You are on page 1of 6

‫س‪ /‬امتازت العمارة ابتداء من العصور الوسطى وحتى العصر الحديث في العالم العربي االسالمي ووسط‬

‫اسيا وغربها وشمال إفريقيا وحتى جنوب غرب قارة اوربا‪ ،‬بطريقة تعاملها مع الفضاء متأثرة بأفكار الدولة‬
‫اإلسالمية التي بدأت معالمها بالتبلور والظهور بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة‪ ،‬ناقش العبارة‪.‬‬
‫ج‪ /‬ظهر الدين اإلسالمي الحنيف في عام (‪ )622‬م كإشعاع روحي الى البشرية وتأثرت بيه العمارة‪ ،‬وقد امتازت‬
‫العمارة ابتداء من العصور الوسطى وحتى العصر الحديث في العالم العربي االسالمي ووسط اسيا وغربها وشمال‬
‫إفريقيا وحتى جنوب غرب قارة او ربا‪ ،‬بطريقة تعاملها مع الفضاء متأثرة بأفكار الدولة اإلسالمية التي بدأت معالمها‬
‫بالتبلور والظهور بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة‪ ،‬ويعتبر المسجد النبوي في المدينة والذي بد من بيت للرسول‬
‫محمد (ص) الى البشرية كإشعاع روحي تأثرت به العمارة‪ ،‬ثم تطور وعلى مراحل متعددة ليصل في عهد الخليفة‬
‫عثمان بن عفان الى شكله النهائي عام (‪ ) 646‬م نواة العمارة العربية اإلسالمية والذي شكل اول حدث معماري في‬
‫تاريخ المسلمين‪ ،‬التي أظهرت الجزء المكشوف للفضاء المعماري كعنصر منظم لعملية التصميم‪ ،‬وبعد أن امتدت‬
‫الدولة اإلسالمية واختلطت باألقطار المفتوحة حدث تطور كبير في عمارتها وظهرت فيها العديد من الطرز المعمارية‬
‫التي تنوعت بتنوع المناطق الجغرافية وطبيعة الفئة الحاكمة وميولها والفترة الزمنية التي وجدت فيها‪ ،‬وتمتاز هذه‬
‫الطرز بانها تقوم على أساس مشترك يقوم على جوهر العقيدة اإلسالمية مما اضفى عليها طابعا عام مشترك في جميع‬
‫األزمنة واألمكنة‪ ،‬غير ان هذا الطراز الموحد يشترك معه طراز معماري محلي وهو ما انتج االختالفات السطحية‬
‫بين تلك الطرز فكان لكل منها طريقته الخاصة التي تميزه في التعامل مع الفضاء‪ ،‬وظهرت في المساجد والقصور‬
‫فضال عن المباني االج تماعية كالمدارس والمستشفيات والمباني الحكومية وغيرها‪ ،‬ويمكن تمييز طريقتين للتعامل مع‬
‫الفضاء في العمارة اإلسالمية‪:‬‬
‫الطريقة األولى‪ :‬اعتماد ثنائية (حجم‪-‬فضاء)‪ ،‬اذ نجد ان المبنى يتكون من وحدتين تشكيليتين‪ ،‬هما الحجم الذي يضم‬
‫الوظيفة الرئيسة للمبنى يجاوره فضاء مفتوح الى السماء محدد من جهاته األربع بجدار أو رواق ليس له وظيفية أساسية‬
‫بقدر ما يعمل كمحدد للفضاء‪ ،‬كما في الجامع األموي بدمشق‪.‬‬
‫وينطلق التشكيل المعماري للوحدات الحاوية للوظائف الرئيسة للمبنى من فضاء مفتوح ذو مواصفات ونسب وأبعاد‬
‫واتجاهات محددة ودقيقة في الطريقة الثانية‪ ،‬فيكون الفضاء محددا لعالقة العناصر المكونة للتصميم ببعضها‪ ،‬وعالقاتها‬
‫مع الفضاءات الخارجية‪ ،‬ويمكن مالحظة هذا النظام في التشكيل المعماري في بيوت ومدارس وبيمارستانات دمشق‬
‫القديمة‪.‬‬
‫اما على مستوى الفضاءات العمرانية فان للمدينة العربية اإلسالمية العديد من الفضاءات ذات الخصائص المتميزة‬
‫والتي تمنح المدينة العربية اإلسالمية الهوية والطابع الخاص بها‪ ،‬فغالبا ما نجد ان النسيج العمراني للمدينة العربية‬
