيما يتعلق مبنح الالجئ السياسي جنسية البلد ال‪-‬ذي جلأ إلي‪-‬ه‪ ،‬فقد ج‪-‬اء يف املادة (‪)34‬‬
‫من اتفاقية الالج ‪--‬ئني لع ‪--‬ام ‪" :1951‬تس ‪--‬هل ال ‪--‬دول املتعاق ‪--‬دة بق ‪--‬در اإلمك ‪--‬ان‪ -‬اس ‪--‬تيعاب‪ -‬الالج ‪--‬ئني‬
‫ومنحهم جنس ‪-- -‬يتها‪ ،‬وتب‪-- - -‬ذل ‪-‬على اخلص ‪-- -‬وص‪ --‬كل ما يف وس‪-- - -‬عها لتعجيل إج ‪-- -‬راءات التجنس‬
‫وختفيض أعباء ورسوم هذه اإلجراءات إىل أدىن حد ممكن"(‪.)173‬‬

‫وقد ق ‪--‬رر فقه ‪--‬اء الق ‪--‬انون‪ -‬ال ‪--‬دويل اخلاص أن اكتس ‪--‬اب اجلنس ‪--‬ية ال يف ‪--‬رض فرض‪- -‬اً‪ ،‬كما أن‬
‫اجلنس‪--‬ية ال ت‪--‬نزع كره ‪-‬اً‪ ،‬وقد أك ‪-‬دت املادة (‪ )15‬من وثيقة إعلان حق‪--‬وق اإلنس‪--‬ان الص‪--‬ادرة من‬
‫اجلمعية العامة لألمم املتح ‪--‬دة ع ‪--‬ام ‪1948‬م ه ‪--‬ذا املع ‪--‬ىن‪ ،‬حيث نصت على أن ‪--‬ه‪" :‬لكل ف ‪--‬رد حق‬
‫التمتع جبنسية ما‪ ،‬وأنه ال جيوز ‪-‬تعسفاً‪ -‬حرمان أي شخص من جنس‪--‬يته‪ ،‬وال من حقه يف تغيري‬
‫جنسيته"(‪.)174‬‬

‫ف ‪--‬إذا ه ‪--‬اجر بعض األش ‪--‬خاص من دولة إىل أخ ‪--‬رى فال يصح هلذه الدولة أن تف ‪--‬رض عليهم‬
‫جنس‪--‬يتها رغم ‪-‬اً عنهم‪ ،‬بل جيب أن حترتم إرادهتم‪ ،‬فتفتح هلم ب‪--‬اب التجنس‪ ،‬وختفف من ش‪--‬رائطه‬
‫إذا أرادت‪ ،‬أو متنحهم جنس ‪--‬يتها بفضل الق ‪--‬انون‪ ،‬فتضع القواعد العامة والش ‪--‬رائط الخاصة وت ‪--‬بيح‬
‫ملن تنطبق عليه ه‪--‬ذه القواعد أو اس‪--‬توىف ه‪--‬ذه الش‪--‬رائط أن ي‪--‬دخل يف جنس‪--‬يتها باختي‪--‬اره‪ ،‬أو تع‪--‬ده‬
‫سلفاً من رعاياها ما دام يطلق جنسيتها يف مدة معينة‪.)175(-‬‬

‫ف ‪--‬التجنس الط ‪--‬ارئ هو أن يكتسب‪ -‬الف ‪--‬رد جنس ‪--‬ية أخ ‪--‬رى غري جنس ‪--‬يته األص ‪--‬لية‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫من خالل أمرين‪:‬‬

‫األمر' األول‪ :‬تعبري إرادي من ج‪-- - - - - -‬انب الف‪-- - - - - -‬رد‪ ،‬حيث يعلن فيه عن رغبته يف اكتس ‪-- - - -‬اب‬
‫جنس‪--‬ية الدول‪--‬ة‪ ،‬فال يتص‪--‬ور التجنس جمرداً عن رغبة الف‪--‬رد‪ ،‬إذ ال جيوز للدولة أن تف‪--‬رض اجلنس‪--‬ية‬
‫الطارئة على األفراد دون االعتداد بإرادهتم يف ذلك‪.‬‬

‫وهذا التعبري له وجهان‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬سليب‪ ،‬وهو رغبة الفرد يف التخلي عن جنسيته األوىل‪.‬‬

‫وثانيهما‪ :‬إجيايب وهو إرادة اكتساب جنسية جديدة‪.‬‬

‫األمر' الث ''اني‪ :‬موافقة الس ‪--‬لطات املختصة يف الدولة على منح الف ‪--‬رد اجلنس ‪--‬ية‪ ،‬فرغبة الف ‪--‬رد‬
‫وح ‪--‬دها ال تكفي‪ -‬الكتس‪-- -‬اب جنس‪-- -‬ية الدول‪-- -‬ة‪ ،‬إذ حتتفظ الدولة حبق التق‪-- -‬دير املطلق لقب‪-- -‬ول طلب‬
‫التجنس من عدمه‪ ،‬وذلك عند توافر الشروط اليت تضعها الدولة يف املتقدم‪ -‬لطلب اجلنسية‪.‬‬

‫وختتلف الشروط اليت تضعها الدول الكتس‪--‬اب اجلنس‪--‬ية الطارئة وفق‪-‬اً لأله‪-‬داف اليت تس‪-‬عى‬
‫إليها السياسة التش‪-‬ريعية‪ -‬يف كل منه‪--‬ا‪ ،‬وميكن رد ه‪-‬ذه الش‪-‬روط إىل ثالث فئ‪-‬ات أساس‪-‬ية‪ :‬ش‪--‬روط‬
‫الزمة الندماج األجنيب يف اجلماعة الوطنية‪ ،‬وشروط تقتضيها محاية هذه اجلماعة‪ ،‬باإلض‪--‬افة على‬
‫الشروط اخلاصة باألهلية(‪.)176‬‬

‫أما من الناحية الفقهية الش ‪-- -‬رعية‪ ،‬فقد اختلف الفقه ‪-- -‬اء املعاص ‪-- -‬رون يف حكم جتنس املس‪-- -‬لم‬
‫جبنسية دولة غري مسلمة‪ ،‬وذلك على ثالثة اجتاهات‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ ':‬جواز تجنس المسلم بجنسية دولة غير مسلمة‪ ،‬وممن ق'ال ب'ه‪ :‬فض‪--‬يلة‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬يوسف القرض‪-- - - - -‬اوي و فض‪-- - - - -‬يلة أ‪ .‬د‪ .‬وهبة ال‪- - - - - -‬زحيلي‪ ،‬بش‪-- - - - -‬رط احملافظة على الشخص‪-- - - -‬ية‬
‫اإلسالمية‪.)177(-‬‬

‫معللني ذلك‪ :‬بأن‪ -‬التجنس ما هو إال لتنظيم العالقة‪ ،‬فاجلنسية تسهل له األمور‪ ،‬وتسهل له‬
‫‪-‬أيضاً‪ -‬االستفادة من خدماهتم‪.‬‬

‫االتج''اه الث''اني‪ :‬ج''واز تجنس المس''لم بجنس''يه دولة غ''ير مس''لمة عن االض''طرار‪ ،‬وممن‬
‫قال به فضيلة الشيخ احلاج عبد الرمحن بن باه‪ ،‬وفض‪--‬يلة الش‪--‬يخ حممد بن عبد اللطيف آل س‪--‬عد‪،‬‬
‫و فضيلة الشيخ أمحد بن حممد اخلليلي‪ ،‬والقاضي حممد تقي ال‪--‬دين العثم‪--‬اين‪ ،‬وفض‪--‬يلة الش‪--‬يخ علي‬
‫الطنطاوي(‪.)178‬‬

‫وغ‪--‬ريهم‪ ،‬معللني ذل‪--‬ك‪ ،‬ب‪--‬أن‪ -‬ذلك من ب‪--‬اب اإلك‪--‬راه واالض‪--‬طرار وقد ق‪--‬ال عز وج‪--‬ل‪( :‬إِالَّ‬
‫يم ِ'‬
‫ان)(‪ ،)179‬وقد اشرتطوا‪ -‬لذلك شروطاً منها‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ْن أُ ْك ِر َه َو َقلْبُهُ ُمط َْمئ ٌّن با ِإل َ‬
‫‪ -1‬أن تكون هنالك ضرورة حقيقية للتجنس باجلنسيات غري املسلمة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ال يك ‪-- -‬ون التجنس حب ‪- -‬اً للتش ‪-- -‬به بأهل الكف ‪-- -‬ر‪ ،‬والتس ‪-- -‬مي بأمسائهم‪ ،‬أو االتص ‪-- -‬اف‬
‫بأوصافهم‪.‬‬

‫‪ -3‬أال ي‪-- -‬ؤدي ه‪-- -‬ذا التجنس إىل تعطيل أو نقص ش‪-- -‬يء من أم‪-- -‬ور دينه أو جيره إىل م‪-- -‬واالة‬
‫أعداء اهلل‪ ،‬أو أن يقول أو يعمل ما خيالف الشرع‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يكون املتجنس ‪-‬وهو يف مهجره‪ -‬مصانة حقوقه الشخصية؛ دمه وماله وعرضه‪.‬‬

‫االتج' ''اه الث' ''الث‪ :‬التفص' ''يل والتفريق' بين ب' ''واعث طلب الجنس' ''ية وذل ' 'ك على النحو‬
‫التالي‪':‬‬

‫أوالً‪ :‬املس ‪-- - - -‬لمون ال ‪-- - - -‬ذين هم من أهل تلك البالد أو اس ‪-- - - -‬توىل غري املس ‪-- - - -‬لمني على بالدهم‬
‫وضموها إىل دولتهم‪ ،‬فهذه الفئة ال اختي‪-‬ار هلا يف ع‪--‬دم قب‪--‬ول جنس‪--‬ية تلك الدول‪--‬ة‪ ،‬فهم مكره‪--‬ون‬
‫عليها‪ ،‬وال إمث عليهم يف ذلك‪ ،‬بل قد جيب عليهم قبوهلا‪ ،‬ألهنا بالنسبة هلم وسيلة للحص‪--‬ول على‬
‫ض‪-- -‬روريات احلي‪-- -‬اة‪ ،‬ومن غريها ال يس‪-- -‬تطيع املس‪-- -‬لم القي‪-- -‬ام بواجباته جتاه نفسه وأهل‪-- -‬ه‪ ،‬فضال عن‬
‫القي‪-‬ام بواجبه جتاه اآلخ‪-‬رين‪ ،‬كال‪-‬دعوة والتعليم‪ ،‬وذلك ألن للوس‪-‬ائل أحك‪-‬ام املقاص‪-‬د‪ ،‬فما ال يتم‬
‫ال ‪--‬واجب إال به فهو واجب‪ ،‬كما أن ما ي ‪--‬ؤدي إىل احلرام فهو حمرم‪ ،‬وال شك أن إض ‪--‬رار املس ‪--‬لم‬
‫بنفسه ومن يع ‪-- -‬ول من غري م ‪-- -‬وجب ش ‪-- -‬رعي حمرم‪ ،‬وت ‪-- -‬رك اجلنس ‪-- -‬ية يف احلالة مفضٍ إىل اإلض ‪-- -‬رار‬
‫بنفسه ومن يعول‪ ،‬فيكون‪ -‬حمرماً(‪.)180‬‬

‫ثاني'اً‪ :‬املس‪--‬لمون ال‪--‬ذي اضطهدوا يف بالدهم واض‪--‬طروا إىل الف‪--‬رار إىل البالد غري اإلس‪--‬المية‪-‬‬
‫ومل جيدوا بل ‪--‬داً مس‪-- -‬لماً يلج‪-- -‬ؤون إلي ‪--‬ه‪ ،‬فه ‪--‬ذه الفئة جيوز هلا التجنس جبنس ‪--‬ية الدولة غري املس ‪--‬لمة‬
‫بشروط‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون مضطراً حقيقة وليس تومهاً‪.‬‬

‫‪ -2‬أن خيتار بلداً يكون‪ -‬فيه آمناً على دينه ونفسه وأهله‪.‬‬
‫‪ -3‬أن حيافظ على دينه وأهله‪.‬‬

‫‪ -4‬أن ينوي الرجوع إىل بلده عند تيسر ذلك‪.‬‬

‫ودليل ذل ‪--‬ك‪ :‬أن مثل ه ‪--‬ذا اإلنس ‪--‬ان مك ‪--‬ره‪ ،‬والش ‪--‬رع رخص للمك ‪--‬ره واملض ‪--‬طر الوقوع يف‬
‫احملظ‪-- -‬ور مبا يرفع عنه االض‪-- -‬طرار واإلك‪-- -‬راه‪ -،‬كما ق‪-- -‬ال عز وج‪-- -‬ل‪( :‬إِالَّ َم ْن أُ ْ'ك ' ِر َه َو َقلْبُ ''هُ ُمط َْمئِ ٌّن‬
‫'ان)(‪ )181‬وق‪--‬ال ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬أن اهلل تج''اوز عن أم''تي الخطأ والنس''يان وما‬ ‫يم' ِ'‬ ‫ِ‬
‫با ِإل َ‬
‫استكرهوا' عليه"(‪.)182‬‬

‫ثالثاً'‪ :‬املسلم الذي يتجنس ملصلحة اإلس‪-‬الم واملس‪-‬لمني‪ ،‬كتحص‪-‬يل بعض العل‪-‬وم املهمة اليت‬
‫ال تب ‪-- -‬ذل إال للمتجنسني من رعايا الدول ‪-- -‬ة‪ ،‬فمثل ه ‪-- -‬ذه الفئة ال م ‪-- -‬انع من جتنس ‪-- -‬ها باجلنس ‪-- -‬ية غري‬
‫اإلسالمية‪-‬؛ ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب‪.‬‬

‫رابع'اً‪ ':‬املس‪--‬لم ال‪--‬ذي يريد التجنس ملص‪--‬لحة نفس‪--‬ه‪ ،‬كتحص‪--‬يل قوت‪--‬ه‪ ،‬إذا مل يس‪--‬تطع ذلك يف‬
‫بلده أو بالد املسلمني‪ ،‬فليس له ذلك‪ ،‬ألن الغالب أن العم‪-‬ال حيص‪-‬لون على اإلقامة املؤقت‪-‬ة‪ -،‬لكن‬
‫لو ف ‪-- -‬رض أنه مض ‪-- -‬طر ل ‪-- -‬ذلك حبيث ال يس ‪-- -‬مح له بالعمل إال بعد التجنس فيج ‪-- -‬وز له ذل ‪-- -‬ك‪ ،‬ألنه‬
‫مضطر كما تقدم‪.‬‬

‫خامس' ' ' ' 'اً‪ ':‬التجنس جملرد أغ‪-- - - - - -‬راض دنيوية ال ض‪-- - - - - -‬رورة فيها وال مص‪-- - - - - -‬لحة لإلس‪-- - - - - -‬الم وال‬
‫للمس‪--‬لمني‪ ،‬وإمنا يتجنس املس‪--‬لم لالع ‪--‬تزاز واالفتخ‪--‬ار واالس‪--‬تكثار ف ‪--‬إن ذلك غري ج‪--‬ائز ملا فيه من‬
‫ت‪-- -‬ويل غري املس‪-- -‬لمني‪ ،‬وتكثري س‪-- -‬وادهم‪ ،‬وال‪-- -‬تزام ق‪-- -‬وانينهم‪ ،‬وال‪-- -‬دفاع عن بالدهم‪ ،‬وغري ذلك من‬
‫احملظ‪-- - -‬ورات الش‪-- - -‬رعية اليت يقع فيها املس‪-- - -‬لم عند جتنسه من غري ع‪-- - -‬ذر ش‪-- - -‬رعي‪ ،‬وال مس‪-- - -‬وغ من‬
‫ضرورة أو إكراه(‪.)183‬‬

