You are on page 1of 7

‫موضوع البحث ‪ :‬الصفقات العمومية و عالقتها‬

‫بالنشاط االقتصادي‬

‫من اعداد الطالبين ‪- :‬بن خيرة عبد المجيد‬


‫‪-‬حاسل موسى‬

‫تعتبر الصفقات العمومية الوسيلة األساسية التي تضبط مشاريع التنمية و‬ ‫مقدمة‬
‫الحياة االقتصادية‪ ،‬بحيث تضطلع بوظيفة إعادة توزيع الموارد الوطنية‪ ،‬و لها مساهمة‬
‫اقتصادية مهمة‪ .‬و نظرا ألهمية الصفقات العمومية التي أوالها المشرع أهمية خاصة ‪،‬‬
‫بحيث تعتبر من أهم الوسائل التي تستعملها المصالح المتعاقدة لممارسة نشاطها ‪ ،‬و تنفيذ‬
‫برامجها بهدف تنفيذ األشغال العامة‪ ،‬توريدات‪ ،‬خدمات و دراسات‪ .‬فبينما تنفرد المصلحة‬
‫المتعاقدة بوضع شروط العقد‪ ،‬يقتصر دور المتعامل االقتصادي بقبولها أو رفضها‪ .‬كما‬
‫تعتبر المنافسة حقيقة اقتصادیة تفترض وجود عدد كبير من األعوان االقتصاديين يعرضون‬
‫منتجاتهم و خدماتهم‪ ،‬و يتمتعون باستقاللية كاملة في اتخاذ القرارات‪ .‬و یُعرّف قانون‬
‫المنافسة بأنه‪ " : ‬مجموعة من القواعد القانونیة الموضوعة من قبل السلطة العامة قصد‬
‫تنظیم الحیاة االقتصادیة بین المتعاملین االقتصادیین" ‪ .‬أما العون اقتصادي ‪ " :‬كل منتج أو‬
‫تاجر أو حرفي أو مقدم خدمات أيا كانت صفته القانونية‪ ،‬يمارس نشاطه في اإلطار المهني‬
‫العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من أجلها" ‪ .‬إن اإلشكالية لمختلف صور‬
‫اإلخالالت المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬وسبل مكافحته باإلضافة إلى تدخل اإلدارة لمنع‬
‫الممارسات المنافية للمنافسة ‪ .‬جعلتنا نطرح اإلشكالية الرئيسية لهذه الدراسة تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫صفقات العمومية على حماية المال العام ؟ و كيف‬ ‫كيف تؤثر التجاوزات التعاقدية في مجال ال ّ‬
‫يمكن ردع أعمال المتعاملين االقتصاديين المخلين بالتزاماتهم التعاقدية من طرف المصلحة‬
‫المتعاقدة؟ و من جهة أخرى لقد عمدت معظم التشريعات إلى التدخل لضبط المنافسة من‬
‫خالل تجريم الممارسات التي تؤدي إلى عرقلة أو تشويه أو تقييد المنافسة في السوق‪ ،‬فكيف‬
‫عالج المشرع هذه اإلشكالية ؟‬
‫و ماهي الجزاءات التي رخص بها المشرع لإلدارة لقمع هذه الجرائم ؟ و لما كان موضوع‬
‫الدراسة متشعبا‪ ،‬فارتأينا أن يكون الموضوع منصبا على إبراز الجزاءات اإلدارية في‬
‫مجالي الصفقات العمومية و قانون المنافسة و ذلك بتقسيمه إلى فصلين ‪ .‬الفصل األول سلطة‬
‫المصلحة المتعاقدة في توقيع الجزاءات على المتعامل االقتصادي‪ .‬الفصل الثاني الجزاءات‬
‫اإلدارية على العون االقتصادي في قانون المنافسة تناولت في بداية الفصل األول تعريفا‬
‫للصفقات العمومية وعن طرفي العالقة‪ ،‬حيث تبرم الصفقة بين طرفين أحدهما شخص من‬
‫األشخاص المعنوية العامة و تدعى المصلحة المتعاقدة‪ ،‬و شخص أو عدة أشخاص طبيعية أو‬
‫معنوية‪ ،‬يدعى المتعامل المتعاقد‪ .‬أما في صلب الموضوع كان حول الجزاءات اإلدارية على‬
‫المتعامل االقتصادي المخل بالتزاماته ‪ ،‬في حالة إخالله بالتزاماته التعاقدية‪ ،‬و عدم االمتثال‬
‫لإلدارة‪ ،‬مما يظهر امتياز اإلدارة في ممارسة سلطاتها‪ ،‬حيث أن للمصلحة المتعاقدة حق‬
‫أصيل في توقيع عقوبات إدارية على المتعامل االقتصادي دون المرور على القضاء‪.‬‬
