Professional Documents
Culture Documents
اسئلة دكتور مهدي
اسئلة دكتور مهدي
اسيا وغربها وشمال إفريقيا وحتى جنوب غرب قارة اوربا ،بطريقة تعاملها مع الفضاء متأثرة بأفكار الدولة
اإلسالمية التي بدأت معالمها بالتبلور والظهور بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة ،ناقش العبارة.
ج /ظهر الدين اإلسالمي الحنيف في عام ( )622م كإشعاع روحي الى البشرية وتأثرت بيه العمارة ،وقد امتازت
العمارة ابتداء من العصور الوسطى وحتى العصر الحديث في العالم العربي االسالمي ووسط اسيا وغربها وشمال
إفريقيا وحتى جنوب غرب قارة او ربا ،بطريقة تعاملها مع الفضاء متأثرة بأفكار الدولة اإلسالمية التي بدأت معالمها
بالتبلور والظهور بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة ،ويعتبر المسجد النبوي في المدينة والذي بد من بيت للرسول
محمد (ص) الى البشرية كإشعاع روحي تأثرت به العمارة ،ثم تطور وعلى مراحل متعددة ليصل في عهد الخليفة
عثمان بن عفان الى شكله النهائي عام ( ) 646م نواة العمارة العربية اإلسالمية والذي شكل اول حدث معماري في
تاريخ المسلمين ،التي أظهرت الجزء المكشوف للفضاء المعماري كعنصر منظم لعملية التصميم ،وبعد أن امتدت
الدولة اإلسالمية واختلطت باألقطار المفتوحة حدث تطور كبير في عمارتها وظهرت فيها العديد من الطرز المعمارية
التي تنوعت بتنوع المناطق الجغرافية وطبيعة الفئة الحاكمة وميولها والفترة الزمنية التي وجدت فيها ،وتمتاز هذه
الطرز بانها تقوم على أساس مشترك يقوم على جوهر العقيدة اإلسالمية مما اضفى عليها طابعا عام مشترك في جميع
األزمنة واألمكنة ،غير ان هذا الطراز الموحد يشترك معه طراز معماري محلي وهو ما انتج االختالفات السطحية
بين تلك الطرز فكان لكل منها طريقته الخاصة التي تميزه في التعامل مع الفضاء ،وظهرت في المساجد والقصور
فضال عن المباني االج تماعية كالمدارس والمستشفيات والمباني الحكومية وغيرها ،ويمكن تمييز طريقتين للتعامل مع
الفضاء في العمارة اإلسالمية:
الطريقة األولى :اعتماد ثنائية (حجم-فضاء) ،اذ نجد ان المبنى يتكون من وحدتين تشكيليتين ،هما الحجم الذي يضم
الوظيفة الرئيسة للمبنى يجاوره فضاء مفتوح الى السماء محدد من جهاته األربع بجدار أو رواق ليس له وظيفية أساسية
بقدر ما يعمل كمحدد للفضاء ،كما في الجامع األموي بدمشق.
وينطلق التشكيل المعماري للوحدات الحاوية للوظائف الرئيسة للمبنى من فضاء مفتوح ذو مواصفات ونسب وأبعاد
واتجاهات محددة ودقيقة في الطريقة الثانية ،فيكون الفضاء محددا لعالقة العناصر المكونة للتصميم ببعضها ،وعالقاتها
مع الفضاءات الخارجية ،ويمكن مالحظة هذا النظام في التشكيل المعماري في بيوت ومدارس وبيمارستانات دمشق
القديمة.