‫اإلسالمية يحتوي على ساحات ذات احجام اشكال مختلفة‪ ،‬كما ان لكل منها وظيفتها الخاصة‪ ،‬فقد تكون عبارة عن‬
‫ساحات من اجل إقامة األسواق والبازارات الدائمة او المؤقتة‪ ،‬وقد تكون فضوات (وتسمى أيضا بالرحبة) والتي هي‬
‫عبارة عن فضاء وسطي ناتج عن تجمع المباني من حوله‪ ،‬كما انها قد تنتج من تقاطع مجموعة من الطرق‪ ،‬وهي تشبه‬
‫الفناء الوسطي في البيت التقليدي‪ ،‬والذي تحيط به مكونات البيت من جميع الجهات‪ ،‬كما وانها تقابل األغوار (‪)Agora‬‬
‫في العمارة االغريقية والساحة (‪ ) plaza‬في عمارة عصر النهضة‪ ،‬وللساحات على اختالف اشكالها وانواعها في‬
‫العمارة العربية اإلسالمية أهمية كبيرة ودور مؤثر على عدة مستويات‪ ،‬فهي على المستوى الرمزي والداللي تمنح‬
‫المدينة العربية اإلسالمية طابع مميز وخاص بها ال يتوفر في غيرها من المدن‪ ،‬وعلى المستوى االجتماعي تمثل‬
‫أماكن عامة للتجمع والحوار وتبادل اآلراء والنقاشات‪ ،‬وعلى المستوى االقتصادي فهي رافد مهم في دعم اقتصاد‬
‫المدينة العربية اإلسالمية نتيجة لكونها قد تستخدم إلقامة األسواق والبازارات الدائمة والمؤقتة‪ ،‬اما على المستوى‬
‫البيئي والصحي فهي تمثل رئة المدينة العربية اإلسالمية‪ ،‬حيث تعمل على خلق تيارات هوائية ضمن نسيج المدينة‬
‫فضال عن انها تساهم في تلطيف وخفض درجات الحرارة كونها مناطق غالبا ما تكون مضللة ومزروعة باألشجار‬
‫فضال عن وجود برك ونوافير المياه‪.‬‬
‫فالعمارة العربية اإلسالمية ركزت على مفهوم الفضاء واعطته أهمية أكبر من الكتل المحيطة الحاوية للوظائف فهي‬
‫تأخذ مواقعها وتشكيلها منطلقة من الفضاء المركزي‪ ،‬أي ان الفضاء في العمارة اإلسالمية عنصر تنظيمي ناتج عن‬
‫عالقة الحجوم الحاوية للوظائ ف والتي هي باألصل اخذت مواقعها وهيئاتها متأثرة بخصائص ذلك الفضاء‪ ،‬وهو ما‬
‫كان شائعا في العمارة االغريقية وعمارة عصر النهضة والتي تعاملت مع الفضاء كعنصر مسيطر تنطلق منه عملية‬
‫التصميم‪.‬‬
‫س‪ /‬هل يمكن القول بوجود العمارة العربية اإلسالمية؟ وهل تعني ما يقدمه المسلمون من عمارة لخدمة‬
‫الدين اإلسالمي الحنيف؟ ام انها تعني ما نشأ في البالد االسالمية من عمارة؟‬
‫س‪ /‬هل للعمارة العربية اإلسالمية وجود؟ وهل يمكن تشخيصها كعمارة متميزة عن سواها تبنى خارج نطاق‬
‫اإلسالم؟‬
‫س‪ /‬ناقش ثنائية الجوهر (المضمون‪-‬الثابت) والمظهر (الشكل‪-‬المتغير) في العمارة العربية اإلسالمية‪.‬‬
‫س‪ /‬ما مفهوم العمارة العربية اإلسالمية؟ وهل يصح تسميتها عمارة عربية إسالمية ام عمارة إسالمية‬
‫فقط؟‬
‫ج‪ /‬هنالك اثنين من المصطلحات المستخدمة لوصف العمارة العربية االسالمية هما العمارة اإلسالمية وعمارة المسلم‪،‬‬
‫وهما مص طلحين مترابطين من الناحية النظرية غير انهما مختلفين من الناحية المفاهيمية‪ ،‬فالمسلم هو تسمية عامه‬
‫تشير إلى اإلعداد واالنتماء الديني والجغرافي لإلسالم‪ ،‬وبالتالي فان عمارة المسلم تشير الى أسلوب وطريقة البناء‬
‫المتبعة في تلك البالد‪ ،‬فهو مصطلح قد يشمل العمارة الحديثة أو القديمة التي تمارس في هذه البلدان والتي قد ال تكون‬
‫إسالمية بالضرورة وال تعرض أي سمات معروفة للعمارة العربية اإلسالمية مثل القوس والقبة والجص والزخرفة ‪...‬‬