‫وبعد هذا العرض املوجز ألهم آراء الفقهاء املعاصرين يف هذه املسألة‪ ،‬تظهر أمور‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن األصل يف التجنس جبنس ‪--‬ية دولة غري مس ‪--‬لمة احلرم ‪--‬ة‪ ،‬ملا يف ذلك من حمظ ‪--‬ورات‬
‫شرعية‪ ،‬تتمثل يف التزام القوانني الوض‪--‬عية‪ ،‬وقب‪--‬ول التح‪--‬اكم إليه‪--‬ا‪ ،‬مما يتن‪--‬اىف مع وج‪--‬وب التح‪--‬اكم‬
‫إىل الش‪--‬ريعة اإلس‪--‬المية دون س‪--‬واها‪ ،‬كما ق‪--‬ال عز وج‪--‬ل‪( :‬وأَنزلْنَا إِلَي َ ِ‬
‫ص'دِّقاً‬‫ْح ِّق ُم َ‬ ‫اب بِال َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫لِّما بين ي َدي ِه ِمن ال ِ‬
‫اءه ْم َع َّما‬‫َه َ'و ُ‬ ‫اب َو ُم َه ْي ِمناً َعلَْي''ه فَ' ْ‬
‫'اح ُكم' َب ْيَن ُهم بِ َما أَن' َ'ز َل اللّ''هُ َوالَ َتتَّبِ ْ'ع أ ْ'‬ ‫ْكتَ ِ'‬ ‫َ َْ َ َ ْ َ‬
‫'ل جعلْنَا ِمن ُكم ِش 'ر َعةً و ِم ْنهاج 'اً)(‪ ،)184‬وق ‪--‬ال‪( :‬أَفَح ْكم الْج ِ‬
‫اهلِيَّ ِة َي ْبغُ ''و َن‬ ‫'اءك ِمن الْح' ِّ ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫'ق ل ُك' ٍّ َ َ‬ ‫َج' َ َ َ‬
‫س' ُ'ن ِم َن اللّ ِ'ه ُح ْكم'اً لَِّق ْ'وٍم يُوقِنُ'و َن)(‪ ،)185‬كما أنه يتض‪--‬من ال‪--‬دفاع عن تلك البالد‪ ،‬وقد‬ ‫َح َ‬
‫َو َم ْن أ ْ‬
‫يك ‪--‬ون ذلك على حس ‪--‬اب الدولة املس ‪--‬لمة كما س ‪--‬يأت‪-‬ي‪ ،‬وه ‪--‬ذه أم ‪--‬ور تتن ‪--‬اىف مع أص ‪--‬ول اإلس ‪--‬الم‬
‫وقواع ‪--‬ده‪ -‬الكلية اليت تق ‪--‬وم على ال ‪--‬والء هلل ورس ‪--‬وله ودينه واملؤم ‪--‬نني‪ ،‬وال ‪--‬رباءة من الش ‪--‬رك والكفر‬
‫ِ‬
‫وأهله وع ‪-- -‬دم التع ‪-- -‬اون على اإلمث والع ‪-- -‬دوان‪ ،‬كما ق ‪-- -‬ال عز وج ‪-- -‬ل‪( :‬إِنَّ َما َوليُّ ُك ُم اللّ ' ''هُ َو َر ُس' ' 'ولُهُ‬
‫َّص َارى أ َْولِيَ''اء َب ْع ُ‬
‫ض' ُه ْم‬ ‫ود َوالن َ‬
‫والَّ ِذين آمنُواْ)(‪ ،)186‬وقال‪( :‬يا أ َُّيها الَّ ِذين آمنُواْ الَ َتت ِ‬
‫َّخ ُذواْ الَْي ُه َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ين)(‪ ،)187‬وق‪--‬ال عز‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أ َْولِيَ''اء َب ْع ٍ‬
‫ض َو َمن َيَت' َ'ول ُهم ِّمن ُك ْم فَِإنَّهُ م ْن ُه ْم إِ َّن اللّ''هَ الَ َي ْ'ه'دي الْ َق' ْ'و َم الظَّالم َ‬
‫ان)(‪.)188‬‬ ‫الت ْقوى والَ َتعاونُواْ َعلَى ا ِإلثْ ِ'م والْع ْدو ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ْبر َو َّ َ َ َ َ‬ ‫وجل‪َ ( :‬وَت َع َاونُواْ َعلَى ال ِّ‬

‫الث‪-- -‬اين‪ :‬أن الواقع يش‪-- -‬هد بوج‪-- -‬ود أع‪-- -‬داد كث‪-- -‬رية من املس‪-- -‬لمني املض‪-- -‬طهدين ال‪-- -‬ذين جلأوا إىل‬
‫البالد غري اإلس ‪--‬المية‪ -‬طلب‪- -‬اً لألمن أو لل ‪--‬رزق‪ ،‬فمثل ه ‪--‬ؤالء ي ‪--‬رخص هلم يف التجنس باجلنس ‪--‬ية غري‬
‫اإلس‪--‬المية بالش‪--‬روط املتقدمة مىت ما اض‪--‬طروا إىل ذل‪--‬ك‪ ،‬أما إذا ك‪--‬ان ميكن حتص‪--‬يل املص‪--‬احل ودرء‬
‫املفاسد دون احلاجة إىل التجنس فال جيوز هلم ذلك؛ مراعاة لألصل أن الضرورة تقدر بقدرها‪.‬‬

‫الث‪--‬الث‪ :‬حتص‪--‬يل بعض املص‪--‬احل احلاجية للمس‪--‬لم اليت ال ت‪--‬رقى إىل درجة الض‪--‬رورة‪ ،‬كدراسة‬
‫بعض العل ‪-- -‬وم املهم ‪-- -‬ة‪ ،‬أو القي ‪-- -‬ام بال ‪-- -‬دعوة إىل اهلل عز وج ‪-- -‬ل‪ ،‬إذا ك ‪-- -‬ان ال يتحصل إال ب ‪-- -‬التجنس‬
‫جبنس ‪--‬ية تلك الدول ‪--‬ة‪ ،‬فإنه يعامل معاملة املض ‪--‬طر ل ‪--‬ذلك؛ ألن احلاج ‪--‬ات ت ‪--‬نزل منزلة الض ‪--‬رورات‪،‬‬
‫كما قال الفقهاء(‪ ،)189‬مع مراعاة الشروط املتقدمة‪-.‬‬

‫وميكن تلخيص املقارنة بني القانون‪ -‬الدويل والفقه اإلسالمي‪ -‬فيما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬يتفق الق ‪-- -‬انون‪ -‬ال ‪-- -‬دويل والفقه اإلس ‪-- -‬المي‪ -‬يف أن منح اجلنس ‪-- -‬ية لالجئ أمر اختي ‪-- -‬اري‪،‬‬
‫يرجع إىل إرادت ‪--‬ه‪ ،‬دون إك ‪--‬راه أو ف ‪--‬رض‪ ،‬كما أن التجنس منحة من الدول‪-- -‬ة‪ ،‬إذ هو خيضع دائما‬
‫لسلطتها التقديرية املطلقة‪ ،‬حبيث ميكن أن تقبل طلب التجنس أو ترفضه‪.‬‬

‫ثانياً'‪ :‬جيوز لالجئ أن يطلب أن يكتسب جنس‪--‬ية بلد اللج‪--‬وء مىت ما ت‪--‬وافرت فيه الش‪--‬روط‬
‫اليت وضعتها الدولة‪ ،‬أما الفقه اإلس‪--‬المي‪ -:‬فيق‪--‬رر أن األصل يف التجنس جبنس‪--‬ية دولة غري مس‪--‬لمة‪:‬‬
‫احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظورات شرعية كما تق‪--‬دم‪ ،‬و يس‪--‬تثىن من ذلك بعض ح‪-‬االت الض‪--‬رورة‬
‫واحلاجة‪ ،‬وحتصيل بعض املصاحل املعتربة شرعاً‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الخدمة' العسكرية في بلد اللجوء السياسي‬
‫ي‪-- -‬رتتب‪ -‬على ثب‪-- -‬وت اجلنس‪-- -‬ية نش‪-- -‬وء حق‪-- -‬وق والتزام‪-- -‬ات بالنس‪-- -‬بة لكل من الف‪-- -‬رد والدول‪-- -‬ة‪،‬‬
‫في ‪--‬رتتب‪ -‬على انتم‪-- -‬اء الف‪-- -‬رد جلنس‪-- -‬ية الدولة التزامه بال‪-- -‬دفاع عن كي‪-- -‬ان الدول‪-- -‬ة‪ ،‬وأهم ص‪-- -‬ور ه‪-- -‬ذا‬
‫االلتزام‪ :‬التكليف اخلاص بأداء اخلدمة العسكرية(‪.)190‬‬

‫واخلدمة العس ‪-- -‬كرية هي ال ‪-- -‬واجب الوطين ال ‪-- -‬ذي يل ‪-- -‬زم به كل م ‪-- -‬واطن يف الدولة اليت ينتمي‬
‫إليها؛ لكي يكون مستعداً يف حالة نشوب احلرب مع دولة أخرى ليدافع عنها(‪.)191‬‬

‫وتُع‪ُّ - - -‬د اخلدمة العس ‪-- -‬كرية اإللزامية ‪-‬التجني ‪-- -‬د‪ -‬عنص ‪-- -‬راً من عناصر توحيد بن ‪-- -‬اء الشخص‪-- -‬ية‬
‫القومي ‪--‬ة‪ -،‬وجتربة هامة مش ‪--‬رتكة بني أف‪- -‬راد الش ‪--‬عب الواح ‪--‬د‪ ،‬كما يس ‪--‬اعد التجنيد على اس ‪--‬تخدام‬
‫الق‪--‬وات‪ -‬املس‪--‬لحة يف املش‪--‬اريع احليوية للش‪--‬عب كشق الط‪--‬رق واألقني‪--‬ة‪ -،‬وتنفيذ بعض خطط التنمية‪-‬‬
‫واإلسعاف يف حاالت الكوارث‪ -‬واحملن القومية(‪.)192‬‬

‫وقد استخدمت كثري من الدول التجنيد اإلجباري يف وقت احلرب‪ ،‬ولكن عدداً قليالً من‬
‫ال ‪--‬دول اس‪-- -‬تخدمته أثن‪-- -‬اء ف‪-- -‬رتة الس‪-- -‬لم‪ ،‬وقد اس‪-- -‬تغنت‪ -‬عنه دول مثل الوالي‪-- -‬ات املتح‪-- -‬دة األمريكية‬
‫وبريطانيا وأس‪-- -‬رتاليا‪ -‬ونيوزيلن‪-- -‬دا واهلند وباكس‪-- -‬تان‪ ،‬كما أن دوال أخ‪-- -‬رى كث‪-- -‬رية ‪-‬وخصوص‪- -‬اً يف‬
‫أوربا‪ -‬قد خفضت مدة اخلدمة(‪.)193‬‬

‫وينظم قواعد اخلدمة العس‪--‬كرية ق‪--‬انون اخلدمة العس‪--‬كرية والقض‪--‬اء العس‪--‬كري ال‪--‬ذي ختتلف‬
‫م ‪--‬واده القانونية‪ -‬تبع‪- -‬اً الختالف ال ‪--‬دول(‪ ،)194‬وقد تنص عليه بعض الدس ‪--‬اتري‪ ،‬كالدس ‪--‬تور الكوييت‬
‫واملصري وغريمها‪.‬‬

‫ومن خالل ه‪--‬ذا الع‪--‬رض املوجز يظهر أن اخلدمة العس‪--‬كرية واجب وطين على كل م‪--‬واطن‬
‫تت‪-- -‬وافر فيه الش‪-- -‬روط اليت حتددها ق‪-- -‬وانني التجني‪-- -‬د‪ ،‬من حيث السن واللياقة الص ‪-- -‬حية وغريها من‬
‫الش‪--‬روط‪ ،‬والالجئ السياسي‪ -‬عن‪--‬دما يتجنس جبنس‪--‬ية بلد اللج‪--‬وء تنطبق عليه ه‪--‬ذه الق‪--‬وانني‪ ،‬كما‬
‫ق ‪--‬ال د‪ .‬عز ال ‪--‬دين عبد اهلل‪" :‬ي ‪--‬رتتب على التجنس أن يكسب األجنيب ص ‪--‬فة الوطني ‪--‬ة‪ ،‬فيص ‪--‬بح له‬
‫وعليه ما لسائر مواطين الدولة وعليهم‪ ،‬دون تفرقة بينه وبني الوطين مبيالده"(‪.)195‬‬

‫وقد تناول الفقهاء املعاصرون(‪ )196‬هذه املسألة‪ -‬من ثالث جهات‪:‬‬

‫اجلهة األوىل‪ :‬اخلدمة اإلجبارية‪:‬‬


‫تقدم أن من آثار محل جنسية بلد اللجوء السياس‪--‬ي‪ :‬وج‪-‬وب ال‪-‬دفاع عن الدولة اليت ينتمي‬
‫إليه ‪--‬ا‪ ،‬وذلك أن بعض ال ‪--‬دول تل ‪--‬زم من ت ‪--‬وافرت فيه ش ‪--‬روط معينة‪ -‬باخلدمة العس ‪--‬كرية‪ ،‬ففي ه ‪--‬ذه‬
‫احلالة إذا وجد املس‪-- -‬لم وس‪-- -‬يلة لع‪-- -‬دم ال‪-- -‬دخول يف اخلدمة العس‪-- -‬كرية فعليه األخذ هبا‪ ،‬وإال فله أن‬
‫ينضم للخدمة العس ‪-- - - -‬كرية؛ ألنه مك ‪-- - - -‬ره‪ ،‬حبيث لو مل يفعل ذلك س ‪-- - - -‬يعاقب بالس ‪-- - - -‬جن وحنوه من‬
‫العقوبات‪ ،‬وقد قال ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" :-‬إن اهلل تجاوز عن أم'تي الخط'أ‪ ،‬والنس'يان‪ ،‬وما‬
‫استكرهوا' عليه"(‪ ،)197‬فدخوله اخلدمة العس‪-‬كرية مفس‪--‬دة‪ ،‬إال أن دخوله الس‪--‬جن مفس‪-‬دة أعظم‪،‬‬
‫وال شك أن املفاسد إذا ت‪-- - -‬زامحت ومل ميكن دفعها مجيع ‪- - -‬اً فت‪-- - -‬درأ املفس‪-- - -‬دة األعظم‪ ،‬ولو ارتكبت‬
‫املفسدة األدىن‪ ،‬كما ال خيفى‪.‬‬

‫وين‪-- - -‬وي ب‪-- - -‬ذلك الت‪-- - -‬درب على فن‪-- - -‬ون القت‪-- - -‬ال؛ حتقيق‪- - -‬اً لقوله عز وج‪-- - -‬ل‪( :‬وأ ِ‬
‫َع' ' ُّ'دواْ لَ ُهم َّما‬ ‫َ‬
‫استَطَ ْعتُم ِّمن ُق َّو ٍة)(‪ )198‬ولقوله ‪-‬ص‪--‬لى اهلل عليه وس‪--‬لم‪" :-‬المؤمن الق''وي خ''ير وأحب إلى اهلل‬
‫ْ‬
‫من المؤمن الضعيف‪ ،‬وفي كل خ''ير"(‪ ،)199‬وعليه أال يش‪--‬ارك يف القت‪--‬ال ضد املس‪--‬لمني إن وجد‬
‫كما سيأيت‪.‬‬

