You are on page 1of 51

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد بوضياف‪-‬المسيلة‪-‬‬
‫كلي ـ ـ ـ ـ ـ ـة اآلداب واللغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات‬
‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫دروس في الترجمة‬

‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬

‫السنة الجامعية‪ 5102-5102:‬م‬


‫بطاقة تعريفية للمادة المقررة‬

‫اسم المادة‪ :‬الترجمة‬


‫الفئة المستهدفة‪ :‬السنة األولى ماستر نظام ل م د‬
‫اسم الوحدة‪ :‬وحدة التعليم المعترضة‬
‫السداسي األول‬
‫الرصيد‪1 :‬‬
‫المعامل‪1 :‬‬

‫أهداف التعليم‪ :‬هتدف دروس الرتمجة يف هذه املرحلة إىل تزويد‬


‫الطالب الذي اختار إجباريا يف مرحلة الليسانس إحدى اللغات‬
‫األجنبية إىل التعامل مع هذه اللغة بأسلوب أكثر عمقا حبيث‬
‫يدرس طريقة تفكري أهل هذه اللغة‪ ،‬كما هتدف إىل تعليم الطالب‬
‫طريقة الرتمجة التقنية‬
‫المعارف المسبقة المطلوبة‪ :‬درس الطالب يف مرحلة الليسانس‬
‫اللغة األجنبية‪.‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة األولى ‪ :‬التعريف بالمادة وأهميتها‪:‬‬

‫الجزء األول‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف الترجمة‪:‬‬

‫الرتمجة عند بيرت نيومارك هي " غالبا –وليس بالتأكيد ليس دائما‪-‬نقل معىن نص إىل‬
‫لغة أخرى بالطريقة اليت أرادها املؤلف للنص‪ .‬ينبئنا احلس العام أن هذا األمر جبب أن يكون‬
‫بسيطا‪ ،‬كما أن على الشخص أن يستطيع قول شيء ما يف لغة ما متاما كما يقوله يف لغة‬
‫أخرى‪ .‬قد ترى األمر‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬معقدا وسطحيا وخداعا‪ ،‬إذ باستعمالك لغة أخرى‬
‫‪1‬‬
‫تدعي أنك شخص آخر‪.‬‬

‫الرتمجة هي نقل الكالم من لغة إىل لغة أخرى‪ .‬وجاء يف املنجد‪ :‬ترجم الكالم‪ ،‬أي‪:‬‬
‫فسره بلسان آخر‪ ،‬وترجم عنه أي أوضح أمره‪ ،‬والرتمجة هي التفسري‪ .‬ومعىن التفسري مهم جدا‬
‫ألنه أساس الرتمجة‪ ،‬فمن لم يَفهم ال يستطيع أن يُفهم‪ .‬وإذا مل يفهم املرتجم الكالم املكتو‬
‫بلغة ما فلن يستطيع أن ينقله إىل لغة أخرى‪ .‬وإذا نقله بدون فهم كاف فسوف يكتب ألغازا‬
‫‪2‬‬
‫وأحاجي حَيار فيها قارئها‪.‬‬

‫قيل يف الرتمجة أهنا نقل الكالم من لغة إىل لغة أخرى والكالم هو اللفظ املفيد‪ ،‬أي‬
‫‪3‬‬
‫اجلملة أو اجلمل‪.‬‬
‫الرتمجة هي إيصال فكرة أو تبليغها‪ ،‬أو حتويل التبليغ إىل لغة أخرى وإعطاؤها شكال‬
‫‪4‬‬
‫مكتوبا‪ ،‬أو مسموعا‪ ،‬أو وضع صيغة مطابقة لصيغة يف لغة النقل‪.‬‬

‫‪1‬بيرت نيومارك‪ ،‬تر‪ :‬حسن غزالة‪ ،‬اجلامع يف الرتمجة‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،6002 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 2‬عز الدين حممد جنيب‪ ،‬أسس الرتمجة‪ ،‬من اإلجنليزية إىل العربية وبالعكس‪ ،‬مكتبة بن سينا‪ ،‬ط ‪ ،5‬القاهرة‪ ،6005 ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪ 3‬علي بن إبراهيم النملة‪ ،‬مراكز الرتمجة القدمية عند املسلمني‪ ،‬مطبوعات مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬د ط ‪ ،‬الرياض‪ ،1992 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 4‬حممد ديداوي‪" ،‬الرتمجة إىل العربية"‪ -‬اللسان العريب‪ -‬ع ‪ )1905/1901( ،65‬ص‪.55‬‬

‫‪1‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ميكن تقسيم امليدان العام للرتمجة إىل ثالثة أقسام حسبما أوردها جاكوبسن‪:‬‬

‫الترجمة ضمن اللغة الواحدة(‪:)Interlingual translation‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫تعين هذه الرتمجة يف األساس إعادة صياغة مفردات مادة ما ضمن نفس اللغة‪ .‬فبهذه العملية‬
‫ميكن ترمجة اإلشارات اللفظية بواسطة إشارات أخرى يف نفس اللغة‪ ،‬وهي عملية أساسية حنو‬
‫وضع نظرية وافية املعىن‪.‬‬

‫ب‪ -‬الترجمة من لغة إلى أخرى (‪:)Interlingual translation‬‬


‫اليت ميكن تسميتها أيضا "الرتمجة مبعناها الضيق" )‪(translation proper‬‬
‫ألهنا تشتمل على ترمجة اإلشارات اللفظية إلحدى اللغات بواسطة اإلشارات‬
‫اللفظية للغة أخرى‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فإن الذي يعنينا يف الرتمجة من لغة إىل أخرى‬
‫ليس جمرد معادلة الرموز (أي عمليات مقارنة الكلمة بالكلمة) وحسب‪ ،‬بل الذي‬
‫يعنينا أيضا تكافؤ رموز كلتا اللغتني وترتيبها‪ .‬بتعبري آخر‪ ،‬جيب أن نعرف معىن‬
‫التعبري بكامله‪.‬‬
‫ت‪ -‬الترجمة من عالمة إلى عالمة أخرى ( ‪intersemiotic‬‬
‫‪:)translation‬‬

‫وتسمى أيضا عملية التحويل‪ ،‬ونعين به نقل رسالة من نوع معني من النظام الرمزي إىل‬
‫نوع آخر‪ .‬ففي البحرية األمريكية مثال‪ ،‬ميكن حتويل رسالة لفظية إىل رسالة تبلّغ باإلعالم‬
‫وذلك برفع األعالم املناسبة يف السلسلة الزمنية املتعاقبة الصحيحة‪ .‬وبنفس الشكل ميكن‬
‫حتويل كالم يقوله زعيم قبيلة كيوا (‪ )kiowa‬إىل لغة إشارية دون أن تصاحبها إشارات‬
‫لفظية لكي تكون مفهومة ال من قبل املتكلمني بلغات أخرى وحسب‪ ،‬بل ومن قبل أفراد‬
‫‪1‬‬
‫آخرين من قبيلة "كيوا" قد يكونون حاضرين أثناء ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف الترجمة الصحيحة‪:‬‬

‫يوجني‪ .‬أ ‪ .‬نيدا‪ ،‬حنو علم الرتمجة‪ ،‬تر‪ :‬ماجد النجار‪ ،‬مطبوعات وزارة اإلعالم‪ ،‬دط‪ ،‬بغداد‪ ،1902 ،‬ص‪61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫تعترب تعاريف عملية الرتمجة الصحيحة متعددة ومتفاوتة تقريبا تعدد وتفاوت األشخاص‬
‫الذي أخذوا على عاتقهم مناقشة هذا املوضوع‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬يعترب هذا التنوع مفهوم متاما‪،‬‬
‫ألن هناك اختالفات شاسعة يف املواد املرتمجة ويف أغراض النشر ويف حاجات مجهور القراء‪.‬‬
‫وباإلضافة إىل ذلك ضخضع اللغات احلية إىل حتول متواصل وضخضع األفضليات يف األسلو إىل‬
‫حتوير متواتر‪ .‬وهبذا الشكل تكون الرتمجة املقبولة يف فرتة معينة غري مقبولة متاما يف فرتة الحقة‬
‫يف أغلب األحيان‪.‬‬

‫لقد عرض البعض عددا من التعاريف املهمة والشاملة نسبيا للرتمجة‪ .‬فيعّرف بروجازكا‬
‫(‪ )Prochàzka‬الرتمجة اجليدة يف ضوء بعض املتطلبات اليت جيب أن يقوم هبا املرتجم وهي‪:‬‬

‫البد له أن يفهم الكلمة األصلية من حيث األسلو ومن حيث فكرة املوضوع‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫البد أن يتغلب على االختالفات بني الرتكيبني اللغويني‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫البد له أن يعيد بناء الرتاكيب األسلوبية للعمل األصلي يف ترمجته‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ويف وصف للرتمجة الصحيحة للشعر يقول جاكسون ماثيوس ( ‪Jackson‬‬
‫‪ : )Mathews‬شيء واحد يبدو واضحا ترمجة قصيدة برمتها يعين تأليف قصيدة‬
‫‪1‬‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ -3‬مؤهالت المترجم‪:‬‬
‫قاعدة عريضة من مفردات اللغة اليت يرتجم منها وإليها‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫دراسة متعمقة للقواعد والنحو والبالغة والبيان يف اللغتني‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ثقافة واسعة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫األمانة يف نقل األفكار‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الصرب‪ ،‬ألن الرتمجة حتتاج إىل ممارسة وتدريب طويل وحبث يف املعاجم والقواميس‬ ‫‪-5‬‬
‫واملراجع‪.‬‬

‫يوجني‪ .‬أ ‪ .‬نيدا‪ ،‬حنو علم الرتمجة‪ ،‬ص‪.316‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫الجزء الثاني‪:‬‬

‫أهمية الترجمة‪:‬‬

‫تستعمل الرتمجة باعتبارها وسيلة للتخاطب يف اإلعالنات املتعددة اللغات واليت ظهرت‬
‫أخريا بشكل متزايد وجبالء يف األماكن العامة‪ ،‬وكذلك يف تعليمات صادرة عن شركات‬
‫التصدير‪ ،‬ويف الدعاية السياحية حيث يرتمجها متحدثو اللغة األصليون من لغتهم األم إىل اللغة‬
‫(األجنبية)‪ ،‬كمسألة كربياء وطنية‪ ،‬كما أهنا تستعمل يف الوثائق الرمسية كاملعاهدات والعقود‪،‬‬
‫وأيضا يف التقارير واألحباث واملقاالت واملراسالت واملقررات الدراسية لنقل املعلومات والنصائح‬
‫والتوصيات يف كل فرع من فروع املعرفة‪ .‬لقد ازداد حجمها مع ظهور وسائل اإلعالم وتزايد‬
‫‪1‬‬
‫عدد البلدان املستقلة‪ ،‬واالعرتاف املتنامي بأمهية األقليات اللغوية يف بلدان العامل كلها‪.‬‬

‫يعدد بيرت نيومارك العناصر اجلديدة يف الرتمجة اآلن باملقارنة مع ما كانت احلال عليه يف‬
‫بداية القرن مثل‪:‬‬

‫" ‪-1‬التوكيد على مجهور القراء واحمليط وعلى الطبيعة‪ ،‬وسهولة الفهم واألسلو املناسب‬
‫وذلك حينما تكون هذه العوامل مهمة‪.‬‬

‫‪-6‬توسيع املوضوعات إىل ما وراء الدينية واألدبية والعلمية‪ ،‬لتشمل الثقافة والتجارة‪،‬‬
‫واألحداث الراهنة والدعاية واإلعالن‪ ،‬تشمل يف الواقع كل موضوع من موضوعات الكتابة‪.‬‬

‫‪-3‬الزيادة يف التنويع يف تصميمات النصوص‪ ،‬بدأ من الكتب (مبا فيها املسرحيات‬


‫والقصائد) إىل املقاالت واألحباث والعقود‪ ،‬والقوانني‪ ،‬واإلعالنات والتعليمات‪ ،‬والدعاية‬
‫واإلعالن‪ ،‬ووصفات الطهي‪ ،‬والرسائل‪ ،‬والتقارير‪ ،‬وطلبات العمل‪ ،‬والوثائق‪ ،‬وغريها‪ .‬تفوق‬

‫بيرت نيومارك‪ ،‬تر‪ :‬حسن غزالة‪ ،‬اجلامع يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.0‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫هذه األشياء يف عددها عدد الكتب بشكل كبري جدا‪ .‬لذا من الصعب حسا العدد أو‬
‫إحصاء لغات الرتمجات على أي مستوى كان‪.‬‬

‫معرية (أو تعريب) املصطلحات‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تشكيل فرق مرتمجني واالعرتاف بدور املراجعني‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تأثري اللغة واللسانيات االجتماعية ونظرية اللغة‪ ،‬واليت تصبح بادية للعيان فقط‬ ‫‪-2‬‬
‫حينما ينجح عدد أكرب من املرتمجني يف املعاهد واجلامعات‪.‬‬
‫تستعمل الرتمجة اآلن يف بث املعرفة وخلق املفاهيم بني اجملموعات البشرية واألمم‪،‬‬ ‫‪-0‬‬
‫‪1‬‬
‫بقدر استعماهلا يف بث الثقافة‪.‬‬
‫إن الواقع املعاصر واملستقبل القريب يشريان إىل سعي اإلنسان الدائم إلجياد لغة تفاهم‬
‫مشرتكة بني الشعو واألمم‪ ،‬حبيث ينشأ بينها حوار مفهوم وواضح‪ ،‬والرتمجة وحدها هي‬
‫األداة اليت ميكن من خالهلا الوصول إىل اللغة املشرتكة‪ ،‬إذ أهنا تقوم بالوساطة بني هذه اللغات‬
‫املختلفة‪ ،‬فلوال الرتمجة ملا جنحت عملية التواصل بني من يتحدثون لغات خمتلفة‪ ،‬وملا استفادت‬
‫كل أمة من علوم وفنون األمم األخرى‪ ،‬وال ازدهر احملتوى العلمي واملعريف اإلنساين‪ ،‬وال نشطت‬
‫حركة التفاعل فيما بني الشعو وبعضها البعض‪ ،‬وللرتمجة أمهية يف محاية الثقافة‪ ،‬واحلفاظ على‬
‫اهلوية من خالل تعريف الشعو بثقافات ومعارف بعضها البعض‪ ،‬وكلما تزايدت حركة الرتمجة‬
‫من لغة ما إىل اللغات األخرى‪ ،‬أدى ذلك إىل انتشار لغة وفكر وعلم وثقافة األمة اليت تتحدث‬
‫‪2‬‬
‫اللغة املرتجم عنها‪..‬‬

‫الرتمجة هي السبيل الوحيد إىل معرفة اآلخر‪ ،‬والتواصل معه‪ ،‬وخلق التفاعل الثقايف واحلضاري‬
‫معه‪ ،‬وهذا يصب يف مصلحة االرتقاء باحلضارة اإلنسانية عموما‪ ،‬ويف إنضاج وتطوير ثقافات‬
‫األمم على وجه اخلصوص‪ ،‬وبنفس القدر الذي تساعدنا به الرتمجة يف معرفة اآلخر‪ ،‬فإهنا تعيننا‬
‫على إدراك حقيقتنا ومعرفة ذاتنا‪ ،‬فمن خالل تعريفها لنا باآلخر ميكننا أن نستوضح أوجه‬
‫التشابه واالختالف فيما بينه وبيننا‪ ،‬فعندما تتكون لدينا رؤية واضحة عن اآلخر‪ ،‬ميكننا ساعتها‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ 2‬حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الترجمة‪ ،1111 ،www.hosameldine.org ،‬ص‪85‬‬

‫‪5‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫أن نقارن بينه وبني أنفسنا‪ ،‬كما أن اطالعنا على الصورة اليت رمسها لنا اآلخر‪ ،‬جيعلنا نقف‬
‫على مواطن القوة والضعف فينا‪ ،‬فمن خالل الرتمجة ميكننا أن حنصل على نقد اآلخر لنا‪ ،‬ومن‬
‫خالهلا أيضا ميكننا أن ننتقد أنفسنا ‪ ،‬وال ميكننا حبال من األحوال أن نتخيل عاملنا بدون‬
‫الرتمجة‪ ،‬فالرتمجة ليست نقال بني طرفني متباعدين‪ ،‬بل هي نشاط مؤثر ومتأثر‪ ،‬وقناة نابضة‬
‫تربط بني حبار وأهنار اللغات املختلفة‪ ،‬وهي أم الفنون اإلنسانية اليت تنقل الثقافات بني األمم‪،‬‬
‫وتعمل على التقريب بني الشعو ‪ ،‬وتدفع عجلة التطور اإلنساين قدما‪...‬‬