‫إلخ‪ .‬على نحو مماثل‪ ،‬نقول اليوم أن المدينة اإلسالمية تشير إلى موقعها في بلد مسلم بدالً من معالمها المورفولوجية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬كما ان هنالك عيب اخر الستخدام هذا المفهوم يتعلق بالمباني ذات األصل اإلسالمي المقامة في بلدان غير‬
‫إسالمية كما هو الحال في إسبانيا‪ ،‬صقلية‪ ،‬االتحاد السوفيتي القديم وغيرها من البلدان والتي صممها المسلمون في تلك‬
‫البالد او المعماريين غير المسلمين لجهات او اشخاص مسلمين‪ ،‬وبالتالي فان العمارة العربية السالمية يمكن أن تكون‬
‫مفهوم مضلل او بدون خصوصية‪ ،‬فقد تفهم على انها تشير إلى عمارة جماعة دينية (إسالمية) معينة أو وظيفة دينية‬
‫بينما تشير في الواقع إلى طريقة البناء على النحو المنصوص عليه في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وبذلك يمكن فهم معنى‬
‫العمارة العربية اإلسالمية بشكلها الصحيح من خالل المغزى الثاني‪.‬‬
‫ارتبط الخطاب المعماري العربي بالعديد من المفاهيم والمصطلحات التي شكلت وتشكل ابجدياته‪ ،‬اذ دأب المفكرون‬
‫على استعمال العديد من هذه المصطلحات والتي باتت شائعة االستخدام من جهة‪ ،‬وقد اخذ هذا االستعمال منحى تطبيقيا‬
‫حيث انعكس على الفكر المعماري من جهة أخرى‪ ،‬وأبرز هذه المفاهيم هو مصطلح شائع ومتداول على نطاق واسع‬
‫يستخدم لوصف العمارة التي سادت في الرقعة الجغرافية الشاسعة الممتدة من الهند والصين شرقا حتى المغرب وجنوب‬
‫اوربا غربا منذ منتصف القرن (‪1‬ه‪7/‬م) وحتى أواخر القرن (‪۱۳‬ه‪۱۹/‬م)‪ ،‬اال وهو مصطلح العمارة اإلسالمية‪ ،‬وثمة‬
‫مجاالن رئيسان ألخذ فكرة عن ماهية العمارة العربية اإلسالمية‪ ،‬األول معماري تاريخي وعاطفي‪ ،‬يقوم على ثالث‬
‫محاور تنظيرية في توضيح مفهوم الحضارة العربية اإلسالمية تتمثل ب "المحور الشكلي‪ ،‬المحور الروحاني الصوفي‪،‬‬
‫المحور البيئي" والتي تتقاطع لتعطي التعريف األكثر رواجا للعمارة العربية اإلسالمية في الوقت الحاضر‪ ،‬والذي‬
‫يركز على األشكال الفريدة للنماذج التاريخية والبعد الروحاني الصوفي اضافة الى التركيز على االستجابة البيئية‬
‫للمناخ الصحراوي الحار والجاف تحديدا‪ ،‬والثاني أكاديمي محايد يقوم على "البعدين التاريخي والجغرافي" حيث يمتد‬
‫تاريخ العمارة العربية اإلسالمية منذ ظهور االسالم في القرن (األول الهجري‪/‬السابع الميالدي) حتى الغزو األوربي‬
‫لمعظم أراضي الدولة اإلسالمية في القرن (الث الث عشر الهجري‪ /‬التاسع عشر الميالدي)‪ ،‬ويرى البعد الجغرافي أن‬
‫العمارة العربية اإلسالمية هي مجمل ما تحفل به مدن العالم اإلسالمي من المباني والمنشآت بما فيها تلك المنشآت او‬
‫المدن التي شكلت يوما ما ضمن سياق العمارة العربية اإلسالمية ثم انتزعت من قبل حضارات أخرى كاألندلس‬
‫وصقلية او المدن التي ضمت إليه مؤخرا كتركيا‪ ،‬فالبعد الجغرافي يحمل بين طياته مفهوم كلمة العربية الذي يشير‬
‫الى من يسكن المنطقة العربية او من يتحدث اللغة العربية ويتخذها ثقافة‪ ،‬اذ ان الخطاب اإلسالمي يشير الى حاله من‬
‫التكامل بين االسالم واالنسان العر بي نتيجة لكون العرب هم الجماعة المخصوصة بدين اإلسالم والحاملة لوائه وهم‬
‫الناشرين له والمبشرين به‪ ،‬كما تأثير السمه العربية على العمارة العربية اإلسالمية قد برز عبر المنظومة الزخرفية‬