‫اجلهة الثانية‪ :‬اخلدمة االختيارية‪:‬‬


‫ويقصد ب‪--‬ذلك دخ‪--‬ول املس‪--‬لم الس‪--‬لك العس‪--‬كري كوظيفة لكسب ال‪--‬رزق‪ ،‬وال‪--‬ذي يظهر أن‬
‫ه ‪-- -‬ذا األمر ال جيوز؛ ملا فيه من تكثري س ‪-- -‬واد غري املس ‪-- -‬لمني‪ ،‬وتقوية‪ -‬ص ‪-- -‬فوفهم‪ ،‬وه ‪-- -‬ذا يتن ‪-- -‬اىف مع‬
‫آمنُ ' ''واْ الَ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫واجب م‪-- - -‬واالة‪ -‬املؤم‪-- - -‬نني وال‪-- - -‬رباء من الك‪-- - -‬افرين‪ ،‬كما ق‪-- - -‬ال عز وجل‪( :‬يَا أ َُّي َها الذ َ‬
‫آمنُ'''وا اَل َتت ِ '‬
‫َّخ' ُذوا‬ ‫ين‬
‫'‬ ‫'ود والنَّص ''ارى أَولِي'''اء)(‪ )200‬وق‪-- -‬ال عز وج‪-- -‬ل‪( :‬يا أ َُّيها الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َتت ِ'‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّخ' ُذواْ الَْي ُه'' َ َ َ َ ْ َ‬
‫َع' ' ' ُد ِّوي َو َع' ' ' ُد َّو ُك ْم أ َْولِيَ ' ''اء)(‪ ،)201‬والتع‪-- - -‬رض لألذى واملهانة‪ -‬واإلذالل على أي‪-- - -‬دي الض‪-- - -‬باط غري‬
‫ين َس'بِيالً)‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َعلَى ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫املسلمني‪ ،‬وهذا يتناىف مع قوله عزوجل‪َ ( :‬ولَن يَ ْج َع َل اللّهُ ل ْل َكاف ِر َ‬
‫(‪)202‬‬

‫وقول‪- - -‬ه ‪-‬ص ‪-- -‬لى اهلل عليه وس ‪-- -‬لم‪" :-‬ال ينبغي لم ' ''ؤمن أن ي ' ''ذل نفس ' ''ه‪ '،‬يتع ' ''رض للبالء لما ال‬
‫يطيق"(‪ ،)203‬وقد مينع من إقامة الش‪-- -‬عائر‪ ،‬أو قد يقع يف بعض احملرم‪-- -‬ات مما تقتض‪-- -‬يه‪ -‬طبيعة احلي‪-- -‬اة‬
‫العسكرية‪ ،‬وال موجب ملثل هذه احملظورات من إكراه أو اضطرار يسوغ ذلك‪.‬‬

‫اجلهة الثالثة‪ :‬مقاتلة املسلمني مع جيش دولة اللجوء‪:‬‬


‫عامة الفقه ‪-- -‬اء على أنه ال جيوز للمس ‪-- -‬لم أن يقاتل املس ‪-- -‬لمني مع الكف ‪-- -‬ار‪ ،‬لقوله ص‪-- -‬لى اهلل‬
‫عليه وس‪--‬لم‪" :-‬من حمل علينا الس''الح فليس منا"(‪ ،)204‬ق‪--‬ال الن‪--‬ووي‪" :‬من محل الس‪--‬الح على‬
‫املسلمني بغري حق وال تأويل ومل يستحله فهو عاص‪ ،‬وال يكفر ب‪--‬ذلك‪ ،‬ف‪-‬إن اس‪-‬تحله كفر"‪ ،‬ق‪--‬ال‬
‫حممد بن احلس ‪--‬ن‪" :‬وإن ق ‪--‬الوا ‪-‬أي الكف ‪--‬ار‪ -‬هلم ‪-‬أي لألس ‪--‬رى املس ‪--‬لمني‪ -‬ق ‪--‬اتلوا معنا املس ‪--‬لمني‬
‫وإال قتلن ‪--‬اكم‪ ،‬مل يس ‪--‬عهم القت ‪--‬ال مع املس ‪--‬لمني‪ ،‬ف ‪--‬إن ه ‪-‬ددوهم يقف ‪--‬وا معهم يف ص ‪--‬فهم وال يقاتلوا‬
‫املس ‪--‬لمني رج ‪--‬وت أن يكون ‪--‬وا يف س ‪--‬عة" ق ‪--‬ال السرخسي معلق‪- -‬اً‪" :‬ألن ذلك ‪-‬أي القت ‪--‬ال‪ -‬ح ‪--‬رام‬
‫على املس ‪--‬لمني بعين ‪--‬ه‪ ،‬فال جيوز اإلق ‪--‬دام عليه بس ‪--‬بب التهديد بالقت ‪--‬ل‪ ،‬كما لو ق ‪--‬ال ل ‪--‬ه‪" :‬اقتل ه ‪--‬ذا‬
‫املسلم وإال قتلناك"(‪.)205‬‬

‫ق ‪--‬ال ش ‪--‬يخ اإلس ‪--‬الم‪ -‬ابن تيمي ‪--‬ه‪" :‬إذا ك ‪--‬ان املك ‪--‬ره على القت ‪--‬ال يف الفتنة ليس له أن يقاتل بل‬
‫عليه إفساد سالحه‪ ،‬وأن يصرب حىت يقتل مظلوماً‪ ،‬فكيف باملكره على قتال املسلمني مع الطائفة‬
‫اخلارجة عن ش‪--‬رائع اإلس‪--‬الم كم‪--‬انعي الزك‪--‬اة واملرت‪--‬دين وحنوهم‪ ،‬فال ريب أن ه‪--‬ذا جيب عليه إذا‬
‫أك ‪--‬ره على احلض ‪--‬ور أال يقات ‪--‬ل‪ ،‬وإن قتله املس ‪--‬لمون‪ ،‬كما لو أكرهه الكف ‪--‬ار على حض ‪--‬ور ص ‪--‬فهم‬
‫ليقاتل املسلمني‪ ،‬وكما لو أكره رجل رجلاً على قتل مسلم معصوم‪ -،‬فإنه ال جيوز له قتله باتفاق‬
‫املسلمني‪ ،‬وإن أكرهه بالقتل‪ ،‬فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك املعصوم‪ -‬أوىل من العكس"(‪.)206‬‬

‫وبناء على ما تقدم على املسلم إن أكره على اخلروج حلرب املسلمني أال يس‪--‬تعمل س‪--‬الحه‬
‫ضدهم‪ ،‬وحيتال لذلك ما أمكنه ذلك‪ ،‬ولو بأن‪ -‬يستسلم للمسلمني(‪.)207‬‬

‫ومن خالل م ‪-‬ا تق‪--‬دم يظهر أن الق‪--‬انون‪ -‬الوض‪--‬عي‪- -‬يف بعض تش‪--‬ريعاته‪ -‬يل‪--‬زم حامل جنس‪--‬ية‬
‫البلد باخلدمة العسكرية‪ ،‬باعتبارها واجبا وطنياً‪.‬‬

‫أما الفقه اإلسالمي‪ -‬املعاصر فإنه يرى منع الالجئ املس‪-‬لم من ال‪-‬دخول يف اخلدمة العس‪-‬كرية‬
‫االختيارية؛ ملا يف ذلك من حمظ‪-- - -‬ورات ش‪-- - -‬رعية كما تق‪-- - -‬دم‪ ،‬يس ‪- - -‬تثنى من ذلك ح‪-- - -‬االت الإك ‪- -‬راه‬
‫واحلاجة امللحة كما تقدم‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫وفي الختام‪:‬‬
‫أمحد اهلل تع‪--‬اىل إذ يسر وأع‪--‬ان‪ -‬على إمتام ه‪--‬ذا البحث املوجز‪ ،‬وفيما يلي أب‪--‬رز وأهم النت‪--‬ائج‬
‫اليت توصل إليها البحث‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تزايد ع ‪-- - -‬دد الالج ‪-- - -‬ئني الف ‪-- - -‬ارين من بالدهم بس ‪-- - -‬بب االض ‪-- - -‬طهاد والفقر ميثل أزمة إنس ‪-- -‬انية‬
‫تستوجب اهتماما دولياً وتضافراً للجهود الحتوائها‪.‬‬

‫ثاني ' 'اً'‪ :‬اللج‪-- -‬وء السياسي‪ -‬يف الق ‪-- -‬انون ال ‪-- -‬دويل هو احلماية اليت متنحها دولة لف ‪-- -‬رد طلب منها ه‪-- -‬ذه‬
‫احلماية عند توافر شروط معينة‪-.‬‬

‫ثالث'اً‪ :‬يقابل اللج‪--‬وء السياسي يف الق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل (عقد األم‪--‬ان‪ )-‬يف الفقه اإلس‪--‬المي‪ -،‬مع تب‪--‬اين يف‬
‫بعض أسبابه وشروطه وآثاره‪.‬‬

‫رابع'اً‪ ':‬يق‪--‬رر فقه‪--‬اء الق‪--‬انون ال‪--‬دويل أن اللج‪--‬وء السياسي حق كفلته التش‪--‬ريعات الدولي‪--‬ة‪ ،‬وحثت‬
‫علي‪--‬ه‪ ،‬ودافعت عن‪--‬ه‪ ،‬وقد تكللت تلك اجله‪--‬ود بإنش‪--‬اء املفوض‪--‬ية‪ -‬الس‪--‬امية لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني‪،‬‬
‫والشريعة اإلسالمية قد سبقت تلك التشريعات بقرون عديدة بتقرير هذا احلق السامي من‬
‫خالل النصوص‪ -‬الشرعية واالجتهادات الفقهية اليت بينت‪ -‬مشروعيته وضوابطه‪.‬‬

‫خامس 'اً‪ :‬يف الق‪--‬انون‪ -‬ال‪--‬دويل محاية الالج‪--‬ئني مس‪--‬ؤولية ال‪--‬دول‪ ،‬ومنح ه‪--‬ذا احلق مل‪--‬زم هلا؛ الس‪--‬يما‬
‫الدول املنضمة‪ -‬إىل اتفاقية ‪ ،1951‬وبروتوكول عام ‪ ،1967‬ويرى فقهاء القانون‪ -‬الدويل‬
‫‪-‬على ال‪--‬رأي ال‪--‬راجح‪ -‬أن محاية الالج‪--‬ئني أمر مل‪--‬زم جلميع ال‪--‬دول‪ ،‬ولو مل تكن أطراف ‪-‬اً يف‬
‫املعاه ‪-- -‬دات الدولية اليت أقرت ‪-- -‬ه‪ ،‬أما الفقه اإلس ‪-- -‬المي فإنه يق ‪-- -‬رر ب ‪-- -‬أن منح حق اللج‪-- -‬وء لغري‬
‫املس‪-- - -‬لم ليس قاص‪-- - -‬راً على الدولة فق‪-- - -‬ط‪ ،‬بل هو حق ث‪-- - -‬ابت ل‪-- - -‬رئيس الدولة ونوابه وآح ‪-- -‬اد‬
‫املسلمني املكلفني من الرجال أو النساء‪ ،‬وميكن ل‪--‬ويل األمر أن مينع رعايا الدولة اإلس‪--‬المية‪-‬‬
‫من مباش ‪--‬رة ه ‪--‬ذا احلق إذا رأى يف ذلك املص ‪--‬لحة‪ ،‬حبيث يقصر منحه على اجله ‪--‬ات الرمسية‬
‫يف الدولة‪ ،‬استنادا إىل جواز تقييد ويل األمر للمباح عند احلاجة‪.‬‬

‫سادساً‪ ':‬يتفق الق‪-‬انون‪ -‬ال‪-‬دويل مع الفقه اإلس‪-‬المي‪ -‬على ض‪-‬رورة اس‪-‬تيفاء‪ -‬الش‪-‬روط واملع‪-‬ايري اخلاصة‬
‫بوضع ط ‪--‬الب األم ‪--‬ان‪ -،‬وحق اللج ‪--‬وء السياس ‪--‬ي‪ ،‬حبيث يك ‪--‬ون‪ -‬اختالل بعض تلك الش ‪--‬روط‬
‫مانعا من منحه ذلك احلق‪.‬‬

‫س''ابعاً‪ :‬يتفق كل من الفقه اإلس ‪--‬المي والق ‪--‬انون‪ -‬ال ‪-‬دويل على أن رج ‪--‬وع الالجئ بإرادته إىل البلد‬
‫الذي تركه ليقيم فيه يرفع عنه صفة الالجئ‪ ،‬حبيث ال يتمتع باآلث‪--‬ار املرتتبة على ذل‪--‬ك‪ ،‬إال‬
‫أن الفقه اإلسالمي يقرر أن رفع األم‪--‬ان‪ -‬يك‪--‬ون‪ -‬يف حق الالجئ وح‪--‬ده دون ماله أو أهله ما‬
‫داموا باقني يف دار اإلسالم‪-.‬‬

‫ثامناً‪ :‬األصل يف التجنس جبنس‪-- -‬ية دولة غري مس‪-- -‬لمة‪ :‬احلرمة؛ ملا يف ذلك من حمظ‪-- -‬ورات ش‪-- -‬رعية‪،‬‬
‫ويستثىن من ذلك حاالت الضرورة واحلاجة امللحة اليت يتوقف عليها حتصيل بعض املصاحل‬
‫املعتربة شرعاً‪.‬‬

‫تاس''عاً‪ ':‬ال ينبغي للمس‪--‬لم ال‪--‬دخول يف اخلدمة العس‪--‬كرية يف ال‪--‬دول غري اإلس‪--‬المية‪-‬؛ ملا يف ذلك من‬
‫حمظ ‪--‬ورات ش ‪--‬رعية‪ ،‬ويس ‪--‬تثىن من ذلك ح‪--‬االت الض ‪--‬رورة واحلاجة املاسة اليت تس ‪--‬وغ ذلك؛‬
‫من باب درء أعظم املفسدتني بأدنامها‪.‬‬

‫عاشراً‪ :‬ال جيوز للمس‪--‬لم أن يقاتل املس‪--‬لمني مع الكف‪--‬ار‪ ،‬إن أك‪--‬ره على اخلروج حلرب املس‪--‬لمني‪،‬‬
‫فعليه أال يس ‪-- -‬تعمل س ‪-- -‬الحه ض ‪-- -‬دهم‪ ،‬وحيت ‪-- -‬ال ل ‪-- -‬ذلك ما أمكنه‪ -‬ذل ‪-- -‬ك‪ ،‬ولو ب ‪-- -‬أن يستس ‪-- -‬لم‬
‫للمسلمني‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫القرآن الكريم'‬
‫مراجع التفسير'‬
‫‪ ‬أحك‪--‬ام الق‪--‬رآن‪ -‬عم‪--‬اد ال‪--‬دين الط‪--‬ربي (الكيا اهلراس)‪ -‬دار الكتب احلديثة‪ -‬الق‪--‬اهرة ط‪1‬‬
‫‪.1974‬‬

