Professional Documents
Culture Documents
نص المقال
نص المقال
ص 954-934
ملخص:
يهدف المشرع الجزائري من تكريس الدفتر العقاري إلى دعم االئتمان
د /أنيسة حمادوش العقاري من خالل البيانات التي يتضمنها ،لذا أولى أهمية كبيرة عند
أستاذة محاضرة ' أ ' تنظيمه للدفتر العقاري ،باعتباره سندا يحمي الملكية العقارية عن طريق
كلية الحقوق و العلوم السياسية منح مالك العقار الحجية المطلقة في مواجهة الغير.
جامعة مولود معمري –تيزي وزو- غير أن منح صالحية تسليم الدفتر العقاري للمحافظة العقارية التابعة
– الجزائر - لوزارة المالية على مستوى األقاليم ،و كون موضوع الدفتر العقاري هو
حقوق عينية عقارية ،فقد أثار ذلك جدال فقهيا حول الطبيعة القانونية
للدفتر العقاري فيما إذا كان قرارا إداريا أو مجرد عمل إداري ؟
ولما كانت مسألة تحديد الطبيعة القانونية مسألة جد هامة ،إذ من
خاللها يتم تحديد اإلطار القانوني الواجب التطبيق في المنازعات الناشئة
حول الدفتر العقاري ،ارتأينا أن تكون إشكالية هذه الورقة البحثية حول
الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري ؟
الكلمات المفتاحية :الدفتر العقاري ،اإلئتمان العقاري ،المحافظة
العقارية ،الطبيعة القانونية ،القرار اإلداري .
يعتمد نظام الشهر العيني على عملية شهر الحقوق العينية العقارية على أساس العقار محل المعاملة ،
غير أن تطبيق نظام الشهر العيني ال يتأتى إال عن طريق عملية المسح العقاري لكامل ترابها الوطني ،
حيث تهدف هذه العملية إلى تحديد و وصف و جرد مختلف األمالك العقارية مع تحديد مالكها ،لتنتهي
العملية بمنح سند الملكية للمالك الظاهر للعقار الممسوح و المتمثل في "الدفتر العقاري" ،باعتباره
ولما كان الدفتر العقاري سندا إداريا تمنحه جهة إدارية تتمثل في المحافظة العقارية ،وأن
موضوع الدفتر العقاري هو حقوق عينية عقارية ،ثار تساءل حول التكييف القانوني لهذا الدفتر ،هل هو
فبناءا على ما تقدم ،سنحاول من خالل هذه الورقة البحثية اإلجابة على هذه اإلشكالية وفق الخطة التالية:
يعتبر الدفتر العقاري المرآة العاكسة لحالة األمالك العقارية الممسوحة ،يسلم باعتباره السند
الوحيد إلثبات الملكية العقارية .ولضبط مفهوم الدفتر العقاري يستوجب منا الوقوف أمام تعريفه ()2
لم يرد تعريف محدد للدفتر العقاري في التشريع الجزائري،لكن ورد هذا المصطلح ألول مرة
في المرسوم رقم 71/57المؤرخ في 7جانفي 2757المتعلق بإثبات الملكية الخاصة ( )2والذي صدر
تنفيذا لألمر رقم 57/52مؤرخ في 8نوفمبر 2752يتضمن الثورة الزراعية ( ، )1و لكن دون أن يرد
تعريف محدد له ،لذا أسندت مهمة تعريف الدفتر العقاري للفقه و رجال القانون ،لذا تعددت و اختلفت
440
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
فعرف جانب من الفقه الدفتر العقاري على أنه " :سند قانوني ذو حجية قوية ،تقيد فيه جميع
الحقوق العقارية وما يرد عليها من تصرفات على العقارات الواقعة في المناطق الممسوحة ،ويسلم
إلى كل مالك يكون حقه قائما بمناسبة إنشاء بطاقات عقارية" ( ،)7كما عرف أيضا على أنه " :سند