‫لقد أثبت الواقع أن هناك ارتباط طردي بني عدد ما ترتمجه األمم من مؤلفات وما حترزه‬
‫من تطور وتقدم‪ ،‬فأكثر الشعو اليت تعيش يف رخاء اقتصادي وازدهار معريف هي اليت ترتجم‬
‫أكثر من غريها‪ ،‬فمن خالل الرتمجة تكتسب املعرفة‪ ،‬وتزدهر العلوم وتتطور األمم‪ ،‬والرتمجة‬
‫واحدة من أهم املعايري اليت متيز بني الثقافات املختلفة‪ ،‬فبالرغم من أن الرتمجة تنقل من الثقافات‬
‫وإليها‪ ،‬إال أن نشاط حركة الرتمجة هو الذي َيدد إذا ما كانت هذه الثقافة (مرسلة) أو‬
‫(مستقبلة)‪ ،‬فكلما تزايد النقل من لغة معينة‪ ،‬أمكننا القول بأن ثقافة هذه اللغة (ثقافة مرسلة)‪،‬‬
‫أما إذا كان ما يرتجم إليها أكثر مما يرتجم عنها‪ ،‬فهذا مفاده أهنا (ثقافة مستقبلة)‪.‬‬

‫كانت الرتمجة ‪-‬وال تزال‪ -‬أحد أبرز املعايري اليت يقاس هبا حجم التطور الثقايف والعلمي‪،‬‬
‫إذ أهنا جتسد املرحلة الثانية يف حركة التفاعل الثقايف بعد مرحلة التأليف‪ ،‬ويربز الدور اإلنساين‬
‫للرتمجة من خالل ما تقوم به من دور الوساطة بني الثقافات املختلفة‪ ،‬والرتمجة هي األداة‬
‫الفاعلة يف تكوين احلضارة العاملية املشرتكة للجنس البشري‪ ،‬فمن خالل الرتمجة ميكن لألفكار‬
‫أن تتالقى وتتالقح وتتوالد أفكار جديدة تدعم بنية احلضارة اإلنسانية‪ ،‬وكلما تزايد النشاط‬
‫الرتمجي‪ ،‬أمكن للحضارة اإلنسانية أن تزدهر وتتطور‪ ،‬وأمكن لألمم توصيل رسالتها والتعبري‬
‫عن ذاهتا‪ ،‬وللرتمجة دورها اهلام أيضا يف ترسيخ ونشر السالم بني األمم‪ ،‬فحينما تتعقد العالقات‬
‫بني الدول‪ ،‬وتتولد األزمات‪ ،‬تنتج احلاجة إىل احلوار املفهوم بني طريف النزاع‪ ،‬وتكون الرتمجة‬
‫أداة توصيل األفكار الواضحة‪ ،‬والتقريب بني وجهات النظر من خالل استخدام صياغات‬
‫مضمونة ومعربة‪ ،‬وال ميكن ألحد سوى املرتجم أن يصوغها بدالالت واضحة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ال يعين هذ اقتصار أمهية الرتمجة خالل الفرتات اليت تنشب فيها اخلالفات والنزاعات‪ ،‬بل‬
‫ميكن اعتبارها أداة وقائية تقي نشو هذه النزاعات‪ ،‬وذلك من خالل تكوين خلفية تواصل‬
‫بني الثقافات املختلفة تقي من نشو الصراعات احملتملة‪.‬‬

‫إن الرتمجة تضمن اخللود للنص بكل ما َيويه من فكر ومعان‪ ،‬وهناك الكثري من النصوص‬
‫اليت اختفى أصلها‪ ،‬ومل يبق إال ترمجاهتا إىل لغات غري لغتها األصلية‪ ،‬بل إن هناك مؤلفات‬
‫كتبت بلغات مل تعد موجودة يف عصرنا احلايل وبادت واندثرت‪ ،‬ووحدها ترمجات هذه املؤلفات‬
‫هي اليت ال زالت باقية كما هو احلال يف معظم املؤلفات اليت كتبت باللغة الالتينية أو اللغات‬
‫القدمية امليتة‪.‬‬

‫كذلك ال يعوزنا القول إن الرتمجة كانت هي الناقل لألديان السماوية والشرائع اإلهلية‪،‬‬
‫وعربها اهتدت األمم اليت وصلها دين اهلل من خالل ترمجات الشرائع والسنن‪ ،‬وكانت الرتمجة‬
‫أهم آليات الدعوة والتواصل مع الشعو اليت مل يبعث يف أهلها أنبياء أو رسل‪ ،‬وحني بزغ‬
‫فجر اإلسالم كرسالة عاملية غري قاصرة على أهل العربية‪ ،‬ازدادت أمهية الرتمجة كوعاء ناقل‬
‫‪1‬‬
‫لرسالة اإلسالم إىل كل األمم وعرب كل اللغات‪.‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬تاريخ الترجمة‬

‫الجزء األول‪:‬‬

‫الترجمة في القديم‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن ظهور الرتمجة كنشاط إنساين يواكب التطور االجتماعي البشري‪ ،‬فالرتمجة كانت‬
‫وال تزال هي أداة التواصل بني األمم والشعو اليت ضختلف لغاهتا‪ ،‬وقد بزغت الرتمجة كنتيجة‬
‫لألنشطة اإلنسانية‪ ،‬وما تضمنه من نشاطات دينية واقتصادية وعسكرية‪ ،‬استطاعت أن ضخرج‬
‫بالشعو من حدودها اجلغرافية لتتفاعل مع جرياهنا‪ ،‬وكان أول صور الرتمجة هي الرتمجة الشفوية‬
‫نظرا لبساطة النظم اللغوية وعدم اخرتاع الكتابة‪ ،‬فكانت الرتمجة هي أداة التفاهم بني القبائل‬
‫والتجمعات البشرية‪ ،‬سواء خالل األنشطة التجارية اليت تتم وقت السلم أو املعاهدات‬
‫واالتفاقيات اليت تظهر وقت احلر ‪ ،‬ويف العصور القدمية لعبت الرتمجة دورا هاما يف نشر التعاليم‬
‫الدينية‪ ،‬والنتاج الفين األديب‪ ،‬وساعدت يف إحداث التفاعل بني احلضارات القدمية كالبابلية‬
‫‪1‬‬
‫واآلشورية والفينيقية والفرعونية واإلغريقية‪.‬‬

‫لعل التاريخ البشري مل يشهد حركة الفتوحات كتلك اليت شهدها اإلسكندر األكرب‪،‬‬
‫وأهم ما اتسمت به حركة الفتوحات هذه أهنا نقلت حضارة اليونان وخرجت هبا إىل خارج‬
‫حدودها‪ ،‬وامتدت لتغطي مساحات شاسعة من األراضي اليت بدأ سكاهنا يف التعرف إىل‬
‫ثقافات وعلوم بعضهم بعض‪ ،‬وخمالطة األمم اليت مل يكن يربط بينها أي عالقة إال بعض‬
‫الصالت التجارية القليلة‪ ،‬لكن خضوع تلك األمم لسيطرة اإلسكندر األكرب أوجد رابطا مزج‬
‫بني هذه الثقافات‪ ،‬وأوجد يف هذه املناطق اليت فتحها حضارة تأثرت باحلضارة اليونانية‪ ،‬وال‬
‫شك أن الرتمجة كانت موجودة خالل هذه الفرتة كضرورة تواصلية ومعرفية‪ ،‬لتظهر على يديها‬
‫احلضارة اهللينسية بعد وفاة اإلسكندر األكرب عام ‪ 363‬ق‪.‬م‪ ،‬وامتدت حىت القرن السابع‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪8‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫امليالدي‪ ،‬وقد شهدت هذه الفرتة اليت تصل إىل حنو ألف عام تفاعال حضاريا بني املراكز‬
‫احلضارية اليت انتشرت خالل فتوحات اإلسكندر األكرب يف اإلسكندرية‪ ،‬وأنطاكيا‪ ،‬نصيبني‪،‬‬
‫وجنديسابور‪ ،‬وسعى السريان إىل نقل معارف اليونان وعلومهم إىل اللغة السريانية‪ ،‬خاصة بعد‬
‫غلق مدرسة الرها سنة ‪ 109‬م ورحيل علمائها إىل نصيبني‪ ،‬ونقلوا معهم علوم الفلسفة اليونانية‬
‫والطب اليونان‪ ،‬إضافة إىل أن كثري من علماء اليونان تركوا بالدهم خشية االضطهاد الديين‪،‬‬
‫وعندما أغلقت مدرسة أثينا سنة ‪ 560‬م اجته علمائها شرقا إىل دولة الفرس‪ ،‬ليستقر السريان‬
‫يف جنديسابور لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل ترمجة املعرفة اإلنسانية‪.‬‬

‫برز الكثري من املرتمجني الغربيني يف العصور القدمية واحلديثة‪ ،‬ولعل أبرزهم هو اخلطيب‬
‫الروماين شيشرون (‪ 13-102‬ق م)‪ ،‬والذي تنسب إليه أقدم مدرسة من مدارس الرتمجة‪،‬‬
‫واليت تقوم على حرية النقل مع التمسك بالقيم البالغية واجلمالية يف التعبري‪ ،‬وهناك أيضا‬
‫الراهب جريوم سافرونيك (‪ 130-310‬م) الذي اشتهر برتمجته اإلجنيل من اللغة اإلغريقية‬
‫إىل اللغة الالتينية‪ ،‬وكان أول من طرح فكرة الفصل بني ترمجة النصوص الدينية والنصوص‬
‫الدنيوية‪ ،‬وأوضح أن الرتمجة السليمة إمنا تعتمد على فهم املرتجم للنص األصلي وقدرته على‬
‫استخدام أدوات لغته األم‪ ،‬أو اللغة اليت يرتجم إليها‪ ،‬وليس لغة النص األصلي‪ ،‬وهناك أيضا‬
‫اإليطايل ليوناردو ارتينو (‪1111-1301‬م) الذي ركز على نقل خصائص النص األصلي‬
‫نقال تاما‪ ،‬والتالزم بني اللفظ واملضمون‪ ،‬مشريا إىل أنه إذا كان املضمون يشري إىل املعىن‪ ،‬فإن‬
‫اللفظ يشري إىل البالغة يف النص‪ ،‬ومن بعده جاء إتني دوليري (‪ )1509-1502‬مبنهجه‬
‫الذي عرف باملنهج التصحيحي يف الرتمجة مناديا بضرورة أن يفهم املرتجم حمتوى النص األصلي‬
‫‪1‬‬
‫جيدا‪ ،‬وأن يدرك قصد وهدف املؤلف من النص‪.‬‬

‫‪ -2‬تاريخ الترجمة العربية‪:‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ص ‪.21-20‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪9‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫أبدى العر اهتماما كبريا بالرتمجة منذ بداية عصر فجر اإلسالم‪ ،‬والذي نشطت‬
‫خالله عملية الدعوة إىل اإلسالم خارج حدود شبه جزيرة العر ‪ ،‬وبداية الفتوحات اإلسالمية‬
‫يف عهد اخللفاء الراشدين‪ ،‬ويف زمن الدولة األموية حيث اهتم خالد بن يزيد بن معاوية بن أيب‬
‫سفيان برتمجة وتعريب الدواوين يف حماولة لتعريب نظام احلكم‪ ،‬مث تزايد هذا االهتمام بالرتمجة‬
‫يف العصر العباسي‪ ،‬وذلك بسبب الفتوحات اليت امتدت شرقا وغربا‪ ،‬واستوجبت ضرورة‬
‫التواصل الدائم مع األمم األخرى‪ ،‬واالطالع على ثقافاهتم وعلومهم وآداهبم‪ ،‬فظهرت العديد‬
‫من ترمجات اآلدا الفارسية والعلوم اليونانية‪.‬‬

‫بلغ اهتمام العر بالرتمجة أوجه يف عهد اخلليفة هارون الرشيد وولده املأمون الذي‬
‫أغدق على املرتمجني‪ ،‬وأجزل هلم العطاء لقاء ما يقومون برتمجته من كتب غري العر إىل اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وكان أشهر املرتمجني يف هذه الفرتة حنني بن اسحق‪ ،‬وابنه اسحق بن حنني بن اسحق‪،‬‬
‫وثابت ابن قرة‪ ،‬ويوحنا بن البطريق‪ ،‬وابن احلمصي‪ ،‬وأبو بشر مىت بن يونس‪ ،‬وَيي بن عدي‪،‬‬
‫وابن املقفع‪ ،‬وقد اشتهروا بإتقاهنم للغتني العربية والسريانية‪ ،‬وخربهتم بالعلوم واجملاالت اليت كانوا‬
‫يرتمجون فيها‪ ،‬فضال عن أن بعضهم قد أقام فرتة يف البالد اليت تتحدث اللغة املرتجم منها‪،‬‬
‫فقد ثبت أن حنني ابن إسحاق قد سافر إىل اليونان‪ ،‬وعاش فيها ليتمكن من إتقان اللغة‬
‫اليونانية‪ ،‬وجدير بالذكر أن حركة الرتمجة خالل العصر العباسي مل تكن قاصرة على النقل إىل‬
‫اللغة العربية‪ ،‬بل مت نقل الكثري من املؤلفات العربية إىل اللغات األجنبية‪ ،‬وميكننا أن منيز مسار‬
‫‪1‬‬
‫حركة الرتمجة العربية وفق املراحل التالية‪:‬‬

‫الترجمة في العصر النبوي‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫هناك مؤشرات عديدة تشري إىل أن عصر النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم قد شهدت‬
‫أنشطة للرتمجة‪ ،‬خاصة مع ما استلزمه نشر الدعوة من التواصل مع أمم غري العر ‪ ،‬ويروى أن‬
‫سلمان الفارسي كان له السبق يف ترمجة معاين فاحتة الكتا إىل اللغة الفارسية على أيام النيب‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واشتهر زيد بن ثابت األنصاري اخلزرجي بأنه أول مرتجم يف اإلسالم‪،‬‬
‫وورد يف املصادر "أنه كان يكتب إىل امللوك‪ ،‬وجييب حبضرة النيب صلى اهلل عليه وسلم وكان‬
‫يتقن اللغة السريانية والفارسية واليونانية‪ ،‬كما أن هناك بردة عتيقة يرجع تارخيها إىل سنة ‪66‬‬
‫هجرية‪ ،‬وعليها نص باسم عمر بن العاص وبه ثالثة أسطر باليونانية ومن حتته الرتمجة العربية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الترجمة في العصر األموي‪:‬‬

‫رغم اهتمام األمويون بالفتوحات وتوسيع أرجاء دولتهم‪ ،‬إال أن اهتمامهم بالرتمجة‬
‫والنقل مل يقل عن اهتمامهم بتوسيع هذه الدولة واالنتقال هبا حنو أطوار احلداثة‪ ،‬فرتمجوا ونقلوا‬
‫إىل العربية أمهات كتب العلوم الالتينية واليونانية وما نقل إىل السريانية يف الطب والفلك‬
‫والكيمياء والعمارة‪ ،‬إضافة إىل الكيمياء اليت عين هبا خالد بن يزيد سعيا منه على حتويل املعادن‬
‫إىل ذهب‪ ،‬ويف عهده مت ترمجة أول كتا من اليونانية إىل العربية وكان كتا "أحكام النجوم"‬
‫الذي ألفه احلكيم "هرمس"‪ ،‬وترجم أول كتا يف الطب يف عهد مروان بن احلكم ألفه "أهرن‬
‫بن أعني" الطبيب الذي عاصر هرقل‪ ،‬وعاش باإلسكندرية حنو عام ‪210‬م‪ ،‬وترمجه الطبيب‬
‫البصري "ماسرجويه" من السريانية إىل العربية‪ ،‬وكان من أشهر املرتمجني يف العصر األموي‬
‫‪1‬‬
‫يعقو الرهاوي الذي ترجم الكثري من الكتب من اليونانية إىل العربية‪.‬‬

‫ت‪ -‬الترجمة في العصر العباسي‪:‬‬

‫نشطت حركة الرتمجة يف العصر العباسي بصورة كبرية بعد أن استتب هلم األمر‬
‫وثبتوا دولتهم‪ ،‬وبداية من عصر أبو جعفر املنصور ميكن تقسيم تاريخ الرتمجة إىل‬
‫مرحلتني‪:‬‬
‫‪ ‬املرحلة األوىل‪ :‬تبدأ من قيام الدولة العباسية إىل ما قبل عهد املأمون (‪-050‬‬
‫‪015‬م)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬املرحلة الثانية‪ :‬تبدأ من عهد املأمون حىت وفاته (‪033-015‬م)‪.‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫املرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫وقد ساعد على تنشيط حركة الرتمجة إىل العربية يف العصر العباسي‪ ،‬تشجيع اخللفاء العباسيني‬
‫ورعايتهم للمرتمجني بصورة مجاعية‪ ،‬بينما كانت حركة الرتمجة يف العصر األموي حماوالت فردية‬
‫ترتبط بنشاط خلفاء أفراد ال نظام خالفة متعاقب حيث اعترب العباسيون الرتمجة ركيزة من ركائز‬
‫دولتهم‪ ،‬ومن أشهر عالمات هذه احلركة اليت شهدها العصر العباسي ما يتمثل يف عهود‪:‬‬