‫‪ ‬أحكام القرآن‪ -‬القاضي ابن العريب‪ -‬دار املعرفة ط‪.1972- 3‬‬

‫‪ ‬تفسري القرآن العظيم‪ -‬إسماعيل بن كثري‪ -‬دار املعرفة‪.1982-‬‬

‫‪ ‬اجلامع ألحكام القرآن‪ -‬حممد بن أمحد القرطيب‪ -‬دار إحياء الرتاث ط‪ 2‬سنة ‪.1966‬‬

‫مراجع الحديث الشريف' وشروحه'‬


‫‪ ‬سنن أيب داود‪ -‬سليمان بن األشعث‪ -‬السجستاين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬سنن الرتمذي‪ -‬حممد بن يزيد القزويين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬شرح صحيح مسلم‪ -‬حيىي بن شرف النووي‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬شرح معاين اآلثار‪ -‬أمحد بن حممد الطحاوي‪ -‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪.1987 - 2‬‬

‫‪ ‬صحيح البخاري‪ -‬حممد بن إمساعيل البخاري‪ -‬املكتبة‪ -‬العصرية بريوت‪.‬‬

‫‪ ‬صحيح مسلم‪ -‬مسلم بن احلجاج النيسابوري‪ -‬دار إحياء الكتب العلمية ‪.‬‬

‫‪ ‬عون املعبود شرح سنن أيب داود‪ -‬حممد مشس احلق‪ -‬دار الكتب‪ -‬العلمية ط‪.1‬‬

‫‪ ‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ -‬أمحد بن حجر العسقالين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ ‬النهاية يف غريب احلديث واألثر‪ -‬حممد بن األثري‪ --‬أنصار السنة القاهرة ‪.1963‬‬

‫‪ ‬نيل األوطار شرح منتقى األخبار‪ -‬حممد بن علي الشوكاين‪ -‬مطبعة احلليب‪.1971-‬‬

‫مراجع المذهب الحنفي‪.‬‬


‫‪ ‬بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع‪ -‬أبو بكر الكاساين‪ -‬دار الكتب‪ -‬العلمية‪.‬‬

‫‪ ‬البناية يف شرح اهلداية‪ --‬حممود بن أمحد العيين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬تبيني احلقائق شرح كنز الدقائق‪ -‬عثمان الزيلعي‪ -‬دار الكتاب اإلسالمي‪-.‬‬

‫‪ ‬رد احملت‪--‬ار على ال‪--‬در املخت‪--‬ار (حاش‪--‬ية ابن عاب‪--‬دين)‪ -‬حممد أمني ابن عاب‪--‬دين ‪ -‬دار إحي‪--‬اء‬
‫الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪ ‬ش‪-- - - -‬رح الس‪- - - - -‬ري الكب‪-- - - -‬ري‪ --‬حممد بن أيب س‪-- - - -‬هل السرخس‪-- - - -‬ي‪ -‬دار الكتب‪ -‬العلمية‪ -‬ط‪-1‬‬
‫‪.1997‬‬

‫‪ ‬فتح القدير‪ -‬الكمال بن اهلمام‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫مراجع المذهب المالكي‪'.‬‬


‫‪ ‬التاج واإلكليل‪ -‬حممد بن يوسف املواق‪ -‬دار الفكر‪ -‬ط ‪.1992-3‬‬

‫‪ ‬حاش ‪-- -‬ية الدس ‪-- -‬وقي على الش ‪-- -‬رح الكب ‪-- -‬ري‪ --‬حممد بن عرفة الدس ‪-- -‬وقي‪ -‬دار إحي ‪-- -‬اء الكتب‪-‬‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪ ‬الخرشي على خمتصر خليل‪ -‬حممد الخرشي‪ -‬دار صادر‪.‬‬

‫‪ ‬شرح الزرقاين على خمتصر خليل‪ -‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬الكايف يف فقه أهل املدينة‪ -‬يوسف بن عبد الرب‪ -‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪.1987 -1‬‬
‫‪ ‬املدونة الكربى‪ -‬رواية سحنون عن ابن القاسم عن اإلمام مالك‪ -‬مطبعة السعادة‪.‬‬

‫‪ ‬املقدمات املمهدات‪ -‬حممد بن رشد اجلد‪ -‬دار الغرب اإلسالمي ط‪.1988 -1‬‬

‫‪ ‬مواهب اجلليل بشرح خمتصر خليل‪ -‬حممد احلطاب‪ -‬دار الفكر‪ -‬ط‪.3‬‬

‫مراجع المذهب الشافعي'‬


‫‪ ‬أسىن املطالب شرح روض الطالب‪ -‬زكريا األنصاري‪ -‬دار الكتاب الإسالمي‪.‬‬

‫‪ ‬األم‪ -‬حممد بن إدريس الشافعي‪ --‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬احلاوي الكبري‪ --‬علي بن حممد املاوردي‪ -‬دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪ ‬روضة الطالبني وعمدة املفتني‪ -‬حيىي بن شرف النووي‪ -‬املكتب‪ -‬اإلسالمي‪-.‬‬

‫‪ ‬مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ -‬اخلطيب الشربيين‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬هناية احملتاج إىل شرح املنهاج‪ -‬حممد بن أيب العباس الرملي‪ -‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫مراجع المذهب الحنبلي‬


‫‪ ‬اإلنص‪--‬اف يف معرفة ال‪--‬راجح من اخلالف‪ -‬على بن س‪--‬ليمان املرداوي‪ -‬ع‪--‬امل الكتب‪ -‬ط‬
‫‪.1985 -4‬‬

‫‪ ‬شرح منتهى‪ -‬اإلرادات‪ -‬منصور بن يونس البهويت‪ -‬عامل الكتب‪ -‬ط‪.1993 1‬‬

‫‪ ‬الفروع‪ -‬حممد بن مفلح‪ -‬عامل الكتب‪ -‬ط ‪.1985 -4‬‬

‫‪ ‬كشاف القناع عن منت اإلقناع‪ --‬منصور بن يونس البهويت‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ ‬جمموع فتاوى شيخ اإلس‪--‬الم ابن تس‪--‬مية‪ -‬عبد ال‪--‬رمحن بن حممد النج‪--‬دي‪ -‬الرئاسة العامة‬
‫لشؤون احلرمني‪.‬‬
‫‪ ‬مطالب أويل النهى‪ -‬يف شرح غاية املنتهى‪ -‬مصطفى الرحيباين‪.‬‬

‫‪ ‬معونة أويل النهى شرح املنتهى‪ -‬حممد بن أمحد الفتوحي (ابن النجار)‪.‬‬

‫‪ ‬املغين‪ -‬عبد اهلل بن أمحد بن قدامة‪ -‬دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫مراجع المذهب الظاهري‪:‬‬


‫‪ ‬احمللى باآلثار‪ -‬علي بن حزم‪ -‬دار الفكر‪.‬‬

‫المعاجم' اللغوية ومراجع المصطلحات‬


‫‪ ‬شرح حدود ابن عرفة‪ -‬حممد األنصاري‪ -‬وزارة األوقاف املغربية‪-.‬‬

‫‪ ‬لسان العرب‪ -‬حممد بن مكرم بن منظور األفريقي‪ --‬دار صادر‪.‬‬

‫‪ ‬املصباح املنري‪ -‬أمحد بن حممد الفيومي‪ --‬مكتبة لبنان‪.‬‬

‫‪ ‬املطلع على أبواب املقنع‪ --‬حممد بن أيب الفتح البعلي‪ -‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ ‬معجم مقاييس اللغة‪ -‬أمحد بن فارس بن زكريا‪ -‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪ ‬املعجم الوسيط‪ --‬جممع اللغة العربية‪ -‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ ‬مفردات ألفاظ القرآن ‪ -‬الراغب‪ -‬األصفهاين‪ -‬دار القلم‪ -‬ط‪.1992-1‬‬

‫الدراسات القانونية' والمقارنة' الحديثة‬


‫‪ ‬اتفاقية ‪ 1951‬وبروتوكوهلا لعام ‪ 1967‬موقع املفوض‪--‬ية الس‪--‬امية لش‪--‬ؤون الالج‪--‬ئني على‬
‫الشبكة العنكبوتية‪.WWW.UNHCR.ORG :‬‬

‫‪ ‬أحك ‪-- -‬ام األح ‪-- -‬وال الشخص ‪-- -‬ية للمس ‪-- -‬لمني يف الغ ‪-- -‬رب‪ -‬د‪ .‬س ‪-- -‬امل ال ‪-- -‬رافعي‪ -‬دار ال‪-- -‬وطن‪-‬‬
‫السعودية‪ -‬ط‪ 3001 -1‬م‪.‬‬
‫‪ ‬األحكام السياسية لألبيات املسلمة حممد توباك‪ -‬دار النفائس‪ -‬ط‪.1997 -1‬‬

‫‪ ‬اإلعالن‪ -‬اإلس‪-- - - -‬المي‪ -‬حلق‪-- - - -‬وق اإلنس‪-- - - -‬ان‪ --‬وزارة األوق‪-- - - -‬اف والش‪-- - - -‬ؤون اإلس‪-- - - -‬المية‪ -‬دولة‬
‫الكويت‪-.‬‬

‫‪ ‬اإلعالن‪ -‬العاملي حلقوق اإلنسان‪ -‬مجعية احملامني الكويتية‪.‬‬

‫‪ ‬أحكام الذميني واملستأمنني يف دار اإلسالم‪ -‬د‪ .‬عبد الكرمي زيدان‪ -‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬

‫‪ ‬أص ‪--‬ول العالق ‪--‬ات الدولية يف فقه اإلم ‪--‬ام حممد بن احلسن الش ‪--‬يباين‪ -‬د‪ .‬عثم ‪--‬ان ض ‪--‬مريية‪-‬‬
‫دار املعايل‪ -‬ط‪.1999-1‬‬

‫‪ ‬جنس‪-‬ية املرأة املتزوجة يف الق‪-‬انون‪ -‬ال‪-‬دويل اخلاص املق‪-‬ارن‪ -‬والفقه اإلس‪-‬المي‪ - -‬د‪ .‬مص‪-‬طفى‬
‫حممد مصطفى الباز‪ -‬دار الفكر اجلامعي اإلسكندرية‪2001 --‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اجلنس‪-- - - - - -‬ية واملوطن ومركز األج‪-- - - - - -‬انب‪ -‬د‪ .‬هش‪-- - - - - -‬ام علي ص‪-- - - - - -‬ادق‪ -‬منش‪- - - - - -‬أة املع‪-- - - -‬ارف‬
‫اإلسكندرية‪1977 -‬م‪.‬‬

‫‪ ‬حقوق اإلنسان‪ --‬د‪ .‬فيصل شطناوي‪ -‬دار احلامد‪ -‬األردن‪.1999-‬‬

‫‪ ‬حق ‪-- - -‬وق اإلنس ‪-- - -‬ان‪ -‬د‪ .‬حمم ‪-- - -‬ود بس ‪-- - -‬يوين وآخ ‪-- - -‬رون‪ -‬دار العلم للماليني ب ‪-- - -‬ريوت‪ -‬ط‪-2‬‬
‫‪.1998‬‬

‫‪ ‬حقوق اإلنسان‪ -‬يف اإلسالم‪ --‬د‪ .‬حممد ال‪-‬زحيلي‪ -‬دار الكلم الطيب ت س‪--‬وريا ت ط‪-2‬‬
‫‪.1997‬‬

‫‪ ‬حقوق اإلنسان‪ -‬مدخل إىل وعي حقوقي‪ -‬أمري سيف‪ -‬مركز دراسات الوحدة العربي‪--‬ة‪-‬‬
‫‪.1994‬‬

‫‪ ‬احلماية القانونية لالجئ يف الق ‪-- - - - - -‬انون‪ -‬ال ‪-- - - - - -‬دويل‪ -‬د‪ .‬أبو اخلري أمحد عطي ‪-- - - - - -‬ة‪ -‬دار النهضة‬
‫العربية‪.1997-‬‬

‫‪ ‬الدبلوماسية بني الفقه اإلسالمي‪ -‬والقانون‪ -‬الدويل‪ -‬أمحد س‪--‬امل با عم‪--‬ر‪ -‬دار النفائس ‪20‬‬
‫‪.01‬‬

‫‪ ‬دراسة سياس‪-- - - - - -‬ية يف العالق‪-- - - - - -‬ات الدولية اإلس‪-- - - - - -‬المية‪ -‬د‪ .‬فهد المك‪-- - - - - -‬راد‪ -‬املكتب الفين‬
‫احلديث‪.‬‬

‫‪ ‬فقه األسرة املسلمة يف املهاجر د‪ .‬حممد العمراين‪ -‬دار الكتب‪ -‬العلمية ‪-‬ط‪.2001 -1‬‬

‫‪ ‬فقه األقليات املسلمة‪ -‬خالد عبد القادر‪ -‬دار اإلميان‪ -‬ط ‪.1998-1‬‬

‫‪ ‬القاموس السياسي‪ -‬أمحد عطية اهلل‪ -‬دار النهضة‪ -‬العربية‪ -‬القاهرة ‪1968‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الق ‪--‬انون ال ‪--‬دويل اخلاص‪ -‬د‪ .‬عز ال ‪--‬دين عبد اهلل‪ -‬اهليئة‪ -‬املص ‪--‬رية العامة للكت ‪-‬اب‪ -‬ط‪-11‬‬
‫‪1986‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القانون الدويل اخلاص‪ -‬د‪ .‬ماجد احللواين‪ -‬مطبوعات جامعة الكويت‪1974 -‬م‪.‬‬

‫‪ ‬القانون الدويل اخلاص العريب‪ -‬د‪ .‬جابر جاد عبد الرمحن‪1958 -‬م‪.‬‬

‫‪ ‬اللجوء السياسي‪ -‬يف اإلسالم‪ --‬حسام حممد سعد‪ -‬دار البيارق‪ --‬ط‪1997 -1‬م‪.‬‬

‫‪ ‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ ‬موسوعة السياسة‪ -‬عبد الوهاب الكيايل وآخرون‪ -‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪ ‬املوسوعة‪ -‬العربية العاملية‪ -‬مؤسسة أعمال املوسوعة للنشر‪ -‬السعودية ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ ‬املوس‪--‬وعة‪ -‬العس‪--‬كرية‪ -‬املق‪--‬دم هيثم األي‪--‬ويب وآخ‪--‬رون‪ -‬املؤسسة‪ -‬العربية للدراس‪--‬ات والنش‪-‬ر‬
‫ط‪1990 3‬م‪.‬‬

‫‪ ‬الوس‪--‬يط يف اجلنس‪--‬ية ومركز األج‪--‬انب‪ -‬د‪ .‬ف‪--‬ؤاد عبد املنعم ري‪--‬اض‪ -‬دار النهضة‪ -‬العربي‪--‬ة‪-‬‬
‫القاهرة الطبعة اخلامسة ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪ )(1‬أستاذ مساعد بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية‪ ،‬كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر‪ :‬م‪++‬ادة (لج‪++‬أ) في معجم مق‪++‬اييس اللغ‪++‬ة ‪ ،5/235‬الق‪++‬اموس المحي‪++‬ط ص‪ ،65‬لس‪++‬ان الع‪++‬رب‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1/152‬المصباح المنير ص‪.210‬‬


‫() سورة التوبة‪.57 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() موسوعة السياسة ‪.5/467‬‬ ‫‪5‬‬

‫() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي‪ +‬د‪ .‬أبو الخير أحمد عطية ص‪.92‬‬ ‫‪6‬‬

‫() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي‪ +‬د أبو الخير أحمد عطية ص‪ 82‬باختصار‪+.‬‬ ‫‪8‬‬