‫و هذه الجزاءات لها نظام قانوني يميزها عن تلك التي تعرفها عقود القانون الخاص الذي و‬
‫إن وصل فيه الجزاء لحد الفسخ فيكون عبر القضاء‪ .‬في حين تستقل المصلحة المتعاقدة‬
‫بتوقيع جزاءات على المتعامل معها دون اللجوء للقضاء‪ ،‬و هنا تتجلى مظاهر سلطات‬
‫اإلدارة الممنوحة طبقا للقانون‪ .‬تتمتع اإلدارة بسلطات و امتيازات واسعة تكمن في توقيع‬
‫جزاءات على المتعاقد معها حالة إخالله بالتزاماته التعاقدية‪ .‬و تتنوع الجزاءات بين جزاءات‬
‫عقدية ‪ ،‬و أخرى غير عقدية ‪ .‬فمن حيث المبدأ يجوز توقيع جزاءات على المتعامل‬
‫االقتصادي طبقا لما اتفق عليه في العقد‪ ،‬و هناك جزاءات أخرى غير عقدية ‪ ،‬يمكن لإلدارة‬
‫بموجبها توقيع جزاءات على المتعامل المتعاقد‪ ،‬و لو لم ينص عليه في العقد‪ .‬و هذا األمر‬
‫يفرضه ضرورة الحفاظ على المصلحة العامة‪ ،‬و ضرورة سير المرفق العام بانتظام و‬
‫اضطراد‪ .‬و عليه تخضع العقوبات للقواعد العامة للقانون اإلداري و التي تتضمن المبادئ‬
‫التالية ‪ :‬إذا كان العقد قد أغفل تحديد جزاءات مقابلة لمخالفات معينة فال يترتب على ذلك عدم‬
‫وجود جزاءات‪ .‬إذا ح ّدد العقد جزاءات لبعض المخالفات ‪ ،‬و أغفل تحديد البعض اآلخر فال‬
‫تعني أن تبقى هذه األخيرة بدون جزاء‪ .‬كل التزام تعاقدي يقابله جزاء في حالة مخالفته‪ .‬أما‬
‫عن أنواع الجزاءات التي يمكن اإلدارة توقيعها على المتعامل االقتصادي الذي ثبت إخالله‬
‫بالتزاماته العقدية فتنقسم إلى جزاءات مالية تشمل ‪ :‬غرامات التأخير ‪ ،‬في حالة التنفيذ الغير‬
‫المطابق‪ ،‬فهي بمثابة تعويضات جزافية‪ .‬و مصادرة مبلغ الضمان تأمينا لإلدارة ‪ ،‬و ضمانا‬
‫ضروريا يُشرع لمصلحتها‪ ،‬تنوعت بين ‪ :‬كفالة ( ضمان) التعهد ‪ ،‬كفالة حسن التنفيذ‪ ،‬كفالة‬
‫رد التسبيقات و ضمان الكفالة‪ ،‬و هذه كلها ضمانات الزمة تضمن أحسن الشروط لتنفيذ‬
‫الصفقة‪ .‬وهذه الجزاءات تتميز بكونها جزاءات اتفاقية ‪ ،‬ال يمكن لإلدارة توقيعها إال إذا كان‬
‫العقد ينص عليها‪ ،‬و هي تحدث بمجرد حدوث تأخير ‪ ،‬دون إثبات وقوع ضرر باإلضافة أنها‬
‫توقعها دون حاجة إلعذار المتعامل االقتصادي‪ .‬أما النوع الثاني من الجزاءات فهي غير‬
‫مالية‪ ،‬و تتنوع بين الجزاءات الضاغطة المتمثلة في ‪ :‬وضع المقاولة تحت اإلدارة المالية ‪،‬‬
‫الشراء على حساب المورد ‪ ،‬وضع المرفق تحت الحراسة‪ ،‬و ما يميز هذه الجزاءات أنها‬
‫توقع حتى في حالة سكوت العقد على النص عليه ‪ ،‬لكنها توقع بتوافر شروط محددة قبل‬
‫تنفيذه ‪ ،‬و هي ارتكاب خطأ جسيم من المتعامل المتعاقد‪ ،‬و وجوب اعذاره و منحه مهلة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الجديد الذي جاء به المرسوم الرئاسي ‪ 236 -10‬المعدل و المتمم من جزاءات‬
‫إدارية تمثلت في‪ :‬اإلقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية‪ ،‬و التسجيل في قائمة‬
‫المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية في حاالت معينة و‬
‫بكيفيات طبقا للقرار الوزاري المؤرخ في ‪ 28‬مارس ‪ .2011‬فيكون االقصاء مؤقت و نهائي‬
‫و كل شكل يصنف بدوره إلى إقصاء تلقائي و بمقرر‪ .‬أما التسجيل في قائمة الممنوعين من‬
‫المشاركة في الصفقات العمومية فهو أيضا يتفاوت بين المنع المؤقت و المنع النهائي مع‬