‫‪ ‬أبو جعفر املنصور(‪150-192‬ه)‪ :‬اهتم برتمجة الكتب إىل العربية من‬


‫اليونانية أو الفارسية‪ ،‬وخالل عهده ترمجت بعض كتب أبقراط وجالينوس يف‬
‫الطب‪ ،‬وكتا "كليلة ودمنة"‪ ،‬كذلك ففي عهده أخذت حركة الرتمجة مسارا‬
‫مميزا‪ ،‬فقد اهتموا برتمجة الكتب اليت تناولت علوم الكالم‪ ،‬وفنون اجلدال‪ ،‬وعلم‬
‫املنطق اليوناين‪ ،‬وذلك حىت ميكنهم االستفادة منها يف اجلدل الذي دار بينهم‬
‫وبني الفرق األخرى‪ ،‬مما استدعى ضرورة تعلمهم للجدال‪ ،‬وإجياد األدلة وتفنيد‬
‫احلجج‪.‬‬
‫‪ ‬هارون الرشيد (‪191-100‬ه)‪ :‬اهتم الرشيد بالرتمجة‪ ،‬واستعان مبرتمجني من‬
‫لبنان ومصر وسورية‪ ،‬سواء كانوا مسلمني أو غري مسلمني ممن كانوا يتقنون لغة‬
‫أجنبية إىل جانب العربية وأنشأ دار احلكمة يف بغداد‪ ،‬وحرص على تزويدها‬
‫بالكتب اليت نقلت من آسيا الصغرى‪ ،‬والقسطنطينية‪.‬‬
‫‪ ‬املأمون (‪ 610-190‬ه)‪ :‬أجزل العطاء للمرتمجني‪ ،‬وأرسل بعثات إىل‬
‫القسطنطينية جللب ما ميكن احلصول عليه من مؤلفات يونانية يف شىت ألوان‬
‫املعرفة‪ ،‬وكان ممن أرسلهم احلجاج بن مطر‪ ،‬وابن البطريق‪ ،‬وقد ذكر ابن الندمي‬
‫أنه كان بني املأمون وإمرباطور القسطنطينية مراسالت هبذا الشأن‪.‬‬
‫وتعد حركة النقل والرتمجة اليت حدثت إبان العصر العباسي أول حركة مكرسة ومنظمة‬
‫يف التاريخ‪ ،‬وذلك لتعدد مصادرها‪ ،‬فقد ترجم العر عن اليونانية والفارسية واهلندية والسريانية‬

‫‪12‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫والقبطية‪ ،‬كما متيزت بتنوعها إذ راحت تغطي كل العلوم على اختالفها من الفلسفة واملنطق‬
‫‪1‬‬
‫والطب والفلك والرياضيات والكيمياء والطبيعيات واألد ‪.‬‬

‫الجاحظ والترجمة‪:‬‬

‫يركز معظم املنظرين للرتمجة على النظريات احلديثة والغربية اليت تناولت الرتمجة من‬
‫نواحي خمتلفة‪ ،‬ويغمطون اجلاحظ حقه يف أنه أول من نظّر للرتمجة‪ ،‬وحتدث عنها كعلم‪ ،‬ووضع‬
‫شروطا للرتمجة‪ ،‬وممارستها ومن ميارسها‪ ،‬وهو أبو عثمان عمرو بن حبر بن حمبو الكناين‬
‫البصري‪ ،‬وقد ولد يف البصرة سنة ‪ 159‬ه يف خالفة املهدي ثالث اخللفاء العباسيني‪ ،‬وتويف‬
‫هبا سنة ‪ 655‬ه يف خالفة املهتدي باهلل‪ ،‬فعاصر خلفاء بين العباس حني كانت الثقافة‬
‫واحلضارة العربية اإلسالمية يف أوجها‪ ،‬وقد أورد يف كتابه (احليوان) ما ميثل أقدم نظرية يف الرتمجة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو بذلك قد سبق من نعرفهم من أصحا نظريات الرتمجة بنحو ألف عام‪.‬‬

‫إن تاريخ الرتمجة لشعب من الشعو موغل يف القدم‪ .‬وحسب اإلجنيل (التكوين)‪،‬‬
‫أراد أبناء نوح الذين كانوا يتكلمون نفس اللغة تشييد "برج" بابل – كان األمر يتعلق يف احلقيقة‬
‫بزقرة ‪ ziggourat‬مربعة بابلية – لتسلق السماء‪ ،‬بيد أن الر عاقب صلفهم بتشتيتهم‬
‫وهذا بتعداد لغاهتم‪...‬هكذا إذن عوقب الناس بواسطة التشتيت وعدم القدرة على التفاهم‪.‬‬
‫وكان عليهم حينئذ أن يبتكروا الرتمجة والرتمجة الشفوية بقصد التواصل‪.‬‬

‫إن الرتمجات األوىل املشهورة يف التاريخ هي اليت متت يف الشرق األوسط‪ .‬خالل األلف‬
‫الثالث قبل امليالد‪ ،‬ترمجت ملحمة جلجامش السوريانية حول البحث عن اخللود إىل احليتية‬
‫واهلورية انطالقا من السومرية‪ .‬بعد ذلك بكثري‪ ،‬يف بالد الرافدين‪ ،‬أمر امللك محورايب بنقش‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ص‪.23-26‬‬ ‫‪1‬‬

‫املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫قانونه على نصب يف حوايل ‪ 1000‬قبل امليالد‪ .‬وكان هلذ القانون املوضوع باللغة األكادية‬
‫‪1‬‬
‫جم على الشرق األوسط قاطبة‪.‬‬
‫واملرتجم إىل اهلورية‪ ،‬تأثري ّ‬
‫َيظون مبنزلة األمراء وقد‬ ‫بعد سومر‪ ،‬أضحت مصر مهد احلضارات‪ .‬كان الكتا‬
‫ترمجوا إىل العديد من اللغات‪ .‬أنشأت مدرسة للرتمجة يف اإلسكندرية وظلت تشتغل يف القرن‬
‫الثاين بعد امليالد‪ .‬وقد مسحت حجرة روزتة ‪ ، pierre de Rosette‬وهي جزء من النصب‬
‫بفك الرموز اهلريوغليفية‪،‬‬
‫(يرتقي تارخيه إىل ‪ 192‬ق‪.‬م واملكتشف يف ‪ )1099‬لشامبليون ّ‬
‫املدون باحلروف اهلريوغليفية والدميوتيكية (اللغة اليونانية‬
‫ألهنا كانت حتمل نفس النقش ّ‬
‫‪2‬‬
‫الدارجة‪ ).‬واإلغريقية‪.‬‬

‫‪ -3‬دوافع الترجمة عند العرب‪:‬‬

‫والعوائق اليت دعت املسلمني إىل اللجوء إىل‬ ‫هناك جمموعة غري يسرية من األسبا‬
‫حركة النقل من الثقافات األخرى إىل العربية‪ .‬بعض هذه العوامل فكرية حبتة‪ ،‬وبعض منها‬
‫ضخطى مرحلة الفكر إىل الشغف بالفكر اآلخر من قبيل التنافس وحماوالت الوصول إىل املكنون‬
‫يف الثقافات األخرى‪ .‬ومن العوامل ما هو جتاري تسويقي نشأ عن مالحظة توجه السالطني‬
‫من خلفاء وأفراد ووالة إىل التعرف على ما لدى اليونان واهلنود من حكمة وعلم‪ ،‬فكان بعض‬
‫هم هلم إال املال‪ ،‬يف وقت كانت اخلالفة فيه تغدق على النقلة واملؤلفني‪.‬‬
‫النقلة متكسبني ال ّ‬
‫وهذا أيضا أدى إىل شيء من ضعف األمانة يف النقل‪ ،‬إذ جلأ البعض إىل ترمجات آلثار هزيلة‬
‫غري معروفة املؤلفني‪ ،‬ونسبوها إىل مفكرين أمثال "أفالطون" و"أرسط" الذي نسبت إليه كتب‬
‫‪3‬‬
‫الربوبية و التفاحة" ‪.‬‬

‫‪ 1‬جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الرتمجة‪ ،‬تر‪ :‬حممد َيياتن‪ ،‬منشورات خمرب املمارسات اللغوية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬دط‪ ،‬تيزي وزو‪،6010 ،‬‬
‫ص ص ‪.0-0‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.0‬‬
‫‪ 3‬علي بن إبراهيم النملة‪ ،‬مراكز الرتمجة القدمية عند املسلمني‪ ،‬ص‪.69‬‬

‫‪14‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫وميكن أن ترجع دوافع النقل من الثقافات األخرى اجملاورة مثل اليونانية واهلندية والفارسية‬
‫إىل اجلوانب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬حث القرآن الكرمي على التفكري‪ .‬ويف القرآن آيات وصلت إىل‬
‫مثان عشرة آية فيها دعوة أو لفتة إىل "التفكري"‪((...‬تتفكرون‪ ،‬يتفكرون‪،‬‬
‫تتفكروا‪ ،‬يتفكروا))‪...‬وفيه آيات وصلت إىل تسع وأربعني آية فيها دعوة ولفتة‬
‫إىل التعقل((يعقلون‪..‬تعقلون‪..‬تعقل‪..‬عقلوه‪ ))..‬وفيه أربع آيات فيها إشارة إىل‬
‫"التدبر"‪((...‬يتدبرون‪ ..‬يدبروا‪ ))..‬وغريها من اآليات اليت حتث على التفكري‬
‫يف خلق السموات واألرض وتركيب جسم اإلنسان واألنعام والكون كله‪.‬‬
‫نظام العالقة املستمرة بني العبد وربه من خالل اإلسالم تطلب التعرف على‬ ‫‪-6‬‬
‫علوم تعني على تنظيم شؤون العبادات‪ ،‬واملعامالت املالية والشخصية‬
‫االجتماعية‪ ،‬وضبط احلسابات‪ ،‬وتوقيت الصلوات‪ ،‬وحتديد القبلة‪ ،‬وتقومي‬
‫األيام والشهور‪ ،‬وترتيب اخلراج والزكاة‪ ،‬فاستعان املسلمون باألمم اجملاورة‬
‫للتعرف على ما لديها مما يعني على هذا التنظيم‪.‬‬
‫بعد حث القرآن الكرمي على التفكر والتعقل والتدبر‪ ،‬وبعد االمتداد يف نشر‬ ‫‪-3‬‬
‫اإلسالم بدا للعر املسلمني أن اجملد العسكري والسياسي واالقتصادي‬
‫واالجتماعي الذي وصلوا له لن تقوم له قيمة أو قائمة إن مل يقرتن باجملد‬
‫‪1‬‬
‫العلمي والنضج العقلي‪.‬‬
‫نتيجة االحتكاك بالثقافات األخرى والفكر اآلخر‪ ،‬بدأ نقاش وجدال حول‬ ‫‪-1‬‬
‫"كنه" اهلل تعاىل وأمسائه وصفاته سبحانه فلجأ علماء الكالم إىل النظريات‬
‫اليونانية لكي يسهل عليهم الدفاع عن "عقيدهتم" أمام املخالفني أو املفكرين‬
‫الذين سبقوهم يف احلضارة‪ ،‬فلجأوا إىل وسائلهم يف الرد عليهم‪ ،‬فكان ال بد‬

‫‪ 1‬علي بن إبراهيم النملة‪ ،‬مراكز الرتمجة القدمية عند املسلمني‪ ،‬ص ص ‪.36-30‬‬

‫‪15‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫هلم من يطلعوا على علومهم العقلية اليت مل يكن للعر املسلمني عهد هبا من‬
‫قبل‪.‬‬
‫‪ -5‬وقد دخلت حتت ظل اإلسالم أمم سواء أعلنت إسالمها أو‬
‫بقيت على عقيدهتا السابقة إال أن جزءا من هؤالء مل يرتك موروثاته مستغنيا‬
‫باإلسالم عنها‪ ،‬فلجأوا إىل نقل آثارهم الفكرية وشيء من آداهبم على سبيل‬
‫املباهاة وليربزوا للعر ما كانوا عليه من حضارة ورقي‪...‬ولعلهم بنقلهم هذا‬
‫كانوا يلمزون العر واإلسالم الذي جعل منهم قادة للعلم وأرادوا أن يقضوا‬
‫على اإلسالم بتعاليم الفلسفة وأن يؤلبوا عليه أبناءه‪ .‬وكانت الرتمجة هنا سالحا‬
‫‪1‬‬
‫للهدم والتخريب‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪30-30‬‬

‫‪16‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬أنواع الترجمة‬

‫‪ -1‬الترجمة الشفوية‪:‬‬

‫أ‪-‬تعريفها‪:‬‬
‫هي أقدم أصناف الرتمجة إذ أن التواصل الشفوي بني البشر يسبق بكثري التواصل املكتو ‪،‬‬
‫وهذا النوع من الرتمجة يقوم على نقل الكالم بني لغتني خمتلفتني بصورة شفوية مسموعة مباشرة‪،‬‬
‫وذلك من خالل نقل معىن الكالم بصورة منطوقة‪ ،‬ويؤثر عامل الوقت على هذا النوع من‬
‫الرتمجة اليت حتتاج إىل نقل سريع‪ ،‬ورمبا فوري بني املتحدثني‪ ،‬وهي بدورها تنقسم أيضا إىل عدة‬
‫أمناط وفق أداء املرتجم‪ ،‬وما يقوم به والفرتة الزمنية الفاصلة اليت تستغرقها عملية ترمجة النص‬
‫األصلي إىل لغة اهلدف‪ ،‬ويف الغالب فإن هذا الصنف يعتمد على الرتمجة اجلزئية ‪Partial‬‬
‫‪ ، Translation‬حيث يتم إغفال بعض املكونات اللغوية عند النقل والرتكيز على توصيل‬
‫‪1‬‬
‫املعىن واحملتوى‪.‬‬
‫يف البدء كانت الرتمجة شفوية وقد وجد الرتمجان قبل املرتجم‪ .‬ترتقي كلمة‬
‫‪( drogman‬ترمجان) إىل اللغة السوريانية "رجم" اليت تعين "التكلم" يف الغر ‪ ،‬طغى‬
‫‪2‬‬
‫املكتو بفضل الطباعة والزخم الثقايف للنهضة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنماط الترجمة الشفوية‪:‬‬
‫‪ )1‬الترجمة الفورية ‪ :Simultanous Interpreting‬ويكون دور املرتجم يف‬
‫هذا الصنف من الرتمجة النقل الفوري لكالم املتحدث بلغة املصدر إىل كالم املستمع‬
‫بلغة اهلدف‪ ،‬اعتمادا على ترمجة أقصر املكونات الكالمية‪ ،‬حىت وإن كانت جزء من‬
‫اجلملة حبيث يشعر املستمع عند مساعه للرتمجة‪ ،‬كأمنا املرتجم يقرأ أفكار املتحدث‪،‬‬
‫وينقلها بلغة املستمع متزامنة مع ما ينطقه املتحدث أوال بأول‪.‬‬

‫‪ 1‬حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪ 2‬جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الرتمجة‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪17‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫‪ )2‬الترجمة التتبعية ‪ :Consecutive Interpreting‬يكون دور املرتجم يف‬