‫() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي‪ +‬د‪ .‬أبو الخير أحمد عطية ص‪ 90‬باختصار‪+.‬‬ ‫‪9‬‬

‫() حقوق اإلنسان‪ :‬مدخل إلى وعي حقوقي‪ .‬أمير سيف ص‪.109‬‬ ‫‪10‬‬

‫() الحماية القانونية لالجئ في القانون الدولي‪ +‬د‪ .‬أبو لخير أحمد عطية ص‪ 92‬باختصار‪+.‬‬ ‫‪11‬‬

‫() حقوق اإلنسان في اإلسالم ص ‪.333‬‬ ‫‪12‬‬

‫() اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬جمعية المحامين الكويتية ص‪.19‬‬ ‫‪13‬‬

‫() األحكام السياسية لألقليات المسلمة في الفقه اإلسالمي‪ .‬سليمان محمد توباك ص‪ ،56‬اللجوء السياسي‪+‬‬ ‫‪14‬‬

‫في اإلسالم‪ .‬حسام محمد سعيد ص‪.17‬‬


‫() معجم مقاييس اللغة ‪ ،1/133‬المصباح المن‪++‬ير م‪++‬ادة (أمن) ص‪ ،10‬مف‪++‬ردات ألف‪++‬اظ الق‪++‬رآن ص‪،90‬‬ ‫‪15‬‬

‫النهاية في غريب الحديث ص‪.69‬‬


‫() شرح حدود ابن عرفة لألنصاري‪ +‬ص‪.198‬‬ ‫‪16‬‬

‫() الدبلوماسية‪ .‬أحمد سالم با عمر ص‪.128‬‬ ‫‪17‬‬

‫() مغني المحتاج ‪ ،4/236‬المطلع ص‪.221‬‬ ‫‪18‬‬

‫() تفسير القرآن العظيم البن كثير ‪.2/337‬‬ ‫‪19‬‬

‫() حاشية ابن عابدين ‪.6/275‬‬ ‫‪20‬‬

‫() أحكام القرآن إللكيا الهراس ‪.27-4/25‬‬ ‫‪21‬‬

‫() أصول العالقات الدولية د‪ .‬عثمان ضميرية ‪.1/589‬‬ ‫‪22‬‬

‫() انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪ ،8/76 +‬أحكام القرآن البن الع‪++‬ربي ‪ ،2/903‬تفس‪++‬ير ابن كث‪++‬ير‬ ‫‪23‬‬

‫‪ ،2/337‬التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور‪.10/117 +‬‬


‫() المحلى ‪.11/200‬‬ ‫‪24‬‬

‫() سورة قريش‪.4 ،3 :‬‬ ‫‪25‬‬

‫() سورة العنكبوت‪.67 :‬‬ ‫‪26‬‬

‫() سورة البقرة‪.193 :‬‬ ‫‪27‬‬

‫() من مصادر القانون الدولي الخاص المعاهدات واالتفاقيات‪ +‬الدولية‪ ،‬انظر القانون الدولي الخاص د‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫عز الدين عبد هللا ص‪.55‬‬


‫() حقوق اإلنس‪++‬ان إع‪++‬داد جمعي‪++‬ة المح‪++‬امين الكويتي‪++‬ة ص‪ ،42 +،17‬حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان م‪++‬دخل إلى وعي‬ ‫‪29‬‬

‫حقوقي‪ .‬أمير سيف ص‪.114‬‬


‫() حقوق اإلنسان‪ :‬مدخل إلى وعي حقوقي‪ .‬أمير سيف ص‪.114‬‬ ‫‪30‬‬

‫() حقوق اإلنسان م‪++‬دخل إلى وعي حق‪++‬وقي‪ .‬أم‪++‬ير س‪++‬يف ص‪ ،114‬حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان الوث‪++‬ائق‪ +‬العالمي‪++‬ة‬ ‫‪31‬‬

‫واإلقليمية د‪ .‬محمود بسيوني‪ +‬وآخرون ‪.2/180‬‬


‫() حقوق اإلنس‪++‬ان إع‪++‬داد جمعي‪++‬ة المح‪++‬امين الكويتي‪++‬ة ص‪ ،42 +،17‬حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان م‪++‬دخل إلى وعي‬ ‫‪32‬‬

‫حقوقي‪ .‬أمير سيف ص‪ ،114‬مذكرة بشأن الحماية الدولية لالجئين ص‪ 180‬من كتاب حقوق اإلنس‪++‬ان‬
‫المجلد الثاني إعداد د‪ .‬محمود بسيوني‪ +‬وآخرين‪ ،‬اإلعالن اإلسالمي لحقوق اإلنس‪++‬ان في اإلس‪++‬الم وزارة‬
‫األوقاف‪ +‬والشؤون اإلسالمية بدولة الكويت ص‪.26‬‬
‫() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪33‬‬

‫() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪34‬‬

‫() اتفاقية عام ‪ 1951‬المتعلقة بوضع الالج‪++‬ئين وبروتوكوله‪++‬ا لع‪++‬ام ‪ 1967‬باختص‪++‬ار‪ +‬وتص‪++‬رف‪ +،‬من‬ ‫‪35‬‬

‫موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبوتية ‪ ،WWW.UNHCR.ORG‬حقوق اإلنسان‬
‫مدخل إلى وعي حقوقي ص‪ ،110‬مذكرة بشأن الحماية الدولية لالجئين ص‪.180‬‬
‫() الحماية القانونية لالجئ في الق‪++‬انون ال‪++‬دولي د‪ .‬أب‪++‬و الخ‪++‬ير أحم‪++‬د عطي‪++‬ة ص‪ 105-102‬باختص‪++‬ار‪+‬‬ ‫‪36‬‬

‫وتصرف‪+.‬‬
‫معوقات حق اللجوء السياسي‪:‬‬
‫هناك معوق‪++‬ات تنعكس س‪++‬لبا ً على الحماي‪++‬ة الدولي‪++‬ة المقدم‪++‬ة لالج‪++‬ئين؛ مم‪++‬ا يح‪++‬د من فاعلي‪++‬ة اإلج‪++‬راءات‬
‫المتخذة في سبيل تحقيق هذه الحماية‪ ،‬منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬فكرة السيادة التي تتمتع بها الدول تمثل عائقا ً رئيسا ً في سبيل تأسيس ضمان دولي الح‪++‬ترام ح‪++‬ق‬
‫اللجوء السياسي‪ ،‬وذلك أن بعض الدول ت ُع ُّد نفسها ذات سيادة مطلقة‪ ،‬وت‪++‬رفض إخض‪++‬اع إرادته‪++‬ا‬
‫لقانون مشترك‪ ،‬يرسخه ويضع قواعده القانون الدولي‪ ،‬وقد تع‪++‬رض مب‪++‬دأ س‪++‬يادة الدول‪++‬ة إلى نق‪++‬د‬
‫ش‪++‬ديد‪ ،‬من ج‪++‬انب أن‪++‬ه ال يمكن ص‪++‬يانة الحق‪++‬وق م‪++‬ا لم تتخ‪َّ +‬ل ال‪++‬دول ‪-‬على األق‪++‬ل‪ -‬عن ج‪++‬زء من‬
‫سيادتها‪ ،‬كما أن أية اتفاقية دولية س‪++‬تظل ناقص‪++‬ة وغ‪++‬ير ملزم‪++‬ة في ظ‪++‬ل مفه‪++‬وم الس‪++‬يادة المطلق‪++‬ة‬
‫وانعدام‪ +‬اإلجراءات الدولية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬صعوبة انضمام‪ +‬الدول إلى االتفاقيات المتعلقة ب‪++‬الالجئين‪ ،‬فال ت‪++‬زال هن‪++‬اك مص‪++‬اعب تح‪++‬ول دون‬
‫هذا االنضمام؛‪ +‬نتيجة سوء الفهم آلثار تلك االتفاقيات على الدول المنضمة‪ ،‬باإلضافة إلى احتمال‬
‫تزايد أعداد طالبي اللجوء‪ ،‬نتيجة للعالق‪++‬ة ال‪++‬تي ستنش‪++‬أ عن‪+‬ه بين ال‪++‬دول وبين المفوض‪++‬ية الس‪++‬امية‬
‫لشؤون الالجئين‪ ،‬كما أن المخاوف من تزايد األعباء المالية الثقيلة‪ ،‬والتوترات التي قد تنش‪++‬أ بين‬
‫الدول بسبب منح اللجوء لبعض األفراد‪ ،‬يحول دون االنضمام‪ +‬إلى تلك االتفاقيات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التدابير التقييدية التي تستحدثها بعض الدول لمواجهة تدفق‪ +‬الالجئين االقتصاديين واألجانب غ‪+‬ير‬
‫القانونيين من الوصول إلى أراضيها‪ ،‬وفرض غرامات على الخطوط‪ +‬الجوية التي تحمل أج‪++‬انب‬
‫بال وثائق‪ +،‬وغيرها من إجراءات‪ ،‬تمثل عائقا أمام الحماية الدولية لالجئين‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬انتهاكات حقوق الالجئين‪ :‬بدءا من إغالق األبواب أمام طلباتهم‪ ،‬والرد من المطارات والحدود‪،‬‬
‫وأحيانا‪ +‬إعادتهم إلى بلدانهم التي فروا منها‪ ،‬مما يعرضهم‪ +‬ألخطار‪ +‬عديدة ولمشاكل‪ +‬كثيرة‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬تحديد مركز الالجئين‪ :‬بعض اإلجراءات المتعلقة بتحدد مركز الالجئين ال تضمن على ال‪++‬دوام‬
‫في الكثير من البلدان‪ ،‬فمثالً إمكان االس‪++‬تماع‪ +‬لطلب ك‪++‬ل الجئ على نح‪++‬و ت‪++‬ام ومنص‪++‬ف‪ ،‬وك‪++‬ذلك‬
‫الض‪++‬مانات األساس‪++‬ية لس‪++‬ير ال‪++‬دعوى ‪-‬إن ك‪++‬ان هن‪++‬اك دع‪++‬وى‪ -‬إجرائي‪+‬ا ً وموض‪++‬وعياً‪ +‬تك‪++‬اد تك‪++‬ون‬
‫مفق‪++‬ودة‪( .‬حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان والق‪++‬انون ال‪++‬دولي اإلنس‪++‬اني‪ +‬د‪ .‬فيص‪++‬ل ش‪++‬طناوي‪ +‬ص ‪261 ++-259‬‬
‫باختصار وتصرف‪ +‬يسير)‪.‬‬
‫() اتفاقية عام ‪ 1951‬المتعلقة بوضع‪ +‬الالجئين وبروتوكولها‪ +‬لعام ‪ 1967‬من موقع المفوضية السامية‬ ‫‪37‬‬

‫لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬


‫() الحماي‪++‬ة القانوني‪++‬ة لالجئ في الق‪++‬انون ال‪++‬دولي‪ +‬د‪ .‬أب‪++‬و الخ‪++‬ير أحم‪++‬د عطي‪++‬ة ص‪ ،89‬حق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان‬ ‫‪38‬‬

‫والقانون الدولي اإلنساني‪ +‬د‪ .‬فيصل شطناوي‪ +‬ص‪ 247‬باختصار‪.‬‬


‫() موقع المفوضية السامية لشؤون الالجئين على الشبكة العنكبويتة ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪39‬‬

‫() المفوضية السامية لشؤون الالجئين ‪WWW.UNHCR.ORG‬‬ ‫‪40‬‬


‫() شرح حدود ابن عرفة لألنصاري‪ +‬ص‪.198‬‬ ‫‪41‬‬

‫() سورة التوبة آية (‪.)6‬‬ ‫‪42‬‬

‫() الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪.8/75 +‬‬ ‫‪43‬‬

‫() أخرجه البخ‪+‬اري‪( +‬فتح ‪ )4/81‬كت‪++‬اب فض‪++‬ائل المدين‪+‬ة ب‪++‬اب ح‪+‬رم المدين‪++‬ة ح‪+‬ديث (‪ )1870‬ومس‪++‬لم‬ ‫‪44‬‬

‫واللفظ له (‪ )2/998‬كتاب الحج باب فضل المدينة حديث (‪.)1370‬‬


‫() شرح مسلم للنووي ‪ 9/144‬وانظر‪ :‬فتح الباري البن حجر ‪.4/86‬‬ ‫‪45‬‬

‫() سنن الترمذي ‪.3/70‬‬ ‫‪46‬‬

‫() المغني البن قدامة ‪ ،10/436‬وانظر‪ +‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي ‪.8/75‬‬ ‫‪47‬‬

‫() الدبلوماسية‪ .‬أحمد سالم با عمر ص‪ ،128‬الموسوعة الفقهية ‪.6/234‬‬ ‫‪48‬‬

‫() مغني المحتاج للشربيني الخطيب ‪ ،4/236‬المطلع للبعلي ص‪.221‬‬ ‫‪49‬‬

‫() تفسير القرآن العظيم البن كثير ‪.2/337‬‬ ‫‪50‬‬

‫() عمدة القاري للعيني ‪.10/618‬‬ ‫‪51‬‬

‫() األنصاف للمرداوي‪.4/121 +‬‬ ‫‪52‬‬

‫() أخرج‪++‬ه البخ‪++‬اري (فتح ‪ )6/36‬كت‪++‬اب الجه‪++‬اد ب‪++‬اب (وج‪++‬وب النف‪++‬ير) ح‪++‬ديث (‪ ،)2825‬ومس‪++‬لم‪+‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪ 3/1487‬كتاب اإلمارة باب (المبايعة بعد فتح مكة على اإلسالم والجهاد‪ +‬والخير) حديث (‪.)1353‬‬
‫() أخرجه سعيد بن منصور في سننه ‪ 2/137‬كتاب الجهاد باب من قال‪ :‬انقطعت الهج‪++‬رة ح‪++‬ديث (‪2‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪.)352‬‬
‫() المغني البن قدامة ‪.10/514‬‬ ‫‪55‬‬

‫() سورة الحديد‪.10 :‬‬ ‫‪56‬‬

‫() شرح مسلم للنووي ‪ ،9/123‬الحاوي‪ +‬الكبير للماوردي ‪.14/105‬‬ ‫‪57‬‬

‫() البخاري (فتح ‪ )7/226‬كتاب مناقب األنصار حديث(‪.)3900‬‬ ‫‪58‬‬

‫() سورة األنفال‪.72 :‬‬ ‫‪59‬‬

‫() فتح الباري البن حجر ‪.7/229‬‬ ‫‪60‬‬

‫() نيل األوطار‪ +‬للشوكاني ‪.8/30‬‬ ‫‪61‬‬

‫() فتح الباري ‪.7/229‬‬ ‫‪62‬‬

‫() مجموع الفتاوى البن تيميه ‪.18/281‬‬ ‫‪63‬‬

‫() أخرجه أبو داود ‪ 3/3‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب في الهجرة هل انقطعت؟ حديث (‪.)2479‬‬ ‫‪64‬‬

‫وهو صحيح كما في صحيح أبي داود للشيخ األلباني ‪.2/90‬‬


‫() أخرجه النسائي‪ ،‬كتاب البيعة‪ ،‬باب ذكر االختالف في الهجرة‪ ،‬حديث (‪ )4183‬وه‪++‬و ص‪++‬حيح كم‪++‬ا‬ ‫‪65‬‬

