You are on page 1of 2

‫غزوة قبرصعدل‬

‫‪.‬عكا‪ ‬كانت مكان انطالق األسطول البحري المتجه لغزو‪ ‬قبرص‪ ‬سنة‪ 28 ‬هـ‬

‫بعد نهاية شتاء سنة‪ 28 ‬هـ‪ ‬الموافق‪ 649 ‬م‪ ]155[،‬أعد معاوية المراكب الالزمة لحمل الجيش‪ ،‬واتخذ ميناء‪ ‬عكا‪ ‬مكان ًا‬
‫لالنطالق‪ ،‬وكانت المراكب كثيرة وحمل معه زوجته فاختة بنت قرظة‪ ،‬كذلك حمل‪ ‬عبادة بن الصامت‪ ‬امرأته‪ ‬أم حرام‬
‫بنت ملحان‪ ‬معه في تلك الغزوة‪  ]156[.‬ورغم أن معاوية لم يجبر الناس على الخروج‪ ،‬فقد خرج معه جيش كبير‪[.‬‬
‫‪ ]155‬وسار المسلمون من الشام وركبوا من ميناءـ عكا متوجهين إلى‪ ‬قبرص‪ ،‬ونزلوا إلى الساحل‪ ،‬تقدمت أم حرام‬
‫لتركب دابتها‪ ،‬فنفرت الدابة وألقت أم حرام على األرض فاندقت عنقها فماتت‪ ]156[.‬ودفنت هناك‪ ،‬وعرف قبرها بقبر‬
‫المرأة الصالحة‪ ]157[.‬واجتمع معاوية بأصحابه وكان فيهم‪ ‬أبو أيوب األنصاري‪ ،‬وأبو الدرداء‪ ،‬وأبو ذر الغفاري‪ ،‬وعبادة‬
‫بن الصامت‪ ،‬وواثلة بن األسقع‪ ،‬وعبد هللا بن بشر المازني‪ ،‬وشداد بن أوس بن ثابت‪ ،‬والمقداد بن األسود‪ ،‬وكعب الحبر‬
‫بن ماتع‪ ،‬وجبير بن نفير الحضرمي‪ ]157[،‬وتشاوروا فيما بينهم وأرسلوا إلى أهل قبرص يخبرونهم أنهم لم يغزوهم‬
‫لالستيالء على جزيرتهم‪  ]157[،‬ولكن أرادوا دعوتهم لإلسالم ثم تأمين حدود الدولة اإلسالمية بالشام؛ وذلك ألن‬
‫البيزنطيين كانوا يتخذون من قبرص محطة يستريحون فيها إذا غزوا ويتم َّونون منها إذا قل زادهم‪ ،‬فكانت بلد ًا مهمة‬
‫إلخضاعهاـ تحت سيطرة المسلمين‪ ،‬ولكن سكان الجزيرة لم يستسلموا‪ ،‬بل تحصنوا في العاصمة ولم يخرجوا لمواجهة‬
‫المسلمين‪]157[.‬‬
‫تقدم المسلمون إلى قسطنطينا عاصمة قبرص وحاصروها‪ ،‬وما هي إال ساعات حتى طلب الناس الصلح‪ ،‬وأجابهم‬
‫المسلمون لذلك‪ ،‬وقدموا شروطًا للمسلمين‪ ،‬كما اشترط عليهم المسلمون شروط ًا‪ .‬أما شرط أهل قبرص كانت في طلبهم‬
‫أال يشترط عليهم المسلمون شروطا تورطهم مع الروم؛ ألنه ليست لهم قدرة بهم‪ ،‬وأما شروط المسلمين فكانت‪ ،‬أال يدافع‬
‫المسلمون عن الجزيرة إذا هاجم سكانها محاربون‪ ،‬وأن يدلوا المسلمين على تحركات عدوهم من الروم‪ ،‬وأن يدفعوا‬
‫للمسلمين سبعة آالف ومائتي دينار في كل عام‪ ،‬وأال يساعدوا الروم إذا حاولوا غزو بالد المسلمين‪ ،‬وأال يطلعوهم على‬
‫أسرارهم‪]158[.‬‬