اما على مستوى الفضاءات العمرانية فان للمدينة العربية اإلسالمية العديد من الفضاءات ذات الخصائص المتميزة
والتي تمنح المدينة العربية اإلسالمية الهوية والطابع الخاص بها ،فغالبا ما نجد ان النسيج العمراني للمدينة العربية
اإلسالمية يحتوي على ساحات ذات احجام اشكال مختلفة ،كما ان لكل منها وظيفتها الخاصة ،فقد تكون عبارة عن
ساحات من اجل إقامة األسواق والبازارات الدائمة او المؤقتة ،وقد تكون فضوات (وتسمى أيضا بالرحبة) والتي هي
عبارة عن فضاء وسطي ناتج عن تجمع المباني من حوله ،كما انها قد تنتج من تقاطع مجموعة من الطرق ،وهي تشبه
الفناء الوسطي في البيت التقليدي ،والذي تحيط به مكونات البيت من جميع الجهات ،كما وانها تقابل األغوار ()Agora
في العمارة االغريقية والساحة ( ) plazaفي عمارة عصر النهضة ،وللساحات على اختالف اشكالها وانواعها في
العمارة العربية اإلسالمية أهمية كبيرة ودور مؤثر على عدة مستويات ،فهي على المستوى الرمزي والداللي تمنح
المدينة العربية اإلسالمية طابع مميز وخاص بها ال يتوفر في غيرها من المدن ،وعلى المستوى االجتماعي تمثل
أماكن عامة للتجمع والحوار وتبادل اآلراء والنقاشات ،وعلى المستوى االقتصادي فهي رافد مهم في دعم اقتصاد
المدينة العربية اإلسالمية نتيجة لكونها قد تستخدم إلقامة األسواق والبازارات الدائمة والمؤقتة ،اما على المستوى
البيئي والصحي فهي تمثل رئة المدينة العربية اإلسالمية ،حيث تعمل على خلق تيارات هوائية ضمن نسيج المدينة
فضال عن انها تساهم في تلطيف وخفض درجات الحرارة كونها مناطق غالبا ما تكون مضللة ومزروعة باألشجار
فضال عن وجود برك ونوافير المياه.
فالعمارة العربية اإلسالمية ركزت على مفهوم الفضاء واعطته أهمية أكبر من الكتل المحيطة الحاوية للوظائف فهي
تأخذ مواقعها وتشكيلها منطلقة من الفضاء المركزي ،أي ان الفضاء في العمارة اإلسالمية عنصر تنظيمي ناتج عن
عالقة الحجوم الحاوية للوظائ ف والتي هي باألصل اخذت مواقعها وهيئاتها متأثرة بخصائص ذلك الفضاء ،وهو ما
كان شائعا في العمارة االغريقية وعمارة عصر النهضة والتي تعاملت مع الفضاء كعنصر مسيطر تنطلق منه عملية
التصميم.
س /هل يمكن القول بوجود العمارة العربية اإلسالمية؟ وهل تعني ما يقدمه المسلمون من عمارة لخدمة
الدين اإلسالمي الحنيف؟ ام انها تعني ما نشأ في البالد االسالمية من عمارة؟
س /هل للعمارة العربية اإلسالمية وجود؟ وهل يمكن تشخيصها كعمارة متميزة عن سواها تبنى خارج نطاق
اإلسالم؟
س /ناقش ثنائية الجوهر (المضمون-الثابت) والمظهر (الشكل-المتغير) في العمارة العربية اإلسالمية.
س /ما مفهوم العمارة العربية اإلسالمية؟ وهل يصح تسميتها عمارة عربية إسالمية ام عمارة إسالمية
فقط؟
ج /هنالك اثنين من المصطلحات المستخدمة لوصف العمارة العربية االسالمية هما العمارة اإلسالمية وعمارة المسلم،
وهما مص طلحين مترابطين من الناحية النظرية غير انهما مختلفين من الناحية المفاهيمية ،فالمسلم هو تسمية عامه
تشير إلى اإلعداد واالنتماء الديني والجغرافي لإلسالم ،وبالتالي فان عمارة المسلم تشير الى أسلوب وطريقة البناء
المتبعة في تلك البالد ،فهو مصطلح قد يشمل العمارة الحديثة أو القديمة التي تمارس في هذه البلدان والتي قد ال تكون
إسالمية بالضرورة وال تعرض أي سمات معروفة للعمارة العربية اإلسالمية مثل القوس والقبة والجص والزخرفة ...