‫إعطاء كل الضمانات للمتعامل االقتصادي‪ ،‬تمثلت بتبليغه‪ ،‬تعليل مقرر المنع‪ ،‬و إمكانية‬
‫الطعن على مقرر المنع أمام الجهات القضائية المختصة‪ .‬و من أثار هذا النوع من الجزاءات‬
‫‪ ،‬فهي أن قراري اإلقصاء و التسجيل في قائمة المنوعين من المشاركة في الصفقات‬
‫العمومية يشمل جميع المصالح المتعاقدة‪ .‬و هناك الجزاء األكثر تشددا و المتمثل في الفسخ‬
‫بأنواعه سواء بالتراضي ‪ ،‬الفسخ باإلرادة المنفردة لإلدارة‪ ،‬و الفسخ بحكم القانون‪ ،‬ضمن‬
‫شروط محددة ‪ ،‬نظرا ألنه يضع نهاية حاسمة للعقد‪ ،‬و لذلك فكان ال بد له من قيود و‬
‫إجراءات صارمة‪ ،‬و شروط تمثلت في الخطأ الجسيم و ضرورة اإلعذار التي تُعد بمثابة‬
‫ضمانة للمتعامل المتعاقد‪ .‬أما الفصل الثاني فجاء بدراسة الجزاءات اإلدارية في قانون‬
‫المنافسة من طرف هيئات إدارية مخصصة لذلك‪ .‬فلما كان يسود العالم نظام اقتصادي‬
‫أفرزته التطورات الجذرية في النظام االقتصادي‪ ،‬نحو إقامة تكتالت اقتصادية في ظل سوق‬
‫تنافسية واسعة‪ ،‬عمل كال من المشرعين الجزائري و الفرنسي على تكريس مبدأ حماية‬
‫المنافسة‪ ،‬ألن االحتكار يهدد المنافسة الحرة كقيمة يحميها القانون‪ .‬فركزت في البحث عن‬
‫دراسة أنواع الممارسات المقيدة‪ ،‬و هي أساليب مختلفة الحتكار السوق‪ ،‬و قسمت البحث إلى‬
‫ممارسات أحادية و ثنائية الطرف ‪ .‬تمثلت الممارسات األحادية الطرف في ‪ :‬التعسف في‬
‫وضعية الهيمنة‪ .‬التعسف في استغالل وضعية التبعية االقتصادية‪ .‬البيع بسعر منخفض‬
‫تعسفيا‪ .‬أما الممارسات الثنائية الطرف تتمثل في ‪ :‬االتفاقات غير المشروعة‪ .‬التجميع غير‬
‫المرخص به‪ .‬عقود الشراء االستئثارية‪ .‬و لما كانت المنافسة الفعلية في سوق تتوقف على‬
‫محاربة الممارسات المقيدة للمنافسة من خالل تبني قواعد إجرائية تتضمن التطبيق السليم و‬
‫الفعال للقواعد الموضوعية المقررة في قواعد المنافسة‪ .‬و نظرا لكون الجرائم المتعلقة‬
‫بالمنافسة صعبة من حيث إثبات تقدير وقائعها و تكيفيها الذي يتطلب خبرة و تخصص في‬
‫الميدان ‪ ،‬قامت التشريعات و منها الجزائرية ‪ ،‬و الفرنسية ‪ ،‬بإنشاء هيئات إدارية خولت لها‬
‫مراقبة و ضبط المنافسة في السوق‪ ،‬و محاربة االنتهاكات المرتكبة‪ ،‬و منحت لها صالحيات‬
‫واسعة مع إمكانية توقيع جزاءات في حالة عدم التوقف عن الممارسات المنافية للمنافسة ‪.‬‬
‫خصصت الدراسة في هذا الفصل إلى الجزاءات الموقعة من طرف مجلس المنافسة ‪ ،‬و لكن‬
‫قبل اتخاذ هذه الجزاءات ‪ ،‬يتخذ المجلس تدابير تحفظية عن الممارسات التي تهدف إلى‬
‫المساس بالمنافسة ‪ ،‬لحماية االقتصاد الوطني عامة‪ ،‬و لحماية مصالح األعوان االقتصادية‬
‫خاصة‪ ،‬و هذا لمعالجة أوضاع مستعجلة بهدف الحد من آثارها المحتملة لغاية الفصل النهائي‬
‫في الموضوع ‪ ،‬كتعليق الممارسة المقيدة للمنافسة‪ ،‬أو إعطاء أمر للمؤسسة بالرجوع إلى‬
‫الحالة التي كانوا عليها‪ .‬فيما تنوعت العقوبات الرئيسية الصادرة عن مجلس المنافسة بين‬
‫إصدار أوامر معللة لوقف الممارسة المنافية للمنافسة ‪ ،‬كاألمر بوضع حد للممارسات المقيدة‬
‫للمنافسة ‪ ،‬و األمر باتخاذ بعض اإلجراءات‪ .‬و صالحية توقيع الغرامات المالية على‬
‫األعوان االقتصادية المخالفين للحظر القانوني على الممارسات غير المشروعة ‪ُ ،‬ح ّددت في‬