‫الفتوحات في الجبهة المصريةعدل‬


‫ردع التمرد في اإلسكندريةعدل‬
‫عندما خرجت اإلسكندرية من سيطرة الروم‪ ،‬عملوا على تحريض من باإلسكندرية من الروم على التمرد والخروج على‬
‫سلطان المسلمين‪  ]159[،‬وصادف هذا التحريض رغبة عند سكانها فاستجابوا للدعوة‪ ،‬وكتبوا إلى قسطنطين بن هرقل‬
‫يخبرونه بقلة عدد المسلمين ويصفون له ما يعيش فيه الروم باإلسكندرية من الذل والهوان‪ ]160[.‬وكان عثمان قد عزل‬
‫عمرو بن العاص عن مصر‪ ،‬وولى مكانه عبد هللا بن سعد بن أبي السرح‪ ،‬وفي أثناء ذلك وصل منويل الخصي قائد‬
‫قوات الروم إلى اإلسكندرية‪ ،‬ومعه قوات يحملهم في ثالثمائة مركب مشحونة بالسالح والعتاد‪ ]160[.‬علم أهل مصر بأن‬
‫قوات الروم قد وصلت إلى اإلسكندرية‪ ،‬فكتبوا إلى عثمان يطلبون إعادة عمرو بن العاص ليواجههم‪ ،‬فاستجاب الخليفة‬
‫لطلب المصريين‪ ،‬وأبقى ابن العاص أمير ًا على مصر‪ ]160[،‬ونهب منويل وجيشه اإلسكندرية‪ ،‬ومن ثم خرج منويل‬
‫بجيشه من اإلسكندرية يقصد مصر السفلى دون أن يخرج إليهم عمرو أو يقاومهم أحد‪ ،‬وتخوف بعض أصحابه‪ ،‬أما‬
‫عمرو فقد رأى أن يتركهم يقصدونه‪ ،‬وحدد عمرو سياسته هذه بقوله‪« :‬دعهم يسيروا إليَّ‪ ،‬فإنهم يصيبون من مروا به‪،‬‬
‫فيخزي بعضهم ببعض»‪  ]161[.‬وأمعن الروم في إفسادهم ونهبهم وسلبهم‪ ،‬وضج المصريون من فعالهم‪ ،‬وأخذوا يتطلعون‬
‫إلى من يخلصهم منهم‪]162[.‬‬
‫‪.‬حاصر‪ ‬عمرو بن العاص‪ ‬جيش الروم في‪ ‬اإلسكندرية‪ ‬فنصب عليها المجانيق فضرب أسوارـ المدينة حتى تمت السيطرة عليها فدخل المسلمون‬

‫وصل منويل إلى‪ ‬نقيوس ‪ ،‬واستعد عمرو للقائه‪ ،‬تقابل الجيشان عند حصن نقيوس على شاطئ نهر النيل‪ ،‬في أثناء‬
‫المعركة أصاب فرسه سهم فقتله‪ ،‬فترجل عمرو وانضم إلى صفوف المشاة‪ ،‬ورآه المسلمون فأقبلوا على الحرب‪[.‬‬
‫‪  ]162‬وخرج المصريون بعد أن رأوا هزيمة الروم يصلحون للمسلمين ما أفسده العدو الهارب من الطرق‪ ،‬ويقيمون لهم‬
‫ما دمره من الجسور‪ ،‬وأظهر المصريون فرحتهم بانتصار المسلمين على العدو الذي انتهك حرماتهم واعتدى على‬
‫أموالهم وممتلكاتهم‪ ،‬وقدموا للمسلمين ما ينقصهم من السالح والمؤونة‪]162[.‬‬

You might also like