‫للخط العربي بمختلف اشكالها حتى اصبح السمة الخاصة والمميزة للتشكيل العربي اإلسالمي سواء داخل او خارج‬
‫حدود الرقعة الجغرافية للمنطقة العربية‪ ،‬وبالتالي فان كلمة العربية جاءت مرادفة لكلمة اإلسالمية كتعبير مكاني وداللة‬
‫لمحل والدة الفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫جاءت عمارة المسلمين نتاجا لحاجات اجتماعية وبيئية ممتزجة مع الفكر اإلسالمي في تحديد القواعد الفقهية واحكام‬
‫البنيان (الشريعة اإلسالمية) الذي يحرك الطبائع والسجايا ويتطور مع الزمن على وفق المتغيرات وال يقبع في عالم‬
‫المحنطات ويبقي متقوقعا في التاريخ‪ ،‬وهذا ما يشكل جوهر التباين بين مفهومي العمارة اإلسالمية "كفكر وفلسفة"‬
‫وعمارة المسلمين "كنتاج وأشكال"‪ ،‬وبالتالي فهي العمارة التي نشأت وتطورت بفضل مبادئ وقواعد الشريعة اإلسالمية‬
‫والتي من اهمها مبادئ التوحيد والتقوى والقواعد الفقهية والعرفية للدين والمجتمع العربي اإلسالمي التي اسست‬
‫واصلت للبنيان والعمران في ذلك المجتمع‪ ،‬التي تم العبير عنها من خالل المضمون كفكر وفلسفة (الثابت) والشكل‬
‫كنتاج وأشكال (المتغير)‪ ،‬وقد جاءت العمارة العربية اإلسالمية متطابقة مع المضمون الفكري للدين اإلسالمي في سمة‬
‫البساطة والوضوح والتي تمثل وتشكل الموجه الفكري والتنظيري المؤثر والفاعل في صيرورة انظمة العمران واحكام‬
‫البنيان في المجتمع والعالم العربي االسالمي الذي انبثقت منه وانطلقت نحو المناطق التي وصلها اإلسالم وانتشر فيها‬
‫(كشبه الجزيرة العربية و مصر والمغرب العربي وتركيا وإيران و الهند وغيرها فضال عن المناطق التي حكمها‬
‫لقرون طويلة من الزمن مثل األندلس اسبانيا حاليا وصقيلية او البلدان التي شكل العامل التجاري و الثقافي ارضية او‬
‫سبب النتمائها االسالمي كالصين وماليزيا واندونيسيا والفلبين واجزاء واسعة من قارة افريقية ومجموعة دول شرق‬
‫االتحاد السوفيتي سابقا)‪.‬‬
‫ف العمارة العربية اإلسالمية مفهوم واسع ومعقد بالنظر الى التفسيرات المتعددة التي يمكن لهذا المفهوم حملها او الداللة‬
‫عليها‪ ،‬وعلى الرغم من اختالف اآلراء والتفسيرات لمفهوم العمارة العربية اإلسالمية غير اننا نجدها مفهوم عام‬
‫يتخطى البعد الزماني والمكاني للعرب وكذا المسلمين‪ ،‬فهي ال تختص بما شيده العرب والمسلمون من مبان في‬
‫األراضي التابعة لدولتهم والتي تشمل من نطق باللغة العربية واعتنق اإلسالم‪ ،‬بل انها تشمل ما بني من العمائر على‬
‫وفق المبادئ والقواعد الفقهية واحكام البنيان النابعة من شريعة اإلسالم‪ ،‬والمتمثلة بمبادئ التوحيد والتقوى واألعراف‬
‫التي أسست واصلت للبنيان والعمران في العمارة العربية اإلسالمية‪ ،‬والتي عبر عنها من خالل المضمون (الثابت)‬
‫والشكل (المتغير) والتي جاءت متطابقة معه في سمه البساطة والوضوح‪ ،‬فهي بذلك تعكس في جوهرها منهجا فكريا‬
‫يجسد جوهر اإلسالم وليس جزءا من تراث مجتمعات وشعوب تنطق العربية او تعتنق الدين اإلسالمي‪ ،‬وهي عمارة‬
‫متغيرة مع الزمن تلبي حاجات الناس الروحية والعقائدية والجمالية والعرفية واالجتماعية والبيئية‪ ،‬غير ان هذا التغير‬