‫القانون الجزائري بحدها األقصى و هو ‪ %12‬من رقم األعمال من غير رسوم آلخر سنة‬
‫مالية مختتمة‪ ،‬أو بغرامة تراوحت بين ضعفي الربح المحقق بواسطة هذه الممارسات على‬
‫أال تتجاوز أربعة أضعاف هذا الربح‪ ،‬و إذا لم تتوفر للعون االقتصادي رقم أعمال فتحددت‬
‫ب ‪ 6‬ماليين د‪.‬ج‪ .‬و في القانون الفرنسي فتحددت ب ‪ %10‬من رقم األعمال العالمي من‬
‫غير الرسوم األكثر تحققا للسنوات المختتمة‪ .‬و تُح ّدد هذه الغرامات المالية نسبة لمعايير ‪:‬‬
‫خطورة الممارسات‪ .‬أهمية الضرر الالحق باالقتصاد‪ .‬وضعية المؤسسة‪ .‬كما يمكن عدم‬
‫الحكم بالغرامة في حاالت و شروط معينة تكمن في ‪ :‬اعتراف المؤسسة بالممارسة المنسوبة‬
‫إليها أثناء التحقيق في القضية‪ .‬تعاونها ألجل اإلسراع في التحقيق‪ .‬تعهدها بعدم ارتكاب‬
‫مخالفات ألحكام قانون المنافسة ‪ .‬عدم ارتكاب المؤسسة لمخالفات من قبل ألحكام قانون‬
‫المنافسة‪ .‬باإلضافة إلى جزاء آخر المتمثل في نشر القرارات الصادرة عن مجلس المنافسة‬
‫في النشرة الرسمية للمنافسة‪ ،‬و إلى وسيلة إعالمية أخرى بالنسبة للقانون الجزائري‪ ،‬و في‬
‫الجرائد اليومية‪ ،‬و األماكن المخصصة لذلك‪ ،‬على أن تكون نفقات النشر على عاتق مرتكب‬
‫المخالفة بالنسبة للقانون الفرنسي‪ .‬هذا و تتدخل هيئات أخرى في مجال المنافسة لتوفير‬
‫المناخ المالئم إلرساء قواعد المنافسة و حرية التجارة و الصناعة‪ ،‬و المتمثلة في اإلدارة‬
‫المكلفة بالتجارة ‪ ،‬و فيما يخص العقوبات الصادرة من طرف اإلدارة المكلفة بالتجارة ‪ ،‬لما‬
‫يتمتع به األعوان المكلفون بالتحقيق و المعاينة من صالحيات ‪ :‬تفحص المستندات و الوسائل‬
‫حجز السلع و البضائع حرية الدخول إلى المحالت التجارية و التحقيق و المعاينة المتمثلة في‬
‫‪ :‬إنجاز تقارير التحقيق و محاضر المخالفات تبليغ المحاضر انطالقا من امتيازات السلطة‬
‫العامة التي تتمتع بها مصالح وزارة التجارة‪ ،‬فإن المتابعة اإلدارية التي تقوم بها لمواجهة‬
‫األعوان االقتصاديين عن الممارسات المقيدة للمنافسة‪ ،‬تعتبر من صميم مهامها للتطبيق‬
‫الصحيح لقواعد المنافسة و الممارسات التجارية و هي تدابير و إجراءات التحفظية والمتمثلة‬
‫في ‪ :‬حجز البضائع و التجهيزات‪ .‬الغلق اإلداري للمحالت التجارية‪ .‬إجراء المصالحة ‪ .‬مع‬
‫إخضاع التحقيقات لضمانات على المحققين احترامها‪ ،‬و االلتزام بها‪ ،‬حماية للحقوق و حفاظا‬
‫على نزاهة التحقيقات‪ .‬تجدر اإلشارة أنني حاولت التوفيق بين كال من قانوني الصفقات‬
‫العمومية و المنافسة‪ ،‬و ذلك للتداخل بين القانونين‪ ،‬بهدف استبعاد أية طريقة من شأنها‬
‫المساس بالمنافسة‪ .‬فكما أن إعمال المنافسة الحرة في مجال الصفقات العمومية يُع ّد من‬
‫المبادئ األساسية التي يتوقف عليها نجاح الطلبات العمومية‪ ،‬فإن المنافسة بما تثيره من تعدد‬
‫العروض‪ ،‬تسمح للمصالح المتعاقدة باستخدام الموارد العمومية استخداما عقالنيا‪ ،‬و يتيح‬
‫للمتعاملين فرص للولوج للطلبات‪ ،‬يُع ّد أفضل وسيلة لممارسة حريتي التجارة و المنافسة‪.‬‬
‫فإذا كان قانون الصفقات العمومية يضمن إلى حد كبير حرية المنافسة لألعوان االقتصاديين‬
‫صفقات‪ ،‬فإن ممارسة حرية الدخول في الطلبات العمومية‪ ،‬ال يقتضي‬ ‫المرشحين لنيل هذه ال ّ‬
‫االقتصار على قواعد تنظيم الصفقات كمصدر وحيد لحماية المنافسة فحسب‪ ،‬بل ينبغي‬