‫في صحيح النسائي للشيخ األلباني ‪.3/124‬‬


‫() تفسير القرآن العظيم البن كثير ‪.1/542‬‬ ‫‪66‬‬

‫() أخرج‪++‬ه أب‪++‬و داود ‪ ،3/93‬كت‪++‬اب الجه‪++‬اد‪ ،‬ب‪++‬اب اإلقام‪++‬ة ب‪++‬أرض الش‪++‬رك‪ ،‬ح ‪+‬ديث (‪ ،)2787‬وه‪++‬و‬ ‫‪67‬‬

‫صحيح‪ ،‬كما في صحيح أبي داود للشيخ األلباني ‪.2/182‬‬


‫() عمدة القاري للعيني ‪.10/618‬‬ ‫‪68‬‬

‫() تفسير القرآن العظيم البن كثير ‪.1/542‬‬ ‫‪69‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)2/492‬كتاب االستسقاء‪ ،‬باب دعاء النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬ح‪++‬ديث‬ ‫‪70‬‬

‫(‪ ،)1006‬ومس‪++‬لم‪ ،1/468 ،‬كت‪++‬اب المس‪++‬اجد‪ ،‬ب‪++‬اب اس‪++‬تحباب القن‪++‬وت في جمي‪++‬ع الص‪++‬الة إذا ن‪++‬زلت‬
‫بالمسلمين نازلة حديث (‪.)675‬‬
‫() أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب التفسير‪ ،‬باب إال المستضعفين من الرجال والنس‪++‬اء والول‪++‬دان ح‪++‬ديث رقم (‬ ‫‪71‬‬

‫‪.)4597‬‬
‫() مجموع الفتاوى البن تيميه ‪.19/225‬‬ ‫‪72‬‬

‫() المدونة ‪ ،4/270‬الكافي‪ +‬البن عبد البر‪ ،‬ص‪ ،210‬المقدمات البن رشد ‪ ،2/151‬المعيار المع‪++‬رب‬ ‫‪73‬‬

‫للونشريس‪++‬ي ‪ 2/137‬ق‪++‬ال ابن القاس‪++‬م‪ :‬ك‪++‬ان مال‪++‬ك يكره‪++‬ه كراهي‪++‬ة ش‪++‬ديدة ‪-‬أن يتج‪++‬ه الرج‪++‬ل إلى بالد‬
‫الحرب‪ -‬ويقول‪" :‬ال يخرج إلى بالدهم‪ ،‬حيث تجري أحكام الشرك عليه"‪ ،‬وقال‪ +‬ابن عبد ال‪++‬بر‪ :‬ال يح‪++‬ل‬
‫لمسلم أن يقيم في دار الكفر وهو قادر على الخروج عنها‪ .‬قال ابن العربي‪ :‬الهجرة وهي‪ :‬الخ‪++‬روج من‬
‫دار الحرب إلى دار اإلسالم‪ ،‬وكانت فرضا في أيام النبي ‪-‬ص‪+‬لى هللا علي‪+‬ه وس‪+‬لم‪ -‬وه‪+‬ذه الهج‪++‬رة باقي‪++‬ة‬
‫مفروضة إلى يوم القيام‪++‬ة‪ ،‬وال‪++‬تي انقطعت ب‪++‬الفتح هي القص‪++‬د إلى الن‪++‬بي ‪-‬ص‪++‬لى هللا علي‪++‬ه وس‪++‬لم‪ -‬حيث‬
‫كان؛ فإن بقي في دار الحرب عصى؛ ويختلف‪ +‬في حاله‪.‬‬
‫() نيل األوطار‪ +‬للشوكاني ‪.8/30‬‬ ‫‪74‬‬

‫() سورة األنفال‪.72 :‬‬ ‫‪75‬‬

‫() سورة النساء‪.97 :‬‬ ‫‪76‬‬

‫() المقدمات الممهدات البن رشد ‪.2/152‬‬ ‫‪77‬‬

‫() أخرجه أبو داود ‪ 3/93‬كتاب الجهاد باب اإلقامة ب‪++‬أرض الش‪++‬رك ح‪++‬ديث (‪ ،)2787‬وه‪++‬و ص‪++‬حيح‬ ‫‪78‬‬

‫كما في صحيح أبي داود للشيخ األلباني ‪.2/182‬‬


‫() نيل األوطار‪ +‬للشوكاني ‪.8/30‬‬ ‫‪79‬‬

‫() سورة النساء‪.140:‬‬ ‫‪80‬‬

‫() أخرجه ابن ماجه ‪ 2/848‬كتاب الحدود باب المرتد عن دينه حديث (‪ )2536‬وه‪+‬و حس‪+‬ن كم‪+‬ا في‬ ‫‪81‬‬

‫صحيح ابن ماجه للشيخ األلباني ‪.2/78‬‬


‫() سورة المائدة‪.58 :‬‬ ‫‪82‬‬

‫() أخرجه الترمذي في أبواب الفتن‪ ،‬باب (‪ ،)58‬حديث رقم‪.)2355( +‬‬ ‫‪83‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)3/294‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب ال صدقة إال عن ظهر غنى‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪،)1427‬‬ ‫‪84‬‬

‫ومسلم ‪ ،2/717‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى‪ ،‬حديث (‪.)1033‬‬
‫() المعيار المعرب للونشريسي‪.2/137 +‬‬ ‫‪85‬‬

‫() األم ‪ ،4/169‬والحديث أخرجه مسلم ‪ 3/1357‬كتاب الجهاد (‪.)1731‬‬ ‫‪86‬‬

‫() أخرج‪++‬ه البخ‪++‬اري (فتح ‪ ،)6/36‬كت‪++‬اب الجه‪++‬اد‪ ،‬ب‪++‬اب (وج‪++‬وب النف‪++‬ير)‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪ ،)2825‬ومس‪++‬لم‬ ‫‪87‬‬

‫‪ ،3/1487‬كت‪++‬اب اإلم‪++‬ارة‪ ،‬ب‪++‬اب (المبايع‪++‬ة بع‪++‬د فتح مك‪++‬ة على اإلس‪++‬الم والجه‪++‬اد والخ‪++‬ير)‪ ،‬ح‪++‬ديث (‬
‫‪.)1353‬‬
‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)3/164‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب رثاء الن‪++‬بي ‪-‬ص‪++‬لى هللا علي‪++‬ه وس‪++‬لم‪ -‬س‪++‬عد بن‬ ‫‪88‬‬

‫خولة‪ ،‬حديث (‪ ،)1295‬ومسلم ‪ ،3/1251‬كتاب الوصية‪ ،‬باب الوصية بالثلث‪ ،‬حديث (‪.)1628‬‬
‫() تفسير التحرير‪ +‬والتنوير‪ +‬للطاهر بن عاشور ‪.3/1178‬‬ ‫‪89‬‬

‫() األنفال‪.73 :‬‬ ‫‪90‬‬

‫() جامع البيان للطبري ‪( 10/55‬وقوله‪ :‬فانزل هللا في ذلك‪ ...‬إلخ) من كالم قتادة‪.‬‬ ‫‪91‬‬

‫() زاد المعاد البن القيم ‪.5/98‬‬ ‫‪92‬‬

‫() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد‪ ،‬باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود‪ ،‬ح‪++‬ديث رقم (‪،)2645‬‬ ‫‪93‬‬

‫والترمذي‪ +‬في كتاب السير باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين حديث رقم (‪.)1604‬‬
‫() السنن للبيهقي ‪ ،9/15‬كتاب السير‪ ،‬باب الرخصة في اإلقامة بدار الشرك لمن ال يخاف الفتنة‪.‬‬ ‫‪94‬‬
‫() شرح السير الكبير للسرخس‪+‬ي ‪ ،4/182‬ب‪+‬دائع الص‪+‬نائع للكاس‪+‬اني ‪ ،7/131‬فتح الق‪+‬دير للكم‪+‬ال بن‬ ‫‪95‬‬

‫الهمام ‪ ،6/17‬البناية للعيني ‪ ،6/618‬تبيين الحقائق للزيلعي ‪.3/266‬‬


‫() الحاوي الكبير للماوردي ‪ ،14/104‬نهاية المحت‪++‬اج لل‪++‬رملي ‪ ،8/82‬مغ‪++‬ني المحت‪++‬اج للش‪++‬ربيني ‪/4‬‬ ‫‪96‬‬

‫حاشية قليوبي‪.4/226 +‬‬


‫() المغني البن قدامة ‪ ،10/513‬المب‪+‬دع البن مفلح ‪ ،3/313‬اإلنص‪+‬اف‪ +‬للم‪+‬رداوي ‪ ،4/121‬مط‪+‬الب‬ ‫‪97‬‬

‫أولي النهى للرحيباني‪ ،2/510 +‬معونة أولي النهى للفتوحي‪.3/602 +‬‬


‫() سورة النساء‪.97:‬‬ ‫‪98‬‬

‫() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد‪ ،‬باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود‪ ،‬ح‪++‬ديث رقم (‪،)2645‬‬ ‫‪99‬‬

‫والترمذي‪ +‬في كتاب السير‪ ،‬باب ما جاه في كراهية المقام بين أظهر المشركين حديث رقم (‪.)1604‬‬
‫() الحاوي الكبير للماوردي ‪.14/104‬‬ ‫‪100‬‬

‫() سورة النساء‪.99،98:‬‬ ‫‪101‬‬

‫() أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب التفسير‪ ،‬باب إال المستضعفين من الرجال والنس‪++‬اء والول‪++‬دان ح‪++‬ديث رقم (‬ ‫‪102‬‬

‫‪.)4597‬‬
‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)10/553‬كتاب األدب‪ ،‬حديث (‪ ،)6165‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلم‪++‬ارة ح‪++‬ديث (‬ ‫‪103‬‬

‫‪.)1865‬‬
‫() أحكام األحوال الشخصية للمسلمين في الغرب د‪ .‬سالم الرافعي ص‪.61‬‬ ‫‪104‬‬

‫() أخرجه مسلم ‪ 3/1357‬كتاب الجهاد والسير (‪.)1731‬‬ ‫‪105‬‬

‫() شرح مسلم للنووي ص‪.1336‬‬ ‫‪106‬‬

‫() قال النووي‪( +‬الروضة ‪" :)3/120‬المسلم إن كان ضعيفا ً في دار الكف‪++‬ر ال يق‪++‬در على إظه‪++‬ار ال‪++‬دين‬ ‫‪107‬‬

‫حرم عليه اإلقامة هناك‪ ،‬وتجب عليه الهجرة إلى دار اإلسالم‪ ،‬ف‪++‬إن لم يق‪++‬در على الهج‪++‬رة فه‪+‬و‪ +‬مع‪++‬ذور‬
‫إلى أن يقدر‪ ،‬فإن فتح البلد قبل أن يهاجر سقطت عنه الهجرة وإن كان يقدر على إظهار ال‪++‬دين؛ لكون‪++‬ه‬
‫مطاع ‪+‬ا ً في قوم‪++‬ه‪ ،‬أو ألن ل‪++‬ه هن‪++‬اك عش‪++‬يرة يحمون‪++‬ه ولم يخ‪++‬ف فتن‪++‬ة في دين‪++‬ه لم تجب الهج‪++‬رة؛ لكن‬
‫تستحب؛ لئال يكثر سوادهم‪ ،‬أو يميل إليهم‪ ،‬أو يكيدوا‪ +‬له‪ ،‬وقيل‪ :‬تجب الهج‪++‬رة‪ .‬حك‪++‬اه اإلم‪++‬ام والص‪++‬حيح‬
‫األول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قال صاحب الحاوي‪ :‬فإن كان يرجو ظهور اإلسالم هناك بمقامه فاألفضل أن يقيم‪ .‬قال‪ :‬وإن قدر‬
‫على االمتناع في دار الحرب واالعتزال وجب علي‪++‬ه المق‪++‬ام به‪++‬ا‪ ،‬ألن موض‪++‬عه دار إس‪++‬الم‪ ،‬فل‪++‬و ه‪++‬اجر‬
‫لصار دار حرب‪ ،‬فيحرم‪ +‬ذلك‪ .‬ثم إن قدر على قت‪++‬ال الكف‪++‬ار ودع‪++‬ائهم إلى اإلس‪++‬الم لزم‪++‬ه‪ ،‬وإال فال وهللا‬
‫أعلم"‬
‫قال الماوردي في الحاوي الكب‪++‬ير (‪" :)14/104‬الهج‪++‬رة في زمانن‪++‬ا تختص بمن أس‪++‬لم في دار الح‪++‬رب‬
‫في الهجرة منها إلى دار إسالم‪ ،‬وال تختص بدار اإلمام‪ ،‬وحاله ينقسم فيها خمسة أقسام‪+:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يقدر على االمتناع واالعتزاز‪ +‬ويقدر على الدعاء ‪-‬أي الدعوة‪ -‬والقتال‪ ،‬فه‪++‬ذا يجب علي‪++‬ه أن‬
‫يقيم في دار الح‪++‬رب‪ ،‬ألنه‪++‬ا ص‪++‬ارت بإس‪++‬المه واعتزال‪++‬ه دار اإلس‪++‬الم‪ ،‬ويجب علي‪++‬ه دع‪++‬اء‬
‫المشركين إلى اإلسالم بما استطاع من نصرته بجدال أو قتال‪.‬‬
‫والقسم الثاني‪ :‬أن يقدر على االمتناع واالع‪++‬تزال وال يق‪++‬در على ال‪++‬دعاء والقت‪++‬ال‪ ،‬فه‪++‬ذا يجب علي‪++‬ه أن‬
‫يقيم‪ ،‬وال يهاجر؛ ألن داره صارت باعتزاله دار إس‪++‬الم‪ ،‬وإن ه‪++‬اجر عنه‪++‬ا ع‪++‬ادت دار ح‪++‬رب‪،‬‬
‫وال يجب عليه الدعاء والقتال؛ لعجزه عنه‪.‬‬
‫والقسم الثالث‪ :‬أن يقدر على االمتناع وال يقدر على االعتزال وال على ال‪++‬دعاء والقت‪++‬ال‪ ،‬فه‪++‬ذا ال يجب‬
‫عليه المقام‪ ،‬ألنه لم تصر‪ +‬داره دار إسالم‪ ،‬وال تجب عليه الهجرة‪ ،‬ألنه يقدر على االمتناع‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬أن ال يقدر على االمتناع‪ ،‬ويقدر على الهجرة‪ ،‬فواجب علي‪++‬ه أن يه‪++‬اجر‪ +‬وه‪++‬و ع‪++‬اص إن‬
‫أقام‪ ،‬وفي مثله قال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" -‬أنا بريء من كل مسلم مع مشرك"‪.‬‬
‫القسم الخامس‪ :‬أن ال يقدر على االمتناع ويضعف‪ +‬عن الهجرة‪ ،‬فتسقط عن‪++‬ه الهج‪++‬رة لعج‪++‬زه‪ ،‬ويج‪++‬وز‪+‬‬
‫أن يدفع عن نفسه بإظهار‪ +‬الكفر‪ ،‬ويكون مسلما ً باعتقاد اإلسالم والتزام‪ +‬أحكامه‪ ،‬وال يجوز‪ +‬لمن‬
‫قدر على الهجرة أن يتظاهر بالكفر؛ ألنه غير مضطر‪ ،‬والعاجز‪ +‬عن الهجرة مض‪++‬طر‪ +،‬ويك‪++‬ون‬
‫فرض الهجرة على من أمن فيها باقيا ما بقي للشرك دار‪.‬‬
‫() اإلعالن اإلس‪++‬المي لحق‪++‬وق اإلنس‪++‬ان في اإلس‪++‬الم‪ ،‬إص‪++‬دار وزارة األوق‪++‬اف‪ +‬والش‪++‬ؤون اإلس‪++‬المية‬ ‫‪108‬‬