‫مرتبط وممتزج مع جوهر الفكر اإلسالمي الذي يحرك الطبائع والسجايا ويتطور مع الزمن على وفق المتغيرات‬
‫االجتماعية والبيئية والتقنية وال يبقي متقوقعا في التاريخ‪ ،‬وبالتالي فإنها العمارة التي بدأت ونشات وتطورت واستقرت‬
‫انماطها المعمارية في محيطها العربي وانطلقت الى جميع انحاء العالم اإلسالمي‪ ،‬وبهذا شكلت عمارة عربية إسالمية‬
‫إنسانية‪ ،‬فضال عن احترامها خصوصية المكان او اإلقليم المتواجدة فيه او المنتقلة اليه‪.‬‬
‫س‪ /‬تحتاج التكنولوجيا الى مقاييس أكبر للتعبير عن مفاهيم القوة والتطور التكنولوجي‪ .‬هل تتقاطع تلك‬
‫الحاجة مع مبادئ وسمات العمارة العربية اإلسالمية؟ وكيف تعاملت معها؟‬
‫ج‪ /‬يعد تحقيق السكينة والثقة لساكني المبنى الغرض األساسي من العمارة‪ ،‬فاألصل في العمارة هو االنسان وحاجاته‬
‫وطموحاته‪ ،‬ومن االنسان تتسلسل جميع مراحل العمارة دونما انفصال عنه في أي من مراحله‪ ،‬وقد اقر هذا المبدئ‬
‫في الفكر اإلسالمي منذ نزول الوحي على النبي محمد (ص)‪ ،‬اذا أشار الى االنسان بانه صاحب األولوية والتكريم‬
‫األول وهو المستخلف في األرض وحامل األمانة فضال عن كونه صاحب كرامة التسخير التي بموجبها سخر هللا له‬
‫ير ِ ِّم َّم ْن َخلَ ْقنَا‬‫علَ ٰى َك ِث ٍ‬‫ت َوفَض َّْلنَا ُه ْم َ‬ ‫{ولَقَ ْد ك ََّر ْمنَا َب ِني آ َد َم َو َح َم ْلنَا ُه ْم ِفي ْال َب ِ ِّر َو ْال َبحْ ِر َو َرزَ ْقنَاهُم ِ ِّمنَ َّ‬
‫الط ِِّي َبا ِ‬ ‫كافه المخلوقات‪َ ،‬‬
‫ض‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬‫علَى ال َّ‬ ‫ضنَا األ َ َمانَةَ َ‬
‫ع َر ْ‬ ‫يال} (سورة االسراء‪ ،‬ايه ‪ ،)70‬انظر أيضا (سورة البقرة‪ ،‬ايه ‪ِ { ،)34‬إنَّا َ‬ ‫ض ً‬ ‫تَ ْف ِ‬
‫ظلُو ًما َج ُهوال} (سورة األحزاب‪ ،‬ايه ‪ ،)72‬انظر أيضا‬ ‫سانُ إِنَّهُ َكانَ َ‬ ‫َو ْال ِجبَا ِل فَأَبَيْنَ أَ ْن يَحْ ِم ْلنَ َها َوأَ ْشفَ ْقنَ ِم ْن َها َو َح َملَ َها ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫ت ِلِّقَ ْو ٍم يَتَفَ َّك ُرونَ }‬ ‫ض َج ِميعًا ِ ِّم ْنهُ ۚ ِإ َّن فِي ٰذَلِكَ َآليَا ٍ‬ ‫ت َو َما فِي ْاأل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َّخ َر لَ ُكم َّما فِي ال َّ‬
‫س َم َ‬ ‫{و َ‬‫(سورة النور‪ ،‬ايه ‪َ ،)55‬‬
‫(سورة الجاثية‪ ،‬ايه ‪ ،)13‬انظر أيضا (سورة إبراهيم‪ ،‬ايه ‪.)33‬‬
‫تعرف العمارة بانها امتداد زمكاني يستوعب البعد اإل نساني المتكامل ويتصف بالثبات النسبي لمكوناته المادية نتيجة‬
‫لخضوعها للقيم واألعراف والتقاليد‪ ،‬ويمكن ترجمة هذا المضمون في اليه او كيفية تحقيق المقياس اإلنساني من خالل‪:‬‬
‫دراسة النسب ومعرفة اي منها تحقق لإلنسان الشعور باالحتواء واألمان واأللفة في الفضاء وهذه تطبق في المباني‬
‫السكنية واالجتماعية‪ ،‬واي منها تحقق الشعور بالهيبة والخشوع وهذه تطبق في األبنية الدينية‪.‬‬
‫دراسة ابعاد الفضاء وارتفاعاته المالئمة لكل استخدام بما يتيح لإلنسان سهولة االستخدام والحركة وأداء الفعاليات في‬
‫الفضاء بصورة صحيحة‪ ،‬اذ ان تحقيق المالئمة ا لفضائية لمتطلبات الوظائف المستهدفة ينعكس إيجابا على المردود‬
‫النفسي لمن يستخدمه‪ ،‬وقد جاء قول النبي محمد (ص) ألصاحبه عند بناءة لمسجد المدينة تأكيدا لهذا المبدئ‪ ،‬اذ قال‬