إلخ .على نحو مماثل ،نقول اليوم أن المدينة اإلسالمية تشير إلى موقعها في بلد مسلم بدالً من معالمها المورفولوجية
اإلسالمية ،كما ان هنالك عيب اخر الستخدام هذا المفهوم يتعلق بالمباني ذات األصل اإلسالمي المقامة في بلدان غير
إسالمية كما هو الحال في إسبانيا ،صقلية ،االتحاد السوفيتي القديم وغيرها من البلدان والتي صممها المسلمون في تلك
البالد او المعماريين غير المسلمين لجهات او اشخاص مسلمين ،وبالتالي فان العمارة العربية السالمية يمكن أن تكون
مفهوم مضلل او بدون خصوصية ،فقد تفهم على انها تشير إلى عمارة جماعة دينية (إسالمية) معينة أو وظيفة دينية
بينما تشير في الواقع إلى طريقة البناء على النحو المنصوص عليه في الشريعة اإلسالمية ،وبذلك يمكن فهم معنى
العمارة العربية اإلسالمية بشكلها الصحيح من خالل المغزى الثاني.
ارتبط الخطاب المعماري العربي بالعديد من المفاهيم والمصطلحات التي شكلت وتشكل ابجدياته ،اذ دأب المفكرون
على استعمال العديد من هذه المصطلحات والتي باتت شائعة االستخدام من جهة ،وقد اخذ هذا االستعمال منحى تطبيقيا
حيث انعكس على الفكر المعماري من جهة أخرى ،وأبرز هذه المفاهيم هو مصطلح شائع ومتداول على نطاق واسع
يستخدم لوصف العمارة التي سادت في الرقعة الجغرافية الشاسعة الممتدة من الهند والصين شرقا حتى المغرب وجنوب
اوربا غربا منذ منتصف القرن (1ه7/م) وحتى أواخر القرن (۱۳ه۱۹/م) ،اال وهو مصطلح العمارة اإلسالمية ،وثمة
مجاالن رئيسان ألخذ فكرة عن ماهية العمارة العربية اإلسالمية ،األول معماري تاريخي وعاطفي ،يقوم على ثالث
محاور تنظيرية في توضيح مفهوم الحضارة العربية اإلسالمية تتمثل ب "المحور الشكلي ،المحور الروحاني الصوفي،
المحور البيئي" والتي تتقاطع لتعطي التعريف األكثر رواجا للعمارة العربية اإلسالمية في الوقت الحاضر ،والذي
يركز على األشكال الفريدة للنماذج التاريخية والبعد الروحاني الصوفي اضافة الى التركيز على االستجابة البيئية
للمناخ الصحراوي الحار والجاف تحديدا ،والثاني أكاديمي محايد يقوم على "البعدين التاريخي والجغرافي" حيث يمتد
تاريخ العمارة العربية اإلسالمية منذ ظهور االسالم في القرن (األول الهجري/السابع الميالدي) حتى الغزو األوربي
لمعظم أراضي الدولة اإلسالمية في القرن (الث الث عشر الهجري /التاسع عشر الميالدي) ،ويرى البعد الجغرافي أن
العمارة العربية اإلسالمية هي مجمل ما تحفل به مدن العالم اإلسالمي من المباني والمنشآت بما فيها تلك المنشآت او
المدن التي شكلت يوما ما ضمن سياق العمارة العربية اإلسالمية ثم انتزعت من قبل حضارات أخرى كاألندلس
وصقلية او المدن التي ضمت إليه مؤخرا كتركيا ،فالبعد الجغرافي يحمل بين طياته مفهوم كلمة العربية الذي يشير
الى من يسكن المنطقة العربية او من يتحدث اللغة العربية ويتخذها ثقافة ،اذ ان الخطاب اإلسالمي يشير الى حاله من
التكامل بين االسالم واالنسان العر بي نتيجة لكون العرب هم الجماعة المخصوصة بدين اإلسالم والحاملة لوائه وهم
الناشرين له والمبشرين به ،كما تأثير السمه العربية على العمارة العربية اإلسالمية قد برز عبر المنظومة الزخرفية
للخط العربي بمختلف اشكالها حتى اصبح السمة الخاصة والمميزة للتشكيل العربي اإلسالمي سواء داخل او خارج
حدود الرقعة الجغرافية للمنطقة العربية ،وبالتالي فان كلمة العربية جاءت مرادفة لكلمة اإلسالمية كتعبير مكاني وداللة
لمحل والدة الفكر اإلسالمي.