‫‪2002‬م‪.‬‬
‫() البداية والنهاية البن كثير ‪ ،2/135‬فتح الباري ‪.7/324‬‬ ‫‪109‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)7/323‬كتاب المغازي‪ ،‬حديث (‪.)4024‬‬ ‫‪110‬‬

‫() البداية والنهاية البن كثير ‪.2/91‬‬ ‫‪111‬‬

‫() أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب مناقب األنصار‪ ،‬باب هجرة الحبشة‪ ،‬حديث (‪.)3876-3872‬‬ ‫‪112‬‬

‫() المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪113‬‬

‫() المحلى البن حزم ‪.11/200‬‬ ‫‪114‬‬

‫() حاش‪++‬ية ابن عاب‪++‬دين ‪ ،3/226‬م‪++‬واهب الجلي‪++‬ل للحط‪++‬اب ‪ ،3/361‬نهاي‪++‬ة المحت‪++‬اج لل‪++‬رملي ‪،8/79‬‬ ‫‪115‬‬

‫المغني البن قدامة ‪ ،10/434‬الفروع البن مفلح ‪.6/248‬‬


‫() حاشية الدسوقي‪ ،2/184 +‬نهاي‪++‬ة المحت‪++‬اج لل‪++‬رملي ‪ ،8/80‬المغ‪++‬ني البن قدام‪++‬ة ‪ ،10/434‬الف‪++‬روع‬ ‫‪116‬‬

‫البن مفلح ‪.6/248‬‬


‫() بدائع الصنائع للكاساني ‪ ،7/107‬حاشية ابن عابدين ‪.3/226‬‬ ‫‪117‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)4/81‬كتاب فضائل المدينة‪ ،‬باب حرم المدينة‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪ ،)1870‬ومس‪++‬لم‬ ‫‪118‬‬

‫واللفظ له (‪ ،)2/998‬كتاب الحج‪ ،‬باب فضل المدينة‪ ،‬حديث (‪.)1370‬‬


‫() حاش‪++‬ية الدس‪++‬وقي‪ ،2/185 +‬أس‪++‬نى المط‪++‬الب لألنص‪++‬اري ‪ ،4/202‬نهاي‪++‬ة المحت‪++‬اج لل‪++‬رملي ‪،8/80‬‬ ‫‪119‬‬

‫المغني البن قدامة ‪ ،434 /10‬الفروع البن مفلح ‪.6/248‬‬


‫() حاشية الدسوقي ‪ ،2/186‬أسىن املطالب لألنصاري ‪.4/204‬‬ ‫‪120‬‬

‫() حاش‪++‬ية ابن عاب‪++‬دين ‪ ،3/228‬م‪++‬واهب الجلي‪++‬ل للحط‪++‬اب ‪ ،3/361‬أس‪++‬نى المط‪++‬الب لألنص‪++‬اري‬ ‫‪121‬‬

‫‪ ،4/202‬نهاية المحتاج للرملي ‪ ،8/80‬الفروع البن مفلح ‪.6/248‬‬


‫() المغني البن قدامه ‪.10/433‬‬ ‫‪122‬‬

‫() حاش‪++‬ية ابن عاب‪++‬دين ‪ ،3/228‬حاش‪++‬ية الدس‪++‬وقي ‪ ،4/361‬أس‪++‬نى المط‪++‬الب لألنص‪++‬اري ‪،4/202‬‬ ‫‪123‬‬

‫المغني ‪ ،10/433‬الفروع ‪.6/248‬‬


‫() بدائع الصنائع للكاساني‪ ،7/106 +‬مواهب الجليل للحطاب ‪ ،3/361‬نهاية المحتاج ‪ ،8/80‬المغ‪++‬ني‬ ‫‪124‬‬

‫‪.10/433‬‬
‫() مواهب الجليل للحطاب ‪ ،3/361‬حاشية الدسوقي ‪.2/185‬‬ ‫‪125‬‬

‫() اإلنصاف للمرداوي‪ 4/203 +‬المغني البن قدامة ‪.10/433‬‬ ‫‪126‬‬

‫() بدائع الصنائع للكاساني ‪.7/106‬‬ ‫‪127‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)4/81‬كت‪++‬اب فض‪++‬ل أه‪++‬ل المدين‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬اب ح‪++‬رم المدين‪++‬ة‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪،)1870‬‬ ‫‪128‬‬

‫ومسلم واللفظ له (‪ ،)2/998‬كتاب الحج‪ ،‬باب فضل المدينة‪ ،‬حديث (‪.)1370‬‬


‫() بدائع الصنائع للكاساني ‪.7/106‬‬ ‫‪129‬‬

‫() أسنى المطالب لألنصاري‪.4/202 +‬‬ ‫‪130‬‬

‫() المغني ‪.10/433‬‬ ‫‪131‬‬

‫() أخرجه ابن ماجه ‪ ،1/659‬كتاب الطالق‪ ،‬باب طالق المكره والناسي‪ +،‬حديث (‪.)2043‬‬ ‫‪132‬‬
‫() حاشية ابن عابدين ‪.3/228‬‬ ‫‪133‬‬

‫() مواهب الجليل ‪ ،3/361‬حاشية الدسوقي‪.4/204 +‬‬ ‫‪134‬‬

‫() نهاية المحتاج للرملي ‪.8/80‬‬ ‫‪135‬‬

‫() المغني ‪.10/434‬‬ ‫‪136‬‬

‫() نهاية المحتاج للرملي ‪ ،8/80‬أسنى المطالب لألنصاري ‪.4/204‬‬ ‫‪137‬‬

‫() المغني البن قدامة ‪ ،10/433‬الفروع البن مفلح ‪.6/248‬‬ ‫‪138‬‬

‫() أخرج‪++‬ه البخ‪++‬اري‪( ،‬فتح ‪ ،)4/81‬كت‪++‬اب فض‪++‬ائل المدين‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬اب ح‪++‬رم المدين‪++‬ة‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪،)1870‬‬ ‫‪139‬‬

‫ومسلم‪ ،‬واللفظ له (‪ )2/998‬كتاب الحج‪ ،‬باب فضل المدينة‪ ،‬حديث (‪.)1370‬‬


‫() حاشية ابن عابدين ‪ ،3/226‬أسنى المط‪++‬الب لألنص‪++‬اري ‪ ،4/202‬نهاي‪++‬ة المحت‪++‬اج لل‪++‬رملي ‪،8/80‬‬ ‫‪140‬‬

‫المغني البن قدامة ‪ ،10/433‬الفروع البن مفلح ‪.6/248‬‬


‫() أخرجه البخ‪++‬اري (فتح ‪ ،)6/273‬كت‪++‬اب الجزي‪++‬ة ب‪++‬اب أم‪++‬ان النس‪++‬اء وج‪++‬وارهن‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪،)3171‬‬ ‫‪141‬‬

‫ومسلم ‪ ،1/498‬كتاب صالة المسافرين‪ ،‬باب استحباب صالة الضحى حديث (‪.)336‬‬
‫() أخرجه أبو داود ‪ 3/84‬في كتاب الجهاد‪ ،‬باب في أمان المرأة‪ ،‬حديث رقم (‪.)2764‬‬ ‫‪142‬‬

‫() حاشية الدسوقي‪.2/185 +‬‬ ‫‪143‬‬

‫() حاشية ابن عابدين ‪ ،3/228‬أسنى المطالب لألنصاري ‪ ،4/204‬نهاية المحتاج للرملي ‪.8/80‬‬ ‫‪144‬‬

‫() سورة األنفال‪.58 :‬‬ ‫‪145‬‬

‫() أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد‪ ،‬باب في اإلمام يكون بينه وبين العدو عهد فيس‪++‬ير‪ +‬نح‪++‬وه‪ ،‬ح‪++‬ديث‬ ‫‪146‬‬

‫رقم (‪ ،)2759‬وأخرجه الترمذي في أبواب السير‪ ،‬باب ما جاء في الغدر‪ ،‬حديث رقم (‪.)1629‬‬
‫() روضة الطالبين للنووي ‪ ،10/281‬أسنى المطالب لألنصاري‪ ،4/204 +‬الفروع ‪.6/251‬‬ ‫‪147‬‬

‫() ب‪++‬دائع الص‪++‬نائع للكاس‪++‬اني ‪ ،7/107‬مغ‪++‬ني المحت‪++‬اج للش‪++‬ربيني ‪ ،4/238‬كش‪++‬اف القن‪++‬اع للبه‪++‬وتي‬ ‫‪148‬‬

‫‪.3/106‬‬
‫() حاشية ابن عابدين ‪ ،3/248‬تبيين الحقائق للزيلعي ‪.3/268‬‬ ‫‪149‬‬

‫() نهاية المحتاج للرملي ‪.8/80‬‬ ‫‪150‬‬

‫() أسنى المطالب ‪.4/204‬‬ ‫‪151‬‬

‫() الفروع‪ +‬البن مفلح ‪.6/249‬‬ ‫‪152‬‬

‫() تبيين الحقائق للزيلعي‪ ،3/269 +‬حاشية ابن عابدين ‪ ،3/251‬المغني البن قدامة ‪ ،1/437‬الف‪++‬روع‬ ‫‪153‬‬

‫‪.6/251‬‬
‫() تبصرة الحكام البن فرحون ‪ ،2/177‬الخرشي‪ +‬على خليل ‪.3/119‬‬ ‫‪154‬‬

‫() شرح منتهى اإلرادات للبهوتي ‪.2/138‬‬ ‫‪155‬‬

‫() أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب الحربي إذا دخل دار اإلسالم بغير أمان ح‪++‬ديث رقم‬ ‫‪156‬‬

‫(‪ ،)3051‬ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل حديث رقم‪.)1754( +‬‬
‫() شرح السير الكبير للسرخسي ‪.1/205‬‬ ‫‪157‬‬