إداري يشكل دليال قويا مثبتا للملكية العقارية ،يسلم إلى مالك العقار الممسوح و يكون مطابقا للنموذج
فرغم تعدد التعاريف بخصوص الدفتر العقاري ،إال أنها تتفق في جملتها على اعتباره سندا
إداريا تمنحه المحافظة العقارية لمالك العقار الممسوح بغرض إثبات حقوق عينية عقارية .و يشترط
لصحة الدفتر العقاري ،أن يكون وفق النموذج المحدد بموجب القرار الوزاري الصادر عن وزير المالية
و المؤرخ في 15مايو 2751و المتضمن تحديد نموذج الدفتر العقاري (. )7
أكثر من ذالك ،ال يسلم الدفتر العقاري لمالك العقار إال بعد إجراء تحقيق ميداني تختص به
لجان المسح العام لألراضي ،بعد التحري و التأكد من صحة كل البيانات و المعلومات الخاصة بالعقار و
تحديدها تحديدا شامال و دقيقا ،بذالك يكون الدفتر العقاري السند الوحيد لإلثبات الملكية العقارية ،هذا ما
أكدته المادة 27من األمر رقم 57/57المتضمن إعداد مسح األراضي العام و تأسيس السجل العقاري
السالف الذكر.
لقد قطع المشرع الجزائري وبشكل واضح و صريح في القيمة القانونية للدفتر العقاري ،كونه
الوسيلة الوحيدة إلثبات األمالك العقارية ،مما يفيد االستغناء عن كل العقود األخرى .مع ذالك ،بقي
الجدل قائما لدى الفقه و القضاء حول القيمة القانونية للدفتر العقاري.
فإذا كان هناك من يعترف للدفتر العقاري بالحجية المطلقة في إثبات الملكية العقارية وهو ما
تأكد من خالل عدة قرارات صادرة عن المحكمة العليا أهمها القرار رقم 275711المؤرخ في 18
جوان ،)1( 1111و القرار رقم 177177المؤرخ في 12ابريل ، )5( 1117اللذان كرسا الحجية المطلقة
441
أنيسة حمادوش
للدفتر العقاري ،حيث نستنتج من خالل هذه القرارات أن الدفتر العقاري يستمد القوة الثبوتية المطلقة،
بالنتيجة ،فإن الدفتر العقاري هو بمثابة الناطق الطبيعي للوضعية القانونية للعقار ،و ال يسلم
إلى مالك العقار إال بعد استكمال كل إجراءات المسح (. )8
من ثمة ،ال يمكن ألي شخص االدعاء خالف ما يتضمنه الدفتر العقاري من بيانات أو ادعاءات
على حق عيني عقاري على العقار ،إذا لم يكن مقيدا بالبطاقة العقارية وهذا بغرض منح القوة الثبوتية
المطلقة للحقوق من جهة ،والتأكيد على الحجية المطلقة للدفتر العقاري من جهة أخرى( ، )7خاصة و أن
الغاية المرجوة من عملية مسح األراضي العام هو تطهير العقارات من الحقوق واألعباء لفائدة الغير،
مما يضفي الحجية المطلقة للدفتر العقاري ،بحيث ال يمكن االدعاء بما يخالف محتواه .
غير أنه بالرجوع إلى نص المادة 2/21من المرسوم رقم 17/51السالف الذكر ،يتبين لنا أن
المشرع الجزائري قلل من القيمة القانونية للدفتر العقاري حيث ضيق من حجيته المطلقة ،عندما خول
لألفراد حق المطالبة بإعادة النظر في الحقوق الناتجة عن الترقيم النهائي عن طريق اللجوء للقضاء ،هذا
ما تأكد من خالل قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 21مارس 2777تحت رقم ، )21(218111وكذا
القرار الصادر 27جويلية 1122تحت رقم ، )22( 111171اللذان قضيا بإمكانية إلغاء الدفتر العقاري .