‫تعزيزها بقواعد أخرى‪ ،‬تتسم بفتح المجال للمنافسة في القطاعات االقتصادية‪ .‬ذلك أن‬
‫استبعاد تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية‪ ،‬لم يُأخذ على إطالقه‪ ،‬ألن النشاط قد‬
‫يتسم بالطابع االقتصادي‪ ،‬فنكون أمام تداخل نشاطين‪ .‬و مادام قانون المنافسة مرتبط بالنشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬فإنه ال يمكن أن يخرج العقود اإلدارية كلية من مجال تطبيق هذا القانون‪ ،‬لما له‬
‫من تأثير على المنافسة‪ .‬نـتـــائـــج البـــحــــث‪ :‬يتضح لنا أن المصلحة المتعاقدة في مجال‬
‫الصفقات العمومية تتمتع بسلطات واسعة نابعة من مركزها التعاقدي في مواجهة المتعاقد‬
‫معها‪ ،‬هذا المركز يجد مبرره في وجوب تقديم المصلحة العامة التي تمثلها المصلحة‬
‫المتعاقدة على المصلحة الخاصة التي يمثلها المتعامل االقتصادي‪ ،‬و كل ذلك في سبيل حسن‬
‫صفقة من أجله‪ .‬لكن يجب على المصلحة المتعاقدة أن تتقيد‬ ‫سير المرفق العام الذي وجدت ال ّ‬
‫بالمشروعية عند استعمال سلطاتها‪ ،‬وهذا لكي ال تتعسف في استعمال سلطتها‪ .‬ذلك أن الهدف‬
‫من االمتيازات التي تتمتع بها هو تحقيق المصلحة العامة و ليس معاقبة الطرف اآلخر من‬
‫أجل المعاقبة فحسب ‪ ،‬بل للوصول إلى نتائج إيجابية على الصعيد االقتصادي و االجتماعي‪.‬‬
‫فلقد حرص المشرع على خضوع عملية إبـــــرام الصفقات لتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬و‬
‫قانون الوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬بل و تعدى ذلك إلى قانون المنافسة ‪ ،‬الذي كان متصال‬
‫فقط باألعمال و الممارسات التجارية‪ ،‬و كل ذلك في سبيل التصدي إلى الممارسات المنافية‬
‫للمنافسة في مجال الصفقات العمومية‪ .‬و على الرغم من أن قانوني الصفقات العمومية و‬
‫المنافسة‪ ،‬لم يتضمنا أي مقتضى لإلحالة و الربط بين أحكامهما‪ ،‬و لكن ذلك ال يعني القطيعة‬
‫بينهما‪ ،‬حيث يمكن استنباط عناصر التقاطع بين أحكامهما‪ ،‬سواء من حيث الضمانات الواردة‬
‫صفقات العمومية‪ ،‬المتعلقة باألخص على المبادئ التي تحكم الصفقات العمومية‪،‬‬ ‫في قانون ال ّ‬
‫باإلضافة أن المشرع أدخل أحكاما مستوحاة من قانون المنافسة في قانون الصفقات‪ ،‬و‬
‫بالموازاة أدرج المشرع أحكام تنتمي إلى القانون العام في قانون المنافسة‪ ،‬الذي يحكم النشاط‬
‫االقتصادي و التجاري‪ ،‬و كل ذلك في سبيل إضفاء الحماية لحرية المنافسة في الصّفقات‬
‫العمومية‪ .‬و من جهة أخرى بدا اهتمام المشرع المتزايد بإعمال قواعد المنافسة في مجال‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬على وجود إرادة واضحة تهدف إلى تفعيل آليات اقتصاد السوق و‬
‫الحرية االقتصادية‪ ،‬و بالتالي إلزام المصلحة المتعاقدة إلى احترام مبدأ المنافسة للوصول‬
‫صفقات العمومية و المنافسة‪ .‬و عن نطاق‬ ‫للطلبات العمومية‪ ،‬خاصة بعد تداخل قانوني ال ّ‬
‫الجزاءات التي يمكن أن توقعها المصلحة المتعاقدة‪ ،‬فبعدما كان القضاء بداية ال يقر إال بتلك‬
‫المنصوص عليها في العقد‪ ،‬و لكن عاد القضاء و أقر بإمكانية توقيع عقوبات‪ ،‬حتى و لو لم‬
‫إن إخالل المتعامل المتعاقد في الصفقات العمومية هو ما يبرر‬ ‫ينص عليه في العقد‪ّ .‬‬