جاءت عمارة المسلمين نتاجا لحاجات اجتماعية وبيئية ممتزجة مع الفكر اإلسالمي في تحديد القواعد الفقهية واحكام
البنيان (الشريعة اإلسالمية) الذي يحرك الطبائع والسجايا ويتطور مع الزمن على وفق المتغيرات وال يقبع في عالم
المحنطات ويبقي متقوقعا في التاريخ ،وهذا ما يشكل جوهر التباين بين مفهومي العمارة اإلسالمية "كفكر وفلسفة"
وعمارة المسلمين "كنتاج وأشكال" ،وبالتالي فهي العمارة التي نشأت وتطورت بفضل مبادئ وقواعد الشريعة اإلسالمية
والتي من اهمها مبادئ التوحيد والتقوى والقواعد الفقهية والعرفية للدين والمجتمع العربي اإلسالمي التي اسست
واصلت للبنيان والعمران في ذلك المجتمع ،التي تم العبير عنها من خالل المضمون كفكر وفلسفة (الثابت) والشكل
كنتاج وأشكال (المتغير) ،وقد جاءت العمارة العربية اإلسالمية متطابقة مع المضمون الفكري للدين اإلسالمي في سمة
البساطة والوضوح والتي تمثل وتشكل الموجه الفكري والتنظيري المؤثر والفاعل في صيرورة انظمة العمران واحكام
البنيان في المجتمع والعالم العربي االسالمي الذي انبثقت منه وانطلقت نحو المناطق التي وصلها اإلسالم وانتشر فيها
(كشبه الجزيرة العربية و مصر والمغرب العربي وتركيا وإيران و الهند وغيرها فضال عن المناطق التي حكمها
لقرون طويلة من الزمن مثل األندلس اسبانيا حاليا وصقيلية او البلدان التي شكل العامل التجاري و الثقافي ارضية او
سبب النتمائها االسالمي كالصين وماليزيا واندونيسيا والفلبين واجزاء واسعة من قارة افريقية ومجموعة دول شرق
االتحاد السوفيتي سابقا).
ف العمارة العربية اإلسالمية مفهوم واسع ومعقد بالنظر الى التفسيرات المتعددة التي يمكن لهذا المفهوم حملها او الداللة
عليها ،وعلى الرغم من اختالف اآلراء والتفسيرات لمفهوم العمارة العربية اإلسالمية غير اننا نجدها مفهوم عام
يتخطى البعد الزماني والمكاني للعرب وكذا المسلمين ،فهي ال تختص بما شيده العرب والمسلمون من مبان في
األراضي التابعة لدولتهم والتي تشمل من نطق باللغة العربية واعتنق اإلسالم ،بل انها تشمل ما بني من العمائر على
وفق المبادئ والقواعد الفقهية واحكام البنيان النابعة من شريعة اإلسالم ،والمتمثلة بمبادئ التوحيد والتقوى واألعراف
التي أسست واصلت للبنيان والعمران في العمارة العربية اإلسالمية ،والتي عبر عنها من خالل المضمون (الثابت)
والشكل (المتغير) والتي جاءت متطابقة معه في سمه البساطة والوضوح ،فهي بذلك تعكس في جوهرها منهجا فكريا
يجسد جوهر اإلسالم وليس جزءا من تراث مجتمعات وشعوب تنطق العربية او تعتنق الدين اإلسالمي ،وهي عمارة
متغيرة مع الزمن تلبي حاجات الناس الروحية والعقائدية والجمالية والعرفية واالجتماعية والبيئية ،غير ان هذا التغير
مرتبط وممتزج مع جوهر الفكر اإلسالمي الذي يحرك الطبائع والسجايا ويتطور مع الزمن على وفق المتغيرات
االجتماعية والبيئية والتقنية وال يبقي متقوقعا في التاريخ ،وبالتالي فإنها العمارة التي بدأت ونشات وتطورت واستقرت
انماطها المعمارية في محيطها العربي وانطلقت الى جميع انحاء العالم اإلسالمي ،وبهذا شكلت عمارة عربية إسالمية
إنسانية ،فضال عن احترامها خصوصية المكان او اإلقليم المتواجدة فيه او المنتقلة اليه.