‫هذا النوع من الرتمجة نقل احلديث بني جمموعتني أو طرفني يتحدثان لغتني خمتلفتني‪،‬‬
‫فينقل كالم الطرف األول مرتمجا إىل لغة الطرف الثاين‪ ،‬مث يعود ليرتجم رد الطرف الثاين‬
‫إىل لغة الطرف األول‪ ،‬وهو يف ذلك يتحرك بني لغتني‪ ،‬ويف بعض األحيان ينحسر دور‬
‫املرتجم على النقل باجتاه لغة واحدة مثلما يقوم به املرتجم عند ترمجة اخلطب أو‬
‫احملاضرات‪ ،‬فينقل من لغة املتحدث إىل لغة املستمع‪ ،‬ويغلب على هذا النوع من الرتمجة‬
‫الرتكيز على حمتوى ومعىن الرسالة‪ ،‬لذلك فإن املرتجم غالبا ما ينتظر حىت انتهاء‬
‫املتحدث من صياغة فكرة معينة‪ ،‬أو معىن معني‪ ،‬أو فقرة معينة مث يقوم بنقله مجلة إىل‬
‫لغة املستمع‪ ،‬وقد يلجأ املرتجم إىل تدوين مالحظات ونقاط تلخص أفكار ومعان‬
‫النص‪ ،‬ليعتمد عليها عند قيامه برتمجتها أمام املستمعني‪.‬‬
‫‪ )3‬الترجمة المنظورة ‪ : At-Sight Interpreting‬ويف هذا النوع من الرتمجة‬
‫يكون دور املرتجم هو حتويل نص مقروء بلغة املصدر إىل نص مسموع بلغة اهلدف‬
‫كأن يقرأ نصا باللغة اإلجنليزية (قراءة صامتة)‪ ،‬ليقوم برتمجته بصورة مسموعة إىل اللغة‬
‫العربية دون نطق النص األصلي باللغة األصلية‪1 .‬‬
‫‪ )4‬ترجمة الربط ‪ :Liaison Interpreting‬يكون دور املرتجم يف هذا النوع‬
‫من الرتمجة هو القيام بنقل الكالم من لغة املصدر إىل لغة اهلدف بني عدد حمدود من‬
‫األفراد‪ ،‬وخيتلف هذا النوع عن الرتمجة التتبعية بأنه يتم من خالل ترمجة مجلة بعد مجلة‪،‬‬
‫وليس االنتظار حلني احلصول على كتلة نصية مرتابطة‪.‬‬
‫‪ )5‬الترجمة الهمسية ‪ :Whispered Interpreting‬ميكن القول بأهنا ترمجة‬
‫تتبعية‪ ،‬ولكن يف نطاق عدد حمدود جدا من األفراد‪ ،‬ويكون دور املرتجم هو اهلمس‬
‫للمستمعني برتمجة ما يقوله املتحدث‪ ،‬ويتم هذا النوع من الرتمجة يف حال وجود جمموعة‬
‫قليلة (ال تتخطى ثالث أفراد) ال تفهم لغة املتحدث ضمن جمموعة كبرية تفهم لغة‬
‫املتحدث‪2 .‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة ‪ ،‬ص‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.01‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪18‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫‪ -2‬الترجمة التحريرية(‪:)Written Translation‬‬


‫تعريفها‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫وهي الرتمجة اليت تقوم على نقل النصوص املكتوبة من لغة إىل أخرى‪ ،‬ويلتزم فيها‬
‫املرتجم بأسس الرتمجة الكاملة ‪ ،Complete Translation‬وال يصح يف هذا النوع من الرتمجة‬
‫إغفال أي مكون من مكونات النص األصلي عند نقله إىل لغة اهلدف‪ ،‬وهنا تكمن صعوبة‬
‫هذا النوع من الرتمجة‪ ،‬ويندرج حتت هذا النوع من الرتمجة أمناط عديدة ضختلف باختالف‬
‫النصوص‪1 .‬‬

‫‪-2‬أنماطها‪:‬‬
‫أ‪-‬الترجمة التقنية‪:‬‬
‫‪-1‬الترجمة الفنية‪:‬‬

‫الرتمجة الفنية جزء من الرتمجة املتخصصة أو الرتمجة املؤسسية‪ ،‬وهي منطقة السياسة‪،‬‬
‫والتجارة‪ ،‬واملال‪ ،‬واحلكومة‪ ،‬إخل‪ .‬فهي اجلزء اآلخر‪ ...‬يتم التمييز أساسا بني الرتمجة الفنية‬
‫واألشكال األحرى للرتمجة من خالل املصطلحات‪ ،‬برغم أهنا ال تشكل أكثر من ‪10-5‬‬
‫باملائة من النص‪ .‬أما خصائصها ومظاهرها القواعدية (بالنسبة لإلجنليزية‪ :‬املبين للمجهول‪،‬‬
‫احلاالت اإلمسية‪ ،‬ضمائر الغائب‪ ،‬األفعال الفارغة‪ ،‬أزمنة املضارع)‪ ،‬فإهنا تندمج مع األنواع‬
‫األخرى‪ ،‬أما صيغتها املميزة‪...‬فهي التقرير الفين‪ ،‬لكنها تشمل أيضا التعليمات والكتيبات‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫واإلعالنات‪ ،‬والدعاية اليت تعطي وزنا أكرب لصيغ املخاطبة واستعمال ضمري املخاطب‪.‬‬

‫‪-2‬األسلوب الفني‪:‬‬

‫ما مل تكن لغة الرتمجة الفنية حيوية وشعبية يف شطرها غري الفين‪ ،‬فهي حرة عادة من‬
‫اللغة العاطفية‪ ،‬واملدلوالت‪ ،‬والتأثريات الصوتية‪ ،‬واالستعارات األصيلة‪ ،‬يف حال كتابتها جيدا‪.‬‬

‫‪ 1‬حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪ 2‬بيرت نيومارك‪ ،‬تر‪ :‬حسن غزالة‪ ،‬اجلامع يف الرتمجة‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،6002 ،‬ص ص ‪.610-612‬‬

‫‪19‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫أما يف النصوص الطبية الفرنسية‪ ،‬فالعكس صحيح‪ ،‬وعمل املرتجم هو بالتحديد إزالة هذه‬
‫املظاهر‪ .‬وهكذا‪ le triptyque de ce traitement :‬تصبح (املراحل الثالث هلذه‬
‫املعاجلة)‪ .‬كما أن جزءا من عمل املرتجم الفين اجليد يكمن يف الغالب يف إعادة صياغة لغة‬
‫مكتوبة بأسلو رديء‪ ،‬ويف حتويل االستعارات إىل املعىن املباشر‪.‬‬

‫‪-3‬المصطلحات‪:‬‬

‫تكمن الصعوبة الرئيسية يف الرتمجة الفنية يف املصطلحات اجلديدة عادة ‪ ...‬أظن أن‬
‫أفضل طريقة لتناول النص الفين املبهم‪ ،‬وضع خط حتت ما يبدو أهنا املصطلحات الرئيسية‬
‫حينما تقرؤه ألول مرة‪ ،‬ومن مث احبث عنها (حىت وإن كنت تظن أنك تعرفها) ‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬ستكون املشكلة على األرجح يف بعض املستجدات الفنية يف اللغة املصدر‬
‫واليت تكون حرة السياق‪ ،‬واليت تكون حرة السياق‪ ،‬وتظهر مرة واحدة فقط‪ .‬أما إذا كانت‬
‫وثيقة االرتباط بالسياق‪ ،‬فينبغي عليك أن تفهمها جيدا بالتخلص تدرجييا من الروايات األقل‬
‫‪1‬‬
‫احتماال‪.‬‬

‫‪-4‬المصطلحات الفنية والوصفية‪:‬‬

‫هناك مشكلة أخرى تكمن يف التمييز بني املصطلحات الفنية والوصفية‪ .‬ميكن لكاتب اللغة‬
‫املصدر أن يستعمل مصطلحا وصفيا لشيء فين لثالثة أسبا ‪:‬‬

‫الشيء جديد‪ ،‬ومل َيظ مبسمى بعد‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫املصطلح الوصفي مستعمل كبديل مألوف لتفادي التكرار‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫املصطلح الوصفي مستعمل ملقارنته مع مصطلح آخر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.610‬‬

‫‪20‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ينبغي عليك عادة أن ترتجم املصطلحات الفنية والوصفية مبقابالهتا‪ ،‬وأن تقاوم على‬
‫األخص إغراء ترمجة مصطلح وصفي مبصطلح فين بغرض إظهار معرفتك‪ ،‬مضحيا بذلك بالقوة‬
‫‪1‬‬
‫اللغوية ملصطلح اللغة املصدر الوصفي‪.‬‬

‫قد تكون أول إشارة إىل وجود مرتمجني هي الرسائل اليت أرسلها أمراء الشام إىل أخناتون‬
‫يطلبون فيها املال أو املعونة‪ .‬وتتواىل اإلشارات بعد ذلك كما نرى يف املعاهدة اليت عقدت بني‬
‫رمسيس الثاين فرعون مصر وملك احليثيني‪ ،‬حيث كان بيد كل ملك منهم صورة للمعاهدة‬
‫بلغته‪.‬‬

‫وقد يكون شيشرون ‪ 13-102( Cicero‬ق‪.‬م) اخلطيب الروماين هو أول من‬


‫حاول وضع منهج حمدد للرتمجة‪ ،‬فقد اقرتح أن يقرأ املرتجم النص األصلي بلغته األصلية مث‬
‫ينحيه جانبا‪ ،‬ويشرع يف إعادة كتابته باللغة املنقول إليها دون االلتزام بالرتمجة احلرفية‪.‬‬

‫ويعترب عمر بن اخلطا هو املعر األول حيث أمر بتعريب الدواوين نقال عن الفرس‪،‬‬
‫ُ‬
‫فأسس ديوان اجلند لتسجيل أمساء اجلنود ورواتبهم‪ ،‬وديوان الرسائل أو الربيد‪ .‬وكانت أول ترمجة‬
‫ذات طابع علمي يف عهد الدولة األموية على يد خالد بن يزيد بن معاوية‪-‬الذي كان حمبا‬
‫للعلوم والفلسفة‪ .‬واستكمل اخلليفة مروان بن احلكم تعريب باقي دواوين الدولة إىل اللغة‬
‫‪2‬‬
‫العربية‪.‬‬

‫عندما هدأت فورة الفتوحات العربية وبدأ العر يستكملون تأسيس حضارهتم كان ال‬
‫بد هلم من األخذ من الرتاث اإلنساين لألمم اليت احتكوا هبا مثل الفرس والرومان واليونان‬
‫واهلنود‪ .‬وكان ما ترمجوه هو الرتاث العلمي‪ ،‬فنقلوا إىل العربية علوم اليونان مثل كتب إقليدس‪،‬‬
‫وأرمشيدس وبطليموس يف اهلندسة والفلك‪ ،‬وكتب أبقراط يف الطب وكتب أرسطو وأفالطون يف‬

‫‪ 1‬بيرت نيومارك‪ ،‬تر‪ :‬حسن غزالة‪ ،‬اجلامع يف الرتمجة‪ ،‬ص‪.650‬‬


‫‪ 2‬عز الدين حممد جنيب‪ ،‬أسس الرتمجة‪ ،‬من اإلجنليزية إىل العربية وبالعكس‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫‪21‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫الفلسفة‪ .‬وعن اهلنود نقلوا كتب "شاناق" يف السموم و"السند هند" يف الرياضيات والفلك‪.‬‬
‫وعن الرومان نقلوا كتب جالينوس يف الطب‪.‬‬

‫وكانت ذروة الرتمجة يف عصر اخلليفة املأمون بن هارون الرشيد‪ ،‬الذي أنشأ بيت‬
‫احلكمة‪ ،‬ومجع فيه كل ما أمكنه احلصول عليه من كتب اليونان والسريان واهلنود والفرس‬
‫ني بن اسحق الذي كان يتقاضى وزن ما‬
‫والرومان‪ .‬وكان جنم الرتمجة يف هذه الفرتة هو ُحنح ن ُ‬
‫يرتمجه ذهبا‪.‬‬
‫وظهر مذهبان يف الرتمجة يف هذه الفرتة‪ ،‬نقلهما البهاء العاملي يف الكشكول عن‬
‫الصالح الصفدي‪ ،‬قال‪" :‬وللرتمجة يف النقل طريقتان إحداهما طريقة يوحنا بن البطريق وابن‬
‫ناعمة احلمصي‪ ،‬وغريمها‪ ،‬وهو أن ينظر إىل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية‪ ،‬وما تدل عليه‬
‫من املعىن‪ ،‬فيأيت الناقل بلفظة مفردة من الكلمات العربية ترادفها يف الداللة على ذلك املعىن‬
‫فيثبتها وينتقل إىل األخرى كذلك‪ ،‬حىت يأيت على مجلة ما يريد تعريبه‪ .‬وهذه الطريقة رديئة‬
‫لوجهني أحدمها أنه ال يوجد يف الكلمات العربية كلمات تقابل مجيع الكلمات اليونانية‪ .‬ولذلك‬
‫‪1‬‬
‫وقع يف خالل التعريب كثري من األلفاظ اليونانية على حاهلا‪.‬‬

‫والطريقة الثانية يف التعريب طريقة حنني بن إسحق واجلوهري وغريمها‪ ،‬وهو أن يأيت باجلملة‬
‫فيحصل معناها يف ذهنه‪ ،‬ويعرب عنها يف اللغة األخرى جبملة تطابقها‪ ،‬سواء ساوت األلفاظ‬
‫أم خالفتها‪ .‬وهذه الطريقة أجود وهلذا مل حتتج كتب حنني بن اسحق إىل هتذيب إال يف العلوم‬
‫الرياضية ألنه مل يكن قيما هبا‪ ،‬خبالف كتب الطب واملنطق الطبيعي واإلهلي فإن الذي عربه‬
‫منها مل َيتج إىل إصالح‪".‬‬

‫استغرقت املرحلة السابقة جهود ثالثة أجيال من املرتمجني يف القرن الثالث اهلجري‪،‬‬
‫لتتلوها مرحلة جديدة يقوم فيها العقل العريب هبضم ما ترجم‪ ،‬مث يسهم يف إثراء الثقافة اإلنسانية‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.02-05‬‬

‫‪22‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬
‫بإبداعه العلمي على يد فطاحل العلماء والفالسفة العر أمثال ِ‬
‫الكندي والفارايب وابن سينا‬
‫‪1‬‬
‫وابن النفيس والبريوين وابن البيطار وابن رشد اخل‪...‬‬

‫يف القرن السابع اهلجري (الثالث عشر امليالدي) ونتيجة الحتكاك الفرجنة بالعر أثناء‬
‫احلرو الصليبية يف املشرق العريب‪ ،‬وكذا يف األندلس وصقلية‪ ،‬بدأت الرتمجة العكسية من‬
‫العربية إىل الالتينية واللغات القومية األوروبية‪ .‬فرتمجت مؤلفات ابن سينا وابن النفيس والزهراوي‬
‫وابن البيطار وابن اهليثم وابن رشد وغريهم لتبدأ النهضة العلمية يف الغر ‪ ،‬ويؤكد روجر بيكون‬
‫وفرانسيس بيكون وكلود برنار مبادئ العلوم املبنية على التجربة الدقيقة واملالحظة الفاحصة‪،‬‬
‫اليت كان للعر فضل ابتكارمها بدال من طريقة أرسطو املبنية على االستنتاج املنطقي الذي ال‬
‫يؤيده دليل عملي‪.‬‬

‫وبدأ انفتاح العامل العريب على الغر مرة ثانية بصدمة احلملة الفرنسية على مصر‪ .‬وكان‬
‫‪2‬‬
‫احملرك األساسي هو حاجة حممد علي للعلوم الغربية ألسبا حربية‪.‬‬

‫يقول الفيلسوف األملاين هيجل‪":‬نتعلم من التاريخ درسا مهما‪ ،‬وهو أن أحدا مل يتعلم‬
‫يخ" ففي مرحلة الرتمجة الكربى األوىل يف العصر العباسي كان اهتمام املرتمجني منصبا‬
‫من التار ّ‬
‫أساسا على العلوم مثل‪ :‬الطب واهلندسة والفلسفة واليت ميكن اعتبارها تراثا إنسانيا عامليا‬
‫تراكميا‪ .‬فلم جند ترمجة إللياذة هومريوس‪ ،‬أو مسرحيات سوفوكليس‪ ،‬أو إنياذة فرجيل‪ ،‬أو‬
‫رامايانا اهلنود واليت هي على عظمتها جمرد ثقافة حملية خاصة‪.‬‬

‫وكذلك يف مرحلة الرتمجة العكسية مل جند األوروبيني يرتمجون املعلقات السبع‪ ،‬أو نقائض‬
‫جرير والفرزدق‪ ،‬أو قصائد املتنيب‪ .‬وكذلك عندما انفتح اليابان على العامل الغريب‪ ،‬مل تأخذ منه‬
‫إال علومه تاركة له آدابه وثقافاته اخلاصة‪ .‬أما يف مرحلة الرتمجة احلالية فنجد أن الغالبية العظمى‬
‫لألعمال املرتمجة إمنا هي ألعمال أدبية‪ ،‬والقليل منها للعلوم احلديثة‪ .‬وترمجة األعمال األدبية‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫‪ 2‬عز الدين محمد نجيب‪ ،‬أسس الترجمة‪ ،‬من اإلنجليزية إلى العربية وبالعكس‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪23‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫والفلسفية ضرورية لفهم ثقافات األمم املختلفة وكيفية تفكري أبنائها‪ ،‬ولكن يف حدود ال تعرضنا‬
‫‪1‬‬
‫خلطر الذوبان يف ثقافاهتم وضياع تراثنا وثقافتنا اخلاصة‪.‬‬