‫للمصلحة المتعاقدة توقيع الجزاء عليه‪ .‬ذلك أن سلطة توقيع الجزاءات هدفها الوصول إلى‬
‫صفقة في المواعيد المقررة‪ ،‬و وفقا للشروط المتفق عليها‪ ،‬و هي جزاءات متدرجة‪،‬‬ ‫تنفيذ ال ّ‬
‫تبدأ بالجزاءات المالية‪ ،‬و هي جزاءات اتفاقية ال يمكن لإلدارة توقيعها إال إذا كان العقد ينص‬
‫عليها‪ ،‬و تطبق بمجرد حدوث التأخير في العقد دون حاجة إلثبات الضرر‪ ،‬و دون حاجة‬
‫إلعذار المتعاقد‪ .‬و النوع الثاني من الجزاءات الغير المالية ‪ ،‬كالجزاءات الضاغطة ‪،‬‬
‫اإلقصاء و التسجيل في قائمة المتعاملين االقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬الذي يتوفر على شروط محددة قبل تنفيذه‪ .‬و أخيرا الجزاء األكثر تشددا هو الفسخ‪،‬‬
‫الذي يتم في إطار شروط أهمها و جوب اإلعذار المسبق للمتعامل االقتصادي قبل توقيعه‪.‬‬
‫وفي قانون المنافسة‪ ،‬فيهدف كال من القانون الجزائري و الفرنسي إلى حماية السوق الداخلية‬
‫من الممارسات المقيدة للمنافسة‪ .‬أما عن الجزاءات فتنوعت حسب اإلدارة التي أوكل لها‬
‫المشرع توقيعها‪ ،‬في إصدار األوامر‪ ،‬الغرامات المالية‪ ،‬النشر و تعليق قراراته‪ ،‬من طرف‬
‫مجلس المنافسة‪ ،‬و صالحية اتخاذ اإلجراءات التحفظية‪ .‬باإلضافة إلى امتيازات اإلدارة‬
‫المكلفة بالتجارة من إجراءات تحفظية مع مراعاة كل الضمانات‪ .‬التـوصـيــــات‪ :‬تتبنى‬
‫سياسة المشرع إلى حماية المال العام في مجال الصفقات‪ ،‬و ضبط السوق في مجال‬
‫المنافسة‪ .‬إال أن هذه القوانين تتخللها بعض النقائص و الثغرات‪ ،‬حالت دون تحقيق الفعالية‬
‫المرجوة‪ .‬فرغم تمتع المصلحة المتعاقدة في مجال الصفقات العمومية بسلطات واسعة في‬
‫مواجهة المتعامل االقتصادي نابعة من مركزها التعاقدي‪ ،‬الذي تبرره وجوب تقديم المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬ما يضمن حسن سير المرفق العام ‪ ،‬لكن على المصلحة المتعاقدة أن تتوخى و تتقيد‬
‫بالمشروعية عند استعمال سلطتها في الجزاء‪ ،‬ذلك أن الهدف من هذه الجزاءات توجيه‬
‫المتعامل االقتصادي و تجنب اآلثار السلبية لألعمال التي يقوم بها بما يخدم تنفيذ الصفقة‪.‬‬
‫ليس الغرض من هذه الجزاءات إرهاق المتعامل االقتصادي‪ ،‬بل في تعاون كل من المصلحة‬
‫صفقة‪ ،‬و عليه يجب النظر إلى المتعامل‬ ‫المتعاقدة و المتعاقد معها بما يخدم حسن تنفيذ ال ّ‬
‫االقتصادي كشريك و ليس كخصم‪ .‬لم يُشر المرسوم الرئاسي إلى الجزاءات الضاغطة كما‬
‫هو بالنسبة للتشريع الفرنسي‪ ،‬ما عدا بعض اإلشارات الغير الواضحة المعالم‪ .‬على المشرع‬
‫استكمال البناء التشريعي لجزاء الفسخ ‪ ،‬فلقد نص على جزاء الفسخ في المواد ‪ 112‬و ‪113‬‬
‫لكنها لم تتضمن أهم حاالت الفسخ‪ ،‬و تبيان الحاالت التي تبرر هذا الجزاء‪ ،‬لكي ال يترك‬
‫لتقدير المصلحة المتعاقدة‪ ،‬لكي ال تتعسف في تكييفها القانوني‪ ،‬و وضع حد للسلطة التقديرية‬
‫لإلدارة‪ .‬يالحظ استمرار العمل بدفتر الشروط اإلدارية العامة لسنة ‪ 1964‬المطبقة على‬
‫صفقة األشغال العامة‪ ،‬رغم أنه يحيل تارة إلى نصوص فرنسية مثل المادة ‪ 44‬منه‪ ،‬مما‬
‫يجعله من الناحية القانونية ملغى‪ ،‬و يتعارض في الكثير من أحكامه مع التنظيم الحالي‬
‫للصفقات‪ ،‬كاالختالف في النسبة المئوية بمبلغ الضمان ما بين دفتر الشروط اإلدارية العامة‬