س /تحتاج التكنولوجيا الى مقاييس أكبر للتعبير عن مفاهيم القوة والتطور التكنولوجي .هل تتقاطع تلك
الحاجة مع مبادئ وسمات العمارة العربية اإلسالمية؟ وكيف تعاملت معها؟
ج /يعد تحقيق السكينة والثقة لساكني المبنى الغرض األساسي من العمارة ،فاألصل في العمارة هو االنسان وحاجاته
وطموحاته ،ومن االنسان تتسلسل جميع مراحل العمارة دونما انفصال عنه في أي من مراحله ،وقد اقر هذا المبدئ
في الفكر اإلسالمي منذ نزول الوحي على النبي محمد (ص) ،اذا أشار الى االنسان بانه صاحب األولوية والتكريم
األول وهو المستخلف في األرض وحامل األمانة فضال عن كونه صاحب كرامة التسخير التي بموجبها سخر هللا له
ير ِ ِّم َّم ْن َخلَ ْقنَاعلَ ٰى َك ِث ٍت َوفَض َّْلنَا ُه ْم َ {ولَقَ ْد ك ََّر ْمنَا َب ِني آ َد َم َو َح َم ْلنَا ُه ْم ِفي ْال َب ِ ِّر َو ْال َبحْ ِر َو َرزَ ْقنَاهُم ِ ِّمنَ َّ
الط ِِّي َبا ِ كافه المخلوقاتَ ،
ض ت َواأل َ ْر ِ اوا ِ س َم َعلَى ال َّ ضنَا األ َ َمانَةَ َ
ع َر ْ يال} (سورة االسراء ،ايه ،)70انظر أيضا (سورة البقرة ،ايه ِ { ،)34إنَّا َ ض ً تَ ْف ِ
ظلُو ًما َج ُهوال} (سورة األحزاب ،ايه ،)72انظر أيضا سانُ إِنَّهُ َكانَ َ َو ْال ِجبَا ِل فَأَبَيْنَ أَ ْن يَحْ ِم ْلنَ َها َوأَ ْشفَ ْقنَ ِم ْن َها َو َح َملَ َها ِ
اإل ْن َ
ت ِلِّقَ ْو ٍم يَتَفَ َّك ُرونَ } ض َج ِميعًا ِ ِّم ْنهُ ۚ ِإ َّن فِي ٰذَلِكَ َآليَا ٍ ت َو َما فِي ْاأل َ ْر ِ اوا ِ س َّخ َر لَ ُكم َّما فِي ال َّ
س َم َ {و َ(سورة النور ،ايه َ ،)55
(سورة الجاثية ،ايه ،)13انظر أيضا (سورة إبراهيم ،ايه .)33
تعرف العمارة بانها امتداد زمكاني يستوعب البعد اإل نساني المتكامل ويتصف بالثبات النسبي لمكوناته المادية نتيجة
لخضوعها للقيم واألعراف والتقاليد ،ويمكن ترجمة هذا المضمون في اليه او كيفية تحقيق المقياس اإلنساني من خالل:
دراسة النسب ومعرفة اي منها تحقق لإلنسان الشعور باالحتواء واألمان واأللفة في الفضاء وهذه تطبق في المباني
السكنية واالجتماعية ،واي منها تحقق الشعور بالهيبة والخشوع وهذه تطبق في األبنية الدينية.