‫الرتمجة علم أم فن؟‬

‫يعتمد العلم على احلقائق اليت ميكن قياسها بطريقة أو بأخرى‪ .‬والتجار العلمية أو‬
‫العمليات الرياضية إذا أجراها أشخاص خمتلفون فسيصلون إىل نفس النتيجة‪ ،‬أما يف الرتمجة‬
‫فإذا ترجم قطعة ما عدد من الناس فسوف جتد اختالفا عظيما بني ترمجاهتم‪ .‬فليس هناك ترمجة‬
‫واحدة صحيحة والباقي خطأ‪ ،‬ولكن هناك ترمجات جيدة وترمجات متوسطة وترمجات ضعيفة‪.‬‬

‫وكذلك فليست الرتمجة فنا خالصا‪ ،‬فالفنان اخلالص ليس عليه سلطان سوى ما ميليه‬
‫عليه خياله وإبداعه‪ ،‬أما املرتجم فهو ملتزم بالنص الذي أبدعه املؤلف‪ ،‬وكل ما يستطيع عمله‬
‫هو أن جيلو ما خفى‪ ،‬ويوضح ما غمض‪ ،‬وينتقي لفظا أو آخر حبيث ينقل إىل القارئ فكر‬
‫الكاتب وروحه وأسلوبه بأمانة وسالسة‪ .‬فالرتمجة ليست علما حمضا وليست فنا خالصا‪ ،‬بل‬
‫‪2‬‬
‫هي فن تطبيقي أي حرفة حتتاج إىل الكثري من املمارسة والتدريب والصرب‪.‬‬

‫ب‪ -‬الترجمة األدبية‪:‬‬

‫يفرق درايدن ‪ Dreyden‬بني ثالثة مذاهب أو أمناط يف الرتمجة األدبية وهي‪ :‬النقل‬
‫احلريف لأللفاظ أو الرتمجة احلرفية ‪ ،metaphrase‬والثاين هو نقل املعاين بغض النظر عن‬
‫نظام الكلمات يف العبارة أو كيفية سبكها ‪ ،paraphrase‬والثالث هو إعادة سبك العبارات‬
‫أو القصيدة كلها إذا اقتضى األمر لتقدم البديل الشعري للعمل األصلي‪ ،‬ويسميه احملاكاة‬
‫‪3‬‬
‫‪.imitation‬‬

‫وعلى كل ميكننا تبني األمناط أو املستويات التالية يف الرتمجات احلديثة‪ ،‬مع مالحظة‬
‫أن املرتجم قد يستعمل عدة مستويات يف ترمجة نص واحد‪ ،‬فجملة ما قد يناسبها مستوى أو‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.10 -10‬‬


‫‪ 2‬عز الدين محمد نجيب‪ ،‬أسس الترجمة‪ ،‬من اإلنجليزية إلى العربية وبالعكس‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪24‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫منط معني بينما مجلة أخرى قد حتتاج إىل مستوى آخر‪ ،‬والغرض النهائي هو احلصول على‬
‫أفضل وأوضح ترمجة للنص‪:‬‬

‫‪ -1‬ترجمة حرفية‪:‬‬
‫وهي ترمجة النص كلمة كلمة بنفس تركيب اجلملة األصلية وبدون التفات إىل‬
‫اصطالحات اللغة املنقول منها مما يؤدي إىل نص مرتجم ركيك األسلو وغامض‬
‫ومشوش‪ .‬وهذا النمط من الرتمجة جنده يف ترمجات املبتدئني أو كمرحلة وسيطة‬
‫لرتاجم احملرتفني‪ 1 .‬فمثال عند ترمجة التالية لشيكسبري‪:‬‬
‫‪Take, O take those lips away‬‬
‫‪That so sweetly were foresworn‬‬
‫‪And those eyes, the break of the day,‬‬
‫;‪Lights that do mislead the morn‬‬
‫‪But my kisses bring again,‬‬
‫!‪Bring again‬‬
‫‪Seals of love but sealed in vain,‬‬
‫!‪Sealed in vain‬‬
‫نجد أن المبتدئ قد يترجمها حرفيا هكذا‪:‬‬
‫خذوا‪ ،‬خذوا هذه الشفاه بعيدا‬
‫التي بحالوة حنثت‬
‫وتلك العيون‪ ،‬انكسار الصباح‪،‬‬
‫أضواء التي تُضل الصباح‬
‫ولكن قبالتي أحضروها ثانية !‬
‫أحضروها ثانية !‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪25‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫أختام حب ولكن ختمت عبثا‪،‬‬


‫ختمت عبثا!‬
‫يف هذه الرتمجة نالحظ اآليت‪:‬‬
‫» ‪ « take away‬قد تعين "خذوا بعيدا" وهي مقبولة ولكن املعىن االصطالحي‬ ‫‪-1‬‬
‫هو "أبعدوا"‪.‬‬
‫ترجم املرتجم » ‪ « sweetly‬ب "حالوة" كبديل عن احلال ولكنها ترتجم أفضل‬ ‫‪-6‬‬
‫ب " يف عذوبة" كما نرى يف الرتمجة التالية‪.‬‬
‫ترجم » ‪ « break of day‬حرفيا ب "انكسار الصباح" بينما معناها "الفجر"‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ترجم » ‪ « lights‬ب " أضواء" بدون نسبة مما ال يالئم أسلو اللغة العربية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫» ‪ « bring again‬ترجم أفضل مبعناها االصطالحي "أعيدوا"‪.‬‬
‫قارن ما سبق مع الرتمجات التالية‪:‬‬
‫‪ -2‬ترجمة بتصرف‪:‬‬
‫وهي ترمجة حرفية للجملة كاملة حبيث ينقل املرتجم للقارئ املعىن الذي يقصده الكاتب‬
‫مع مراعاة تراكيب اللغة املنقول إليها من حيث التقدمي والتأخري‪ ،‬وترمجة االصطالحات‬
‫والتعابري االصطالحية إىل ما ميكن أن يناظرها يف اللغة العربية‪ ،‬واختيار ألفاظه لرياعي‬
‫اإلَياءات اهلامشية‪ ،‬أو ظالل املعاين اليت يقصدها الكاتب‪ .‬وال يهم يف هذا النمط من‬
‫الرتمجة تساوي عدد كلمات اجلملة األصلية واجلملة املرتمجة‪ .‬وهذا النمط من الرتمجة هو‬
‫الذي يطلب عادة من الطلبة‪ ،‬سواء يف الثانوية العامة (املستوى األول) أو يف كليات اآلدا‬
‫‪1‬‬
‫واإلعالم واأللسن (املستوى الثاين)‪.‬‬

‫‪ -3‬الترجمة اإلبداعية أو الترجمة الحرة‪:‬‬


‫وهنا يأخذ التصرف مداه‪ ،‬وفيها يلتزم املرتجم مبوضوع النص املرتجم وأفكاره الرئيسية‪،‬‬
‫وفيما عدا ذلك يتصرف بطريقة حرة يف أسلو الكتابة‪ ،‬ويف املصطلحات املستخدمة‪،‬‬

‫عز الدين محمد نجيب‪ ،‬أسس الترجمة‪ ،‬من اإلنجليزية إلى العربية وبالعكس‪ ،‬ص ص ‪.15 -10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ويف الصور اجلمالية‪ ،‬بل قد يضيف‪ ،‬أو َيذف بعض التفاصيل غري األساسية‪ .‬ويتم هذا‬
‫عادة يف ترمجة الشعر اليت يفضل فيها إنشاء شعر جديد به معظم أفكار الكاتب األصلي‬
‫ولكن ببحور وأوزان وقواف عربية‪ .‬وبالطبع ال ينجح يف هذا النمط من الرتمجة إال شاعر‬
‫‪1‬‬
‫مطبوع‪.‬‬

‫‪ -4‬الترجمة الشارحة أو التفسيرية‪:‬‬


‫وفيها يضيف املرتجم بعض األلفاظ أو العبارات اليت يشرح فيها غوامض النص األصلي‪.‬‬
‫وقد تكون هذه اإلضافة يف منت النص أو يفضل أن تكون يف اهلوامش‪ .‬ومثل هذا النمط‬
‫من الرتمجة حنتاج إليه يف ترمجة النصوص العلمية حيث تكون معاين بعض املصطلحات‬
‫غامضة أو غري معروفة‪ ،‬وكذلك يف بعض الرتمجات األدبية إليضاح بعض الغوامض اليت‬
‫تنبع من إشارات الكاتب إىل موضوعات أو شخصيات ثقافية غري مألوفة للقارئ العادي‪.‬‬

‫‪ -5‬الترجمة التلخيصية‪:‬‬
‫يف هذا النمط من الرتمجة يعطى املرتجم فكرة عامة خمتصرة عن املوضوع الذي‬
‫‪2‬‬
‫يرتمجه‪ ،‬كخطوة الختيار النص اجلدير بالرتمجة الكاملة األمينة‪.‬‬

‫الترجمة اآللية‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫ميثل اصطالح "الرتمجة اآللية" )‪(Machine translation‬اآلن االسم املعياري‬


‫والتقليدي املتفق عليه للتعبري عن مثل هذه النظم احلاسوبية املسؤولة عن إنتاج ترمجات النصوص‬
‫من إحدى اللغات الطبيعية إىل لغات أخرى‪ ،‬سواء كان ذلك مبساعدة اإلنسان أم بدوهنا‪.‬‬
‫لذلك ميكننا الكتفاء فقط باستخدام هذا االصطالح األخري نظرا ألنه قد انتشر انتشارا واسعا‬
‫وقد يتسبب تغيريه إىل اخللط بينه وبني ما يظهر بعده من مصطلحات مستحدثة‪ .‬فإن األمساء‬
‫القدمية مثل "الرتمجة امليكانيكية" والرتمجة األوتوماتيكية هي اآلن نادرا ما تستخدم يف اإلجنليزية‪،‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.60-19‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪27‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫علما أن مقابالهتا يف اللغات األخرى ما زال استخدامها شائعا كما هو احلال بالنسبة للفرنسية‬
‫‪1‬‬
‫أو للروسية (‪.)Traduction Automatique and Avtomaticeskii Perevod‬‬

‫ألن الرتمجة فن تطبيقي فمن الصعب أن يقوم كمبيوتر بالرتمجة الصحيحة إال إذا وصلت‬
‫سعته إىل سعة حجم مخ اإلنسان واستعملت فيه أحدث أساليب الذكاء الصناعي مع قاعدة‬
‫بيانات هائلة‪ .‬ومع ذلك فقد بدأت بشائر ظهور بعض برامج الرتمجة تقدم ترمجة تقريبية ميكن‬
‫‪2‬‬
‫اعتبارها مسودات يقوم املرتجم اخلبري برتمجة ما يستحق الرتمجة منها‪.‬‬

‫يف الواقع‪ ،‬إن ديكارت هو أول من ف ّكر يف الرتمجة احلرفية اآللية ‪mécaniser le‬‬
‫‪ mot à mot‬بوضع قاموس مشفوع بأرقام رمزية ‪ numéros de code‬يف النصف‬
‫األول من القرن السابع عشر‪ .‬إن مشاريع ابتداع لغات املية حوايل ‪ 1900‬وكذا تطور السنن‬
‫الرمزية ‪ code cryptographiques‬يف االتصاالت العسكرية والديبلوماسية‬
‫واالتصاالت البحرية والتلغرافية كل هذا أدى إىل إذكاء العناية واالهتمام بسنن بسيط ورياضي‬
‫يسمح باالنتقال السريع والسهل من لغة إىل أخرى بفضل آلة ميكن للساين أن يستعملها‪.‬‬
‫يف الثالثينيات‪ ،‬شرع أرستوين يف باريس وخاصة مسرينوف تروجنسكي يف االحتاد‬
‫السوفيايت يف وضع قاموس آيل‪ .‬ابتكر السوفيايت ما أمساه على حنو غريب ب "طريقة الرتمجة‬
‫األحادية اللغة" بفضل آلة مع قراءة الذاكرة بواسطة صور‪ .‬ولكن كان ال ب ّد من انتظار العشرية‬
‫املوالية (تطور تقنيات االتصاالت و السيربنطيقا واحلسا السريع جدا بواسطة احلاسبات‬
‫فك الرسائل ‪ messages‬الذي حصل أثناء احلر من‬ ‫اإللكرتونية مث احلواسيب) كي يقيم ّ‬
‫قبل املخابرات جسرا بني اللسانيات والرياضيات‪.‬‬
‫بعد ذلك بكثري‪ ،‬أدى التنامي اهلائل للحاجات يف جمال الرتمجة التجارية والعلمية أو‬
‫التقنية وكذا تكاثر اجملالت املتخصصة وكذا املختصني العاجزين على قراءة كل ما ينشر يف‬
‫جماالهتم إىل تشجيع الباحثني على ابتكار آلة للرتمجة‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل بن محد احلميدان‪ ،‬مقدمة يف الرتمجة اآللية‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ ،6001 ،‬ص‪09‬‬
‫‪ 2‬عز الدين حممد جنيب‪ ،‬أسس الرتمجة‪ ،‬من اإلجنليزية إىل العربية وبالعكس‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪28‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫إن اشتغال اآللة بسيط من الوجهة النظرية‪ :‬عند املدخل (‪ )Input‬يق ّدم النص باللغة‬
‫مدونا باللغة ‪-‬اهلدف‪.‬‬
‫النص ّ‬
‫‪-‬املصدر‪ ،‬مث تشغل اآللة ذاكرهتا وتعطي عند املخرج ‪ّ Output‬‬
‫‪1‬‬
‫تفحص الذاكرة سريعا مجيع الفرضيات املمكنة بإقصاء ما ال يليق شيئا فشيئا‪.‬‬
‫إن الرتمجة اآللية ال ميكن أن تعا ج سوى ملفوظات خالية من االستعارات والصور‬
‫البيانية‪...‬إن هذه الرتمجة اليت علقت عليها آمال كبرية بني ‪ 1919‬وهناية الستينيات‪ ،‬مل تفض‬
‫إىل ح ّد اآلن إال إىل نتائج هزيلة خميبة‪ .‬فهي يف احملصلة ال تقدم لنا سوى ديباجة أوىل وهو‬
‫شيء ذو فائدة بالنسبة للهيئات الرمسية اليت أثقل كاهلها العدد اهلائل من الوثائق الواجب‬
‫‪2‬‬
‫ترمجتها‪.‬‬

‫تتميز طبيعة عمل الرتمجة املعاصر خباصيتني تؤديان دورا كبريا يف رسم األهداف الواقعية‬
‫لنظم الرتمجة اآللية‪:‬‬

‫إن معظم مواد أعمال الرتمجة يف العامل هي نصوص ال تنتمي إىل ذلك النوع الرفيع واملعقد من‬
‫اإلنتاج األديب والثقايف‪ .‬فاألغلبية العظمى من املرتمجني احملرتفني يعملون بكي يلبوا ويغطوا‬
‫الطلب الضخم واهلائل واملتنامي باستمرار لرتمجة الوثائق العلمية والتقنية‪ ،‬واملعامالت التجارية‪،‬‬
‫واملذكرات اإلدارية والدبلوماسية‪ ،‬والتشريعات القانونية‪ ،‬وأدلة استخدام املنتجات التكنولوجية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وكتب الطب والعلوم األخرى‪ ،‬والتقارير اإلخبارية‪...،‬إخل‪.‬‬
‫‪ -3‬ينبغي االعرتاف بأن هناك جزءا صعبا من عمل الرتمجة َيتاج إىل جهود فكرية من‬
‫املرتجم ال ميكن جتاهلها‪ .‬لكن هناك أيضا الكثري من األعمال التكرارية اململة‬
‫واملضجرة‪ ،‬مثل تكرار بعض اجلمل بشكل كبري إما مع تغيري الفاعل أ املفعول به‬
‫وخاصة يف كتيبات استخدام األجهزة املختلفة‪ ،‬واليت تتطلب يف الوقت نفسه‬
‫جهودا ال بأس هبا من احلرص وعلى درجة معينة من الدقة يف تنظيم وتنسيق أعمال‬
‫الرتمجة‪ ،‬مثل توحيد املصطلحات املستخدمة‪ .‬كما أننا نلمس منذ سنني عديدة أن‬

‫‪ 1‬جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الرتمجة‪ ،‬ص ص‪.03 -06‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ 3‬عبد اهلل بن محد احلميدان‪ ،‬مقدمة يف الرتمجة اآللية‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ ،6001 ،‬ص ص ‪.11-10‬‬

‫‪29‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫الطلب على مثل هذه األعمال الرتمجية يتزايد مبعدل يتجاوز كثريا قدرات مهنة‬
‫‪1‬‬
‫الرتمجة البشرية‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪30‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة الرابعة‪:‬‬