‫سى؟ أجاب‪" :‬إِذَا َرفَ َع يَ َدهُ بَلَ َغ ْالعَ ِر َ‬
‫يش يَ ْعنِي‬ ‫يش ُمو َ‬
‫ع ِر ِ‬
‫سى" وقد سئل االمام الحسين (ع)‪ ،‬ما َ‬‫يش ُمو َ‬ ‫"ا ْبنُوهُ َ‬
‫ع ِري ً‬
‫شا َكعَ ِر ِ‬
‫ف"‪ ،‬فكان هذا االستخدام بجعل الفضاء مالئما للوظيفة المعد لها محققا نواحي وظيفية واقتصادية من االستخدامات‬ ‫س ْق َ‬
‫ال َّ‬
‫االولى للمقياس اإلنساني‪ ،‬فجاء المقياس اإلنساني صفه مميزة للعمارة العربية اإلسالمية ونجده في كافة انماطها‪،‬‬
‫فاتساع العمارة العربية اإلسالمية جاء من خالل امتداد الفضاءات واالرتباط بسمائها الممتد بال حدود وليس بضخامة‬
‫المقياس‪ ،‬وقد داب المعمار المسلم على تحقيق هذا المبدئ فنجده لم يهمل المقياس اإلنساني حينما يكون مضطرا الى‬
‫اظهار الفخامة في بعض األجزاء او العن اصر المعمارية من خالل تشييدها بارتفاع شاهق كالمداخل والسطوح‪ ،‬حيث‬
‫لجا الى تقسيم وتجزئة تلك العناصر الى أجزاء متعددة‪ ،‬كذلك لجا الى معالجة الجدران العالية في االسوار من خالل‬
‫الدعامات او من خالل حفر الحنايا وغيرها من المعالجات من اجل تقليل ثقل الكتلة البنائية فضال عن دفع حاله الملل‬
‫والرتابة دون المساس بوده التصميم‪.‬‬
‫نجد مما سبق ان مبدأ المقياس اإلنساني في العمارة العربية اإلسالمية جاء من مبدأ إسالمي متمثل في تفضيل هللا‬
‫لإلنسان وتكريمه واستخالفه في األرض وتسخير كافة المخلوقات من اجل تحقيق راحته وطموحاته‪ ،‬فجاءت العمارة‬
‫العربية اإلسالمية تأخذ االنسان باالعتبار في تصميم مبانيها بالدرجة األولى‪ ،‬اذ نجد ان المعمار المسلم عمد الى جعل‬
‫الفضاء متناسبا والوظيفة التي يحتويها‪ ،‬فجاءت الفضاءات في العمارة العربية اإلسالمية حميمية تتناسب والشعور‬
‫باألمان واالستقرار في العمارة السكن ية‪ ،‬في حين نجدها تمتاز بالنصبية واالرتفاعات العالية تحقق الشعور بالهيبة‬
‫والخشوع في المباني التي تتطلب ان يشعر فيها االنسان بصغر حجمة وقيمته امام خالقة كدور العبادة‪.‬‬
‫س‪ /‬توجه العمارة العربية االسالمية نحو الداخل أكثر من اوجه البناء الخارجية‪ .‬ناقش العبارة‪.‬‬
‫ج‪ /‬يعرف الفضاء المعماري الخارجي من وجهة نظر العمارة العربية االسالمية بانه فضاء مكشوف وغير مسقوف‪،‬‬
‫يقوم بعدة وظائف وله طرز متعددة تختلف من مدينه ألخرى نتيجة الختالف العوامل البيئية والتقنية‪ ،‬يمتاز بانه يكون‬
‫بؤرة او مركز التصميم حيث تنتظم حوله الفضاءات الداخلية‪ ،‬وان يكون له قدر من الخصوصية سواء احتوته الكتلة‬
‫البنائية ام احتواها‪ ،‬في حين يعرف الفضاء المعماري الداخلي بانه الوحدة األساسية في عملية التصميم المعماري التي‬
‫تعكس مجموعة من العالئق المدركة والمجسدة فيزيائيا‪ ،‬ذات شكل ومعنى محددين‪ ،‬تعرف عبر أنظمة تعبر عن أهداف‬
‫وجمالية ووظيفية ونفسية‪.‬‬
‫أظهرت االدبيات العديد من التسميات لهذه الثنائية منها (الجوهر‪-‬المظهر) و(االحتواء‪-‬الظهور) و(المضمون‪-‬الشكل)‬
‫و(الداخل‪ -‬الخارج)‪ ،‬وتتصف العمارة اإلسالمية بشكل عام بصفه التوجه نحو الداخل‪ ،‬غير ان هذا التوجه لم يأتي عبثا‬
‫بل ان هنالك الع ديد من العوامل التي دفعت المعمار او البناء العربي أوال ثم المسلم الى هذا النمط في التوجيه لمبناه‪،‬‬