دراسة ابعاد الفضاء وارتفاعاته المالئمة لكل استخدام بما يتيح لإلنسان سهولة االستخدام والحركة وأداء الفعاليات في
الفضاء بصورة صحيحة ،اذ ان تحقيق المالئمة ا لفضائية لمتطلبات الوظائف المستهدفة ينعكس إيجابا على المردود
النفسي لمن يستخدمه ،وقد جاء قول النبي محمد (ص) ألصاحبه عند بناءة لمسجد المدينة تأكيدا لهذا المبدئ ،اذ قال
سى؟ أجاب" :إِذَا َرفَ َع يَ َدهُ بَلَ َغ ْالعَ ِر َ
يش يَ ْعنِي يش ُمو َ
ع ِر ِ
سى" وقد سئل االمام الحسين (ع) ،ما َيش ُمو َ "ا ْبنُوهُ َ
ع ِري ً
شا َكعَ ِر ِ
ف" ،فكان هذا االستخدام بجعل الفضاء مالئما للوظيفة المعد لها محققا نواحي وظيفية واقتصادية من االستخدامات س ْق َ
ال َّ
االولى للمقياس اإلنساني ،فجاء المقياس اإلنساني صفه مميزة للعمارة العربية اإلسالمية ونجده في كافة انماطها،
فاتساع العمارة العربية اإلسالمية جاء من خالل امتداد الفضاءات واالرتباط بسمائها الممتد بال حدود وليس بضخامة
المقياس ،وقد داب المعمار المسلم على تحقيق هذا المبدئ فنجده لم يهمل المقياس اإلنساني حينما يكون مضطرا الى
اظهار الفخامة في بعض األجزاء او العن اصر المعمارية من خالل تشييدها بارتفاع شاهق كالمداخل والسطوح ،حيث
لجا الى تقسيم وتجزئة تلك العناصر الى أجزاء متعددة ،كذلك لجا الى معالجة الجدران العالية في االسوار من خالل
الدعامات او من خالل حفر الحنايا وغيرها من المعالجات من اجل تقليل ثقل الكتلة البنائية فضال عن دفع حاله الملل
والرتابة دون المساس بوده التصميم.
نجد مما سبق ان مبدأ المقياس اإلنساني في العمارة العربية اإلسالمية جاء من مبدأ إسالمي متمثل في تفضيل هللا
لإلنسان وتكريمه واستخالفه في األرض وتسخير كافة المخلوقات من اجل تحقيق راحته وطموحاته ،فجاءت العمارة
العربية اإلسالمية تأخذ االنسان باالعتبار في تصميم مبانيها بالدرجة األولى ،اذ نجد ان المعمار المسلم عمد الى جعل
الفضاء متناسبا والوظيفة التي يحتويها ،فجاءت الفضاءات في العمارة العربية اإلسالمية حميمية تتناسب والشعور
باألمان واالستقرار في العمارة السكن ية ،في حين نجدها تمتاز بالنصبية واالرتفاعات العالية تحقق الشعور بالهيبة
والخشوع في المباني التي تتطلب ان يشعر فيها االنسان بصغر حجمة وقيمته امام خالقة كدور العبادة.
س /توجه العمارة العربية االسالمية نحو الداخل أكثر من اوجه البناء الخارجية .ناقش العبارة.
ج /يعرف الفضاء المعماري الخارجي من وجهة نظر العمارة العربية االسالمية بانه فضاء مكشوف وغير مسقوف،
يقوم بعدة وظائف وله طرز متعددة تختلف من مدينه ألخرى نتيجة الختالف العوامل البيئية والتقنية ،يمتاز بانه يكون
بؤرة او مركز التصميم حيث تنتظم حوله الفضاءات الداخلية ،وان يكون له قدر من الخصوصية سواء احتوته الكتلة
البنائية ام احتواها ،في حين يعرف الفضاء المعماري الداخلي بانه الوحدة األساسية في عملية التصميم المعماري التي
تعكس مجموعة من العالئق المدركة والمجسدة فيزيائيا ،ذات شكل ومعنى محددين ،تعرف عبر أنظمة تعبر عن أهداف
وجمالية ووظيفية ونفسية.