‫نظريات الترجمة‪:‬‬

‫‪ -1‬لمحة تاريخية‪:‬‬
‫كانت نظرية الرتمجة حىت النصف الثاين من القرن العشرين حمصورة‪-‬فيما يبدو‪ -‬فيما يطلق‬
‫عليه شتاينر ‪ Steiner‬تعبري املناظرة العقيمة حول ثالثية الرتمجة "احلرفية" والرتمجة "احلرة"‬
‫والرتمجة "األمينة"‪ .‬ويرجع التمييز بني ترمجة األلفاظ "احلرفية" وترمجة املعاين "احلرة" إىل شيشرون‬
‫يف القرن األول قبل امليالد‪ ،‬وإىل القديس جريوم يف القرن الرابع للميالد‪ ،‬وهو التمييز الذي‬
‫يشكل أسس الكتابات الرئيسية يف الرتمجة على امتداد القرون القريبة من عصرنا احلايل‪.‬‬

‫وحنن نعرف أن هذه الثنائية شاعت يف التفكري العريب‪ ،‬عمليا ونظريا‪ ،‬يف جمال الرتمجة‬
‫منذ عصر املأمون وأكاد أقول حىت العصر احلاضر‪ ،‬والكل يعرف املقابلة بني املنهج احلريف‬
‫الذي اتسمت به ترمجات يوحنا بن البطريق‪ ،‬وابن نعيمة احلمصي‪ ،‬وبني املنهج احلر الذي‬
‫اتسمت به ترمجات حنني بن إسحاق ومدرسته ‪...‬حىت مع توسل العر آنذاك باللغة السريانية‬
‫يف ترمجة النصوص اليونانية‪ .‬ورمبا كانت ذروة املنهج احلر هي ترمجة عبد اهلل بن املقفع لكتا‬
‫‪1‬‬
‫"كليلة ودمنة" عن الفارسية القدمية‪.‬‬

‫أما يف الرتاث الغريب فقد ارتبطت قضايا الرتمجة احلرفية واحلرة على امتداد ألف سنة‬
‫املقدس وغريه من النصوص الدينية والفلسفية‪.‬‬ ‫تقريبا –منذ القديس جريوم‪-‬برتمجة الكتا‬
‫وكانت الكنيسة الكاثوليكية مشغولة مبراعاة احلفاظ على نقل املعىن "الصحيح" للكتا‬
‫املقدس‪ ،‬وكانت ترى أن أي احنراف عن التفسري املعتمد ملعىن اآليات يعترب مروقا عن الدين أو‬
‫جتديفا فيه‪ ،‬فكانت تتدخل مبنع نشر أي ترمجة "حرة" أو حظر تداوهلا‪ .‬ومل تقتصر رقابتها على‬

‫‪ 1‬حممد عناين‪ ،‬نظرية الرتمجة احلديثة –مدخل إىل مبحث دراسات الرتمجة‪-‬الشركة املصرية العاملية للنشر –لوجنمان‪ ،‬ط‪ ،1‬اجليزة‪،6003 ،‬‬
‫ص‪.60‬‬

‫‪31‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ترمجة النصوص الدينية بل امتدت إىل كل ما يرتجم من اآلدا القدمية‪ ،‬فعاقبت "املتحرر"‬
‫أشد عقا ‪.‬‬

‫وأشهر منوذج يذكره التاريخ هو ما أصا العالمة الفرنسي "إتيني دوليه" ‪Étienne‬‬
‫‪ Dolet‬الذي اشتهر مبذهبه اإلنساين إذ أدانته كلية الالهوت جبامعة السوربون يف عام‬
‫‪ 1512‬بتهمة الكفر وحكمت عليه باإلعدام حرقا مثل املرتدين‪ ،‬وأما أساس التهمة فهو أنه‬
‫ترجم عبارة يف أحد حوارات أفالطون تتكون من سؤال بليغ (أي سؤال إنكاري ‪rhetorical‬‬
‫‪ )question‬هو ‪" :‬وماذا بعد املوت؟" إذ أضاف إىل السؤال –من با اإليضاح‪rien -‬‬
‫‪( du tout‬أي ال شيء إطالقا)‪ ،‬وقد انتهت الكلية من ذلك إىل أن "دوليه" ال يؤمن‬
‫‪1‬‬
‫باخللود‪ ،‬ونتيجة هلذا "اخلطأ" يف الرتمجة أعدم املرتجم‪.‬‬

‫لقد تركزت نظريات الرتمجة منذ عهد شيشرون ‪ Cicéron‬حىت بدايات القرن العشرين‬
‫‪ ،Word‬أو حرة (معىن‬ ‫‪for Word‬‬ ‫حول التساؤل عن الرتمجة احلرفية (كلمة بكلمة)‬
‫مبعىن)‪ Sense for Sense‬وأسهم يف طرح هذه اآلراء االهتمام برتمجة نصوص الكتا املقدس‬
‫واملؤلفات الدينية‪ ،‬ومع مطلع اخلمسينيات‪ ،‬وبداية ظهور العلوم اللسانية ظهرت نظريات‬
‫والتكافؤ‬ ‫املعىن‬ ‫مفهومي‬ ‫مثل‬ ‫ومصطلحات‬ ‫مفاهيم‬ ‫وطرحت‬ ‫جديدة‪،‬‬
‫‪ ،Equivalence‬والتكافؤ الشكلي‬ ‫‪effect‬‬ ‫‪ ،Equivalence&Meaning‬واألثر املكافئ‬
‫والتكافؤ الديناميكي‪ ،Formal Equivalence and Dynamic Equivalence‬مث أتبع ذلك‬
‫نظريات الرتمجة الوظيفية‪ ،‬والتواصلية اليت اهتمت بوظيفة اللغة‪ ،‬ونوع النص‪ ،‬ورافق هذه‬
‫‪Systemic‬‬ ‫النظريات مفاهيم ومصطلحات جديدة مثل اللسانيات الوظيفية النظمية‬
‫النظريات حتى تصل إلى نظريات توطين الترجمة‬ ‫‪ ،‬لتتطور هذه‬ ‫‪functional linguistic‬‬
‫‪ ،domesticating‬وتغريب الترجمة ‪ ،foreignising‬ونظريات الترجمة الفلسفية الهرمنيوطيقية‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫النظريات الحديثة في الترجمة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬


‫‪ 2‬حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ص ‪.00-09‬‬

‫‪32‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫تنطلق نظريات الرتمجة من تصنيف اللغات اليت تتم هبا الرتمجة إىل صنفني أساسيني‬
‫مها‪ :‬لغة املصدر (‪ ،)Source Language( )SL‬وهي اللغة اليت يتم النقل منها إىل اللغة‬
‫األخرى‪ ،‬واليت يطلق عليها لغة اهلدف (‪ ،)Target Language( )TL‬ويف بعض‬
‫األحيان تستبدل كلمة اللغة بكلمة النص فيصبح لدينا النص األصلي اهلدف (‪)ST‬‬
‫(‪ ،)Source Text‬والنص اهلدف (‪.)Target Text( )TT‬‬

‫النظرية اللغوية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫" النص الذي يُرتجم يتكون من الكلمات‪ ،‬وأن هذه الكلمات هي املادة املوضوعية‬
‫الوحيدة اليت تتوفر بني يدي املرتجم الذي يقوم عمله على ترمجة هذه الكلمات" وترى النظرية‬
‫اللغوية أن النص وحدة ذات بعد واحد يتكون من جمموعة كلمات وفق تراكيب معينة فتتكون‬
‫اجلمل"‪ .‬لقد أوضح فيدروف أن عملية الرتمجة عملية لغوية يف أساسها‪ ،‬وأن تنظري الرتمجة البد‬
‫وأن يتم وفق أسس علم اللسانيات‪ ،‬ودعا كل من فيين وداربلنيه إىل إدراج الرتمجة ضمن مواضيع‬
‫علم اللسانيات‪ ،‬واقرتحا سبع طرق للرتمجة وهي االقرتاض‪ ،‬والنسخ‪ ،‬والرتمجة احلرفية‪ ،‬والتحوير‪،‬‬
‫والتكييف‪ ،‬والتعادل‪ ،‬واملالئمة أو التصرف وبنيا نظرياهتما على التعامل يف مستوى ما بعد‬
‫الرتمجة‪ ،‬يف حني أن مونان يرى أن "الرتمجة احتكاك بني اللغات ولكنها حالة قصوى من‬
‫االحتكاك يقاوم فيها املتكلم ثنائي اللغة كل احنراف عن املعيار اللغوي‪ ،‬وكل تداخل بني‬
‫‪1‬‬
‫اللغتني اللتني يتناوهبما"‪ ،‬وأوصى بأن تتم دراسة قضايا الرتمجة وفق علوم اللسانيات املعاصرة‪.‬‬

‫أما كاتفورد فإنه يضع الرتمجة يف مستويني مها‪ :‬املستوى اللغوي‪ ،‬واملستوى التعبريي‬
‫مشريا إىل أن املستوى اللغوي يتناول املعىن يف مجيع مكونات النص وهذا يشمل الصوت‬
‫واحلرف والكلمة واجلملة‪ ،‬وخلص إىل أن الرتمجة تقع بني حدين أساسيني أدنامها ما يتعلق‬
‫بالسمة وأعالمها املعىن‪ ،‬وحتدث عن مفهومي التكافؤ والتناظر الالزمني لبلوغ أعلى درجات‬
‫كمال الرتمجة‪ ،‬ويقول كاتفورد"‪ :‬إنه من الضروري لنظرية الرتمجة أن تستند إىل نظرية يف املعىن‪،‬‬
‫ومن دون نظرية كهذه تظل عدة مظاهر حمددة وهامة يف عملية الرتمجة غري قابلة للمناقشة‪،‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ص ‪.01 -03‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪33‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫وقد دافع بيرت نيومارك ‪ Peter Newmark‬عن النظرية اللغوية يف كتابه (كتا يف الرتمجة‬
‫‪ )A textbook of Translation‬موضحا‪ :‬إننا نرتجم الكلمات ألن ليس هناك شيء‬
‫آخر نرتمجه‪ ،‬ال يوجد على الصفحات سوى الكلمات فقط ال غري‪ ،‬واقرتح بعض معايري حتليل‬
‫النص مثل نية النص‪ ،‬ونية املرتجم‪ ،‬ونية القارئ‪ ،‬وجو النص‪ ،‬وأسلو الكتابة‪ ،‬ليقرتح طريقتني‬
‫أساسيتني للرتمجة مها ‪ )1( :‬الرتمجة الداللية مشريا إىل أن دور املرتجم هو إعادة تقدمي املعىن‬
‫اليت تضمنه السياق وفق حدود النحو والداللة للغة اهلدف‪ )6( ،‬الرتمجة االتصالية حيث دور‬
‫املرتجم هو إحداث تأثري لدى املتلقي بلغة اهلدف مياثل التأثري احلادث للمتلقي يف لغة املصدر‪.‬‬

‫تقوم النظرية اللغوية للرتمجة على فرضية أن النص املرتجم يتكون من كلمات‪ ،‬وأن‬
‫الكلمات هي املادة املوضوعية املتاحة للمرتجم‪ ،‬وأن املرتجم يتعامل مع اللغة وفق علوم‬
‫اللسانيات‪ ،‬وأصحا النظرية اللغوية للرتمجة يرون أن الرتمجة عملية لغوية‪ ،‬لذا ال بد من ضمها‬
‫إىل علوم اللسانيات‪ ،‬وقد رأى بعضهم أنه ميكن إضفاء نوع من االستقاللية على الرتمجة بأن‬
‫‪1‬‬
‫أشاروا إىل أهنا فن مستقل مبين على علم هو علم اللسانيات‪.‬‬

‫وهناك من أشار إىل أن الرتمجة ترتبط بنظرية املعىن‪ ،‬وأن هناك مستويني من الرتمجة‬
‫يقوم األول على إجياد املكافئ اللغوي املناظر للوحدة اللغوية يف نص اللغة املصدر‪ ،‬أما الثاين‬
‫فيقوم على املعىن الذي سعى صاحب النص إىل توصيله من خالل املستوى اللغوي الذي‬
‫استخدمه‪ ،‬كذلك فقد أوضح أتباع النظرية اللغوية ضرورة إجياد النص املكافئ وليس النص‬
‫املطابق‪ ،‬إذ أنه ال جمال إىل تطابق تام بني اللغات املختلفة‪ ،‬وتسعى النظريات اللغوية حول‬
‫الرتمجة إىل الربط بني اللغة والفكر واملعىن واخللفيات الثقافية‪ ،‬وأشارت هذه النظريات إىل أن‬
‫دور املرتجم هو حماولة إحداث تأثري لدى املتلقي بلغة اهلدف يطابق نفس التأثري الذي أحدثه‬
‫النص لدى متلقيه بلغة األصل‪ ،‬وأن يسعى وفق قواعد وحدود اللغة اهلدف إىل تقدمي نفس‬
‫‪2‬‬
‫املعىن املقصود يف اللغة املصدر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.05 -01‬‬
‫‪2‬‬
‫املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.05‬‬

‫‪34‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫ب‪ -‬النظرية التفسيرية‪:‬‬


‫ترى هذه النظرية أن الرتمجة مرحلة من مراحل التواصل بني مؤلف النص يف اللغة املصدر‬
‫واملتلقي باللغة اهلدف‪ ،‬وأن الرتمجة ذاهتا تتألف من ثالث عناصر هي‪ :‬فهم املعىن‪ ،‬حتديد‬
‫اللفظ‪ ،‬وإعادة التعبري‪ ،‬ورأى أتباع هذه النظرية أن املرتجم يقوم أوال بتفسري كلمات النص يف‬
‫لغة املصدر ليفهم معانيها ودالالهتا‪ ،‬مث يقوم بإعادة صياغة ما فهمه من النص األصلي‪ ،‬وينقله‬
‫إىل اللغة اهلدف شريطة أن َيدث نفس التأثري لدى املتلقي‪ ،‬لذا فإن املعىن هو جوهر عملية‬
‫الرتمجة‪ ،‬وأن النص عبارة عن ووحدة ذات أبعاد ثالثية هي‪ :‬البعد اللغوي‪ ،‬والبعد الفكري‪،‬‬
‫والبعد التأثريي‪ ،‬لذا فإن الرتمجة ال تسعى إىل املطابقة الرتكيبية‪ ،‬وإمنا إىل املطابقة التأثريية‪ ،‬وأنه‬
‫نظرا النعدام املطابقة اللغوية والثقافية‪ ،‬فإن عمل املرتجم يتطلب نوعا من التكييف الثقايف يف‬
‫اللغة اهلدف مبا يكفل إحداث نفس األثر الذي أحدثه النص يف اللغة املصدر‪.‬‬

‫ووفقا للنظرية التفسريية فإن الرتمجة عبارة عن سلسلة متصلة من حلقات التواصل تنشئ‬
‫نوعا من العالقة بني املؤلف األصلي باللغة املصدر واملتلقي باللغة اهلدف‪ ،‬وأوضحت ماريان‬
‫لوديرير ‪ Marianne Lederer‬أن الرتمجة التفسريية تتم عرب ثالث مراحل تسلسل بصورة‬
‫اتفاقية‪ ،‬وقد تتداخل أو تتتابع فيما بينها وهذا يتم عرب فهم املعىن وجتريد اللفظ وإعادة التعبري‬
‫موضحة أن التجريد هنا يشبه الرتمجة احلرفية كلمة بكلمة‪ ،‬وترى النظرية التفسريية أن النص‬
‫وحدة مفتوحة ذات أبعاد ثالثة‪ :‬البعد األفقي متمثال يف النظرية اللغوية‪ ،‬والبعد العمودي املتمثل‬
‫يف األسلو والرتابط‪ ،‬والبعد العرضي املتمثل يف نوع النص وعالقة النص بنصوص أخر‪ ،‬وذكر‬
‫ديبوغراند ودريسلر (‪ )De Beaugrande and Dressler‬بعض اخلصائص اليت تتعلق بالنص‬
‫حيث عرفاه بأنه‪ :‬الظاهرة النصية اليت يعتمد فيها فهم‬ ‫‪Intertextualiy‬‬ ‫وأثارا قضية التناص‬
‫‪1‬‬
‫النص وإدراك معناه على فهم املتلقي لبعض النصوص األخرى‪.‬‬