وما يؤكد أكثر الحجية النسبية للدفتر العقاري ،هو عدم نص المشرع الجزائري صراحة عن
أجال رفع دعوى الطعن في الدفتر العقاري ،مما يفيد تطبيق القواعد العامة المقررة بسقوط الحقوق
()21
. بمعنى مرور 27سنة ،مما يؤدي إلى الخروج عن الغاية من إرساء نظام السجل العيني
أكثر من ذلك ،إن تكريس المشرع الجزائري لنظام التقادم المكسب رغم وجود عقد مشهر
لدى المحافظة العقارية ،إنما فيه إهدار الستقرار المعامالت العقارية و تشكيك في الحجية المطلقة للدفتر
()27
. العقاري
442
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
بإثبات الملكية الخاصة والتي تنص على ما يلي " :إن الدفاتر العقارية الموضوعة على أساس
مجموعة البطاقات العقارية البلدية و مسح األراضي المحدث ،ستشكل حسب الكيفيات التي ستحدد في
و الوحيد إلقامة البينة في شأن الملكية العقارية " .و تضيف نصوص الحقة المنطلق الجديد
المادة 27من األمر رقم 57/57السالف الذكر على ما يلي " :تسجل الحقوق الموجودة على عقار من
وقت اإلشهار في السجل العقاري و في الدفتر الذي سيشكل سند الملكية ".
بالنتيجة و من خالل النصوص القانونية المذكورة أعاله والمدعمة بقرارات المحكمة العليا ،يظهر
الموقف المتردد و المتناقض للمشرع الجزائري بخصوص القيمة القانونية للدفتر العقاري كسند إثبات
الملكية ،وهذا الشك أنه سيؤدي إلى فقدان الثقة و زعزعة االستقرار المعامالت العقارية.
و لعل عدم الجدال الفقهي حول تحديد الطبيعة القانونية للدفتر العقاري ،قد ساهم بشكل فعال في
أثار التنظيم القانوني للدفتر العقاري المحدث بموجب األمر رقم 57/57المؤرخ في 21
نوفمبر 2757جدال كبيرا حول التكييف القانوني للدفتر العقاري ،فإذا كان جانب من الفقه قد كيفه بأنه
قرار إداري ( ، ) 2فلقد ذهب جانب آخر إلى إنكار صفة القرار اإلداري على الدفتر العقاري واعتباره
مجرد شهادة إدارية تمنحه اإلدارة لمالك العقار( .)1لكن خصوصية الدفتر العقاري من حيث إجراءات
صدوره و في كونه األداة الوحيدة في إثبات الملكية العقارية ،فيمكن اعتباره بمثابة قرار إداري من نوع
خاص (.)7
443
أنيسة حمادوش
يعد الدفتر العقاري من ضمن األعمال التي تختص بها المحافظة العقارية التابعة لوزارة
المالية على مستوى األقاليم ،األمر الذي دفع بجانب من الفقه إلى اعتبار الدفتر العقاري قرارا إداريا .و
للتأكد من صحة هذا التكييف يتطلب منا البحث عن الضوابط التي يقوم عليها القرار اإلداري (أ) ،و
لم يرد تعريف تشريعي للقرار اإلداري ،بل تمت اإلشارة إليه بصفة محتشمة في بعض
أما عن تعريف الفقه للقرار اإلداري ،فلقد اتفقت جل التعاريف بخصوص هذا الموضوع على
أن " :القرار اإلداري هو عمل قانوني إنفرادي يصدر من جانب اإلدارة لوحدها و بإرادتها الملزمة لما
لها من سلطة بمقتضى القوانين و اللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إنشاء وضع قانوني