أظهرت االدبيات العديد من التسميات لهذه الثنائية منها (الجوهر-المظهر) و(االحتواء-الظهور) و(المضمون-الشكل)
و(الداخل -الخارج) ،وتتصف العمارة اإلسالمية بشكل عام بصفه التوجه نحو الداخل ،غير ان هذا التوجه لم يأتي عبثا
بل ان هنالك الع ديد من العوامل التي دفعت المعمار او البناء العربي أوال ثم المسلم الى هذا النمط في التوجيه لمبناه،
فاالحتواء او االنفتاح نحو الداخل يمثل تقليل اهمية العمارة لجميع أوجه البناء الخارجية وتوجهها بكافة اشكالها نحو
الداخل ،ويكون مدفوعا بأسباب متعددة "بيئية واجتماعية ووظيفية وروحية ودينية وجمالية ومعمارية ورمزية
وصحية...الخ" ،ومن هذه األسباب ما يلي:
أوال :عوامل بيئية:
تمتاز المنطقة العربية بالظروف المناخية القاسية من ارتفاع درجات الحرارة وشده االشعاع الشمسي والرياح المحملة
باألتربة صيفا والبردة الشديدة شتاءا ،مما دفع العرب والمسلمين الى توجيه مبانيهم فضال عن مدنهم نحو الداخل مع
زيادة سمك الجدران الخارجية وتقليل عدد الفتحات فيها ،فأصبح التوجيه نحو الداخل صفه مميزة للعمارة العربية
واإلسالمية ،ففي الوقت الذي جاء فيه البناء اصم فيما عدا بعض الفتحات الضيقة والعالية ،جاءت جميع األبواب
والنوافذ وممرات الحركة مفتوحة على فناء داخلي.
ثانيا :العوامل االجتماعية وتحقيق الخصوصية واالمن واألمان:
استطاعت العمارة العربية اإلسالمية من خالل اتباعها لنمط االنفتاح نحو الداخل تحقيق نوع من الخصوصية والتفرد
المكاني للفرد والجماعة ،وهو ما خ لق نسيج ودي واجتماعي انفرد به العربي أوال ثم المسلم الحقا ،فقد جعل لعمارته
مناخ خاص له دون غيره ،افرده واثره على غيره وفضله به ،مما منحه رقيا ومكانة مهمة ،اذ يحقق هذا النمط التوافق
مع العوامل االجتماعية من خالل جوانب متعددة منها ،تجميع توزيع الوظائف حول فضاءات داخلية تعمل على تحقيق
وتقوية وتعزيز الروابط والحوار واالنتماء للموقع ،ويوفر هذا النمط االحساس بالهدوء والمالئمة لمزاولة األنشطة
االجتماعية المختلفة ،كما يعمل على تلبية االحتياجات الدينية من خالل تقليل الفتحات المطلة على الخارج مما يساعد
على حفظ حرمة ا لمنزل وحماية سكانه من أعين الغرباء مما يعزز من تحقيق الخصوصية السمعية والبصرية ،كما
يحقق هذا النمط من التوزيع تسلسال متزنا بين الفضاءات العامة والخاصة ،بما يسمح لكل فرد بالحصول على قدر من
الخصوصية بمعزل عن الضوضاء وبعيدا عن أعين المتطفلين ،وعليه فان وجود فضاء خاص مفتوح في المسكن يتيح
إلفراد االسرة االستمتاع بالخصوصية والهواء الطلق والشمس دون أن يجرحوا ممن في خارج المنزل ،كما يؤدي
التجمع والوجود المشترك لألفراد إلى تقوية األسرة وعدم تفككها اجتماعيا وبالتالي المحافظة عليها ،كما يتيح هذا النمط
توفير فضاءات امنه للعب األطفال.
يرتبط الفناء بالفضاءات األخرى في المسجد عن طريق االروقة ،وعادة ما يكون ذلك الفناء مبلطا بالكامل وتتوسطه
الميضأة ،وقد يزرع باألشجار المثمرة كالحمضيات والنخيل ،والتي تمثل بدورها نوعا من المعالجة الجاذبة التي تسهم
في تحسين اداء المسجد وظيفيا و بيئيا من خالل الفناء ،فكان للفناء دورا فعاال في تقوية وتجسيد عملية الربط القوي
بين الداخل والخارج ،ويتأثر سلوك االنسان في الفضاء بكيفية انغالقه ،فالحيز الفضائي اإلنساني يتوسع بطريقتين،
يتوسع نحو الخارج في األولى اذا كان االنغالق من األسفل ،وينضغط نحو الداخل عند حدوث العكس ،ويشير شولز
إلى وجوب امتالك الفضاء الداخلي فتحات تربطه بالعالم الخارجي ،ألن هذه الفتحات هي ما يجعل المكان حياً ،فالتفاعل
مع البيئة اساس أي حياة ،وبالتالي فإنها تعبر عما يريد المكان أن يكونه بالعالقة مع البيئة ،لذلك تضعف العالقة بين
الداخل والخارج كلما قلت مساحة الفتحات في الكتلة وتتخذ الفتحات اشكاال اقرب الى الثقوب ،وبهذا يوثر انفتاح الفضاء
الداخلي نحو الخارج إيجابيا ً في تفاعل اإلنسان المستخدم مع كل من البيئة الداخلية والخارجية.