‫فاالحتواء او االنفتاح نحو الداخل يمثل تقليل اهمية العمارة لجميع أوجه البناء الخارجية وتوجهها بكافة اشكالها نحو‬
‫الداخل‪ ،‬ويكون مدفوعا بأسباب متعددة "بيئية واجتماعية ووظيفية وروحية ودينية وجمالية ومعمارية ورمزية‬
‫وصحية‪...‬الخ"‪ ،‬ومن هذه األسباب ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عوامل بيئية‪:‬‬
‫تمتاز المنطقة العربية بالظروف المناخية القاسية من ارتفاع درجات الحرارة وشده االشعاع الشمسي والرياح المحملة‬
‫باألتربة صيفا والبردة الشديدة شتاءا‪ ،‬مما دفع العرب والمسلمين الى توجيه مبانيهم فضال عن مدنهم نحو الداخل مع‬
‫زيادة سمك الجدران الخارجية وتقليل عدد الفتحات فيها‪ ،‬فأصبح التوجيه نحو الداخل صفه مميزة للعمارة العربية‬
‫واإلسالمية‪ ،‬ففي الوقت الذي جاء فيه البناء اصم فيما عدا بعض الفتحات الضيقة والعالية‪ ،‬جاءت جميع األبواب‬
‫والنوافذ وممرات الحركة مفتوحة على فناء داخلي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل االجتماعية وتحقيق الخصوصية واالمن واألمان‪:‬‬
‫استطاعت العمارة العربية اإلسالمية من خالل اتباعها لنمط االنفتاح نحو الداخل تحقيق نوع من الخصوصية والتفرد‬
‫المكاني للفرد والجماعة‪ ،‬وهو ما خ لق نسيج ودي واجتماعي انفرد به العربي أوال ثم المسلم الحقا‪ ،‬فقد جعل لعمارته‬
‫مناخ خاص له دون غيره‪ ،‬افرده واثره على غيره وفضله به‪ ،‬مما منحه رقيا ومكانة مهمة‪ ،‬اذ يحقق هذا النمط التوافق‬
‫مع العوامل االجتماعية من خالل جوانب متعددة منها‪ ،‬تجميع توزيع الوظائف حول فضاءات داخلية تعمل على تحقيق‬
‫وتقوية وتعزيز الروابط والحوار واالنتماء للموقع‪ ،‬ويوفر هذا النمط االحساس بالهدوء والمالئمة لمزاولة األنشطة‬
‫االجتماعية المختلفة‪ ،‬كما يعمل على تلبية االحتياجات الدينية من خالل تقليل الفتحات المطلة على الخارج مما يساعد‬
‫على حفظ حرمة ا لمنزل وحماية سكانه من أعين الغرباء مما يعزز من تحقيق الخصوصية السمعية والبصرية‪ ،‬كما‬
‫يحقق هذا النمط من التوزيع تسلسال متزنا بين الفضاءات العامة والخاصة‪ ،‬بما يسمح لكل فرد بالحصول على قدر من‬
‫الخصوصية بمعزل عن الضوضاء وبعيدا عن أعين المتطفلين‪ ،‬وعليه فان وجود فضاء خاص مفتوح في المسكن يتيح‬
‫إلفراد االسرة االستمتاع بالخصوصية والهواء الطلق والشمس دون أن يجرحوا ممن في خارج المنزل‪ ،‬كما يؤدي‬
‫التجمع والوجود المشترك لألفراد إلى تقوية األسرة وعدم تفككها اجتماعيا وبالتالي المحافظة عليها‪ ،‬كما يتيح هذا النمط‬
‫توفير فضاءات امنه للعب األطفال‪.‬‬
‫يرتبط الفناء بالفضاءات األخرى في المسجد عن طريق االروقة‪ ،‬وعادة ما يكون ذلك الفناء مبلطا بالكامل وتتوسطه‬
‫الميضأة‪ ،‬وقد يزرع باألشجار المثمرة كالحمضيات والنخيل‪ ،‬والتي تمثل بدورها نوعا من المعالجة الجاذبة التي تسهم‬
‫في تحسين اداء المسجد وظيفيا و بيئيا من خالل الفناء‪ ،‬فكان للفناء دورا فعاال في تقوية وتجسيد عملية الربط القوي‬
‫بين الداخل والخارج‪ ،‬ويتأثر سلوك االنسان في الفضاء بكيفية انغالقه‪ ،‬فالحيز الفضائي اإلنساني يتوسع بطريقتين‪،‬‬
‫يتوسع نحو الخارج في األولى اذا كان االنغالق من األسفل‪ ،‬وينضغط نحو الداخل عند حدوث العكس‪ ،‬ويشير شولز‬