معين ابتغاء تحقيق مصلحة عامة" ،على ذلك ،نكون بصدد قرار إداري إذا توفرت في القرار
فإذا كانت هذه هي الضوابط التي يجب أن تتوفر في القرار العتبار القرار قرارا إداريا ،فهل
يتمتع الدفتر العقاري على هذه الخصائص لتكييفه بأنه قرارا إداريا ؟
بالرجوع إلى الدفتر العقاري ،نالحظ أن هذه الخصائص متوفرة فيه من خالل ما يلي:
444
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
إن السلطة المختصة في إصدار الدفتر العقاري هي المحافظة العقارية التي تعتبر هيئة إدارية
تابعة لوزارة المالية ،كما أنها مؤسسة عمومية تقدم خدمة عامة ،هذا ما أكدته المادة 1من األمر رقم
_ صدور الدفتر العقاري باإلرادة المنفردة للمحافظة العقارية كجهة إدارية :
إن ما يؤكد توفر هذه الخاصية في الدفتر العقاري و يضفي علية صفة القرار اإلداري ،هو خضوع
عملية إعداد الدفتر العقاري إلجراءات خاصة تختص بها جهات إدارية مختلفة من الوالية و البلدية و
إدارة المسح و في األخير المحافظة العقارية .فهذه الهيئات تتولى بمفردها دون تدخل المستفيد في
أكثر من ذالك ،فإن الدفتر العقاري ال يحمل إطالقا توقيع المستفيد منه ،بل توقيع و ختم
وكأي قرار إداري ،ال يصدر الدفتر العقاري إال بعد المرور بعدة مراحل و إتمام عدة
إجراءات .حيث ال يتم إصدار الدفتر العقاري إال بعد إتمام عملية المسح التام لألراضي على مستوى
بلدية ما .وبعد استكمال اإلجراءات الخاصة بإعداد السجل العقاري المتكون من عدة بطاقات عقارية،
يسلم لصاحب الملكية دفتر عقاري يثبت ملكيته الخالصة للعقار و كل الحقوق العينية المتصلة به وبذلك
يضمن حمايته لملكيته .هذا ما يستفاد من نص المادة 2/71من المرسوم رقم 11/51المتعلق بمسح
إن موضوع الدفتر العقاري هو تثبيت حقوق عينية على العقار ،فبمجرد قيام المحافظ العقاري
بتسليم الدفتر للمستفيد يكون قد رتب آثارا قانونية تتمثل في أن المستفيد يصبح متمتعا بكل الحقوق على
العقار ،بذالك يكون الدفتر العقاري قد ساهم في تغيير مراكز قانونية سواء بإنشائها أو إلغائها أو تعديلها.
445
أنيسة حمادوش
وقد تأكدت هذه الخاصية من خالل نص المادة 77من المرسوم رقم 71/57و المادة 27من األمر رقم
57/57السالف ذكرهما.
ورغم توفر كل خصائص القرار اإلداري في الدفتر العقاري ،إال أن ذلك لم يمنع جانب من
الفقه في محاولة إنكار هذه الصفة على الدفتر العقاري و اعتباره مجرد شهادة إدارية ال ترقى إلى مرتبة
لما كان الهدف من الدفتر العقاري هو إثبات حقوق عقارية ،فإن وجوده ناتج عن تدخل عدة
جهات إدارية و غير إدارية .كما أن الدفتر العقاري ال يصدر إال وفق نموذج محدد و بموجب قرار
وزاري صادر عن وزير المالية ،و ال يسلم هذا الدفتر إال بعد إتمام عدة إجراءات ،أولها تلك التي تقوم