امتازت عمارة المساجد العربية اإلسالمية بالدخول من الفضاء الى الفضاء ،وذلك من خالل االنتقال من الفضاء
الخارجي او الفراغ الى فضاء الصحن عبر بوابات الدخول او المداخل حيث الفراغ والنور والفضاء ،فقد عرف
المعماري المسلم بتشكيلته المعماري المنجذبة الى مصدر النور ،وقد لعبت عوامل المناخ فضال عن التقاليد واألحكام
الفقهية العقا ئدية الدور األساسي في اختيار وانتخاب هذا النمط المعماري في االنماط المختلفة لألبنية في العمارة العربية
اإلسالمية وتوجيه فكر المصمم نحو مبدئ تحقيق الخصوصية في مختلف أنواع المباني ،فقد لجا المعمار المسلم الى
تحقيق التوازن بين ضيق الشوارع واألزقة وما رافقها من صعوبة فتح النوافذ عليها في المدينة العربية القديمة والحاجة
اليها من اجل تحقيق متطلبات التهوية واالضاءة الطبيعية فضال عن عدم الشرفية للعمارة على الداخل في المساكن،
فجاء الحل في المحافظة على الشارع كعنصر لالتصال واالعتماد على الفناء في تحقيق متطلبات اإلضاءة والتهوية،
فسيطر الفناء الداخلي بذلك على تصميم المباني وعلى مختلف طرز العمارة العربية اإلسالمية ،حيث استخدم االنفتاح
نحو الداخل (نحو الفناء) كنمط أساسي للتصميم في جميع انماط المباني العربية اإلسالمية الدينة منها والمدنية كالمساجد
والمدارس والمستشفيات والق صور وغيرها ،وقد لجا المعمار المسلم الى استخدام فناء مركزي واحد قد تضاف له افنية
ثانوية ،وغالبا ما يأخذ الفناء الرئيسي شكل مربع او مستطيل اما االفنية الثانوية فليس لها شكل محدد ،ويرجع وجود
الصحن الى بأسباب بيئية بحته.
نجد مما سبق ان توجه العمارة العربية االسالمية نحو الداخل اكثر من اوجه البناء الخارجية ،جاء كنوع من المعالجات
لعوامل بيئية تتمثل بالظروف المناخية القاسية للمطقة العربية ،وعومل اجتماعية تتثمل بتحقيق الخصوصية واألمان،
وعومل دينية عقائدية تتمثل في حفظ حرمة المسلم من الغرباء ،وألجل تحقيق عمارة متوافقة مع تلك العوامل لجا
المعمار المسلم الى اعتماد الفناء الداخلي كفضاء رئيس تتجمع حوله الفضاءات األخرى ،ليعمل الفناء كمنظم للعالقات،
ينظم ويضبط عالقة الفضاءات الداخلية مع بعضها من جهة وعالقتها بالفضاء الخارجي من جهة أخرى ،فجاء الفناء
(الفضاء الخارجي) مهيمنا على تصميم المبنى العربي واإلسالمي مع وضوح وفعالية عملية الربط بين الداخل (الفضاء
الداخلي) والخارج ،وهذا ناتج عن المتطلبات البيئية واالجتماعية والثقافية والروحية والعقائدية والرمزية والتقنية
والصحية والنفسية التي تنسجم وتتوافق مع متطلبات عصرها وامكاناته.