You are on page 1of 1

‫ي ؟» فقالوا‪« :‬انتظر الليلة بنا لنرتب أمرنا ونختبر عدونا»‪ .

‬وفي الصباح أراد‬


‫فقال القائد المسلم لصحبه‪« :‬أشيروا عل َّ‬
‫ً‬
‫قسطنطين أن يسرع في القتال‪ ،‬ولكن عبد هللا بن سعد بن أبي السرح لما فرغ من صالته إماما بالمسلمين للصبح‪ ،‬استشار‬
‫رجال الرأي والمشورة عنده‪ ،‬فاتفق معهم على خطة‪ ،‬وذلك بأن يجعلوا المعركة برية على الرغم من أنهم في عرض‬
‫البحر‪ ،‬حيث أمر عبد هللا جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم فاقتربوا حتى المست سفنهم سفن العدو‪ ،‬فنزل الفدائيون إلى‬
‫َّ‬
‫وصف عبد هللا‬ ‫الماء‪ ،‬وربطوا السفن اإلسالمية بسفن الروم‪ ،‬ربطوها بحبال متينة‪ T،‬فصار ‪ 1200‬سفينة في عرض البحر‪،‬‬
‫بن سعد المسلمين على نواحي السفن يعظهم ويأمرهم بتالوة‪ ‬القرآن‪ ،‬خصوصا‪ ‬سورة األنفال؛ لما فيها من معاني الوحدة‬
‫والثبات والصبر‪  ]175[.‬وبدأ الروم القتال‪ ،‬وانقضوا على سفن المسلمين فنقض الروم صفوف المسلمين المحاذية لسفنهم‪،‬‬
‫وصار القتال كيفما اتفق‪ ،‬وكان قاسيا ً على الطرفين‪ ،‬وسالت الدماء على الماء‪ ،‬فصار أحمر‪ ،‬وترامت الجثث في الماء‪،‬‬
‫وتساقطت فيه‪ ،‬وضربت األمواج السفن حتى ألجأتها إلى الساحل‪ ،‬وقتل الكثير من الطرفين‪ ،‬حاول الروم أن يغرقوا سفينة‬
‫عبد هللا بن أبي السرح‪ ،‬كي يبقى جند المسلمين بدون قائد‪ ،‬فتقدمت من سفينته سفينة رومية‪ ،‬ألقت إلى عبد هللا السالسل‬
‫لتسحبها وتنفرد بها‪ ،‬ولكن علقمة بن يزيد الغطيفي أنقذ السفينة والقائد بأن ألقى بنفسه على السالسل وقطعها بسيفه‪[.‬‬
‫‪ ]176‬وانتصر المسلمون‪ ،‬وكاد األمير قسطنطين أن يقع أسيراً في أيدي المسلمين لكنه تمكن من الفرار‪ ،‬فوصل‪ ‬جزيرة‬
‫صقلية‪  ]177[.‬وألقت به الريح هناك‪ ،‬فسأله أهله عن أمره فأخبرهم‪ ،‬فقالوا‪« :‬شمت النصرانية‪ ،‬وأفنيت رجالها‪ ،‬لو دخل‬
‫المسلمون لم نجد من يردهم»[‪ ]177‬فقتلوه‪ ،‬وخلوا من كان معه من المراكب‪]176[.‬‬
‫مقتل عثمانعدل‬
‫‪‬‬ ‫مقالة مفصلة‪ :‬فتنة مقتل عثمان ‬

‫‪.‬مقبرة البقيع‪ ،‬حيث دفن عثمان بن عفان‬

‫كان عثمان قد ولي اثنتي عشرة سنة خليفة للمسلمين‪ ،‬وقد بدأت أحداث الفتنة في النصف الثاني من واليته وهي التي أدت‬
‫إلى استشهاده‪ ]6[.‬ومن أسباب تلك الفتنة الرخاء في عهده وأثره في المجتمع‪ ]178[،‬وطبيعة التحول االجتماعي وظهور جيل‬
‫جديد غير جيل الصحابة‪ ]179[،‬باإلضافة إلى الشائعات‪ ]180[،‬والعصبية الجاهلية‪ ]181[،‬ومن أهم األسباب خوض المنافقين‬
‫‪.‬حيث وجدوا من يستمع إليهم‬
‫وفق معتقد أهل السنة أن المدبر الرئيسي للفتنة هو‪ ‬عبد هللا بن سبأ[‪ ]182‬الذي كان يهوديا ً وأظهر اإلسالم في عهد عثمان‪[.‬‬
‫‪ ]183‬ومنهم من عمل على محاصرة عثمان بن عفان في داره وزوروا عليه كتابا ً ورد فيه بأنه يريد قتلهم بعد أن أعطاهم‬
‫األمان على أنفسهم‪  ]184[.‬وعندما اشتد أمر أهل الفتنة وتهديدهم للخليفة بالقتل تحرك الصحابة لردهم وقتالهم وهو ما رفضه‬
‫عثمان وأمر بأال يرفع أحد السيف للدفاع عنه‪ ،‬وأن ال يُقتل أحد بسببه‪ ،‬فقد كان يعلم بأنهم ال يريدون أحد غيره‪ ،‬فكره أن‬
‫يتوقى بالمؤمنين‪ ،‬وأحب أن يقيهم بنفسه‪ ،‬ولعلمه بأن هذه الفتنة فيها قتله‪ ،‬عن عبد هللا بن حوالة أن رسول هللا محمد قال‪:‬‬
‫«من نجا من ثالث فقد نجا‪ ،‬ثالث مرات‪ ،‬موتي‪ ،‬والدجال‪ ،‬وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه»‪ ]185[.‬عن ابن عمر قال‪:‬‬
‫(ذكر رسول هللا فتنة‪ ،‬فمر رجل‪ ،‬فقال‪« :‬يُقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوماً»‪ ،‬قال‪ :‬فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان)‪]186[.‬‬

You might also like