بها لجنة مسح األراضي العام و ذلك عن طريق إجراء تحقيقات و تحريات ميدانية ،للتأكد من صحة
المعلومات الخاصة بالعقار الممسوح و تحديده تحديدا دقيقا و شامال تحت إشراف قاضي (. )28
على ذالك ،فإن صفة القرار اإلداري منتفية في الدفتر العقاري النتفاء خصائص القرار
إذا كان الدفتر العقاري هو سند إداري تمنحه المحافظة العقارية ،إال أنه ال يصدر باإلدارة
المنفردة لهذه الهيئة ،بل بتدخل عدة جهات إدارية و غير إدارية كالوالية ،البلدية ،القضاء ،الموثق و
المحافظة العقارية ( . )27أكثر من ذالك ،فإن إعداد الدفتر العقاري يتم نتيجة إيداع وثائق مسح األراضي،
تطبيقا لألمر رقم 57/57والمرسوم رقم .17/51على ذلك ،فالدفتر العقاري ليس إال وثيقة إدارية خاصة
446
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
كما أن عملية شهر الحقوق العينية العقارية الواقعة على العقار بعد ثبوتها قانونا في البطاقات
العقارية ،تفرض نسخ هذه الحقوق وجوبا على الدفتر العقاري ،واستنادا إلى ذلك يلتزم المحافظ العقاري
بما يلي:
_ تسليم الدفتر العقاري إلى مالك العقار الذي تبين حقه أثناء تسليم الدفتر العقاري طبقا للمادة 71من
_ اإلشهاد بمطابقة الدفتر العقاري للبطاقة العقارية ،تطبيقا للمادة 77من المرسوم رقم ،)11( 17 /51
ويتم المصادقة عل الدفتر العقاري عن طريق وضع خاتم من طرف المحافظ العقاري باعتباره مسلم
الدفتر و المصادق على مطابقة محتواه مع ما هو وارد في البطاقة العقارية ،و ليس مصدرا لدفتر عقاري
بالنتيجة ،فإن الدفتر العقاري هو مجرد وثيقة إدارية صادرة عن وزارة المالية ،بمساهمة عدة
إذا كانت أهم خصائص القرار اإلداري هي ترتيب آثار قانونية ،عن طريق إنشاء و تعديل
وإلغاء مراكز قانونية .وإذا كان الدفتر العقاري يؤدي إلى تثبيت الحقوق العينية العقارية الواردة على
العقار ،كما تؤكده المادة 77من المرسوم رقم 17/57المؤرخ في 17نوفمبر 2757المتعلق بإثبات
()11
والمادة 27من األمر رقم 57/57السالف الذكر. الملكية العقارية الخاصة
وعليه ،فال يترتب عن صدور و تسليم الدفتر العقاري أي أثر قانوني ،سواء بإنشاء أو تعديل
أو حتى إلغاء مراكز قانونية لألشخاص المستفيدين منه ،على أساس أن عملية المسح العام و تأسيس
السجل العقاري هي ضرورية الستصدار الدفتر العقاري( . )17أما الهدف األساسي من هذه العملية ،فهو
تحديد النطاق الحقيقي و الطبيعي للعقار عن طريق مخطط مسحي و الكشف عن الوضعية القانونية
447
أنيسة حمادوش
ومن ثمة يتم تسجيل كل الحقوق الموجودة على العقار من تاريخ الشهر في السجل العقاري
في الدفتر العقاري الذي يعد بمثابة سند ملكية (. )17
وعليه ،فإن الحقوق العينية الثابتة على العقار هي في الحقيقة موجودة من قبل إعداد الدفتر
وصدوره ،و ما الغاية من عملية المسح سوى إثبات هذه الحقوق و إظهارها للغير ،بغية تعميم حجيتها.