‫ت‪ -‬النظرية األسلوبية‪:‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.50-58‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪35‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫جاء ظهور هذا املصطلح مع بدايات القرن العشرين بعد جميء العامل اللغوي السويسري‬
‫(دي سوسري ‪ )Ferdinand de Saussure‬مؤسس املدرسة البنيوية‪ ،‬وقد وضع أسسا لعلم‬
‫األسلوبية وفق العالقة بني اللغة والكالم‪ ،‬وركز على املنظور االجتماعي للغة مشريا إىل أهنا‬
‫نظام اجتماعي يضم عالقات وروابط متعددة‪ ،‬وفاصال العالقة بني صوت اللفظ ومعناه مشريا‬
‫إىل أن املعىن يتكون يف الذهن‪ ،‬وقام تلميذه (شارل بايل ‪ ،)Charles Bally‬وهو أيضا‬
‫لغوي سويسري درس اللغتني اليونانية والسنسكريتية‪ ،‬وتعمق يف دراسات النحو املقارن‬
‫واللسانيات العامة‪ ،‬وقد قام بالتعاون مع أحد زمالئه جبمع حماضرات أستاذه يف كتا حتت‬
‫عنوان "حماضرات يف اللسانيات العامة"‪ ،‬مث أضاف إليه مالحظاته‪ ،‬وقام بنشر كتا أمساه (يف‬
‫األسلوبية) عام ‪ 1906‬متضمنا أفكارا حول األسلوبية واليت ربطها بنظريات الفلسفة الوجودية‬
‫والتعبريية‪ ،‬لكنه استبعد أن يكون علم األسلوبية قاصرا على دراسة اللغة األدبية‪ ،‬أو ذات‬
‫األغراض اإلمتاعية واجلمالية‪ ،‬قد أوضح "بايل" أن دور األسلوبية هو دراسة القيمة العاطفية‬
‫للحدث اللغوي الذي يتكون منه نظام التغيري اللغوي‪ ،‬وهذا النظام قد يضم قيما ال واعية غري‬
‫خاضعة للوعي واإلدراك‪ ،‬وأن التعبري عن الشعور الواحد قد يتخذ صورا لغوية متعددة‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك التعبري عن االستحسان‪ ،‬فنقول‪ :‬أحسنت‪ ،‬أو أجدت‪ ،‬أو رائع‪ ،‬أو ما أمجل‪ ،‬أو أنت‬
‫حسن‪ ،‬أو أنت فنان‪...‬وهكذا‪ ،‬كما أنه عندما نريد التعبري عن األسف فنقول‪ :‬آسف‪ ،‬أو‬
‫عذرا‪ ،‬أو ساحمين‪ ،‬أو عفوا‪ ،‬أرجو املعزرة‪...‬وهكذا‪ ،‬فهذه التعبريات تسمى‬
‫‪1‬‬
‫(متغريات‪ )Variables‬حيث تعرب يف جمملها عن نفس الفكرة واحلدث والشعور‪.‬‬

‫‪Jules‬‬ ‫‪Charles‬جاء آخرون مثل جول ماروزو‬ ‫‪Bally‬‬ ‫ومن بعد شارل بايل‬
‫من املدرسة اللغوية الفرنسية‪ ،‬وقد ركز‬ ‫‪Marcel Gressot‬‬ ‫‪ ،Marouzeau‬ومارسيل كراسو‬
‫كالمها على تطبيق املنهج الوصفي يف الدراسات األسلوبية‪ ،‬وقد عارضهما األملاين ليو سبيتزر‬
‫‪ ،Leo Spitzer‬وحاول أن يؤطر لنظرية (األسلوبية السيكولوجية) مطبقا املنهج االنطباعي‬
‫والذاتية‪ ،‬مؤكدا على فكرة أن اإلبداع هو عبقرية فردية‪ ،‬وأنه ال ميكن دراسة األسلو بعيدا‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ‪.02‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪36‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫عن دراسة علم النفس‪ ،‬وقد أوضح أن إشكالية األسلوبية إمنا تكمن يف موضعية اللسانيات‬
‫ونسبية االستقراء وقلة املستخلصات‪ ،‬وركز على أن هذا النوع من الدراسات ال جيب أن يقتصر‬
‫على اللغة املنطوقة فحسب‪.‬‬

‫مث جاء من بعد هؤالء رينييه ويلك ‪ ،wellek Rene‬وأوسنت وارين ‪،Austin Warren‬‬

‫‪Roman‬‬ ‫المعاصر ليلحق هبما رومان جاكبسون‬ ‫ليربطا بين األسلوبية ومناهج البحث‬

‫الوظيفي الذي استخدمه "بالي"‪ ،‬وأشار أن وظيفة اللغة‬ ‫‪ Osipovich Jakobson‬ليطبق املنهج‬
‫هي النقل والتواصل‪ ،‬وأوضح أن عملية هذه تتألف من ستة مكونات هي‪ :‬املرسل‪ ،‬املتلقي‪،‬‬
‫القناة‪ ،‬الرسالة‪ ،‬املرجح‪ ،‬املصطلح‪ ،‬كما أشار إىل أن وظائف اللغة الشعرية هي‪ :‬الوظيفة التعبريية‬
‫أو االنفعالية‪ ،‬والوظيفة الندائية أو اإليعازية‪ ،‬والوظيفة املرجعية‪ ،‬والوظيفة الشاعرية‪ ،‬والوظيفة‬
‫بعد اللغوية)‪ ،‬كما أن األسلوبية امتزجت بالنظريات اللسانية‪ ،‬وخرج منها ما عرف بالنظرية‬
‫(‪ ،)Poetic Theory‬أو ما تعرف بالنظرية اإلنشائية‪ ،‬وتهتم بالبحث عن المعنى من‬ ‫الشعرية‬
‫خالل البنية والشكل والداللة‪ ،‬وال تركز اهتمامها على النص أو صاحبه‪ ،‬وإمنا كل اهتمامها‬
‫منصب على توضيح كيفية خلق النص لتأثريه‪ .‬لذا فإهنا تعمد إىل تفكيك النص وإعادة تركيبه‬
‫‪1‬‬
‫لتحديد النسق البنيوي له من خالل عمليات التحليل‪.‬‬
‫النظرية الداللية‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫اهتمت نظريات الرتمجة اليت انطلقت من علم الداللة بتحليل العالقة بني الكلمة‬
‫دور المترجم‬ ‫والشيء املفهوم أي بني الدال واملدلول والدليل‪ ،‬وبالنسبة لعملية الرتمجة فإن‬
‫يتخطى البحث عن معان الكلمات املنفردة بل التعامل مع نص مكون من عدد من الكلمات‬
‫يف لغة املصدر‪ ،‬ليتم نقل املعىن باستخدام كلمات أخرى بلغة اهلدف‪ ،‬واملعىن ال يرتبط بعدد‬
‫‪2‬‬
‫الكلمات‪ ،‬فدالالت الكلمات ومعانيها تتأثر بعوامل كثرية مرتبطة بثقافة كل لغة‪.‬‬

‫ج‪ -‬النظرية الوظيفية‪:‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ‪.00-02‬‬ ‫‪1‬‬

‫املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪37‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫تقوم معظم نظريات الرتمجة احلديثة على التعامل مع الرتمجة ضمن نطاق علم اللغة أو‬
‫علم االتصال‪ ،‬فاللغويون يعتربون الرتمجة فرعا من فروع علم اللغة التطبيقي‪ ،‬وبالتايل فإن التعامل‬
‫مع الرتمجة من هذا املنطلق يقودنا إىل تطبيق النظريات اللغوية املختلفة اليت تتناول الظواهر‬
‫اللغوية وتوصيفاهتا‪ ،‬لكن معظم النظريات الشائعة واملطبقة يف ميدان الرتمجة تقوم على دراسة‬
‫الرتمجة انطالقا من مبحثني أساسيني مها‪ :‬نظرية االتصال وعلم الداللة‪ ،‬فجميع نظريات الرتمجة‬
‫تتفق يف وصف الرتمجة على أهنا أحد أوجه االتصال اللغوي‪ ،‬وهي بذلك تشتمل على املرسل‬
‫واملتلقي والرسالة والسياق والوسط واملؤثرات الداخلية واخلارجية‪ ،‬فجميع هذه العوامل تؤثر يف‬
‫العملية االتصالية وتتأثر هبا‪.‬‬

‫يركز املرتجم يف الرتمجات الوظائفية (‪ )Instrumental Translations‬على الوظيفة‬


‫التواصلية بني صاحب النص يف اللغة املصدر واملتلقي يف اللغة اهلدف‪ ،‬وهنا يكون االهتمام‬
‫منصبا على الوظيفة اليت يؤديها النص لذلك يشيع هذا النوع من الرتمجات يف الوثائق الرمسية‬
‫‪1‬‬
‫والقانونية‪.‬‬

‫ح‪ -‬النظرية الغائية‪:‬‬


‫وضع هانس فريمري (‪ )Hans j. Vermeer‬النظرية الغائية (‪ ،)Skopos Théory‬أو‬
‫نظرية اهلدف يف الرتمجة‪ ،‬وهي نظرية متكن املرتمجني من تنفيذ ترمجات وفقا للغرض من النص‬
‫اهلدف‪ ،‬وتوضح هذه النظرية أن الغاية النهائية من الرتمجة هي اليت حتدد للمرتجم االسرتاتيجية‬
‫اليت سيقوم باتباعها يف ترمجته‪ ،‬وينبغي على صاحب النص املطلو ترمجته حتديد غايته من‬
‫الرتمجة حىت ميكن للمرتجم حتديد االسرتاتيجية املطلوبة‪ ،‬ويف حالة إذا مل يقم صاحب النص‬
‫بتحديد تلك الغاية‪ ،‬فإنه يتعني على املرتجم أن يضع نفسه يف موضع صاحب النص ويتخيل‬
‫الغايات احملتملة ويفاضل بينها مث يبدأ يف تكوين اسرتاتيجيته‪ ،‬ومتيز النظرية الغائية أيضا بني‬
‫نوعني من الرتمجات‪ )1 :‬الرتمجات الوثائقية (‪ )Documentary Translation‬حيث يركز‬
‫املرتجم على القيمة التواصلية للنص‪ ،‬ورد فعل املتلقي‪ ،‬ويراعي ثقافة النص‪ ،‬وبنيته وعناصره‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪38‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫اللغوية فتعترب الرتمجة تعبريا دقيقا عن حمتوى النص األصلي‪ ،‬ويشيع تطبيق ذلك عند معاجلة‬
‫النصوص األدبية‪ ،‬أما النوع الثاين فهو (‪ )6‬الرتمجة الوظائفية (‪)instrumental Translation‬‬
‫فريكز على الوظيفة اليت يقوم هبا النص األصلي ويكثر تطبيقها مع النصوص القانونية والرمسية‬
‫واإلدارية‪.‬‬

‫خ‪ -‬النظرية النصية‪:‬‬


‫واملنهج‬ ‫تعتمد هذه النظرية على علم اللغة النصي متمثلة مناهج حتليل اخلطا‬
‫السيميائي‪ ،‬ولتطبيق املبادئ النظرية هلذه العلوم‪ ،‬على متعلم الرتمجة أن يدرك مفاهيم البنية‬
‫والرتابط واالتساق وااللتحام النسيجي للنص‪ ،‬وقد ميز اللساين الفرنسي إمييل بينيفيست‬
‫(‪ )Emile Benveniste‬بني اجلملة والنص‪ ،‬واعترب أن حتليل النصص ال جيري إال يف‬
‫شكل ملفوظ أي ضمن وضعية اتصال خاصة‪ ،‬أما هاليداي فيعترب أن متيز النص بالرتابط‬
‫واالتساق‪ ،‬وحلمة النسيج اللغوي يف مستوى استعمال الروابط بني اجلمل‪ ،‬ولكل نوع من‬
‫النصوص معايري دراسة كاملعايري اللغوية الداخلية‪ ،‬وهي لفظية وداللية وحنوية وأسلوبية‪ ،‬واملعايري‬
‫اخلارجية عن اللغة كاإلَياءات الشعورية‪ .‬إن عملية حتليل النصوص تقود ال حمالة إىل تفكيك‬
‫الصعوبات اللغوية يف مستوى الشكل واملضمون‪.‬‬

‫النظرية التكافؤية‪:‬‬

‫‪Toward a Science‬‬ ‫مييز يوجني نايدا ‪ Eugene A Nida‬يف كتابه حنو علم الرتمجة‬
‫‪ of‬بني نوعني من التكافؤ‪ :‬الشكلي الذي يقوم على نقل شكل النص األصل‬ ‫‪translation‬‬

‫َيول "النص األصل" حبيث َُيدث التأثري نفسه يف "اللغة‬


‫نقال آليا‪ ،‬والتكافؤ الديناميكي الذي ّ‬
‫اهلدف"‪ ،‬و"التكافؤ الديناميكي" مفهوم خاص بنايدا‪ ،‬وليس له معىن إال عندما يتم ربطه‬
‫بنظريته اخلاصة بالرتمجة‪ ،‬وباملقابل ميثل تكافؤ التأثري مفهوما أساسيا يتجاوز اخلالف بني أهل‬

‫‪39‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫اهلدف وأهل املصدر‪ ،‬ينبغي وضع تكافؤ التأثري يف إطار أمشل‪ ،‬مبتدئني بانعكاساته لسانية‬
‫‪1‬‬
‫الطابع‪.‬‬

‫النظرية التأويلية‪:‬‬ ‫د‪-‬‬


‫ترتبط نظرية التأويل بالرتمجة الشفهية‪ ،‬ومل تظهر هذه النظرية إال يف هناية سبعينيات‬
‫القرن املاضي‪ ،‬لتتخذ بعد ذلك ما عرف باسم نظرية املعين‪ ،‬وتقول بأن الرتمجة تعتمد على‬
‫التقابل بني اللغات من خالل عناصر لغوية ال تتأثر بسياق النص مثل أمساء العلم‪ ،‬واألرقام‪،‬‬
‫واملصطلحات التقنية‪ ،‬والبحث عن التعادل بني املدلوالت اللغوية ألجزاء النص‪ ،‬واهتمت هذه‬
‫النظرية بالبحث يف العالقات بني الفكر واللغة‪ ،‬وعالقة املعىن بالعالمات اللغوية‪ ،‬مث تطور‬
‫تطبيق هذه النظرية ليشمل أيضا الرتمجة التحريرية‪ ،‬والنظرية التأويلية تتعامل مع املعىن املستخلص‬
‫من النص‪ ،‬وميكن للمرتجم أن يدركه‪ ،‬وتناقش طرق تأويل النصوص‪ ،‬وضخلص هذه النظرية إىل‬
‫أن مهمة املرتجم هي نقل معىن النص وفق ما يدركه املرتجم‪ ،‬ال كما عناه املؤلف‪ ،‬حيث تدعو‬
‫النظرية إىل حترير املعىن من ألفاظه األصلية األصيلة‪ ،‬وإجياد معادالت جديدة‪ ،‬وتنظر النظرية‬
‫‪2‬‬
‫التأويلية إىل اللغات بوصفها جمرد ناقل للمعىن‪.‬‬

‫ووفق النظرية ال تأويلية فإن عملية الرتمجة تتم عرب ثالث مراحل أساسية هي‪:‬‬

‫‪ -‬الفهم‪ :‬من خالل تأويل النص يف اللغة األصل إلدراك املعىن املراد تبليغه يف اللغة‬
‫اهلدف‪.‬‬
‫االنسالخ اللغوي‪ :‬من خالل حترير املعىن من البنيات اللغوية للنص األصلي‬ ‫‪-‬‬
‫حىت ال تتداخل مع بنيويات اللغة اهلدف‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة التعبير‪ :‬وهتدف إىل إعادة صياغة نفس املعىن املعرب عنه بلغة األصل مع‬
‫الرتكيز على خصوصيات اللغة اهلدف‪.‬‬
‫وتصنف هذه النظرية سياقات النص إىل ثالثة أنواع‪:‬‬

‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪ ،‬ص ص‪.09 -00‬‬ ‫‪1‬‬

‫املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.90-09‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪40‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫‪ -‬السياق اللغوي‪ :‬ويهتم بداللة الكلمة أو اجلملة وعالقة دالالت الكلمات واجلمل‬
‫احمليطة‪.‬‬
‫‪ -‬السياق المعرفي‪ :‬ويهتم باألفكار اليت تصل إىل ذهن املتلقي أثناء عملية قراءة‬
‫النص‪.‬‬
‫‪ -‬السياق غير اللغوي‪ :‬يهتم بالعناصر غري اللغوية املصاحبة لعملية إنتاج النص (بيئة‬
‫‪1‬‬
‫إنتاج النص)‪.‬‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬ترجمة المصطلح‬