‫إلى وجوب امتالك الفضاء الداخلي فتحات تربطه بالعالم الخارجي‪ ،‬ألن هذه الفتحات هي ما يجعل المكان حياً‪ ،‬فالتفاعل‬
‫مع البيئة اساس أي حياة‪ ،‬وبالتالي فإنها تعبر عما يريد المكان أن يكونه بالعالقة مع البيئة‪ ،‬لذلك تضعف العالقة بين‬
‫الداخل والخارج كلما قلت مساحة الفتحات في الكتلة وتتخذ الفتحات اشكاال اقرب الى الثقوب‪ ،‬وبهذا يوثر انفتاح الفضاء‬
‫الداخلي نحو الخارج إيجابيا ً في تفاعل اإلنسان المستخدم مع كل من البيئة الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫امتازت عمارة المساجد العربية اإلسالمية بالدخول من الفضاء الى الفضاء‪ ،‬وذلك من خالل االنتقال من الفضاء‬
‫الخارجي او الفراغ الى فضاء الصحن عبر بوابات الدخول او المداخل حيث الفراغ والنور والفضاء‪ ،‬فقد عرف‬
‫المعماري المسلم بتشكيلته المعماري المنجذبة الى مصدر النور‪ ،‬وقد لعبت عوامل المناخ فضال عن التقاليد واألحكام‬
‫الفقهية العقا ئدية الدور األساسي في اختيار وانتخاب هذا النمط المعماري في االنماط المختلفة لألبنية في العمارة العربية‬
‫اإلسالمية وتوجيه فكر المصمم نحو مبدئ تحقيق الخصوصية في مختلف أنواع المباني‪ ،‬فقد لجا المعمار المسلم الى‬
‫تحقيق التوازن بين ضيق الشوارع واألزقة وما رافقها من صعوبة فتح النوافذ عليها في المدينة العربية القديمة والحاجة‬
‫اليها من اجل تحقيق متطلبات التهوية واالضاءة الطبيعية فضال عن عدم الشرفية للعمارة على الداخل في المساكن‪،‬‬
‫فجاء الحل في المحافظة على الشارع كعنصر لالتصال واالعتماد على الفناء في تحقيق متطلبات اإلضاءة والتهوية‪،‬‬
‫فسيطر الفناء الداخلي بذلك على تصميم المباني وعلى مختلف طرز العمارة العربية اإلسالمية‪ ،‬حيث استخدم االنفتاح‬
‫نحو الداخل (نحو الفناء) كنمط أساسي للتصميم في جميع انماط المباني العربية اإلسالمية الدينة منها والمدنية كالمساجد‬
‫والمدارس والمستشفيات والق صور وغيرها‪ ،‬وقد لجا المعمار المسلم الى استخدام فناء مركزي واحد قد تضاف له افنية‬
‫ثانوية‪ ،‬وغالبا ما يأخذ الفناء الرئيسي شكل مربع او مستطيل اما االفنية الثانوية فليس لها شكل محدد‪ ،‬ويرجع وجود‬
‫الصحن الى بأسباب بيئية بحته‪.‬‬
‫نجد مما سبق ان توجه العمارة العربية االسالمية نحو الداخل اكثر من اوجه البناء الخارجية‪ ،‬جاء كنوع من المعالجات‬
‫لعوامل بيئية تتمثل بالظروف المناخية القاسية للمطقة العربية‪ ،‬وعومل اجتماعية تتثمل بتحقيق الخصوصية واألمان‪،‬‬
‫وعومل دينية عقائدية تتمثل في حفظ حرمة المسلم من الغرباء‪ ،‬وألجل تحقيق عمارة متوافقة مع تلك العوامل لجا‬
‫المعمار المسلم الى اعتماد الفناء الداخلي كفضاء رئيس تتجمع حوله الفضاءات األخرى‪ ،‬ليعمل الفناء كمنظم للعالقات‪،‬‬
‫ينظم ويضبط عالقة الفضاءات الداخلية مع بعضها من جهة وعالقتها بالفضاء الخارجي من جهة أخرى‪ ،‬فجاء الفناء‬
‫(الفضاء الخارجي) مهيمنا على تصميم المبنى العربي واإلسالمي مع وضوح وفعالية عملية الربط بين الداخل (الفضاء‬
‫الداخلي) والخارج‪ ،‬وهذا ناتج عن المتطلبات البيئية واالجتماعية والثقافية والروحية والعقائدية والرمزية والتقنية‬
‫والصحية والنفسية التي تنسجم وتتوافق مع متطلبات عصرها وامكاناته‪.‬‬

You might also like