بالنتيجة ،إن الدفتر العقاري حسب هذا االتجاه ال يحدث أي أثار قانونية .أكثر من ذلك ،فإن
القرارات التي ال تحدث آثارا قانونية ،تعد حسب وجهة نظر جانب من الفقه مجرد إجراءات تنفيذية ال
تقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء ،كما هو الحال في القرارات اإلدارية ،هذا ما يؤدي إلى نفي صفة القرار
يصدر الدفتر العقاري من المحافظة العقارية التي تعتبر هيئة إدارية عمومية أحدثت بموجب
تزاول المحافظة العقارية مهامها تحت وصاية وزير المالية ،يسيرها و يديرها موظف يسمى"
المحافظ العقاري " ،هو المسئول الوحيد في تسليم و إصدار الدفاتر العقارية ،فهو بذالك طرف في كل
خصومة أو نزاع يكون موضوعه الدفتر العقاري .بهذا فإن الدفتر العقاري الصادر عن هذه الهيئة هو
أكثر من ذلك ،فلقد تأكد الطابع اإلداري للدفتر العقاري من خالل الجهة القضائية المختصة في
النظر في المنازعات الرامية إلى الطعن بإلغاء الدفتر العقاري ،فرغم أن جانب من الفقه قد ناد بضرورة
منح االختصاص في منازعات الدفتر العقاري إلى القضاء العادي (القسم العقاري) على أساس أن الطعن
448
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
()11
يمس حقوق عينية يكرسها الدفتر العقاري ،إال أنه بالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية
،ومن خالل المادة 811منه ،تبنى المشرع الجزائري المعيار العضوي في منح االختصاص إلى
القضاء اإلداري .و باعتبار المحافظة العقارية هيئة إدارية ،فإن قراراتها هي قرارات إدارية يختص
ولقد تم التأكيد على طابع القرار اإلداري للدفتر العقاري في المادة 17من األمر رقم 57/57
السالف الذكر ،و التي تنص صراحة على منح االختصاص في موضوع الطعن في الدفتر العقاري إلى
الغرفة اإلدارية المحلية بمقر المجلس و التي يوجد بدائرتها العقار ،إذا كان النزاع ينصب على بطالن
أحد البيانات الواردة في الدفتر العقاري .ومن خالل استقراء قرارات مجلس الدولة ،فلقد استقر االجتهاد
القضائي على اختصاص الغرفة اإلدارية بالمجلس القضائي نوعيا للفصل في الدعاوى المتعلقة بطلبات
مما تقدم ،يتأكد أن الدفتر العقاري هو قرار إداري لكن من نوع خاص .و تتجلى خصوصية
الدفتر العقاري في كونه أداة إلثبات الملكية العقارية وكل الحقوق العينية المتصلة بها ،و كذا في كيفية
و الذي يتم بمساهمة عدة هيئات إدارية وغير إدارية . إعداد هذا الدفتر
بالنتيجة الدفتر العقاري قرار إداري يتوفر على كل خصائص و ضوابط القرارات اإلدارية.
449
أنيسة حمادوش
الخاتمة:
يعد الدفتر العقاري سندا إداريا يسلم ألصحاب العقارات إلثبات حقوقهم عليها ،بعد إتمام
عملية المسح العام لألراضي و تأسيس السجل العقاري ،لذا اعتبره المشرع بمثابة الوسيلة الوحيدة إلثبات
الملكية رغم التناقض الذي وقع فيه بخصوص القيمة القانونية للدفتر العقاري ،حيث لم يحسم المشرع
الجزائري بشكل واضح و صريح في الحجية المطلقة للدفتر العقاري والتي تعتبر الدعامة األساسية لنظام
الشهر العيني ،إذ تارة يعترف له بالحجية المطلقة و تارة أخرى يكرس له الحجية النسبية ،وعليه فإن
القوة الثبوتية للدفتر العقاري ليست مطلقة ،و لعل هذا راجع إلى التناقض بين النصوص القانونية
أما عن الطبيعة القانونية للدفتر العقاري ،فال يزال الجدال قائم لدى الفقه حول اعتباره قرار
إداري أم مجرد شهادة إدارية تمنح للشخص الذي ثبتت حقوقه على العقار الممسوح .مع ذلك ،يعتبر
الدفتر العقاري قرار إداري نضرا لتوفره على كل مواصفات القرار اإلداري و لكن قرار إداري من
في األخير ،ومن أجل تفادي كل التناقضات بخصوص الدفتر العقاري ،السيما ما يتعلق بالقوة
الثبوتية للدفتر العقاري و المنازعات المثارة بشأنه ،نوصي بإعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة
للدفتر العقاري و تدعيمها بنصوص أكثر وضوحا لرفع كل لبس أو غموض ،السيما ما يتعلق بضبط
مفهوم الدفتر العقاري و تحديد طبيعته القانونية بهدف تحديد و ضبط النظام القانوني الذي ينظمه.