‫صفقات العمومية الذي يجعلها بين‬ ‫الذي يحددها بين ‪ 3‬و ‪ % 10‬والمرسوم الرئاسي المنظم لل ّ‬
‫‪ 5‬و ‪ % 10‬وهو ما يستدعي وجوب تدخل المشرع لتعديل دفتر الشروط اإلدارية العامة‬
‫باعتباره النص األقدم ‪ .‬و كذلك بالنسبة إلى تحديد نسب اقتضاء غرامة التأخير‪ ،‬لم يقم‬
‫المشرع إلى تفصيلها على كل نوع من الصفقات على حدة‪ .‬باإلضافة إلى ما يتسم به الدفتر‬
‫من مفردات المستعملة في صياغته‪ ،‬و التي تعتبر غير مألوفة بالنسبة للغة القانونية‬
‫المستعملة في التشريع الجزائري كالعمالة و غيرها‪ ،‬كما أن المصطلحات التي يتضمنها‬
‫كالشركات التعاونية و غيرها‪ ،‬لم يعد قائما‪ ،‬مما يصعب تجسيد فهم النص بحكم صدوره في‬
‫فترة ما بعد االستقالل‪ ،‬أين يختلف التوجه السياسي واالقتصادي عما هو عليه اآلن‪ .‬مما‬
‫يستدعي مراجعته بما يتناسب و التنظيم الحالي‪ .‬كما يتعين إصدار دفاتر الشروط اإلدارية‬
‫المتعلقة بصفقات اللوازم و الخدمات‪ ،‬طبقا لما نصت عليه المادة ‪ 10‬من المرسوم الرئاسي‬
‫‪ .236 -10‬و بالنسبة لقانون المنافسة فعلى الرغم من الترسانة القانونية التي وضعها المشرع‬
‫المتعلقة بضبط السوق و الممارسات التجارية و المنافسة االقتصادية‪ ،‬إال أنها بقيت مجرد‬
‫توزيع لقواعد على مختلف النصوص القانونية بتسميات مختلفة‪ .‬و عليه ففصل قانون‬
‫المنافسة عن الممارسات التجارية لم يضف شيئا‪ .‬ثم إن ذكر الصّفقات العمومية في مادتين‬
‫فقط و هما المادة ‪ 2‬و ‪ 6‬في قانون المنافسة يعتبر غير كافي نظرا لخصوصية الصفقة‪ ،‬رغم‬
‫ما لحق المادة ‪ 2‬من تعديل ‪ ،‬فبعدما كانت تطبق أحكام هذا األمر على ‪ :‬الصفقات العمومية‬
‫ابتداء من اإلعالن عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة بموجب قانون ‪12 -08‬‬
‫المعدل لقانون المنافسة لتتحول إلى تطبيق أحكامه على ‪ :‬الصفقات العمومية بدءا بنشر‬
‫اإلعالن عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة بموجب تعديل ‪ 05-10‬المتعلق‬
‫بالمنافسة‪ .‬و معناه أن المشرع قد وسع من تطبيق قانون المنافسة حفاظا على المال العام‪ ،‬و‬
‫صفقات العمومية‪ .‬و عليه فإن كل عمل يقيد أو يعيق قانون‬ ‫تكريس للمبادئ التي تقوم عليها ال ّ‬
‫المنافسة عند إبرام الصفقات‪ ،‬يعتبر طبقا لقانون المنافسة عمل منافي وجب التصدي له‪ .‬لكن‬
‫الفترة الممتدة من نشر اإلعالن إلى غاية المنح النهائي معناه‪ ،‬عدم خضوع مرحلة إعداد دفتر‬
‫الشروط إلى قانون المنافسة الذي يعتبر أهم مرحلة قد تتالعب فيه المصلحة المتعاقدة عند‬
‫إعداده‪ ،‬و من هنا وجب إخضاع مرحلة إعداد دفتر الشروط لقانون المنافسة‪ ،‬تكريسا للمبادئ‬
‫صفقات العمومية‪ .‬باإلضافة إلى أن دفتر الشروط يتم بموجبه تحديد‬ ‫التي تقوم عليها ال ّ‬
‫األسلوب الذي تختاره المصلحة المتعاقدة‪ ،‬و كلما انتقلنا من أسلوب آلخر مناقصة مفتوحة‪،‬‬
‫محدودة‪ ...‬يتقلص عدد المتعهدون‪ ،‬و هو ما يمس بمبدأ المنافسة‪ .‬و يعتبر أيضا مساس بمبدأ‬
‫فإن اختيار اإلدارة لبعض‬ ‫المنافسة تتعلق بمعايير اختيار العروض المقدمة لنيل الصّفقة‪ّ ،‬‬
‫المعايير‪ ،‬قد يؤدي إلى التقييد التعسّفي للمنافسة‪ ،‬و يحدث ذلك إذا وضعت معايير و كانت‬
‫بعض المؤسسات هي التي تتوفر فيها وحدها هذه المعايير دون غيرها من المؤسسات‪ .‬و‬
‫بالرجوع إلى أحكام المادة ‪ 6‬من األمر ‪ 03 -03‬المعدلة بموجب القانون ‪ 12 -08‬نجدها‬