‫() األم للشافعي‪ ،4/167 +‬حاشية قليوبي‪.4/226 +‬‬ ‫‪158‬‬

‫() أوالً‪ :‬جريمة القتل‪:‬‬ ‫‪159‬‬

‫ال خالف بين الفقهاء في ووجوب القصاص على المستأمن إذا قتل مسلما أو ذميا أو مستأمنا‪ ،‬ودليلهم‪+:‬‬
‫‪ -1‬قوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :-‬من اعتبط مسلما ً بقتل فهو‪ +‬به قود" أخرجه النسائي في الديات‬
‫(‪ ،)4853‬قال الشافعي‪ +:‬فهذه جامعة لكل من قتل‪.‬‬
‫‪ -2‬أن كل واحد من هؤالء القتلى معصوم‪ +‬الدم بإيمان أو أمان‪.‬‬
‫‪ -3‬أن المستأمن التزم أحكام اإلسالم فيما يرجع إلى حقوق العباد‪ ،‬والقصاص من هذه الحقوق‪،‬‬
‫فيجب عليه‪.‬‬
‫وعلى هذا فإذا ارتكب الالجئ جريمة قتل فإنه يخض‪++‬ع لألحك‪++‬ام الش‪++‬رعية في ه‪++‬ذا الب‪++‬اب‪ ،‬ويق‪++‬ام‬
‫عليه القصاص متى ت‪++‬وافرت‪ +‬أركان‪++‬ه وش‪++‬روطه‪ ،‬وذل‪++‬ك لعم‪++‬وم النص‪++‬وص الش‪++‬رعية الدال‪++‬ة على‬
‫اص فِي‬‫ِص ُ‬ ‫وجوب استيفاء القصاص من القاتل كقوله تعالى‪َ ( :‬يا أَ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُن و ْا ُكت َِب َعلَ ْي ُك ُم ا ْلق َ‬
‫ا ْل َق ْتلَى ا ْل ُح ُّر ِبا ْل ُح ِّر َوا ْل َع ْب ُد ِبا ْل َع ْب ِد َواألُن َثى ِب األُن َثى) وقول‪++‬ه ‪-‬ص‪++‬لى هللا علي‪++‬ه وس‪++‬لم‪" :-‬من قتل ل ه‬
‫قتيل فهو بخير النظرين‪ ،‬إما أن يودى وإما أن يقاد" أخرجه البخ‪++‬اري (فتح ‪ ،)12/205‬كت‪++‬اب‬
‫الديات‪ ،‬باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين حديث ( ‪ ،)6880‬ومسلم‪ ،2/988 +‬كتاب الحج‪،‬‬
‫باب تحريم‪ +‬مكة‪ ،‬حديث (‪.)1355‬‬
‫ثم إن عدم إقامة القصاص على المستأمن يفضي إلى إهمال حقوق العب‪++‬اد ال‪++‬تي اهتم به‪++‬ا الش‪++‬رع‬
‫المطهر‪ ،‬ووضع‪ +‬لها أحكاماً؛ لتحصيلها والحفاظ عليها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬جريمة السرقة‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء في عقوب‪++‬ة المس‪++‬تأمن إذا م‪++‬ا ارتكب جريم‪++‬ة الس‪++‬رقة وت‪++‬وافرت أركانه‪+‬ا‪ +‬وش‪++‬روطها على‬
‫مذهبين‪:‬‬
‫الم ذهب األول‪ :‬ال يق‪++‬ام ح‪++‬د الس‪++‬رقة على المس‪++‬تأمن‪ :‬وه‪++‬و ق‪++‬ول أبي حنيف‪++‬ة‪ ،‬ومحم‪+‬د‪ +‬بن الحس‪++‬ن‪،‬‬
‫والقول األظهر للشافعي‪.‬‬
‫ودليلهم‪ +:‬أن من شروط‪ +‬إقامة حد السرقة أن يكون الس‪++‬ارق ملتزم‪+‬ا ً أحك‪++‬ام اإلس‪++‬الم‪ ،‬والمس‪++‬تأمن لم‬
‫يلتزم باألمان ما يرجع إلى حقوق هللا تعالى من األحكام‪ ،‬وحد الس‪+‬رقة ح‪+‬ق هللا تع‪+‬الى في‪+‬ه غ‪+‬الب‪،‬‬
‫فلم يلتزمه المستأمن فال يقام عليه‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬يقام حد السرقة على المس‪+‬تأمن‪ :‬وه‪+‬و ق‪+‬ول المالكي‪+‬ة‪ ،‬والحنابل‪+‬ة‪ ،‬وق‪+‬ول للش‪+‬افعي‪،‬‬
‫وأبي يوسف‪ +‬من للحنفية‪.‬‬
‫ودليلهم‪ +:‬أن المستأمن التزم أحكام اإلسالم مدة إقامته في دار اإلس‪+‬الم؛ فص‪+‬ار‪ +‬كال‪+‬ذمي فيق‪+‬ام علي‪+‬ه‬
‫الحد‪ ،‬وأن السرقة من الفساد في األرض‪ ،‬فالبد من عقاب زاجر يمنع كل أحد في دار اإلسالم من‬
‫هذا الفساد‪ ،‬وأن هذا الحد وجب صيانة لألموال‪ ،‬كم‪++‬ا وجب ح‪++‬د الق‪++‬ذف ص‪++‬يانة لألع‪++‬راض‪ ،‬فكم‪++‬ا‬
‫يجب هذا على المستأمن يجب ذاك عليه أيضاً‪.‬‬
‫وذهب الشافعي في قول ثالث إلى التفصيل وهو إن شرط عليه في العهد‪ ،‬إن سرق قط‪++‬ع‪ ،‬وإال فال‬
‫قطع‪ ،‬وال حد‪.‬‬
‫والذي يظهر هو رجحان المذهب الثاني‪ ،‬ألنه المتفق مع عموم النصوص الدالة على وجوب إقامة‬
‫الحد على السارق‪ ،‬وألنه ‪-‬أيضاً‪ -‬يتفق مع عموم والية الدولة اإلسالمية على جمي‪++‬ع المقيمين على‬
‫أرضها‪ ،‬وألن السرقة من الفساد في األرض فال يمكن المستأمن من هذا الفساد‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬جريمة الزنى‪:‬‬
‫اختلف الفقهاء في إقامة الحد على المستأمن إذا ارتكب جريمة الزنى على مذهبين‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬ال يقام الحد على المستأمن إذا زنى‪ :‬وهو قول أبي حنيفة‪ ،‬ومحمد‪ ،‬والمالكية‪ ،‬وهو‬
‫مذهب الشافعية في المشهور‪ ،‬ووافقهم‪ +‬الحنابلة إذا ما زنى بغير مسلمة‪ ،‬أم‪++‬ا إذا زنى بمس‪++‬لمة فإن‪++‬ه‬
‫يقتل‪.‬‬
‫ودليلهم‪ +:‬أن إقامة الح‪++‬د تب‪++‬نى على الوالي‪++‬ة‪ ،‬والوالي‪++‬ة تب‪++‬نى على االل‪++‬تزام‪ ،‬إذ ل‪++‬و ألزمن‪++‬ا المس‪++‬تأمن‬
‫حكمنا من غير أن يلتزمه أ ّدى ذلك إلى تنفيره من دارنا‪ ،‬وقد ندبنا إلى معاملة تحمله على ال‪++‬دخول‬
‫في دارنا؛ ل‪+‬يرى محاس‪+‬ن اإلس‪+‬الم فيس‪+‬لم‪ ،‬وه‪+‬و باألم‪+‬ان ال‪+‬تزم حق‪+‬وق العب‪+‬اد‪ ،‬ألن دخول‪+‬ه لقض‪+‬اء‬
‫حاجته‪ ،‬وهي تحصل بذلك‪ ،‬فالتزم أن ينص‪++‬فهم كم‪++‬ا ينص‪++‬ف‪ ،‬وأن ال ي‪++‬ؤذي أح‪++‬داً‪ ،‬كم‪++‬ا ال ي‪++‬ؤذى‪،‬‬
‫فيلزمه بالتزامه‪.‬‬
‫وأما حقوق هللا تعالى فال تلزمه‪ ،‬ألن‪++‬ه لم يلتزمه‪++‬ا‪ ،‬وله‪++‬ذا ال تض‪++‬رب علي‪++‬ه الجزي‪++‬ة‪ ،‬ولم يمن‪++‬ع من‬
‫الرجوع‪ +‬إلى دار الحرب‪ ،‬فعلم بذلك أنه حربي على حاله‪ ،‬وأن حكم األم‪++‬ان ال يظه‪++‬ر بالنس‪++‬بة إلى‬
‫حقوق هللا تعالى‪ ،‬ومنها‪ :‬حد الزنى‪.‬‬
‫وقال الحنابل‪++‬ة‪ :‬ال يح‪++‬د المس‪++‬تأمن إذا زنى بغ‪++‬ير مس‪++‬لمة‪ ،‬ألن‪++‬ه ك‪++‬الحربي في ع‪++‬دم التزام‪++‬ه بأحك‪++‬ام‬
‫اإلسالم‪ ،‬أما إذا زنى بمسلمة فإنه يجب عليه القتل؛ لنقض العهد‪ ،‬وال يجب مع القتل حد سواه‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬يقام حد الزنى على المستأمن‪ :‬وهو قول أبي يوسف‪ ،‬والشافعية في وجه‪.‬‬
‫ودليلهم‪ +:‬أن المستأمن يعتقد حرمة الزنا‪ ،‬لكونه محرما ً في كل األديان‪ ،‬وقد قدر اإلمام على إقامت‪++‬ه‬
‫عليه‪ ،‬وقد التزم أحكامنا فيما يرجع إلى المعامالت والسياسات مدة مقامه في دارنا‪ ،‬كال‪++‬ذمي ال‪++‬ذي‬
‫التزمها مدة حياته‪.‬‬
‫والذي يظهر هو رجح‪++‬ان الم‪++‬ذهب الث‪++‬اني؛ وذل‪++‬ك أن الزن‪++‬ا من أك‪++‬بر المحرم‪++‬ات ومم‪++‬ا اتف‪++‬ق على‬
‫تحريمه الشرائع كلها‪ ،‬ومفاس‪+‬ده من ش‪+‬يوع الفاحش‪+‬ة واختالط األنس‪+‬اب ونح‪+‬و ذل‪+‬ك تلح‪+‬ق األف‪+‬راد‬
‫والمجتمعات‪ +‬سواء كان مرتكب هذه الجريمة مسلما ً أم ذميا ً أم مس‪++‬تأمناً‪ ،‬ول‪++‬ذا ك‪++‬ان الب‪++‬د من إقام‪++‬ة‬
‫العقوبات الشرعية الرادعة لزجر المجرمين وضعاف‪ +‬الدين واإليمان عن تعدي مح‪++‬ارم هللا تع‪++‬الى‬
‫وحدوده‪ ،‬وقد أقام النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬الحد على اليهوديين اللذين زنيا ورجمهم‪++‬ا؛‪ +‬ألنهم‪++‬ا‬
‫تحت والية الدولة اإلسالمية‪ ،‬وقد تحاكما إليه‪.‬‬
‫() األحكام السياسية لألقليات المسلمة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬سليمان توبولياك ص‪ ،59‬مجلة مجمع الفقه‬ ‫‪160‬‬

‫اإلسالمي‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.1153،1103‬‬


‫() المجموع الثمين ‪ 1/56‬باختصار‪+.‬‬ ‫‪161‬‬

‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)4/81‬كتاب فضائل المدينة باب حرم المدينة‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪ ،)1870‬ومس‪++‬لم‪،‬‬ ‫‪162‬‬

‫واللفظ له (‪ ،)2/998‬كتاب الحج‪ ،‬باب فضل المدينة‪ ،‬حديث (‪.)1370‬‬


‫() أخرجه البخاري (فتح ‪ ،)6/273‬كتاب الجزي‪++‬ة‪ ،‬ب‪++‬اب أم‪++‬ان النس‪++‬اء وج‪++‬وارهن‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪،)3171‬‬ ‫‪163‬‬

‫ومسلم ‪ ،1/498‬كتاب صالة المسافرين‪ ،‬باب استحباب صالة الضحى‪ ،‬حديث (‪.)336‬‬
‫() سورة المائدة‪.1 :‬‬ ‫‪164‬‬

‫() أخرج‪++‬ه أب‪++‬و داود (‪ ،)3/304‬كت‪++‬اب األقض‪++‬ية‪ ،‬ب‪++‬اب في الص‪++‬لح‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪ ،)3594‬والترم‪++‬ذي‪( ،‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪ ،)2/403‬أبواب األحكام‪ ،‬ب‪++‬اب م‪++‬ا ذك‪++‬ر عن رس‪++‬ول هللا في الص‪++‬لح‪ ،‬ح‪++‬ديث (‪ )1363‬عن عم‪++‬رو بن‬
‫عوف المزني‪ ،‬وابن ماجه (‪ ،)2/788‬كتاب األحكام‪ ،‬باب الصلح‪ ،‬حديث (‪.)2353‬‬
‫() القانون الدولي الخاص د‪ .‬عز الدين عبد هللا ص‪ ،55‬القانون الدولي‪ +‬الخاص د‪ .‬ماج‪++‬د حل‪++‬واني ص‬ ‫‪166‬‬

‫‪ ،155‬الجنسية والموطن ومركز‪ +‬األجانب د‪ .‬هشام علي صادق ص‪.127‬‬


‫() معجم مقاييس اللغة ‪ 1/486‬مادة (جنس)‪.‬‬ ‫‪167‬‬

‫() المعجم الوسيط‪.1/145 +‬‬ ‫‪168‬‬

‫() مبادئ القانون الخاص د‪ -‬محمد عبد المنعم رياض ص‪ ،50‬كما ذكره د‪ .‬مصطفى الباز في جنسية‬ ‫‪169‬‬

‫المرأة المتزوجة في القانون الدولي‪ +‬والفقه اإلسالمي ص‪.45‬‬


‫() الوسيط في أحكام الجنسية د‪ .‬فؤاد عبد المنعم رياض ص‪.12‬‬ ‫‪170‬‬

‫() القانون الدولي الخاص العربي د‪ .‬جابر جاد عبد الرحمن ص‪.13‬‬ ‫‪171‬‬

‫() موسوعة السياسة ‪ 2/99‬د‪ .‬عبد الوهاب الكيالي وآخرون‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ +‬ط‪2‬‬ ‫‪172‬‬

‫س‪ ،91‬جنسية المرأة المتزوجة في القانون الدولي والفقه اإلسالمي د‪ .‬مصطفى الباز ص‪ ،45‬الوسيط‬
‫في أحكام الجنسية د‪ .‬فؤاد عبد المنعم رياض ص‪.12‬‬
‫() حقوق اإلنسان الوثائق العاملية واإلقليمية د‪ .‬حممود بسيوين وآخرون ‪.1/243‬‬ ‫‪173‬‬

‫() الجنسية والموطن ومركز‪ +‬األجانب د‪ .‬هشام علي صادق ‪.1/65‬‬ ‫‪174‬‬

‫() القانون الدولي الخاص العربي د‪ .‬جابر جاد عبد الرحمن ص‪.53‬‬ ‫‪175‬‬

‫() الجنسية والموطن ومركز‪ +‬األجانب د‪ .‬هشام علي صادق ‪ 119-1/113‬باختصار‪ +‬وتصرف‪.+‬‬ ‫‪176‬‬
‫() فقه األقليات املسلمة د‪ .‬خالد عبد القادر ص‪.607‬‬ ‫‪177‬‬

‫() مجلة مجمع الفقه اإلسالمي العدد الثلث الج‪++‬زء الث‪++‬اني ‪ ،1153-1103‬فق‪++‬ه األقلي‪++‬ات المس‪++‬لمة ص‬ ‫‪178‬‬

‫‪.608‬‬
‫() سورة النحل‪.106 :‬‬ ‫‪179‬‬

‫() انظر األحكام السياسية لألقليات سليمان توبولياك‪ +‬ص‪ ،83‬فقه األقليات خالد عبد القادر ص‪.607‬‬ ‫‪180‬‬

‫() سورة النحل‪.106 :‬‬ ‫‪181‬‬

‫() انظ‪++‬ر األحك‪++‬ام السياس‪++‬ية لألقلي‪++‬ات ص‪ ،83‬فق‪++‬ه األقلي‪++‬ات ص‪ ،607‬والح‪++‬ديث أخرج‪++‬ه ابن ماج‪++‬ه‬ ‫‪182‬‬

‫‪ ،1/659‬كتاب الطالق‪ ،‬باب طالق المكره والناسي‪ ،‬حديث (‪.)2043‬‬


‫() انظر األحكام السياسية لألقليات توبولياك‪ +‬ص‪ ،83‬فقه األقليات خالد عبد القادر ص‪.607‬‬ ‫‪183‬‬

‫() سورة المائدة‪.48 :‬‬ ‫‪184‬‬

‫() سورة المائدة‪50 :‬‬ ‫‪185‬‬

‫() سورة المائدة‪.55 :‬‬ ‫‪186‬‬

‫() سورة المائدة‪.51 :‬‬ ‫‪187‬‬

‫() سورة المائدة‪.2 :‬‬ ‫‪188‬‬

‫() قال الزركشي‪ +‬في المنثور ‪" :2/25‬الحاجة العام‪++‬ة ت‪++‬نزل منزل‪++‬ة الض‪++‬رورة الخاص‪++‬ة في ح‪++‬ق آح‪++‬اد‬ ‫‪189‬‬

‫الناس" وقال‪" :‬الحاجة الخاصة تبيح المحظور"‪ ،‬وانظر‪ +‬األشباه والنظ‪++‬ائر‪ +‬البن نجيم ص‪ ،91‬واألش‪++‬باه‬
‫والنظائر‪ +‬للسيوطي ص‪.88‬‬
‫() الوسيط في الجنسية ومركز‪ +‬األجانب د‪ .‬فؤاد عبد المنعم رياض ص‪.18‬‬ ‫‪190‬‬

‫() األحكام السياسية لألقليات توبولياك‪ +‬ص‪.112‬‬ ‫‪191‬‬

‫() موسوعة السياسة د‪ .‬عبد الوهاب الليالي وآخرون ‪.1/690‬‬ ‫‪192‬‬

‫() الموسوعة العربية العالمية ‪.4/109‬‬ ‫‪193‬‬

‫() الموسوعة العسكرية ‪.2/58‬‬ ‫‪194‬‬

‫() القانون الدولي الخ‪+‬اص د‪ .‬ع‪+‬ز ال‪+‬دين عب‪+‬د هللا ص‪ ،190‬وانظ‪+‬ر‪ +‬الق‪+‬انون ال‪+‬دولي الخ‪+‬اص د‪ .‬ماج‪+‬د‬ ‫‪195‬‬

‫الحلواني ص‪ ،155‬الجنسية والموطن ومركز‪ +‬األجانب د‪ .‬هشام علي صادق ص‪.127‬‬


‫() األحكام السياسية لألقليات ص ‪ ،112‬فقه األقليات المسلمة ص ‪.620‬‬ ‫‪196‬‬

‫() أخرجه ابن ماجه‪ ،1/659 ،‬كتاب الطالق‪ ،‬باب طالق المكره والناسي‪ ،‬حديث (‪.)2043‬‬ ‫‪197‬‬

‫() سورة األنفال‪.60 :‬‬ ‫‪198‬‬

‫() أخرجه مسلم في كتاب القدر‪ ،‬باب في األمر بالقوة وترك العجز‪ ،‬حديث رقم (‪.)2664‬‬ ‫‪199‬‬

‫() سورة المائدة‪.51 :‬‬ ‫‪200‬‬

‫() سورة الممتحنة‪.1 :‬‬ ‫‪201‬‬

‫() سورة النساء آية ‪.141‬‬ ‫‪202‬‬

‫() أخرجه الترمذي في أبواب الفتن‪ ،‬باب (‪ ،)58‬حديث رقم‪.)2355( +‬‬ ‫‪203‬‬

‫() أخرجه البخاري في كتاب الفتن‪ ،‬باب قول النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :-‬من حم ل علين ا الس الح‬ ‫‪204‬‬

‫فليس منا"‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)7070‬ومسلم‪ +‬في كتاب اإليمان ب‪++‬اب ق‪++‬ول الن‪++‬بي ‪-‬ص‪++‬لى هللا علي‪++‬ه وس‪++‬لم‪:-‬‬
‫"من حمل علينا السالح فليس منا"‪ ،‬حديث رقم (‪.)98‬‬
‫() شرح السير الكبير للسرخسي ‪.4/253‬‬ ‫‪205‬‬

‫() مجموع الفتاوى البن تيمية ‪.28/538‬‬ ‫‪206‬‬

‫() األحكام السياسية لألقليات توبولياك‪ +‬ص‪ ،123‬فقه األقليات المسلمة خالد عبد القادر ص‪.171‬‬ ‫‪207‬‬

You might also like