‫تعد مشكلة ترمجة املصطلح من أهم ما يعرتض سبيل املرتجم باعتبار أن املصطلح‬
‫يتضمن شحنات ثقافية تقف يف خلفية النص األصلي وحتيط به‪ ،‬وعلى املرتجم حينئذ أن‬
‫يرتجم ليس فقط العناصر املختلفة لإلطار السميولوجي‪ ،‬بل أيضا عليه أن يرتجم مكان هذا‬
‫العنصر يف اجملتمع كله‪ ،‬باعتبار أن التصور أو املفهوم واحد‪ ،‬بيد أن املصطلح خيتلف من شعب‬
‫آلخر‪ .‬وبالتايل فإن لعلم الرتمجة أمهيته يف التعامل مع املصطلح خيتلف من شعب آلخر‪ .‬وبالتايل‬
‫فإن لعلم الرتمجة أمهيته يف التعامل مع املصطلح‪ ،‬بوصفه املرآة اليت تعكس فهم املصطلح يف‬
‫لغته األم‪ ،‬مث تنقله إىل املتلقي يف اللغة اهلدف‪.‬‬
‫لقد بلغ علم املصطلح –بوصفه أحد فروع علم اللغة التطبيقي ‪-‬يف العصر الراهن شأنا‬
‫بارزا‪ ،‬حىت صار علما مستقال بذاته‪ ،‬ولسنا يف حاجة إىل توضيح األمهية الكربى لدراسة علم‬
‫املصطلح‪ ،‬ولكن يكفي يف هذا الصدد القول‪ :‬إن معرفة مصطلح علم من العلوم من شأهنا أن‬
‫فعال يف التنسيق‬‫توحد بساط البحث الذي من املمكن أن يلتقي عليه العلماء‪ ،‬وتسهم بشكل ّ‬
‫بني خمتلف أحباثهم ودراساهتم‪ .‬كما أهنا تزيد من اتصال القارئ العادي غري املتخصص هبذا‬
‫العلم أو ذاك نتيجة القضاء على االضطرا املصطلحي‪ ،‬وبالتايل البلبلة الفكرية‪.‬‬
‫ومبا أنه علم يفيد من الكثري من العلوم اللغوية وغري اللغوية‪ ،‬فإن لعلم الرتمجة أمهيته‬
‫امللحة يف التعامل مع املصطلحات؛ بوصفه املرآة اليت تعكس فهم املصطلح يف لغته األم‪ ،‬مث‬
‫تنقله إىل املتلقي يف اللغة اهلدف‪ ،‬وهو َيمل كافة املفاهيم واملضامني اليت يدل عليها يف أصل‬
‫وضعه‪.‬‬
‫املصطلح العلمي هو اللفظة أو العبارة االصطالحية يف أي فرع من فروع املعرفة‪ ،‬وعادة‬
‫تبدأ املصطلحات يف أي نوع من أنواع املعارف بسيطة حمدودة مث تأخذ مع الزمن يف التحديد‬

‫‪42‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫والدقة‪ ،‬كما تأخذ يف النمو والتكاثر حبيث يصبح لكل علم وكل فن طائفة كبرية من‬
‫املصطلحات‪ ،‬حىت تبلغ أحيانا عشرات األلوف‪.‬‬
‫وال ميكن تصور علم أو فن بدون مصطلحات حتدد مدلوالت ألفاظه وتعبرياته‪ ،‬حبيث‬
‫يتعني على تصوره وفهمه كما تعني على تفاهم أصحابه‪ ،‬فهم يتعاملون بلغة ضربوا عملة‬
‫ألفاظها وصياغاهتا فيما بينهم‪ ،‬وهم لذلك يفهموهنا أدق الفهم دون أي إهبام أو غموض‪ .‬لغة‬
‫خاصة هبم أو قل لغة علمية أو فنية‪ ،‬وهي لغة ضختلف اختالفا واسعا –ملا فيها من‬
‫املصطلحات‪ -‬عن اللغة اليومية أو املألوفة‪ ،‬بل أيضا عن اللغة األدبية‪ ،‬فلغة األد املعرب عن‬
‫العواطف لغة سيالة ال تعرف االصطالح‪ ،‬لسبب مهم‪ ،‬هو أهنا ال تعرف ضربا معينا من‬
‫املعارف أو احلقائق تريد أن حتيط به‪ ،‬ولذلك كان األديب مطلق احلرية يف التعبري عن خواطره‬
‫وخواجله‪ ،‬أما العامل فمقيد بالواقع وحبقائق معينة يدل مبصطلحات يعرفها زميله أدق املعرفة‪.‬‬
‫من حق العلماء أن يضعوا لعلومهم املصطلحات اليت يروهنا كفيلة ووافية بأداء ما يريدون‬
‫من مدلوالت علمية‪ .‬وتاريخ أي مصطلحات لعلم هو تاريخ للعلم نفسه‪ .‬وكل علم ينمو‬
‫ويتطور ويف أثناء ذلك يفتقر إىل مصطلحات جديدة‪ .‬وللعلماء كامل احلرية يف وضعها‪ ،‬وليس‬
‫ألحد أن يعرتضهم يف هذه احلرية أو يعرتض عليهم يف مصطلح أدوا به تصورا من التصورات‬
‫‪1‬‬
‫يف عملهم‪.‬‬
‫إن النمو الواسع للغة العر العلمية يف العصر العباسي أخذ يرتاجع منذ القرن السادس‬
‫اهلجري ومرت على العر بعد ذلك حقب أصاهبم فيها‪-‬من الوجهة العلمية‪ -‬ما يشبه السبات‬
‫العميق‪ ،‬حىت إذا كان العصر احلديث كثر االحتكاك بينهم وبني الغر عن طريق البعثات‬
‫العلمية‪ ،‬وعن طريق ما أنشأ يف ديارهم من مدارس وما فرضه من تعلم لغاته يف أثناء استعماره‬
‫‪2‬‬
‫لديارنا‪ ،‬وعن طريق سرعة املواصالت بني الشعو برا وحبرا وجوا‪.‬‬

‫كل ذلك جعل العر يرون املدنية الغربية مع كل ما استحدثت من رقي يف العلوم‬
‫والفنون تنشط نشاطا سريعا‪ ،‬بل لقد رأوها تركض ركضا يف ميادين تلك الفنون والعلوم بينما‬
‫هم متخلفون‪ .‬وكان طبيعيا أال ينتظروا وال يتمهلوا‪ ،‬بل يسرعوا يف وصل أسباهبم بأسبا تلك‬

‫‪ 1‬شوقي ضيف ‪ ،‬جممع اللغة العربية يف مخسني عاما‪ ،1901-1931 ،‬جممع اللغة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،1901 ،‬ص ص‪.110 -110‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫‪43‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫وعم يف أثناء ذلك طوفان جارف من األلفاظ واألساليب واالصطالحات الغربية‬


‫املدنية الغربية‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫يف العلوم والفنون‪.‬‬

‫يف سنة ‪ 1900‬قدم الدكتور حممود خمتار إىل جممع اللغة العربية هنجا علميا يف الرتمجة‬
‫والتعريب للمصطلحات العلمية الغربية‪ ،‬كي يستنري به العلماء كافة‪ ،‬وقد أقره اجملمع وأبلغه‬
‫اجملامع واهليئات اللغوية والعلمية يف البالد العربية‪ .‬ومما جاء فيه‪:‬‬

‫وضع املقابل اإلجنليزي أو الفرنسي بإزاء املصطلح العريب‪ ،‬مع االستضاءة‬ ‫‪-1‬‬
‫باألصل الالتيين أو اإلغريقي إن وجد‪ ،‬ومع مراعاة أن يتفق املصطلح العريب‬
‫مع املدلول العلمي للمصطلح األجنيب دون تقيد بالداللة اللفظية احلرفية‪ ،‬فيقال‬
‫مثال "غرفة كامتة" ال "غرفة ميتة"‪.‬‬
‫إيثار األلفاظ غري الشائعة ألداء املصطلحات العلمية‪ ،‬فتفضل كلمة امتزاز على‬ ‫‪-6‬‬
‫كلمة "امتصاص سطحي" ‪ ...‬ولذلك جلأ الغربيون إىل الكلمات اإلغريقية‬
‫والالتينية إذ تؤدي املعىن املطلو دون أي التباس مبعىن يدور على ألسنة‬
‫‪2‬‬
‫الناس‪.‬‬
‫التعريب عند احلاجة امللحة‪ ،‬وذلك إذا كان املصطلح يعود إىل أصل يوناين أو‬ ‫‪-3‬‬
‫التيين أو شاع استعماله دوليا أو كان منسوبا إىل علم عرف به بني العلماء‬
‫مثل ديناميكا ‪ dynamics‬ونيوترون ‪ neutron‬إىل غري ذلك‪.‬‬
‫املعر عربيا وإخضاعه لقواعد اللغة يف االشتقاق وغريه‪ ،‬فمثال‬
‫عد املصطلح ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫أيون ‪ ion‬املعربة تثىن وجتمع فيقال أيونان وأيونات‪ ،‬ويوصف هبا فيقال جهد‬
‫أيوين‪ ،‬ويشتق منها الفعالن‪ :‬أيّن وتأيّن‪ ،‬وامسا الفاعل واملفعول فيقال غاز مؤيّن‬
‫وأشعة مؤيّنة‪ ،‬وينحت من الكلمة حني تضاف إىل كلمة أخرى فيقال‬
‫"كايتون" (أي أيون كاثودي)‪.‬‬

‫‪ 1‬شوقي ضيف ‪ ،‬جممع اللغة العربية يف مخسني عاما‪ ،1901-1931 ،‬جممع اللغة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،1901 ،‬ص‪.166‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.131 -133‬‬

‫‪44‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫صوغ لفظة مفردة للمصطلح ما أمكن‪ ،‬إذ العربية متيل يف األمساء واملصطلحات‬ ‫‪-5‬‬
‫إىل األلفاظ املفردة‪ ،‬وأيضا فان ذلك يساعد على تسهيل االشتقاق والنسبة‬
‫واإلضافة‪ ،‬ومن أجل ذلك كان يفضل التعريب أحيانا على الرتمجة‪ ،‬فمثال‬
‫ترمومرت املعربة أخف جدا من ترمجتها بقولك مقياس درجة احلرارة‪ ،‬ومثلها كلمة‬
‫"زوم" ‪ zoom‬للعدسة ذات البعد البؤري املتغري‪.‬‬
‫توحيد املصطلحات املشرتكة عربية أو معربة ذات املعىن الواحد بني فروع العلم‬ ‫‪-2‬‬
‫املختلفة مثل فوتون وإلكرتون ومها يتداوالن يف كثري من العلوم‪.‬‬
‫حتديد مصطلحات علمية دقيقة تفرق بني األلفاظ املرتادفة أو املتقاربة املعىن‪،‬‬ ‫‪-0‬‬
‫فمثال ‪ resistance‬تقابل املقاومة‪ ،‬بينما تقابل ‪ reluctance‬املمانعة‪.‬‬
‫يعرف املصطلح تعريفا بينا واضحا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-0‬‬
‫يكتب اسم العلم األجنيب وكذلك املصطلح املعر بالصورة اليت ينطقان هبا يف‬ ‫‪-9‬‬
‫لغتهما‪.‬‬
‫‪ -10‬تكتب املصطلحات األجنبية يف املعاجم مبدوءة حبروف صغرية ما مل تكن‬
‫يعرف باأللف والالم تيسريا‬
‫أعالما‪ ،‬ويالحظ يف املصطلح العريب املقابل أال ّ‬
‫‪1‬‬
‫للكشف عليه يف املعجم‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.135-131‬‬

‫‪45‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫بيرت نيومارك‪ ،‬تر‪ :‬حسن غزالة‪ ،‬اجلامع يف الرتمجة‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.6002‬‬
‫جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الرتمجة‪ ،‬تر‪ :‬حممد َيياتن‪ ،‬منشورات خمرب املمارسات‬ ‫‪-‬‬
‫اللغوية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬دط‪ ،‬تيزي وزو‪.6010 ،‬‬
‫حسام الدين مصطفى‪ ،‬أسس وقواعد صنعة الرتمجة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.6011 ،www.hosameldine.org‬‬
‫شوقي ضيف‪ ،‬جممع اللغة العربية يف مخسني عاما‪ ،1901-1931 ،‬جممع اللغة‬ ‫‪-‬‬
‫العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪.1901 ،‬‬
‫عبد اهلل بن محد احلميدان‪ ،‬مقدمة يف الرتمجة اآللية‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.6001‬‬
‫عز الدين حممد جنيب‪ ،‬أسس الرتمجة‪ ،‬من اإلجنليزية إىل العربية وبالعكس‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪-‬‬
‫بن سينا‪ ،‬ط ‪ ،5‬القاهرة‪.6005 ،‬‬
‫علي بن إبراهيم النملة‪ ،‬مراكز الرتمجة القدمية عند املسلمني‪ ،‬مطبوعات مكتبة‬ ‫‪-‬‬
‫امللك فهد الوطنية‪ ،‬د ط‪ ،‬الرياض‪.1992 ،‬‬
‫حممد ديداوي‪" ،‬الرتمجة إىل العربية"‪-‬اللسان العريب‪-‬ع ‪.)1905/1901 ،65‬‬ ‫‪-‬‬
‫حممد عناين‪ ،‬نظرية الرتمجة احلديثة –مدخل إىل مبحث دراسات الرتمجة‪-‬الشركة‬ ‫‪-‬‬
‫املصرية العاملية للنشر –لوجنمان‪ ،‬ط‪ ،1‬اجليزة‪.6003 ،‬‬
‫يوجني‪ .‬أ‪ .‬نيدا‪ ،‬حنو علم الرتمجة‪ ،‬تر‪ :‬ماجد النجار‪ ،‬مطبوعات وزارة اإلعالم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دط‪ ،‬بغداد‪.1902 ،‬‬

‫‪46‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫فه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس الموضوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات‬

‫بطاقة تعريفية‬

‫أهداف مادة الترجمة‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬التعريف بالمادة وأهميتها‬

‫الجزء األول‪:‬‬

‫‪-1‬تعريف الرتمجة‪01................................................................‬‬

‫أ‪ -‬الرتمجة ضمن اللغة الواحدة‪06.....................................................‬‬

‫‪-‬الرتمجة من لغة إىل أخرى‪06......................................................‬‬

‫ت‪-‬الرتمجة من عالمة إىل عالمة أخرى‪06.............................................‬‬

‫‪-6‬تعريف الرتمجة الصحيحة‪06......................................................‬‬

‫‪-3‬مؤهالت املرتجم‪03.............................................................‬‬

‫الجزء الثاني‪:‬‬

‫أمهية الرتمجة‪01.....................................................................‬‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬تاريخ الترجمة‬

‫الجزء األول‪:‬‬

‫‪-1‬الرتمجة يف القدمي‪00..............................................................‬‬

‫‪-6‬تاريخ الرتمجة العربية‪09...........................................................‬‬

‫‪47‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫أ‪-‬الرتمجة يف العصر النبوي‪10........................................................‬‬

‫‪-‬الرتمجة يف العصر األموي‪11......................................................‬‬

‫ت‪-‬الرتمجة يف العصر العباسي‪11.....................................................‬‬

‫‪-3‬دوافع الرتمجة عند العر ‪11.......................................................‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬أنواع الترجمة‬

‫‪-1‬الترجمة الشفوية‪10................................................. :‬‬


‫أ‪-‬تعريفها‪10..................................................................... :‬‬

‫‪-‬أمناط الرتمجة الشفوية‪10....................................................... :‬‬

‫‪-1‬الرتمجة الفورية‪10.............................................................. :‬‬

‫‪-6‬الرتمجة التتبعية‪10................................................................‬‬

‫‪-3‬الرتمجة املنظورة‪10..............................................................‬‬

‫‪-1‬ترمجة الربط‪10..................................................................‬‬

‫‪-5‬الرتمجة اهلمسية‪10...............................................................‬‬

‫‪-2‬الترجمة التحريرية‪19...................................................‬‬

‫أ‪-‬تعريفها‪19.......................................................................‬‬

‫‪-6‬أمناطها‪19......................................................................‬‬

‫أ‪-‬الرتمجة التقنية‪19.................................................................‬‬

‫‪-‬الرتمجة األدبية‪61...............................................................‬‬

‫ت‪ -‬الرتمجة اآللية‪60 ...............................................................‬‬

‫‪48‬‬
‫األستاذ‪ :‬براهم سمير‬ ‫جامعة محمد بوضياف – المسيلة ‪-‬‬ ‫دروس في الترجمة‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬نظريات الترجمة‬

‫‪-1‬حملة تارخيية‪31...................................................................‬‬

‫‪-6‬النظريات احلديثة يف الرتمجة‪36....................................................‬‬

‫أ‪-‬النظرية اللغوية‪33.................................................................‬‬
‫‪-‬النظرية التفسريية‪35.............................................................‬‬

‫ت‪-‬النظرية األسلوبية‪35.........................................................‬‬

‫ث‪-‬النظرية الداللية‪30..............................................................‬‬

‫ج‪-‬النظرية الوظيفية‪30..............................................................‬‬

‫ح‪-‬النظرية الغائية‪30................................................................‬‬

‫خ‪-‬النظرية النصية‪39...............................................................‬‬

‫د‪-‬النظرية التكافؤية‪39..............................................................‬‬

‫ذ‪-‬النظرية التأويلية‪10...............................................................‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬ترجمة المصطلح‬

‫قائمة املصادر واملراجع‪12............................................................‬‬

‫فهرس املوضوعات ‪10..............................................................‬‬

‫‪49‬‬

You might also like