‫أدرجت الصفقات العمومية ضمن حاالت حظر االتفاقات المنافية للمنافسة‪ .‬و إن كانت المادة‬
‫أثبتت مرة أخرى التداخل بين قانوني الصفقات و المنافسة‪ ،‬إال أنه أظهرت مشكلة أخرى‬
‫تمثلت في تنازع االختصاص‪ .‬فإلى من يؤول االختصاص في هذه الحالة‪ ،‬مع العلم أنه تطبيقا‬
‫لقانون المنافسة‪ ،‬فإن مجلس المنافسة هو المختص و ذلك بصريح المادة ‪ 44‬فقرة ‪ 2‬من‬
‫األمر ‪ . 03 -03‬فاالعتراف باختصاص مجلس المنافسة للنظر باختصاص مجلس المنافسة‪،‬‬
‫يستبعد اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬ألن قرارات مجلس المنافسة يطعن فيها أمام القضاء‬
‫العادي‪ .‬و من هنا يبرز إشكالية تطبيق قانون المنافسة على الصفقات العمومية‪ ،‬كأحد أهم‬
‫العراقيل خاصة بالنسبة للمشرع الجزائري الذي يحدد االختصاص القضاء اإلداري بناء‬
‫على المعيار العضوي‪ ،‬بصريح المادة ‪ 800‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬التي‬
‫تولي الوالية العامة للقضاء اإلداري في حالة المنازعات اإلدارية‪ ،‬و في جميع القضايا التي‬
‫تكون الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية أو المؤسسات العمومية اإلدارية طرفا فيها‪ .‬إن الحل المعتمد في‬
‫فرنسا لحل مشكل االختصاص بين القضاء العادي و اإلداري‪ ،‬فيما يخص األعمال التي تقوم‬
‫بها األشخاص العمومية في حالة خرق قواعد المنافسة‪ ،‬و المتمثل في نظرية األعمال‬
‫المنفصلة‪ ،‬و ذلك باختصاص مجلس المنافسة للفصل في منازعات النشاطات االقتصادية‬
‫التي تمس بأحكام المنافسة‪ ،‬متى كانت هذه النشاطات منفصلة عن األعمال اإلدارية المتعلقة‬
‫بممارسة صالحيات السلطة العامة أو المرفق العام‪ .‬بذلك فإن نظرية األعمال المنفصلة‬
‫وسعت من مجال اختصاص مجلس المنافسة‪ ،‬بحيث أخضعت النشاطات االقتصادية التي‬
‫تقوم بها األشخاص العمومية ضمن اختصاصه‪ ،‬ما دامت قابلة لالنفصال‪ .‬إن الحدود الفاصلة‬
‫بين األعمال اإلدارية والممارسات المنافية للمنافسة‪ ،‬دقيقة مما يصعب الفصل بينهما‪ .‬و يبقى‬
‫الدور الفعال لمحكمة التنازع في هذه الحالة‪ ،‬لحل مشكل االختصاص بالنسبة للقانون‬
‫الجزائري‪ .‬كما أنه تجدر اإلشارة إلى حضور مجلس المنافسة في النصوص القانونية‪ ،‬بشكل‬
‫قوي عن تواجده المحتشم جدا في الواقع بالنسبة إلى التشريع الجزائري مقارنة مع مجلس‬
‫المنافسة الفرنسي‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم إمكانية بلوغ الهدف المنشود من قواعد المنافسة‪ ،‬و‬
‫السير المنتظم للسوق بشكل فعلي و فعال‪ .‬فرغم المجهودات المبذولة من قبل المشرع‬
‫الجزائري في تطوير مجلس المنافسة‪ ،‬إال أنه يبقى مجهوال‪ ،‬و ذلك لقلة القرارات الصادرة‬
‫عنه مقارنة بمجلس المنافسة الفرنسي‪ ،‬مما يعرقل تحقيق الفعالية االقتصادية من خالل‬
‫تطبيق قواعد المنافسة الحرة‪ .‬كما يظهر التناقض في قانون المنافسة بالنسبة لإلعفاء‪ ،‬فبينما‬
‫يسمح المشرع الجزائري بتبرير االتفاقات المقيدة للمنافسة‪ ،‬من خالل نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي‪ ،‬و ذلك من خالل أثرها االيجابي على االقتصاد‪ .‬غير أنه يمنع و بصورة مطلقة كل‬
‫تصرف استئثاري مهما كانت طبيعته دون أي تبرير‪ ،‬فيجدر تالفي هذا التناق‬

You might also like