الهوامش:
450
حول الطبيعة القانونية للدفتر العقاري في القانون الجزائري
) -(4رحايمية عماد الدين ،الوسائل القانونية لإلثبات الملكية العقارية الخاصة في التشريع الجزائري ،
مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،تخصص علوم قانونية ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة مولود
( -)5مجلة االجتهاد القضائي للغرفة العقارية ،الصادرة عن المحكمة العليا ،الجزائر ،العدد 12لسنة
، 1117ص ص .257-252
( -)8مجلة االجتهاد القضائي للغرفة العقارية ،الصادرة عن المحكمة العليا ،الجزائر ،العدد 12لسنة
، 1117ص ص .775-777
( -)7أحمد ضيف ،الدفتر العقاري كسند إلثبات الملكية ،مجلة الواحات للبحوث و الدراسات ،العدد ،11
،1117ص .171
( -)21مجيد خلفوني ،الدفتر العقاري ،مجلة الموثق ،عدد ،1117 ،18ص .27
( -)21مجلة المحكمة العليا ،العدد األول ،لسنة ،1122ص ص 287إلى .285
( -)27محمدي فريدة ،التقادم المكسب و نظام السجل العيني ،مجلة االجتهاد القضائي للغرفة العقارية،
( -)27صياد كريم ،القيود الشكلية في المعامالت العقارية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،
فرع :قانون العقود ،جامعة أكلي محند أولحاج ،البويرة ،1127 ،ص ص .217 -218
( -)27عوابدي عمار ،نظرية القرارات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة و القانون اإلداري ،دار هومه،
451
أنيسة حمادوش
( -)25لخضر القيزي ،النظام القانوني للدفتر العقاري في القانون الجزائري ،الملتقى الوطني الرابع،
الحفظ العقاري و شهر الحقوق العينية العقارية في الجزائر ،كلية الحقوق ،جامعة المدية ،يومي 15و
( -)28المرسوم رقم 11/51المتعلق بمسح األراضي العام ،ج ر العدد ،71الصادر بتاريخ 27أفريل
.2751
( -)27جبار جميلة" ،الدفتر العقاري في النظام القانوني الجزائري" مجلة الفقه و القانون ،العدد ،15
( -)12تنص المادة 77من المرسوم رقم 17/51على ما يلي " :يشهد المحافظ العقاري عند كل طلب
( -)17هذا المرسوم ألغي ضمنيا بموجب القانون رقم 17/71مؤرخ في 2771 /22/28يتضمن
( -)17المادة 1من األمر رقم ،57/57المتضمن إعداد مسح األراضي العام ،السالف الذكر.
( -)17لخضر القيزي ،النظام القانوني للدفتر العقاري،...المرجع السابق ،ص . 1
( -)11محمد محمود حافظ ،القرار اإلداري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2751 ،ص .277
( -)15الصادر بموجب قانون رقم 17/18المؤرخ في 17فبراير ،1118يتضمن قانون اإلجراءات
( -)18انظر قرار الغرفة الرابعة ( )7لمجلس الدولة المؤرخ في 17جويلية 1115قضية رقم 77817
فهرس 878الذي صرح " :بعدم اختصاص الغرفة اإلدارية العادية لمجلس قضاء سعيدة نوعيا للفصل
في هذا الطلب أين يعود البت إلى الغرفة اإلدارية الجهوية لمجلس قضاء وهران .
452